ابو بلال
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
ما زال بعض أوفياء القلوب وإن كنت يحيا الحاضر ، يعيش ذاك الزمن الغابر ،
زمن طيب القلوب وسعة الصدور وسماحة النفوس ... أنعم به زمنًا وأنعم بأهله
أهلا ، كانوا ـ مع ما هم عليه من جهل وفقر وقلة ذات يد ـ على حظ كبير من
حسن أخلاق وجميل عادات ، كانوا يحبون التواصل والتزاور ، ويحيون التكافل
والتعاون ، ويسود بينهم التعاطف والتراحم .
زمن له نفسي تتوق وتشتهي *** عودًا إلى طيب به وتكافل
زمن الأجداد ، كانوا فيه محدودي الآفاق ، لكنهم كانوا على وئام ووفاق .
زمن الأجداد ، كان لا يستنكر القريب فيه قريبه ولا الجار جاره .
زمن الأجداد ، كانت البيوت متقاربة ، والقلوب متآلفة .
زمن الأجداد ، كانت الجيوب خالية ، والتقوى عالية ، والقناعة بادية .
زمن الأجداد ، لا مناص للقريب من قريبه ولا للجار من جاره ، إذ كانوا على
الشدة يجتمعون ، وللقمة يتقاسمون ، وفي المناسبات يتكاملون ويتعاونون .
زمن الأجداد ، أموال قليلة ، وأحوال متشابهة ، الأرجل على الحفاء ،
والرؤوس بلا غطاء ، أجساد شبه عارية ، وبطون طاوية ، وجيوب خالية ، وملابس
موحدة ، فعلام الحسد وعلام الغبطة ...
أما اليوم ، فيا ويح اليوم !!
نعم في ازدياد ، وخيرات في انقياد ، ودنيا متسعة ، ورؤوس مرتفعة ، وظائف تفرق ، ومناصب تبدد .
جيبي مترع بالمال ، فما ينفعني الوصال .
إذا رضي عني مديري ورئيس العمل ، فلتغضب علي القبيلة والفصيلة .
همي زيادة رصيدي ، وتزويق منزلي ، وفخامة مركبي ... فإذا حصلت فلا حاجة لي بالآخرين .
ما نشكو منه اليوم هو عدم الإحساس بالآخرين ؛ بناء على نظرية المصلحة
والنفعية ؛ لأننا صرنا ـ شعرنا أو لم نشعر ـ ندور في فلك الرأسمالية ، قل
لي كم معك وما هو منصبك ، يتحدد لدي قدرك ومكانتك .
أحد الإخوان ، عين
في إدارة إحدى الدوائر الصغيرة ، وفي أيامه الأولى ، كان يحضر ليطلع على
العمل ، دون أن يتسلم الإدارة رسميًا ، فكان يجلس مع المدير السابق في
مكتبه ؛ لتتم إجراءات التسليم والتسلم ، جاء أحد المراجعين فسلم على المدير
السابق سلامًا حارًّا ، وأحرجه بدعوات حارّة للغداء أو العشاء ، وصاحبنا
يقلب رأسه يتمنى أن تكون هذه العزمات من نصيبه ، لكنه لم يحصل أكثر من سلام
بارد ، برودة وجه ذلكم المراجع ، الذي ما إن خرج من المكتب حتى بلغه من
الموظفين أن المدير السابق قد انتهى تكليفه بنهاية دوام هذا اليوم ، وأن من
كان جالسًا عنده هو الذي سيتسلم الإدارة من صباح غد ، فما كان منه إلا أن
رجع ؛ لا إلى المدير السابق هذه المرة ، ولكن إلى المدير اللاحق ، الذي
سيتقلد المناصب غدًا ، وسلم عليه سلامًّا أحر من قيض ( نجد ) وسموم (
الدهناء ) بعد سلامه القطبي السابق ، وجعل يتحفى به تحفيًا لا مزيد عليه ،
ويلح عليه بزيارته في البيت ، وأكل غدائه أو عشائه ... ( عجبًا لهذا التحول
الكبير والمفاجئ )
لكن صاحبنا كان واسع الصدر ، عارفًا بنفسه وقدرها ،
فما زاده إلحاح ذلك ( الحرباء ) إلا إصرارًا على موقفه الذي بناه على أساس
أنه إذا شبع البطن ارتخت العين ( كما يقال في أمثالنا ) ورد عليه ردًّا
(برَّد وجهه ) وجعله يخرج يائسًا .
لعلي خرجت عن الموضوع ... لكنها حياتنا ، يجب أن نعرف إيجابياتها فندعمها ، وسلبياتها فنحاربها ونتخلص منها .
إننا بحاجة إلى الاحتساب في كل ما نأتي وما نذر من أعمالنا وتصرفاتنا ،
فاحتساب الأجر عند الله ـ عز وجل ـ تهون به الصعاب ، ويقرب به البعيد ،
ويرخص الغالي ، وتتسع به الصدور ، وترق القلوب ، وتسمح النفوس ، ومن ثم
تتكسر عوائق الشيطان أمام الإنسان ، فيصل من قطعه ، ويعطي من منعه ، ويحسن
إلى من أساء إليه ، ويَصدُقُ مَن كَذَبَه ، ويقدر من استهان به ، ولا سيما
إذا كان قريبًا ذا رحم .
يوم كان الاحتساب وطلب الأجر هو المحرك الأساس
، لم تكن الوسائل لتقف أمام الأخ ليصل أخاه ، أو القريب ليزور قريبه ، أو
الصديق فيسامر صديقه ويؤانسه ، كان أحدهم يركب جمله أو حماره أو يترجل
حافيًا ، قاطعًا ما لا طاقة لأحدنا به ، من أجل أن له في مكان كذا قريبًا
لا بد من صلته وزيارته ، أو صديقًا تحلو مسامرته ومنادمته ، أو معرفة لا
يحسن هجره ومقاطعته ...
ويوم إن فقد الاحتساب وقل ، لم تُجدِ سرعة سيارة أو فخامة طيارة ، أو قوة اتصالات أو توفر هواتف ...
وقد يتعلل بعض الناس بأعمال تشغله ، أو ارتباط يمنعه ، أو تجارة تحبسه ،
لكنه لا يجد كل ذلك ، لو أراد أن يزور مديره أو رئيسه أو من يظن أن لديه
مالا فيعطيه ، أو أن أحد هؤلاء سيزوره ويدخل منزله ..
ولا ندعي أن ذلك
هو وضع الأمة كلها ، فإن فيها أناسًا ضربوا لصلة الأرحام أمثلة حية ،
وآخرين هم في الوفاء قمم لا تطاولها قمم ، فالخير باق في هذه الأمة إلى
قيام الساعة ، لكن الأكثرين تغرهم الحياة الدنيا بمباهجها وزخارفها ،
فينسون ويغفلون ، فكان من الواجب أن يكون لنا دور في تذكيرهم وإيقاظهم ،
بمكالمة نسأل فيها عن أحوالهم ، أو رسالة جوال ندعو فيها لهم ، أو زيارة
خاطفة لا نثقل فيها عليهم ، مع بث الوعي الديني في أوساطهم بوجوب الصلة
وأهمية التعاون ، وحرمة القطيعة وضرر التفكك ، عن طريق توزيع الأشرطة
والكتب والرسائل والمطويات ، التي تناولت هذه الموضوعات .
وختامًا ،،
لا يخفى أهمية التسامح والتصافح ، والعفو عن الزلات وتجاوز القصور ، وأن
يعذر بعضنا بعضًا ، ويحاول كل أن يكون هو البادئ ببذل المعروف والندى ، وكف
المنكر ودفع الأذى .
نسأل الله أن يهدينا لما فيه صلاح ديننا ودنيانا ، إنه جواد كريم
ما زال بعض أوفياء القلوب وإن كنت يحيا الحاضر ، يعيش ذاك الزمن الغابر ،
زمن طيب القلوب وسعة الصدور وسماحة النفوس ... أنعم به زمنًا وأنعم بأهله
أهلا ، كانوا ـ مع ما هم عليه من جهل وفقر وقلة ذات يد ـ على حظ كبير من
حسن أخلاق وجميل عادات ، كانوا يحبون التواصل والتزاور ، ويحيون التكافل
والتعاون ، ويسود بينهم التعاطف والتراحم .
زمن له نفسي تتوق وتشتهي *** عودًا إلى طيب به وتكافل
زمن الأجداد ، كانوا فيه محدودي الآفاق ، لكنهم كانوا على وئام ووفاق .
زمن الأجداد ، كان لا يستنكر القريب فيه قريبه ولا الجار جاره .
زمن الأجداد ، كانت البيوت متقاربة ، والقلوب متآلفة .
زمن الأجداد ، كانت الجيوب خالية ، والتقوى عالية ، والقناعة بادية .
زمن الأجداد ، لا مناص للقريب من قريبه ولا للجار من جاره ، إذ كانوا على
الشدة يجتمعون ، وللقمة يتقاسمون ، وفي المناسبات يتكاملون ويتعاونون .
زمن الأجداد ، أموال قليلة ، وأحوال متشابهة ، الأرجل على الحفاء ،
والرؤوس بلا غطاء ، أجساد شبه عارية ، وبطون طاوية ، وجيوب خالية ، وملابس
موحدة ، فعلام الحسد وعلام الغبطة ...
أما اليوم ، فيا ويح اليوم !!
نعم في ازدياد ، وخيرات في انقياد ، ودنيا متسعة ، ورؤوس مرتفعة ، وظائف تفرق ، ومناصب تبدد .
جيبي مترع بالمال ، فما ينفعني الوصال .
إذا رضي عني مديري ورئيس العمل ، فلتغضب علي القبيلة والفصيلة .
همي زيادة رصيدي ، وتزويق منزلي ، وفخامة مركبي ... فإذا حصلت فلا حاجة لي بالآخرين .
ما نشكو منه اليوم هو عدم الإحساس بالآخرين ؛ بناء على نظرية المصلحة
والنفعية ؛ لأننا صرنا ـ شعرنا أو لم نشعر ـ ندور في فلك الرأسمالية ، قل
لي كم معك وما هو منصبك ، يتحدد لدي قدرك ومكانتك .
أحد الإخوان ، عين
في إدارة إحدى الدوائر الصغيرة ، وفي أيامه الأولى ، كان يحضر ليطلع على
العمل ، دون أن يتسلم الإدارة رسميًا ، فكان يجلس مع المدير السابق في
مكتبه ؛ لتتم إجراءات التسليم والتسلم ، جاء أحد المراجعين فسلم على المدير
السابق سلامًا حارًّا ، وأحرجه بدعوات حارّة للغداء أو العشاء ، وصاحبنا
يقلب رأسه يتمنى أن تكون هذه العزمات من نصيبه ، لكنه لم يحصل أكثر من سلام
بارد ، برودة وجه ذلكم المراجع ، الذي ما إن خرج من المكتب حتى بلغه من
الموظفين أن المدير السابق قد انتهى تكليفه بنهاية دوام هذا اليوم ، وأن من
كان جالسًا عنده هو الذي سيتسلم الإدارة من صباح غد ، فما كان منه إلا أن
رجع ؛ لا إلى المدير السابق هذه المرة ، ولكن إلى المدير اللاحق ، الذي
سيتقلد المناصب غدًا ، وسلم عليه سلامًّا أحر من قيض ( نجد ) وسموم (
الدهناء ) بعد سلامه القطبي السابق ، وجعل يتحفى به تحفيًا لا مزيد عليه ،
ويلح عليه بزيارته في البيت ، وأكل غدائه أو عشائه ... ( عجبًا لهذا التحول
الكبير والمفاجئ )
لكن صاحبنا كان واسع الصدر ، عارفًا بنفسه وقدرها ،
فما زاده إلحاح ذلك ( الحرباء ) إلا إصرارًا على موقفه الذي بناه على أساس
أنه إذا شبع البطن ارتخت العين ( كما يقال في أمثالنا ) ورد عليه ردًّا
(برَّد وجهه ) وجعله يخرج يائسًا .
لعلي خرجت عن الموضوع ... لكنها حياتنا ، يجب أن نعرف إيجابياتها فندعمها ، وسلبياتها فنحاربها ونتخلص منها .
إننا بحاجة إلى الاحتساب في كل ما نأتي وما نذر من أعمالنا وتصرفاتنا ،
فاحتساب الأجر عند الله ـ عز وجل ـ تهون به الصعاب ، ويقرب به البعيد ،
ويرخص الغالي ، وتتسع به الصدور ، وترق القلوب ، وتسمح النفوس ، ومن ثم
تتكسر عوائق الشيطان أمام الإنسان ، فيصل من قطعه ، ويعطي من منعه ، ويحسن
إلى من أساء إليه ، ويَصدُقُ مَن كَذَبَه ، ويقدر من استهان به ، ولا سيما
إذا كان قريبًا ذا رحم .
يوم كان الاحتساب وطلب الأجر هو المحرك الأساس
، لم تكن الوسائل لتقف أمام الأخ ليصل أخاه ، أو القريب ليزور قريبه ، أو
الصديق فيسامر صديقه ويؤانسه ، كان أحدهم يركب جمله أو حماره أو يترجل
حافيًا ، قاطعًا ما لا طاقة لأحدنا به ، من أجل أن له في مكان كذا قريبًا
لا بد من صلته وزيارته ، أو صديقًا تحلو مسامرته ومنادمته ، أو معرفة لا
يحسن هجره ومقاطعته ...
ويوم إن فقد الاحتساب وقل ، لم تُجدِ سرعة سيارة أو فخامة طيارة ، أو قوة اتصالات أو توفر هواتف ...
وقد يتعلل بعض الناس بأعمال تشغله ، أو ارتباط يمنعه ، أو تجارة تحبسه ،
لكنه لا يجد كل ذلك ، لو أراد أن يزور مديره أو رئيسه أو من يظن أن لديه
مالا فيعطيه ، أو أن أحد هؤلاء سيزوره ويدخل منزله ..
ولا ندعي أن ذلك
هو وضع الأمة كلها ، فإن فيها أناسًا ضربوا لصلة الأرحام أمثلة حية ،
وآخرين هم في الوفاء قمم لا تطاولها قمم ، فالخير باق في هذه الأمة إلى
قيام الساعة ، لكن الأكثرين تغرهم الحياة الدنيا بمباهجها وزخارفها ،
فينسون ويغفلون ، فكان من الواجب أن يكون لنا دور في تذكيرهم وإيقاظهم ،
بمكالمة نسأل فيها عن أحوالهم ، أو رسالة جوال ندعو فيها لهم ، أو زيارة
خاطفة لا نثقل فيها عليهم ، مع بث الوعي الديني في أوساطهم بوجوب الصلة
وأهمية التعاون ، وحرمة القطيعة وضرر التفكك ، عن طريق توزيع الأشرطة
والكتب والرسائل والمطويات ، التي تناولت هذه الموضوعات .
وختامًا ،،
لا يخفى أهمية التسامح والتصافح ، والعفو عن الزلات وتجاوز القصور ، وأن
يعذر بعضنا بعضًا ، ويحاول كل أن يكون هو البادئ ببذل المعروف والندى ، وكف
المنكر ودفع الأذى .
نسأل الله أن يهدينا لما فيه صلاح ديننا ودنيانا ، إنه جواد كريم
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى