رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
د. رياض بن محمد المسيميري
توبة كعب بن مالك
الخطبة الأولى
الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب .. شديد العقاب ذي الطول .... لا إله إلا هو إليه المصير كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون ...
وأشهد ألا إله إلا الله الحي القيوم مالك الملك رب العالمين ... وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله ...
أما بعد :
فيقول الله تعالى في كتابه الكريم « لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ » وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ » تجسدت هذه الآيات الكريمات المنة العظمى ، التي امتن الله بها على نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام وعلى المهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة يوم تبوك ويهمنا في هذا المقام أن نسلط الضوء على حادثة عظيمة وقصة بليغة وقعت فصولها قبيل غزوة تبوك وبعدها نستلهم العبر .. ونتخذ الدروس من القرآن العظيم الذي ما برح يعرض الدروس تلو الدروس والمواعظ تلو المواعظ ... لعلها تحيا القلوب وتعلم جيدا أن القرآن ما نزل لطلب البركة أو لطرد الشياطين أو ليقرأ ليالي المأتم والعزاء ... ولا لتفتتح به المناسبات والاحتفالات .... كلا إن القرآن نزل دستور أمة ومنهج حياة نزل .. ليحكم ....وإليه يحتكم ...
فمع الآيات الكريمات ....... وقصة الثلاثة الذين خلفوا ....
وهم كعب بن مالك ... وهلال بين أمية ومرارة بن الربيع ورضي الله عنهم أمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس أن يتجهزوا لغزو الروم وهي الغزوة التي اشتهرت فيما بعد بغزوة تبوك ...
وكانت تلك الغزوة في أشد أيام الصيف حراً ... وفي وقت طابت فيه الظلال .. وطابت فيه الثمار ، وكان عادة النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا أراد أن ينطلق في غزوة ورًّي بغيرها ... ولم يكشف أمرها إلا هذه الغزوة فقد أخبر بها الناس صراحة حتى يتجهزوا ويستعدوا ويأخذوا للأمر عدته لأن من نيته أن يقاتل الروم وهم يومذاك يشكلون مع الفرس أعظم قوتين على وجه الأرض .
فأخذ الناس يتجهزون ... ويستجيبون لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، برغم شدة الحر ... وبعد الشقة ووحشية العدو ، وكثافته عددا وعدة ..
ولم يتخلف من المسلمين الصادقين بلا عذر مبيح إلا ثلاثة نفر ..
كعب ...وصاحباه ... وها هو كعب يحدث بنفسه عما حصل فيما رواه البخاري عنه قال : لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها إلا غزوة تبوك ... غير أني كنت تخلفت في غزوة بدر ولم يعاتب النبي صلى الله عليه وسلم أحدا تخلف عنها ...
يقول كعب : كان من خبري – أي كان من قصتي – أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني ، حين تخلفت عنه في تلك الغزاة – يعني غزوة تبوك .
يقول : والله ما اجتمعت عندي قبلها راحلتان حتى جمعتهما في تلك الغزوة ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورَّى بغيرها حتى كانت غزوة تبوك غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد ، واستقبل سفراً بعيداً ومفازتك ... وعدواً كبيراً ، فجلي للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم ... فاخبرهم بوجهة الذي يريد ... والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير ، ولا يجمعهم كتاب حافظ ...
فما رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن سيخفي أمره ... ما لم ينزل فيه وحي من الله ...
قال : وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة ، حين طابت الثمار والظلال وتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه ..
فطفقت أغدو لكي أتجهز معهم ، فأرجع ولم أقض شيئاً ... فأقول في نفسي أنا قادر عليه – أي قادر على التجهز في أي وقت . فلم يزل يتمادى بي .. حتى اشتد بالناس الجد ... فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه .. ولم أقض من جهازي شيئا .... فقلت أتجهز بعده بيوم أو يومين ثم ألحقهم !!
فغدوت بعد أن فصلوا لأتجهز فرجعت ولم أقض شيئا .. ثم غدوت ثم رجعت ولم أقض شيئا .. فلم يزل بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو وهممت أن أرتحل فأدركهم وليتني فعلت !! فلم يقدر ذلك لي فكنت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفت فيهم أحزنني أني لا أرى إلا رجلا مغموصاً عليه النفاق أو رجلا ممن عذر الله تعالى من الضعفاء ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك !!
فقال وهو جالس في القوم بتبوك :
ما فعل كعب ؟؟ فقال رجل من بني سلمة يا رسول الله حبسه برداه ، ونظره في عطفيه !! فقال معاذ بن جبل : بئس ما قلت !! والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيراً !!
فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال كعب : فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توجه قافلا حضرني همي ، فطفقت أتذكر الكذب !! وأقول بماذا أخرج من سخطه غداً ؟ واستعنت على ذلك بكل ذي رأي من أهل .. فلما قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قد أظل قادما زاح عني الباطل .. وعرفت أني لله أخرج منه أبدا بشيء فيه كذب فأجمعت صدقه- أي عزمت أن أصدق معه قال كعب : وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قد أظل قادما زاح عنى الباطل ... وعرفت أني لن أخرج منه أبدا بشيء فيه كذب فأجمعت صدقه – أي عزمت أن أصدق معه قال كعب : وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادما ... وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فيركع فيه ركعتين ثم جلس للناس فلما فعل ذلك ... جاءه المخلفون – أي الذين تخلفوا عن الغزو معه بلا عذر وهم المنافقون – فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له ، وكانوا بضعة وثمانين رجلا فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيهم وبايعهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله تعالى فجئت فلما سلمت عليه تبسم تَبَسُّمَ المغضب .. ثم قال : تعال !! فجئت أمشي ، حتى جلست بين يديه فقال لي : ما خلفك ؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك أي ألم تكن قد اشتريت راحلة ؟ فقلت : بلى والله يا رسول الله ، لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن سأخرج من سخطه بعذر ... ولقد أعطيت جدلاً !! ولكني والله لقد علمت ، لئن حدثتك اليوم حديث كذب ، ترضى به عني ليوشكن الله أن سخطك على !! ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه .. إني لأرجو فيه عفو الله لا والله ما كان لي من عذر !!
والله ما كنت قط ، أقوى ولا أيسر منى حين تخلفت عنك .. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما هذا فقد صدق !!
فقم حتى يقضي الله فيك !!
قال كعب : فقمت وثار رجال من بني سلمة فاتبعوني ... فقالوا لي : والله ما علمناك كنت أذنبت ذنباً قبل هذا فلماذا لم تعتذر بما تعذر به غيرك ؟؟
قد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم !!
فو الله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي .. ثم قلت لهم هل لقي هذا معي أحد ؟! قالوا نعم رجلان قالا مثل ما قلت !! فقيل لها مثل ما قيل لك فقلت من هما ؟؟ قالوا مرارة بن الربيع وهلال بن أمية فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا فيها أسوة !!
فمضيت حين ذكروهما لي ... ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا نحن الثلاثة من بين من تخلف عنه ...
فاجتنبتنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت في نفس الأرض فما هي بالأرض التي أعرف فلبثنا على ذلك خمسين ليلة ...
فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان ، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم فكنت أخرج ، فأشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد وآتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة ، فأقول في نفسي ، هل حرك شفتيه برد السلام على أم لا ، ثم أصلي قريبا منه فأسارقه النظر ... فإذا أقبلت على صلاتي أقبل إلي !! وإذا التفت نحوه أعرض عني !! حتى إذا طال علي ذلك ، من جفوة الناس مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة ، وهو ابن عمي وأحب الناس إلى فسلمت عليه فو الله ما رد علي السلام ... فقلت يا أبا قتادة أنشدك بالله !! هل تعلمني أحب الله ورسوله ؟؟ فسكت فعدت له فنشدته فسكت ، فعدت له فنشدته ، فقال : الله ورسوله أعلم .. ففاضت عيناي ، وتوليت حتى تسورت الجدار ... قال فبينما أنا أمشي بسوق المدينة إذا نبطي من أنباط الشام ممن قدم بالطعام ، يبيعه في المدينة ، يقول : من يدل على كعب بن مالك ؟ فطفق الناس يشيرون له علي ، حتى إذا جاءني دفع إلى كتابا من ملك غسان الكافر فإذا فيه أما بعد فإنه قد بلغني أن صاحبك يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جفاك ... ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة فالحق بنا نواسيك .. فقلت لما قرأتها وهذا أيضا من البلاء !! فتيممت بها التنور ، فسجرته بها أي أحرقت الكتاب في التنور حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك !! فقلت أطلقها أم ماذا أفعل ؟! قال : لا بل اعتزلها ولا تقربها !! وأرسل إلى صاحبي مثل ذلك !!
فقلت لامرأتي : الحقي بأهلك فتكوني عندهم ، حتى يقضي في هذا الأمر !!
فلبثت بعد ذلك عشر ليال !!
حتى كملت لنا خمسون ليلة ... وأنا على ظهر بيت من بيوتنا ... فبينما أنا جالس على الحال التي ذكر الله تعالى ، قد ضاقت على نفسي وضاقت على الأرض بما رحبت سمعت صوت صارخ على جبل سلع بأعلى صوته .. يا كعب بن مالك أبشر !!
قال فخررت ساجداً ، وعرفت أن قد جاء الفرج ، وآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى الفجر ...
فذهب الناس يبشروننا ... وذهب قبل صاحبي مبشرون فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي ، فكسوته إياهما ببشراه ... والله ما أملك غيرهما يؤمئذ .. واستعرت ثوبين فلبستها وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلقاني الناس فوجا فوجًا يهنئوني بالتوبة قال كعب فدخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس حوله الناس فقام إلى طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني هنأني .. ولا أنساها لطلحة !!
فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبرق وجهه من السرور أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك !! قال : قلت أ من عندك يا رسول الله أم من عند الله ؟ قال : لا بل من عند الله !! وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر وكنا نعرف ذلك منه ...
فقلت يا رسول الله ، إن الله إنما نجاني الصدق وإن من توبتي أن لا أحدث الأصدقاء ما بقيت ، فو الله ما أعلم أحدا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن مما أبلاني الله ..
ما تعمدت ، منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا كذبا وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقيت وأنزل الله عز وجل على رسوله « لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار ... إلى قوله « يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ، فو الله ما أنعم الله علي من نعمة قط ، بعد أن هداني للإسلام ، أعظم في نفسي ، من صدقي لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
أقول قولي هذا ,,,,,,
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأصلي وأسلم على عبده ورسوله نبينا و إمامنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه .
أما بعد :
فهكذا كتب الله تعالى النجاة لكعب بن مالك وصاحبيه حيث صدقوا في أقوالهم وعلموا أن عقوبة الدنيا ، أهون بكثير من عقوبة الآخرة وعذابها الشديد الذي أعده الله للكاذبين المستهزئين إن اللجوء إلى الكذب في بعض المواقف ، قد ينجي صاحبه شيئا ما لكنها نجاة مؤقتة ، يعقبها الندم والحسرة ، يوم البعث والنشور .
لقد كان بإمكان كعب بن مالك أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعتذر بما اعتذر به المنافقون وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل اعتذاره لا ريب كما قبل اعتذار المنافقين ... ثم يستمتع كعب بكذبه حتى حين . لكن كعباً كان يدرك أن الأمر ليس بالسهولة التي يتصورها البعض وكان يدرك أن الكذب ليس من شيم الكرام !!
وأيقن أن كذبه قد يخفى على محمد صلى الله عليه وسلم لأنه بشر لا يعلم الغيب ، ولا يعلم ما في القلوب .
لكنه لا يخفى على علام الغيوب ... الذي يعلم خائنة الأعين ، وما تخفي الصدور لقد تحمل كعب - رضي الله عنه - ، هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهجر الناس له خمسين ليلة بتمامها وكما بها كأنها الدهر كله من شدة ما لاقي من الفراق المر والقطيعة الوجعة حتى ضاقت به نفسه وضاقت عليه الأرض بما رحبت ..
إن الدين عقائد راسخة لا تقبل التمييع !! ومبادئ فاضلة لا تقبل المساومة . ولقد أصابت المسلمين الفوضى في معاملاتهم ... والتناقض في تصرفاتهم وانعدمت الثقة أو كادت .... يوم استخفوا بالفضائل التي جاء بها دينهم العظيم ... والأخلاق التي بشر بها رسولهم الكريم .
وإن أمتنا اليوم ، بحاجة جد ماسة ، أن تراجع دينها بكل مفرداته .
عليها أن تراجع العقائد والشرائع والأخلاق والفضائل بكل قوة كما قال الله .. « خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ ... »
إن قصة كعب وصاحبيه ، حوت من الدروس والعبر ما لا يسعها مجلدات ضخمة لمن صوب النظر وأمعن الفكر ولكني أسوقها لندرك كم نحن بحاجة إلى الصدق. الصدق مع الله تعالى ... ومع النفس ومع المجتمع ، ومع العالم بأسره ...
والصدق تحتاج له الأمة كلها على كافة مستوياتها بدءًا من الإمام الأعظم إلى أصغر فرد فيها... فالحاكم المسلم مطالب بالصدق مع الله تعالى بحفظ الأمانة التي استرعاه الله إياها وبايعه المسلمون عليها ..
فعليه أن يتقي الله ويخشاه ويراقبه ويصدق مع ربه ، بتطبيق شريعته وإقامة حكمه ، والرفق برعيته والعدل في مجتمعه .
والوزير في وزارته مطالب بالصدق مع الله تعالى فيحفظ الأمانة التي استرعاه ولي الأمر عليها ... وعليه أن يسير أمور وزارته بما يحقق مصالح الأمة ملتزما بالكتاب والسنة في كل ما يأتي ويذر وقل مثل ذلك للرئيس في رئاسته والمسئول في دائرته ... والمربي في مدرسته ...والبائع في متجره ... والأب في بيته ...
إن الصدق أيها المسلمون... ليس مقتصراً على صدق الحديث مع الآخرين ولكنه أوسع واشمل بكثير فهو عقيدة وشريعة وخلق ومنهج ومبدأ أصيل...
ألا وصلوا على الني صلى الله عليه وسلم ،،،
توبة كعب بن مالك
الخطبة الأولى
الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب .. شديد العقاب ذي الطول .... لا إله إلا هو إليه المصير كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون ...
وأشهد ألا إله إلا الله الحي القيوم مالك الملك رب العالمين ... وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله ...
أما بعد :
فيقول الله تعالى في كتابه الكريم « لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ » وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ » تجسدت هذه الآيات الكريمات المنة العظمى ، التي امتن الله بها على نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام وعلى المهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة يوم تبوك ويهمنا في هذا المقام أن نسلط الضوء على حادثة عظيمة وقصة بليغة وقعت فصولها قبيل غزوة تبوك وبعدها نستلهم العبر .. ونتخذ الدروس من القرآن العظيم الذي ما برح يعرض الدروس تلو الدروس والمواعظ تلو المواعظ ... لعلها تحيا القلوب وتعلم جيدا أن القرآن ما نزل لطلب البركة أو لطرد الشياطين أو ليقرأ ليالي المأتم والعزاء ... ولا لتفتتح به المناسبات والاحتفالات .... كلا إن القرآن نزل دستور أمة ومنهج حياة نزل .. ليحكم ....وإليه يحتكم ...
فمع الآيات الكريمات ....... وقصة الثلاثة الذين خلفوا ....
وهم كعب بن مالك ... وهلال بين أمية ومرارة بن الربيع ورضي الله عنهم أمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس أن يتجهزوا لغزو الروم وهي الغزوة التي اشتهرت فيما بعد بغزوة تبوك ...
وكانت تلك الغزوة في أشد أيام الصيف حراً ... وفي وقت طابت فيه الظلال .. وطابت فيه الثمار ، وكان عادة النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا أراد أن ينطلق في غزوة ورًّي بغيرها ... ولم يكشف أمرها إلا هذه الغزوة فقد أخبر بها الناس صراحة حتى يتجهزوا ويستعدوا ويأخذوا للأمر عدته لأن من نيته أن يقاتل الروم وهم يومذاك يشكلون مع الفرس أعظم قوتين على وجه الأرض .
فأخذ الناس يتجهزون ... ويستجيبون لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، برغم شدة الحر ... وبعد الشقة ووحشية العدو ، وكثافته عددا وعدة ..
ولم يتخلف من المسلمين الصادقين بلا عذر مبيح إلا ثلاثة نفر ..
كعب ...وصاحباه ... وها هو كعب يحدث بنفسه عما حصل فيما رواه البخاري عنه قال : لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها إلا غزوة تبوك ... غير أني كنت تخلفت في غزوة بدر ولم يعاتب النبي صلى الله عليه وسلم أحدا تخلف عنها ...
يقول كعب : كان من خبري – أي كان من قصتي – أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني ، حين تخلفت عنه في تلك الغزاة – يعني غزوة تبوك .
يقول : والله ما اجتمعت عندي قبلها راحلتان حتى جمعتهما في تلك الغزوة ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورَّى بغيرها حتى كانت غزوة تبوك غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد ، واستقبل سفراً بعيداً ومفازتك ... وعدواً كبيراً ، فجلي للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم ... فاخبرهم بوجهة الذي يريد ... والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير ، ولا يجمعهم كتاب حافظ ...
فما رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن سيخفي أمره ... ما لم ينزل فيه وحي من الله ...
قال : وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة ، حين طابت الثمار والظلال وتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه ..
فطفقت أغدو لكي أتجهز معهم ، فأرجع ولم أقض شيئاً ... فأقول في نفسي أنا قادر عليه – أي قادر على التجهز في أي وقت . فلم يزل يتمادى بي .. حتى اشتد بالناس الجد ... فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه .. ولم أقض من جهازي شيئا .... فقلت أتجهز بعده بيوم أو يومين ثم ألحقهم !!
فغدوت بعد أن فصلوا لأتجهز فرجعت ولم أقض شيئا .. ثم غدوت ثم رجعت ولم أقض شيئا .. فلم يزل بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو وهممت أن أرتحل فأدركهم وليتني فعلت !! فلم يقدر ذلك لي فكنت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفت فيهم أحزنني أني لا أرى إلا رجلا مغموصاً عليه النفاق أو رجلا ممن عذر الله تعالى من الضعفاء ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك !!
فقال وهو جالس في القوم بتبوك :
ما فعل كعب ؟؟ فقال رجل من بني سلمة يا رسول الله حبسه برداه ، ونظره في عطفيه !! فقال معاذ بن جبل : بئس ما قلت !! والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيراً !!
فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال كعب : فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توجه قافلا حضرني همي ، فطفقت أتذكر الكذب !! وأقول بماذا أخرج من سخطه غداً ؟ واستعنت على ذلك بكل ذي رأي من أهل .. فلما قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قد أظل قادما زاح عني الباطل .. وعرفت أني لله أخرج منه أبدا بشيء فيه كذب فأجمعت صدقه- أي عزمت أن أصدق معه قال كعب : وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قد أظل قادما زاح عنى الباطل ... وعرفت أني لن أخرج منه أبدا بشيء فيه كذب فأجمعت صدقه – أي عزمت أن أصدق معه قال كعب : وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادما ... وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فيركع فيه ركعتين ثم جلس للناس فلما فعل ذلك ... جاءه المخلفون – أي الذين تخلفوا عن الغزو معه بلا عذر وهم المنافقون – فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له ، وكانوا بضعة وثمانين رجلا فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيهم وبايعهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله تعالى فجئت فلما سلمت عليه تبسم تَبَسُّمَ المغضب .. ثم قال : تعال !! فجئت أمشي ، حتى جلست بين يديه فقال لي : ما خلفك ؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك أي ألم تكن قد اشتريت راحلة ؟ فقلت : بلى والله يا رسول الله ، لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن سأخرج من سخطه بعذر ... ولقد أعطيت جدلاً !! ولكني والله لقد علمت ، لئن حدثتك اليوم حديث كذب ، ترضى به عني ليوشكن الله أن سخطك على !! ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه .. إني لأرجو فيه عفو الله لا والله ما كان لي من عذر !!
والله ما كنت قط ، أقوى ولا أيسر منى حين تخلفت عنك .. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما هذا فقد صدق !!
فقم حتى يقضي الله فيك !!
قال كعب : فقمت وثار رجال من بني سلمة فاتبعوني ... فقالوا لي : والله ما علمناك كنت أذنبت ذنباً قبل هذا فلماذا لم تعتذر بما تعذر به غيرك ؟؟
قد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم !!
فو الله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي .. ثم قلت لهم هل لقي هذا معي أحد ؟! قالوا نعم رجلان قالا مثل ما قلت !! فقيل لها مثل ما قيل لك فقلت من هما ؟؟ قالوا مرارة بن الربيع وهلال بن أمية فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا فيها أسوة !!
فمضيت حين ذكروهما لي ... ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا نحن الثلاثة من بين من تخلف عنه ...
فاجتنبتنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت في نفس الأرض فما هي بالأرض التي أعرف فلبثنا على ذلك خمسين ليلة ...
فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان ، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم فكنت أخرج ، فأشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد وآتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة ، فأقول في نفسي ، هل حرك شفتيه برد السلام على أم لا ، ثم أصلي قريبا منه فأسارقه النظر ... فإذا أقبلت على صلاتي أقبل إلي !! وإذا التفت نحوه أعرض عني !! حتى إذا طال علي ذلك ، من جفوة الناس مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة ، وهو ابن عمي وأحب الناس إلى فسلمت عليه فو الله ما رد علي السلام ... فقلت يا أبا قتادة أنشدك بالله !! هل تعلمني أحب الله ورسوله ؟؟ فسكت فعدت له فنشدته فسكت ، فعدت له فنشدته ، فقال : الله ورسوله أعلم .. ففاضت عيناي ، وتوليت حتى تسورت الجدار ... قال فبينما أنا أمشي بسوق المدينة إذا نبطي من أنباط الشام ممن قدم بالطعام ، يبيعه في المدينة ، يقول : من يدل على كعب بن مالك ؟ فطفق الناس يشيرون له علي ، حتى إذا جاءني دفع إلى كتابا من ملك غسان الكافر فإذا فيه أما بعد فإنه قد بلغني أن صاحبك يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جفاك ... ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة فالحق بنا نواسيك .. فقلت لما قرأتها وهذا أيضا من البلاء !! فتيممت بها التنور ، فسجرته بها أي أحرقت الكتاب في التنور حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك !! فقلت أطلقها أم ماذا أفعل ؟! قال : لا بل اعتزلها ولا تقربها !! وأرسل إلى صاحبي مثل ذلك !!
فقلت لامرأتي : الحقي بأهلك فتكوني عندهم ، حتى يقضي في هذا الأمر !!
فلبثت بعد ذلك عشر ليال !!
حتى كملت لنا خمسون ليلة ... وأنا على ظهر بيت من بيوتنا ... فبينما أنا جالس على الحال التي ذكر الله تعالى ، قد ضاقت على نفسي وضاقت على الأرض بما رحبت سمعت صوت صارخ على جبل سلع بأعلى صوته .. يا كعب بن مالك أبشر !!
قال فخررت ساجداً ، وعرفت أن قد جاء الفرج ، وآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى الفجر ...
فذهب الناس يبشروننا ... وذهب قبل صاحبي مبشرون فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي ، فكسوته إياهما ببشراه ... والله ما أملك غيرهما يؤمئذ .. واستعرت ثوبين فلبستها وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلقاني الناس فوجا فوجًا يهنئوني بالتوبة قال كعب فدخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس حوله الناس فقام إلى طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني هنأني .. ولا أنساها لطلحة !!
فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبرق وجهه من السرور أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك !! قال : قلت أ من عندك يا رسول الله أم من عند الله ؟ قال : لا بل من عند الله !! وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر وكنا نعرف ذلك منه ...
فقلت يا رسول الله ، إن الله إنما نجاني الصدق وإن من توبتي أن لا أحدث الأصدقاء ما بقيت ، فو الله ما أعلم أحدا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن مما أبلاني الله ..
ما تعمدت ، منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا كذبا وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقيت وأنزل الله عز وجل على رسوله « لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار ... إلى قوله « يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ، فو الله ما أنعم الله علي من نعمة قط ، بعد أن هداني للإسلام ، أعظم في نفسي ، من صدقي لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
أقول قولي هذا ,,,,,,
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأصلي وأسلم على عبده ورسوله نبينا و إمامنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه .
أما بعد :
فهكذا كتب الله تعالى النجاة لكعب بن مالك وصاحبيه حيث صدقوا في أقوالهم وعلموا أن عقوبة الدنيا ، أهون بكثير من عقوبة الآخرة وعذابها الشديد الذي أعده الله للكاذبين المستهزئين إن اللجوء إلى الكذب في بعض المواقف ، قد ينجي صاحبه شيئا ما لكنها نجاة مؤقتة ، يعقبها الندم والحسرة ، يوم البعث والنشور .
لقد كان بإمكان كعب بن مالك أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعتذر بما اعتذر به المنافقون وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل اعتذاره لا ريب كما قبل اعتذار المنافقين ... ثم يستمتع كعب بكذبه حتى حين . لكن كعباً كان يدرك أن الأمر ليس بالسهولة التي يتصورها البعض وكان يدرك أن الكذب ليس من شيم الكرام !!
وأيقن أن كذبه قد يخفى على محمد صلى الله عليه وسلم لأنه بشر لا يعلم الغيب ، ولا يعلم ما في القلوب .
لكنه لا يخفى على علام الغيوب ... الذي يعلم خائنة الأعين ، وما تخفي الصدور لقد تحمل كعب - رضي الله عنه - ، هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهجر الناس له خمسين ليلة بتمامها وكما بها كأنها الدهر كله من شدة ما لاقي من الفراق المر والقطيعة الوجعة حتى ضاقت به نفسه وضاقت عليه الأرض بما رحبت ..
إن الدين عقائد راسخة لا تقبل التمييع !! ومبادئ فاضلة لا تقبل المساومة . ولقد أصابت المسلمين الفوضى في معاملاتهم ... والتناقض في تصرفاتهم وانعدمت الثقة أو كادت .... يوم استخفوا بالفضائل التي جاء بها دينهم العظيم ... والأخلاق التي بشر بها رسولهم الكريم .
وإن أمتنا اليوم ، بحاجة جد ماسة ، أن تراجع دينها بكل مفرداته .
عليها أن تراجع العقائد والشرائع والأخلاق والفضائل بكل قوة كما قال الله .. « خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ ... »
إن قصة كعب وصاحبيه ، حوت من الدروس والعبر ما لا يسعها مجلدات ضخمة لمن صوب النظر وأمعن الفكر ولكني أسوقها لندرك كم نحن بحاجة إلى الصدق. الصدق مع الله تعالى ... ومع النفس ومع المجتمع ، ومع العالم بأسره ...
والصدق تحتاج له الأمة كلها على كافة مستوياتها بدءًا من الإمام الأعظم إلى أصغر فرد فيها... فالحاكم المسلم مطالب بالصدق مع الله تعالى بحفظ الأمانة التي استرعاه الله إياها وبايعه المسلمون عليها ..
فعليه أن يتقي الله ويخشاه ويراقبه ويصدق مع ربه ، بتطبيق شريعته وإقامة حكمه ، والرفق برعيته والعدل في مجتمعه .
والوزير في وزارته مطالب بالصدق مع الله تعالى فيحفظ الأمانة التي استرعاه ولي الأمر عليها ... وعليه أن يسير أمور وزارته بما يحقق مصالح الأمة ملتزما بالكتاب والسنة في كل ما يأتي ويذر وقل مثل ذلك للرئيس في رئاسته والمسئول في دائرته ... والمربي في مدرسته ...والبائع في متجره ... والأب في بيته ...
إن الصدق أيها المسلمون... ليس مقتصراً على صدق الحديث مع الآخرين ولكنه أوسع واشمل بكثير فهو عقيدة وشريعة وخلق ومنهج ومبدأ أصيل...
ألا وصلوا على الني صلى الله عليه وسلم ،،،
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى