لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
حبيبه الرحمن
حبيبه الرحمن
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

إصلاح الظواهر والسرائر وتعظيم الحرمات والشعائر  Empty إصلاح الظواهر والسرائر وتعظيم الحرمات والشعائر {الثلاثاء 15 نوفمبر - 19:26}

الشيخ / عبد الله بن محمد البصري
إصلاح الظواهر والسرائر وتعظيم الحرمات والشعائر



أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ {قُلْ لا يَستَوِي الخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَو أَعجَبَكَ كَثرَةُ الخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللهَ يَا أُولي الأَلبَابِ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ}

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لِلعَبدِ في سَيرِهِ إِلى اللهِ مَرَاحِلُ ، وَلِلدَّارِ الآخِرَةِ أَسوَاقٌ وَمَوَاسِمُ ، وَلِطَلَبِ الخَيرِ فُرَصٌ وَلِلرَّحمَةِ نَفَحَاتٌ ، وَلِلبِرِّ سَاعَاتٌ وَأَوقَاتٌ وهَبَّاتٌ ، وَالأَيَّامُ سَرِيعَةُ المُرُورِ وَالانقِضَاءِ ، وَالأَعمَارُ مَهمَا طَالَت فَهِيَ إِلى زَوَالٍ وَفَنَاءٍ ، وَهَا هُوَ الزَّمَنُ قَد مَرَّ سَرِيعًا بَعدَ رَمَضَانَ ، لِتَدخُلَ عَلَى المُسلِمِينَ عَشرٌ مُبَارَكَةٌ ، عَشرٌ أَقسَمَ اللهُ بها في كِتَابِهِ وَعَظَّمَ أَمرَهَا ، وَامتَدَحَهَا رَسُولُهُ وَحَثَّ عَلَى اغتِنَامِهَا ، فِيهَا حَجُّ بَيتِ اللهِ الحَرَامِ ، أَحَدُ أَعمِدَةِ المِلَّةِ وَأَركَانِ الإِسلامِ ، وَفِيهَا تَعظِيمُ الشَّعَائِرِ وَالتَّقَرُّبُ إِلى اللهِ بِذَبحِ النُّسُكِ وَالأَضَاحِي ، وَفِيهَا تَكبِيرٌ وَتَهلِيلٌ وَتَسبِيحٌ وَتَحمِيدٌ ، وَفِيهَا صِيَامٌ وَبَذلٌ وَصَدَقَاتٌ . وَوَاللهِ لا يُفَرِّطُ في هَذِهِ العَشرِ إِلاَّ مَغبُونٌ ، وَلا يُحرَمُ خَيرَاتِهَا إِلاَّ مَحرُومٌ ، إِلاَّ أَنَّ الغَبنَ الحَقِيقِيَّ وَالخَسَارَةَ المُحَقَّقَةَ لَيسَا دَائِمًا بِقِلَّةِ العَمَلِ ، وَمَا الفَوزُ بِكَثَرَةِ العَطَاءِ وَتَنَوُّعِ البَذلِ غَالِبًا ، وَلَكِنَّ أَعظَمَ الخِذلانِ وَأَشَدَّ الحِرمَانِ ، أَن يَفتَقِدَ العَبدُ الإِخلاصَ في بَاطِنِهِ ، أَو لا يُوَفَّقَ لِلسُّنَّةِ في ظَاهِرِهِ ، وَقَد يَعمَلُ إِذْ ذَاكَ كَثِيرًا وَيَدخُلُ مِن كُلِّ بَابٍ ، ثم يَخرُجُ صِفرَ اليَدَينِ خِلوًا مِنَ الأَجرِ وَالثَّوَابِ ، بَينَمَا يَأتي مُخلِصٌ لِرَبِّهِ مُخبِتٌ للهِ قَلبُهُ ، فَيَجتَهِدُ قَدرَ استِطَاعَتِهِ وَيَأخُذُ بِبَعضِ مَا يُمكِنُهُ ، وَيَتَحَرَّى السُّنَّةَ وَيَبذُلُ أَسبَابَ القَبُولِ ، فَيُدرِكُ مَا لم يُدرِكْهُ صَاحِبُهُ ، وَيَصِيرُ لَهُ شَأنٌ غَيرُ شَأنِهِ ، فَلَيسَتِ العِبرَةُ بِكَثرَةِ عَمَلٍ وَلا مُسَايَرَةٍ لِلعَامِلِينَ ، وَإِنَّمَا المُعَوَّلُ عَلَى الإِخلاصِ للهِ وَتَطهِيرِ القَلبِ مِن كُلِّ مَن سِوَاهُ ، ثم السَّيرِ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ الدَّلِيلُ في كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجرَ مَن أَحسَنَ عَمَلاً} وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ . الَّذِي خَلَقَ المَوتَ وَالحَيَاةَ لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلاً وَهُوَ العَزِيزُ الغَفُورُ} نُقِلَ عَنِ الفُضَيلِ بنِ عِيَاضٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ في تَفسِيرِ قَولِهِ ـ تَعَالى ـ : {أَحسَنُ عَمَلاً} أَنَّهُ قَالَ : أَخلَصُهُ وَأَصوَبُهُ . قِيلَ : يَا أَبَا عَلِيٍّ : مَا أَخلَصُهُ وَأَصوَبُهُ ؟ فَقَالَ : إِنَّ العَمَلَ إِذَا كَانَ خَالِصًا وَلم يَكُنْ صَوَابًا لم يُقبَلْ ، وَإِذَا كَانَ صَوَابًا وَلم يَكُنْ خَالِصًا لم يُقبَلْ ، حَتى يَكُونَ خَالِصًا صَوَابًا .

عِبَادَ اللهِ ، الحَجُّ مِن أَجَلِّ الأَعمَالِ الَّتي تَكُونُ في هَذَا المَوسِمِ العَظِيمِ ، وَقَد جَاءَ في سُورَتَينِ مِن كِتَابِ اللهِ بَيَانُ كَيفَ يَكُونُ وَعَلامَ يُبنى ، أَمَّا الأُولى فَهِيَ سُورَةُ البَقَرَةِ ، وَقَد جَاءَ فِيهَا التَّأكِيدُ عَلَى أَحكَامِ إِتمَامِ الحَجِّ للهِ ، بَدأً بِمَوَاقِيتِهِ الزَّمَانِيَّةِ وَهِيَ الأَهِلَّةُ ، وَبُيِّنَتِ فِيهَا المَنهِيَّاتُ وَوُضِّحَتِ الكَفَّارَاتُ ، ثم خُتِمَت بِذِكرِ اللهِ في الأَيَّامِ المَعدُودَاتِ ، مَعَ الإِشَارَةِ لِلتَّقوَى وَالأَمرِ بها ، تَنبِيهًا عَلَى عِظَمِ أَمرِهَا وَعُلُوِّ شَأنِ أهلِهَا . وَأَمَّا السُّورَةُ الأُخرَى فَهِيَ سُورَةُ الحَجِّ ، وَفِيهَا عُولِجَت أُمُورُ القُلُوبِ الَّتي هِيَ أَهَمُّ وَأَعظَمُ ، فَبُيِّنَ أَنَّ القَبُولَ لِلتَّقوَى وَأَهلِهَا ، وَأَنَّهُ لا تَقوَى بِغَيرِ تَعظِيمٍ لِلحُرُمَاتِ وَالشَّعَائِرِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {لَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقوَى مِنكُم} وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيرٌ لَهُ عِندَ رَبِّهِ} وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقوَى القُلُوبِ} وَمَن تَدَبَّرَ هَاتَينِ السُّورَتَينِ وَفَقِهَ مَا فِيهِمَا ، تَيَقَّنَ أَنَّهُ لا قَبُولَ لِكَثِيرِ عَمَلٍ أَو قَلِيلٍ ، صَلاةً كَانَ أَو زَكَاةً أَو صِيَامًا ، أَو حَجًّا أَو نُسَكًا أَو ذَبحًا ، إِلاَّ لِمَن جَمَعَ بَينَ الإِخلاصِ وَالمُتَابَعَةِ ، وَطَهَّرَ بَاطِنَهُ وَأَصلَحَ ظَاهِرَهُ ، وَعَظَّمَ اللهَ في قَلبِهِ كَمَا يَتَلَبَّسُ بِعِبَادَتِهِ عَلَى جَوَارِحِهِ . وَمِن فَضلِ اللهِ أَنَّ جُلَّ أَحكَامِ الحَجِّ مَعلُومٌ عِندَ المُسلِمِينَ حَتى عِندَ عَامَّتِهِم ، وَالمُؤَلَّفَاتُ فِيهِ كَثِيرَةٌ صَغِيرَةً وَكَبِيرَةً ، وَالجَهلُ فِيهِ بِحَمدِ اللهِ قَلِيلٌ . وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالإِخلاصِ وَالتَّعظِيمِ ، فَمَا أَقَلَّ الفِقهَ فِيهِ وَإِن كَانَ هُوَ الأَهَمَّ وَالأَعظَمَ ! وَمَا أَكثَرَ مَا يَحدُثُ فِيهِ مِن خَلَلٍ وَنَقصٍ ! يَدُلُّ لِهَذَا قِسمَةُ القُلُوبُ في سُورَةِ الحَجِّ إِلى أَربَعَةٍ : قَلبٌ أَعمَى وَقَلبٌ مَرِيضٌ وَقَلبٌ قَاسٍ وَقَلبٌ مُخبِتٌ ، وَفي هَذَا إِشَارَةٌ إِلى كَثرَةِ مَن يَنحَرِفُونَ عَنِ الطِّرِيقِ القَوِيمِ وَيُجَانِبُونَ الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ، وَبَيَانُ ضَرُورَةِ إِصلاحِ مَن أَرَادَ النَّجَاةَ لِقَلبِهِ ، وَوُجُوبِ إِخبَاتِهِ إِلى رَبِّهِ ، وَحَاجَتِهِ في كُلِّ عَمَلٍ للِخُشُوعِ وَالخُضُوعِ لِمَولاهُ ، وَعَدَمِ اغتِرَارِهِ بِكَثِيرِ عَمَلِهِ أَو إِعجَابِ المَخلُوقِينَ بِهِ .

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ عِلاجَ القُلُوبِ الَّذِي جَاءَت بِهِ سُورَةُ الحَجِّ ، يَدُورُ عَلَى أَمرٍ مُهِمٍّ أَلا وَهُوَ التَّعظِيمُ ، نَعَم ، تَعظِيمُ اللهِ في القَلبِ بِتَجرِيدِ التَّوحِيدِ وَالتَّخَلُّصِ مِنَ الشِّركِ ، وَالابتِعَادِ عَنِ الرِّيَاءِ وَطَلَبِ السُّمعَةِ ، وَالتَّعظِيمِ لِيَومِ لِقَائِهِ وَسَاعَةِ المَصِيرِ إِلَيهِ ، وَالتَّعظِيمِ لأَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ وَشَعَائِرِهِ ، فَمَن لم يُعَظِّمِ اللهَ فَمَا عَرَفَه حَقَّ مَعرِفَتِهِ ، وَمَن لم يُعَظِّمْ أَمرَهُ وَنَهيَهُ فَمَا عَبَدَهُ حَقَّ عِبَادَتِهِ ، وَمَن لم يُعَظِّمْ لِقَاءَهُ هَانَ عَلَيهِ أَن يَعصِيَهُ . أَمَّا الأَمرُ الأَوَّلُ وَهُوَ تَعظِيمُ اللهِ رَبًّا وَمَعبُودًا ، وَالخُلُوصُ إِلَيهِ وَالثِّقَةُ الكَامِلَةُ بِهِ ، بَحَيثُ لا يَشُوبُ ذَلِكَ نَقصٌ وَلا كَدَرٌ بِأَيِّ وَجهٍ مِنَ الوُجُوهِ ، فَقَد جَاءَت آيَاتُ السُّورَةِ فِيهِ كَثِيرَةً وَمُتَعَدِّدَةً ، تَحُثُّ النَّاسَ عَلَى تَقوَى اللهِ وَخَشيَتِهِ ، وَتُذَكِّرُهُم بِعَظِيمِ قُدرَتِهِ وَشَدِيدِ قُوَّتِهِ ، وَتُبَيِّنُ لهم وَاسِعَ عِلمِهِ وَعُلُوَّ سُلطَانِهِ ، وَأَنَّهُ مَا سِوَاهُ إِلاَّ الضَّعفُ وَالمَهَانَةُ وَالبَاطِلُ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُم إِنَّ زَلزَلَةَ السَّاعَةِ شَيءٌ عَظِيمٌ} وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّهُ يُحيِي المَوتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ} وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : {أَلم تَرَ أَنَّ اللهَ يَسجُدُ لَهُ مَن في السَّمَاوَاتِ وَمَن في الأَرضِ وَالشَّمسُ وَالقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيهِ العَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللهُ فَمَا لَهُ مِن مُكرِمٍ إِنَّ اللهَ يَفعَلُ مَا يَشَاءُ} وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {حُنَفَاءَ للهِ غَيرَ مُشرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخطَفُهُ الطَّيرُ أَو تَهوِي بِهِ الرِّيحُ في مَكَانٍ سَحِيقٍ} وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ البَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ} وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : {أَلم تَعلَمْ أَنَّ اللهَ يَعلَمُ مَا في السَّمَاءِ وَالأَرضِ إِنَّ ذَلِكَ في كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ . وَيَعبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَا لم يُنَزِّلْ بِهِ سُلطَانًا وَمَا لَيسَ لَهُم بِهِ عِلمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَصِيرٍ} وَفي خِتَامِ السُّورَةِ يَبرُزُ ذَلِكَ المَثَلُ العَجِيبُ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاستَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدعُونَ مِن دُونِ اللهِ لَن يَخلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيئًا لا يَستَنقِذُوهُ مِنهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالمَطلُوبُ . مَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدرِهِ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} فَأَينَ مِن مِثلِ هَذِهِ الآيَاتِ مَن يُشرِكُونَ بِاللهِ بِتَعظِيمِ غَيرِهِ أَو دُعَائِهِ ، أَوِ التَّوَسُّلِ بِهِ أَو رَجَائِهِ ؟ أَينَ مَن يُعَلِّقُ قَلبَهُ بِغَيرِ رَبِّهِ ؟ وَاللهِ مَا فَقِهَ التَّعظِيمَ مَن دَعَا غَيرَ اللهِ أَو قَصَدَ بِعَمَلِهِ سِوَاهُ ، مَا عَظَّمَ اللهَ مَن دَعَا مَلَكًا أَو رَسُولاً أَو وَلِيًّا أَو صَالحًا ، مَا عَظَّمَ اللهَ مَن تَزَلَّفَ إِلى مَلِكٍ أَو رَئِيسٍ أَو أَميرٍ أَو وَزِيرٍ ، أَو جَعَلَ هَمَّهُ رِضَا عَشِيرَةٍ أَو ثَنَاءَ قَبِيلَةٍ ، أَو تَعَلَّقَ بِغَيرِهِم مِنَ الضِّعَافِ في جَنبِ القَوِيِّ القَاهِرِ ـ سُبحَانَهُ ـ . وَأَمَّا الأَمرُ الثَّاني الَّذِي جَاءَت سُورَةُ الحَجِّ بِتَعظِيمِ أَمرِهِ وَبَيَانِ خَطَرِهِ وَهُوَ اليَومُ الآخِرُ ، فَإِنَّ آيَاتِهَا في ذَلِكَ تَأخُذُ بِمَجَامِعِ القُلُوبِ وَتَهُزُّ الجَوَانِحَ هَزًّا شَدِيدًا ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ في مَطلَعِهَا : {إِنَّ زَلزَلَةَ السَّاعَةِ شَيءٌ عَظِيمٌ . يَومَ تَرَونَهَا تَذهَلُ كُلُّ مُرضِعَةٍ عَمَّا أَرضَعَت وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَملٍ حَملَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ} وَفي وَسَطِهَا يَقُولُ ـ سُبحَانَهُ ـ عَن حَالِ مَن كَفَرُوا في ذَلِكَ اليَومِ : {هَذَانِ خَصمَانِ اختَصَمُوا في رَبِّهِم فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَت لَهُم ثِيَابٌ مِن نَارٍ يُصَبُّ مِن فَوقِ رُءُوسِهِمُ الحَمِيمُ . يُصهَرُ بِهِ مَا في بُطُونِهِم وَالجُلُودُ . وَلَهُم مَقَامِعُ مِن حَدِيدٍ . كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخرُجُوا مِنهَا مِن غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الحَرِيقِ} وَأَمَّا المُؤمِنُونَ فَلَهُم في ذَلِكَ اليَومِ مِن رَبِّهِم وَعدٌ جَمِيلٌ ، حَيثُ يَقُولُ ـ سُبحَانَهُ ـ : {إِنَّ اللهَ يُدخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ يُحَلَّونَ فِيهَا مِن أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤلُؤًا وَلِبَاسُهُم فِيهَا حَرِيرٌ} وَأَمَّا ثَالِثُ مَا جَاءَتِ السُّورَةُ بِتَعظِيمِهِ وَتَفخِيمِهِ ، وَهِيَ شَعَائِرُ اللهِ وَأَركَانُ دِينِهِ العِظَامِ ، فَقَد أَصَّلَت لَهُ بِبَيَانِ مَوضِعِهِ وَمَنبَعِهِ ، وَهُوَ القَلبُ بِتَقوَاهُ وَإِخبَاتِهِ وَخُشُوعِهِ ، قَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : {لَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقوَى مِنكُم كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُم لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُم وَبَشِّرِ المُحسِنِينَ} وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلنَا مَنسَكًا لِيَذكُرُوا اسمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِن بَهِيمَةِ الأَنعَامِ فَإِلَهُكُم إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسلِمُوا وَبَشِّرِ المُخبِتِينَ . الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَت قُلُوبُهُم وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُم وَالمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقنَاهُم يُنفِقُونَ} وَلأَنَّ قِلَّةَ تَعظِيمِ العَبدِ لِشَعَائِرِ اللهِ مِن أَعظَمِ مَا يُضعِفُ مَسِيرَهُ إِلى رَبِّهِ ، وَقَد يَقطَعُه عَنهُ بِالكُلِّيَّةِ وَيَمنَعُهُ الخَيرَ ، وَيَحرِمُهُ جَزِيلَ الثَّوَابِ وَعَظِيمَ الأَجرِ ، فَقَد أَبَانَ ـ سُبحَانَهُ ـ في سُورَةِ الحَجِّ وكرَّر وأكَّدَ عَلَى وُجُوبِ تَعظِيمِ المَسجِدِ الحَرَامِ وَمَا حَولَهُ مِن شَعَائِرِ ، وَوُجُوبِ تَعظِيمِ الهَديِ الَّذِي لا يُرَاقُ دَمُهُ إِلاَّ للهِ ، لِيَعلَمَ النَّاسُ أَنَّ للهِ بَيتًا قَد أَضَافَهُ إِلَيهِ تشريفًا وتعظيمًا ، وَجَعَلَ لَهُ حَرَمًا وَحِمىً ، لِيَأمَنَ فِيهِ الإِنسَانُ بَل وَالحَيَوَانُ وَالشَّجَرُ . في الصَّحِيحَينِ قَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : ((‏إِنَّ اللهَ حَرَّمَ‏ ‏مَكَّةَ‏ ‏يَومَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرضَ فَهِيَ حَرَامٌ بِحَرَامِ اللهِ إِلى يَومِ القِيَامَةِ ، لم تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبلِي وَلا تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعدِي ، وَلم تَحلِلْ لي قَطُّ إِلاَّ سَاعَةً مِنَ الدَّهرِ ، لا يُنَفَّرُ صَيدُهَا ، وَلا يُعضَدُ ‏‏شَوكُهَا ، وَلا ‏يُختَلَى ‏خَلاهَا)) وَقَد أَدرَكَتِ ‏البَهَائِمُ العَجَمَاوَاتُ تَعظِيمَ هَذَا البَيتِ وَتِلكَ الشَّعَائِرِ ، ففي صَحِيحِ البُخَارِيِّ عَنِ‏ ‏المِسوَرِ بنِ مَخرَمَةَ ‏َقَالَ : " ‏خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ ‏زَمَنَ‏ ‏الحُدَيبِيَةِ ‏‏حَتَّى إِذَا كَانَ ‏بِالثَّنِيَّةِ‏ ‏الَّتي يُهبَطُ عَلَيهِم مِنهَا بَرَكَت بِهِ رَاحِلَتُهُ ، فَقَالَ النَّاسُ : حَلْ حَلْ ‏.. فَأَلَحَّتْ ،‏ ‏فَقَالُوا ‏: خَلأَتِ ‏ ‏القَصوَاءُ ،‏ ‏خَلأَتِ ‏ ‏القَصوَاءُ ، فَقَالَ النَّبيُّ ـ ‏‏صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ :‏ ((‏مَا ‏خَلأَتِ ‏‏القَصوَاءُ وَمَا ذَاكَ لها بِخُلُقٍ ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الفِيلِ)) ثُمَّ قَالَ : ((وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لا يَسأَلُوني خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللهِ إِلاَّ أَعطَيتُهُم إِيَّاهَا ، ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَت)) فَيَا للهِ ! نَاقَةٌ تُدرِكُ عَظَمَةَ البَيتِ وَحُرمَةَ الشَّعَائِرِ فَتَقِفُ وَلا تَتَحَرَّكُ ، وَيُدرِكُ ذَلِكَ قَبلَهَا فِيلٌ فَيَحرُنُ وَيَمتَنِعُ عَنِ التَّوَجُّهِ لِلبَيتِ وَلا يَسِيرُ إِلى هَدمِهِ ! بَينَمَا يَبقَى في النَّاسِ مَن لم يُدرِكْ عَظَمَةَ هَذِهِ الشَّعَائِرِ ، فَتَبرُزُ هُنَالِكَ وَعَلى تِلكَ الأَرَاضِي الطَّاهِرَةِ أُمُورٌ مُنكَرَةٌ وَمَظَاهِرُ مُستَنكَرَةٌ ، وَيَحدُثُ خَلَلٌ في الدَّقِيقِ مِن أَحكَامِ الحَجِّ وَالجَلِيلِ ، وَتُرتَكَبُ نَوَاقِضُ وَنَوَاقِصُ ، وَتَقَعُ مُخَالَفَاتٌ يَمتَلِئُ بها المَكَانُ وَالزَّمَانُ ، تَفرِيطٌ مِن بَعضِ الحُجَّاجِ في الصَّلَوَاتِ ، وَظُلمٌ لِلآخَرِينَ وَتَعَدٍّ عَلَيهِم ، وَسَرِقَةٌ لأَموَالِهِم وَنَهبٌ لِمَتَاعِهِم ، وَغِشٌّ لهم وَكَذِبٌ عَلَيهِم ، وَسَبٌّ وَلَعنٌ وَشَتمٌ ، وَغِيبَةٌ وَنَمِيمَةٌ وَسُخرِيَةٌ . وَكَم تَرَى مِن تَسَاهُلٍ في كَشفِ العَورَاتِ وَانتِقَاصٍ لِلحُرُمَاتِ ، وَتَدخِينٍ وَرَميٍ لِلأَذَى وَالمُستَقذَرَاتِ ، وَتَضيِيقٍ مِن بَعضِ الحُجَّاجِ عَلَى بَعضٍ وَسُوءِ خُلُقٍ ! كُلُّ ذَلِكَ وَغَيرُهُ يَقَعُ حَولَ بَيتِ اللهِ وَفي شَعَائِرِ الحَجِّ ! نَعَم يَحدُثُ ذَلِكَ في الحَجِّ وَفي غَيرِهِ ، وَأَكبَرُ سَبَبٍ هُوَ ضَعفُ التَّعظِيمِ لِلعَظِيمِ ـ سُبحَانَهُ ـ ، وَالغَفلَةُ عَن عَظِيمِ لِقَائِهِ ، وَضَعفُ تَعظِيمِ شَعَائِرِهِ العِظَامِ ، بَينَمَا لَو سَارَ المُؤمِنُ إِلى اللهِ بِقَلبِهِ وَجَوَارِحِهِ ، مُخبِتًا خَائِفًا وَجِلاً ، مُتَذَكِّرًا لِلمَوتِ وَسَاعَةِ الرَّحِيلِ وَيَومِ البَعثِ ، لَرَأَيتَهُ خَلقًا آخَرَ في عِبَادَتِهِ وَتَعَامُلِهِ وَأَخذِهِ وَعَطَائِهِ ، وَلَوَجَدتَ عَلَيهِ طُمَأنِينَةً وَسَكِينَةً وَهَيبَةً وَوَقَارًا ، وَلَعَاشَ آمِنًا في حَيَاةٍ إِيمَانِيَّةٍ مُبَارَكَةٍ ، تَتَنَزَّلُ فِيهَا المَوَدَّةُ وَتَغشَاهَا الرَّحمَةُ ، وَتَعُمُّهَا المَحَبَّةُ وَتَلُفُّهَا الأُلفَةُ ، في ذِكرٍ وَدُعَاءٍ وَرَجَاءٍ ، وَصَلاةٍ وَصَدَقَةٍ وَإِحسَانٍ وَعَطَاءٍ ، وَعَدلٍ وَتَنَازُلٍ وَبَذلٍ وَتَكَامُلٍ . أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ : {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ وَالمَسجِدِ الحَرَامِ الَّذِي جَعَلنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً العَاكِفُ فِيهِ وَالبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلحَادٍ بِظُلمٍ نُذِقْهُ مِن عَذَابٍ أَلِيمٍ . وَإِذْ بَوَّأنَا لإِبرَاهِيمَ مَكَانَ البَيتِ أَنْ لا تُشرِكْ بي شَيئًا وَطَهِّرْ بَيتيَ لِلطَّائِفِينَ وَالقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ . وَأَذِّنْ في النَّاسِ بِالحَجِّ يَأتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ . لِيَشهَدُوا مَنَافِعَ لَهُم وَيَذكُرُوا اسمَ اللهِ في أَيَّامٍ مَعلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِن بَهِيمَةِ الأَنعَامِ فَكُلُوا مِنهَا وَأَطعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ . ثُمَّ لْيَقضُوا تَفَثَهُم وَلْيُوفُوا نُذُورَهُم وَلْيَطَّوَّفُوا بِالبَيتِ العَتِيقِ . ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيرٌ لَهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّت لَكُمُ الأَنعَامُ إِلاَّ مَا يُتلَى عَلَيكُم فَاجتَنِبُوا الرِّجسَ مِنَ الأَوثَانِ وَاجتَنِبُوا قَولَ الزُّورِ حُنَفَاءَ للهِ غَيرَ مُشرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخطَفُهُ الطَّيرُ أَو تَهوِي بِهِ الرِّيحُ في مَكَانٍ سَحِيقٍ . ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقوَى القُلُوبِ . لَكُم فِيهَا مَنَافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلى البَيتِ العَتِيقِ . وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلنَا مَنسَكًا لِيَذكُرُوا اسمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِن بَهِيمَةِ الأَنعَامِ فَإِلَهُكُم إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسلِمُوا وَبَشِّرِ المُخبِتِينَ . الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَت قُلُوبُهُم وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُم وَالمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقنَاهُم يُنفِقُونَ . وَالبُدنَ جَعَلنَاهَا لَكُم مِن شَعَائِرِ اللهِ لَكُم فِيهَا خَيرٌ فَاذكُرُوا اسمَ اللهِ عَلَيهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَت جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنهَا وَأَطعِمُوا القَانِعَ وَالمُعتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرنَاهَا لَكُم لَعَلَّكُم تَشكُرُونَ . لَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقوَى مِنكُم كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُم لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُم وَبَشِّرِ المُحسِنِينَ}



الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ حَقَّ تُقَاتِهِ ، وَسَارِعُوا إِلى مَغفِرَتِهِ وَمَرضَاتِهِ ، وَاعلَمُوا أَنَّكُم بِهَذِهِ العَشرِ المُبَارَكَةِ قَد أُرِيدَ بِكُم خَيرٌ مِن رَبِّكُم ، فَلا تَحرِمُوا أَنفُسَكُم ، أَصلِحُوا القُلُوبَ وَجَنِّبُوهَا كُلَّ قَاطِعٍ وَمَانِعٍ ، وَعَالِجُوهَا مِن كُلِّ شُبهَةٍ أَو شَهوَةٍ ، وَطَهِّرُوهَا من كُلِّ شِركٍ أَو شَكٍّ ، وَنَقُّوهَا ممَّا بها مِن غِلٍّ أَو حِقدٍ أَو حَسَدٍ ، وَلا يَكُنْ فِيهَا كِبرٌ عَلَى الآخَرِينَ أَوِ احتِقَارٌ لِلمُؤمِنِينَ ، أَو إِصرَارٌ عَلَى هَجرٍ أَخٍ أو مُصَارَمَةِ قَرِيبٍ أَو قَطِيعَةِ رَحِمٍ . إِنَّهُ لا نَجَاةَ إِلاَّ لأَصحَابِ القُلُوبِ السَّلِيمَةِ ، وَلا صَلاحَ لِلظَّاهِرِ إِلاَّ بِإِصلاحِ البَاطِنِ ، وَلا وَاللهِ يَضُرُّ قَاسِي القَلبِ إِلاَّ نَفسَهُ {فَوَيلٌ لِلقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِن ذِكرِ اللهِ} أَلا فَلا يَغُرَّنَّ عَبدٌ ضَعِيفٌ نَفسَهُ وَيَدَّعِي الصَّلاحَ وَفي قَلبِهِ مَا فِيهِ مِن فَسَادٍ ، كَفَى مَا فَاتَ مِن تَقصِيرٍ وَابتِعَادٍ وَعِنَادٍ ، وَهَلُمَّ جَمِيعًا إِلى سَبِيلِ الهُدَى وَالرَّشَادِ ، وَ{اركَعُوا وَاسجُدُوا وَاعبُدُوا رَبَّكُم وَافعَلُوا الخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ} {وَتُوبُوا إِلى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا المُؤمِنُونَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ} وَأَبشِرُوا مَعَ الإِخلاصِ أَيُّهَا المُحسِنُونَ ، وَلا يَغُرَّنَّكُمُ المُفَرِّطُونَ ، فَإِنَّمَا لأَنفُسِكُم تُقَدِّمُونَ وَلِنَجَاتِكُم تَطلُبُونَ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : {مَن كَفَرَ فَعَلَيهِ كُفرُهُ وَمَن عَمِلَ صَالِحًا فَلأَنفُسِهِم يَمهَدُونَ . لِيَجزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِن فَضلِهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الكَافِرِينَ}

الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى