رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
حديث السقيفة1 وبيعة أبي بكر الصديق
توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين 12 ربيع الأول من السنة الحادية عشرة من الهجرة "9 حزيران يونيه سنة 632 م " فهب الأنصار يطالبون بالخلافة قبل أن يدفن رسول الله مع أم المهاجرين لم يكونوا قد فكروا في الخلافة، بل كان كبار الصحابة مشغولين بتجهيز رسول الله ودفنه، وطمع سعد بن أبي عبادة في أن يكون خليفة ويكنى أبا ثابت وكان نقيب بني ساعدة2 والسيد المطاع في الخزرج.
اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة وجاؤوا بسعد بن عبادة وهو مريض بالحمى ليبايعوه وطلبوا إليه أن يخطب، فقال لابنه أو بعض بني عمه: إني لا أقدر لشكواي أن أسمع القوم كلهم كلامي، ولكن تلق مني قولي فأسمعهم، فكان يتكلم ويحفظ الرجل قوله فيرفع صوته فيسمع أصحابه.
خطبة سعد بن عبادة3
قال سعد بعد أن حمد الله وأثنى عليه :
يا معشر الأنصار، لكم سابقة في الدين، وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب، إن محمدا عليه السلام لبث بضع عشرة سنة في قومه يدعوهم إلى عبادة الرحمن، وخلع الأنداد والأوثان، فما آمن به من قومه إلا رجال قليل، ما كانوا يقدرون على أن يمنعوا رسول الله، ولا أن يعزوا دينه، ولا أن يدفعوا عن أنفسهم ضيما4 عموا به، حتى إذا أراد[الله] بكم الفضيلة، ساق إليكم الكرامة وخصكم بالنعمة، فرزقكم الإيمان به وبرسوله، والمنع له ولأصحابه، والإعزاز له ولدينه، والجهاد لأعدائه، فكنتم أشد الناس على عدوه حتى استقامة العرب لأمر الله طوعا وكرها، وأعطى البعيد المقادة صاغرا داخرا حتى أثخن الله عز وجل لرسوله بكم الأرض، ودانت بأسيافكم له العرب، وتوفاه الله وهو عنكم راض وبكم قرير عين استبدوا بالأمر دون الناس، فإنه لكم دون الناس.
هذه خطبة سعد بن عبادة، فقد كان يرى أن المهاجرين استبدوا بالأمر، وأن الأنصار أحق بالولاية للأسباب التي ذكرها، مع أن المهاجرين لم يكونوا قد اجتمعوا، ولم يتشاوروا في أمر الخلافة، ولم يقرروا شيئا، ولا شك أن هذه الخطبة حازت استحسان الأنصار، ولا سيما الخزرج، فأجابوا بأجمعهم أن قد وفقت في الرأي، وأصبت في القول، ولن نعدو ما رأيت، نوليك هذا الأمر فإنك فينا مقنع، ولصالح المؤمنين رضا.
وطبيعي أن يحتج المهاجرون على هذا الكلام فقالوا: نحن المهاجرون وأصحاب رسول الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- البداية والنهاية: 4/692، والرياض النضره: 2/199.
2- في الأصل: سعادة، وهو تحريف.
3- تاريخ الطبري: 2/241
4- الضيم: الظلم
ص -21- الأولون وعشيرته وأولياؤه، فقال الأنصار: منا أمير ومنكم أمير ولن نرضى بدون هذا أبدا، فقال سعد: "هذا أول الوهن".
بلغ عمر بن الخطاب ما كان من خطبة سعد وما وقع من خلاف بين الأنصار الذين أثاروا هذا الموضوع وبين المهاجرين، فجاء إلى منزل رسول الله، وأرسل إلى أبي بكر أن أخرج إلي فأرسل إليه أني مشتغل فأرسل إليه أنه قد حدث أمر لا بد لك من حضوره، فخرج فأعلمه الخبر فمضيا مسرعين إلى السقيفة ومعهما أبو عبيدة بن الجراح، وأراد عمر رضي الله عنه أن يبدأ بالكلام فأسكته أبو بكر قائلا: رويدا حتى أتكلم، ثم تكلم بكل ما أراد أن يقول عمر.
خطبة أبي بكر الصديق1
بدأ أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
إن الله بعث محمدا رسولا إلى خلقه، وشهيدا، على أمته ليعبدوا الله ويوحدوه، وهم يعبدون من دونه آلهة شتى، ويزعمون أنها لهم عنده شافعة، ولهم نافعة وإنما هي من حجر منحوت، وخشب منجور، ثم قرأ: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: 18] وقالوا: {َا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى } [الزمر: 3 ]، فعظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم، فخص الله المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه، والإيمان به، والمواساة له، والصبر معه على شدة أذى قومهم لهم، وتكذيبهم إياهم، وكل الناس لهم مخالف، زار عليهم، فلم يستوحشوا لقلة عددهم، وشنف الناس لهم وإجماع قومهم عليهم، فهم أول من عبد الله في الأرض، وآمن بالله والرسول وهم أولياؤه وعشيرته وأحق الناس بهذا الأمر من عبده، ولا ينازعهم ذلك إلا ظالم، أنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلهم في الدين، ولا سابقتهم العظيمة في الإسلام، رضيكم الله أنصارا لدينه ولرسوله، وجعل إليكم هجرته وفيكم جلة2 أزواجه وأصحابه فليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء، لا تفتانون بمشورة، ولا تقضى دونكم الأمور.
خطبة الحباب بن المنذر3
فقام الحباب بن المنذر بن الجموح الأنصاري الخزرجي السلمي، ويكنى أبا عمر وكان يقال له ذو الرأي، فقال : يا معشر الأنصار املكوا عليكم أمركم فإن الناس في فيئكم وفي ظلكم ولن يجتري مجترئ على خلافكم، ولن يصدر الناس إلا عن رأيكم، أنتم أهل العز والثروة، وأولو العدة والمنعة والتجربة، ذوو البأس والنجدة وإنما ينظر الناس إلى ما تصنعون، ولا تختلفوا فيفسد رأيكم، وينتقض عليكم أمركم أبى هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمير ومنهم أمير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- تاريخ الطبري: 2/242، تاريخ اليعقوبي: 2/125.
2- الجلة: العظماء والسادة.
3- تاريخ الطبري: 2/243.
توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين 12 ربيع الأول من السنة الحادية عشرة من الهجرة "9 حزيران يونيه سنة 632 م " فهب الأنصار يطالبون بالخلافة قبل أن يدفن رسول الله مع أم المهاجرين لم يكونوا قد فكروا في الخلافة، بل كان كبار الصحابة مشغولين بتجهيز رسول الله ودفنه، وطمع سعد بن أبي عبادة في أن يكون خليفة ويكنى أبا ثابت وكان نقيب بني ساعدة2 والسيد المطاع في الخزرج.
اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة وجاؤوا بسعد بن عبادة وهو مريض بالحمى ليبايعوه وطلبوا إليه أن يخطب، فقال لابنه أو بعض بني عمه: إني لا أقدر لشكواي أن أسمع القوم كلهم كلامي، ولكن تلق مني قولي فأسمعهم، فكان يتكلم ويحفظ الرجل قوله فيرفع صوته فيسمع أصحابه.
خطبة سعد بن عبادة3
قال سعد بعد أن حمد الله وأثنى عليه :
يا معشر الأنصار، لكم سابقة في الدين، وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب، إن محمدا عليه السلام لبث بضع عشرة سنة في قومه يدعوهم إلى عبادة الرحمن، وخلع الأنداد والأوثان، فما آمن به من قومه إلا رجال قليل، ما كانوا يقدرون على أن يمنعوا رسول الله، ولا أن يعزوا دينه، ولا أن يدفعوا عن أنفسهم ضيما4 عموا به، حتى إذا أراد[الله] بكم الفضيلة، ساق إليكم الكرامة وخصكم بالنعمة، فرزقكم الإيمان به وبرسوله، والمنع له ولأصحابه، والإعزاز له ولدينه، والجهاد لأعدائه، فكنتم أشد الناس على عدوه حتى استقامة العرب لأمر الله طوعا وكرها، وأعطى البعيد المقادة صاغرا داخرا حتى أثخن الله عز وجل لرسوله بكم الأرض، ودانت بأسيافكم له العرب، وتوفاه الله وهو عنكم راض وبكم قرير عين استبدوا بالأمر دون الناس، فإنه لكم دون الناس.
هذه خطبة سعد بن عبادة، فقد كان يرى أن المهاجرين استبدوا بالأمر، وأن الأنصار أحق بالولاية للأسباب التي ذكرها، مع أن المهاجرين لم يكونوا قد اجتمعوا، ولم يتشاوروا في أمر الخلافة، ولم يقرروا شيئا، ولا شك أن هذه الخطبة حازت استحسان الأنصار، ولا سيما الخزرج، فأجابوا بأجمعهم أن قد وفقت في الرأي، وأصبت في القول، ولن نعدو ما رأيت، نوليك هذا الأمر فإنك فينا مقنع، ولصالح المؤمنين رضا.
وطبيعي أن يحتج المهاجرون على هذا الكلام فقالوا: نحن المهاجرون وأصحاب رسول الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- البداية والنهاية: 4/692، والرياض النضره: 2/199.
2- في الأصل: سعادة، وهو تحريف.
3- تاريخ الطبري: 2/241
4- الضيم: الظلم
ص -21- الأولون وعشيرته وأولياؤه، فقال الأنصار: منا أمير ومنكم أمير ولن نرضى بدون هذا أبدا، فقال سعد: "هذا أول الوهن".
بلغ عمر بن الخطاب ما كان من خطبة سعد وما وقع من خلاف بين الأنصار الذين أثاروا هذا الموضوع وبين المهاجرين، فجاء إلى منزل رسول الله، وأرسل إلى أبي بكر أن أخرج إلي فأرسل إليه أني مشتغل فأرسل إليه أنه قد حدث أمر لا بد لك من حضوره، فخرج فأعلمه الخبر فمضيا مسرعين إلى السقيفة ومعهما أبو عبيدة بن الجراح، وأراد عمر رضي الله عنه أن يبدأ بالكلام فأسكته أبو بكر قائلا: رويدا حتى أتكلم، ثم تكلم بكل ما أراد أن يقول عمر.
خطبة أبي بكر الصديق1
بدأ أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
إن الله بعث محمدا رسولا إلى خلقه، وشهيدا، على أمته ليعبدوا الله ويوحدوه، وهم يعبدون من دونه آلهة شتى، ويزعمون أنها لهم عنده شافعة، ولهم نافعة وإنما هي من حجر منحوت، وخشب منجور، ثم قرأ: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: 18] وقالوا: {َا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى } [الزمر: 3 ]، فعظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم، فخص الله المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه، والإيمان به، والمواساة له، والصبر معه على شدة أذى قومهم لهم، وتكذيبهم إياهم، وكل الناس لهم مخالف، زار عليهم، فلم يستوحشوا لقلة عددهم، وشنف الناس لهم وإجماع قومهم عليهم، فهم أول من عبد الله في الأرض، وآمن بالله والرسول وهم أولياؤه وعشيرته وأحق الناس بهذا الأمر من عبده، ولا ينازعهم ذلك إلا ظالم، أنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلهم في الدين، ولا سابقتهم العظيمة في الإسلام، رضيكم الله أنصارا لدينه ولرسوله، وجعل إليكم هجرته وفيكم جلة2 أزواجه وأصحابه فليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء، لا تفتانون بمشورة، ولا تقضى دونكم الأمور.
خطبة الحباب بن المنذر3
فقام الحباب بن المنذر بن الجموح الأنصاري الخزرجي السلمي، ويكنى أبا عمر وكان يقال له ذو الرأي، فقال : يا معشر الأنصار املكوا عليكم أمركم فإن الناس في فيئكم وفي ظلكم ولن يجتري مجترئ على خلافكم، ولن يصدر الناس إلا عن رأيكم، أنتم أهل العز والثروة، وأولو العدة والمنعة والتجربة، ذوو البأس والنجدة وإنما ينظر الناس إلى ما تصنعون، ولا تختلفوا فيفسد رأيكم، وينتقض عليكم أمركم أبى هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمير ومنهم أمير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- تاريخ الطبري: 2/242، تاريخ اليعقوبي: 2/125.
2- الجلة: العظماء والسادة.
3- تاريخ الطبري: 2/243.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى