لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

الحج أشهر معلومات  Empty الحج أشهر معلومات {الأربعاء 23 نوفمبر - 10:18}

د. رياض بن محمد المسيميري
الحج أشهر معلومات

الخطبة الأولى

إنَّ الحمدَ لِله نحمدهُ ونستعينهُ , ونستغفرهُ , ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا, ومن سيِّئاتِ أعمالِنا , منْ يُهدهِ اللهُ فلا مُضلَ لـهُ , ومنْ يضلل فلا هاديَ له .وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ لـه, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }]آل عمران:102[ .

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }] النساء:1[.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } ]الأحزاب:70-71[.

أما بعدُ : فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ , وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ r وشرَّ الأمورِ مـُحدثاتُها, وكلَّ محدثةٍ بدعة, وكلَّ بدعةٍ ضلالة, وكلَّ ضلالةٍ في النار .

أما بعدُ أيها المسلمون :

ففي هذهِ الأيَّامِ المُباركاتِ، تتوجهُ أفئِدةُ المسلمينَ في أنحاءِ الدنيا إلى الأرض المقدسةِ التي باركَهَا الله, تتوجهُ أفئدةُ المسلمين إلى حيثُ يتكررُ المشهدُ التاريخي الخالد!!وحيثُ التجمعُ العالميُ الضخم، استجابةً لداعي الإيمانِ ونداءِ الخليلِ عليه السلام, ذلكَ النِّداء الذي أشنفَ الآذانِ, وأسعدَ النفوسِ ولامس شغافَ القلوبِ، فإذا به يحطمُ أغلالَ الوثنيةِ يبددُ خيوطَ الظلام, ويعيدُ للعقولِ صوابَها, وللفطرةِ صفائها. وإذا به ينتقلُ بجموعِ المضللين من حمأةِ الجاهلية وفتنِ الحياةِ البهيميةِ السخيفةِ إلى مراتبِ الشرفِ والكرامة, والحياةِ الفاضلة, وإذا بنداءِ التوحيد يرتقي بالآدمي من حضيضِ الغبراءِ إلى مواقعِ الجوزاء، ومن حيثُ الإنسانيةُ الممسوخة والعبوديةُ الملوثة, إلى حيثُ الإنسانُ الكريم، والعبدُ الموحدُ لله، المسبح بحمدِ خالقهِ، المترفعُ عن تفاهاتِ الساقطين وجهالاتِ الحمقى .

{وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِير }الحج28

أيها المسلمون : ويجدُر بنا ونحنُ نعيشُ هذه الأيامُ الفاضلةِ، ونبتهجُ بأغلى أيامِ الموسمِ وأنفسها, يجدرُ بنا أن نغتنمَ مناسبةً كهذه نضعُ النقاطَ على الحروف ، ونقفُ هذه الوقفاتِ السريعةِ, ذكرى لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شهيد .

أمَّا الوقفة الأولى : فنهمسُ من خلالِها في آذانِ إخوانٍ لنا لا يزالون يُسوِّفُونَ في أداءِ هذه الفريضةِ, الركن وهذا الواجبِ الفرض, ممَّا يحزُ في النفسِ ويُوجعُ القلبِ كيف وقد وهبهمُ الله صحةً في أبدانِهم, وبسطةً في أجسامِهم, وسعةً في أرزاقِهم، ورُغمَ هذهِ الهباتِ الإلهيةِ المتوالية, والمنحِ الربانيةِ بلا حدود, رُغم هذا كلِّه لا زال مسلسلُ تأجيلُهم لهذه الفريضةِ مستمراً عاماً بعد آخر, وسنةً بعد أخرى, معتذرينَ بأعذارٍ واهية, ومتحججينَ بحججٍ داحِضة. فتارةً يعتذرونَ بكثرةِ الزحامِ وكثافتهِ، وأخرى بشدةِ الحرِّ وضراوتهِ. ) وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ * فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ( واعجباً ! ماذا ينتظر هؤلاء ؟ أينتظرون أن يمتنعَ الحجاجُ عن القدومِ ليتسنَّى لهم الحجُ بلا زِحام؟!أم ينتظرونَ تكييفَ الشوارعِ والطُّرُقاتِ حتَّى يحُجُّوا بلا حرِّ أو سُموم. ألا إنَّ ذلك التَّسويفَ وتلكَ المُماطَلةِ هي من كيدِ الشَّيطانِ وتلاعُبهِ بهم, وتصويرِ الحجِّ في أذهانِهم كابوساً مُرعِباً تحطيماً لمعنويَّاتِهم, وتوهيناً لعزائِمهم, واستخفَافاً بعُقولِهم, ولو توكَّلَ أولئك على الله حقَّ توكُّلهِ, لفتَح عليهم مِن أبوابِ رحمتهِ, وهيَّأَ لهم مِن أسبابِ تسهيلهِ, حتَّى يكونَ الحجُ أحبَّ إليهم من الماءِ الباردِ على الظمأ, ولوجدوا الحجَّ من ألذِ العبادات وأقربِها إلى النفس ولْيسألوا من جرَّبوا الحجَّ قبلهم, فوجدوا فيه سعادتَهم وأنسَهم, وراحتَهم وفرحَهم، فإذا بهم يتنفلونَ بالحجِّ أعواماً متكررة, وسنواتٍ متعددة. ثم عجيبٌ أن تنظرَ في واقع كثيرٍ من أولئكَ المسوفين! فتجدهمْ يقطعونَ الدنيا طولاً وعرضاً, شرقاً وغرباً باسم النزهةِ والسياحة. معرضينَ أنفسَهم وأهليهِم لمخاطرَ عقديةٍ وأخلاقيةٍ, وأمنية, ثم هم يتثاقلونَ عن فريضةِ الله في أجواءٍ كُلها أمنٌ وروحانيةٌ, وطمأنينةٌ وخشوعٌ, وتوحيدٌ وخضوعٌ, بجوارِ أطهرِ البقاعِ وأشرفِها، وأبركِها وأزكاها. ألا فلْيتقِ الله أولئك ولْيلقوا بأهدابِ الترددِ عن كواهلهم, ويشمروا عن ساعدِ الجدِّ والرجولةِ, فالأمرُ جدُ خطير, والخطبُ أكبرُ ممَّا يتصورون, ففي روايةٍ عن الإمامِ أحمدَ وجماعة : « من تركَ الحجَّ تهاوناً أو كسلاً، فقد كفرَ بالله العظيم »([1]) فهلْ يغمضُ لهم جفنٌ؟ وهل يهدأُ لهم بالٌ بعد هذا ؟ وشبحُ الكفر ِماثلٌ كالظُلّةِ فوقَ رؤوسِهم .

وأما الوقفةُ الثانية : فنقفُها مع حملاتِ الحج, تلك الحملاتِ التي يسَّرت في الجملةِ أسبابَ الحج, وهَونتْ شيئاً من صعوباتهِ وشجعتْ كثيراً من المٌترددين على أداء النُسكِ وإتمامِ الفريضةِ, إلاَّ أنَّ هذا لا يعني غضَّ الطرفِ عن بعضِ الأخطاءِ المتكررة لبعضِ تلكَ الحملاتِ التي لا يجدُ المنصفُ تفسيراً لها, سِوى الطَّمعِ والجَشَعِ, والَّلامبالاةِ بأعصابِ الآخرينَ ومشاعرِهم, إنَّ بعضَ تلك الحملاتِ تعلنُ عن مزايا فُندقيةٍ مغرية, بدءً من السفرِ بالطائرةِ ومروراً بالمخيماتِ والصالاتِ المكيفةِ, وانتهاءً بوسائلِ التنقلاتِ المريحةَ, والوجباتِ الغذائيةِ الفاخرةِ, فضلاً عن برامجَ ثقافيةٍ منوعة, وخدماتٍ هاتفيةٍ بالمجان إلى آخرِ السلسلةِ الدعائيةِ المعروفة. لكنَّ التجربةَ المريرةَ لبعضِ المتعاملينَ مع بعضِ تلكَ الحملاتِ، وأكدَ على بعضِ تلكَ الحملاتِ, أفرزَ حقائقَ مرَّةً يندى لها الجبينُ حياءً, فالمكيفاتُ المزعومةِ ذاتُ الهواءِ الجليدي, سرعانَ ما تحولتْ بقدرةِ قادرٍ إلى مجردِ مواطيرَ مزعجةٍ, تَسمعُ لها جعجعةً, ولا ترى لها طحناً . اللهم إلاّ ضخات من الهواءِ اللاَّفحِ والسمومِ الخانقةِ, أمَّا عن الإزدحامِ داخلَ تلكَ المخيماتِ فحدَّث ولا حرج، فقد حُشر الناسُ في فُرُشٍ متلاصقةٍ ليس بينها مثقالُ ذرةٍ من فراغٍ, فبأيِّ شيءٍ يُفسَّرُ هذا غيرُ الطمعِ والإستغلالِ, والرَّغبةِ في الإثراءِ السَّريعِ فوقَ أكتافِ الآخرينَ دونَ مُقابلٍ معقولٍ, وأمَّا تأخُّر الوجباتِ أو سوء إعدادِها, أو تعطُل الحافلاتِ, أو ضياعُها فكثير. وهمْ كثيراً ما يتحججونَ بأنَّها أعطالٌ مفاجأة, وظروفٌ مباغته, والجواب: أينَ الإعدادُ الجيِّد والبديلَ الملائم, والإحتياطاتِ المناسبةِ, فإنْ لم يكنْ هذا ولا ذاك, فلماذا لا تُردُ الأموالُ لأصحابها ؟ والحقوقُ لأهلها ؟! وعجيبٌ والله أن يجترئَ بعضُ القائمينَ على تلكَ الحملاتِ, ويُلقي باللائمة على زبائنهِ, ويتهمهم بأنَّهم يريدونَ خدماتٍ منزليةٍ, وتسهيلاتٍ فندقية, عجيبٌ أن يصدرَ هذا الكلام بعد أنْ تقبضَ الأموال, وتُجبى الرسومُ, لماذا أحجموا عن ذكرِ هذهِ التبريرات قبل أنْ يتوَّرطَ النَّاسُ بحملاتهم, مُنخدِعينَ بوعُودِهُم البَرَّاقة, وإعلاناتِهم المُلوَّنة, ودِعاياتِهم الفَاخِرة, ألا فليتَّق اللهَ أولئك ولْيَفُوا بِما تَعهَّدوا به, فإنَّ الظُلمَ ظُلُماتٌ يومُ القيامة, وعند الله تجتمعُ الخُصُوم .

وأما الوقفةُ الثالثة : فهي وقفةٌ مع أخطاءِ الحجيجِ ومخالفاتهم, وبدعِهم وتجاوزاتهم, فإنَّ جموعاً كثيرةً من الحجيج لا تزالُ محرومةً إلى حدٍ كبير من نيلِ بركاتِ الحجِ ومنافعهِ الجمَّة. بسببِ كثرةِ الأخطاءِ والمخالفات, وتنوعِ البِدَع والخُرَافات, والتي تحدثُ كلَّ عامٍ بشكلٍ يثيرُ الشفقة, ويدعوا للحزن والأسى ولاتبدوا بالأفق بارقةُ أملٍ لاختفائِها, بل الذي يغلبُ على الظنِّ هو ازديادُها وتراكُمها. وستظلُ تلك البدعِ والمخالفات آخذةً في الإزديادِ والتَّكاثرِ ‍‍عاماً بعد آخر, وستظلُ الأجيالُ اللاحقةِ ترِثُ عن الأجيالِ السابقةِ أخطاءَها وتجاوزاتِها, ما دام المسلمون غيرَ مدركينَ أهميَّةَ تعلُّمِ شعائرِ دِينِهم ‍‍وأُمُورِ فرائضِهم,‍‍ وغيرَ مقدرينَ مسيسَ الحاجةِ إلى زيادةِ حصيلَتهم من الثَّقافةِ الإسلامية الجادة, وأنَّى لتلكَ الجُمُوعِ أنْ تفقهَ الكيفيةَ الصَّحيحةَ لأداءِ المَناسكِ وهيَ لم تسمعْ يوماً في حياتِها حديثَ جابرٍ في وصفِ حَجةِ النبي r ‍‍ فضلاً أنْ تسمعَ شرحاً وافياً للحديث, ‍‍ بإنصاف وموضوعية, أنَّى لتلك الجموعِ أنْ تدركَ أنَّ تجاوزَ الميقاتِ بلا إحرامٍ لا يجوز, ‍‍ وأنَّ الوقوف خارج عرفة مبطلٌ للحجِ, ‍‍وأنَّ رميَ الجمعة بالنَعلِ والحجارةِ الكبيرة بدعةٌ وخرافة, أنَّى لها أن تدركَ ذلك وهيَ لم تجلسْ أمامَ عالمِ سُنَّة يوماً من الدهر ألا إنَّ المخرجَ من أزمةِ الوعيِ هذه هو في وعيِ الأزمةِ أولاً, ومن ثمَّ مضاعفةُ العلماءِ لجهودهم تُجاه تلكَ الجموعِ المُحرومة, ومدِّها بجرعاتٍ مركزةٍ من العلمِ الشرعيِ المؤصل, وما أجملَ أنْ تمتدَ حلقُ العلمِ! وندواتُ الحج ! لتصلَ كلَّ مسجدٍ في مكةَ، وكلَّ مخيمٍ في منى، وكلَّ شارعٍ يمُر به الحاجُ جيئةً أو ذهاباً, وما أحرى أنْ تكونَ لغةُ الطرح متنوعةً ما أمكن ! لتخاطبَ أكبرَ عددٍ ممكنٍ من الحجيج, وحسنٌ جداً أنْ تتسعَ دائرةُ الموضوعاتِ المطروحة, والندواتِ المعقودةِ, وتتنوعُ مضامينُها، لتكونَ تعريفاً شمولياً بأصولِ الإسلامِ وشرائعهِ وآدابهِ وسُننه, وما أمسَّ الحاجةِ إلى محاضراتٍ عن مصادرِ التلقي في الإسلام !! وما أمسَّ الحاجة إلى محاضراتٍ عنوانُها التوحيدُ أولاً ! ومحاضراتٍ عنوانُها هذه عقيدتُنا, ومحاضراتٌ عنوانها هذه مفاهيمُنا, ومحاضراتٌ عنوانها الإيمانُ قولٌ وعمل, ومحاضراتٌ عنوانُها دستورُنا القُرآنُ والسنةُ، ونحوِ ذلك من المحاضراتِ والدروسِ ذاتِ التأصيلِ الشرعي, والطرحِ الموضوعي .

وأمَّا الوقفة الأخيرة: مع الأمنِ عموماً : وأمنِ الحُجاجِ خصوصاً فكُلنا متفقون أنَّ الأمنَ قضيةٌ لا تقبل جدالاً ومناقشة, فهو مسئوليتنا جميعاً, ونحن مطالبونَ شرعاً بأن نكون يداً واحدةً في التصدي لكلِّ من يسعى إلى إثارةِ الفتنِ، أو تخويفِ الحاجِ، أو استدراجِهم إلى ممارساتٍ مشبوهةٍ, أو تصرفاتٍ خرقاءَ من خلالِ تنظيمِ مسيراتٍ دعائية, أو مظاهراتٍ استفزازية, أو غيرها ممَّا يتنافى مع قُدسيةِ الحجِ وأهدافهِ السامية. كما أنَّنا مطالبونَ كذلك شرعاً : بالتصدي لكلِّ من يحاولُ استغلالَ الحجِ أو غيرهِ في بثِ المفاهيمِ المنكوسة ، والعقائدِ الباطلةِ، والأفكارِ المنحرفةِ, فالحجاجُ ليسوا بحاجةٍ إلى مزيدٍ من التضليلِ والإرجاف, وليسوا بحاجةٍ إلى مزيدٍ من البِدَعِ والخُرافات, والأكاذيب والشُّبُهات, ولكنَّهم بحاجة إلى أن يؤدُّوا فريضتَهم بسلامٍ, بعيداً عن إرجافِ المُرجفين، ودجلِ المُخادِعين, وتلاعبِ المُستهتِرين إنَّهم بحاجة إلى الكُتيِّبِ المُفيد والشَّريطِ النَّاصح، والموعظَةِِ المُهذَّبة, والنَّصيحةِ الهَادفة. عائذاً بالله من الشَّيطان الرَّجيم : )الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ( .. بارك الله لي ولكم ..



الخطبة الثانية

الحمد لله يعطي ويمنعُ, ويخفضُ ويرفع, ويضرُ وينفعُ, ألا إلى اللهِ تصير الأمور أما بعد ,

أيها المسلمون : فلا زِلنا في مطلعِ العشرِ المباركاتِ من ذي الحجةٍ، تلكَ العشرُ التي أقسمَ بها الجبَّار جلَّ جلالُه بقولِه، والفجرِ وليالٍ عشر, أقسمَ بها تنويهاً بعظمتِها وفضلها، والمناسبةَ بياناً رسولُنا المُعظم, ونبينا المبجل صلواتُ الله وسلامُه عليه, يومَ أخبرَ عن تلكَ العشرِ المباركات فقال « ما منْ أيامٍ العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من عشر ذي الحجة » ([2])، وهو واللهِ ، خبرٌ يُثير الحماسَ ويستنهضُ الهممَ، ويدفعُ النفوسَ الخيرة إلى المسابقةِ الجادةِ، والتنافسِ الشريفِ لنيلِ ما عند اللهِ من الأجرِ والمثوبة, فهي فرصةٌ سانحةٌ للتوبةِ النصوح, والتخلصِ من المظالم, وإصلاحِ ذاتِ البين, وصلةِ الرحم، وبرِ الوالدين, وحُسنِ الجوار. هي فرصةٌ لإعادةِ النظرِ في منهجيةِ تربيةِ الأنباءِ وإعدادِ البيوتِ, وتعاهدِ الأُسرِ, إنها فرصةٌ لمحاسبةِ النفسِ، ومحاكمةِ الضميرِ واستدراكِ الفائتِ، وإصلاحِ الخطأِ وتلافي العيوبِ. العشرُ الفاضلاتُ من ذي الحجة لا ينبغي أنْ تمرَ في حياتنا مرورَ الكرام، دون أنْ يعبأَ بها أو يفطنَ لها، أو ينوهُ بفضلِها. ولئن كانَ التفريطُ في غيرِها قبيحاً, فالتفريطُ فيها أقبح, ولئنْ كانَ الإهمالُ في غيرِها سيئاً, فالإهمالُ فيها أسوأ, لقد آن الأوانُ أنْ تُحي الأمةُ مواسمَ الطاعةِ في حياتها بذاتِ المنهجِ الذي كانَ يُحيه أسلافُنا, يوم كانوا لا يدَعونَ فرصةً إلا اهتبلوها, ولا مناسبةً إلا اغتنموها في سباقٍ حميمٍ إلى الجنةِ فوقَ مراكبَ من التُقى والعملِ الصالح، فباركَ اللهُ في أوقاتِهم, وضاعَف في درجاتِهم, وسخَّر لهم العباد، وفتحَ بهمُ البلاد, وأتتهم الدنيا وهي راغمةً, وأخيراً تذكرْ يا رعاك الله، أنَّ صيامَ يومَ عرفة يكفرُ خطايا سنتينِ اثنينَ فلا أقلَّ يرحمُكَ الله, إنْ لم يتيسر لك الحجُ هذا العام. أن تغتنمَ فرصةَ هذا اليومِ المجيدِ, فتصومُه ابتغاءَ ما عند اللهِ، من العفوِ والمغفرة، والجودِ والإحسان .

اللهمَّ إنَّا نسألُك الإخلاص في القول والعمل ونسألُك عملاً صالحاً ولوجهِك خالصاً ونسألُك حجَّاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفورا وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين.

الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى