مسلم
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الشيخ / أحمد بن عبد العزيز الشاوي
هم العدو فاحذرهم
الحمد لله الذي يكشفُ البلوى، ويعلمُ السرَّ والنجوى، وأشهدُ ألاَّ إله إلا الله وحدهُ لا شريك له، إنَّهُ هو الربُّ الأعلى، وأشهدُ أنَّ محمداً عبده ورسوله النبي الأكمل، والرسول الأتقى- صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم- تسليماً أما بعد:
فاتقوا الله أيُّها المسلمون: حقَّ التقوى، ولا تموتنَّ إلاَّ وأنتم مسلمون.
الأمةُ تعيشُ في غمةٍ، والأمةُ سيلٌ قد انعقد غمامه، وجيوشُ الصليب جاءت إلى ديار المسلمين من فوقهم ومن أسفل منهم، يُلوِحون بعصاهم الغليظة، ويُشهرون سيفَ التهديد والوعيد، قائلين:إنَّا قد جمعنا لكم فاخشونا، وأهلُ الإسلام يستسقونَ أمطاراً فترتوي الأجواءَ رياحاً وغباراً، بما كسبت أيدي الناس، ليذيقهم بعضَ الذي عملوا لعلهم يرجعون.
وفي غمار الأزماتِ، وأوقاتِ الشدائد والمحن، ينشغلُ الناسُ بالعدو الأصغرِ عن العدو الأكبر، حيثُ تنبعثُ روائحَ منتنةٍ من مستنقعٍ عفن، وتخرجُ جرذانِ الفساد، وفئران الانحلالِ من جحورها، لتغرق سفينةَ الأُمة، وتهدم بنيانها.
من يا تُرى عدونا الأكبر؟! وما تلك الروائح العفنة؟! وما هي جرذان الفسادِ وفئران الخراب ؟!.
إنَّهم قومٌ نسوا الله فنسيهم، أولئكَ هم الفاسقون، أولئكَ هم المفسدون في الأرض، الآمرون بالمنكر، الناهون عن المعروف، إنَّهم المنافقون الذين لا يظهرون إلاَّ في الأزمات ، ولا ينعقونَ إلاَّ إذا انتفش أسيادهم ، ورقصوا على جراح أمتنا طرباً .
إنَّهم المنافقون على اختلاف مشاربهم، وتنوع مسمياتهم، العلمانيون الحداثيون، أرباب الشهوات وأدعياءَ العقلانية والتنوير، الرافضة ، تعددت الأسماءُ والكيدُ واحد.
تنوعت أسماؤهم وسيدهم واحد، (( ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب )) وهدفهم واحد"، (( ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً)) ويحبون أن تشيع الفاحشة بين الذين آمنوا، وودُّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواءَ.
وادعاءَاتُهم واحدة، فالإفسادُ إصلاح، وتدميرُ المرأةِ تحرير، وعقوقها حقوق،. (( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون)) إنَّهم المنافقون والمنافقات، بعضهم من بعض ، من طينةٍ واحدة، وطبيعةِ واحدة، المنافقون في كل زمانٍ وفي كل مكانٍ تختلف أقوالهم وأفعالهم، ولكنها ترجعُ إلى طبعٍ واحد
وتنبع من مستنقعٍ واحد، سوءَ الطوية، ولؤمَ السريرة والغمز، والدس والضعف عن المواجهةِ والجبن عند المصارحة، تلك سماتُهم الأصيلة ، أمَّا سلوكهم فهو الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف، والبخلُ بالمال ، إلاَّ أن يبذلوه رئاءَ الناس، وهُم حين يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، يستخفون بهما، ويفعلون ذلك دساً وهمساً، وغمزاً ولمزاً، لا يجرؤن على الجهر إلاَّ حين يأمنون، ولا يأمنون ويجترئون إلاَّ حينما ينتصرُ أسيادهم من اليهود والصليبين، ويُحلون قريباً من ديارِ المسلمين.
إنَّهم نسوا الله فلا يحسبون إلاَّ حساب الناس وحساب المصلحة، ولا يخشون إلاَّ الأقوياءَ من الناس ، يذلون لهم ويدارونهم، فنسيهم اللهُ فلا وزن لهم ولا اعتبار.
إنَّ النفاقَ لا ينجمُ إلاَّ عن تلك النفوسِ المريضة الجبانة، التي لا تتجرأُ على الظهورِ بأفكارها، أو تلك النفوسِ التي لا ترى إلاَّ حياتها الدنيا ، فإن أُعطي أحدهم رضي، وإن لم يُعط سخط ، وهُناك نفوسٌ تكرهُ الحقَّ ولا تحبُ العيشَ إلاَّ في المستنقعِ الآسن ، فهي تشرقُ بدعوةِ التوحيد، والعبودية لله وحده.
لقد تميزَ عصرُنا الحاضر بارتفاع أصوات المنافقين والمنافقات في أنحاء العالم الإسلامي، فأُفردت لهم الصفحات، ودُعوا إلى التحدث في المنتديات، واحتفلت بهم التجمعات، وسيطروا على كثيرٍ من وسائلِ الإعلام كما يلاحظهُ القاصي والداني.
وحالُ المنافقين ليس بجديدٍ على أمةِ الإسلام، فعداوتهم متأصلةً منذُ هجرة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقد وصفهم الله في سبعةٍ وثلاثين موضعاً من كتابه، وأفاضت السنة في وصفهم، وهي صفاتٌ تتوارثها الأجيال المنافقة، زمنٍ بعد زمن حتى وقتنا الحاضر، "وإذا رأيتهم تُعجبك أجسامهم، وإن يقولوا تسمع لقولهم"، فما أكثرَ المستمعين لحديثهم، المنصتين لهرائهم، المتابعين لإنتاجهم ، والعجبُ أن تتولى حفنةٌ قليلةٌ من المنافقين والمنافقات إفساد الأمة، ومسخها عن دينها ودعوتها، إلى التحررِ والإباحية، والعفنِ والرذيلة، وهكذا هُم المنافقون في كلِّ أمةٍ وفي كل قطر، يتحينون الفرص، ويقطعون الطريق، (( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض)) لا يملون ولا يكلون، ولهم جلدٌ وصبرٌ عجيب، شعارهم ( تقدم خطوتين وارجع خطوة) (( وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم)) .
إنَّ من كيد المنافقين محاولةُ إسقاطِ الشخصيات المسلمة، وتشويه صورتها، والقدحُ في نزاهتها كما في قصةِ الإفك التي تتكرر في كلِّ جيل، وعبر طرقٍ مختلفة.
ومن كيدهم: بلبلةُ الصفِّ الإسلامي، بإشاعة الخور فيه والضعف، وذكرُ قوةِ الأعداء وتهويلها"، (( وقالوا لا تنفروا في الحر)) ، (( لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلاَّ خبالاً)) وكما قال قائلهم يوم تبوك : أتظنون جلادَ بني الأصفرِ كقتالِ العرب، والله لكأنا بكم غداً مقرنين في الحبال ، واستعملوا أسلوبَ السخريةِ والاستهزاء، (( ولئن سألتهم ليقولنَّ إنما كنَّا نخوض ونلعب )) .
أيُّها المسلمون :
المنافقون هم الذين يتخذون الكافرين أولياءَ من دون المؤمنين، يبتغون عندهم العزةَ، ويُسارعون فيهم، يقولونَ نخشى أن تُصيبنا دائرة"، فهم يتعاونون مع أعداءِ الإسلام لتدميرِ الأمةِ المسلمة، قال شيخ الإسلام": وهؤلاءِ المنافقين في هذه الأوقات، فيهم ميلٌ إلى التتار، لكونهم لا يلزمونهم شريعة الإسلام.
يشهدُ التاريخُ ويشهدُ الحال على أنَّهُ ما من فتنةٍ هي أشدُّ خطراً وكيداً على الأمة، وقيادتها ومبادئها، مثل كيد المنافقين.
فهم لا تربطهم بقادتهم، ولا بأوطانهم مبادئُ سامية، ولا قيمٍ نبيلة ، رائدهم المصلحة وهدفهم الإفساد.
روي عنه- صلى الله عليه وسلم- قوله : (( إني لا أتخوف على أمتي مؤمناً ولا مشركاً ، أمَّا المؤمن فيحجرهُ إيمانه ، وأما المشركُ فيقمعهُ كفره ، ولكن أتخوفُ عليكم منافقاً عالم اللسان ، يقولُ ماتعرفون ، ويعملُ ما تنكرون)) .
من ينسى موقفهم في أحد، وخيانتهم يوم الخندق، وإرجافهم في تبوك، ومن ينسى مؤامرتهم لإسقاط الدولة المسلمة، ومن ينسى تواطؤهم مع التتار، وتعاونهم مع أهلِّ الصليب، أمَّا في عصرنا فتشهدُ أرض أفغانستان بالأمس، وبلاد العراق اليوم بخبثهم وخيانتهم ومكرهم.
إنَّ شماتتهم وفرحهم بما يُصيبُ المسلمين من نكباتٍ، لم يكن ليُخفيها التظاهرُ المتصنع ، وما تقولهُ أفواههم غيرَ ما تُخفيه صُدورهم .
إنَّهم وإن دندنوا بالحفاظ على مصلحةِ الوطن، وتحدثوا عن الحرصِ على الوحدة والتآلف، فهم بأفعالهم كاذبون، وبمواقفهم خائنون، (( وإن يقولوا تسمع لقولهم )) (( وفيكم سمَّا عون لهم )) .
لم يعرف التاريخ السابق والمعاصر قوماً أشدُّ وفاءً لقيادتهم وأمتهم، وأكثرُ حفاظاً على مكتسبا تهم، من أهلِّ السنةِ الصالحين المصلحين، الذين ينطلقون في مواقفهم من عقيدةٍ راسخة، وقيمٍ نبيلة، وإيمانٍ بالله واليوم الآخر، لا خوفاً من بشرٍ ولا طمعاً في عَرَض.
أيُّها المسلمون:
والأمةُ اليوم مهددةٌ من أعدائها، وليس لها من دونِ الله كاشفة، والفتنُ قد اشتدَّ أوارها ، فإنَّ الحاجةَ تشتدُّ للعودة إلى الله، واللجوءِ إلى حماه ، والحاجةُ تشتدُّ إلى التعاون والتآلف، ووحدةَ الصفِّ والاعتصامِ بحبل الله ، والحاجةُ تشتدُّ إلى السيرِ في ركبِ جماعةِ المسلمين وإمامهم.
ولكنَّ المنافقين في الأمة انطلاقاً من مبادئهم في خلخلة الصفوف، وتحقيقاً لأهداف أسيادهم"، (( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم)) ، ويبغونكم الفتنة، ويريدون أن تميلوا ميلاً عظيماً.
هاهم اليوم يستغلون انشغالَ الأمةِ بالأحداثِ والأزمات ، يبثُّون سمومهم، وينشرون أفكارهم العفنة، ويدعون إلى ضلالاتهم التي تشهدُ هدم الجدار الأخلاقي للأمة ، لكي يسهلَ استعمارها، ويخف على أسيادهم دمارها.
لقد رأوا كما رأى أسيادهم، أنَّ إفساد المرأةِ هو أقصرُ الطُرقِ لإفسادِ المجتمعِ بأسره، فسلطوا سهام أقلامهم للحديث عن قضايا المرأة وحقوقها المهضومة كما يزعمون.
إنَّ قضاياهم التي يطرحونها، وأفكارهم التي ينشرونها، لا تتجاوزُ المرأة وشؤونها، سواءً فيما يخصُّ تعليمها، ولباسها المدرسي ومناهجها، أو فيما يخصُّ عملها، ومحاولةُ إقحامها في مجالاتٍ لا تتناسبُ مع طبيعتها ، أو فيما يتعلقُ بترفيهها من خلالِ دعواتهم لإنشاءِ نوادٍ نسائية .
وآخر غثائهم دعوتُهم التي أٌقرت، وهي سماحَهم للمرأةِ بالعملِ بائعةً بمحلاتِ أدوات التجميل، ومندوبة مبيعات.
ودعكَ من شروطهمُ التي وضعُوها، فإنَّما هي حبرٌ على ورق.
وفي برنامجٍ تلفازي، يصبحُ المذيعُ مفتياً، فيعرضُ صورَ نساءٍ كاشفاتِ الوجهِ، ويبرر بأنَّهُ هذا لا شيءَ فيه شرعاً .
إنَّ مثلَ هذه الدعواتِ العفنةِ في مجتمعنا المسلمُ الغيور، إنَّما تزرعُ بذورَ الخصامِ والعداوات، وتؤججُ نارَ الفُرقةِ والنزاعات، وتستجلبُ غضبَ اللهِ عز وجل وسخطه.
كلُنا يُدركُ والمنافقون يعلمون أنَّ فتنةَ التبرج والسفور في البلاد المسلمة، إنَّما بدأت بكشفِ وجه المرأة، فخلعت معهُ ما هو أغلى وأثمن، ألا وهو ثوبُ الحياء، الذي طالما صان وجهها، أن يكون معروضاً مبذولاً لكلِّ من شاءَ أن يراه، وما زالت المرأةُ تتدرجُ في خطوات السفور، حتى وصلت إلى ما تعلمون وتسمعون.
وكلُنَّا يُدركُ أنَّ عمل المرأة بائعةً ومندوبة مبيعات، يستلزمُ قيادتها للسيارة، ويتطلبُ اختلاطها بالرجال، واتصالها بهم، ولا تسأل بعد هذا عمَّا يحدثُ من فتنٍ وضياع، فلماذا الضحكُ على الذقون ؟ .
وإننا نتساءلُ بحرقةٍ وأسى : لمصلحةِ من تُبثُّ هذه الأفكار العفنة، وتنشرُ هذه الآراء المفسدة ؟ وهل نحنُ نُعاني من قلةِ الرجال العاملين، أوليس لنا عبرةً في تجاربِ الغرب الكافر، حينما انتهوا إلى حقيقةِ : أنَّ المرأةَ دورها في بيتها، وعملها في أسرتها، فلماذا نبدأُ من حيثُ بدؤواُ لا من حيث انتهوا.
إننا نعلمُ ونوقنُ، أن ليس بالقومِ غيرةٌ على الدين، ولا حرصٌ على مصالحِ البلادِ والعباد، ولكنهم المنافقون يصطادون في الماءِ العكر، ولا يرضيهم إلاَّ أن يكون مُجتمعنا نسخةً من مجتمعات الغربِ المنحلة، ولا يقرُّ أعينهم إلاَّ مشاهد المسارح والبارات ، ودورُ البغاءِ وأولادُ السفاح منتشرةً في شوارعنا ، إنَّهم كما أخبر الله ((ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً)).
إنَّ العلمانيين حينما يطرحون قضيةَ المرأةِ وحجابها، ويُطالبون بقيادتها للسيارة، ومشاركتها للرجلِ في التجارةِ والإدارة، إنَّما يجعلون من مسألةِ الحجابِ والعفافِ مجرد تقاليدٍ وعادات.
وما عرفنا الإسلام تقاليد ، إنَّما عرفناهُ مناراً وتعاليم، وشرائع ومعالم. وهم بذلك يُحولون شرعَ اللهِ ووحيهِ إلى أعرافٍ وتقاليد، تواضعُ الناس في زمنٍ من الأزمان على احترامها، وبناءً على ذلك فما يَصلحُ لجيلٍ لا يصلحُ لآخر، وما يناسبُ مجتمعاً لا يناسبُ المجتمعات الأخرى، وما يتفقُ مع زمنٍ فلا شأنَ لهُ بباقي الأزمان، إنَّ الهدف من التعبيرِ عن الأحكام الشرعية، بالتقاليدِ واضحٌ بيِّن، وهو جعلها عُرضةً للتغييرِ والتبديل، بحجةِ إنَّ تقاليدَ عصرُ الصحراء لن تُناسب عصر الفضاء،" كبُرت كلمةً تخرجُ من أفواههم .
لا بُدَّ أن تُدرك المرأةُ المسلمةِ ويدرك وليها، ولا بُدَّ أن يدركَ المجتمع كلهُ أنَّ كلَّ دعوةٍ لإفسادِ المرأةِ، ونزعِ حيائها، وسلبِ عفافها، إنَّما هي محاولةُ لهدمِ معالمِ القوةِ في الأمة، ليسهلَ على العدوِّ تدميرها، وسلب خيراتها.
وإنَّ العجب لا ينقضي من أمةٍٍ تنعمُ بشريعةِ ربها، وتتفيؤ ظلالَ نعمهِ الوارفة، في جنةِ العفاف، وبستانِ الفضيلة ، ثُمَّ هي تنقضُ غزلها، وتُخرب بيتها بأيديها وأيدي أعدائها،. (( أ فحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون)) .
الخطبة الثانية
أما بعد:
فإنَّ المعركةَ الفكريةَ التي يُديرها أعداءُ الإسلام، أخبثُّ وأشدُّ لؤماً من المعاركِ العسكريةِ والاقتصادية، معركةٌ استنفرت فيها الأقلام، وحُشدت لها الكتبُ والصحفُ والمجلات، ومئاتُ المرتزقة والحاقدين.
وإنَّ أشدَّ ما يُصابُ به المسلمون، أن يتسلل المنافقون إلى صفوفهم، فيعيثون تخريباً وفساداً، وأصحاب الغفلةِ يسمعون لهم، وتُؤثر فيهم مكايدهم 0
إنَّ المنافقينَ اليومَ لم يُعد هجومهم وحربهم قاصراً على القيادات الإسلامية، من علماءٍ ودعاة، ولم يتوقف عندَ حدِّ الهجومِ على المؤسسات الإسلامية العاملة في هذه البلاد ، من لمزٍ لنظامِ القضاء، أو سخريةً بالفتوى، أو هجومٌ متعمدٌ على الهيئات، وتهكمٌ برجالها ، ذلك الهجومُ الذي يقطرُ من أقلامهم، وتسودُ به صحافتهم.
لم يُعد المنافقون يكتفونَ بذلك، بل مع جلدِ الفاجرِ، وعجزِ الثقةِ، أصبحوا يَتطاولون على بعضِ معالمِ الدين، ويتحدثونَ عن أمورٍ شرعيةٍ بأسلوبٍ ساخر، ينبئُ عن مرضٍ قلبي ، وانهزاميةٍ نفسية، فمن كاتبٍ يتهجمُ على الجهادِ ويسخر من المجاهدين، ويتهكمُ بالكراماتِ وصورَ النصر ، إلى آخرٍ يكتبُ مقالاتٍ عن الدعوةِ، ويتوصلُ بعبقريتهِ الفذَّة إلى أنَّ داءَنا، وعلةَ فشلِ تعليمنا، هو اشتغالُنا بالدعوة إلى الله ، ويظهرُ تبرمهُ منهُ قائلاً: لهذا أصبحنا محاطينَ بالدعوة والدعاةِ من كلِّ جانب ، ويسخرُ من مواضيعِ الدعوة قائلاً : إنَّ كثيراً من النشاطاتِ لا يتضمنُ إلاَّ تكراراً، فهي تدورُ على موضوعاتٍ محددة، أشهرها الموتُ والحجاب، وتفسيرُ الأحلامِ والجهاد.
ويُطالبُ تلميحاً بإقصاءِ الدينِ عن المناهجِ الدراسيةِ قائلاً : وتساعدُ المناهجُ نفسها هؤلاءِ، على أن يكونوا دعاةً، فقد اصطبغتِ الكتبُ الدراسيةِ جميعها بصبغةٍ دينية، ويختمُ هراء هُ بقوله: ومن هُنا فأحد أسبابُ تدهورِ التعليم، أنَّ المدارسَ لم تُعد بيئةً للتعليمِ كما نعرفه، بل أصبحت مكاناً للوعظِ والتزهيد في الدنيا، وتحويلِ الطلاب إلى أتباعِ بعض التيارات، التي رُبما تقودُهم إلى مآلاتٍ غير مُرضية .
وما إن كتبَ هذا الكاتبُ هذا السخفُ، حتى تتابعَ مُريدُوهُ من غلمان الأهواءِ، وصبيانِ الفكرِ يُؤيدونهُ، ويُوردون الشواهدَ الهزيلةِ، على صدقِ نظريتهِ الفذَّة (( يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا )) .
ولسنا بحاجةٍ إلى ردِّ مثل هذا الغُثاء الذي يُعارضُ دينَ الله أولاً ، ويتعارضُ مع سياسةِ الدولة وأنظمتها ثانياً ، ولكننا نتساءَلُ : كيف يُنشرُ مثل هذا السُخفِ في بلاد الإسلام ؟
إنَّهُ ومع خروجِ فئرانِ النفاق من جحورها، وظهورِ روائح المنافقين العفنة، ومع كثرةِ مبادراتهم التغريبية، فإنَّ المسؤوليةَ على أهلِّ البلاد كبيرةً، للحفاظِ على أمننا العقدي والفكري والأخلاقي.
إنَّ أولَّ واجبٌ علينا تجاهَ النفاق والمنافقين، هو كشفِ عوا رهم، وفضحِ أسرارهم، وتعريةِ لا فتاتهم التغريبية، وبيان حقيقة أهدافهم .
لا بدَّ أن تُعلمَ الأجيالُ أنَّ المنافقين هم أشدُّ خطراً على البلادِ وأهلها من العدوِّ الخارجي"، هم العدو فاحذرهم".
وإنَّ على العلماءِ والدعاة، والكتاب أن يوجِّهوا أقلامهم وأطروحاتهم، ومقالاتهم لكشفِ مؤامراتِ المنافقين، ومُجاهدتهم وفضحهم، بدلاً من الخوضِ في الجهادِ ومثالبِ المجاهدين .
لابُدَّ أن تعلمَ الأمةُ أنَّ المنافقينَ هُم أعداؤها ، والمناصرونَ لأعدائها ، وإنَّ تستروا بعباءَةِ الوطنية ، والتحفوا بلحافِ الإصلاح، (( اتخذوا أيمانهم جنة )) فيحلفون الأيمانَ كلَّما انكشف أمرهم ، أو عُرفَ عنهم كيدٌ أو تدبير ، أو نُقلت عنهم مقالةُ سُوءٍ في المسلمين .
وإنَّ من الواجبِ أخذ الحذرِ من مكرهم وكيدهم (( يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم )).
والحذرُ يقتضي معرفةُ صفاتهم وأساليبهم (( ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم إسرارهم )) .
والحذرُ يتضمنُ عدمُ الثقةِ بأقوالهم ، فالكذبُ من السياساتِ المعمولِ بها عند المنافقين، ((يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر )) .
وإذا كُنَّا مُطالبين بإعمالِ حُسن الظنِّ مع المؤمنين ، فإنَّ من السذاجةِ المرفوضةِ أن نجعلَ المؤمنين كالمنافقين .
والحذرُ يتضمنُ عدمُ الميلِ إلى آرائهم ، والتي غالباً ما تكونُ مطبوخةً في مصنعِ المصالحِ الذاتية ، ويتضمنُ التعبئةَ العامةَ ضدهم ، والحذرُ من تعاونهم مع العدو .
وإنَّ محاربة النفاقِ والمنافقين ، تكونُ بالبعدِ عن مجالسهم ومنتدياتهم ، فأولى مراتبُ النفاقِ، أن يجلسَ المؤمنُ مجلساً فيه آياتُ اللهِ يُكفرُ بها ويستهزأ بها ، فيسكتُ أو يتغاضى ، يُسمي ذلك تسامحاً ـ أو يسميهِ دهاءً ، أو يسميهِ سعةَ صدرٍ وأفق ، وإيماناً بحريةِ الرأي . وهي هي الهزيمةُ الداخلية، تدبُّ في أوصالهِ،
إنَّ الحميةَ للهِ ولدينِ الله ولآياتِ الله، هي آيةُ الإيمان ، وما تفترُ هذه الحميةُ إلاَّ وينهارُ بعدها كلُّ سد ، وينزاحُ بعدها كلُّ حاجز ، وإنَّ الحميةَ لتكبتُ في أولِ الأمر عمداً ، ثُمَّ تُهمدُ ، ثُمَّ تُخمد ، ثُمَّ تموت .
فمن سمع الاستهزاءَ بدينهِ في مجلسٍ، أو قرأهُ في صحيفةٍ أو مجلة ، فإمَّا أن يدفعَ ، وإمَّا أن يُقاطعَ المجلس وأهله ، والصحيفة وملاكها .
فأمَّا التغاضي والسكوت، فهو أوَّلُ مراحلِ الهزيمة ، وهو المُعبرُ بين الإيمانِ والكفرِ على قنطرةِ النفاق، (( وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله )) .
وإنَّ كيدَ المنافقين يواجهُ بالاعتناءِ الشديد، بأمرِ الجهادِ في سبيلِ الله، وإعدادَ العُدةِ الكافيةِ لملا قاتِ الأعداء، عملاً بقولهِ تعالى، (( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة )) وذلك أنَّ روحَ الجهادِ متى ما سادت، أيِّ مجتمعٍ أدَّى ذلك إلى حمايةِ وجودهِ، وتعزيزَ وحدته، وضمانَ ديمومتهِ العقائدية، وإبداعهِ الحضاري .
وكيدُ المنافقين يواجهُ بتعزيزِ جانبِ الأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكر،والقيام بوظيفةِ الإصلاح ، فما مِن شيءٍ أشدُّ على المنافقين من إحياءِ هذه الشعيرة ، ولذا كانت الهيئاتُ شوكةً في حلوقهم، وسداً أمامَ شهواتهم ، فأفرغوا سيلَ حقدهم، وصبُّوا جام غيظهم على الحسبةِ ورجالها، ساخرين لامزين، (( سخر الله منهم ولهم عذاب أليم )) .
وإنَّ كيدَ المنافقين ومكرهم يواجهُ بالتوعيةِ الجادَّة، للأسرةِ نساءً وشباباً وأطفالاً ، وتربيتهم على الجدِّيةِ في التمسكِ بالدين ، والبعدُ عن الترخصِ والتحللِ من قيمِ الدين بأيِّ مسمىً كان .
لابُدَّ أن تعي الأسرةُ المسلمة تخطيط الأعداءِ، ودورهم في إفسادِ المجتمعات ، ولا بُدَّ أن تعلمَ نساؤنا خطواتِ الإفسادِ التي مرت بها المرأةُ المسلمة في بلادٍ أخرى ، وانتهت بها إلى التهتكِ والفجور .
ولابُدَّ أن تتعلم الأسرةُ المسلمة أحكام دينها، وحقوق كلِّ فردٍ في شريعةِ الإسلام ، ولابُدَّ من تربيةِ الأجيالِ على الولاءِ للدين، وأخذِ أحكامهِ بقوة ، وأنَّ شريعةَ الإسلامِ قائمةً على التسليمِ لرب العالمين، (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً )) .
إنَّ المعلمَ والمعلمة في مدارسهم، والأبُ والأمُّ في البيت، ودرسُ الحلقةِ في حلقتهِ، والإمامُ في مسجده ، والداعيةُ في كلِّ مكان ، هؤلاءِ جميعاً عليهم مسؤوليةُ حمايةِ المجتمعِ وحراسةُ الفضيلة ، وتحصينُ أفرادِ الأمة عن أيِّ داءٍ تغريبي .
يوم أن يقومَ كلٌّ منَّا بدورهِ، ويومَ أن تقفَ الأمةُ كلَّها في وجهِ الطروحات التغريبية، رفضاً وإنكاراً ومقاطعةً، حينها تخبو نارَ النفاقِ ، وينقلبُ المنافقون بغيظهم لم ينالوا خيراً ، ويصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين 0
اللهمَّ صل وسلم على نبينا محمد .
هم العدو فاحذرهم
الحمد لله الذي يكشفُ البلوى، ويعلمُ السرَّ والنجوى، وأشهدُ ألاَّ إله إلا الله وحدهُ لا شريك له، إنَّهُ هو الربُّ الأعلى، وأشهدُ أنَّ محمداً عبده ورسوله النبي الأكمل، والرسول الأتقى- صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم- تسليماً أما بعد:
فاتقوا الله أيُّها المسلمون: حقَّ التقوى، ولا تموتنَّ إلاَّ وأنتم مسلمون.
الأمةُ تعيشُ في غمةٍ، والأمةُ سيلٌ قد انعقد غمامه، وجيوشُ الصليب جاءت إلى ديار المسلمين من فوقهم ومن أسفل منهم، يُلوِحون بعصاهم الغليظة، ويُشهرون سيفَ التهديد والوعيد، قائلين:إنَّا قد جمعنا لكم فاخشونا، وأهلُ الإسلام يستسقونَ أمطاراً فترتوي الأجواءَ رياحاً وغباراً، بما كسبت أيدي الناس، ليذيقهم بعضَ الذي عملوا لعلهم يرجعون.
وفي غمار الأزماتِ، وأوقاتِ الشدائد والمحن، ينشغلُ الناسُ بالعدو الأصغرِ عن العدو الأكبر، حيثُ تنبعثُ روائحَ منتنةٍ من مستنقعٍ عفن، وتخرجُ جرذانِ الفساد، وفئران الانحلالِ من جحورها، لتغرق سفينةَ الأُمة، وتهدم بنيانها.
من يا تُرى عدونا الأكبر؟! وما تلك الروائح العفنة؟! وما هي جرذان الفسادِ وفئران الخراب ؟!.
إنَّهم قومٌ نسوا الله فنسيهم، أولئكَ هم الفاسقون، أولئكَ هم المفسدون في الأرض، الآمرون بالمنكر، الناهون عن المعروف، إنَّهم المنافقون الذين لا يظهرون إلاَّ في الأزمات ، ولا ينعقونَ إلاَّ إذا انتفش أسيادهم ، ورقصوا على جراح أمتنا طرباً .
إنَّهم المنافقون على اختلاف مشاربهم، وتنوع مسمياتهم، العلمانيون الحداثيون، أرباب الشهوات وأدعياءَ العقلانية والتنوير، الرافضة ، تعددت الأسماءُ والكيدُ واحد.
تنوعت أسماؤهم وسيدهم واحد، (( ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب )) وهدفهم واحد"، (( ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً)) ويحبون أن تشيع الفاحشة بين الذين آمنوا، وودُّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواءَ.
وادعاءَاتُهم واحدة، فالإفسادُ إصلاح، وتدميرُ المرأةِ تحرير، وعقوقها حقوق،. (( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون)) إنَّهم المنافقون والمنافقات، بعضهم من بعض ، من طينةٍ واحدة، وطبيعةِ واحدة، المنافقون في كل زمانٍ وفي كل مكانٍ تختلف أقوالهم وأفعالهم، ولكنها ترجعُ إلى طبعٍ واحد
وتنبع من مستنقعٍ واحد، سوءَ الطوية، ولؤمَ السريرة والغمز، والدس والضعف عن المواجهةِ والجبن عند المصارحة، تلك سماتُهم الأصيلة ، أمَّا سلوكهم فهو الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف، والبخلُ بالمال ، إلاَّ أن يبذلوه رئاءَ الناس، وهُم حين يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، يستخفون بهما، ويفعلون ذلك دساً وهمساً، وغمزاً ولمزاً، لا يجرؤن على الجهر إلاَّ حين يأمنون، ولا يأمنون ويجترئون إلاَّ حينما ينتصرُ أسيادهم من اليهود والصليبين، ويُحلون قريباً من ديارِ المسلمين.
إنَّهم نسوا الله فلا يحسبون إلاَّ حساب الناس وحساب المصلحة، ولا يخشون إلاَّ الأقوياءَ من الناس ، يذلون لهم ويدارونهم، فنسيهم اللهُ فلا وزن لهم ولا اعتبار.
إنَّ النفاقَ لا ينجمُ إلاَّ عن تلك النفوسِ المريضة الجبانة، التي لا تتجرأُ على الظهورِ بأفكارها، أو تلك النفوسِ التي لا ترى إلاَّ حياتها الدنيا ، فإن أُعطي أحدهم رضي، وإن لم يُعط سخط ، وهُناك نفوسٌ تكرهُ الحقَّ ولا تحبُ العيشَ إلاَّ في المستنقعِ الآسن ، فهي تشرقُ بدعوةِ التوحيد، والعبودية لله وحده.
لقد تميزَ عصرُنا الحاضر بارتفاع أصوات المنافقين والمنافقات في أنحاء العالم الإسلامي، فأُفردت لهم الصفحات، ودُعوا إلى التحدث في المنتديات، واحتفلت بهم التجمعات، وسيطروا على كثيرٍ من وسائلِ الإعلام كما يلاحظهُ القاصي والداني.
وحالُ المنافقين ليس بجديدٍ على أمةِ الإسلام، فعداوتهم متأصلةً منذُ هجرة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقد وصفهم الله في سبعةٍ وثلاثين موضعاً من كتابه، وأفاضت السنة في وصفهم، وهي صفاتٌ تتوارثها الأجيال المنافقة، زمنٍ بعد زمن حتى وقتنا الحاضر، "وإذا رأيتهم تُعجبك أجسامهم، وإن يقولوا تسمع لقولهم"، فما أكثرَ المستمعين لحديثهم، المنصتين لهرائهم، المتابعين لإنتاجهم ، والعجبُ أن تتولى حفنةٌ قليلةٌ من المنافقين والمنافقات إفساد الأمة، ومسخها عن دينها ودعوتها، إلى التحررِ والإباحية، والعفنِ والرذيلة، وهكذا هُم المنافقون في كلِّ أمةٍ وفي كل قطر، يتحينون الفرص، ويقطعون الطريق، (( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض)) لا يملون ولا يكلون، ولهم جلدٌ وصبرٌ عجيب، شعارهم ( تقدم خطوتين وارجع خطوة) (( وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم)) .
إنَّ من كيد المنافقين محاولةُ إسقاطِ الشخصيات المسلمة، وتشويه صورتها، والقدحُ في نزاهتها كما في قصةِ الإفك التي تتكرر في كلِّ جيل، وعبر طرقٍ مختلفة.
ومن كيدهم: بلبلةُ الصفِّ الإسلامي، بإشاعة الخور فيه والضعف، وذكرُ قوةِ الأعداء وتهويلها"، (( وقالوا لا تنفروا في الحر)) ، (( لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلاَّ خبالاً)) وكما قال قائلهم يوم تبوك : أتظنون جلادَ بني الأصفرِ كقتالِ العرب، والله لكأنا بكم غداً مقرنين في الحبال ، واستعملوا أسلوبَ السخريةِ والاستهزاء، (( ولئن سألتهم ليقولنَّ إنما كنَّا نخوض ونلعب )) .
أيُّها المسلمون :
المنافقون هم الذين يتخذون الكافرين أولياءَ من دون المؤمنين، يبتغون عندهم العزةَ، ويُسارعون فيهم، يقولونَ نخشى أن تُصيبنا دائرة"، فهم يتعاونون مع أعداءِ الإسلام لتدميرِ الأمةِ المسلمة، قال شيخ الإسلام": وهؤلاءِ المنافقين في هذه الأوقات، فيهم ميلٌ إلى التتار، لكونهم لا يلزمونهم شريعة الإسلام.
يشهدُ التاريخُ ويشهدُ الحال على أنَّهُ ما من فتنةٍ هي أشدُّ خطراً وكيداً على الأمة، وقيادتها ومبادئها، مثل كيد المنافقين.
فهم لا تربطهم بقادتهم، ولا بأوطانهم مبادئُ سامية، ولا قيمٍ نبيلة ، رائدهم المصلحة وهدفهم الإفساد.
روي عنه- صلى الله عليه وسلم- قوله : (( إني لا أتخوف على أمتي مؤمناً ولا مشركاً ، أمَّا المؤمن فيحجرهُ إيمانه ، وأما المشركُ فيقمعهُ كفره ، ولكن أتخوفُ عليكم منافقاً عالم اللسان ، يقولُ ماتعرفون ، ويعملُ ما تنكرون)) .
من ينسى موقفهم في أحد، وخيانتهم يوم الخندق، وإرجافهم في تبوك، ومن ينسى مؤامرتهم لإسقاط الدولة المسلمة، ومن ينسى تواطؤهم مع التتار، وتعاونهم مع أهلِّ الصليب، أمَّا في عصرنا فتشهدُ أرض أفغانستان بالأمس، وبلاد العراق اليوم بخبثهم وخيانتهم ومكرهم.
إنَّ شماتتهم وفرحهم بما يُصيبُ المسلمين من نكباتٍ، لم يكن ليُخفيها التظاهرُ المتصنع ، وما تقولهُ أفواههم غيرَ ما تُخفيه صُدورهم .
إنَّهم وإن دندنوا بالحفاظ على مصلحةِ الوطن، وتحدثوا عن الحرصِ على الوحدة والتآلف، فهم بأفعالهم كاذبون، وبمواقفهم خائنون، (( وإن يقولوا تسمع لقولهم )) (( وفيكم سمَّا عون لهم )) .
لم يعرف التاريخ السابق والمعاصر قوماً أشدُّ وفاءً لقيادتهم وأمتهم، وأكثرُ حفاظاً على مكتسبا تهم، من أهلِّ السنةِ الصالحين المصلحين، الذين ينطلقون في مواقفهم من عقيدةٍ راسخة، وقيمٍ نبيلة، وإيمانٍ بالله واليوم الآخر، لا خوفاً من بشرٍ ولا طمعاً في عَرَض.
أيُّها المسلمون:
والأمةُ اليوم مهددةٌ من أعدائها، وليس لها من دونِ الله كاشفة، والفتنُ قد اشتدَّ أوارها ، فإنَّ الحاجةَ تشتدُّ للعودة إلى الله، واللجوءِ إلى حماه ، والحاجةُ تشتدُّ إلى التعاون والتآلف، ووحدةَ الصفِّ والاعتصامِ بحبل الله ، والحاجةُ تشتدُّ إلى السيرِ في ركبِ جماعةِ المسلمين وإمامهم.
ولكنَّ المنافقين في الأمة انطلاقاً من مبادئهم في خلخلة الصفوف، وتحقيقاً لأهداف أسيادهم"، (( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم)) ، ويبغونكم الفتنة، ويريدون أن تميلوا ميلاً عظيماً.
هاهم اليوم يستغلون انشغالَ الأمةِ بالأحداثِ والأزمات ، يبثُّون سمومهم، وينشرون أفكارهم العفنة، ويدعون إلى ضلالاتهم التي تشهدُ هدم الجدار الأخلاقي للأمة ، لكي يسهلَ استعمارها، ويخف على أسيادهم دمارها.
لقد رأوا كما رأى أسيادهم، أنَّ إفساد المرأةِ هو أقصرُ الطُرقِ لإفسادِ المجتمعِ بأسره، فسلطوا سهام أقلامهم للحديث عن قضايا المرأة وحقوقها المهضومة كما يزعمون.
إنَّ قضاياهم التي يطرحونها، وأفكارهم التي ينشرونها، لا تتجاوزُ المرأة وشؤونها، سواءً فيما يخصُّ تعليمها، ولباسها المدرسي ومناهجها، أو فيما يخصُّ عملها، ومحاولةُ إقحامها في مجالاتٍ لا تتناسبُ مع طبيعتها ، أو فيما يتعلقُ بترفيهها من خلالِ دعواتهم لإنشاءِ نوادٍ نسائية .
وآخر غثائهم دعوتُهم التي أٌقرت، وهي سماحَهم للمرأةِ بالعملِ بائعةً بمحلاتِ أدوات التجميل، ومندوبة مبيعات.
ودعكَ من شروطهمُ التي وضعُوها، فإنَّما هي حبرٌ على ورق.
وفي برنامجٍ تلفازي، يصبحُ المذيعُ مفتياً، فيعرضُ صورَ نساءٍ كاشفاتِ الوجهِ، ويبرر بأنَّهُ هذا لا شيءَ فيه شرعاً .
إنَّ مثلَ هذه الدعواتِ العفنةِ في مجتمعنا المسلمُ الغيور، إنَّما تزرعُ بذورَ الخصامِ والعداوات، وتؤججُ نارَ الفُرقةِ والنزاعات، وتستجلبُ غضبَ اللهِ عز وجل وسخطه.
كلُنا يُدركُ والمنافقون يعلمون أنَّ فتنةَ التبرج والسفور في البلاد المسلمة، إنَّما بدأت بكشفِ وجه المرأة، فخلعت معهُ ما هو أغلى وأثمن، ألا وهو ثوبُ الحياء، الذي طالما صان وجهها، أن يكون معروضاً مبذولاً لكلِّ من شاءَ أن يراه، وما زالت المرأةُ تتدرجُ في خطوات السفور، حتى وصلت إلى ما تعلمون وتسمعون.
وكلُنَّا يُدركُ أنَّ عمل المرأة بائعةً ومندوبة مبيعات، يستلزمُ قيادتها للسيارة، ويتطلبُ اختلاطها بالرجال، واتصالها بهم، ولا تسأل بعد هذا عمَّا يحدثُ من فتنٍ وضياع، فلماذا الضحكُ على الذقون ؟ .
وإننا نتساءلُ بحرقةٍ وأسى : لمصلحةِ من تُبثُّ هذه الأفكار العفنة، وتنشرُ هذه الآراء المفسدة ؟ وهل نحنُ نُعاني من قلةِ الرجال العاملين، أوليس لنا عبرةً في تجاربِ الغرب الكافر، حينما انتهوا إلى حقيقةِ : أنَّ المرأةَ دورها في بيتها، وعملها في أسرتها، فلماذا نبدأُ من حيثُ بدؤواُ لا من حيث انتهوا.
إننا نعلمُ ونوقنُ، أن ليس بالقومِ غيرةٌ على الدين، ولا حرصٌ على مصالحِ البلادِ والعباد، ولكنهم المنافقون يصطادون في الماءِ العكر، ولا يرضيهم إلاَّ أن يكون مُجتمعنا نسخةً من مجتمعات الغربِ المنحلة، ولا يقرُّ أعينهم إلاَّ مشاهد المسارح والبارات ، ودورُ البغاءِ وأولادُ السفاح منتشرةً في شوارعنا ، إنَّهم كما أخبر الله ((ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً)).
إنَّ العلمانيين حينما يطرحون قضيةَ المرأةِ وحجابها، ويُطالبون بقيادتها للسيارة، ومشاركتها للرجلِ في التجارةِ والإدارة، إنَّما يجعلون من مسألةِ الحجابِ والعفافِ مجرد تقاليدٍ وعادات.
وما عرفنا الإسلام تقاليد ، إنَّما عرفناهُ مناراً وتعاليم، وشرائع ومعالم. وهم بذلك يُحولون شرعَ اللهِ ووحيهِ إلى أعرافٍ وتقاليد، تواضعُ الناس في زمنٍ من الأزمان على احترامها، وبناءً على ذلك فما يَصلحُ لجيلٍ لا يصلحُ لآخر، وما يناسبُ مجتمعاً لا يناسبُ المجتمعات الأخرى، وما يتفقُ مع زمنٍ فلا شأنَ لهُ بباقي الأزمان، إنَّ الهدف من التعبيرِ عن الأحكام الشرعية، بالتقاليدِ واضحٌ بيِّن، وهو جعلها عُرضةً للتغييرِ والتبديل، بحجةِ إنَّ تقاليدَ عصرُ الصحراء لن تُناسب عصر الفضاء،" كبُرت كلمةً تخرجُ من أفواههم .
لا بُدَّ أن تُدرك المرأةُ المسلمةِ ويدرك وليها، ولا بُدَّ أن يدركَ المجتمع كلهُ أنَّ كلَّ دعوةٍ لإفسادِ المرأةِ، ونزعِ حيائها، وسلبِ عفافها، إنَّما هي محاولةُ لهدمِ معالمِ القوةِ في الأمة، ليسهلَ على العدوِّ تدميرها، وسلب خيراتها.
وإنَّ العجب لا ينقضي من أمةٍٍ تنعمُ بشريعةِ ربها، وتتفيؤ ظلالَ نعمهِ الوارفة، في جنةِ العفاف، وبستانِ الفضيلة ، ثُمَّ هي تنقضُ غزلها، وتُخرب بيتها بأيديها وأيدي أعدائها،. (( أ فحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون)) .
الخطبة الثانية
أما بعد:
فإنَّ المعركةَ الفكريةَ التي يُديرها أعداءُ الإسلام، أخبثُّ وأشدُّ لؤماً من المعاركِ العسكريةِ والاقتصادية، معركةٌ استنفرت فيها الأقلام، وحُشدت لها الكتبُ والصحفُ والمجلات، ومئاتُ المرتزقة والحاقدين.
وإنَّ أشدَّ ما يُصابُ به المسلمون، أن يتسلل المنافقون إلى صفوفهم، فيعيثون تخريباً وفساداً، وأصحاب الغفلةِ يسمعون لهم، وتُؤثر فيهم مكايدهم 0
إنَّ المنافقينَ اليومَ لم يُعد هجومهم وحربهم قاصراً على القيادات الإسلامية، من علماءٍ ودعاة، ولم يتوقف عندَ حدِّ الهجومِ على المؤسسات الإسلامية العاملة في هذه البلاد ، من لمزٍ لنظامِ القضاء، أو سخريةً بالفتوى، أو هجومٌ متعمدٌ على الهيئات، وتهكمٌ برجالها ، ذلك الهجومُ الذي يقطرُ من أقلامهم، وتسودُ به صحافتهم.
لم يُعد المنافقون يكتفونَ بذلك، بل مع جلدِ الفاجرِ، وعجزِ الثقةِ، أصبحوا يَتطاولون على بعضِ معالمِ الدين، ويتحدثونَ عن أمورٍ شرعيةٍ بأسلوبٍ ساخر، ينبئُ عن مرضٍ قلبي ، وانهزاميةٍ نفسية، فمن كاتبٍ يتهجمُ على الجهادِ ويسخر من المجاهدين، ويتهكمُ بالكراماتِ وصورَ النصر ، إلى آخرٍ يكتبُ مقالاتٍ عن الدعوةِ، ويتوصلُ بعبقريتهِ الفذَّة إلى أنَّ داءَنا، وعلةَ فشلِ تعليمنا، هو اشتغالُنا بالدعوة إلى الله ، ويظهرُ تبرمهُ منهُ قائلاً: لهذا أصبحنا محاطينَ بالدعوة والدعاةِ من كلِّ جانب ، ويسخرُ من مواضيعِ الدعوة قائلاً : إنَّ كثيراً من النشاطاتِ لا يتضمنُ إلاَّ تكراراً، فهي تدورُ على موضوعاتٍ محددة، أشهرها الموتُ والحجاب، وتفسيرُ الأحلامِ والجهاد.
ويُطالبُ تلميحاً بإقصاءِ الدينِ عن المناهجِ الدراسيةِ قائلاً : وتساعدُ المناهجُ نفسها هؤلاءِ، على أن يكونوا دعاةً، فقد اصطبغتِ الكتبُ الدراسيةِ جميعها بصبغةٍ دينية، ويختمُ هراء هُ بقوله: ومن هُنا فأحد أسبابُ تدهورِ التعليم، أنَّ المدارسَ لم تُعد بيئةً للتعليمِ كما نعرفه، بل أصبحت مكاناً للوعظِ والتزهيد في الدنيا، وتحويلِ الطلاب إلى أتباعِ بعض التيارات، التي رُبما تقودُهم إلى مآلاتٍ غير مُرضية .
وما إن كتبَ هذا الكاتبُ هذا السخفُ، حتى تتابعَ مُريدُوهُ من غلمان الأهواءِ، وصبيانِ الفكرِ يُؤيدونهُ، ويُوردون الشواهدَ الهزيلةِ، على صدقِ نظريتهِ الفذَّة (( يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا )) .
ولسنا بحاجةٍ إلى ردِّ مثل هذا الغُثاء الذي يُعارضُ دينَ الله أولاً ، ويتعارضُ مع سياسةِ الدولة وأنظمتها ثانياً ، ولكننا نتساءَلُ : كيف يُنشرُ مثل هذا السُخفِ في بلاد الإسلام ؟
إنَّهُ ومع خروجِ فئرانِ النفاق من جحورها، وظهورِ روائح المنافقين العفنة، ومع كثرةِ مبادراتهم التغريبية، فإنَّ المسؤوليةَ على أهلِّ البلاد كبيرةً، للحفاظِ على أمننا العقدي والفكري والأخلاقي.
إنَّ أولَّ واجبٌ علينا تجاهَ النفاق والمنافقين، هو كشفِ عوا رهم، وفضحِ أسرارهم، وتعريةِ لا فتاتهم التغريبية، وبيان حقيقة أهدافهم .
لا بدَّ أن تُعلمَ الأجيالُ أنَّ المنافقين هم أشدُّ خطراً على البلادِ وأهلها من العدوِّ الخارجي"، هم العدو فاحذرهم".
وإنَّ على العلماءِ والدعاة، والكتاب أن يوجِّهوا أقلامهم وأطروحاتهم، ومقالاتهم لكشفِ مؤامراتِ المنافقين، ومُجاهدتهم وفضحهم، بدلاً من الخوضِ في الجهادِ ومثالبِ المجاهدين .
لابُدَّ أن تعلمَ الأمةُ أنَّ المنافقينَ هُم أعداؤها ، والمناصرونَ لأعدائها ، وإنَّ تستروا بعباءَةِ الوطنية ، والتحفوا بلحافِ الإصلاح، (( اتخذوا أيمانهم جنة )) فيحلفون الأيمانَ كلَّما انكشف أمرهم ، أو عُرفَ عنهم كيدٌ أو تدبير ، أو نُقلت عنهم مقالةُ سُوءٍ في المسلمين .
وإنَّ من الواجبِ أخذ الحذرِ من مكرهم وكيدهم (( يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم )).
والحذرُ يقتضي معرفةُ صفاتهم وأساليبهم (( ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم إسرارهم )) .
والحذرُ يتضمنُ عدمُ الثقةِ بأقوالهم ، فالكذبُ من السياساتِ المعمولِ بها عند المنافقين، ((يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر )) .
وإذا كُنَّا مُطالبين بإعمالِ حُسن الظنِّ مع المؤمنين ، فإنَّ من السذاجةِ المرفوضةِ أن نجعلَ المؤمنين كالمنافقين .
والحذرُ يتضمنُ عدمُ الميلِ إلى آرائهم ، والتي غالباً ما تكونُ مطبوخةً في مصنعِ المصالحِ الذاتية ، ويتضمنُ التعبئةَ العامةَ ضدهم ، والحذرُ من تعاونهم مع العدو .
وإنَّ محاربة النفاقِ والمنافقين ، تكونُ بالبعدِ عن مجالسهم ومنتدياتهم ، فأولى مراتبُ النفاقِ، أن يجلسَ المؤمنُ مجلساً فيه آياتُ اللهِ يُكفرُ بها ويستهزأ بها ، فيسكتُ أو يتغاضى ، يُسمي ذلك تسامحاً ـ أو يسميهِ دهاءً ، أو يسميهِ سعةَ صدرٍ وأفق ، وإيماناً بحريةِ الرأي . وهي هي الهزيمةُ الداخلية، تدبُّ في أوصالهِ،
إنَّ الحميةَ للهِ ولدينِ الله ولآياتِ الله، هي آيةُ الإيمان ، وما تفترُ هذه الحميةُ إلاَّ وينهارُ بعدها كلُّ سد ، وينزاحُ بعدها كلُّ حاجز ، وإنَّ الحميةَ لتكبتُ في أولِ الأمر عمداً ، ثُمَّ تُهمدُ ، ثُمَّ تُخمد ، ثُمَّ تموت .
فمن سمع الاستهزاءَ بدينهِ في مجلسٍ، أو قرأهُ في صحيفةٍ أو مجلة ، فإمَّا أن يدفعَ ، وإمَّا أن يُقاطعَ المجلس وأهله ، والصحيفة وملاكها .
فأمَّا التغاضي والسكوت، فهو أوَّلُ مراحلِ الهزيمة ، وهو المُعبرُ بين الإيمانِ والكفرِ على قنطرةِ النفاق، (( وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله )) .
وإنَّ كيدَ المنافقين يواجهُ بالاعتناءِ الشديد، بأمرِ الجهادِ في سبيلِ الله، وإعدادَ العُدةِ الكافيةِ لملا قاتِ الأعداء، عملاً بقولهِ تعالى، (( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة )) وذلك أنَّ روحَ الجهادِ متى ما سادت، أيِّ مجتمعٍ أدَّى ذلك إلى حمايةِ وجودهِ، وتعزيزَ وحدته، وضمانَ ديمومتهِ العقائدية، وإبداعهِ الحضاري .
وكيدُ المنافقين يواجهُ بتعزيزِ جانبِ الأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكر،والقيام بوظيفةِ الإصلاح ، فما مِن شيءٍ أشدُّ على المنافقين من إحياءِ هذه الشعيرة ، ولذا كانت الهيئاتُ شوكةً في حلوقهم، وسداً أمامَ شهواتهم ، فأفرغوا سيلَ حقدهم، وصبُّوا جام غيظهم على الحسبةِ ورجالها، ساخرين لامزين، (( سخر الله منهم ولهم عذاب أليم )) .
وإنَّ كيدَ المنافقين ومكرهم يواجهُ بالتوعيةِ الجادَّة، للأسرةِ نساءً وشباباً وأطفالاً ، وتربيتهم على الجدِّيةِ في التمسكِ بالدين ، والبعدُ عن الترخصِ والتحللِ من قيمِ الدين بأيِّ مسمىً كان .
لابُدَّ أن تعي الأسرةُ المسلمة تخطيط الأعداءِ، ودورهم في إفسادِ المجتمعات ، ولا بُدَّ أن تعلمَ نساؤنا خطواتِ الإفسادِ التي مرت بها المرأةُ المسلمة في بلادٍ أخرى ، وانتهت بها إلى التهتكِ والفجور .
ولابُدَّ أن تتعلم الأسرةُ المسلمة أحكام دينها، وحقوق كلِّ فردٍ في شريعةِ الإسلام ، ولابُدَّ من تربيةِ الأجيالِ على الولاءِ للدين، وأخذِ أحكامهِ بقوة ، وأنَّ شريعةَ الإسلامِ قائمةً على التسليمِ لرب العالمين، (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً )) .
إنَّ المعلمَ والمعلمة في مدارسهم، والأبُ والأمُّ في البيت، ودرسُ الحلقةِ في حلقتهِ، والإمامُ في مسجده ، والداعيةُ في كلِّ مكان ، هؤلاءِ جميعاً عليهم مسؤوليةُ حمايةِ المجتمعِ وحراسةُ الفضيلة ، وتحصينُ أفرادِ الأمة عن أيِّ داءٍ تغريبي .
يوم أن يقومَ كلٌّ منَّا بدورهِ، ويومَ أن تقفَ الأمةُ كلَّها في وجهِ الطروحات التغريبية، رفضاً وإنكاراً ومقاطعةً، حينها تخبو نارَ النفاقِ ، وينقلبُ المنافقون بغيظهم لم ينالوا خيراً ، ويصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين 0
اللهمَّ صل وسلم على نبينا محمد .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى