رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
بداية العام الدراسي
8/7/1424هـ مسجد خالد بن الوليد
الحمد لله الذي جعل العلم حياة الأمم و الشعوب، به تقام الدول و الحضارات، ويتغلب على عوائق التقدم و العقبات، ويرفع الجهل و الظلمات، و تحل به السعادة و المسرات. إذا استقام منهجه، وقوم اعوجاجه، وأشعلت من نور الوحي مصابيحه وسرجه، وربى على موائد الذكر طلابه، وتدرع بالجد و الإخلاص معلموه وأربابه. و الصلاة و السلام على من أوصى بطلاب العلم خير وصية؛ ليتمكنوا من أخذ وفهم دانيه وقصيه، صلى الله عليه وعلى آله البررة الكرام، وصحبه مصابيح الظلام، وعلى من تبعهم بإحسان وعلى سبيلهم استقام، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة أرجوا بها الفوز العظيم، و الجوار الكريم في جنات النعيم.
وأشهد أن محمداً عبده المصطفى، ونبيه المقتفى، وخليله المرتضى،. شهادة تجعلني من أهل شفاعته، و المتحققين بإتباعه و طاعته، صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً }.
عباد الله:
أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى.
1) إقبال العام الدراسي وتأهب الأمة صغاراً وكباراً له.
2) ما هو الهدف من فتح المدارس و المعاهد و الجامعات؟
ج/إنشاء جيل صالح مستقيم، قادر على استمرار الجميل و الجليل مما هو موجود، وتحقيق ما تحتاجه الأمة و الوطن مما يرسخ الحياة الطيبة السعيدة في ربوعه من شؤون دينه ودنياه، ويدفع بالبلاد وأهلها إلى موضع الصدارة بين الأمم وإزالة ما لحق بها من آثار الجهل و التخلف و البعد عن الله من ماضي أيامها. ويحقق لها القوة الشاملة التى بها ترهب أعدائها وتكسب الاحترام والتقدير بين سائر الأمم.
3) وعلى ضوء فهم هذا الهدف يعمل كل في مجال اختصاصه. وفي المقدمة وزارة التربية و التعليم، ووزارة التعليم العالي و البحث العلمي و مراكز البحوث التابعة لهما؛ وذلك برسم السياسية التعليمية و التربوية التى تحقق الهدف المنشود آخذة في حسابها أن أول ما يجب العمل به هو معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام: [فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ] وقال تعالى:[وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ].
وهذا العلم لا تستغني عنه أمة ولا فرد، إذ هو أساس السعادة الدنيوية والأخروية يقول الله تعالى:[مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] .
ومن جانب الأمن يقول تعالى:
[الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ] أمن الدنيا وأمن الآخرة، ومن أعرض عن ذكر الله لا يتعلمه ولا يعمل به فهو في الشقاء الأبدي في الدنيا و الآخرة يقول تعالى: [ َإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ].
ولعلكم بهذا تدرسون سر الهجمة الشرسة من قبل أعداء الإسلام ضد التعليم الديني و محاولة طمسه وإلغائه، وأنهم لا يريدون بذلك خيراً للأمة، بل إنهم يسعون لأن تفقد الأمة كل مقومات حياتها وسعادتها، وأن تسعى بنفسها إلى مواطن شقائها وهلاكها.
وقد حذرنا الله من الاستماع لهؤلاء والأخذ بآرائهم وإتباع إرشاداتهم، فقال تعالى: [َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ] تعليق.
وبالغ سبحانه في النهي عن الاستماع إليهم والأخذ بقولهم وأمرهم، وأن ذلك ردة مؤدية إلى سوء الخاتمة فقال تعالى: [أن الذين إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ]. تعليق على هذه الآيات.
أيها الأخوة المؤمنون:
إن العمل على تقليص التعليم الشرعي و محاربته هو في الأساس هدف أعدائنا، ولا غرابة أن يعمل العدو على تحقيق أهدافه، ولكن الغرابة أن نجد في بلاد المسلمين من يخدم العدو في بلوغ أهدافه الخبيثة ضد المسلمين.
فكل من يحمل مخططات الأعداء ليطبقها في بلاده وضد أمته هو داخل في هذه الآيات ويُخشى عليه من الردة.
ثم إذا عرفنا هذا الأصل الأصيل و الهدف النبيل من أصول و أهداف التعليم، فلنعلم كذلك أننا بحاجة ماسة بل ضرورة ملحة إلى كل علم نافع يخدم الأمة في دينها ودنياها، بل إن كل العلوم النافعة هي من فروض الكفايات التى لا بد أن يتعلمها من تسد به الحاجة ويكفي لأداء الفرض، وإلا فإن كل قادر على ذلك من الأمة آثم، فنحن بحاجة إلى المدارس المتخصصة والجامعات المتنوعة التى تلبي جميع حاجات الأمة من طب وهندسة واقتصاد و صناعة وعلوم سياسية وعسكرية وسائر العلوم النافعة، بشرط أن يكون جميع المتخصصين في كل تلك التخصصات قد أخذوا قسطاً من العلوم الشرعية الضرورية التى بها يعرفون ربهم فيقدروه حق قدره ويحبونه ويخشونه ويراقبونه في مجالاتهم المختلفة: [وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ] وأن لا نطيع الأعداء في عزل هذه التخصصات عن الدين وإبعاد طلابها و معلميها عن معرفة ربهم ودينهم وتاريخهم وثقافتهم.
وعلى ووزارة التربية و التعليم بوجه خاص وفروعها أن تلتفت إلى إنقاذ التعليم من حالة التردي الذي أصبح فيها، تنقذه من الانتحار التى نسجت حبال مشانقه، ونصبت أعوادها عليه، أن تتخذ سياسية حازمة أساسها الجد وصدق التحصيل و المنافسة الشريفة بين الطلاب و الرضا بالنتائج الصحيحة الحقيقية البعيدة عن الغش و التستر على الجهل الفاضح الذي يعيشه معظم الطلاب، ولو فشل ثمانون أو تسعون في المئة فذلك خير من أن ينجح مائة في المائة وليس لهم من العلم نصيب.
فلو أخذت الوزارة هذا المبدأ، وطبقت هذه السياسية لجد الطلاب وحصلوا العلوم وتنافسوا فيها، وما تواكلوا واتكلوا على الغش نهاية العام.
فوالله إن بقاء الأمية الظاهرة المكشوفة، خير للأمة وأنفع من تفشي الأمية المغطاة بشهادات الزور ومؤهلات الكذب؛ لأن بقاء الأمية ظاهرة مكشوفة يدفع إلى إزالتها ورفعها عن الأمة وإذا ما تسترت فمن الصعب علاجها.
والقاعدة المتفق عليها عند جميع العقلاء: أن الجهل البسيط خير من الجهل المركب، والبسيط هو أن يجهل الإنسان معترفاً بجهله، و المركب أن يجهل ويجهل أنه يجهل وفي هذا يقول الشاعر:
أليس من البلوى بأنك لا تدري
إذا كنت لا تدري ولست كمن درى
وأنك لا تدري بأنك لا تدري
فكيف إذاً تدري بأنك لا تدري
الخطبة الثانية
الحمد والثناء و الوصية بالتقوى:
عباد الله:
يقول الله تعالى: [وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ] .
وإن من أعظم البر العلم، و من أشد الإثم الجهل و التجهيل، وقد ذكرت آنفاً بعض ما يجب على وزارة التعليم العالي: وهناك واجبات كثيرة عليها معروفة لا أطيل بذكرها.
وهناك واجبات على فروع تلك الوزارات في المحافظات، هي نفس الواجبات وزيادة المتابعة وحسن التوجيه والرقابة ومعالجة المشكلات أولاً بأول.
و النصيحة لله ولرسوله و لأئمة المسلمين وعامتهم، و أن يكون معيار قبول المعلم هو ما يحسنه ويؤديه للأمة لا أن يكون معيار المصالح و الوساطات و الولاءات الضيقة وغيرها، ثم بعد قبول المعلم يحسن منا متابعته و الإشراف عليه وتوفير ما يحتاجه للقيام بمهمته.
كما أن هناك واجبات على إدارات المدارس وهي اعتبار هذا الطالب أمانة في أعناقهم منذ أن يتجه من بيته إليهم حتى يعود إلى بيته، وعليها أن تجتهد غاية الجهد في تربيته وتعليمه كما هو اسم وزارتهم وشعار عملهم. تربية وتعليم، والتربية أهم وأقدم من التعليم؛ وذلك بتهذيب روحه وتزكية نفسه وتهذيب سلوكه وإبعاد كل أسباب الانحراف عنه؛ فإن شكاوى الغيورين قد تعالت من وجود أسباب انحراف كبيرة في كثير من مدارسنا دون اعتبار لها من قبل مدراء تلك المدارس، فليتق الله المدراء فيمن تحت أيديهم.
وعلى المدرس و المعلم واجبات ومن أهمها القدوة الحسنة، والإخلاص للعلم وطلابه. وعلى البيت مسؤوليته. وعلى المجتمع واجباته.
بداية العام الدراسي
8/7/1424هـ مسجد خالد بن الوليد
الحمد لله الذي جعل العلم حياة الأمم و الشعوب، به تقام الدول و الحضارات، ويتغلب على عوائق التقدم و العقبات، ويرفع الجهل و الظلمات، و تحل به السعادة و المسرات. إذا استقام منهجه، وقوم اعوجاجه، وأشعلت من نور الوحي مصابيحه وسرجه، وربى على موائد الذكر طلابه، وتدرع بالجد و الإخلاص معلموه وأربابه. و الصلاة و السلام على من أوصى بطلاب العلم خير وصية؛ ليتمكنوا من أخذ وفهم دانيه وقصيه، صلى الله عليه وعلى آله البررة الكرام، وصحبه مصابيح الظلام، وعلى من تبعهم بإحسان وعلى سبيلهم استقام، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة أرجوا بها الفوز العظيم، و الجوار الكريم في جنات النعيم.
وأشهد أن محمداً عبده المصطفى، ونبيه المقتفى، وخليله المرتضى،. شهادة تجعلني من أهل شفاعته، و المتحققين بإتباعه و طاعته، صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً }.
عباد الله:
أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى.
1) إقبال العام الدراسي وتأهب الأمة صغاراً وكباراً له.
2) ما هو الهدف من فتح المدارس و المعاهد و الجامعات؟
ج/إنشاء جيل صالح مستقيم، قادر على استمرار الجميل و الجليل مما هو موجود، وتحقيق ما تحتاجه الأمة و الوطن مما يرسخ الحياة الطيبة السعيدة في ربوعه من شؤون دينه ودنياه، ويدفع بالبلاد وأهلها إلى موضع الصدارة بين الأمم وإزالة ما لحق بها من آثار الجهل و التخلف و البعد عن الله من ماضي أيامها. ويحقق لها القوة الشاملة التى بها ترهب أعدائها وتكسب الاحترام والتقدير بين سائر الأمم.
3) وعلى ضوء فهم هذا الهدف يعمل كل في مجال اختصاصه. وفي المقدمة وزارة التربية و التعليم، ووزارة التعليم العالي و البحث العلمي و مراكز البحوث التابعة لهما؛ وذلك برسم السياسية التعليمية و التربوية التى تحقق الهدف المنشود آخذة في حسابها أن أول ما يجب العمل به هو معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام: [فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ] وقال تعالى:[وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ].
وهذا العلم لا تستغني عنه أمة ولا فرد، إذ هو أساس السعادة الدنيوية والأخروية يقول الله تعالى:[مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] .
ومن جانب الأمن يقول تعالى:
[الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ] أمن الدنيا وأمن الآخرة، ومن أعرض عن ذكر الله لا يتعلمه ولا يعمل به فهو في الشقاء الأبدي في الدنيا و الآخرة يقول تعالى: [ َإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ].
ولعلكم بهذا تدرسون سر الهجمة الشرسة من قبل أعداء الإسلام ضد التعليم الديني و محاولة طمسه وإلغائه، وأنهم لا يريدون بذلك خيراً للأمة، بل إنهم يسعون لأن تفقد الأمة كل مقومات حياتها وسعادتها، وأن تسعى بنفسها إلى مواطن شقائها وهلاكها.
وقد حذرنا الله من الاستماع لهؤلاء والأخذ بآرائهم وإتباع إرشاداتهم، فقال تعالى: [َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ] تعليق.
وبالغ سبحانه في النهي عن الاستماع إليهم والأخذ بقولهم وأمرهم، وأن ذلك ردة مؤدية إلى سوء الخاتمة فقال تعالى: [أن الذين إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ]. تعليق على هذه الآيات.
أيها الأخوة المؤمنون:
إن العمل على تقليص التعليم الشرعي و محاربته هو في الأساس هدف أعدائنا، ولا غرابة أن يعمل العدو على تحقيق أهدافه، ولكن الغرابة أن نجد في بلاد المسلمين من يخدم العدو في بلوغ أهدافه الخبيثة ضد المسلمين.
فكل من يحمل مخططات الأعداء ليطبقها في بلاده وضد أمته هو داخل في هذه الآيات ويُخشى عليه من الردة.
ثم إذا عرفنا هذا الأصل الأصيل و الهدف النبيل من أصول و أهداف التعليم، فلنعلم كذلك أننا بحاجة ماسة بل ضرورة ملحة إلى كل علم نافع يخدم الأمة في دينها ودنياها، بل إن كل العلوم النافعة هي من فروض الكفايات التى لا بد أن يتعلمها من تسد به الحاجة ويكفي لأداء الفرض، وإلا فإن كل قادر على ذلك من الأمة آثم، فنحن بحاجة إلى المدارس المتخصصة والجامعات المتنوعة التى تلبي جميع حاجات الأمة من طب وهندسة واقتصاد و صناعة وعلوم سياسية وعسكرية وسائر العلوم النافعة، بشرط أن يكون جميع المتخصصين في كل تلك التخصصات قد أخذوا قسطاً من العلوم الشرعية الضرورية التى بها يعرفون ربهم فيقدروه حق قدره ويحبونه ويخشونه ويراقبونه في مجالاتهم المختلفة: [وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ] وأن لا نطيع الأعداء في عزل هذه التخصصات عن الدين وإبعاد طلابها و معلميها عن معرفة ربهم ودينهم وتاريخهم وثقافتهم.
وعلى ووزارة التربية و التعليم بوجه خاص وفروعها أن تلتفت إلى إنقاذ التعليم من حالة التردي الذي أصبح فيها، تنقذه من الانتحار التى نسجت حبال مشانقه، ونصبت أعوادها عليه، أن تتخذ سياسية حازمة أساسها الجد وصدق التحصيل و المنافسة الشريفة بين الطلاب و الرضا بالنتائج الصحيحة الحقيقية البعيدة عن الغش و التستر على الجهل الفاضح الذي يعيشه معظم الطلاب، ولو فشل ثمانون أو تسعون في المئة فذلك خير من أن ينجح مائة في المائة وليس لهم من العلم نصيب.
فلو أخذت الوزارة هذا المبدأ، وطبقت هذه السياسية لجد الطلاب وحصلوا العلوم وتنافسوا فيها، وما تواكلوا واتكلوا على الغش نهاية العام.
فوالله إن بقاء الأمية الظاهرة المكشوفة، خير للأمة وأنفع من تفشي الأمية المغطاة بشهادات الزور ومؤهلات الكذب؛ لأن بقاء الأمية ظاهرة مكشوفة يدفع إلى إزالتها ورفعها عن الأمة وإذا ما تسترت فمن الصعب علاجها.
والقاعدة المتفق عليها عند جميع العقلاء: أن الجهل البسيط خير من الجهل المركب، والبسيط هو أن يجهل الإنسان معترفاً بجهله، و المركب أن يجهل ويجهل أنه يجهل وفي هذا يقول الشاعر:
أليس من البلوى بأنك لا تدري
إذا كنت لا تدري ولست كمن درى
وأنك لا تدري بأنك لا تدري
فكيف إذاً تدري بأنك لا تدري
الخطبة الثانية
الحمد والثناء و الوصية بالتقوى:
عباد الله:
يقول الله تعالى: [وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ] .
وإن من أعظم البر العلم، و من أشد الإثم الجهل و التجهيل، وقد ذكرت آنفاً بعض ما يجب على وزارة التعليم العالي: وهناك واجبات كثيرة عليها معروفة لا أطيل بذكرها.
وهناك واجبات على فروع تلك الوزارات في المحافظات، هي نفس الواجبات وزيادة المتابعة وحسن التوجيه والرقابة ومعالجة المشكلات أولاً بأول.
و النصيحة لله ولرسوله و لأئمة المسلمين وعامتهم، و أن يكون معيار قبول المعلم هو ما يحسنه ويؤديه للأمة لا أن يكون معيار المصالح و الوساطات و الولاءات الضيقة وغيرها، ثم بعد قبول المعلم يحسن منا متابعته و الإشراف عليه وتوفير ما يحتاجه للقيام بمهمته.
كما أن هناك واجبات على إدارات المدارس وهي اعتبار هذا الطالب أمانة في أعناقهم منذ أن يتجه من بيته إليهم حتى يعود إلى بيته، وعليها أن تجتهد غاية الجهد في تربيته وتعليمه كما هو اسم وزارتهم وشعار عملهم. تربية وتعليم، والتربية أهم وأقدم من التعليم؛ وذلك بتهذيب روحه وتزكية نفسه وتهذيب سلوكه وإبعاد كل أسباب الانحراف عنه؛ فإن شكاوى الغيورين قد تعالت من وجود أسباب انحراف كبيرة في كثير من مدارسنا دون اعتبار لها من قبل مدراء تلك المدارس، فليتق الله المدراء فيمن تحت أيديهم.
وعلى المدرس و المعلم واجبات ومن أهمها القدوة الحسنة، والإخلاص للعلم وطلابه. وعلى البيت مسؤوليته. وعلى المجتمع واجباته.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى