لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب : الآداب الشرعية الجزء الثالث عشر - صفحة 2 Empty كتاب : الآداب الشرعية الجزء الثالث عشر {الجمعة 27 مايو - 16:55}

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :


مَكْرُوهٍ إنْ كَانَ
مِنْهُ وَكَانَ إذَا بَلَغَهُ عَنْ رَجُلٍ صَلَاحٌ أَوْ زُهْدٌ أَوْ
اتِّبَاعُ الْأَثَرِ سَأَلَ عَنْهُ وَأَحَبَّ أَنْ يُجْرِيَ بَيْنَهُ
وَبَيْنَهُ مَعْرِفَةً وَكَانَ رَجُلًا وَطِيئًا إذَا كَانَ حَدِيثٌ لَا
يَرْضَاهُ اضْطَرَبَ لِذَلِكَ وَتَبَيَّنَ التَّغْيِير فِي وَجْهِهِ
غَضَبًا لِلَّهِ وَلَا يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ وَلَا يَنْتَصِرُ لَهَا
فَإِذَا كَانَ فِي أَمْرٍ مِنْ الدِّينِ اشْتَدَّ غَضَبُهُ لَهُ وَكَانَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَسَنَ الْجِوَارِ يُؤْذَى فَيَصْبِرُ وَيَحْتَمِلُ
الْأَذَى مِنْ الْجِيرَانِ .
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ
يُونُسَ رَأَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ
صَلَّى الْغَدَاةَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ وَقَالَ لَا تَتْبَعُونِي مَرَّةً
أُخْرَى وَكَانَ يَمْشِي وَحْدَهُ مُتَوَاضِعًا وَقَالَ ابْنُ هَانِئٍ
رَأَيْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إذَا لَقِيَ امْرَأَتَيْنِ فِي الطَّرِيقِ
وَكَانَ طَرِيقُهُ بَيْنَهُمَا وَقَفَ وَلَمْ يَمُرَّ حَتَّى يَجُوزَا .
وَعَنْ
أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ { سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدُ فَاخْتَلَطَ
الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ : اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ
لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ ، عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ
الطَّرِيقِ فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْصَقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إنَّ
ثَوْبَهَا لَيَعْلَقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ } رَوَاهُ أَبُو
دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ شَدَّادِ بْنِ أَبِي عَمْرو بْنِ حِمَاشٍ تَفَرَّدَ
عَنْهُ أَبُو الْيَمَانِ الرَّحَّالُ الْمَدَنِيُّ وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ
حِبَّانَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ أَنْ يَرْكَبْنَ حَقَّهَا وَهُوَ
وَسْطُهَا يُقَالُ سَقَطَ عَلَى حَاقِّ الْقَفَا وَحَقِّهِ .
وَعَنْ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
نَهَى أَنْ يَمْشِيَ الرَّجُلُ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ } رَوَاهُ أَبُو
دَاوُد وَالْخَلَّالُ مِنْ رِوَايَةِ دَاوُد بْنِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ
أَبُو زُرْعَةَ لَا أَعْرِفُهُ إلَّا بِهَذَا الْخَبَرِ ، وَهُوَ مُنْكَرٌ
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ لَا يُتَابَعُ


عَلَيْهِ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ
الْحَرْبِيُّ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ كَأَنَّهُ رَجُلٌ قَدْ وُفِّقَ
لِلْأَدَبِ ، وَسُدِّدَ بِالْحِلْمِ ، وَمُلِئَ بِالْعِلْمِ ، أَتَاهُ
رَجُلٌ يَوْمًا فَقَالَ عِنْدَك كِتَابُ زَنْدَقَةٍ ؟ فَسَكَتَ سَاعَةً
ثُمَّ قَالَ : إنَّمَا يَحْرُزُ الْمُؤْمِنُ قَبْرَهُ .
وَقَالَ
الْخَلَّالُ ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ يَعْنِي الْمَعْرُوفَ
بِلُؤْلُؤٍ قَالَ حَضَرَ مَجْلِسَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ كَبْشُ
الزَّنَادِقَةِ فَقُلْت لَهُ أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ أَنْتَ فِي مَجْلِسِ
أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَا تَصْنَعُ ؟ فَسَمِعَنِي أَحْمَدُ فَقَالَ مَالَك
؟ فَقُلْت هَذَا عَدُوُّ اللَّهِ كَبْشُ الزَّنَادِقَةِ قَدْ حَضَرَ
الْمَجْلِسَ ، فَقَالَ مَنْ أَمَرَكُمْ بِهَذَا عَمَّنْ أَخَذْتُمْ هَذَا
؟ دَعُوا النَّاسَ يَأْخُذُونَ الْعِلْمَ وَيَنْصَرِفُونَ لَعَلَّ اللَّهَ
يَنْفَعُهُمْ بِهِ .
ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَخْضَرِ فِي تَرْجَمَتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ .
وَقَالَ
أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ
اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُنَادِي سَمِعْت جَدِّي يَقُولُ : كَانَ أَبُو
عَبْدِ اللَّهِ مِنْ أَحْيَا النَّاسِ ، وَأَكْرَمِهِمْ نَفْسًا
وَأَحْسَنِهِمْ عِشْرَةً وَأَدَبًا كَثِيرَ الْإِطْرَاقِ وَالْغَضِّ ،
مُعْرِضًا عَنْ الْقَبِيحِ وَاللَّغْوِ ، لَا يُسْمَعُ مِنْهُ إلَّا
الْمُذَاكَرَةُ بِالْحَدِيثِ وَالرِّجَالِ وَالطُّرُقِ وَذِكْرِ
الصَّالِحِينَ وَالزُّهَّادِ ، فِي وَقَارٍ وَسُكُونٍ وَلَفْظٍ حَسَنٍ ،
وَإِذَا لَقِيَهُ إنْسَانٌ بَشَّ بِهِ وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ وَكَانَ
يَتَوَاضَعُ تَوَاضُعًا شَدِيدًا ، وَكَانُوا يُكْرِمُونَهُ
وَيُعَظِّمُونَهُ وَيُحِبُّونَهُ .
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ : كُنَّا
فِي مَجْلِسِ أَبِي مُوسَى بِشْرِ بْنِ مُوسَى يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ بْنَ
شَيْخٌ بْنَ عَمِيرَةَ الْأَسَدِيَّ وَمَعَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ
سُرَيْج الْفَقِيهُ الْقَاضِي فَخَاضُوا فِي ذِكْرِ مُحَمَّدِ بْنِ
جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ وَإِنَّهُ لَمْ يُدْخِلْ ذِكْرَ أَحْمَدَ بْنِ
حَنْبَلٍ فِي كِتَابِهِ الَّذِي أَلَّفَهُ فِي اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ .
فَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ وَهَلْ أُصُولُ الْفِقْهِ إلَّا
مَا كَانَ يُحْسِنُهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ؟


حِفْظُ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَالْمَعْرِفَةُ بِسُنَّتِهِ .
وَاخْتِلَافُ
الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَقَالَ
الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ اللَّيْثِ الرَّازِيّ كُنْت فِي مَجْلِسِ
أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَقَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ
أَهْلِ الرَّأْيِ يُقَالُ لَهُ بِشْرٌ ، فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ
عِنْدَنَا شَابٌّ بِالرَّيِّ يُقَالُ لَهُ أَبُو زُرْعَةَ نَكْتُبُ عَنْهُ
؟ فَنَظَرَ أَحْمَدُ إلَيْهِ كَالْمُنْكِرِ لِقَوْلِهِ شَابٌّ فَقَالَ :
نِعْمَ الثِّقَةُ الْمَأْمُونُ أَعْلَى اللَّهُ كَعْبَهُ ، نَصَرَهُ
اللَّهُ عَلَى أَعْدَائِهِ .
فَلَمَّا قَدِمْت الرَّيَّ أَخْبَرْت
أَبَا زُرْعَةَ فَاسْتَعْبَرَ وَقَالَ : وَاَللَّهِ إنِّي لَأَكُونُ فِي
الْأَمْرِ الْعَظِيمِ مِنْ أَذَى الْجَهْمِيَّةِ فَأَتَوَقَّعُ الْفَرَجَ
بِدُعَاءِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ .
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ سَمِعْت
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُول : قَدْ جَاءَنِي أَبُو عَلِيِّ بْنُ يَحْيَى
بْنُ خَاقَانَ فَقَالَ لِي : إنَّ كِتَابًا جَاءَ فِيهِ : إنَّ أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ يَعْنِي الْمُتَوَكِّلَ يُقْرِئُك السَّلَامَ وَيَقُولُ
لَك لَوْ سَلِمَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ لَسَلِمْت أَنْتَ ، هَهُنَا رَجُلٌ
قَدْ رَفَعَ عَلَيْك وَهُوَ فِي أَيْدِينَا مَحْبُوسٌ رَفَعَ عَلَيْك
أَنَّ عَلَوِيًّا قَدْ تَوَجَّهَ مِنْ أَرْضِ خُرَاسَانَ وَقَدْ بَعَثْت
بِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِك يَتَلَقَّاهُ فَإِنْ شِئْت ضَرَبْته وَإِنْ
شِئْت حَبَسْته ، وَإِنْ شِئْت بَعَثْته إلَيْك قَالَ أَبُو عَبْدِ
اللَّهِ فَقُلْت لَهُ مَا أَعْرِفُ مِمَّا قَالَ شَيْئًا وَأَرَى أَنْ
تُطْلِقُوهُ وَلَا تَعَرَّضُوا لَهُ .
وَقَالَ لَمَّا سُيِّرَ عَامِرُ
بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ إلَى الشَّامِ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَحَوْلَهُ
بِالْمِرْبَدِ فَقَالَ : إنِّي دَاعٍ فَأَمِّنُوا ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ
مَنْ سَعَى لِي فَأَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَأَطِلْ عُمْرَهُ
وَاجْعَلْهُ مُوَطَّأَ الْعَقِبَيْنِ .
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ
أَخْبَرْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ سَفِيهٍ يَتَكَلَّمُ
وَيُؤْذِي قَالَ لَا تَعَرَّضُوا لَهُ إنَّهُ مَنْ لَمْ يُقِرَّ بِقَلِيلِ
مَا يَأْتِي بِهِ السَّفِيهُ أَقَرَّ بِالْكَثِيرِ .


وَرَوَى
الْخَلَّالُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخِطْمِيِّ عَنْ جَدِّهِ عَمْرو بْنِ
حَبِيبٍ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ أَنَّهُ أَوْصَى بَنِيهِ فَقَالَ
إيَّاكُمْ وَمُجَالَسَةَ السُّفَهَاءِ فَإِنَّ مُجَالَسَتَهُمْ دَاءٌ
وَإِنَّهُ مَنْ لَمْ يُقِرَّ بِقَلِيلِ مَا يَأْتِي بِهِ السَّفِيهُ
يُقِرّ بِالْكَثِيرِ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ قَالَتْ الْحُكَمَاءُ
السَّفَهُ نُبَاحُ الْإِنْسَانِ .
وَقَالَ الشَّاعِرُ : وَمَنْ يَعَضُّ
الْكَلْبَ إنْ عَضَّا وَأَنْتَ تَرَى السَّبْع إذَا مَرَّ بِهِ السِّبَاعُ
فِي السُّوقُ كَيْفَ تَنْبَحُهُ الْكِلَابُ وَتَقْرَبُ مِنْهُ وَلَا
يَلْتَفِتُ وَلَا يَعُدُّهَا شَيْئًا إذْ لَوْ الْتَفَتَ كَانَ نَظِيرًا ،
وَمَتَى أَمْسَكَ عَنْ الْجَاهِلِ عَادَ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْعَقْل
مُوَبَّخًا عَلَى قُبْحِ مَا أَتَى بِهِ ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ الْخَلْقُ
لَائِمِينَ لَهُ عَلَى سُوءِ أَدَبِهِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يُجِيبُهُ
وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ : وَأَغْيَظُ مَنْ نَادَاكَ مَنْ لَا تُجِيبُهُ
وَمَا نَدِمَ حَلِيمٌ وَلَا سَاكِتٌ وَإِنَّمَا يَنْدَمُ الْمُقْدِمُ
عَلَى الْمُقَابَلَةِ وَالنَّاطِقُ فَإِنْ شِئْت فَاحْتَسِبْ سُكُوتَك
عَنْ السَّفِيهِ أَجْرًا لَك ، وَإِنْ شِئْت فَاعْدُدْهُ احْتِرَازًا مِنْ
أَنْ تَقَعَ فِي إثْمٍ ، وَإِنْ شِئْت كَانَ احْتِقَارًا لَهُ ، وَإِنْ
شِئْت كَانَ سُكُوتُك سَبَبًا لَمُعَاوَنَةِ النَّاسِ لَك ، وَإِنْ
تَلَمَّحْتَ الْقَدَرَ عَلِمْت أَنَّهُ مَا يُسَلَّطُ إلَّا مُسَلِّطٌ
فَرَأَيْت الْفِعْلَ مِنْ غَيْرِهِ إمَّا عُقُوبَةً وَإِمَّا مَثُوبَةً .
وَرَوَى
أَبُو دَاوُد حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ أَنْبَأْنَا اللَّيْثُ عَنْ
سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُحْرِزِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ : { بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ وَقَعَ رَجُلٌ فِي أَبِي
بَكْرٍ ، فَآذَاهُ فَصَمَتَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ آذَاهُ
الثَّانِيَةَ فَصَمَتَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ آذَاهُ الثَّالِثَةَ
فَانْتَصَرَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ حِينَ انْتَصَرَ
أَبُو بَكْرٍ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَوْجَدْت عَلَيَّ يَا رَسُولَ
اللَّهِ ؟ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


نَزَلَ
مَلَكٌ مِنْ السَّمَاءِ يُكَذِّبُهُ لَمَّا قَالَ لَك فَلَمَّا انْتَصَرْت
وَقَعْ الشَّيْطَانُ ، فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إذَا وَقَعَ الشَّيْطَانُ
} ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ ثنا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ
عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ
رَجُلًا كَانَ يَسُبُّ أَبَا بَكْرٍ وَسَاقَ نَحْوَهُ .
قَالَ أَبُو
دَاوُد وَكَذَلِكَ رَوَاهُ صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ
كَمَا قَالَ سُفْيَانُ إسْنَادٌ جَيِّدٌ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ مِنْ
مَرَاسِيلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَبَشِيرٍ تَفَرَّدَ عَنْهُ
الْمَقْبُرِيُّ .
ثُمَّ رَوَى أَبُو دَاوُد فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ
بَاب الِانْتِصَارِ عَنْ عُبَيْدِ بْن مُعَاذِ وَالْقَوَارِيرِيِّ عَنْ
مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ ثنا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ : كُنْت أَسْأَلُ عَنْ
الِانْتِصَارِ : { وَلَمَنْ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا
عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ } .
فَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ بْنِ
جُدْعَانَ عَنْ أُمِّ مُحَمَّدٍ امْرَأَةِ أَبِيهِ قَالَ ابْنُ عَوْنٍ :
وَزَعَمُوا أَنَّهَا كَانَتْ تَدْخُلُ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ
: قَالَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ { دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَنَا زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فَجَعَلَ
يَصْنَعُ شَيْئًا بِيَدِهِ حَتَّى فَطِنْته لَهَا فَأَمْسَكَ فَأَقْبَلَتْ
زَيْنَبُ تُفْحِمُ لِعَائِشَةَ فَأَبَتْ أَنْ تَنْتَهِيَ فَقَالَ
لِعَائِشَةَ سُبِّيهَا فَغَلَبَتْهَا فَانْطَلَقَتْ زَيْنَبُ إلَى عَلِيٍّ
فَقَالَتْ : إنَّ عَائِشَةَ وَقَعَتْ بِكُمْ فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ فَقَالَ
لَهَا : إنَّهَا حِبَّةُ أَبِيك وَرَبِّ الْكَعْبَةِ فَانْصَرَفَ
فَقَالَتْ لَهُمْ : إنِّي قُلْت كَذَا وَكَذَا ، فَقَالَ لِي : كَذَا
وَكَذَا .
قَالَتْ : وَجَاءَ عَلِيٌّ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَهُ فِي ذَلِكَ } أُمُّ مُحَمَّدٍ تَفَرَّدَ
عَنْهَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ وَعَلِيٌّ ، حَدِيثُهُ حَسَنٌ وَلِأَبِي
دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ { وَإِنْ
امْرُؤٌ شَتَمَك أَوْ عَيَّرَك بِمَا يَعْلَمُ فِيك فَلَا تُعَيِّرْهُ
بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ ، يَكُنْ وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ } وَلِأَحْمَدَ
هَذَا

رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب : الآداب الشرعية الجزء الثالث عشر - صفحة 2 Empty رد: كتاب : الآداب الشرعية الجزء الثالث عشر {الجمعة 27 مايو - 16:59}

أَيْ
اُنْقُصْ مِنْهُ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ غَضَضْت بَصَرِي وَفُلَانٌ يَغُضُّ
بَصَرَهُ مِنْ فُلَانٍ { إنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ } أَيْ أَقْبَحَ
يَقُولُ أَتَانَا فُلَانٌ بِوَجْهٍ مُنْكَرٍ أَيْ قَبِيحٍ وَقَالَ
الْمُبَرِّدُ : تَأْوِيلُهُ أَنَّ الْجَهْرَ بِالصَّوْتِ لَيْسَ
بِمَحْمُودٍ وَأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي بَابِ الصَّوْتِ الْمُنْكَرِ وَقَالَ
ابْنُ قُتَيْبَةَ : عَرَّفَهُ قُبْحَ رَفْعِ الْأَصْوَاتِ فِي
الْمُخَاطَبَةِ بِقُبْحِ أَصْوَاتِ الْحَمِيرِ لِأَنَّهَا عَالِيَةٌ قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ لَوْ كَانَ رَفْعُ الصَّوْتِ خَيْرًا مَا جَعَلَهُ اللَّهُ
لِلْحَمِيرِ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ صِيَاحُ كُلِّ شَيْءٍ
تَسْبِيحُ لِلَّهِ إلَّا الْحِمَارَ فَإِنَّهُ يَنْهَقُ بِلَا فَائِدَةٍ
ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ
فِي الْفُنُونِ مِمَّا وَجَدْته فِي آدَابِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ مُسْتَنِدًا وَذُكِرَ عِنْدَهُ ابْنُ طَهْمَانَ
فَأَزَالَ ظَهْرَهُ عَنْ الِاسْتِنَادِ وَقَالَ لَا يَنْبَغِي أَنْ
يَجْرِيَ ذِكْرُ الصَّالِحِينَ وَنَحْنُ مُسْتَنِدُونَ قَالَ ابْنُ
عَقِيلٍ فَأَخَذْتُ مِنْ هَذَا حُسْنَ الْأَدَبِ فِيمَا يَفْعَلُهُ
النَّاسُ عِنْدَ إمَامِ الْعَصْرِ مِنْ النُّهُوضِ لِسَمَاعِ
تَوْقِيعَاتِهِ .
وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الْحَافِظُ ابْنُ الْأَخْضَرِ
فِيمَنْ رَوَى عَنْ أَحْمَدَ فِي تَرْجَمَتِهِ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ
قَالَ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَذُكِرَ عِنْدَهُ إبْرَاهِيمُ
بْنُ طَهْمَانَ وَكَانَ مُتَّكِئًا مِنْ عِلَّةٍ فَاسْتَوَى جَالِسًا
وَقَالَ : لَا يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ الصَّالِحُونَ فَنَتَّكِئُ وَقَالَ
الشَّافِعِيُّ لَا يَطْلُبُ هَذَا الْعِلْمَ أَحَدٌ بِالْمُلْكِ وَعِزَّةِ
النَّفْسِ فَيُفْلِحُ لَكِنَّ مَنْ طَلَبَهُ بِذِلَّةِ النَّفْسِ وَضِيقِ
الْعَيْشِ وَخِدْمَةِ الْعِلْمِ وَتَوَاضُعِ النَّفْسِ أَفْلَحَ وَقَالَ
أَبُو تَوْبَةَ الْبَغْدَادِيُّ رَأَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عِنْدَ
الشَّافِعِيِّ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ
اللَّهِ هَذَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ
يُحَدِّثُ فَقَالَ هَذَا يَفُوتُ وَذَاكَ لَا يَفُوتُ .
وَرَوَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ

اللَّهُ
عَنْهُمَا قَالَ : لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قُلْت لِرِجْلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ : هَلُمَّ فَلْنَسْأَلْ
أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُمْ
الْيَوْمَ كَثِيرٌ قَالَ : وَاعَجَبًا لَك يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَتَرَى
النَّاسَ يَفْتَقِرُونَ إلَيْك وَفِي النَّاسِ مِنْ أَصْحَابٍ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فِيهِمْ قَالَ : فَتَرَكَ
ذَلِكَ وَأَقْبَلْتُ أَنَا أَسْأَلُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحَدِيثِ فَإِنْ كَانَ لَيَبْلُغُنِي
الْحَدِيثُ عَنْ الرَّجُلِ فَآتِي بَابَهُ وَهُوَ قَائِلٌ فَأَتَوَسَّدُ
رِدَائِي عَلَى بَابِهِ تَسْفِي الرِّيحُ عَلَيَّ مِنْ التُّرَابِ
فَيَخْرُجُ فَيَقُولُ يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا جَاءَ بِك ؟ أَلَا أَرْسَلْت إلَى فَآتِيك ؟
فَأَقُولُ أَنَا أَحَقُّ أَنْ آتِيك ، فَاسْأَلْهُ عَنْ الْحَدِيثِ قَالَ
فَعَاشَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْأَنْصَارِيُّ حَتَّى رَآنِي وَقَدْ اجْتَمَعَ
النَّاسُ حَوْلِي فَيَقُولُ هَذَا الْفَتَى كَانَ أَعْقَلَ مِنِّي .
وَفِي
الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَرَأَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : { لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا } .
وَأَنَّ
اللَّهَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ قَرَأَ عَلَيْهِ
لِتَعْلِيمِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لِيُسِنَّ التَّوَاضُعَ فِي أَخْذِ
الْإِنْسَان مِنْ الْعُلُومِ عَنْ أَهْلِهَا وَإِنْ كَانُوا دُونَهُ فِي
النَّسَبِ وَالدِّينِ وَالْفَضِيلَةِ وَالْمَرْتَبَةِ وَالشُّهْرَةِ
وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَلِيُنَبِّهَ النَّاسَ عَلَى فَضِيلَةِ أُبَيٍّ
وَتَقْدِيمِهِ فَيَجْتَهِدُونَ فِي الْأَخْذِ عَنْهُ وَإِنَّمَا خَصَّ
هَذِهِ السُّورَةَ لِاقْتِضَاءِ الْحَالِ الِاخْتِصَارَ مَعَ أَنَّهَا
جَامِعَةٌ .
وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ زَيْنُ الْعَابِدِينَ
يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيَشُقُّ النَّاسَ حَتَّى يَجْلِسَ فِي حَلَقَةِ
زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فَعُوتِبَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ : إنَّ الْعِلْمَ
يُبْتَغَى وَيُؤْتَى وَيُطْلَبُ مِنْ حَيْثُ كَانَ .
كَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يَقُولُ لِبَنِيهِ : إنَّا كُنَّا
صِغَارَ قَوْمٍ


وَإِنَّا
الْيَوْمَ كِبَارٌ وَإِنَّكُمْ سَتَكُونُونَ مِثْلَنَا إنْ بَقِيتُمْ ،
وَلَا خَيْرَ فِي كَبِيرٍ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ
بْنُ عُمَيْرٍ لَقَدْ رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى فِي
حَلَقَةٍ فِيهَا نَفَرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ يَسْتَمِعُونَ لِحَدِيثِهِ
وَيُنْصِتُونَ لَهُ مِنْهُمْ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ .
وَعَنْ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ مَنْ لَمْ يَحْمِلْ ذُلَّ التَّعَلُّمِ
سَاعَةً بَقِيَ فِي ذُلِّ الْجَهْلِ أَبَدًا .
وَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَزِّ : الْمُتَوَاضِعُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ
أَكْثَرُهُمْ عِلْمًا كَمَا أَنَّ الْمَكَانَ الْمُنْخَفِضَ أَكْثَرُ
الْبِقَاعِ مَاءً .
وَقَدْ نَظَمَ هَذَا أَبُو عَامِرٍ النَّسَوِيُّ
فَقَالَ : الْعِلْمُ يَأْتِي كُلَّ ذِي خَفْضٍ وَيَأْبَى كُلَّ آبِي
كَالْمَاءِ يَنْزِلُ فِي الْوِهَادِ وَلَيْسَ يَصْعَدُ فِي الرَّوَابِي
وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْتَمِلَ الطَّالِبُ مَا يَكُونُ مِنْ
الشَّيْخِ أَوْ مِنْ بَقِيَّةِ الطَّلَبَةِ لِئَلَّا يَفُوتَهُ الْعِلْمِ
فَتَفُوتَهُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ مَعَ حُصُولِ الْعَدُوِّ طَلَبِهِ ،
وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْمَأْمُورِ
بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْهُنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ
السَّلَامُ { تَعَوَّذُوا بِاَللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ وَدَرَكِ
الشَّقَاءِ ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ ، وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ } .
وَقَدْ
قِيلَ : لَمَحْبَرَةٌ تُجَالِسُنِي نَهَارِي أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أُنْسِ
الصَّدِيقِ وَرِزْمَةُ كَاغِدٍ فِي الْبَيْتِ عِنْدِي أَعَزُّ إلَيَّ مِنْ
عَدْلِ الدَّقِيقِ وَلَطْمَةُ عَالِمٍ فِي الْخَدِّ مِنِّي أَلَذُّ
عَلَيَّ مِنْ شُرْبِ الرَّحِيقِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ غَضِبَ الْأَعْمَشُ
يَوْمًا عَلَى رَجُلٍ مِنْ الطَّلَبَةِ فَقَالَ آخَرُ لَوْ غَضِبَ عَلَيَّ
مِثْلُك لَمْ أَعُدْ إلَيْهِ فَقَالَ لَهُ الْأَعْمَشُ : إذًا هُوَ
أَحْمَقُ مِثْلُك يَتْرُكُ مَا يَنْفَعُهُ لِسُوءِ خُلُقِي .
ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيّ .


فَصْلٌ ( فِي الْوَحْدَةِ وَالْعُزْلَةِ وَالتَّوَاضُعِ فِي
سِيرَةِ أَحْمَدَ ) .
قَالَ
عَبْدُ اللَّهِ كَانَ أَبِي أَصْبَرَ النَّاسِ عَلَى الْوَحْدَةِ وَقَالَ
لَمْ يَرَ أَحَدٌ أَبِي إلَّا فِي مَسْجِدٍ أَوْ حُضُورِ جِنَازَةٍ أَوْ
عِيَادَةِ مَرِيضٍ وَكَانَ يَكْرَهُ الْمَشْيَ فِي الْأَسْوَاقِ وَقَالَ
الْمَيْمُونِيُّ عَنْهُ : رَأَيْتُ الْوَحْدَةَ أَرْوَحَ لِقَلْبِي .
وَقَالَ
الْمَرُّوذِيُّ ذَكَرْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَلَى
أَنْ يَلْتَقِيَا فَقَالَ أَلَيْسَ قَدْ كَرِهَ بَعْضُهُمْ اللِّقَاءَ
وَقَالَ يَتَزَيَّنُ لِي وَأَتَزَيَّنُ لَهُ ، وَكَفَى بِالْعُزْلَةِ
عِلْمًا ، وَالْفَقِيهُ الَّذِي يَخَافُ اللَّهَ وَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ
اللَّهِ قُلْ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ أُخْمِلَ ذِكْرُكَ ، فَإِنِّي أَنَا
قَدْ بُلِيت بِالشُّهْرَةِ وَقَالَ غَيْرُهُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ
: أَشْتَهِي مَا لَا يَكُونُ ، أَشْتَهِي مَكَانًا لَا يَكُونُ فِيهِ
أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ .
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْمُسَيِّبِيُّ قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ إنِّي أُحِبُّ
أَنْ آتِيَك فَأُسَلِّمَ عَلَيْك وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ تَكْرَهَ
الرَّحْلَ ، فَقَالَ : إنَّا لَنَكْرَهُ ذَلِكَ وَقَالَ الْأَثْرَمُ :
سَمِعْت الْهَيْثَمَ بْنَ خَارِجَةَ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنْتَ
عَرُوسٌ تُزَارُ وَلَا تَزُورُ .
وَمَنْ نَظَرَ فِي سِيرَةِ أَبِي
عَبْدِ اللَّه وَتَرْجَمَةِ مَا سَبَقَ وَمَا يَأْتِي وَمَا لَمْ
نَذْكُرْهُ وَجَدَ هِمَّتَهُ فِي الْخَيْرَاتِ وَالطَّاعَاتِ مِنْ أَعْلَى
الْهِمَمِ ، وَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي
تَارِيخِهِ عَنْ الْأَصْمَعِيِّ أَنَّ دَغْفَلًا دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ
فَقَالَ لَهُ أَيُّ بَيْتٍ أَفْخَرُ ، قَالَ : قَوْلُ الشَّاعِرِ : لَهُ
هِمَمٌ لَا مُنْتَهَى لِكِبَارِهَا وَهِمَّتُهُ الصُّغْرَى أَجَلُّ مِنْ
الدَّهْرِ لَهُ رَاحَةٌ لَوْ أَنَّ مِعْشَارَ جُودِهَا عَلَى الْبَرِّ
كَانَ الْبَرُّ أَنْدَى مِنْ الْبَحْرِ وَقَالَ صَالِحٌ : كَانَ أَبِي
إذَا دَعَا لَهُ رَجُلٌ يَقُولُ الْأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا وَقَالَ
عَامِرٌ : لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بَلَغَنِي
أَنَّك رَجُلٌ مِنْ الْعَرَبِ فَمِنْ أَيِّ الْعَرَبِ أَنْتَ


؟
فَقَالَ لِي يَا أَبَا النُّعْمَانِ نَحْنُ قَوْمٌ مَسَاكِينُ وَمَا
نَصْنَعُ بِهَذَا ؟ فَكَانَ رُبَّمَا جَاءَنِي أُرِيدُهُ عَلَى أَنْ
يُخْبِرَنِي فَيُعِيدُ عَلَيَّ مِثْلَ ذَلِكَ الْكَلَامِ وَلَا
يُخْبِرُنِي بِشَيْءٍ .
وَقَالَ عَبْدُ اللَّه بْنُ الرُّومِيِّ :
كُنْت كَثِيرًا مَا أَرَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ
يَعْنِي وَهُوَ بِالْبَصْرَةِ يَأْتِي إلَى مَسْجِدِ بَنِي مَازِنٍ
فَيُصَلِّي فِيهِ فَقُلْت يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إنِّي أَرَاك كَثِيرًا
تُصَلِّي فِي هَذَا الْمَسْجِدِ قَالَ : إنَّهُ مَسْجِدُ آبَائِي وَقَالَ
الْخَلَّالُ : حَدَّثَنَا الْمَرُّوذِيُّ قَالَ : حَضَرْت أَبَا ثَوْرٍ
سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : إمَامُنَا
، أَوْ قَالَ شَيْخُنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِيهَا كَذَا وَكَذَا ،
فَجَعَلَ السَّائِلُ يَدْعُو لَهُ وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْ رَأْيِهِ ،
فَلَمَّا مَضَى الْتَفَتَ إلَيْنَا فَقَالَ : هَذَا لَوْ أَخْبَرْته عَنْ
رَأْيِي لَكَانَ يَعْنِي يَطُولُ فَحَيْثُ قُلْت لَهُ أَحْمَدُ بْنُ
حَنْبَلٍ مَرَّ وَسَكَتَ ، وَجَاءَ رَجُلٌ إلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ
فَقَالَ : إنَّ لِي وَالِدَةً مُقْعَدَةً تَسْأَلُك أَنْ تَدْعُوَ لَهَا
قَالَ : فَغَضِبَ وَقَالَ : كَيْف قَصَدَتْنِي ؟ قُلْ لِوَالِدَتِك
تَدْعُو لِي ، هَذِهِ مُبْتَلَاةٌ ، وَأَنَا مُعَافًى .
ثُمَّ دَعَا لَهَا وَعُوفِيَتْ .
وَجَاءَ
رَجُلٌ إلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مِنْ سَمَرْقَنْدَ بِكِتَابِ عُبَيْدِ
اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَجْعَلُ لَهُ
مَجْلِسًا فَأَهْدَى إلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَوْمًا ثَوْبًا
فَأَعْطَاهُ رَجُلًا ، فَقَالَ : اذْهَبْ بِهِ إلَى السُّوقِ فَقَوِّمْهُ
، فَذَهَبَ فَجَاءَ نَيِّفٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا فَحَجَبَهُ أَبُو
عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى اشْتَرَى لَهُ ثَوْبَيْنِ وَمِقْنَعَةً أَوْ
ثَوْبًا وَمِقْنَعَةً وَبَعَثَ بِهِ إلَيْهِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ
فَحَدَّثَهُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : رَأَيْت أَبِي إذَا اخْتَفَى ،
أَكْثَرُ ذَلِكَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ .
وَقَالَ الْأَثْرَمُ رُبَّمَا
يَتْرُكُ أَصْحَابُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَشْيَاءَ لَيْسَ لَهَا
تَبِعَةٌ عِنْدَ اللَّهِ مَخَافَةَ أَنْ يُعَيَّرُوا بِأَحْمَدَ بْنِ
حَنْبَلٍ رَضِيَ
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب : الآداب الشرعية الجزء الثالث عشر - صفحة 2 Empty رد: كتاب : الآداب الشرعية الجزء الثالث عشر {الجمعة 27 مايو - 17:00}


اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ
التِّرْمِذِيُّ رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَشْتَرِي مِنْ السُّوقِ
الْخُبْزَ وَيَحْمِلُ بِنَفْسِهِ فِي الزِّنْبِيلِ ، وَرَأَيْتَهُ
يَشْتَرِي الْبَاقِلَّا غَيْرَ مَرَّةً وَيَجْعَلُهُ فِي زُبْدِيَّةٍ أَوْ
شَيْءٍ آخَرَ فَيَحْمِلُهُ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِهِ
وَقَالَ صَالِحٌ كَانَ أَبِي رُبَّمَا خَرَجَ إلَى الْبَقَّالِ
فَيَشْتَرِي جِرْزَةَ حَطَبٍ فَيَحْمِلُهَا .
وَقَالَ الْخَلَّالُ :
أَخْبَرَنَا الْمَرُّوذِيُّ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ :
كَانَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَدْ أُوصِي لِي بِجُبَّةٍ قَالَ : فَفَرِحْتُ
بِهَا وَأَرَدْتُ أَنْ آخُذَهَا قَالَ : وَكَانَتْ أَعْجَبَتْنِي
الْجُبَّةُ فَقُلْتُ رَجُلٌ صَالِحٌ وَقَدْ يُصَلِّي فِيهَا قَالَ
فَجَاءُوا بِهَا وَمَعَهَا شَيْءٌ آخَرُ فَرَدَدْته كُلَّهُ وَقَالَ
الْفَضْلُ بْنُ زِيَادَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ : مَا أَعْظَمَ
بَرَكَةِ الْمِغْزَلِ وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ
اللَّهِ يَقُولُ : الْخَوْفُ مَنَعَنِي أَكْلَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ
فَمَا اشْتَهَيْتُهُ وَقَالَ الْخَلَّالُ : أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ
صَدَقَةَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّيْرَفِيَّ
قَالَ : أَتَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ
سَعِيدٍ الْحَمَّالُ وَذَلِكَ فِي آخِرِ سَنَةِ الْمِائَتَيْنِ فَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ : يَا أَبَا
مُحَمَّدٍ إنَّ أَقْوَامًا يَسْأَلُونِي أَنْ أُحَدِّثَ فَهَلْ تَرَى
ذَلِكَ ؟ قَالَ فَسَكَتَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَطَالَ السُّكُوتَ
قَالَ : فَقُلْتُ أَنَا لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أُجِيبُكَ أَنَا ؟ قَالَ
تَكَلَّمْ قَالَ قُلْتُ لَهُ إنْ كُنْتَ تَشْتَهِي أَنْ تُحَدِّثَ فَلَا
تُحَدِّثْ ، وَإِنْ كُنْت تَشْتَهِي أَنْ لَا تُحَدِّثَ فَحَدِّثْ قَالَ
فَكَأَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ اسْتَحْسَنَ ذَلِكَ قَالَ فَلَمَّا
انْبَسَطَ فِي الْحَدِيثِ قَالَ : فَظَنَنْتُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَشْتَهِي
أَنْ يُحَدِّثَ .
وَقِيلَ لَبِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ يَا أَبَا نَصْرٍ
الرَّجُلُ يَكُونُ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ الْقُرْآنِ فَتَرَى لَهُ أَنْ
يَجْلِسَ فَيُعَلِّمَ النَّاسَ قَالَ إنْ كَانَ يُحِبُّ


ذَلِكَ فَلَا يَجْلِسُ .


فَصْلٌ ( الْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ وَمَا قِيلَ فِي تَسَاوِيهَا
وَعَدَمِهِ ) .
قَالَ
الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : سُبْحَانَك مَا أَغْفَلَ
هَذَا الْخَلْقَ عَمَّا أَمَامَهُمْ ، الْخَائِفُ مِنْهُمْ مُقَصِّرٌ ،
وَالرَّاجِي مُتَوَانٍ وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ : سَمِعْتُ الْإِمَامَ
أَحْمَدَ قَالَ : الْخَوْفُ مَنَعَنِي عَنْ أَكْلِ الطَّعَامِ فَمَا
أَشْتَهِيهِ فَإِذَا ذَكَرْتُ الْمَوْتَ هَانَ عَلَيَّ كُلُّ شَيْءٍ
وَقَدْ تَقَدَّمَ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ سَمِعْتُ أَحْمَدَ
يَقُولُ : إنْ أَحْبَبْتَ أَنْ يُدَوِّمَ اللَّهُ لَك عَلَى مَا تُحِبُّ
فَدُمْ لَهُ عَلَى مَا يُحِبُّ ، وَالْخَيْرُ فِيمَنْ لَا يَرَى
لِنَفْسِهِ خَيْرًا .
وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ عَنْ وَكِيعٍ
سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ : لَا يَتَّقِي اللَّهَ أَحَدٌ إلَّا
اتَّقَاهُ النَّاسُ شَاءُوا أَمْ أَبَوْا .
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ الْعَالِمِ ابْنِ الْعَالِمِ ابْنِ الْعَالِمِ
قَالَ : سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ : مَنْ اسْتَغْنَى
بِاَللَّهِ أَحْوَجَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إلَيْهِ النَّاسَ .
وَقَالَ
ابْنُ هَانِئٍ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ
أَنْ يَكُونَ رَجَاؤُهُ وَخَوْفُهُ وَاحِدًا وَقَالَ غَيْرُهُ عَنْهُ :
فَأَيَّهمَا رَجَّحَ صَاحِبُهُ هَلَكَ .
انْتَهَى كَلَامُهُ .
وَيَنْبَغِي
أَنْ يَكُونَ رَجَاءُ الْمَرِيضِ أَكْثَرَ ، وَقَطَعَ بِهِ صَاحِبُ
النَّظْمِ ، وَقَالَ أَحْمَدُ لِرَجُلٍ : لَوْ صَحَحْتَ مَا خِفْتَ
أَحَدًا .
وَقَدْ قِيلَ : فَمَا فِي الْأَرْضِ أَشْجَعُ مِنْ بَرِيءٍ
وَلَا فِي الْأَرْضِ أَخْوَفُ مِنْ مُرِيبِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ
فِي كِتَابِ بَهْجَةُ الْمَجَالِسِ : كَانَ يُقَالُ مَنْ خَافَ اللَّهَ
وَرَجَاهُ أَمَّنَهُ خَوْفَهُ وَلَمْ يُحْرِمْهُ رَجَاءَهُ قَالَ بَعْضُ
الْعُلَمَاءِ إلَى بَعْضِ إخْوَانِهِ : أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ مَنْ
خَافَ اللَّهَ أَخَافَ اللَّهُ مِنْهُ كُلَّ شَيْءٍ ، وَمَنْ لَمْ يَخَفْ
اللَّهَ أَخَافَهُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ، وَلِلْحَسَنِ بْنِ وَهْبٍ
وَيُنْسَبُ إلَى الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
: خَفْ اللَّهَ وَارْجُهُ لِكُلِّ عَظِيمَةٍ وَلَا تُطِعْ النَّفْسَ
اللَّجُوجَ


فَتَنْدَمَا وَكُنْ بَيْنَ هَاتَيْنِ مِنْ الْخَوْفِ
وَالرَّجَا وَأَبْشِرْ بِعَفْوِ اللَّهِ إنْ كُنْتَ مُسْلِمَا فَلَمَّا
قَسَا قَلْبِي وَضَاقَتْ مَذَاهِبِي جَعَلْتُ الرَّجَا مِنِّي لِعَفْوِك
سُلَّمَا وَقَالَ آخَرُ : وَإِنِّي لَأَرْجُو اللَّهَ حَتَّى كَأَنَّمَا
أَرَى بِجَمِيلِ الظَّنِّ مَا اللَّهُ صَانِعُ وَقَالَ مَنْصُورُ
الْفَقِيهُ : قَطَعْتُ رَجَائِي مِنْ بَنِي آدَمَ طُرَّا فَأَصْبَحْتُ
مِنْ رِقِّ الرَّجَاءِ لَهُمْ حُرَّا وَعَدْلُ يَأْسِي بَيْنَهُمْ
فَأَجَلُّهُمْ إذَا ذُكِرُوا قَدْرًا كَأَدْنَاهُمْ قَدْرَا غِنًى
عَنْهُمْ بِاَللَّهِ لَا مُتَطَاوِلًا عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَا
قَائِلًا هُجْرَا وَكَيْفَ يَعِيبُ النَّاسَ بِالْمَنْعِ مُؤْمِنٌ يَرَى
النَّفْعَ مِمَّنْ يَمْلِكُ النَّفْعَ وَالضَّرَّا عَلَيْهِ اتِّكَالِي
فِي الشَّدَائِدِ كُلِّهَا وَحَسْبِي بِهِ عِنْدَ الشَّدَائِدِ لِي
ذُخْرَا وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
يُوسُفَ : أَسِيرُ الْخَطَايَا عِنْدَ بَابِك وَاقِفُ عَلَى وَجَلٍ مِمَّا
بِهِ أَنْتَ عَارِفُ يَخَافُ ذُنُوبًا لَمْ يَغِبْ عَنْك غَيْبُهَا
وَيَرْجُوكَ فِيهَا فَهْوَ رَاجٍ وَخَائِفُ فَمَنْ ذَا الَّذِي يُرْجَى
سِوَاكَ وَيُتَّقَى وَمَا لَكَ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ مُخَالِفُ فَيَا
سَيِّدِي لَا تُخْزِنِي فِي صَحِيفَتِي إذَا نُشِرَتْ يَوْمَ الْحِسَابِ
الصَّحَائِفُ وَكُنْ مُؤْنِسِي فِي ظُلْمَةِ الْقَبْرِ عِنْدَمَا يَصْعَدُ
ذَوُو الْقُرْبَى وَيَجْفُو الْمُوَالِفُ لَئِنْ ضَاقَ عَنِّي عَفْوُكَ
الْوَاسِعُ الَّذِي أُرَجِّي لِإِسْرَافِي فَإِنِّي لَتَالِفُ .


فَصْلٌ ( فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَمَا يُبْدَأُ بِهِ مِنْهُ وَمَا
هُوَ فَرِيضَةٌ مِنْهُ ، وَفَضْلِ أَهْلِهِ ) .
قَالَ
الْمَيْمُونِيُّ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه أَيُّهُمَا أَحَبُّ
إلَيْك أَبْدَأُ ابْنِي بِالْقُرْآنِ أَوْ بِالْحَدِيثِ قَالَ : لَا
بِالْقُرْآنِ قُلْتُ : أُعَلِّمُهُ كُلَّهُ قَالَ : إلَّا أَنْ يَعْسُرَ
فَتُعَلِّمَهُ مِنْهُ .
ثُمَّ قَالَ لِي : إذَا قَرَأَ أَوَّلًا
تَعَوَّدَ الْقِرَاءَةَ ثُمَّ لَزِمَهَا وَعَلَى هَذَا أَتْبَاعُ
الْإِمَامِ أَحْمَدَ إلَى زَمَنِنَا هَذَا .
وَسَيَأْتِي قَرِيبًا
قَوْلُ ابْنِ الْمُبَارَكِ إنَّ الْعِلْمَ يُقَدَّمُ عَلَى نَفْلِ
الْقُرْآنِ وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ إذَا كَانَ مُكَلَّفًا لِأَنَّهُ فَرْضٌ
فَيُقَدَّمُ عَلَى النَّفْلِ وَكَلَامُ أَحْمَدَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
إنَّمَا هُوَ فِي الصَّغِيرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ وَاَلَّذِي
سَأَلَ ابْنَ الْمُبَارَكِ كَانَ رَجُلًا فَلَا تَعَارُضَ ، وَأَمَّا
الصَّغِيرُ فَيُقَدِّمُ حِفْظَ الْقُرْآنِ لِمَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ مِنْ
الْمَعْنَى .
وَلِأَنَّهُ عِبَادَةٌ يُمْكِنُ إدْرَاكُهَا وَالْفَرَاغُ
مِنْهَا فِي الصِّغَرِ غَالِبًا ، وَالْعِلْمُ عِبَادَةُ الْعُمُرِ لَا
يُفْرَغُ مِنْهُ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا حَسَبَ الْإِمْكَانِ ، وَهَذَا
وَاضِحٌ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْعِلْمُ أَوْلَى لِمَسِيسِ
الْحَاجَةِ إلَيْهِ لِصُعُوبَتِهِ وَقِلَّةِ مَنْ يَعْتَنِي بِهِ
بِخِلَافِ الْقُرْآنِ وَلِهَذَا يُقَصِّرُ فِي الْعِلْمِ مَنْ يَجِبُ
عَلَيْهِ طَلَبُهُ وَلَا يُقَصِّرُ فِي حِفْظِ الْقُرْآنِ حَتَّى
يَشْتَغِلَ بِحِفْظِهِ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاشْتِغَالُ فِي الْعِلْمِ
كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ .
وَقَالَ ابْنُ
هَانِئٍ : لِأَحْمَدَ مَا مَعْنَى لَوْ كَانَ الْقُرْآنُ فِي إهَابٍ مَا
مَسَّتْهُ النَّارُ قَالَ : " هَذَا يُرْجَى لِمَنْ الْقُرْآنُ فِي
قَلْبِهِ أَنْ لَا تَمَسَّهُ النَّارُ " فِي إهَابٍ يَعْنِي فِي قَلْبِ
رَجُلٍ وَقَالَ : أَيْضًا فِي جِلْدٍ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الشَّالَنْجِيُّ
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : وَاَلَّذِي يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ
مِنْ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ فِي
صَلَاتِهِ وَإِقَامَةِ عَيْنِهِ ، وَأَقَلُّ مَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ


مِنْ
تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَسُورَتَانِ كَذَا وَجَدْتُهُ
، وَلَعَلَّهُ وَسُورَةٌ ، وَإِلَّا فَلَا أَدْرِي مَا وَجْهُهُ ؟ مَعَ
أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ حِفْظُهُ مَا بَلَغَ أَنْ يُجْزِئَهُ فِي
صَلَاتِهِ وَهُوَ الْفَاتِحَةُ خَاصَّةً فِي الْأَشْهَرِ عَنْ أَحْمَدَ
وَالْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ فِي الْفِقْهِ .
وَقَدْ قَالَ ابْنُ
حَزْمٍ فِي الْإِجْمَاعِ قَبْلَ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ : اتَّفَقُوا أَنَّ
حِفْظَ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَاجِبٌ وَلَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى مَا
هِيَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَلَا كَمِّيَّتِهِ بِمَا يُمْكِنُ ضَبْطُ
إجْمَاعٍ فِيهِ إلَّا أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ مَنْ حَفِظَ
أُمَّ الْقُرْآنِ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَسُورَةً
أُخْرَى مَعَهَا فَقَدْ أَدَّى فَرْضَ الْحِفْظِ ، وَأَنَّهُ لَا
يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ .
وَاتَّفَقُوا عَلَى اسْتِحْبَابِ حِفْظِ جَمِيعِهِ وَأَنَّ ضَبْطَ
جَمِيعِهِ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ لَا مُتَعَيِّنٌ .
وَرَوَى
الْخَلَّالُ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ حَفِظَ الْقُرْآنَ وَهُوَ
يَكْتُبُ الْحَدِيثَ يَخْتَلِفُ إلَى مَسْجِدٍ يَقْرَأُ وَيُقْرِئُ
وَيَفُوتُهُ الْحَدِيثُ أَنْ يَطْلُبَهُ فَإِنْ طَلَبَ الْحَدِيثَ فَاتَهُ
الْمَسْجِدُ وَإِنْ قَصَدَ الْمَسْجِدَ فَاتَهُ الْحَدِيثُ فَمَا
تَأْمُرهُ قَالَ : بِذَا وَبِذَا فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ الْقَوْلَ مِرَارًا
كُلُّ ذَلِكَ يُجِيبُنِي جَوَابًا وَاحِدًا بِذَا وَبِذَا .
وَسَأَلَ
رَجُلٌ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي أَيِّ شَيْءٍ
أَجْعَلُ فَضْلَ يَوْمِي فِي تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ أَوْ فِي تَعَلُّمِ
الْعِلْمِ ؟ فَقَالَ هَلْ تُحْسِنُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا تَقُومُ بِهِ
صَلَاتُك : قَالَ نَعَمْ قَالَ : عَلَيْك بِالْعِلْمِ .
وَقَالَ
أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ وَقِيلَ لَهُ طَلَبُ
الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ قَالَ نَعَمْ لِأَمْرِ دِينِك وَمَا تَحْتَاجُ
إلَيْهِ مِنْ أَنْ يَنْبَغِيَ أَنْ تَعْلَمَهُ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ
أَبِي الْحَارِثِ : يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْعِلْمِ مَا
يَقُومُ بِهِ دِينُهُ وَلَا يُفَرِّطُ فِي ذَلِكَ قُلْتُ : فَكُلُّ
الْعِلْمِ يَقُومُ بِهِ دِينُهُ قَالَ : الْفَرْضُ الَّذِي يَجِبُ
عَلَيْهِ فِي


نَفْسِهِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ طَلَبِهِ .
قُلْت :
مِثْلُ أَيِّ شَيْءٍ قَالَ الَّذِي لَا يَسَعُهُ جَهْلُهُ صَلَاتُهُ
وَصِيَامُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ سَأَلْتُ أَبِي عَنْ
الرَّجُلِ يَجِبُ عَلَيْهِ طَلَبُ الْعِلْمِ قَالَ أَمَّا مَا يُقِيمُ
بِهِ دِينَهُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَذَكَرَ شَرَائِعَ
الْإِسْلَامِ فَقَالَ : يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَلَّمَ ذَلِكَ .
وَقَالَ
ابْنُ مَنْصُور لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ تَذَاكَرَ بَعْضِ لَيْلَةٍ أَحَبُّ
إلَيْك مِنْ إحْيَائِهَا قَالَ : الْعِلْمُ الَّذِي يَنْتَفِعُ بِهِ
النَّاسُ فِي أَمْرِ دِينِهِمْ قُلْت الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالْحَجُّ
وَالطَّلَاقُ وَنَحْوُ هَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ : قَالَ
لِي إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ : { طَلَبُ الْعِلْمِ وَاجِبٌ } لَمْ
يَصِحَّ الْخَبَرُ فِيهِ إلَّا أَنَّ مَعْنَاهُ قَائِمٌ يَلْزَمُهُ طَلَبُ
مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ وُضُوئِهِ وَصَلَاتِهِ وَزَكَاتِهِ إذَا
وَقَعَتْ فَلَا حَاجَةَ لِلْوَالِدَيْنِ فِي ذَلِكَ .
وَأَمَّا مَنْ
خَرَجَ يَبْتَغِي عِلْمًا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْخُرُوجِ بِإِذْنِ
الْأَبَوَيْنِ لِأَنَّهُ فَضِيلَةٌ فَالنَّوَافِلُ لَا تُبْتَغَيْ إلَّا
بِإِذْنِ الْآبَاءِ وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ
الرَّجُلُ يَطْلُبُ الْعِلْمَ وَيَسْتَأْذِنُ وَالِدَتَهُ فَتَأْذَنُ لَهُ
وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمُقَامَ أَحَبُّ إلَيْهَا قَالَ : إذَا كَانَ
جَاهِلًا لَا يَدْرِي كَيْفَ يُطَلِّقُ وَلَا يُصَلَّى فَطَلَبُ الْعِلْمِ
أَحَبُّ إلَيَّ .
وَإِنْ كَانَ قَدْ عَرَفَ فَالْمُقَامُ عَلَيْهَا أَحَبُّ إلَيَّ .
وَرَوَى
الْخَلَّالُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ : إنِّي أَطْلُبُ الْعِلْمَ
وَإِنَّ أُمِّي تَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ تُرِيدُ حَتَّى أَشْتَغِلَ فِي
التِّجَارَةِ ، قَالَ لِي دَارِهَا وَأَرْضِهَا وَلَا تَدَعْ الطَّلَبَ
وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ غَرِيبٌ عَنْ بَلَدِهِ طَلَبُ الْعِلْمِ أَحَبُّ
إلَيْك أَمْ أَرْجِعُ إلَى أُمِّي ؟ فَقَالَ لَهُ إذَا كَانَ طَلَبُ
الْعِلْمِ مِمَّا لَا بُدَّ أَنْ تَطْلُبَهُ فَلَا بَأْسَ ، وَسَأَلَهُ
رَجُلٌ قَدِمَتْ السَّاعَةُ وَلَيْسَ أَدْرِي شَيْئًا مَا تَأْمُرُنِي ؟
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : عَلَيْك بِالْعِلْمِ وَقَالَ إِسْحَاقُ
بْنُ


إبْرَاهِيمَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الرَّجُلِ
يَكُونُ لَهُ أَبَوَانِ مُوسِرَانِ يُرِيدُ طَلَبَ الْحَدِيثِ وَلَا
يَأْذَنَانِ لَهُ قَالَ : يَطْلُبُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يَنْفَعُهُ ،
الْعِلْمُ لَا يَعْدِلُهُ شَيْءٌ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
مُعَاوِيَةَ مَرْفُوعًا { مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ
فِي الدِّينِ } وَعَنْ عُمَرَ مَرْفُوعًا { إنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا
الْعِلْمِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ } وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
مَرْفُوعًا { مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي بِهِ عِلْمًا سَهَّلَ
اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إلَى الْجَنَّةِ } رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ .
وَقَالَ
ابْنُ مَسْعُودِ : إنَّ أَحَدَكُمْ لَمْ يُولَدْ عَالِمًا وَإِنَّمَا
الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ وَقَالَ أَيْضًا : اُغْدُ عَالِمًا ، أَوْ
مُتَعَلِّمًا وَلَا تَغْدُ إمَّعَةً بَيْنَ ذَلِكَ وَقَالَ أَيْضًا :
اُغْدُ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا ، أَوْ مُسْتَمِعًا وَلَا تَكُنْ
الرَّابِعَ فَتَهْلَكَ وَقَالَ حَمَّادُ بْن حُمَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ كُنَّ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا أَوْ مُحِبًّا
، أَوْ مُتَّبِعًا وَلَا تَكُنْ الْخَامِسَ فَتَهْلَكَ قَالَ الْحَسَنُ
هُوَ الْمُبْتَدِعُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ ابْنِ
مَسْعُودٍ وَرُوِيَ مَرْفُوعًا وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَقَالَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ : الْعَالِمُ وَالْمُتَعَلِّمُ فِي الْأَجْرِ سَوَاءٌ
وَسَائِرُ النَّاسِ هَمَجٌ لَا خَيْرَ فِيهِمْ .
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ
عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ ابْن مَسْعُودِ تَعَلَّمُوا
فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَتَى يَحْتَاجُ إلَيْهِ .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ
ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ .
وَقَبْضُهُ
ذَهَابُ أَهْلِهِ ، وَعَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَطُّعَ
وَالتَّعَمُّقَ ، وَعَلَيْكُمْ بِالْعِتْقِ فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ أَقْوَامٌ
يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَنْبِذُونَهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ .
وَقَالَ
الْحَسَنُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
إنَّمَا مَثَلُ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَرْضِ مَثَلُ النُّجُومِ فِي
السَّمَاءِ إذَا رَآهَا النَّاسُ اقْتَدَوْا


بِهَا ، وَإِذَا
عَمِيَتْ عَلَيْهِمْ تَحَيَّرُوا } وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا {
فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ ، إنَّ
اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ حَتَّى
النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى
مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ : صَحِيحٌ
غَرِيبٌ .
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا { إنَّ الْعَالِمَ
لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ
وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى
الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ
الْكَوَاكِبِ ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ ، وَإِنَّ
الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا ، إنَّمَا
وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ } رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ بِنَحْوِهِ .
وَأَمَّا
مَا يَذْكُرهُ بَعْضُ النَّاسِ " عُلَمَاءُ أُمَّتِي كَأَنْبِيَاءِ بَنِي
إسْرَائِيلَ " فَلَمْ أَجِدْ لَهُ أَصْلًا وَلَا ذِكْرَ لَهُ فِي
الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ الْمَعْرُوفَةِ وَلَا يَصِحُّ .
وَرَوَى
الْخَلَّالُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ " طَلَبُ
الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ " وَرَوَى ابْنُ شَاهِين ثَنَا سُلَيْمَانُ
الْأَشْعَثُ ثَنَا حَفْصُ بْنُ مُسَافِرٍ الشِّيشِيُّ ثَنَا يَحْيَى بْنُ
حَسَّانَ ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ }
كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ إلَّا سُلَيْمَانَ فَإِنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ قَالَ
أَحْمَدُ لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا لَكِنَّهُ يُفْرِطُ فِي التَّشَيُّعِ
وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ : لَيْسَ بِذَاكَ
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ : لَيْسَ بِالْمَتِينِ وَقَالَ النَّسَائِيُّ :
لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ أَحَادِيثُهُ حِسَانٌ .
وَرَوَاهُ
حَسَّانُ ابْنُ سَارَةَ عَنْ ثَابِتٍ لَكِنَّ حَسَّانَ ضَعِيفٌ قَالَ
ابْنُ شَاهِينَ وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ أَصَحِّ حَدِيثٍ فِي هَذَا
الْبَابُ .


وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ حَفْصٍ بْنِ
سُلَيْمَانَ الْقَارِئِ وَهُوَ مَتْرُوكٌ عِنْدَهُمْ وَفِيهِ { وَوَاضِعُ
الْعِلْمِ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ كَمُقَلِّدِ الْخَنَازِيرِ الْجَوْهَرَ
وَالذَّهَبَ } .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : هَذَا حَدِيثٌ
يُرْوَى عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ كُلُّهَا مَعْلُولَةٌ لَا حُجَّةَ فِي شَيْءٍ
مِنْهَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ .
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب : الآداب الشرعية الجزء الثالث عشر - صفحة 2 Empty رد: كتاب : الآداب الشرعية الجزء الثالث عشر {الجمعة 27 مايو - 17:01}


وَقَالَ
التِّرْمِذِيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمُؤَدِّبُ ثَنَا عَلِيُّ
بْنُ ثَابِتٍ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ
سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ فَرْوَةَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ سَمِعَتْ أَبَا
هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ : { الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إلَّا ذِكْرُ
اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ } إسْنَادٌ جَيِّدٌ
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدِيثُهُ حَسَنٌ قَوَّاهُ الْأَكْثَرُ قَالَ
التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِهِ
وَرَأَى ابْنُ الشِّخِّيرِ ابْنَ أَخٍ لَهُ يَتَعَبَّدُ فَقَالَ : أَيْ
بُنَيَّ ، الْعِلْمُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ فَضْلِ الْعِبَادَةِ وَقَالَ
مُهَنًّا : قُلْتُ لِأَحْمَدَ : حَدِّثْنَا مَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ
قَالَ : طَلَبُ الْعِلْمِ قُلْتُ : لِمَنْ ، قَالَ : لِمَنْ صَحَّتْ
نِيَّتُهُ قُلْتُ : وَأَيُّ شَيْءٍ يُصَحِّحُ النِّيَّةَ قَالَ يَنْوِي
يَتَوَاضَعُ فِيهِ وَيَنْفِي عَنْهُ الْجَهْلَ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ
ثَوَّابٍ قَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : مَا أَعْلَمُ النَّاسَ فِي
زَمَانٍ أَحْوَجُ مِنْهُمْ إلَى طَلَبِ الْحَدِيثِ مِنْ هَذَا الزَّمَانِ
قُلْتُ وَلِمَ ؟ قَالَ : ظَهَرَتْ بِدَعٌ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ
حَدِيثٌ وَقَعَ فِيهَا .
وَقَالَ بِشْرٌ الْحَافِي : لَا أَعْلَمُ
عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ عَمَلًا أَفْضَلَ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ
وَالْحَدِيثِ لِمَنْ اتَّقَى اللَّهَ وَحَسُنَتْ نِيَّتُهُ وَقَالَ
سُفْيَانُ : مَا أَعْلَمُ شَيْئًا يُرَادُ اللَّهُ بِهِ أَفْضَلَ مِنْ
طَلَبِ الْعِلْمِ .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ : طَلَبْنَا
هَذَا الْعِلْمَ وَمَا لَنَا فِيهِ كَبِيرُ نِيَّةٍ ثُمَّ رَزَقَ اللَّهُ
النِّيَّةَ بَعْدُ وَرُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ
حَبِيبٌ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ
هَارُونَ : طَلَبنَا الْعِلْمَ لِغَيْرِ اللَّهِ فَأَبَى أَنْ يَرُدَّنَا
إلَّا إلَى اللَّهِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ إنَّ مَعْمَرًا قَالَ :
كَانَ يُقَالُ إنَّ الرَّجُلَ لَيَطْلُبُ الْعِلْمَ لِغَيْرِ اللَّهِ
فَيَأْبَى عَلَيْهِ الْعِلْمُ حَتَّى يَكُونَ لِلَّهِ .
وَرَوَى الْخَلَّالُ أَخْبَرَنِي


حَرْبٌ
ثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ ثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ قَالَ
: قَالُوا لِسُفْيَانَ إنَّ أَصْحَابَ الْحَدِيث يَطْلُبُونَ الْحَدِيثَ
بِغَيْرِ نِيَّةٍ ، قَالَ طَلَبُهُمْ لَهُ نِيَّةٌ إسْنَادٌ صَحِيحٌ .
وَعَنْ سُفْيَانَ قَالَ : إنَّمَا فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى غَيْرِهِ
لِأَنَّهُ يَتَّقِي رَبَّهُ .
وَعَنْ
الْحَسَنِ قَالَ يُبْقِي اللَّهُ لِهَذَا الْعِلْمِ قَوْمًا يَطْلُبُونَهُ
وَلَا يَطْلُبُونَهُ خَشْيَةً وَلَيْسَتْ لَهُمْ نِيَّةٌ يَبْعَثُهُمْ
اللَّهُ تَعَالَى كَيْ لَا يَضِيعَ الْعِلْمُ فَيَبْقَى عَلَيْهِمْ
حُجَّةً .
وَعَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ : مَا مِنْ شَيْءٍ أَفْضَلُ
مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ لِلَّهِ وَمَا مِنْ شَيْءٍ أَبْغَضُ إلَى اللَّهِ
مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ لِغَيْرِ اللَّهِ .
وَقَالَ أَحْمَدُ : ثَنَا
يُونُس وَشُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبِي طُوَالَةَ عَنْ سَعِيدِ
بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى
بِهِ وَجْهُ اللَّهِ لَا يَتَعَلَّمُهُ إلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنْ
الدُّنْيَا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ } وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ شُرَيْحٍ .
فُلَيْحٌ وَإِنْ
كَانَ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ فَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ
وَأَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ ، وَفِي مَعْنَاهُ عَنْ
ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا { مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا لِغَيْرِ اللَّهِ ،
أَوْ أَرَادَ بِهِ غَيْرَ اللَّهِ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ
النَّارِ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ .
وَعَنْ
جَابِرِ مَرْفُوعًا { لَا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ
الْعُلَمَاءَ وَلَا لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ وَلَا لِتُحَدِّثُوا
بِهِ فِي الْمَجَالِسِ ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَالنَّارَ النَّارَ }
رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْبَيْهَقِيّ ، وَانْفَرَدَ بِهِ ابْنُ
مَاجَهْ عَنْ الْكُتُبِ السِّتَّةِ فَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ
سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ
جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ


.
وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ مُرْسَلًا .
وَيَحْيَى
بْنِ أَيُّوبَ هُوَ الْمَغَافِقِيُّ وَإِنْ كَانَ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحِ
فَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ أَحْمَدُ وَأَبُو حَاتِمٍ وَالدَّارَقُطْنِيّ
وَابْنُ الْقَطَّانِ وَغَيْرُهُمْ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ هَذَا الْخَبَرَ
مِنْ مَنَاكِيرِهِ .
وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ مَرْفُوعًا { مَنْ
طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ
السُّفَهَاءَ وَيَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إلَيْهِ أَدْخَلَهُ
اللَّهُ النَّارَ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا
مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ لَيْسَ
بِالْقَوِيِّ عِنْدَهُمْ .
وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
مَرْفُوعًا حَدِيثُ { الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ يُؤْمَرُ بِهِمْ إلَى
النَّارِ وَهُمْ الْمُجَاهِدُ الْمُرَائِي لِيُقَالَ إنَّهُ جَرِيءٌ ،
وَالْمُنْفِقُ الْمُبَاهِي لِيُقَالَ إنَّهُ جَوَادٌ ، وَالرَّجُلُ
الَّذِي يَقُولُ تَعَلَّمْت الْعِلْمَ وَقَرَأْتُ الْقُرْآنَ ، فَيَقُولُ
اللَّهُ كَذَبْتَ إنَّمَا أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلَانُ جَرِيءٌ وَفُلَان
قَارِئٌ وَقَدْ قِيلَ ، ثُمَّ يُسْحَبُ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى يُلْقَى فِي
النَّارِ .
} .
وَعَنْ زَيْدٍ بْنِ أَرْقَمَ مَرْفُوعًا كَانَ
يَقُولُ : { اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ ،
وَقَلْبٍ لَا يَخْشَعُ ، وَنَفْسٍ لَا تَشْبَعُ ، وَدَعْوَةٍ لَا
يُسْتَجَابُ لَهَا } وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ عَنْ
حَمَّادٍ بْنِ سَلِمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا وَفِيهِ {
وَعَمَلٍ لَا يُرْفَعُ } بَدَلَ { نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ } وَكَانَ ابْنُ
مَسْعُودٍ يَقُولُ تَعَلَّمُوا فَمَنْ عَلِمَ فَلْيَعْمَلْ وَكَانَ
يَقُولُ إنِّي لَأَحْسَبُ أَنَّ الرَّجُلَ يَنْسَى الْعِلْمَ
لِلْخَطِيئَةِ يَعْمَلُهَا .
وَعَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ مَرْفُوعًا { لَا
تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ
أَرْبَعٍ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ
بِهِ ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ؟
وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ } ؟ إسْنَاده جَيِّدٌ ،


وَسَعِيدٌ رَوَى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَوَثَّقَهُ ابْنُ
حِبَّانَ وَلَا وَجْهُ لِقَوْلِ أَبِي حَاتِمٍ مَجْهُولٌ .
وَرَوَى حَدِيثَهُ هَذَا التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَى
الْبَيْهَقِيّ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ .
وَقَالَ
ابْنُ وَهْبٍ : أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ وَفِي نُسْخَةٍ
سَلَّامٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مِقْسَمٍ وَهُوَ كَذَّابٌ مَتْرُوكٌ
عِنْدَهُمْ ، وَعَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { أَشَدُّ
النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَالِمٌ لَمْ يَنْفَعْهُ اللَّهُ
بِعِلْمِهِ } وَأَمَّا مَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ
وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ
سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ قَالَ :
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { يَقُولُ اللَّهُ
تَعَالَى لِلْعُلَمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إنِّي لَمْ أَجْعَلْ حُكْمِي
وَعِلْمِي فِيكُمْ إلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَغْفِرَ لَكُمْ عَلَى مَا
كَانَ مِنْكُمْ وَلَا أُبَالِي } فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ
وَتَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ السَّابِقَةُ ، وَلَوْ صَحَّ
فَالْمُرَادُ بِهِ الْعُلَمَاءُ الْأَخْيَارُ ، وَقَدْ قَالَ
الْبَيْهَقِيّ : وَلَا أَرَاهُ مَحْفُوظًا .
وَرَوَى ابْنُ عَدِيٍّ
وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ رُوَاةِ صَدَقَةَ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ كَذَّابٌ مَتْرُوكٌ
بِالِاتِّفَاقِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي
هِنْدٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ مَرْفُوعًا { يَقُولُ اللَّهُ
تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْعُلَمَاءِ : إنِّي أَضَعُ عِلْمِي
فِيكُمْ إلَّا لِعِلْمِي بِكُمْ وَلَمْ أَضَعْ عِلْمِي فِيكُمْ
لِأُعَذِّبَكُمْ ، انْطَلِقُوا فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ } وَقَالَ : {
يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : لَا تُحَقِّرُوا عَبْدًا آتَيْتُهُ
عِلْمًا فَإِنِّي لَمْ أُحَقِّرْهُ حِينَ عَلَّمْتُهُ } قَالَ ابْنُ
عَدِيٍّ : هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بَاطِلٌ ، وَذَكَرَهُ
فِي تَرْجَمَةِ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَإِنَّمَا
يُعْرَفُ بَعْضُ هَذَا عَنْ أَبِي


عَمْرٍو الصَّنْعَانِيِّ قَالَ :
{ إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ عَزَلَتْ الْمَلَائِكَةُ الْعُلَمَاءَ
فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْحِسَابِ قَالَ لَمْ أَجْعَلْ حُكْمِي فِيكُمْ
إلَّا خَيْرًا أُرِيدُهُ فِيكُمْ اُدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا فِيكُمْ } .


وَقَالَ
ابْنُ الْمُبَارَكِ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الرَّجُلِ مَالٌ فَلَيْسَ
عَلَيْهِ وَاجِبًا أَنْ يَتَعَلَّمَ الزَّكَاةَ فَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ
مِائَتَا دِرْهَمٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ كَيْفَ يُخْرِجُ
وَأَيْنَ يَضَعُ ، وَسَائِرُ الْأَعْمَالِ عَلَى هَذَا .
وَعَنْ
عَطَاءٍ قَالَ مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا لِلذِّكْرِ كَفَّرَ سَبْعِينَ
مَجْلِسًا مِنْ مَجَالِسِ الْبَاطِلِ ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَجْلِسُ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُكَفِّرُ سَبْعِينَ أَلْفًا مِنْ مَجَالِسِ
الْبَاطِلِ قَالَ عَطَاءٌ وَمَجَالِسُ الذِّكْرِ كَيْفَ أُصَلِّي كَيْفَ
أُزَكِّي كَيْفَ أَحُجُّ كَيْفَ أَنْكِحُ كَيْفَ أُطَلِّقُ كَيْفَ أَبِيعُ
كَيْفَ أَشْتَرِي .
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ لِأَبِي عَبْدِ
اللَّهِ : إنَّ قَوْمًا يَكْتُبُونَ الْحَدِيثَ وَلَا أَرَى أَثَرَهُ
عَلَيْهِمْ وَلَا يُرَى لَهُمْ وَقْرٌ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ
يُؤَوِّلُونَ فِي الْحَدِيثِ إلَى خَيْرٍ وَقَالَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ
يَوْمًا وَمَعِي كِتَابٌ لَهُ فَرَمَيْت بِهِ مِنْ قَامَتِي
فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ تَرْمِي بِكَلَامِ الْأَبْرَارِ .
وَقَالَ
الشَّعْبِيُّ : زَيْنُ الْعِلْمِ حِلْمُ أَهْلِهِ وَقَالَ أَيْضًا إنَّ
هَذَا الْعِلْمَ لَا يَصْلُحُ إلَّا لِمَنْ فِيهِ عَقْلٌ وَنُسُكٌ ،
فَالْيَوْمَ يَطْلُبُهُ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَلَا نُسُكَ فِيهِ وَقَالَ
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ زَيْدِ بْن أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ
بْنِ يَسَارٍ قَالَ : لَمْ نَرَ شَيْئًا إلَى شَيْءٍ أَزْيَنَ مِنْ حِلْمٍ
إلَى عِلْمٍ .
وَقَالَ أَبُو دَاوُد لِأَحْمَدَ كَتَبْتَ الْحَدِيثَ
بِنِيَّةٍ قَالَ : شَرْطُ النِّيَّةِ شَدِيدٌ وَلَكِنْ حُبِّبَ إلَيَّ
فَجَمَعْتُهُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ سَأَلْتُ أَبِي عَنْ رَجُلٍ مَلَكَ
خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَهُوَ رَجُلٌ جَاهِلٌ أَيَحُجُّ بِهَا ، أَوْ
يَطْلُبُ الْعِلْمَ ، قَالَ : يَحُجُّ لِأَنَّ الْحَجَّ فَرِيضَةٌ
وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَطْلُبَ الْعِلْمَ وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ قِيلَ :
لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ لَهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ تَرَى أَنْ
يَصْرِفَهُ فِي الْغَزْوِ وَالْجِهَادِ أَوْ يَطْلُبَ الْعِلْمَ قَالَ :
إذَا كَانَ جَاهِلًا يَطْلُبُ الْعِلْمَ أَحَبَّ إلَيَّ وَقَالَ فِي
رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى


عَجِبْت لِمَنْ يَتَثَبَّطُ عَنْ
طَلَبِ الْعِلْمِ وَيَحْتَجُّونَ بِالْفُضَيْلِ وَلَعَلَّ الْفُضَيْلَ
قَدْ اكْتَفَى لَيْسَ يَتَثَبَّطُ عَنْ طَلَبِ الْعِلْمِ إلَّا جَاهِلٌ
وَقَالَ الرَّبِيعُ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ : طَلَبُ الْعِلْمِ
أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ .
وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ
مُطَرِّفٌ بْنُ الشِّخِّيرِ : فَضْلُ الْعِلْمِ خَيْرٌ مِنْ فَضْلِ
الْعِبَادَةِ وَخَيْرُ دِينِكُمْ الْوَرَعُ ، وَرُوِيَ مَرْفُوعًا
بِأَسَانِيدَ ضَعِيفَةٍ وَهُوَ صَحِيحٌ عَنْ مُطَرِّفٍ ذَكَرَهُ
الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مَعْمَرٍ
عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ : حَظٌّ مَنْ عِلْمٍ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ حَظِّ
عِبَادَةٍ ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ : مُذَاكَرَةُ الْعِلْمِ
سَاعَةً أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ إحْيَاءِ لَيْلَةٍ ، وَرُوِيَ مَنْ طَرِيقٍ
أُخْرَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ .
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ
أَخْبَرَنِي عُتْبَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ ابْنَ
مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ لَئِنْ أَجْلِسَ مَجْلِسَ فِقْهٍ سَاعَةً أَحَبُّ
إلَيَّ مِنْ صِيَامِ يَوْمٍ وَقِيَامِ لَيْلَةٍ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ
سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ مَسْعُودٍ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ :
الْعِلْمُ ، فَكَرَّرَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ الْعِلْمَ
، ثُمَّ قَالَ وَيْحَكَ إنَّ مَعَ الْعِلْمِ بِاَللَّهِ يَنْفَعُكَ
قَلِيلُ الْعِلْمِ وَكَثِيرُهُ ، وَمَعَ الْجَهْلِ بِاَللَّهِ لَا
يَنْفَعُكَ قَلِيلُ الْعِلْمِ وَلَا كَثِيرُهُ وَقَالَ أَبُو نَضْرَةَ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ : مُذَاكَرَةُ الْحَدِيثِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ
الْقُرْآنِ .
.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ
الزُّهْرِيِّ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بِمِثْلِ الْفِقْهِ ذَكَرَ ذَلِكَ
الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ فِي تَرْجَمَةِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ : قَالَ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
سَعِيدٍ سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ حَدَّثَنِي عَمْرو بْنُ مُرَّةَ سَمِعْتُ
أَبَا عُبَيْدَةَ قَالَ : قَالَ أَبُو مُوسَى لَمَقْعَدٌ كُنْتُ
أَقْعُدُهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ عَمَلِ سَنَةٍ فِي
نَفْسِي وَكَانَ يَحْيَى يَقُولُ فِيهِ سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى فَلَمْ
يَقُلْهُ لَنَا


يَعْلَى عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ
أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى وَهَذَا إنَّمَا قَالَهُ لِمَا
يَحْصُلُ لَهُ مِنْ عِلْمِهِ وَهَدْيِهِ وَسَمْتِهِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ :
الْعِلْمُ أَفْضَلُ مِنْ الْعَمَلِ لِمَنْ جَهِلَ ، وَالْعَمَلُ أَفْضَلُ
مِنْ الْعِلْمِ لِمَنْ عَلِمَ وَقَالَ حَرْبٌ سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ :
النَّاسُ مُحْتَاجُونَ إلَى الْعِلْمِ قَبْلَ الْخُبْزِ وَالْمَاءِ
لِأَنَّ الْعِلْمَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْإِنْسَانُ فِي كُلّ سَاعَةٍ
وَالْخُبْزُ وَالْمَاءُ فِي الْيَوْمِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ .
وَقَالَ
ابْنُ هَانِئٍ قِيلَ لَهُ يَطْلُبُ الرَّجُلُ الْحَدِيثَ بِقَدْرِ مَا
يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ انْتَفَعَ بِهِ ؟ قَالَ : الْعِلْمُ لَا يَعْدِلُهُ
شَيْءٌ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيُّ لَيْسَ قَوْمٌ عِنْدِي
خَيْرًا مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ لَيْسَ يَعْرِفُونَ إلَّا الْحَدِيثَ
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ : أَهْلُ الْحَدِيثِ أَفْضَلُ
مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْعِلْمِ وَقَالَ أَبُو إسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ
سَمِعْتُ أَحْمَدَ وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَنَّ رَجُلًا قَالَ إنَّ
أَصْحَابَ الْحَدِيثِ قَوْمُ سُوءٍ ، فَقَالَ هَذَا زِنْدِيقٌ .
وَقَالَ
الثَّوْرِيُّ أَكْثِرُوا مِنْ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ سِلَاحٌ وَقَالَ ابْنُ
الْمُبَارَكِ إنِّي لَأَسْمَعُ الْحَدِيثَ مَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَ
بِهِ وَلَا أَعْمَلَ بِهِ وَلَكِنْ لِأُعِدَّهُ لِأَخٍ مِنْ إخْوَانِي
يَقَعُ فِي الشَّيْءِ فَأَجِدُ لَهُ مَخْرَجًا ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ إلَى
مَتَى يَكْتُبُ الرَّجُلُ قَالَ حَتَّى يَمُوتَ وَقَالَ نَحْنُ إلَى
السَّاعَةِ نَتَعَلَّمُ .
وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيدٍ
وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ { لَنْ يَشْبَعَ الْمُؤْمِنُ مِنْ خَبَرٍ
يَسْمَعُهُ حَتَّى يَكُونَ مُنْتَهَاهُ الْجَنَّةَ } .
وَرَوَى الْخَلَّالُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عُمَرَ قَالَ تَفَقَّهُوا
قَبْلَ أَنْ تَسُودُوا .
وَذَكَرَهُ
الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي
كِتَابِ الْعُزْلَةِ : يُرِيدُ مَنْ لَمْ يَخْدِمْ الْعِلْمَ فِي صِغَرِهِ
يَسْتَحِي أَنْ يَخْدِمَهُ بَعْدَ كِبَرِ السِّنِّ وَإِدْرَاكِ
السُّؤْدُدِ قَالَ : وَبَلَغَنِي عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ رَحِمَهُ
اللَّهُ قَالَ


مَنْ تَرَأَّسَ فِي حَدَاثَتِهِ كَانَ أَدْنَى عُقُوبَتِهِ أَنْ
يَفُوتَهُ حَظٌّ كَثِيرٌ مِنْ الْعِلْمِ .
وَعَنْ
أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ مَنْ طَلَب الرِّيَاسَةَ
بِالْعِلْمِ قَبْلَ أَوَانِهِ لَمْ يَزَلْ فِي ذُلٍّ مَا بَقِيَ ، وَقِيلَ
لِلْمُبَرِّدِ لِمَ صَارَ أَبُو الْعَبَّاسِ يَعْنِي ثَعْلَبَ أَحْفَظَ
مِنْكَ لِلْغَرِيبِ وَالشِّعْرِ ؟ قَالَ لِأَنِّي تَرَأَّسْتُ وَأَنَا
حَدَثٌ وَتَرَأَّسَ وَهُوَ شَيْخٌ انْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ قَوْلَ عُمَرَ الْمَذْكُورَ مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ
عَنْ ابْن عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ
قِيسٍ عَنْهُ قِيلَ مَعْنَاهُ قَبْلَ أَنْ تَزَوَّجُوا .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا تَرَأَّسْتَ فَلَا سَبِيلَ إلَى التَّفَقُّهِ .
وَرَوَى
الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ عَنْ زُفَرَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يَا
زُفَرُ لَا تُحَدِّثْ قَبْلَ وَقْتِكَ فَيُسْتَخَفَّ بِكَ .
وَرَوَى
الْخَلَّالُ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يَضَعَ
التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ تَوَاضُعًا لِلَّهِ وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ
قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ قِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ كَيْفَ تَعْرِفُ
الْعَالِمَ الصَّادِقَ قَالَ الَّذِي يَزْهَدُ فِي الدُّنْيَا وَيُقْبِلُ
عَلَى آخِرَتِهِ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : نَعَمْ هَكَذَا يُرِيدُ
أَنْ يَكُونَ .
وَقَالَ الْفُضَيْلُ : يُغْفَرُ لِسَبْعَيْنِ جَاهِلًا
قَبْل أَنْ يُغْفَرَ لِعَالِمٍ وَاحِدٍ وَقَالَ أَحْمَدُ ثَنَا سُفْيَانُ
بْنُ عُيَيْنَةَ سَمِعْتُ فُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ قَالَ يُغْفَرُ لِجَاهِلٍ
سَبْعِينَ ذَنْبًا قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لِلْعَالِمِ ذَنْبٌ وَاحِدٌ
وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا : ثَنَا سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ ثَنَا جَعْفَرُ
بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ اللَّهَ يُعَافِي
الْأُمِّيِّينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا لَا يُعَافِي الْعُلَمَاءَ } .
وَذَكَرَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ هَذَا الْخَبَرَ فِي تَرْجَمَةِ
جَعْفَرٍ مِنْ الْمَنَاكِيرِ .
قَالَ : وَقِيلَ أَخْطَأَ مَنْ حَدَّثَ بِهِ عَنْ جَعْفَرٍ .
وَسَيَّارٌ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْأَزْدِيُّ :
عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ قَالَ


الْبَيْهَقِيُّ : مَحْمُولٌ إنْ صَحَّ عَلَى الْعَالِمِ
الْفَاجِرِ .


وَنَقَلَ
الْمَرُّوذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ قَالَ : الْعَالِمُ يُقْتَدَى بِهِ ، لَيْسَ
الْعَالِمُ مِثْلَ الْجَاهِلِ وَهَذَا مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ
الْمُبَارَكِ وَغَيْرِهِ .
وَنُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ أَيْضًا إنَّهُ
قِيلَ لَهُ : لِمَنْ نَسْأَلُ بَعْدَكَ ؟ فَقَالَ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ
يَعْنِي الْوَرَّاقَ فَقِيلَ إنَّهُ ضَيِّقُ الْعِلْمِ فَقَالَ : رَجُلٌ
صَالِحٌ مِثْلُهُ يُوَفَّقُ لِإِصَابَةِ الْحَقِّ .
وَقَالَ ابْنُ
عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ لَا يَنْبَغِي الْخُرُوجُ مِنْ عَادَاتِ النَّاسِ
إلَّا فِي الْحَرَامِ فَإِنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ تَرَكَ الْكَعْبَةَ وَقَالَ { لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ
الْجَاهِلِيَّةَ } وَقَالَ عُمَرُ لَوْلَا أَنْ يُقَالَ عُمَرُ زَادَ فِي
الْقُرْآنِ لَكَتَبْتُ آيَةَ الرَّجْمِ .
وَتَرَكَ أَحْمَدُ
الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ لِإِنْكَارِ النَّاسِ لَهَا ،
وَذَكَرَ فِي الْفُصُولِ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ
وَفَعَلَ ذَلِكَ إمَامُنَا أَحْمَدُ ثُمَّ تَرَكَهُ بِأَنْ قَالَ رَأَيْت
النَّاسَ لَا يَعْرِفُونَهُ ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ قَضَاءَ الْفَوَائِتِ فِي
مُصَلَّى الْعِيدِ وَقَالَ : أَخَافُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ بَعْضُ مَنْ
يَرَاهُ .
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ
عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ رَأَى عَلَى طَلْحَةَ ثَوْبًا
مَصْبُوغًا فَقَالَ مَا هَذَا ؟ قَالَ : إنَّهُ يَمْدُرُ ، فَقَالَ
إنَّكُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ أَئِمَّةٌ يَقْتَدِي بِكُمْ النَّاسُ ،
وَإِنَّ جَاهِلًا لَوْ رَأَى هَذَا لَقَالَ عَلَى طَلْحَةَ ثَوْبٌ
مَصْبُوغٌ فَلَا يَلْبَسُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ هَذِهِ الثِّيَابِ شَيْئًا
إنَّهُ مُحَرَّمٌ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ كُنَّا نَمْزَحُ وَنَضْحَكُ
فَلَمَّا صِرْنَا يُقْتَدَى بِنَا خَشِيتُ أَنْ لَا يَسْعَنَا
التَّبَسُّمُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَوْ صَلَحَ الْقُرَّاءُ لَصَلَحَ
النَّاسُ وَقَالَ أَيْضًا يُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ الْحَدِيثِ
مَكْفِيًّا لِأَنَّ الْآفَاتِ أَسْرَعُ إلَيْهِمْ وَأَلْسِنَةَ النَّاسِ
إلَيْهِمْ أَسْرَعُ وَإِذَا احْتَالَ ذُلَّ .
وَقَالَ أَبُو دَاوُد
السِّجِسْتَانِيُّ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى لِبَاسٍ وَمَطْعَمٍ دُونٍ أَرَاحَ
جَسَدَهُ وَقَالَ الْأَعْمَشُ عَنْ زَيْدِ


بْنِ وَهْبٍ رَأَيْتُ
بَيْنَ كَتِفَيْ عُمَرَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ رُقْعَةً بَعْضُهَا مِنْ أَدَمٍ
وَقَالَ مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ رَأَيْتُ
عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ
قَدْ رَقَّعَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ثَلَاثَ رِقَاعٍ لُبِّدَ بَعْضُهَا فَوْقَ
بَعْضٍ وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ : لَوْ نَظَرْتَ إلَى ثِيَابِ
شُعْبَةَ لَمْ تَكُنْ تَسْوَى عَشَرَةَ دَرَاهِمَ .
إزَارُهُ
وَرِدَاؤُهُ وَقَمِيصُهُ ، كَانَ شَيْخًا كَثِيرَ الصَّدَقَةِ وَقَالَ
عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ رَأَيْتُ الثَّوْرِيَّ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ
فَقَوَّمْتُ كُلَّ شَيْءٍ عَلَيْهِ حَتَّى نَعْلَهُ دِرْهَمًا
وَأَرْبَعَةَ دَوَانِقَ .
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ : يَنْبَغِي لِحَامِلِ
الْقُرْآنِ أَنْ يُعْرَفَ بِلَيْلِهِ إذْ النَّاسُ نَائِمُونَ ،
وَنَهَارِهِ إذْ النَّاسُ مُفْطِرُونَ ، وَبُكَائِهِ إذْ النَّاسُ
يَضْحَكُونَ ، وَبِحُزْنِهِ إذْ النَّاسُ يَفْرَحُونَ وَقَالَ
الثَّوْرِيُّ الْعَالِمُ طَبِيبُ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، وَالْمَالُ الدَّاءُ
فَإِذَا كَانَ الطَّبِيبُ يَجُرُّ الدَّاءَ إلَى نَفْسِهِ كَيْفَ
يُعَالِجُ غَيْرَهُ ؟ وَعَنْ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
أَنَّهُ قَالَ : يَا مَعْشَرَ الْحَوَارِيِّينَ ارْضَوْا بِدَنِيِّ
الدُّنْيَا مَعَ سَلَامَةِ الدِّينِ كَمَا رَضِيَ أَهْلُ الدُّنْيَا
بِدَنِيِّ الدِّينِ مَعَ سَلَامَةِ الدُّنْيَا .
وَرَوَى ابْنُ بَطَّةَ
عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أَبِي مُوسَى أَنَّ الْفِقْهَ لَيْسَ
بِسِعَةِ الْهَذَرِ وَكَثْرَةِ الرِّوَايَةِ إنَّمَا الْفِقْهُ خَشْيَةُ
اللَّهِ وَرَوَى أَيْضًا عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ : لَا يَكُونُ
الْعَالِمُ عَالِمًا حَتَّى يَكُونَ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ : لَا
يُحَقِّرُ مَنْ دُونَهُ فِي الْعِلْمِ ، وَلَا يَحْسُدُ مَنْ فَوْقَهُ ،
وَلَا يَأْخُذُ دُنْيَا .
وَرَوَى أَيْضًا عَنْ الْحَسَنِ قَالَ :
الْفَقِيهُ الْوَرِعُ الزَّاهِدُ الْمُقِيمُ عَلَى سُنَّةِ مُحَمَّدٍ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لَا يَسْخَرُ بِمَنْ أَسْفَلَ
مِنْهُ وَلَا يَهْزَأُ بِمَنْ فَوْقَهُ وَلَا يَأْخُذُ عَلَى عِلْمٍ
عَلَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حُطَامًا وَقَالَ أَيْضًا مَا رَأَيْتُ
فَقِيهًا قَطُّ .
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ

عَنْهُ كَانَ الرَّجُلُ
يَطْلُبُ الْعِلْمَ فَلَا يَلْبَثُ أَنْ يُرَى ذَلِكَ فِي تَخَشُّعِهِ
وَهَدْيِهِ وَلِسَانِهِ وَبَصَرِهِ وَيَدِهِ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ
عَنْ مَالكِ بْنِ دِينَارٍ سَأَلْت الْحَسَنَ مَا عُقُوبَةُ الْعَالِمِ
قَالَ : مَوْتُ الْقَلْبِ قُلْتُ وَمَا مَوْتُ الْقَلْبِ قَالَ : طَلَبُ
الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : بَلَغَنِي
أَنَّهُ يُقَالُ وَيْلٌ لِلْمُتَفَقِّهِينَ لِغَيْرِ الْعِبَادَةِ ،
وَالْمُسْتَحَلِّينَ الْمُحَرَّمَاتِ بِالشُّبُهَاتِ وَقَالَ مَالِكُ إنَّ
حَقًّا عَلَى مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَقَارٌ
وَسَكِينَةٌ وَخَشْيَةٌ ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَّبِعًا لِأَثَرِ مَنْ مَضَى
قَبْلَهُ وَقَالَ الرَّبِيعُ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ : أَخْشَى
أَنْ أَطْلُبَ الْعِلْمَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ أَنْ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : زِينَةُ الْعِلْمِ
الْوَرَعُ وَالْحِلْمُ وَقَالَ أَيْضًا لَا يَجْمُلُ الْعِلْمُ وَلَا
يَحْسُنُ إلَّا بِثَلَاثِ خِلَالٍ : تَقْوَى اللَّهِ ، وَإِصَابَةِ
السُّنَّةِ ، وَالْخَشْيَةِ .
وَقَالَ أَيْضًا لَيْسَ الْعِلْمُ مَا
حُفِظَ ، الْعِلْمُ مَا نَفَعَ وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ لِأَيُّوبَ إذَا
حَدَثَ لَك عِلْمٌ فَأَحْدِثْ فِيهِ عِبَادَةً وَلَا يَكُنْ هَمُّكَ أَنْ
تُحَدِّثَ بِهِ النَّاسَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ
وَكِيعًا يَقُول : قَالَتْ أُمُّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ : اذْهَبْ
فَاطْلُبْ الْعِلْمَ حَتَّى أَعُولَكَ أَنَا بِمِغْزَلِي ، فَإِذَا
كَتَبْتَ عَشَرَةَ أَحَادِيثَ فَانْظُرْ هَلْ فِي نَفْسِكَ زِيَادَةٌ
فَابْتَغِهِ وَإِلَّا فَلَا تَتَعَنَّى .
وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ بَلَغَنِي أَنَّ الْعُلَمَاءَ فِيمَا
مَضَى كَانُوا إذَا تَعَلَّمُوا عَمِلُوا .
وَإِذَا عَمِلُوا ، شُغِلُوا ، وَإِذَا شُغِلُوا فُقِدُوا ، وَإِذَا
فُقِدُوا طُلِبُوا .
وَإِذَا
طُلِبُوا هَرَبُوا وَقَالَ عُمَرُ : تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَتَعَلَّمُوا
لِلْعِلْمِ السَّكِينَةَ وَالْحِلْمَ وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ يُعْلِمُكُمْ
وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ تُعَلِّمُونَ وَلَا تَكُونُوا مِنْ جَبَّارِي
الْعُلَمَاءِ فَلَا يَقُومُ عَمَلُكُمْ مَعَ جَهْلِكُمْ .
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى