لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
حبيبه الرحمن
حبيبه الرحمن
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

ومضى ثلث رمضان  Empty ومضى ثلث رمضان {الثلاثاء 15 نوفمبر - 19:38}

الشيخ / عبد الله بن محمد البصري
ومضى ثلث رمضان



الخطبة الأولى

أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، مَا أَسرَعَ مُرُورَ اللَّّيَالي وَمُضِيَّ الأَيَّامِ ! وَمَا أَعجَلَ انقِضَاءَ الأَوقَاتِ وَذَهَابَ السَّاعَاتِ ! بِالأَمسِ القَرِيبِ دَخَلَ شَهرُ رَمَضَانَ المُبَارَكُ ، وَكَانَ المُسلِمُونَ في شَوقٍ عَظِيمٍ لِبُلُوغِهِ ، وَكَانَت نُفُوسُهُم في لَهفَةٍ شَدِيدَةٍ لإِدرَاكِهِ ، ثُمَّ هَا هُوَ اليَومَ قَد مَضَى ثُلثُهُ عَلَى عَجَلٍ ، وَأَدبَرَت مِنهُ ثِنتى عَشرَةَ لَيلَةً كَلَمحِ البَصَرِ . نَعَم ـ إِخوَةَ الإِيمَانِ ـ مُنذُ أَيَّامٍ كُنَّا نَدعُو وَنَقُولُ : اللَّهُمَّ بَلِّغْنَا رَمَضَانَ ، وَمُنذُ لَيَالٍ قَلِيلَةٍ هَنَّأَ بَعضُنَا بَعضًا بِبُلُوغِهِ ، وَفي تِلكَ اللَّحَظَاتِ الإِيمَانِيَّةِ العَظِيمَةِ ، المَملُوءَةِ بِالسَّعَادَةِ الغَامِرَةِ وَالفَرحَةِ العَامِرَةِ ، تَنَادَى المُوَفَّقُونَ بِنِدَاءِ السَّمَاءِ : يَا بَاغِيَ الخَيرِ أَقبِلْ ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقصِرْ ، وَمَضَوا إِلى مَسَاجِدِهِم مُصَلِّينَ خَاشِعِينَ ، وَسَارَعُوا إِلى مَصَاحِفِهِم تَالِينَ مُتَدَبِّرِينَ ، وَرَفَعُوا أَكُفَّهُم مُبتَهِلِينَ دَاعِينَ ، وَنَوَّعُوا أَعمَالَ البِرِّ وَسَلَكُوا طُرُقَ الخَيرِ ، وَبَذَلُوا الصَّدَقَاتِ وَشَارَكُوا في التَّفطِيرِ ، وَاغتَنَمَ بَيتَ اللهِ مِنهُم مَنِ اغتَنَمَهُ فَزَارَهُ وَاعتَمَرَ . وَاليَومَ نُفَاجَأُ بِثُلُثِ رَمَضَانَ الأَوَّلِ وَقَدِ انقَضَى وَمَضَى !! فَيَا سُبحَانَ اللهِ !! أَبِهَذِهِ السُّرعَةِ ذَهَبَ ثُلُثُ رَمَضَانَ ؟! أَهَكَذَا مَضَت ثِنتَا عَشرَةَ لَيلَةً مِن لَيَالي ضَيفٍ خَفِيفِ الظِّلِّ عَظِيمِ الأَجرِ ؟! إِنَّنَا وَقَد كَادَ شَهرُنَا يَنتَصِفُ ، لا بُدَّ أَن نَقِفَ مَعَ أَنفُسِنَا وَقَفَاتِ مُحَاسَبَةٍ دَقِيقَةً ، وَنَسأَلَهَا عِدَّةَ أَسئِلَةٍ جَادَّةٍ : مَاذَا أَودَعنَا في تِلكَ الأَيَّامِ المُبَارَكَةِ ؟ وَبِمَ أَحيَينَا تِلكَ اللَّيَاليَ النَّيِّرَةَ ؟ كَيفَ كُنَّا وَكِتَابَ اللهِ الكَرِيمِ ؟ هَل صُنَّا الجَوَارِحَ وَالأَسمَاعَ وَالأَبصَارَ عَمَّا حَرَّمَ اللهُ ؟ هَل دَاوَمْنَا عَلَى صَلاةِ التَّرَاوِيحِ وَحَرِصْنَا عَلَى القِيَامِ مَعَ الإِمَامِ حَتى يَنصَرِفَ ؟ هَل فَطَّرْنَا الصَّائِمِينَ وَأَعَنَّا الفُقَرَاءَ وَالمُحتَاجِينَ ؟ هَل حَرِصْنَا عَلَى بَذلِ الصَّدَقَاتِ وَدَاوَمنَا عَلَى دَفعِ الأُعطِيَاتِ وَتَابَعنَا البِرَّ وَالصِّلاتِ ؟ هَلِ اجتَهَدْنَا في طَلَبِ العِتقِ مِنَ النِّيرَانِ وَأَخَذنَا بِأَسبَابِ دُخُولِ الجِنَانِ ؟! أَحَقًّا مَا زَالَ بَعضُنَا لم يَقُمْ مَعَ المُسلِمِينَ في صَلاةِ التَّرَاوِيحِ وَلا لَيلَةً وَاحِدَةً؟! أَحَقًّا مَا زَالَ بَعضُنَا لم يَختِمْ كِتَابَ رَبِّهِ وَلا مَرَّةً وَاحِدَةً؟! أَثَمَّةَ مَن لم يَتَصَدَّقْ وَلم يُفَطِّرِ الصَّائِمِينَ؟! مَا هَذَا الحِرمَانُ وَما تِلكَ الغَفلَةُ ؟ لَقَد دَخَلْنَا في الثُّلُثِ الثَّاني مِن رَمَضَانَ، وَبَعدَ أَيَّامٍ قَلائِلَ وَلَيَالٍ مَعدُودَاتٍ، سَنَستَقبِلُ العَشرَ الأَوَاخِرَ الَّتي هِيَ أَفضَلُ لَيَالي العَامِ، وَالَّتي فِيهَا لَيلَةٌ هِيَ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ ، لَيلَةٌ مَن حُرِمَ خَيرَهَا فَقَد حُرِمَ . فَيَا لَسَعَادَةِ مَن عَرَفَ فَضلَ زَمَانِهِ ، وَهَنِيئًا لمن مَحَا بِتَوبَتِهِ صَحَائِفَ عِصيَانِهِ ، وَيَا فَوزَ مَن أَقبَلَ طَائِعًا يَرجُو عِتقَ رَقَبَتِهِ وَفَكَّ رِهَانِهِ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، هَذِهِ أَيَّامُ العِتقِ تَنقَضِي يَومًا بَعدَ يَومٍ ، وَتِلكَ لَيَالِيهِ تَذهَبُ لَيلَةً بَعدَ لَيلَةٍ ، الأَيَّامُ تَمضِي مُتَسَارِعَةً ، وَاللَّيَالي تَذهَبُ مُتَتَابِعَةً ، وَالأَعمَارُ تَنقَضِي بِانقِضَاءِ الأَنفَاسِ ، وَكُلُّ مَخلُوقٍ سَيفَنى طَالَ الزَّمَانُ أَم قَصُرَ ، وَهَذَا شَهرُ الرَّحمَةِ وَالغُفرَانِ يُوشِكُ أَن يَقُولَ وَدَاعًا ، وَلَعَلَّ أَحَدَنَا لا يَلقَاهُ بَعدَ عَامِهِ هَذَا ، أَلا فَلْنَصُمْ صِيَامَ مُوَدِّعٍ وَلْنُصَلِّ صَلاةَ مُوَدِّعٍ ، وَلْنَقُمْ قِيَامَ مُوَدِّعٍ وَلْنَتُبْ تَوبَةَ مُوَدِّعٍ ، لِنَرْكَعْ خَاشِعِينَ خَاضِعِينَ ، وَلْنَسجُدْ بَاكِينَ مُخبِتِينَ ، وَلْنَقِفْ أَمَامَ اللهِ دَاعِينَ مُنِيبِينَ مُتَذَلِّلِينَ ، وَلْنَعلَمْ أَنَّ للهِ عُتَقَاءَ مِنَ النَّارِ وَذَلِكَ كُلَّ لَيلَةٍ ، وَوَاللهِ لا يَدرِي أَحَدُنَا مَتى يَكُونُ عَتِيقًا للهِ ؟ أَفي أَوَّلِ الشَّهرِ أَم في وَسَطِهِ أَم في آخِرِهِ ؟! فَالصَّبرَ الصَّبرَ ، وَالمُرَابَطَةَ المُرَابَطَةَ ، وَلْنُجَاهِدِ النُّفُوسَ عَلَى الطَّاعَةِ لِنَنَالَ هِدَايَةَ المَولى ـ سُبحَانَهُ ـ لَنَا ؛ فَقَد قَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنَا}

مَعَاشِرَ المُسلِمِين ، لِيَسأَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا نَفسَهُ : مَاذَا حَصَلَ مِنهُ في اثنَتي عَشرَةَ لَيلَةً مَضَت ؟! هَل كَانَ مِن عُمَّارِهَا المُسَابِقِينَ أَم كَانَ فِيهَا مِنَ السَّاهِينَ الغَافِلِينَ ؟‍‌! هَل كَانَ مِنَ المُسَارِعِينَ أَم مِنَ الضَّائِعِينَ ؟! لَقَد أَفلَحَ أُنَاسٌ عَرَفُوا قَدرَ رَمَضَانَ ، فَكَانُوا مِن صُوَّامِهِ وَقُوَّامِهِ ، يَقرَؤُونَ القُرآنَ في كُلِّ الأَوقَاتِ ، وَيَستَغرِقُونَ سَاعَاتِهِم في تِلاوَتِهِ وَيُعَدِّدُونَ الخَتَمَاتِ ، يَقُومُونَ مَعَ القَائِمِينَ ، وَيَذكُرُونَ اللهَ مَعَ الذَّاكِرِينَ، نَهَارُهُم صِيَامٌ وَلَيلُهُم قِيَامٌ، وَسَاعَاتُهُم تَبَتُّلٌ وَدُعَاءٌ ، وَأَوقَاتُهُم إِنفَاقٌ وَبَذلٌ وَعَطَاءٌ ، قَد كَفُّوا عَن تَنَاوُلِ الشَّهَوَاتِ ، وَحَفِظُوا الجَوَارِحَ عَن تَعَاطِي المُحَرَّمَاتِ . أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ عِبَادَ اللهِ ـ وَقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مَا تَجِدُونَهُ غَدًا عِندَ رَبِّكُم ، وَدَاوِمُوا عَلَى فِعلِ الخَيرِ وَلَو كَانَ قَلِيلاً ، فَقَد كَانَ أَحَبُّ العَمَلِ إِلى نَبِيِّكُم ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ مَا دَاوَمَ عَلَيهِ صَاحِبُهُ وَإِنْ قَلَّ ، قَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ: «اِكلَفُوا مِنَ العَمَلِ مَا تُطِيقُونَ ؛ فَإِنَّ اللهَ لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا ، وَإِنَّ أَحَبَّ العَمَلِ إلى اللهِ ـ تَعَالى ـ أَدوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ» رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ ، وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . فَلْيَكُنْ لَنَا بِنَبِيِّنَا أُسوَةٌ وَقُدوَةٌ {لَقَد كَانَ لَكُم في رَسُولِ اللهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرجُو اللهَ وَاليَومَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا} أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ : {إِنَّ الَّذِينَ يَتلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقنَاهُم سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرجُونَ تِجَارَةً لَن تَبُورَ . لِيُوَفِّيَهُم أُجُورَهُم وَيَزِيدَهُم مِن فَضلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ . وَالَّذِي أَوحَينَا إِلَيكَ مِنَ الكِتَابِ هُوَ الحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَينَ يَدَيهِ إِنَّ اللهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ . ثُمَّ أَورَثنَا الكِتَابَ الَّذِينَ اصطَفَينَا مِن عِبَادِنَا فَمِنهُم ظَالِمٌ لِنَفسِهِ وَمِنهُم مُقتَصِدٌ وَمِنهُم سَابِقٌ بِالخَيرَاتِ بِإِذنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الفَضلُ الكَبِيرُ . جَنَّاتُ عَدنٍ يَدخُلُونَهَا يُحَلَّونَ فِيهَا مِن أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤلُؤًا وَلِبَاسُهُم فِيهَا حَرِيرٌ . وَقَالُوا الحَمدُ للهِ الَذِي أَذهَبَ عَنَّا الحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ . الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ المُقَامَةِ مِن فَضلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ . وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُم نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقضَى عَلَيهِم فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنهُم مِن عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجزِي كُلَّ كَفُورٍ . وَهُم يَصطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخرِجْنَا نَعمَلْ صَالِحًا غَيرَ الَّذِي كُنَّا نَعمَلُ ، أَوَلَم نُعَمِّرْكُم مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ، فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَصِيرٍ}





الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ {وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا}

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، رَحَلَ الثُّلُثُ الأَوَّلُ مِن رَمَضَانَ وَمَضَى ، وَهَا هُوَ النِّصفُ يُوشِكُ عَلَى الرَّحِيلِ ، فَيَا أَيُّهَا المُجتَهِدُ المُحسِنُ فِيمَا مَضَى، دُمْ عَلَى طَاعَتِك وَإِحسَانِك فِيمَا بَقِيَ ، وَيَا أَيُّهَا المُسِيءُ المُفَرِّطُ الغَافِلُ، وَبِّخْ نَفسَكَ عَلَى التَّفرِيطِ وَلُمْهَا عَلَى التَّقصِيرِ ، وَقُلْ لي بِرَبِّكَ إِذَا خَسِرتَ في هَذَا الشَّهرِ فَمَتَى سَتَربَحُ ؟ إِلى مَتى الكَسَلُ وَالتَّوَاني ؟! وَحَتى مَتى التَّفرِيطُ وَالتَّهَاوُنُ ؟ كَفَى لَهوًا وَسَهوًا وَنَومًا وَغَفلَةً !

لَقَد أَوشَكَ النِّصفُ مِن شَهرِنَا عَلَى الرَّحِيلِ وَبَينَ صُفُوفِنَا مَن فَاتَتهُ صَلَوَاتٌ وَجَمَاعَاتٌ ، لَقَد أَوشَكَ النِّصفُ عَلَى الرَّحِيلِ وَفِينَا مَن آثَرَ النَّومَ عَلَى كَسبِ الطَّاعَاتِ وَفَضَّلَ الرَّاحَةَ عَلَى تَنوِيعِ العِبَادَاتِ ، فَأَحسَنَ اللهُ عَزَاءَ مَن قَصَّرَ في ثُلُثِ شَهرِهِ الأَوَّلِ وَجَبَرَ مُصِيبَتَهُ ، وَأَحسَنَ لَهُ استِقبَالَ بَقِيَّةِ المَوسِمِ العَظِيمِ ، وَجَعَلَنَا جَمِيعًا فِيمَا نَستَقبِلُ مِن شَهرِنَا خَيرًا مِمَّا وَدَّعنَا .

إِنَّ عَلَينَا ـ مَعشَرَ المُؤمِنِينَ ـ أَن نُصلِحَ نِيَّاتِنَا ، وَأَن نُرِيَ اللهَ مِن أَنفُسِنَا خَيرًا ، وَاللهَ اللهَ أَن يَتَكَرَّرَ مِنَّا شَرِيطُ التَّهَاوُنِ أَو تَستَمِرَّ فِينَا دَوَاعِي الكَسَلِ ، فَلُقيَا الشَّهرِ مَرَّةً أُخرَى غَيرُ مُؤَكَّدَةٍ ، وَرَحِيلُ الإِنسَانِ مُنتَظَرٌ في كُلِّ لَحظَةٍ .

إِنَّكُم في شَهرٍ كَرِيمٍ وَمَوسِمٍ عَظِيمٍ ، فَقَدِّرُوهُ وَاغتَنِمُوهُ ، وَلا تَكُونُوا مِنَ الَّذِينَ يُفَرِّطُونَ وَيَتَهَاوَنُونَ {حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ المَوتُ قَالَ رَبِّ ارجِعُونِ . لَعَلِّي أَعمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرزَخٌ إِلى يَومِ يُبعَثُونَ . فَإِذَا نُفِخَ في الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَينَهُم يَومَئِذٍ وَلا يَتَسَاءلُونَ . فَمَن ثَقُلَت مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ . وَمَن خَفَّت مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم في جَهَنَّمَ خَالِدُونَ . تَلفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُم فِيهَا كَالِحُونَ . أَلَم تَكُنْ آيَاتي تُتلَى عَلَيكُم فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ . قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَت عَلَينَا شِقوَتُنَا وَكُنَّا قَومًا ضَالِّينَ . رَبَّنَا أَخرِجْنَا مِنهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ . قَالَ اخسَؤُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ . إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغفِرْ لَنَا وَارحَمْنَا وَأَنتَ خَيرُ الرَّاحِمِينَ . فَاتَّخَذْتُمُوهُم سِخرِيًّا حَتَّى أَنسَوكُم ذِكرِي وَكُنتُم مِنهُم تَضحَكُونَ . إِنِّي جَزَيتُهُمُ اليَومَ بما صَبَرُوا أَنَّهُم هُمُ الفَائِزُونَ}

الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى