رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الخطبة الأولى
الحمدُ لله الذي حرمَ الفواحشَ ما ظهرَ منها و ما بطن، و نهى عن قُربانِها وقايةً من الرزايا و المحن، و حظرَ وسائلَها لما فيها من نشرِ المخاطرِ والفتن، و توعّدَ دعاتِها بالعذابِ الأليم، وعاقبَ مرتكبَها بالحدِّ الجسيم؛ غَيرةً على العباد، وتطهيراً للبلاد، و سداً لباب الهلَكَةِ والفساد.
و الصلاةُ والسلامُ على أغيرِ الناسِ على المحارم، و أبْغَضِهم للمناكرِ والجرائم، المبعوثِ ليتممَ مكارمَ الأخلاق، و يحفظَ الأنسابَ و الأعراق، و يزكِّيَ النفوسَ و القلوبَ من أمراضِ الشهوةِ و النفاق. صلى اللهُ عليه و على آله المبرأينَ الأطهار، و أصحابهِ الأكارمِ الأخيار.
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبدُه ورسوله.
عبادَ الله :
أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله تعالى و راقبوه: ]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون [ ] يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [ ]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً _ يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزاً عظيماً [ .
أما بعد:
فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ r، و شرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.
أيها الإخوة المسلمون :
كان من عادةِ أهل الجاهلية وأدِ البنات - و هو دفنهُن أحياء- لأسباب كثيرة من أشهرها: خوفُ العار، و الحذرُ أن تأتي إحداهن بفاحشة يعير بها أهلها وقبيلتها، قال تعالى : ] وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ _وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ_ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ [
فالله تعالى يصف حالَهم عندما يبُشَّرُ أحدهم بولادة الأنثى ، وما ينتابه من الغم و الحزن، ثم كيف يتصرف، إما بإمساكها وتربيتها على هُون واستحياء، و إما بدسها في التراب؛ لتموتَ و يرتاحَ منها، يقول سبحانه : ] {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ_ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ [ و هو سؤال تبكيتٍ لقائلها و توبيخ ٍشديد، بصرفِ الخطاب ِعنه وإسقاطه من درجة الاعتبار، فدل على شناعة هذا الفعل، وقسوة قلب فاعله، وسقوط المجتمعِ الذي يُقر تلك العاداتِ الشنيعة.
وقد أبطل الإسلام ذلك الفعلَ الشنيعَ على اختلاف أنواعه، بالآيات القرآنيةِ والأحاديث النبوية والإجماع المتيقن، واعتبره معلماً قبيحاً من معالم الجاهلية، حتى أن الرسول r اعتبر العزل - و هو أحد طرق منع الحمل - من الوأد الخفي كما في صحيح مسلم وغيره. غير أن الجاهليةَ المعاصرةَ القائمةَ على الفاحشة والخنا والرذيلةِ والزنا، رغم تشدقِها بحقوق الإنسان، قد أحيت جريمةَ الوأدِ للذكور والإناث بصور مختلفة، وذلك بالإسراف في نشر وسائلِ منع الحمل، وتشجيعِ النساءِ عليه، وبإباحةِ الإجهاضِ ونشره وتشجيعه، ففي أمريكا و حدها يحدث مليون إجهاض وثلاثمائة وسبعون حالة إجهاض في السنة، بنسبة 67% منهن نساء غير متزوجات.
وهناك فرق بين غرض الجاهليتين في ذلك. فالعرب الجاهليون يفعلونه مخافةَ المسبَّةِ و العار الذي قد يحدث في المستقبل؛ لأنهم أهلُ غَيرة وشهامة، والموت أهونُ عندهم من العار،و أما الجاهليةُ المعاصرةُ فلا تعرف غَيرة، ولا تمتلك شهامة، ولا تتحلى بفضيلة؛ ولذلك فإنها تُبيح الوأدَ حرصاً على نشر الرذيلة، و تكريساً للفاحشة، وتشجيعاً للناس على التوسع في الفواحش، دون خوفٍ من عار أو مسؤولية. وللأسف فإنه قد وُجد في الأمة الإسلامية من يتابع دعاةَ الجاهلية في ذلك، فغدوا أكثرَ وحشيةٍ وفحشاً وقبحاً و جرماً من رجال الجاهلية الأولى، جاهليةِ أبي جهلٍ وأبي لهب .
فانتشرت في أكثر بلاد المسلمين وسائلُ منعِ الحمل دون ضوابط، وعياداتُ الإجهاضِ دون رَقابةٍ أو وَجَلٍ أو مسائلةٍ من أحد أو خوفٍ من الله، و ما تجاوز ذلك من الحمل الناشئ عن الزنا، فإن مواليدَ يُقتل كثيرٌ منهم عند ولادته، مما يدق نواقيسَ الخطر، ويؤذِنُ بحلول الكارثة، وينذر بمصيرٍ أسودَ لتلك المجتمعات.
عباد الله :
نحن لا نتحدثُ عن خيالاتٍ و أوهام، ولا ننقل أخباراً سمعناها وشاهدناها عبر الإعلام، وإنما نتحدثُ عن وقائعَ مؤلمة، و حقائقَ مرة، قد ظهرت آثارُها في بلادنا وبين ظهرانينا، ففي عام ألفين وخمسة ميلادي (2005م) كانت هناك أربع حالات قتلِ أطفالٍ لقطاءَ حديثي الولادة بمديريات الساحل، و أما هذا العام (2006م) فالمؤشراتُ تدل على أن ذلك سوف يتضاعف، ففي الفترة الماضيةِ من هذا العام التي لا تزيد على خمسة أشهر وعدة أيام، هناك أربعُ حالاتٍ في هذه المديريات, ونشرت بعض الصحف في عدد قريب خبراً مفجعاً لطفلة حديثة الولادة قد ذبحتها أمها بالسكين، ورمَتها في مكان مهجور في عدن.
كيف حصل هذا في هذه البلاد؟! كيف وُجدت الجرائمُ المضاعفةُ في بلد الإيمان و الحكمة؟! كيف و صل أمرُ الزنا إلى هذا الحال؟! و كيف وصلت تلك الزواني بعد أن فقدْن َالعفةَ و الطهارةَ والإيمان، إلى فقد الأمومةِ والحنان؟! بل و الإنسانية، و النـزول إلى درجة أقل من درجة الحيوان. فما هناك حيوان يقتل أولاده كما تفعل هؤلاء الأمهات.
أيها الناس:
إن هذه الحالاتِ التي ظهرت لم تأتِ من فراغ، ولم تخرجْ علينا بغتة، ولكنها نتاجٌ طبيعي لانتشار الفاحشةِ و توسعها، والله سبحانه حليم ستِّير، لا يفضح الإنسانَ أو الجماعةَ من أول زلة و أقل انحراف، وإنما يمهل، حتى إذا تمادَوا في غيهم و استمرءوا سبيلَ الغيِّ فضحهم وسلط عليهم، إذن فالأرقامُ التي ذُكرِت تُخفي وراءها أحجاماً كثيرةً من الفساد و الانحراف، وجهوداً كبيرةً لدعاة الرذيلة و مُرَوِّجي الفساد، الذين يحبون أن تشيع الفاحشةُ في الذين آمنوا، وتدلل على أن مجاميعَ من شبابنا وشاباتنا قد خُدعوا بتلك الدعوات، و استجابوا لتلك الأصوات، و انغمسوا في الرذائلِ والشهوات، وحداناً و زرافات، وأن كثيراً من أرباب الأُسر قد نُزعت منهم الغَيرة، وتخلوا عن القَوامة و المسؤولية و الأمانةِ التي جُعلت في أعناقهم تُجاه أسرهم.
آباءٌ لم يرعوا بناتِهم ...أزواجٌ لا يغارون على زوجاتهم ... إخوة لا يحوطون بالرعاية أخواتِهم.
إنها نذرُ شرِّ و ملامحُ أخطار، ومقدمات سقوط في هُوّة الدياثة، وإقرار الخبث في الأهل و أفراد الأُسر، وذلك موجبٌ للسقوط من عين الله، وللوقوع في حمأة الذل و الهوان و نزول العقوبات، ومع أن المتوقع من مجتمعنا أن تهزه تلك الأحداث، و أن تثيره تلك الجرائمُ التي لم يعهدها وليست من أخلاقه ولا من موروثه؛ فيتداعى للإصلاح، و يتشاور في سبل الخروج من هذه الظواهر المزعجة، فيحقق وظيفته الساميةَ وسببَ خيريته، و ذلك بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر والدعوة إلى الخير، كما أمر الله جل وعلا بقوله : ]وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [ . و يحذروا سبب اللعن و الطرد من رحمة الله، وسبب الذل و الهوان على الناس، كما قال تعالى عن بني إسرائيل: ] لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ [ كما أنه من الواجب المحتَّمِ على ولاة الأمور والمسؤولين أن يحاربوا تلك الجرائم و يزيلوا أسبابَها، ويقيموا الحدودَ و التعزيراتِ على من ثبت عليه شئٌ منها؛ قياماً بوظيفتهم التي أقامهم الله في هذه المناصب للقيام بها، كما قال جل جلاله: ] الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [ هذا واجبهم، لكننا نشهد عكس ذلك من نشر وسائل الفساد، وإقامة أسباب الفاحشة و المهيجات عليها
ففي خلال الأسبوعين الماضيين حدث من السهرات الماجنة، المشتملة على اخنلاط الرجال بالنساء، أمام المغنيين بل وبعض المغنيات والراقصات، مع كثافة الحضور و التشجيع عليه، وامتداد تلك الأمسيات في بعض الليالي إلى الفجر، خصوصاً ما حدث في الليلة الأخيرة ليلة الطرب و المطربين، حيث تفاعل الجمهور، وخرج بعضهم عن الحياء، ووصل الأمر إلى قيام بعض النساء بالرقص أمام الجمهور، بل أمام عدسات المصورين ووسائل الإعلام، وهو أمر يغضب الله U، ويجلب عقابه، ويسوء المؤمنين الصادقين، ويفطِّر قلوب الغيورين، ويستفزّ مشاعر الشباب المتحمسين، مما قد يعجل بعقوبة لاندري من أي جهة تهبط علينا على حد قول الله U : ] قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ
إنه من المحتمل حلول أي واحدة من هذه العقوبات : من الخسف و المسخ و القذف ، أو هيجان موجة صدامات بين أفراد المجتمع ، أو بينهم و بين الدولة ، كل ذلك إذا تمادينا و كرسنا المعاصي ، و لم يقم منا أحد بواجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، ] وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ[ .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا و أستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمدُ لله الذي حرمَ الفواحشَ ما ظهرَ منها و ما بطن، و نهى عن قُربانِها وقايةً من الرزايا و المحن، و حظرَ وسائلَها لما فيها من نشرِ المخاطرِ والفتن، و توعّدَ دعاتِها بالعذابِ الأليم، وعاقبَ مرتكبَها بالحدِّ الجسيم؛ غَيرةً على العباد، وتطهيراً للبلاد، و سداً لباب الهلَكَةِ والفساد.
و الصلاةُ والسلامُ على أغيرِ الناسِ على المحارم، و أبْغَضِهم للمناكرِ والجرائم، المبعوثِ ليتممَ مكارمَ الأخلاق، و يحفظَ الأنسابَ و الأعراق، و يزكِّيَ النفوسَ و القلوبَ من أمراضِ الشهوةِ و النفاق. صلى اللهُ عليه و على آله المبرأينَ الأطهار، و أصحابهِ الأكارمِ الأخيار.
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبدُه ورسوله.
عبادَ الله :
أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله تعالى و راقبوه: ]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون [ ] يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [ ]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً _ يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزاً عظيماً [ .
أما بعد:
فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ r، و شرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.
أيها الإخوة المسلمون :
كان من عادةِ أهل الجاهلية وأدِ البنات - و هو دفنهُن أحياء- لأسباب كثيرة من أشهرها: خوفُ العار، و الحذرُ أن تأتي إحداهن بفاحشة يعير بها أهلها وقبيلتها، قال تعالى : ] وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ _وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ_ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ [
فالله تعالى يصف حالَهم عندما يبُشَّرُ أحدهم بولادة الأنثى ، وما ينتابه من الغم و الحزن، ثم كيف يتصرف، إما بإمساكها وتربيتها على هُون واستحياء، و إما بدسها في التراب؛ لتموتَ و يرتاحَ منها، يقول سبحانه : ] {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ_ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ [ و هو سؤال تبكيتٍ لقائلها و توبيخ ٍشديد، بصرفِ الخطاب ِعنه وإسقاطه من درجة الاعتبار، فدل على شناعة هذا الفعل، وقسوة قلب فاعله، وسقوط المجتمعِ الذي يُقر تلك العاداتِ الشنيعة.
وقد أبطل الإسلام ذلك الفعلَ الشنيعَ على اختلاف أنواعه، بالآيات القرآنيةِ والأحاديث النبوية والإجماع المتيقن، واعتبره معلماً قبيحاً من معالم الجاهلية، حتى أن الرسول r اعتبر العزل - و هو أحد طرق منع الحمل - من الوأد الخفي كما في صحيح مسلم وغيره. غير أن الجاهليةَ المعاصرةَ القائمةَ على الفاحشة والخنا والرذيلةِ والزنا، رغم تشدقِها بحقوق الإنسان، قد أحيت جريمةَ الوأدِ للذكور والإناث بصور مختلفة، وذلك بالإسراف في نشر وسائلِ منع الحمل، وتشجيعِ النساءِ عليه، وبإباحةِ الإجهاضِ ونشره وتشجيعه، ففي أمريكا و حدها يحدث مليون إجهاض وثلاثمائة وسبعون حالة إجهاض في السنة، بنسبة 67% منهن نساء غير متزوجات.
وهناك فرق بين غرض الجاهليتين في ذلك. فالعرب الجاهليون يفعلونه مخافةَ المسبَّةِ و العار الذي قد يحدث في المستقبل؛ لأنهم أهلُ غَيرة وشهامة، والموت أهونُ عندهم من العار،و أما الجاهليةُ المعاصرةُ فلا تعرف غَيرة، ولا تمتلك شهامة، ولا تتحلى بفضيلة؛ ولذلك فإنها تُبيح الوأدَ حرصاً على نشر الرذيلة، و تكريساً للفاحشة، وتشجيعاً للناس على التوسع في الفواحش، دون خوفٍ من عار أو مسؤولية. وللأسف فإنه قد وُجد في الأمة الإسلامية من يتابع دعاةَ الجاهلية في ذلك، فغدوا أكثرَ وحشيةٍ وفحشاً وقبحاً و جرماً من رجال الجاهلية الأولى، جاهليةِ أبي جهلٍ وأبي لهب .
فانتشرت في أكثر بلاد المسلمين وسائلُ منعِ الحمل دون ضوابط، وعياداتُ الإجهاضِ دون رَقابةٍ أو وَجَلٍ أو مسائلةٍ من أحد أو خوفٍ من الله، و ما تجاوز ذلك من الحمل الناشئ عن الزنا، فإن مواليدَ يُقتل كثيرٌ منهم عند ولادته، مما يدق نواقيسَ الخطر، ويؤذِنُ بحلول الكارثة، وينذر بمصيرٍ أسودَ لتلك المجتمعات.
عباد الله :
نحن لا نتحدثُ عن خيالاتٍ و أوهام، ولا ننقل أخباراً سمعناها وشاهدناها عبر الإعلام، وإنما نتحدثُ عن وقائعَ مؤلمة، و حقائقَ مرة، قد ظهرت آثارُها في بلادنا وبين ظهرانينا، ففي عام ألفين وخمسة ميلادي (2005م) كانت هناك أربع حالات قتلِ أطفالٍ لقطاءَ حديثي الولادة بمديريات الساحل، و أما هذا العام (2006م) فالمؤشراتُ تدل على أن ذلك سوف يتضاعف، ففي الفترة الماضيةِ من هذا العام التي لا تزيد على خمسة أشهر وعدة أيام، هناك أربعُ حالاتٍ في هذه المديريات, ونشرت بعض الصحف في عدد قريب خبراً مفجعاً لطفلة حديثة الولادة قد ذبحتها أمها بالسكين، ورمَتها في مكان مهجور في عدن.
كيف حصل هذا في هذه البلاد؟! كيف وُجدت الجرائمُ المضاعفةُ في بلد الإيمان و الحكمة؟! كيف و صل أمرُ الزنا إلى هذا الحال؟! و كيف وصلت تلك الزواني بعد أن فقدْن َالعفةَ و الطهارةَ والإيمان، إلى فقد الأمومةِ والحنان؟! بل و الإنسانية، و النـزول إلى درجة أقل من درجة الحيوان. فما هناك حيوان يقتل أولاده كما تفعل هؤلاء الأمهات.
أيها الناس:
إن هذه الحالاتِ التي ظهرت لم تأتِ من فراغ، ولم تخرجْ علينا بغتة، ولكنها نتاجٌ طبيعي لانتشار الفاحشةِ و توسعها، والله سبحانه حليم ستِّير، لا يفضح الإنسانَ أو الجماعةَ من أول زلة و أقل انحراف، وإنما يمهل، حتى إذا تمادَوا في غيهم و استمرءوا سبيلَ الغيِّ فضحهم وسلط عليهم، إذن فالأرقامُ التي ذُكرِت تُخفي وراءها أحجاماً كثيرةً من الفساد و الانحراف، وجهوداً كبيرةً لدعاة الرذيلة و مُرَوِّجي الفساد، الذين يحبون أن تشيع الفاحشةُ في الذين آمنوا، وتدلل على أن مجاميعَ من شبابنا وشاباتنا قد خُدعوا بتلك الدعوات، و استجابوا لتلك الأصوات، و انغمسوا في الرذائلِ والشهوات، وحداناً و زرافات، وأن كثيراً من أرباب الأُسر قد نُزعت منهم الغَيرة، وتخلوا عن القَوامة و المسؤولية و الأمانةِ التي جُعلت في أعناقهم تُجاه أسرهم.
آباءٌ لم يرعوا بناتِهم ...أزواجٌ لا يغارون على زوجاتهم ... إخوة لا يحوطون بالرعاية أخواتِهم.
إنها نذرُ شرِّ و ملامحُ أخطار، ومقدمات سقوط في هُوّة الدياثة، وإقرار الخبث في الأهل و أفراد الأُسر، وذلك موجبٌ للسقوط من عين الله، وللوقوع في حمأة الذل و الهوان و نزول العقوبات، ومع أن المتوقع من مجتمعنا أن تهزه تلك الأحداث، و أن تثيره تلك الجرائمُ التي لم يعهدها وليست من أخلاقه ولا من موروثه؛ فيتداعى للإصلاح، و يتشاور في سبل الخروج من هذه الظواهر المزعجة، فيحقق وظيفته الساميةَ وسببَ خيريته، و ذلك بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر والدعوة إلى الخير، كما أمر الله جل وعلا بقوله : ]وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [ . و يحذروا سبب اللعن و الطرد من رحمة الله، وسبب الذل و الهوان على الناس، كما قال تعالى عن بني إسرائيل: ] لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ [ كما أنه من الواجب المحتَّمِ على ولاة الأمور والمسؤولين أن يحاربوا تلك الجرائم و يزيلوا أسبابَها، ويقيموا الحدودَ و التعزيراتِ على من ثبت عليه شئٌ منها؛ قياماً بوظيفتهم التي أقامهم الله في هذه المناصب للقيام بها، كما قال جل جلاله: ] الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [ هذا واجبهم، لكننا نشهد عكس ذلك من نشر وسائل الفساد، وإقامة أسباب الفاحشة و المهيجات عليها
ففي خلال الأسبوعين الماضيين حدث من السهرات الماجنة، المشتملة على اخنلاط الرجال بالنساء، أمام المغنيين بل وبعض المغنيات والراقصات، مع كثافة الحضور و التشجيع عليه، وامتداد تلك الأمسيات في بعض الليالي إلى الفجر، خصوصاً ما حدث في الليلة الأخيرة ليلة الطرب و المطربين، حيث تفاعل الجمهور، وخرج بعضهم عن الحياء، ووصل الأمر إلى قيام بعض النساء بالرقص أمام الجمهور، بل أمام عدسات المصورين ووسائل الإعلام، وهو أمر يغضب الله U، ويجلب عقابه، ويسوء المؤمنين الصادقين، ويفطِّر قلوب الغيورين، ويستفزّ مشاعر الشباب المتحمسين، مما قد يعجل بعقوبة لاندري من أي جهة تهبط علينا على حد قول الله U : ] قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ
إنه من المحتمل حلول أي واحدة من هذه العقوبات : من الخسف و المسخ و القذف ، أو هيجان موجة صدامات بين أفراد المجتمع ، أو بينهم و بين الدولة ، كل ذلك إذا تمادينا و كرسنا المعاصي ، و لم يقم منا أحد بواجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، ] وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ[ .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا و أستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى