عبد الرحمن
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
أحوال السلف في أقوالهم وأفعالهم
الخطبة الاولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد ان محمدا عبده و رسوله ، أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة .
عباد الله ..اتقوا الله تعالى و اعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه .
عباد الله.. لقد كان سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وغيرهم رضي الله عنهم يقتدون برسول الله صلى الله عليه وسلم في القول والعمل عملاً لقوله تعالى : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }.
لقد كان السلف الصالح رحمهم الله تعالى متبعين للنبي صلى الله عليه وسلم بأعمالهم و أقوالهم وداعين لذلك ، تربوا على هدي القرآن و سنة النبي صلى الله عليه و سلم، فكانت أقوالهم قواعد و ضوابط في العبادة و التربية والسلوك وهذه جملة من أقوالهم و أعمالهم وهديهم.
ففي مجال الإخلاص:
يقول النبي صلى الله عليه و سلم : ( إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً و ابتغي به وجهه ) رواه أبو داود .
قال محمد ابن الحنفية رحمه الله تعالى : كل ما لا يبتغى به وجه الله يضمحل. و قال عبد الواحد ابن زيد رحمه الله تعالى: الإجابة مقرونة بالإخلاص ، لا فرقة بينهما. أي إجابة الدعاء .
وقال محمد ابن واسع رحمه الله : لقد أدركت رجالا يكون رأس أحدهم مع رأس امرأته على وسادة واحدة قد بل ما تحت خذه من دموعه لا تشعر به امراته، ولقد أدركت رجالا يقوم احدهم في الصف فتسيل دموعه على خذه و لا يشعر به الذي إلى جنبه .
و قال أبو التياح يزيد بن حميد رحمه الله: لقد كان الرجل يقرأ عشرين سنة ما يعلم به جيرانه.
وقال سفيان الثوري رحمه الله: كانوا يتعلمون النية كما يتعلمون العلم .
أي يتعلمون الإخلاص وإرادة به وجه الله كما يتعلمون علم العبادات والمعاملات .
فالإخلاص مطلب عزيز لا يناله إلا الذين أمنوا بالله و رسوله حقا.
أما ما يتعلق بالصلاة :
فقد مكث سعيد ابن المسيب رحمه الله تعالى أربعين سنة ما أذن المؤذن إلا وهو في المسجد .
وكان عبد الله ابن الزبير إذا صف للصلاة كأنه عود من الخشوع .
وكان زين العابدين علي ابن الحسين رحمه الله لا يترك صلاة الليل لا سفرا ولا حضرا .
ولما رأى ابن عمر رضي الله تعالى عنه كما في صحيح البخاري النار و ذكر ذلك لحفصة فذكرتها حفصة للنبي صلى الله عليه و سلم فقال النبي صلى الله عليه و سلم :( نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل ) قال سالم ابنه فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلاً.
وقال الفضيل ابن عياض رحمه الله: إذا لم تقدر على قيام الله و صيام النهار فاعلم انك محروم مكبل كبلتك خطيئتك .
وأما ما يتعلق بالذكر:
فقد قال الله عز و جل :{وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } .
قال ميمون ابن سياه البصري: إذا أراد الله بعبده خيراً حبب إليه ذكره .
وقال محمد بن علي بن الحسين: إن الصواعق تصيب المؤمن و غير المؤمن ولا تصيب الذاكر لله عزوجل .
أما في مجال الصدقة والإحسان إلى المحتاجين:
فلما نزل قوله تعالى : {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } جاء أبوطلحة رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه و سلم وذكر له أن أحب أمواله إليه بيرحاء فقال اجعلها يا رسول الله حيث أراك الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :( بخ بخ ذلك مال رابح أو رائح ،أرى أن تقسمها في الأقربين ) فقسمها ابوطلحة في بني عمه .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : لأن أعول أهل بيت من المسلمين شهراً أو جمعة أو ما شاء الله أحب إلي من حجة بعد حجة .
ودخل علي بن الحسين على محمد ابن أسامة بن زيد رضي الله عنه في مرضه فجعل محمد يبكي فقال علي: ما شأنك؟ قال: علي دين قال :كم هو؟ قال: خمسة عشرة ألف دينار، قال: هو علي.
ولقد كان ناس من المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم فلما مات علي بن الحسين رحمه الله فقدوا ما كانوا يؤتون به من الليل .
وكان عروة ابن الزبير رحمه الله إذا كان أيام الرطب ثلم حائطه فيدخل الناس فيأكلون و يحملون، وكان إذا دخله ردد هذه الآية: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ }.
و أما في مجال عشرة الزوجة والإحسان إليها:
فقد قال الإمام أحمد : تزوجت أم صالح فمكثت معي ثلاثين سنة لم أختلف أنا و هي في كلمة واحدة .
وأما ما يتعلق بالنزاهة و الورع:
فقدم سليمان ابن عبد الملك وكان الخليفة قدم على المدينة فصلى بالناس الظهر ثم فتح باب المقصورة فنظر إلى صفوان بن سليم من غير معرفة فقال لعمر بن عبد العزيز :من هذا الرجل ؟ما ترأيت سمة أحسن منه فقال: يا أمير المؤمنين هذا صفوان بن سليم ، فقال لخادمه خذ هذا الكيس فيه خمسمائة دينار ادفعها إلى ذلك الرجل القائم يصلي ، وخرج الغلام بالكيس حتى جلس إلى صفوان فلما نظر إليه صفوان ركع و سجد ثم سلم وأقبل عليه فقال : ما حاجتك ؟، قال: أمرني أمير المؤمنين أن أدفع إليك هذا الكيس وفيه خمسمائة دينار ، فقال صفوان : ليس أنا الذي أرسلت إليه فاذهب فاستثبت فولى الغلام ثم أخذ صفوان نعله وخرج و لم يرى حتى خرج سليمان من المدينة .
وأما في مجال حسن الظن بالمسلمين:
فقال جعفر بن محمد رحمه الله : إذا بلغك عن أخيك ما تكره فاطلب له من عذر إلى سبعين عذراً فإن لم تجد فقل لعل له عذراً لا أعرفه .
وأما في مجال التغافل و طلب السلامة :
فقال الإمام احمد رحمه الله تعالى : السلامة تسعة أعشارها في التغافل .
وكان محمد ابن سيرين إذا ذكروا عنده أحد بسوء يذكره هو بالخير .
وجاء رجل إلى وهب ابن منبه رحمه الله فقال: مررت بفلان وهو يشتمك فغضب وهب وقال :ما لقي الشيطان رسولاً غيرك .
وقال الشافعي رحمه الله تعالى : من أحب أن يقضى له بالحسنى فليحسن بالناس الظن .
وفي مجال قبول الحق :
قال الشافعي رحمه الله تعالى: ما أوردت الحق على أحد فقبله إلا هبته ولا كابرني أحد على الحق إلا سقط من عيني .
وكان يقول: ما ناظرت أحداً قط إلا أحببت أن يوفق و يسدد .
وفي مجال العمل وترك الجدال:
قال ابن المبارك رحمه الله تعالى :إذا أراد الله بعبد خيراً فتح له باب العمل وأغلق عنه باب الجدل .
و في حسن الاستماع:
كان عطاء بن رباح رحمه الله إذا حدثه أحد بحديث و هو يعلمه يصغي إليه كأنه ما سمعه قط لئلا يخجل المتحدث .
وأما ما يتعلق بالصمت :
فقال أهيب بن الورد رحمه الله تعالى: الحكمة عشرة أجزاء، تسعة منها في الصمت .
وقال أيضا: إن العبد ليصمت فيجتمع له لبه .
وقال بعض السلف: الصمت عبادة من غير عناء وزينة من غير حلي وهيبة من غير سلطان وحصن من غير سور وراحة للكاتبين من غير تعب وغنية عن الاعتذار .
و في مجال فتنة النساء :
قال سعيد ابن المسيب رحمه الله : ما يئس الشيطان من شيء إلا أتاه من قبل النساء .
وقال أيضا وقد بلغ الرابعة و الثمانين من عمره وقد ذهبت إحدى عينيه وهو يعشوا بالأخرى قال لبعض أصحابه: ما من شيء أخوف عندي من النساء .
و في مجال بر الوالدين :
كان محمد بن سيرين رحمه الله تعالى إذا كلم أمه لا يكلمها بلسانه كله إجلالاً لها .
وجعل بعض السلف حد البصر إلى الوالد من العقوق .
ورأى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما رجلاً يطوف بأمه و قد حملها على عاتقه فقال :هل قضيت شيئاً من برها فقال ابن عمر: لا .
و في مجال ترك الغيبة:
قال الحسن البصري رحمه الله: والله للغيبة أسرع فساداً في دين العبد من الأكلة في الجسد .
وقال أيضا: إذا رأيت الرجل يشتغل بعيوب غيره و يترك عيوب نفسه فاعلم انه قد مكره به .
و قال بعض السلف :ما اغتبته أحداً منذ عرفت الغيبة .
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً و هو العزيز الغفور ،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و اشهد ان محمدا عبده و رسوله خير الذاكرين و قدوة العالمين صلى الله عليه و على أصحابه و من تبعه بإحسان الى يوم الدين ،اما بعد :
فاتقوا الله عباد الله تقبل أعمالكم و تغفر ذنوبكم و تيسر أموركم .
لقد كان السلف الصالح رحمهم الله على بينة من أمرهم .
ففي مجال ضبط العمل و آكل الحلال :
قال أهيب ابن الوردي رحمه الله :لا يكون هم أحدكم في كثرة العمل و لكن ليكن همه في إحكامه و تحسينه فإن العبد قد يصلي و هو يعصي الله في صلاته وقد يصوم وهو يعصي الله في صيامه و لو قمت قيام هذه السارية ما نفعك حتى تنظر ما يدخل بطنك أحلال أم حرام .
و جاء غلام أبي بكر رضي الله تعالى عنه فجاءه بلبن فشرب أبو بكر رضي الله عنه هذا اللبن ، ثم من بعد ذلك أخبره غلامه أنه ثمن كهانة تكهن بها وهو لا يحسن الكهانة فأدخل أبو بكر رضي الله تعالى عنه يده في فمه فقاء كل ما في بطنه و قال : لو لم تخرج إلا مع خروج روحي لأخرجتها، اللهم إني اعتذر إليك ما حملت إليك العروق و الأمعاء.
و في مجال البعد عن المتشابه:
قال ابن المبارك رحمه الله تعالى: لأن أرد درهماً من شبهة أحب إلي من أن أتصدق بستمائة ألف ألف .
وأما ما يتعلق بالتعليم والفتيا:
فقد قال الإمام مالك رحمه الله تعالى ما ينبغي للرجل أن يرى نفسه أهلاً لشيء حتى يسأل من هو أعلم منه .
و في لزوم الطاعة و ترك المعصية:
قال سعيد ابن المسيب رحمه الله تعالى ما أكرمت العباد أنفسها بمثل طاعة الله و لا أهانت أنفسها بمثل معصية الله .
و قال سفيان ابن عيينة رحمه الله: لم يجتهد احد قط اجتهاداً ولم يتعبد أحد عبادة بأفضل من ترك ما نهى الله عنه .
و قالت عائشة رضي الله عنها: إنكم لن تلقوا الله بشي خير لكم من قلة الذنوب.
وأما فيما يتعلق بالخوف من الله تعالى:
فقال ابن أبي مليكة :أدركت سبعين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه .
وكان عمر رضي الله عنه يسأل حذيفة بن اليمان: هل ذكره رسول الله صلى الله عليه و سلم مع من ذكر من المنافقين .
أما فيما يتعلق بالاستعداد للآخرة :
فقال مسروق بن عبد الرحمان إذا بلغ أحدكم أربعين سنة فليأخذ حذره .
وقال ابو حمزة رأيت صفوان ابن سليم رحمه الله و لو قيل له غداً يوم القيامة ما كان عنده مزيد على ما كان عليه .
وقال أبوحازم رحمه الله تعالى: ما أحببت أن يكون معك في الآخرة فقدمه اليوم و ما كرهت أن يكون معك في الآخرة فتركه اليوم .
أسأل الله تعالى أن يحيي قلوبنا بذكره، وأن يوزعنا أن نشكر نعمته .
الخطبة الاولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد ان محمدا عبده و رسوله ، أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة .
عباد الله ..اتقوا الله تعالى و اعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه .
عباد الله.. لقد كان سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وغيرهم رضي الله عنهم يقتدون برسول الله صلى الله عليه وسلم في القول والعمل عملاً لقوله تعالى : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }.
لقد كان السلف الصالح رحمهم الله تعالى متبعين للنبي صلى الله عليه وسلم بأعمالهم و أقوالهم وداعين لذلك ، تربوا على هدي القرآن و سنة النبي صلى الله عليه و سلم، فكانت أقوالهم قواعد و ضوابط في العبادة و التربية والسلوك وهذه جملة من أقوالهم و أعمالهم وهديهم.
ففي مجال الإخلاص:
يقول النبي صلى الله عليه و سلم : ( إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً و ابتغي به وجهه ) رواه أبو داود .
قال محمد ابن الحنفية رحمه الله تعالى : كل ما لا يبتغى به وجه الله يضمحل. و قال عبد الواحد ابن زيد رحمه الله تعالى: الإجابة مقرونة بالإخلاص ، لا فرقة بينهما. أي إجابة الدعاء .
وقال محمد ابن واسع رحمه الله : لقد أدركت رجالا يكون رأس أحدهم مع رأس امرأته على وسادة واحدة قد بل ما تحت خذه من دموعه لا تشعر به امراته، ولقد أدركت رجالا يقوم احدهم في الصف فتسيل دموعه على خذه و لا يشعر به الذي إلى جنبه .
و قال أبو التياح يزيد بن حميد رحمه الله: لقد كان الرجل يقرأ عشرين سنة ما يعلم به جيرانه.
وقال سفيان الثوري رحمه الله: كانوا يتعلمون النية كما يتعلمون العلم .
أي يتعلمون الإخلاص وإرادة به وجه الله كما يتعلمون علم العبادات والمعاملات .
فالإخلاص مطلب عزيز لا يناله إلا الذين أمنوا بالله و رسوله حقا.
أما ما يتعلق بالصلاة :
فقد مكث سعيد ابن المسيب رحمه الله تعالى أربعين سنة ما أذن المؤذن إلا وهو في المسجد .
وكان عبد الله ابن الزبير إذا صف للصلاة كأنه عود من الخشوع .
وكان زين العابدين علي ابن الحسين رحمه الله لا يترك صلاة الليل لا سفرا ولا حضرا .
ولما رأى ابن عمر رضي الله تعالى عنه كما في صحيح البخاري النار و ذكر ذلك لحفصة فذكرتها حفصة للنبي صلى الله عليه و سلم فقال النبي صلى الله عليه و سلم :( نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل ) قال سالم ابنه فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلاً.
وقال الفضيل ابن عياض رحمه الله: إذا لم تقدر على قيام الله و صيام النهار فاعلم انك محروم مكبل كبلتك خطيئتك .
وأما ما يتعلق بالذكر:
فقد قال الله عز و جل :{وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } .
قال ميمون ابن سياه البصري: إذا أراد الله بعبده خيراً حبب إليه ذكره .
وقال محمد بن علي بن الحسين: إن الصواعق تصيب المؤمن و غير المؤمن ولا تصيب الذاكر لله عزوجل .
أما في مجال الصدقة والإحسان إلى المحتاجين:
فلما نزل قوله تعالى : {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } جاء أبوطلحة رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه و سلم وذكر له أن أحب أمواله إليه بيرحاء فقال اجعلها يا رسول الله حيث أراك الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :( بخ بخ ذلك مال رابح أو رائح ،أرى أن تقسمها في الأقربين ) فقسمها ابوطلحة في بني عمه .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : لأن أعول أهل بيت من المسلمين شهراً أو جمعة أو ما شاء الله أحب إلي من حجة بعد حجة .
ودخل علي بن الحسين على محمد ابن أسامة بن زيد رضي الله عنه في مرضه فجعل محمد يبكي فقال علي: ما شأنك؟ قال: علي دين قال :كم هو؟ قال: خمسة عشرة ألف دينار، قال: هو علي.
ولقد كان ناس من المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم فلما مات علي بن الحسين رحمه الله فقدوا ما كانوا يؤتون به من الليل .
وكان عروة ابن الزبير رحمه الله إذا كان أيام الرطب ثلم حائطه فيدخل الناس فيأكلون و يحملون، وكان إذا دخله ردد هذه الآية: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ }.
و أما في مجال عشرة الزوجة والإحسان إليها:
فقد قال الإمام أحمد : تزوجت أم صالح فمكثت معي ثلاثين سنة لم أختلف أنا و هي في كلمة واحدة .
وأما ما يتعلق بالنزاهة و الورع:
فقدم سليمان ابن عبد الملك وكان الخليفة قدم على المدينة فصلى بالناس الظهر ثم فتح باب المقصورة فنظر إلى صفوان بن سليم من غير معرفة فقال لعمر بن عبد العزيز :من هذا الرجل ؟ما ترأيت سمة أحسن منه فقال: يا أمير المؤمنين هذا صفوان بن سليم ، فقال لخادمه خذ هذا الكيس فيه خمسمائة دينار ادفعها إلى ذلك الرجل القائم يصلي ، وخرج الغلام بالكيس حتى جلس إلى صفوان فلما نظر إليه صفوان ركع و سجد ثم سلم وأقبل عليه فقال : ما حاجتك ؟، قال: أمرني أمير المؤمنين أن أدفع إليك هذا الكيس وفيه خمسمائة دينار ، فقال صفوان : ليس أنا الذي أرسلت إليه فاذهب فاستثبت فولى الغلام ثم أخذ صفوان نعله وخرج و لم يرى حتى خرج سليمان من المدينة .
وأما في مجال حسن الظن بالمسلمين:
فقال جعفر بن محمد رحمه الله : إذا بلغك عن أخيك ما تكره فاطلب له من عذر إلى سبعين عذراً فإن لم تجد فقل لعل له عذراً لا أعرفه .
وأما في مجال التغافل و طلب السلامة :
فقال الإمام احمد رحمه الله تعالى : السلامة تسعة أعشارها في التغافل .
وكان محمد ابن سيرين إذا ذكروا عنده أحد بسوء يذكره هو بالخير .
وجاء رجل إلى وهب ابن منبه رحمه الله فقال: مررت بفلان وهو يشتمك فغضب وهب وقال :ما لقي الشيطان رسولاً غيرك .
وقال الشافعي رحمه الله تعالى : من أحب أن يقضى له بالحسنى فليحسن بالناس الظن .
وفي مجال قبول الحق :
قال الشافعي رحمه الله تعالى: ما أوردت الحق على أحد فقبله إلا هبته ولا كابرني أحد على الحق إلا سقط من عيني .
وكان يقول: ما ناظرت أحداً قط إلا أحببت أن يوفق و يسدد .
وفي مجال العمل وترك الجدال:
قال ابن المبارك رحمه الله تعالى :إذا أراد الله بعبد خيراً فتح له باب العمل وأغلق عنه باب الجدل .
و في حسن الاستماع:
كان عطاء بن رباح رحمه الله إذا حدثه أحد بحديث و هو يعلمه يصغي إليه كأنه ما سمعه قط لئلا يخجل المتحدث .
وأما ما يتعلق بالصمت :
فقال أهيب بن الورد رحمه الله تعالى: الحكمة عشرة أجزاء، تسعة منها في الصمت .
وقال أيضا: إن العبد ليصمت فيجتمع له لبه .
وقال بعض السلف: الصمت عبادة من غير عناء وزينة من غير حلي وهيبة من غير سلطان وحصن من غير سور وراحة للكاتبين من غير تعب وغنية عن الاعتذار .
و في مجال فتنة النساء :
قال سعيد ابن المسيب رحمه الله : ما يئس الشيطان من شيء إلا أتاه من قبل النساء .
وقال أيضا وقد بلغ الرابعة و الثمانين من عمره وقد ذهبت إحدى عينيه وهو يعشوا بالأخرى قال لبعض أصحابه: ما من شيء أخوف عندي من النساء .
و في مجال بر الوالدين :
كان محمد بن سيرين رحمه الله تعالى إذا كلم أمه لا يكلمها بلسانه كله إجلالاً لها .
وجعل بعض السلف حد البصر إلى الوالد من العقوق .
ورأى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما رجلاً يطوف بأمه و قد حملها على عاتقه فقال :هل قضيت شيئاً من برها فقال ابن عمر: لا .
و في مجال ترك الغيبة:
قال الحسن البصري رحمه الله: والله للغيبة أسرع فساداً في دين العبد من الأكلة في الجسد .
وقال أيضا: إذا رأيت الرجل يشتغل بعيوب غيره و يترك عيوب نفسه فاعلم انه قد مكره به .
و قال بعض السلف :ما اغتبته أحداً منذ عرفت الغيبة .
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً و هو العزيز الغفور ،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و اشهد ان محمدا عبده و رسوله خير الذاكرين و قدوة العالمين صلى الله عليه و على أصحابه و من تبعه بإحسان الى يوم الدين ،اما بعد :
فاتقوا الله عباد الله تقبل أعمالكم و تغفر ذنوبكم و تيسر أموركم .
لقد كان السلف الصالح رحمهم الله على بينة من أمرهم .
ففي مجال ضبط العمل و آكل الحلال :
قال أهيب ابن الوردي رحمه الله :لا يكون هم أحدكم في كثرة العمل و لكن ليكن همه في إحكامه و تحسينه فإن العبد قد يصلي و هو يعصي الله في صلاته وقد يصوم وهو يعصي الله في صيامه و لو قمت قيام هذه السارية ما نفعك حتى تنظر ما يدخل بطنك أحلال أم حرام .
و جاء غلام أبي بكر رضي الله تعالى عنه فجاءه بلبن فشرب أبو بكر رضي الله عنه هذا اللبن ، ثم من بعد ذلك أخبره غلامه أنه ثمن كهانة تكهن بها وهو لا يحسن الكهانة فأدخل أبو بكر رضي الله تعالى عنه يده في فمه فقاء كل ما في بطنه و قال : لو لم تخرج إلا مع خروج روحي لأخرجتها، اللهم إني اعتذر إليك ما حملت إليك العروق و الأمعاء.
و في مجال البعد عن المتشابه:
قال ابن المبارك رحمه الله تعالى: لأن أرد درهماً من شبهة أحب إلي من أن أتصدق بستمائة ألف ألف .
وأما ما يتعلق بالتعليم والفتيا:
فقد قال الإمام مالك رحمه الله تعالى ما ينبغي للرجل أن يرى نفسه أهلاً لشيء حتى يسأل من هو أعلم منه .
و في لزوم الطاعة و ترك المعصية:
قال سعيد ابن المسيب رحمه الله تعالى ما أكرمت العباد أنفسها بمثل طاعة الله و لا أهانت أنفسها بمثل معصية الله .
و قال سفيان ابن عيينة رحمه الله: لم يجتهد احد قط اجتهاداً ولم يتعبد أحد عبادة بأفضل من ترك ما نهى الله عنه .
و قالت عائشة رضي الله عنها: إنكم لن تلقوا الله بشي خير لكم من قلة الذنوب.
وأما فيما يتعلق بالخوف من الله تعالى:
فقال ابن أبي مليكة :أدركت سبعين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه .
وكان عمر رضي الله عنه يسأل حذيفة بن اليمان: هل ذكره رسول الله صلى الله عليه و سلم مع من ذكر من المنافقين .
أما فيما يتعلق بالاستعداد للآخرة :
فقال مسروق بن عبد الرحمان إذا بلغ أحدكم أربعين سنة فليأخذ حذره .
وقال ابو حمزة رأيت صفوان ابن سليم رحمه الله و لو قيل له غداً يوم القيامة ما كان عنده مزيد على ما كان عليه .
وقال أبوحازم رحمه الله تعالى: ما أحببت أن يكون معك في الآخرة فقدمه اليوم و ما كرهت أن يكون معك في الآخرة فتركه اليوم .
أسأل الله تعالى أن يحيي قلوبنا بذكره، وأن يوزعنا أن نشكر نعمته .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى