صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا يُسْقِيَنَّ أَحَدُكُمْ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ } .
وَقَدْ
{ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعٍ
وَشَرْطٍ } وَقَدْ كُنْت أَشْرُطُ الْخِيَارَ لِنَفْسِي فَأَسْتَغْفِرُ
اللَّهَ مِنْ ذَلِكَ ، فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ إذَا وَرَدَ وَسَمِعَهُ
الْعَوَامُّ كَانَ نَسْخًا عِنْدَهُمْ لِأَحْكَامِ الشَّرْعِ وَإِنَّمَا
الرَّاوِي إذَا كَانَ قَادِرًا أَنْ يُبَيِّنَ خُصُوصَ الْعَامِّ
الْمُخَصَّصِ وَتَقْيِيدَ الْمُطْلَقِ بِتَقْيِيدِهِ وَإِلَّا
فَمُخَاطَرَةٌ ، وَرُبَّمَا قَرَأَ نَفْسَ الرَّحْمَنِ مِنْ الْيَمِينِ "
وَالْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ " وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ
اعْتَقَدَ ظَاهِرَ هَذَا كَفَرَ .
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي
كِتَابِ السِّرِّ الْمَكْتُومِ لَا يَصْلُحُ لِإِيدَاعِ الْأَسْرَارِ
كُلُّ أَحَدٍ وَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ وَقَعَ بِكَنْزٍ أَنْ يَكْتُمَهُ
مُطْلَقًا فَرُبَّمَا ذَهَبَ هُوَ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِالْكَنْزِ ،
وَكَمَا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يُخَاطِبَ الْعَوَامَّ
بِكُلِّ عِلْمٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَخُصَّ الْخَوَاصَّ بِأَسْرَارِ
الْعِلْمِ لِاحْتِمَالِ هَؤُلَاءِ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ أُولَئِكَ ،
وَقَدْ عُلِمَ تَفَاوُتُ الْأَفْهَامِ ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : { وَلَوْ
رَدُّوهُ إلَى الرَّسُولِ } .
وَقَالَ { وَمَا يَعْقِلُهَا إلَّا
الْعَالِمُونَ } وَقَالَ { اُدْعُ إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ
وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ } الْآيَةَ وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى } وَقَالَ أَبُو
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ بَثَثْتُ أَحَدَهُمَا وَلَوْ
بَثَثْتُ الْآخَرَ لَقُطِعَ هَذَا الْحُلْقُومُ .
وَهَذَا يُشْكِلُ
فَيُقَالُ كَيْفَ كَتَمَ الْعِلْمَ ؟ وَلَا أَحْسِبُ هَذَا الْمَكْتُومَ
إلَّا مِثْلَ قَوْلِهِ { إذَا بَلَغَ بَنُو أَبِي الْعَاصِ ثَلَاثِينَ
رَجُلًا جَعَلُوا مَالَ اللَّهِ دُوَلًا } وَمِثْلَ ذِكْرِ قَتْلِ
عُثْمَانَ وَمَا سَيَظْهَرُ مِنْ الْفِتَنِ .
وَمِنْ التَّغْفِيلِ تَكَلُّمِ الْقُصَّاصِ عِنْدَ الْعَوَامّ الْجَهَلَةِ بِمَا لَا يَنْفَعُهُمْ ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي
أَنْ
يُخَاطَبَ الْإِنْسَانُ عَلَى قَدْرِ فَهْمِهِ وَمُخَاطَبَةُ الْعَوَامّ
صَعْبَةٌ فَإِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَرَى رَأْيًا يُخَالِفُ فِيهِ
الْعُلَمَاءَ وَلَا يَنْتَهِي .
وَقَدْ رَأَيْنَا أَنَّ امْرَأَةً
قَالَتْ لِوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِ زَوْجِهَا : هَذَا زَوْجِي كَافِرٌ قَالَ
: وَكَيْفَ ؟ قَالَتْ : طَلَّقَنِي بُكْرَةً وَضَاجَعَنِي فِي اللَّيْلِ ،
فَقَالَ : أَنَا أَقْتُلُهُ وَمَا عَلِمَ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ
وَأَنَّهُ قَدْ أَشْهَدَ عَلَى ارْتِجَاعِهَا مِنْ غَيْرِ عِلْمِهَا ،
أَوْ أَنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْوَطْءَ رَجْعَةٌ وَرَأَى رَجُلٌ رَجُلًا
يَأْكُلُ فِي رَمَضَانَ فَهَمَّ بِقَتْلِهِ وَمَا عَلِمَ أَنَّهُ
مُسَافِرٌ فَالْوَيْلُ لِلْعُلَمَاءِ مِنْ مُقَاسَاةِ الْجَهَلَةِ .
ثُمَّ
رَوَى بِإِسْنَادِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا { مَا
أَنْتَ مُحَدِّثٌ قَوْمًا حَدِيثًا لَمْ تَبْلُغْهُ عُقُولُهُمْ إلَّا
كَانَ عَلَى بَعْضِهِمْ فِتْنَةً } وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُسِرُّ إلَى
قَوْمٍ وَلَا يُحَادِثُ قَوْمًا وَقَالَ عَمَّنْ وَعَظَ الْعَوَامَّ
لِيَحْذَرَ الْخَوْضَ فِي الْأُصُولِ فَإِنَّهُمْ لَا يَفْهَمُونَ ذَلِكَ
لَكِنَّهُ يُوجِبُ الْفِتَنَ وَرُبَّمَا كَفَّرُوهُ مَعَ كَوْنِهِمْ
جَهَلَةً .
وَيَنْبَغِي أَنْ يَمْدَحَ جَمِيعَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَا يَتَعَرَّضَ بِتَخْطِئَةِ أَحَدٍ مِنْهُمْ فَقَلَّ
أَنْ يَرْجِعَ ذُو هَوًى عَنْ عَصَبِيَّتِهِ وَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا
فَمَا يَسْتَفِيدُ مُكَلِّمُ النَّاسِ بِمَا قَدْ رَسَخَ فِي قُلُوبِهِمْ
غَيْرُهُ إلَّا الْبُغْضَ وَالْوَقِيعَةَ فِيهِ فَإِنْ سَأَلَهُ ذُو هَوًى
تَلَطَّفَ فِي الْأَمْرِ وَأَشَارَ لَهُ إلَى الصَّوَابِ ، وَذَكَرْتُ
مَرَّةً أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْعَلَوِيِّينَ خَرَجُوا عَلَى
الْخُلَفَاءِ فَعَادَانِي الْعَلَوِيُّونَ وَقُلْتُ مَا أَسْلَمَ أَبُو
طَالِبٍ فَزَادَتْ عَدَاوَتُهُمْ ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْوَاعِظِ أَنْ
يَتَعَرَّضَ لِغَيْرِ الْوَعْظِ فَإِنَّهُ يُعَادَى وَمَا يَتَغَيَّرُ ذُو
عَقِيدَةٍ .
وَاعْلَمْ أَنَّ أَغْرَاضَ الْعَوَامّ لَا يَقْدِرُ
الْعُلَمَاءُ عَلَى تَغْيِيرِهَا فَقَدْ رَأَيْنَا مِنْ الْوُعَّاظِ مَنْ
كَانَ مَعْرُوفًا بِالتَّشَيُّعِ ذُكِرَ يَوْمًا أَنَّ عَلَيَّ بْنَ أَبِي
طَالِبٍ
يَوْمًا شَرِبَ الْخَمْرَ حِينَ كَانَتْ مُبَاحَةً
فَهَجَرُوهُ وَسَبُّوهُ وَسُئِلَ آخَرُ هَلْ يَسْمَعُ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ صَلَاةَ مَنْ يُصَلِّي
عَلَيْهِ فَقَالَ لَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ فَضَجُّوا بِلَعْنَتِهِ .
وَقَالَ
آخَرُ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الصِّبْيَانِ عَلِيٌّ فَغَضِبَ قَوْمٌ
وَقَالُوا كَأَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ مُسْلِمًا فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ
مُخَاطَبَةِ مَنْ لَا يَفْهَمُ بِمَا لَا يُحْتَمَلُ .
وَقَدْ جَرَتْ
فِتَنٌ بَيْنَ أَهْلِ الْكَرْخِ وَأَهْلِ بَابِ الْبَصْرَةِ سِنِينَ
قُتِلَ فِيهَا مِنْ الْفَرِيقَيْنِ خَلْقٌ كَثِيرٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ
لِمَ قَتَلَ وَلَا الْمَقْتُولُ ، وَإِنَّمَا كَانَتْ لَهُمْ أَهْوَاءٌ
مَعَ الصَّحَابَةِ فَاسْتَبَاحُوا بِأَهْوَائِهِمْ الْقَتْلَ فَاحْذَرْ
الْعَوَامَّ كُلَّهُمْ وَالْخَلْقَ جُمْلَةً فَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ :
فَسَدَ الزَّمَانُ فَلَا كَرِيمٌ يُرْتَجَى مِنْهُ النَّوَالُ وَلَا
مَلِيحٌ يُعْشَقُ .
فَصْلٌ ( فِي هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَلَامِ ) .
قَالَ
أَبُو دَاوُد بَابُ الْهَدْيِ فِي الْكَلَامِ حَدَّثَنَا عَبْدُ
الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ يَعْنِي
ابْنَ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ
عُتْبَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : { كَانَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا جَلَسَ يَتَحَدَّثُ يُكْثِرُ أَنْ
يَرْفَعَ طَرْفَهُ إلَى السَّمَاءِ } ابْنُ إِسْحَاقَ مُدَلِّسٌ ، ثُمَّ
رَوَى مِنْ حَدِيثِ مِسْعَرٍ سَمِعْتُ شَيْخًا فِي الْمَسْجِدِ سَمِعْتُ
جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ : { كَانَ فِي كَلَامِ رَسُولِ
اللَّهِ تَرْتِيلٌ أَوْ تَرْسِيلٌ } .
ثُمَّ رَوَى مِنْ حَدِيثِ
سُفْيَانَ عَنْ أُسَامَةَ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ
عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : { كَانَ
كَلَامُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَامًا
فَصْلًا يَفْهَمُهُ كُلُّ مَنْ يَسْمَعُهُ ، وَقَالَتْ كَانَ يُحَدِّثُنَا
حَدِيثًا لَوْ عَدَّهُ الْعَادُّ لَأَحْصَاهُ وَقَالَتْ إنَّهُ لَمْ
يَكُنْ يَسْرُدُ الْحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ أَنَّهُ كَانَ { إذَا
تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا حَتَّى تُفْهَمَ عَنْهُ فَإِذَا
أَتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سَلَّمَ ثَلَاثًا } .
فَصْلٌ كَرَاهَةُ التَّشَدُّقِ فِي الْكَلَامِ .
عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { إنَّ اللَّهَ عَزَّ
وَجَلَّ يُبْغِضُ الْبَلِيغَ مِنْ الرِّجَالِ الَّذِي يَتَخَلَّلُ
بِلِسَانِهِ كَمَا تَتَخَلَّلُ الْبَقَرُ بِلِسَانِهَا } إسْنَادُهُ
جَيِّدٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ الَّذِي يَتَشَدَّقُ فِي الْكَلَامِ
وَيُفَخِّمُ بِهِ لِسَانَهُ وَيَلُفُّهُ كَمَا تَلُفُّ الْبَقَرَةُ
الْكَلَأَ بِلِسَانِهَا لَفًّا ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ
بْنِ مَنِيعٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ أَبِي غَسَّانَ مُحَمَّدِ
بْنِ مُطَرِّفٍ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ
الْبَاهِلِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : { الْحَيَاءُ وَالْعِيُّ شُعْبَتَانِ مِنْ الْإِيمَانِ ،
وَالْبَذَاءُ وَالْبَيَانُ شُعْبَتَانِ مِنْ النِّفَاقِ } كُلُّهُمْ
ثِقَاتٌ .
وَفِي أَطْرَافِ الْحَافِظِ ابْنِ عَسَاكِرَ حَسَّانُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ .
وَإِنَّمَا
جُعِلَ الْحَيَاءُ وَهُوَ غَرِيزَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ وَهُوَ اكْتِسَابٌ
لِأَنَّ الْمُسْتَحْيِي يَنْقَطِعُ بِحَيَائِهِ عَنْ الْمَعَاصِي فَصَارَ
كَالْإِيمَانِ الَّذِي يَقْطَعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ ، وَإِنَّمَا
جَعَلَهُ بَعْضَهُ لِأَنَّ الْإِيمَانَ يَنْقَسِمُ إلَى ائْتِمَارِ مَا
أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَانْتِهَاءٍ عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ .
فَإِذَا
حَصَلَ الِانْتِهَاءُ بِالْحَيَاءِ كَانَ بَعْضَ الْإِيمَانِ ، وَالْعِيُّ
قِلَّةُ الْكَلَامِ ، وَالْبَذَاءُ الْفُحْشُ فِي الْكَلَامِ .
وَرَوَى
التِّرْمِذِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خِرَاشٍ
الْبَغْدَادِيُّ ثَنَا حَسَّانُ بْنُ هِلَالٍ ثَنَا مُبَارَكُ بْنُ
فَضَالَةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { إنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ
مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا ، وَإِنَّ
أَبْغَضَكُمْ إلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي
يَوْمَ الْقِيَامَةِ
الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ قَالُوا يَا
رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارِينَ وَالْمُتَشَدِّقِينَ
فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ ؟ قَالَ : الْمُتَكَبِّرُونَ } مُبَارَكٌ ثِقَةٌ
تَكَلَّمَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنْ جِهَةِ التَّدْلِيسِ وَقَدْ زَالَ قَالَ
التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ .
وَرَوَاهُ
بَعْضُهُمْ عَنْ مُبَارَكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ
جَابِرٍ وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ رَبِّهِ وَهَذَا أَصَحُّ قَالَ فِي
النِّهَايَةِ الثَّرْثَارُ الَّذِي يُكْثِرُ الْكَلَامَ تَكَلُّفًا
وَخُرُوجًا عَنْ الْحَقِّ ، وَالثَّرْثَرَةُ كَثْرَةُ الْكَلَامِ
وَتَرْدِيدُهُ .
وَالْمُتَشَدِّقُ الْمُتَوَسِّعُ فِي الْكَلَامِ مِنْ
غَيْرِ احْتِيَاطٍ وَاحْتِرَازٍ ، وَقِيلَ الْمُسْتَهْزِئُ بِالنَّاسِ
يَلْوِي شِدْقَهُ بِهِمْ وَعَلَيْهِمْ قَالَ وَالْمُتَفَيْهِقُ الَّذِي
يَتَوَسَّعُ فِي الْكَلَامِ وَيَفْتَحُ فَاهُ بِهِ مَأْخُوذٌ مِنْ
الْفَهْقِ وَهُوَ الِامْتِلَاءُ الِاتِّسَاعُ يُقَالُ أَفْهَقْتُ
الْإِنَاءَ فَفَهِقَ يَفْهَقُ فَهْقًا .
ثُمَّ رَوَى أَبُو دَاوُد فِي
هَذَا الْبَابِ وَهُوَ بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُتَشَدِّقِ فِي الْكَلَامِ
ثَنَا ابْنُ السَّرْحِ أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
الْمُسَيِّبِ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ
تَعَلَّمَ صَرْفَ الْكَلَامِ لِيَسْبِيَ بِهِ قُلُوبَ الرِّجَالِ أَوْ
النَّاسِ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا
عَدْلًا } عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُسَيِّبِ تَفَرَّدَ عَنْهُ ابْنُ
وَهْبٍ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَرْفُ الْحَدِيثِ مَا يَتَكَلَّفُهُ
الْإِنْسَانُ مِنْ الزِّيَادَةِ فِيهِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَإِنَّمَا
كُرِهَ لِمَا يَدْخُلُهُ مِنْ الرِّيَاءِ وَالتَّصَنُّعِ وَلِمَا
يُخَالِطُهُ مِنْ الْكَذِبِ وَالتَّزَيُّدِ .
يُقَالُ فُلَانٌ لَا
يُحْسِنُ صَرْفَ الْكَلَامِ أَيْ فَضْلُ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ ، وَهُوَ
مِنْ صَرْفِ الدَّرَاهِمِ وَتَفَاضُلِهَا ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ .
وَالصَّرْفُ التَّوْبَةُ وَقِيلَ النَّافِلَةُ وَالْعَدْلُ الْفِدْيَةُ وَقِيلَ
الْفَرِيضَةُ وَتَكَرَّرَتْ هَاتَانِ اللَّفْظَتَانِ فِي الْحَدِيثِ .
وَرَوَى
أَيْضًا ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ أَنَّهُ قَرَأَ فِي
أَصْلِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ وَحَدَّثَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ
ابْنَهُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنِي ضَمْضَمٌ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ
عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو طِيبَةَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ
يَوْمًا وَقَالَ رَجُلٌ فَأَكْثَرَ الْقَوْلَ فَقَالَ عَمْرُو لَوْ قَصَدَ
فِي قَوْلِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { أُمِرْتُ أَنْ أَتَجَوَّزَ فِي
الْقَوْلِ فَإِنَّ الْجَوَازَ هُوَ خَيْرٌ } مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ
لَيْسَ بِذَاكَ وَضَمْضَمٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَعَنْ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ الَّذِينَ يُشَقِّقُونَ الْكَلَامَ تَشْقِيقَ الشِّعْرِ }
رَوَاهُ أَحْمَدُ .
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَدِمَ رَجُلَانِ مِنْ
الْمَشْرِقِ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَخَطَبَا فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا فَقَالَ { إنَّ
مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا أَوْ إنَّ مِنْ بَعْضِ الْبَيَانِ لَسِحْرًا }
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمْ قَالَ فِي
النِّهَايَةِ أَيْ مِنْهُ مَا يَصْرِفُ قُلُوبَ السَّامِعِينَ وَإِنْ
كَانَ غَيْرَ حَقٍّ وَقِيلَ مَعْنَاهُ إنَّ مِنْ الْبَيَانِ مَا
يُكْتَسَبُ بِهِ مِنْ الْإِثْمِ مَا يَكْتَسِبُهُ السَّاحِرُ بِسِحْرِهِ
فَيَكُونُ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَعْرِضِ
الْمَدْحِ لِأَنَّهُ تُسْتَمَالُ بِهِ الْقُلُوبُ وَيَتَرَضَّى بِهِ
السَّاخِطُ وَيُسْتَنْزَلُ بِهِ الصَّعْبُ .
وَالسِّحْرُ فِي
كَلَامِهِمْ صَرْفُ الشَّيْءِ عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ
الْبَرِّ تَأَوَّلَتْهُ طَائِفَةٌ عَلَى الذَّمِّ لِأَنَّ السِّحْرَ
مَذْمُومٌ وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ
الْأَدَبِ إلَى أَنَّهُ عَلَى الْمَدْحِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
مَدَحَ الْبَيَانَ وَأَضَافَهُ إلَى الْقُرْآنِ .
قَالَ وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِرَجُلٍ سَأَلَهُ عَنْ حَاجَةٍ فَأَحْسَنَ الْمَسْأَلَةَ فَأَعْجَبَهُ
قَوْلُهُ
فَقَالَ هَذَا وَاَللَّهِ السِّحْرُ الْحَلَالُ قَالَ عَلِيُّ بْنُ
الْعَبَّاسِ الرُّومِيُّ : وَحَدِيثُهَا السِّحْرُ الْحَلَالُ لَوْ
أَنَّهَا لَمْ تَجْنِ قَتْلَ الْمُسْلِمِ الْمُتَحَرِّزِ وَقَالَ
الْحَسَنُ الرِّجَالُ ثَلَاثَةٌ رَجُلٌ بِنَفْسِهِ وَرَجُلٌ بِلِسَانِهِ
وَرَجُلٌ بِمَالِهِ وَنَظَرَ مُعَاوِيَةُ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ
فَأَتْبَعَهُ بَصَرَهُ ثُمَّ قَالَ مُتَمَثِّلًا : إذَا قَالَ لَمْ
يَتْرُكْ مَقَالًا لِقَائِلٍ مُصِيبٍ وَلَمْ يَثْنِ اللِّسَانَ عَلَى
هُجْرِ يُصَرِّفُ بِالْقَوْلِ اللِّسَانَ إذَا انْتَحَى وَيَنْظُرُ فِي
أَعْطَافِهِ نَظَرَ الصَّقْرِ وَلِحَسَّانٍ فِي ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا : إذَا قَالَ لَمْ يَتْرُكْ مَقَالًا لِقَائِلِ
بِمُلْتَقَطَاتٍ لَا تَرَى بَيْنَهَا فَصْلًا شَفَى وَكَفَى مَا فِي
النُّفُوسِ فَلَمْ يَدَعْ لِذِي إرْبَةٍ فِي الْقَوْلِ جِدًّا وَلَا
هَزْلَا قَالَ أَبُو دَاوُد حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ثَنَا
فَارِسُ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ حَدَّثَنِي أَبُو
جَعْفَرٍ النَّحْوِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ ثَابِتٍ حَدَّثَنِي صَخْرُ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ {
إنَّ مِنْ الْبَيَانِ سِحْرًا ، وَإِنَّ مِنْ الْعِلْمِ جَهْلًا ، وَإِنَّ
مِنْ الشِّعْرِ حِكَمًا ، وَإِنَّ مِنْ الْقَوْلِ عِيَالًا } فَقَالَ
صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ صَدَقَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَمَّا قَوْلُهُ { إنَّ مِنْ الْبَيَانِ سِحْرًا } فَالرَّجُلُ
يَكُونُ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَهُوَ أَلَحْنُ بِالْحُجَجِ مِنْ صَاحِبِ
الْحَقِّ فَيَسْحَرُ الْقَوْمَ بِبَيَانِهِ فَيَذْهَبُ بِالْحَقِّ ،
وَأَمَّا قَوْلُهُ " إنَّ مِنْ الْعِلْمِ جَهْلًا " .
فَتَكَلُّفُ
الْعَالِمِ إلَى عِلْمِ مَا لَا يَعْلَمُهُ فَيُجْهِلُهُ ذَلِكَ ،
وَأَمَّا قَوْلُهُ مِنْ الشِّعْرِ حِكَمًا " فَهِيَ هَذِهِ الْمَوَاعِظُ
وَالْأَمْثَالُ الَّتِي يَتَّعِظُ بِهَا النَّاسُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ
مِنْ الْقَوْلِ عِيَالًا " فَعَرْضُكَ كَلَامَكَ وَحَدِيثَكَ عَلَى مَنْ
لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ وَلَا يُرِيدُهُ ، وَقَدْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ { لَا
تُحَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا لَا يَعْلَمُونَ } وَقَوْلُهُ { لَا تُعْطُوا
الْحِكْمَةَ غَيْرَ أَهْلِهَا فَتَظْلِمُوهَا وَلَا تَمْنَعُوهَا
أَهْلَهَا فَتَظْلِمُوهُمْ } قَالَ وَقَدْ ضُرِبَ لِذَلِكَ مَثَلٌ أَنَّهُ
كَتَعْلِيقِ اللَّآلِئِ فِي أَعْنَاقِ الْخَنَازِيرِ وَيَأْتِي بِنَحْوِ
كُرَّاسَةٍ مَنْ حَدَّثَ النَّاسَ بِمَا لَا تَحْتَمِلُهُ عُقُولُهُمْ
أَبُو جَعْفَرٍ تَفَرَّدَ عَنْهُ أَبُو تُمَيْلَةَ وَأَمَّا صَعْصَعَةُ
فَثِقَةٌ شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ أَمِيرًا وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ
فِي " إنَّ مِنْ الْعِلْمِ جَهْلًا " قِيلَ هُوَ أَنْ يَتَعَلَّمَ مَا لَا
يَحْتَاجُ إلَيْهِ كَالنُّجُومِ وَعُلُومِ الْأَوَائِلِ وَيَدْعُ مَا
يَحْتَاجُهُ فِي دِينِهِ مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ قَالَ
وَالْحُكْمُ الْعِلْمُ وَالْفِقْهُ وَالْقَضَاءُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ
مَصْدَرُ حَكَمَ يَحْكُمُ .
وَرَوَى أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ
وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ { إنَّ مِنْ الشِّعْرِ
حِكْمَةً } قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَهِيَ الْحِكَمُ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ
{ الصَّمْتُ حِكَمٌ وَقَلِيلٌ فَاعِلُهُ } وَقَالَ { إنَّ مِنْ الْقَوْلِ
عَيْلًا } يُقَالُ عِلْتُ الضَّالَّةَ أَعِيلُ عَيْلًا إذَا لَمْ تَدْرِ
أَيَّ جِهَةٍ تَبْغِيهَا كَأَنَّهُ لَمْ يَهْتَدِ لِمَنْ يَطْلُبُ
كَلَامَهُ فَعَرَضَهُ عَلَى مَنْ لَا يُرِيدُهُ .
وَلِلشَّافِعِيِّ
عَنْ عُرْوَةَ مُرْسَلًا { الشِّعْرُ كَلَامٌ فَحَسَنُهُ حَسَنٌ
وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ } وَصَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِذِكْرِ عَائِشَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عَمْرٍو وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ .
وَلِأَحْمَدَ
وَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ {
لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا حَتَّى يَرِيَهُ خَيْرٌ لَهُ
مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا } وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ
أَبِي سَعِيدٍ { بَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ عَرَضَ شَاعِرٌ يَنْشُدُ فَقَالَ خُذُوا
الشَّيْطَانَ أَوْ أَمْسِكُوا الشَّيْطَانَ لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ
أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا }
وَلِأَحْمَدَ
مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " امْرُؤُ الْقِيسِ
صَاحِبُ لِوَاءِ الشُّعَرَاءِ إلَى النَّارِ " .
وَعَنْ الشَّرِيدِ
قَالَ { كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي
الصَّلْتِ قُلْتُ نَعَمْ فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا فَقَالَ هِيهِ
فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا فَقَالَ هِيهِ فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا قَالَ هِيهِ
حَتَّى أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْتٍ فَقَالَ لَقَدْ كَادَ أَنْ يُسْلِمَ
فِي شِعْرِهِ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا { وَلَمَّا
دَخَلَ مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ
يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَقُولُ : خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ
سَبِيلِهِ الْيَوْمَ نَضْرِبْكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ ضَرْبًا يُزِيلُ
الْهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ وَيُذْهِلُ الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ قَالَ
عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَا ابْنَ رَوَاحَةَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حَرَمِ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ تَقُولُ الشِّعْرَ قَالَ خَلِّ عَنْهُ يَا عُمَرُ فَلَهِيَ
أَسْرَعُ فِيهِمْ مِنْ نَضْحِ النَّبْلِ } رَوَاهُ النَّسَائِيُّ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ وَقَدْ رَوَى فِي
غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ { أَنَّهُ دَخَلَ مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ
الْقَضَاءِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ } وَهَذَا أَصَحُّ
عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْحَدِيثِ لِأَنَّ عُمْرَةَ الْقَضَاءِ كَانَتْ
بَعْدَ مَوْتِهِ { وَقَالَ لَهُ الْأَسْوَدُ بْنُ سَرِيعٍ إنِّي قَدْ
حَمِدْتُ رَبِّي بِمَحَامِدِ مَدْحٍ وَإِيَّاكَ ، فَقَالَ أَمَا إنَّ
رَبَّكَ يُحِبُّ الْمَدْحَ فَهَاتِ مَا امْتَدَحْتَ بِهِ رَبَّكَ عَزَّ
وَجَلَّ فَأَنْشَدْتُهُ فَاسْتَأْذَنَ رَجُل فَاسْتَنْصَتَنِي لَهُ
فَتَكَلَّمَ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَ ، فَأَنْشَدْتُهُ ثُمَّ رَجَعَ
فَاسْتَنْصَتَنِي فَقُلْتُ مَنْ هَذَا ؟ فَقَالَ هَذَا رَجُلٌ لَا يُحِبُّ
الْبَاطِلَ هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ } .
رَوَاهُ أَحْمَدُ ثَنَا
حَسَنُ بْنُ مُوسَى ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ
زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ
زَيْدٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ
وَأَكْثَرُهُمْ لَيَّنَهُ .
وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَلَى ذِكْرِ مَنْ ضَعَّفَهُ عَقِبَ هَذَا الْخَبَرِ .
وَرَوَاهُ
النَّسَائِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ
عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْهُ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَابْنُ
الْمَدِينِيِّ لَمْ يَسْمَعْ الْحَسَنُ مِنْ الْأَسْوَدِ وَعَنْ
الْبَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
لِحَسَّانَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ { اُهْجُ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّ جِبْرِيلَ
مَعَكَ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَأَشْفَى .
وَرَوَى
أَحْمَدُ ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ
الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ
أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ
اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَنْزَلَ فِي الشِّعْرِ مَا أَنْزَلَ فَقَالَ
{ إنَّ الْمُؤْمِنَ يُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ وَاَلَّذِي نَفْسِي
بِيَدِهِ لَكَأَنَّ مَا تَرْمُونَهُمْ بِهِ نَضْحُ النَّبْلِ } حَدِيثٌ
صَحِيحٌ ثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ثَنَا شَرِيكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ الْمُرَادِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ قَالَ عَمَّارٌ { لَمَّا هَجَانَا
الْمُشْرِكُونَ شَكَوْنَا ذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : قُولُوا لَهُمْ كَمَا يَقُولُونَ لَكُمْ
فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا نُعَلِّمُهُ إمَاءَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ } مُحَمَّدٌ
لَمْ أَجِدْ لَهُ تَرْجَمَةً ، وَبَاقِيهِ حَسَنٌ وَسَبَقَ مَا
يَتَعَلَّقُ بِالْوَعْظِ أَيْضًا فِي أَوَائِلِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ
فِي الْإِنْكَارِ عَلَى الْوُلَاةِ .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
مَرْفُوعًا { إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إلَّا
غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا
بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ } .
وَفِي
لَفْظِ { سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَاغْدُوَا وَرَوِّحُوا ، وَشَيْئًا مِنْ
الدُّلْجَةِ وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا } رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ
" الدِّينُ " مَرْفُوع عَلَى
مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَرُوِيَ
مَنْصُوبًا " لَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدًا " وَقَوْلُهُ : " إلَّا
غَلَبَهُ " أَيْ غَلَبَهُ الدِّينُ لِكَثْرَةِ طُرُقِهِ وَالْغَدْوَةُ
أَوَّلُ النَّهَارِ وَالرَّوْحَةُ آخِرُهُ وَالدُّلْجَةُ آخِرُ اللَّيْلِ
وَالْمُرَادُ الْعَمَلُ وَقْتَ النَّشَاطِ وَالْفَرَاغِ كَمَا أَنَّ
الْمُسَافِرَ يَسِيرُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لِلْيُسْرِ .
وَعَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ
قَالَهَا ثَلَاثًا } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ .
الْمُتَنَطِّعُونَ الْمُبَالِغُونَ فِي الْأُمُورِ .
وَرَوَى
أَبُو دَاوُد ( فِي بَابِ الْحَسَدِ ) ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ ثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ أَبِي الْعَمْيَاءِ أَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِي أُمَامَةَ حَدَّثَهُ
أَنَّهُ دَخَلَ هُوَ وَأَبُوهُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي
الْمَدِينَةِ فَقَالَ : إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : كَانَ يَقُولُ : { لَا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ
يُشَدِّدْ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَإِنَّ قَوْمًا شَدَّدُوا عَلَى
أَنْفُسِهِمْ فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَتِلْكَ بَقَايَاهُمْ فِي
الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارِ { وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا
كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ } } إسْنَادٌ جَيِّدٌ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ
عَنْ عَائِشَةَ : { مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ
يَكُنْ إثْمًا وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ قَطُّ إلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ
فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ } ، زَادَ مُسْلِمٌ { وَمَا ضَرَبَ شَيْئًا بِيَدِهِ
وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا إلَّا أَنْ يَكُونَ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ } .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ { يَسِّرُوا
وَلَا تُعَسِّرُوا وَبَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا } رَوَى أَحْمَدُ
حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ أَنْبَأَنَا أَبُو هِلَالٍ عَنْ
حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ الْعَدَوِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ
الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي سَمِعَ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { إنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ } وَرَوَى
أَيْضًا حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ
دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ {
قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْأَدْيَانِ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ قَالَ
الْحَنِيفَةُ السَّمْحَةُ } وَذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَارَةِ مِنْ طَرِيقِ
ابْنِ إِسْحَاقَ مُدَلِّسٌ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا { مَثَلُ
الَّذِي يَجْلِسُ لِيَسْمَعَ الْحِكْمَةَ ثُمَّ لَا يُحَدِّثُ عَنْ
صَاحِبٍ إلَّا بِشَرِّ مَا يَسْمَعُ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى رَاعِيًا
فَقَالَ يَا رَاعٍ اخْتَرْ لِي شَاةً مِنْ غَنَمِكَ قَالَ : اذْهَبْ
فَخُذْ بِأُذْنِ خَيْرِهَا فَذَهَبَ فَأَخَذَ بِأُذْنِ كَلْبِ الْغَنَمِ }
رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ .
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ مَرْفُوعًا { لَا
يُدْرِكُنِي زَمَانٌ وَلَا تُدْرِكُوا زَمَانًا لَا يُتَّبَعُ فِيهِ
الْعِلْمُ وَلَا يُسْتَحْيَى فِيهِ مِنْ الْحَكِيمِ ، قُلُوبُهُمْ
الْأَعَاجِمُ وَأَلْسِنَتُهُمْ أَلْسِنَةُ الْعَرَبِ } .
وَعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا { إذَا تَمَنَّى أَحَدُكُمْ فَلِيَنْظُرْ مَا
يَتَمَنَّى فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا كُتِبَ لَهُ مِنْ أَمْنِيَّتِهِ }
رَوَاهُمَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ .
فَصْلٌ ( فِي قِرَاءَةِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْقُصَّاصِ ) .
سُئِلَ
الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي
رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ فَغَضِبَ فَقَالَ : هَذِهِ
مَسْأَلَةُ مُسْلِمٍ ؟ وَغَضِبَ .
وَظَاهِرُهُ الْإِنْكَارُ وَذَكَرَهُ
الْقَاضِي ثُمَّ احْتَجَّ بِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {
لَمَّا رَأَى فِي يَدِ عُمَرَ قِطْعَةً مِنْ التَّوْرَاةِ غَضِبَ وَقَالَ
أَلَمْ آتِ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً } ؟ الْحَدِيثَ ، وَهُوَ مَشْهُورٌ
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مِنْ رِوَايَة مُجَالِدٍ وَجَابِرٍ
الْجُعْفِيِّ وَهُمَا ضَعِيفَانِ وَلِأَنَّهَا كُتُبٌ مُبَدَّلَةٌ
مُغَيَّرَةٌ فَلَمْ تَجُزْ قِرَاءَتُهَا وَالْعَمَلُ عَلَيْهَا .
قَالَ
وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ جَرَتْ بَيْنَ شُيُوخِنَا الْعُكْبَرِيِّينَ فَكَانَ
ابْنُ هُرْمُزَ وَالِدُ الْقَاضِي أَبِي الْحُسَيْنِ يَقُصُّ بِهَذِهِ
الْكُتُبِ وَكَانَتْ مُعَرَّبَةً فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ
اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ ذَلِكَ وَصَنَّفَ فِيهِ جُزْءًا ذَكَرَ مَا
حَكَيْنَا مِنْ رِوَايَةِ إِسْحَاقَ وَذَكَرَ فِيهِ أَيْضًا عَنْ أَحْمَدَ
رِوَايَةَ ابْنِ أَبِي يَحْيَى النَّاقِدِ قَالَ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ
يَقُولُ : الِاشْتِغَالُ بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ الْقَدِيمَةِ يَقْطَعُ
عَنْ الْعِلْمِ وَذَكَرَ حَدِيثَ عُمَرَ .
وَذَكَرَ أَيْضًا
بِإِسْنَادِهِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَسْجِدَ دِمَشْقَ فَإِذَا كَعْبٌ يَقُصُّ .
فَقَالَ
: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ {
مَنْ قَصَّ بِغَيْرِ كِتَابِ اللَّهِ وَسَنَةِ نَبِيِّهِ فَاضْرِبُوا
رَأْسَهُ } فَمَا رُئِيَ كَعْبٌ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ بَعْدُ .
وَبِإِسْنَادِهِ
أَنَّ رَجُلًا أَهْدَى إلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا هَدِيَّةً ،
فَقَالَتْ : وَلَا حَاجَةَ لِي فِي هَدِيَّتِهِ بَلَغَنِي أَنَّهُ
يَتَتَبَّعُ الْكُتُبَ الْأُوَلَ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ : { أَوَ
لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى
عَلَيْهِمْ } .
ذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ الْجَامِعِ عِنْدَ الْكَلَامِ
عَلَى
الْقِرَاءَةِ وَالْمُصْحَفِ ، وَسَبَقَ أَوَّلَ الْكِتَابِ فِي بَيَانِ
الْكَذِبِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { حَدِّثُوا عَنْ بَنِي
إسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ } وَكَلَامُ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
فَصْلٌ ( فِي التَّخَوُّلِ بِالْمَوْعِظَةِ خَشْيَةَ الْمَلَلِ ) .
فِي
الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ
يُذَكِّرُ كُلَّ خَمِيسٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا أَبَا عَبْدِ
الرَّحْمَنِ إنَّا نُحِبُّ حَدِيثَكَ وَنَشْتَهِيهِ وَلَوَدِدْنَا أَنَّكَ
حَدَّثَتْنَا كُلَّ يَوْمٍ ، فَقَالَ مَا يَمْنَعُنِي أَنْ أُحَدِّثَكُمْ
إلَّا كَرَاهِيَةٌ أَنْ أُمِلَّكُمْ { إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ
مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا } .
وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرُهُ
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ حَدِّثْ النَّاسَ مَا أَقْبَلَتْ عَلَيْكَ
قُلُوبُهُمْ إذَا حَدَّقُوكَ بِأَبْصَارِهِمْ وَإِذَا انْصَرَفَتْ عَنْكَ
قُلُوبُهُمْ فَلَا تُحَدِّثْهُمْ ، وَذَلِكَ إذَا اتَّكَأَ بَعْضُهُمْ
عَلَى بَعْضٍ وَقَالَ عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِّثْ النَّاسَ
كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً فَإِنْ أَكْثَرْتَ فَمَرَّتَيْنِ ، فَإِنْ
أَكْثَرْتَ فَثَلَاثًا وَلَا تُمِلَّ النَّاسَ مِنْ هَذَا الْقُرْآنِ
وَلْتَأْتِ الْقَوْمَ وَهُمْ فِي حَدِيثٍ فَتَقْطَعَ عَلَيْهِمْ
حَدِيثَهُمْ وَقَالَ : أَنْصِتْ فَإِذَا أَمَرُوكَ فَحَدِّثْهُمْ وَهُمْ
يَشْتَهُونَهُ ، وَإِيَّاكَ وَالسَّجْعَ فِي الدُّعَاءِ فَإِنِّي عَهِدْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ لَا
يَفْعَلُونَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ : أَيُّهَا النَّاسُ لَا
تُبَغِّضُوا اللَّهَ إلَى عِبَادِهِ ، فَقِيلَ كَيْفَ ذَاكَ أَصْلَحَكَ
اللَّهُ قَالَ يَجْلِسُ أَحَدُكُمْ قَاصًّا فَيُطَوِّلُ عَلَى النَّاسِ
حَتَّى يُبَغِّضَ إلَيْهِمْ مَا هُمْ فِيهِ ، وَيَقُومُ أَحَدُكُمْ
إمَامًا فَيُطَوِّلُ عَلَى النَّاسِ حَتَّى يُبَغِّضَ إلَيْهِمْ مَا هُمْ
فِيهِ .
وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِعُبَيْدِ بْنِ
عُمَيْرٍ إيَّاكَ وَإِمْلَالَ النَّاسِ وَتَقْنِيطَهُمْ وَكَانَ
الزُّهْرِيُّ إذَا سُئِلَ عَنْ الْحَدِيثِ يَقُولُ أَحْمِضُوا أَخْلِطُوا
الْحَدِيثَ بِغَيْرِهِ حَتَّى تَنْفَتِحَ النَّفْسُ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ
نَقْلُ الصَّخْرِ أَيْسَرُ مِنْ تَكْرِيرِ الْحَدِيثِ .
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَانَ
يُقَالُ
سِتَّةٌ إذَا أُهِينُوا فَلَا يَلُومُوا أَنْفُسَهُمْ : الذَّاهِبُ إلَى
مَائِدَةٍ لَمْ يُدْعَ إلَيْهَا وَطَالِبُ الْفَضْلِ مِنْ اللِّئَامِ .
وَالدَّاخِلُ
بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي حَدِيثِهِمَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُدْخِلَاهُ فِيهِ ،
وَالْمُسْتَخِفُّ بِالسُّلْطَانِ ، وَالْجَالِسُ مَجْلِسًا لَيْسَ لَهُ
بِأَهْلٍ ، وَالْمُقْبِلُ بِحَدِيثِهِ عَلَى مَنْ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ
وَلَا يُصْغِي إلَيْهِ .
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي بَهْجَةِ
الْمَجَالِسِ : كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
يَقُولُ : إنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ تَمَلُّ كَمَا تَمَلُّ الْأَبْدَانُ :
فَابْتَغَوْا لَهَا طَرَائِفَ الْحِكْمَةِ .
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَرِيحُوا الْقُلُوبَ فَإِنَّ الْقَلْبَ إذَا
كَرِهَ عَمِيَ وَقَالَ أَيْضًا : إنَّ لِلْقُلُوبِ شَهْوَةً وَإِقْبَالًا
، وَفَتْرَةً وَإِدْبَارًا .
فَخُذُوهَا عِنْدَ شَهْوَتِهَا وَإِقْبَالِهَا ، وَذَرُوهَا عِنْدَ فَتْرَتِهَا وَإِدْبَارِهَا .
وَفِي
صُحُفِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ
لَهُ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ .
وَسَاعَةٌ
يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ ، وَسَاعَةٌ يُخَلِّي فِيهَا بَيْنَ نَفْسِهِ
وَبَيْنَ لَذَّاتِهَا فِيمَا يَحِلُّ وَيَجْمُلُ ، فَإِنَّ هَذِهِ
السَّاعَةَ عَوْنٌ لَهُ عَلَى سَائِرِ السَّاعَاتِ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ
عَبْدِ الْعَزِيزِ تَحَدَّثُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَتَجَالَسُوا ، وَإِذَا
مَلَلْتُمْ فَحَدِيثٌ مِنْ أَحَادِيثِ الرِّجَالِ حَسَنٌ جَمِيلٌ وَقَالَ
أَيْضًا لِابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ يَا بُنَيَّ إنَّ نَفْسِي مَطِيَّتِي
وَإِنْ حَمَلْتُ عَلَيْهَا فَوْقَ الْجَهْدِ قَطَعْتُهَا .
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : حَادِثُوا هَذِهِ الْقُلُوبَ بِالذِّكْرِ فَإِنَّهَا تَصْدَأُ كَمَا يَصْدَأُ الْحَدِيدُ .
وَقَدْ
رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ هَذِهِ
الْقُلُوبَ تَصْدَأُ كَمَا يَصْدَأُ الْحَدِيدُ قَالُوا فَمَا جِلَاؤُهَا
يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ } وَكَانَ يُقَالُ :
التَّفَكُّرُ نُورٌ وَالْغَفْلَةُ ظُلْمَةٌ .
وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ قَوْلُ سَلْمَانَ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ : إنَّ
لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِنَفْسِك عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ .
وَقَوْلُ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " صَدَقَ سَلْمَانُ "
وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سُنَيْدٍ قَالَ :
لَا تَنْسَى شَيْئًا فَتَقُولُ : { سُبْحَانَك لَا عِلْمَ لَنَا إلَّا مَا
عَلَّمْتَنَا إنَّك أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } .
إلَّا ذُكِّرْتَهُ وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ إذَا جَلَسَ مَجْلِسَهُ لَا يَنْطِقُ بِشَيْءٍ حَتَّى يَقُولَهَا .
وَرُوِيَ
أَيْضًا عَنْ الْأَعْمَشِ : جَوَابُ الْأَحْمَقِ السُّكُوتُ عَنْهُ
وَقَالَ الْأَعْمَشُ : السُّكُوتُ جَوَابٌ وَالتَّغَافُلُ يُطْفِئُ شَرًّا
كَثِيرًا ، وَرِضَى الْمُتَجَنِّي غَايَةٌ لَا تُدْرَكُ ، وَاسْتِعْطَافُ
الْمُحِبِّ عَوْنٌ لِلظَّفَرِ ، وَمَنْ غَضِبَ عَلَى مَنْ لَا يَقْدِرُ
عَلَيْهِ طَالَ حُزْنُهُ .
فَصْلٌ حُكْمِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ بِهِ وَمَتَى يَكُونُ بِدْعَةً .
قَالَ
: مُهَنَّا : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الرَّجُلِ يَجْلِسُ إلَى
الْقَوْمِ فَيَدْعُو هَذَا وَيَدْعُو هَذَا ، وَيَقُولُونَ لَهُ : اُدْعُ
أَنْتَ .
فَقَالَ : لَا أَدْرِي مَا هَذَا وَقَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ
لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : يُكْرَهُ أَنْ يَجْتَمِعَ الْقَوْمُ يَدْعُونَ
وَيَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ ؟ فَقَالَ : مَا أَكْرَهُهُ لِلْإِخْوَانِ
إذَا لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى عَمْدٍ إلَّا أَنْ يَكْثُرُوا .
قَالَ
ابْنُ مَنْصُورٍ : قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ كَمَا قَالَ
وَإِنَّمَا مَعْنَى إلَّا أَنْ يَكْثُرُوا إلَّا أَنْ يَتَّخِذُوهَا
عَادَةً حَتَّى يَكْثُرُوا .
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْفَضْلُ بْنُ
مِهْرَانَ سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ وَأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ قُلْتُ
: إنَّ عِنْدَنَا قَوْمًا يَجْتَمِعُونَ فَيَدْعُونَ وَيَقْرَءُونَ
الْقُرْآنَ وَيَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى فَمَا تَرَى فِيهِمْ قَالَ :
فَأَمَّا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فَقَالَ : يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ
وَيَدْعُو بَعْدَ صَلَاةٍ وَيَذْكُرُ اللَّهَ فِي نَفْسِهِ .
قُلْتُ :
فَأَخٌ لِي يَفْعَلُ هَذَا قَالَ : انْهَهُ قُلْتُ : لَا يَقْبَلُ قَالَ :
عِظْهُ قُلْتُ : لَا يَقْبَلُ ، أَهْجُرُهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ .
ثُمَّ
أَتَيْتُ أَحْمَدَ حَكَيْتُ لَهُ نَحْوَ هَذَا الْكَلَامِ فَقَالَ لِي
أَحْمَدُ أَيْضًا : يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ وَيَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى
فِي نَفْسِهِ .
وَيُطْلَبُ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ : فَأَنْهَاهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ قُلْتُ :
فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ قَالَ : بَلَى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّ
هَذَا مُحْدَثٌ ، الِاجْتِمَاعُ وَاَلَّذِي تَصِفُ قُلْتُ : فَإِنْ لَمْ
يَفْعَلْ أَهْجُرُهُ ؟ فَتَبَسَّمَ وَسَكَتَ .
وَعَنْ مَعْمَرٍ أَنَّ
عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ قَالَ
: فَخَرَجَ يَوْمًا وَقَرَأَ وَجَهَرَ بِصَوْتِهِ ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ
لَهُ فَقَالَ لَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ : فَتَنْت النَّاسَ قَالَ :
فَدَخَلَ .
وَسَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ عَنْ الْقَوْمِ يَجْتَمِعُونَ فَيَقْرَأُ قَارِئٌ وَيَدْعُونَ حَتَّى
يُصْبِحُوا ؟ قَالَ : أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ .
وَقَالَ
الْمَرُّوذِيُّ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : كُنْت أُصَلِّي
فَرَأَيْت إلَى جَنْبِي رَجُلًا عَلَيْهِ كِسَاءٌ ، وَمَعَهُ نَفْسَانِ
يَدْعُوَانِ فَدَنَوْت فَدَعَوْت مَعَهُمْ ، فَلَمَّا قُمْت رَأَيْت
جَمَاعَةً يَدْعُونَ فَأَرَدْت أَنْ أَعْدِلَ إلَيْهِمْ وَلَوْلَا
مَخَافَةُ الشُّهْرَةِ لَقَعَدْت مَعَهُمْ .
وَرَوَى الْخَلَّالُ
عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : وَأَيُّ شَيْءٍ أَحْسَنُ مِنْ أَنْ يَجْتَمِعَ
النَّاسُ فَيُصَلُّوا وَيَذْكُرُوا مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ كَمَا
قَالَتْ الْأَنْصَارُ ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ ثَنَا
إسْمَاعِيلُ ثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ :
نُبِّئْت أَنَّ الْأَنْصَارَ قَبْلَ قُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ قَالُوا : لَوْ نَظَرْنَا
يَوْمًا فَاجْتَمَعْنَا فِيهِ ، فَذَكَرْنَا هَذَا الْأَمْرَ الَّذِي
أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْنَا ، وَذُكِرَ الْحَدِيثُ وَفِيهِ أَنَّهُمْ
اجْتَمَعُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي بَيْتِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ
وَذُبِحَتْ لَهُمْ شَاةٌ وَكَفَتْهُمْ .
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ
الدِّينِ : فَقَيَّدَ أَحْمَدُ الِاجْتِمَاعَ عَلَى الدُّعَاءِ إذَا لَمْ
يُتَّخَذْ عَادَةً ، وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ لَمَّا اتَّخَذَ
أَصْحَابُهُ مَكَانًا يَجْتَمِعُونَ فِيهِ لِلذِّكْرِ ، فَخَرَجَ
إلَيْهِمْ فَقَالَ : يَا قَوْمُ لَأَنْتُمْ أَهْدَى مِنْ أَصْحَابِ
مُحَمَّدٍ أَوْ لَأَنْتُمْ عَلَى شُعْبَةِ ضَلَالَةٍ .
وَمَذْهَبُ
الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الِاجْتِمَاعُ
لِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ وَقَالَ مَالِكٌ :
يُكْرَهُ وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ
الْقَطَّانُ إذَا قُرِئَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ يَسْقُطُ إلَى الْأَرْضِ
حَتَّى يَكَادَ يَذْهَبُ عَقْلُهُ ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
مَهْدِيٍّ يَبْكِي وَيُنْكِرُ سُقُوطَ يَحْيَى ، قَالَ يَحْيَى قَالَ
أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ : لَوْ قَدَرَ أَنْ يَدْفَعَ هَذَا
أَحَدٌ لَدَفَعَهُ يَحْيَى ، وَيَأْتِي فِي آدَابِ الْقِرَاءَةِ قَبْلَ
فُصُولِ الطَّلَبِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : مَا رَأَيْت أَبِي
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
يَبْكِي قَطُّ إلَّا فِي حَدِيثِ تَوْبَةِ كَعْبٍ .
فَصْلٌ ( فِي صِفَةِ الْمُحَدِّثِ الَّذِي يُؤْخَذُ عَنْهُ ) .
قَالَ
الْمَرُّوذِيُّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ
إذَا لَمْ يَعْرِفْ الْحَدِيثَ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ ، ثُمَّ قَالَ : صَارَ
الْحَدِيثُ بِهِ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ وَاسْتَرْجَعَ وَقَالَ مَالِكٌ : لَا
يُؤْخَذُ الْعِلْمُ مِنْ شَيْخٍ لَهُ فَضْلٌ وَصَلَاحٌ وَعِبَادَةٌ إذَا
كَانَ لَا يَعْرِفُ مَا يُحَدِّثُ .
وَقَالَ الْأَثْرَمُ قَالَ لِي
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : الْحَدِيثُ شَدِيدٌ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا
أَشَدَّهُ ، أَوْ كَمَا قَالَ ثُمَّ قَالَ : يَحْتَاجُ إلَى ضَبْطٍ
وَذِهْنٍ وَكَلَامٍ يُشْبِهُ هَذَا ثُمَّ قَالَ : وَلَا سِيَّمَا إذَا
أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ قَالَ إذَا حَدَّثَ ، ثُمَّ
قَالَ : هُوَ مَا لَمْ يُحَدِّثْ مَسْتُورٌ ، فَإِذَا حَدَّثَ خَرَجَ
مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ بَدَا مَا كَانَ فِيهِ ، وَكَلَامٌ نَحْوُ هَذَا ،
وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ قَالَ : كَتَبَ إلَيْنَا عُمَرُ بْنُ
عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَالَ فِي كِتَابِهِ : وَمُرْ أَهْلَ الْفِقْهِ مِنْ
جُنْدِك فَلْيَنْشُرُوا مَا عَلَّمَهُمْ اللَّهُ فِي مَسَاجِدِهِمْ
وَمَجَالِسِهِمْ ، وَالسَّلَامُ وَقَالَ أَحْمَدُ لِابْنِهِ عَبْدِ
اللَّهِ : أَفِدْ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ وَأَكْرِمْهُمْ ، فَإِنَّ
إبْرَاهِيمَ بْنَ بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ لَمْ يَكُنْ يُفِيدُ أَصْحَابَ
الْحَدِيثِ وَيَجْفُوهُمْ فَلَمْ يُفْلِحْ ، وَمَشْهُورٌ عَنْ أَنَسٍ
أَنَّهُ كَانَ إذَا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ : يَقُولُ : سَلُوا مَوْلَانَا
الْحَسَنَ فَإِنَّهُ حَضَرَ وَغِبْنَا .
وَحَفِظَ وَنَسِينَا وَقَالَ
الصَّاحِبُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَبَّادٍ : مَا عَبَّرَ الْإِنْسَانُ
عَنْ فَضْلِ نَفْسِهِ بِمِثْلِ مَيْلِهِ إلَى الْفَضْلِ وَأَهْلِهِ ،
وَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّوْقَاتِيُّ بِنُونٍ
مَفْتُوحَةٍ وَقَافٍ بَعْدَهَا أَلِفٌ ، ثُمَّ بِتَاءٍ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ
فَوْقٍ نِسْبَةً إلَى نَوْقَاتَ مَوْضِعٌ بِسِجِسْتَانَ ، وَيَشْتَبِهُ
بِالنَّوْقَانِيِّ بِنُونٍ بَعْدَ الْأَلِفِ بَلْدَةٌ مِنْ مُدُنِ طُوسٍ ،
كَانَ حَاضِرًا فَنَظَمَ الْمَعْنَى وَقَالَ : وَمَا عَبَّرَ الْإِنْسَانُ
عَنْ فَضْلِ نَفْسِهِ بِمِثْلِ اعْتِقَادِ الْفَضْلِ فِي كُلِّ فَاضِلِ
وَإِنَّ أَخَسَّ
النَّقْصِ أَنْ يَتَّقِيَ الْفَتَى قَذَى النَّقْصِ
عَنْهُ بِانْتِقَاصِ الْأَفَاضِلِ وَهَذَا لَمَّا سَعَى بَعْضُ النَّاسِ
إلَى أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ عَبَّادٍ ، وَقَالَ عَنْ الْحَافِظِ أَبِي
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْدَهْ أَنَّهُ جَمَعَ كِتَابًا فِي التَّشْبِيهِ
فَاسْتَدْعَاهُ ، وَبَحَثَ عَنْهُ فَأَنْصَفَ وَإِنْ كَانَ ابْنُ عَبَّادٍ
مُعْتَزِلِيًّا ، وَقَالَ : كَيْفَ يُنْقَمُ عَلَى رَجُلٍ مَا أَوْدَعَ
كِتَابَهُ إلَّا آيَةً مُحْكَمَةً أَوْ أَخْبَارًا صَحِيحَةً .
وَدَخَلَ
ابْنُ مَنْدَهْ عَلَى ابْنِ عَبَّادٍ فَقَامَ لَهُ وَأَكْرَمَهُ فَلَمَّا
خَرَجَ قِيلَ لَهُ : قُمْت لِرَجُلٍ مِنْ مُعَانِدِينَا لَا يُحْسِنُ
شَيْئًا ، إنَّمَا يَعْرِفُ جَمَاعَةً مِنْ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ .
قَالَ
ابْنُ عَبَّادٍ : أَلَيْسَ يَعْرِفُ جَمَاعَةً مِنْ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ
لَا أَعْرِفُهُمْ ؟ فَلَهُ بِذَلِكَ مَزِيَّةٌ وَقَدْ قَالَ الصَّاحِبُ
بْنُ عَبَّادٍ : مَنْ لَمْ يَكْتُبْ الْحَدِيثَ لَمْ يَعْرِفْ حَلَاوَةَ
الْإِسْلَامِ ، وَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُمْلِيَ وَيَرْوِيَ الْحَدِيثَ ،
امْتَنَعَ مِنْ حُضُورِ الدِّيوَانِ وَأَظْهَرَ التَّنَسُّكَ
وَالتَّوَرُّعَ ، فَلَمَّا شَاعَ ذَلِكَ عَنْهُ أَحْضَرَ الْفُقَهَاءَ
وَاسْتَفْتَاهُمْ بِالْكِتَابَةِ عَنْ مِثْلِهِ ، فَأَفْتَوْا
بِجَوَازِهَا فَأَفْتَى مَجَالِسَ ، ذَكَرَ ذَلِكَ الْحَافِظُ عَبْدُ
الْقَادِرِ الرَّهَاوِيُّ فِي كِتَابِ تَارِيخِ الْمَادِحِ وَالْمَمْدُوحِ
.
وَلَمَّا حَجَّ يَحْيَى بْنُ عَمَّارٍ السِّجْزِيُّ ، وَنَزَلَ
بِظَاهِرِ الرَّيِّ فَأَرْسَلَ إلَيْهِ الصَّاحِبُ بْنُ عَبَّادٍ
ضِيَافَةً ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا فَقَالَ : وَدِدْت أَنِّي ضُرِبْت
بِكُلِّ سَوْطٍ ضُرِبَ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ ،
وَاسْتَرَحْت مِنْ عَدَاوَةِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ .
وَرَوَى الْحَاكِمَ
فِي تَارِيخِهِ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ : مَنْ بَخِلَ بِالْعِلْمِ
اُبْتُلِيَ بِثَلَاثٍ : إمَّا أَنْ يَمُوتَ فَيَذْهَبَ عِلْمُهُ ،
وَإِمَّا أَنْ يَنْسَى حَدِيثَهُ ، وَإِمَّا أَنْ يُبْتَلَى
بِالسُّلْطَانِ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ الْحِبْرُ خَلُوقُ
الْعُلَمَاءِ .
فَصْلٌ ( فِي إنْصَافِ طُلَّابِ الْعِلْمِ وَمَنْ كَانَ يُحَابِي فِي التَّحْدِيثِ ) .
قَالَ
مُهَنَّا : سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ : كَانَ إسْمَاعِيلُ
ابْنُ عُلَيَّةَ يَضَعُ فِي الْحَدِيثِ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ فِي
الشَّفَاعَاتِ ، وَنَحْنُ عَلَى الْبَابِ نَتَضَوَّرُ وَقَالَ فِي
رِوَايَةِ الْفَضْلِ بْنِ زِيَادَةَ : كَانَ لَا يُنْصِفُهُمْ فِي
الْحَدِيثِ يَعْنِي إسْمَاعِيلَ قُلْت : كَيْفَ كَانَ لَا يُنْصِفُ ؟
قَالَ كَانَ يُحَدِّثُ بِالشَّفَاعَاتِ قُلْت : فَإِنْ كَانَ رَجُلٌ لَهُ
إخْوَانٌ يَخُصُّهُمْ بِالْحَدِيثِ لَا تَرَى ذَلِكَ قَالَ مَا أَحْسَنَ
الْإِنْصَافَ ؟ مَا أَرَى يَسْلَمُ أَهْلُ الْحَدِيثِ مِنْ هَذَا قُلْت :
وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُقْرِئُ رَجُلًا مِائَتَيْ آيَةٍ ، وَيُقْرِئُ آخَرَ
مِائَةَ آيَةٍ مَا تَقُولُ فِيهِ ؟ فَقَالَ : يَنْبَغِي أَنْ يُنْصِفَ
بَيْنَ النَّاسِ وَقُلْت لَهُ : إنَّهُ يَأْخُذُ عَلَى هَذَا مِائَتَيْ
آيَةٍ لِأَنَّهُ يَرْجُو أَنْ يَكُونَ عَامِلًا بِهِ ، وَيَأْخُذُ عَلَى
هَذَا أَقَلَّ لِأَنَّهُ لَا يَبْلُغُ هَذَا فِي الْعَمَلِ ، مَا تَرَى
فِيهِ قَالَ مَا أَحْسَنَ الْإِنْصَافَ فِي كُلِّ شَيْءٍ .
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ عِيسَى كَانَ مُنْتَصِبًا لِلنَّاسِ وَحَفْصٌ كَانَ يُحَدِّثُ بِالشَّفَاعَةِ .
وَرَوَى
الْخَلَّالُ : أَخْبَرَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّوْرِيُّ ثَنَا
أَبُو سُلَيْمَانَ الْأَشْقَرُ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ حَمَّادِ بْنِ
زَيْدٍ بِالْبَصْرَةِ فَجَعَلَ يُقْبِلُ عَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ
وَيُحَدِّثُهُمْ فَقُلْنَا : تُقْبِلُ عَلَى هَؤُلَاءِ وَتَدَعُنَا قَالَ
: أَهْلُ بَلَدِي أَحَقُّ بِالْحَدِيثِ مِنْكُمْ ، وَسَمِعْت الْعَبَّاسَ
بْنَ مُحَمَّدٍ الدَّوْرِيَّ يَقُولُ : رُبَّمَا كُنَّا عِنْدَ أَحْمَدَ
بْنِ حَنْبَلٍ أَيَّامَ الْحَجِّ فَيَجِيئُهُ أَقْوَامٌ مِنْ الْحُجَّاجِ
، فَيُقْبِلُ عَلَيْهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ فَرُبَّمَا قُلْنَا لَهُ فِي
ذَلِكَ فَيَقُولُ : هَؤُلَاءِ قَوْمٌ غُرَبَاءُ وَإِلَى أَيَّامٍ
يَخْرُجُونَ .
وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ جَاءَ إلَى
يُونُسَ فَأَخَذَ يَسْأَلُهُ وَيُمْلِي عَلَيْهِ وَمَعَهُ أَلْوَاحٌ ،
فَلَمَّا قَامَ قَالُوا : نَسْأَلُك فَلَا تُحَدِّثُنَا وَتُحَدِّثُ
سُفْيَانَ قَالَ : سُفْيَانُ
غَرِيبٌ وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا دَامَ
الْعَالِمُ يَعْدِلُ بَيْنَكُمْ بِعِلْمِهِ لَا يَحِيفُ .
وَعَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْله تَعَالَى { وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّك لِلنَّاسِ } .
قَالَ
: يَكُونُ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ عِنْدَك فِي الْعِلْمِ سَوَاءً وَقَالَ
ابْنُ عَوْنٍ : كَلَّمُوا مُحَمَّدًا فِي رَجُلٍ يُحَدِّثُهُ فَقَالَ :
لَوْ كَانَ رَجُلٌ مِنْ الزِّنْجِ لَكَانَ عِنْدِي وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدٍ فِي هَذَا سَوَاءً .
وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ : مَنْ أَنْصَفَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ قَضَى بِهِ حُكْمًا لِغَيْرِهِ .
وَقَالَ
الشَّاعِرُ : إذَا أَنْتَ لَمْ تُنْصِفْ أَخَاك وَجَدْته عَلَى طَرَفِ
الْهِجْرَانِ إنْ كَانَ يَعْقِلُ وَقَالُوا ثَلَاثَةٌ مِنْ حَقَائِقِ
الْإِيمَانِ : الِاقْتِصَادُ فِي الْإِنْفَاقِ ، وَالِابْتِدَاءُ
بِالسَّلَامِ ، وَالْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِك وَقَالَ مَالِكُ بْنُ
دِينَارٍ : وَلَيْسَ فِي النَّاسِ شَيْءٌ أَقَلَّ مِنْ الْإِنْصَافِ
وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سَعْدٍ : مَا أَقَلَّ الْإِنْصَافَ وَمَا أَكْثَرَ
الْخِلَافَ ، وَالْخِلَافُ مُوَكَّلٌ بِكُلِّ شَيْءٍ حَتَّى الْقَذَاةِ
فِي رَأْسِ الْكُوزِ ، فَإِذَا أَرَدْت أَنْ تَشْرَبَ الْمَاءَ حَارَتْ
إلَى فِيك ، وَإِذَا أَرَدْت أَنْ تَصُبَّ عَنْ رَأْسِ الْكُوزِ
لِتَخْرُجَ رَجَعَتْ .
قَالَ الشَّاعِرُ : آخِ الْكِرَامَ
الْمُنْصِفِينَ وَصِلْهُمْ وَاقْطَعْ مَوَدَّةَ كُلِّ مَنْ لَا يُنْصِفُ
وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ : إذَا مَا لَمْ يَكُنْ لَك حُسْنُ فَهْمٍ
أَسَأْت إجَابَةً وَأَسَأْت سَمْعَا وَعَنْ أَبِي عَوَانَةَ أَنَّهُ
حَدَّثَ قَوْمًا وَمَنَعَ آخَرِينَ ، وَأَسْمَعَ هُشَيْمٌ رَجُلًا
بِشَفَاعَةِ أَحْمَدَ ، وَعَنْ أَبِي عَاصِمٍ أَنَّهُ كَانَ إذَا جَاءَهُ
إنْسَانٌ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ أَوْ شَفَاعَةً حَدَّثَهُ مَعَ
أَصْحَابِ الْحَدِيثِ ، وَلَمْ يُحَدِّثْهُ دُونَهُمْ ، وَلَمْ يَخُصَّهُ .
فَصْلٌ
جَاءَ رَجُلَانِ إلَى أَحْمَدَ فَقَالَ : لَوْ جِئْتُكُمْ إلَى
الْمَنْزِلِ وَحَدَّثْتُكُمْ لَكُنْتُمْ أَهْلًا لِذَلِكَ وَقَالَ
عُرْوَةُ : ائْتُونِي فَتَلَقَّوْا مِنِّي ، وَصَحَّ عَنْهُ أَيْضًا
أَنَّهُ كَانَ يَأْلَفُ النَّاسَ عَلَى حَدِيثِهِ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ
حُبَيْشٍ : جَاءَ زُهَيْرٌ إلَى ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ بِرَجُلٍ فَقَالَ :
حَدِّثْهُ قَالَ : حَتَّى أَسْأَلَ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ زُهَيْرٌ : مَتَى
عَهِدْت النَّاسَ يَفْعَلُونَ هَذَا ؟ فَقَالَ لَهُ زَائِدَةُ : وَمَتَى
عَهِدْت النَّاسَ يَسُبُّونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَقَالَ أَيُّوبُ
قَالَ : سَأَلَ رَجُلٌ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ حَدِيثٍ فَمَنَعَهُ
فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ تُؤْجَرُ ، فَقَالَ لَهُ : لَيْسَ كُلُّ الْأَجْرِ
نَقْوَى عَلَيْهِ ، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ .
وَعَنْ أَحْمَدَ
قَالَ فِيمَا رُوِيَ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ : لَا تُحَدِّثُوا النَّاسَ
بِمَا لَا يَعْلَمُونَ أَوْ لَا يَعْرِفُونَ فَتَضُرُّوهُمْ ، وَصَحَّ
عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ : لَا تَنْشُرْ بَزَّك إلَّا عِنْدَ مَنْ يَبْغِيهِ
، رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ يَعْنِي
الْحَدِيثَ وَقَالَ شُعْبَةُ : أَتَانِي الْأَعْمَشُ وَأَنَا أُحَدِّثُ
قَوْمًا فَقَالَ : وَيْحَك تُعَلِّقُ اللُّؤْلُؤَ فِي أَعْنَاقِ
الْخَنَازِيرِ ، وَقَالَ مُهَنَّا لِأَحْمَدَ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ ؟
فَقَالَ : مَعْنَى قَوْلِهِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحَدَّثَ مَنْ لَا
يَسْتَأْهِلُ .
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : قَالَ
سُفْيَانُ قَالَ عِيسَى : عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلْحِكْمَةِ أَهْلٌ فَإِنْ
وَضَعْتهَا فِي غَيْرِ أَهْلِهَا ضِيعَتْ ، وَإِنْ مَنَعْتهَا مِنْ
أَهْلِهَا ضِيعَتْ ، كُنْ كَالطَّبِيبِ يَضَعُ الدَّوَاءَ حَيْثُ
يَنْبَغِي وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِك بْنُ عُمَيْرٍ : كَانَ يُقَالُ :
إضَاعَةُ الْحَدِيثِ أَنْ يُحَدَّثَ بِهِ مَنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ ، وَعَنْ
دَغْفَلٍ قَالَ : آفَةُ الْعِلْمِ أَنْ تَخْزُنَهُ وَلَا تُحَدِّثَ بِهِ
وَلَا تَنْشُرَهُ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ : حَدِّثْ حَدِيثَك
مَنْ تَشْتَهِيهِ وَمَنْ لَا تَشْتَهِيهِ فَإِنَّك تَحْفَظُهُ حَتَّى
كَأَنَّهُ أَمَامَك تَقْرَأُهُ .
رَوَى ذَلِكَ الْخَلَّالُ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
عَنْ
رَجُلٍ هُوَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : قَالَ
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا تَطْرَحْ اللُّؤْلُؤَ إلَى الْخِنْزِيرِ ،
فَإِنَّ الْخِنْزِيرَ لَا يَصْنَعُ بِاللُّؤْلُؤِ شَيْئًا ، وَلَا تُعْطِ
الْحِكْمَةَ مَنْ لَا يُرِيدُهَا ، فَإِنَّ الْحِكْمَةَ خَيْرٌ مِنْ
اللُّؤْلُؤِ ، وَمَنْ لَا يُرِيدُهَا شَرٌّ مِنْ الْخِنْزِيرِ وَقَالَ
مَالِكٌ : ذَلِكَ ذُلٌّ وَإِهَانَةٌ لِلْعِلْمِ أَنْ يُتَكَلَّمَ بِهِ
عِنْدَ مَنْ لَا يُطِيعُهُ .
وَقَالَ كَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ
الْحَضْرَمِيُّ : لَا تُحَدِّثْ بِالْحِكْمَةِ عِنْدَ السُّفَهَاءِ
فَيُكَذِّبُوك ، وَلَا تُحَدِّثْ بِالْبَاطِلِ عِنْدَ الْحُكَمَاءِ
فَيَمْقُتُوك ، وَلَا تَمْنَعْ الْعِلْمَ أَهْلَهُ فَتَأْثَمْ ، وَلَا
تُحَدِّثْ بِهِ غَيْرَ أَهْلِهِ فَتَجْهَلْ ، إنَّ عَلَيْك فِي عِلْمِك
حَقًّا كَمَا أَنَّ عَلَيْك فِي مَالِكَ حَقًّا .
ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرُهُ .
وَرَوَى
الْخَلَّالُ فِي الْأَخْلَاقِ أَنَّ إبْرَاهِيمَ بْنَ شِمَاسٍ قَالَ
كُنَّا بِعَبَّادَانَ فَجَرَى تَشَاجُرٌ بَيْنَ طَلَبَةِ الْحَدِيثِ ،
فَلَمْ يُحَدِّثْهُمْ يَعْنِي وَكِيعَ بْنَ الْجَرَّاحِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ
فَقَالَ : إنَّمَا أَرَدْت أَدَبَهُمْ ، ثُمَّ حَدَّثَهُمْ .
وَفِي
الصَّحِيحَيْنِ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
إنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ الرَّعَاعَ وَالْغَوْغَاءَ فَأَمْهِلْ حَتَّى
تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ ، فَتَخْلُصَ بِأَهْلِ الْفِقْهِ .
فَقَدِمْنَا
الْمَدِينَةَ وَذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ قَبِلَ مَشُورَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ ،
فَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِذَلِكَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ ، قَالَ ابْنُ
الْجَوْزِيِّ : فِي هَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنْ لَا يُودَعَ الْعِلْمُ
عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ وَلَا يُحَدَّثَ الْقَلِيلُ الْفَهْمِ مَا لَا
يَحْتَمِلُهُ فَهْمُهُ قَالَ : وَالرَّعَاعُ السَّفَلَةُ وَالْغَوْغَاءُ
نَحْوُ ذَلِكَ ، وَأَصْلُ الْغَوْغَاءِ صِغَارُ الْجَرَادِ قَالَ ابْنُ
عَقِيلٍ قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ كُنْت فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ
لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِك } .
ذَلِكَ مَعَ الْمُعْجِزِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهِدَ الْحَقُّ لَهُ لَوْلَا تَخَلُّقُهُ لِلْخُلُقِ
الْجَمِيلِ لَانْفَضُّوا عَنْك ، وَلَمْ يَقْنَعْ بِالْمُعْجِزِ
فِي
تَحْصِيلِهِمْ ، لَا تَقْنَعْ أَنْتَ بِالْعُلُومِ وَتَظُنَّ أَنَّهَا
كَافِيَةٌ فِي حَوْشِ النَّاسِ إلَى الدِّينِ ، بَلْ حُسْنُ ذَلِكَ
وَجُلُّهُ بِالْأَخْلَاقِ الْجَمِيلَةِ .
فَصْلٌ ( فِي أَخْذِ الْعِلْمِ عَنْ أَهْلِهِ وَإِنْ كَانُوا صِغَارَ السِّنِّ ) .
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بَلَغَنِي عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ الْغُلَامُ أُسْتَاذٌ إذَا كَانَ ثِقَةً .
وَقَالَ
عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ : لَأَنْ أَسْأَلَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ
عَنْ مَسْأَلَةٍ فَيُفْتِيَنِي أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَسْأَلَ أَبَا
عَاصِمٍ وَابْنَ دَاوُد ، إنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ بِالسِّنِّ .
وَرَوَى
الْخَلَّالُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ
الزُّهْرِيِّ قَالَ : قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنَّ الْعِلْمَ
لَيْسَ عَنْ حَدَاثَةِ السِّنِّ وَلَا قِدَمِهِ ، وَلَكِنَّ اللَّهَ
تَعَالَى يَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ وَقَالَ وَكِيعٌ : لَا يَكُونُ
الرَّجُلُ عَالِمًا حَتَّى يَسْمَعَ مِمَّنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْهُ وَمَنْ
هُوَ مِثْلُهُ وَمَنْ هُوَ دُونَهُ فِي السِّنِّ .
هَذِهِ طَرِيقَةُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي مَنَاقِبِهِ وَغَيْرُهُ .
وَفِي
فُنُونِ ابْنِ عَقِيلٍ وَجَدْت فِي تَعَالِيقِ مُحَقِّقٍ أَنَّ سَبْعَةً
مِنْ الْعُلَمَاءِ مَاتَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ، وَلَهُ سِتٌّ
وَثَلَاثُونَ سَنَةً ، فَعَجِبْت مِنْ قُصُورِ أَعْمَارِهِمْ مَعَ
بُلُوغِهِمْ الْغَايَةَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ ، فَمِنْهُمْ
الْإِسْكَنْدَرُ ذُو الْقَرْنَيْنِ وَقَدْ مَلَكَ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ ،
وَأَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ صَاحِبُ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ
، وَابْنُ الْمُقَفَّعِ صَاحِبُ الْخَطَابَةِ وَالْفَصَاحَةِ ،
وَسِيبَوَيْهِ صَاحِبُ التَّصَانِيفِ وَالتَّقَدُّمِ فِي الْعَرَبِيَّةِ ،
وَأَبُو تَمَّامٍ الطَّائِيُّ فِي عِلْمِ الشِّعْرِ ، وَإِبْرَاهِيمُ
النِّظَامُ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ ، وَابْنُ الرَّاوَنْدِيِّ فِي
الْمَخَازِي ، وَلَهُ كِتَابُ الدَّامِغِ مِمَّا غُرَّ بِهِ أَهْلُ
الْخَلَاعَةِ ، وَلَهُ الْجَدَلُ انْتَهَى كَلَامُهُ .
وَكَانَ
الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَشُورَةِ عُمَرَ كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا
، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وَغَيْرُهُ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا قَالَ : كُنْت أُقْرِئُ رِجَالًا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَالَ ابْنُ
الْجَوْزِيِّ فِي
كَشْفِ الْمُشْكِلِ : فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَخْذِ الْعِلْمِ مِنْ
أَهْلِهِ وَإِنْ صَغُرَتْ أَسْنَانُهُمْ أَوْ قَلَّتْ أَقْدَارُهُمْ ،
وَقَدْ كَانَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ يَقْرَأُ عَلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ
فَقِيلَ لَهُ : تَقْرَأُ عَلَى هَذَا الْغُلَامِ الْخَزْرَجِيِّ ؟ ، قَالَ
: إنَّمَا أَهْلَكَنَا التَّكَبُّرُ .
فَصْلٌ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ
فِي الْفُنُونِ : مِنْ أَكْبَرِ مَا يُفَوِّتُ الْفَوَائِدَ تَرْكُ
التَّلَمُّحِ لِلْمَعَانِي الصَّادِرَةِ عَمَّنْ لَيْسَ بِمَحَلٍّ
لِلْحِكْمَةِ ، أَتَرَى يَمْنَعُنِي مِنْ أَخْذِ اللُّؤْلُؤَةِ وِجْدَانِي
لَهَا فِي مَزْبَلَةٍ ؟ كَلًّا سَمِعْت كَلِمَةً بَقِيَتْ مِنْ قَلِقِهَا
مُدَّةً ، وَهِيَ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَقُولُ عَلَى شُغْلِهَا
وَتَتَرَنَّمُ بِهَا .
كَمْ كُنْت بِاَللَّهِ أَقُلْ لَك ؟ إنَّ
لِلتَّوَانِي غَائِلَةً وَلِلْقَبِيحِ خَمِيرَةً تَبِينُ بَعْدَ قَلِيلٍ ،
فَمَا أَوْقَعَهَا مِنْ تَخْجِيلٍ عَلَى إهْمَالِنَا الْأُمُورَ ، غَدًا
تَبِينُ خَمَائِرُهَا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى .
وَرَوَى
التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْإِسْنَادُ ضَعِيفٌ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا { الْكَلِمَةُ الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ
حَيْثُ وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا } .
فَصْلٌ خَيْرُ النَّاسِ مَنْ شَهِدَ لَهُ بِالْخَيْرِ أَهْلُهُ وَجِيرَانُهُ .
قَالَ
الْفَضْلُ : سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَسُئِلَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ صَاحِبِ الْمَغَازِي فَقَالَ : هَذَا يُسْأَلُ
عَنْهُ جِيرَانُهُ ، فَإِذَا أَثْنَوْا عَلَيْهِ قُبِلَ مِنْهُمْ .
وَرَوَى
الْخَلَّالُ مِنْ حَدِيثِ إسْمَاعِيلَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ
قَالَ : خَيْرُ النَّاسِ خَيْرُهُمْ فِي أَهْلِهِ وَخَيْرُهُمْ فِي
جِيرَانِهِ قَالَ : هُمْ أَعْلَمُ بِهِ وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ
عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ
رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ لِي
أَنْ أَعْلَمَ إذَا أَحْسَنْتُ وَإِذَا أَسَأْتُ ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إذَا سَمِعْتَ جِيرَانَك
يَقُولُونَ : قَدْ أَحْسَنْتَ فَقَدْ أَحْسَنْتَ ، وَإِذَا سَمِعْتهمْ
يَقُولُونَ : قَدْ أَسَأْتَ فَقَدْ أَسَأْتَ } إسْنَادٌ جَيِّدٌ وَرَوَاهُ
أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ كُلْثُومٍ الْخُزَاعِيِّ
وَرَوَى أَحْمَدُ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ وَلَفْظُهُ " إذَا سَمِعْتَهُمْ "
وَلَمْ يَقُلْ : " جِيرَانَك " وَقَدْ سَبَقَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا .
بِنَحْوِ
كُرَّاسَيْنِ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ : إذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ
مُحَبَّبًا إلَى جِيرَانِهِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ مُدَاهِنٌ .
فَصْلٌ ( فِيمَنْ يَتَلَقَّى الْعِلْمَ مِمَّنْ يَنْتَفِعُ مِنْهُ بِغَيْرِ الْعِلْمِ ) .
قَالَ
أَبُو دَاوُد : سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قِيلَ لَهُ : الرَّجُلُ
يَكْتُبُ عَنْ الرَّجُلِ لِكَيْ يَقْضِيَ لَهُ حَاجَةً ؟ فَقَالَ : إذَا
كَانَ عِنْدَهُ ثِقَةٌ يَكْتُبُ عَنْهُ قُلْت : لَيْسَ هُوَ عِنْدَهُ فِي
مَوْضِعٍ يَكْتُبُ عَنْهُ يَقُولُ : اُكْتُبْ ثُمَّ ارْمِي بِهِ فَكَرِهَ
ذَلِكَ قُلْتُ : أَتَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَأْكُلُ بِالْعِلْمِ ؟
فَقَالَ : أَخَافُ .
وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ سَمِعْت أَبَا
عَبْدِ اللَّهِ قِيلَ لَهُ : الرَّجُلُ لَا يَكُونُ ثِقَةً فِي الْحَدِيثِ
فَتَعْرِضُ لِلرَّجُلِ إلَيْهِ الْحَاجَةُ ، أَيَكْتُبُ عَنْهُ لِمَكَانِ
حَاجَتِهِ ؟ فَقَالَ : إنْ كَانَ ثِقَةً يَكْتُبْ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُ
ثِقَةً فَلَا يَكْتُبُ عَنْهُ .
وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : إنْ كُنْت لَأَسْتَقْرِئُ
الرَّجُلَ الْآيَةَ هِيَ مَعِي كَيْ يَنْقَلِبَ بِي فَيُطْعِمَنِي قَالَ
ابْنُ هُبَيْرَةَ : فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ مُحَادَثَةِ الرَّجُلِ
بِشَيْءٍ مِنْ الذِّكْرِ وَالْقُرْآنِ لِقَصْدٍ يَقْصِدُهُ الْإِنْسَانُ
يَسْتَجْلِبُ بِهِ نَفْعًا لَهُ أَوْ يَدْفَعُ بِهِ ضَرُورَةً ، قَالَ :
وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ مُنْكِرٌ .
وَقِيلَ لِأَبِي
زُرْعَةَ : كَتَبْت عَنْ يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ ؟ فَقَالَ : مَا
أَطْمَعْته فِي هَذَا قَطُّ ، وَقَدْ كَانَ شَدِيدَ الْإِيجَابِ لِي ،
لَقَدْ مَرِضْت مِرْضَةً بِبَغْدَادَ ، فَمَا أُحْسِنُ أَصِفُ مَا كَانَ
يُولِينِي مِنْ التَّعَاهُدِ وَالِافْتِقَادِ .
وَحَدَّثَ ذَاتَ يَوْمٍ
عَنْ الْحَارِثِ بْنِ مُرَّةَ الْحَنَفِيِّ بِحَدِيثِ الْأَشْرِبَةِ
فَقَالَ " يَعِيشُ " وَصَحَّفَ فِيهِ فَقَالَ : " تَعِيسٌ " مِنْ أَسَامِي
الْعَبِيدِ وَخَجِلَ ، فَقُلْت لَهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
وَالْقَوَارِيرِيُّ قَالَا : حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مُرَّةَ فَرَجَعَ
لِمَا وَرَدَ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَالْقَوَارِيرِيُّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ
جَبَلَانِ .
فَصْلٌ ( فِي مَحْوِ كُتُبِ الْحَدِيثِ أَوْ دَفْنِهَا إذَا كَانَتْ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا ) .
قَالَ
بَكْرٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ سَمِعَهُ ، وَسُئِلَ عَنْ
رَجُلٍ أَوْصَى إلَيْهِ رَجُلٌ أَنْ يَدْفِنَ كُتُبَهُ قَالَ : مَا
أَدْرِي مَا هَذَا وَقَالَ الْأَثْرَمُ : قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ :
دَفَنَ دَفَاتِرَ الْحَدِيثِ قَالَ : أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ
بَأْسٌ .
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ
مَحْوِ كُتُبِ الْحَدِيثِ فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ تَمْحِي السُّنَّةَ
وَالْعِلْمَ قُلْت : مَا تَقُولُ قَالَ : لَا وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ أَبَا
عَبْدِ اللَّهِ مَا تَرَى فِي دَفْنِ الْعِلْمِ إذَا كَانَ الرَّجُلُ
يَخَافُ أَنْ لَيْسَ لَهُ خَلَفٌ يَقُومُ بِهِ وَيَخَافُ عَلَيْهِ
الضَّيْعَةَ قَالَ : لَا يُدْفَنُ وَلَعَلَّ وَلَدَهُ يَنْتَفِعُ بِهِ ،
عُبَيْدَةُ أَوْصَى أَنْ تُدْفَنَ وَالثَّوْرِيُّ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ
وَلَعَلَّ غَيْرَ وَلَدِهِ يَنْتَفِعُ بِهِ قُلْت يُبَاعُ قَالَ : لَا
يُبَاعُ الْعِلْمُ وَلَكِنْ يَدَعُهُ لِوَلَدِهِ يَنْتَفِعُ بِهِ أَوْ
غَيْرِ وَلَدِهِ يَنْتَفِعُ بِهِ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ
وَسَأَلَهُ عَمَّنْ أَوْصَى أَنْ تُدْفَنَ كُتُبُهُ قَالَ : مَا
يُعْجِبُنِي دَفْنُ الْعِلْمِ .
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ سَأَلْت أَبَا
عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ أَمَرَ بِدَفْنِ كُتُبِهِ وَلَهُ أَوْلَادٌ
فَأَطْرَقَ مَلِيًّا ثُمَّ قَالَ : لَعَلَّهُ يُنْتَفَعُ بِهَا ، ثُمَّ
قَالَ إنْ كَانَ فِيهَا مَنْفَعَةٌ عُرِضَتْ فَمَا أُعْطِيَ بِهَا مِنْ
شَيْءٍ حُسِبَتْ مِنْ ثُلُثِهِ .
وَحَمَلَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي
الْحَوَارِيِّ كُتُبَهُ إلَى الْبَحْرِ فَفَرَّقَهَا وَقَالَ : لَمْ
أَفْعَلْ هَذَا تَهَاوُنًا بِك وَلَا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّك وَلَكِنْ
كُنْت أَطْلُبُ أَنْ أَهْتَدِيَ بِك إلَى رَبِّي ، فَلَمَّا اهْتَدَيْتُ
بِك إلَى رَبِّي اسْتَغْنَيْتُ عَنْك .
فَصْلٌ قَالَ صَالِحٌ سَأَلْت
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَاهُ أَبُوهُ إذَا هُوَ مَاتَ أَنْ
يَدْفِنَ كُتُبَهُ ، قَالَ الِابْنُ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ مَا أَشْتَهِي
أَنْ أَدْفِنَهَا قَالَ : إنِّي أَرْجُو إذَا كَانَتْ مِمَّا يَنْتَفِعُ
بِالنَّظَرِ فِيهَا وَرَثَتُهُ رَجَوْت إنْ شَاءَ اللَّهُ
تَعَالَى
، وَسَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ عَمَّنْ أَوْصَى أَنْ تُدْفَنَ كُتُبُهُ
وَلَهُ أَوْلَادٌ قَالَ فِيهِمْ مَنْ أَدْرَكَ ؟ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ :
وَعَمَّنْ كَتَبَ هَذِهِ الْكُتُبَ قُلْتُ : عَنْ قَوْمٍ صَالِحِينَ قَالَ
: أُحِبُّ الْعَافِيَةَ مِنْهَا ، أَكْرَهُ أَنْ أَتَكَلَّمَ فِيهَا ،
وَاسْتَعْفَى مِنْ أَنْ يُجِيبَ مِنْ أَنْ تُتْرَكَ أَوْ تُدْفَنَ .
قَالَ
الْخَلَّالُ : وَاَلَّذِي أَذْهَبُ إلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ فِي هَذَا
أَنَّهُ إنْ كَانَتْ صُحُفًا أَوْ حَدِيثًا أَنَّهَا لَا تُبَاعُ وَلَا
تُمْحَى وَلَا تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ ؛ لِأَنِّي لَا أَعْرِفُ
لِحِسَابِهِ مِنْ الثُّلُثِ مَعْنًى لَعَلَّهُ قَدْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ
فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ ، وَقَدْ تَوَقَّفَ عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ،
وَالْأَحْوَطُ فِي هَذَا أَنْ تُدْفَنَ فَهُوَ أَشْبَهُ فِي هَذَا
الزَّمَانِ .
فَصْلٌ ( فِي كِتَابَةِ الْحَدِيثِ وَالْعِلْمِ وَالْأَحَادِيثِ الْمُتَعَارِضَةِ فِيهَا ) .
رَوَى
الْخَلَّالُ ثَنَا أَبُو عَبَّاسٍ الدَّوْرِيُّ سَمِعْت يَحْيَى بْنَ
سَعِيدٍ الْقَطَّانَ مَا رَأَيْت مِثْلَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، كُنْت
إذَا سَأَلْته عَنْ الْحَدِيثِ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ اشْتَدَّ عَلَيْهِ
وَكَانَ مِسْعَرٌ لَا يُبَالِي أَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ وَقَالَ رَجُلٌ
لِأَحْمَدَ : أُرِيدُ أَعْرِفُ الْحَدِيثَ قَالَ : إنْ أَرَدْت أَنْ
تَعْرِفَ الْحَدِيثَ فَأَكْثِرْ مِنْ الْكِتَابَةِ .
وَقَدْ دَلَّ
هَذَا النَّصُّ وَغَيْرُهُ عَلَى كِتَابَةِ الْحَدِيثِ ، بَلْ وَكِتَابَةِ
الْعِلْمِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ {
اُكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ } وَفِيهِمَا أَيْضًا قَوْلُ عَلِيٍّ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ .
وَفِي الْبُخَارِيِّ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثًا مِنِّي
إلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلَا
أَكْتُبُ .
وَفِي رِوَايَةٍ { اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكِتَابَةِ فَأَذِنَ لَهُ } .
وَفِي
السُّنَنِ { أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو قَالَ : يَا رَسُولَ
اللَّهِ أَكْتُبُ عَنْك فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا ؟ فَقَالَ : اُكْتُبْ
فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا حَقٌّ وَأَشَارَ
بِيَدِهِ إلَى فِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } .
وَعَنْ
عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ : قَيِّدُوا
الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ وَقَالَ حَنْبَلٌ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ
ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { قَيِّدُوا الْعِلْمَ قُلْت وَمَا
تَقْيِيدُهُ قَالَ الْكِتَابُ } ابْنُ الْمُؤَمَّلِ ضَعِيفٌ ،
وَلِلنَّسَائِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ
مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عَمْرٍو قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ { إنَّا نَسْمَعُ مِنْك
أَحَادِيثَ فَتَأْذَنُ لَنَا أَنْ نَكْتُبَهَا ، قَالَ نَعَمْ } وَذَكَرَ
الْحَدِيثَ قَالَ
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
النَّسَائِيُّ مُنْكَرٌ ، وَهُوَ عِنْدِي خَطَأٌ .
وَسَمِعَ
أَنَسٌ وَكَتَبَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَعَرَضَهَا عَلَيْهِ ، وَأَمْلَى وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ عَلَى
النَّاسِ الْأَحَادِيثَ ، وَهُمْ يَكْتُبُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ .
وَقَالَ أَبُو الْمَلِيحِ يَعِيبُونَ عَلَيْنَا الْكِتَابَ ، وَاَللَّهُ يَقُولُ { قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ } .
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ غُدْوَةً حَتَّى يَنْظُرَ فِي كُتُبِهِ .
وَقَالَ
بَشِيرُ بْنُ نَهِيكٍ كَتَبْت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا كُنْت أَسْمَعُهُ
مِنْهُ ، ثُمَّ أَتَيْته بِهِ فَقُلْت : هَذَا سَمِعْته مِنْك قَالَ
نَعَمْ .
وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
أَنَّهُ أَمَرَ بَنِيهِ وَبَنِي أَخِيهِ بِكِتَابَةِ الْعِلْمِ حَتَّى
يَرْوُوهُ أَوْ يَضَعُوهُ فِي بُيُوتِهِمْ ، وَكَتَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ
كَثِيرًا وَكَتَبَ النَّاسُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَجَابِرٍ
وَالْبَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ وَخَلْقٍ مِنْ التَّابِعِينَ
لَا يُحْصَوْنَ ، وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلَى أَبِي
بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنْ يَجْمَعَ لَهُ السُّنَنَ وَالْآثَارَ : فَإِنِّي
خَشِيت ذَهَابَ الْعِلْمِ .
وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا { مَنْ كَتَبَ عَنِّي سِوَى الْقُرْآنِ
فَلْيَمْحُهُ } وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ : لَا نُكَتِّبُكُمْ وَلَا نَجْعَلُهَا مَصَاحِفَ ،
احْفَظُوا عَنَّا كَمَا كُنَّا نَحْفَظُ عَنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ
النَّهْيَ إنَّمَا كَانَ خَشْيَةَ أَنْ يَخْتَلِطَ بِكِتَابِ اللَّهِ
شَيْءٌ ، ثُمَّ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ
عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ : أَنَّ عُمَرَ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ
السُّنَنَ ، فَاسْتَشَارَ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
فَأَشَارُوا عَلَيْهِ بِذَلِكَ ، ثُمَّ اسْتَخَارَ اللَّهَ شَهْرًا ثُمَّ
قَالَ : إنِّي ذَكَرْت قَوْمًا كَانُوا قَبْلَكُمْ كَتَبُوا كُتُبًا ،
فَأَكَبُّوا عَلَيْهَا وَتَرَكُوا كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ،
وَإِنِّي وَاَللَّهِ لَا أُلْبِسُ
كِتَابَ اللَّهِ بِشَيْءٍ أَبَدًا .
وَعَنْ
ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَرِهَ كِتَابَةَ الْعِلْمِ ، وَكَذَا رُوِيَ
عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَغَيْرِ
وَاحِدٍ أَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ ، .
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَكْتُمُ ، .
وَقَالَ
ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ
جُبَيْرٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَنْهَى عَنْ كِتَابَةِ الْعِلْمِ .
وَقَالَ : إنَّمَا أَضَلَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الْكُتُبُ .
قَالَ
الْبَيْهَقِيُّ : وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلْمَعْنَى الَّذِي أَشَرْنَا
إلَيْهِ أَوْ نَحْوِهِ وَقَالَ أَيْضًا : لَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ فِي الْكِتَابَةِ لِمَنْ خَشِيَ عَلَيْهِ
النِّسْيَانَ ، وَنَهَى عَنْ الْكِتَابَةِ لِمَنْ وَثِقَ بِحِفْظِهِ ،
أَوْ نَهَى عَنْ الْكِتَابَةِ حِينَ خَافَ الِاخْتِلَاطَ ، وَأَذِنَ فِي
الْكِتَابَةِ حِينَ أَمِنَ مِنْهُ ، فَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : كَانَ
هَذَا الْعِلْمُ كَرِيمًا يَتَلَافَاهُ الرِّجَالُ بَيْنَهُمْ ، فَلَمَّا
دَخَلَ فِي الْكُتُبِ دَخَلَ فِيهِ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ .
وَقَالَ
أَبُو كُرَيْبٍ : كَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ : لَا خَيْرَ
فِي عِلْمٍ لَا يَعْبُرُ مَعَك الْوَادِيَ ، وَلَا يَعْمُرُ بِك
النَّادِيَ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ : أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى
اسْتِحْبَابِ كِتَابَةِ الْعِلْمِ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَأَجَابُوا عَنْ
أَحَادِيثِ النَّهْيِ بِخَوْفِ اخْتِلَاطِ الْقُرْآنِ بِغَيْرِهِ قَبْلَ
اشْتِهَارِهِ ، فَلَمَّا اُشْتُهِرَ وَأُمِنَ ذَلِكَ جَازَ .
وَالْجَوَابُ الثَّانِي أَنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ لِمَنْ وُثِقَ بِحِفْظِهِ وَخِيفَ اتِّكَالُهُ عَلَى الْكِتَابَةِ .
وَقَالَ
الثَّوْرِيُّ : مَعْرِفَةُ مَعَانِي الْحَدِيثِ وَتَفْسِيرِهِ أَشَدُّ
مِنْ حِفْظِهِ وَقَالَ وَكِيعٌ : قَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ
مُجَمِّعٍ وَكَانَ ثِقَةً : كُنَّا نَسْتَعِينُ عَلَى حِفْظِ الْحَدِيثِ
بِالْعَمَلِ بِهِ .
وَسَأَلَ مُهَنَّا أَحْمَدَ مَا الْحِفْظُ ؟ قَالَ الْإِتْقَانُ هُوَ الْحِفْظُ .
وَقَالَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ : الْحِفْظُ الْإِتْقَانُ ، وَلَا
يَكُونُ إمَامًا فِي الْعِلْمِ مَنْ يُحَدِّثُ بِكُلِّ مَا سَمِعَ ، وَلَا
يَكُونُ إمَامًا فِي الْعِلْمِ مَنْ يُحَدِّثُ بِالشَّاذِّ مِنْ الْعِلْمِ
، وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ : إنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : مَا
أَنْفَعَ مَجَالِسَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ قُلْت : كَيْفَ مُجَالَسَتُهُمْ
وَهُمْ يَغْتَابُونَ ؟ قَالَ : مَا أَنْفَعَ مُجَالَسَتَهُمْ يَعْرِفُ
الرَّجُلُ الْحَدِيثَ بِهِمْ .
وَرَوَى الْخَلَّالُ عَنْ ابْنِ
سِيرِينَ قَالَ : كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُونَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَقًا يَتَذَاكَرُونَ الْحَدِيثَ وَيَتَرَاجَزُونَ
الشِّعْرَ ، وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ
قَالَ : تَذَاكَرُوا الْحَدِيثَ فَإِنَّ حَيَاتَهُ الْمُذَاكَرَةُ ،
وَعَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ : أَطِيلُوا ذِكْرَ الْحَدِيثِ لَا يَدْرُسُ ،
وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ : مَجْلِسٌ يُتَنَازَعُ فِيهِ
الْعِلْمُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ قَدْرِهِ صَلَاةً ، رَوَى ذَلِكَ
الْخَلَّالُ .
وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْمَدْخَلِ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ
قَالَ : كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إذَا جَلَسُوا كَانَ حَدِيثُهُمْ يَعْنِي الْفِقْهَ إلَّا أَنْ
يَقْرَأَ رَجُلٌ سُورَةً أَوْ يَأْمُرُوا أَحَدَهُمْ أَنْ يَقْرَأَ
سُورَةً ، وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : تَذَاكَرُوا
الْحَدِيثَ فَإِنَّكُمْ إنْ لَمْ تَفْعَلُوا ذَلِكَ انْدَرَسَ الْعِلْمُ .
وَقَالَ
أَبُو سَعِيدٍ : تَذَاكَرُوا الْحَدِيثَ فَإِنَّ الْحَدِيثَ يَهِيجُ
الْحَدِيثَ وَقَالَ عُمَرُ الْمُهَاجِرِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : إنَّ
لَهُ لِسَانًا سَئُولًا ، وَقَلْبًا عَقُولًا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ
عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْهُ .
وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ
جَرِيرٍ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ : بِمَ
أَصَبْت هَذَا الْعِلْمَ قَالَ : بِلِسَانٍ سَئُولٍ ، وَقَلْبٍ عَقُولٍ
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ قَالَ الزُّهْرِيُّ : الْعِلْمُ
خَزَائِنُ وَتَفْتَحُهَا الْمَسْأَلَةُ .
وَرُوِيَ عَنْ الزُّهْرِيِّ
أَنَّهُ كَانَ يَرْجِعُ إلَى مَنْزِلِهِ وَقَدْ سَمِعَ حَدِيثًا كَثِيرًا
، فَيُعِيدُهُ عَلَى جَارِيَةٍ لَهُ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ كَمَا
سَمِعَهُ وَيَقُولُ لَهَا : إنَّمَا أَرَدْت أَنْ أَحْفَظَهُ وَكَانَ
غَيْرُهُ يُعِيدُهُ عَلَى صِبْيَانِ الْمَكْتَبِ لِيَحْفَظَهُ ، وَقَالَ
الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ : آفَةُ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ
وَقِلَّةُ الْمُذَاكَرَةِ ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ مُرْسَلًا : مَا
تَجَالَسَ قَوْمٌ يُنْصِتُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إلَّا نَزَعَ اللَّهُ مِنْ
ذَلِكَ الْمَجْلِسِ الْبَرَكَةَ .
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ
كَانَ إذَا قَعَدَ يَقُولُ : إنَّكُمْ فِي مَمَرِّ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ
إلَى آجَالٍ مَنْقُوصَةٍ ، وَأَعْمَالٍ مَحْفُوظَةٍ ، وَالْمَوْتُ يَأْتِي
بَغْتَةً فَمَنْ زَرَعَ خَيْرًا يُوشِكُ أَنْ يَحْصُدَ رَغْبَةً ، وَمَنْ
زَرَعَ شَرًّا يُوشِكُ أَنْ يَحْصُدَ نَدَامَةً ، وَلِكُلِّ زَارِعٍ مَا
زَرَعَ لَا يَفُوتُ بَطِيءٌ حَظَّهُ ، وَلَا يُدْرِكُ حَرِيصٌ مَا لَمْ
يُقْدَرُ لَهُ ، فَمَنْ أُعْطِيَ خَيْرًا فَاَللَّهُ أَعْطَاهُ ، وَمَنْ
وُقِيَ شَرًّا فَاَللَّهُ وَقَاهُ ، الْمُتَّقُونَ سَادَةٌ ،
وَالْفُقَهَاءُ قَادَةٌ ، مُجَالَسَتُهُمْ زِيَادَةٌ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ
:
وَرُوِيَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا وَهُوَ ضَعِيفٌ .
وَقَالَ
عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ حَدَّثَنَا جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الرُّوَاسِيُّ ثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ
الْأَقْمَرِ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ : جَالِسُوا الْكُبَرَاءَ
وَسَائِلُوا الْعُلَمَاءَ ، وَخَالِطُوا الْحُكَمَاءَ قَالَ
الْبَيْهَقِيُّ رُوِيَ مَرْفُوعًا وَهُوَ ضَعِيفٌ { وَقَالَ لُقْمَانُ :
يَا بُنَيَّ جَالِسْ الْعُلَمَاءَ وَزَاحِمْهُمْ بِرُكْبَتَيْك ، فَإِنَّ
اللَّهَ يُحْيِي الْقُلُوبَ بِنُورِ الْحِكْمَةِ كَمَا يُحْيِي الْأَرْضَ
بِوَابِلِ الْمَطَرِ } قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : وَرُوِيَ مَرْفُوعًا وَهُوَ
ضَعِيفٌ .
وَعَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا { مَنْهُومَانِ لَا يَشْبَعَانِ
طَالِبُ عِلْمٍ وَطَالِبُ دُنْيَا } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ قَالَ
الْبَيْهَقِيُّ : وَرُوِيَ عَنْ كَعْبٍ مِنْ قَوْلِهِ .
وَرَوَى
الْفَقِيهُ نَصْرُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَقْدِسِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو
بَكْرٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنِ أَبِي الطَّيِّبِ
الْمُؤَدِّبُ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الثَّلْجِ حَدَّثَنَا جَدِّي قَالَ :
سَأَلْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ قُلْت : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ
أَيُّمَا أَحَبُّ إلَيْك الرَّجُلُ يَكْتُبُ الْحَدِيثَ أَوْ يَصُومُ
وَيُصَلِّي ؟ قَالَ : يَكْتُبُ الْحَدِيثَ قُلْت : فَمِنْ أَيْنَ فَضَّلْت
كِتَابَةَ الْحَدِيثِ عَلَى الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ ؟ قَالَ : لَأَنْ
يَقُولَ : إنِّي رَأَيْت قَوْمًا عَلَى شَيْءٍ فَاتَّبَعْتُهُمْ .
فَصْلٌ ( فِي فَضْلِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثِ وَفِقْهِهِ وَكَرَاهَةِ طَلَبِ الْغَرِيبِ وَالضَّعِيفِ مِنْهُ ) .
قَالَ
أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ : سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ
يَقُولُ : إذَا كَانَ يَعْرِفُ الْحَدِيثَ وَيَكُونُ مَعَهُ فِقْهٌ
أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ حِفْظِ الْحَدِيثِ لَا يَكُونُ مَعَهُ فِقْهٌ .
وَقَالَ
الْأَثْرَمُ سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثٍ فَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ تَرَكُوا الْعِلْمَ
وَأَقْبَلُوا عَلَى الْغَرَائِبِ ، مَا أَقَلَّ الْفِقْهَ فِيهِمْ .
وَقَالَ
الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ سُئِلَ عَنْ
أَحَادِيثَ غَرَائِبَ فَقَالَ : شَيْءٌ غَرِيبٌ أَيُّ شَيْءٍ يُرْجَى بِهِ
قَالَ : يَطْلُبُ الرَّجُلُ مَا يَزِيدُ فِي أَمْرِ دِينِهِ مَا
يَنْفَعُهُ .
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد : يَطْلُبُونَ
حَدِيثًا مِنْ ثَلَاثِينَ وَجْهًا أَحَادِيثَ ضَعِيفَةً قَالَ : شَيْءٌ
لَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ .
وَنَحْوُ هَذَا الْكَلَامِ قَالَ أَيْضًا :
شَرُّ الْحَدِيثِ الْغَرَائِبُ الَّتِي لَا يُعْمَلُ بِهَا وَلَا
يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ : كَانُوا
يَكْرَهُونَ غَرِيبَ الْحَدِيثِ ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ .
وَرَوَى
أَحْمَدُ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ خَيْثَمٍ قَالَ : إنَّ مِنْ الْحَدِيثِ
حَدِيثًا لَهُ ظُلْمَةٌ كَظُلْمَةِ اللَّيْلِ تُنْكِرُهُ ، وَإِنَّ مِنْ
الْحَدِيثِ حَدِيثًا لَهُ ضَوْءٌ كَضَوْءِ النَّهَارِ تَعْرِفُهُ .
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ زَيْنُ الْعَابِدِينَ : الْعِلْمُ مَا تَوَاطَأَتْ عَلَيْهِ الْأَلْسُنُ .
وَقَالَ
مَالِكٌ : شَرُّ الْعِلْمِ الْغَرِيبُ ، وَخَيْرُ الْعِلْمِ الظَّاهِرُ
الَّذِي قَدْ رَآهُ النَّاسُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي : مَنْ
طَلَبَ الدِّينَ بِالْكَلَامِ تَزَنْدَقَ ، وَمَنْ طَلَبَ غَرِيبَ
الْحَدِيثِ كَذَبَ ، وَمَنْ طَلَبَ الْمَالَ بِالْكِيمْيَاءِ أَفْلَسَ ،
وَعَنْ مَالِكٍ مِثْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ : لَنَا فِي صَحِيحِ
الْحَدِيثِ شَغْلٌ عَنْ سَقِيمِهِ وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ : لَا
يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَشْغَلَ نَفْسَهُ بِكِتَابَةِ الْحَدِيثِ
الضَّعِيفِ ، فَأَقَلُّ مَا فِي ذَلِكَ أَنْ يَفُوتَهُ مِنْ الصَّحِيحِ
بِقَدْرِهِ .
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ
حَنْبَلٍ : الِاشْتِغَالُ بِالْأَخْبَارِ الْقَدِيمَةِ يَقْطَعُ عَنْ
الْعِلْمِ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْنَا طَلَبُهُ .
وَقَالَ مَالِكٌ : مَا
أَكْثَرَ أَحَدٌ مِنْ الْحَدِيثِ فَأَنْجَحَ ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ :
وَإِنَّمَا الْإِشَارَةُ إلَى مَا ذَكَرْتُ مِنْ التَّشَاغُلِ بِكَثْرَةِ
الطُّرُقِ وَالْغَرَائِبِ فَيَفُوتُ الْفِقْهُ .
وَذَكَرَ كَلَامًا
كَثِيرًا إلَى أَنْ قَالَ : وَقَدْ أَوْغَلَ خَلْقٌ مِنْ
الْمُتَأَخِّرِينَ فِي كِتَابَةِ طُرُقِ الْمَنْقُولَات ، فَشَغَلَهُمْ
عَنْ مَعْرِفَةِ الْوَاجِبَاتِ ، حَتَّى إنَّ أَحَدَهُمْ يُسْأَلُ عَنْ
أَرْكَانِ الصَّلَاةِ فَلَا يَدْرِي ، لَا بَلْ قَدْ أَثَّرَ هَذَا فِي
الْقُدَمَاءِ ، ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ أَنَّ امْرَأَةً وَقَفَتْ عَلَى
مَجْلِسٍ فِيهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو خَيْثَمَةَ وَخَلَفُ بْنُ
سَالِمٍ فِي جَمَاعَةٍ يَتَذَاكَرُونَ الْحَدِيثَ ، فَسَأَلَتْهُمْ عَنْ
الْحَائِضِ تُغَسِّلُ الْمَوْتَى وَكَانَتْ غَاسِلَةً ، فَلَمْ يُجِبْهَا
مِنْهُمْ أَحَدٌ ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَنْظُرُ إلَى بَعْضٍ ، فَأَقْبَلَ
أَبُو ثَوْرٍ فَقَالُوا لَهَا : عَلَيْك بِالْمُقْبِلِ ، فَسَأَلَتْهُ
فَقَالَ : نَعَمْ تُغَسِّلُ الْمَيِّتَ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا { أَمَا إنَّ حَيْضَتَك لَيْسَتْ فِي يَدِك }
وَلِقَوْلِهَا { : كُنْت أَفْرُقُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَاءِ وَأَنَا حَائِضٌ } قَالَ أَبُو ثَوْرٍ :
فَإِذَا فَرَقَتْ رَأْسَ الْحَيِّ فَالْمَيِّتُ بِهِ أَوْلَى ، قَالُوا :
نَعَمْ رَوَاهُ فُلَانٌ وَحَدَّثَنَا بِهِ فُلَانٌ وَنَعْرِفُهُ مِنْ
طَرِيقِ كَذَا ، وَخَاضُوا فِي الطُّرُقِ وَالرِّوَايَاتِ فَقَالَتْ
الْمَرْأَةُ : فَأَيْنَ كُنْتُمْ إلَى الْآنَ .
قَالَ : وَقَدْ كَانَ
بَعْضُ أَكَابِرِهِمْ يَسْتَحِي مِنْ رَدِّ الْفُتْيَا فَيُفْتِي بِمَا
لَا يَحْسُنُ ذِكْرُهُ حَتَّى إنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ عَلِيَّ بْنَ
دَاوُد وَفِي مَجْلِسِهِ نَحْوُ أَلْفِ رَجُلٍ فَقَالَتْ : إنِّي حَلَفْت
بِصَدَقَةِ إزَارِي ؟ فَقَالَ : بِكَمْ اشْتَرَيْته فَقَالَتْ :
بِاثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا قَالَ : صُومِي اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ
يَوْمًا ، فَلَمَّا ذَهَبَتْ جَعَلَ يَقُولُ آهٍ
غَلِطْنَا وَاَللَّهِ ، أَمَرْنَاهَا بِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ ، حَكَاهُ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ .
ثُمَّ
رَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ قَالَ : كُتِبَ إلَى أَبِي
ثَوْرٍ لَمْ يَزَلْ هَذَا الْأَمْرُ فِي أَصْحَابِك حَتَّى شَغَلَهُمْ
عَنْهُ إحْصَاءُ عَدَدِ رُوَاةِ { مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا }
فَغَلَبَهُمْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي
( صَيْدِ الْخَاطِرِ ) : فَهُوَ كَمَا قَالَ الْحُطَيْئَةُ : زَوَامِلُ
لِلْأَخْبَارِ لَا عِلْمَ عِنْدَهَا بِمُتْقَنِهَا إلَّا كَعِلْمِ
الْأَبَاعِرِ لَعَمْرُك مَا يَدْرِي الْبَعِيرُ إذَا غَدَا بِأَوْسَاقِهِ
أَوْ رَاحَ مَا فِي الْغَرَائِرِ ثُمَّ ذَكَرَ الْعُلُومَ وَقَالَ : إنَّ
الْفِقْهَ عَلَيْهِ مَدَارُ الْعُلُومِ ، فَإِنْ اتَّسَعَ الزَّمَانُ
لِلتَّزَيُّدِ مِنْ الْعِلْمِ فَلْيَكُنْ مِنْ الْفِقْهِ .
فَإِنَّهُ
الْأَنْفَعُ وَقَالَ فِيهِ : وَلَقَدْ أَدْرَكْنَا فِي زَمَانِنَا مَنْ
قَرَأَ مِنْ اللُّغَةِ أَحْمَالًا فَحَضَرَ بَعْضُ الْمُتَفَقِّهَةِ
فَسَأَلَهُ عَنْ الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفِ : { لَوْ طَعَنْت فِي فَخِذِهَا
أَجْزَأَك } فَقَالَ : هَذَا لِلْمُبَالَغَةِ ، فَقَالَ لَهُ الصَّبِيُّ :
أَلَيْسَ هَذَا فِي ذَكَاةِ غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ ؟ فَفَكَّرَ
الشَّيْخُ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ : صَدَقْت .
وَأَدْرَكْنَا مَنْ قَرَأَ
الْحَدِيثَ سِتِّينَ سَنَةً فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ
مَسْأَلَةٍ فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ ؟ وَأَدْرَكْنَا
مَنْ بَرَعَ فِي عُلُومِ الْفِقْهِ فَكَانَ إذَا سُئِلَ عَنْ حَدِيثٍ لَا
يَدْرِي مَا يَقُولُ ؟ وَأَدْرَكْنَا مَنْ بَرَعَ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَوْمًا : إنِّي أَدْرَكْتُ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ
الْجُمُعَةِ فَأَضَفْت إلَيْهَا أُخْرَى فَمَا تَقُولُ ؟ فَسَبَّهُ
وَلَامَهُ عَلَى تَخَلُّفِهِ وَلَمْ يَدْرِ مَا الْجَوَابُ ،
وَأَدْرَكْنَا مَنْ بَرَعَ فِي عُلُومِ الْقِرَاءَاتِ فَكَانَ إذَا سُئِلَ
عَنْ مَسْأَلَةٍ يَقُولُ : عَلَيْك بِفُلَانٍ .
هَذِهِ كُلُّهَا مِحَنٌ
قَبِيحَةٌ ، فَلَمَّا رَأَيْت فِي الصِّبَا أَنَّ كُلَّ مَنْ بَرَعَ مِنْ
أُولَئِكَ فِي فَنِّهِ مَا اسْتَقْصَى ، وَإِنَّمَا عَوَّقَتْهُ فُضُولُهُ
عَنْ الْمُهِمِّ ، وَمَا بَلَغَ الْغَايَةَ
رَأَيْت أَنَّ أَخْذَ
الْمُهِمِّ مِنْ كُلِّ عِلْمٍ هُوَ الْمُهِمُّ ، فَإِنَّهُ مِنْ أَقْبَحِ
الْأَشْيَاءِ أَنْ يَطْلُبَ الْمُحَدِّثُ عُلُوَّ الْإِسْنَادِ وَحُسْنَ
التَّصَانِيفِ ، فَيَقْرَأَ الْمُصَنَّفَاتِ الْكِبَارِ وَيَطْلُبَ
الْأَسَانِيدَ الْعَوَالِيَ وَيَكْتُبَ ، فَيَذْهَبَ الْعُمْرُ وَيَرْجِعَ
كَمَا كَانَ ، لَيْسَ عِنْدَهُ إلَّا أَجْزَاءٌ مُصَحَّحَةٌ لَا يَدْرِي
مَا فِيهَا وَقَدْ سَهِرَ وَتَعِبَ .
وَإِذَا سَاءَلْته عَنْ عِلْمِهِ
قَالَ عِلْمِي يَا خَلِيلِي فِي سَفَطْ فِي كَرَارِيسَ جِيَادٍ أُحْكِمَتْ
وَبِخَطٍّ أَيِّ خَطٍّ أَيِّ خَطْ وَإِذَا سَاءَلْته عَنْ مُشْكِلٍ حَكَّ
لَحْيَيْهِ جَمِيعًا وَامْتَخَطْ وَيَتَفَقَّهُ صَبِيٌّ صَغِيرٌ فَيُفْتِي
فِي مَسْأَلَةٍ عَجَزَ ذَلِكَ الشَّيْخُ عَنْهَا ، وَإِنَّمَا أَشْرَحُ
هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لِلتَّعْلِيمِ ، انْتَهَى كَلَامُهُ .
وَلِأَبِي
دَاوُد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَرْفُوعًا {
الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ فَضْلٌ : آيَةٌ مُحْكَمَةٌ
، أَوْ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ ، أَوْ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ } وَلِلتِّرْمِذِيِّ
وَقَالَ : حَسَنٌ غَرِيبٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ : يَا بُنَيَّ { إنْ قَدَرْت أَنْ تُصْبِحَ
وَتُمْسِيَ ، وَلَيْسَ فِي قَلْبِك غِشٌّ لِأَحَدٍ فَافْعَلْ ثُمَّ قَالَ
: يَا بُنَيَّ وَذَلِكَ مِنْ سُنَّتِي مَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ
أَحْيَانِي ، وَمَنْ أَحْيَانِي كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ } .
وَقَالَ
الشَّافِعِيُّ لِيُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى : عَلَيْك بِالْفِقْهِ
فَإِنَّهُ كَالتُّفَّاحِ الشَّامِيِّ يُحْمَلُ مِنْ عَامِهِ .
وَقَالَ
ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ : الْفِقْهُ عُمْدَةُ
الْعُلُومِ ، وَأَمْلَى الشَّافِعِيُّ عَلَى مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ الزُّبَيْرِ أَشْعَارَ هُذَيْلٍ وَوَقَائِعَهَا وَأَيَّامَهَا
حِفْظًا ، فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَيْنَ أَنْتَ بِهَذَا
الذِّهْنِ عَنْ الْفِقْهِ ؟ فَقَالَ إيَّاهُ أَرَدْت وَقَالَ مُحَمَّدُ
بْنُ الْحَسَنِ : كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَحُثُّنَا عَلَى الْفِقْهِ ،
وَنَهَانَا عَنْ الْكَلَامِ وَكَانَ يَقُولُ : لَعَنَ اللَّهُ عَمْرَو
بْنَ عُبَيْدٍ لَقَدْ فَتَحَ لِلنَّاسِ
صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى