لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

اختلاط النساء بالرجال الحكم والأدلة1  Empty اختلاط النساء بالرجال الحكم والأدلة1 {الأربعاء 23 نوفمبر - 10:10}

الشيخ / إبراهيم بن محمد الحقيل
اختلاط النساء بالرجال الحكم والأدلة1

الخطبة الأولى

الحمد لله العليم الخبير ؛ شَرَع لعباده من الدِّين أحسنه ، واختَار لهم من الشَّرائع أكملها ، فأكمل لهم دينهم ، وأتمَّ عليهم نعمتَه ، ورضيَ لهم الإسلامَ دينا ، نحمده على ما شرعَ وأوجبَ ، ونشكرهُ على ما أعطى وأنعم ، وأشهدُ ألاَّ إلهَ إلاَّ الله وحدهُ لا شريكَ له ؛ خلقَ فأتقنَ الخلقَ ، وحكمَ فأحسنَ الحكمَ {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} وقوله تعالى {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله ؛ أنصحُ الخلقِ للخلق ، وأتقاهُم لله تعَالى ، لا خير إلاَّ دلَّنا عليه ، وأمرنا به ، ولا شر إلاَّ حذَّرنا منه، ونَهانا عنه ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ؛ أسرَع هذه الأمة استجابة للأوامر الربَّانيَّة ، وأشدِّهم التزاماً بالأحكام الشرعيَّة ، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يومٍِ الدين.
أما بعد :
فاتَّقوا الله - أيُّها النَّاس - وأطيعُوه ، واعمَلوا في دنياكم ما يَكون زاداً لكم في أُخراكم ، واعلموا أنَّ الدنيا إلى زَوال ، وأنَّ الآخرةَ هيَ دارُ القرَار ، وأنَّ الموتَ حق ، وأنَّ السَّاعة آتيةٌ لا ريبَ فيها، وأنَّ الله يبعثُ من في القُبور {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ }
أيها الناس:
من دلائِل صِدقِ إيمانِ العَبد ، وسلامةِ قلبِه لله تعالى: الإستسلام لأمرٍِه سبحانه في الأُمور كلِّها ، وتعظيم نُصوص الشَّريعَة ، والوُقُوف عِندها ، وتقديمِِها على أقوال الرِّجال مهمَا كانوا {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ، وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ }
وإنَّما تقع الرِّدة والضَّلال ، ويتَأصَّل الزَّيغ والنِّفَاق في قلبِ العبد إذا عارَض شرع اللهِ تعَالى ؛ تقليداً لغيرِِه ، أو لرأيِ أحدثه ، مُتبعاً فيه هَواه ، مُعرضاً عنْ شرعِ الله سبحانه {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }ومع عظيم الأسى ، وشديد الأسف فإنَّ الإعلام المُعاصر في أكثر فضائِياته وإذاعاته ، وصُحُفِه ومَجلاَّته ، يُربِّي المتلقين عنه على التَّمرُّد على أوامِر الله تعالى ، وانتِهاك حُرُماته والإجتِراء على شريعتِه ، في كثير من القضَايا التي يلقيها على النَّاس من سِياسيَّة واقتِصاديَّة ، واجْتماعيَّة وثقافيَّة ، ولا سيَّما إذا كان الحديث عنِ المرأة وقضَاياها.لقدِ اعتاد المتلقون عنِ الإعلام وبشكلٍ يومي ، بل وفي كلِّ ساعة ولحظَة ، اعتادوا على مُشاهدة سُفور النِّساء ، وظُهُورِهنّ بأبَهى حُلَّة ، وأَجمَل زِينَة ، مُتكشِّفَات مُبتسِمات ، مُختلِطات بالرِّجال ، تجلِس المرأة بجِوار الرجل وتُمازٍحه وتُضاحِكه ، أمًام ملايين المُشاهِدين والمُشاهِدات ، ولا هيَ قريبتُه ، ولا هو محرم لها ، وليس بينهما رباط إلاَّ رِباط الإعلام والشَّيطَان ، ولا يكاد يخلو برنامج أو فقرة من رجل وامرأة في الأخبار والحِوار والرِّياضة والسِّياسة ، والأزيَاء والطَّبخ ، بل حتَّى برامِج الأطفَال لا بُد فيها من فتى وفتاة ، وهذه الصورة المُتكرِّرة في كُلِّ لحظَة تَهُون هذا المُنكر العَظيم في نُفُوس المُشَاهدين ، وتُحَوِّلُهُ مِن مَعصِية وعَيب إلى لا شَيء ؛ وتِلك والله مِن الفِتَن التي يُرقِّق بعضُها بعضاً كما جاء في الحديث ، واعتياد النَّاس لهذه المَشاهد الآثِمة يجعل إنكارهم لها ، وانصرَافهم عنها ضعيفاً جداً ، بل لرُبَّما أنَكَر أكثرهم على من ينكرها ، أو ينكر على من يُشَاهدها ، فانقلبت مِن كونِها مُنكراً وباطلاً إلى معروف وحق لا يجوز أنْ يُجَادَل فيه أحد.وهذا التَّهوين للمُنكَر بالفِعل والصُّورة الذي يتَكرَّر في كُلِّ سَاعة ولَحظة ، يُصاحِبه تسويغ له بالكلمة والمَقالة ؛ فينبري أجهلِ النَّاس بالشَّريعة ، وأضعف الخلق ديانة لمناقشة مسائل الحِجَاب والسُّفُور والخَلوَة والإختِلاط ، وسَفَر المَرأة بِلا مَحَرم ، وليس نِقاشهم عِلمِياً موضوعياً لإحقاق حق ، وإبطَال باطِل ، وإنَّما هو نسف للشَّريعة ، وإبطَال للقُرآن والسُنَّة ، وإلغَاء لما سَارت عليه الأُمَّة المُسلمَة في قُرونشها السَّالفة ، وإحلال للقوانين والعَادات الغَربية محل شريعة الله تعالى في التَّعظيم والطَّاعة والإمتِثال باسم الإنفِتاح والرُّقي والتَّقدُّم.ومِن آثار هذا التجييش الإعلامي للباطل ، ونشر تلك الرَّذائِل على أوسع نطاق نرى تَغَيُّراً مستمراً في كثيرٍ منَ بُيوتِ المُسلمين ، يَتجلَّى في مََظاهر عِدَّة ، وأخلاقِ بدِيلة لم يكُن المُسلمُون يعرفونَها قبل هذا الغَزو الإعلامي ، من التَّساهل بالحِجَاب ، وسَفَر الفتاة للدِّراسَة بِلاَ مَحَرَم ، ومُزَاحمة المرأة للرِّجال في العمل ، واختلاطِها بِهِم في كَثير مِنَ المجالات والأعمال ، بلا خجل ولا حياء ، وأهل الفساد يوسعون دائرة الإفساد ليجتاح الأمة بأكملها ، ويأتي على البيوت والأسر كلها ، وإذا لم يسع المسلمون لإيقاف هذه الأمراض التي تفتك بالمجتمعات ، ولم يأخذوا على أيدي دعاة الرذيلة وناشري الفساد ؛ فإنه سيأتي اليوم الذي يفقد فيه الرجل سلطانه على نسائه وبناته ، فيخرجن متى أردن ، ويصاحبن من شئن ، ويفعلن ما يحلو لهن ، كما وقع في كثير من بلاد المسلمين التي غزاها شياطين الإنس بأفكارهم ، ودمروها بمشاريعهم التغريبية التخريبية ، وحينها لا ينفع ندم ولا بكاء على عفة فقدت ، وقد كانت من قبل تستصرخ أهل الغيرة ولا مجيب لها ، ونعيذ بالله تعالى بلادنا وبلاد المسلمين إن يحل بها ذلك.إنَّ الخطَأ خطأ ولو كثر الواقعون فيه ، وإنَّ المنكر لا ينقلب إلى معروف بمجرد انتشاره ، وهكذا الباطل يبقى باطلا ولو زينه المزورون بزخرف القول ، وروجوه بالدعاية ، والواجب على أهل الإسلام إنكار المنكر ولو كان المتجافي عنه غريبا في الناس، كما يجب عليهم إحقاق الحق ولو أعرض عنه أكثر الناس ، فانتشار الباطل وانتشاء أهله ، وغربة الحق وضعف حملته لا يسوغ السكوت والتخاذل. وإلا غرق المجتمع كله في حمأة الباطل ، وطوفان الرذائل. واختلاط المرأة بالرجال هي القضية الأساس التي يسعى المفسدون لنشرها في المجتمع ، ويستميتون في إقناع الناس بها ، ويوجدون لها المسوغات ، ويجعلونها من الضرورات ، ويعزون كل بلاء في الأمة وتخلف وانحطاط إلى ما ساد من عزل المرأة عن الرجل في التعليم والعمل وغير ذلك. ويعلم المفسدون في الأرض أنهم إن نجحوا في نشر الاختلاط وقهر الناس عليه بقوة القرارات الدولية ، والتَّخويف بالدوّل المستكبرَة ، واستغلالِ نفوذِهم في بلادِ المسلمين ، والتفافشهم على أصحابِ القرارَات والتوصيات ، مما يجعلهم قادرين على إلجاء الناس إليه عمليا في العمل والدراسة ، وفرضه بقوة النظام - وهو ما يسعون إليه بجد وقوة - فإن ما بعد الاختلاط من الإفساد يكون أهون ، والنساء إليه أسرع كالخلوة المحرمة ، وسفر المرأة بلا محرم ، وسفورها وتبرجها ، وعرض زينتها وغير ذلك من الإثم والضلال ، وانتهاك حرمات الكبير المتعال. ولن يوقف ذلك إلا إنكار الناس عليهم ، ورفضهم لمشاريعهم التغريبية ، وكشف خططهم ومآربهم لعامة الناس ، والأمر يعني الجميع ، ولا يختص بأحد دون أحد ، ومن حق الناس أن يسعوا إلى ما فيه حفظ بيوتهم وأسرهم ، وبناتهم ونسائهم من أسباب الفساد والانحراف ، وأن يأخذوا على أيدي المفسدين والمفسدات ، من أتباع الغرب وعباد الشهوات. ومن نظر في شريعة الله تعالى يجد أنها أوصدت كل الأبواب المؤدية إلى الإختلاط ، وسدت الذرائع لذلك ، وحمت المجتمع من الفاحشة والرذيلة بتشريعات ربانية تبقي على المجتمع عفته وطهارته ونقاءه ، واستقامة أسره ، وصلاح بيوته ما دام أفراده قائمين بأمر الله تعالى ، ممتثلين لشرعه ، مستسلمين لنصوص الكتاب والسنة ، ولم يسمحوا للمفسدين أن ينخروا ذلك السياج الرباني بين الرِّجال والنِّساء. يقول الله تعالى قوله سبحانه : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } وهذا الخطاب الرباني لأطهر هذه الأمة قلوبا وهم الصحابة رضي الله عنهم ، وفي أعف النساء وهن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ، فما بالكم بمن هم دونهم من الرجال ، ودونهن من النساء ؟ { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ} فالخالق الرازق سبحانه يأمر في كتابه بالحجاب بين الرجال والنساء والمفسدون يريدون تحطيمه وإزالته. وفي خطاب رباني آخر {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} ثم قال سبحانه{وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ } فلو كان الاختلاط سائغا في الشرع لكان في هذه الأوامر الربانية تكليف بما لا يطاق ؛ إذ كيف تختلط المرأة بالرجل ، وتجلس بجواره في العمل أو الدراسة ، ولا ينظر كل واحد منهما للآخر وهما يتبادلان الأعمال والأوراق والدروس. وذكر النبي عليه الصلاة والسلام أن من حق الطريق: غض البصر ، فإذا كان غض البصر واجبا على الرجال إذا مرت بمجلسهم في الطريق امرأة ، فكيف يسوغ للمزورين أن يزعموا أن شريعة الله تعالى لا تمانع من اختلاط الرجال بالنساء. وفي حديث آخر قال عليه الصلاة والسلام: (إياكم والدخول على النساء ) رواه الشيخان. فكيف إذا بالمكث عندهن وأمامهن وبجوارهن في ساعات العمل كل يوم. بل إن النبي صلى الله عليه وسلم عمل على منع الاختلاط في الطريق أثناء الخروج من المسجد ، وما هو إلا لحظات ، وعقب عبادة عظيمة ، والرجال فيه والنساء من المصلين والمصليات ، وهم وهن أقرب للتقوى ، وأبعد عن الريبة ، فكيف بغير ذلك ؟ روت أم سلمة رضي الله عنها: (أنَّ النِّساء في عهدِ رسولِ الله صلَّى الله عليهِ وسلَّم كنَّ إذا سلَّمن من الصَّلاة قمنَّ وثبت رسولُ اللهِ صلَّى اللهِ عليهِ وسلَّم ومن صلَّى من الرِّجال ما شاءَ الله فإذا قامَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهِ عليهِ وسلَّم قامَ الرِّجال ) رواه البخاري والنسائي. وذات مرة وقع في الخروج من المسجد اختلاط غير مقصود فبادر عليه الصلاة والسلام إلى إنكاره ، وأوصى بما يزيله؛ كما روى أبو أسيد الأنصاري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء: استأخرن فأنه ليس لكن أن تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به) رواه أبو داود. وفي المسجد منع النبي صلى الله عليه وسلم الاختلاط ؛ كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(خير صفوفَ الرِّجالِ أولها وشرّها آخرهَا وخيرَ صفوف النِّساء آخرهَا وشرّها أولها) رواه مسلم. والمسجد أجل مكان وأشرفه ، والقلوب فيه متعلقة بالله تعالى، بعيدة عن الفساد والشر ، ومع ذلك حسمت فيه مادة الشر ، وسدت فيه ذرائع الفساد. وفي الطواف بالبيت وهو من أجل العبادات وأشرفها منع الاختلاط ؛ كما أخبر التابعي الجليل عطاء بن أبي رباح رحمه الله تعالى أن النساء فيه لم يكن يخالطن الرجال وقال:(كانت عائشَة رضيَ اللهُ عنها تطوفُ حجرة من الرِّجال لا تخالطُهم)رواه البخاري. ولما وقع في عهد عمر رضي الله عنه شيء من اختلاط الرِّجال بالنِّساء في الطَّواف نهى أنْ يطوفَ الرِّجال معَ النِّساء ، فرأى رجلاً معهنّ فضربه بالدرّة.
تلك هي شريعَة اللهِ تعالَى في قضيةِ الإختلاط التي يسعى المُنافقون والشَّهوانيون لإقناع النَّاس أنَّ الإختلاط لا يعارضُ الدِّين ، وأنَّه من أسباب الرُّقي والتَّقدُّم ، كذبوا والله وضلُّوا وأضلُّوا. أفبعدَ هذه النصوص المحكمة الواضحة يليق بالمؤمنين والمؤمنات أن يصدقوا أكاذيبهم ، ويرضوا بمشاريعهم ويستسلموا لإفسادهم ، وإخراجهم لنساء المسلمين وبناتهم ، وقتلهم لحيائهن وإحصانهن وعفافهن ، ويتركوهم ينخروا في المجتمع ، ولا ينكرون ذلك عليهم؟! وقد استبان لهم الحق بأدلته ، وبان لهم الباطل بدجله وعورته ، وماذا بعد الحق إلا الضلال.أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ , وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً , يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً}.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه ، ونشكره على فضله وإنعامه ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو بها النجاة يوم لقائه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله تعالى وأطيعوه{وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }.
أيها الناس:
عزل الرِّجال عنِ النِّساء ، واختصاصهنّ بأعمالِ المنزل وحضانة الأطفال ، واختصاص الرِّجال بالعمل والإكتساب هي الفطرة التي فطر الله تعالى الناس عليها ، وسارت عليها البشريَّة طوال تاريخها في الشَّرق والغرب ، وعند سائر الأمم ، قبل أن تأتي الحضارة المعاصرة بهذا الضَّلال ومن قرأ تواريخ الحضارات والأمم السَّالِفة أيقن بحقيقة ذلك.ونزلت شرائِع الله تعالى على أنبيائِه ورسله عليهم السَّلام بما يوافِق هذه الفطرَة ، وقد أجمعت الشَّرائع كلها حفظ النَّسل من الإختلاط ، وعلى حفظ المجتمعات من الفساد والإنحلال ؛ ولذا كان الزِّنى محرماً على لسان كل المرسلين عليهم السلام، ويجمع كل العقلاء من البشر على أن الإختلاط أكبر سبب للزِّنى ، كما يجمع البشر على أنَّ الزِّنى سبب للأمراض والطَّواعين التي تفتك بالنَّاس ، والواقع يدل على هذه الحقائِق. ولا يماري في شيء من ذلك إلاَّ جاهل أو مكابر ، فمن دعا للاختلاط ورضيه فهو يدعو للزِّنى وانتشار الفواحش ، وهو يدعو كذلك لنشر الطَّاعون في النَّاس ، وإهلاكِهم به ، شاء ذلك أم أبى ؛ إذ إنَّ هذه الأمراض الخبيثة هي نتاج دعوته الخبيثة.وإن تعجب فعجب لأناس يدعون للإختلاط ، وينشرون الرَّذيلة في النَّاس ، ثمَّ يحذرون من انتشار مرض الإيدز ، فهل هم صادقون في تحذيرهم ؟ وهل يعقلون ما يقولون وما يفعلون؟ وهل هم إلاَّ كمَن يسقي الإنسان سماً ثم يصيح به محذراً إيّاه أنْ يموت ممَّا سقاه. إنَّه لن تجدي المُؤتمرات والنَّدوات والتَّوعية الصِّحيَّة والاجتماعيَّة في التَّخفيف من الأمراض المستعصية ، النَّاجمَة عن الممارسات الجنسيّة المُحرَّمة إذا كان المفسدون يخلطون بين الرجال والنساء ، ويوسعون دائرة الإختلاط يوما بعد يوم ؛ وينشرون في إعلامهم ما يسعر الشَّهوات ، ويدعو إلى الرَّذيلة؛ ولذا نوصيهم ألاَّ يكذبوا على النَّاس ويخدعوهم ، ويحذروهم من انتشار الإيدز ؛ لأنَّهم أكبر سبب من أسبابه حين شرعوا للإختلاط ، وأفسدوا الإعلام ، وفرضوا على الناس آراءهم الفكرية الشهوانية. يقول العلاَّمة ابن القيم رحمه الله تعالى : ولا ريب أنَّ تمكين النِّساء من اختلاطهنّ بالرِّجال أصل كل بليَّة وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامَّة، كما أنَّه من أسباب فساد أمور العامَّة والخاصَّة.. وهو من أسباب الموت العام والطَّواعين المهلكة. ولمَّا اختلط البغايا بعسكر موسى عليه السلام، وفشت فيهم الفاحشة أرسل الله عليهم الطاعون فمات في يوم واحد سبعون ألفاً، والقصة مشهورة في كتب التفسير ، فمن أعظم أسباب الموت العام: كثرة الزنا بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال، والمشي بينهم متبرجات متجملات. وكلام ابن القيم رحمه الله تعالى لا يعجب أهل الشر والفساد ، ودعاة الرذيلة والانحلال ؛ لأنهم مستعبدون في أفكارهم لما يمليه عليهم أهل الحضارة المعاصرة ، ومشربون بحب كتابات الغربيين ، فلا بأس من نقل شيء من أقوال الغربيين من باب قول الله تعالى {وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ } وحيث إنَّ المفسدين يزعمون أنَّهم بمشاريعهم التغريبية التخريبية ينصرون المرأة ويدافعون عن حقوقها في الاختلاط والفساد فإنني سأنقل بعض أقوال النساء الغربيات حتى نعرف رأيهن في الاختلاط وقد جربنه ، وسبقن نساء العالمين إليه ، ولسن متهمات بأنهن مؤدلجات أو متطرفات ، أو يعشن عصور الظلام والحريم كما يقول المنافقون والمنافقات.
تقول الصحفية الأمريكية هيليان ستانبري ( أنصحكم بأن تتمسكوا بتقاليدكم وأخلاقكم ، امنعوا الاختلاط ، وقيدوا حرية الفتاة ، بل ارجعوا لعصر الحجاب ، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ومجون أوربا وأمريكا ، امنعوا الاختلاط ، فقد عانينا منه في أمريكا الكثير ، لقد أصبح المجتمع الأمريكي مجتمعـًا مليئـًا بكل صور الإباحية والخلاعة ، إنَّ ضحايا الإختلاط يملأون السُجون ، إنَّ الإختلاط في المجتمع الأمريكي والأوروبِّي قد هدّد الأسرة وزلزَل القيَم والأخلاَق ).
وتقول كاتبة أخرى: إنَّه لعارٌ على بلادِ الإنجليز أنْ تجعل بناتها مثلاً للرَّذائِل بكثرةِ مخالطةِ الرِّجال . وفي بريطانيا حذَّرت الكاتبة الإنجليزية " الليدي كوك " من أخطار وأضرار اختلاط النِّساء بالرِّجال فقالت: على قدر كثرة الإختلاط تكون كثرة أولاد الزِّنى وقالت: علموهنَّ الإبتعاد عنِ الرِّجال.
فهل يبقى لدعاة الإختلاَط والفسَاد قول وقد عارضوا شريعةَ اللهِ تعالَى ، وخالفوا الفطرَة التي فطرَ الله النَّاس عليها، وكذبوا على النَّاس فزوَّروا الحقائِق ، وأخفوا النَّتائِج المخزية للإختلاط في البِلاد التي اكتوت بذلك.
حمَى الله تعالى بلادنا وبلاد المسلمين من المفسدين والمفسدات ، والمنافقين والمنافقات ، وردهم على أعقابهم خاسرين ، إنَّه سميع قريب.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد....
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى