لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب : اللطائف الجزء الثانى Empty كتاب : اللطائف الجزء الثانى {الثلاثاء 24 مايو - 16:58}

الفصل الثاني والعشرون

دموع المذنبين

سبحان
من يرسل رياح المواعظ فتثير من قلوب المتيقظين غيم الغم على ما سلف،
فتسوقه إلى بلد الطبع المجدب برعد الوعيد، وبريق الخشية، فترقأ دموع
الأحزان من قعر بحر القلب إلى أوج الرأس، فتسيل ميازيب الشؤون على نطوع
الوجنات، فإذا أعشب السر تهتز فرحا بالإجابة.
سَلي عَنهُ تُخبر باليَقينِ دُموعُهُ ... وَلا تَسأَلي عَن قَلبِهِ أَين يَمّما
وَفَجعَةُ " عمرو " مِثلُ هَرعَةِ " مالِكِ " ... وَيَقبُحُ بي أَن لا أَموتُ مُتيَّما
إذا
أَرعدت سحائب التخويف انزعج لها قلب المذنب فانفتحت صحائف أصداف سره
كانفتاح أصداف البحر لتلقي قطر نيسانن فقطرت فيها قطرات عزائم عقدها
لؤلوا، ربيع العرفان التوبة الصادقة، كيمياء السعادة إذا وضعت منها حبة
صافية على جبال من أكدار الذنوب دكتها كهيبة التجلي قبل المباشرة، فصارت
كحلا مصلحا لأحداق البصائر.
رب ذنب أدخل صاحبه الجنة، إذا صدق التائب
قلبت الأمارة مطمئنة، لما أخذ الخليل عليه السلام في طريق الصبر فتبعه
الذبيح واستسلما، ألقي على السكين السكون، إذا جالس التائب رفيق الفكر،
أعاد عليه حديث الزلل، وندمه على ركوب الخطل، فرأيت العين التي كانت فجرت
قد انفجرت، وسمعت لسان الأسى يعيد لفظة: لا أعود وعانيت عامل اليقظة قد بث
عمال الجد في رستاق القلب للعمارة، فيا أيها المذنب: إذا أشكل عليك أمر
فليفصح لك دمعك.
إِذا أَعجَمَت أَطلالُ هِندٍ عَلى البِلا ... فَدمعُكَ في بَثِّ الغَرامِ فصيحُ
يا مطلقا في وصالنا راجع، يا حالفا على هجرنا كفر، إنما أبعدنا إبليس لأنه لم يسجد لك.
فواعجبا!! كيف صالحته وهجرتنا!!؟ ويحك لك من عندنا من القدر ما لا تعرفه لليلة القدر.
رَعى اللَهُ مِن نَهوى وَإِن كانَ ما رَعى ... حَفِظنا لَهُ الوُدَّ القَديمَ وَضَيَّعا
وَصالَحَتَ قَوماً كُنتُ أَنهاكًَ عَنهُم ... وَحَقَّكَ ما أَبقيتَ للِصُلحِ مَوضِعا
الفصل الثالث والعشرون
في ترك الشهوات

حبال الدنيا خيال تعز العز، انقطعت منذ الصلة اتصلت بعزة " فرعون " الهوى. إذا ألقى موسى الزهد عصا الشهوات إذا هي تتلقف.
الدنيا
سوق فيها ضجيج الشهوات، فإذا اشتغلت بها فمن يسمع المواعظ، نادى بالصالحين
أمير " نمل " التوفيق، عند ممر " سليمان " البلاء، كفوا أكف الطباع عن
تناول لقم الهوى (لا يُحَطِمَنِكُم سُليمانَ وَجُنودَهُ).

(سبعة يظلهم
الله عز وجل في ظله يوم لا ظل إلا ظله، منهم رجل دعته امرأة ذات جمال إلى
نفسها فقال إني أخاف الله) اسمع يا من أجاب عجوزا شوهاء، لاح للأولياء حب
المشتهى فمدوا أيدي التناول، فبان للبصائر خيط الفخ، فطاروا بأجنحة الحذر،
وصوت مناديهم إلى الرعيل الثاني (يا لَيتَ قَومي يَعلمون).
ما أصعب
السباحة في غدير التمساح؟ ما أشق السفر في الأرض المسبعة، أي مقيد الوجود
في فناء الفناء: قامت قيامة الملامة وما تسمع، لقد نصحك صوت النصح، ولكن
صلج الآذان مانع.
كم لاحت لك شهوة تردي، و " يعقوب " المواعظ يعض أنامل التحذير يوم البرهان؟ وأنت لا تلتفت.
ويحك أحضر الطبع الجاهل مجلس التفكر، فقد فهم " حبيب العجمي " وعظ الحسن.
يا
مقيما على الهوى وليس بمقيم، يا مبذرا في بضاعة العمر، متى يؤنس منك رشد؟
يا أكمه البصيرة ولا حيلة فيه " لعيسى " أي طويل الرقاد ولا نومة أهل
الكهف: قدر أن الموت لا يتفق بغتة، أليس المرض يبغت؟.
ويحك قد بقي القليل فاستدرك ذبالة السراج، أما يزعجك صوت الحادي؟ أما يؤلمك سوط السائق؟
لَهَفي عَلى غَفَلاتِ أَيامٍ مَضَت ... عَني وَما لَهَفي بِراجِعٍ ما مَضى.
يا دائرة الشقا: أين أولك؟ يا أرض التيه: متى آخرك؟ يا " أيوب " البلاء: كم تقيم على الكناسة؟ أما حان حين (اِركض).
خَليلي ما أرجو مِنَ العَيشِ بَعدَما ... أَرى حاجَتي تُشرى وَلا تُشتَرى لَيا
يا
محصرا عن الوصال لا في سفر الحج، وضالا عن الهدى لا يجزيه الهدي، يا
منقطعا في سبيل السلوك عن جملة الوفد، إذا احتسبت في مرض الهوى بموت
الطرد، فتحامل إلى فناء خيمة أهل الوصل، وأشهد على وصيتك من المقبولين ذوي
عدل، وناد بانكسار الذل على حسرة الفوت.
إِذا ما وَصَلتُم سالِمين فَسَلِّموا ... عَلى خَيرَةِ المَعالي بتَسنَموا
؟الفصل الرابع والعشرون

إياك والذنوب

أعظم
المصائب شماتة الأعداء، وعداوة الشيطان قديمة من يوم (أَبَى وَاستَكبَر)
وحسد إبليس من يوم (أَتَجعَلُ) وفرح النظراء بك أعظم الكل، وما انتقم منك
حاسد بأكثر من تفريطك، ولا انتقمت منه بأعظم من تقويمك، فالحظ كيف أبت
نفسك الحظ وأنلت الحاسد المراد:
ما بَلغَ الأعداءَ مِن جاهِلٍ ... ما بَلَغ الجاهِلُ مِن نَفسِهِ
ويحك تبصر عن الهوى تحمد عواقب السلامة
فإِنّ المَرءَ حينَ يَسُرّ حِلوٌ ... وَإِنّ الحِلوَ حينَ يَضُرُ مُرُّ
فَخُذ مُرّاً تُصادِف عَنهُ حِلواً ... وَلا تَعدِلُ إلى حِلوٍ يَضرُّ
إياك
والذنوب، فلو لم يكن فيها إلا كراهة اللقاء كفىعقوبة. أطيب الأشياء عند "
يعقوب " رؤية " يوسف " وأصعبها عند إخوته لقاؤه. إذا كان القلب نقيا ضج
لحدوث المعصية، فإذا تكررت مرت عليه ولم ينكر، كانت الخطيئة عنده غريبة
فاستوحش، فلما صارت بليد الطبع لم ينفر.
لابس الثوب الأسود لا يجزع من
وقوع الحبر عليه، يا جرحى الذنوب قد عرفتهم المراهم، إن لم تقدروا على
أجرة نائحة فنسكوا رؤوس الندم، فما يخفى صاحب المصيبة، فإن فاتكم عز "
معاذ " فلا تعجزوا عن ذل الثلاثة الذين خلفوا.
خذوا دليل العزم إن لم
تعرفوا سبيل الوصول، فلعل حيرة الطالب توقعه على ماء " مدين " سيروا في
بوادي الدجى، وأنيخوا بوادي الذل في كسر الإنكسار، وأصيخوا بأسماع اليقظة
لعل حداء الواصلين تحرك أطراب القلوب، لا بل ربما عوق السائرون لوصول
المنقطع، فكم قد صار في الرعيل الأول من كان في الساقة؟ لا تملوا الوقوف
ولو طردتم، ولا تقطعوا الإعتذار وإن رددتم، فإن فتح باب للواصلين دونكم
اهجموا هجوم الكدائين، ونكسوا رؤوس الفقر، وابسطوا أكف (وَتصَدَق عَلَينا)
لعل هاتف القبول يقول: (لا تَثريبَ عَلَيكُم).
وَإذا جِئتُم ثَنياتِ اللَوى ... فَلَجوا ربعَ الحِمى في خَطري
وَصَفوا شَوقي إِلى سُكانِهِ ... وَاذكروا ما عِندَكُم مِن خَبَري
وَحَينَني نَحو أَيامٍ مَضَت ... بِالحُمى لَم أَقضِ مِنها وَطَري
كُلَما اِشتَقَتُ تَمَنَيتُكُم ... ضاعَ عُمري في المُنى واعمري
؟الفصل الخامس والعشرون محبة الله سبحانه

الجنة
ترضي منك بالزهد، والنار تندفع عنك بترك الدنيا، والمحبة لا تقنع إلا
بالروح، إن سلطان المحبة لا يقبل الرشا. أيها الطالب لي: اخرج إليّ عنك،
قلبك ضعيف لا يفي بي وبك، إما أنت وإما أنا، افقد نفسك تجدني. لما نسي "
الخليل " نفسه قويت صولته يوم " أما إليك فلا " ما سلك قط طريقا أطيب من
تلك الفلاة التي دخلها عند انفصاله من المنجنيق. زيارة تسعى فيها أقدام
الرضى على أرض الشوق شابهت ليلة " فزجني في النور " فقال: (ها أَنتَ
وَرَبُك).
زُرناكَ شَوقاً وَلَو أَنّ الفُلا بُسِطَت ... نَشرُ الفُلا بَينَنا جَمراً لَزُرناكَ
لاحت أوصاف الصانع في جمال الكمال، فأُشربت قلوبهم حبه، فصاح غلاء الثمن.
بدم المحب يباع وصلهم.
فأجاب
عزم المحبة: وما غَلَت نَظرَةٌ مِنكُم بِسَفكِ دَمِ قلبهم الحب في قفر على
أكف البلاء، فقطع أوداج الأغراض بسكين المسكنة، والمحبوب يقول
(أَتَصبِرون) والأرواح تجيب: (لا ضَيرَ)
شَغَلتُ نَفسي وَقَلبي في مَودَتِكُم ... لا خَلَّص اللَهَ روحي مِن محَبَتِكُم
ها قَد غَضِبتُ عَلى نَفسي لأجلِكُم ... حَتى جَفوتُ حَياتي بَعدُ جَفوَتِكُم
إِذا تَلَهَّبَ جَمرُ الشَوقِ في كَبَدي ... أَطفاهُ ماءُ التَلاقي عِندَ رُؤيَتِكُم
غاب
القوم عن وجودهم شغلا بموجدهم طرق طارق باب " أبي يزيد " وقال: ههنا أبو
يزيد؟ فصاح أبو يزيد: أبو يزيد يطلب أبا يزيد فما يراه!!! ؟ لا يعرف رموز
الأحباب إلا مجانس، سل ليلى عن حال المجنون؟ بلغت بهم المحبة إلى استحلاء
الآلام لعلمهم أنها مراد الحبيب.
وكل ما يفعل المحبوب محبوب لما طعن " حرام بن ملحانط قال: فزت ورب الكعبة.
ضني :سويد بن شعبة " على فراشه فكان يقول: والله ما أحب أن الله نقصني منه قلامة ظفر.
تَعجَبوا مِن تَمنّي القَلبِ مؤلَمَهُ ... وَما دَروا أَنّهُ أَحلى مِنَ العَسَلِ
المحبوب محبو وإن عذب. استقرت جبال المحبة في أرض القلوب، فلم تزعزعها عواصف البلاء.
أمر " الحجاج " بصلب " ماهان " العابد فوق خشبة، فصلب وهو يسبح ويعقد بيده حتى بلغ تسعا وعشرين، فبقي شهرا ويده على ذلك العقد.
لُتحشرنَّ عِظامي بَعدَما بَكيتُ ... يَومَ الحِسابِ وَفيها حُبُّكُم عَلَقُ
إذا وقعت المعرفة في القلب سهل البلاء، فإن مازجتها المحبة فلا أثر للبلاء، لأن المحب يستلذ إذن كل أذى.
عَذابُهُ فيكَ عَذبُ ... وَبَعدَه فيكَ قُربُ
وَأَنتَ عِندَهُ كَنَفسي ... بَل أَنتَ عِندي أَحبُّ
مروا على مجذوم قد قطعه الجذام فقالوا: لو تداويت، فقال: لو قطعتني قطعا، ما ازددت له إلا حبا.
وَاعجَباً ما للِعُذولِ وَمالَهُم ... قَد رَضيَ المَقتولُ كُلَّ الرِضا
الفصل السادس والعشرون

طلب العلم

العلم والعمل توأمان، أمّهما علو الهمة. أيها الشاب: جوهر نفسك بدراسة العلم، وحلها بحلة العمل، فإن قبلت نصحي لم تصلح.
إلا
لصدر سرير أو لذروة منبر من لم يعمل بعلمه، لم يدر ما معه، حامل المسك إذا
كان مزكوما فلا حظ له فيما حمل. بحر قلب العالم يقذف إلى ساحل اللفظ جواهر
النطق، فتلتقطها أكف الفهم.
تالله إن العالم لخاتم خنصر الدهر. العلماء غرباء في الدنيا لكثرة الجهال بينهم. تصنيف العالم: ولده المخلد. للعالم علم.
أيها
المعلم: ثبت على المبتدي (وَقَدِر في السَرد) فالعالم رسوخ، والمتعلم قلق.
ويا أيها الطالب: تواضع في الطلب، فإن التراب لما ذل لأخمص القدم، صار
طهورا للوجه، ولا يتأس مع مداومة الخير أن يقوى ضعفك، فالرمل مع الزمان
يستحجر. صابر ليل البلاء، فبعين الصبر ترى فجر الأجر، ما يدرك منصب بلا
نصب، ألا ترى إلى الشوك في جوار الورد.
أيها المبتدي: تلطف بنفسك، فمداراة الجاهل صعبة، تنقل من درج الرخص إلى سطوح العزائم ولا تيأس من المراد، فأول الغيث قطر ثم ينسكب.
ندم
على حضور المجلس، فالطفل يحتاج كل ساعة إلى الرضاع، فإذا صار رجلا صبر على
الفطام، على أن الماء إذا كثر صدمه للحجر أثر. يا عطاش الهوى في تيه
القوى: انحرفوا إلى جادة العلم، فكم في فيافي التعلم من عين تعين على قطع
البادية.يا جَيرَةَ الحَي هُبُّوا مِن رُقادِكُمُ ... فَلي حَديثٌ لَه مَعَ سَمعِكُم شُغُلُ
طريق
الفضائل مشحونة بالبلاء، ليرجع عنها محنث العزم، إذا نزلت بالحازم بلية
فوجد مذاقها مرا، أدار في الفكر حلو العواقب، فنسخ وسخ ما رسخ. العاقل
صابر للشدائد لعلمه بقرب الفرج، والجاهل على الضد، كما أن النار إذا
اشتعلت في حطب الزيتون لم يدخن، بخلاف السوس، ألا إن الطبع طفل، والعقل
بالغ.
وَعاقِبَةُ الصَبرِ الجَميلِِ جَميلَةٌ ... فَلا تَسأَمَنَّ الصَبرَ وَاصبِِر لَعَلَها؟؟
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب : اللطائف الجزء الثانى Empty رد: كتاب : اللطائف الجزء الثانى {الثلاثاء 24 مايو - 16:59}

الفصل السابع والعشرون

الدنيا لا تصلح للتوطن

إخواني:
الدنيا ملتقى الوداع، فاصبروا لما مر منها فكأن قد مر، واحذروا شرها فقد
سحرت سحرة بابل، مكارهها في غصون المحبوب وأعقابه، ما أمسى أحد منها في
جناح آمن، إلا أصبح على قوادم خوف.
وَكَم سَلَبتُك حَبيباً ... وَأَنتَ عَلى حُبِها أَفيقُ
أُفُقُ قَد أفاقَ الوامِقُونَ وَقَد أَنّى ... لِدائِكَ أَن يَلقى طَبيباً يُلائِمُهُ
أفنيت عمرك في طلبها، وما حصل بيدك إلا ما حصل بيد " المجنون " من " ليلى " .
صَحا كُلَ عَذريِّ الغَرامِ مِنَ الهَوى ... وَأَنتَ عَلى حُكمٍ الصَبابَة نازِلُ
تصحو
في المجلس من خمار الدنيا ساعة ثم تستبيك حميا الكاس، وليس في البرق
اللامع من مستمتع، لمن يخوض الظلمة، كما أعطف عطفك بلجام اليقظة، فإذا
انقضى المجلس عاد الطبع ثاني عطفه.
وتأبى الطباع على الناقل جسمك عندنا، وقلبك غائب عنا، عزمك في طلب الدنيا، وتشتهي نيل الآخرة.
هَواها وَرواها وَالسُّرى من أمامها ... فَهُنّ صَيحاتُ النَواظِرِ حُوّلُ
الدنيان مفازة لا تصلح للتوطن، إن البيدر إذا صفي حمل إلى دار الإقامة.
واعجبا
لمن أطال الوقوف على القنطرة حتى نسي اسم البلد، ويحك. كسب الدنيا لذيذ
غير أن الحساب عليها شديد، ساعة الحمل لعب، والجد في الولادة. نثار السكر
في مبدأ العقد. مزاج لمرارة الوضع. الدنيا كامرأة فاجرة لا تثبت مع زوج
فلذلك عيب طلابها.
مَيَزَت بَينَ جَمالِها وَفَعالِها ... فَإِذا المَلاحَةُ بِالخِيانَةِ لا تَفي
حَلَفتُ لَنا أَن لا تَخونَ عُهودَها ... فَكَأَنَما حَلَفتَ لَنا أَن لا تَفي
الدنيا
قنطرة على بحر الهلاك، فخذوا بالحزم في تعلم السباحة قبل الجواز، فما تأمن
عثور قدم ولا عاصف قاصف، احذرها آمن ما تكون منها، وانتظر حزنها أسر ما
تكون منها.
إِذا رَأَيتَ نيوبَ اللَيثِ بارِزَةً ... فَلا تَظُنّنَّ أَن اللَيثَ يَبتَسِمُ
الدنيا
دار ابتلاء تشبه قصر مصر، استبق لاباب فيها " يوسف " الصبر، و " زليخا "
الهوى، وقمص الأعمال تعرض على " يعقوب " الشفاعة، فمن رأى قميصه قد قد من
قبل قال: سحقا سحقا، ومن رأه قد قد من دبر قال: ادخرت شفاعتي.
فيامن قد
ألقاه الهوى في جب حب الدنيا، سيارة القدر تبعث كل ليلة وارد: (هَل مِن
سائِل؟ " فكن متيقظا للوارد إذا أدلى دلو التخليص، وقم على قدم
(تَتَجافَى) وامدد أنامل (يَدعونَ رَبَهُم) وألق ما في يمينك لتتعجل
الخروج، ولا تتشبث بأرجاء بئر الهوى، فإنها رمل تنهار عليك، فإذا تخلصت
بعزائمب الإنابة فاحذر من الطريق المسبعة، وسر في مصباح اليقين خلف دليل
الهوى: فعند الصباح يحمد القوم السرى.
الفصل الثامن والعشرون
اقترب للناس حسابهم

صاح بالصحابة واعظ (اِقتَرَبَ لِلناسِ حِسابُهُم) فجزعت للخوف قلوب، فجرت للحزن عيون (فَسالَت أَودِيَةُ بِقَدَرِها).
رمى " الصديق " ماله حتى ثوبه على " المدكر " وتخلل بالعبا، وقال " عمر " : ليتني كنت نبة؟؟ وقال عثمان: ليتني إذا مت لا أبعث.
صاح
" علي " بالدنيا: طلقتك ثلاثا لا رجعة لي فيك، وقد كانت تكفي واحدة، لكنه
كيلا يتصور الهوى جواز المراجعة، وطبعه الكريم يأنف من المحلل.
وقال: " أبو الدرداء " : ليتني كنت شجرة تعضد.
وقال " عمران بن حصين " ليتني كنت رمادا.
أنت تسمع القرآن لكن لا كما سمعوه.
لَو يَسمَعونَ كَما سَمِعتُ كَلامَها ... خَرَّوا لِعِزَّةَ رُكَّعاً وَسُجوداً

إقدام العارفين على التعبد، قد ألفت أقدامها الصفوف، تعتمد على سنابك الخوف، فإذا أثر النصب راوحت بين أرجل الرجاء.
انقسم القوم عند الموت، فبعضهم صابر الخوف حتى انقضى نحبه. " كعمر " كان يقول عند الرحيل: الويل لعمر إن لم يغفر له.
ومنهم
من أقلقه عطش الحذر، فتبرد بماء الرجا، " كبلال " كانت زوجته عند الموت
تقول: واكرباه وهو يقول: واطرباه، غدا ألقى الأحبة، محمدا وصحبه، علم بلال
أن الإمام لا ينسى المؤذن، فمزج الموت براحة الرجاء.
بَشَّرَها دَليلُها وَقالا ... غَداً تَرينَ الطَلحَ وَالجِبالا
قال " سليمان التيمي " لولده عند الموت: اقرأ علي أحاديث الرخص لألقى الله تعالى وأنا حسن الظن به.
إلى متى تتعب الرواحل ولا بد لها من مناخ:
رِفقاَ بِها يا أَيُها الزاجِرُ ... قَد لاحَ سَلعٌ وَبَدا حاجِرُ
وَخَلِّها تَسحَبُ أَرسانَها ... عَلى الرِبا لا راعَها ذَاعِرُ
وَاذكُر أَحاديثَ لَيالي مِنى ... لا عًدِمَ المَذكورُ وَالذاكِرُ
يا
مخنث العزم: أين أنت والطريق نصب فيه " آدم " ؟ وناح لأجله " نوح " ورمي
في النار " الخليل " واضطجع للذبح " اسحاق " وبيع " يوسف " بدراهم بخس
ونشر بالمناشير " زكريا " وذبح الحصور " يحيى " وضني بالبلاء " أيوب "
وزاد على القدر بكاء " داود " وتنغص في الملك عيش " سليمان " وتخير بأرني
" موسى " وهام مع الوحوش " عيسى " وعالج الفقر " محمد " .
فَيا دَارَها بالحُزنِ إِنَّ مَزارَها ... قَريبٌ وَلَكِن دَونَ ذَلِكَ أَهوالُ
أول
قدم في الطريق بذل الروح. هذه الجادة فأين السالك، هذا قميص " يوسف " فأين
يعقوب هذا طور سينا فأين " موسى " يا جنيد احضر، يا " شبلي " اسمع.
بِدمِ المُحِبِ يُباعُ وَصلُهُمُ ... فَمَن ذا الَّذي يَبتاعُ بالسِّعرِ
الفصل التاسع والعشرون

في بديع خلق الله

حلل
الوجود متلونة الأصباغ تجلى على عرائيس الموجودات لتروق أعين العباد،
واعجبا! لو دخلت بين ملك لم تزل تعجب من نقوشه. فارفع بصر التفكر، واخفض
عين البصيرة، فهل رأيت أحسن من هذا الكون؟ اخرج من ديار إدبارك، واعبر من
معبر اعتبارك، قف في بقاع قاع ترى كيف نمت خضرة حضرته بأسرار الخالق، إذا
نمت تلح أصناف النبات في ثياب الثبات، قد برز في عيد الربيع يميس طربا
فرحا بالري، تأمل مختلف الألوان في الغصن الواحد، كيف صاغها صانع القدرة؟؟
تلمح إشارتها كيف ترشد الغافلين إلى صانعها؟؟ وهم مشغولون في خضم مأكل
الهوى. اسمع الورق على عيدان الورق، لعل مقاطع السجوع توجب رجوع المقاطع.
وَلَقَد أشكو فَما أَفهَمُها ... وَلَقَد تَشكو فَما تَفهَمُني
غَيرَ أني بالجوى أعرِفُها ... وَهيَ أَيضاً بِالجوى تَعرِفُني
واعدجبا
كيف تتفكر بالغير وتنسى نفسك؟؟ تأمل بعين الفكر نطفة مغموسة في دم الحيض،
ونقاش القدرى يشق سمعها وبصرها من غير مساس، بينما هي ترف في ثوب نطفة
اكتست رداء علقة، ثم اكتست صفة مضغة، ثم انقسمت إلى لحم وعظم، فاستترت من
يدي الأذى بوقاية جلد، ثم خرجت في صفة طفل، ثم اترقت مراقي الصبي، فتدرجت
إلى نطاق النطق، وتشبثت بذيل الفهم، فكم من مصوت صوت بين أرجل التنقل، من
تحريك جلاجل العبر، في خلاخل الفكر.
كلما رنت غنت ألسن الهدى في مغاني
المعاني، وكيف يسمع أطروش الشقوة؟ هيهات ليس للمزكوم من الورد نصيبن ولا
للمسجون من العيد حظ، فإن كنت تعرف هذه العجائب ولا تتعجب منها، فتعجب من
عدم تعجبك.
كيف عدمت التفكر مع آلات الفهم، وأعميت بصيرتك بعد رؤيةب الحق، فإن أعجب أفعال القدرة ولقد (أَضَلَهُ اللَهُ عَلى عِلم).
الفصل الثلاثون
الناس فقراء إلى الله تعالى

لطف
الحق بعبده قديم، لما أظهر الولد أجرى له عين اللبن تغربل قطرها عيون
الثدي، وبذر في قلب الوالدين حب الحب، حتى جدا في اللطف جدا، فلما عرف
المنعم أنفق النعم في المعاصي.
وَكَم لَيلَةٍ قَد باتَ عارٍ مِنَ التُقى ... يُغَطيهِ سَترُ الحِلمِ يا لَيتَهُ دَرى
ولما بلغ أشده استوى على ظهر متن المبارزة: لمن؟ مع من؟ إلى أين؟ من أنت؟ من أنا؟.
لَحا اللَهُ مَن لا يَنفَعُ الوُدُّ عِندَهُيا
هذا: لنا بك لطف يزيد على كل لطف، إذا تبت من الذنب أنسينا الملك ما كتب
وإذا حاسبناك سترناك كيلا يرى الخلق اصفرار لونك بالخجل، يا طاهر الفطرة:
لا تتدنس بأنجاس الزلل، شمر أذيال التقى عن مزبلة الهوى، واحذر رشاش الخطأ
أن ينتضح أثواب النظافة.
وحل التكليف يحتاج إلى قوة التحرز، فانظر بين يديك (فَإِن زَلَلتُم مِن بَعدِ ما جاءَتكُم البَينات) فعيون العيون تغسل أدران القلوب.
كان
أول أمرك سليما يوم (وَأَشهَدَهُم عَلى أَنفُسِهِم) فأصلح آخر أمرك تسامح
في الوسط. يا طويل الغيبة عن وطن (أَلَستَ) أين حنين شوقك.
نَقِّل فُؤادَكَ حَيثَ شِئتَ مِنَ الهَوى ... ماالحُبُّ إِلا لِلحَبَيبِ الأَول
يا معرضا عنا: بمن تعوضت؟ يا ملتفتا عنا: لماذا فوضت؟؟ قف على الدرب وأنشد ظعائن الغاديني.
أَلا خَبِرونا أَينَ زُمَّت رِكابُكُم ... وَأَينَ اِستَقَرَت هُوجُكُم وَمَطاكُم
أنين المذنبين أحب إليّ من زجل المسبحين.
المطيع يدل بالعمل، والمذنب ذليل بالزلل، والمخطىء يحرك أوتار الوجل، وينشد بتطريب الخجل.
مَن مُعيدٌ ذي الأأثل أَوما ... قَلَّ مِنها دَيناً عَليَّ وَفَرضا
سامِحاً بالقَليلِ مِن أَرضِ نَجدٍ ... رُبَّما أَقنَعً القَلَيلَ وَأَرضى
واعجبا؟؟
يستقرض المالك قطرة من الدمع، وقد خلق سبعة أبحر (لَهُ مُلُكُ السَمَواتِ
والأَرض) وقد بعث رسالة (مَن ذا الذي يُقرِضُ الله) الكبرياء ردائه، وهو
يقول: جعت فلم تطعمني قطع أعناق الألسن أن تعترض بحسام (لا يَسأل) ثم أقبل
بإنعام؟ هل من سائل.
ما يسعه مسكسن، ويسعه قلب من تمسكن، غاب عن الأبصار، وبدا للبصائر.
واعجبا
يتحبب إليك وهو عنك غني، وتتمقت إليه فقير، إن تأخرت قربك، وإن توانيت
عاتبك، ما آثر عليك من المخلوقات شيئا، وأنت تؤثر عليه كل شيء، فنكس رأس
الندم، قبل العتاب، فمالك عن هذا جواب.
صَحائِفُ عِندي لِلِعِتابِ طَويتُها ... سَتُنشَرُ يَوماً وَالحِسابُ يَطولُ
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب : اللطائف الجزء الثانى Empty رد: كتاب : اللطائف الجزء الثانى {الثلاثاء 24 مايو - 16:59}

الفصل الحادي والثلاثون

تضرع الصالحين

لما رأى الصالحون سطوة الدنيا بأهلها، وتملك الشيطان قياد النفوس، لجأوا إلى حرم التضرع، كما يأوي الصيد المذعور إلى الحرم.
فلو
رأيتهم يمشون في ثياب التجمل، عليهم قناع القناعة (يَحسَبُهُم الجاهِلُ
أَغنياءَ مِنَ التَعَفُف) ينامون ولا نوم الغرقى، ويأكلون ولا أكل الثكلى
تأكل كل يوم المصيبة، ولكن هدم الحزن أكثر من بناء العزاء.
لو كانت لك
عين بصيرة عرفت القوم، وخط الولاية على وجه الولي قلم هندي، لا يعرفه إلا
عالم به، تلمح القوم بأعين البصائر العواقب، ولم يروا عائقا عن المطلوب
سوى النفس، فتلطفوا لقهرها بحيلة لا يعرفها " ابن هند " ولا يعلمها " ابن
العاص " فلما أسروها فتكوا فيها، ولا فتك ابن طملجم " قلوبُ أسودٍ في صدور
رجال
إِنّكَ لَو رَأَيتَ ذا العَزمِ مِنهُم رَأَيتَ لَيثا قَد حُورِب
إِذا هَمَّ أَلقى بَينَ عَينَيهِ عَزمَهُ
هبت
زعازع الفكر، فقلبت أرض القلوب، فألقى فيها بذر العزائم، فسقته مزن الجد،
فدبت الأرواح في أغصان المعاملة، فظهرت أزهارها، إذا رأوا ذكر الله ففاح
عبير النور، أطيب عرفا من مسك، فقويت بريحه نفوس المريدين.
لا يحصل
خطير إلا بخطر، فاخنس في خيسك، يا مخنث العزم، الربح في ركوب البحر، الدر
في قعر اليم، العلم في ترك النوم، الفخر في هجر النفس.
من يحب العز
يدأب إليه، فكذا من طلب الدر غاص عليه، لولا التخلل بالعبا ما جاءت مدحة "
أنا عنك راض " لأبي بكر " ولولا إرسال البراءة إلى الضرة: طلقتك ثلاثا، ما
اشتاقت الجنة إلى " علي " .
لَو قُرِب الدَرُّ عَلى جٌلاّبِهِ ... ما لَجَّ الغائِصُ في طِلابِهِ
وَلَو أَقامَ لازِماً أَصدافَهُ ... لَم تَكُنن التَيجانُ في حِسابِهِ
مَن يَعشَق العَلياءَ يَلِق عِندَها ... ما لَقي المُحِبُّ مِن أَحبابِهِ
الفصل الثاني والثلاثون
الإيمان بالقدر


إذا
أراد القدر نفع شخص هيأ قلبه لقبول النصائح، وساق إليه موعظة على فراغ
الفكر، سوق المطر إلى الرض الجرز (فَنُخرِج بِه زَرعاً مُختَلِفاً
أَلوانُهُ) فإذا أعرض القدر عن شخص، ألقاه في بحر من الغفلة لجي، فكلما
فتح عينيه رأى ظلمات بعضها فوق بعض. نجائب السلامة مهيأة للمراد، وأقدار
المطرود موثقة بقيود الغفلة، كم يتمنى المردود أن يصل، وهيهات " يأبى
القدر " كم محرم محروم صد من قبل.
يَقِرُّ بِعَيني أَن أرى رَملَةَ الحِمى ... إِذا ما بَدَت يَوماً لِعَيني قِلالُها
وَلَستُ وَإِن أَحبَبتُ مِن يَسكنُ الغَضا ... بِأَولَ راجٍ حاجَةٍ لا يَنالُها
المخلوق
هدف، والمقادير سهام، والرامي من تعلم، فما الحيلة؟؟ صوارم القدر إذا هزت
تقلقلت رقاب المقربين، إذا غضب على قوم فلم تنفعهم الحسنات، ورضي عن قوم
فلم تضرهم السيئات، هبت عواصف الأقدار.
فخب بحر التكليف، وتقلبت بيداء
الوجود بساكني الأكوان، فانقلعت أطناب الأنساب، ووقعت خيم المتكبرين،
فانقلب قصر " قيصرط وتبدد شمل " أبي طالب " ووهي عمل " أبي جهل " وانكسر
جيش كسرى " وانبت حبل صاحب " تبت " فلما طلع الفجر، وركد البحر، إذا " أبو
طالب " غريق في لجة اليم، و " سلمان " على ساحل السلام، و " الوليد بن
المغيرة " يقدم قومه في التيه. و " صهيب " قد قدم من قافلة الروم، وأبوجهل
في رقدة المخلفة، و " بلال " ينادي: الصلاة خير من النوم.
الفصل الثالث والثلاثون

عقوبة الحرص على الدنيا

الدنيا
نهر طالوت، والفضائل قد نادت (فَمَن شَرِبَ مِنهُ فَليسَ مِني) فإذا قامت
القافلة مقام ابن أم مكتوم " وقع لها (إلا مَن اِغتَرَفَ غُرفَةً) فأما
أهل الغفلة فارتووا، فلما قام حرب الهوى البطنة، فنادوا بألسنة العجز (لا
طاقَةَ لَنا اليَومَ بجالوت) وأقبل مصفر الجسد، فحاز قصب السبق بالظفر.
الدنيا ظل، إن أعرضت عن ظلك لحقك، وإن طلبته تقاصر، اخدمي من خدمني، واستخدمي من خدمك.
الزاهد لا يلتفت إلى الظل، فيتبعه الظل، والحريص كلما التفت لم يره.
أيها
الحريص على الدنيا: إلى كم تهيم في بيداء التحير؟؟ (كَالَّذي اِستَهوَتهُ
الشَياطين) ألحرصك حد؟ أم لأملك منتهى؟ ويحك: إن البحر لا ينزف، فاقنع
بالري. ويحك: سير التواني لا ينقطع، هيهات أن يستغني من لا يكفيه ما بكفه،
ويحك: إن المفروح به هو المحزون عليه لو فطنت.
الدنيا خمر، كلما شرب
منها الحريص زاد عطشه، ادرع من ثوب القناعة ما يشمل ك الأطراف، فالقناعة
تدفع بالراحةن في صدور الهم، وتهدي الراحة إلى تعب القلب.
وَكُلُ الشَّر في الشَّرِه وكم من شارب شرق قبل الري، وإنما اللذة خناق من عسل.
وقع نحل على نيلوفر فأعجبه ريحه، فأقام على ورقه المنتشر، فلما جاء الليل تقبض الورق، وغاص في الماء، فهلك النحل.
حرصك غيم وعقلك شمس، والغيم يحجب القلب عن مشاهدة الآخرة، فابعث شمال العزم يمزق شملة شملة.
عندك
ما يكفيك، وأنت تطلب ما يطغيك، وشرب الماء على الري يورث الاستسقاء، ما
أمنعك من الدنيا!! ولكن الحمة قرين العسل. ليس للحريص عيش، وأي عيش لمن
يصبح وما شبع؟؟ ويمسي وما قنع؟ وتراه أحير من " بقة " في حقة خلف ما لا
يساوي جناح " بعوضةط.
إنما المراد من الدنيا ما يصلح البدن ليسعى فيما
خلق له، فالاشتغال بالتزيد عائد بالنقص في المقصود، إن جامع الأموال لغير
البلاغ خازن للورثة، فهو يحرق نفسه بنار الحرص، وينتفع بربح جمعه غيره،
كانتفاع الناس بعرف العود المحترق.
كم قتلت الدنيا قبلك، كما أهلك حبها مثلك؟
كَم بالمُحَصَّبِ مِن عَلَيلِ هوىً طَريحٍ لا يُعَلَّل
وَكَم قَتيلِ بَينَ خَيفَ مِنى وجَمعٍ لَيسَ يُعقلُ
يا
كنعان الأمل يا " نمورد " الحيل، يا " ثعلبة " البخل، يا " نعمان " الزلل،
أنت في جمع الأموال شبه " حاطب " وفي تبذير العمر رفيق " حاتم " تمشي في
الأمل على طريق " أشعب " فكيف بك إذا ندمت ندامة " الكسعي " .
وَكَم طالِبٍ أَمراً وَفيهِ حِمامُهُ ... وَسائِرَةٍ تَسعى إِلى ما يَضُرُها
ألقيت نفسك في جب حب الدنيا، فمتى يخلصك وارد الزهد، تسمع نغمات الفرح: يا بشرى.
الفصل الرابع والثلاثون
في قيام الليل


ياجامدا
على طبع وضعه، يحرك إلى قلب طبعه، انظر لماذا خلقت، وما المراد منك، رض
مهر النفس يتأتى ركوبه، أمت زئبق الطبع يمكن استعماله، تلمح فجر الأجر
ظلام التكليف، أرق خمر الهوى فما يفلتك صاحب الشرطة.
بحر طيعك أجاج،
وماء قلبك عذب، والعقل بينهما قائم مقام الخضر، فيا " موسى " الطلبك لا
تبرح عن السلوك حتى تبلغ مجمع البحرين. قف على قدم الصبر، وإن طال الوقوف،
تجلس سعلى مقلوب كرسي؟.
يا نائما طول الليل: سارت الرفقة، طلعت شمس
الشيب وما انتهت الرقدة، لو قمت وقت السحر رأيت طريق العباد قد غص
بالزحام، ولو وردت ماء مدين وجدت عليه أمة من الناس يسقون.
واسحرة ليل
القوم ما أضوأها، قاموا على أقدام التحير بين ركن الحذر، وشارع الشوق،
يسترهم ذيل الليل تحت مخيم الظلام، وإن ناحوا فأشجى من متيم، وإن ندبوا
فأفصح من " خنسا " " .
سَقَوا بِمياهِ أَعيُنِهِم ... هُناكَ الضالُ وَالرندا
بِأنفاسٍ كَبَرقِ في ... أَنينٍ يُشبِهُ الرعدا
لاحت لهم الجادة فلما سلكوا (قالوا رَبُنا الله ثُمّ اِستَقاموا) هيهات منك غبار ذلك الموكب.
أملهم
أقصر من فتر، ومنازلهم أقفر من قبر، نومهم أعز من الوفاء، أخبراهم أرق من
النسيم، السهر عندهم أحلى من إغفاءة الفجر، كلما افتتحوا سورة وجدوا بها
وجد " يعقوب " بمقيص " يوسف " .
احضر وقت السحر مع القوم حين تفريق الخلع، فإن لم تصلح أسهمت من نصيب (وَإِذا حَضَرَ القِسمَةَ أُولوا القُربى).
لو
صعدت من صدرك صعداء أنفاس الأسف لأثارت سحابا يقطر من قطرية قطر العفو، لو
أرسلت عبرة من جفن على جفاء عادت فأعادت نحس الزلل جفاء.
أبواب الملوك لا تطرق بالأيدي، ولا تضرب بالحجر بل بنفس المحتاجز وعذري إقراري بأن ليس لي عذر.
إذا سارت ركائب الأسحار فابعث معهم رسالة لهف تحتوي على عسرة محصر.
يا سائقَ العَيسِ تَرَفَق وَاستَمِع ... مِني وَبَلِغ إِن وَصلتَ عَني
عَرِّض بِذكرى عِندَهُم عَساهُمُ ... إِن سَمَعوكَ سائِلوكَ عَني
قُل: ذَلِكَ المَحبوسُ عَن قَصدِكُمُ ... مُعَذِبُ القَلبِ بِكُلِ فَنِّ
يقول: أَمّلتُ بِأَن أَزورَكُمُ ... في جُملَةِ الوَفدِ فَخابَ ظَني.
الفصل الخامس والثلاثون

في علو الهمة

يا
طالبا للبقاء في غير معدنه، يا مقدر النجاة في عقبة التلف، بادر عمرا كل
يوم يهدمه المعمار، أليس آخر البقاء الفناء؟ كفى بالانتهاء قصرا.
ويحك، اخرج بالزهد من هذا الفناء المحشو بالفناء إلى حضرة القدس، وإعراض النفس، فهناك لا يتعذر مطلوب، ولا يفقد محبوب.
يا هذا: أعرف أدلتك بالطريق قلبك، وأجهل الكل بالسبيل نفسك، فسر على وفاق القلب لا على مراد النفس.
هَوى ناقَتي خَلفي وَقُدامي الهَوى ... وَإِنّي وَإِياها لَمُختَلِفان
يا ذا الهمة: اركب مطايا الجد وإن طال السرى. علامة التوفيق فصم عرى التواني، وآية الخذلان مسامرة الأماني.
الهوى
يحرض على العاجل، فلو لاحت من فارس عزيمة إقدام نكص الشيطان على عقبيه. يا
محب الدنيا: قيمتك محبوبك، لو علت همتك لارتفعت عن الدنيا، يا مدعي مقام
الخليل: مالك والخلة.
لاح لك من الهوى أقل شيء فآثرته علينا، لقد كان دينار عملك مستورا لولا محك (وَلَنَبلوَنَكُم)
وَفي حالَةِ السَخطِ لا في الرِضا ... يُبَينُ المُحِبُ مِنَ المُبغَض
قلبك
غائب في طلب الدنيا، فقد ضاع الحديث معك، إن الهدف إذا انهدم بطل النشاب،
قلعت سكر الهوى فردمت به باب القلب، فلم يصل إليه سيل المواعظ.
لَيسَ يَحيكُ المُلامُ في هِمِمٍٍ ... أَقرَبُها مِنكَ عَنكَ أَبعَدُها
خرجت عن عمران التقوى، فوقعت في فقر الزلل.
غَرَكَ سَرابُ الطَمَعُ فَمُتُ سَريعَ الظَما ... اِنقَرَضَ العُمُر في مَحاقِ العذر
وَمِنَ
العَناءِ رِياضَةُ الهَرِمِ كم قد عزمت على طاعة وتوبة؟ ما لليلى الهوى ما
تبصر توبة؟ تبيت من الغرام في شعار " أويس " فإذا أصبحت أخذت طريق " قيس "
تنقض عرى العزائم عروة عروة، وكل صريع بالهوى رفيق " عروة " كما دفنت
كثيرا من الأعزة، وهل يرجع " كثير " عن حب " عزة " .جُنونَكَ مَجنونٌ وَلَستُ بِواجِدٍ ... طَبِيباً يُداوي مِن جُنونٍ جُنوني
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب : اللطائف الجزء الثانى Empty رد: كتاب : اللطائف الجزء الثانى {الثلاثاء 24 مايو - 17:00}

الفصل السادس والثلاثون

الحذر من النفاق

أصدق
في باطنك ترى ما تحب في ظاهرك، رش سهم عملك بريش إخلاصك في مقصدك تصب هدف
الأمل. واعجبا!! قوسك مكسورة بالزلل، ووترك مقطوع بالكسل، فكيف تناول صدر
الغرض؟ إذا أردت العلو فارتق درج التقوى، وإن شئت العز فضع جبهة التواضع،
وإن آثرت الرياسة فارفع قواعد الإخلاص، فوالله ما تحصل المناصب بالمنى.
فَدينارُ المُبَهَرَجِ وَإِن نَفَقَ مَردودُ ... وَقَد يَتزَيا بِالهوى غَيرُ أَهلِهِ
إذا
نزلت عن مطية الإخلاص، مشيت في حسك التعثر، فتقطعت قدم القصد،ن ولم ينقطع
المنزل، الرياء أصل النفاق، نفاق المنافقين صير المسجد مزبلة، فقال المنزه
(لا تَقُم فيهِ) وإخلاص المخلصين رفع قدر الوسخ (رب أشعث أغبر).
إذا
هبت زعازع المنافقة لم تضر شجرة الإخلاص، لأن أصلها ثابت، فأما شجرة
الرياء فعند نسيم (وَقِدمِنا إِلى ما عَمِلوا مِن عَمل) اجتثت من فوق
الأرض.
لا تنظر إلى جولة الباطل، وارتقب دولة الحق، إذا رأيت منافقا قد
تبع فتذكر " الدجال " غدا، و " السامري " بالأمس، وانتظر للسامري (لا
مَساس) وَللأَلد باب لد.
شجرة الصنوبر تثمر في ثلاثين سنة، وشجرة
الدباء تصعد في أسبوعين، فتدرك الصنوبر فتقول " شجرة الدباء: إن الطريق
التي قطعت في ثلاثين سنة قد قطعتها في أسبوعين، فيقال لك شجرة ولي شجرة!!
فتجيبها: مهلا إلى أن تهب ريحب الخريف.
وكم من متشبه بالصالحين في تخشعه ولباسه، وأفواه القلوب تنفر من طعم مذاقه (وَهُم يَحسَبون أَنهُم يُحسِنونَ صُنعاً).
في
ظلمة الليل يتشبه الشجر بالرجال، فإذا طلع الفجر بان الفرق. في وقت الضحى
يتمثل السراب بالماء، فمن قرب منه لم يجده شيئا. واأسفا: ما أكثر الزور.
أَما الخِيامُ فَإِنّها كَخيامِهِم ... وَأَرى نِساءَ الحَيِّ غَيرَ نِسائِهِ
تراهم كالنخل، وما تدري ما الدخل.
أيها المرائي: قلب من ترائيه بيد من تعصيه؟؟ لا تنقش على الدرهم الزائف اسم الملك، فما كل سوداء تمرة، ولا يتبهرج الشحم بالورم.
؟الفصل ؟السابع والثلاثون
مجلس التوبةمجلس الذكر مأتم الأحزان، هذا يبكي لذنوبه، وهذا يندب لعيوبه، وهذا على فوت مطلوبه، وهذا الإعراض محبوبه.
يَتَشاكى الواجِدونَ جَوىَّ ... واحِِداً وَالوَجدُ أَلوانُ
أتدرونن هذا التائب لم أنّ؟ وهذا الحزن كيف حنَّ؟ن ذكر عهدا كان قد صفا ثم تكدر، فأنزعج لحال حال وتغير.
مَنازِلٌ كُنتُ تَهواها وَتَألَفَها ... أًيامَ أَنتَ عَلى الأيامِ مَنصورُ
من سمع نوح الحمام ظن أنه لحسن صوته غنى بل لما ذكر من ماضي العيش.
وَإِذا الغَريبُ صَبا إِلى أَوطانِهِ ... شَوقاً فَمعناهُ إِلى أَحبابِهِ
إنما يبكي المذنب على ديار قد عمرها بالتقوى، كيف أخربتها الذنوب؟
إِذا ذَكرَتَ نَجداً وَطيبَ تُرابُهُ ... وَبَردَ حَصاهُ آَخِرَ اللَيلِ حَنّت
تَمَنَت أَحاليبَ الرَّعاءِ وَخيمَة ... بِنَجدٍ وَلَم يَحصُل لَها ما تَمَنّت
يا من كان له معاملة فترك، يامن خلط الدستور وضرب على الحساب، زمان الوصال يستحق البكاء، أطلال الحبيب تستوجب القلق.
ماءُ النُقَيبِ وَلَو مِقدارَ مَضمَضَةٍ ... شِفاءُ قًلبي وَغَيرُ الماءِ يَشفيني
الوقت يقتضيك يا عاص، فبادر بالتوبة، منادي الوصال على باب القبول يصيح (وَسارِعوا).
الغَيمُ رَطبٌ يُنادي ... يا نائِمين الصَّبُوحُ
فَقُلتُ أَهلاً وَسَهلاً ... ما دامَ في الجِسم روحُ
يا من كان له قلب: أين قلبك؟ يا زمان الخيف: هل من عودة إن كنت فقدت قلبك فلا تيأس من وجوده.
فَقَد يَجمَعَ اللَهُ الشَتَيتينِ بَعدَما ... يَظَّنانِ كُلَّ الظَنّ أن لا تَلاقِيا
سر بِوادي الطَلَبِ، مُستَغيثاً بِلِسانِ الطَربِ
رُدوا عَلى لَيالي التَي سَلَفَت ... لَم أَنسَهُنَّ وَما بِالعَهدِ مِن قِدَمِ

ودع
طبعك لسفر التوبة، وارفق شرعك في طريق الصحبة، واجهد راحلتيك لتلحق
الرفقة، وتهيأ للإحرام قبل الوقفة، وانفذ الوية الشوق إلى منى قبل نخلة،
لعل رسالة الحب تصل من صاحب الكعبة.
ألا طال شوق الأبرار إلى لقائي ويأتي الجواب: وإني إلى لقائهم أشوق.
الفصل الثامن والثلاثون

في صدق العبادة

لا تعجبوا بصورة التعبد، وتلمحوا أحسن المقصد؟ ليس كل مصل متعبد، ولا كل صائم بزاهد، ولا كل باك بخاشع، ولا كل متصوف بصاف.
وَما كُلُ مَن آَوى إِلى العِزِّ نالَهُ ... وَدَونَ العُلى ضَربٌ يُدَمِّي النَواصِيا
لَيسَ كُلُ مُستَدَيرٍ يَكونُ هِلالاً، لا، لا ... لَيسَ التَكَحُلُ في العَينينِ كالكَحلِ
كم حول معروف من دفينِ ذهب اسمه كما بلي رسمه ومعروف معروف.
وَما كُلُ دارٍ قَفَرَةٍ دارةُ الحُمى ... وَلا كُلُّ بَيضاءَ التَرائِبِ زَينَبُ
ذهب
أهل التحقيق، وبقيت بنيات الطريق، واعجبا!! لقد رجل القوم، وتخلف أهل
السنة والنوم، خلت البقاع من الأحباب، وتبدلت العمارة بالخراب.
يا دِيارَ الأَحبابِ عِندَكِ خُبرٌ ... أَين ساروا وَهَل لَهُم مُستَقَرُ
كان
المشايخ في قديم الزمان أصحاب قدم، والمريدون أرباب ألم، فذهب القدم
والألم، كان المريد يسأل عن غصة، والشيخ يعرف القصة، واليوم لا قصة ولا
غصة، كان الصوفية قديما يسخرون بالشيطان، والآن يسخر الشيطان بالقوم. كان
الزهد في بواطن القلوب، فصار في ظواهر الثياب.
سَلامٌ عَلى تِلكَ الخَلائِق إِنّها ... مُسلَّمَةٌ مِن كُلِ عَيبٍ ومأَثَمِ
ويحك:
صوف قلبك لا جسمك، وأصلح نيتك لا مرقعتك، إذا كان العلوي ثابت النسب لم
يحتج إلى ضفيرتين، أَتحدوا ومالك بعير؟ أتمد قوسا ومالها وتر؟ تتجشأ من
غير شبع؟ واعجبا!! من وحمى بلا حبل. إن لم تكن " يعقوب " الأمل، فلا تكن "
زليخا " الهوى. واأسفا لقلوب أذابها حب الدنيا، ولأسماع آمالها " حديث
خرافة، يتلاعب بها الغرور في بحر الهوى تلاعب الموج بالفريق.
صح
بالمنقطعين في بوادي الغفلة؛ ترى أي ذنب اقتطعهم. أين تعبد " السري " ؟
أين جد " الجنيد " ؟ أين مجاهدة " أبي يزيد " ؟ أين جوع " الشبليط؟ يا
راضيا بصفة " ابن أدهم " أين عزم " إبراهيم " ؟.
أما الخيام فإنها كخيامهم.
انكسر مغزل " رابعة " وبقي قطن " الحلاج " .
لم تبق إلا روايات وأخبار
أَيُها الحادي بأحداج الجَمالِ ... لا تَنُخ بِالرَبعِ إِنَّ الرَبعَ خالي
ما عَسى أن تَرتَجي مَن دِمَنٍ ... أَقَفرتَ مِن أَهلِها فَهي خَوالي
قَد عَفَت أَطلالُها وَاندَرستَّ ... قِف بِنا نَبكي لأَطلالٍ بِوَالي
لَهفَ نَفسي لِليالٍ سَلَفَت ... آَهٍ هَل تَرجَعُ لي تِلكَ اللَيالي
لا تَقُل لي: بِمِنَى تُعَطَ المُنى ... بِمِنىَّ كانَ مِِنَ القَومِ اِنفِصالي
الفصل التاسع والثلاثون
القناعة

أيها
المبتلي بحب الدنيا وما ينال منها إلا ما قدر له، كم مرزوق لا يتعب؟ وكم
تعب من لا يرزق؟ هذا " موسى يقول (أَرِني) وما أري و " محمد " يزعج من
منامه وما طلب.
قَضاها لِغَيري وَاِبتِلاني بِحُبِها ... فَهَلاَّ بِشيءٍ غَيرِ لَيلَى اِبتَلانِيا
يا هَذا: مَحَبَةُ الدُنيا مِحنَةٌ ... داءُ بِه ماتَ المُحِبونَ مِن قَبلي
إِن أَقبلَت شَغَلَت وإن أدبرت قتلت
وَيلاهُ إِن نَظَرَت وَإِن هِيَ أَعرَضَت ... وَقعُ السِهامِ وَنَزعُهُنَّ أَليمُ
ويحك:
إن الفقر أصلح لك، وإن فقد الدنيا أرفق بك، غير أن الهوى لا ينظر العواقب،
كم في طي مكروهك مصلحة، لو زالت غشاوة العين أبصرتها.
فسبحان من قضى
على الكامل بمداراة الطبع الجاهل، ناظر العقل إلى الأخير ناظر، والطمع لا
يرى إلا الحاضر، وكم يتعب الشيخ في تقويم الطفل؟؟ إنك لم فسحت لنفسك في
هواها، ضيقت عليك طريق الخلاص، إنها لتبذر بضاعة العمر بكف التمزيق،
كالخرقاء وجدت صوفا.
يا مستغيثا من الفقر بألسنة الشكوى، حبس الفقر
حصن، على أنه داء الكرام. الفقر جب، والفاقة غيابة، والشهوات رق. " الدنيا
سجن المؤمن " .

فيا " يوسف " الطلب: ذق مرارة الجب، وكمد الغيابة، وصابر
رق البيع، ودار السجن، لعلك تخرج إلى مملكة (اِجعَلني عَلى خَزائِنِ
الأرض) دافع ليل البلى، فما أسرع فجر الأجر (أَلَيسَ عَلى خَزائِن
الأَربض) الفقر من الدنيا عدم كله وجود، والغنى فيها وجود كله عدم.
عرضت على نبينا " صلى الله عليه وسلم " بطحاء مكة ذهبا فأبى.
يا " محمد " ممن تعلمت القناعة؟ قال لسان حاله: من عجلة أبي.
كان الرجل من الصحابة يدعى إلى المال حلالا فيقول: لا، لا.
يا
معاشر الفقراء: زينوا حلة الفقر بحلية الكتمان، فالفقراء الصبر جلساء
الله، اصبروا على عطش الفاقة، فالحرة تجوع ولا تأكل بثدينها، إن سألتم
فاسألوا مولاكم، فإن سؤال العبد غير سيده تشنيع على السيد.
يا معاشر
الغافلين والواقفين مع الأسباب، إنما المعطي والمانع واحد (فَلا تَجعَلوا
للِهِ أَنداداً) إذا عرضت حاجة فتعرضوا بالمحراب، واكتفوا من السؤال
بالخدمة أتشتغلون بنا وننساكم؟ كلا " من شغله ذكري عن مسألتي، أعطيته أفضل
ما أعطي السائلين " .
وَإِذا طَلَبتَ إِلى كَريمٍ حاجَةً ... فَلِقاؤهُ يُغنيكَ وَالتَسليمُ
ويحك:
إن الفقير الصادق يترك الدنيا أنفة، رآها مقاطعة فقاطع، جاز على جيفة
مستحيلة فسد منخر الظرف وأسرع، سلك سبيل القناعة فوقع على كنز ما وجده "
الإسكندر " فقلبه أغنى من " قارون " وبيته أفرغ من فؤاد أم " موسى " .
وَمَن كانَ في ثوبِ القَناعَةِ رافِِلاً ... أَصابَ الغِنى في الفَقرِ وَالخَصَبِ في المَحل
إذا
حشر الفقراء يوم القيامة بادورا باب الجنة فتقول لهم الملائكة: قفوا فهذا
يوم الحساب، فينفضون أكمام الإدلال من يد المعوق، ويقولون: هل أعطيتمونا
شيئا تحاسبونا عليه؟؟
الصَبرُ مِثلُ اِسمِهِ في كُلِ نائِبَةٍ ... لَكِن عَواقِبُهُ أَحلى مِنَ العَسلِ
؟الفصل
الأربعون ؟ذم الحرص على المال يا مشغولا بالعمل للدنيا، والدنيا تعمل فيه،
تجمع ما يفرقك، وتوصل ما يمزقك، ويحك: أتبني قصرا وتهدم مصرا؟ إن لم تعرف
عيوبها " فاخبر تقهل " .
داء الآدمي الهوى، وعلاجه الحسم، متى استعجل
الداء، فالكي أنفع، وما يفيدك من جار السوء التوقي. المال ماء كلما زاد
غرق. قنعت العنكبوت بزاوية البيت فسبق الحريص إليها وهو الذباب، فصار قوتا
لها، وصوت بك نذير العبر: رب ساع لقاعد.
ويحك: طلق كواذب آمالك، لتكون
وارث مالك. أعظم المغبونين حسرة من نفع كده لغيره. أفضل أعمال البخيل
الصدقة لأنه يحارب شيطانين أصغرهما إبليس، وأعظمهما النفس وجنودها، ومن
يقوى بأسد الحرص، وكلب الهوى، وخنزير الشره؟؟!.
امدد يديك بالصدقة فإن لم تطق فاكففهما عن الظلم، أطلق لسانك بالذكر، فإن لم تطق فاحبسه عن الغيبة.
كم يقف السائل سائل الدمع على باب الذل لديك فتقول: هذا هذاء.
كلام الجائع عند الشبعان كله هذيان. ويحك: إن الدقة صداق الجنة، فدع جمع الأكياس (مَن ذا الَّذي يُقرِضُ اللهَ قَرضاً حَسناً).
انظر في أخلاقِ الفَقيرِ لا في إِخلاقِهِ ... وَما ضَرُ نَصلُ السَيفِ إِخلاقُ غَمدِهِ
إن أعطيت فاحذر منا يتأذى به المعروف. ويحك: كلما عاش أملك مات الفقراء.
كَأَنَنَي كُلَما أَصبَحتُ أُعتِبُهُ ... أَخطُّ حَرفاً عَلى صَفحٍ مِنَ الماءِ
واعجبا!
لمن يجمع الأموال جمع الثريا نفسها، كيف تأتي الأقدار فتفرقه تفريق بنات
نعش، يا كدر القلب: آثار كدر باطنك ما تخفى على ناظرك، إن أسرار القلوب
تبين ما في وجوده الوجنات.
لو سمعت كلامي بقلبك كان طول الأسبوع نصب
عينيك، وإنما تسمعه بأذنك، وفرق بين السامعين: كثر المال على " الصديق " و
" ثعلبة " ووقه التفاوت بين " البخل والتخلل " .
وليس كُلُّ ذَواتِ
المِخلَبِ السَّبُعُ أما حب الدنيا عندك فراسخ، وأما قلبك من الموعظة فعلى
فراسخ، وإذا غلب الهوى فمن ينتبه؟ وإذا غاب القلب فمن يحدث؟
إذا كانَ قَلبي مَوثِقاً بِحِبالُكُم ... وَجِسمي لَدَيكُم كَيفَ أَفهَمُ عَنكُم؟
فإِن شِئتُم أَن تَعذُلوا فَتُوصِّلوا ... إِلى أن تُعيدوا القلب ثم تُكلِموا
الفصل الحادي والأربعون

إحياء القلوب بالعبرات


يا جامد العين اليوم، غدا تدنو الشمس إلى الرؤوس، فتنفتح أفواه مسام العروق، فتبكي كل شعرة بعينس.
كأنك بالسماء قد نفضت أكمامها لسرعة فورانها، وانتثرت النجوم، و " يوسف " الهيبة قد برز، فقد قميص الكون.
نفحة
فم الريح تحرك الشجر، ونفحة من في الصور تعمل في الصور، نفحة من الصور
أماتت، والأخرى أعاشت، لا تعجبوا فإن نفحة نفخة الشتاء في صور البرد أماتت
صور الأشجار، ونفس الربيع اعاد الروح.
ريح الدنيا بين مثير ولاقح، وريح الصور تثير الأبدان، وتلقح أشباح الأرواح لقراءة دفاتر الأعمال.
كان
" الفضيل " ميتا بالجهل، و " ابن أدهم " مقتولا بالهوى، و " السبتي "
هالكا بالمال، و " الشبلي " من جند " الجنيد " فنفخ في صور التوفيق،
فانشقت عنهم قبور الغفلة، فصاح " إسرافيل " الاعتبار (كَذِلِكَ يُحيي
اللَهُ المَوتى).
إنما سمع " الفضيل " آية فذلت بها نفسه واستكانت، وهي
كانت، إنما زجر " ابن أدهم " بموعظة واحدة، هاتف عاتبه، ولائم لامه، أخرجه
من " بلخ " إلى الشام.
كانت عقدة قلوبهم أنشوطة، ومشد قلبك كله عقد،
أقبلت المواعظ إلى ندى قلب رياض القلوب، فالتقى الماءان. كانت الأعمال
تعرض عليهم فيرون الخيانة نقض عهد الزهد.
حَلَفتُ بِدينِ الحُبِ لا خُنتُ عَهدَكُم ... وَتِلكَ يَمينٌ لَو عَرَفَت غَموسُ
كان " الفضيل بن عياض " قد تعود البكاء، فكان يبكي في نومه حتى ينتبه أهل داره.
وكان " ابن أدهم " من شدة خوفه يبول الدم، وكذلك " سري " .
إذا خرجت القلوب بالتوبة من حصر الهوى إلى بيداء التفكر جرت خيول الدموع في حلبات الوجد، كالمرسلات عرفا.
إذا
استقام زرع الفكر قامت العبرات تسقي ونهضت الزفرات تحصد، ودارت رحى التحير
تطحن، واضطرمت نيران القلق فحصلت للقلوب ملة تتقوتها في سفر الحب.
اسمحوا
بحرمة الوفاء، فما كل وقت يطلع " سهيل " طالما أمتم قلوبكم بالهوى،
فأحيوها اليوم بوابل العبرات، إذا خرجتم عن المجلس فلا تذهبوا إلى البيوت،
واطلبوا هذه المساجد خراب، وضعوا وجوهكم على التراب، " واستغيثوا بألسنة
الفاقة من قلوب قد أحرقها الأسف على ضياع العمر في الهوى والبطالة " فإنه
إذا صعد نفس " يعقوب " الحزن لم ينتبه دون جمال " يوسف " .
وَإِن شِفائي عِبرةً مُهَراقَةٌ ... فَهَل عِندَ رَسمٍ دراسٍ مِن مُعَوَّلِ
الفصل الثاني والأربعون

الشيب علامة النهاية

يامن
مطية عمره قد أنضاها الحرص، هلا كففتها قليلا بزمام القناعة؟ فرب جد أعطب،
ورب أكلة تمنع أكلات، وكثرة الماء شرق أو عزق؟ أخل بنفسك في بيت العزلة،
واستعن عليها بعدول اللوم، ونادها بلسان التوبيخ، إلى كم؟ وحتى ومتى؟ ألم
يأن؟ ويحك!! سرق لص الشيب رأس مال الشباب.
فَأَصبَحتُ مُفلِسَ العُمرِ ... فَهَل ليَ اليَومَ إلا زَفرَةَ النَدَمِ
يا نفس: ذهب عرش " بلقيس، وبلى جمال " شيرين " وتمزق فرش " بوران " وبقي نسك " رابعة " .
كانت
أيام الشباب كفصل الربيع، وساعاته كأيام التشريق، والعيش فيه كيوم العيد،
فأقبل الشيب يعد بالفناء، ويوعد بصفر الإناء، فأرخى مشدود أطناب العمر،
ونقض مشيد سرائر القوى.
أديل ضعف الشيب على الشباب فعمل معول الوهن
وراء الجلد في الجلد، فصار مربع الحياة قفرا قد خلت بطاحه، ومربع اللهو
هباء تذروه الرياح، وإن الهالك من ضل في آخر سفره وقد قارب المنزل، أبقي
بعد الشيب منزل غير البلى؟ بلى أنت تدري أين تنزل.
مرحلة الشيب تحط على شفير القبر، وقد اتخذت من رأي الهوى حصنا، فما هذا الأمل؟.
اتطلب ربيع وأنت في ذي القعدة؟! اللذة سلاف ولكن مزاجها زعاف، الهوى عارف في العاجلة، ونار في الآجلة، ومن تبصر تصبر.
أيظن الخائض في الدنيا أن له فراغا عنها؟؟ هيهات، ما يفرغ منها إلا من اطرحها.
فَما قَضى أَحَدٌ مِنها لُبانَتَهُ ... وَلا اِنتَهى أَرَبٌ إِلا إِلى أَرَبِ
أيتوهم
المسوف بالتوبة أن لمرحلة الهوى آخر؟ كلا؛ إن الذي يقطعه عن الإنابة اليوم
معه في غد، وما يزيده مرور الأيام إلا رسوخا بدليل: " يشيب ابن آدم "
وتشيب معه خصلتان.
يَطلُبُ المَرءُ أَن يَنالَ رِضاهُ ... وَرِضاهُ في حاجَةٍ لا تُنالوإنما
وجد الراحة في الدنيا من خلالها لا من خاللها، لاح لهم عيبها، فما ضيعوا
الزمان في السوم، بلغتهم خطوات الرياضة إلى الرياض فاستوطنوا فردوس الأنس
في قلة طور الطلب.
يا مؤثرا على بساتين القوم مقابر النوم: ليس في طريق الوصال تعب، إنما التعب ما دام في النفس بقية من الهوى، الظلمة ليل لا لليلى.
يا لَيلُ ما جِئتُكُم زائِراً ... إِلا وَجدَتُ الأَرضُ تُطوى لي
وَلا انثَني قَصدي عَن بابِكُم ... إِلا تَعَثَرتُ بِأَذيالي
المنحرف ضال عن الجادة، طر بجناح الخوف والرجاء من وكر الكسل على خط مستقيم الجد لا تعدل فيه عن العدل، فإذا أنت في مقعد صدق.
؟الفصل
الثالث والأربعون صفات العابدين وقت العارف جد كله، لعلمه بشرف الزمان،
والنهار مطالب بحق الملك، والليل يقتضي دين الحب، فلا وجه للراحة.
لما
عاينت أبصار البصائر " يوسف " العواقب، قطعت أيدي الهوى بسكين الشوق،
فولوج الجمل في سم الخياط، أسهل من دخول اللوم في تلك الأسماع، فإذا حان
حين الحين فرح سائر الليل بقطع المنزل، وصاحت ألسنة الجد بالعاذلين
(فَذَلِكُنّ الَّذي لُمتُنَني فيه).
قُلوبٌ أَبَت أَن تَعرِفَ الصَبرَ عَنهُمأَثمانُ المَعالي غالِيَةً فَكيفَ يَستامها مفلس
وَكَيف يُنالُ المَجدُ وَالجِسمُ وادِعُ ... وَكَيفَ يُحازُ الحَمدُ وَالوَفرُ وافِرُ
كلما تعاظمت الهمم تصاغرت الجثث.
وَلَستَ تَرى الأَجسامَ وَهي ضَيئلَةٌ ... نواحِلُ إِلا وَالنُفوسُ كِبارُ
قال " يحيى بن معاذ " : لتكن الخلوة بيتك، والمناجاة حديثك، فإما أن تموت بدائك، أو تصل إلى دوائك.
لا تَزل بي عَنِ العَقيقِ فَفَيهِ ... وَطَري إِن قَضيتُهُ أو نَحبي
لا رَعيتُ السُّوامَ إِن قُلتُ لِلصُحبَةِ خِفّي عَني وَلَلعينُ هُبّي
دخلوا
على " أبي بكر النهشلي " وهو في السوق يركع ويسجد، ودخلوا على " الجنيد "
وهو في النزع وهو يصلي، فسلموا عليه، فرد السلام وقال: هذا وقت يؤخذ منه:
الله أكبر.
إذا اِشتَغَلَ اللاهونَ عَنكَ بِشُغلِهِم ... جَعلتُ اِشتِغالي فيكَ يا مُنتهى شُغُلي
فَمَن لي بِأَن أَلقاكَ في كُلِ ساعَةٍ ... وَمَن لي بِاَن أَلقاكَ وَالكُلُ بي مِن لي
دارت
قلوبهم من الخوف دوران الكرة تحت الصولجان، فلعبت بها أكف الأشجان في
فلوات المحبة، فمن بين سكران يبث، وبين منبسط يقول، وبين خائف يستجير.
إذا لَعِبَ الرِجالُ بِكُلِ فَنٍّ ... رَأَيتَ الحُبَّ يَلعَبُ بالرِجالِ
نجائب
أبدانهم أنضاها سير الرياضة، تجوهرت أرواحهم في بوتقة الجسم، فترافقا في
سفر الشوق، فاللسان مشغول بالذكر، والسر مغلوب بالوجد، والعين عبرى
بالخوف، والنفس هاربة إلى دار الزهد.
إِنَما أَهرُبُ مِما ... حَلَّ بي مِنكَ إِليكَ
أَنتَ لَو تَطلُب رَوحي قُلتُ هاخُذها إٍليك
كان الحسن كأنه حديث عهد بمصيبة، وكان " مالك بن دينار " قد سوّد طريق الدمع في خده.
وَمَن لُبُّهُ مَعَ غَيرِهِ كَيفَ حالُهُ ... وَمَن سَرَّهُ في جَفنِهِ كَيفَ يُكتَمُ؟
كان
" عطاء السّلمي " يبكي في غرفته حتى تجري دموعه في الميزاب إلى الطريق،
فقطرت دموعه يوما فصاح رجل: يا أهل الدار: ماؤكم طاهر؟ فقال " عطاء " :
اغسله فإنه دمع من عصى الله تعالى.
كان " داود " عليه السلام يؤتى بالإناء ناقصا فلا يشربه حتى يتمه بدموعه.
يا ساقي القَومِ إِن دارَت إِليَّ فَلا ... تَمزِج فَإِني بِدَمعي مازِجٌ كاسي
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب : اللطائف الجزء الثانى Empty رد: كتاب : اللطائف الجزء الثانى {الثلاثاء 24 مايو - 17:01}

الفصل الرابع والأربعون

الغراب والعنكبوت

يا
مستفتحا أبواب المعاش بغير مفتاح التقوى، كيف توسع طريق الخطايا وتشكو ضيق
الرزق؟ لو اتقيت ما عسر عليك مطلوب، مفتاح التقوى يقع على كل باب، ما دام
المتقي على صفاء التقى لا يلقى إذن أذى، فإذا انحرف عن التقى التقى بالكدر.
فلما توليتم عنا تولينا لا تزال بحار النعم على الخلق في الزيادة (حَتى يُغيروا ما بأَنفُسِهِم).
ويحك: إنما خلقت الدنيا لك، أفيبخل عليك بما هو ملكك؟ إنما في طبعك شره، والحمية أرفق.

يا أعز المخلوقات علينا: ارض بتدبيرنا، فالمحب لا يتهم، وإنعامنا على ما خلق لك لا يخفى عليك، فكيف ننساك وأنت الأصل؟.
ليس
العجب تغذي المولود في حال الحمل بدم الحيض لاتصاله بالحي؛ إنما العجب أن
البيضة إذا انفصلت من الدجاجة فمن البياض يخلق الفرخ، وبالمح يتغذى، قد
أعطي المخلوق زاده قبل سفر الوجود.
إذا اِنفقأت بيضة الغراب خرج الفرخ
أبيض، فتنفر عنه الأم لمباينته لونها، فيبقى مفنةح الفم، والقدر يسوق إلى
فيه الذباب، فلا يزال يتغذى به حتى يسود لونه فتعود إليه الأم.
فانظروا
إلى نائب اللطف، وتلمحوا شفقة طير الرحمة، ألهم النملة ادخار القوت، ثم
ألهمها كسر الحب قبل ادخاره كيلا ينبت، والكسبرة، وإن كسرت قطعتين تنبت
فهي تكسرها أربعا.
وَفي كُلِ شَيءٍ لَهُ آَيَةٌ ... تَدُلُ عَلى أَنّهُ واحِدُ
لو
رأيت العنكبوت حين تبني بيتها لشاهدت صنعة تعجز المهندس، إنما تطلب موضعين
متقاربين، بينهما فرجة يمكنها مد الخيط إليها، ثم تلقي لعابها على
الجانبين، فإذا أحكمت المعاقد ورتبت القمط كالسداة اشتغلت باللحمة، فيظن
الظان أن نسجها عبث، كلا، إنها شبكة للبق والذباب، وإنها إذا أتمت النسيج
انزوت إلى زاوية ترصد رصد الصائد، فإذا وقع في الشبكة شيء قامت تجني ثمار
كسبها، فإذا أعجزها الصيد طلبت لنفسها زاوية، ووصلت بين طرفيها بخيط آخر،
وتنكست في الهواء تنتظر ذبابة تمر بها، فإذا دنت منها رمت نفسها إليها
فأخذتها، واستعانت على قتلها بلف الخيط على رجليها!! افتراها علمت هذه
الصنعة بنفسها؟ أو قرأتها على أبناء جنسها؟ أفلا تنظر إلى حكمة من علمها؟
وصنعة من فهمها؟.
لقد نادت عجائب المخلوقات على نفسها ترشد الغافلين إلى باب الصانع، غير أنهم عن السمع لمعزولون.
الفصل الخامس والأربعون

أسفار الحياة

خلقنا
نتقلب في " ستة " أسفار إلى أن يتسقر بالقوم المنزل: السفر الأول: سفر
السلالة من الطين، السفر الثاني: سفر النطفة من الظهر إلى البطن، السفر
الثالث: من البطن إلى الدنيا، الرابع: من الدنيا إلى القبور، الخامس: من
القبور إلى العرض، السادس: من العرض إلى منزل الإقامة.
فقد قطعنا نصف السفر، وما بعد أصعب.
إخواني:
السنون مراحل، والشهور فراسخ، والأيام أميال، والأنفاس خطوات، والطاعات
رؤوس أموال، والمعاصي قطاع الطريق، والربح الجنة، والخسران النار، ولهذا
الخطب شمر الصالحون عن سوق الجد في سوق المعاملة، وودعوا بالكلية ملاذ
النفس.
كلما رأوا مركب الحياة يتخطف في بحر العمر، شغلهم ما هم فيه عن
عجائب البحر، فما كان إلا قليل حتى قدموا من السفر، فاعتنقتهم الراحة في
طريق التلقي، فدخلوا بلد الوصل، وقد حازوا ربح الدهر.
يا جبان العزم:
لو فتحت عين البصيرة فرأيت بإنسان الفكر ما نالوا، لصاح لسان التلهف: يا
ليتني كنت معهم، وأين الأرض من صهوة السماء؟؟.
ألا أنت والله منهم ولا تدري من هم.
يا قَلبُ مِن نَجدٍ وَساكنِهِ ... خَلّفتَ نَجداً وَراءَ المُدلَجِ الساري
أَهفوا إِلى الرَملِ تَعلو لي رَكائِبُهُم ... مِنَ الحُمى في أُسَيحاقٍ وَأَطماري
تَفوحُ أَرواحُ نَجدٍ مِن ثِيابِهِمُ ... عِندَ القُدومِ لِقُربِ العَهدِ بِالدارِ
يارَاكِبان قِفالي فاقضِيا وَطَري ... وَخَبِّراني عَن نَجدٍ بِأَخبارِ
هَل رُوَّضَتَ قاعَةَ الوَعساءِ أَو مُطِرت ... خَميلةَ الطَلحِ ذاتُ البانِ وَالغارِ
أَم هَل أَبيتَ وَداري عِندَ كاظِمَة ... داري وَسُمَّارُ ذاكَ الحَي سَماري
فَلَم يَزالا إِلى أَن نَمَّ بي نَفَسي ... وَحَدَّثَ الرَكبُ عَني دَمعي الجاري
ويحك:
في صناديق هذه الأيام أودعت بضائع القوم، في هذه المزرعة المحلاة بذروا
حبَّ الحب، فإذا حصدوا نادي بك هاتف اللوم: في الصيف ضيعت اللبن.
كُشفت عن عيونهم حجب الفعلة، فنظروا بلا معاينة، وخاطبوا بلا مشافهة.
تراه بالشوق عيني وهو محجوب أنضوا رواحل الأبدان في سفر المحبة، حتى بلغوا منى المنى قبل فوات الوقفة (تِلكَ أُمَةٌ قَد خَلَت).

بانوا وَخُلِّفتُ أَبكي في ديارِهِمُ ... قُل لِلديارِ سَقاكَ الرائِحُ الغادي
وَقُل لأظعانِهِم حُييتِ مِن ظُعُنٍ ... وَقُل لِواديهُمُ حُيِيتَ مِن وادي
دخل
رجل ناحل الجسم على " عمر بن عبد العزيز " فقال له: مالك هكذا؟ فقال: ذقت
حلاوة الدنيا فرأيتها مرارة، فأسهرت ليلى، وأظمأت نهاري، وذلك قليل في جنب
ثواب الله وعقابه.
أَميرُ الهَوى مِن هَوا ... كَ في شُغلٍ شاغِلِ
تَسَربَلَ ثَوبُ الضَنا ... عَلى بُدنٍ ناحِلِ
ذابت
قلوبهم بنيران الخوف، فأحرقت موطن الهوى، واضفرت الألوان لقوة الحذر
فتنكست رؤوس الخجل، فإذا أردت أن تعرف أحوالهم فاسمع حديث النفس بين النفس.
خُذي حَديثَكَ في نَفسي مِنَ النَفَسِ ... وَجدُ المَشوقِ المعنّى غَيرُ مُلتَبِسِ
الماءُ في ناظري وَالنارُ في كبدي ... إِن شِئتَ فاغتَرِفي أَو شِئتَ فاقتَبِسي
الفصل السادس والأربعون

العجز والتواني

لما
وقع الأولياء في ظلمات الدنيا قطعوا بالجهاد مفاوز الهوى، أضاءت لهم سبل
السلامة فتعارف القوم في طريق الصحبة، إن أضاء لهم برق الرجاء مشوا فيه،
وإذا أظلم عليهم ليل الخوف قاموا، فالقوم لا يخرجون من حيز الحيرة، لو
رأيتموهم لقلتم مجانين.
إِذا كُنتَ خَلواً فاعذُر في الهَوى ... فَما المُبتَلى وَالمُستَريحُ سَواءُ
أَلا إِنّ قَلبَ الصَبِّ في يَدِ غَيرِهِ ... يُصَرِّفُهُ وَسنَى وَالفُؤادُ هَباءُ
كَربُ
المُحِب بالنهار يشتد بمزاحمة رقباء المخاطبة، فبلبل باله في قفص كتمان
حاله، فإذا هبت نسائم الأسحار وجدت روحه روحا يصل من قصر مصر المنى، إلى
أرض كنعان الأمل، فقام ركب الشوق يتحسس النسيم من فرج الفرج، وله وله.
تُزاوِرنَ عَ، أَذرُعاتٍ يَميناً ... نواشِزُ لَسنَ يَطِنَ البُرينا
كُلِفنَ بِنَجدٍ كَأَنّ الرِياضَ ... أَخَذنَ لِنَجدٍ عَلَيها يَمينا
إِذا جئتُما بانَةَ الواديين ... فأرخُوا النُّسوعَ وَحُلُّوا الوَضينا
فَثَمَّ عَلائِقُ مِن أَجلِها ... مِلءُ الدُجى وَالضُحى قَد طَوينا
وَقَد أَنبَأتهُم مِياهَ الجُفونِ ... بِأَنّ بِقَلبِكَ داءً دَفينا
إخواني:
نهار الحزين كالليل، وليل المطرود كالنهار، يا أعمى عن طريق القوم، أنا
مشغول بإصلاح عينك، فإذا استوت أرشدتك الطريق، هذا أمر لا ينكشف للقلوب
المظلمة برين الهوى، حتى يجلوها صيقل المجاهدة، أرض مشحونة بشوك الذنوب
فلو قد أسلمتها إلى الزارع رأيتها قد تغيرت (يَوم تُبَدَلُ الأَرضُ غَيرَ
الأَرض).
ويحك: بين العجز والتواني نتجت الفاقة.
كان القوم إذا سمعوا موعظة غرست نخل العزائم، ونبات قلبك عند المواعظ نبات الكشوثي.
واعجبا!!
لمن أصف القوم؟ أراني أتلو سورة " يوسف " على " روبيل " كم بين ثالثة
الأثافي وسادسة الأصابع. يا مطرودا ما يشعر بالطرد، إنما يجد وقع السياط
من له حس، تالله لو أقلقك الهجر ما سكنت دار الراحة، أنت والكسل كندماني "
جذيمة " وليت صوت هذا الهاتف وصل إلى سمع القلب.
يا له من عتاب لو كان
للمعتاب فهم، لقد نفخت لو كان فحم، واأسفا مرعىً ولا أكولة، سور تقواك
كثير الثلم، والأعداء قد أحاطوا بالبلد، صحح نقد عملك، فقد انقرضت أيام
أسبوعك، جود قبل الحساب انتقادك، فلا مسامح قبل الوزن، ويك قبل الومن، ويك
قبل الرمي، تراش السهام، وعند النطاح يغلب الأجم، ويحك: قد دنا رحيلك،
وليس في مزود عملك ثمرات تطفىء نار جوعك، ولا في مزادتك قطرات تسكن وقد
هجيرك، فالجد الجد في الإستظهار لطول الطريق، عش ولا تغتر.
يا منقطعا
في بادية الهوى عن الرفقاء، إلحق الركب فالأمير يراعي الساقة، سر من غير
توقف ولو تقطعت أقدام الطلب، فإذا أدركتك قافلة التعب - أيها المنقطع في
ظل حائط منقطع - فصوت باستغاثة متحير.
يا راهب الدير هل مرت بك الإبل يا أسف من لا ينفعه إن تأسف، لعبت بوقته أيدي التواني فضاع، فصمت عرى عمره كف المشيب ففات.
يَعِزُّ عَليَّ فِراقي لَكُم ... وَإِن كانَ سَهلاً عَلَيكُم يَسيراً

يا قوام الليل اشفعوا في راقد، يا أحياء القلوب ترحموا على ميت، سا سفراء الطلب احملوا رسالة محصر.
خذوا نظرة مني فلاقوا بها الحمى
أَيا رفقة من أرض بصرى تحملت ... تؤم الحمى لقيت من رفقة رشدا
إذا ما بلغتم سالمين فبلغوا ... تحية من قد ظن أن لا يرى نجدا
الفصل السابع والأربعون

في ذم إبليس

إخواني:
العناية غنى الأبد، لما سبق الإختيار في القدم للطين المنهبط صعد على
النار المرتفعة، فعلمت جهنم أن المخلوقات منها، لما قاوم التراب كانت
الغلبة للتراب، وكفاها ما جرى عبرة، والسعيد من وعظ بغيره، فإذا مر المؤمن
عليها أسلمت من غير جدال، وقالت: " جز فقد أطفأ نورك لهبي " .
مصابيح
القلوب الطاهرة في أصل الفطرة منيرة قبل الشرائع، كقلب " قس " (يَكادُ
زَيتُها يُضيءُ وَلَو لَم تَمسَسهُ نار) لاح مصباح الهوى من سجف دار
الخيزران، فإذا " عمر " على الباب.
ولما عميت بصيرة إبليس صار نهار
الهدى عنده ليلا، كان في عين بصيرته سبل، فما نفعه اتضاح السبل، رجع
الخفاش إلى عشه فقال لأهله: أوكروا، فقد جن الليل، فقالوا: الآن طلعت
الشمس، وأنت تقول: جن الليل، فقال: ارحموا من طلوع الشمس عنده ليل.
لما
أضاءت أنوار النبوة رأتها عين " بلال الحبشي " وعميت عنها عين " أبي طالب
" القرشي. إخواني: احذروا نبال القدرة، وهيهات لا ينفع الحذر، فإن صلح شيء
من باب الكسب فاللحاء أعوذ بك منك، أين القلق " والقلوب بين أصبعين " .
إن
القضاة إذا ما خوصموا غلبوا كان إبليس كالبلدة العامرة بالعبادة، فوقعت
فيها صاعقة الشتاء، فهلك أهلها (فَتِلكَ بُيوتُهُم خاوِيةٌ بِما كَسبوا).
وَمَن لَم يَكُن لِلوِصالِ أَهلُ ... فَكُلُّ إِحسانِهِ ذنوبُ
أخذ
كساء ترهبه، فجعل جلال كلب أهل الكهف، فأخذ المسكين في عداوة الآدمي فكم
بالغ واجتهد، وأبى الله إلا أن لا يقع في البئر إلا من حفر.
ويحك: ما
ذنب الآدمي وأنت جنيت على نفسك؟ ولكنه غيظ الأسير على القد، إنما هلك
إبليس بكبر (أَنا خَيرٌ مِنهُ) وسلم " آدم " بذل (ظَلَمنا أَنفُسَنا)
ومقام العبودية لا يحتمل إلا الذل.
كُلَما رَاعَنَي بِعِزِّ المَوالي ... جِئتُهُ خاضِعاً بَذلِّ العَبيدِ
المسكين
إبليس ظن أنه قد حاز بامتناعه عن السجود عزا، فوقع في ذل (وَأَنّ عَلَيهِ
لَعنَتي) فكأنه فر من المطر إلى الميزاب، كانت خلعة العبادة لا تليق به
فنزعت عنه.
إلا رُبَّ جِيدٍ لا يَليقُ بِهِ العِقُدُ
كان أعجمي
الفهم فما لاقت به حلية التعبد، وكان " آدم " عربيا فما حسنت عليه قلنسوة
الخلاف، أخرجهما قسر القدر لبيان ملك التصرف، ثم رد كل إلى معدنه.
إن الأُصولَ عَلَيها تَنبُتُ الشَجرُ
لقي إبليس " عمر بن الخطاب " فصرعه " عمر " فقال بلسان الحال: يا عمر أنا المقتول بسيف الخذلان قبلك.
بيَ الناسُ أَدواءُ الهِيامِ شَرِبتُهُ ... فَإِياكَ عَني لا يَكُنُ بِكَ ما بِيا
يا
عمر: أنت الذي كنت في زمن الخطاب لا تعرف طريق الباب، وأنا الذي كنت في
سدة السيادة، وأتباعي الملائكة، فوصل منشور (لا يُسأَل) فعزلني وولاك، فكن
على حذر من تغير الحال، فإن الحسام الصقيل الذي قتلت به في يد القاتل،
فلما لعبت أيدي القلق " بعمر " بادر طريق باب البريد بالعزل والولاية: يا
حذيفة يا حذيفة.
؟
الفصل الثامن والأربعون

؟
في العزلة

المؤمن
على طهارة التوحيد من يوم (أَلَستُ بِرَبِكُم) غير أنه لما خالط أوساخ
الهوى تدنست ثياب معاملته، وليس لها تنظف إلا بماء العلم في بيت العزلة.
العزلة
رأس الحمية من الدنيا، تخيط عين بازي الهوى فيألف الفطام على الطيران،
والعزلة صحراء خالية عن بقاع يا سرعة إبصار الهلاك فيها لذي بصر، قل غرس
خلوة إلا وعليها ثمرة الأنس.

أيها المبتدىء: عليك بالعزلة، فإنها أصل
العمل، تضم شتات قلبك، وتحفظ ما لفقت من خصال يقظتك، فإن حالك كمرقعة
بالية، إن تحركت فيها تمزقت. إذا جرى القدر باجتماع العقل واليقين في بيت
الفكر أخذ في توبيخ الأمارة، فإن كان زمن المرض قد انقضى، أثر اللوم ثوران
العزيمة إلى قطع القواطع، فحينئذ تكتب النفس بكف الهجر طلاق الهوى،
وتتجلبب زرمانقة الزهد، وتترهبن في دير العزوف، فتستوحش من أهل الدنيا
شغلا بصحبة " أنا جليس من ذكرني " .
يا من قد ضاع " يوسف " قلبه، جز
بخيم القوم لعلك تجد ريح " يوسف " قف في السحر على أقدام الذل وقل (يا
أَيُها العَزيزُ مَسَنا وَأَهلَنا الضُرُّ) يا مخذول التواني، يا مجدوع
الأماني، غرق مركب عمرك في بحر الكسل، ويحك: من لازم المنام لم ير إلا
الأحلام متى تفتح عين عزمك؟ فيا طوول هذا الكرى، أما تستنشق ريح السحر؟
أما تجد برد هواء الفجر؟ أما تعاين ضوء الشيب؟ أما يؤلمك عتاب الدهر؟.
تَنَبَهي يا عَذباتَ الرَندِ ... كَم ذا الكَرى هَبَّ نَسيمُ نَجدِ
أُعَلِلُ القَلبَ بِبانِ رامَة ... وَما يَنوبُ غُصنٌ عَنِ قَدِّ
وَاقتَضى النَوحُ حَماماتِِ اللَوى ... هَيهاتَ ما عِندَ اللَوى عِندي
رحل
ركب المحبة على أكوار العزائم، فصبحوا منزل الوصل وأنت نائم بعد يا " عمر
" العزم: إلى كم في دار الخيزران، يا " فضيل " المحبة متى تكسر سيف
الفضول؟ يا " ابن أدهم " الجد: دخلت شهور الحج فما قعودك " ببلخ " .
هَل لَكَ بِالنازِلينَ أَرضَ مِنىً ... يا عِلمُ الشَوقِ بَعدَنا عِلمُ
؟
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى