لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

الأزمة المالية المعاصرة  Empty الأزمة المالية المعاصرة {الإثنين 21 نوفمبر - 8:54}

مقبل بن حمد المقبل
الأزمة المالية المعاصرة



الخطبة الأولى :

الحمد لله رب العالمين ، يحق الحق بكلماته ويبطل الباطل ولو كره الكافرون ، أحمده تعالى وأشكره وأتوب إليه وأستغفره ، استجابة لأمره ( وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) ، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون ، واشهد أن محمدا عبدالله ورسوله الصادق المصدوق والأمين المأمون ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم يبعثون ، وسلم تسليما كثيرا .. أما بعد :

فاتقوا الله تعالى عباد الله .. (إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين)

أخوة الإسلام :

سبحان مدبر الأمور و مغير الأحوال ، قضى ولا رادَّ لقضائه أن لكل بداية نهاية ، وأن لكل باطل زهوق ، ( ولله ملك السموات والأرض وإلى الله المصير ) فهاهو الاقتصاد الأمريكي القوي المتغطرس يتهادى مترنحا لا يكاد يقف على قدميه صورته كصورة من يتخبطه الشيطان من المس ( ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا ) .. أزمة اقتصادية عالمية اهتزت لها عروش أسواق المال فانهارت طائفة ، وأعلنت الإفلاس أخرى ، وتداعت لهزتها الأسواق الخليجية ، وصار الناس يتحدثون في أخبارهم ومجالسهم عن الأسباب والعواقب .. وخافوا على أموالهم أن تضمحل وتزول .. وراح المنظرون السابحون في فلك الرأسمالية يبررون الأزمة مخففين من وطأتها بأنها أزمة عابرة ، سببها ممارسات خاطئة في السوق ، أو حركة تصحيحية أو غير ذلك من المبررات .. التي لا يمكن أن تنطلي على من آمن بالله تعالى وصدق بوعده ، وعرف حكمته في تشريعه وأمره ونهيه ..

أيها الأخوة .. لأن كان هذا التدهور المفاجئ مفاجأةً للمفتونين بالعالم المتحضر الذي يقوم على مبدأ الحرية المطلقة ، ويتغذى على الربا ، ويستند على المستندات والديون ، ويقامر حتى الثمالة ، فإنه ليس مفاجئا لنا نحن المسلمين لأننا قد تعلمنا منذ أن بعث الله نبينا الكريم بالهدى ودين الحق أنه لا توجد في السوق حرية مطلقة، وأن الربا كبيرة من الكبائر، وأنه لا يجر إلا الدمار وخراب الديار والويلات، ومحق المال والبركات( يمحق الله الربا، ويربي الصدقات) .

لقد تنكبت الرأسمالية الصراط القويم ، وسنت قوانين أرضية ناهضت بها قوانين السماء فأباحت الربا ، وبيع الهامش ، والبيع على المكشوف ونحو ذلك .. وكرست الطبقية في المجتمع عبر تمكين الأغنياء من رقاب الفقراء , وعبر تمكين رجال الأعمال من جيوب البؤساء- فضلاً عن تكريس الطبقية بين الدول الغنية والفقيرة- لقد تأسست الرأسمالية على احترام المال على حساب الآدمي , وهي معادلة ظالمة جعلت هدفها المادة حتى جاء أمر الله وخسر هنالك المبطلون .

ونادى عقلاؤهم بكل واقعية ( لقد حلت لعنة الربا على الناس ) .

عباد الله : لقد كانت عاقبة الربا والميسر والقمار وبيع الديون والتأمين على القروض ، وغيرها من الأنظمة الاقتصادية التي حرمها الشارع .. لقد كانت عاقبتها إفلاسا عاما لمصارف ، بل لدول بأسرها وعجزا شاملا ، وتبخرا لتريلونات من الأموال التي أصبحت خيالا بعد حقيقة . وبطالة اجتاحت آلافا من الموظفين .

وهكذا الشجرة الخبيثة لا قرار لها . أما الشجرة الطيبة ـ شجرة الاقتصاد المرتبط بتشريع رب العباد ـ فأصلها ثابت وفرعها في السماء لأنه يرتكز على مبادئ وأصول تنأى به عن التعرض لهزات, وتجعله في مأمن من الوقوع في أزمات :

لأنه اقتصاد لا يعارض الفطرة البشرية ، ويراعي قيم العدل والإنصاف ، ويدفع الظلم بكل أشكاله وألوانه ، ويحفظ حقوق الفرد والجماعة ، وحقوق الفقراء والأغنياء على حد سواء . لقد حرَّم الإسلام- مثلاً- كل ما يضر بالغير كالغش , وبيع المسلم على بيع أخيه, وبيع الغرر\"مجهول العاقبة\", وبيع ما لا يقدر على تسليمه, وبيع ما لا يملك, ومنع من كل ما فيه ابتزاز لأحد المتعاقدين, أو استغلال لظرف من ظروفه, فحرّم الربا والقرض بالفائدة, ومنع بيع المكره, والفضولي, وقيّد بيع الصغير. ونحو ذلك ، وفي المقابل لم يترك المحتاج عاجزا عن سد حاجته بل شرع الدين بضوابطه ، وأجاز القرض الحسن ليشيع في أبنائه روح المحبة والتكافل ، وهكذا .

أخوة الإسلام : إن الله يمهل ولا يهمل .. لقد كان اقتصادهم في نظرهم يتقدم إلى الأمام ، وكأن الله قد قضى وقدر أن يتسلل الهواء إلى بالون هذا الاقتصاد المستبد الظالم المتمرد على شرع الله والذي يصدح أربابه قائلين من أشد منا قوة .. حتى إذا كبر وانتفخ واستكبر ، أذن الله بانفجاره فصار إلى سفول ودمار ( أولم يرو أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة ، وكانوا بآياتنا يجحدون ) .

عباد الله : قد تكون هناك أسباب خفية ، قد مهدت لهذا السقوط المريع : لعل منها :

قيامه على الربا ، وأكل أموال الناس بالباطل ، وأنى لنظام هذه أسسه وأصوله أن يدوم لها بقاء ، وقد أعلن الله الحرب على أهله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ) .

ومن أسباب هذا السقوط : الحروب الظالمة في أفغانستان والعراق .. فتوسعت طاغية الدول على حساب استنزاف مواردها وإمكانيتها حتى أُرهقت خزائنها بمليارات الدولارات شهريا ، ومعها دعوات مباركات من مظلموين بؤساء موقنين بنصر رب الأرض والسماء . بأن يرد كيد المعتدي وأن يهز أركانه ويزيل بنيانه ويشغله بنفسه .
ومن الأسباب : الحرب الضروس على المؤسسات الخيرية الإسلامية ، حتى تم إغلاق العديد منها أو حصرُها في داوائرَ ضيقة فحُرم الآلاف من الجائعين والمحتاجين من الطعام والكساء ، فكان أن ضرب الله اقتصاد الظالمين : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ; وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) ) .

ومن الأسباب : ظهور الفساد وانتشار الزنا أفرادا وهيئات ومنظمات في تلك البلاد الماجنة ، فكان جديرا بأن يصدق فيهم وعيد رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه : ( إذا ظهر الربا والزنا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله ) . وصدق الله جل في علاه : ( ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون...) وقال (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد) ..

أسأل الله أن يرينا ما يسرنا في أعدائه الظالمين ، وأن يجعل تداعيات هذه الأزمة على أمة الإسلام وأموال المسلمين بردا وسلاما , أسأل الله أن يعوض المتأثرين من هذه الأزمة من المسلمين خيرا ، وأن يجعل مصيبتهم مكفرة لذنوبهم مطهرة لهم من شوائب المخالفة والمعصية إنه سميع مجيب .. أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب ..

الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين .. أما بعد :

أخوة الإسلام : لئن غار اقتصاد المستكبرين في الأرض ، أهلِ الاختيال والفخر :

فإننا بإذن الله على اقتصادنا لآمنون مطمئنون ، فإن اقتصاداً يحترم الفطرة البشرية, ويراعي العدالة الاجتماعية, ويحقق المصلحة الخاصة والعامة, ويدرأ المفسدة الراجحة, ويوسع من هامش الحلال, ويضيق من دائرة الحرام, ويرتكز على سوق مالي منظم من عند خالق البشر..

إن اقتصاداً بهذه المقومات والمبادئ, لهو جديرٌ بأن يحقق الخير والرفاه للفرد والمجتمع, وحقيقٌ أيضاً بأن ينأى بأفراده وبشركاته وبنوكه عن الأزمات, وذلك متى التزم أفراد المجتمع, وشركاته, وبنوكه, ومصارفه, تعاليم الخالق الحكيم العليم(أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).

لقد آن لنا أن نحْذر الربا بصوره وأشكاله الظاهرة والخفية ، آن لنا أن نحجم استثماراتنا في سوق الأسهم التي يطالها الغبش والغموض ، وتبقى أكثرها إلى دائرة التحريم أقربُ منها إلى دائرة الإباحة . آن لنا أن نخرج الزكاة كاملة غير منقوصة ، وأن نبذل الصدقات لأهل الفاقة والحاجة فإن الله وعد ووعده حق

(يمحق الله الربا ويربي الصدقات).

آن لنا أن نعمق جذور التوكل على الله في نفوسنا ، فهو النافع الضار ، وهو الخافض الرافع الحافظ من الأخطار : ( فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين ) .

لقد آن لنا أن نعلم أن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات ، فنأخذ الحلال ونترك الحرام والمشتبه استبراء للدين والعرض والمال .
اللهم احفظ علينا ديننا وأمننا وأماننا وأموالنا واقتصادنا ، يا أرحم الراحمين ،اللهم أعطنا ولا تحرمنا وزدنا ولا تنقصنا ، وآثرنا ولا تؤثر علينا ، يا ذا الجلال والإكرام .

هذا وصلوا وسلموا ...

ــــــــــــــــــ

جامعة القصيم ـ كلية الشريعة
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى