صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
مَكْرُوهٍ إنْ كَانَ
مِنْهُ وَكَانَ إذَا بَلَغَهُ عَنْ رَجُلٍ صَلَاحٌ أَوْ زُهْدٌ أَوْ
اتِّبَاعُ الْأَثَرِ سَأَلَ عَنْهُ وَأَحَبَّ أَنْ يُجْرِيَ بَيْنَهُ
وَبَيْنَهُ مَعْرِفَةً وَكَانَ رَجُلًا وَطِيئًا إذَا كَانَ حَدِيثٌ لَا
يَرْضَاهُ اضْطَرَبَ لِذَلِكَ وَتَبَيَّنَ التَّغْيِير فِي وَجْهِهِ
غَضَبًا لِلَّهِ وَلَا يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ وَلَا يَنْتَصِرُ لَهَا
فَإِذَا كَانَ فِي أَمْرٍ مِنْ الدِّينِ اشْتَدَّ غَضَبُهُ لَهُ وَكَانَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَسَنَ الْجِوَارِ يُؤْذَى فَيَصْبِرُ وَيَحْتَمِلُ
الْأَذَى مِنْ الْجِيرَانِ .
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ
يُونُسَ رَأَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ
صَلَّى الْغَدَاةَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ وَقَالَ لَا تَتْبَعُونِي مَرَّةً
أُخْرَى وَكَانَ يَمْشِي وَحْدَهُ مُتَوَاضِعًا وَقَالَ ابْنُ هَانِئٍ
رَأَيْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إذَا لَقِيَ امْرَأَتَيْنِ فِي الطَّرِيقِ
وَكَانَ طَرِيقُهُ بَيْنَهُمَا وَقَفَ وَلَمْ يَمُرَّ حَتَّى يَجُوزَا .
وَعَنْ
أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ { سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدُ فَاخْتَلَطَ
الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ : اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ
لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ ، عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ
الطَّرِيقِ فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْصَقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إنَّ
ثَوْبَهَا لَيَعْلَقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ } رَوَاهُ أَبُو
دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ شَدَّادِ بْنِ أَبِي عَمْرو بْنِ حِمَاشٍ تَفَرَّدَ
عَنْهُ أَبُو الْيَمَانِ الرَّحَّالُ الْمَدَنِيُّ وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ
حِبَّانَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ أَنْ يَرْكَبْنَ حَقَّهَا وَهُوَ
وَسْطُهَا يُقَالُ سَقَطَ عَلَى حَاقِّ الْقَفَا وَحَقِّهِ .
وَعَنْ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
نَهَى أَنْ يَمْشِيَ الرَّجُلُ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ } رَوَاهُ أَبُو
دَاوُد وَالْخَلَّالُ مِنْ رِوَايَةِ دَاوُد بْنِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ
أَبُو زُرْعَةَ لَا أَعْرِفُهُ إلَّا بِهَذَا الْخَبَرِ ، وَهُوَ مُنْكَرٌ
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ لَا يُتَابَعُ
عَلَيْهِ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ
الْحَرْبِيُّ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ كَأَنَّهُ رَجُلٌ قَدْ وُفِّقَ
لِلْأَدَبِ ، وَسُدِّدَ بِالْحِلْمِ ، وَمُلِئَ بِالْعِلْمِ ، أَتَاهُ
رَجُلٌ يَوْمًا فَقَالَ عِنْدَك كِتَابُ زَنْدَقَةٍ ؟ فَسَكَتَ سَاعَةً
ثُمَّ قَالَ : إنَّمَا يَحْرُزُ الْمُؤْمِنُ قَبْرَهُ .
وَقَالَ
الْخَلَّالُ ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ يَعْنِي الْمَعْرُوفَ
بِلُؤْلُؤٍ قَالَ حَضَرَ مَجْلِسَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ كَبْشُ
الزَّنَادِقَةِ فَقُلْت لَهُ أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ أَنْتَ فِي مَجْلِسِ
أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَا تَصْنَعُ ؟ فَسَمِعَنِي أَحْمَدُ فَقَالَ مَالَك
؟ فَقُلْت هَذَا عَدُوُّ اللَّهِ كَبْشُ الزَّنَادِقَةِ قَدْ حَضَرَ
الْمَجْلِسَ ، فَقَالَ مَنْ أَمَرَكُمْ بِهَذَا عَمَّنْ أَخَذْتُمْ هَذَا
؟ دَعُوا النَّاسَ يَأْخُذُونَ الْعِلْمَ وَيَنْصَرِفُونَ لَعَلَّ اللَّهَ
يَنْفَعُهُمْ بِهِ .
ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَخْضَرِ فِي تَرْجَمَتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ .
وَقَالَ
أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ
اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُنَادِي سَمِعْت جَدِّي يَقُولُ : كَانَ أَبُو
عَبْدِ اللَّهِ مِنْ أَحْيَا النَّاسِ ، وَأَكْرَمِهِمْ نَفْسًا
وَأَحْسَنِهِمْ عِشْرَةً وَأَدَبًا كَثِيرَ الْإِطْرَاقِ وَالْغَضِّ ،
مُعْرِضًا عَنْ الْقَبِيحِ وَاللَّغْوِ ، لَا يُسْمَعُ مِنْهُ إلَّا
الْمُذَاكَرَةُ بِالْحَدِيثِ وَالرِّجَالِ وَالطُّرُقِ وَذِكْرِ
الصَّالِحِينَ وَالزُّهَّادِ ، فِي وَقَارٍ وَسُكُونٍ وَلَفْظٍ حَسَنٍ ،
وَإِذَا لَقِيَهُ إنْسَانٌ بَشَّ بِهِ وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ وَكَانَ
يَتَوَاضَعُ تَوَاضُعًا شَدِيدًا ، وَكَانُوا يُكْرِمُونَهُ
وَيُعَظِّمُونَهُ وَيُحِبُّونَهُ .
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ : كُنَّا
فِي مَجْلِسِ أَبِي مُوسَى بِشْرِ بْنِ مُوسَى يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ بْنَ
شَيْخٌ بْنَ عَمِيرَةَ الْأَسَدِيَّ وَمَعَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ
سُرَيْج الْفَقِيهُ الْقَاضِي فَخَاضُوا فِي ذِكْرِ مُحَمَّدِ بْنِ
جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ وَإِنَّهُ لَمْ يُدْخِلْ ذِكْرَ أَحْمَدَ بْنِ
حَنْبَلٍ فِي كِتَابِهِ الَّذِي أَلَّفَهُ فِي اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ .
فَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ وَهَلْ أُصُولُ الْفِقْهِ إلَّا
مَا كَانَ يُحْسِنُهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ؟
حِفْظُ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَالْمَعْرِفَةُ بِسُنَّتِهِ .
وَاخْتِلَافُ
الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَقَالَ
الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ اللَّيْثِ الرَّازِيّ كُنْت فِي مَجْلِسِ
أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَقَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ
أَهْلِ الرَّأْيِ يُقَالُ لَهُ بِشْرٌ ، فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ
عِنْدَنَا شَابٌّ بِالرَّيِّ يُقَالُ لَهُ أَبُو زُرْعَةَ نَكْتُبُ عَنْهُ
؟ فَنَظَرَ أَحْمَدُ إلَيْهِ كَالْمُنْكِرِ لِقَوْلِهِ شَابٌّ فَقَالَ :
نِعْمَ الثِّقَةُ الْمَأْمُونُ أَعْلَى اللَّهُ كَعْبَهُ ، نَصَرَهُ
اللَّهُ عَلَى أَعْدَائِهِ .
فَلَمَّا قَدِمْت الرَّيَّ أَخْبَرْت
أَبَا زُرْعَةَ فَاسْتَعْبَرَ وَقَالَ : وَاَللَّهِ إنِّي لَأَكُونُ فِي
الْأَمْرِ الْعَظِيمِ مِنْ أَذَى الْجَهْمِيَّةِ فَأَتَوَقَّعُ الْفَرَجَ
بِدُعَاءِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ .
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ سَمِعْت
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُول : قَدْ جَاءَنِي أَبُو عَلِيِّ بْنُ يَحْيَى
بْنُ خَاقَانَ فَقَالَ لِي : إنَّ كِتَابًا جَاءَ فِيهِ : إنَّ أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ يَعْنِي الْمُتَوَكِّلَ يُقْرِئُك السَّلَامَ وَيَقُولُ
لَك لَوْ سَلِمَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ لَسَلِمْت أَنْتَ ، هَهُنَا رَجُلٌ
قَدْ رَفَعَ عَلَيْك وَهُوَ فِي أَيْدِينَا مَحْبُوسٌ رَفَعَ عَلَيْك
أَنَّ عَلَوِيًّا قَدْ تَوَجَّهَ مِنْ أَرْضِ خُرَاسَانَ وَقَدْ بَعَثْت
بِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِك يَتَلَقَّاهُ فَإِنْ شِئْت ضَرَبْته وَإِنْ
شِئْت حَبَسْته ، وَإِنْ شِئْت بَعَثْته إلَيْك قَالَ أَبُو عَبْدِ
اللَّهِ فَقُلْت لَهُ مَا أَعْرِفُ مِمَّا قَالَ شَيْئًا وَأَرَى أَنْ
تُطْلِقُوهُ وَلَا تَعَرَّضُوا لَهُ .
وَقَالَ لَمَّا سُيِّرَ عَامِرُ
بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ إلَى الشَّامِ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَحَوْلَهُ
بِالْمِرْبَدِ فَقَالَ : إنِّي دَاعٍ فَأَمِّنُوا ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ
مَنْ سَعَى لِي فَأَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَأَطِلْ عُمْرَهُ
وَاجْعَلْهُ مُوَطَّأَ الْعَقِبَيْنِ .
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ
أَخْبَرْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ سَفِيهٍ يَتَكَلَّمُ
وَيُؤْذِي قَالَ لَا تَعَرَّضُوا لَهُ إنَّهُ مَنْ لَمْ يُقِرَّ بِقَلِيلِ
مَا يَأْتِي بِهِ السَّفِيهُ أَقَرَّ بِالْكَثِيرِ .
وَرَوَى
الْخَلَّالُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخِطْمِيِّ عَنْ جَدِّهِ عَمْرو بْنِ
حَبِيبٍ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ أَنَّهُ أَوْصَى بَنِيهِ فَقَالَ
إيَّاكُمْ وَمُجَالَسَةَ السُّفَهَاءِ فَإِنَّ مُجَالَسَتَهُمْ دَاءٌ
وَإِنَّهُ مَنْ لَمْ يُقِرَّ بِقَلِيلِ مَا يَأْتِي بِهِ السَّفِيهُ
يُقِرّ بِالْكَثِيرِ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ قَالَتْ الْحُكَمَاءُ
السَّفَهُ نُبَاحُ الْإِنْسَانِ .
وَقَالَ الشَّاعِرُ : وَمَنْ يَعَضُّ
الْكَلْبَ إنْ عَضَّا وَأَنْتَ تَرَى السَّبْع إذَا مَرَّ بِهِ السِّبَاعُ
فِي السُّوقُ كَيْفَ تَنْبَحُهُ الْكِلَابُ وَتَقْرَبُ مِنْهُ وَلَا
يَلْتَفِتُ وَلَا يَعُدُّهَا شَيْئًا إذْ لَوْ الْتَفَتَ كَانَ نَظِيرًا ،
وَمَتَى أَمْسَكَ عَنْ الْجَاهِلِ عَادَ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْعَقْل
مُوَبَّخًا عَلَى قُبْحِ مَا أَتَى بِهِ ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ الْخَلْقُ
لَائِمِينَ لَهُ عَلَى سُوءِ أَدَبِهِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يُجِيبُهُ
وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ : وَأَغْيَظُ مَنْ نَادَاكَ مَنْ لَا تُجِيبُهُ
وَمَا نَدِمَ حَلِيمٌ وَلَا سَاكِتٌ وَإِنَّمَا يَنْدَمُ الْمُقْدِمُ
عَلَى الْمُقَابَلَةِ وَالنَّاطِقُ فَإِنْ شِئْت فَاحْتَسِبْ سُكُوتَك
عَنْ السَّفِيهِ أَجْرًا لَك ، وَإِنْ شِئْت فَاعْدُدْهُ احْتِرَازًا مِنْ
أَنْ تَقَعَ فِي إثْمٍ ، وَإِنْ شِئْت كَانَ احْتِقَارًا لَهُ ، وَإِنْ
شِئْت كَانَ سُكُوتُك سَبَبًا لَمُعَاوَنَةِ النَّاسِ لَك ، وَإِنْ
تَلَمَّحْتَ الْقَدَرَ عَلِمْت أَنَّهُ مَا يُسَلَّطُ إلَّا مُسَلِّطٌ
فَرَأَيْت الْفِعْلَ مِنْ غَيْرِهِ إمَّا عُقُوبَةً وَإِمَّا مَثُوبَةً .
وَرَوَى
أَبُو دَاوُد حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ أَنْبَأْنَا اللَّيْثُ عَنْ
سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُحْرِزِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ : { بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ وَقَعَ رَجُلٌ فِي أَبِي
بَكْرٍ ، فَآذَاهُ فَصَمَتَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ آذَاهُ
الثَّانِيَةَ فَصَمَتَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ آذَاهُ الثَّالِثَةَ
فَانْتَصَرَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ حِينَ انْتَصَرَ
أَبُو بَكْرٍ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَوْجَدْت عَلَيَّ يَا رَسُولَ
اللَّهِ ؟ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نَزَلَ
مَلَكٌ مِنْ السَّمَاءِ يُكَذِّبُهُ لَمَّا قَالَ لَك فَلَمَّا انْتَصَرْت
وَقَعْ الشَّيْطَانُ ، فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إذَا وَقَعَ الشَّيْطَانُ
} ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ ثنا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ
عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ
رَجُلًا كَانَ يَسُبُّ أَبَا بَكْرٍ وَسَاقَ نَحْوَهُ .
قَالَ أَبُو
دَاوُد وَكَذَلِكَ رَوَاهُ صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ
كَمَا قَالَ سُفْيَانُ إسْنَادٌ جَيِّدٌ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ مِنْ
مَرَاسِيلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَبَشِيرٍ تَفَرَّدَ عَنْهُ
الْمَقْبُرِيُّ .
ثُمَّ رَوَى أَبُو دَاوُد فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ
بَاب الِانْتِصَارِ عَنْ عُبَيْدِ بْن مُعَاذِ وَالْقَوَارِيرِيِّ عَنْ
مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ ثنا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ : كُنْت أَسْأَلُ عَنْ
الِانْتِصَارِ : { وَلَمَنْ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا
عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ } .
فَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ بْنِ
جُدْعَانَ عَنْ أُمِّ مُحَمَّدٍ امْرَأَةِ أَبِيهِ قَالَ ابْنُ عَوْنٍ :
وَزَعَمُوا أَنَّهَا كَانَتْ تَدْخُلُ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ
: قَالَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ { دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَنَا زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فَجَعَلَ
يَصْنَعُ شَيْئًا بِيَدِهِ حَتَّى فَطِنْته لَهَا فَأَمْسَكَ فَأَقْبَلَتْ
زَيْنَبُ تُفْحِمُ لِعَائِشَةَ فَأَبَتْ أَنْ تَنْتَهِيَ فَقَالَ
لِعَائِشَةَ سُبِّيهَا فَغَلَبَتْهَا فَانْطَلَقَتْ زَيْنَبُ إلَى عَلِيٍّ
فَقَالَتْ : إنَّ عَائِشَةَ وَقَعَتْ بِكُمْ فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ فَقَالَ
لَهَا : إنَّهَا حِبَّةُ أَبِيك وَرَبِّ الْكَعْبَةِ فَانْصَرَفَ
فَقَالَتْ لَهُمْ : إنِّي قُلْت كَذَا وَكَذَا ، فَقَالَ لِي : كَذَا
وَكَذَا .
قَالَتْ : وَجَاءَ عَلِيٌّ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَهُ فِي ذَلِكَ } أُمُّ مُحَمَّدٍ تَفَرَّدَ
عَنْهَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ وَعَلِيٌّ ، حَدِيثُهُ حَسَنٌ وَلِأَبِي
دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ { وَإِنْ
امْرُؤٌ شَتَمَك أَوْ عَيَّرَك بِمَا يَعْلَمُ فِيك فَلَا تُعَيِّرْهُ
بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ ، يَكُنْ وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ } وَلِأَحْمَدَ
هَذَا
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الْمَعْنَى وَفِيهِ { فَيَكُونُ أَجْرُهُ لَك وَوِزْرُهُ
عَلَيْهِ } .
وَرَوَى
أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ ثنا أَبُو بَكْرٍ عَنْ
الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْوَالِبِيِّ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ
مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَسَبَّ رَجُلٌ رَجُلًا عِنْدَهُ فَجَعَلَ الرَّجُلُ
الْمَسْبُوبُ يَقُولُ : عَلَيْك السَّلَامُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَا إنَّ مَلَكًا بَيْنَكُمَا
يَذُبُّ عَنْك ، كُلَّمَا شَتَمَك هَذَا قَالَ لَهُ بِك أَنْتَ وَأَنْتَ
أَحَقُّ بِهِ ، وَإِذَا قَالَ لَهُ عَلَيْك السَّلَامُ قَالَ : لَا بَلْ
أَنْتَ أَحَقُّ بِهِ } وَكُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَأَبُو بَكْرٍ هُوَ ابْنُ
عَيَّاشٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَبَا خَالِدٍ لَمْ يُدْرِكْ النُّعْمَانَ .
وَرَوَى
أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ فِي الْأَدَبِ لَهُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : إنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ ،
وَالْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ مَنْ يَتَحَرَّ الْخَيْرَ يُعْطَهُ ، وَمَنْ
يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ .
وَرَوَى أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ
بْنِ أَبْجَرَ قَالَ انْتَهَى الشَّعْبِيُّ إلَى رَجُلَيْنِ وَهُمَا
يَغْتَابَانِهِ وَيَقَعَانِ فِيهِ فَقَالَ : هَنِيئًا مَرِيئًا غَيْرَ
دَاءٍ مُخَامِرٍ لِعَزَّةِ مِنْ أَعْرَاضِنَا مَا اسْتَحَلَّتْ .
وَرَوَى
أَيْضًا عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : لَا حِلْمَ أَحَبُّ
إلَى اللَّهِ مِنْ حِلْمِ إمَامٍ وَرِفْقِهِ ، وَلَا جَهْلَ أَبْغَضُ إلَى
اللَّهِ مِنْ جَهْلِ إمَامٍ وَحِدَّتِهِ ، وَمَنْ يُنْصِفُ النَّاسَ مِنْ
نَفْسِهِ يُعْطَ الظَّفَرَ مِنْ أَمْرِهِ ، وَالذُّلُّ فِي الطَّاعَة
أَقْرَبُ إلَى الْمُؤْمِنِ مِنْ التَّقْرِيبِ فِي الْمَعْصِيَةِ .
وَرَوَى
أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : مَا بَلَغَنِي مِنْ أَحَدٍ مَكْرُوهٌ
إلَّا أَنْزَلْته إحْدَى ثُلَاثِ مَنَازِلَ ، إنْ كَانَ فَوْقِي عَرَفْت
لَهُ قَدْرَهُ ، وَإِنْ كَانَ نَظِيرِي تَفَضَّلْت عَلَيْهِ ، وَإِنْ
كَانَ دُونِي لَمْ أَحْفَلْ بِهِ ، هَذِهِ سِيرَتِي فِي نَفْسِي فَمَنْ
رَغِبَ عَنْهَا فَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي
الْفُنُونِ وَذَكَرَ قَوْلَ الْمَجْنُونِ : حَلَالٌ
لِلَيْلَى
شَتْمُنَا وَانْتِقَاصُنَا هَنِيئًا وَمَغْفُورًا لِلَيْلَى ذُنُوبُهَا
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَكَانَ يُقَالُ : الْغَالِبُ فِي الشَّرِّ
مَغْلُوبٌ ، شَتَمَ رَجُلٌ أَبَا ذَرٍّ فَقَالَ لَهُ يَا هَذَا لَا
تُغْرِقَنَّ فِي شَتْمِنَا وَدَعْ لِلصُّلْحِ مَوْضِعًا ، فَإِنَّا لَا
نُكَافِئُ مَنْ عَصَى اللَّهَ فِينَا بِأَكْثَرَ مِنْ أَنْ نُطِيعَ
اللَّهَ فِيهِ .
أَعْطَى الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا شَاعِرًا فَقِيلَ لَهُ : لِمَ تُعْطِي مَنْ يَقُولُ
الْبُهْتَانَ ، وَيَعْصِي الرَّحْمَنَ ؟ فَقَالَ : إنَّ خَيْرَ مَا
بَذَلْت مِنْ مَالِكَ مَا وَقَيْت بِهِ مِنْ عِرْضِكَ ، وَمَنْ ابْتَغَى
الْخَيْرَ اتَّقَى الشَّرَّ .
قَالَ الشَّاعِرُ : مَا بَقِيَ عَنْك
قَوْمًا أَنْتَ خَائِفُهُمْ كَمِثْلِ دَفْعِك جُهَّالًا بِجُهَّالِ
قَعِّسْ إذَا حَدِبُوا وَاَحْدُبْ إذَا قَعَسُوا وَوَازِنْ الشَّرَّ
مِثْقَالًا بِمِثْقَالِ الْقَعَسُ خُرُوجُ الصَّدْرِ وَدُخُولُ الظَّهْرِ
وَهُوَ ضِدُّ الْحَدَبِ ، يُقَالُ رَجُلٌ قَعْسٌ وَقَعِيسٌ وَمُتَقَاعِسٌ
وَقَالَ آخَرُ : لَعَمْرُكَ مَا سَبَّ الْأَمِيرَ عَدُوُّهُ وَلَكِنَّمَا
سَبَّ الْأَمِيرَ الْمُبَلِّغُ وَقَالَ آخَرُ حَلَالٌ لِلَيْلَى شَتْمُنَا
وَانْتِقَاصُنَا هَنِيئًا وَمَغْفُورًا لِلَيْلَى ذُنُوبُهَا وَيَأْتِي
مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا بِالْقُرْبِ مِنْ نِصْفِ الْكِتَابِ فِيمَا
يَتَعَلَّقُ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ قَبْلَ ذِكْرِهِ الزَّهْدَ وَقَالَ
ابْنُ هُبَيْرَةَ الْحَنْبَلِيُّ الْوَزِيرُ لِيَكُنْ غَايَةُ أَمَلِكَ
مِنْ عَدُوِّك الْإِنْصَافَ فَمَتَى طَلَبْته مِنْهُ كَانَ سَائِرُ
الْخَلْقِ عَوْنًا لَك ، فَأَمَّا أَخُوك وَصَدِيقُك فَعَامِلْهُمَا
بِالْفَضْلِ وَالْمُسَامَحَةِ لَا بِالْعَدْلِ .
وَقَالَ أَبُو
عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ فِي الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي أَثْنَاءِ
كَلَامٍ لَهُ فَبَارَكَ اللَّهُ فِيمَا أَعْطَاهُ مِنْ الْحِلْمِ
وَالْعِلْمِ وَالْفَهْمِ وَإِنَّهُ لَكَمَا قَالَ مُطْرِيهِ : يَرِينُكَ
إمَّا غَابَ عَنْك فَإِنْ دَنَا رَأَيْت لَهُ وَجْهًا يَسُرُّك مُقْبِلَا
يُعَلِّمُ هَذَا الْخَلْقَ مَا شَذَّ عَنْهُمْ مِنْ الْأَدَبِ
الْمَجْهُولِ كَهْفًا وَمَعْقِلَا وَيَحْسُرُ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ إذَا
رَأَى مُضِيمًا لِأَهْلِ الْحَقِّ لَا
يَسْأَمُ الْبِلَى
وَإِخْوَانُهُ الْأَدْنَوْنَ كُلٌّ مُوَفَّقٌ بَصِيرٌ بِأَمْرِ اللَّهِ
يَسْمُو إلَى الْعُلَى وَقَالَ الْخَلَّالُ ثنا الْمَرُّوذِيُّ قَالَ :
قَالَ لِي أَحْمَدُ مَا كَتَبْت حَدِيثًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا وَقَدْ عَمِلْتُ بِهِ حَتَّى مَرَّ بِي فِي
الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
احْتَجَمَ وَأَعْطَى أَبَا طَيْبَةَ دِينَارًا } ، فَأَعْطَيْت
الْحَجَّامَ دِينَارًا حِينَ احْتَجَمْتُ .
وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ
إسْمَاعِيلَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ كَانَ يَجْتَمِعُ فِي مَجْلِسِ
أَحْمَدَ زُهَاءُ عَلَى خَمْسَةِ آلَافٍ ، أَوْ يَزِيدُونَ ، أَقَلُّ مِنْ
خَمْسِمِائَةٍ يَكْتُبُونَ ، وَالْبَاقِي يَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ حُسْنَ
الْأَدَبِ وَحُسْنَ السَّمْتِ .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ
كُنَّا نَهَابُ أَنْ نُرَادَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ فِي الشَّيْءِ أَوْ
نُحَاجَّهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ ، يَعْنِي لِجَلَالَتِهِ
وَلِهَيْبَةِ الْإِسْلَامِ الَّذِي رُزِقَهُ .
وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ
مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَنْظَفَ ثَوْبًا وَلَا أَشَدَّ تَعَاهُدًا
لِنَفْسِهِ فِي شَارِبِهِ وَشَعْرِ رَأْسِهِ وَشَعْرِ بَدَنِهِ وَلَا
أَنْقَى ثَوْبًا وَأَشَدَّ بَيَانًا مِنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ .
وَقَالَتْ
فَاطِمَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي بَيْتِ
أَخِي صَالِحٍ وَكَانَ قَدْ تَزَوَّجَ إلَى قَوْمٍ مَيَاسِيرَ فَحَمَلُوا
إلَيْهِ جِهَازًا شَبِيهًا بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِينَارٍ فَأَكَلَتْهُ
النَّارُ فَجَعَلَ صَالِحٌ يَقُولُ مَا غَمَّنِي مَا ذَهَبَ مِنِّي إلَّا
ثَوْبُ أَبِي كَانَ يُصَلَّى فِيهِ أَتَبَرَّكُ بِهِ وَأُصَلِّي فِيهِ ،
قَالَتْ فَطُفِئَ الْحَرِيقُ وَدَخَلُوا فَوَجَدُوا الثَّوْبَ عَلَى
سَرِيرٍ قَدْ أَكَلَتْ النَّارُ مَا حَوْلَهُ وَالثَّوْبُ سَالِمٌ قَالَ
ابْنُ الْجَوْزِيّ : وَهَكَذَا بَلَغَنِي عَنْ قَاضِي الْقُضَاةِ عَلِيِّ
بْنِ الْحُسَيْنِ الزَّيْنَبِيِّ أَنَّهُ حَكَى أَنَّ الْحَرِيقَ وَقَعَ
فِي دَارِهِمْ فَاحْتَرَقَ مَا فِيهَا إلَّا كِتَابٌ فِيهِ شَيْءٌ بِخَطِّ
أَحْمَدَ .
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : وَلَمَّا وَقَعَ الْغَرَقُ بِبَغْدَادَ سَنَةَ
أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ وَغَرِقَتْ
كُتُبِي
سَلِمَ لِي مُجَلَّدٌ فِيهِ وَرَقَتَانِ مِنْ خَطِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ
رَحِمَهُ اللَّهُ انْتَهَى كَلَامُهُ ، وَفِي قَصِيدَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ
فُلَانٍ التِّرْمِذِيّ الَّذِي أَنْشَدَهَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْن
حَنْبَلٍ وَهُوَ فِي السِّجْنِ فِي الْمِحْنَةِ يَقُولُ فِيهَا : إذَا
مُيِّزَ الْأَشْيَاخُ يَوْمًا وَحَصَّلُوا فَأَحْمَدُ مِنْ بَيْنِ
الْمَشَايِخِ جَوْهَرُ فَيَا أَيُّهَا السَّاعِي لِيُدْرِكَ شَأْوَهُ
رُوَيْدَك عَنْ إدْرَاكِهِ سَتُقَصِّرُ حَمَى نَفْسَهُ الدُّنْيَا وَقَدْ
سَنَحَتْ لَهُ فَمَنْزِلُهُ إلَّا مِنْ الْقُوتِ مُقْفِرُ فَإِنْ يَكُ فِي
الدُّنْيَا مُقِلًّا فَإِنَّهُ مِنْ الْأَدَبِ الْمَحْمُودِ وَالْعِلْمِ
مُكْثِرُ وَرُوِيَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقٍ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ مِنْ مِصْرَ كِتَابًا وَأَعْطَاهُ لِلرَّبِيعِ بْنِ
سَلْمَانَ وَقَالَ : اذْهَبْ بِهِ إلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ
بْنِ حَنْبَلٍ وَأْتِنِي بِالْجَوَابِ فَجَاءَ بِهِ إلَيْهِ فَلَمَّا
قَرَأَهُ تَغَرْغَرَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ
ذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي الْمَنَامِ وَقَالَ لَهُ اُكْتُبْ إلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ
بْنِ حَنْبَلٍ وَاقْرَأْ عَلَيْهِ مِنِّي السَّلَامَ وَقُلْ لَهُ إنَّك
سَتُمْتَحَنُ وَتُدْعَى إلَى خَلْقِ الْقُرْآنِ وَلَا تُجِبْهُمْ يَرْفَعْ
اللَّهُ لَك عَلَمًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَقَالَ لَهُ الرَّبِيعُ
الْبِشَارَةَ فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ الَّذِي يَلِي جِلْدَهُ وَجَوَابَ
الْكِتَابِ ، فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِيُّ أَيُّ شَيْءٍ رُفِعَ إلَيْكَ
قَالَ : الْقَمِيصُ الَّذِي يَلِي جِلْدَهُ قَالَ لَيْسَ نَفْجَعُكَ بِهِ
، وَلَكِنْ بُلَّهُ وَادْفَعْ إلَيْنَا الْمَاءَ حَتَّى نُشْرِكَك فِيهِ .
وَفِي
بَعْضِ الطُّرُقِ قَالَ الرَّبِيعُ فَغَسَلْتَهُ وَحَمَلْت مَاءَهُ
إلَيْهِ فَتَرَكَهُ فِي قِنِّينَةٍ وَكُنْتُ أَرَاهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ
يَأْخُذُ مِنْهُ فَيَمْسَحُ عَلَى وَجْهِهِ تَبَرُّكًا بِأَحْمَدَ بْنِ
حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ
الدَّيْنِ كَذَبُوا عَلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ حِكَايَاتٍ فِي السُّنَّةِ
وَالْوَرِعِ وَذِكْرُهُ هَذِهِ الْحِكَايَةَ وَحِكَايَةَ
امْتِنَاعِهِ
مِنْ الْخُبْزِ الَّذِي خُبِزَ فِي بَيْتِ ابْنِهِ صَالِحٍ لَمَّا
تَوَلَّى الْقَضَاءَ ؟ وَدُفِعَ إلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ كِتَابٌ مِنْ
رَجُلٍ يَسْأَلُهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ فَقَالَ فَإِذَا دَعَوْنَا لِهَذَا
فَنَحْنُ مَنْ يَدْعُو لَنَا ؟ .
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
فَصْلٌ ( فِي حُسْنِ الْجِوَارِ )
وَرَوَى الْمَرُّوذِيُّ عَنْ الْحَسَنِ لَيْسَ حُسْنُ الْجِوَارِ كَفَّ
الْأَذَى ، حُسْنُ الْجِوَارِ الصَّبْرُ عَلَى الْأَذَى .
وَرَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ فِي الْأَدَبِ لَهُ عَنْ
الشَّعْبِيِّ .
وَفِي
الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ { مَا
زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ
سَيُوَرِّثُهُ } وَفِيهِمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ { مَنْ كَانَ
يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ ، وَمَنْ
كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ } .
وَلِمُسْلِمِ
أَيْضًا { فَلْيُحْسِنْ إلَى جَارِهِ } رَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ
أَبِي شُرَيْحٍ الْعَدَوِيِّ وَلِأَحْمَدَ { فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ }
وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ { فَلْيَحْفَظْ
جَارَهُ } .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ {
وَاَللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاَللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاَللَّهِ لَا يُؤْمِنُ
مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ } وَلِمُسْلِمٍ أَيْضًا { لَا
يَدْخُلُ الْجَنَّةَ } .
وَرَوَى أَبُو دَاوُد ثنا الرَّبِيعُ بْنُ
نَافِعٍ بْنِ تَوْبَةَ ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حِبَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ { جَاءَ رَجُلٌ إلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْكُو جَارَهُ فَقَالَ
اذْهَبْ فَاصْبِرْ فَآتَاهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَقَالَ اذْهَبْ
فَاطْرَحْ مَتَاعَهُ فِي الطَّرِيقِ فَطَرَحَ مَتَاعَهُ فِي الطَّرِيقِ
فَجَعَلَ النَّاسَ يَسْأَلُونَهُ فَيُخْبِرُهُمْ خَبَرَهُ فَجَعَلَ
النَّاسُ يَلْعَنُونَهُ : فَعَلَ اللَّهُ بِهِ وَفَعَلَ ، فَجَاءَ إلَيْهِ
جَارُهُ فَقَالَ لَهُ ارْجِعْ لَا تَرَى مِنِّي شَيْئًا تَكْرَهُهُ } .
إسْنَادُهُ
جَيِّدٌ وَمُحَمَّدُ حَسَنُ الْحَدِيثِ وَلَهُ أَيْضًا وَلِلتِّرْمِذِيِّ
وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو أَنَّهُ ذَبَحَ
شَاةً فَقَالَ أَهْدَيْتُمْ لِجَارِنَا الْيَهُودِيِّ ؟ فَإِنِّي سَمِعْت
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : { مَا زَالَ
جِبْرِيلُ } الْحَدِيثَ .
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ فِي الْكُنَى :
أَبُو
عُمَرَ هُوَ الْبَجَلِيُّ قَالَ عَلِيُّ بْنَ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ ثَنَا
شَرِيكٌ عَنْ أَبِي عُمَرَ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ { شَكَا رَجُلٌ
إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَارَهُ فَقَالَ
احْمِلْ مَتَاعَك فَضَعْهُ عَلَى الطَّرِيقِ فَمَنْ مَرَّ بِهِ يَلْعَنُهُ
فَجَاءَ بِهِ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ
مَا لَقِيت مِنْ النَّاسِ قَالَ لَعْنَةَ اللَّهِ فَوْقَ لَعْنَتِهِمْ }
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ
اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ جَارِ سَوْءٍ عَيْنُهُ تَرَانِي
وَقَلْبُهُ لَا يَنْسَانِي .
وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مَكْتُوبٌ فِي
التَّوْرَاةِ : إنَّ أَحَسَدَ النَّاسِ لِلْعَالِمِ وَأَبْغَاهُمْ
عَلَيْهِ قَرَابَتُهُ وَجِيرَانُهُ وَقَالَ عِكْرِمَةُ أَزْهَدُ النَّاسِ
فِي عَالِمٍ جِيرَانُهُ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ كَعْبِ
الْأَحْبَارِ : فِي الْكِتَابِ الْمُنَزَّلِ الْأَوَّلِ أَزْهَدُ النَّاسِ
فِي عَالِمٍ جِيرَانُهُ .
قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَرُوِيَ
مَرْفُوعًا وَلَا يَصِحُّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَقَالَ رَجُلٌ
لِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَاَللَّهِ إنِّي أُحِبُّك : فَقَالَ وَلِمَ لَا
تُحِبُّنِي وَلَسْت لِي بِجَارٍ وَلَا ابْنِ عَمٍّ ؟ كَانَ يُقَال
الْحَسَدُ فِي الْجِيرَانِ وَالْعَدَاوَةُ فِي الْأَقَارِبِ .
قَالَ
الشَّاعِرُ : أَنْتَ حِلِّي وَأَنْتَ حُرْمَةُ جَارِي وَحَقِيقٌ عَلَيَّ
حِفْظُ الْجِوَارِ إنَّ لِلْجَارِ إنْ تَغَيَّبَ عَيْنًا حَافِظًا
لِلْمَغِيبِ وَالْأَسْرَارِ مَا أُبَالِي إنْ كَانَ لِلْبَابِ سِتْرٌ
مُسْبَلٌ أَمْ بَقِيَ بِغَيْرِ سِتَارِ وَقَالَ آخَرُ : نَارِي وَنَارُ
الْجَارِ وَاحِدَةٌ وَإِلَيْهِ قَبْلِي تَنْزِلُ الْقِدْرُ مَا ضَرَّ
جَارًا لِي أُجَاوِرُهُ أَنْ لَا يَكُونَ لِبَابِهِ سِتْرُ أَعْمَى إذَا
مَا جَارَتِي بَرَزَتْ حَتَّى تُوَارِي جَارَتِي الْجُدْرُ وَقَالَ آخَرُ
: أَقُول لِجَارِي إذْ أَتَأْنِي مُعَاتِبًا مُدِلًّا بِحَقٍّ أَوْ
مُدِلًّا بِبَاطِلِ إذَا لَمْ يَصِلْ خَيْرِي وَأَنْتَ مُجَاوِرٌ إلَيْكَ
فَمَا شَرِّي إلَيْكَ بِوَاصِلِ وَمِنْ كَلَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي
طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْجَارُ قَبْلَ الدَّارِ وَالرَّفِيقُ
قَبْلَ
الطَّرِيقِ .
أَخَذَهُ الشَّاعِرُ فَقَالَ : يَقُولُونَ
قَبْلَ الدَّارِ جَارٌ مُوَافِقٌ وَقَبْلَ الطَّرِيقِ النَّهْجِ أُنْسُ
رَفِيقِ وَقَالَ آخَرُ : اُطْلُبْ لِنَفْسِكَ جِيرَانًا تُجَاوِرُهُمْ لَا
تَصْلُحُ الدَّارُ حَتَّى يَصْلُحَ الْجَارُ وَقَالَ آخَرُ :
يَلُومُونَنِي إذْ بِعْت بِالرُّخْصِ مَنْزِلًا وَلَمْ يَعْرِفُوا جَارًا
هُنَاكَ يُنَغِّصُ فَقُلْت لَهُمْ كُفُّوا الْمَلَامَ فَإِنَّهَا
بِجِيرَانِهَا تَغْلُو الدِّيَارُ وَتَرْخُصُ وَقَالَ الْحَسَنُ
الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : إلَى جَنْبِ كُلِّ مُؤْمِنٍ مُنَافِقٌ
يُؤْذِيه وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ
حَقِّ الْجَارِ أَنْ تَبْسُطَ إلَيْهِ مَعْرُوفَك وَتَكُفَّ عَنْهُ آذَاك
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لِلْعَبَّاسِ مَا بَقِيَ مِنْ كَرَمِ
إخْوَانِك ؟ قَالَ الْإِفْضَالُ عَلَى الْإِخْوَانِ ، وَتَرْكُ أَذَى
الْجِيرَانِ قَالَ الشَّاعِرُ : سُقْيًا وَرَعْيًا لِأَقْوَامٍ نَزَلْتُ
بِهِمْ كَأَنَّ دَارَ اغْتِرَابِي عِنْدَهُمْ وَطَنِي إذَا تَأَمَّلْت
مِنْ أَخْلَاقِهِمْ خُلُقًا عَلِمْت أَنَّهُمْ مِنْ حِلْيَةِ الزَّمَنِ
وَقَالَ آخَرُ : إذَا مَا رَفِيقِي لَمْ يَكُنْ خَلْفَ نَاقَتِي لَهُ
مَرْكَبُ فَضْلٍ فَلَا حَمَلَتْ رَحْلِي وَلَمْ يَكُ مِنْ زَادِي لَهُ
نِصْفَ مِزْوَدِي فَلَا كُنْت ذَا زَادٍ وَلَا كُنْت ذَا رَحْلِ
شَرِيكَيْنِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ وَقَدْ أَرَى عَلَيَّ لَهُ فَضْلًا بِمَا
نَالَ مِنْ فَضْلِي وَقَالَ آخَرُ : نَزَلْتُ عَلَى آلِ الْمُهَلَّبِ
شَائِنًا غَرِيبًا عَنْ الْأَوْطَانِ فِي بَلَدٍ مَحْلِ فَمَا زَالَ بِي
إكْرَامُهُمْ وَافْتِقَادُهُمْ وَبِرُّهُمُو حَتَّى حَسِبْتُهُمُو أَهْلِي
وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : ثَلَاثٌ إذَا كُنَّ فِي الرَّجُلِ لَمْ
يُشَكَّ فِي عَقْلِهِ وَفَضْلِهِ : إذَا حَمِدَهُ جَارُهُ وَقَرَابَتُهُ
وَرَفِيقُهُ .
كَدُرَ الْعَيْشِ فِي ثَلَاثٍ : الْجَارِ السَّوْءِ ، وَالْوَلَدِ
الْعَاقِّ ، وَالْمَرْأَةِ السَّيِّئَةِ الْخُلُقِ .
ثَلَاثَةٌ
لَا يَأْنَفُ الْكَرِيمُ مِنْ الْقِيَامِ عَلَيْهِنَّ : أَبُوهُ
وَضَيْفُهُ وَدَابَّتُهُ وَيَأْتِي هَذَا الْمَعْنَى فِي مُخَالَطَةِ
السُّلْطَانِ قَبْلَ فُصُولِ اللِّبَاسِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ تُقَبَّحُ فِي
خَمْسَةِ أَصْنَافٍ : الْحِدَّةُ فِي
السُّلْطَانِ ، وَقِلَّةُ
الْحَيَاءِ فِي ذَوِي الْأَحْسَابِ ، وَالْبُخْلُ فِي ذَوِي الْأَمْوَالِ
، وَالْفُتُوَّةُ فِي الشُّيُوخِ ، وَالْحِرْصُ فِي الْعُلَمَاءِ
وَالْقُرَّاءِ .
وَفِيهِمَا أَيْضًا مِنْ حَدِيثِهِ { يَا نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ لَا
تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ } .
وَلِلتِّرْمِذِيِّ
{ تَهَادَوْا فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ ، وَلَا
تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ } .
الْفِرْسِنُ
الْعَظْمُ قَلِيلُ اللَّحْمِ وَهُوَ خُفُّ الْبَعِيرِ أَيْضًا
كَالْحَافِرِ لِلدَّابَّةِ وَقَدْ يُسْتَعَارُ لِلشَّاةِ وَهُوَ الظِّلْفُ
.
وَنُونُهُ زَائِدَةٌ وَقِيلَ أَصْلِيَّةٌ ، وَوَحَرُ الصَّدْرِ
بِالتَّحْرِيكِ غِشُّهُ وَوَسْوَاسُهُ .
وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ : لَا يَشْبَعُ الرَّجُلُ دُونَ جَارِهِ
.
قَالَ
فِي الْمُسْتَوْعِبِ : وَحُسْنُ الْجِوَارِ مَأْمُورٌ بِهِ فَإِنَّ
لِلْجَارِ حَقًّا وَحُرْمَةً ثُمَّ ذَكَرَ كَمَا ذَكَرَ الْحَسَنُ وَزَادَ
فِي آخِرِهِ مَا لَمْ يَعْصِ اللَّهَ تَعَالَى .
وَجَاءَ رَجُلٌ إلَى
أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى بْنِ ثَعْلَبٍ يُشَاوِرُهُ فِي
الِانْتِقَالِ عَنْ مَحَلَّةٍ إلَى أُخْرَى لِتَأَذِّي الْجِوَارِ ،
فَقَالَ الْعَرَبُ تَقُولُ صَبْرُكَ عَلَى أَذَى مَنْ تَعْرِفُهُ خَيْرٌ
لَك مِنْ اسْتِحْدَاثِ مَنْ لَا تَعْرِفُهُ وَكَانَ الشَّيْخُ تَقِيُّ
الدِّينِ يَقُولُ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا .
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ
فِي مَنَاقِبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ زَائِدَةَ قَالَ
الْعَافِيَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي التَّغَافُلِ .
فَحَدَّثْتُ بِهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ فَقَالَ الْعَافِيَةُ عَشَرَةُ
أَجْزَاءٍ كُلُّهَا فِي التَّغَافُلِ .
وَرَوَى
أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ مَا
كَثُرَتْ النِّعَمُ عَلَى قَوْمٍ قَطُّ إلَّا كَثُرَ أَعْدَاؤُهَا .
وَقَدْ
ذَكَرْتُ خَبَرَ حُذَيْفَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ { لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ
قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ ؟ قَالَ
يَتَعَرَّضُ مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَا يُطِيقُ } وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إنَّ
الْهَوَانَ
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
فَصْلٌ ( فِي حُسْنِ الْجِوَارِ )
وَرَوَى الْمَرُّوذِيُّ عَنْ الْحَسَنِ لَيْسَ حُسْنُ الْجِوَارِ كَفَّ
الْأَذَى ، حُسْنُ الْجِوَارِ الصَّبْرُ عَلَى الْأَذَى .
وَرَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ فِي الْأَدَبِ لَهُ عَنْ
الشَّعْبِيِّ .
وَفِي
الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ { مَا
زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ
سَيُوَرِّثُهُ } وَفِيهِمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ { مَنْ كَانَ
يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ ، وَمَنْ
كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ } .
وَلِمُسْلِمِ
أَيْضًا { فَلْيُحْسِنْ إلَى جَارِهِ } رَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ
أَبِي شُرَيْحٍ الْعَدَوِيِّ وَلِأَحْمَدَ { فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ }
وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ { فَلْيَحْفَظْ
جَارَهُ } .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ {
وَاَللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاَللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاَللَّهِ لَا يُؤْمِنُ
مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ } وَلِمُسْلِمٍ أَيْضًا { لَا
يَدْخُلُ الْجَنَّةَ } .
وَرَوَى أَبُو دَاوُد ثنا الرَّبِيعُ بْنُ
نَافِعٍ بْنِ تَوْبَةَ ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حِبَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ { جَاءَ رَجُلٌ إلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْكُو جَارَهُ فَقَالَ
اذْهَبْ فَاصْبِرْ فَآتَاهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَقَالَ اذْهَبْ
فَاطْرَحْ مَتَاعَهُ فِي الطَّرِيقِ فَطَرَحَ مَتَاعَهُ فِي الطَّرِيقِ
فَجَعَلَ النَّاسَ يَسْأَلُونَهُ فَيُخْبِرُهُمْ خَبَرَهُ فَجَعَلَ
النَّاسُ يَلْعَنُونَهُ : فَعَلَ اللَّهُ بِهِ وَفَعَلَ ، فَجَاءَ إلَيْهِ
جَارُهُ فَقَالَ لَهُ ارْجِعْ لَا تَرَى مِنِّي شَيْئًا تَكْرَهُهُ } .
إسْنَادُهُ
جَيِّدٌ وَمُحَمَّدُ حَسَنُ الْحَدِيثِ وَلَهُ أَيْضًا وَلِلتِّرْمِذِيِّ
وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو أَنَّهُ ذَبَحَ
شَاةً فَقَالَ أَهْدَيْتُمْ لِجَارِنَا الْيَهُودِيِّ ؟ فَإِنِّي سَمِعْت
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : { مَا زَالَ
جِبْرِيلُ } الْحَدِيثَ .
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ فِي الْكُنَى :
أَبُو
عُمَرَ هُوَ الْبَجَلِيُّ قَالَ عَلِيُّ بْنَ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ ثَنَا
شَرِيكٌ عَنْ أَبِي عُمَرَ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ { شَكَا رَجُلٌ
إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَارَهُ فَقَالَ
احْمِلْ مَتَاعَك فَضَعْهُ عَلَى الطَّرِيقِ فَمَنْ مَرَّ بِهِ يَلْعَنُهُ
فَجَاءَ بِهِ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ
مَا لَقِيت مِنْ النَّاسِ قَالَ لَعْنَةَ اللَّهِ فَوْقَ لَعْنَتِهِمْ }
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ
اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ جَارِ سَوْءٍ عَيْنُهُ تَرَانِي
وَقَلْبُهُ لَا يَنْسَانِي .
وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مَكْتُوبٌ فِي
التَّوْرَاةِ : إنَّ أَحَسَدَ النَّاسِ لِلْعَالِمِ وَأَبْغَاهُمْ
عَلَيْهِ قَرَابَتُهُ وَجِيرَانُهُ وَقَالَ عِكْرِمَةُ أَزْهَدُ النَّاسِ
فِي عَالِمٍ جِيرَانُهُ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ كَعْبِ
الْأَحْبَارِ : فِي الْكِتَابِ الْمُنَزَّلِ الْأَوَّلِ أَزْهَدُ النَّاسِ
فِي عَالِمٍ جِيرَانُهُ .
قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَرُوِيَ
مَرْفُوعًا وَلَا يَصِحُّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَقَالَ رَجُلٌ
لِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَاَللَّهِ إنِّي أُحِبُّك : فَقَالَ وَلِمَ لَا
تُحِبُّنِي وَلَسْت لِي بِجَارٍ وَلَا ابْنِ عَمٍّ ؟ كَانَ يُقَال
الْحَسَدُ فِي الْجِيرَانِ وَالْعَدَاوَةُ فِي الْأَقَارِبِ .
قَالَ
الشَّاعِرُ : أَنْتَ حِلِّي وَأَنْتَ حُرْمَةُ جَارِي وَحَقِيقٌ عَلَيَّ
حِفْظُ الْجِوَارِ إنَّ لِلْجَارِ إنْ تَغَيَّبَ عَيْنًا حَافِظًا
لِلْمَغِيبِ وَالْأَسْرَارِ مَا أُبَالِي إنْ كَانَ لِلْبَابِ سِتْرٌ
مُسْبَلٌ أَمْ بَقِيَ بِغَيْرِ سِتَارِ وَقَالَ آخَرُ : نَارِي وَنَارُ
الْجَارِ وَاحِدَةٌ وَإِلَيْهِ قَبْلِي تَنْزِلُ الْقِدْرُ مَا ضَرَّ
جَارًا لِي أُجَاوِرُهُ أَنْ لَا يَكُونَ لِبَابِهِ سِتْرُ أَعْمَى إذَا
مَا جَارَتِي بَرَزَتْ حَتَّى تُوَارِي جَارَتِي الْجُدْرُ وَقَالَ آخَرُ
: أَقُول لِجَارِي إذْ أَتَأْنِي مُعَاتِبًا مُدِلًّا بِحَقٍّ أَوْ
مُدِلًّا بِبَاطِلِ إذَا لَمْ يَصِلْ خَيْرِي وَأَنْتَ مُجَاوِرٌ إلَيْكَ
فَمَا شَرِّي إلَيْكَ بِوَاصِلِ وَمِنْ كَلَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي
طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْجَارُ قَبْلَ الدَّارِ وَالرَّفِيقُ
قَبْلَ
الطَّرِيقِ .
أَخَذَهُ الشَّاعِرُ فَقَالَ : يَقُولُونَ
قَبْلَ الدَّارِ جَارٌ مُوَافِقٌ وَقَبْلَ الطَّرِيقِ النَّهْجِ أُنْسُ
رَفِيقِ وَقَالَ آخَرُ : اُطْلُبْ لِنَفْسِكَ جِيرَانًا تُجَاوِرُهُمْ لَا
تَصْلُحُ الدَّارُ حَتَّى يَصْلُحَ الْجَارُ وَقَالَ آخَرُ :
يَلُومُونَنِي إذْ بِعْت بِالرُّخْصِ مَنْزِلًا وَلَمْ يَعْرِفُوا جَارًا
هُنَاكَ يُنَغِّصُ فَقُلْت لَهُمْ كُفُّوا الْمَلَامَ فَإِنَّهَا
بِجِيرَانِهَا تَغْلُو الدِّيَارُ وَتَرْخُصُ وَقَالَ الْحَسَنُ
الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : إلَى جَنْبِ كُلِّ مُؤْمِنٍ مُنَافِقٌ
يُؤْذِيه وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ
حَقِّ الْجَارِ أَنْ تَبْسُطَ إلَيْهِ مَعْرُوفَك وَتَكُفَّ عَنْهُ آذَاك
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لِلْعَبَّاسِ مَا بَقِيَ مِنْ كَرَمِ
إخْوَانِك ؟ قَالَ الْإِفْضَالُ عَلَى الْإِخْوَانِ ، وَتَرْكُ أَذَى
الْجِيرَانِ قَالَ الشَّاعِرُ : سُقْيًا وَرَعْيًا لِأَقْوَامٍ نَزَلْتُ
بِهِمْ كَأَنَّ دَارَ اغْتِرَابِي عِنْدَهُمْ وَطَنِي إذَا تَأَمَّلْت
مِنْ أَخْلَاقِهِمْ خُلُقًا عَلِمْت أَنَّهُمْ مِنْ حِلْيَةِ الزَّمَنِ
وَقَالَ آخَرُ : إذَا مَا رَفِيقِي لَمْ يَكُنْ خَلْفَ نَاقَتِي لَهُ
مَرْكَبُ فَضْلٍ فَلَا حَمَلَتْ رَحْلِي وَلَمْ يَكُ مِنْ زَادِي لَهُ
نِصْفَ مِزْوَدِي فَلَا كُنْت ذَا زَادٍ وَلَا كُنْت ذَا رَحْلِ
شَرِيكَيْنِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ وَقَدْ أَرَى عَلَيَّ لَهُ فَضْلًا بِمَا
نَالَ مِنْ فَضْلِي وَقَالَ آخَرُ : نَزَلْتُ عَلَى آلِ الْمُهَلَّبِ
شَائِنًا غَرِيبًا عَنْ الْأَوْطَانِ فِي بَلَدٍ مَحْلِ فَمَا زَالَ بِي
إكْرَامُهُمْ وَافْتِقَادُهُمْ وَبِرُّهُمُو حَتَّى حَسِبْتُهُمُو أَهْلِي
وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : ثَلَاثٌ إذَا كُنَّ فِي الرَّجُلِ لَمْ
يُشَكَّ فِي عَقْلِهِ وَفَضْلِهِ : إذَا حَمِدَهُ جَارُهُ وَقَرَابَتُهُ
وَرَفِيقُهُ .
كَدُرَ الْعَيْشِ فِي ثَلَاثٍ : الْجَارِ السَّوْءِ ، وَالْوَلَدِ
الْعَاقِّ ، وَالْمَرْأَةِ السَّيِّئَةِ الْخُلُقِ .
ثَلَاثَةٌ
لَا يَأْنَفُ الْكَرِيمُ مِنْ الْقِيَامِ عَلَيْهِنَّ : أَبُوهُ
وَضَيْفُهُ وَدَابَّتُهُ وَيَأْتِي هَذَا الْمَعْنَى فِي مُخَالَطَةِ
السُّلْطَانِ قَبْلَ فُصُولِ اللِّبَاسِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ تُقَبَّحُ فِي
خَمْسَةِ أَصْنَافٍ : الْحِدَّةُ فِي
السُّلْطَانِ ، وَقِلَّةُ
الْحَيَاءِ فِي ذَوِي الْأَحْسَابِ ، وَالْبُخْلُ فِي ذَوِي الْأَمْوَالِ
، وَالْفُتُوَّةُ فِي الشُّيُوخِ ، وَالْحِرْصُ فِي الْعُلَمَاءِ
وَالْقُرَّاءِ .
وَفِيهِمَا أَيْضًا مِنْ حَدِيثِهِ { يَا نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ لَا
تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ } .
وَلِلتِّرْمِذِيِّ
{ تَهَادَوْا فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ ، وَلَا
تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ } .
الْفِرْسِنُ
الْعَظْمُ قَلِيلُ اللَّحْمِ وَهُوَ خُفُّ الْبَعِيرِ أَيْضًا
كَالْحَافِرِ لِلدَّابَّةِ وَقَدْ يُسْتَعَارُ لِلشَّاةِ وَهُوَ الظِّلْفُ
.
وَنُونُهُ زَائِدَةٌ وَقِيلَ أَصْلِيَّةٌ ، وَوَحَرُ الصَّدْرِ
بِالتَّحْرِيكِ غِشُّهُ وَوَسْوَاسُهُ .
وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ : لَا يَشْبَعُ الرَّجُلُ دُونَ جَارِهِ
.
قَالَ
فِي الْمُسْتَوْعِبِ : وَحُسْنُ الْجِوَارِ مَأْمُورٌ بِهِ فَإِنَّ
لِلْجَارِ حَقًّا وَحُرْمَةً ثُمَّ ذَكَرَ كَمَا ذَكَرَ الْحَسَنُ وَزَادَ
فِي آخِرِهِ مَا لَمْ يَعْصِ اللَّهَ تَعَالَى .
وَجَاءَ رَجُلٌ إلَى
أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى بْنِ ثَعْلَبٍ يُشَاوِرُهُ فِي
الِانْتِقَالِ عَنْ مَحَلَّةٍ إلَى أُخْرَى لِتَأَذِّي الْجِوَارِ ،
فَقَالَ الْعَرَبُ تَقُولُ صَبْرُكَ عَلَى أَذَى مَنْ تَعْرِفُهُ خَيْرٌ
لَك مِنْ اسْتِحْدَاثِ مَنْ لَا تَعْرِفُهُ وَكَانَ الشَّيْخُ تَقِيُّ
الدِّينِ يَقُولُ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا .
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ
فِي مَنَاقِبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ زَائِدَةَ قَالَ
الْعَافِيَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي التَّغَافُلِ .
فَحَدَّثْتُ بِهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ فَقَالَ الْعَافِيَةُ عَشَرَةُ
أَجْزَاءٍ كُلُّهَا فِي التَّغَافُلِ .
وَرَوَى
أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ مَا
كَثُرَتْ النِّعَمُ عَلَى قَوْمٍ قَطُّ إلَّا كَثُرَ أَعْدَاؤُهَا .
وَقَدْ
ذَكَرْتُ خَبَرَ حُذَيْفَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ { لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ
قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ ؟ قَالَ
يَتَعَرَّضُ مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَا يُطِيقُ } وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إنَّ
الْهَوَانَ
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
حِمَارُ الْمَوْتِ يَأْلَفُهُ وَالْحُرُّ يُنْكِرُهُ
وَالْفِيلُ وَالْأَسَدُ وَلَا يُقِيمُ بِدَارِ الذُّلِّ يَأْلَفُهَا إلَّا
الذَّلِيلَانِ عَبْدُ السَّوْءِ وَالْوَتَدُ هَذَا عَلَى الْخَسْفِ
مَرْبُوطٌ بِرُمَّتِهِ وَذَا يُشَجُّ فَلَا يَرْثِي لَهُ أَحَدُ وَقَالَ
آخَرُ : إذَا كُنْتَ فِي دَارٍ يُهِينُكَ أَهْلُهَا وَلَمْ تَكُ
مَكْبُولًا بِهَا فَتَحَوَّلْ وَقَالَ آخَرُ : لَا تَأْسَفَنَّ عَلَى
خِلٍّ تُفَارِقُهُ إنَّ الْأَقَاصِيَ قَدْ تَدْنُو فَتَأْتَلِفُ
فَالنَّاسُ مُبْتَذَلٌ وَالْأَرْضُ وَاسِعَةٌ فِيهَا مَجَالٌ لِذِي لُبٍّ
وَمُنْصَرَفُ وَقَالَ آخَرُ : إذَا مَا الْحُرُّ هَانَ بِأَرْضِ قَوْمٍ
فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي هَرَبٍ جُنَاحُ وَقَدْ هُنَّا بِأَرْضِكُمْ
وَصِرْنَا كَقَيْءِ الْأَرْضِ تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَقَالَ آخَرُ :
وَإِذَا الدِّيَارُ تَنَكَّرَتْ عَنْ حَالِهَا فَدَعِ الدِّيَارَ
وَأَسْرِعْ التَّحْوِيلَا لَيْسَ الْمُقَامُ عَلَيْك حَقًّا وَاجِبًا فِي
مَنْزِلٍ يَدَعُ الْعَزِيزَ ذَلِيلَا وَقَالَ آخَرُ : وَكُنْتُ إذَا
ضَاقَتْ عَلَيَّ مَحَلَّةٌ تَيَمَّمْتُ أُخْرَى مَا عَلَيَّ تَضِيقُ وَمَا
خَابَ بَيْنَ اللَّهِ وَالنَّاسِ عَامِلٌ لَهُ فِي التُّقَى أَوْ فِي
الْمَحَامِدِ سُوقُ وَلَا ضَاقَ فَضْلُ اللَّهِ عَنْ مُتَعَفِّفٍ
وَلَكِنَّ أَخْلَاقَ الرِّجَالِ تَضِيقُ وَقَالَ آخَرُ : إذَا كُنْتَ فِي
دَارٍ فَحَاوَلْتَ رِحْلَةً فَدَعْهَا وَفِيهَا إنْ أَرَدْتَ مَعَادُ
وَقَالَ آخَرُ : اصْبِرْ عَلَى حَدَثِ الزَّمَانِ فَإِنَّمَا فَرَجُ
الشَّدَائِدِ مِثْلُ حَلِّ عِقَالِ فَإِذَا خَشِيتَ تَعَذُّرًا فِي
بَلْدَةٍ فَاشْدُدْ عَلَيْك بِعَاجِلِ التَّرْحَالِ إنَّ الْمُقَامَ عَلَى
الْهَوَانِ مَذَلَّةٌ وَالْعَجْزُ آفَةُ حِيلَةِ الْمُحْتَالِ وَقِيلَ :
لَا يَمْنَعَنَّك خَفْضُ الْعَيْشِ فِي دَعَةٍ نُزُوعَ نَفْسٍ إلَى أَهْلٍ
وَأَوْطَانِ تَلْقَى بِكُلِّ بِلَادٍ إنْ نَزَلْتَ بِهَا أَهْلًا بِأَهْلٍ
وَجِيرَانًا بِجِيرَانِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ حِينَ رَحَلَ مِنْ
إشْبِيلِيَّةَ : وَقَائِلَةٍ مَالِي أَرَاك مُرَحَّلَا فَقُلْتُ لَهَا
صَبْرًا وَاسْمَعِي الْقَوْلَ مُجْمَلَا تَنَكَّرَ مَنْ كُنَّا نُسَرُّ
بِقُرْبِهِ وَعَادَ زُعَاقًا بَعْد مَا كَانَ سَلْسَلَا وَحُقَّ لِجَارٍ
لَمْ يُوَافِقْهُ جَارُهُ وَلَا لَايَمَتْهُ
الدَّارُ أَنْ
يَتَرَحَّلَا أَلَيْسَ بِحَزْمٍ مَنْ لَهُ الظِّلُّ مَقْعَدٌ إذَا
أَدْرَكَتْهُ الشَّمْسُ أَنْ يَتَحَوَّلَا بُلِيت بِحِمْصٍ وَالْمُقَامُ
بِبَلْدَةٍ طَوِيلًا لَعَمْرِي مُخْلِقٌ يُورِثُ الْبِلَا إذَا هَانَ
حُرٌّ عِنْدَ قَوْمٍ أَتَاهُمْ وَلَمْ يَنْأَ عَنْهُمْ كَانَ أَعْمَى
وَأَجْهَلَا وَلَمْ تُضْرَبْ الْأَمْثَالُ إلَّا لِعَالِمٍ وَلَا غُرِّبَ
الْإِنْسَانُ إلَّا لِيَعْقِلَا قَالَ ابْنُ عَبْدٍ الْبَرِّ قِيلَ
لِلْأَوْزَاعِيِّ رَجُلٌ قَدَّمَ إلَى ضَيْفِهِ الْكَامِخَ وَالزَّيْتُونَ
وَعِنْدَهُمْ اللَّحْمُ وَالْعَسَلُ وَالسَّمْنُ ؟ فَقَالَ لَا يُؤْمِنُ
هَذَا بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِر .
قَالَ الشَّاعِرُ :
طَعَامِي طَعَامُ الضَّيْفِ وَالرَّحْلُ رَحْلُهُ وَلَمْ يُلْهِنِي عَنْهُ
غَزَالٌ مُقَنَّعُ أُحَدِّثُهُ إنَّ الْحَدِيثَ مِنْ الْقِرَى وَتَعْلَمُ
نَفْسِي أَنَّهُ سَوْفَ يَهْجَعُ وَقَالَ آخَرُ : يَسْتَأْنِسُ الضَّيْفُ
فِي أَبْيَاتِنَا أَبَدًا فَلَيْسَ يَعْلَمُ خَلْقٌ أَيُّنَا الضَّيْفُ
وَقَالَ حَسَّانُ : يُغْشَوْنَ حَتَّى مَا تَهِرُّ كِلَابُهُمْ لَا
يَسْأَلُونَ عَنْ السَّوَادِ الْمُقْبِلِ وَقَدْ عَرَفَتْ كِلَابُهُمْ
ثِيَابِي كَأَنِّي مِنْهُمْ وَنَسِيت أَهْلِي وَقَالَ آخَرُ : أُضَاحِكُ
ضَيْفِي قَبْلَ إنْزَالِ رَحْلِهِ وَيُخْصِبُ عِنْدِي وَالْمَحَلُّ
جَدِيبُ وَمَا الْخِصْبُ لِلْأَضْيَافِ أَنْ يَكْثُرَ الْقِرَى
وَلَكِنَّمَا وَجْهُ الْكَرِيمِ خَصِيبُ وَقِيلَ : ضَيْفُكَ قَابِلْهُ
بِبِشْرِك وَلْيَكُنْ لَهُ مِنْك أَبْكَارُ الْحَدِيثِ وَعُونُهُ وَقِيلَ
: تَرَاهُمْ خَشْيَةَ الْأَضْيَافِ خُرْسًا يُصَلُّونَ الصَّلَاةَ بِلَا
أَذَانِ وَقِيلَ : ذَرِينِي فَإِنَّ الشُّحَّ يَا أُمَّ مَالِكٍ لِصَالِحِ
أَخْلَاقِ الرِّجَالِ سَرُوقُ ذَرِينِي وَحَظِّي فِي هَوَانِي إنَّنِي
عَلَى الْحَسَبِ الْعَالِي الرَّفِيعِ شَفِيقُ .
فَصْلُ ( فِي حُبِّ الْفَقْرِ وَالْمَوْتِ وَالْحَذَرِ مِنْ
الدُّنْيَا ) .
قَالَ
الْمَرُّوذِيُّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : كَأَنَّك بِالْمَوْتِ وَقَدْ
فَرَّقَ بَيْنَنَا أَنَا لَا أَعْدِلُ بِالْفَقْرِ شَيْئًا أَنَا أَفْرَحُ
إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدِي شَيْءٌ ، إنِّي لَأَتَمَنَّى الْمَوْتَ صَبَاحًا
وَمَسَاءً أَخَافُ أَنْ أُفْتَنَ فِي الدُّنْيَا .
قَالَ مَسْرُوقٌ
إنَّمَا تُحْفَةُ الْمُؤْمِنِ قَبْرُهُ وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ هَانِئٍ :
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : قَالَ الْحَسَنُ أَهِينُوا الدُّنْيَا
فَوَاَللَّهِ لَأَهْنَأُ مَا تَكُونُ حِينَ تُهَانُ وَقَالَ أَحْمَدُ
أَيْضًا الْغِنَى مِنْ الْعَافِيَةِ وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَوْصِنِي قَالَ
أَعِزَّ أَمْرَ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْت يُعِزّكَ اللَّهُ .
وَقَالَ
يَحْيَى الْجَلَا سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ عَزِيزٌ
عَلَيَّ أَنْ تُذِيبَ الدُّنْيَا أَكْبَادَ رِجَالٍ وَعَتْ صُدُورُهُمْ
الْقُرْآنَ .
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئٍ اخْتَفَى عِنْدِي
أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، ثَلَاثَ لَيَالٍ ثُمَّ قَالَ لِي اُطْلُبْ لِي
مَوْضِعًا حَتَّى أَدُورَ ، قُلْت إنِّي لَا آمَنُ عَلَيْك يَا أَبَا
عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ : النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
اخْتَفَى فِي الْغَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ
تَتَّبِعَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
الرَّخَاءِ وَتَتْرُكَ فِي الشِّدَّةِ .
وَطَلَبَهُ الْمَأْمُونُ
فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ قَالَ صَالِحٌ قَالَ أَبِي وَكُنْت
أَدْعُو اللَّهَ أَنْ لَا أَرَاهُ فَحَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا مَعْمَرُ
بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ فُرَاتِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مَيْمُونٍ عَنْ
مِهْرَانَ قَالَ : ثَلَاثَةٌ لَا تَبْلُوَنَّ نَفْسَك بِهِنَّ : لَا
تَدْخُلَنَّ عَلَى سُلْطَانٍ وَإِنْ قُلْت آمُرُهُ بِطَاعَةٍ ، وَلَا
تَدْخُلَنَّ عَلَى امْرَأَةٍ وَإِنْ قُلْت أُعَلِّمُهَا كِتَابَ اللَّهِ ،
وَلَا تُصْغِيَنَّ سَمْعَك لِذِي هَوًى فَإِنَّك لَا تَدْرِي مَا
تَعَلَّقَ قَلْبُك مِنْهُ قَالَ صَالِحٌ سَمِعْت أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ
يَقُولُ وَاَللَّهِ لَقَدْ أَعْطَيْتُ الْمَجْهُودَ مِنْ نَفْسِي
وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أَنْجُو مِنْ هَذَا الْأَمْرِ كَفَافًا لَا عَلَيَّ
وَلَا لِي .
وَرَوَى الْخَلَّالُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى عَنْ
أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ زُهَيْرٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى أَحْمَدَ
فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَأَجَابَهُ فَقَالَ لَهُ جَزَاك اللَّهُ عَنْ
الْإِسْلَامِ خَيْرًا ، فَغَضِبَ وَقَالَ لَهُ مَنْ أَنَا حَتَّى
يُجْزِيَنِي اللَّهُ عَنْ الْإِسْلَامِ خَيْرًا ؟ أَنْتَ فِي غَيْرِ حِلٍّ
مِنْ جُلُوسِك قَالَ رَجُلٌ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ جَزَاك
اللَّهُ عَنْ الْإِسْلَامِ خَيْرًا وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ مَا سَمِعْت كَلِمَةً كَانَتْ أَقْوَى لِقَلْبِي
وَأَقَرَّ لِعَيْنِي فِي الْمِحْنَةِ مِنْ كَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ
فَقِيرٍ أَعْمَى فِي رَحْبَة طُرُقٍ قَالَ لِي يَا أَحْمَدُ إنْ تَهْلِكْ
فِي الْحَقِّ مِتَّ شَهِيدًا ، وَإِنْ عِشْت عِشْت حَمِيدًا .
وَقَالَ
إِسْحَاقُ بْنُ حَنْبَلٍ عَمُّ أَحْمَدَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَدْ
أَعْذَرْت فِيمَا بَيْنَك وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ أَجَابَ
أَصْحَابُكَ وَالْيَوْمَ بَقِيت فِي الْحَبْسِ وَالشَّرِّ ، فَقَالَ لِي
يَا عَمُّ إذَا أَجَابَ الْعَالِمُ تَقِيَّةً وَالْجَاهِلُ بِجَهْلٍ
فَمَتَى يَتَبَيَّنُ الْحَقّ ؟ فَأَمْسَكَتْ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ
الْمُنَادِي دَخَلَ أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد الْحَدَّادُ عَلَى أَبِي عَبْدِ
اللَّهِ الْحَبْسَ قَبْلَ الضَّرْبِ فَقَالَ لَهُ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ
يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْك رِجَالٌ وَلَك صِبْيَانٌ وَأَنْتَ
مَعْذُورٌ كَأَنَّهُ يُسَهِّلُ عَلَيْهِ الْإِجَابَةَ فَقَالَ لَهُ
أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إنْ كَانَ هَذَا عَقْلَك فَقَدْ اسْتَرَحْت
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيّ كَانَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ
يَقُولُ أَنَا وَاَللَّهِ رَأَيْت يَوْمَ ضُرِبَ أَحْمَدُ وَقَدْ
ارْتَفَعَ مِنْ بَعْدِ انْخِفَاضِهِ ، وَانْعَقَدَ مِنْ بَعْد
انْحِلَالِهِ وَلَمْ يَفْطُنْ لِذَلِكَ لِذُهُولِ عَقْلِ مَنْ حَضَرَهُ
وَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا كَانَ أَعْظَمَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ .
وَقَالَ
الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ
ثنا سَيِّدُنَا وَشَيْخُنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ قَدْ كَانَ
هَهُنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَبِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ وَكُنَّا
نَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِمَا ، إنَّهُمَا
مَاتَا وَبَقِيَ سِرِّي ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنَا
اللَّهُ بِسِرِّي .
وَقَدْ
قَالَ أَبُو الْفَضْلِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ سَمِعْت
أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ لَوْلَا بِشْرٌ يَعْنِي الْحَافِيَّ وَمَا
نَرْجُو مِنْ اسْتِغْفَارِهِ لَنَا لَكِنَّا فِي عُطْلَةٍ .
وَقَالَ
أَبُو زُرْعَةَ قُلْت لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ كَيْفَ تَخَلَّصْت مِنْ
سَيْفِ الْمُعْتَصِمِ وَسَوْطِ الْوَاثِقِ ؟ فَقَالَ لَوْ وُضِعَ
الصِّدْقُ عَلَى جُرْحٍ لَبَرِيءَ وَقَالَ خَلَفٌ : جَاءَنِي أَحْمَدُ
بْنُ حَنْبَلٍ يَسْمَعُ حَدِيثَ أَبِي عَوَانَةَ فَاجْتَهَدْت أَنْ
أَرْفَعَهُ فَأَبَى وَقَالَ لَا أَجْلِسُ بَيْنَ يَدَيْك ، أُمِرْنَا أَنْ
نَتَوَاضَعَ لِمَنْ نَتَعَلَّمُ مِنْهُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ عُمَرَ أَبُو الْحَسَنِ الْعَطَّارُ أَنَّهُ رَأَى أَحْمَدَ بْنَ
حَنْبَلٍ أَخَذَ لِدَاوُدَ بْنِ عُمَرَ بِالرِّكَابِ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ
تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ الْأَخْضَرِ فِيمَنْ رَوَى عَنْ أَحْمَدَ .
وَذَكَرَ
أَيْضًا أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ سَعِيدٍ الرِّبَاطَيَّ لِأَنَّهُ تَوَلَّى
الرِّبَاطَاتِ فَنُسِبَ إلَيْهَا قَالَ سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَل
يَقُول أَخَذْنَا هَذَا الْعَالَمَ بِالذُّلِّ فَلَا نَدْفَعُهُ إلَّا
بِالذُّلِّ .
وَقَالَ الرِّبَاطِيُّ قَدِمْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنَ
حَنْبَلٍ فَجَعَلَ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إلَيَّ ، فَقُلْت يَا أَبَا
عَبْدِ اللَّهِ إنَّهُ يُكْتَبُ عَنِّي بِخُرَاسَانَ وَإِنْ عَامَلْتَنِي
بِهَذِهِ الْمُعَامَلَةِ رَمَوْا بِحَدِيثِي ، فَقَالَ لِي أَحْمَدُ
وَهَلْ بُدٌّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يُقَالَ أَيْنَ عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ طَاهِرٍ وَأَتْبَاعُهُ ؟ اُنْظُرْ أَيْنَ تَكُونُ مِنْهُمْ ؟ فَقُلْت
يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إنَّمَا وَلَّانِي أَمْرَ الرِّبَاطِ لِذَلِكَ
دَخَلْت قَالَ فَجَعَلَ يُكَرِّرُ ذَلِكَ عَلَيَّ .
وَيَنْبَغِي أَنْ
يَخْفِضَ صَوْتَهُ عِنْدَهُ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ مَنْ رَفَعَ
صَوْتَهُ عَلَى غَيْرِهِ عَلِمَ كُلُّ عَاقِلٍ أَنَّهُ قِلَّةُ احْتِرَامٍ
لَهُ انْتَهَى كَلَامُهُ وَلَمَّا رَفَعَ صَوْتُهُ سَعْدٌ عَلَى أَبِي
جَهْلٍ قَالَ لَهُ بَعْضُ قُرَيْشٍ لَا تَرْفَعْ صَوْتَك عَلَى أَبِي
الْحَكَمِ .
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : { وَاغْضُضْ مِنْ
صَوْتِك } .
صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى