لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

  الكسب الحلال   Empty الكسب الحلال {الإثنين 21 نوفمبر - 9:16}

إبراهيم بن محمد السعوي
الكسب الحلال

بسم الله الرحمن الرحيم

الخطبة الأولى

الحمد لله ، أمر بالأكل من طيبات الرزق ، كما أمر بشكره وهو الغفور الشكور ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له (( عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ )) ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، أسوةُ كل صبّارٍ شكور ، صلواتُ الله وسلامُه عليه ، وعلى آله وأصحابه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم النشور .

أما بعد : فيا أيها المسلمون اتقوا الله تعالى وكلوا من طيبات ما رزقكم الله ، واعملوا صالحاً (( وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ )) .

معشر المسلمين : لقد شرع الإسلام طرائقَ لكسب المال , أَذِنَ للناس في اتباعها إذا أرادوا أن يشبعوا رغبتهم الفطريةَ في حب المال وجمعه , وكلُ مال يستفيدُه المسلم من خلال التزامه بطرائقِ الكسبِ الشرعية , يعتبر حلالاً طيبًا , لصاحبه الحقُ في تملكه والانتفاعِ به ، في غير سَرَفٍ ولا معصية ، أما المال الذي يحصل عليه الإنسانُ من وسائلَ أخرى غيرِ مشروعة , فهو مال خبيث ,

لا يجوز للمسلم أن يتملكه ولا أن ينتفع به . ولقد حث الإسلامُ على تحري الكسب الطيب , ولو كان قليلاً ، وحذر من الكسب الخبيث , ولو أعجبَ الإنسانَ كثرتُه ، قال تعالى : (( قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )) قال الحسن - رحمه الله - : (( الخبيث والطيب : الحلال والحرام )) وقال القرطبي - رحمه الله -: هو (( عامٌ في جميع الأمور ، يُتصورُ في المكاسب ، والأعمال ، والناس ، والمعارف من العلوم وغيرها ، فالخبيثُ من هذا كلِه لا يفلح ولا يُنْجِب ، ولا تحسنُ له عاقبة وإن كثر ، والطيب وإن قل ، نافعٌ ، جميلُ العاقبة )) .

عباد الله : إن الطَيِّبَ سبب للقبولِ ، واستجابة الدعاء ، كما أن الخبيث بضد ذلك ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (( أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا ، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ ، فَقَالَ : (( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ )) (51: سورة المؤمنون) ، وقال : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ )) (172: سورة البقرة) ، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ ، يَا رَبِّ يَا رَبِّ ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ )) رواه مسلم . والأكل من الطيب ـ أيها المسلمون ـ سبب لدخول الجنة ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( مَنْ أَكَلَ طَيِّبًا ، وَعَمِلَ فِي سُنَّةٍ ، وَأَمِنَ النَّاسُ بَوَائِقَهُ ، دَخَلَ الْجَنَّةَ ، فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّ هَذَا الْيَوْمَ فِي النَّاسِ لَكَثِيرٌ ، قَالَ وَسَيَكُونُ فِي قُرُونٍ بَعْدِي)) رواه الترمذي - رحمه الله - .

قوله : ((بوائقه)) أي : شروره وفساده . ولقد كان السلف الصالح - عليهم رحمةُ الله - يتحرون الحلال ، ويتقون المتشابه ، طلبًا للسلامة في دينهم وأعراضهم ، عملاً بقول الرسول- صلى الله عليه وسلم -: (( إِنَّ الْحَلاَلَ بَيِّنٌ ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ ، لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ ، فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ ، اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ ، وَقَعَ فِي الْحَرَامِ ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى ، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ ، أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى ، أَلاَ وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ ، أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً ، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ )) رواه البخاري ومسلم ، واللفظ لمسلم .

فهذا أبو بكر - رضي الله عنه - تقول عنه عائشةُ ابنته - رضي الله عنها - كما في صحيح البخاري : (( كَانَ لأَبِي بَكْرٍ غُلامٌ يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ ، فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ ، فَقَالَ لَهُ الْغُلامُ : أَتَدْرِي مَا هَذَا ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ ، إِلا أَنِّي خَدَعْتُهُ ، فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ ، فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ ، فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِه )) .

فيا أيها المسلمون: اتقوا الله حق تقاته فإن تقواه سبحانه شعار المؤمنين ودثار المتقين ووصية الله للناس أجمعين، فاتـقوا الله تعالى في كل ما تأتون و تذرون، واتـقوا الله لعلكم تفلحون.

عـباد الله: لقد جبل الله عز وجل الخلق على حب المال ورَكَّب في الطباع الحرص على طلبه وتحصيله لأن به قوام حياة الناس و انتظام أمر معايشهم وتمام مصالحهم. وقد جاء الشرع الحنيف بالحث على السعي في تحصيل المال واكتسابه على أنه وسيلة لغايات محمودة ومقاصد مشروعة، وجعـل للحصول عليه ضوابط وقواعـد واضحة المعالم لا يجوز تجاوزها ولا التعدي لحدودها كي تتحقق منه المصالح للفرد وللجماعة.

وقد أوجب الشارع على المسلم أن يطلب المال ويسعى في أسباب تحصيله مما أذن الله به وشرعه من طرق الكسب الحلال والعمل المباح حتى يستغني المرء به عن ذل السؤال للغير والحاجة للخلق؛ فطلب الرزق وتحصيله شرف للمؤمن وعزة للمسلم، به تُصان الأعراض وتحفظ الكرامة وبه يستعان على كثيرٍ من أعمال البر والطاعة فنعم المال الصالح للمرء الصالح، يقول الصحابي الجليل عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه: (يا حبذا المال أصون به عرضي و أُرضي به ربي).

الكسب الطيب والمال الحلال ينير القلب ويشرح الصدر ويورث الطمأنينة والسكينة والخشية من الله ويعين الجوارح على العبادة والطاعة، ومن أسباب قبول العمل الصالح وإجابة الدعاء.

أما الكسب الخبيث فإنه شؤم وبلاء على صاحبه؛ بسببه يقسو القلب وينطفئ نور الإيمان ويحل غضب الجبار ويمنع إجابة الدعاء، المال الحرام مستخبث الأصول ممحوق البركة والمحصول، إن صرفه صاحبه في برٍ لم يُؤجر، وإن بذله في نفعٍ لم يُشكر، ثم هو لأوزاره مُحتَمِل وعليه معاقب. قال بعض الحكماء: شر المال ما لزمك أثم مكسبه وحُرمت أجر إنفاقه.

• وفي الحديث عند الطبراني وغيره أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: يا رسول الله: ادعوا الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (( يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذى نفس محمدٍ بيده إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يُتقبل منه عملٌ أربعين صباحًا وأيما عبدٍ نبت لحمه من سحت فالنار أولى به )).

• وروى مسلم في صحيحه: (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِيَ بالحرام، فأنَّى يُستجاب لذلك؟)) فلقد استجمع هذا الرجل من صفات الذل والمسكنة والحاجة والفاقة إلى ربه ما يدعو إلى رثاء حاله ويؤكد شدة افتقاره، ولكنه قد قطع صلته بربه، وحَرَمَ نفسه من مدد الله وفضله، وحال بينه وبين قبول دعائه ما هو عليه من استعمال للحرام في المأكل والمشرب والملبس، وماذا يبقى للعبد إذا انقطعت صلته بربه وحُجب دعاؤه وحيل بينه وبين رحمة الله؟ ولذا كان السلف الصالح في غاية الخوف من أكل الحرام والمبالغة في التحذير منه حتى قال بعضهم: ( لو قُمتَ في العبادة قيام السارية ما نفعك ذلك حتى تنظر فيما دخل بطنك).

• وروى البخاري، عن عائشة رضي الله عنها قالت:( كان لأبي بكر الصديق رضي الله عنه غلام فجاء له يومًا بشئٍ فأكل منه، فقال له الغلام: أتدري ما هذا ؟ فقال أبو بكر و ما هو؟ فقال: تكهنتُ لإنسان في الجاهلية وما أُحسنُ الكِهانة إلا أني خدعته فَلقينِي فأعطاني بذلك هذا الذي أكلت منه، فأدخل أبوبكر يده فقاء كل شئ في بطنه) وفي رواية أنه قال: لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها، اللهم إني أبرؤ إليك مما حملت العروق وخالط الأمعاء.

• ورُوي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه شرب لبنًا فأعجبه، فقال للذي سقاه من أين لك هذا؟ فقال مررت بإبل الصدقة وهم على ماء فأخذت من ألبانها، فأدخل عمر يده فاستقاء.

• وأوصت إحدى الصالحات زوجها وقالت له: يا هذا، اتق الله في رزقنا فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار. وإن من العجب أن يحتمي بعض الناس من الحلال مخافة المرض ولا يحتمون من الحرام مخافة النار! وما ذاك إلا لقسوة القلوب واستيلاء الغفلة على النفوس وضعف الإيمان وقلة البصيرة في الدين.

عباد الله، إن للمكاسب المحرمة آثارًا سيئة على الفرد والمجتمع فإنها تُضعف الديانة وتعمي البصيرة، ومن أسباب محق البركة في الأرزاق وحلول المصائب والرزايا وحصول الأزمات المالية المستحكِمة والبطالة المتفشية وانتشار المحن والشحناء والعداء والبغضاء.

وإن مما يؤسى له عظيم الأسى أن في الناس من لا يتحاشون عن اكتساب المال الحرام وتحصيله من أي طريق وعبر أي وسيلة، إذ ليس لهم همٌّ إلا تكديس الأموال وتضخيم الثروات، فالحلال في عرفهم ما قدروا عليه والحرام ما تعذر وصولهم إليه، يسلكون في طلبه مسالك معوَّجة وسبلاً مشبوهة، بل وقد لا يكترثون من المجاهرة بالمكاسب الخبيثة والاستيلاء على الأموال المحرمة التي لا شبهة في تحريمها،حتى أصبح هذا المسلك المشين لشيوعه وانتشاره ظاهرة مألوفة في كثير من مجتمعات المسلمين، حيث فشا فيها أكل الربا وتعاطي الرشوة والغصب والسرقة، والمتاجرة بالمحرمات كالخمور والمخدرات وآلات اللهو والغناء ونحوها، وتطفيف المكاييل والموازين والغش والخداع في البيوع والمعاملات وإنفاق السلع بالأيمان الفاجرة، وأكل أموال اليتامى والقاصرين والاستيلاء على الحقوق والممتلكات واختلاس الأموال الخاصة والعامة بأساليب مختلفة وسبلٍ متنوعة بلا خوفٍ من الله ولا حياءٍ من عباد الله، في صور مهينة من صور البطر والأشر والجشع والطمع لدى بعض النفوس حين يضعف فيها وازع الإيمان وتتحلل من المروءة ومكارم الأخلاق، وإنه ليكاد يصدق على هذا الزمان ما جاء في الحديث عند البخاري وغيره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه أمن الحلال أم من الحرام)) فأين هؤلاء عن قوارع التنزيل التي تُتلى والأحاديث التي تُروى في التحذير من أكل الحرام وبيان عاقبة صاحبه وسوء مصيره ومنقلبه؟ أليس لهم فيها مُدّكرٌ وواعظ ومزدجرٌ ورادع؟ (( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)) (محمد:24).

• يقول الحق جل وعلا في التحذير من الربا: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ )) (البقرة:278-279)

• ويقول عز شأنه في بيان ما أعد من العذاب لأكلة أموال اليتامى: (( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً)) (النساء:10).

• ويقول جل وعلا متوعدًا أهـل التطفيف للمكاييل والموازين: (( وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ* الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ* وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ* أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ* لِيَوْمٍ عَظِيمٍ* يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)) (المطففين:1-6) .

• وفي الحديث، عن أبي أمامة الحارثي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( من اقتطع حق امرئ مسلمٍ بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرّم عليه الجنة، فقال له رجل: وإن كان شيئًا يسيرًا يارسول الله، قال وإن كان قضيبًا من أراك)) رواه مسلم في صحيحه.

• ورُوي أيضًاعن عدي بن عميرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطًا فما فوقه كان غلولاً يأتي به يوم القيامة)) .

• والله عز وجل يقول: (( وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)) (آل عمران:161)) .

فاتقوا الله عباد الله ولتجتنبوا ما حرم ربكم عليكم ونهاكم عنه من المكاسب الخبيثة والأمول المحرمة ولتقنعوا بما أحل لكم من الطيبات ففي الحلال الغنية والكفاية والسعادة في الدنيا والأخرة، اللهم اغننا بحلالك عن حرامك وبطاعتك عن معصيتك وبفضلك عمن سواك يا واسع الفضل والإحسان ياأكرم الأكرمين.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)) (البقرة:172) نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية



الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، أحمده سبحانه وأشكره،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله وحبيبه وخليله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد :

فيا عباد الله ، اتقوا الله حق تقاته، واعلموا أن من دلائل التوفيق، وأمارة السعادة والفلاح للعبد أن يكف عما حرم الله من المكاسب الخبيثة، وما نهى عنه من الأموال المحرمة، وأن يتورع عما يشتبه عليه من ذلك، حرصًا على سلامة دينه وصيانة عرضه،كما قال - عليه الصلاة والسلام -:" فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه " رواه البخاري ومسلم .

وروى الترمذي وابن ماجه عنه رضي الله عنه أنه قال : (( لايبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع مالا بأس به حذرًا مما به بأس)) .

وقال الإمام الحسن البصري ـ رحمه الله ـ: ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيرًا من الحلال مخافة الحرام .

ولتعلموا عباد الله أن المشتبهات يحصل للقلوب عندها قلق واضطراب يحمل على الشك والتردد في حِلها، والورِع من عباد الله يكون وقافًا عند المشتبهات، فيدع ما يريبه إلى ما لا يريبه فذلك مسلك الصالحين، ونهج المتقين، فاتقوا الله أيها المؤمنون، ولتستطيبوا مطاعمكم ومشاربكم وسائر مكاسبكم. (( وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)) (البقرة:281). ألا وصلوا عباد الله على نبي الرحمة والهدى، كما أمركم بذلك المولى جل وعلا بقوله : (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)) (الاحزاب:56). اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد إمام المتقين وسيد الأولين والآخرين، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعملون، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وعنَّا معهم بعفوك ومنِّك يا أكرم الأكرمين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، وانصر عبادك المؤمنين، واحم حوزة الدين يا رب العالمين .

اللهم آمنا في أوطاننا واحفظ أئمتنا وولاة أمورنا، ووفقهم لهداك واجعل عملهم في رضاك يا رب العالمين. اللهم احفظ إمامنا بحفظك وأيده بتأييدك وأعز به دينك يا ذا الجلال والإكرام. اللهم وفق جميع ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وسنة نبيك يا رب العالمين، اللهم وأبرم لهذه الأمة أمر رشد يُعز فيه أهل الطاعة، وُيذل فيه أهل المعصية، ويُؤمر فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر يا سميع الدعاء. اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلادنا وعن سائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك المضطهدين في دينهم في كل مكان، اللهم انصرهم في فلسطين وفي الشيشان وكشمير وغيرها من سائر الأوطان، اللهم كن لهم عونًا وظهيرًا، وهيئ لهم من لدنك وليًا ونصيرًا، اللهم انصر إخواننا المستضعفين في فلسطين، اللهم سدد سهامهم وآراءهم اللهم ارحم ضعفهم واجبر كسرهم واشف مرضاهم واغفر لموتاهم برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم عليك باليهود المعتدين وسائر الكفرة الظالمين، اللهم ألق الرعب في قلوبهم، وفرق جمعهم وشتت شملهم ، وأنزل بهم بأسك الذي لايرد عن القوم المجرمين، يا قوي يا عزيز . اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين. اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولاتجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا، واجعل ما أنزلته قوة لنا على طاعتك وبلاغًا إلى حين، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان واليقين، وبلادنا بالغيث الشامل المدرار يا رب العالمين. ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولاتجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم . ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .

عباد الله : (( إنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ )) (النحل:90-91) . فاذكروا الله الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى