عبير الروح
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
فصل
في قصة الحدبيبة
وذكر القصة إلى أن قال : وجري الصلح على وضع الحرب عشر سنين، وأن يرجع عنهم عامة ذلك ن فإذا كان العام المقبل خلوا بينه وبين مكة ، فأقام بها ثلاثاً ، وأن لا يدخلها إلا بسلاح الراكب والسيوف في القُرُب ، ومن أتاهم لم يردوه ، ومن أتى من المسلمين منهم ردوه .
وفي قصة الحديبية أنزل الله فدية الأذى في كعب بن عجرة.
وفيها دعا للمحلِّقين بالمغفرة ثلاثاً ، وللمقصِّرين مرة.
وفيها نحر البدنة ، والبقرة عن سبعة.
وفيها أهدى جمل أبي جهل ليغيظ به المشركين.
وفيها أنزلت سورة الفتح.
فلما رجع جاءه نساء مؤمنات ، فنهاه الله عن إرجاعهن ، فقيل : هذا نسخ للشرط في النساء ، وقيل : تخصيص للسنة بالقرآن . وهو عزيز جداً ، وقيل: لم يقع الشرط إلا علي الرجال خاصة ، فأراد المشركون تعميمه ، فأنزل الله تعالي ذلك.
وفيها من الفقه اعتماره صلى الله عليه وسلم في أشهر الحج وأن الإحرام بالعمرة من الميقات .
وأما حديث " من أحرم بعمرة من بيت المقدس غُفر له" فلا يثبت.
ومنها أن سوق الهدي سنة في العمرة المفردة أفضل ، وأن إشعار الهدي سنة لا مثله.
ومنها أن استحباب مغايظة أعداء الله .
ومنها أن الأمير ينبغي له أن يبعث العيون أمامه نحو العدو .
ومنها أن الاستعانة بالمشرك المأمون في الجهاد جائزة للحاجة ، لأن عيينة الخزاعي كافر.
ومنها استحباب المشاورة.
وسبي الذرية المنفردين عن الرجال قبل القتال.
ومنها رد الكلام الباطل ولو نسب إلى غير مكلف في قولهم : خلأت القصواء.
ومنها استحباب الحلف على الخبر الديني الذي يريد تأكيده ، وحفظ عنه صلى الله عليه وسلم الحلف في أكثر من ثمانين موضعاً ، وأمره الله تعالى بالحلف على صدق ما أخبر به في ثلاثة مواضيع في ( يونس ) و ( سبأ ) و ( التغابن) .
ومنها أن المشركين وأهل الفجور إذا طلبوا أمراً يعظمون به حرمات الله ، أجيبوا إليه ، وإن منعوا غيره ، فمن التمس المعاونة على محبوب لله تعالى أجيب ما لم يترتب على ذلك المحبوب مبغوض لله أعظم منه ، وهذا من أدق المواضيع وأصبعها ، ولذلك المحبوب مبغوض لله أعظم منه ، وهذا من أدق المواضع وأصبعها ن ولذلك ضاق عنه من الصحابة من ضاق، وأجاب الصّديق فيها بجواب النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك يدل على أنه أفضل الصحابة ، وأكملهم وأعرفهم بالله ورسوله ودينه ن وأشدهم موافقة له، ولذلك لم يسأل عمر إلا النبي ، والصديقّ خاصة.
وعند أحمد في القصة أنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الحرم وهو مضطرب في الحل ، وفيه كالدلالة على أن المضاعفة متعلقة بجميع الحرم لا تختص بالمسجد ، وأن قوله:" صلاة في المسجد الحرم " كقوله تعالى : ( فلا يقربوا المسجد الحرام ) " سورة التوبة: 28" وقوله: ( بسم الله الرحمن سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام) " سورة الإسراء: 1"
ومنها أن من نزل قريباً من مكة ن ينبغي له أن ينزل في الحل ، ويصلي في الحرم ، وكذلك كان ابن عمر يصنع .
ومنها ابتداء الإمام بطلب الصلح إذا رأى المصلحة للمسلمين فيه ، وفي قيام المغيرة على رأسه صلى الله عليه وسلم – ولم تكن عادته – سنة عند قدوم رسل الكفار من إظهار العز وتعظيم الإمام ، وليس من النوع المذموم ، كما أن الفخر والخيلاء في الحرب ليس من المذموم.
وفي بعث البُدن في وجه الرسول الآخر دليل على استحباب إظهار شعائر الإسلام لرسل الكفار ، وفي قوله صلى الله عليه وسلم للمغيرة: " أما الإسلام فأقبل ، وأما المال ، فلست منه في شئ " دليل على أن مال المشرك المعاهد معصوم وأنه لا يملك ، بل يرد عليه ، فإن المغيرة صحبهم على الأمان، ثم غدر ، فلم يتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لأموالهم ، ولا ذبَّ عنها ، ولا ضمنها لهم ، لأن ذلك قبل إسلام المغيرة.
وفي قوله الصديق لعروة :" امصص بظر اللات " دليل على جواز التصريح باسم العورة إذا كان فيه مصلحة ، كما أمر أن يصرح لمن ادعى بدعوى الجاهلية بهن أبيه ، فلكل مقام مقال.
ومنها احتمال قلة أدب رسول الكفار للمصلحة ، لأنه لم يقابل عروة على أخذه بلحيته .
ومنها طهارة النخامة ، والماء المستعمل ، واستحباب التفاؤل لقوله: " سهل أمركم" لما جاء سهيل ، و أن مصالحة المشرك بما فيه ضيم جائز للمصلحة .
ومنها أن من حلف ، أو نذر ، أو وعد ولم يعين وقتاً لم يكن على الفور.
ومنها أن الحلق نسك ، وأنه أفضل من التقصير ، وأنه نسك في العمرة كالحج ، وأنه نسك في المحصر.
وأن المحصر ينحر هديه حيث أحصر من الحل أو الحرم ، وأنه لا يجب أن يواعد من ينحره في الحرم إذا لم يصل إلى محله لقوله: ( والهدى معكوفاً أن يبلغ محله) " سورة الفتح: 25".
ومنها أن الذي نحروا فيه من الحل للآية ، لأن الحرم كله محل نحر الهدي.
ومنها أن المحصر لا يجب عليه القضاء ، وسميت التي بعدها عمرة القضية ، لأنها التي قاضاها عليها.
ومنها أن الأمر المطلق على الفور ، وإلا لم يغضب لتأخرهم عن الأمر . وإنما كان تأخيرهم من السعي المغفور لا المشكور ، وقد غفر الله لهم ، وأوجب لهم الجنة.
ومنها أن الأصل مشاركته في الأحكام إلا ما خص ، لقول أم سلمة.
ومنها جواز الصلح على رد من جاء من المسلمين من الرجال ، إلا النساء ، فإنه لا يجوز وهو موضع النسخ خاصة بنص القرآن ، فلا سبيل إلى دعوى النسخ في غيره.
ومنها أن خروج البضع عن ملك الزوج متقوم ، وأنه بالمسمى لا بمهر المثل .
ومنها أن الشرط لا يتناول من خرج إلى غير بلاد الإمام وإذا جاء إلى بلد الإمام لا يجب رده بدون الطلب.
ومنها أنه قتل الذين تسلموه لم يضمنه ولا الإمام.
ومنها أنه كان بين بعض ملوك المسلمين وبين النصارى عهد ، جاز لملك آخر أن يغزوهم ، كما أفتى به شيخ الإسلام ابن تيمية مستدلاً بقصة أبي بصير.
والذي في هذه القصة من الحكم أكبر وأجل من أن يحيط به إلا الله .
ومنها أنها مقدمة بين يدي الفتح الأعظم ، وهذه عادته سبحانه في الأمور العظام شرعاً وقدراً أن يوطئ بين يديها بمقدمات.
ومنها أنها من أعظم الفتوح ، فإن الناس اختلطوا وتناظروا ودخل في الإسلام في هذه المدة ما شاء الله وتلك الشروط من أكبر الجند التي أقامها المشترطون لحزبهم ، فذلوا من حيث طلبوا العز ، وعز المسلمون من حيث انكسروا لله ، فانقلب العز بالباطل ذلاً بحق.
ومنها ما سببه الله سبحانه للمؤمنين من زيادة الإيمان ن والإذعان على ما كرهوا ، وما حصل لهم من الرضا بالقضاء وانتظار وعد الله ، وشهود منته بالسكينة في تلك الحال التي تزعزع الجبال.
ومنها أنه سبحانه جعله سبباً للمغفرة لرسوله ، ولإتمام نعمته عليه ، وهدايته ونصره ن وانشراح صدره به مع ما فيه من الضيم ، ولهذا ذكره سبحانه جزاء وغاية ، وإنما يكون ذلك علي فعلٍ قام بالرسول والمؤمنين
وتأمل وصفه قلوب المؤمنين في هذا الموطن الذي اضطربت فيه فازدادوا بالسكينة إيماناً ، ثم أكد بيعتهم لرسوله أنها بيعة له ، وأن من نكثها ، فعلى نفسه وكل مؤمن فقد بايع الله على لسان رسوله على الإيمان وحقوقه ، ثم ذكر ظن الأعراب ، وأنه من جهلهم به سبحانه ،ثم أخبر برضاه عن المؤمنين بالبيعة ، وأنه حينئذ علم ما في قلوبهم من صدق الطاعة، فأنزل الله السكينة عليهم وأثابهم بالفتح والمغانم الكثيرة ، أول ذلك خيبر، ثم استمرت إلى الأبد وكف الأيدي عنهم ، قيل : أهل مكة ، وقيل : اليهود حين هموا بقتال من بالمدينة بعد خروج الصحابة ، وقيل : أهل خيبر وحلفائهم من أسد وغطفان ، والصحيح تناولهم للجميع ، وقال : ( ولتكون آية للمؤمنين ) " سورة الفتح:20" قيل : كف الأيدي ، وقيل: فتح خيبر . ثم جمع لهم مع ذلك كله الهداية.
ثم وعدهم مغانم كثيرة وفتوحاً أخرى لم يقدروا ذلك الوقت عليها قيل: فيوم أحد ، قيل : هو وعد معلق بشرط ، وهو الصبر والتقوى ، ففات يوم أحد بالفشل المنافي للصبر ، والمعصية المنافية للتقوى ، ثم ذكر كف الأيدي لأجل الرجال والنساء المذكورين ، فدفع العذاب عنهم بهؤلاء ، كما دفعه برسوله لما كان بين أظهرهم.
ثم أخبر عما في قلوبهم من الحمية التي مصدرها الجهل والظلم ، وأخبر بإنزاله في قلوب أوليائه من السكينة ما يقابل الحمية ، وإلزامهم كلمة التقوى وهي جنس تعم كل كلمة يتقى بها الله وأعلاه كلمة الإخلاص .
ثم أخبر أنه ( أرسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله) الآية، فقد تكفل لهذا الأمر بالتمام والإظهار ، فلا تظنوا ما وقع لغير ذلك ، ثم ذكر رسوله وحزبه ومدحهم بأحسن المدح ن والرافضة تصفهم بضده.
في قصة الحدبيبة
وذكر القصة إلى أن قال : وجري الصلح على وضع الحرب عشر سنين، وأن يرجع عنهم عامة ذلك ن فإذا كان العام المقبل خلوا بينه وبين مكة ، فأقام بها ثلاثاً ، وأن لا يدخلها إلا بسلاح الراكب والسيوف في القُرُب ، ومن أتاهم لم يردوه ، ومن أتى من المسلمين منهم ردوه .
وفي قصة الحديبية أنزل الله فدية الأذى في كعب بن عجرة.
وفيها دعا للمحلِّقين بالمغفرة ثلاثاً ، وللمقصِّرين مرة.
وفيها نحر البدنة ، والبقرة عن سبعة.
وفيها أهدى جمل أبي جهل ليغيظ به المشركين.
وفيها أنزلت سورة الفتح.
فلما رجع جاءه نساء مؤمنات ، فنهاه الله عن إرجاعهن ، فقيل : هذا نسخ للشرط في النساء ، وقيل : تخصيص للسنة بالقرآن . وهو عزيز جداً ، وقيل: لم يقع الشرط إلا علي الرجال خاصة ، فأراد المشركون تعميمه ، فأنزل الله تعالي ذلك.
وفيها من الفقه اعتماره صلى الله عليه وسلم في أشهر الحج وأن الإحرام بالعمرة من الميقات .
وأما حديث " من أحرم بعمرة من بيت المقدس غُفر له" فلا يثبت.
ومنها أن سوق الهدي سنة في العمرة المفردة أفضل ، وأن إشعار الهدي سنة لا مثله.
ومنها أن استحباب مغايظة أعداء الله .
ومنها أن الأمير ينبغي له أن يبعث العيون أمامه نحو العدو .
ومنها أن الاستعانة بالمشرك المأمون في الجهاد جائزة للحاجة ، لأن عيينة الخزاعي كافر.
ومنها استحباب المشاورة.
وسبي الذرية المنفردين عن الرجال قبل القتال.
ومنها رد الكلام الباطل ولو نسب إلى غير مكلف في قولهم : خلأت القصواء.
ومنها استحباب الحلف على الخبر الديني الذي يريد تأكيده ، وحفظ عنه صلى الله عليه وسلم الحلف في أكثر من ثمانين موضعاً ، وأمره الله تعالى بالحلف على صدق ما أخبر به في ثلاثة مواضيع في ( يونس ) و ( سبأ ) و ( التغابن) .
ومنها أن المشركين وأهل الفجور إذا طلبوا أمراً يعظمون به حرمات الله ، أجيبوا إليه ، وإن منعوا غيره ، فمن التمس المعاونة على محبوب لله تعالى أجيب ما لم يترتب على ذلك المحبوب مبغوض لله أعظم منه ، وهذا من أدق المواضيع وأصبعها ، ولذلك المحبوب مبغوض لله أعظم منه ، وهذا من أدق المواضع وأصبعها ن ولذلك ضاق عنه من الصحابة من ضاق، وأجاب الصّديق فيها بجواب النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك يدل على أنه أفضل الصحابة ، وأكملهم وأعرفهم بالله ورسوله ودينه ن وأشدهم موافقة له، ولذلك لم يسأل عمر إلا النبي ، والصديقّ خاصة.
وعند أحمد في القصة أنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الحرم وهو مضطرب في الحل ، وفيه كالدلالة على أن المضاعفة متعلقة بجميع الحرم لا تختص بالمسجد ، وأن قوله:" صلاة في المسجد الحرم " كقوله تعالى : ( فلا يقربوا المسجد الحرام ) " سورة التوبة: 28" وقوله: ( بسم الله الرحمن سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام) " سورة الإسراء: 1"
ومنها أن من نزل قريباً من مكة ن ينبغي له أن ينزل في الحل ، ويصلي في الحرم ، وكذلك كان ابن عمر يصنع .
ومنها ابتداء الإمام بطلب الصلح إذا رأى المصلحة للمسلمين فيه ، وفي قيام المغيرة على رأسه صلى الله عليه وسلم – ولم تكن عادته – سنة عند قدوم رسل الكفار من إظهار العز وتعظيم الإمام ، وليس من النوع المذموم ، كما أن الفخر والخيلاء في الحرب ليس من المذموم.
وفي بعث البُدن في وجه الرسول الآخر دليل على استحباب إظهار شعائر الإسلام لرسل الكفار ، وفي قوله صلى الله عليه وسلم للمغيرة: " أما الإسلام فأقبل ، وأما المال ، فلست منه في شئ " دليل على أن مال المشرك المعاهد معصوم وأنه لا يملك ، بل يرد عليه ، فإن المغيرة صحبهم على الأمان، ثم غدر ، فلم يتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لأموالهم ، ولا ذبَّ عنها ، ولا ضمنها لهم ، لأن ذلك قبل إسلام المغيرة.
وفي قوله الصديق لعروة :" امصص بظر اللات " دليل على جواز التصريح باسم العورة إذا كان فيه مصلحة ، كما أمر أن يصرح لمن ادعى بدعوى الجاهلية بهن أبيه ، فلكل مقام مقال.
ومنها احتمال قلة أدب رسول الكفار للمصلحة ، لأنه لم يقابل عروة على أخذه بلحيته .
ومنها طهارة النخامة ، والماء المستعمل ، واستحباب التفاؤل لقوله: " سهل أمركم" لما جاء سهيل ، و أن مصالحة المشرك بما فيه ضيم جائز للمصلحة .
ومنها أن من حلف ، أو نذر ، أو وعد ولم يعين وقتاً لم يكن على الفور.
ومنها أن الحلق نسك ، وأنه أفضل من التقصير ، وأنه نسك في العمرة كالحج ، وأنه نسك في المحصر.
وأن المحصر ينحر هديه حيث أحصر من الحل أو الحرم ، وأنه لا يجب أن يواعد من ينحره في الحرم إذا لم يصل إلى محله لقوله: ( والهدى معكوفاً أن يبلغ محله) " سورة الفتح: 25".
ومنها أن الذي نحروا فيه من الحل للآية ، لأن الحرم كله محل نحر الهدي.
ومنها أن المحصر لا يجب عليه القضاء ، وسميت التي بعدها عمرة القضية ، لأنها التي قاضاها عليها.
ومنها أن الأمر المطلق على الفور ، وإلا لم يغضب لتأخرهم عن الأمر . وإنما كان تأخيرهم من السعي المغفور لا المشكور ، وقد غفر الله لهم ، وأوجب لهم الجنة.
ومنها أن الأصل مشاركته في الأحكام إلا ما خص ، لقول أم سلمة.
ومنها جواز الصلح على رد من جاء من المسلمين من الرجال ، إلا النساء ، فإنه لا يجوز وهو موضع النسخ خاصة بنص القرآن ، فلا سبيل إلى دعوى النسخ في غيره.
ومنها أن خروج البضع عن ملك الزوج متقوم ، وأنه بالمسمى لا بمهر المثل .
ومنها أن الشرط لا يتناول من خرج إلى غير بلاد الإمام وإذا جاء إلى بلد الإمام لا يجب رده بدون الطلب.
ومنها أنه قتل الذين تسلموه لم يضمنه ولا الإمام.
ومنها أنه كان بين بعض ملوك المسلمين وبين النصارى عهد ، جاز لملك آخر أن يغزوهم ، كما أفتى به شيخ الإسلام ابن تيمية مستدلاً بقصة أبي بصير.
والذي في هذه القصة من الحكم أكبر وأجل من أن يحيط به إلا الله .
ومنها أنها مقدمة بين يدي الفتح الأعظم ، وهذه عادته سبحانه في الأمور العظام شرعاً وقدراً أن يوطئ بين يديها بمقدمات.
ومنها أنها من أعظم الفتوح ، فإن الناس اختلطوا وتناظروا ودخل في الإسلام في هذه المدة ما شاء الله وتلك الشروط من أكبر الجند التي أقامها المشترطون لحزبهم ، فذلوا من حيث طلبوا العز ، وعز المسلمون من حيث انكسروا لله ، فانقلب العز بالباطل ذلاً بحق.
ومنها ما سببه الله سبحانه للمؤمنين من زيادة الإيمان ن والإذعان على ما كرهوا ، وما حصل لهم من الرضا بالقضاء وانتظار وعد الله ، وشهود منته بالسكينة في تلك الحال التي تزعزع الجبال.
ومنها أنه سبحانه جعله سبباً للمغفرة لرسوله ، ولإتمام نعمته عليه ، وهدايته ونصره ن وانشراح صدره به مع ما فيه من الضيم ، ولهذا ذكره سبحانه جزاء وغاية ، وإنما يكون ذلك علي فعلٍ قام بالرسول والمؤمنين
وتأمل وصفه قلوب المؤمنين في هذا الموطن الذي اضطربت فيه فازدادوا بالسكينة إيماناً ، ثم أكد بيعتهم لرسوله أنها بيعة له ، وأن من نكثها ، فعلى نفسه وكل مؤمن فقد بايع الله على لسان رسوله على الإيمان وحقوقه ، ثم ذكر ظن الأعراب ، وأنه من جهلهم به سبحانه ،ثم أخبر برضاه عن المؤمنين بالبيعة ، وأنه حينئذ علم ما في قلوبهم من صدق الطاعة، فأنزل الله السكينة عليهم وأثابهم بالفتح والمغانم الكثيرة ، أول ذلك خيبر، ثم استمرت إلى الأبد وكف الأيدي عنهم ، قيل : أهل مكة ، وقيل : اليهود حين هموا بقتال من بالمدينة بعد خروج الصحابة ، وقيل : أهل خيبر وحلفائهم من أسد وغطفان ، والصحيح تناولهم للجميع ، وقال : ( ولتكون آية للمؤمنين ) " سورة الفتح:20" قيل : كف الأيدي ، وقيل: فتح خيبر . ثم جمع لهم مع ذلك كله الهداية.
ثم وعدهم مغانم كثيرة وفتوحاً أخرى لم يقدروا ذلك الوقت عليها قيل: فيوم أحد ، قيل : هو وعد معلق بشرط ، وهو الصبر والتقوى ، ففات يوم أحد بالفشل المنافي للصبر ، والمعصية المنافية للتقوى ، ثم ذكر كف الأيدي لأجل الرجال والنساء المذكورين ، فدفع العذاب عنهم بهؤلاء ، كما دفعه برسوله لما كان بين أظهرهم.
ثم أخبر عما في قلوبهم من الحمية التي مصدرها الجهل والظلم ، وأخبر بإنزاله في قلوب أوليائه من السكينة ما يقابل الحمية ، وإلزامهم كلمة التقوى وهي جنس تعم كل كلمة يتقى بها الله وأعلاه كلمة الإخلاص .
ثم أخبر أنه ( أرسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله) الآية، فقد تكفل لهذا الأمر بالتمام والإظهار ، فلا تظنوا ما وقع لغير ذلك ، ثم ذكر رسوله وحزبه ومدحهم بأحسن المدح ن والرافضة تصفهم بضده.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى