لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب : الآداب الشرعية الجزء التاسع عشر Empty كتاب : الآداب الشرعية الجزء التاسع عشر {السبت 28 مايو - 20:19}


فَصْلٌ ( إنْكَارُ أَحْمَدَ لِلتَّبَرُّكِ بِهِ وَتَوَاضُعُهُ وَثَنَاؤُهُ عَلَى مَعْرُوفٍ الْكَرْخِيِّ ) .
رَوَى
الْخَلَّالُ فِي أَخْلَاقِ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ
الطَّيَالِسِيِّ قَالَ مَسَحْت يَدِي عَلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ثُمَّ
مَسَحْت يَدِي عَلَى بَدَنِي وَهُوَ يَنْظُرُ فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا
وَجَعَلَ يَنْفُضُ يَدَهُ وَيَقُولُ عَمَّنْ أَخَذْتُمْ هَذَا ؟
وَأَنْكَرَهُ إنْكَارًا شَدِيدًا .
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ فِي كِتَابِ
الْوَرَعِ سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ قَدْ كَانَ يَحْيَى بْنُ
يَحْيَى أَوْصَى لِي بِجُبَّتِهِ فَجَاءَنِي بِهَا ابْنُهُ فَقَالَ لِي
فَقُلْت رَجُلٌ صَالِحٌ قَدْ أَطَاعَ اللَّهَ فِيهَا أَتَبَرَّكُ بِهَا
قَالَ فَذَهَبَ فَجَاءَنِي بِمِنْدِيلٍ ثِيَابٍ فَرَدَدْتهَا مَعَ
الثِّيَابِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ هَارُونَ رَأَيْت أَبَا
عَبْدِ اللَّهِ إذَا مَشَى فِي طَرِيقٍ يَكْرَهُ أَنْ يَتْبَعَهُ أَحَدٌ
يَعْنِي الْإِمَامَ أَحْمَدَ .
قَالَ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ
الْهَيْثَمِ أَبُو يَحْيَى الْقَطَّانُ الْعَاقُولِيُّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ
الْخَلَّالُ جَلِيلُ الْقَدْرِ قَالَ وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ قَالَ كُنْت
مَعَ أَحْمَدَ فَجَعَلْت أَتَأَخَّرُ عَنْهُ فِي الصَّفِّ إجْلَالًا لَهُ
فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى يَدِي فَقَدَّمَنِي إلَى الصَّفِّ .
وَقَالَ
أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد الْمِصِّيصِيُّ كُنَّا عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ
حَنْبَلٍ وَهُمْ يَذْكُرُونَ الْحَدِيثَ فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى
النَّيْسَابُورِيُّ حَدِيثًا فِيهِ ضَعْفٌ فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ لَا
تَذْكُرْ مِثْلَ هَذَا ، فَكَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى دَخَلَهُ
خَجْلَةً فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ إنَّمَا قُلْت هَذَا إجْلَالًا لَك يَا
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ .
وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ كَانَ مَعْرُوفُ
الْكَرْخِيُّ مِنْ الْأَبْدَالِ مُجَابَ الدَّعْوَةِ وَذُكِرَ فِي
مَجْلِسِ أَحْمَدَ فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ هُوَ قَصِيرُ الْعِلْمِ
فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ أَمْسِكْ عَافَاك اللَّهُ وَهَلْ يُرَادُ مِنْ
الْعِلْمِ إلَّا مَا وَصَلَ إلَيْهِ مَعْرُوفٌ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ
قُلْت لِأَبِي هَلْ كَانَ مَعَ مَعْرُوفٍ شَيْءٌ مِنْ الْعِلْمِ ؟ فَقَالَ
لِي يَا بُنَيَّ كَانَ مَعَهُ رَأْسُ الْعِلْمِ
خَشْيَةُ اللَّهِ
تَعَالَى ، وَقَدْ أَثْنَى مَعْرُوفٌ عَلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَقَالَ
سَمِعْت مِنْهُ إذًا كَلِمَتَيْنِ أَزْعَجَتَانِي مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ
إذَا مَاتَ نُسِيَ ، فَلْيُحْسِنْ وَلَا يُسِئْ .
فَصْلٌ ( فِي دُعَاءِ الْمَظْلُومِ عَلَى ظَالِمِهِ وَشَيْءٍ مِنْ مَنَاقِبِ أَحْمَدَ ) .
قَالَ
هِشَامُ بْنُ مَنْصُورٍ سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُول تَدْرِي
مَا قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ آدَمَ قُلْت : لَا قَالَ : يَجِيئُنِي
الرَّجُلُ مِمَّنْ أُبْغِضُهُ وَأَكْرَهُ مَجِيئَهُ فَأَقْرَأُ عَلَيْهِ
كُلَّ شَيْءٍ مَعَهُ حَتَّى أَسْتَرِيحَ مِنْهُ ، وَيَجِيءُ الرَّجُلُ
الَّذِي أَوَدُّهُ فَأَرُدُّهُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيَّ .
وَقَالَ
يَحْيَى بْنُ نُعَيْمٍ : لَمَّا خَرَجَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ
بْنُ حَنْبَلٍ إلَى الْمُعْتَصِمِ يَوْمَ ضُرِبَ قَالَ لَهُ الْعَوْنُ
الْمُوَكَّلُ بِهِ اُدْعُ عَلَى ظَالِمِك قَالَ لَيْسَ بِصَابِرٍ مَنْ
دَعَا عَلَى ظَالِمِهِ يَعْنِي الْإِمَامُ أَحْمَدَ أَنَّ الْمَظْلُومَ
إذَا دَعَا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ فَقَدْ انْتَصَرَ كَمَا رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ
الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا { مَنْ دَعَا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ
فَقَدْ انْتَصَرَ } قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا
مِنْ حَدِيثِ أَبِي حَمْزَةَ وَهُوَ مَيْمُونٌ الْأَعْوَرُ ، ضَعَّفُوهُ
لَا سِيَّمَا فِيمَا رَوَاهُ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، وَإِذَا
انْتَصَرَ فَقَدْ اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَفَاتَهُ الدَّرَجَةُ الْعُلْيَا .
قَالَ
تَعَالَى : { وَلَمَنْ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا
عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ } إلَى قَوْلِهِ { وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ
ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } .
وَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ :
رَأَيْت فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي أَمْضِي إلَى قَبْرِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ
فَإِذَا بِهِ جَالِسٌ عَلَى قَبْرِهِ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرُ السِّنِّ
فَقَالَ لِي يَا فُلَانُ قَلَّ أَنْصَارُنَا ، وَمَاتَ أَصْحَابُنَا ،
ثُمَّ قَالَ لِي إذَا أَرَدْت أَنْ تُنْصَرَ فَإِذَا دَعَوْت فَقُلْ يَا
عَظِيمُ يَا عَظِيمُ كُلِّ عَظِيمٍ وَادْعُ بِمَا شِئْت تُنْصَرُ .
وَقَالَ
يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ ذَكَرْت لِأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَوْمًا بَعْضَ
إخْوَانِنَا وَتَغَيَّرَ عَلَيْنَا فَأَنْشَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ
يَقُولُ : وَلَيْسَ خَلِيلِي بِالْمَلُولِ وَلَا الَّذِي إذَا غِبْت
عَنْهُ بَاعَنِي بِخَلِيلِ وَلَكِنْ خَلِيلِي مَنْ يَدُومُ
وِصَالُهُ
وَيَحْفَظُ سِرِّي عِنْدَ كُلِّ خَلِيلِ وَنَقَلَ غَيْرُهُ عَنْ أَحْمَدَ
أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : تَفْنَى اللَّذَاذَةُ مِمَّنْ نَالَ صَفْوَتَهَا
مِنْ الْحَرَامِ وَيَبْقَى الْإِثْمُ وَالْعَارُ تَبْقَى عَوَاقِبُ سُوءٍ
فِي مَغَبَّتِهَا لَا خَيْرَ فِي لَذَّةٍ مِنْ بَعْدِهَا النَّارُ وَقَدْ
رَأَيْت هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ لِمِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ الْإِمَامِ
الْمَشْهُورِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِ بَهْجَة
الْمَجَالِسِ كَانَ الْمُتَمَنِّي بِالْكُوفَةِ إذَا تَمَنَّى يَقُولُ
أَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ لِي فِقْهُ أَبِي حَنِيفَةَ وَحِفْظُ سُفْيَانَ
وَوَرَعُ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ وَجَوَابُ شَرِيكٍ .
وَقَالَ أَبُو
عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي هِشَامٍ يَوْمًا عِنْدَ أَحْمَدَ فَذَ كَرُوا
الْكُتَّابَ وَدِقَّةَ ذِهْنِهِمْ فَقَالَ إنَّمَا هُوَ التَّوْفِيقُ
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ وُلِدَ لِأَبِي مَوْلُودٌ
فَأَعْطَانِي عَبْدُ الْأَعْلَى رُقْعَةً إلَى أَبِي يُهَنِّئُهُ فَرَمَى
بِالرُّقْعَةِ إلَيَّ وَقَالَ لَيْسَ هَذَا كِتَابَ عَالِمٍ وَلَا
مُحَدِّثٍ هَذَا كِتَابُ كَاتِبٍ .
وَقَالَ أَحْمَدُ أَقَامَتْ أُمُّ
صَالِحٍ مَعِي عِشْرِينَ سَنَةً فَمَا اخْتَلَفْت أَنَا وَهِيَ فِي
كَلِمَةٍ وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ دَخَلْت يَوْمًا عَلَى أَحْمَدَ فَقُلْت
كَيْفَ أَصْبَحْت قَالَ : كَيْفَ أَصْبَحَ مَنْ رَبُّهُ يُطَالِبُهُ
بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ ، وَنَبِيُّهُ يُطَالِبُهُ بِأَدَاءِ السُّنَّةِ ،
وَالْمَلَكَانِ يُطَالِبَانِهِ بِتَصْحِيحِ الْعَمَلِ ، وَنَفْسُهُ
تُطَالِبُهُ بِهَوَاهَا ، وَإِبْلِيسُ يُطَالِبُهُ بِالْفَحْشَاءِ ،
وَمَلَكُ الْمَوْتِ يُطَالِبُهُ بِقَبْضِ رُوحِهِ ، وَعِيَالُهُ
يُطَالِبُونَهُ بِنَفَقَتِهِمْ .
وَقَالَ رَجُلٌ لِبِشْرِ بْنِ
الْحَارِثِ أَبَا نَصْرٍ إنِّي وَاَللَّهِ أُحِبُّك ، فَقَالَ وَكَيْفَ
لَا تُحِبُّنِي وَلَسْت لِي بِجَارٍ وَلَا قَرَابَةٍ .
وَقَالَ
إبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ قُلْت لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ الرَّجُلُ
يَبْلُغُنِي عَنْهُ صَلَاحٌ أَفَأَذْهَبُ أُصَلِّي خَلْفَهُ قَالَ لِي
أَحْمَدُ اُنْظُرْ إلَى مَا هُوَ أَصْلَحُ لِقَلْبِك فَافْعَلْهُ .
فَصْلٌ ( فِي الِاسْتِخَارَة وَهَلْ هِيَ فِيمَا يَخْفَى أَوْ فِي كُلِّ شَيْءٍ ) .
قَالَ
جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ
أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ : كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْخَيْرِ يُبَادَرُ
بِهِ .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْعَابِدُ سَمِعْت أَحْمَدَ
بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْخَيْرِ يُبَادَرُ فِيهِ قَالَ
وَشَاوَرْته فِي الْخُرُوجِ إلَى الثَّغْرِ فَقَالَ لِي بَادِرْ بَادِرْ ،
وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا اسْتِخَارَةَ فِيهِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ
الْفُقَهَاءِ لِظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُ
بَعْدَ فِعْلِ مَا يَنْبَغِي فِعْلُهُ مِنْ صَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ
وَغَيْرِهِ وَقَوْلُ جَابِرٍ { كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا
} حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ ، { وَقَدْ
اسْتَخَارَتْ زَيْنَبُ لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا } قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ : فِيهِ
اسْتِحْبَابُ صَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ لِمَنْ هَمَّ بِأَمْرٍ سَوَاءَ
كَانَ الْأَمْرُ ظَاهِرَ الْخَيْرِ أَمْ لَا قَالَ وَلَعَلَّهَا
اسْتَخَارَتْ لِخَوْفِهَا مِنْ تَقْصِيرِهَا فِي حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ
الْأَصْبَهَانِيُّ أَحْفَظُ مَنْ رَأَيْت مِنْ الْبَشَرِ ثنا أَحْمَدُ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ ثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ
الْقَطَّانُ ثنا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ
الصَّنْعَانِيُّ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْت
وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَامُ يَا
رَبِّ أَيُّ عِبَادِك أَبْغَضُ إلَيْك قَالَ عَبْدٌ اسْتَخَارَنِي فِي
أَمْرٍ فَخِرْت لَهُ فَلَمْ يَرْضَ .
الظَّاهِرُ أَنَّهُ إسْنَادٌ حَسَنٌ .
وَقَالَ
الْخَلَّالُ فِي الْأَدَبِ كَرَاهَةُ الْعَجَلَةِ وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ حَدَّثَنِي أَبِي ثنا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى
الطَّبَّاعُ سَمِعْت مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَابَ الْعَجَلَةَ فِي
الْأُمُورِ ، ثُمَّ
قَالَ قَرَأَ ابْنُ عُمَرَ الْبَقَرَةَ فِي ثَمَانِ سِنِينَ وَظَاهِرُ هَذَا مِنْ الْخَلَّالِ مُخَالَفَتُهُ لِمَا تَقَدَّمَ .
وَقَدْ
قَالَ أَبُو دَاوُد حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّبَّاحُ ثنا
عَفَّانَ ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ ثنا سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ عَنْ مَالِكِ
بْنِ الْحَارِثِ قَالَ الْأَعْمَشُ وَقَدْ سَمِعْتُهُمْ يَذْكُرُونَ عَنْ
مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ الْأَعْمَشُ وَلَا أَعْلَمُهُ
إلَّا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { :
التُّؤَدَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِي عَمَلِ الْآخِرَةِ } كُلُّهُمْ
ثِقَاتٌ وَاتَّأَدَ فِي مَشْيِهِ وَتَوَأَّدَ فِي مَشْيِهِ وَهُوَ
افْتَعَلَ وَتَفَعَّلَ مِنْ التُّؤَدَةِ وَأَصْلُ التَّاءِ فِي " اتَّئِدْ
" وَاوٌ ، يُقَالُ اتَّئِدْ فِي أَمْرِكَ .
وَقَدْ سَبَقَ التَّثَبُّتُ
وَالتَّأَنِّي فِي الْفُتْيَا فِي فُصُولِ الْعِلْمِ وَقَوْلُ مَالِكٍ
إنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْجَهْلِ وَالْخُرْقِ وَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ
وَغَيْرُهُ عَنْ سَعْدِ بْنِ سِنَانٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ وَحَسَّنَ
لَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا { التَّأَنِّي مِنْ اللَّهِ
وَالْعَجَلَةُ مِنْ الشَّيْطَانِ } وَذَكَرْت فِي مَكَان آخَرَ مَا فِي
الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ
اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ } وَقَوْلُهُ { مَنْ يُحْرَمْ
الرِّفْقَ يُحْرَمْ الْخَيْرَ } .
فَصْلٌ ( فِي حَقِيقَةِ الزُّهْدِ ) .
قَالَ
الْخَلَّالُ مَا بَلَغَنِي أَنَّ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ الزَّاهِدِ يَكُونُ
زَاهِدًا وَمَعَهُ مِائَةُ دِينَارٍ قَالَ نَعَمْ عَلَى شَرِيطَةٍ إذَا
زَادَتْ لَمْ يَفْرَحْ ، وَإِذَا نَقَصَتْ لَمْ يَحْزَنْ قَالَ
وَبَلَغَنِي أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ لِسُفْيَانَ : حُبُّ الرِّيَاسَةِ
أَعْجَبُ إلَى الرَّجُلِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وَمَنْ أَحَبَّ
الرِّيَاسَةَ طَلَبَ عُيُوبَ النَّاسِ أَوْ عَابَ النَّاسَ أَوْ نَحْوَ
هَذَا وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ سُئِلَ أَحْمَدُ وَأَنَا شَاهِدٌ : مَا
الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا قَالَ قِصَرُ الْأَمَلِ وَالْإِيَاسُ مِمَّا فِي
أَيْدِي النَّاسِ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ هَذَا الْمَالَ حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ،
فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ ، وَمَنْ أَخَذَهُ
بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ وَكَانَ كَاَلَّذِي
يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ } وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا { لَيْسَ
الزَّهَادَةُ فِي الدُّنْيَا بِتَحْرِيمِ الْحَلَالِ ، وَلَا إضَاعَةِ
الْمَالِ وَلَكِنْ الزُّهْدُ أَنْ تَكُونَ بِمَا فِي يَدِ اللَّهِ
أَوْثَقَ مِنْك بِمَا فِي يَدِك ، وَأَنْ تَكُونَ فِي ثَوَابِ
الْمُصِيبَةِ إذَا أُصِبْت بِهَا أَرْغَبَ مِنْك فِيهَا لَوْ أَنَّهَا
نُفِيَتْ عَنْك ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : { لِكَيْلَا
تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ } } .
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ .
وَقَالَ
غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَعَمْرُو بْنُ
وَاقِدٍ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ يَعْنِي الَّذِي فِي إسْنَادِهِ وَكَذَا
قَالَ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَقَالَ النَّسَائِيُّ
وَالدَّارَقُطْنِيُّ مَتْرُوكٌ ، وَضَعَّفَهُ أَيْضًا غَيْرُهُمْ .
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِهِ .
قَالَ
الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إذَا سَلِمَ فِيهِ الْقَلْبُ مِنْ الْهَلَعِ
وَالْيَدُ مِنْ الْعُدْوَانِ كَانَ صَاحِبُهُ مَحْمُودًا وَإِنْ كَانَ
مَعَهُ مَالٌ عَظِيمٌ ، بَلْ قَدْ يَكُونُ مَعَ هَذَا زَاهِدًا أَزْهَدُ
مِنْ فَقِيرٍ هَلُوعٍ كَمَا قِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ وَذَكَرَ مَا
سَبَقَ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ وَذَكَرَ الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب : الآداب الشرعية الجزء التاسع عشر Empty رد: كتاب : الآداب الشرعية الجزء التاسع عشر {السبت 28 مايو - 20:20}


وَمَا
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ عَنْ الْحَسَنِ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا { التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الْأَمِينُ مَعَ
النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ } وَعَنْ سُفْيَانَ
أَنَّهُ قِيلَ لَهُ يَكُونُ الرَّجُلُ زَاهِدًا وَلَهُ مَالٌ قَالَ نَعَمْ
، إنْ اُبْتُلِيَ صَبَرَ ، وَإِنْ أُعْطِيَ شَكَرَ .
وَقَالَ سُفْيَانُ
إذَا بَلَغَك عَنْ رَجُلٍ بِالْمَشْرِقِ أَنَّهُ صَاحِبُ سُنَّةٍ
وَبِالْمَغْرِبِ صَاحِبُ سُنَّةٍ فَابْعَثْ إلَيْهِمَا بِالسَّلَامِ
وَادْعُ اللَّهَ لَهُمَا فَمَا أَقَلَّ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ .
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَذَكَرَ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ فِي
كِتَابِ الرِّسَالَةُ إلَى الصُّوفِيَّةِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
الزُّهْدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ تَرْكُ الْحَرَامِ وَهُوَ زُهْدُ
الْعَوَامّ ( وَالثَّانِي ) تَرْكُ الْفُضُولِ مِنْ الْحَلَالِ وَهُوَ
زُهْدُ الْخَوَاصِّ ( وَالثَّالِثُ ) تَرْكُ مَا يُشْغِلُ الْعَبْدَ عَنْ
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ زُهْدُ الْعَارِفِينَ قَالَ وَسَمِعْت
مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ سَمِعْت عَلِيَّ بْنَ عُمَرَ
الْحَافِظَ سَمِعْت أَبَا سَهْلِ بْنَ زِيَادٍ يَقُولُ : سَمِعْت عَبْدَ
اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ يَقُولُ : سُئِلَ أَبِي مَا الْفُتُوَّةُ ؟ فَقَالَ
تَرْكُ مَا تَهْوَى لِمَا تَخْشَى .
وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ قَدْ
قُلْت عِشْرِينَ أَلْفَ بَيْتٍ فِي الزُّهْدِ وَوَدِدْت أَنَّ لِي مِنْهَا
الْأَبْيَاتَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي لِأَبِي نُوَاسٍ يَا نُوَاسُ تَوَقَّرْ
وَتَعَزَّ وَتَصَبَّرْ إنْ يَكُنْ سَاءَك دَهْرٌ فَلَمَا سَرَّك أَكْثَرْ
يَا كَثِيرَ الذَّنْبِ عَفْوُ الـ لَّهِ مِنْ ذَنْبِك أَكْبَرْ وَرَأَى
بَعْضُ إخْوَانِ أَبِي نُوَاسٍ لَهُ فِي النَّوْمِ بَعْدَ أَيَّامٍ
فَقَالَ لَهُ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِك قَالَ : غَفَرَ لِي بِأَبْيَاتٍ
قُلْتهَا وَهِيَ الْآنَ تَحْتَ وِسَادَتِي فَنَظَرُوا فَإِذَا بِرُقْعَةٍ
تَحْتَ وِسَادَتِهِ فِي بَيْتِهِ مَكْتُوبٍ فِيهَا : يَا رَبِّ إنْ
عَظُمَتْ ذُنُوبِي كَثْرَةً فَلَقَدْ عَلِمْت بِأَنَّ عَفْوَك أَعْظَمُ
إنْ كَانَ لَا يَرْجُوك إلَّا مُحْسِنٌ فَمَنْ الَّذِي يَدْعُو إلَيْهِ
الْمُجْرِمُ أَدْعُوك رَبِّ كَمَا أَمَرْت تَضَرُّعًا فَإِذَا
رَدَدْت
يَدِي فَمَنْ ذَا يَرْحَمُ مَا لِي إلَيْك وَسِيلَةٌ إلَّا الرَّجَا
وَجَمِيلُ ظَنِّي ثُمَّ أَنِّي مُسْلِمُ وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ
أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الزُّهْدِ قَالَ قِصَرُ الْأَمَلِ .
وَرَوَاهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ .
وَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنِي أَبِي سَمِعْت سُفْيَانَ يَقُولُ
مَا ازْدَادَ رَجُلٌ عِلْمًا فَازْدَادَ مِنْ الدُّنْيَا قُرْبًا إلَّا
ازْدَادَ مِنْ اللَّهِ بُعْدًا .
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ خَالِدِ بْنِ مَاهَانَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَسَدٍ : سُئِلَ
أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي الْوَرَعِ فَقَالَ أَنَا
أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لَا يَحِلُّ لِي أَنْ أَتَكَلَّمَ فِي الْوَرَعِ ،
وَأَنَا آكُلُ مِنْ غَلَّةِ بَغْدَادَ لَوْ كَانَ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ
صَلُحَ أَنْ يُجِيبَك عَنْهُ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَأْكُلُ مِنْ غَلَّةِ
بَغْدَادَ وَلَا مِنْ طَعَامِ السَّوَادِ .
ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَخْضَرِ
فِيمَنْ رَوَى عَنْ أَحْمَدَ ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ
أَخْزَمَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْوَزِيرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ نُبَيْهٍ عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ { ذُكِرَ رَجُلٌ عِنْد النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِعِبَادَةٍ وَاجْتِهَادٍ وَذُكِرَ آخَرُ بِرِعَةٍ فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا يُعْدَلُ بِالرِّعَةِ
شَيْءٌ } ابْنُ نُبَيْهٍ تَفَرَّدَ عَنْهُ الْمَخْرَمِيُّ وَبَاقِيهِ
جَيِّدٌ قَالَ التِّرْمِذِيُّ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ هَذَا
الْوَجْهِ .
وَرَوَى الْخَلَّالُ عَنْ الْفَضْلِ قَالَ عَلَامَةُ
الزُّهْدِ فِي النَّاسِ إذَا لَمْ يُحِبَّ ثَنَاءَ النَّاسِ عَلَيْهِ
وَلَمْ يُبَالِ بِمَذَمَّتِهِمْ وَإِنْ قَدَرْت أَنْ لَا تُعْرَفَ
فَافْعَلْ وَمَا عَلَيْك أَلَّا يُثْنَى عَلَيْك وَمَا عَلَيْك أَنْ
تَكُونَ مَذْمُومًا عِنْدَ النَّاسِ إذَا كُنْت مَحْمُودًا عِنْدَ اللَّهِ
عَزَّ وَجَلَّ ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُذْكَرَ لَمْ يُذْكَرْ .
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ بَنَانَ قَالَ أَحْمَدُ : سَمِعْته يَقُولُ
يَعْنِي بِشْرًا قَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ مَا صَدَقَ اللَّهَ عَبْدٌ أَحَبَّ الشُّهْرَةَ .
وَقَالَ
الْمَرُّوذِيُّ سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ مَنْ بُلِيَ
بِالشُّهْرَةِ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَفْتِنُوهُ لِأَنِّي لَا أُفَكِّرُ فِي
بَدْءِ أَمْرِي ، طَلَبْت الْحَدِيثَ وَأَنَا ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً
.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ هِجْرَانُ الدُّنْيَا فِي
عَصْرِنَا هَذَا لَيْسَ مِنْ الزُّهْدِ فِي شَيْءٍ ، إنَّمَا
الْمُنْقَطِعُ أَنِفَ مِنْ الذُّلِّ فَإِنَّ مُخَالَطَةَ الْقَدَرِيِّ
وَالتَّخَلِّي عَنْهُمْ تَرَّاعَة وَمَنْ طَلَّقَ عَجُوزًا مُنَاقِرَةً
فَلَا عَجَبَ وَقَالَ مَا قَطَعَ عَنْ اللَّهِ وَحَمَلَ النَّفْسَ عَلَى
مَحَارِمِ اللَّهِ فَهُوَ الدُّنْيَا الْمَذْمُومَةُ وَإِنْ كَانَ
إمْلَاقًا وَفَقْرًا وَمَا أَوْصَلَ إلَى طَاعَةِ اللَّهِ فَذَاكَ لَيْسَ
بِالدُّنْيَا الْمَذْمُومَةِ وَإِنْ كَانَ إكْثَارًا وَقَالَ الْوَاجِبُ
شُكْرُهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ نِعْمَةُ اللَّهِ وَطَرِيقٌ إلَى الْآخِرَةِ
وَذَرِيعَةٌ إلَى طَاعَةِ اللَّهِ ، وَكُلُّ خَيْرٍ يَعُودُ
بِالْإِفْرَاطِ فِيهِ شَرٌّ ، كَالسَّخَاءِ يَعُودُ إسْرَافًا ،
وَالتَّوَاضُعُ يَعُودُ ذُلًّا ، وَالشَّجَاعَةُ تَعُودُ تَهَوُّرًا .
وَقَالَ
بَعْضُهُمْ فِي قَوْله تَعَالَى : { فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
} قَالَ : الْقَنَاعَةُ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ لَوْ عَلِمْت قَدْرَ
الرَّاحَةِ فِي الْقَنَاعَةِ وَالْعِزِّ الَّذِي فِي مَدَارِجِهَا عَلِمْت
أَنَّهَا الْعِيشَةُ الطَّيِّبَةُ لِأَنَّ الْقَنُوعَ قَدْ كُفِيَ
تَكَلُّبَ طِبَاعِهِ ، وَالطَّبْعُ كَالصِّبْيَانِ الرُّعَّنِ وَمَنْ
بُلِيَ بِذَلِكَ أَذْهَبَ وَقْتَهُ فِي أَخَسِّ الْمَطَالِبِ وَفَاتَتْهُ
الْفَضَائِلُ فَأَصْبَحَ كَمُرَبِّي طِفْلٍ يَتَصَابَى لَهُ وَيَجْتَهِدُ
فِي تَسْكِينِ طِبَاعِهِ تَارَةً بِلُعْبَةٍ تُلْهِيهِ وَتَارَةً
بِشَهْوَةٍ ، وَتَارَةً بِكَلَامِ الْأَطْفَالِ ، وَمَنْ كَانَ دَأْبهُ
التَّصَابِي مَتَى يَذُوقُ طَعْمَ الرَّاحَةِ ، وَمَنْ كَانَ فِي طَبْعِهِ
كَذَا فَمَتَى يَسْتَعْمِلُ عَقْلَهُ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَالْحَيَاةُ
الطَّيِّبَةُ التَّفْوِيضُ إلَى اللَّهِ كَالصَّبِيِّ حَالَ التَّرْبِيَةِ
يُفَوِّضُ أَمْرَهُ إلَى وَالِدَيْهِ وَيَثِقُ بِهِمَا
مُسْتَرِيحًا مِنْ كَدِّ التَّخَيُّرِ ، فَلَا يَتَخَيَّرُ لِنَفْسِهِ مَعَ تَفْوِيضِهِ إلَى مَنْ يَخْتَارُ لَهُ .
الْمُفَوِّضُ
وَثِقَ بِالْمُفَوَّضِ إلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَعِنْدِي أَنَّهَا
فِي الْجَنَّةِ أَعْنِي الْحَيَاةَ الطَّيِّبَةَ لِأَنَّ الطَّيِّبَ
الصَّافِي وَالصَّفَاءُ فِي الْجَنَّةِ .
وَقَالَ أَيْضًا مِنْ عَجِيبِ
مَا نَقَدْت أَحْوَالَ النَّاسِ كَثْرَةُ مَا نَاحُوا عَلَى خَرَابِ
الدِّيَارِ وَمَوْتِ الْأَقَارِبِ وَالْأَسْلَافِ وَالتَّحَسُّرِ عَلَى
الْأَرْزَاقِ بِذَمِّ الزَّمَانِ وَأَهْلِهِ ، وَذِكْرِ نَكَدِ الْعَيْشِ
فِيهِ ، وَقَدْ رَأَوْا مِنْ انْهِدَامِ الْإِسْلَامِ ، وَتَشَعُّثِ
الْأَدْيَانِ ، وَمَوْتِ السُّنَنِ ، وَظُهُورِ الْبِدَعِ ، وَارْتِكَابِ
الْمَعَاصِي ، وَتَقَضِّي الْعُمْرِ فِي الْفَارِغِ الَّذِي لَا يُجْدِي ،
فَلَا أَحَدٌ مِنْهُمْ نَاحَ عَلَى دِينِهِ وَلَا بَكَى عَلَى فَارِطِ
عُمْرِهِ وَلَا تَأَسَّى عَلَى فَائِتِ دَهْرِهِ ، وَلَا أَرَى لِذَلِكَ
سَبَبًا إلَّا قِلَّةَ مُبَالَاتِهِمْ بِالْأَدْيَانِ وَعِظَمَ الدُّنْيَا
فِي عُيُونِهِمْ ضِدُّ مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ :
يَرْضَوْنَ بِالْبَلَاغِ وَيَنُوحُونَ عَلَى الدِّينِ انْتَهَى كَلَامُهُ .
وَقَدْ
تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ فُصُولِ طَلَبِ الْعِلْمِ حَدِيثُ { الدُّنْيَا
مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا } وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي
هُرَيْرَةَ { الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ } .
وَعَنْ
عَائِشَةَ مَرْفُوعًا { الدُّنْيَا دَارُ مَنْ لَا دَارَ لَهُ ، وَلَهَا
يَجْمَعُ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ } وَأَخَذَ ابْنٌ لِعُمَرَ خَاتَمًا
فَأَدْخَلَهُ فِي فِيهِ فَانْتَزَعَهُ عُمَرُ مِنْهُ ثُمَّ بَكَى عُمَرُ
وَعِنْدَهُ نَفَرٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ فَقَالُوا لَهُ
لِمَ تَبْكِي وَقَدْ فَتَحَ اللَّهُ لَك وَأَظْهَرَك عَلَى عَدُوِّك
وَأَقَرَّ عَيْنَك ؟ فَقَالَ عُمَرُ إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { لَا تُفْتَحُ الدُّنْيَا عَلَى
أَحَدٍ إلَّا أَلْقَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةَ
وَالْبَغْضَاءَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } وَأَنَا مُشْفِقٌ مِنْ ذَلِكَ
، وَعَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا ضَحَّاكُ مَا طَعَامُك ؟ قَالَ اللَّحْمُ
وَاللَّبَنُ قَالَ : ثُمَّ يَصِيرُ إلَى مَاذَا قَالَ إلَى مَا قَدْ
عَلِمْت قَالَ : فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ضَرَبَ مَا يَخْرُجُ مِنْ
ابْنِ آدَمَ مَثَلًا لِلدُّنْيَا } .
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب : الآداب الشرعية الجزء التاسع عشر Empty رد: كتاب : الآداب الشرعية الجزء التاسع عشر {السبت 28 مايو - 20:21}

وَعَنْ أَبِي كَعْبٍ مَرْفُوعًا {
إنَّ مَطْعَمَ ابْنِ آدَمَ مَثَلٌ لِلدُّنْيَا ، وَإِنْ قَزَّحَهُ
وَمَلَّحَهُ فَانْظُرْ إلَى مَاذَا يَصِيرُ ؟ } وَعَنْ مُطَرِّفِ بْنِ
الشِّخِّيرِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الصَّحَابَةِ { كَانَ بِالْكُوفَةِ أَمِيرٌ
فَخَطَبَ يَوْمًا فَقَالَ : إنَّ إعْطَاءَ هَذَا الْمَالِ فِتْنَةٌ ،
وَإِنَّ إمْسَاكَهُ فِتْنَةٌ ، وَبِذَلِكَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى فَرَغَ ثُمَّ نَزَلَ } إسْنَادُهُ
جَيِّدٌ .
وَعَنْ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا { مَنْ أَحَبَّ دُنْيَاهُ
أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ ، وَمَنْ أَحَبَّ آخِرَتَهُ أَضَرَّ بِدُنْيَاهُ
فَآثِرُوا مَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنَى } .
وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ
الْأَشْعَرِيِّ مَرْفُوعًا { حُلْوَةُ الدُّنْيَا مُرَّةُ الْآخِرَةِ
وَمُرَّةُ الدُّنْيَا حُلْوَةُ الْآخِرَةِ } .
وَعَنْ مُعَاذٍ { أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى
الْيَمَنِ قَالَ : وَإِيَّاكَ وَالتَّنَعُّمَ ، فَإِنَّ عِبَادَ اللَّهِ
لَيْسُوا بِالْمُتَنَعِّمِينَ } وَعَنْ مُعَاوِيَةَ مَرْفُوعًا { إنَّمَا
بَقِيَ مِنْ الدُّنْيَا بَلَاءٌ وَفِتْنَةٌ } وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ
مَرْفُوعًا { أَنَّهُ نَهَى عَنْ التَّبَقُّرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ }
، التَّبَقُّرُ التَّوَسُّعُ وَأَصْلُهُ مِنْ الْبَقْرِ الشَّقُّ .
وَعَنْ
عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ مَرْفُوعًا { لَوْ أَنَّ رَجُلًا
يُجَرُّ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ يَوْمِ وُلِدَ إلَى يَوْمِ يَمُوتُ وَمَا فِي
مَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى لَحَقَّرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } رَوَاهُنَّ
أَحْمَدُ وَأَنْشَدَ ابْنُ هُبَيْرَةَ الْوَزِيرُ الْحَنْبَلِيُّ
لِنَفْسِهِ : يَلِذُّ نَدَى الدُّنْيَا الْغَنِيُّ وَيَطْرَبُ وَيَزْهَدُ
فِيهَا الْأَلْمَعِيُّ الْمُجَرِّبُ وَمَا عَرَفَ الْأَيَّامَ وَالنَّاسَ
عَاقِلٌ وَوُفِّقَ إلَّا كَانَ فِي الْمَوْتِ يَرْغَبُ إلَى اللَّهِ
أَشْكُو هِمَّةً لَعِبَتْ بِهَا أَبَاطِيلُ آمَالٍ تَغُرُّ وَتَخْلُبُ
فَوَا

عَجَبًا مِنْ عَاقِلٍ يَعْرِفُ الدُّنَا فَيُصْبِحُ فِيهَا
بَعْدَ ذَلِكَ يَرْغَبُ وَأَنْشَدَ أَيْضًا : الْحَمْدُ لِلَّهِ هَذِي
الْعَيْنُ وَالْأَثَرُ فَمَا الَّذِي بِاتِّبَاعِ الْحَقِّ يُنْتَظَرُ
وَقْتٌ يَفُوتُ وَأَشْغَالٌ مُعَوِّقَةٌ وَضَعْفُ عَزْمٍ وَدَارٌ
شَأْنُهَا الْغِيَرُ وَالنَّاسُ رَكْضًا إلَى مَأْوَى مَصَارِعِهِمْ
وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ مِنْ رَكْضِهِمْ خَبَرُ تَسْعَى بِهِمْ حَادِثَاتٌ
مِنْ نُفُوسِهِمْ فَيَبْلُغُونَ إلَى الْمَهْوَى وَمَا شَعَرُوا
وَالْجَهْلُ أَصْلُ فَسَادِ النَّاسِ كُلِّهِمْ وَالْجَهْلُ أَصْلٌ
عَلَيْهِ يُخْلَقُ الْبَشَرُ فِي أَبْيَاتٍ ذَكَرَهَا وَأَنْشَدَ أَيْضًا
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي نَاصِحٌ لَكُمْ فَعُوا كَلَامِي فَإِنِّي ذُو
تَجَارِيبِ لَا تُلْهِيَنَّكُمْ الدُّنْيَا بِزَهْرَتِهَا فَمَا تَدُومُ
عَلَى حُسْنٍ وَلَا طِيبِ وَأَنْشَدَ أَيْضًا : إذَا قَلَّ مَالُ
الْمَرْءِ قَلَّ صَدِيقُهُ وَقَبُحَ مِنْهُ كُلُّ مَا كَانَ يَجْمُلُ
وَأَنْشَدَ أَيْضًا : وَالْوَقْتُ أَنْفَسُ مَا عُنِيتَ بِحِفْظِهِ
وَأَرَاهُ أَسْهَلَ مَا عَلَيْك يَضِيعُ وَقَدْ قَالَ ابْنُ هَانِئٍ
الشَّاعِرُ فِي قَصِيدَتِهِ الَّتِي يَرْثِي فِيهَا وَلَدَهُ حُكْمُ
الْمَنِيَّةِ فِي الْبَرِيَّةِ جَارِ مَا هَذِهِ الدُّنْيَا بِدَارِ
قَرَارِ بَيْنَمَا يُرَى الْإِنْسَانُ فِيهَا مُخْبِرًا حَتَّى يُرَى
خَبَرًا مِنْ الْأَخْبَارِ طُبِعَتْ عَلَى كَدَرٍ وَأَنْتَ تُرِيدُهَا
صَفْوًا مِنْ الْأَقْذَارِ وَالْأَكْدَارِ وَمُكَلِّفُ الْأَيَّامِ ضِدَّ
طِبَاعِهَا مُتَطَلِّبٌ فِي الْمَاءِ جِذْوَةَ نَارِ الْعَيْشُ نَوْمٌ
وَالْمَنِيَّةُ يَقْظَةٌ وَالْمَرْءُ بَيْنَهُمَا خَيَالٌ سَارِ لَيْسَ
الزَّمَانُ وَإِنْ حَرَصْت مُسَاعِدًا خُلُقُ الزَّمَانِ عَدَاوَةُ
الْأَحْرَارِ وَمِنْهَا : وَتَلَهُّبُ الْأَحْشَاءِ شَيَّبَ مَفْرِقِي
هَذَا الضِّيَاءُ شُوَاظُ تِلْكَ النَّارِ لَا حَبَّذَا الشَّيْبُ
الْوَفِيُّ وَحَبَّذَا شَرْخُ الشَّبَابِ الْخَائِنِ الْغَدَّارِ وَطَرِي
مِنْ الدُّنْيَا الشَّبَابُ وَرَوْقُهُ فَإِذَا انْقَضَى فَقَدْ انْقَضَتْ
أَوْطَارِي وَمِنْهَا : ذَهَبَ التَّكَرُّمُ وَالْوَفَاءُ مِنْ الْوَرَى
وَتَصَرَّمَا إلَّا مِنْ الْأَشْعَارِ وَكَانَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ
بْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
يَتَمَثَّلُ كَثِيرًا
بِالْبَيْتِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَذَكَرَهُمَا السُّرُوجِيُّ
الْحَنَفِيُّ فِي شَرْحِهِ فِي الْجَنَائِزِ فِي الْمُصَابِ وَلِابْنِ
هَانِئٍ أَيْضًا مِمَّا قَدْ يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِ هَذَا الْوَضْعِ : لَا
أَنْتَ عِنْدَ الْيُسْرِ مِنْ زُوَّارِهِ يَوْمًا وَلَا فِي الْعُسْرِ
مِنْ عُوَّادِهِ وَلَهُ مِنْهَا : أَفْدِي الْكِتَابَ بِنَاظِرِي
فَبَيَاضُهُ بِبَيَاضِهِ وَسَوَادُهُ بِسَوَادِهِ وَلَهُ : قَدْ كَانَ
يَرْجُفُ فِي لَيَالِي وَصْلِهِ قَلْبِي فَكَيْفَ يَكُونُ يَوْمَ
صُدُودِهِ وَلَهُ : كَمْ عَاهَدَ الدَّمْعُ لَا يُغْرِي بِجِرْيَتِهَا الـ
وَاشِي فَلَمَّا اسْتَقَلَّتْ ظَعْنُهُمْ غَدَرَا وَلِلتِّرْمِذِيِّ
وَحَسَّنَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ { اُبْتُلِينَا
مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالضَّرَّاءِ
فَصَبَرْنَا ، ثُمَّ اُبْتُلِينَا بِالسَّرَّاءِ بَعْدَهُ فَلَمْ نَصْبِرْ
} .
فَصْلٌ ( فِي أَخْبَارِ الْعَابِدَاتِ وَالْعَابِدِينَ وَالزُّهَّادِ ) .
قَالَ
الْحَسَنُ بْنُ اللَّيْثِ الرَّازِيّ قِيلَ لِأَحْمَدَ يَجِيئُك بِشْرٌ
يَعْنُونَ ابْنَ الْحَارِثِ قَالَ لَا ، تَعْنُونَ الشَّيْخَ نَحْنُ
أَحَقُّ أَنْ نَذْهَبَ إلَيْهِ قِيلَ لَهُ نَجِيءُ بِك قَالَ لَا أَكْرَهُ
أَنْ يَجِيءَ إلَيَّ أَوْ أَذْهَبَ إلَيْهِ فَيَتَصَنَّعُ لِي
وَأَتَصَنَّعُ لَهُ فَنَهْلِك .
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ سَمِعْت أَبَا
عَبْدِ اللَّهِ وَذُكِرَ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ فَقَالَ لَقَدْ كَانَ
فِيهِ أُنْسٌ ، وَقَالَ مَا كَلَّمْته قَطُّ نَقَلْته مِنْ الْوَرَعِ .
وَقَدْ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي مَنَاقِبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنْبَأَنَا
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دِرَامٍ
الْحَافِظُ بِالْكُوفَةِ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُقْرِي
الْبَغْدَادِيُّ ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ صَاحِبُ بِشْرٍ قَالَ :
اعْتَلَّ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ فَعَادَتْهُ آمِنَةُ الرَّمْلِيَّةُ مِنْ
الرَّمْلَةِ فَإِنَّهَا لَعِنْدَهُ إذْ دَخَلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
يَعُودُهُ فَقَالَ مَنْ هَذِهِ ؟ فَقَالَ : هَذِهِ آمِنَةُ الرَّمْلِيَّةُ
بَلَغَهَا عِلَّتِي فَجَاءَتْ مِنْ الرَّمْلَةِ تَعُودُنِي ، فَقَالَ :
فَسَلْهَا تَدْعُو لَنَا .
فَقَالَتْ : اللَّهُمَّ إنَّ بِشْرَ بْنَ
الْحَارِثِ وَأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَسْتَجِيرَانِك مِنْ النَّارِ
فَأَجِرْهُمَا قَالَ أَحْمَدُ : فَانْصَرَفْت فَلَمَّا كَانَ فِي
اللَّيْلِ طُرِحَتْ إلَيَّ رُقْعَةٌ فِيهَا مَكْتُوبٌ : بِاسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، قَدْ فَعَلْنَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ .
وَقَالَ
الْمَرُّوذِيُّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ
هَؤُلَاءِ الْمُتَعَبِّدَاتِ فَأَخْبَرَتْنِي عَنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى
أَنَّهَا عَمَدَتْ إلَى بَيْتِهَا فَفَوَّتَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا
وَاقْتَصَرَتْ عَلَى قُرْصَيْنِ وَتَرَكَتْ الدُّنْيَا وَهِيَ تَسْأَلُك
أَنْ تَدْعُوَ لَهَا قَالَ : فَقُلْت لَهَا قُولِي لِصَاحِبَةِ
الْقُرْصَيْنِ تَدْعُو لِي .
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ : سَمِعْت أَبَا
عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ : مَا أَعْدِلُ بِفَضْلِ الْفَقْرِ شَيْئًا
أَتَدْرِي إذَا سَأَلَك أَهْلُك حَاجَةً لَا تَقْدِرُ عَلَيْهَا أَيُّ
شَيْءٍ لَك مِنْ الْأَجْرِ ؟ مَا
قَلَّ مِنْ الدُّنْيَا كَانَ أَقَلَّ لِلْحِسَابِ .
وَقَالَ
الْمَرُّوذِيُّ سَمِعْت أَحْمَدَ يَقُولُ إنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ كَرَمًا
وَكَرَمُ الْقَلْبِ الرِّضَا عَنْ اللَّهِ تَعَالَى ، سَمِعْت أَبَا
عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ لِشُجَاعِ بْنِ مَخْلَدٍ يَا أَبَا الْفَضْلِ
إنَّمَا هُوَ طَعَامٌ دُونَ طَعَامٍ وَلِبَاسٌ دُونَ لِبَاسٍ ، وَإِنَّهَا
أَيَّامٌ قَلَائِلُ .
وَقَالَ أَيْضًا عَنْ أَحْمَدَ مَا أَعْدِلُ
بِالصَّبْرِ عَلَى الْفَقْرِ شَيْئًا ، كَمْ بَيْنَ مَنْ يُعْطَى مِنْ
الدُّنْيَا لِيُفْتَتَنَ إلَى آخَرَ تُزْوَى عَنْهُ قَالَ : وَذَكَرْت
لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ الْمُفْتِينَ شَيْئًا فِي الْوَرَعِ
فَشَدَّدَ عَلَى السَّائِلِ وَهُوَ عَبْدُ الْوَهَّابِ فَقَالَ أَبُو
عَبْدِ اللَّهِ لَيْسَ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَحْمِلَ النَّاسَ عَلَى
مَا يَفْعَلُ أَوْ كَلَامًا ذَا مَعْنَاهُ إذَا كَانَ يُفْتِي وَقَالَ
سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَذَكَرَ قَوْمًا مِنْ الْمُتْرَفِينَ
فَقَالَ الدُّنُوُّ مِنْهُمْ فِتْنَةٌ وَالْجُلُوسُ مَعَهُمْ فِتْنَةٌ .
وَرَوَى
التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ غَرِيبٌ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إنْ أَرَدْت اللُّحُوقَ
بِي فَلْيَكْفِك مِنْ الدُّنْيَا كَزَادِ رَاكِبٍ ، وَإِيَّاكِ
وَمُجَالَسَةَ الْأَغْنِيَاءِ وَلَا تَسْتَخْلِفِي ثَوْبًا حَتَّى
تُرَقِّعِيهِ } وَعَنْ مَكْحُولٍ قَالَ قُلْت لِلْحَسَنِ إنِّي أُرِيدُ
الْخُرُوجَ إلَى مَكَّةَ قَالَ : إيَّاكَ أَنْ تَصْحَبَ رَجُلًا يَكْرُمُ
عَلَيْك فَيَفْسُدُ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَك .
وَقَالَ أَحْمَدُ
إنَّمَا قَوِيَ بِشْرٌ لِأَنَّهُ كَانَ وَحْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ
عِيَالٌ ، لَيْسَ مَنْ كَانَ مُعِيلًا كَمَنْ كَانَ وَحْدَهُ لَوْ كَانَ
إلَيَّ مَا بَالَيْت مَا أَكَلْت .
وَقَالَ أَيْضًا لَوْ تَرَكَ
النَّاسُ التَّزْوِيجَ مَنْ كَانَ يَدْفَعُ الْعَدُوَّ ؟ لِبُكَاءِ
الصَّبِيِّ بَيْنَ يَدَيْ أَبِيهِ مُتَسَخِّطًا يَطْلُبُ مِنْهُ خُبْزًا
أَفْضَلَ مِنْ كَذَا وَكَذَا يَرَاهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يَلْحَقَ
الْمُتَعَبِّدَ الْأَعْزَبُ وَقَالَ فِي الْفُنُونِ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { إذَا طَلَبَ
إلَى ذِي الْعَيْلَةِ عَيْلَتُهُ شَهْوَةً
فَأَيْنَ يَلْحَقُهُ الْقَائِمُ الصَّائِمُ } .
وَذَكَرَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ
وَغَيْرَهُ تَمَتَّعُوا مِنْ الدُّنْيَا : إنِّي لَأَعْجَبُ مِنْ
هَؤُلَاءِ الْمُحَدِّثِينَ حِرْصَهُمْ عَلَى الدُّنْيَا قَالَ
الْمَرُّوذِيُّ وَذَكَرْت رَجُلًا مِنْ الْمُحَدِّثِينَ فَقَالَ أَنَا
أَشَرْت بِهِ أَنْ يُكْتَبَ عَنْهُ وَإِنَّمَا أَنْكَرْت عَلَيْهِ حُبَّهُ
الدُّنْيَا .
وَقَدْ سَبَقَ مَعْنَى هَذَا فِي فُصُولِ الْعِلْمِ وَأَنَّ الْعَالِمَ لَيْسَ كَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ يُقْتَدَى بِهِ .
قَالَ
الْمَرُّوذِيُّ وَسَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ : قَدْ تَفَكَّرْت
فِي هَذِهِ الْآيَةِ { وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْك إلَى مَا مَتَّعْنَا
بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ
فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّك خَيْرٌ وَأَبْقَى } .
ثُمَّ قَالَ تَفَكَّرْت
فِي وَفِيهِمْ وَأَشَارَ نَحْوَ الْعَسْكَرِ وَقَالَ : { وَرِزْقُ رَبِّك
خَيْرٌ وَأَبْقَى } قَالَ رِزْقُ يَوْمٍ بِيَوْمٍ خَيْرٌ قَالَ وَلَا
يَهْتَمُّ لِرِزْقِ غَدٍ وَقَالَ أَبُو دَاوُد كَانَتْ مُجَالَسَةُ
أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ مُجَالَسَةَ الْآخِرَةِ لَا يَذْكُرُ شَيْئًا مِنْ
أَمْرِ الدُّنْيَا وَمَا رَأَيْته ذَكَرَ الدُّنْيَا قَطُّ وَقَالَ
أَحْمَدُ لِرَجُلٍ لَوْ صَحَحْت مَا خِفْت أَحَدًا وَسَبَقَ بِنَحْوِ
أَرْبَعَةِ كَرَارِيسَ فِي فَضَائِلِهِ .
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب : الآداب الشرعية الجزء التاسع عشر Empty رد: كتاب : الآداب الشرعية الجزء التاسع عشر {السبت 28 مايو - 20:21}


وَسُئِلَ عَنْ الْحُبِّ فِي اللَّهِ فَقَالَ : هُوَ أَنْ لَا يُحِبَّهُ لِطَمَعِ الدُّنْيَا .
وَفِيهِ
أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا مَا رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي
هُرَيْرَةَ { يَقُولُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : أَيْنَ
الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي ؟ الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ
لَا ظِلَّ إلَّا ظِلِّي } وَلِلتِّرْمِذِيِّ .
وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ
عَنْ مُعَاذٍ مَرْفُوعًا قَالَ اللَّهُ { الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي
لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمْ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ }
وَلِأَبِي دَاوُد هَذَا الْمَعْنَى مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَفِيهِ { قَوْمٌ
تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلَا
أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا } وَلِمَالِكٍ وَأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ
مُعَاذٍ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ { : وَجَبَتْ جَنَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ
فِي وَالْمُتَجَالِسِينَ فِي } وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي
هُرَيْرَةَ { أَنَّ الْمَلَكَ قَالَ لِلَّذِي زَارَ أَخَاهُ : إنِّي
رَسُولُ اللَّهِ إلَيْك إنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّك كَمَا أَحْبَبْته
فِيهِ } وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ { مَا أَحَبَّ عَبْدٌ
عَبْدًا إلَّا أَكْرَمَ رَبَّهُ } .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ { أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ
الرَّجُلُ يُحِبُّ الْقَوْمَ وَلَمَّا يَلْحَقُ بِهِمْ قَالَ الْمَرْءُ
مَعَ مَنْ أَحَبَّ } وَذَكَرَ أَحْمَدُ الدُّنْيَا فَقَالَ قَلِيلُهَا
يُجْزِي وَكَثِيرُهَا لَا يُجْزِي وَقَالَ لَوْ أَنَّ الدُّنْيَا حَتَّى
تَكُونَ فِي مِقْدَارِ لُقْمَةٍ ثُمَّ أَخَذَهَا امْرُؤٌ مُسْلِمٌ
فَوَضَعَهَا فِي فَمِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ لَمَا كَانَ مُسْرِفًا .
فَصْلٌ
: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الْخَيَّاطُ : سَمِعْت
أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ بَلَغَنِي عَنْ أَخِي مَنْصُورِ بْنِ
عِمْرَانَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ قَدْ أَحَاطَتْ بِنَا
الشَّدَائِدُ وَأَنْتَ ذُخْرٌ لَهَا فَلَا تُعَذِّبْنَا وَأَنْتَ قَادِرٌ
عَلَى الْعَفْوِ سَيِّدِي قَدْ أَرَيْتنَا قُدْرَتَك وَلَمْ تَزَلْ
قَادِرًا فَأَرِنَا عَفْوَك فَلَمْ تَزَلْ عَفُوًّا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ
أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمُنَادِي فَلَوْ كَانَ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ
اللَّهِ فِي مَنْصُورٍ ، أَدْنَى شَيْءٍ مِنْ التُّهَمَةِ فِي الْبِدْعَةِ
لَمَا حَكَى عَنْهُ شَيْئًا وَلَا خَصَّهُ بِالْأُخُوَّةِ .
قَالَ
ابْنُ الْمُنَادِي : إنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ النَّوَاوِيَّ قَالَ قُلْت
لِبِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ إنَّ مَنْصُورَ بْنَ عَمَّارٍ يَقُولُ فِي
بَعْضِ كَلَامِهِ يَا عَبِيدَ مَا يَفْنَى ، كَيْفَ رَأَيْتُمْ ذُلَّ
مَلَكَةِ الدُّنْيَا ؟ أَلَمْ تَصْحَبُوهَا بِالِائْتِمَانِ لَهَا
فَأَذَاقَتْكُمْ الْغِشَّ مِنْ مَكْرُوهِهَا قَالَ فَوَجَمَ لِذَلِكَ
بِشْرٌ وَسَكَتَ ، فَأَرَدْت أَنْ أَزِيدَهُ فَقَالَ قَدْ أَشْغَلْت
عَلَيَّ قَلْبِي .
فَصْلٌ ( فِي تَعَبُّدِ الْجَهْلِ وَتَقَشُّفِ الرِّيَاءِ وَتَزَهُّدِ الشُّهْرَةِ وَعُبُودِيَّةِ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ ) .
قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إسْمَاعِيلَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنِ
سَمْعُونٍ وَسَأَلَهُ الْبَرْقَانِيِّ : أَيُّهَا الشَّيْخُ تَدْعُو
النَّاسَ إلَى الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَالتَّرْكِ لَهَا وَتَلْبَسُ
أَحْسَنَ الثِّيَابِ وَتَأْكُلُ أَطْيَبَ الطَّعَامِ فَكَيْفَ هَذَا قَالَ
كُلُّ مَا يُصْلِحُك مَعَ اللَّهِ فَافْعَلْهُ ، إذَا صَلُحَ حَالُك مَعَ
اللَّهِ تَلْبَسُ لَيِّنَ الثِّيَابِ وَتَأْكُلُ طَيِّبَ الطَّعَامِ فَلَا
يَضُرُّك .
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ قَدْ تَقَعُ لِكَثِيرٍ مِنْ
النَّاسِ يَقَظَةٌ عِنْدَ سَمَاعِ الْمَوَاعِظِ وَأَخْبَارِ الزُّهَّادِ
وَالصَّالِحِينَ فَيَقُومُونَ عَلَى أَقْدَامِ الْعَزَائِمِ عَلَى
الزُّهْدِ وَانْتِظَارِ الْمَوْتِ بِمَا يَصْلُحُ لَهُمْ ، فَفِيهِمْ مَنْ
يَقْتَدِي بِجَاهِلٍ مِنْ الْمُتَزَهِّدِينَ أَوْ يَعْمَلُ عَلَى مَا فِي
كِتَابِ بَعْضِ الزُّهَّادِ فَيَرَى فِيهِ التَّقَلُّلَ مِنْ الطَّعَامِ
بِالتَّدْرِيجِ وَتَرْكَ الشَّهَوَاتِ وَأَشْيَاءَ قَدْ وَضَعَهَا عَنْ
قِلَّةِ عِلْمِهِ بِالشَّرِيعَةِ وَالْحِكْمَةِ فَيُدِيمُ الصَّوْمَ
وَالسَّهَرَ وَالتَّقَلُّلَ ، وَيَدُومُ عَلَى الْمَآكِلِ الرَّدِيَّةِ ،
فَتَجِفُّ الْمَعِدَةُ وَتَضِيقُ ، وَتَقْوَى السَّوْدَاءُ ، وَتَنْصَبُّ
الْأَخْلَاطُ إلَى الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ وَرُبَّمَا تَصَاعَدَتْ إلَى
الدِّمَاغِ فَيَبِسَ أَوْ فَسَدَ الطَّبْعُ وَرُبَّمَا تَغَيَّرَ ذِهْنُهُ
فَاسْتَوْحَشَ مِنْ الْخَلْقِ وَحْشَةً يَعْتَقِدُهَا أُنْسًا بِالْحَقِّ
، فَأَعْرَضَ عَنْ مُجَالَسَةِ الْعُلَمَاءِ ظَنًّا مِنْهُ أَنْ قَدْ
بَلَغَ الْمَقْصُودَ ، فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ تُعَكِّرُ أَوَّلًا
الْمَطْلُوبَ مِنْ التَّعَبُّدِ فَيَنْقَطِعُ الْإِنْسَانُ بِضَعْفِ
الْقُوَّةِ وَيَبْقَى ، مُعَالِجًا لِلْأَمْرَاضِ فَيَشْتَغِلُ الْفِكْرُ
فِيهَا عَمَّا هُوَ أَهَمُّ ، وَلَقَدْ تَخَبَّطَ فِي هَذَا الْأَمْرِ
خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ الصَّالِحِينَ صَحَّتْ مَقَاصِدُهُمْ وَجَهِلُوا
الْجَادَّةَ فَمَشَوْا فِي غَيْرِهَا ، وَفِي هَؤُلَاءِ الَّذِينَ
حَمَلُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْ عَاجِلَةِ الْمَرَضِ وَالْمَوْتَ ،
وَفِيهِمْ مَنْ رَجَعَ
الْقَهْقَرَى ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَخَبَّطَ فَلَا مِنْ هَؤُلَاءِ وَلَا مِنْ هَؤُلَاءِ .
فَأَمَّا
الْعُلَمَاءُ الْفُقَهَاءُ فَإِنَّهُمْ عَلَى قَانُونِ الْحِكْمَةِ
سَبِيلِ الْعِلْمِ ، فَإِيَّاكَ أَنْ تُعْرِضَ عَنْ الْجَادَّةِ
السَّلِيمَةِ ، وَاحْذَرْ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِجُهَّالِ الْمُتَصَوِّفَةِ
وَالْمُتَزَهَّدِينَ الَّذِينَ تَرَكُوا الدُّنْيَا عَلَى زَعْمِهِمْ ،
فَالصَّادِقُ مِنْهُمْ فِي تَرْكِهَا عَامِلٌ بِوَاقِعِهِ لَا بِالْعِلْمِ
وَالْمُبَهْرَجُ مِنْهُمْ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ .
وَمَنْ
جَهْلِ هَؤُلَاءِ أَنَّهُمْ لَوْ رَأَوْا عَامِلًا يَرْفُقُ بِنَفْسِهِ
عَابُوهُ ، وَلَوْ رَأَوْا عَلَيْهِ قَمِيصَ كَتَّانٍ قَالَ زَاهِدُهُمْ
هَذَا مَا يَعْمَلُ بِعِلْمِهِ ؟ وَلَوْ رَأَوْهُ رَاكِبًا فَرَسًا
قَالُوا هَذَا جَبَّارٌ فَإِيَّاكَ أَنْ تَحْمِلَك وَثْبَةُ عَزْمٍ عَلَى
أَنْ تَرُومَ مَا لَا تَنَالُهُ فَتَزْلَقْ ، وَإِنْ نِلْته أَثْمَرَ
تَلَفًا أَوْ رَدَّ إلَى وَرَاءٍ ، وَاسْتَضِئْ بِمِصْبَاحِ الْعِلْمِ ،
فَإِنْ قَلَّ عِلْمُك فَاقْتَدِ بِعَالِمٍ مُحَكَّمٍ وَرَاعِ بَدَنَك
مُرَاعَاةَ الْمَطِيَّةِ ، وَلْيَكُنْ هَمُّك تَقْوِيمَ أَخْلَاقِك ،
وَالْمَقْصُودُ صِدْقُ النِّيَّةِ لَا تَعْذِيبُ الْأَبْدَانِ .
وَأَكْثَرُ
الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوَاضِعَ وَأَنَّ الْجَادَّةَ
طَرِيقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَالَ
أَيْضًا أَمَا تَرَى زُهَّادَ زَمَانِنَا إلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ
بِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ يَغْشَاهُمْ أَبْنَاءُ الدُّنْيَا وَالظَّلَمَةُ
فَلَا يَنْهَوْنَهُمْ عَمَّا هُمْ فِيهِ إلَّا بِطَرَفِ اللِّسَانِ ؟
أَيْنَ هَؤُلَاءِ مِنْ سُفْيَانَ حَيْثُ كَانَ لَا يُكَلِّمُ مَنْ
يُكَلِّمُ ظَالِمًا ؟ وَلَوْ قِيلَ لِزُهَّادِنَا اُخْرُجُوا فَاشْتَرُوا
حَاجَةً مِنْ السُّوقِ صَعُبَ عَلَيْهِمْ حِفْظًا لِرِيَاسَتِهِمْ
كَأَنَّهُمْ مَا عَلِمُوا { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَشْتَرِي حَاجَتَهُ وَيَحْمِلُهَا بِنَفْسِهِ }
، وَلَوْ قِيلَ لِزُهَّادِ زَمَانِنَا كُلُوا مَعَنَا لُقْمَةً لَخَافُوا
مِنْ انْكِسَارِ الْجَاهِ لِأَنَّ النَّاسَ يَعْتَقِدُونَ فِيهِمْ دَوَامَ
الصَّوْمِ وَأَيْنَ هُمْ مِنْ مَعْرُوفٍ ، أَصْبَحَ يَوْمًا
صَائِمًا فَسَمِعَ سَاقِيًا يَقُولُ رَحِمَ اللَّهُ مَنْ شَرِبَ ، فَشَرِبَ .
فَقِيلَ
لَهُ : أَمَا كُنْت صَائِمًا ؟ فَقَالَ بَلَى ، وَلَكِنْ رَجَوْت
دَعْوَتَهُ : أَفْدِي ظِبَاءَ فَلَاةٍ مَا عَرَفْنَ بِهَا مَضْغَ
الْكَلَامِ وَلَا صَبْغَ الْحَوَاجِيبِ وَلَا خَرَجْنَ مِنْ الْحَمَّامِ
مَائِلَةً أَوْرَاكُهُنَّ صَقِيلَاتِ الْعَرَاقِيبِ حُسْنُ الْحَضَارَةِ
مَجْلُوبٌ بِتَطْرِيَةٍ وَفِي الْبَدَاوَةِ حُسْنٌ غَيْرُ مَجْلُوبِ
وَاَللَّهِ لَا يَبْقَى فِي الْقِيَامَةِ إلَّا الْإِخْلَاصُ ، وَقَبْلَ
الْقِيَامَةِ لَا يَبْقَى إلَّا ذِكْرُ الْمُخْلِصِينَ ، كَمْ حَوْلَ
مَعْرُوفٍ مِنْ عَالِمٍ لَا يُعْرَفُ قَبْرُهُ ، وَمِنْ زَاهِدٍ لَا
يُدْرَى أَيْنَ هُوَ ؟ وَمَعْرُوفٌ مَعْرُوفُ بِاَللَّهِ عَلَيْكُمْ
اقْبَلُوا نُصْحِي يَا إخْوَانِي عَامِلُوا اللَّهَ سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى فِي الْبَاطِنِ حَتَّى لَا يُدْرَى أَنَّكُمْ أَهْلُ
مُعَامَلَةٍ إلَى أَنْ قَالَ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ يُبْسُ الزُّهَّادِ وَحْدَهُ ، وَلَا
الِانْبِسَاطُ فِي الدُّنْيَا وَحْدَهُ بَلْ حَالُهُ جَامِعَةٌ لِكُلِّ
صَالِحٍ إلَى أَنْ قَالَ إنَّ الرِّبَا يَكُونُ فِي التَّعَبُّدَاتِ
فَالْعِلْمُ أَصْلُ كُلِّ خَيْرٍ ، وَمَعْدِنُهُ أَخْلَاقُ الرَّسُولِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآدَابُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ .
وَقَالَ أَيْضًا أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ سِيَرِ هَؤُلَاءِ
الَّذِينَ نُعَاشِرُهُمْ لَا نَرَى فِيهِمْ ذَا هِمَّةٍ عَالِيَةٍ
فَيَقْتَدِيَ بِهَا الْمُبْتَدِئُ ، وَلَا صَاحِبَ وَرَعٍ فَيَسْتَفِيدُ
مِنْهُ الْمُتَزَهِّدُ ، فَاَللَّهَ اللَّهَ ، عَلَيْكُمْ بِمُلَاحَظَةِ
سِيَرِ الْقَوْمِ وَمُطَالَعَةِ تَصَانِيفِهِمْ وَأَخْبَارِهِمْ ،
وَالِاسْتِكْثَارِ مِنْ مُطَالَعَةِ كُتُبِهِمْ رُؤْيَةً لَهُمْ كَمَا
قَالَ : فَاتَنِي أَنْ أَرَى الدِّيَارَ بِطَرْفِي فَلَعَلِّي أَرَى
الدِّيَارَ بِسَمْعِي وَإِنِّي أُخْبِرُ عَنْ حَالِي ، مَا أَشْبَعُ مِنْ
مُطَالَعَةِ الْكُتُبِ ، وَإِذَا رَأَيْت كِتَابًا لَمْ أَرَهُ فَكَأَنِّي
وَقَعْت عَلَى كَنْزٍ ، فَلَوْ قُلْت إنِّي قَدْ طَالَعْت عِشْرِينَ
أَلْفَ مُجَلَّدٍ كَانَ أَكْثَرَ ، وَأَنَا بَعْدُ فِي طَلَبِ الْكُتُبِ
فَاسْتَفَدْت بِالنَّظَرِ فِيهَا
مُلَاحَظَةَ سِيَرِ الْقَوْمِ
وَقَدْرَ هِمَمِهِمْ وَحِفْظِهِمْ وَعَادَاتِهِمْ وَغَرَائِبَ عُلُومٍ لَا
يَعْرِفُهَا مَنْ لَمْ يُطَالِعْ .
فَصْلٌ : رَوَى أَبُو حَفْصٍ
الْبَرْمَكِيُّ بِإِسْنَادٍ عَنْ عُمَرَ قَالَ مَنْ خَافَ مِنْ اللَّهِ
عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَشْفِ غَيْظَهُ ، وَمَنْ اتَّقَى اللَّهَ لَمْ
يَصْنَعْ مَا يُرِيدُ ، وَلَوْلَا يَوْمُ الْقِيَامَةِ كَانَ غَيْرَ مَا
تَرَوْنَ .
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب : الآداب الشرعية الجزء التاسع عشر Empty رد: كتاب : الآداب الشرعية الجزء التاسع عشر {السبت 28 مايو - 20:22}


فَصْلٌ : قَالَ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ سَمِعْت
أَبَا بَكْرِ بْنَ مَلِيحٍ يَقُولُ بَلَغَنِي عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ
: إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يُزَوِّجَ رَجُلًا فَأَرَادَ أَنْ
يَجْتَمِعَ لَهُ الدُّنْيَا وَالدِّينُ فَلْيَبْدَأْ فَيَسْأَلْ عَنْ
الدُّنْيَا ، فَإِنْ حُمِدَتْ سَأَلَ عَنْ الدِّينِ فَإِنْ حُمِدَ فَقَدْ
اجْتَمَعَا ، وَإِنْ لَمْ يُحْمَدْ كَانَ فِيهِ رَدُّ الدُّنْيَا مِنْ
أَجْلِ الدِّينِ ، وَلَا يَبْدَأُ فَيَسْأَلُ عَنْ الدِّينِ فَإِنْ حُمِدَ
ثُمَّ سَأَلَ عَنْ الدُّنْيَا فَلَمْ يُحْمَدْ .
كَانَ فِيهِ رَدُّ
الدِّينِ لِأَجْلِ الدُّنْيَا وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ حَسَّانَ كَتَبْت
إلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أُشَاوِرُهُ فِي
التَّزْوِيجِ فَكَتَبَ إلَيَّ تَزَوَّجْ بِبِكْرٍ وَاحْرِصْ عَلَى .
أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا أُمٌّ .
فَصْلٌ
( فِي سُنَّةِ الْمُصَافَحَةِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَمَا قِيلَ
فِي التَّقْبِيلِ وَالْمُعَانَقَةِ ) وَتُسَنُّ الْمُصَافَحَةُ فِي
اللِّقَاءِ لِلْخَبَرِ قَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادَةَ صَافَحْتُ أَبَا
عَبْدِ اللَّهِ غَيْرَ مَرَّةٍ ، وَابْتَدَأَنِي بِالْمُصَافَحَةِ ،
وَرَأَيْتُهُ يُصَافِحُ النَّاسَ كَثِيرًا .
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ
سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ دَخَلْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أُسَلِّمُ
عَلَيْهِ فَمَدَدْتُ يَدِي إلَيْهِ فَصَافَحَنِي .
فَلَمَّا خَرَجْتُ
قَالَ : مَا أَحْسَنَ أَدَبَ هَذَا الْفَتَى لَوْ انْكَبَّ عَلَيْنَا
كُنَّا نَحْتَاجُ أَنْ نَقُومَ ، وَصَافَحَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ابْنَ
الْمُبَارَكِ بِيَدَيْهِ .
وَاحْتَجَّ الْبُخَارِيُّ بِقَوْلِ ابْنِ
مَسْعُودٍ عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
التَّشَهُّدَ كَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ ، فَتُصَافِحُ الْمَرْأَةُ
الْمَرْأَةَ وَالرَّجُلُ الرَّجُلَ ، وَالْعَجُوزُ وَالْبَرْزَةُ غَيْرُ
الشَّابَّةِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ مُصَافَحَتُهَا لِلرَّجُلِ ذَكَرَهُ فِي
الْفُصُولِ وَالرِّعَايَةِ وَقَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ لِأَبِي عَبْدِ
اللَّهِ : تَكْرَهُ مُصَافَحَةَ النِّسَاءِ قَالَ أَكْرَهُهُ قَالَ
إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ كَمَا قَالَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ مِهْرَانَ إنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ
يُصَافِحُ الْمَرْأَةَ قَالَ : لَا وَشَدَّدَ فِيهِ جِدًّا قُلْت :
فَيُصَافِحُهَا بِثَوْبِهِ قَالَ : لَا ، قَالَ رَجُلٌ : فَإِنْ كَانَ ذَا
مَحْرَمٍ قَالَ : لَا قُلْت : ابْنَتُهُ قَالَ : إذَا كَانَتْ ابْنَتَهُ
فَلَا بَأْسَ ، فَهَاتَانِ رِوَايَتَانِ فِي تَحْرِيمِ الْمُصَافَحَةِ
وَكَرَاهَتِهَا لِلنِّسَاءِ ، وَالتَّحْرِيمُ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ
تَقِيِّ الدِّينِ وَعَلَّلَ بِأَنَّ الْمُلَامَسَةَ أَبْلَغُ مِنْ
النَّظَرِ وَيَتَوَجَّهُ تَفْصِيلٌ بَيْنَ الْمَحْرَمِ وَغَيْرِهِ ،
فَأَمَّا الْوَالِدُ فَيَجُوزُ .
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي
هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَبَا
بَكْرٍ اشْتَرَى مِنْ عَازِبٍ رَحْلًا فَحَمَلَهُ مَعَهُ ابْنُهُ
الْبَرَاءُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ الْبَرَاءُ : فَدَخَلْتُ مَعَ
أَبِي بَكْرٍ عَلَى أَهْلِهِ فَإِذَا
عَائِشَةُ ابْنَتُهُ
مُضْطَجِعَةٌ قَدْ أَصَابَتْهَا حُمَّى فَرَأَيْتُ أَبَاهَا يُقَبِّلُ
خَدَّهَا وَقَالَ : كَيْفَ أَنْتِ يَا بُنَيَّةُ .
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ .
وَذَكَرَ
صَاحِبُ النَّظْمِ تُكْرَهُ مُصَافَحَةُ الْعَجُوزِ وَتَجُوزُ مُصَافَحَةُ
الصَّبِيِّ لِمَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الثِّقَةَ إذَا قَصَدَ
تَعْلِيمَهُ حُسْنَ الْخُلُقِ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ وَالرِّعَايَةِ
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ كَلَامُ الثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِ
يَمْنَعُ ذَلِكَ ، وَالْمُصَافَحَةُ شَرٌّ مِنْ النَّظَرِ .
وَتُبَاحُ
الْمُعَانَقَةُ وَتَقْبِيلُ الْيَدِ وَالرَّأْسِ تَدَيُّنًا وَإِكْرَامًا
وَاحْتِرَامًا مَعَ أَمْنِ الشَّهْوَةِ ، وَظَاهِرُ هَذَا عَدَمُ
إبَاحَتِهِ لِأَمْرِ الدُّنْيَا ، وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ ،
وَالْكَرَاهَةُ أَوْلَى .
وَكَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تَقْبِيلُ رِجْلِهِ .
وَقَالَ
الْمَرُّوذِيُّ سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قُبْلَةِ الْيَدِ
فَقَالَ : إنْ كَانَ عَلَى طَرِيقِ التَّدَيُّنِ فَلَا بَأْسَ قَدْ
قَبَّلَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا وَإِنْ كَانَ عَلَى طَرِيقِ الدُّنْيَا فَلَا ، إلَّا رَجُلًا
يُخَافُ سَيْفُهُ أَوْ سَوْطُهُ .
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ أَيْضًا :
وَكَرِهَهَا عَلَى طَرِيقِ الدُّنْيَا ، وَقَالَ تَمِيمُ بْنُ سَلَمَةَ
التَّابِعِيُّ الْقُبْلَةُ سُنَّةٌ .
وَقَالَ مُهَنَّا بْنُ يَحْيَى
رَأَيْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَثِيرًا يُقَبِّلُ وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ
وَخَدَّهُ وَلَا يَقُولُ شَيْئًا ، وَرَأَيْته لَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ
وَلَا يَكْرَه ، وَرَأَيْت سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُد الْهَاشِمِيَّ
يُقَبِّلُ جَبْهَتَهُ وَرَأْسَهُ وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا
يَكْرَهُهُ وَرَأَيْت يَعْقُوبَ بْنَ إبْرَاهِيمَ يُقَبِّلُ وَجْهَهُ
وَجَبْهَتَهُ .
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ رَأَيْت كَثِيرًا
مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ وَبَنِي هَاشِمٍ
وَقُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارَ يُقَبِّلُونَهُ يَعْنِي أَبَاهُ بَعْضُهُمْ
يَدَيْهِ وَبَعْضُهُمْ رَأْسَهُ ، وَيُعَظِّمُونَهُ تَعْظِيمًا لَمْ
أَرَهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بِأَحَدٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ غَيْرَهُ ، لَمْ
أَرَهُ يَشْتَهِي أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ .
وَقَالَ الْخَلَّالُ
أَخْبَرَنِي إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ قَالَ قُلْت لِأَبِي
عَبْدِ اللَّهِ أَوَّلَ مَا رَأَيْته يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ائْذَنْ
لِي أَنْ أُقَبِّلَ رَأْسَك قَالَ : لَمْ أَبْلُغْ أَنَا ذَاكَ .
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ تُقَبَّلُ يَدُ الرَّجُلِ قَالَ : عَلَى الْإِخَاءِ .
وَقَالَ
إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ : سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ
قُلْت : تَرَى أَنْ يُقَبِّلَ الرَّجُلُ رَأْسَ الرَّجُلِ أَوْ يَدَهُ ؟
قَالَ نَعَمْ وَقَالَ
الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ تَقْبِيلُ الْيَدِ لَمْ يَكُونُوا يَعْتَادُونَهُ إلَّا قَلِيلًا .
وَذَكَرَ
مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ { أَنَّهُمْ
لَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَامَ مَوْتِهِ قَبَّلُوا يَدَهُ } ، وَرَخَّصَ فِيهِ أَكْثَرُ
الْعُلَمَاءِ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ عَلَى وَجْهِ الدِّينِ وَكَرِهَهُ
آخَرُونَ كَمَالِكٍ وَغَيْرِهِ .
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ :
هِيَ السَّجْدَةُ الصُّغْرَى ، وَأَمَّا ابْتِدَاءُ الْإِنْسَانِ بِمَدِّ
يَدِهِ لِلنَّاسِ لِيُقَبِّلُوهَا وَقَصْدُهُ لِذَلِكَ فَهَذَا يُنْهَى
عَنْهُ بِلَا نِزَاعٍ كَائِنًا مَنْ كَانَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ
الْمُقَبِّلُ هُوَ الْمُبْتَدِئ بِذَلِكَ انْتَهَى كَلَامُهُ .
وَقَالَ
ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : كَانَ يُقَالُ تَقْبِيلُ الْيَدِ إحْدَى
السَّجْدَتَيْنِ ، وَتَنَاوَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَدَ عُمَرَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا لِيُقَبِّلَهَا فَقَبَضَهَا ، فَتَنَاوَلَ رِجْلَهُ
فَقَالَ مَا رَضِيت مِنْك بِتِلْكَ فَكَيْفَ بِهَذِهِ ؟ وَقَبَضَ هِشَامُ
بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يَدَهُ مِنْ رَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يُقَبِّلَهَا
وَقَالَ مَهْ فَإِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ هَذَا مِنْ الْعَرَبِ إلَّا هَلُوعٌ
، وَمِنْ الْعَجْمِ إلَّا خَضُوعٌ .
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ
قُبْلَةُ يَدِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ طَاعَةٌ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي
طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قُبْلَةُ الْوَالِدِ عِبَادَةٌ وَقُبْلَةُ
الْوَلَدِ رَحْمَةٌ ، وَقُبْلَةُ الْمَرْأَةِ شَهْوَةٌ ، وَقُبْلَةُ
الرَّجُلِ إخَاءُ دِينٍ .
وَفِي تَرْجَمَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ
الزُّبَيْرِ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُقَبِّلَ يَدَ الْمَنْصُورِ فَمَنَعَهُ
وَقَالَ نُكْرِمُك عَنْهَا وَنُكْرِمُهَا عَنْ غَيْرِك .
وَصَرَّحَ
ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِأَنَّ تَقْبِيلَ يَدِ الظَّالِمِ مَعْصِيَةٌ إلَّا
أَنْ يَكُونَ عِنْدَ خَوْفٍ وَقَالَ فِي مَنَاقِبِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ
يَنْبَغِي لِلطَّالِبِ أَنْ يُبَالِغَ فِي التَّوَاضُعِ لِلْعَالِمِ
وَيُذِلَّ نَفْسَهُ لَهُ قَالَ وَمِنْ التَّوَاضُعِ لِلْعَالَمِ تَقْبِيلُ
يَدِهِ ، وَقَبَّلَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَالْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ
أَحَدُهُمَا يَدَ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْجُعْفِيِّ
وَالْآخَرُ رِجْلَهُ .
وَقَالَ
إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ : إنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ احْتَجَّ فِي
الْمُعَانَقَةِ بِحَدِيثِ { أَبِي ذَرٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَانَقَهُ } قَالَ : وَسَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ
عَنْ الرَّجُلِ يَلْقَى الرَّجُلَ يُعَانِقُهُ قَالَ نَعَمْ فَعَلَهُ
أَبُو الدَّرْدَاءِ .
وَقَالَ فِي الْإِرْشَادِ الْمُعَانَقَةُ عِنْدَ
الْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ حَسَنَةٌ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ
فَقَيَّدَهَا بِالْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ وَقَالَ الْقَاضِي أُطْلِقَ
وَالْمَنْصُوصُ فِي السَّفَرِ انْتَهَى كَلَامُهُ .
وَرَوَى
الْبَيْهَقِيّ فِي السُّنَنِ الْكَبِيرِ أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ
قَتَادَةَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ إسْمَاعِيلَ السَّرَّاجُ ثنا
يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ يَعْقُوبَ ثنا
شُعْبَةُ عَنْ غَالِبٍ التَّمَّارِ قَالَ : كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ
يَكْرَهُ الْمُصَافَحَةَ وَذَكَرْت ذَلِكَ لِلشَّعْبِيِّ فَقَالَ كَانَ
أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا الْتَقَوْا
صَافَحُوا ، فَإِذَا قَدِمُوا مِنْ السَّفَرِ عَانَقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا
إسْنَادٌ جَيِّدٌ .
وَتُكْرَهُ مُصَافَحَةُ الْكَافِرِ وَذَكَرَ
أَبُو زَكَرِيَّا النَّوَوِيُّ مُعَانَقَةَ الْقَادِمِ مِنْ السَّفَرِ
مُسْتَحَبَّةٌ وَأَنَّ الِانْحِنَاءَ مَكْرُوهٌ وَأَنَّ تَقْبِيلَ يَدِ
الرَّجُلِ الصَّالِحِ مُسْتَحَبٌّ .
وَقَالَ الشَّيْخُ وَجِيهُ
الدِّينِ أَبُو الْمَعَالِي فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ تُسْتَحَبُّ
زِيَارَةُ الْقَادِمِ وَمُعَانَقَتُهُ وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ قَالَ
وَإِكْرَامُ الْعُلَمَاءِ وَأَشْرَافُ الْقَوْمِ بِالْقِيَامِ سُنَّةٌ
مُسْتَحَبَّةٌ قَالَ وَيُكْرَهُ أَنْ يَطْمَعَ فِي قِيَام النَّاسِ لَهُ
لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ أَحَبَّ أَنْ
يَتَمَثَّلَ النَّاسُ لَهُ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ }
وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ " صُفُوفًا " كَذَا قَالَ وَسَبَقَ فِي
الْقِيَامِ مَا ظَاهِرُهُ أَوْ صَرِيحُهُ التَّحْرِيمُ لِهَذَا الْخَبَرِ
قَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ
الْمُلُوكُ مِنْ اسْتِدَامَةِ قِيَامِ النَّاسِ لَهُمْ ؛ لِأَنَّهُ
يُرَاوِحُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ كَمَا تَقِفُ الدَّابَّةُ عَلَى ثَلَاثٍ
وَتُرِيحُ وَاحِدَةً قَالَ : فَأَمَّا تَقْبِيلُ يَدِ الْعَالِمِ
وَالْكَرِيمِ لِرِفْدِهِ وَالسَّيِّدِ لِسُلْطَانِهِ فَجَائِزٌ ، فَأَمَّا
إنْ قَبَّلَ يَدَهُ لِغِنَاهُ فَقَدْ رُوِيَ مَنْ تَوَاضَعَ لِغَنِيٍّ
لِغِنَاهُ فَقَدْ ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ وَقَالَ التَّحِيَّةُ
بِانْحِنَاءِ الظَّهْرِ جَائِزٌ وَقِيلَ هُوَ سُجُودُ الْمَلَائِكَةِ
لِآدَمَ ، وَقِيلَ السُّجُودُ حَقِيقَةً .
وَلَمَّا قَدِمَ ابْنُ
عُمَرَ الشَّامَ حَيَّاهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ كَذَلِكَ فَلَمْ يَنْهَهُمْ
وَقَالَ هَذَا تَعْظِيمٌ لِلْمُسْلِمِينَ انْتَهَى كَلَامُهُ وَفِي
بَعْضِهِ نَظَرٌ .
وَأَمَّا السُّجُودُ إكْرَامًا وَإِعْظَامًا فَلَا يَجُوزُ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ الْمَشْهُورَةُ .
وَأَمَّا
تَقْبِيلُ الْأَرْضِ فَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ : يُكْرَهُ كَرَاهَةً
شَدِيدَةً ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ السُّجُودَ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِسُجُودٍ
لِأَنَّ السُّجُودَ الشَّرْعِيَّ وَضْعُ الْجَبْهَةِ بِالْأَرْضِ عَلَى
طَهَارَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ إلَى جِهَةٍ مَخْصُوصَةٍ ، وَهَذَا
إنَّمَا يُصِيبُ الْأَرْضَ مِنْهُ فَمُهُ وَذَلِكَ لَا يُجْزِئُ فِي
السُّجُودِ انْتَهَى
كَلَامُهُ وَهَذَا لَا يُفْعَلُ غَالِبًا إلَّا
لِلدُّنْيَا ، وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ النَّظْمِ أَنَّهُ يُكْرَهُ
الِانْحِنَاءُ مُسَلِّمًا وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيُّ
الْحَنْبَلِيُّ الْمَشْهُورُ فِي قَوْله تَعَالَى : { وَخَرُّوا لَهُ
سُجَّدًا } .
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى