رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
إبراهيم بن محمد السعوي
الأمر بالتعاون على الخير
الحمد لله أمر بالتعاون على البر والتقوى ، وهو الرحمن المستعان ، ونهى عن التعاون على الإثم والعدوان ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يأمر بالعدل والإحسان ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، أرسله الله رحمة للعالمين من الإنس والجان ، صلوات الله وسلامه عليه ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى من اتبعهم بإحسان .
أما بعد :
فيا أيها المسلمون : ( وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)[1] .
معشر المسلمين :
لقد أمر الله تعالى بالتعاون على البر والتقوى ، ونهى عن التعاون على الإثم والعدوان :
فقال سبحانه : (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [2] .
فما هو البر وما التقوى ؟ أيها المسلمون ، وما هو الإثم وما العدوان ؟ وما هي مجالاتُ كلٍ ؟ وكيف يكون التعاونُ على ذلك ؟
أيها المسلم :
البر هو ما أمرت به من الطاعة ، وفعلِ الخير والإحسان وعمل الصالحات ، والتقوى هي ما نهيت عنه من المعصية، وفعل الشر ، وعمل السيئات ، والمرء البار؛ هو المتقي حسنُ الأخلاق ، قال تعالى : (وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى) [3] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : [ الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ ] رواه مسلم رحمه الله [4] ، وقال الماوردي رحمه الله في كتابه ( أدب الدنيا والدين ) : (( ندب الله إلى التعاون بالبر وقرنه بالتقوى له ، فقال : (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى ) لأن في التقوى رضا الله تعالى ، وفي البر رضا الناس ، ومن جمع بين رضا الله تعالى ورضا الناس ، فقد تمتْ سعادتُه ، وعمت نعمتُه )) [5] .
والتقوى أيها المسلمون: هي أن يجعل المسلم بينه وبين عذاب الله وقاية ؛ بفعل أوامره واجتناب نواهيه ، (( قال عمرُ رضي الله عنه لكعب الأحبار : يا كعب ، حدثني عن التقوى ، فقال : يا أمير المؤمنين ، هل أخذتَ طريقًا ذا شوك ؟ قال : نعم ، قال : فما صنعت ؟ قال : حَذِرتُ وشمَّرت ، قال : فكذلك التقوى )) [6] ، وأخذ هذا المعنى ابن المعتز رحمه الله فنظمه وقال :
خل الذنوبَ صغيرَها وكبيرَها ذاك التُقى
واصنع كماشٍ فوق أر ضِ الشوك يحذرُ ما يرى
لا تحقرن صغيرةً إن الجبالَ من الحصى [7]
وقال سفيان بن عيينة رحمه الله : (( لا يصيب رجل حقيقة التقوى حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزًا من الحلال ، وحتى يدع الإثم وما تشابه منه )) [8] .
أيها المسلمون: إن التعاون على البر والتقوى يعتبر من صفات المؤمنين فلا يحرص على ذلك طلبًا لحسن الثواب ، وحصول الأجر إلا مؤمن ، وإن مجالاتِ التعاون على البر والتقوى كثيرةٌ والحمد لله فمنها : صلاة الجماعة ؛ فالمصلون يعين بعضُهم بعضًا على تحصيل البر والخير ، قال ابن القيم رحمه الله : (( فإن المؤمنين ينتفع بعضهم بعمل بعض في الأعمال التي يشتركون فيها كالصلاة في جماعة فإن كل واحد منهم تضاعف صلاته إلى سبعة وعشرين ضعفا لمشاركة غيره له في الصلاة فعمل غيره كان سببا لزيادة أجره كما أن عمله سبب لزيادة أجر الآخر )) [9] . ومن التعاون على البر والتقوى : التنفيسُ عن المكروبين ، والتيسيرُ على المعسرين ، وإعانةُ المحتاجين من الأرامل والأيتام ، وأصحابِ العاهات ومن عليهم ديات ، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا ، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ ، يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا ، سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ ، مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ] رواه مسلم [10] ، ومن ذلك الدعوةُ إلى الخير ، والأمرُ بالمعروف ، والنهيُ عن المنكر ، قال تعالى : ( ولوَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) [11] ، ومن ذلك إعانة طلاب العلم والراغبين في حفظ القرآن على ما يقومون به من تحصيل ذلك ببذل المال لهم وتوفير ما يحتاجونه ، قال هياج بن عبيد : (( تفقه الشيخ أبو إسحاق وأبو يعلى بن الفراء بمعاونة رافعِ بنِ خديج لهما فقد كان ينفق عليهما )) [12] ، وكان بعض نبلاء المسلمين يشتري المصاحف والألواح ويوزعها على أطفال الكتاتيب معونة لهم على حفظ القرآن الكريم . ومن التعاون على البر والتقوى : بذل الجاه والوساطة في قضاء حاجة المسلم عند ولاة الأمور وغيرهم ، وهو من الشفاعة الحسنة التي يؤجر عليها الشافع وإن لم يشفّع ، قال تعالى : (مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا) قال مجاهد بن جبر رحمه الله : (( نزلت هذه الآية في شفاعات الناس بعضهم لبعض )) ابن كثير ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : [ اشفعوا لتؤجروا ] رواه البخاري ومسلم . ومن ذلك التعزية وهي تسلية المصاب ، قال الذهبي رحمه الله : (( واعلم رحمك الله أن التعزية هي التصبير وذكر ما يسلي صاحب الميت ويخفف حزنه ويهون مصيبته وهي مستحبة لأنها مشتملة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهي أيضا داخلة في قوله تعالى (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى) وهذا من أحسن ما يستدل به في التعزية )) الكبائر ومن التعاون على البر والتقوى : النصح لكل مسلم والسعي للصلح بين المتخاصمين ونصرة المظلوم وإماطة الأذى عن الطريق وإرشاد الضال وتعليم الجاهل والمشاركة في بناء المساجد وطبع الكتب النافعة وإسعاف المريض وتغسيل الموتى ودفنهم وغير ذلك من مجالات الخير سواءً باشرها المسلم بنفسه أو دل عليها فإن كل ذلك من سبل الفلاح قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من دل على خير قله مثل أجر فاعله ) رواه مسلم وقال تعالى (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) اللهم اجعلنا من عبادك المفلحين الذين يفعلون الخير وهم محسنون ومن المتعاونين على البر والتقوى أقول قولي هذا ..
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد المرسلين وإمام المتقين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا
أما بعد: فيا أيها المسلمون اتقوا الله تعالى وخذوا حذركم مما نهيتم عنه لتكونوا من المتقين .
معشر المسلمين :
لقد نهى الله عن التعاون عن الإثم والعدوان فقال تعالى : (( وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) ومن التعاون على الإثم والعدوان ..التعاون على معصية الله تعالى بأن يدفع كل واحد منهما الآخر إلى فعل المعصية ، ويشجعه عليها ، بل ربما دله على مكانها وأشار عليه بفعلها ـ ولا حول ولا قوة إلا بالله ـ ولقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم مقياسا لهذا الإثم فقال كما في حديث النَّوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ ؟ فَقَالَ ( وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ )
فيا أيها الناس كونوا مفاتيح للخير مغاليق للشر تفلحوا ، قال صلى الله عليه سلم : ( إن من الناس مفاتيح للخير، مغاليق للشر، و إن من الناس مفاتيح للشر، مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، و ويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه ))
اللهم اجعلنا مفاتيح للخير ومغاليق للشر يا رب العالمين ..
[1] ـ سورة البقرة ، الآية : 194 .
[2] ـ سورة المائدة ، الآية : 2 .
[3] ـ سورة البقرة ، الآية : 189 .
[4] ـ صحيح مسلم ، كتاب البر والصلة والآداب ، باب تفسير البر والإثم ( 4 / 1980 ) رقم 2553 .
[5] ـ أدب الدنيا والدين للماوردي ( ص 184 ) .
[6] ـ التذكرة في الوعظ لابن الجوزي ( ص 123 ) .
[7] ـ ديوان ابن المعتز ( ص 29 ) .
[8] ـ حلية الأولياء لأبي نعيم ( 7 / 288 ) .
[9] ـ الروح لابن القيم ( 1 / 128 ) .
[10] ـ صحيح مسلم ، كتاب الذكر والدعاء .. ، باب الاجتماع على تلاوة القرآن .. ( 4 / 2074 ) رقم 2699 .
[11] ـ سورة آل عمران ، الآية 104 .
[12] ـ سير أعلام النبلاء للذهبي ( 18 / 52 ) ز
الأمر بالتعاون على الخير
الحمد لله أمر بالتعاون على البر والتقوى ، وهو الرحمن المستعان ، ونهى عن التعاون على الإثم والعدوان ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يأمر بالعدل والإحسان ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، أرسله الله رحمة للعالمين من الإنس والجان ، صلوات الله وسلامه عليه ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى من اتبعهم بإحسان .
أما بعد :
فيا أيها المسلمون : ( وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)[1] .
معشر المسلمين :
لقد أمر الله تعالى بالتعاون على البر والتقوى ، ونهى عن التعاون على الإثم والعدوان :
فقال سبحانه : (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [2] .
فما هو البر وما التقوى ؟ أيها المسلمون ، وما هو الإثم وما العدوان ؟ وما هي مجالاتُ كلٍ ؟ وكيف يكون التعاونُ على ذلك ؟
أيها المسلم :
البر هو ما أمرت به من الطاعة ، وفعلِ الخير والإحسان وعمل الصالحات ، والتقوى هي ما نهيت عنه من المعصية، وفعل الشر ، وعمل السيئات ، والمرء البار؛ هو المتقي حسنُ الأخلاق ، قال تعالى : (وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى) [3] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : [ الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ ] رواه مسلم رحمه الله [4] ، وقال الماوردي رحمه الله في كتابه ( أدب الدنيا والدين ) : (( ندب الله إلى التعاون بالبر وقرنه بالتقوى له ، فقال : (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى ) لأن في التقوى رضا الله تعالى ، وفي البر رضا الناس ، ومن جمع بين رضا الله تعالى ورضا الناس ، فقد تمتْ سعادتُه ، وعمت نعمتُه )) [5] .
والتقوى أيها المسلمون: هي أن يجعل المسلم بينه وبين عذاب الله وقاية ؛ بفعل أوامره واجتناب نواهيه ، (( قال عمرُ رضي الله عنه لكعب الأحبار : يا كعب ، حدثني عن التقوى ، فقال : يا أمير المؤمنين ، هل أخذتَ طريقًا ذا شوك ؟ قال : نعم ، قال : فما صنعت ؟ قال : حَذِرتُ وشمَّرت ، قال : فكذلك التقوى )) [6] ، وأخذ هذا المعنى ابن المعتز رحمه الله فنظمه وقال :
خل الذنوبَ صغيرَها وكبيرَها ذاك التُقى
واصنع كماشٍ فوق أر ضِ الشوك يحذرُ ما يرى
لا تحقرن صغيرةً إن الجبالَ من الحصى [7]
وقال سفيان بن عيينة رحمه الله : (( لا يصيب رجل حقيقة التقوى حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزًا من الحلال ، وحتى يدع الإثم وما تشابه منه )) [8] .
أيها المسلمون: إن التعاون على البر والتقوى يعتبر من صفات المؤمنين فلا يحرص على ذلك طلبًا لحسن الثواب ، وحصول الأجر إلا مؤمن ، وإن مجالاتِ التعاون على البر والتقوى كثيرةٌ والحمد لله فمنها : صلاة الجماعة ؛ فالمصلون يعين بعضُهم بعضًا على تحصيل البر والخير ، قال ابن القيم رحمه الله : (( فإن المؤمنين ينتفع بعضهم بعمل بعض في الأعمال التي يشتركون فيها كالصلاة في جماعة فإن كل واحد منهم تضاعف صلاته إلى سبعة وعشرين ضعفا لمشاركة غيره له في الصلاة فعمل غيره كان سببا لزيادة أجره كما أن عمله سبب لزيادة أجر الآخر )) [9] . ومن التعاون على البر والتقوى : التنفيسُ عن المكروبين ، والتيسيرُ على المعسرين ، وإعانةُ المحتاجين من الأرامل والأيتام ، وأصحابِ العاهات ومن عليهم ديات ، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا ، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ ، يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا ، سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ ، مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ] رواه مسلم [10] ، ومن ذلك الدعوةُ إلى الخير ، والأمرُ بالمعروف ، والنهيُ عن المنكر ، قال تعالى : ( ولوَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) [11] ، ومن ذلك إعانة طلاب العلم والراغبين في حفظ القرآن على ما يقومون به من تحصيل ذلك ببذل المال لهم وتوفير ما يحتاجونه ، قال هياج بن عبيد : (( تفقه الشيخ أبو إسحاق وأبو يعلى بن الفراء بمعاونة رافعِ بنِ خديج لهما فقد كان ينفق عليهما )) [12] ، وكان بعض نبلاء المسلمين يشتري المصاحف والألواح ويوزعها على أطفال الكتاتيب معونة لهم على حفظ القرآن الكريم . ومن التعاون على البر والتقوى : بذل الجاه والوساطة في قضاء حاجة المسلم عند ولاة الأمور وغيرهم ، وهو من الشفاعة الحسنة التي يؤجر عليها الشافع وإن لم يشفّع ، قال تعالى : (مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا) قال مجاهد بن جبر رحمه الله : (( نزلت هذه الآية في شفاعات الناس بعضهم لبعض )) ابن كثير ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : [ اشفعوا لتؤجروا ] رواه البخاري ومسلم . ومن ذلك التعزية وهي تسلية المصاب ، قال الذهبي رحمه الله : (( واعلم رحمك الله أن التعزية هي التصبير وذكر ما يسلي صاحب الميت ويخفف حزنه ويهون مصيبته وهي مستحبة لأنها مشتملة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهي أيضا داخلة في قوله تعالى (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى) وهذا من أحسن ما يستدل به في التعزية )) الكبائر ومن التعاون على البر والتقوى : النصح لكل مسلم والسعي للصلح بين المتخاصمين ونصرة المظلوم وإماطة الأذى عن الطريق وإرشاد الضال وتعليم الجاهل والمشاركة في بناء المساجد وطبع الكتب النافعة وإسعاف المريض وتغسيل الموتى ودفنهم وغير ذلك من مجالات الخير سواءً باشرها المسلم بنفسه أو دل عليها فإن كل ذلك من سبل الفلاح قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من دل على خير قله مثل أجر فاعله ) رواه مسلم وقال تعالى (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) اللهم اجعلنا من عبادك المفلحين الذين يفعلون الخير وهم محسنون ومن المتعاونين على البر والتقوى أقول قولي هذا ..
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد المرسلين وإمام المتقين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا
أما بعد: فيا أيها المسلمون اتقوا الله تعالى وخذوا حذركم مما نهيتم عنه لتكونوا من المتقين .
معشر المسلمين :
لقد نهى الله عن التعاون عن الإثم والعدوان فقال تعالى : (( وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) ومن التعاون على الإثم والعدوان ..التعاون على معصية الله تعالى بأن يدفع كل واحد منهما الآخر إلى فعل المعصية ، ويشجعه عليها ، بل ربما دله على مكانها وأشار عليه بفعلها ـ ولا حول ولا قوة إلا بالله ـ ولقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم مقياسا لهذا الإثم فقال كما في حديث النَّوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ ؟ فَقَالَ ( وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ )
فيا أيها الناس كونوا مفاتيح للخير مغاليق للشر تفلحوا ، قال صلى الله عليه سلم : ( إن من الناس مفاتيح للخير، مغاليق للشر، و إن من الناس مفاتيح للشر، مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، و ويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه ))
اللهم اجعلنا مفاتيح للخير ومغاليق للشر يا رب العالمين ..
[1] ـ سورة البقرة ، الآية : 194 .
[2] ـ سورة المائدة ، الآية : 2 .
[3] ـ سورة البقرة ، الآية : 189 .
[4] ـ صحيح مسلم ، كتاب البر والصلة والآداب ، باب تفسير البر والإثم ( 4 / 1980 ) رقم 2553 .
[5] ـ أدب الدنيا والدين للماوردي ( ص 184 ) .
[6] ـ التذكرة في الوعظ لابن الجوزي ( ص 123 ) .
[7] ـ ديوان ابن المعتز ( ص 29 ) .
[8] ـ حلية الأولياء لأبي نعيم ( 7 / 288 ) .
[9] ـ الروح لابن القيم ( 1 / 128 ) .
[10] ـ صحيح مسلم ، كتاب الذكر والدعاء .. ، باب الاجتماع على تلاوة القرآن .. ( 4 / 2074 ) رقم 2699 .
[11] ـ سورة آل عمران ، الآية 104 .
[12] ـ سير أعلام النبلاء للذهبي ( 18 / 52 ) ز
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى