خلود
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
أحكام صلاة العيد
العيد لغة : اسم لما يعود ويتكرر مرة بعد أخرى ، وسمي بذلك ؛ لأنه يعود ، أو تفاؤلاً أن يعود ثانية ، ولأنه يعود بالفرح والسرور .
و صلاة العيد مشروعة بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين ، وقد كان المشركون يتخذون أعياداً زمانيَّة ومكانيَّة ، فأبطلها الإسلام ، وعوَّض عنها عيد الفطر وعيد الأضحى ؛ شكراً لله تعالى على أداء هاتين العبادتين العظيمتين : صوم رمضان ، وحج بيت الله الحرام .
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما قدم المدينة وكان لأهلها يومان يلعبون فيهما قال صلى الله عليه وسلم : ( قد أبدلكم الله بهما خيرا منهما : يوم النحر ، ويوم الفطر) رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه .
فلا تجوز الزيادة على هذين العيدين بإحداث أعياد أخرى كأعياد الموالد وغيرها ؛ لأن ذلك زيادة على ماشرعه الله ، وابتداع في الدين ، ومخالفة لسنة سيد المرسلين ، وتشبه بالكافرين ، سواء سميت أعياداً أوذكرياتٍ أوأياماً أو أسابيع أو أعواماً ، كل ذلك ليس من سنة الإسلام ، بل هو من فعل الجاهلية ، وتقليد للأمم الكافرة من الدول الغربية وغيرها ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( من تشبه بقومٍ فهو منهم ) رواه الإمام أحمد و أبو داود وغيره . وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن أحسن الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة ) رواه مسلم .
مسألة :
الدليل على مشروعية صلاة العيد ، قوله -تعالى- : { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ }[الكوثر:2] ، وقوله تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى }، [الأعلى:15] ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده يداومون عليها .
حكم صلاة العيد :
حكم صلاة العيد فرض عين على كل مسلم ذكر مكلف لا عذر له ؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بها حتى النساء ، قالت أم عطية -رضي الله عنها- : ( كنَّا نؤمر أن نخرج يوم العيد ، حتى تخرج البكر من خدرها ، وحتى تخرج الحيض فيكنَّ خلف الناس ، فيُكبِّرن بتكبيرهم ، ويدعون بدعائهم ؛ يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته ) متفق عليه .
ويسن للنساء الخروج لصلاة العيد غير متطيبة ، ولا متبرجة .
مسألة : ويسن أن تؤدى صلاة العيد في صحراء قريبة من البلد ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العيدين في المصلى الذي على باب المدينة ؛ فعن أبي سعيد : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج في الفطر والأضحى إلى المصلى ) متفق عليه ، ولم ينقل أنه صلاها في المسجد لغير عذر ، ولأن الخروج إلى الصحراء أوقع لهيبة المسلمين والإسلام ، وأظهر شعائر الدين ، ولا مشقة في ذلك ؛ لعدم تكرره ، بخلاف الجمعة ، إلا في مكة المشرفة ؛ فإنها تصلي في المسجد الحرام ، فإن كان هناك عذر من مطر أو زحام ، جاز أن تصلي في المساجد .
وقت صلاة العيد :
وقت صلاة العيد إذا ارتفعت الشمس بعد طلوعها قدر رمح ؛ لأنه الوقت الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها فيه ، ويمتد وقتها إلى زوال الشمس .
فإن لم يعلم بالعيد إلى بعد الزوال ، صلوا من الغد قضاءً ؛ لماروى أبو عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قالوا : ( غمَّ علينا هلالُ شوال ، فأصبحنا صياماً ، فجاء ركبٌ في آخر النهار ، فشهدوا أنهم رأو الهلال بالأمس ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس أن يفطروا من يومهم ، وأن يخرجوا غداً لعيدهم ) رواه أحمد وأبو داود والدارقطني وحسَّنه .
ما يُسنُّ يوم العيد :
1. يسن أن يأكل قبل الخروج لصلاة الفطر تمرات ، وأن لا يطعم يوم النحر حتى يصلى ؛ لحديث بريدة : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم لايخرج يوم الفطر حتى يفطر ، ولا يطعم يوم النحر حتى يصلي ) رواه أحمد والترمذي وابن ماجه ، وصححه ابن حبان والحاكم .
2. ويسن التبكير في الخروج لصلاة العيد بعد صلاة الفجر ؛ لوروده عن ابن عمر رضي الله عنهما ؛ ليتمكَّنَ من الدنو من الإمام ، وتحصُلُ له فضيلةُ انتظار الصلاة ، فيكثُرُ ثوابُهُ .
3. ويسن أن يتجمل المسلم لصلاة العيد بالإغتسال بعد الفجر ؛ لورود ذلك عن الصحابة رضي الله عنهمذ ، كابن عمر ، ولبس أحسن الثياب ؛ لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
كيفية صلاة العيد :
صلاة العيد ركعتان قبل الخطبة ؛ لقول ابن عمر : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوبكر وعمر وعثمان يصلون العيدين قبل الخطبة ) متفق عليه ، وقد استفاضت السنة بذلك وعليه عامه أهل العلم ، قال الترمذي : " والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن صلاة العيدين قبل الخطبة " .
وصلاة العيد ركعتان بإجماع المسلمين ، وفي الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم: ( خرج يوم الفطر ، فصلى ركعتين لم يصلِّ قبلهما ولابعدهما) .
مسألة :
ولا يشرع لصلاة العيد أذان ولا إقامة ؛ لما روى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال : ( صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيد غير مرة لا مرتين ، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة ) .
ويكبر في الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام والاستفتاح وقبل التعوذ والقراءة ست تكبيرات ؛ وعند الشافعي سبع ، فتكبيرة الإحرام ركنٌ لابدَّ منها ، لا تنعقد الصلاة بدونها ، وغيرها من التكبيرات سنة ، ثم يستفتح بعدها ؛ لأن الاستفتاح في أول الصلاة سنة ، ثم يأتي بالتكبيرات الزوائد الست ، أو السبع ، ثم يتعوَّذ ، ويبسمل ، عقب التكبيرة السادسة أو السابعة ؛ لأنَّ التعوذ والبسملة للقراءة سنة ، فيكون عندها ، ثم يقرأ .
ويكبر في الركعة الثانية قبل القراءة خمس تكبيرات غير تكبيرة الإنتقال ؛ لما روى أحمد وأبو داود وابن ماجه عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده رضي الله عنه : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كبَّر في العيد ثنتي عشرة تكبيرة ، سبعاً في الأولى ، وخمساً في الأخيرة) وإسناده حسن ، وله شواهد عن عائشة -رضي الله عنها- ، وغيرها .
وروي غير ذلك في عدد التكبيرات : قال الإمام أحمد رحمه الله : " اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في التكبير ، وكله جائز " .
ويرفع يديه مع كل تكبيرة ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه مع التكبير ، ولوروده في حديث ابن عمر ، في تكبيرات الجنائز ، رواه الدارقطني ، وصحَّحه الشيخ عبد العزي ز بن باز- رحمه الله تعالى- ، ولما يأتي من الأدلة في رفع الأيدي في تكبيرات الجنائز .
وإن نسي التكبير الزائد حتى شرع في القراءة سقط ؛ لأنه سنَّة فات محلها .
وكذا إذا أدرك المأموم الإمام بعد ماشرع في القراءة ، لم يأت بالتكبيرات الزوائد ، أو أدركه راكعاً ؛ فإنه يكبر تكبيرة الإحرام ، ثم يركع ، ولا يشتغل بقضاء التكبير .
وصلاة العيد ركعتان ، يجهر الإمام فيهما بالقراءة ؛ لقول ابن عمر رضي الله عنه : (كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة في العيدين والاستسقاء ) رواه الدارقطني ، وقد أجمع العلماء على ذلك ، ونقل الخلف عن السلف ، واستمر عمل المسلين عليه .
ويقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحه بـ (سبح اسم ربك الأعلى) ويقرأ في الركعة الثانية بـ الغاشية ؛ لحديث النعمان بن بشير رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين بـ (سبح اسم ربك الأعلى) و (هل أتاك حديث الغاشية ) رواه مسلم ، أو يقرأ في الركعة الأولى بـ ( ق )، وفي الثانية بـ ( اقتربت ) ، رواه مسلم من حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه .
فإذا سلَّم من الصلاة خطب بالناس ، وأوجب بعض العلماء هذه الخطبة على الإمام ، وينبغي للمأموم ألا ينصرف ، حتى تنتهي الخطبة .
وفي الصحيحين وغيرهما : ( بدأ بالصلاة ، ثم قام متوكئاً على بلال ، فأمر بتقوى الله ، وحثَّ على طاعته … ) الحديث .
وينبغي أن توجه للنساء موعظة خاصة ضمن خطبة العيد ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لما رأى أنه لم يسمع النساء أتاهنَّ ، فوعظهنَّ ، وحثهنَّ على الصدقة ، وهكذا ينبغي أن يكون للنساء نصيب من موضوع خطبة العيد ؛ لحاجتهنَّ إلى ذلك ، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم .
مسألة :
وإذا أتى المصلى سُنَّ أن يشتغل بالتكبير ؛ لمشروعيته حينئذٍ ، ويقتصر على تحية المسجد من النوافل إن صليت في المسجد ، وإلا فليس لمصلى العيد تحية ؛ لقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: ( خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم عيد ؛ فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما ) متفق عليه ، ولئلاَّ يتوهَّم أن لها راتبة قبلها أوبعدها .
فإذا رجع إلى منـزله سُنَّ أن يصلي فيه ؛ لما روى أحمد وغيره ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رجع الى منـزله ؛ صلى ركعتين ) ولعموم أدلة مشروعيَّة صلاة الضحى المتقدمة في صلاة الضحى .
قضاء صلاة العيد :
يشرع لمن فاته شيءٌ من صلاة العيد قضاؤه على صفته بالتكبيرات الزوائد ؛ لأن القضاء يحكي الأداء ، ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( فما أدركتم فصلّوا ، وما فاتكم فأتمّوا ) فإذا فاته ركعة مع الإمام أضاف إليها أخرى .
التكبير في العيد :
يسن في العيد التكبير المطلق ، وهو الذي لا يتقيد بوقت ، يرفع به صوته ؛ إلا الأنثى فلاتجهر به ، فيكبر في ليلتي العيدين ، وفي كل عشر ذي الحجة ؛ لقوله - تعالى- : { وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ] }البقرة: 185[.
ففي عيد الفطر : من غروب الشمس ، ليلة العيد إلى دخول الإمام للصلاة .
وفي عيد الأضحى : من طلوع الفجر من أول يوم من شهر ذي الحجة ، إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر من آخر أيام التشريق ، لقوله تعالى : { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ } [ البقرة : 203[ ، وروي عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما : ( أنهما كانا يخرجان إلى الأسواق ، فيكبران ، ويكبر الناس بتكبيرهما ) علَّقه البخاري بصيغة الجزم ، ولما ورد ( أن عمر رضي الله عنه كان يكبر في قبته بني ) علَّقه البخاري بصيغة الجزم ، ولما ورد أن ابن عمر رضي الله عنهما ( كان يكبر تلك الأيام - أيام منى - وخلف الصلوات، وعلى فراشه ، وفي فسطاطه ، ومجلسه ، وممشاه ، تلك الأيام جميعاً ) علَّقه البخاري بصيغة الجزم ، ولحديث نبيشة الهذلي مرفوعاً : ( أيام التشريق أيام أكل وشرب ، وذكر لله - عز وجل- ) رواه مسلم .
ويجهر به في البيوت والأسواق والمساجد وفي كل موضع يجوز فيه ذكر الله تعالى ، ويجهر به في الخروج إلى المصلى ؛ لما أخرجه الدارقطني وغيره عن ابن عمر : ( أنه كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير ، حتى يأتي المصلى ، ثم يكبر حتى يأتي الإمام ) وفي الصحيح عن أم عطية – رضي الله عنها-: ( كنا نؤمر بإخراج الحيض ، فيكبرن بتكبيرهم ) ، ولمسلم: ( يكبرن مع الناس ) فهو مستحب لما فيه من إظهار شعائر الإسلام .
التكبير في عيد الفطر :
آكد ؛ لقوله تعالى : } وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ] }البقرة: 185[.
ويزيد عيد الأضحى بمشروعية التكبير المقيد وهو التكبير الذي شرع عقب الصلوات.
ويبتدأ التكبير المقيد بأدبار الصلوات ، من صلاة الفجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق ، لثبوت ذلك عن الصحابة ، عمر ، وعلي ، وابن مسعود ، وابن عباس رضي الله عنهم بأسانيد صحيحة .
صفة التكبير :
أن يقول :الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
ويكون ذلك بعد الإستغفار ، وقول : اللهم أنت السلام ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام .
التهنئة يوم العيد :
لا بأس بتهنئة الناس بعضهم بعضًا ؛ بأن يقول لغيره : تقبل الله منا ومنك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله- : " قد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه ، ورخص فيه الأئمة كأحمد وغيره " ا.هـ
والمقصود من التهنئة التودد وإظهار السرور .
وقال الإمام أحمد-رحمه الله- : " لا ابتدئ به ، فإن ابتدأني أحد أجبته " ؛ وذلك لأن جواب التحية واجب ، وأما الإبتداء بالتهنئة ؛ فليس سنة مأمورًا بها ، ولا هو أيضاً مما نهي عنه ، ولا بأس بالمصافحة في التهنئة " أ.هـ.
العيد لغة : اسم لما يعود ويتكرر مرة بعد أخرى ، وسمي بذلك ؛ لأنه يعود ، أو تفاؤلاً أن يعود ثانية ، ولأنه يعود بالفرح والسرور .
و صلاة العيد مشروعة بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين ، وقد كان المشركون يتخذون أعياداً زمانيَّة ومكانيَّة ، فأبطلها الإسلام ، وعوَّض عنها عيد الفطر وعيد الأضحى ؛ شكراً لله تعالى على أداء هاتين العبادتين العظيمتين : صوم رمضان ، وحج بيت الله الحرام .
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما قدم المدينة وكان لأهلها يومان يلعبون فيهما قال صلى الله عليه وسلم : ( قد أبدلكم الله بهما خيرا منهما : يوم النحر ، ويوم الفطر) رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه .
فلا تجوز الزيادة على هذين العيدين بإحداث أعياد أخرى كأعياد الموالد وغيرها ؛ لأن ذلك زيادة على ماشرعه الله ، وابتداع في الدين ، ومخالفة لسنة سيد المرسلين ، وتشبه بالكافرين ، سواء سميت أعياداً أوذكرياتٍ أوأياماً أو أسابيع أو أعواماً ، كل ذلك ليس من سنة الإسلام ، بل هو من فعل الجاهلية ، وتقليد للأمم الكافرة من الدول الغربية وغيرها ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( من تشبه بقومٍ فهو منهم ) رواه الإمام أحمد و أبو داود وغيره . وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن أحسن الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة ) رواه مسلم .
مسألة :
الدليل على مشروعية صلاة العيد ، قوله -تعالى- : { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ }[الكوثر:2] ، وقوله تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى }، [الأعلى:15] ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده يداومون عليها .
حكم صلاة العيد :
حكم صلاة العيد فرض عين على كل مسلم ذكر مكلف لا عذر له ؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بها حتى النساء ، قالت أم عطية -رضي الله عنها- : ( كنَّا نؤمر أن نخرج يوم العيد ، حتى تخرج البكر من خدرها ، وحتى تخرج الحيض فيكنَّ خلف الناس ، فيُكبِّرن بتكبيرهم ، ويدعون بدعائهم ؛ يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته ) متفق عليه .
ويسن للنساء الخروج لصلاة العيد غير متطيبة ، ولا متبرجة .
مسألة : ويسن أن تؤدى صلاة العيد في صحراء قريبة من البلد ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العيدين في المصلى الذي على باب المدينة ؛ فعن أبي سعيد : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج في الفطر والأضحى إلى المصلى ) متفق عليه ، ولم ينقل أنه صلاها في المسجد لغير عذر ، ولأن الخروج إلى الصحراء أوقع لهيبة المسلمين والإسلام ، وأظهر شعائر الدين ، ولا مشقة في ذلك ؛ لعدم تكرره ، بخلاف الجمعة ، إلا في مكة المشرفة ؛ فإنها تصلي في المسجد الحرام ، فإن كان هناك عذر من مطر أو زحام ، جاز أن تصلي في المساجد .
وقت صلاة العيد :
وقت صلاة العيد إذا ارتفعت الشمس بعد طلوعها قدر رمح ؛ لأنه الوقت الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها فيه ، ويمتد وقتها إلى زوال الشمس .
فإن لم يعلم بالعيد إلى بعد الزوال ، صلوا من الغد قضاءً ؛ لماروى أبو عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قالوا : ( غمَّ علينا هلالُ شوال ، فأصبحنا صياماً ، فجاء ركبٌ في آخر النهار ، فشهدوا أنهم رأو الهلال بالأمس ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس أن يفطروا من يومهم ، وأن يخرجوا غداً لعيدهم ) رواه أحمد وأبو داود والدارقطني وحسَّنه .
ما يُسنُّ يوم العيد :
1. يسن أن يأكل قبل الخروج لصلاة الفطر تمرات ، وأن لا يطعم يوم النحر حتى يصلى ؛ لحديث بريدة : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم لايخرج يوم الفطر حتى يفطر ، ولا يطعم يوم النحر حتى يصلي ) رواه أحمد والترمذي وابن ماجه ، وصححه ابن حبان والحاكم .
2. ويسن التبكير في الخروج لصلاة العيد بعد صلاة الفجر ؛ لوروده عن ابن عمر رضي الله عنهما ؛ ليتمكَّنَ من الدنو من الإمام ، وتحصُلُ له فضيلةُ انتظار الصلاة ، فيكثُرُ ثوابُهُ .
3. ويسن أن يتجمل المسلم لصلاة العيد بالإغتسال بعد الفجر ؛ لورود ذلك عن الصحابة رضي الله عنهمذ ، كابن عمر ، ولبس أحسن الثياب ؛ لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
كيفية صلاة العيد :
صلاة العيد ركعتان قبل الخطبة ؛ لقول ابن عمر : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوبكر وعمر وعثمان يصلون العيدين قبل الخطبة ) متفق عليه ، وقد استفاضت السنة بذلك وعليه عامه أهل العلم ، قال الترمذي : " والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن صلاة العيدين قبل الخطبة " .
وصلاة العيد ركعتان بإجماع المسلمين ، وفي الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم: ( خرج يوم الفطر ، فصلى ركعتين لم يصلِّ قبلهما ولابعدهما) .
مسألة :
ولا يشرع لصلاة العيد أذان ولا إقامة ؛ لما روى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال : ( صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيد غير مرة لا مرتين ، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة ) .
ويكبر في الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام والاستفتاح وقبل التعوذ والقراءة ست تكبيرات ؛ وعند الشافعي سبع ، فتكبيرة الإحرام ركنٌ لابدَّ منها ، لا تنعقد الصلاة بدونها ، وغيرها من التكبيرات سنة ، ثم يستفتح بعدها ؛ لأن الاستفتاح في أول الصلاة سنة ، ثم يأتي بالتكبيرات الزوائد الست ، أو السبع ، ثم يتعوَّذ ، ويبسمل ، عقب التكبيرة السادسة أو السابعة ؛ لأنَّ التعوذ والبسملة للقراءة سنة ، فيكون عندها ، ثم يقرأ .
ويكبر في الركعة الثانية قبل القراءة خمس تكبيرات غير تكبيرة الإنتقال ؛ لما روى أحمد وأبو داود وابن ماجه عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده رضي الله عنه : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كبَّر في العيد ثنتي عشرة تكبيرة ، سبعاً في الأولى ، وخمساً في الأخيرة) وإسناده حسن ، وله شواهد عن عائشة -رضي الله عنها- ، وغيرها .
وروي غير ذلك في عدد التكبيرات : قال الإمام أحمد رحمه الله : " اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في التكبير ، وكله جائز " .
ويرفع يديه مع كل تكبيرة ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه مع التكبير ، ولوروده في حديث ابن عمر ، في تكبيرات الجنائز ، رواه الدارقطني ، وصحَّحه الشيخ عبد العزي ز بن باز- رحمه الله تعالى- ، ولما يأتي من الأدلة في رفع الأيدي في تكبيرات الجنائز .
وإن نسي التكبير الزائد حتى شرع في القراءة سقط ؛ لأنه سنَّة فات محلها .
وكذا إذا أدرك المأموم الإمام بعد ماشرع في القراءة ، لم يأت بالتكبيرات الزوائد ، أو أدركه راكعاً ؛ فإنه يكبر تكبيرة الإحرام ، ثم يركع ، ولا يشتغل بقضاء التكبير .
وصلاة العيد ركعتان ، يجهر الإمام فيهما بالقراءة ؛ لقول ابن عمر رضي الله عنه : (كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة في العيدين والاستسقاء ) رواه الدارقطني ، وقد أجمع العلماء على ذلك ، ونقل الخلف عن السلف ، واستمر عمل المسلين عليه .
ويقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحه بـ (سبح اسم ربك الأعلى) ويقرأ في الركعة الثانية بـ الغاشية ؛ لحديث النعمان بن بشير رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين بـ (سبح اسم ربك الأعلى) و (هل أتاك حديث الغاشية ) رواه مسلم ، أو يقرأ في الركعة الأولى بـ ( ق )، وفي الثانية بـ ( اقتربت ) ، رواه مسلم من حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه .
فإذا سلَّم من الصلاة خطب بالناس ، وأوجب بعض العلماء هذه الخطبة على الإمام ، وينبغي للمأموم ألا ينصرف ، حتى تنتهي الخطبة .
وفي الصحيحين وغيرهما : ( بدأ بالصلاة ، ثم قام متوكئاً على بلال ، فأمر بتقوى الله ، وحثَّ على طاعته … ) الحديث .
وينبغي أن توجه للنساء موعظة خاصة ضمن خطبة العيد ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لما رأى أنه لم يسمع النساء أتاهنَّ ، فوعظهنَّ ، وحثهنَّ على الصدقة ، وهكذا ينبغي أن يكون للنساء نصيب من موضوع خطبة العيد ؛ لحاجتهنَّ إلى ذلك ، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم .
مسألة :
وإذا أتى المصلى سُنَّ أن يشتغل بالتكبير ؛ لمشروعيته حينئذٍ ، ويقتصر على تحية المسجد من النوافل إن صليت في المسجد ، وإلا فليس لمصلى العيد تحية ؛ لقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: ( خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم عيد ؛ فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما ) متفق عليه ، ولئلاَّ يتوهَّم أن لها راتبة قبلها أوبعدها .
فإذا رجع إلى منـزله سُنَّ أن يصلي فيه ؛ لما روى أحمد وغيره ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رجع الى منـزله ؛ صلى ركعتين ) ولعموم أدلة مشروعيَّة صلاة الضحى المتقدمة في صلاة الضحى .
قضاء صلاة العيد :
يشرع لمن فاته شيءٌ من صلاة العيد قضاؤه على صفته بالتكبيرات الزوائد ؛ لأن القضاء يحكي الأداء ، ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( فما أدركتم فصلّوا ، وما فاتكم فأتمّوا ) فإذا فاته ركعة مع الإمام أضاف إليها أخرى .
التكبير في العيد :
يسن في العيد التكبير المطلق ، وهو الذي لا يتقيد بوقت ، يرفع به صوته ؛ إلا الأنثى فلاتجهر به ، فيكبر في ليلتي العيدين ، وفي كل عشر ذي الحجة ؛ لقوله - تعالى- : { وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ] }البقرة: 185[.
ففي عيد الفطر : من غروب الشمس ، ليلة العيد إلى دخول الإمام للصلاة .
وفي عيد الأضحى : من طلوع الفجر من أول يوم من شهر ذي الحجة ، إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر من آخر أيام التشريق ، لقوله تعالى : { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ } [ البقرة : 203[ ، وروي عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما : ( أنهما كانا يخرجان إلى الأسواق ، فيكبران ، ويكبر الناس بتكبيرهما ) علَّقه البخاري بصيغة الجزم ، ولما ورد ( أن عمر رضي الله عنه كان يكبر في قبته بني ) علَّقه البخاري بصيغة الجزم ، ولما ورد أن ابن عمر رضي الله عنهما ( كان يكبر تلك الأيام - أيام منى - وخلف الصلوات، وعلى فراشه ، وفي فسطاطه ، ومجلسه ، وممشاه ، تلك الأيام جميعاً ) علَّقه البخاري بصيغة الجزم ، ولحديث نبيشة الهذلي مرفوعاً : ( أيام التشريق أيام أكل وشرب ، وذكر لله - عز وجل- ) رواه مسلم .
ويجهر به في البيوت والأسواق والمساجد وفي كل موضع يجوز فيه ذكر الله تعالى ، ويجهر به في الخروج إلى المصلى ؛ لما أخرجه الدارقطني وغيره عن ابن عمر : ( أنه كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير ، حتى يأتي المصلى ، ثم يكبر حتى يأتي الإمام ) وفي الصحيح عن أم عطية – رضي الله عنها-: ( كنا نؤمر بإخراج الحيض ، فيكبرن بتكبيرهم ) ، ولمسلم: ( يكبرن مع الناس ) فهو مستحب لما فيه من إظهار شعائر الإسلام .
التكبير في عيد الفطر :
آكد ؛ لقوله تعالى : } وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ] }البقرة: 185[.
ويزيد عيد الأضحى بمشروعية التكبير المقيد وهو التكبير الذي شرع عقب الصلوات.
ويبتدأ التكبير المقيد بأدبار الصلوات ، من صلاة الفجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق ، لثبوت ذلك عن الصحابة ، عمر ، وعلي ، وابن مسعود ، وابن عباس رضي الله عنهم بأسانيد صحيحة .
صفة التكبير :
أن يقول :الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
ويكون ذلك بعد الإستغفار ، وقول : اللهم أنت السلام ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام .
التهنئة يوم العيد :
لا بأس بتهنئة الناس بعضهم بعضًا ؛ بأن يقول لغيره : تقبل الله منا ومنك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله- : " قد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه ، ورخص فيه الأئمة كأحمد وغيره " ا.هـ
والمقصود من التهنئة التودد وإظهار السرور .
وقال الإمام أحمد-رحمه الله- : " لا ابتدئ به ، فإن ابتدأني أحد أجبته " ؛ وذلك لأن جواب التحية واجب ، وأما الإبتداء بالتهنئة ؛ فليس سنة مأمورًا بها ، ولا هو أيضاً مما نهي عنه ، ولا بأس بالمصافحة في التهنئة " أ.هـ.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى