لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
عبير الروح
عبير الروح
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

  من القائد .. ؟! Empty من القائد .. ؟! {الجمعة 16 سبتمبر - 7:55}

قلت لهنّ: هيّا.. فكّرن معي فيما يمكن أن نقدمه في إذاعة الأسبوع القادم .. يجب أن نكون متيزات كعادتنا في كلّ إذاعة. ثم ابتسمتُ بفخر .. وبدت على وجوههنَّ المغرقة في الصبا دلائل التفكير العميق!
دعوني أعرفكم بنفسي .. اسمي وفاء محمد، معلمة لغة عربية في إحدى القرى، أسافر إليها كلّ صباح لأؤدي الرسالة السامية، أحبّ مدرستي والطالبات، وألتزم بكوني رائدة فصل الصف الثالث ثانوي، الذي يتكون من سبع طالبات فقط!
كنّا ذلك الصباح الشتائي قد أنهينا حصة الأدب مبكراً، وأخذنا نتحدث عن إذاعة الصباح التي سنقدمها، كان الحماس يثير في الطالبات ثرثرة حلوة تجعلني أنتشي ببرائتهنّ .. تتعالى الأصوات منهن كلّ واحدة تدلي بفكرتها،كانت أفكاراً جميلة، وكنتُ أحبّ السماع من الجميع ..
- دوركِ يا هيفاء ..
- أستاذة .. لماذا لا نجعل الإذاعة رحلة إلى جزيرة مجهولة نكتشفها؟
- تبدو فكرة جيدة .. هل توضحينها أكثر يا هيفاء؟
- نعم .. أقصد أن نقوم بصنع تصميم صغير لسفينة شراعية تنطلق عبر البحار، حتى تصل إلى جزيرة مجهولة، فنكتشف فيها كنوزاً كثيرة، وتكون فقرات الإذاعة هي هذه الكنوز..
- ما رأيكنّ يا بنات؟
( ترتفع الأصوات ): نعم نعم .. فكرة رائعة يا هيفاء .. موافقون ..
أبتسم لهنّ: وأنا موافقة أيضاً .. لنبدأ التنفيذ!

على المسرح .. منظرهنّ وهن منهمكات يقصصن مادة الفلين يستحث في خيالي ذكريات المدرسة حينما كنتُ طالبة نشيطة مرحة، أشارك في المسرح، وأنشد في الإذاعة، وأتعاون مع الصاحبات، أذكر أنني كنتُ متفوقة ومجتهدة، لكن التعليم لم يكن حلمي يوماً ما .. كانت أياماً جميلة..
أيقظني من تداعي الذكريات صوت ريم: أستاذة.. كيف نصنع الشراع؟
- اذهبي إلى غرفة الإداريات.. ستجدين قماشاً سكري اللون على طاولة الأوراق، سنستعيره منهم، هيا.
وتركض فتاتي لتحضره..

الآن .. اكتملت سفينتنا الشراعية، صممنا الجزء الأيمن منها ليواجه الجمهور، وضعنا مقوداً، وربطنا الشراع بشكل ملتف على عصا طويلة وثبتناها، أخذت كلّ فتاة موقعها.. المفترض أن تبدأ الرحلة .. لكن ؟! بقيت الدفة خالية من يدين تمسكها ..
نظرتُ إلى منى: ستكونين القائد كما اتفقنا؟! تتراجع، تهز رأسها رافضة، ينظرنَ إليها .. تلتمع الحيرة في أعينهن .. تهتف مشاعل: منى .. كوني القائد! تقول بصوت خافت: لا..أمل تصلح للقيادة أكثر مني .. يرتفع السؤال: من منا ستكون القائد؟؟ ينظرنَ إلى بعضهنّ، تلتمع في أعينهنّ الحيرة ..
- أنتِ يا منى أفضل
- بل مشاعل؟
- لم لا تكون أمل ؟!
- يا ترى من سيكون القائد ؟
- هل سنبقى بدون قائد ؟
ينظرنَ إليّ وأنا أتأمل خلافهن بصمت ويهتفن: أستاذة !
بقيتُ واقفة أتأمل الموقف، لم أستطع الرد عليهن، كان يداخلني شعور غريب.. ومشاعر متناقضة.. كان هذا المشهد أمامي يبدو كمسرحية باهتة الملامح غير محبوكة الأسلوب، مسرحية تتكرر دائماً .. مسرحية القائد المفقود .. ليس على المسرح فقط .. بل في كلّ شيء!!
وتذكرتُ جامعة الدول العربية!

ما زلنَ ينظرنَ إلي، وأنا صامتة أتأمل، لا أعرف ما الذي سمّر عيني وشلّ أطرافي، وبينما نحن في تلك الحال، إذ هبّت نسمة شتائية باردة، حركت طرف ردائي، اهتّز منها الشراع، وسقطت الدفة !
أيقظني سقوطها من أحلامي العابرة، نظرتُ إليهنّ بيأس، قلت: والآن يا بنات .. ماذا؟
لم أنتظر الإجابة، مضيت إلى الفصل، حينما وصلت بابه، التفتُّ إليهنّ، رأيتهنّ مطأطأت الرأس، يعلو محيّاهن الخجل.. دلفت إلى فصلي، وفي خاطري تتزاحم الأفكار ..
أتوجه نحو السبورة .. أحجم .. كدتُ أطأ ورقة .. انحنيتُ ورفعتها .. نظرت فيها .. فإذا العنوان: ثمان خطوات تقودك إلى النجاح!! ياه .. ورقة في الوقت المناسب! نظرت ورائي .. وجدت تلميذاتي متكومات عند باب الفصل يرقبنني..
قلت باستحزام: ادخلن! .. يدخلن بهدوء .. تأخذ كلّ واحدة كرسيها، وتلزم الصمت، أرجعتُ البصر فيهن، وهتفت: انظرن..ورقة مهملة أكاد أجزم ألاّ واحدة منكنّ قرأتها، أليس كذلك؟
يرفعنَ رؤوسهنّ مشدوهات، في أعينهنّ تساؤل..آخذ نفساً عميقاً .. وأتابع:
هذه الورقة تتحدث عن ثمان خطوات تقودنا إلى النجاح، لقد وجدتها على الأرض، كأنها تنتظرنا كي تعلمنا درساً.. درساً قاسياً !
أجيل النظر لأرى وقع كلماتي عليهنّ، ما زلن مشدوهات..
جيد !
أقرأ: الخطوة الأولى: أقدم ولا تتردد !
فحينما تكون مقتنعاً بما تريد فعله، يجب أن تمضي عليه قدماً لا تلوي على خوف، وستجد أنّ خطوتك الواثقة ستكون قوية!
صوت الريح في الخارج يرتفع، بدا كعواء ذئب في ليل صحراء قاحلة.. أرتعب من صوتها، لكنني أنظر إلى الورقة لئلا تشي عيناي بخوفي، أكمل قراءتي:
إياك والخوف .. فحتى تنجح في حياتك لابد من التجربة دون خوف من الفشل، ولابد من المغامرة دون الخوف من المجهول، ولابد من المواجهة دون الخوف من الأشخاص .. أضحك في سرّي،كيف لا أخاف؟؟
كل ما حولنا مخيف مخيف، الفقر المتربص كنسر، القتل والإرهاب المتناثر كشظايا، الوجوه المشرقة التي تحمل قلوباً مظلمة، الجهل الذي يحكم قبضته ويمسك بتلابيبنا، مقيداً حركاتنا، وقاتلاً أرواحنا .. الأشياء التي تبدو بخلاف حقيقتها و .. المستقبل المجهول/ المهول المثقل بالمفاجآت ..
أليس كلّ هذا مخيف؟ .. وبمناسبة الخوف .. لماذا أتذكر الآن ... مجلس الأمن الدولي؟
الطالبات ينظرن إليّ .. أتحول إلى كاذبة كبيرة وأهتف: إذن يا بنات .. لا شيء مخيف! تكذبني الريح فتعوي بقوة، يسود في المكان جلال الصمت .. أسمّي .. وتسري بين الفتيات همهمات التسمية !
أشعر أنني في ورطة، الخوف محيط بي .. أُرجع الطرف في ورقتي .. ما هذه المصادفة المضحكة؟! هل تشاكسني هذه الورقة؟؟ أرفع صوتي: الخطوة الثالثة: شجّع نفسك !
... لا أستطيع الإكمال، أنفاسي مخنوقة، أشجع نفسي على ماذا ؟؟.. على الصمت؟ الإذعان؟ التسليم؟ بمناسبة التشجيع .. وحروف شَجَع .. أين الشجاعة من قاموسنا اليوم؟!
ما هذه الترهات التي أقرأها هذا الصباح ؟؟
سأرى أيضاً .. يزداد صوتي ارتفاعا:
كن سباقاً!! أكاد أقسم أنّ كاتب الورقة قد كتبها ليثير حنقي! هذه الخطوات تجعلني أكاد أتميز من الغيظ، ألم يفكّر هذا الأحمق باحتمالات عديدة تخالف خطواته؟ لماذا لم يسأل نفسه:
وإذا لم يكن هناك مضمار سباق؟
وإذا كان الخيل جريحاً؟
وماذا لو منّع منّا " السبق " ؟
تمعّر وجهي، تلميذاتي بدأن يتململن، يقطع تململهن صوت البرق!
هل أكمل ؟ لا أرغب بذلك .. نظرت إليهن، وسألت: أكمل ؟
لا أحد يجيب! الأنظار ما زالت معلّقة في!! حسناً .. دافع جيد لأكمل!!
استشر غيرك!
من يُقصد بالغير هنا؟ الأكبر أم الأقوى أم الأظلم؟!
ماذا لو كان هذا الغير .. الكبير القوي .. ظالماً؟؟ ماذا لو كان عدوي؟ ماذا لو كان يبتزني ويظلمني ويشردني؟ ماذا لو كان الغير الذي أستشيره سيشير بهلاكي؟
ماذا لو كان المستشير هو نحن، العرب، المسلمون .. والمستشار هو .. أمريكا؟!
أغصّ بعبرتي، وأعود للورقة التي مزّقت يدي أطرافها لشدة إمساكي:
ويقول: افهم الآخرين.. لا! لن نفهمهم كما يريدون .. لن نسلّم لهم أنّ العمليات الفدائية هي الإرهاب، والغزو هو التحرير، والظلم هو العدل، والخيانة هي السياسة، والانفلات هو الحرية! ما هو المصطلح الذي اتفقت معهم على فهمه أصلاً؟ لماذا يجب علينا أن نكون نحن من يحاول فهم الآخرين دائماً؟؟ .. بدأت أرتجف، ألتقط أنفاسي، أعود لورقتي بيد مرتجفة:
لنرَ ما هي الخطوة التالية؟! هه! إنه يقول: الخطوة السابعة..حدد هدفك!
هنا .. اغرورقت عيناي بالدموع، أخذتُ أتكلم بأفكاري، صرختُ فيهن:
أي هدف؟
ونحن بلا هوية، وبلا وحدة، وبلا اتفاق، وبلا قائد ؟؟!
تنهمر دموعي وتهتف منى: أستاذة. أصيح فيها: اصمتي! تسكتُ بذهول وتُخفض رأسها، أكمل بهيستيريا: انظروا إلى الخطوة الأخيرة واضحكوا، إنه يقول: اعمل أكثر مما تتكلم.
حقاً؟ ياللعبقرية! أريد أن أعمل، لكن أين؟ لا تقولوا في ثانوية نائية ؟!
وأضحك من بين أدمعي!
لا أحد يضحك! يرتفع صوتي ضاحكة، والتلميذات ينظرن بإشفاق يمازجه استغراب..
توقفتُ عن ضحكي، أخذتُ نفساً عميقاً .. أحسستُ بالتعب، وضعتُ الورقة، واتكأتُ على الجدار .. أخذتُ أجفف دمعي، أجلتُ طرفي فيهن، أكاد لا أصدق ما حصل، قلت:
هيا يا بنات .. هيا نعمل .. أظنّ أنّ هذه هي الكلمة الوحيدة الصادقة في كلّ هذه الخطوات!
يسود الصمت .. ينهمر المطر .. ترفع منى رأسها وتقول:
أستاذة .. أنا سأكون القائد !

- تمت –


1426هـ
حاشية: هذه الحادثة حقيقية فعلاً، وحدثت في إحدى مدارس منطقة الرياض!



من القائد .. ؟!

إكرام الزيد
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى