لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
حبيبه الرحمن
حبيبه الرحمن
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

صدقات وصالحات في أيام مباركات  Empty صدقات وصالحات في أيام مباركات {الثلاثاء 15 نوفمبر - 19:25}

الشيخ / عبد الله بن محمد البصري
صدقات وصالحات في أيام مباركات



أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، في كُلِّ مَوسِمٍ مِنَ المَوَاسِمِ الفَاضِلَةِ كَأَيَّامِ العَشرِ المُبَارَكَةِ ، يَجتَهِدُ المُؤمِنُونَ فِيمَا يَنفَعُهُم عِندَ رَبِّهِم مِن أَعمَالٍ صَالحةٍ ، بَينَمَا لا يَكتَفِي مُخلِصُونَ بما يُقَدِّمُونَهُ مِن خَيرٍ لأَنفُسِهِم ، حَتى يُضِيفُوا إِلَيهِ خَيرَاتٍ يُقَدِّمُونَها لإِخوَانِهِم ، وَذَلِكَ بِدَلالَتِهِم عَلَى مَوَاطِنِ البَذلِ وَالعَطَاءِ ، وَتَسهِيلِ سُبُلِ الإِنفَاقِ لهم وَتَيسِيرِ وُصُولِهِم إِلَيهَا ، وَتَوَسُّطِهِم بَينَ الغَنيِّ القَادِرِ وَالفَقِيرِ المُحتَاجِ ، رَجَاءَ أَن يَنَالُوا بِذَلِكَ أَجرَ الدَّلالَةِ عَلَى الخَيرِ ، وَيُحَصِّلُوا مُضَاعَفَ الثَّوَابِ بِالدَّعوَةِ إِلى الهُدَى ، وَ ((مَن دَلَّ عَلَى خَيرٍ فَلَهُ مِثلُ أَجرِ فَاعِلِهِ)) وَ((مَن دَعَا إِلى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجرِ مِثلُ أُجُورِ مَن تَبِعَهُ ، لا يَنقُصُ ذَلِكَ مِن أُجُورِهِم شَيئًا))

وَفي هذِهِ الأَيَّامِ المُبَارَكَةِ ، تَتَنَافَسُ مُؤَسَّسَاتٌ خَيرِيَّةٌ وَجَمعِيَّاتٌ وَمَكَاتِبُ دَعوَةٍ ، عَلَى تَقدِيمِ بَرَامِجَ مُتَنَوِّعَةٍ وَفَتحِ آفَاقٍ وَاسِعَةٍ ، لإِعَانَةِ المُسلِمِينَ عَلَى أَعمَالِ الخَيرِ وَالبِرِّ ، وَغَالِبًا مَا تَكُونُ تِلكَ الأَعمَالُ وَالبَرَامِجُ مُنتَظِمَةً تَحتَ مَجَالٍ في الإِسلامِ عَظِيمٍ ، ذَلِكُم هُوَ مَجَالُ الإِنفَاقِ وَالصَّدَقَةِ ، في تَحجِيجِ الحُجَّاجِ وَإِيوَائِهِم ، وَإِطعَامِهِم وَسَقيِهِم ، وَإِهدَاءِ مَا يَنفَعُهُم في دِينِهِم وَدُنيَاهُم ، وَذَبحِ الأَضَاحِي وَإِطعَامِ الطَّعَامِ ، وَكِسوَةِ العِيدِ وَنَفَقَةِ المُحتَاجِينَ ، وَتَيسِيرِ العُسرِ وَتَفرِيجِ الكُرُبَاتِ ، إِلى غَيرِ ذَلِكَ مِن وُجُوهٍ وَأَبوَابٍ . وَقَد وَرَدَت في فَضَائِلِ الصَّدَقَاتِ وَمَا لِلبَاذِلِينَ مِن جَزَاءٍ آيَاتٌ وَأَحَادِيثٌ ، وَرُغِّبَ في العَطَاءِ وَمُدِحَ أَصحَابُهُ ، وَرُهِّبَ مِنَ البُخلِ وَذُمَّ أَهلُهُ ، في أَسَالِيبَ قُرآنِيَّةٍ وَنَبَوِيَّةٍ كَرِيمَةٍ ، بَلِيغَةِ الدَّلالَةِ نَاصِعَةِ البَيَانِ ، مَا قَرَأَهَا أَو سَمِعَهَا مُؤمِنٌ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ ، وَلا وَعَاهَا مُوقِنٌ بما أَعَدَهُ اللهُ لِعِبَادِهِ الصَّادِقِينَ ، إِلاَّ وَدَّ أَنَّ لَهُ في كُلِّ مَجَالٍ يَدًا بَيضَاءَ وَمُسَاهَمَةً وَعَطَاءً ، وَكَيفَ لا يَكُونُ ذَلِكَ وَالصَّدَقَةُ تُطفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَتَقِي مِنَ النَّارِ ، وَتُظِلُّ صَاحِبَهَا في ظِلِّ العَرشِ في يَومٍ شَدِيدٍ حَرُّهُ ، وَتُدَاوِي القَلبَ وَالجَسَدَ وَتَدفَعُ عَنِ العَبدِ أَنوَاعًا مِنَ البَلاءِ ، وَبها يَنشَرِحُ الصَّدرُ وَتَرتَاحُ النَّفسُ وَيَطمَئِنُّ القَلبُ ، وَيُضَاعَفُ الأَجرُ وَتُمحَى الخَطَايَا ، وَهِيَ بُرهَانٌ عَلَى الإِيمَانِ وَبها تُنَالُ حَقِيقَةُ البِرِّ ، وَبها يُطَهَّرُ المَالُ وَيُبَارَكُ فِيهِ ، وَهِيَ الَّتي تَبقَى مِنهُ لِصَاحِبِهِ في الآخِرَةِ ، وَبها الفَوزُ بِدُعَاءِ المَلَكِ لِلمُنفِقِينَ مَعَ إِشرَاقَةِ الشَّمسِ في كُلِّ يَومٍ ؟ فَمَن ذَا الَّذِي يُفَرِّطُ في الصَّدَقَةِ وَلَو بِالقَلِيلِ وَقَد جَاءَت بِكُلِّ هَذِهِ المَعَاني الآيَاتُ وَصَحَّتِ الأَحَادِيثُ ؟!

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لِمَا في الصَّدَقَةِ لِلمُؤمِنِ مِن عَظِيمِ ثَوَابٍ وَمُضَاعَفِ أَجرٍ ، وَبَرَكَةٍ في المَالِ وَنَجَاةٍ في المَآلِ ، كَانَ الشَّيطَانُ يَقِفُ لِلمُؤمِنِينَ بِالمِرصَادِ في بَابِهَا ، وَيَضَعُ في طَرِيقِهِم مِنَ العَوَائِقِ وَالمَوَانِعِ مَا يَضمَنُ بِهِ وُقُوعَهُم في الشُّحِّ وَالبُخلِ ، وَمِن ثَمَّ يَكُونُ ارتِكَاسُهُم في الخَسَارَةِ وَالهَلاكِ ، وَمُجَانَبَتُهُم سَبِيلَ الفَلاحِ . وَقَد بَيَّنَ المَولى ـ جَلَّ وَعَلا ـ في كِتَابِهِ أَنَّ مَن وُقِيَ شُحَّ نَفسِهِ فَقَد أَفلَحَ ، وَبَيَّنَ الحَبِيبُ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ أَنَّ الشُّحَّ سَبَبٌ لِلهَلاكِ ، قَالَ سُبحَانَهُ: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ} وَفي الحَدِيثِ : ((اِتَّقُوا الشُّحَّ ؛ فَإِنَّ الشُّحَّ أَهلَكَ مَن كَانَ قَبلَكُم ، حَمَلَهُم عَلَى أَن سَفَكُوا دِمَاءَهُم وَاستَحَلُّوا مَحَارِمَهُم)) رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ . وَمِن هُنَا فَإِنَّ المُسلِمَ حِينَ يَتَحَامَلُ عَلَى نَفسِهِ ، وَيُخَالِفُ مَحَبَّتَهُ الفِطرِيَّةَ لِلمَالِ وَيَقمَعُ دَوَاعِيَ جَمعِهِ وَمَنعِهِ ، ثم يُنفِقُهُ لِوَجهِ اللهِ ابتِغَاءَ مَا عِندَهُ ، إِنَّهُ بِذَلِكَ يَتَغَلَّبُ عَلَى الشَّيَاطِينِ وَيَقهَرُهَا ، وَيُخَالِفُهَا فِيمَا تُسَوِّلُهُ لَهُ وَتُملِيهِ عَلَيهِ ، وَتَاللهِ مَا يَفعَلُ ذَلِكَ وَيَقدِرُ عَلَيهِ إِلاَّ مَن أُوتيَ مِنَ الإِيمانِ حَظًّا عَظِيمًا ، رَوَى الإِمَامُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ أَنَّهُ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ قَالَ : ((مَا يُخرِجُ رَجُلٌ شَيئًا مِنَ الصَّدَقَةِ حَتى يَفُكَّ عَنهَا لَحيَي سَبعِينَ شَيطَانًا)) نَعَم ((مَا يُخرِجُ رَجُلٌ شَيئًا مِنَ الصَّدَقَةِ حَتى يَفُكَّ عَنهَا لَحيَي سَبعِينَ شَيطَانًا)) إِنَّهَا صُورَةٌ بَيَانِيَّةٌ بَلِيغَةٌ ، تُبَيِّنُ مَدَى حِرصِ الشَّيَاطِينِ عَلَى مَنعِ الصَّدَقَةِ ، حَتى لَكَأَنَّهَا تَعَضُّ عَلَيها بِفَكَّيهَا لِئَلاَّ يَنتَزِعَهَا صَاحِبُهَا فَيُنفِقَهَا ، وَهَذِهِ الشَّيَاطِينُ الَّتي شَرُّ سِلاحِهَا في هَذَا البَابِ أَن تَعِدَ الإِنسَانَ الفَقرَ إِذَا هُوَ تَصَدَّقَ ، لا تَقِفُ عِندَ هَذَا الحَدِّ فَحَسبُ ، بَل لا تَزَالُ بِهِ حَتى تَأتِيَهُ مِن أَبوَابٍ أُخرَى ، وَتَبعَثَ عَلَيهِ مِن أَعوَانِهَا مِنَ الإِنسِ مَن يُخَذِّلُونَهُ وَيُضعِفُونَ عَزِيمَتَهُ ، بما يَبُثُّونَهُ مِن شَائِعَاتٍ أَو يَنشُرُونَهُ مِن مَقَالاتٍ ، فَتَرَى مِنهُم مَن يُخِيفُ النَّاسَ مِنَ المُؤَسَّسَاتِ الخَيرِيَّةِ بِدَعوَى دَعمِ الإِرهَابِ ، وَتَرَى مَن يَزعُمُ أَنَّ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ قَد تَقَعُ في أَيدِي أَغنِيَاءَ غَيرِ مُحتَاجِينَ ، أَو أَنَّ غَالِبَ المُستَفِيدِينَ مِنهَا خَارِجَ البِلادِ وَلا يُعرَفُ شَيءٌ عَن حَالِهِم ، أَو غَيرَ ذَلِكَ مِنَ الأَعذَارِ الوَاهِيَةِ وَالحِجَجِ الدَّاحِضَةِ ، وَالحَقُّ أَنَّ المُؤمِنَ إِذَا تَغَلَّبَ عَلَى شُحِّ نَفسِهِ مُصَدِّقًا بَمُوعُودِ اللهِ مُكَذِّبًا بَوَعدِ الشَّيَاطِينِ ، ثم بَحَثَ عَن أَهلِ الخَيرِ المَوثُوقِ فِيهِم قَدرَ استِطَاعَتِهِ ، وَاجتَهَدَ في أَن يَضَعَ صَدَقَتَهُ مَحَلَّهَا قَدرَ مَا يُمكِنُهُ ، وَأَخلَصَ للهِ وَطَلَبَ مَا عِندَهُ ، فَإِنَّ أَجرَهُ قَد تَمَّ وَنِيَّتَهُ قَد بَلَغَت ، وَمَا هُوَ بِمُكَلَّفٍ بما وَرَاءَ ذَلِكَ ، رَوَى البُخَارِيُّ وَغَيرُهُ عَن مَعنِ بنِ يَزِيدَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : كَانَ أَبي يَزِيدُ أَخرَجَ دَنَانِيرَ يَتَصَدَّقُ بها ، فَوَضَعَهَا عِندَ رَجُلٍ في المَسجِدِ ، فَجِئتُ فَأَخَذتُهَا فَأَتَيتُهُ بها ، فَقَالَ : وَاللهِ مَا إِيَّاكَ أَرَدتُ . فَخَاصَمتُهُ إِلى رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَالَ : لَكَ مَا نَوَيتَ يَا يَزِيدُ ، وَلَكَ مَا أَخَذتَ يَا مَعنُ " وَعَن أَبي هُرَيرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " قَالَ رَجُلٌ لأَتَصَدَّقَنَّ اللَّيلَةَ بِصَدَقَةٍ ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا في يَدِ زَانِيَةٍ ، فَأَصبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ : تُصُدِّقَ اللَّيلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ . قَالَ : اللَّهُمَّ لَكَ الحَمدُ ، عَلَى زَانِيَةٍ ! لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا في يَدِ غَنيٍّ ، فَأَصبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ : تُصُدِّقَ عَلَى غَنيٍّ . قَالَ : اللَّهُمَّ لَكَ الحَمدُ ، عَلَى غَنيٍّ ! لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا في يَدِ سَارِقٍ ، فَأَصبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ : تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ . فَقَالَ : اللَّهُمَّ لَكَ الحَمدُ ، عَلَى زَانِيَةٍ وَعَلَى غَنيٍّ وَعَلَى سَارِقٍ ! فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ : أَمَّا صَدَقَتُكَ فَقَد قُبِلَت ، أَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا تَستَعِفُّ بها عَن زِنَاهَا ، وَلَعَلَّ الغَنيَّ يَعتَبِرُ فَيُنفِقُ مِمَّا أَعطَاهُ اللهُ ، وَلَعَلَّ السَّارِقَ يَستَعِفُّ بها عَن سَرِقَتِهِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ وَقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، فَإِنَّمَا عَلَى نِيَّاتِكُم تُؤَجَرُونَ ، وَمَعَ الغَنيِّ الكَرِيمِ تَتَعَامَلُونَ ، فَلا يُثَبِّطَنَّكُمُ المُخَذِّلُونَ ، وَلا يَغُرَّنَّكُمُ المُكَذِّبُونَ بِيَومِ الدِّينِ ، الَّذِينَ يَدُعُّونَ اليَتِيمَ وَلا يَحُضُّونَ عَلَى طَعَامِ المِسكِينِ وَيَمنَعُونَ المَاعُونَ ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبتُم وَمِمَّا أَخرَجنَا لَكُم مِنَ الأَرضِ وَلا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنهُ تُنفِقُونَ وَلَستُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغمِضُوا فِيهِ وَاعلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنيٌّ حَمِيدٌ . الشَّيطَانُ يَعِدُكُمُ الفَقرَ وَيَأمُرُكُم بِالفَحشَاءِ وَاللهُ يَعِدُكُم مَغفِرَةً مِنهُ وَفَضلاً وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}







الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَلازِمُوا طَاعَتَهُ وَلا تَترُكُوهَا ، وَاعلَمُوا أَنَّكُم في أَيَّامٍ مُبَارَكَةٍ فَاقدُرُوهَا حَقَّ قَدرِهَا وَعَظِّمُوهَا ، وَاغتَنِمُوا مَا بَقِيَ مِن أَيَّامٍ مَعلُومَاتٍ وَمَا بَعدَهَا مِن أَيَّامٍ مَعدُودَاتٍ . لَقَد بَقِيَ يَومُ عَرَفَةَ وَيَومُ العِيدِ وَأَيَّامُ التَّشرِيقِ ، أَمَّا يَومُ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ يَومُ إِكمَالِ الدِّينِ وَإِتمَامِ النِّعمَةِ عَلَى الأُمَّةِ ، اليَومُ المَشهُودُ ، الَّذِي يُعتِقُ اللهُ فِيهِ مَن قَبِلَهُ مِنَ الحُجَّاجِ وَيُجِيبُ دُعَاءَهُم ، وَفِيهِ يُستَحَبُّ لِغَيرِ الحَاجِّ الصَّومُ وَالتَّكبِيرُ بَعدَ الصَّلَوَاتِ مِن فَجرِهِ إِلى صَلاةِ العَصرِ مِن آخِرِ أَيَّامِ التَّشرِيقِ ، رَوَى النَّسَائِيُّ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ ، عَن طَارِقِ بنِ شِهَابٍ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ إِلى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ ، آيَةٌ في كِتَابِكُم تَقرَؤُونَهَا ، لَو عَلَينَا مَعشَرَ اليَهُودِ نَزَلَت لاتَّخَذنَا ذَلِكَ اليَومَ عِيدًا . قَالَ : أَيُّ آيَةٍ ؟ قَالَ : {اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دِينًا} فَقَالَ عُمَرُ : إِنَّي لأَعلَمُ المَكَانَ الَّذِي نَزَلَت فِيهِ وَاليَومَ الَّذِي نَزَلَت فِيهِ ، نَزَلَت عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ في عَرَفَاتٍ في يَومِ جُمَعَةٍ . وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : ((خَيرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَومِ عَرَفَةَ ، وَخَيرُ مَا قُلتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِن قَبلِي : لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ)) رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ . وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : ((مَا مِن يَومٍ أَكثَرَ مِن أَن يُعتِقَ اللهُ فِيهِ عَبدًا أَو أَمَةً مِنَ النَّارِ مِن يَومِ عَرَفَةَ ، وَإِنَّهُ لَيَدنُو ثم يُبَاهِي بِهِمُ المَلائِكَةَ فَيَقُولُ : مَاذَا أَرَادَ هَؤُلاءِ ؟)) رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ ، وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : ((صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ أَحتَسِبُ عَلَى اللهِ أَن يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتي بَعدَهُ)) رَوَاهُ مُسلِمٌ . وَأَمَّا يَومُ العِيدِ فَهُوَ يَومُ الحَجِّ الأَكبَرِ ، وَبَعدَهُ يَومُ القَرِّ أَوَّلُ أَيَّامِ التَّشرِيقِ الثَّلاثَةِ ، وَكُلُّهَا أَيَّامٌ عَظِيمَةٌ مُبَارَكَةٌ ، فِيهَا مِن أَعمَالِ الحَجِّ أَكثَرُهَا ، وفِيهَا التَّقَرُّبِ إِلى اللهِ بِذَبحِ الهَدَايَا وَالأَضَاحِي ، وَالتَّوسِيعُ عَلَى النُّفُوسِ بِالأَكلِ وَالشُّربِ مَعَ الإِكثَارِ مِن ذِكرِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : ((أَعظَمُ الأَيَّامِ عِندَ اللهِ يَومُ النَّحرِ ثم يَومُ القَرِّ)) رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : ((يَومُ عَرَفَةَ وَيَومُ النَّحرِ وَأَيَّامُ التَّشرِيقِ عِيدُنَا ـ أَهلَ الإِسلامِ ـ وَهِيَ أَيَّامُ أَكلٍ وَشُربٍ)) رَوَاهُ أَهلُ السُّنَنِ إِلاَّ ابنَ مَاجَه ، وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَعِندَ مُسلِمٍ: ((أَيَّامُ التَّشرِيقِ أَيَّامُ أَكلٍ وَشُربٍ وَذِكرٍ للهِ)) فَاتَّقُوا اللهَ ـ عِبَادَ اللهِ ـ وَصُومُوا يَومَ عَرَفَةَ ، وَاحضُرُوا صَلاةَ العِيدِ وَالبَسُوا الجَدِيدَ ، وَضَحُّوا وَكُلُوا وَاشرَبُوا ، وَتَصَدَّقُوا وَأَهدُوا ، وَ{اركَعُوا وَاسجُدُوا وَاعبُدُوا رَبَّكُم وَافعَلُوا الخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ}



الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى