رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
د. محمد بن عبد الله الخضيري
الانتصار لسيد ولد آدم
إن الحمد لله نحمده ..........
أيها المسلمون : حقيقة الإيمان لا تتم إلا بالشهادتين شهادة (أن لا إله إلا الله) وشهادة (أن محمدا رسول الله) فالشهادة لله بالوحدانية في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته والشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بالنبوة والرسالة وتمام ذلك يكون بطاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما عنه نهى وزجر وألا يعبد الله إلا بما شرع وواجب الأمة محبة المصطفى وإتباعه و تعزيزه وتوقيره .
قال تعالى: (( لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً )) (الفتح : 9) .
ويقول صلى الله عليه وسلم : ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)) رواه مسلم.
وعن عبد الله بن هشام قال : ((كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال له عمر يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك . فقال له عمر فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الآن يا عمر)) رواه البخاري .
فحب النبي صلى الله عليه وسلم وطاعته ونشر سنته وتعطير المجالس وإمتاع الأسماع بسيرته وشمائله ونصرته والذب عن عرضه والدفاع عنه ، توحيد وإيمان .
ولئن كان ذلك واجبا على الدوام وسائر الأحوال فوجوبه أوكد وأعظم حين تتعرض الذات الكريمة للأذى والسخرية والاستهزاء .
أيها المسلمون : لقد نشرت صحيفة ( جلاندز بوستن ) الدنمركية يوم الثلاثاء 26/8/1426هـ (12) اثني عشر رسماً كاريكاتيرياً ساخر .. بمن يا ترى ؟! هل كان ذلك بمسئول كبير .. بجنرال .. برئيس دولة ... بل كان ذلك بأعظم رجل وطأت قدماه الثرى , بإمام النبيين وقائد الغر المحجلين صلى الله عليه وسلم .
صور آثمةٌ وقحةٌ وقاحة الكفر وأهلة , أظهروا النبي صلى الله عليه وسلم في إحدى هذه الرسومات عليه عمامة تشبه قنبلة ملفوفة حول رأسه !! وكأنهم يريدون أن يقولوا إنه – مجرم حرب - (ألا ساء ما يزرون) .
ثم في تلك الأيام الماضية وفي يوم عيد الأضحى بالتحديد – إمعاناً في العداء - تأتي جريدة (ما جزينت) النرويجية لتنكأ الجراح وتشن الغارة من جديد , فتعيد نشر الرسوم الوقحة التي نُشرت في المجلة الدنمركية قبل! (( أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ)) (الداريات : 53) .
أيها المسلمون : ومع كل الجنايات التي تتوالى على المسلمين، والبغي والعدوان بألوان وصنوف شتى فما زال المسلمون يواصلون الاحتمال والصبر ولو على مضض، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينال فلا نغضب له، ويساء إليه فلا ننصره، ويتعدى عليه فلا ندافع عنه، فها هي تتوالى بذاءات وإهانات للمسلمين في جناب المصطفى – صلى الله عليه وسلم –
الدنمارك دولة نصرانية صليبية كبقية دول أوربا وأمريكا الشمالية تدين بعقيدة التثليث الباطلة الفاشلة ، الفاسدة الكاسدة !
ومن الطبيعي أن تظل كغيرها عدوة لكل ما يمت للإسلام بصلة وإن تسابق المسلمون إلى اقتناء منتجاتها من الأجبان والأبقار !هذه (الدنمارك) ظلت منذ عدة أشهر تسخر عبر صحفها ووسائل إعلامها من رسولنا الكريم ، ونبينا العظيم صلى الله عليه وسلم .
لا لشي إلا لأن بعض أبناء شعبها بدأوا يفكرون جدياً بالتخلي عن نصرانيتهم واعتناق الإسلام كغيرهم من شعوب العالم
الذين أبهرتهم أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تبعها من تداعيات لا تخفى على أحد !!
فهي تريد بخبث ثني شعبها عن اختيار الدين الحقّ عبر حركة تشويه متعمد لشخص الرسول الكريم ورمز الإسلام الخالد عليه الصلاة والسلام !!
إنّ ما تقوم به الدنمارك وتؤيدها عليه النرويج وتسكت عنه بقية دول العالم النصراني يؤكد أنّ الحرب القائمة بين الإسلام والنصرانية في أفغانستان ، والشيشان ، والعراق حرب دينية عقدية وإن تبرقعت بغطاء مكافحة الإرهاب, أو تلفعت بمرط محاربة الدكتاتوريات في العالم !
أمة الإسلام ..هكذا يفعل النصارى الحاقدون مع نبينا صلى الله عليه وسلم ..وبعضنا ينادي بألا نقول للكافر ..يا كافر ..بل نقول له الآخر ..احتراماً لمشاعره ..ومراعاة لنفسيته !! فهل احترم هؤلاء نبينا ؟!! وهل قدروا مشاعر أمة المليار مسلم!! وهل راعوا نفسيات المسلمين !!
أيها المسلمون : هذه ليست أوّل مرة ينال فيها من مقام النبوة، أو يساء فيها إلى الجناب الكريم فقد صدر مثل ذلك من مستشرقين وصحفيين وفنانين وغيرهم كثيرين، ولكن جانب الفظاعة أن يصدر من إعلام أكثر من دولة أوربية تدعي احترامها وتمسكها بالقوانين الدولية والتي تنص على وجوب احترام الأديان .
ثم هي ممارسات ظلت بشكل متكرر ودون أي اعتذار مع حجم المطالبات الفردية والشعبية ومن الأقليات والمراكز الإسلامية هناك ومن عدد من المنظمات والقيادات في بعض الدول الإسلامية
وهكذا يفعل النصارى الحاقدون مع رسولنا صلى الله عليه وسلم..
وبعضنا ينادي ألا نبغضهم ..ولا نظهر العداوة لهم !! وربنا يقول لنا : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ)) (الممتحنة:1).
وهكذا يفعل عباد الصليب بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ..وبعضنا يطالب بحذف الولاء والبراء من مناهجنا الدراسية..وننـزعه من قلوبنا..لأننا في عصر الصفح والتسامح بين الأديان !!
بالله ماذا يبقى في الحياة من لذة يوم ينال من مقام محمد صلى الله عليه وسلم ثم لا ينتصر له ولا يذاد عن حياضه .
ماذا نقول تجاه هذا العداء السافر, والتهكم المكشوف .. هل نغمض أعيننا, ونصم آذاننا , ونطبق أفواهنا .. لا وربي .. لا يكون ذلك ما دام في القلب عرق ينبض . والذي كرم محمداً وأعلى مكانته لبطن الأرض أحب إلينا من ظاهرها إن عجزنا أن ننطق بالحق وندافع عن رسول الحق .
ألا جفت أقلام وشُلت سواعد جبنت عن تسطير أحرفٍ تذود بها عن حوضه صلى الله عليه وسلم وتدافع عن حرمته .
فإن أبي ووالده وعرضي *** لعرض محمد منكم فداء
إن هؤلاء يتكلمون عن النبي – صلى الله عليه وسلم – الذي علّم البشرية تعظيم أنبياء الله وتوقير رسله : ففي ما أنزل عليه : ((لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ)) (البقرة : 285) .
وأن الإيمان برسالة محمد – صلى الله عليه وسلم – لا يصح ولا يقبل إلا مع الإيمان برسالة عيسى – عليه السلام- ومن سبقه من المرسلين.- وعندما كان اليهود يصفون المسيح بأقبح الأوصاف كان محمد – صلى الله عليه وسلم- يعلم البشرية: ((إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ )) (آل عمران : 45).
((مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ)) (المائدة : 75 ) .
* وعندما كان اليهود يصفون المحصنة العذراء بأفحش الصفات كان محمد – صلى الله عليه وسلم- يعلّم البشرية:
((وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ)) (التحريم: 12) .
وأين كلام ذلك الإعلام الجائر عن القتل وسفك الدماء هناك؟ أم هو الذعر المخرس من معاداة السامية، والمقاييس الانتقائية الجبانة، والتعصب الأعمى المقيت؟
* أين الكلام عن القتل الذي مارسته الكنيسة ضد المسلمين واليهود في الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش؟
* أين الكلام عن القتل وسفك دماء المدنيين من النساء والأطفال والشيوخ في هيروشيما ونجازاكي وفيتنام والشيشان والأفغان والعراق وغيرها؟
* أين الكلام عن سفك الدماء الذي يمارسه اليهود ضد الأطفال والصبايا في فلسطين؟
* إن هؤلاء يصنعون الإرهاب ويقذفون بالنار إلى صهاريج الوقود ، فالنيل من جناب النبوة استفزاز واستنفار لكل مسلم، ودونه أبداً مهج النفوس، وفداه الأمهات والآباء، وإن جمرة الغضب التي يوقدها هؤلاء في قلب كل مسلم لا يمكن التنبؤ بالحريق الذي ستشعله ولا كيف ولا أين . وسيدفع هؤلاء برعونتهم هذه البشرية إلى أتون سعير متواصل من الصراعات والثارات .
عباد الله : ونحن إذ ندافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحمي بذلك ديننا وعقيدتنا , ونؤكد شيئاً من حبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ..
إن مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم رفيع برفعة الله له , لن ينال الشانئ منه شيئاً ((وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ)) (الشرح : 4) .
قال مجاهد: لا أذكر إلا ذكرت معي , أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله . نعم لقد رفع الله ذكر نبينا صلى الله عليه وسلم رغم أنوف الحاقدين والجاحدين , فهاهم المسلمون يصوتون باسمه على مآذنهم في كل مكان .
وشق له من اسمه كي يجله **** فذ والعرش محمود وهذا محمد
والله تعالى قد تولى الدفاع عن نبيه صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ)) (الحج : 38).
وأعلن عصمته له من الناس : ((وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)) (المائدة : 67) .
وأخبر أنه سيكفيه المستهزئين ((إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)) (الحجر : 95) سواء كانوا من قريش أو من غيرهم .
قال ابن سعدي رحمه الله: وقد فعل تعالى , فما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به إلا أهلكه الله وقتله شر قتلة .أهـ أخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي وأبو نعيم كلاهما في الدلائل وابن مردويه بسند حسن والضياء في المختارة .
عن ابن عباس في قوله : ((إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)) قال: المستهزئون, الوليد بن المغيرة والأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب والحارث بن عبطل السهمي والعاص بن وائل, فأتاه جبريل فشكاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرني إياهم, فأراه كل واحد منهم , وجبريل يشير إلى كل واحد منهم في موضع من جسده ويقول : كَفَيْـتُكَهُ, والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ما صنعت شيئا ! .
فأما الوليد , فمر برجل من خزاعة وهو يريش نبلاً فأصاب أكحله فقطعها .
وأما الأسود بن المطلب, فنزل تحت سمرة فجعل يقول: يابنيّ, ألا تدفعون عني؟ قد هلكت وطُعنت بالشوك في عينيّ فجعلوا يقولون: ما نرى شيئاً فلم يزل كذلك حتى عتمت عيناه .
وأما الأسود بن عبد يغوث , فخرج في رأسه قروح فمات منها .
وأما الحارث فأخذه الماء الأصفر في بطنه حتى خرج خرؤه من فيه فمات منه .
وأما العاص فركب إلى الطائف فربض على شبرقة فدخل من أخمص قدمه شوكة فقتلته ( الدر المنثور 5/101) .
أيها المسلمون : لقد أعظمت قريش الفرية على رسول الله صلى الله عليه وسلم , فرمته بالسحر تارة وبالكذب تارة وبالجنون أخرى , والله يتولى صرف ذلك كله عنه لفظاً ومعنىً , ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا ترون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم, يشتمون مذمماً ويلعنون مذمماً, وأنا محمد.
وهكذا هذه الرسومات التي نشرت على هذه الصفحات السوداء , هي قطعاً لا تمثل شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هي صور أملاها عليهم خيالهم الفاسد واعتمدها الشيطان ورسمها لهم سامريهم الأفاك! .
أما محمد صلى الله عليه وسلم فوجهه يشع بالضياء والنور والبسمة والسرور ,لم يستطع أصحابه رضي الله عنهم أن يملئوا أعينهم منه إجلالاً له - وقد عاصروه - فكيف بمن لم يجمعه به زمان ولم يربطه به خلق ولا إيمان ؟!
لقد جاء خبر الصدق من الملك الحق المبين : ((إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)) (الكوثر : 3) .
ليبقى كل شانئٍ للنبي صلى الله عليه وسلم وكل معارض لدينه هو الأبتر المقطوع المنبوذ . أين أبو جهل هل بقي ذكره أم التصق به وصف الجهل في حياته وبعد مماته ؟! وأين أبو لهب لقد مات ومات ذكره فليس يعرف إلا بالهب ؟! و( سيصلى ناراً ذات لهب ) .
وأين ملوك الأكاسرة والقياصرة .. أين ماركس ولينين وستالين وهتلر وكمال أتاتورك جبابرة الأرض وجلادي الشعوب... لقد طمرتهم الأرض ونُسيت رسومهم , ولحقتهم اللعنات, وباتوا بثقل التبعات . لقد مزق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسخر من رسوله, فدعاء عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يمزق الله ملكه, فمزق وقتل على يد أقرب الناس إليه– ابنه – !
وروى البخاري في صحيحة من حديث أنس قال : ((كان رجل نصراني , فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران, وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم , فعاد نصرانياً, فكان يقول : لا يدري محمد إلا ما كتبت له, فأماته الله, فدفنوه, فأصبح وقد لفظته الأرض, فقالوا : هذا فِعْل محمدٍ وأصحابه, نبشوا عن صاحبنا فألقوه, فحفروا في الأرض ما استطاعوا, فأصبح قد لفظته, فعلموا أنه ليس من الناس, فألقوه)) .
علَّق شيخ الإسلام ابن تيمية على الحديث فقال: فهذا الملعون الذي قد افترى على النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يدري إلا ما كتب له, قصمه الله وفضحه بأن أخرجه من القبر بعد أن دفن مراراً, وهذا أمر خارج عن العادة ’ يدل كل أحد على أن هذا كان عقوبة لما قاله , وأنه كان كاذباً ..الخ .
ويقول أيضا رحمه الله : وإنَّ الله منتقمٌ لرسوله ممن طعن عليه وسَبَّه، ومُظْهِرٌ لِدِينِهِ ولِكَذِبِ الكاذب إذا لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد، ونظير هذا ما حَدَّثَنَاه أعدادٌ من المسلمين العُدُول، أهل الفقه والخبرة، عمَّا جربوه مراتٍ متعددةٍ في حَصْرِ الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية، لما حصر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا، قالوا: كنا نحن نَحْصُرُ الحِصْنَ أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو ممتنعٌ علينا حتى نكاد نيأس منه، حتى إذا تعرض أهلُهُ لِسَبِّ رسولِ الله والوقيعةِ في عرضِه تَعَجَّلنا فتحه وتيَسَّر، ولم يكد يتأخر إلا يوماً أو يومين أو نحو ذلك، ثم يفتح المكان عنوة، ويكون فيهم ملحمة عظيمة، قالوا : حتى إن كنا لَنَتَبَاشَرُ بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه ، مع امتلاء القلوب غيظاً عليهم بما قالوا فيه .
وهكذا حدثني بعض أصحابنا الثقات أن المسلمين من أهل الغرب – يعني المغرب - حالهم مع النصارى كذلك.أهـ ( الصارم المسلول ص 116-117)
وبالمقابل فقد علم بعض ملوك النصارى أن إكرام كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بقي فيه الملك ما شاء الله .
ذكر ابن حجر في فتح الباري ج1 ص44 عن السهيليُ أنه بلغه أن هرقل وضع الكتاب في قصبة من ذهب تعظيماً له، وأنهم لم يزالوا يتوارثونه حتى كان عند ملك الفرنج الذي تغلب على طليطلة، ثم كان عند سِبطه، فحدثني بعضُ أصحابنا أن عبد الملك بن سعد أحد قواد المسلمين اجتمع بذلك الملك فأخرج له الكتاب ، فلما رآه استعبر، وسأل أن يمكِّنه من تقبيله فامتنع .
ثم ذكر ابن حجر عن سيف الدين فليح المنصوري أن ملك الفرنج أطلعه على صندوق مُصفَّح بذهب ، فأخرج منه مقلمة ذهب ، فأخرج منها كتاباً قد زالت أكثر حروفه ، وقد التصقت عليه خِرقَة حرير، فقال : هذا كتاب نبيكم إلى جدي قيصر ، ما زلنا نتوارثه إلى الآن، وأوصانا آباؤُنا أنه ما دام هذا الكتاب عندنا لا يزال الملك فينا ، فنحن نحفظه غاية الحفظ، ونعظمه ونكتمه عن النصارى ليدوم الملك فينا " أهـ .
عباد الله : إن فضائل النبي صلى الله عليه وسلم لا تكاد تحصى كثرةً فهو منّة الله على هذه الأمة
قال تعالى : ((لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ)) (آل عمران : 164) .
امتدحه ربه ورفع منزلته فهو أول من تنشق عنه الأرض ,وأول من يدخل الجنة, وله المقام المحمود الذي يحمده عليه الأولون والآخرون, والحوض المورود واللواء المعقود .. إلى غير ذلك من الفضائل والخصائص التي اختص بها عن غيره, وهي مدونة في كتب الدلائل والشمائل والخصائص والفضائل, لقد شهد بفضل نبينا صلى الله عليه وسلم القاصي والداني والصديق والعدو, وأنَّى لأحد أن يكتم فضائله صلى الله عليه وسلم وهي كالقمر في ضيائها, وكالشمس في إشراقها وهو صلى الله عليه وسلم كالشمس للدنيا وكالعافية للبدن .
يقول الشيخ جمال الدين الصرصري والذي قال عنه ابن كثير في البداية والنهاية ج6ص299 : الصرصري المادح, الماهر, ذو المحبة الصادقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم , يشبه في عصره بحسان بن ثابت رضي الله عنه وقد قتله التتار حينما دخلوا بغداد سنة 656هـ. يقول:
محمد المبعوث للنــاس رحمةً *** يشيِّد ما أوهى الضلال ويصلح
لئن سبَّحت صُمُّ الجبـال مجيبةً *** لداود أو لان الحديـد المصفح
فإن الصخور الصمَّ لانت بكفه *** وإن الحصــا في كفه ليُسَبِّح
وإن كان موسى أنبع الماء بالعصا *** فمن كفه قد أصبح المـاء يَطفح
وإن كانت الريح الرُّخاءُ مطيعةً *** سليمان لا تألـو تروح وتسرح
فإن الصبـا كانت لنصر نبينا *** ورعبُ على شهر به الخصم يكلح
وإن أوتي الملكَ العظيم وسخِّرت *** لـه الجن تسعى في رضاه وتكدح
فإن مفاتيح الكنــوز بأسرها *** أتته فرَدَّ الـــزاهد المترجِّح
وإن كـان إبراهيم أُعطي خُلةً *** وموسى بتكليم على الطور يُمنح
فهـذا حبيب بل خليل مكلَّم *** وخصِّص بالرؤيا وبالحق أشرح
وخصص بالحوض الرَّواء وباللِّوا *** ويشفع للعـاصين والنار تَلْفح
وبالمقعد الأعلى المقرَّب نــاله *** عطـــاءً لعينيه أَقرُّ وأفرح
وبالرتبة العليـا الوسيلة دونها *** مراتب أرباب المواهب تَلمح
ولَهْوَ إلى الجنات أولُ داخلٍ *** لــه بـابها قبل الخلائق يُفْتَح
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : ((لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيم)) (التوبة 8) .
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه ...
أيها المسلمون : ويتساءل الجميع ما واجبنا وماهو دورنا المطلوب إن على كل مؤمن يحب الله ورسول صلى الله عليه وسلم ويغار لدينه أن ينتصر لرسوله وأن يقدم كل ما في وسعه لرد هذه الهجمة الشرسة .وعلى الدول الإسلامية أن تهب لنصرة نبيها وأن تستنكر ذلك أشد الاستنكار وأن تطالب مطالبة جادة برد الاعتبار ومعاقبة تلك الشرذمة الأفاكة رعاية لحق من أهم حقوقها.
وعلى المؤسسات أن تقوم بدورها من خلال كتابة بينات تستنكر فيه هذا الفعل المشين وتطالب بمحاكمة هذه المجلات, رداً لاعتبار أكثر من مليار وأربعمائة مليون مسلم !, ثم على المؤسسات والصحف والمجلات والمواقع الإسلامية وأهل الفكر والقلم أن يكتبوا ردودا على هذه الافتراءات,وأن تسطر على صفحاتها- بقلم يسيل عطراً- شمائل النبي صلى الله عليه وسلم وأن تبين الدور العظيم الذي قام به صلى الله عليه وسلم لإنقاذ البشرية وأنه أُرسل( رحمة للعالمين ) وهداية للناس أجمعين.
وعلى أهل المال والثراء أن يبذلوا مما أعطاهم الله لدعم تلك المواقف وإنشاء مواقع الكترونية خاصة بشمائل هذا النبي الكريم وربط الأجيال بهديه وسنته والدفاع عنه وكذا تمويل طباعة الكتب المتحدثة عنه وعن سيرته وتسهيل توزيعها وكذلك السعي لإنشاء قنوات إسلامية متخصصة بالرحمة المهداة وسيرته وسننه وشمائله وعلى المعلمين والتربويين وأهل العلم والفكر أن يستثمروا هذا الحدث بربط الجيل والأمة بهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم وإشاعة ثقافة السنة والسيرة في كل مجال ومناسبة
ويا مسلمون ويا أرباب التجارة والمال أوقفوا كل التعاملات التجارية مع الدنمارك، حتى يتم الاعتذار علنياً ورسمياً من تلك الصحيفة، وتذكروا أن المال زائل، لكن المآثر باقية مشكورة في الدنيا والآخرة، وأعظمها حب رسول الله صلى الله عليه وسلم والانتصار له،
ولكم أسوة في الصحابي الجليل عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول، في موقفه الحازم من أبيه، عندما آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف أنه أجبر أباه على الاعتذار من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا منعه من دخول المدينة ، في الحادثة التي سجلها القرآن الكريم :
(( يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ )) (المنافقون : 8) .
وثبت أنَّ المنافق عبد الله بن أُبيِّ بن سلول تكلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلام قبيح ، حيث قال : " والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ..فعلم ولده عبد الله بذلك فقال لوالده: والله لا تفلت حتى تقر أنك أنت الذليل ورسول الله صلى الله عليه وسلم العزيز!!
فهل يستجيب رجال الأعمال ..لهذا الواجب في الغيرة لنبيهم صلى الله عليه وسلم ؟
وهل يكفُّون عن التعامل التجاري والاستيراد مع الدنمارك حتى يتم تقديم الاعتذار الرسمي، واشتراط عدم تكرار هذه الجريمة .
وأنتم أيها المسلمون ..أتعجزون عن مقاطعة منتجاتهم ..غيرة لنبيكم صلى الله عليه وسلم ؟! حتى يعلم أولئك الأوغاد أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنصاراً؛ لا يرضون أن يدنس جنابه ..أو أن يمس بسوء عرضه..ودون ذلك حزُّ الرؤوس
أيها المسلمون : رسولنا الكريم وحبيب رب العالمين صلى الله عليه وسلم الذي ضحى بكل ما يملك من أجل أن يصلنا هذا الدين ؟!!فكم أوذي من أجلنا ؟ كم بُصق على وجهه الشريف من أجلنا ؟!! كم طرد من أرضه من أجلنا ؟!! وهو الشفيق الرؤوف الرحيم بأمته : ((لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيم)) (التوبة 8) .
ألم يؤذيه قومه فكسروا رباعيته وشجوا رأسه وأدموا عقبيه ثم يعفوا ويصبر ويقول : (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) وحين دخل مكة فاتحا ومنتصرا و توقع الجميع أن ينتقم من أهل مكة ويقتلهم قال (اذهبوا فأنتم الطلقاء)
أليس هو الرحمة المهداة والنعمة المسداة الذي يقول : ((مثلي كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب التي في النار يقعن فيها وجعل يحجزهن ويغلبنه فيتقحمن فيها قال فذلكم مثلي ومثلكم أنا آخذ بحجزكم عن النار هلم عن النار فتغلبوني تقحمون فيه)) رواه البخاري ومسلم
أبعد هذا الجهد والجهاد والبذل والعطاء..الذي قدمه لنا وللبشرية جمعاء أنعجز أن نصنع شيئا لهذا الرسول الكريم .أنعجز.أن نقاطع منتجات الدنمرك بأنواعها وأشكالها؟!!أنعجز أن نكتب إلى سفارتهم خطابا نعبر فيه عن غضبنا عما حصل من تلك الصحيفة !! أنعجز ولدينا تقنيات الاتصال الحديث عبر الفضاء وعبر البريد الاليكتروني أن نراسل كافة مسئولي تلك الدولتين
حقا أيها المسلمون هلموا إلى سلاح المقاطعة ولا يقولن قائلٌ كم سيكونُ حجمُ مقاطعتي ؟فإن لها تأثيرا وأي تأثير؟ ولو على المدى البعيد وفي نفس الوقت تسجيل موقف عملي يسجله التاريخ لأهل الاسلام....
يقولُ النبي صلى الله عليه وسلم : (( جاهدوا المشركين بأموالكم وأيديكم وألسنتكم )) رواه أبو داود والنسائي بسند صحيح .
فأين جهاد الكلمة والبيان؟ وأين المقتدرون بأقلامهم وكتاب الصحف والأعمدة والزوايا لم لا يتشرفون ويبلغون ذرى المجد بتبني مواقف بيانية دفاعية وهجومية معتدلة .
وكم نأسف لحال أعداد كبيرة من الكتاب افتقدناهم في مثل هذا الموضوع وهذا المنعطف الخطير وهم الذين أجلبوا على المسلمين بكتاباتهم الاستفزازية لمحاربة التطرف ونبذا لإقصاء واتهام المناهج الشرعية بكل نقيصة ورمي المراكز الإسلامية والدعوية والأنشطة الصيفية بتهم تفريخ الإرهاب ؟
ولما كان الأمر يتعلق بنقد الغرب (الأسياد ) جحروا وتكسرت نصالهم وجفت محابرههم مع أن قضية سب النبي صلى الله عليه وسلم قضية دينية وقومية ووطنية ؟ ألا تتسع لها قائمة اهتماماتهم ألا يتحدثوا عنها ولو مجاملة للمسلمين في بلادهم وخارجها ؟
حقا إن الفتن كواشف وممحصات : ((مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)) (آل عمران : 179) .
وبالأمس القريب حين عزا أهل العلم زلزال وطوفان سونامي في بعض دول شرق آسيا إلى أن ذلك عقوبة ربانية خرجوا عن طورهم وهبوا جميعا مدافعين عن أمجاد الغرب وحرياتهم الدينية في اعيادهم !
إنها مفارقات في زمن الذل والانبطاح للمستعمر بل وجهود حثيثة لتسويق منهجه وثقافته .
أيها المسلمون وأخيراً : فإن عظمة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في نفوسنا أعظم، ولن ينال منها مثل هذا التصرف الأرعن ( والذي يبصق على السماء عليه أن يمسح وجهه بعد ذلك ).
والذي يعنينا هنا واجبنا نحن تجاه مقام النبوة، والانتصار لجناب الرسول – صلى الله عليه وسلم- والذبّ عن شريف مقامه.
* فهذا نداء إلى كل مؤمن بالله ورسله، إلى كل قلب يخفق حباً لنبيه – صلى الله عليه وسلم - وإلى كل مهجة تتحرق شوقاً إليه، إلى كل مسلم يعلم أنه لولا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - لكنا حيارى في دياجير الظلمات، ولولا رسول الله لكنا فحماً في نار جهنم، إلى كل مسلم يقول من أعماق قلبه: فدى لرسول الله نفسي، وفدى لأنفاسه أبي وأمي، إلى كل مسلم تضج جوانحه تعظيماً وتوقيراً، وإجلالاً وتقديساً لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – هذا نداء لنصرة النبي أمام هذا التواقح الفاحش والتسفل البذيء، ولن يعدم كل غيور أن يجد له مكاناً ومكانة، وأن يبذل فيه جهداً ولو قل، وكل كثير منّا فهو في حق النبي قليل. وذلك بإعلان الاستنكار لهذا التهجم والهجوم والاحتجاج القوي عليه، والرد بعزة ووثوق على شبههم المستهلكة، وأن يعلم هؤلاء ومن يلحد إليهم عظيم جنايتهم وتجنيهم على مشاعر المسلمين، وأن يُعلموا أن مكانة النبي – صلى الله عليه وسلم – في نفوس المسلمين أعظم مما يتصورون، والمساس بها أخطر مما يقدرون،
ألا فا تقوا الله عباد الله وكل في موقعه ومسؤوليته عليه واجب كبير ودين عظيم لا وقت لمجرد التلاوم وإلقاء المسؤولية على الغير أيا كان ذلك الغير بل كل يعمل ما في وسعه لهذا الدين العظيم الذي هو منة الله العظمى على عباده والله قادر على نشر دينه وحفظه ونصر رسله وأوليائه ولكن اقتضت حكمته أن يكلف عباده بذلك ويبتليهم كما قال سبحانه الله : ((وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ)) (محمد : 4) .
فإن قاموا بما عليهم وإلا : ((وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)) (محمد : 38) .
اللهم أعز الإسلام .... والمسلمين.........وصلى الله عليه وسلم
الانتصار لسيد ولد آدم
إن الحمد لله نحمده ..........
أيها المسلمون : حقيقة الإيمان لا تتم إلا بالشهادتين شهادة (أن لا إله إلا الله) وشهادة (أن محمدا رسول الله) فالشهادة لله بالوحدانية في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته والشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بالنبوة والرسالة وتمام ذلك يكون بطاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما عنه نهى وزجر وألا يعبد الله إلا بما شرع وواجب الأمة محبة المصطفى وإتباعه و تعزيزه وتوقيره .
قال تعالى: (( لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً )) (الفتح : 9) .
ويقول صلى الله عليه وسلم : ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)) رواه مسلم.
وعن عبد الله بن هشام قال : ((كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال له عمر يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك . فقال له عمر فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الآن يا عمر)) رواه البخاري .
فحب النبي صلى الله عليه وسلم وطاعته ونشر سنته وتعطير المجالس وإمتاع الأسماع بسيرته وشمائله ونصرته والذب عن عرضه والدفاع عنه ، توحيد وإيمان .
ولئن كان ذلك واجبا على الدوام وسائر الأحوال فوجوبه أوكد وأعظم حين تتعرض الذات الكريمة للأذى والسخرية والاستهزاء .
أيها المسلمون : لقد نشرت صحيفة ( جلاندز بوستن ) الدنمركية يوم الثلاثاء 26/8/1426هـ (12) اثني عشر رسماً كاريكاتيرياً ساخر .. بمن يا ترى ؟! هل كان ذلك بمسئول كبير .. بجنرال .. برئيس دولة ... بل كان ذلك بأعظم رجل وطأت قدماه الثرى , بإمام النبيين وقائد الغر المحجلين صلى الله عليه وسلم .
صور آثمةٌ وقحةٌ وقاحة الكفر وأهلة , أظهروا النبي صلى الله عليه وسلم في إحدى هذه الرسومات عليه عمامة تشبه قنبلة ملفوفة حول رأسه !! وكأنهم يريدون أن يقولوا إنه – مجرم حرب - (ألا ساء ما يزرون) .
ثم في تلك الأيام الماضية وفي يوم عيد الأضحى بالتحديد – إمعاناً في العداء - تأتي جريدة (ما جزينت) النرويجية لتنكأ الجراح وتشن الغارة من جديد , فتعيد نشر الرسوم الوقحة التي نُشرت في المجلة الدنمركية قبل! (( أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ)) (الداريات : 53) .
أيها المسلمون : ومع كل الجنايات التي تتوالى على المسلمين، والبغي والعدوان بألوان وصنوف شتى فما زال المسلمون يواصلون الاحتمال والصبر ولو على مضض، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينال فلا نغضب له، ويساء إليه فلا ننصره، ويتعدى عليه فلا ندافع عنه، فها هي تتوالى بذاءات وإهانات للمسلمين في جناب المصطفى – صلى الله عليه وسلم –
الدنمارك دولة نصرانية صليبية كبقية دول أوربا وأمريكا الشمالية تدين بعقيدة التثليث الباطلة الفاشلة ، الفاسدة الكاسدة !
ومن الطبيعي أن تظل كغيرها عدوة لكل ما يمت للإسلام بصلة وإن تسابق المسلمون إلى اقتناء منتجاتها من الأجبان والأبقار !هذه (الدنمارك) ظلت منذ عدة أشهر تسخر عبر صحفها ووسائل إعلامها من رسولنا الكريم ، ونبينا العظيم صلى الله عليه وسلم .
لا لشي إلا لأن بعض أبناء شعبها بدأوا يفكرون جدياً بالتخلي عن نصرانيتهم واعتناق الإسلام كغيرهم من شعوب العالم
الذين أبهرتهم أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تبعها من تداعيات لا تخفى على أحد !!
فهي تريد بخبث ثني شعبها عن اختيار الدين الحقّ عبر حركة تشويه متعمد لشخص الرسول الكريم ورمز الإسلام الخالد عليه الصلاة والسلام !!
إنّ ما تقوم به الدنمارك وتؤيدها عليه النرويج وتسكت عنه بقية دول العالم النصراني يؤكد أنّ الحرب القائمة بين الإسلام والنصرانية في أفغانستان ، والشيشان ، والعراق حرب دينية عقدية وإن تبرقعت بغطاء مكافحة الإرهاب, أو تلفعت بمرط محاربة الدكتاتوريات في العالم !
أمة الإسلام ..هكذا يفعل النصارى الحاقدون مع نبينا صلى الله عليه وسلم ..وبعضنا ينادي بألا نقول للكافر ..يا كافر ..بل نقول له الآخر ..احتراماً لمشاعره ..ومراعاة لنفسيته !! فهل احترم هؤلاء نبينا ؟!! وهل قدروا مشاعر أمة المليار مسلم!! وهل راعوا نفسيات المسلمين !!
أيها المسلمون : هذه ليست أوّل مرة ينال فيها من مقام النبوة، أو يساء فيها إلى الجناب الكريم فقد صدر مثل ذلك من مستشرقين وصحفيين وفنانين وغيرهم كثيرين، ولكن جانب الفظاعة أن يصدر من إعلام أكثر من دولة أوربية تدعي احترامها وتمسكها بالقوانين الدولية والتي تنص على وجوب احترام الأديان .
ثم هي ممارسات ظلت بشكل متكرر ودون أي اعتذار مع حجم المطالبات الفردية والشعبية ومن الأقليات والمراكز الإسلامية هناك ومن عدد من المنظمات والقيادات في بعض الدول الإسلامية
وهكذا يفعل النصارى الحاقدون مع رسولنا صلى الله عليه وسلم..
وبعضنا ينادي ألا نبغضهم ..ولا نظهر العداوة لهم !! وربنا يقول لنا : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ)) (الممتحنة:1).
وهكذا يفعل عباد الصليب بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ..وبعضنا يطالب بحذف الولاء والبراء من مناهجنا الدراسية..وننـزعه من قلوبنا..لأننا في عصر الصفح والتسامح بين الأديان !!
بالله ماذا يبقى في الحياة من لذة يوم ينال من مقام محمد صلى الله عليه وسلم ثم لا ينتصر له ولا يذاد عن حياضه .
ماذا نقول تجاه هذا العداء السافر, والتهكم المكشوف .. هل نغمض أعيننا, ونصم آذاننا , ونطبق أفواهنا .. لا وربي .. لا يكون ذلك ما دام في القلب عرق ينبض . والذي كرم محمداً وأعلى مكانته لبطن الأرض أحب إلينا من ظاهرها إن عجزنا أن ننطق بالحق وندافع عن رسول الحق .
ألا جفت أقلام وشُلت سواعد جبنت عن تسطير أحرفٍ تذود بها عن حوضه صلى الله عليه وسلم وتدافع عن حرمته .
فإن أبي ووالده وعرضي *** لعرض محمد منكم فداء
إن هؤلاء يتكلمون عن النبي – صلى الله عليه وسلم – الذي علّم البشرية تعظيم أنبياء الله وتوقير رسله : ففي ما أنزل عليه : ((لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ)) (البقرة : 285) .
وأن الإيمان برسالة محمد – صلى الله عليه وسلم – لا يصح ولا يقبل إلا مع الإيمان برسالة عيسى – عليه السلام- ومن سبقه من المرسلين.- وعندما كان اليهود يصفون المسيح بأقبح الأوصاف كان محمد – صلى الله عليه وسلم- يعلم البشرية: ((إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ )) (آل عمران : 45).
((مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ)) (المائدة : 75 ) .
* وعندما كان اليهود يصفون المحصنة العذراء بأفحش الصفات كان محمد – صلى الله عليه وسلم- يعلّم البشرية:
((وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ)) (التحريم: 12) .
وأين كلام ذلك الإعلام الجائر عن القتل وسفك الدماء هناك؟ أم هو الذعر المخرس من معاداة السامية، والمقاييس الانتقائية الجبانة، والتعصب الأعمى المقيت؟
* أين الكلام عن القتل الذي مارسته الكنيسة ضد المسلمين واليهود في الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش؟
* أين الكلام عن القتل وسفك دماء المدنيين من النساء والأطفال والشيوخ في هيروشيما ونجازاكي وفيتنام والشيشان والأفغان والعراق وغيرها؟
* أين الكلام عن سفك الدماء الذي يمارسه اليهود ضد الأطفال والصبايا في فلسطين؟
* إن هؤلاء يصنعون الإرهاب ويقذفون بالنار إلى صهاريج الوقود ، فالنيل من جناب النبوة استفزاز واستنفار لكل مسلم، ودونه أبداً مهج النفوس، وفداه الأمهات والآباء، وإن جمرة الغضب التي يوقدها هؤلاء في قلب كل مسلم لا يمكن التنبؤ بالحريق الذي ستشعله ولا كيف ولا أين . وسيدفع هؤلاء برعونتهم هذه البشرية إلى أتون سعير متواصل من الصراعات والثارات .
عباد الله : ونحن إذ ندافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحمي بذلك ديننا وعقيدتنا , ونؤكد شيئاً من حبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ..
إن مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم رفيع برفعة الله له , لن ينال الشانئ منه شيئاً ((وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ)) (الشرح : 4) .
قال مجاهد: لا أذكر إلا ذكرت معي , أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله . نعم لقد رفع الله ذكر نبينا صلى الله عليه وسلم رغم أنوف الحاقدين والجاحدين , فهاهم المسلمون يصوتون باسمه على مآذنهم في كل مكان .
وشق له من اسمه كي يجله **** فذ والعرش محمود وهذا محمد
والله تعالى قد تولى الدفاع عن نبيه صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ)) (الحج : 38).
وأعلن عصمته له من الناس : ((وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)) (المائدة : 67) .
وأخبر أنه سيكفيه المستهزئين ((إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)) (الحجر : 95) سواء كانوا من قريش أو من غيرهم .
قال ابن سعدي رحمه الله: وقد فعل تعالى , فما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به إلا أهلكه الله وقتله شر قتلة .أهـ أخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي وأبو نعيم كلاهما في الدلائل وابن مردويه بسند حسن والضياء في المختارة .
عن ابن عباس في قوله : ((إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)) قال: المستهزئون, الوليد بن المغيرة والأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب والحارث بن عبطل السهمي والعاص بن وائل, فأتاه جبريل فشكاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرني إياهم, فأراه كل واحد منهم , وجبريل يشير إلى كل واحد منهم في موضع من جسده ويقول : كَفَيْـتُكَهُ, والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ما صنعت شيئا ! .
فأما الوليد , فمر برجل من خزاعة وهو يريش نبلاً فأصاب أكحله فقطعها .
وأما الأسود بن المطلب, فنزل تحت سمرة فجعل يقول: يابنيّ, ألا تدفعون عني؟ قد هلكت وطُعنت بالشوك في عينيّ فجعلوا يقولون: ما نرى شيئاً فلم يزل كذلك حتى عتمت عيناه .
وأما الأسود بن عبد يغوث , فخرج في رأسه قروح فمات منها .
وأما الحارث فأخذه الماء الأصفر في بطنه حتى خرج خرؤه من فيه فمات منه .
وأما العاص فركب إلى الطائف فربض على شبرقة فدخل من أخمص قدمه شوكة فقتلته ( الدر المنثور 5/101) .
أيها المسلمون : لقد أعظمت قريش الفرية على رسول الله صلى الله عليه وسلم , فرمته بالسحر تارة وبالكذب تارة وبالجنون أخرى , والله يتولى صرف ذلك كله عنه لفظاً ومعنىً , ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا ترون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم, يشتمون مذمماً ويلعنون مذمماً, وأنا محمد.
وهكذا هذه الرسومات التي نشرت على هذه الصفحات السوداء , هي قطعاً لا تمثل شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هي صور أملاها عليهم خيالهم الفاسد واعتمدها الشيطان ورسمها لهم سامريهم الأفاك! .
أما محمد صلى الله عليه وسلم فوجهه يشع بالضياء والنور والبسمة والسرور ,لم يستطع أصحابه رضي الله عنهم أن يملئوا أعينهم منه إجلالاً له - وقد عاصروه - فكيف بمن لم يجمعه به زمان ولم يربطه به خلق ولا إيمان ؟!
لقد جاء خبر الصدق من الملك الحق المبين : ((إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)) (الكوثر : 3) .
ليبقى كل شانئٍ للنبي صلى الله عليه وسلم وكل معارض لدينه هو الأبتر المقطوع المنبوذ . أين أبو جهل هل بقي ذكره أم التصق به وصف الجهل في حياته وبعد مماته ؟! وأين أبو لهب لقد مات ومات ذكره فليس يعرف إلا بالهب ؟! و( سيصلى ناراً ذات لهب ) .
وأين ملوك الأكاسرة والقياصرة .. أين ماركس ولينين وستالين وهتلر وكمال أتاتورك جبابرة الأرض وجلادي الشعوب... لقد طمرتهم الأرض ونُسيت رسومهم , ولحقتهم اللعنات, وباتوا بثقل التبعات . لقد مزق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسخر من رسوله, فدعاء عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يمزق الله ملكه, فمزق وقتل على يد أقرب الناس إليه– ابنه – !
وروى البخاري في صحيحة من حديث أنس قال : ((كان رجل نصراني , فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران, وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم , فعاد نصرانياً, فكان يقول : لا يدري محمد إلا ما كتبت له, فأماته الله, فدفنوه, فأصبح وقد لفظته الأرض, فقالوا : هذا فِعْل محمدٍ وأصحابه, نبشوا عن صاحبنا فألقوه, فحفروا في الأرض ما استطاعوا, فأصبح قد لفظته, فعلموا أنه ليس من الناس, فألقوه)) .
علَّق شيخ الإسلام ابن تيمية على الحديث فقال: فهذا الملعون الذي قد افترى على النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يدري إلا ما كتب له, قصمه الله وفضحه بأن أخرجه من القبر بعد أن دفن مراراً, وهذا أمر خارج عن العادة ’ يدل كل أحد على أن هذا كان عقوبة لما قاله , وأنه كان كاذباً ..الخ .
ويقول أيضا رحمه الله : وإنَّ الله منتقمٌ لرسوله ممن طعن عليه وسَبَّه، ومُظْهِرٌ لِدِينِهِ ولِكَذِبِ الكاذب إذا لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد، ونظير هذا ما حَدَّثَنَاه أعدادٌ من المسلمين العُدُول، أهل الفقه والخبرة، عمَّا جربوه مراتٍ متعددةٍ في حَصْرِ الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية، لما حصر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا، قالوا: كنا نحن نَحْصُرُ الحِصْنَ أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو ممتنعٌ علينا حتى نكاد نيأس منه، حتى إذا تعرض أهلُهُ لِسَبِّ رسولِ الله والوقيعةِ في عرضِه تَعَجَّلنا فتحه وتيَسَّر، ولم يكد يتأخر إلا يوماً أو يومين أو نحو ذلك، ثم يفتح المكان عنوة، ويكون فيهم ملحمة عظيمة، قالوا : حتى إن كنا لَنَتَبَاشَرُ بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه ، مع امتلاء القلوب غيظاً عليهم بما قالوا فيه .
وهكذا حدثني بعض أصحابنا الثقات أن المسلمين من أهل الغرب – يعني المغرب - حالهم مع النصارى كذلك.أهـ ( الصارم المسلول ص 116-117)
وبالمقابل فقد علم بعض ملوك النصارى أن إكرام كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بقي فيه الملك ما شاء الله .
ذكر ابن حجر في فتح الباري ج1 ص44 عن السهيليُ أنه بلغه أن هرقل وضع الكتاب في قصبة من ذهب تعظيماً له، وأنهم لم يزالوا يتوارثونه حتى كان عند ملك الفرنج الذي تغلب على طليطلة، ثم كان عند سِبطه، فحدثني بعضُ أصحابنا أن عبد الملك بن سعد أحد قواد المسلمين اجتمع بذلك الملك فأخرج له الكتاب ، فلما رآه استعبر، وسأل أن يمكِّنه من تقبيله فامتنع .
ثم ذكر ابن حجر عن سيف الدين فليح المنصوري أن ملك الفرنج أطلعه على صندوق مُصفَّح بذهب ، فأخرج منه مقلمة ذهب ، فأخرج منها كتاباً قد زالت أكثر حروفه ، وقد التصقت عليه خِرقَة حرير، فقال : هذا كتاب نبيكم إلى جدي قيصر ، ما زلنا نتوارثه إلى الآن، وأوصانا آباؤُنا أنه ما دام هذا الكتاب عندنا لا يزال الملك فينا ، فنحن نحفظه غاية الحفظ، ونعظمه ونكتمه عن النصارى ليدوم الملك فينا " أهـ .
عباد الله : إن فضائل النبي صلى الله عليه وسلم لا تكاد تحصى كثرةً فهو منّة الله على هذه الأمة
قال تعالى : ((لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ)) (آل عمران : 164) .
امتدحه ربه ورفع منزلته فهو أول من تنشق عنه الأرض ,وأول من يدخل الجنة, وله المقام المحمود الذي يحمده عليه الأولون والآخرون, والحوض المورود واللواء المعقود .. إلى غير ذلك من الفضائل والخصائص التي اختص بها عن غيره, وهي مدونة في كتب الدلائل والشمائل والخصائص والفضائل, لقد شهد بفضل نبينا صلى الله عليه وسلم القاصي والداني والصديق والعدو, وأنَّى لأحد أن يكتم فضائله صلى الله عليه وسلم وهي كالقمر في ضيائها, وكالشمس في إشراقها وهو صلى الله عليه وسلم كالشمس للدنيا وكالعافية للبدن .
يقول الشيخ جمال الدين الصرصري والذي قال عنه ابن كثير في البداية والنهاية ج6ص299 : الصرصري المادح, الماهر, ذو المحبة الصادقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم , يشبه في عصره بحسان بن ثابت رضي الله عنه وقد قتله التتار حينما دخلوا بغداد سنة 656هـ. يقول:
محمد المبعوث للنــاس رحمةً *** يشيِّد ما أوهى الضلال ويصلح
لئن سبَّحت صُمُّ الجبـال مجيبةً *** لداود أو لان الحديـد المصفح
فإن الصخور الصمَّ لانت بكفه *** وإن الحصــا في كفه ليُسَبِّح
وإن كان موسى أنبع الماء بالعصا *** فمن كفه قد أصبح المـاء يَطفح
وإن كانت الريح الرُّخاءُ مطيعةً *** سليمان لا تألـو تروح وتسرح
فإن الصبـا كانت لنصر نبينا *** ورعبُ على شهر به الخصم يكلح
وإن أوتي الملكَ العظيم وسخِّرت *** لـه الجن تسعى في رضاه وتكدح
فإن مفاتيح الكنــوز بأسرها *** أتته فرَدَّ الـــزاهد المترجِّح
وإن كـان إبراهيم أُعطي خُلةً *** وموسى بتكليم على الطور يُمنح
فهـذا حبيب بل خليل مكلَّم *** وخصِّص بالرؤيا وبالحق أشرح
وخصص بالحوض الرَّواء وباللِّوا *** ويشفع للعـاصين والنار تَلْفح
وبالمقعد الأعلى المقرَّب نــاله *** عطـــاءً لعينيه أَقرُّ وأفرح
وبالرتبة العليـا الوسيلة دونها *** مراتب أرباب المواهب تَلمح
ولَهْوَ إلى الجنات أولُ داخلٍ *** لــه بـابها قبل الخلائق يُفْتَح
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : ((لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيم)) (التوبة 8) .
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه ...
أيها المسلمون : ويتساءل الجميع ما واجبنا وماهو دورنا المطلوب إن على كل مؤمن يحب الله ورسول صلى الله عليه وسلم ويغار لدينه أن ينتصر لرسوله وأن يقدم كل ما في وسعه لرد هذه الهجمة الشرسة .وعلى الدول الإسلامية أن تهب لنصرة نبيها وأن تستنكر ذلك أشد الاستنكار وأن تطالب مطالبة جادة برد الاعتبار ومعاقبة تلك الشرذمة الأفاكة رعاية لحق من أهم حقوقها.
وعلى المؤسسات أن تقوم بدورها من خلال كتابة بينات تستنكر فيه هذا الفعل المشين وتطالب بمحاكمة هذه المجلات, رداً لاعتبار أكثر من مليار وأربعمائة مليون مسلم !, ثم على المؤسسات والصحف والمجلات والمواقع الإسلامية وأهل الفكر والقلم أن يكتبوا ردودا على هذه الافتراءات,وأن تسطر على صفحاتها- بقلم يسيل عطراً- شمائل النبي صلى الله عليه وسلم وأن تبين الدور العظيم الذي قام به صلى الله عليه وسلم لإنقاذ البشرية وأنه أُرسل( رحمة للعالمين ) وهداية للناس أجمعين.
وعلى أهل المال والثراء أن يبذلوا مما أعطاهم الله لدعم تلك المواقف وإنشاء مواقع الكترونية خاصة بشمائل هذا النبي الكريم وربط الأجيال بهديه وسنته والدفاع عنه وكذا تمويل طباعة الكتب المتحدثة عنه وعن سيرته وتسهيل توزيعها وكذلك السعي لإنشاء قنوات إسلامية متخصصة بالرحمة المهداة وسيرته وسننه وشمائله وعلى المعلمين والتربويين وأهل العلم والفكر أن يستثمروا هذا الحدث بربط الجيل والأمة بهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم وإشاعة ثقافة السنة والسيرة في كل مجال ومناسبة
ويا مسلمون ويا أرباب التجارة والمال أوقفوا كل التعاملات التجارية مع الدنمارك، حتى يتم الاعتذار علنياً ورسمياً من تلك الصحيفة، وتذكروا أن المال زائل، لكن المآثر باقية مشكورة في الدنيا والآخرة، وأعظمها حب رسول الله صلى الله عليه وسلم والانتصار له،
ولكم أسوة في الصحابي الجليل عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول، في موقفه الحازم من أبيه، عندما آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف أنه أجبر أباه على الاعتذار من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا منعه من دخول المدينة ، في الحادثة التي سجلها القرآن الكريم :
(( يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ )) (المنافقون : 8) .
وثبت أنَّ المنافق عبد الله بن أُبيِّ بن سلول تكلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلام قبيح ، حيث قال : " والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ..فعلم ولده عبد الله بذلك فقال لوالده: والله لا تفلت حتى تقر أنك أنت الذليل ورسول الله صلى الله عليه وسلم العزيز!!
فهل يستجيب رجال الأعمال ..لهذا الواجب في الغيرة لنبيهم صلى الله عليه وسلم ؟
وهل يكفُّون عن التعامل التجاري والاستيراد مع الدنمارك حتى يتم تقديم الاعتذار الرسمي، واشتراط عدم تكرار هذه الجريمة .
وأنتم أيها المسلمون ..أتعجزون عن مقاطعة منتجاتهم ..غيرة لنبيكم صلى الله عليه وسلم ؟! حتى يعلم أولئك الأوغاد أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنصاراً؛ لا يرضون أن يدنس جنابه ..أو أن يمس بسوء عرضه..ودون ذلك حزُّ الرؤوس
أيها المسلمون : رسولنا الكريم وحبيب رب العالمين صلى الله عليه وسلم الذي ضحى بكل ما يملك من أجل أن يصلنا هذا الدين ؟!!فكم أوذي من أجلنا ؟ كم بُصق على وجهه الشريف من أجلنا ؟!! كم طرد من أرضه من أجلنا ؟!! وهو الشفيق الرؤوف الرحيم بأمته : ((لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيم)) (التوبة 8) .
ألم يؤذيه قومه فكسروا رباعيته وشجوا رأسه وأدموا عقبيه ثم يعفوا ويصبر ويقول : (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) وحين دخل مكة فاتحا ومنتصرا و توقع الجميع أن ينتقم من أهل مكة ويقتلهم قال (اذهبوا فأنتم الطلقاء)
أليس هو الرحمة المهداة والنعمة المسداة الذي يقول : ((مثلي كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب التي في النار يقعن فيها وجعل يحجزهن ويغلبنه فيتقحمن فيها قال فذلكم مثلي ومثلكم أنا آخذ بحجزكم عن النار هلم عن النار فتغلبوني تقحمون فيه)) رواه البخاري ومسلم
أبعد هذا الجهد والجهاد والبذل والعطاء..الذي قدمه لنا وللبشرية جمعاء أنعجز أن نصنع شيئا لهذا الرسول الكريم .أنعجز.أن نقاطع منتجات الدنمرك بأنواعها وأشكالها؟!!أنعجز أن نكتب إلى سفارتهم خطابا نعبر فيه عن غضبنا عما حصل من تلك الصحيفة !! أنعجز ولدينا تقنيات الاتصال الحديث عبر الفضاء وعبر البريد الاليكتروني أن نراسل كافة مسئولي تلك الدولتين
حقا أيها المسلمون هلموا إلى سلاح المقاطعة ولا يقولن قائلٌ كم سيكونُ حجمُ مقاطعتي ؟فإن لها تأثيرا وأي تأثير؟ ولو على المدى البعيد وفي نفس الوقت تسجيل موقف عملي يسجله التاريخ لأهل الاسلام....
يقولُ النبي صلى الله عليه وسلم : (( جاهدوا المشركين بأموالكم وأيديكم وألسنتكم )) رواه أبو داود والنسائي بسند صحيح .
فأين جهاد الكلمة والبيان؟ وأين المقتدرون بأقلامهم وكتاب الصحف والأعمدة والزوايا لم لا يتشرفون ويبلغون ذرى المجد بتبني مواقف بيانية دفاعية وهجومية معتدلة .
وكم نأسف لحال أعداد كبيرة من الكتاب افتقدناهم في مثل هذا الموضوع وهذا المنعطف الخطير وهم الذين أجلبوا على المسلمين بكتاباتهم الاستفزازية لمحاربة التطرف ونبذا لإقصاء واتهام المناهج الشرعية بكل نقيصة ورمي المراكز الإسلامية والدعوية والأنشطة الصيفية بتهم تفريخ الإرهاب ؟
ولما كان الأمر يتعلق بنقد الغرب (الأسياد ) جحروا وتكسرت نصالهم وجفت محابرههم مع أن قضية سب النبي صلى الله عليه وسلم قضية دينية وقومية ووطنية ؟ ألا تتسع لها قائمة اهتماماتهم ألا يتحدثوا عنها ولو مجاملة للمسلمين في بلادهم وخارجها ؟
حقا إن الفتن كواشف وممحصات : ((مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)) (آل عمران : 179) .
وبالأمس القريب حين عزا أهل العلم زلزال وطوفان سونامي في بعض دول شرق آسيا إلى أن ذلك عقوبة ربانية خرجوا عن طورهم وهبوا جميعا مدافعين عن أمجاد الغرب وحرياتهم الدينية في اعيادهم !
إنها مفارقات في زمن الذل والانبطاح للمستعمر بل وجهود حثيثة لتسويق منهجه وثقافته .
أيها المسلمون وأخيراً : فإن عظمة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في نفوسنا أعظم، ولن ينال منها مثل هذا التصرف الأرعن ( والذي يبصق على السماء عليه أن يمسح وجهه بعد ذلك ).
والذي يعنينا هنا واجبنا نحن تجاه مقام النبوة، والانتصار لجناب الرسول – صلى الله عليه وسلم- والذبّ عن شريف مقامه.
* فهذا نداء إلى كل مؤمن بالله ورسله، إلى كل قلب يخفق حباً لنبيه – صلى الله عليه وسلم - وإلى كل مهجة تتحرق شوقاً إليه، إلى كل مسلم يعلم أنه لولا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - لكنا حيارى في دياجير الظلمات، ولولا رسول الله لكنا فحماً في نار جهنم، إلى كل مسلم يقول من أعماق قلبه: فدى لرسول الله نفسي، وفدى لأنفاسه أبي وأمي، إلى كل مسلم تضج جوانحه تعظيماً وتوقيراً، وإجلالاً وتقديساً لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – هذا نداء لنصرة النبي أمام هذا التواقح الفاحش والتسفل البذيء، ولن يعدم كل غيور أن يجد له مكاناً ومكانة، وأن يبذل فيه جهداً ولو قل، وكل كثير منّا فهو في حق النبي قليل. وذلك بإعلان الاستنكار لهذا التهجم والهجوم والاحتجاج القوي عليه، والرد بعزة ووثوق على شبههم المستهلكة، وأن يعلم هؤلاء ومن يلحد إليهم عظيم جنايتهم وتجنيهم على مشاعر المسلمين، وأن يُعلموا أن مكانة النبي – صلى الله عليه وسلم – في نفوس المسلمين أعظم مما يتصورون، والمساس بها أخطر مما يقدرون،
ألا فا تقوا الله عباد الله وكل في موقعه ومسؤوليته عليه واجب كبير ودين عظيم لا وقت لمجرد التلاوم وإلقاء المسؤولية على الغير أيا كان ذلك الغير بل كل يعمل ما في وسعه لهذا الدين العظيم الذي هو منة الله العظمى على عباده والله قادر على نشر دينه وحفظه ونصر رسله وأوليائه ولكن اقتضت حكمته أن يكلف عباده بذلك ويبتليهم كما قال سبحانه الله : ((وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ)) (محمد : 4) .
فإن قاموا بما عليهم وإلا : ((وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)) (محمد : 38) .
اللهم أعز الإسلام .... والمسلمين.........وصلى الله عليه وسلم
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى