رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الشيخ / خالد بن محمد الشارخ
دروس من غزو العراق
الحمد لله الواحد القهار، يخلقُ ما يشاءُ ويختار، واشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له، يداولُ الأيامَ بين الناس ، وكل شيءٍ عندهُ بمقدار، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله، النبي المصطفى، والرسول المختار- صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه السادة الأطهار، وسلم تسليما كثيرا- أمَّا بعد :
فيا أيَّها المسلمون :
اتقوا اللطيف الخبير، والمولى القدير، فإنَّهُ مولاكم، فنعم المولى، ونعم النصير.
مازال الحقدُ الصليبي يُمطرُ أرضَ الفراتِ بنار العدوان، ولهب الطغيان .
أُمطرت فيها دولةٌ مسلمةٌ، بآلافٍ من الصواريخِ، وآلافٍ من القنابل المدمرة، خلّفت عشراتٌ من القتلى، ومئاتٌ من الجرحى، من إخواننا المسلمين في أرض العراق .
فإنَّ ودولةُ الكفرِ والطغيانِ تُمارسُ سياسة ( ما أريكم إلا ما أرى ) فتدكُ المدن والقرى، وتُهلكُ الحرثَ والنسل، وتقتلُ براءةَ الأطفالِ، وترسمُ الحُزنَ على وجوهِ الآباءِ والأمهات، وتَضعُ معالمَ الحُزنِ والبُؤسِ على العجائزِ والشيوخ .
أمةً مسلمةً في أرضِ العراقِ المسلم، يُستهانُ بدمائها، ويُدمرُ اقتصادها، ويُجوَّعُ أفرادها، ولا ذنبَ لهم إلاَّ أن يقولوا ربُنا الله .
فقد اتضحت الحقيقةُ، وتجلت أهدافُ العدوان، وبرزت فيها دروسٌ وعبر، ورُسمت خلالها لوحاتٌ من البذلِ والتضحيةِ والفداء، ورُغمت فيها أنوفُ العداء.
لقد ظهرت أهدافُ أهل الصليبِ بحملتهم، فلم يكن المقصودُ تحريرَ العراقِ كما يزعمون، وإلاَّ فما ذنبُ أنصار الإسلام يُمطرون في ليلةٍ بخمسةٍ وأربعين صاروخاً، بياتاً وهم نائمون، فتخلِّفُ جُثثاً وأشلاءً ودماءَ ، ويُقتلُ لتحريرِ العراقِ أكثرَ من ثلاثمائةٍ وخمسين، والجرحى أكثرُ من ثلاثةِ آلافٍ في أسبوعٍ واحد ، وليس من سببٍ إلاَّ أن يؤمنوا باللهِ العزيز الحميد .
وما ذنبُ الأسواقِ لتُقصف؟ فتخلفُ مشاهدَ داميةٍ مؤلمة ، وأشلاءٍ ممزقة، ودماءٍ منتشرة ، وفي النهايةِ يستنكفُ الأعداءُ حتى عن الاعتذار، فماذا لو كان القتيلُ خنزيراً من خنازيرهم .
إننا لسنا بحاجةٍ إلى تحليلاتٍ سياسية، أو اعترافاتٍ غربية، أو توقعاتٍ صحفية، تبينُ لنا الهدفَ من جحافلِ الصليب ، فذلك بيَّنهُ لنا ربُنا في كتابه (( وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا)) (البقرة: من الآية217).
((إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ)) (الممتحنة:2).
فإلى متى نظلُّ ساذجين مخدوعين، تَصنعُ آراءَنا ومواقفنا وسائلُ الإعلام .
وإن تعجب فاعجبُ من موقفهم، حين عُرضت صورُ الأسرى من خنازيرهم ، لقد قال طاغوتهم : إنَّ عرضَ تلك المشاهدِ يعد انتهاكاً لحقوقِ الإنسان ومعاهدات جنيف،
أما أسرانا في كوبا فلا بواكي لهم،
وأما أسرى العراق المكبلين على وجوههم، فهم ليسوا بشراً .
وأمَّا ما يُفعلُ بأسرانا ممَّا لا يُمت للإنسانيةِ بصلة، فهو لا يعدُّ انتهاكاً لحقوقِ الإنسان، فضلاً عن المعاهداتِ والمواثيق .
وأمَّا قتلُ المدنيين والأبرياءِ، بل قتلُ الأطفالِ حتى الرضعِ منهم، فليس من انتهاكِ حقوقِ الإنسان، ولا من انتهاكِ المُعاهداتِ في شيء، بل إن قاتلهم رجلَ سلام .
وما أشبهَ الليلةِ بالبارحة، ففي أفغانستان قتلتِ القذائفُ الأمريكيةِ الذكيةِ الرحيمةِ المئاتُ من المدنيين الأبرياءِ العزل، ففي إحدى القرى تمَّ العثورُ على مائةٍ وستين جُثة، نتيجةً القصفِ الأمريكي، وفي العراقِ تُقصفُ الأسواقُ الشعبية، والأحياءَ السكنية، فتموتُ أُسرٍ بأكملها، بشيوخها ونسائها وأطفالها، وكلُّ يومٍ تأتي الأخبارُ لنا بفاجعة، والسببُ : أنهم مسلمون .
وهذا ليس سراً يُذاع، أو ظناً كاذباً، بل هي الحقيقةُ التي لا تعدو أن تكونَ الوجهُ الآخرِ للحضارة الغربية .
نعم، حرامٌ أن تُعرضَ صورُ الأسرى إذا كانوا من ذوي العيونِ الخُضر والدماءِ الزرقاء، حلالٌ أن تُعرّى أجسادُ الأسرى في كوبا .
حرامٌ أن تُعرضَ صورُ أسرى أمريكا وهم في لباسهم العسكري، حلالٌ أن يلبسَ أسرانا ملابسَ لا تصلحُ للحيوان فضلاً عن الإنسان .
حرامٌ أن تُعرضَ صورُ قتلى الحربِ إذا كانوا جنوداً أمريكيين ، حلالٌ أن يُقتلَ الأبرياءَ إذا كانوا مسلمين .
حلالٌ أن تُستخدم كلَّ الأسلحةِ الفتاكةِ لإزهاقِ أرواحٍ مسلمة، حرامٌ على المسلمين حتى التخطيط والتفكير، فهاهو فر عونهم يصفُ العراقيين بالخيانة، أتدرون لماذا ؟
لأنَّهم ألبسوا جنودهم ملابس المدنيين، ولأنَّهم أظهروا الاستسلام ثمَّ قاتلوا الأعداء .
عجيبةٌ كل العجب، هي الموازينُ الصليبية، ضحايا قضيةِ ( لو كربي ) ديةُ كل واحدٍ منهم تزيدُ على مليوني دولار، بينما ضحايا القصفِ الأمريكي لعرسٍ في أفغانستان، ديةُ كلُّ واحدٍ منهم لاتصلُ على ثلاثمائةِ دولار ، فلا عجب، إنَّها العدالةُ والحريةُ والمساواةُ على الطريقةِ الصليبية .
أنينُ أطفال المسلمين تحت الأنقاض، هي نغماتٌ يستمتعُ الصليبيون بسماعها ، وقذائفُ النارِ التي تهلكُ الحرث والنسل، هي مشاهدُ ممتعةً عندهم ،حتى قال أحدُ قوادهم في أولِّ ليلةٍ من القصف: إنَّها مشاهد ممتعة، تُذكرنا بليالي أعيادِ الميلاد .
تسعة أيامٍ يا مسلمون والعراق تدكُ بالقنابل والصواريخ، والمسلمون يتفرجون على ما يحدثُ عبرَ القنوات، وكأنَّها ألعابٌ نارية- والله المستعان- وهو حسبنا ونعم الوكيل .
لقد جلّت لنا أحداثُ الأيامِ الماضية دروساً وعبراً .
لقد أظهرت الأحداثُ أن الحربَ إعلامية بالدرجةِ الأولى، ظهرت صور من تزييفِ الحقائقِ، والتعتيمِ على الواقع، ولا عجب فمعظمُ وكالاتِ الأنباءِ العالميةِ ومحطات البثِّ يملِكها يهود، ولذا فليس من المُستغربِ أن نشاهدَ هذا التواطؤ الإعلامي على تشويهِ حقائقَ الصراع، في كلِّ مناطقِ العالم الإسلامي، وطرحها بصورةٍ تخدمُ التوجهات الغربية واليهودية .
طائراتهم تسقط ويسلم قوادها ، وسفنهم تغرق وينجو ربانها ، ودباباتهم تُقصف وقواعدهم تُضرب فينقلبون بأمن لم يمسسهم سوء ، فيا عجباً من هذه الكرامات .
يصف الإعلام حربهم بالنجاح ، فقد قتلوا الآلاف ، واحتلوا المدن ، والحرب تسير كما خطط لها ، وحقيقة الأمر أنهم مكلومون مفجوعون يألمون كما تألمون .
ليس العجب من إعلامهم فهو يخدم مصالحهم ، لكن العجب من ذلك الغباء وتلك الببغاوية التي تتمتع بها معظم وسائل الإعلام في البلاد الإٌسلامية ، والتي تجلي صورة من صور الانهزامية ، ذلكم هو نقل تلك الوسائل الإعلامية للأخبار والتحليلات السياسية وغيرها هكذا كما وردت دون تمحيص أو تدقيق او إعادة نظر أو صياغتها صياغة تتناسب مع الحقيقة وتنطلق من قيمنا ومبادئنا ومصلحة أمتنا .
إن ما ينشره العدو من أخبار عن انتصاراته ومكاسبه لا يعدو أن يكون تشويها للحقائق وحربا نفسية تزرع اليأس والقنوط في نفوس الناس ، وكلنا يدرك اثر الكذب الإعلامي في توهين العزائم وبث اليأس والإحباط ، وما إشاعة قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحد إلا أكبر دليل وشاهد .
فلا يغررك أخي زيفهم وكذبهم فهم سماعون للكذب أكالون للسحت ، يحرفون الكلم عن مواضعه ، وثق بربك ، وأيقن بقدرته ونصره للمظلومين .
أيها المسلمون :
وأظهرت الأحداث أثر الإعداد والاستعداد والتدريب في مواجهة الخصوم والأعداء فإن أهل العراق باستعدادهم المسبق كوّنوا جبهة قوية لحماية بلادهم من كيد المعتدين ، وكانوا ردءاً لجيشهم في صد الغزاة المفسدين ممت أذهل العدو فانقلبوا خاسئين ، وهنا يتأكد الأمر الإلهي للأمة : (( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) (لأنفال:60) والوقاية خير من العلاج .
إن أهل العراق وهم تحت حكم جائر قد وظفوا استعدادهم للدفاع عن أرضهم ، أفلسنا ونحن الذين تربطنا بقادتنا روابط الدين والمذهب والهدف أولى بأن نتهيأ دائما لنكوّن درعاً قويا يجيب النداء للنفير ويساهم في الحفاظ على الأمن ودفع شر مستطير (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً)) (النساء:71) .
وأثبتت الأحداث اثر اجتماع الكلمة ووحدة الصف والبعد عن الخلافات في صد الغزاة المعتدين .
إن أهل العراق كغيرهم أصحاب آراء مختلفة ومناهج متنوعة ، لكنها توحدت عند لقاء العدو .
فما أجدرنا أن تتوحد كلمتنا ونبتعد عن كل صور الاختلاف والتنازع فهما من أسباب الفشل والهزيمة (( وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)) (لأنفال: من الآية46) .
وحينما ندعوا إلى وحدة الصف واجتماع الكلمة فلا يعني أن نلتقي مع أصحاب المذاهب المنحرفة والأفكار الضالة وأن نتنازل لهم عن مبادئنا وثوابتنا لكي نلتقي معهم عند نقطة واحدة .
إنه الالتقاء مع الرافضة أعداء الله ورسوله ، ولا لقاء مع العلمانيين المنافقين إلا في ميدان الدعوة والجدال ، أو على ساحات القتال .
وحدة الصف واجتماع الكلمة هي دعوة لأهل السنة وأصحاب المنهج الواحد وإن تنوعت آراؤهم واختلفت وجهات نظرهم .
أيها المسلمون : وأظهرت الأحداث خللا في مفاهيم الناس وتذبذبا في مواقفهم بسبب خلفية فكرية أو نتيجة اثر في النفس أو بسبب بغض وكراهية لشخص أو جهة أو بسبب تأجج عاطفة ، وهكذا تثور زوابع الهوى كلما اشتد أوار الفتن ، فتسفي التراب في أعين أقوام لا يتبينون الموقف الشرعي للمسلم من حدث أو حرب أو كارثة .
إن الحرب الدائرة اليوم هي بين فريقين : بعث وصليب فأيهما أقرب على الحق ؟
لقد فرح المسلمون بانتصار الروم على الفرس ، لأنهم اقرب على الحق ، وإذا نصبنا هذا الميزان في حرب اليوم وجدنا العراق كبلد وشعب لاقيادة اقرب إلينا ، فالدم الدم ، والهدم الهدم ، وتربطنا بهم رابطة الدين والدم .
ولقد قال المعتمد بن عباد مخاطبا عاذليه مبررا استعانته بخصمه يوسف بن تاشفين على النصارى ( رعي الجمل أحب إلي من رعي الخنازير ) .
ولنحذر كل الحذر أن يحملنا بغض شخص أو فئة على تأييد كافر أو إعانته وتوليه. وقد قال تعالى في الأقربين (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْأِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)) (التوبة:23) وقال في الأبعدين (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)) (المائدة:51) .
فلا يحملنا بغضنا للبعث وصدام أن نوالي أمريكا ، كما لا يحملنا بغضنا لأمريكا على مناصرة البعث وحب صدام أو الإعجاب به .
وما أحوجنا إلى أن نزن مواقفنا وأفعالنا بميزان الإسلام بعيداً عن العواطف والانفعالات .
أقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم ..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون : تسعة أيام مضت أظهرت هشاشة العدو وضعف قدراته وروحه المعنوية ، وأنه يعتمد في حربه على التهويل وتعظيم النفس والقدرات .
طائراتهم الالكترونية تُسقطها بندقية مزارع وبارود امرأة .
ودباباتهم المتقدمة تقصف فإذا هي تضرب أختها ، صواريخهم الذكية أثبتت ذكاءها فسقطت على تجمع لجنودهم .
إنهم قوم يقاتلون بلا هدف ، ولا يرجون من الله جزاء ولا شكورا ولا يخافون يوما عبوسا قمطريرا .
إنهم أحرص الناس على حياة ، يقاتلون بلا مبدأ ، هم أجبن الناس عند اللقاء وأضعفهم عند المواجهة .
يستمدون قوتهم من القوى المادية التي تقف عاجزة أمام قوة الحق والثبات على المباديء .
لقد أثبتت الأحداث أن القوة الصليبية الهائلة بطائراتهم وصواريخهم ودباباتهم ومدمراتهم أصيبت بالذل والخيبة أمام أمة من الناس لاتملك معشار مايملك الأعداء ، وأن سهامهم تكسرت على صخرة الحق وعدالة القضية 0
إن قوة الأعداء مهما بلغت لن تقف أمام قوة المؤمن ، فالمؤمن قوي لأنه يستمد قوته من الله العلي الكبير ويتوكل عليه ويعتقد أنه معه حيث كان وأنه ناصر المؤمنين وخاذل المبطلين (( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) (لأنفال: من الآية49) .
والتوكل على الله ليس استسلام متبطل ولا استرخاء كسول ، إنه معنى حافز ، وشحنة نفسية تغمر المؤمن بقوة المقاومة ، وتملؤه بروح التحدي والإصرار ، وتشحذ فيه العزم الصارم والإرادة الشماء .
وعلى الله فليتوكل المؤمنون ، والاعتقاد بقدرة الله والتوكل الكامل على الله لاينفيان اتخاذ العدة بما في الطوق ، فذلك أمر الله الصريح (( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ)) (لأنفال:60) .
وما يتكل على الله حق الاتكال من لا ينفذ أمر الله ومن لا يأخذ بالأسباب ومن لا يدرك سنة الله التي لا تحابي أحدا ولا تراعي خاطر إنسان .
والمؤمن يستمد قوته من الحق الذي يعتنقه فهو لا يعمل لشهوة عارضة ولا لمنفعة شخصية ولا لعصبية جاهلية، ولكنه يعمل للحق الذي قامت عليه السموات والأرض، والحق أحق أن ينتصر، والباطل أولى أن يندثر (( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ )) (الأنبياء: من الآية18).
والمؤمن يستمد قوته من إيمانه بقدر الله ن فهو يعلم أن ما أصابه من مصيبة فبإذن الله وأن الإنس والجن لو اجتمعوا على أن ينفعوه بشيء أو يضروه بشيء لم يتحقق لهم ذلك إلا بما كتب الله (( قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)) (التوبة:51).
والمؤمن يعتقد أن رزقه مقسوم وأجله محدود ، وهذا يعطيه ثقة لا حدود لها وقوة لا تقهرها قوة بشر، وقد كان الرجل يذهب إلى الميدان مجاهدا فيعترض سبيله المثبطون فيقول : علينا أن نطيعه تعالى كما أمرنا وعليه أن يرزقنا كما وعدنا .
فيذهب المرجفون إلى المرأة يثيرون مخاوفها على رزقها ورزق عيالها فتجيبهم بكل ثقة : زوجي عرفته أكالاً ولم أعرفه رزاقاً، فإن ذهب الأكال فقد بقي الرزاق.
إن المؤمن الذي يستمد قوته من الله ومن الإيمان بالحق والقدر لا يمكن أن تتزلزل له قدم أو يتزعزع له ركن، لا يخشى الناس قلوا أو كثروا، ولا يبالي بالأعداء وإن أرغوا وأزبدوا، انسدت أبواب الخوف كلها في نفسه فلم يعد يخاف إلا من ذنبه ومن سخط ربه .
إذا قيل له إن أعداءك أكثر عددا تلا قول الله : (( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)) (البقرة: من الآية249) .
وإذا قيل له : إنهم أكثر مالاً قرأ عليهم : (( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)) (لأنفال:36) .
وإذا حذروه من مكرهم وكيدهم أجابهم بما قال الله : (( وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)) (آل عمران:54) .
وإذا قيل لهم إنهم أمنع حصونا قرأ عليهم : (( وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ)) (الحشر: من الآية2) .
إنه يسير بمعونة من الله وينظر بنور الله ويقاتل بسيف الله ويرمي بقوة الله ، ومن كان يصدق أن بندقية مزارع تسقط طائرة ولكن صدق الله : (( فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى )) (لأنفال: من الآية17) .
إن المؤمن لا يستعبده منطق المادة ولا لغة الأرقام ولا تهوله أسلحة الأعداء لأنه يوقن ويؤمن بأن كل قوة في هذا الكون لا يمكن أن تقف لحظة واحدة أمام قوة ( كن فيكون ) تلك القوة التي أهلكت عادا الأولى وثمود فما أبقى وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى .
إنه يثق بوعد الله وبقدرته الباهرة وبأن الصليبيين خلق من خلق الله ، ولله الخلق والأمر ، وبيده مقاليد الأمور وأنه قادر على نصر دينه وأوليائه (( ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ)) (محمد: من الآية4) .
فهل نقول بعد هذا وعلى لسانكم وبكل ثقة ويقين واطمئنان : ياعباد الصليب : من أراد منكم أن تثكله أمه أم ترمل زوجته أو ييتم أطفاله فلتسول له نفسه المساس بديننا وأرضنا ، فعلى الله توكلنا ومن يتوكل على الله فهو حسبه فالله حسبنا ونعم الوكيل .
وأخيراً
جلّت الأحداث أثر السلاح الذي لا يقهر ، والقوة التي لا تغلب والعطاء الذي لا يعجز عنه أحد .
إنه السهام التي أسقطت طائرات الأعداء وأهلكت جنودهم .
إنه الإعصار الذي حرك الريح العاتية فشلّت قوة الأعداء وأضعفت سيرهم .
إنه ملاذ المؤمنين وملجأ المضطرين ومتنفس المكروبين .
إنه الدعاء فمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، إنه الالتجاء إلى من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، لقد دعوتم فظهرت آثار دعواتكم ، وإنما تنصرون وترزقون بضعفائكم بدعائهم وصلاتهم (( قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً)) (الفرقان:77) .
((ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)) (لأعراف:56,55) .
توجهوا في السجود وفي أوقات الأسحار إلى من أنجى إبراهيم من النار ، ومن حفظ محمداً في الغار ومن حمى يونس في أعماق البحار .
دعاه نوح (( فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ)) (القمر:10) فجاء النصر والفرج (( فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ)) (القمر:11) .
دعاه الكليم موسى (( وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ)) (يونس:88) .
فجاء الجواب : (( قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)) (يونس:89) .
إنه الله الذي لا يخيب من دعاه ، إنه الله لا يهزم من احتمى بحماه ، إنه الله لا يخذل من تعلق به ورجاه .
اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت - أنت الغني ونحن الفقراء وأنت القوي ونحن الضعفاء أنزل على أمتنا النصر ولا تجعلنا من القانطين .
اللهم أغثنا بنصر من عندك ، وأمدنا بجند من جندك .
دروس من غزو العراق
الحمد لله الواحد القهار، يخلقُ ما يشاءُ ويختار، واشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له، يداولُ الأيامَ بين الناس ، وكل شيءٍ عندهُ بمقدار، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله، النبي المصطفى، والرسول المختار- صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه السادة الأطهار، وسلم تسليما كثيرا- أمَّا بعد :
فيا أيَّها المسلمون :
اتقوا اللطيف الخبير، والمولى القدير، فإنَّهُ مولاكم، فنعم المولى، ونعم النصير.
مازال الحقدُ الصليبي يُمطرُ أرضَ الفراتِ بنار العدوان، ولهب الطغيان .
أُمطرت فيها دولةٌ مسلمةٌ، بآلافٍ من الصواريخِ، وآلافٍ من القنابل المدمرة، خلّفت عشراتٌ من القتلى، ومئاتٌ من الجرحى، من إخواننا المسلمين في أرض العراق .
فإنَّ ودولةُ الكفرِ والطغيانِ تُمارسُ سياسة ( ما أريكم إلا ما أرى ) فتدكُ المدن والقرى، وتُهلكُ الحرثَ والنسل، وتقتلُ براءةَ الأطفالِ، وترسمُ الحُزنَ على وجوهِ الآباءِ والأمهات، وتَضعُ معالمَ الحُزنِ والبُؤسِ على العجائزِ والشيوخ .
أمةً مسلمةً في أرضِ العراقِ المسلم، يُستهانُ بدمائها، ويُدمرُ اقتصادها، ويُجوَّعُ أفرادها، ولا ذنبَ لهم إلاَّ أن يقولوا ربُنا الله .
فقد اتضحت الحقيقةُ، وتجلت أهدافُ العدوان، وبرزت فيها دروسٌ وعبر، ورُسمت خلالها لوحاتٌ من البذلِ والتضحيةِ والفداء، ورُغمت فيها أنوفُ العداء.
لقد ظهرت أهدافُ أهل الصليبِ بحملتهم، فلم يكن المقصودُ تحريرَ العراقِ كما يزعمون، وإلاَّ فما ذنبُ أنصار الإسلام يُمطرون في ليلةٍ بخمسةٍ وأربعين صاروخاً، بياتاً وهم نائمون، فتخلِّفُ جُثثاً وأشلاءً ودماءَ ، ويُقتلُ لتحريرِ العراقِ أكثرَ من ثلاثمائةٍ وخمسين، والجرحى أكثرُ من ثلاثةِ آلافٍ في أسبوعٍ واحد ، وليس من سببٍ إلاَّ أن يؤمنوا باللهِ العزيز الحميد .
وما ذنبُ الأسواقِ لتُقصف؟ فتخلفُ مشاهدَ داميةٍ مؤلمة ، وأشلاءٍ ممزقة، ودماءٍ منتشرة ، وفي النهايةِ يستنكفُ الأعداءُ حتى عن الاعتذار، فماذا لو كان القتيلُ خنزيراً من خنازيرهم .
إننا لسنا بحاجةٍ إلى تحليلاتٍ سياسية، أو اعترافاتٍ غربية، أو توقعاتٍ صحفية، تبينُ لنا الهدفَ من جحافلِ الصليب ، فذلك بيَّنهُ لنا ربُنا في كتابه (( وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا)) (البقرة: من الآية217).
((إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ)) (الممتحنة:2).
فإلى متى نظلُّ ساذجين مخدوعين، تَصنعُ آراءَنا ومواقفنا وسائلُ الإعلام .
وإن تعجب فاعجبُ من موقفهم، حين عُرضت صورُ الأسرى من خنازيرهم ، لقد قال طاغوتهم : إنَّ عرضَ تلك المشاهدِ يعد انتهاكاً لحقوقِ الإنسان ومعاهدات جنيف،
أما أسرانا في كوبا فلا بواكي لهم،
وأما أسرى العراق المكبلين على وجوههم، فهم ليسوا بشراً .
وأمَّا ما يُفعلُ بأسرانا ممَّا لا يُمت للإنسانيةِ بصلة، فهو لا يعدُّ انتهاكاً لحقوقِ الإنسان، فضلاً عن المعاهداتِ والمواثيق .
وأمَّا قتلُ المدنيين والأبرياءِ، بل قتلُ الأطفالِ حتى الرضعِ منهم، فليس من انتهاكِ حقوقِ الإنسان، ولا من انتهاكِ المُعاهداتِ في شيء، بل إن قاتلهم رجلَ سلام .
وما أشبهَ الليلةِ بالبارحة، ففي أفغانستان قتلتِ القذائفُ الأمريكيةِ الذكيةِ الرحيمةِ المئاتُ من المدنيين الأبرياءِ العزل، ففي إحدى القرى تمَّ العثورُ على مائةٍ وستين جُثة، نتيجةً القصفِ الأمريكي، وفي العراقِ تُقصفُ الأسواقُ الشعبية، والأحياءَ السكنية، فتموتُ أُسرٍ بأكملها، بشيوخها ونسائها وأطفالها، وكلُّ يومٍ تأتي الأخبارُ لنا بفاجعة، والسببُ : أنهم مسلمون .
وهذا ليس سراً يُذاع، أو ظناً كاذباً، بل هي الحقيقةُ التي لا تعدو أن تكونَ الوجهُ الآخرِ للحضارة الغربية .
نعم، حرامٌ أن تُعرضَ صورُ الأسرى إذا كانوا من ذوي العيونِ الخُضر والدماءِ الزرقاء، حلالٌ أن تُعرّى أجسادُ الأسرى في كوبا .
حرامٌ أن تُعرضَ صورُ أسرى أمريكا وهم في لباسهم العسكري، حلالٌ أن يلبسَ أسرانا ملابسَ لا تصلحُ للحيوان فضلاً عن الإنسان .
حرامٌ أن تُعرضَ صورُ قتلى الحربِ إذا كانوا جنوداً أمريكيين ، حلالٌ أن يُقتلَ الأبرياءَ إذا كانوا مسلمين .
حلالٌ أن تُستخدم كلَّ الأسلحةِ الفتاكةِ لإزهاقِ أرواحٍ مسلمة، حرامٌ على المسلمين حتى التخطيط والتفكير، فهاهو فر عونهم يصفُ العراقيين بالخيانة، أتدرون لماذا ؟
لأنَّهم ألبسوا جنودهم ملابس المدنيين، ولأنَّهم أظهروا الاستسلام ثمَّ قاتلوا الأعداء .
عجيبةٌ كل العجب، هي الموازينُ الصليبية، ضحايا قضيةِ ( لو كربي ) ديةُ كل واحدٍ منهم تزيدُ على مليوني دولار، بينما ضحايا القصفِ الأمريكي لعرسٍ في أفغانستان، ديةُ كلُّ واحدٍ منهم لاتصلُ على ثلاثمائةِ دولار ، فلا عجب، إنَّها العدالةُ والحريةُ والمساواةُ على الطريقةِ الصليبية .
أنينُ أطفال المسلمين تحت الأنقاض، هي نغماتٌ يستمتعُ الصليبيون بسماعها ، وقذائفُ النارِ التي تهلكُ الحرث والنسل، هي مشاهدُ ممتعةً عندهم ،حتى قال أحدُ قوادهم في أولِّ ليلةٍ من القصف: إنَّها مشاهد ممتعة، تُذكرنا بليالي أعيادِ الميلاد .
تسعة أيامٍ يا مسلمون والعراق تدكُ بالقنابل والصواريخ، والمسلمون يتفرجون على ما يحدثُ عبرَ القنوات، وكأنَّها ألعابٌ نارية- والله المستعان- وهو حسبنا ونعم الوكيل .
لقد جلّت لنا أحداثُ الأيامِ الماضية دروساً وعبراً .
لقد أظهرت الأحداثُ أن الحربَ إعلامية بالدرجةِ الأولى، ظهرت صور من تزييفِ الحقائقِ، والتعتيمِ على الواقع، ولا عجب فمعظمُ وكالاتِ الأنباءِ العالميةِ ومحطات البثِّ يملِكها يهود، ولذا فليس من المُستغربِ أن نشاهدَ هذا التواطؤ الإعلامي على تشويهِ حقائقَ الصراع، في كلِّ مناطقِ العالم الإسلامي، وطرحها بصورةٍ تخدمُ التوجهات الغربية واليهودية .
طائراتهم تسقط ويسلم قوادها ، وسفنهم تغرق وينجو ربانها ، ودباباتهم تُقصف وقواعدهم تُضرب فينقلبون بأمن لم يمسسهم سوء ، فيا عجباً من هذه الكرامات .
يصف الإعلام حربهم بالنجاح ، فقد قتلوا الآلاف ، واحتلوا المدن ، والحرب تسير كما خطط لها ، وحقيقة الأمر أنهم مكلومون مفجوعون يألمون كما تألمون .
ليس العجب من إعلامهم فهو يخدم مصالحهم ، لكن العجب من ذلك الغباء وتلك الببغاوية التي تتمتع بها معظم وسائل الإعلام في البلاد الإٌسلامية ، والتي تجلي صورة من صور الانهزامية ، ذلكم هو نقل تلك الوسائل الإعلامية للأخبار والتحليلات السياسية وغيرها هكذا كما وردت دون تمحيص أو تدقيق او إعادة نظر أو صياغتها صياغة تتناسب مع الحقيقة وتنطلق من قيمنا ومبادئنا ومصلحة أمتنا .
إن ما ينشره العدو من أخبار عن انتصاراته ومكاسبه لا يعدو أن يكون تشويها للحقائق وحربا نفسية تزرع اليأس والقنوط في نفوس الناس ، وكلنا يدرك اثر الكذب الإعلامي في توهين العزائم وبث اليأس والإحباط ، وما إشاعة قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحد إلا أكبر دليل وشاهد .
فلا يغررك أخي زيفهم وكذبهم فهم سماعون للكذب أكالون للسحت ، يحرفون الكلم عن مواضعه ، وثق بربك ، وأيقن بقدرته ونصره للمظلومين .
أيها المسلمون :
وأظهرت الأحداث أثر الإعداد والاستعداد والتدريب في مواجهة الخصوم والأعداء فإن أهل العراق باستعدادهم المسبق كوّنوا جبهة قوية لحماية بلادهم من كيد المعتدين ، وكانوا ردءاً لجيشهم في صد الغزاة المفسدين ممت أذهل العدو فانقلبوا خاسئين ، وهنا يتأكد الأمر الإلهي للأمة : (( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) (لأنفال:60) والوقاية خير من العلاج .
إن أهل العراق وهم تحت حكم جائر قد وظفوا استعدادهم للدفاع عن أرضهم ، أفلسنا ونحن الذين تربطنا بقادتنا روابط الدين والمذهب والهدف أولى بأن نتهيأ دائما لنكوّن درعاً قويا يجيب النداء للنفير ويساهم في الحفاظ على الأمن ودفع شر مستطير (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً)) (النساء:71) .
وأثبتت الأحداث اثر اجتماع الكلمة ووحدة الصف والبعد عن الخلافات في صد الغزاة المعتدين .
إن أهل العراق كغيرهم أصحاب آراء مختلفة ومناهج متنوعة ، لكنها توحدت عند لقاء العدو .
فما أجدرنا أن تتوحد كلمتنا ونبتعد عن كل صور الاختلاف والتنازع فهما من أسباب الفشل والهزيمة (( وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)) (لأنفال: من الآية46) .
وحينما ندعوا إلى وحدة الصف واجتماع الكلمة فلا يعني أن نلتقي مع أصحاب المذاهب المنحرفة والأفكار الضالة وأن نتنازل لهم عن مبادئنا وثوابتنا لكي نلتقي معهم عند نقطة واحدة .
إنه الالتقاء مع الرافضة أعداء الله ورسوله ، ولا لقاء مع العلمانيين المنافقين إلا في ميدان الدعوة والجدال ، أو على ساحات القتال .
وحدة الصف واجتماع الكلمة هي دعوة لأهل السنة وأصحاب المنهج الواحد وإن تنوعت آراؤهم واختلفت وجهات نظرهم .
أيها المسلمون : وأظهرت الأحداث خللا في مفاهيم الناس وتذبذبا في مواقفهم بسبب خلفية فكرية أو نتيجة اثر في النفس أو بسبب بغض وكراهية لشخص أو جهة أو بسبب تأجج عاطفة ، وهكذا تثور زوابع الهوى كلما اشتد أوار الفتن ، فتسفي التراب في أعين أقوام لا يتبينون الموقف الشرعي للمسلم من حدث أو حرب أو كارثة .
إن الحرب الدائرة اليوم هي بين فريقين : بعث وصليب فأيهما أقرب على الحق ؟
لقد فرح المسلمون بانتصار الروم على الفرس ، لأنهم اقرب على الحق ، وإذا نصبنا هذا الميزان في حرب اليوم وجدنا العراق كبلد وشعب لاقيادة اقرب إلينا ، فالدم الدم ، والهدم الهدم ، وتربطنا بهم رابطة الدين والدم .
ولقد قال المعتمد بن عباد مخاطبا عاذليه مبررا استعانته بخصمه يوسف بن تاشفين على النصارى ( رعي الجمل أحب إلي من رعي الخنازير ) .
ولنحذر كل الحذر أن يحملنا بغض شخص أو فئة على تأييد كافر أو إعانته وتوليه. وقد قال تعالى في الأقربين (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْأِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)) (التوبة:23) وقال في الأبعدين (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)) (المائدة:51) .
فلا يحملنا بغضنا للبعث وصدام أن نوالي أمريكا ، كما لا يحملنا بغضنا لأمريكا على مناصرة البعث وحب صدام أو الإعجاب به .
وما أحوجنا إلى أن نزن مواقفنا وأفعالنا بميزان الإسلام بعيداً عن العواطف والانفعالات .
أقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم ..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون : تسعة أيام مضت أظهرت هشاشة العدو وضعف قدراته وروحه المعنوية ، وأنه يعتمد في حربه على التهويل وتعظيم النفس والقدرات .
طائراتهم الالكترونية تُسقطها بندقية مزارع وبارود امرأة .
ودباباتهم المتقدمة تقصف فإذا هي تضرب أختها ، صواريخهم الذكية أثبتت ذكاءها فسقطت على تجمع لجنودهم .
إنهم قوم يقاتلون بلا هدف ، ولا يرجون من الله جزاء ولا شكورا ولا يخافون يوما عبوسا قمطريرا .
إنهم أحرص الناس على حياة ، يقاتلون بلا مبدأ ، هم أجبن الناس عند اللقاء وأضعفهم عند المواجهة .
يستمدون قوتهم من القوى المادية التي تقف عاجزة أمام قوة الحق والثبات على المباديء .
لقد أثبتت الأحداث أن القوة الصليبية الهائلة بطائراتهم وصواريخهم ودباباتهم ومدمراتهم أصيبت بالذل والخيبة أمام أمة من الناس لاتملك معشار مايملك الأعداء ، وأن سهامهم تكسرت على صخرة الحق وعدالة القضية 0
إن قوة الأعداء مهما بلغت لن تقف أمام قوة المؤمن ، فالمؤمن قوي لأنه يستمد قوته من الله العلي الكبير ويتوكل عليه ويعتقد أنه معه حيث كان وأنه ناصر المؤمنين وخاذل المبطلين (( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) (لأنفال: من الآية49) .
والتوكل على الله ليس استسلام متبطل ولا استرخاء كسول ، إنه معنى حافز ، وشحنة نفسية تغمر المؤمن بقوة المقاومة ، وتملؤه بروح التحدي والإصرار ، وتشحذ فيه العزم الصارم والإرادة الشماء .
وعلى الله فليتوكل المؤمنون ، والاعتقاد بقدرة الله والتوكل الكامل على الله لاينفيان اتخاذ العدة بما في الطوق ، فذلك أمر الله الصريح (( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ)) (لأنفال:60) .
وما يتكل على الله حق الاتكال من لا ينفذ أمر الله ومن لا يأخذ بالأسباب ومن لا يدرك سنة الله التي لا تحابي أحدا ولا تراعي خاطر إنسان .
والمؤمن يستمد قوته من الحق الذي يعتنقه فهو لا يعمل لشهوة عارضة ولا لمنفعة شخصية ولا لعصبية جاهلية، ولكنه يعمل للحق الذي قامت عليه السموات والأرض، والحق أحق أن ينتصر، والباطل أولى أن يندثر (( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ )) (الأنبياء: من الآية18).
والمؤمن يستمد قوته من إيمانه بقدر الله ن فهو يعلم أن ما أصابه من مصيبة فبإذن الله وأن الإنس والجن لو اجتمعوا على أن ينفعوه بشيء أو يضروه بشيء لم يتحقق لهم ذلك إلا بما كتب الله (( قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)) (التوبة:51).
والمؤمن يعتقد أن رزقه مقسوم وأجله محدود ، وهذا يعطيه ثقة لا حدود لها وقوة لا تقهرها قوة بشر، وقد كان الرجل يذهب إلى الميدان مجاهدا فيعترض سبيله المثبطون فيقول : علينا أن نطيعه تعالى كما أمرنا وعليه أن يرزقنا كما وعدنا .
فيذهب المرجفون إلى المرأة يثيرون مخاوفها على رزقها ورزق عيالها فتجيبهم بكل ثقة : زوجي عرفته أكالاً ولم أعرفه رزاقاً، فإن ذهب الأكال فقد بقي الرزاق.
إن المؤمن الذي يستمد قوته من الله ومن الإيمان بالحق والقدر لا يمكن أن تتزلزل له قدم أو يتزعزع له ركن، لا يخشى الناس قلوا أو كثروا، ولا يبالي بالأعداء وإن أرغوا وأزبدوا، انسدت أبواب الخوف كلها في نفسه فلم يعد يخاف إلا من ذنبه ومن سخط ربه .
إذا قيل له إن أعداءك أكثر عددا تلا قول الله : (( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)) (البقرة: من الآية249) .
وإذا قيل له : إنهم أكثر مالاً قرأ عليهم : (( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)) (لأنفال:36) .
وإذا حذروه من مكرهم وكيدهم أجابهم بما قال الله : (( وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)) (آل عمران:54) .
وإذا قيل لهم إنهم أمنع حصونا قرأ عليهم : (( وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ)) (الحشر: من الآية2) .
إنه يسير بمعونة من الله وينظر بنور الله ويقاتل بسيف الله ويرمي بقوة الله ، ومن كان يصدق أن بندقية مزارع تسقط طائرة ولكن صدق الله : (( فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى )) (لأنفال: من الآية17) .
إن المؤمن لا يستعبده منطق المادة ولا لغة الأرقام ولا تهوله أسلحة الأعداء لأنه يوقن ويؤمن بأن كل قوة في هذا الكون لا يمكن أن تقف لحظة واحدة أمام قوة ( كن فيكون ) تلك القوة التي أهلكت عادا الأولى وثمود فما أبقى وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى .
إنه يثق بوعد الله وبقدرته الباهرة وبأن الصليبيين خلق من خلق الله ، ولله الخلق والأمر ، وبيده مقاليد الأمور وأنه قادر على نصر دينه وأوليائه (( ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ)) (محمد: من الآية4) .
فهل نقول بعد هذا وعلى لسانكم وبكل ثقة ويقين واطمئنان : ياعباد الصليب : من أراد منكم أن تثكله أمه أم ترمل زوجته أو ييتم أطفاله فلتسول له نفسه المساس بديننا وأرضنا ، فعلى الله توكلنا ومن يتوكل على الله فهو حسبه فالله حسبنا ونعم الوكيل .
وأخيراً
جلّت الأحداث أثر السلاح الذي لا يقهر ، والقوة التي لا تغلب والعطاء الذي لا يعجز عنه أحد .
إنه السهام التي أسقطت طائرات الأعداء وأهلكت جنودهم .
إنه الإعصار الذي حرك الريح العاتية فشلّت قوة الأعداء وأضعفت سيرهم .
إنه ملاذ المؤمنين وملجأ المضطرين ومتنفس المكروبين .
إنه الدعاء فمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، إنه الالتجاء إلى من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، لقد دعوتم فظهرت آثار دعواتكم ، وإنما تنصرون وترزقون بضعفائكم بدعائهم وصلاتهم (( قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً)) (الفرقان:77) .
((ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)) (لأعراف:56,55) .
توجهوا في السجود وفي أوقات الأسحار إلى من أنجى إبراهيم من النار ، ومن حفظ محمداً في الغار ومن حمى يونس في أعماق البحار .
دعاه نوح (( فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ)) (القمر:10) فجاء النصر والفرج (( فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ)) (القمر:11) .
دعاه الكليم موسى (( وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ)) (يونس:88) .
فجاء الجواب : (( قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)) (يونس:89) .
إنه الله الذي لا يخيب من دعاه ، إنه الله لا يهزم من احتمى بحماه ، إنه الله لا يخذل من تعلق به ورجاه .
اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت - أنت الغني ونحن الفقراء وأنت القوي ونحن الضعفاء أنزل على أمتنا النصر ولا تجعلنا من القانطين .
اللهم أغثنا بنصر من عندك ، وأمدنا بجند من جندك .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى