رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الشيخ / عبد العزيز بن علي العسكر
مطرقة ابتزاز الفتيات وسندان تغريب النساء
الحمد لله الذي أوضح منهاج الحق، ووهب عليه في كل شيء دليلاً، ووعد وعدَ الصدق لمن اتخذه وكيلاً، ورضي به كفيلاً وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فاتقوا الله حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى.
أيها المؤمنون… في الوقت الذي ينادي عقلاء الغرب بفصل الرجال عن النساء في الكليات والمدارس والمعامل، نرى بعض بني جلدتنا ممن انبهر بالغرب ترتفع أصواتهم يوماً بعد آخر ينادون بالبدء من حيث بدأ الغربيين، في الوقت نفسه لا يكاد لا يمرّ يوم أو أسبوع إلا وتصعقنا الصحف اليومية والمجلات المحلية بقصص عن ابتزاز النساء والفتيات، تتفاوت حدتها وقسوتها وإسفافها من حالة إلى أخرى ومن شخص إلى آخر، وإن كانت تجتمع بالكلية تحت باب الابتزاز.
ويتفنّن المبتزّون في طرائق ابتزازهم وأساليب احتيالهم وأدوات مكرهم، ولا يتورعون عن استخدام كلّ أداة أو وسيلة وكل تقنية حديثة، خصوصا الهاتف النقال والإنترنت لمحاصرة ضحاياهم وترويعهم، وصولا إلى أغراضهم الدنيئة ورغباتهم الشيطانية، سواء كانت مالا أو شهوة جنسية محرّمة.
هذه السلوكيات والتصرّفات الشاذة الإجرامية تستهدف هدم الفضائل ونشر الرذائل والعبث الفاجر بأعراض النساء والاستغلال الوضيع لظروف وسذاجة وأخطاء بعض الفتيات، دون اعتبار للقيم والمثل العليا التي تحكم أخلاقيات المسلمين ، وقيمهم.
هذه الحوادث التي سمعنا عن بعضها وقرأنا عن بعضها الآخر قد تكون جزءًا من حوادث وقصص أخرى مؤلمة لم نعلمها ولم نسمع عنها، وقصص وحوادث لا تزال أحداثها مستمرة بين مجرمِها وفريستها؛ لتنتهي وقائعها بموت حقيقي أو موت نفسي أو فضيحة خاصة أو عامة عبر الوسائل والتقنيات الحديثة، أو تنتهي في الهيئات أو مراكز الشرطة.
وقد تناولتُ الحديث عن هذا في الجمعة الماضية. واليوم نحن بصدد الحديث عن الاختلاط بين الرجال والنساء في الوظائف وغيرها،
أيها المؤمنون.. لقد اتضح أن قضايا الابتزاز تقع كثيرا في أماكن العمل المختلط، مع ما يحدث عبر الانترنت والجوالات وغيرها ، فارتباط مصالح النساء العاملات برجال ليسوا أحيانا من أهل الأمانة والمروءة؛ مما يؤدي إلى وقوع بعض التحرشات الجنسية أو الابتزاز بدافع العوز الماديّ .فيتم الإيقاع بالضحايا من خلال الاختلاط في العمل وتفصيل العمل على أساس الإيقاع بهنّ من خلال الخلوة بين الجنسين، وصدق رسول الله : [ما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما]. والناظر في أي جريمة زنا يرى في الاختلاط رأس المشاكل وأصل البلاء.
أيها المسلمون ... نقرأ مقالات بعض كتاب الصحف وفيها امتعاضا واستنكارا على من يتكلم عن خطورة الاختلاط، ويقولون إنكم تضخمون القضية وتعطونها أكبر من حجمها، وللرد عليهم وعلى من تأثر بقولهم نقول إن خطورة الاختلاط أكبر مما تتصورون ، وأعظم مما بينا ونبين ... وذلك حذر الشرع المطهر من الاختلاط والخلوة ، قال صلى الله عليه وسلم [ما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما].
والواقع يشهد بذلك، والدراسات الحديثة تؤكد ذلك، ونقول لمن تأثر بمقالات كتاب الصحف : هل اطلعتم على الدراسة العلمية التي أعدتها الباحثة وائلة عبدالكريم ونشر في صحيفتي المدينة الصادرة يوم 9مارس 2009م والاقتصادية الصادرة يوم 5/5/1430هـ، جاء في دراسة: أن 21 في المائة من الموظفات يتعرضن للتحرش من جانب رؤسائهن و35 في المائة من الزملاء، وقد تطور الأمر عند البعض لطلب لقائهن خارج أوقات العمل بنسبة 28 في المائة، بينما عانى 24 في المائة منهن من الاتصال بهن في أوقات متأخرة، أما 15 في المائة فكشفن عن التحرش بهن باللفظ واللمس. وتباينت ردود الأفعال في الاستبيان تجاه التحرش الذي تعرضن له بشكل مختلف وبناء على ظروف كل مشكلة . لكن النسبة الأكبر والتي تعد النتيجة الطبيعية في الغالب كانت 74 في المائة لمن تصدين للمتحرشين بشكل حازم وأوقفنهم عند حدهم. وطالبت 83 في المائة من الموظفات من خلال الاستبيان بوضع قوانين صارمة تشمل الفصل والسجن والغرامات المالية لردع المتحرشين . أ – هـ
عباد الله.. ولكي تعرفوا مدى خطورة الاختلاط في الوظائف والمعامل فتأملوا هذا التحقيق الذي نشرته صحيفة المدينة جاء فيه : وتقول “ف ن” موظفة في أحد المصانع : التحقت بالعمل فى مصنع بجدة وكنت فرحة بالوظيفة رغم الاختلاط واعتراض أهلي وبعد فترة فوجئت بمدير المصنع يطلب مني الحضور إلى مكتبه وأن أجلس على الكرسي الذي أمامه لتناول القهوة ورفضت ذلك رفضا قاطعا وأخبرته أنني جئت للعمل ولكنه قال لي إن حضرت إلى مكتبي يوميا سيعينني رئيسة لأحد الأقسام فرفضت ذلك لأن هدفي توفير لقمة العيش الشريف وبعد ذلك قام بفصلي وطي قيدي .
أما “ب” موظفة في شركة دعاية وإعلان : تقول اعترضني في العمل زميل كان دوما يحاول إغرائي بأن أخرج معه وأمام رفضي اخبرني أنه قام بتصويري بشكل مفاجئ وأنا على مكتبي وحين ذهبت لأشكو للمدير هاجمني بقوله “أنت تختلقين المشاكل” اتهامك باطل وقال إن هذا الموظف شخص محترم ولا يمكن أن يبدر منه هذا التصرف فاضطررت حينها للاستقالة.
وهذه فتاة من جنسية عربية قالت إنها قدمت استقالتها من عمل مختلط كانت تعمل به نتيجة تعرضها لمضايقات من زملائها وأنها لم تستطع نهائياً تحمل ما يجري في العمل من تحرشات كلامية تصل بعض الأحيان للمس ، وكلما أرادت دخلت لعمل مختلط آخر وجدت نظرات الإعجاب والأرقام والمكالمات التي تنهال عليَّ يومياً ولم تجد مخرجاً غير أن تخرج نهائياً بعيدا عن الاختلاط.
وذكرت فتاة أخرى تعمل مع الرجال أنها تعرضت لمضايقات لأن بعض الرجال الذين لا يخافون الله في دينهم يعتقدون أن أي امرأة تعمل في مكان مختلط فاسقة ومن السهل اصطيادها .
أما مدير عام مصنع الفلك للحلوى والبسكويت عبد الله باطويل فطالب بالفصل التام بين المرأة والرجل في مقر العمل إلا للضرورة القصوى. أ – هـ التحقيق الصحفي.
عباد الله ... هذا غيض من فيض وما خفي كان أعظم وأدهى، فهذا ما صرحت به بعض العفيفات التقيات اللاتي أجري معهن هذا اللقاء أم غيرهن فإما أنهن ستسلمن لنزوات النفس وخطوات الشيطان ، فلم يفصحن عن شيء، أو أخريات آثرن الحفاظ على لقمة العيش كما قال المحامي إسحاق الجيزاني إذ قال: أصبح التحرش بالمرأة أثناء العمل ظاهرة عالمية لم تستثن منها دولة متقدمة أو نامية وبنسب عالية جدا، ولا يمكن للمرأة المتحرش بها مواجهته بسهولة إلا بترك العمل أو بالاستسلام للحفاظ على لقمة العيش أو بالصبر وتحمل المزيد من الضغوط النفسية التي قد تؤدي إلى اختلال نفسي.
أيها المؤمنون... الأولاد والبنات يجرون إلى آباءهم وأمهاتهم ما يسوؤهم وما ينغّص عليهم حياتهم إذا لم يحرصوا على تربيتهم تربيه صحيحة سليمة؛ لهذا قال بعض السلف: أول من يشقى بفساد الأولاد آباؤهم وأمهاتهم. فاتقوا الله في أولادكم بنين وبنات، أبعدوهم عن خطوات الشيطان ، قال الحكيم الخبير {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ } بارك الله لي ولكم بالقران العظيم ، ونفعني الله وإياكم لما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي وعد المحسنين بعظيم الثواب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان .
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، فإن تقوى الله هي المخرج عند الشدائد وهي المعين عند النكبات.
أيها المؤمنون... لا بد أن يتعاون الجميع في القضاء على هذه الظاهرة السيئة، ولا يزال مجتمعنا ولله الحمد بخير ، والنصرة والعزة لهذا الدين وإنما أوردنا هذه الدراسة وكلام هؤلاء الفتيات عن تحرشات زملائهن في المعمل والوظائف بهن ، حتى نحذر على فتياتنا فالسعيد من وعظ بغيره، وما أوردت الخطبة الأولى وإن كانت مؤلمة إلا تحذيراً لإخواني عملا بقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ } واقتداء بحذيفة بن اليمان رضي الله عنه يقول: (كان الناس يسألون النبي r، عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه). ولأن بعض الأسر لا تقوم بتوعية بناتها توعيه كافية بشأن الشر الموجود في هذا العصر والفتن من قنوات وانترنت وجوالات ودعوات للزج بالمرأة في المعامل مع الرجال.
عباد الله .. إنه وإن تعالت أصواتُ من ينادون باختلاط النساء بالرجال في المعمل والوظائف وعيرها، إلا إن أمّتكم اليومَ تمرُّ بعصرٍ ليس هو أحلكَ عصورها، وسنينَ ليست هي أتعسَ سنينها، لقد رَأت هذه الأمّة في تاريخها الطويل من مواقفِ النّصر والهزيمة والنَّحس والسّعْد ما تراه كلُّ أمّة، ولكنَّ الخاتمةَ الثابتة في كلٍّ حسنُ العاقبة وخير المآل. وأعيدوا النظرَ في التاريخ تجِدوه ناطقًا بهذا بأبلغِ لسانٍ وأوضح بيان.
ألم يرمِنا الشّرقُ بدواهيه، فساق إلينا جيوشَ التّتَر كالسّيل الأطمّ، يحطُّ على بلدان الإسلام العامِرة، كما يحطّ الجرادُ على الحقول الزّاهرة، حتّى أبادت هذه الجيوشُ الممالك، وبلغَ هولاكو عرشَ الخليفة ببغداد، فذبح الخليفَة، وهدَّ العرش، وقوَّض الدّولة، فإذا بغدادُ العظيمة حاضرةُ الدنيا وعاصمة الإسلام دمارٌ بعد عمار، وخرابٌ وأطلال، ثمّ ساحوا في الأرض لا يردُّهم شيء، حتّى حسِب الضّعفاء أنّها نهايةُ الإسلام، فنُعِي الإسلام على المنابر، ورُثي المسلمون في الدّفاتر، حتّى قال مؤرّخ الإسلام ابنُ الأثير رحمه الله: "لقد بقيتُ عدّةَ سنين معرِضاً عن ذكرِ هذه الحادثةِ استعظامًا لها، كارِهًا لذكرها، فمَن الذي يسهُل عليه أن يكتُب نعيَ الإسلام والمسلمين؟! ومن الذي يهون عليه ذكرُ ذلك؟! فيا ليتَ أمي لم تلِدني, يا ليتني متُّ قبل هذا وكنت نسياً منسيا" انتهى كلامه رحمه الله.
ولكنَّ الذي لم يدرِكه ابنُ الأثير رحمه الله ، ولم يمهله الأجل إلى أن يرى الإسلامَ وقد طوى التّتر تحتَ جناحِه، وظلّلهم برايتِه، وانطوَوا تحتَ لوائِه، فدخلوا في دين الله أفواجاً؛ وانطلقوا فاتحين لبلادِ الهند فاتحين، فألحقوها بدِيار الإسلام وأهلَها بالمسلمين، وصارَ منهم الملوكُ العادلون والقادَة الفاتحون، وغدَوا عُمقَ أمّتِنا في المشرق، ونُسِيت المصيبة حتّى لا يدري أكثرُ النّاس اليومَ ما خبرُ التّتَر.
ألم يقذِف إلينا البحرُ المتوسِّط سفَن النصارى تحمِل السيفَ والصّليب، فبسطوا نفوذَهم على الشام، وأقاموا على كلِّ جبلٍ قلعة، وفي كلِّ وادٍ حامِية، فما هي إلا سنواتٌ حتى ساقتهم الجيوش المسلِمة إلى أسوارِ فْيِنَّا عاصمةِ النّمسا.
فكم لهذِه الأمّة من وثباتٍ بعد كبَوَات وإغارات بعد غَفَوات، كيف لا؟! وهي الأمّة المرحومةُ المنصورة التي لا يُدرَى خيرها في أوّلها أو في آخرها، كما نطق بذلك المعصوم صلى الله عليه وسلم، فهي أمّة إن مرضت فإنها لا تموت، وإن جُرَحت فإنها لا تُذبَح.
أيّها المسلمون، إنَّ أعظمَ ما يُمكِن أن يواجِهه المسلم في وقتِ الأزمات والفِتن خلخلةُ قناعتِه بهذا الدّين وضعفُ ثقته بربِّ العالمين، فهذه ـ وربِّي ـ الطعنةُ النّجلاء، والتي يهون دونَها سلبُ الدّيار وفوات الأعمار.
إنَّ مِن سنن الله تعالى في خلقه بقاءَ الصّراع بين الحقِّ والباطل؛ ليميزَ الله الخبيثَ من الطيّب، وليصطفيَ بالتّمحيص أهلَ الإيمان، وليرفعَ بالابتلاءات درجاتِهم بما يصيبهم من عقبات وهموم غموم، وصبر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. {وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَـٰكِن لّيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} فالأسبابُ والنتائج من صنعِه سبحانه وتقديره، والوسائلُ والغايات من خلقِه وتدبيرِه.
إذا علمنا ذلك – يا عبدا الله- كان لِزاماً علينا الفرارُ إلى الله والاعتصام بحبلِه وطلب النجاةِ وها ما يقض مضاجع الأعداء المتربصين ببلادن في الخارج وأتباعهم في الداخل ، فإن النصر من عند الله وحده، فهو سبحانه الذي يعطي ويمنَع ويخفض ويَرفع، وأبشروا بالنصر والعز والتمكين وحفظ الأعراض فعن تميم الداريّ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [ليبلغنَّ هذا الأمرُ ما بلغَ الليل والنهار، ولا يترك الله بيتَ مدَرٍ ولا وبَر إلا أدخله الله هذا الدينَ، بعزِّ عزيزٍ أو بذلِّ ذليل، عزًّا يعزُّ الله به الإسلام، وذلاًّ يذلّ الله به الكفر] رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح
إنَّ الإسلامَ ـ أيها المسلمون ـ دينٌ حيٌّ يبعث الحياةَ فيمن يحسِن الأخذَ به، فإذا أتى جيلٌ معرِض أو مغرر به أو تابع للأعداء احتفظ الدّين بحيويّته حتّى يسلمَها إلى جيلٍ يأخذَ الكتاب بقوَّة، قال تعالى {وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أَمْثَـٰلَكُم}
عباد الله ... يجب على الآباء تقوية الوازع الديني في نفوس الأبناء والبنات، وتحذيرهم من الغفلة والاستهانة بالمعاصي، وإبعادهم عن موارد الفتن والاختلاط في الأعمال وغيرها. فإن كل أبٍ راعٍ ومسؤول عن رعيه، فإذا أصلح كل منا نفسه وأسرته؛ صلح المجتمع فالمجتمع كله مكون من مجموع أسرنا. كما ينبغي علينا الحذر والحرص من عدم استخدام أجهزة الجوالات في تصوير أفراد العائلة من الإناث خصوصا؛ لأنه قد يُفقد الجهاز أو يُسرق فيقع في أيدي من لا يخافون الله. وننبه هنا إلى عدم إرفاق ذاكرة الهاتف مع الجهاز أثناء صيانته؛ لأن بعض العاملين في هذه المحلات يستغلون وجود صور الفتيات أو يستخدمون برنامج استرجاع المحذوف من الذاكرة، فيحصلون على بعض الصور والمقاطع، ويستغلونها في ابتزاز الفتيات، وقد ثبت ذلك في بعض الوقائع.وأحذر الشباب بتحذير الله غذ قال سبحانه تعالى {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا }
اللهم احفظ واستر بناتنا ونسائنا ونساء المسلمين واجعلهن صالحات في أنفسهن مصلحات لبيوتهن ، اللهم واهدِ ووفق شبابنا وشباب المسلمين لكل خير واجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين.
هذا وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على خير البريّة وأزكى البشريّة ، صاحبِ الحوض والشفاعة.
فاللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك وأنعم على عبدك ورسولك محمّد، وأرضى اللهم عن الخلفاء الراشدين وعن الصحابة أجمعين، وعن والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم وعليك بأعداء الدين، اللهم من أرادنا أو أراد أمننا أو بلادنا أو علمائنا بسوء اللهم فأشغله بنفسه وأجعل الدائرة عليه، واجعل كيده في نحره. اللهم نسألك الأمن في الأوطان. اللهم نسألك الأمن والإيمان. اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعلهم ممن خافك واتقاك واتبع رضاك، اللهم أرهم الحق حقاً، وارزقهم اتباعه، وأرهم الباطل باطلاً وأرزقهم اجتنابه. وارزقهم البطانة الصالحة وأبعد عنهم بطانة السوء يا رب العالمين. {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيم} اللهم أرفع عنا الغلاء والربا والزنا هذا خاصة وعن سائر بلادوالزلازل والفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا المسلمين يا أرحم الراحمين.
اللهم أرخص حوائج المسلمين. اللهم فرج كربات المكروبين من المسلمين، ونفس اللهم هم المهمومين، واقضي اللهم الدين عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين. اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين اللهم أكرم نزلهم وأوسع مدخلهم، واحشرهم في زمرة الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عبادَ الله ... {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }فاذكروا الله الجليل العظيم يذكركم, واشكروه على نعمه يزدكم, ولذكر الله أكبر, والله يعلمُ ما تصنعون.
مطرقة ابتزاز الفتيات وسندان تغريب النساء
الحمد لله الذي أوضح منهاج الحق، ووهب عليه في كل شيء دليلاً، ووعد وعدَ الصدق لمن اتخذه وكيلاً، ورضي به كفيلاً وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فاتقوا الله حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى.
أيها المؤمنون… في الوقت الذي ينادي عقلاء الغرب بفصل الرجال عن النساء في الكليات والمدارس والمعامل، نرى بعض بني جلدتنا ممن انبهر بالغرب ترتفع أصواتهم يوماً بعد آخر ينادون بالبدء من حيث بدأ الغربيين، في الوقت نفسه لا يكاد لا يمرّ يوم أو أسبوع إلا وتصعقنا الصحف اليومية والمجلات المحلية بقصص عن ابتزاز النساء والفتيات، تتفاوت حدتها وقسوتها وإسفافها من حالة إلى أخرى ومن شخص إلى آخر، وإن كانت تجتمع بالكلية تحت باب الابتزاز.
ويتفنّن المبتزّون في طرائق ابتزازهم وأساليب احتيالهم وأدوات مكرهم، ولا يتورعون عن استخدام كلّ أداة أو وسيلة وكل تقنية حديثة، خصوصا الهاتف النقال والإنترنت لمحاصرة ضحاياهم وترويعهم، وصولا إلى أغراضهم الدنيئة ورغباتهم الشيطانية، سواء كانت مالا أو شهوة جنسية محرّمة.
هذه السلوكيات والتصرّفات الشاذة الإجرامية تستهدف هدم الفضائل ونشر الرذائل والعبث الفاجر بأعراض النساء والاستغلال الوضيع لظروف وسذاجة وأخطاء بعض الفتيات، دون اعتبار للقيم والمثل العليا التي تحكم أخلاقيات المسلمين ، وقيمهم.
هذه الحوادث التي سمعنا عن بعضها وقرأنا عن بعضها الآخر قد تكون جزءًا من حوادث وقصص أخرى مؤلمة لم نعلمها ولم نسمع عنها، وقصص وحوادث لا تزال أحداثها مستمرة بين مجرمِها وفريستها؛ لتنتهي وقائعها بموت حقيقي أو موت نفسي أو فضيحة خاصة أو عامة عبر الوسائل والتقنيات الحديثة، أو تنتهي في الهيئات أو مراكز الشرطة.
وقد تناولتُ الحديث عن هذا في الجمعة الماضية. واليوم نحن بصدد الحديث عن الاختلاط بين الرجال والنساء في الوظائف وغيرها،
أيها المؤمنون.. لقد اتضح أن قضايا الابتزاز تقع كثيرا في أماكن العمل المختلط، مع ما يحدث عبر الانترنت والجوالات وغيرها ، فارتباط مصالح النساء العاملات برجال ليسوا أحيانا من أهل الأمانة والمروءة؛ مما يؤدي إلى وقوع بعض التحرشات الجنسية أو الابتزاز بدافع العوز الماديّ .فيتم الإيقاع بالضحايا من خلال الاختلاط في العمل وتفصيل العمل على أساس الإيقاع بهنّ من خلال الخلوة بين الجنسين، وصدق رسول الله : [ما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما]. والناظر في أي جريمة زنا يرى في الاختلاط رأس المشاكل وأصل البلاء.
أيها المسلمون ... نقرأ مقالات بعض كتاب الصحف وفيها امتعاضا واستنكارا على من يتكلم عن خطورة الاختلاط، ويقولون إنكم تضخمون القضية وتعطونها أكبر من حجمها، وللرد عليهم وعلى من تأثر بقولهم نقول إن خطورة الاختلاط أكبر مما تتصورون ، وأعظم مما بينا ونبين ... وذلك حذر الشرع المطهر من الاختلاط والخلوة ، قال صلى الله عليه وسلم [ما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما].
والواقع يشهد بذلك، والدراسات الحديثة تؤكد ذلك، ونقول لمن تأثر بمقالات كتاب الصحف : هل اطلعتم على الدراسة العلمية التي أعدتها الباحثة وائلة عبدالكريم ونشر في صحيفتي المدينة الصادرة يوم 9مارس 2009م والاقتصادية الصادرة يوم 5/5/1430هـ، جاء في دراسة: أن 21 في المائة من الموظفات يتعرضن للتحرش من جانب رؤسائهن و35 في المائة من الزملاء، وقد تطور الأمر عند البعض لطلب لقائهن خارج أوقات العمل بنسبة 28 في المائة، بينما عانى 24 في المائة منهن من الاتصال بهن في أوقات متأخرة، أما 15 في المائة فكشفن عن التحرش بهن باللفظ واللمس. وتباينت ردود الأفعال في الاستبيان تجاه التحرش الذي تعرضن له بشكل مختلف وبناء على ظروف كل مشكلة . لكن النسبة الأكبر والتي تعد النتيجة الطبيعية في الغالب كانت 74 في المائة لمن تصدين للمتحرشين بشكل حازم وأوقفنهم عند حدهم. وطالبت 83 في المائة من الموظفات من خلال الاستبيان بوضع قوانين صارمة تشمل الفصل والسجن والغرامات المالية لردع المتحرشين . أ – هـ
عباد الله.. ولكي تعرفوا مدى خطورة الاختلاط في الوظائف والمعامل فتأملوا هذا التحقيق الذي نشرته صحيفة المدينة جاء فيه : وتقول “ف ن” موظفة في أحد المصانع : التحقت بالعمل فى مصنع بجدة وكنت فرحة بالوظيفة رغم الاختلاط واعتراض أهلي وبعد فترة فوجئت بمدير المصنع يطلب مني الحضور إلى مكتبه وأن أجلس على الكرسي الذي أمامه لتناول القهوة ورفضت ذلك رفضا قاطعا وأخبرته أنني جئت للعمل ولكنه قال لي إن حضرت إلى مكتبي يوميا سيعينني رئيسة لأحد الأقسام فرفضت ذلك لأن هدفي توفير لقمة العيش الشريف وبعد ذلك قام بفصلي وطي قيدي .
أما “ب” موظفة في شركة دعاية وإعلان : تقول اعترضني في العمل زميل كان دوما يحاول إغرائي بأن أخرج معه وأمام رفضي اخبرني أنه قام بتصويري بشكل مفاجئ وأنا على مكتبي وحين ذهبت لأشكو للمدير هاجمني بقوله “أنت تختلقين المشاكل” اتهامك باطل وقال إن هذا الموظف شخص محترم ولا يمكن أن يبدر منه هذا التصرف فاضطررت حينها للاستقالة.
وهذه فتاة من جنسية عربية قالت إنها قدمت استقالتها من عمل مختلط كانت تعمل به نتيجة تعرضها لمضايقات من زملائها وأنها لم تستطع نهائياً تحمل ما يجري في العمل من تحرشات كلامية تصل بعض الأحيان للمس ، وكلما أرادت دخلت لعمل مختلط آخر وجدت نظرات الإعجاب والأرقام والمكالمات التي تنهال عليَّ يومياً ولم تجد مخرجاً غير أن تخرج نهائياً بعيدا عن الاختلاط.
وذكرت فتاة أخرى تعمل مع الرجال أنها تعرضت لمضايقات لأن بعض الرجال الذين لا يخافون الله في دينهم يعتقدون أن أي امرأة تعمل في مكان مختلط فاسقة ومن السهل اصطيادها .
أما مدير عام مصنع الفلك للحلوى والبسكويت عبد الله باطويل فطالب بالفصل التام بين المرأة والرجل في مقر العمل إلا للضرورة القصوى. أ – هـ التحقيق الصحفي.
عباد الله ... هذا غيض من فيض وما خفي كان أعظم وأدهى، فهذا ما صرحت به بعض العفيفات التقيات اللاتي أجري معهن هذا اللقاء أم غيرهن فإما أنهن ستسلمن لنزوات النفس وخطوات الشيطان ، فلم يفصحن عن شيء، أو أخريات آثرن الحفاظ على لقمة العيش كما قال المحامي إسحاق الجيزاني إذ قال: أصبح التحرش بالمرأة أثناء العمل ظاهرة عالمية لم تستثن منها دولة متقدمة أو نامية وبنسب عالية جدا، ولا يمكن للمرأة المتحرش بها مواجهته بسهولة إلا بترك العمل أو بالاستسلام للحفاظ على لقمة العيش أو بالصبر وتحمل المزيد من الضغوط النفسية التي قد تؤدي إلى اختلال نفسي.
أيها المؤمنون... الأولاد والبنات يجرون إلى آباءهم وأمهاتهم ما يسوؤهم وما ينغّص عليهم حياتهم إذا لم يحرصوا على تربيتهم تربيه صحيحة سليمة؛ لهذا قال بعض السلف: أول من يشقى بفساد الأولاد آباؤهم وأمهاتهم. فاتقوا الله في أولادكم بنين وبنات، أبعدوهم عن خطوات الشيطان ، قال الحكيم الخبير {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ } بارك الله لي ولكم بالقران العظيم ، ونفعني الله وإياكم لما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي وعد المحسنين بعظيم الثواب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان .
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، فإن تقوى الله هي المخرج عند الشدائد وهي المعين عند النكبات.
أيها المؤمنون... لا بد أن يتعاون الجميع في القضاء على هذه الظاهرة السيئة، ولا يزال مجتمعنا ولله الحمد بخير ، والنصرة والعزة لهذا الدين وإنما أوردنا هذه الدراسة وكلام هؤلاء الفتيات عن تحرشات زملائهن في المعمل والوظائف بهن ، حتى نحذر على فتياتنا فالسعيد من وعظ بغيره، وما أوردت الخطبة الأولى وإن كانت مؤلمة إلا تحذيراً لإخواني عملا بقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ } واقتداء بحذيفة بن اليمان رضي الله عنه يقول: (كان الناس يسألون النبي r، عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه). ولأن بعض الأسر لا تقوم بتوعية بناتها توعيه كافية بشأن الشر الموجود في هذا العصر والفتن من قنوات وانترنت وجوالات ودعوات للزج بالمرأة في المعامل مع الرجال.
عباد الله .. إنه وإن تعالت أصواتُ من ينادون باختلاط النساء بالرجال في المعمل والوظائف وعيرها، إلا إن أمّتكم اليومَ تمرُّ بعصرٍ ليس هو أحلكَ عصورها، وسنينَ ليست هي أتعسَ سنينها، لقد رَأت هذه الأمّة في تاريخها الطويل من مواقفِ النّصر والهزيمة والنَّحس والسّعْد ما تراه كلُّ أمّة، ولكنَّ الخاتمةَ الثابتة في كلٍّ حسنُ العاقبة وخير المآل. وأعيدوا النظرَ في التاريخ تجِدوه ناطقًا بهذا بأبلغِ لسانٍ وأوضح بيان.
ألم يرمِنا الشّرقُ بدواهيه، فساق إلينا جيوشَ التّتَر كالسّيل الأطمّ، يحطُّ على بلدان الإسلام العامِرة، كما يحطّ الجرادُ على الحقول الزّاهرة، حتّى أبادت هذه الجيوشُ الممالك، وبلغَ هولاكو عرشَ الخليفة ببغداد، فذبح الخليفَة، وهدَّ العرش، وقوَّض الدّولة، فإذا بغدادُ العظيمة حاضرةُ الدنيا وعاصمة الإسلام دمارٌ بعد عمار، وخرابٌ وأطلال، ثمّ ساحوا في الأرض لا يردُّهم شيء، حتّى حسِب الضّعفاء أنّها نهايةُ الإسلام، فنُعِي الإسلام على المنابر، ورُثي المسلمون في الدّفاتر، حتّى قال مؤرّخ الإسلام ابنُ الأثير رحمه الله: "لقد بقيتُ عدّةَ سنين معرِضاً عن ذكرِ هذه الحادثةِ استعظامًا لها، كارِهًا لذكرها، فمَن الذي يسهُل عليه أن يكتُب نعيَ الإسلام والمسلمين؟! ومن الذي يهون عليه ذكرُ ذلك؟! فيا ليتَ أمي لم تلِدني, يا ليتني متُّ قبل هذا وكنت نسياً منسيا" انتهى كلامه رحمه الله.
ولكنَّ الذي لم يدرِكه ابنُ الأثير رحمه الله ، ولم يمهله الأجل إلى أن يرى الإسلامَ وقد طوى التّتر تحتَ جناحِه، وظلّلهم برايتِه، وانطوَوا تحتَ لوائِه، فدخلوا في دين الله أفواجاً؛ وانطلقوا فاتحين لبلادِ الهند فاتحين، فألحقوها بدِيار الإسلام وأهلَها بالمسلمين، وصارَ منهم الملوكُ العادلون والقادَة الفاتحون، وغدَوا عُمقَ أمّتِنا في المشرق، ونُسِيت المصيبة حتّى لا يدري أكثرُ النّاس اليومَ ما خبرُ التّتَر.
ألم يقذِف إلينا البحرُ المتوسِّط سفَن النصارى تحمِل السيفَ والصّليب، فبسطوا نفوذَهم على الشام، وأقاموا على كلِّ جبلٍ قلعة، وفي كلِّ وادٍ حامِية، فما هي إلا سنواتٌ حتى ساقتهم الجيوش المسلِمة إلى أسوارِ فْيِنَّا عاصمةِ النّمسا.
فكم لهذِه الأمّة من وثباتٍ بعد كبَوَات وإغارات بعد غَفَوات، كيف لا؟! وهي الأمّة المرحومةُ المنصورة التي لا يُدرَى خيرها في أوّلها أو في آخرها، كما نطق بذلك المعصوم صلى الله عليه وسلم، فهي أمّة إن مرضت فإنها لا تموت، وإن جُرَحت فإنها لا تُذبَح.
أيّها المسلمون، إنَّ أعظمَ ما يُمكِن أن يواجِهه المسلم في وقتِ الأزمات والفِتن خلخلةُ قناعتِه بهذا الدّين وضعفُ ثقته بربِّ العالمين، فهذه ـ وربِّي ـ الطعنةُ النّجلاء، والتي يهون دونَها سلبُ الدّيار وفوات الأعمار.
إنَّ مِن سنن الله تعالى في خلقه بقاءَ الصّراع بين الحقِّ والباطل؛ ليميزَ الله الخبيثَ من الطيّب، وليصطفيَ بالتّمحيص أهلَ الإيمان، وليرفعَ بالابتلاءات درجاتِهم بما يصيبهم من عقبات وهموم غموم، وصبر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. {وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَـٰكِن لّيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} فالأسبابُ والنتائج من صنعِه سبحانه وتقديره، والوسائلُ والغايات من خلقِه وتدبيرِه.
إذا علمنا ذلك – يا عبدا الله- كان لِزاماً علينا الفرارُ إلى الله والاعتصام بحبلِه وطلب النجاةِ وها ما يقض مضاجع الأعداء المتربصين ببلادن في الخارج وأتباعهم في الداخل ، فإن النصر من عند الله وحده، فهو سبحانه الذي يعطي ويمنَع ويخفض ويَرفع، وأبشروا بالنصر والعز والتمكين وحفظ الأعراض فعن تميم الداريّ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [ليبلغنَّ هذا الأمرُ ما بلغَ الليل والنهار، ولا يترك الله بيتَ مدَرٍ ولا وبَر إلا أدخله الله هذا الدينَ، بعزِّ عزيزٍ أو بذلِّ ذليل، عزًّا يعزُّ الله به الإسلام، وذلاًّ يذلّ الله به الكفر] رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح
إنَّ الإسلامَ ـ أيها المسلمون ـ دينٌ حيٌّ يبعث الحياةَ فيمن يحسِن الأخذَ به، فإذا أتى جيلٌ معرِض أو مغرر به أو تابع للأعداء احتفظ الدّين بحيويّته حتّى يسلمَها إلى جيلٍ يأخذَ الكتاب بقوَّة، قال تعالى {وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أَمْثَـٰلَكُم}
عباد الله ... يجب على الآباء تقوية الوازع الديني في نفوس الأبناء والبنات، وتحذيرهم من الغفلة والاستهانة بالمعاصي، وإبعادهم عن موارد الفتن والاختلاط في الأعمال وغيرها. فإن كل أبٍ راعٍ ومسؤول عن رعيه، فإذا أصلح كل منا نفسه وأسرته؛ صلح المجتمع فالمجتمع كله مكون من مجموع أسرنا. كما ينبغي علينا الحذر والحرص من عدم استخدام أجهزة الجوالات في تصوير أفراد العائلة من الإناث خصوصا؛ لأنه قد يُفقد الجهاز أو يُسرق فيقع في أيدي من لا يخافون الله. وننبه هنا إلى عدم إرفاق ذاكرة الهاتف مع الجهاز أثناء صيانته؛ لأن بعض العاملين في هذه المحلات يستغلون وجود صور الفتيات أو يستخدمون برنامج استرجاع المحذوف من الذاكرة، فيحصلون على بعض الصور والمقاطع، ويستغلونها في ابتزاز الفتيات، وقد ثبت ذلك في بعض الوقائع.وأحذر الشباب بتحذير الله غذ قال سبحانه تعالى {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا }
اللهم احفظ واستر بناتنا ونسائنا ونساء المسلمين واجعلهن صالحات في أنفسهن مصلحات لبيوتهن ، اللهم واهدِ ووفق شبابنا وشباب المسلمين لكل خير واجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين.
هذا وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على خير البريّة وأزكى البشريّة ، صاحبِ الحوض والشفاعة.
فاللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك وأنعم على عبدك ورسولك محمّد، وأرضى اللهم عن الخلفاء الراشدين وعن الصحابة أجمعين، وعن والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم وعليك بأعداء الدين، اللهم من أرادنا أو أراد أمننا أو بلادنا أو علمائنا بسوء اللهم فأشغله بنفسه وأجعل الدائرة عليه، واجعل كيده في نحره. اللهم نسألك الأمن في الأوطان. اللهم نسألك الأمن والإيمان. اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعلهم ممن خافك واتقاك واتبع رضاك، اللهم أرهم الحق حقاً، وارزقهم اتباعه، وأرهم الباطل باطلاً وأرزقهم اجتنابه. وارزقهم البطانة الصالحة وأبعد عنهم بطانة السوء يا رب العالمين. {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيم} اللهم أرفع عنا الغلاء والربا والزنا هذا خاصة وعن سائر بلادوالزلازل والفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا المسلمين يا أرحم الراحمين.
اللهم أرخص حوائج المسلمين. اللهم فرج كربات المكروبين من المسلمين، ونفس اللهم هم المهمومين، واقضي اللهم الدين عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين. اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين اللهم أكرم نزلهم وأوسع مدخلهم، واحشرهم في زمرة الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عبادَ الله ... {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }فاذكروا الله الجليل العظيم يذكركم, واشكروه على نعمه يزدكم, ولذكر الله أكبر, والله يعلمُ ما تصنعون.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى