لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

وجاء الشتاء  Empty وجاء الشتاء {الإثنين 21 نوفمبر - 8:51}

أحمد بن حسين الفقيهي
وجاء الشتاء



الخطبة الأولى

الحمدلله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وخاتم المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وسلم تسليماً كثيراً .. أما بعـد

فيا عباد الله : إن تعاقب الليالي والأيام ، وتتابع الشهور والفصول والأعوام ، آيةً من آيات الله الباهرات ، التي تحمل في طياتها الدروس والعـــبر والعظات .

إن المؤمن المستبصر يتخذ من كل حركة وسكنة في الكون آية تدله على عظمة خالقه وقدرته وحوله وقوته :

إننا عباد الله نعيش هذه الأيام في بدايات فصل الشتاء ، ذلكم الفصل الذي يتكرر كل عام ، أوجده المولى سبحانه لحكم عظيمة ، ومنن جزيلة ، أظهر المولى بعضها وأخفى البعض الأخرى ، لعل قلباً يتعظ ونفساً تدكر، يقول العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في معرض حديثه عن بعض حكم مخلوقات الله تعالى :".... تأمل أحوال هذه الشمس في انخفاضها وارتفاعها لإقامة هذه الأزمنة والفصول ، وما فيها من المصالح والحكم ، إذ لو كان الزمان كلَّه فصلاً واحداً لفاتت مصالحُ الفصول الباقية فيه ، فلو كان صيفاً كلَّه لفاتت منافعُ ومصالح الشتاء ، ولو كان شتاءً لفاتت مصالح الصيف ، وكذلك لو كان ربيعاً كلَّه أو خريفاً كلَّه .."

ثم بدأ رحمه الله يذكر بعض فوائد البرد ودخول فصل الشتاء فقال : ففي الشتاء تغور الحرارة في الأجواف وبطون الأرض والجبال فتتولد مواد الثمار وغيرها ، وتبرد الظواهر ويستكثف فيه الهواء فيحصل السحاب والمطر والثلج والبــرد الذي به حياة الأرض وأهلها ، واشتداد أبدان الحيوان وقواتها وتزايد القوى الطبيعية ، واستخلاف ما حللته حرارة الصيف من الأبدان ، فتبارك الله رب العالمين وأحسن الخالقين .

فـوا عجباً كيف يعصى الإله * أم كيف يجحده الجاحد

ولله في كل تحريكه * وتسكينة أبداً شاهد

وفي كـل شيء له آيــة * تدل على أنه الواحـد

عباد الله : إن هذه البرد الذي نعاني منه في بعض الأحيان ، ويتمنى البعض سرعة ذهابه ، إنما هو نَفسٌ من أنفاس النار ، وجزءٌ من عذابها وزمهريرها ، فإن الله تعالى يعذب أهل النار بالبرد كما يعذبهم بالحر ، فمهما اشتد البرد أو الحر على العبد في هذه الحياة وقاسى منه وتألم ، فإن ذلك لا يعدو أن يكون نفساً واحداً من أنفاس النار والعياذ بالله .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : ((اشتكت النار إلى ربها فقالت : يا رب أكل بعضي بعضا ، فأذن لها بنفسين ، نفس في الشتاء ، ونفس في الصيف ، فهو أشدُ ما تجدون من الحر ، وأشدُ ما تجدون من الزمهرير (يعني البرد )) أخرجه الشيخان.

قال ابن عبدالبر رحمه الله : هذه الشكوى بلسان المقال ، وقال النووي رحمه الله نحواً من ذلك ثم أضاف : حمله على حقيقته هو الصواب ، وتنفسها على الحقيقة .

عبدالله: تذكر وأنت تفر من برد الدنيا وتتقيه ، وتستعد له بما تجد من ملابس ووسائل تدفئة لك ولأفراد أسرتك ، تذكر زمهرير جهنم الذي لا واقي منه ولا حامٍ إلا التقوى والعمل الصالح بعد رحمة الله وفضله ) يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة ( .

عباد الله : إن أخذ الأهبة لهذا الفصل من العام ، والإستعداد له بأنواع الملابس والمدافئ هو من باب الأخذ بالأسباب التي هيأها المولى سبحانه لنا ،وأنعم بها علينا ، ولقد امتن سبحانه على عباده بأن خلق لهم من أصواف بهيمة الأنعام وأوبارها واشعارها ما فيه دفء لهم ،

قال سبحانه ) والأنعام خلقها لكم فيها دفءٌ ومنافع ومنها تأكلون ( .

وقال سبحانه ) ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين (

روى ابن المبارك عن صفوان بن عمرو عن سليم بن عامر قال :" كان عمر رضي الله عنه إذا حضر الشتاء تعاهدهم وكتب لهم الوصية : إن الشتاء قد حضر وهو عدو ، فتأهبوا له أهبته من الصوف والخفاف والجوارب ، واتخذوا الصوف شعاراً ودثاراً ، فإن البرد عدوٌ ، سريع دخوله ، بعيد خروجه " .

وإنما كان يكتب بذلك عمر إلى أهل الشام لما فتحت في زمنه ، فكان يخشى على من بها من الصحابة وغيــرهم ممن لم يكن له عهدٌ بالبرد أن يتأذى ببرد الشام ، وذلك من تمام نصيحته ، وحسن نظره وشفقته وحياطته لرعيته رضي الله عنه .

أيها المسلمون : إن مما لايحتاج إلى برهان ، كثرةُ النعم التي تحيط بنا ، ورغدُ العيش الذي يطغينا ، توفر لدينا بحمد الله ما ندفع به آذى البرد وشدته ، مما يجعل أحدنا يمر به موسم الشتاء بلا كدر ولا مرض ، يبيت دافئاً مطمئناً على أهله وبيته ،

وهذه النعم بتذكرها واستشعارها توجب شكر المنعم وحمده عليها ، فبالشكر تقيدِّ النعم وتزداد ، وبتركه تزول النعم وتفقد ..

) وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد (

إن شكر النعم يجعلها تدوم على أصحابها في الدنيا ، ويبقى شكرها ذخراً لهم في الآخرة ، عن أنس رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم : " ما أنعم الله على عبد نعمة فحمد الله عليها ، إلا كان ذلك الحمد أفضل من تلك النعمة " أخرجه الطبراني وغــيره .

عباد الله : إن شكر النعم قد يكون باللسان وذلك بأن نحمد الله ونثني عليه مقابل إنعامه علينا ، وقد يكون الشكر بالفعل ، ولذلك صورٌ متعددة : منها ترك الإسراف والتبذير ، وترك المباهاة والتفاخر ، ومنها أيضاً مواساة المحتاجين والفقراء ممن يبيتون في العراء ، يفترشون الأرض ، ويلتحفون السماء ، بلا سكن ولا مأوى ، ولا لباس ولا غطاء ، عصفت بهم الكوارث والنكبات ، وشردتهم الزلازل والفيضانات ،

إنهم إخواننا وبعضهم من بني جلدتنا ، فلنمد إليهم يد المعونة والمساعدة ، ولنغنهم عن السؤال في هذه الأيام .

عبادالله : كم يملك أحدنا من الثياب على اختلاف أنواعها والوانها ، وكم تملك نساؤنا من الملابس على اختلاف أشكالها ، وكم نشتري في العام الواحد لأطفالنا من أصناف الملابس والأحذية .

فلنؤثر إخواننا ولو بفضل حاجتنا ، وبما استغنت عنه أنفسنا من ملابس الأعوام الماضية ولنتذكر أن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيــــه .....

أتدري كيف جارك يا ابن أمي * يهدهده من الفقـر العـناء

وكيف يداه ترتجفان بؤسا * وتصدمه المـذلة والشقاء

يصب الزمهرير عليه ثلجاً * فتجمد في الشرايين الدماء

يجوب الأرض من حي لحي * ولا أرض تقيه ولا سماء

معاذ الله أن ترضى بهذا * وطفل الجيل يصرعه الشقاء

أتلقاني وبي عوز وضيق * ولا تحنو فمن أين الحياء

أخي في الله لا تجرح شعوري * ألا يكفيك ما جرح الشتاء



بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة



الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسوله الذي أصطفى وعلى آله وصحبه ومن اقتدى وسلم تسليماً كثيرا .

أما بعد فيا عباد الله : أخرج الإمام أحمد رحمه الله من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الشتاء ربيع المؤمن ) .

قال ابن رجب رحمه الله في اللطائف : وإنما كان الشتاء ربيع المؤمن لأنه يرتع فيه في بساتين الطاعات ، ويسرح في ميادين العبادات ، وينزه قلبه في رياض الأعمال الميسِّر فيه ، كما ترتع البهائم في المرعى الربيع ، فتسمن وتصلح أجسادها ، فكذلك يصلح دين المؤمن في الشتاء بما يسر الله فيه من الطاعات ، فإن المؤمن يقدر في الشتاء على صيام نهاره من غير مشقه ولا كلفه تحصل له من جوع ولا عطش فإن نهاره قصير بارد ، فلا يحس فيه بمشقة الصيام ، جاء في المسند والترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الصيام في الشتاء الغنيمة الباردة " .

وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول : ألا أدلكم على الغنيمة الباردة قالوا : بلى ، فيقول : الصيام في الشتاء .

وأما قيام ليل الشتاء فلطوله يمكن أن تأخذ النفس حظها من النوم ، ثم تقوم بعد ذلك إلى الصلاة فيقرأ المصلي ورده كلَّه من القرآن وقد أخذت نفسه حظها من النوم ، فيجتمع له فيه نومه المحتاج إليه مع إدراك ورده من القرآن ، فيكمل له مصلحة دينه وراحة بدنه .

وكان ابن مسعود رضى الله عنه يقول : مرحباً بالشتاء تنزل فيه البركة ، يطول فيه الليل للقيام ، ويقصر فيه النهار للصيام .

ومن كلام يحيى بن معاذ : الليل طويل فلا تقصره بمنامك ، والإسلام نقيٌ فلا تدنسه بآثامك .

أما عبيد بن عمير فكان إذا جاء الشتاء قال :" يا أهل القرآن طال ليلكم لقرائتكم فأقرؤوا ، وقصر النهار لصيامكم فصوموا " .

عبد الله :

إذا كان يؤذيك حـر المصيف * ويبس الخريف وبرد الشتاء

ويلهيك حسن زمان الربيع * فأخذ بالعزم قل لي متى؟

هذا وصلوا على الرحمة المهداة والنعمة المسداة

الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى