لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

اداب النفوس Empty اداب النفوس {الجمعة 3 يونيو - 20:57}

علم السلامة بالمراجعة والتفتيش




فقف وطالع زوايا ضميرك بعين حديدة النظر نافذه البصر فإذا


وأعلم أنك مسبوق الى ضميرك بالحسد وسوء الظن والحقد فاجعل المراجعة شغلا
لازما وكن وقافا كما قال الاول المؤمن وقاف وليس كحاطب ليل

رأيت أمرا محموداص فاحمد الله وامض وإذا رأيت مكروها
داركته بحسن المراجعة واستقصيت فيه فإن الذي دخل بيتك ولم يستأذنك سوف
يختبئ فيه وإن كان مظلما فأنت لا تشعر إلا أن يكون معك سراج من العلم مضئ
واضح ويكون معك من العناية بأخذه والإنكار لما دخل فيه ما لا صبر له عليه
ولا طاقة له به
ولو قد جربت لعرفت ان الذي أقول لك كما أقول
يدخل داخل منزلك بغير إذنك وهو داخل لا يؤمن أن يخرب المدخول عليه فإن رأى
الداخل منك توانيا وتهاونا كان هو المقيم بالمنزل المدبر له فاستولى على
حر بيتك وعلى حرمتك وإن رأى منك إنكارا فيه ضعف اختفى لك ليمس سهوتك
وغفلتك فإذا وجد فرصة خرب عليك ما كنت اصلحت وهدم ما بنيت فافهم إن كنت
تفهم واقبل النصح من الناصحين إن كنت تقبل
فلو رحلت فيما اخذت المطايا فبلغت حيث تبلغ من البعد وأنفقت في سبيل ذلك
حر بيتك كان الذي أخذت اكثر من الذي انفقت وتعبت فإنك تجد الخير الكثير في
ميزانك يوم القيامة بصدق المراجعة ومبادرتها قبل أن تبرد عنك حلاوتها
فإنها موهبة عظيمة من مواهب الله تعالى اكرم



بها اهل خاصته وعظم النعمة عليهم فيها فإن عظم النعمة
على قدر الحاجة
فانظر هل راجعت نفسك وامرك الا وقد وجدت فيه موضع مرمة ومصلحة او وجدت
مفسودا بعينه فلو لم تلحقه بالمراجعة لكان ذاهبا الى يوم القيامة


المراجعة اساس السلوك الصحيح




وان كنت متهاونا بما اقول لك فإن اكثر حاجتك اليها في صلاة الفريضة ثم
بعدها وهلم جرا في جميع امورك
ولو كنت ممن يتفقد امره لعلمت ماذا دخل عليك من الندامة والحسرة حيث
فارقتك المراجعة في صلاة الفريضة فلم تدر ماذا قرأ امامك ولم تدر أفي فرض
كنت ام في نافلة في صلاة كنت ام في غيرها وانت في رأي العين ممن يناجي ربه


واعلم اني انما اكثر عليك وعلى نفسي من ذكر المراجعة لما قد استبان لي من
الاضطرار والحاجة اليها فلو قد تعلقت بشيء من الخير فيها يكون ونسبتها
والا فلا وما تركك لها الا كالمستأنس لعدوه والمسلم نفسه اليه فهلكت وانت
لا تشعر



ولعل الذي حضرت منها بقلبك او عقلته فلم تسه عنه لو قيل لك اتحب ان يكون
ذلك منك كما كنت ساهيا ولك مائة الف دينار لقلت لا
فاعتن الآن بتعاهد هذه المراجعة على قدر ما عرفت من حاجتك اليها فإنما لك
من عمرك تيقظك وتيقظك مراجعة ما فيه منفعك وقربتك والمصير اليه بالعقل وما
سوى ذلك غفلة وسهو يؤديان الى شهوة فيها غليان قلبك وفي ذلك موافقة نفسك
الامارة بالسوء والهوى المضل عن سبيل الله العادل بأهله عن طريق محبته وفي
ذلك توثب العدو الخبيث الذي لا يألوك خبالا الذي يجري منك مجرى الدم الذي
يراك هو وقبيله من حيث لا تراهم
قال مالك بن دينار قلوب الابرار تغلي بأعمال البر وقلوب الفجار تغلي
بأعمال الفجور فتعاهد أمرك بالمراجعة فإن دأبت مكروها

قد اصغيت بأذنيك الى امامك وتخشعت بوقوفك وفرغت قلبك لاستماع ما يقرا
امامك من كلام ربك في صلاة فريضتك التي ليس شيء اوجب عليك منها فرجعت منها
وقد ظهر منك ما وصفنا وانت كمن لم يشهدها لقلة ضبطك بالمراجعة لنفسك فيها


أصلحته وتحولت عنه وإن رأيت غير ذلك حمدت الله وكانت
عنايتك بذلك زيادة لك أو قربة
وإذا رأيت لك عناية بالمراجعة فاعلم أنها نعمة وقربة من أعظم نعم الله
واحق من أحسنت صحبته نعم الله التي مفتاح خزائنها رحمه الله فالتمس
الزيادة منها بالشكر عليها وأحق من أسأت صحبته نفسك الامارة بالسوء
والاساءة اليها مخالفتها فإن في مخالفتها موافقة مرضاة الله


التهاون في اليسير يوقع في الكبير




من لم يتخط عيبا ولا عورة الى نافلة
فما حفظ اللسان
الصمت
فما الاحتياط في التحفظ عند الكلام


قلت فمن أهل الارادة



فإن العبد إنما يؤتى من قبل التهاون باليسير وهو الذي يوقع في الاثم
الكبير والتهاون باليسير هو الاساس الذي يبنى عليه الكثير فيكون أوله كان
تحفظا ثم صار انبساطا ثم صار من الانبساط الى ذكر اليسير ثم صار من اليسير
الى ما هو اكثر منه فلا تشعر حتى ترى نفسك حيث كنت تكره ان ترى فيه غيرك
ففي ترك اليسير ترك اليسير والكثير
وأقوى الناس على ذلك واصدقهم عزما هو الذي إذا عزم امضى عزمه ولم يلو
وأضعف الناس في ذلك أضعفهم عزما وهو الذي يعزم ثم يحل عزمه ولا يكاد يمضي
عزما
فهذا الذي يتلاعب به الشيطان والهوى والنفس ليس له عندهم قدر لكثرة
معرفتهم يتناقص عزمه وقلة استعماله وأولو العزم من الناس افاضل الخلق من
كل طبقة

قال ترك ذكر عيب من غيرك ترجو على ذكره إذا ذكر به الثواب لكيلا يخرجك ذلك
الى ذكر عيب من غيرك تخاف على ذكره العقاب وخذ نفسك بهذا الباب اشد الاخذ
واحمل عليه من الناس من استرشدك وأراد مثل الذي تريد

القريب من التوبة والبعيد منها


صدق الندم وعلامته
قلت فمن أرجا الناس لقبول التوبة منهم
قال اشدهم خوفا وأصدقهم ندامة على ما كان منه وما شاهده الله واطلع عليه
من زلله وخطله وطول غفلته ودوام إعراضه وأحسنهم تحفظا فيما يستقبل وإن
استووا في ذلك فاشدهم اجتهادا في العمل
لأن علامة صدق الندم على ما مضى من الذنوب شدة التحفظ فيما بقي من العمر
ومواثبة الطاعة بالجد والاجتهاد واستقلال كثير الطاعة واستكثار قليل
النعمة مع رقة القلب وصفائه وطهارته ودوام الحزن فيه وكثرة البكاء
والتفويض الى الله تعالى في جميع الامور والتبري إليه من الحول والقوة ثم
الصبر بعد ذلك على أحكام الله عز وجل والرضا عنه في جميعها والتسليم
لاموره كلها


الخطأ في طريق التوبة ونتائجه




وأسأت الظن بغيرك فانزلتهم في درجة المسيئين إغفالا منك لشأنك وتفرغت
للنظر في عيوب غيرك
فلما كان ذلك منك كذلك عوقبت بأن غارت عيون الرأفة والرحمة من قلبك
وانفجرت إليه أنهار الغلظة والقسوة فأحببت أن تنظر الى الناس بالإزراء
عليهم والاحتقار لهم وقلة الرحمة وأردت أن ينظروا اليك بالتعظيم والمهابة
والرحمة فمن وافقك منهم على ذلك نال منك قربا ومحبة ونلت أنت من الله
تعالى بعدا وسخطا ومن خالفك فيه ازداد منك بعدا وبغضا وازددت انت من الله
بعدا وسخطا
وأطلت في ذلك كله أملك فطاب لك المسير في طريق التسويف ومدارج الحيرات
فاشتدت رغبة نفسك واستمكن الحرص من قلبك فعظمت لذلك في الدنيا رغبتك وشحت
فجمحت الى شهواتها واحتوشت قلبك لذاتها فحال ذلك بينك وبين ان تجد حلاوة
سلوك طريق الاخرة


وقال لي قد علمت من أين غلطت أحسنت الظن بنفسك فتاقت الى درجات المحسنين
بخلاف سيرتهم من غير إنكار منك عليها لمساويء أعمالا ولا دفع لما ادعته من
اعمال الصادقين



ثم أخرجك ذلك الى ان تكلمت لغير الله ونظرت الى ما ليس لك وعملت لغير الله
فكنت مخدوعا مسبوعا عند حسن ظنك بنفسك وانت لا تشعر ومستدرجاص من حيث لا
تعلم فكان ميراث عملك الخبث والجريرة والغش والخديعة والخيانة والمداهنة
والمكروه وترك النصيحة وانت في ذلك كله مظهر لمباينة ذلك
فمن كانت هذه سيرته فلا ينكر ان يبدو له من الله ما لم يكن يحتسب
فلو كان لك يا مسكين أدنى تخوف لبكيت على نفسك بكاء الثكلى المحبة لمن
أثكلت ونحت عليها نياحة الموتى حين غشيك شؤم الذنوب
ولو بكى عليك أهل السموات واهل الارض لكنت مستوجبا لذلك لعظم مصيبتك
ولو عزاك عليها جميع الخلق تعزية المحروب المسلوب لكنت مستحقا لذلك لأنك
قد حرمت دينك وسلبت معرفتك بشؤم الذنوب فركبك

فقلبك حيران على سبيل حيرة قد اشتبهت عليك سبل النجاة وشقق حجاب الذنوب
فأنست لقربها وطاب لك شم ريحها فوصلت بذلك الى محض المعصية فادعيت ما ليس
لك وتناولت ما يبعد مرامه من مثلك


ذل المعصية وأثبت اسمك في ديوان العاصين واستوحش منك
أهل التقوى إلا من كان في مثالك
فاخذ الذين أرادوا الله وحده في طريق المحبة له وسلكوا سبيل النجاة إليه
وأخذت في غير طريقهم فملت حين خالفت طريقهم الى غيره فبقيت متحيرا وعن وجع
الاصابة متبلدا
ويمثل هذه الاسباب التي اشتملت عليها طريقتك يستدل على خسران القيامة
وبالله نعوذ واياه نسأل عفوا وتقريبا مع المحسنين انه لطيف خبير



المعرفة بلا عمل وسيلة للعمل




فقال واسواتاه من غفلة واصفها عن محاستها ومن رام رمي فلم يخطىء حيث اراد
فأما الامن فمحرم واما الخوف ففرض على من يؤمن بالله واليوم الآخر وبالوعد
والوعيد
وقد علمت ان القصد الى نفس المحبة والعناية بها ابلغ لصاحبها واكثر له في
المنفعة منه بوصف المحبة لان طللب نفس المنفعة غير طلب وصف المنفعة وانما
اشتغلت بالوصف اضطرارا حيث رايت نفسي خارجا منهما جميعا فاعتنيت بمعرفة
وصفها والهداية اليها رجاء ان


قلت اما تخاف ان تكون هذه المعرفة حجة عليك والاشتغال بوصفها خدعة من
الشيطان طويلة وصدا عن نفعها

يوصلني ذلك الى نفس المنفعة والهداية اليها والله
المستعان على ما نقول وما نضمر


خلاصة المعارف




فأولاها ان يخاف ويدعو الله ويتضرع إليه الا يكله الى حسناته التي يتعزز
بها في عباد الله ظلما وعدوانا
والثانية ان يخاف من كفران النعم التي قد غلب عليه البطر بها فأشغله عن
الشكر عليها
والثالثة خوف الاستدراج بالنعم وتواترها
والرابعة خوف الله ان يبدو له غدا من الله ما لم يكن يحتسب في طاعاته التي
يرجو ثوابها ولم يعدها من ذنوبه
والخامسة الذنوب التي عملها واستيقن بها فيما بينه وبين الله تعالى
والسادسة تبعات الناس قبله
والسابعة انه لا يدري ما يحدث له في بقية عمره


وان العبد بين تسع مخاوف



والتاسعة الخوف من علم الله تعالى فيه وفي أي الدارين اثبت اسمه في ام
الكتاب
فاحذر الذنوب فإن شؤمها قريب وظلمتها شديدة واحذر الحسنات التي تباعد بينك
وبين طريق الصالحين فما اقرب القارىء المتعبد بغير معرفة ان يتكبر على
عباد الله عز وجل ويمن على الله سبحانه وتعالى بالحسنات التي لو وكله
اليها كان فيها هلاكه وما اقربه من ان يطلب الناس بما اراده الله منهم من
الطاعة له عز وجل والاجلال والاعظام والقدر العظيم
ولا يؤمن على القارىء غير الفقيه ان يسيء اليهم ويطلب منهم الاقرار
بالاحسان ويعطيهم من نفسه ما اراد الله منه
ان الله تعالى اراد منه ان يتزين له ويتعبد له ويخلص له العمل وحده فأعطى
هو للمخلوقين ذلك من نفسه

والثامنة ان يخاف تعجيل العقوبة في الدنيا والنكال فيها قبل الفوت
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

اداب النفوس Empty رد: اداب النفوس {الجمعة 3 يونيو - 20:58}

المدح والذم




الفرق بين الرياء وحب المدح وكراهة الذم




قال انه لا يجب على الناس ان يكرهوا الثناء الحسن والمحمدة ولا يجب عليهم
ان يحبوا المذمة عملوا الحسنات او لم يعملوا اذا لم يكن ذلك منهم من معنى
فاسد لأن المرائي وان كان يريد العمل على ان يحب المحمدة ويكره المذمة فإن
الصادق لا يجب عليه ان يكره الثناء ويحب المذمة
وان اكثر الصادقين قد مدحوا واثني عليهم ولم يضرهم ذلك شيئا
وانما الفرق بييننهما ان المرائي ارادته وأمله في عمله جاه الدنيا
والمنزلة عند اهلها فأفسد عمله بنيته وارادته نال الذي اراد من ذلك او لم
ينله حمدوه على عمله او لم يحمدوه ذموه او لم يذموه


قلت الرجل يقول انه ممن لا يريد بعمله جزاء ولا شكورا وهو معروف بأعمال
البر بالصلاة والصدقة والصيام وغير ذلك وقد مدحه قوم فسره ذلك جدا وفرح به
وذمه آخرون فساءه ذلك جدا وكرهه حتى عرف من نفسه التغير لكلا الفريقين
جميعا كيف يعرف هذا نيته وحب المحمدة وكراهية المذمة ثابت في قلبه
والمرائي يحب الثناء ويكره المذمة



وغير المرائي انما كره المذمة لحال ما فيها من الكراهية مثل السقوط من
اعين الناس والبغضة والمقت من المؤمنين واشباه ذلك والثناء الحسن والقول
الجميل احبه لموضع ستر الله ولما جاء من الرجاء في الثناء الحسن والقول
الجميل والمحبة من الناس ومودتهم له وكان اعتقاد نيته وعزمه في اول امره
وآخره الا يريد بذلك إلا وجه الله وحده والدار الآخرة حمدوه او ذموه احبوه
او ابغضوه

الخوف من تحول النية




وربما كان اعتقاد الرجل عند عمله ارادة الآخرة ثم ينتقل قليلا قليلا الى
ارادة الدنيا وذلك انه شيء خفي والعامة تقل معرفتهم به وعنايتهم بذلك
وتكثر غفلتهم وسهوتهم عنه وقد كان ينبغي ان تكون عناية المؤمن بذلك اكثر
من عنايته بما يعمل من الاعمال الظاهرة لان اعمال الجوارح لا يمكنه ان
يقلبها ولا يغيرها عن حالها والنية لا يأمن عليها الفساد وان كانت صادقة
صحيحة ان تتحول من احسن ما كانت عليه الى اقبح ما تكون عليه وافسده لعمل
صاحبها




فالاعمال بالنية تكون وعن النية تكون فالعبد احوج الى معرفة النية ومعرفة
فسادها اذ كانت الاعمال انما تصح بتصحيحها وتفسد بفسادها وان جميع ما
نذكره انما هو وصف للعمل وللحقيقة والصحة علامات غير هذا
وان الاعمال كلها عملان عمل تمكن فيه النية وعمل لا تمكن فيه النية والعمل
لغير طاعة الله او على غير سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تمكن فيه
النية والذي تمكن فيه النية عمل في طاعة الله على السبيل والسنة والناس
فيه صنفان
صنف يعرفون النية وصنف لا يعرفون النية
والذين يعرفونها صنفان
صنف يقنعهم النظر فيها بالجزاف والاماني وصنف لا يأتمنون انفسهم عليها ولا
يعنون الا بما يصح لهم من ذلك عند الميزان وهو المحنة محنة نفسك

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم الاعمال بالنية وانما لامرىء ما نوى

وجوب الدقة في مراقبة القلب




ومن الناس من يرى أنه يكره المحمدة والثناء اشفاقا على عمله وخوفا


من فتنته فلا يعبأ بما يخيل إليه من ذلك ويظن لأن كثرة
ما يظن الناس من ذلك ليس كما يظنون حتى ينظروا الى تحقيق صدقه عند البيان
فليراجع العبد نفسه اذا اثني عليه او مدح او ذموه او نسبوه الى ما يكره
فإن كان ما اعجبه من الثناء والمدحة انما أعجبه لمعنى ما قلنا من الستر
والرجاء في الثناء الحسن والقول الجميل لمثل قوله تعالى { وألقيت عليك
محبة مني } { وآتيناه أجره في الدنيا } قال الثناء وقال { وآتيناه في
الدنيا حسنة } قال الثناء الحسن وقوله { واجعل لي لسان صدق في الآخرين }
قال الثناء الحسن
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يعمل العمل يريد به وجه الله
فيحمده عليه الناس ويثنون عليه به فقال تلك عاجل بشرى المؤمن وقوله صلى
الله عليه وسلم في العبد اذا احبه الله لم يخرجه من الدنيا حتى يملا
مسامعه مما يحب وقوله انتم شهداء الله في الارض واشباه ذلك في الكتاب
والسنة
فإن كان سروره بما ذكر به من الخير شكرا لستر الله عليه وحمدا



منه لله اذ جعله الله عز وجل ممن يذكر بعلامة الخير
فليس ذلك بسرور فاسد ولكنه شكر وطلب لامزيد
وعلامة سلامة نيته في ذلك ان يزداد لله تواضعا ولآلائه شكرا وفي طاعته
اجتهادا ومع ذلك ينبغي ان يرد نفسه الى طريق المخافة من الاستدراج ويكون
ما خفي من عمله احب إليه مما ظهر مخافة ما يلحق اهل الصلاح من الفتنة فيما
يستمعون من المدحة والثناء ولما جاء من النهي والكراهة والتزكية والمدحة
ان يسمع صاحبه وذلك مثل قوله صلى الله عليه وسلم من مدح اخاه في وجهه
فكأنما أمر على حلقه موسى رميضا ومثل قوله عليه السلام لو سمعك ما أفلح
ومثل قوله صلى الله عليه وسلم عقرت الرجل عقرك الله وهذا نحوه كثير
فإذا كان مذهبه ونيته شكر الله على ستره وحمد الله على نعمته ويكون ما سبق
من السرور الى قلبه في ثناء اذا سمعه رجاء القدوة به اذا كان ممن يصلح ان
يقتدى به لقول الله عز وجل { واجعلنا للمتقين إماما } يقول أئمة في الخير
يقتدى بنا
فإن كان كذلك رجوت الا يضره ذلك ولا يفسد عليه عمله
وقد ذكر عن مطرف انه قال ما سمعت ثناء او مدحة الا تصاغرت الي نفسي





اما ما ذكر زياد فذلك قلب العوام واما ما ذكر مطرف فذلك قلب الخواص
وان كان مذهبه ونيته اذا سمع ذلك وسر به طلب الرفعة والمنزلة عند الناس
فما أسوأ حاله في احباط عمله

وقال زياد بن ابي مسلم ليس احد مسمع ثناء او مدحة الا تراءى له شيطان ولكن
المؤمن يراجع فقال ابن المبارك صدق كلاهما
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

اداب النفوس Empty رد: اداب النفوس {الجمعة 3 يونيو - 20:58}

مذهب الصالحين وأهل الرياء في المدح والذم




فإن كان يعرف معرفة حق أن ما أعجبه لهذا المعنى ولم يعجبه ذلك لما نال من
الجاه عندهم فلا جناح عليه
وعلامته أن يزداد تواضعا ويحدث خوفا من الاستدراج وما يخفى من عمله فهو
أحب مما يظهره لأنه طمع في طريقة الصالحين فعلى قدر ذلك ينبغي أن يرغب في
أعمالهم وما نالوا به اسم الصلاح وصاروا من أهله مع ما يلزمه من الخوف من
الفتنة مما يلزم أهل الثناء والمحمدة اذا اثني عليهم او مدحوا مثل قوله
عليه السلام عقرت الرجل


وأما المرائي فهو الذي يكون مذهبه ونيته في أول عمله وآخره طلب الثناء
والمحمدة والرفعة والتكرمة عند الناس واحراز المنافع به فذلك الذي جاءه
الويل والثبور في الدنيا والآخرة

ومثل قوله لو سمعك ما افلح وقوله قطعت عنق اخيك وقوله
اياكم والمدح فإنه الذبح وقوله اذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوهم التراب
وقوله لو مشى رجل الى رجل بسكين مرهف كان خيرا له من ان يثني عليه في وجهه
ومثل هذا كثير
وصاحب المدحة الخوف عليه اكثر من الرجاء لأن الخوف لا يضره والرجاء لا
تؤمن فتنته
وعلامة اصحاب الجاه في الدنيا واصحاب الرياء المحبين لذلك انهم اذا سمعوا
الثناء والمحمدة احبوا ذلك وازدادوا عزة وإعجابا بأنفسهم وغفلة عن
الاستدراج وتمادوا وتمنوا وطمعوا ان ما ظهر عليهم من اعمالهم كان احب
اليهم ما خفي ولم يخافوا من فتنة ولا من آفة
وكذلك اذا كره المذمة انما كرهها لأنه احب ان يكون مكانها مدحة وثناء
لينال بذلك الجاه والقدر والمنزلة والرفعة عند الناس فهي كراهية سقيمة
مذمومة وصاحبها مغرور مخدوع
وان كان انما هي حب منه لستر الله عليه وكراهية هتك الستر عنه لأنه لم
يمقته الناس حتى جاءه المقت من عند الله قبل مقت الناس فإن كانت الكراهية
انما هي من هذه الجهة فإن هذا يكرهه الصادق وغير الصادق فلا يلام عليه
وعلامته التضرع والاستكانة والمراجعة والنظر في التخلص الى طريق محبة الله
تعالى وسبيل الاستقامة ومحجة الايمان والجد فيه



زيادة بيان لعلامات الفريقين




وان كره ان يتحول ذكره الذي كان عليه الى غيره ويبقى هو كمن لا يعرف له
عمل من اعمال البر فدعواهه حينئذ باطلة
لأن الذي يقوله انه يريده بعمله ولا يريد غيره فإذا تحول ذكره الى غيره لم
يحول الذي عمل له العمل الثواب الى غيره ولم ينقصه من ثوابه شيئا ولعله ان
يكون اكثر له عنده واقرب مثوى
والذي كان يزعم انه لا يريدهم به كره ان يزول عنه الاسم الذي ثبتت له
عندهم به المنزلة وكره ان يبقى عند من زعم انه لا يريدهم بلا ذكر عمل
يعرفونه به
ومثل هذا ينظر ان كانت له خصلة عند الناس من خصال البر فنسبوه اليها
ويظنون انه صاحبها غلطا منهم بها وجهالة فكره ان يعرفوا ذلك او يطلعوا
عليه وكره ان يعرفوا انه ليس ممن يعمل بتلك الخصلة او له عمل من البر وعند
الناس ان ما يعمله من البر اكثر فيكره ان يطلع الناس عليه فلا يعبأ بمحبة
نفسه عند الذي يعمل من اعمال البر فإنه ممن يحب ان يحمد بما لم يفعل


وأبين من ذلك ان كل من زعم انه يريد بعمله وجه الله ولا يريد من احد على
عمل يعمله من الاعمال الصالحات جزاء ولا شكورا ثم عرفه الناس بعمله وذكر
به وصار معروفا عندهم ونال منهم الرفعة فإن كان يعرف من نفسه أنه عرض
عليها ان يتحول اسمه وما نال بعمله من الناس من الثناء والمحمدة الى غيره
ويبقى هو عند الناس كمن لا يعرف له عمل من اعمال البر ذكر ولا غيره فكان
هذا احب إليه فأمره مرجو



كذلك ان صحب رجلا معروفا بالصلاح والعبادة عند الناس او له سبب قد نال به
ذكرا من غيره فكره ان يسقط ذلك عند الناس ولم يعبأ بمحبة نفسه عندما يعمل
من أعمال البر فإنه ممن يحب ان يحمد بانتسابه الى غيره ولا يمكن ان يحب
الذكر بعمل غيره ولا يحب ان يذكر بعمل نفسه الذي يعمله حتى يحبهما جميعا
فإن وجد نفسه في هذه المواضع صادقة على ما يجب عليها فيه الصدق فأرجو أن
يكون من أهل الصدق إن شاء الله تعالى

ولا يمكن ان يكون واحد يحب ان يحمد بما لم يفعل ولا يحب ان يحمد بما قد
فعل حتى يحبهما جميعا


اليقين والعز




صدق اليقين




فتعرف الصدق وتعرف ضده من الكذب وتعرف الخير وتعرف ضده من الشر فتعمل في
اثبات الصدق ونفي ضده وتعلم الاصل من الفرع فيكون الشغل في اثبات الصدق من
وجه الاصل وانتفاء ضده من وجه الاصل فإن الاصل يأتي على الفروع
وما دام العبد يشتغل بالفرع عن الاصل فليس لشغله فناء ما دام الاصل ثابتا
كلما ذهب فرع اخلف فرعا آخر بدله



واما اليقين فعند العمل والصدق فيه مشاهدة الثواب والعقاب فليس بكثرة
النفقة ولا بكثرة الكلام ولا يحتاج فيه الى تحريك الشفتين ولكن بالايمان
وبالعقل وبالمعرفة وحسن التدبير في ظاهر امر العبد وباطنه
العز في النفس أصل مرض القلوب




وبلغني انه آخر ما يبقى في قلوب تاركي الدنيا للآخرة وذلك لصعوبة تمكنه من
النفس
فالعمل الصالح من غير المريد المستحكم من اهل القراءة سلاحه الذي يقوى به
سلطانه هو العز في النفس والفخر بالعمل والازراء على الناس
وقد رأينا من يعمل اعمال الصالحين من الصلاة والصيام والصدقة والحج
والجهاد وعزه في نفسه زائد نعم وقد رأينا من يتواضع لطمع زيادة في العز
ولا اعلم أني رأيت احدا من اهل النسك خاليا منه يعني من العز
فإن كان يجد بقاء حلاوة طعمه لم يفلح معها عابدا كان او زاهدا
وكيف يكون زاهدا والزهد لا يأوي معه في مأوى واحد


وحب العز اصل ومنه مخرج حب الرئاسة والجاه عند الناس ومنه الكبر والفخر
ومنه الغضب والحسد ومنه الحقد والحمية والعصبية والنفس عاشقة له وهو قرة
عينها وهو احب اليها من ام واحد لواحدها



لانه لا يقدر ان يحب للناس ما يحب لنفسه وفيه العز ولا يقدر على كظم الغيظ
وفيه العز ولا يقدر على قبول الحق وفيه العز ولا يقدر على التواضع الذي هو
شرف التقوى وحليتها وفيه العز ولا يقدر ان يدوم على الصدق وفيه العز ولا
يقدر على ترك الحسد وفيه العز ولا يقدر على ترك الحقد وفيه العز ولا يقدر
على ترك العصبية وفيه العز ولا يقدر على سلامة القلب وفيه العز ولا يقدر
على النصح وفيه العز ولا يسلم من الازراء على الناس وفيه العز
فما اكثر ضرره واعظم فساده واظهر امره واقل رشده وابين غيه عند الخاص
والعام وما اغفل الناس عنه واقل معرفتهم به واشد متابعتهم له
فالهوى حكمه والكبر اخوه وعضده والجور سيرته والغضب سلطانه والرياء عون من
اعوانه له يكسب واليه يؤدي والعجب اضعف عون له والحسد امير جنوده والغل
صاحب مشورته
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبر والحسد يأكلان الحسنات كما تأكل
النار الحطب وقال بعضهم الغل والحسد

فمن عالج نفي العز من نفسه ووفقه الله لذلك فنال نفيه سهل عليه المسير في
طريقة محبة الله عز وجل ومحجة الايمان وسبيل الاستقامة ومدارج الصالحين
وهان عليه معالجة الصدق في عمله واطمأنت نفسه الى التذلل والتواضع وطاب له
طريق العدل


العز عام في الخلق وخاص في القراء




اما تراه كيف يتغيظ في نفسه على غيره وكيف يحسده ويدور حوله يطلب عوراته
وكيف يحكم فيه بحكم الهوى
ولو ملك من ذلك في الظاهر ما ملك في الباطن لأظهر مثل الذي اضمر من ذلك في
الباطن
واقبح امره وافسده له واشده فضيحة اذا كان في القارىء لانه لا يكاد يتعزز
على غيره بسبب من الاسباب الا بأسباب الدين والا رأيت فيه اثر ذلك
فسبحان الله ماذا يلقى القراء خاصة من العز ومن اعوانه
يدلك على ذلك سرعة حقدهم وكثرة غضبهم لانفسهم من طريق الاعزاز لها وما
يجدون على الناس فيه مما لا خطر له وذلك كله من داء العز وحركته امر لم
يجز لاهل الجنة ولا للملائكة ولا للنبيين يريد القارىء ان يجوزه لنفسه وان
يجعله فوق رأسه


والعز في الخلق عام في العبيد والاماء والفقراء والاغنياء والضعفاء
والاقوياء والقراء والعلماء و كل واحد منهم يظهر منه على قدر ما يمكنه
اظهاره ومن لم يمكنه الاظهار عامل الناس به سرا في نفسه لانه ما دام في
الانسان لا يترك حظه منه سرا ولا علانية



فكيف اذا اصبح وهو لم تكن له همة الا العناية بالعز لنفسه لتجربته له
ومعرفته له
وآخر اصبح ولم تكن همته ولا محبته الا العناية بنفي العز من قلبه ولزوم
التواضع وذل النفس لتجربته لنور التواضع ومعرفته بفوائده
فهنيئا لمن شغله مثل شغله ما انفعه من شغل وارضاه عند مليكه واروحه للقلب
فاعتبر برجلين امرا بالعبودية واحدهما احب ان يجعل نفسه عبدا كما امر واحب
الآخر ان يجعل نفسه ملكا أي هذين اولى بالجائزة من المولى وايهما يستأهل
العقوبة الموجعة

وانما كان ينبغي للصادق في قراءته العمل في اطفاء العز من قلبه من اول
امره وان يجعله تحت قدميه ولو ان رجلا صلى الغداة ثم اقبل على نفسه واصلح
خصلة من خصال العز ليس العز كله وآخر تصدق بوزن نفسه ذهبا على اكباد جائعة
من وجه طيب لكان الاول اغبط وكانت النعمة عليه اكبر والشكر عليه اكثر عند
اهل المعرفة والعلم

وسائل علاج العز




قلت قد وصفت من فساد العز وضرره وشره ما قد وصفت فصف


لي طريق التحرز والامتناع منه فإن المريض اذا عرف داءه
احب ان يعرف دواءه وهكذا من احب ان يعرف عيب نفسه يحب ان يعرف الذي يصلح
به عيبه
فقال إن ابن آدم تكلف نزول الطير من جو السماء فأنزله
وتكلف خروج الحوت من قعر البحر فأخرجه
وتكلف إخراج الذهب والفضة من بطن الأرض فأخرجها
وتكلف اخذ الدواب والأنعام والوحوش والسباع من البراري والغياض فأخذها
وذللها وسخرها
وتكلف اخذ الأفاعي والحيات فأخذها
وتكلف معالجة الشياطين فعالجها
وتكلف معرفة النجوم في السماء وأسماءها ومجاريها ومطالعها ومغاربها وتكلف
منازل الشمس والقمر ومجاريهما ومطالعهما ومغاربهما
وتكلف معرفة الولد اذا لم يكن من ابيه فعرف ذلك كله لما تكلفه
وتكلف مرض المريض واسباب علله بالنظر الى بوله من غير ان ينظر اليه فعرف
داءه وعرف دواءه فعرف كل ذلك
وتكلف تعلم سير الملوك الماضية من القرون الأولى فكتبها ودرسها
وكل ما تكلف من ذلك فإنما حمل نفسه على تكلفه لطلب الزيادة من الدنيا وليس
في هذا من امر دينه الذي كلفه شيء





ولم يكلف احد ان يصوم ولا يصلي ولا يزكي ولا يحج ولا يتوضأ ولا يغتسل عن
احد انما كلف نفسه ليس لاحد من صلاح احد شيئا وانما صلاح كل امرىء وتقواه
لنفسه وفي ميزانه ليس في ميزان غيره منه شيء
وهكذا النية في الاعمال لا تنفع نيتي عملك ولا تنفع نيتك عملي اذا كانت
صحيحة ولا تضره اذا كانت سقيمة وانما المنفعة والمضرة على صاحب النية
وصاحب العمل وانما هي نفس واحدة فإذا صار الى أمر نفيسته لم يعرف خيرها من
شرها ولا اقبالها من ادبارها
يعمل الخير فلا يدري مقبل هو فيه ام مدبر الا بظاهر العمل والدعوى ولا
يدري أي شيء يعمله للدنيا او للآخرة ليس يميز بين الامرين ولا يفاتش الهمة
فيه والمحبة له ولا الخشية فيه ولا يتوقف ولا يحسن أن يطالع ضميره فهو
يفسد الخير بالشر ولا يشعر
هو في ظاهرة مقبل وهو في باطنه مدبر وهو في ظاهره آبق الى الله وهو في
باطنه آبق من الله
فسبحان الله ماذا تكلف المسكين من معرفة ما لم يكلف فشغل

وكلف تقويم نفس واحدة فلم يقم بتقويمها وليس عليه من فساد غيرها شيء لم
يكلف إلا بإصلاح فساد نفسه وحدها فلم يقم بإصلاح فسادها فجهل بعض الصلاح
وعلم بعضا فما جهل فهو جاهل به لا يتكلف علمه وما علمه من فسادها فهو مضيع
لاصلاحه


عنايته فيه وشغل فهمه به وأما الذي جهل فضيع من معرفته
فهو ما قد كلف وأخذ عليه فيه المواثيق
يدخل عليه الشر والفساد فلا يدري من اين دخل وانى اتاه وكيف هو وما السبيل
الى التخلص منه فبقي عند ذلك تائها حيران وقد عالج ما في الهواء وما في
قعر البحار فعرفه لما شغل عنايته به لمعنى دنياه الذي قد تكفل الله له
منها بما قدر له وضمن له الوفاء بها أقبل عليها أو أدبر عنها
فغلب المسكين الخلق وغلبته نفسه ولو عني بمعرفة فساد نفسه وصلاحها وخيرها
وشرها وخاف التلف عليها كما عني بمعرفة ما ذكرنا من امر دنياه المضمونة له
لعرف من فسادها وصلاحها مثل ما عرف من ذلك وقدر منه على ما قدر من ذلك
ولكنه رضي ان يسلك طريق الدين بالجهالة ولم يرض ان يسلك طريق الدنيا الا
بعلم وبصيرة ومتى شئت رأيته في طريق الدنيا وهو يحسب أنه في طريق الآخرة
ومع ذلك فإن بعض المدبرين عن الله تعالى المعرضين عنه قد تسموا علماء
ونصبوا أنفسهم للدلالة على الله وهم حيارى متصنعة مدخولون متشبهة يحسبهم
الجاهل أدلاء وهم عمى حيارى فإنا لله وإنا إليه راجعون
واعلم أن العز والتعزز ليس بغائب قادم عليك فتريد التحرز منه والامتناع



عليه ولكنه شيء قد حل بك ونزل وتمكن من المنزل واستوى
وجلس في صدر المجلس وأخذ منك خيرك وغلب أخير موضع فيك واتكأ على متكئه
واستخدم أعوانه بما يوافق هواه في اقبالهم وادبارهم
ولا اكثر عليك من صفات فروع دوائه فتمل وتعرض ولكن ادلك على الاصل الذي
اذا عالجته أتى على الاغصان كلها وهو الاياس من جميع المخلوقين أن يضروا
أو ينفعوا أو يعطوا أو يمنعوا أو يحيوا أو يميتوا فألزمه قلبك فإنه أصل
الاصول ورأس الامر وسنامه
فإن كنت مريدا صادقا تحب النظر في عواقب الامور فأغلق على نفسك باب الطمع
وافتح لها باب الاياس وانفرد لذلك بإرادتك كلها وتجرد في طلبه كالذي ليس
له من حوائج الدنيا كلها الا حاجة واحدة
وتعزم عزما صحيحا على ان تهب نفسك لله في بقية عمرك ان كنت تراه لذلك أهلا
سبحانه وتعالى ما أغناه عن اهل السموات وأهل الارضين وما أشد اضطرارهم
اليه
فاجعل يا أخي نفسك كهيئة الاسير في ايدي أهل زمانك أيام حياتك في اتباع
مرضاة الله عز وجل و التخلص من بلية العز فإن الاسير مملوك لا يملك ولا
يطمع ان يظلم احدا ولا ينتصر من ظالم ثم تجد حلاوة طعم ذكر الله ولذاذة
المناجاة في عبادة الله
وانما قلت لك استخراج العز وقطعه عن قلبك باليأس من الناس لانه يردك الى
الله ورجوعك الى الله سكون قلبك عليه وفي سكون قلبك



عليه الازدياد من طاعته والوصول الى خاصية عبادته وفي
الوصول الى خاصية عبادته النزول عند درجة العبيد وفي النزول عند درجة
العبيد اصابة شرف العبودية ومن اصابة شرف العبودية اكتساب القلب المذلة
لله عز وجل فأعزك بطاعته وخضعت له فشرفك بعبادته قال الله عز وجل
{ ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين } وقال في المذموم من العز { كذلك يطبع
الله على كل قلب متكبر جبار }
قلت وكيف يميز بين العزين
قال اما المذموم منهما فينبو عن طاعة الله والمحمود منهما يزيدك تذللا في
طاعة الله عز وجل
واعلم ان الامر اذا انتهى في الضيق اتسع وما هو الا قطع الطمع واستعمال
الاياس فإذا انت قد صرت في وادي الروح والراحة والفرح فتنعمت مع اهل هذه
الدرجات بذكر الله والتلذذ بحلاوة المناجاة والبكاء من خشيته ذقت حلاوة
اليقين وفرح الرضا وراحة التفويض وخفة محمله ثم صرت تنظر الى من يتعذب
ويجول في سلطان العز وملكه
فهنيئا لك حينئذ تصبح وتمسي ليس لك هم ولا حزن الا فيما انت



وارد عليه من امر آخرتك والله ينظر الى همتك و ارادتك
في واد والناس في واد غيره
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

اداب النفوس Empty رد: اداب النفوس {الجمعة 3 يونيو - 20:59}

فقه التجارب والعناية بالنفس




ومن كان من اهل العناية ولم يرزق فهم التجربة عرف من معرفة الخير والشر
على قدر عنايته ووصف عن صفتها وعبارتها ومن اين وكيف وضعف عن النطق
بالحكمة وكانت الموعظة زيادة له في معرفة خيره وشره
ومن لم يرزق الفهم وليست له عناية فهو لا ينطق بلسانه عند الكلام ولا يعقل
بقلبه عند السماع
ويروى ان الحكمة تقول من طلبني فلم يقدر علي فليعمل بأحسن ما يعلم وليدع
اشر ما يعلم
وقال الامور منافعها متفاوتة وضررها متفاوت فمنفعة بعضها


واعلم انه من كان من اهل العناية بنفسه ورزق فهم التجربة بلغ معرفة الخير
والشر وعرف من اين وكيف وعبر ووصف وفهم وفطن ونطق بالحكمة وكان ما يسمع من
الموعظة زيادة له في فهمه ومعرفته ووصفه ودقائق فطنته وسر حاجته

اكثر من بعض وضرر بعضها اكثر من بعض ونجد اكثر الناس
انما عنايتهم بإصلاح ما هو اقل ضررا فهم في اصلاح ذلك اكثر من اصلاح ما هو
اكثر ضررا وطلبهم لما هو اقل منفعة اكثر من طلبهم لما هو اكثر منفعة
وبعض الامور تركها اشد على العبد من بعض وصاحب الارادة لا ينبغي ان يغلط
في هذا ولكن يفاتش اموره كلها مفاتشة شديدة بالعناية وغائص الفهم ودقائق
لطائف الفطن حتى يعلم ما هو اشد عليه في الترك ويعلم ما هو اسلم له وانفع
له فيجعل جده وجديده ومعرفته وعلمه وفهمه وكياسته وعنايته وفطنته فيما هو
اشد عليه في الترك واكثر ضررا عليه
والناس في ذلك مختلفون فرب رجل يهون عليه ترك شيء يشتد على غيره ويشتد
عليه ترك شيء يهون على غيره تركه ويشتد عليه طلب ما يهون على غيره ويهون
عليه طلب ما يشتد على غيره لانه حبب الى هذا من الاشياء ما لم يحبب الى
غيره وبغض اليه من الاشياء ما لم يبغض الى غيره
وربما كان امران ضاران كلاهما واحدهما اكثر ضررا من الآخر ومؤنه تركه ليست
بأشد على صاحبه من تركه الآخر ولكن المعرفة تقصر بالعبد عن حسن المأخذ له
والترفق فيه فهو لما هو اشد عليه تركه واقل ضررا اقوى واترك له مما هو
اكثر ضررا واهون عليه تركه وهو عن ذلك اضعف وأعجز عنه
ولا يعرف هذا الا من يقلب الامور تقليبا ويفاتشها تفتيشا فينظر هذا الذي
يؤتى منه ما سببه ثم لم ير على نفسه من ترك ذلك السبب كبير



مؤنة فيقول لا اترك هذا ولكن اترك هذا الذي يشتد على
نفسي تركه وليس فساد هذا الامر الذي قد عزم على تركه وهو اشد عليه كفساد
هذا الامر الذي لم يعزم على تركه



الغفلة واليقظة




خصائص الغفلة واليقظة




قال قد اخبرتك ان الناس فيه مختلفون فرب شيء هو اسلم من شيء آخر ورب شيء
هو اضر عليهم من الآخر
واما انا فلا اعرف خصلة اكثر في الناس ولا اغلب عليهم ولا اكثر ضررا ولا
اشد عليهم تركا على الخاص والعام والعالم والمتعلم والجاهل من الغفلة
وأشد الغفلة الذي أنت عنه غافل وبه جاهل
وأشد ذلك على الناس وأكثر عندي فيهم الاعجاب


قلت فما الذي بطأ بالخاصة والعامة عما هو اكثر لهم ضررا واشد عليهم

انظر هل ترى احدا هو عند نفسه جاهل في امر الآخرة وأمر
الدنيا
انظر هل ترى احدا يتعرض لشيء لا يعلمه وليس هو حرفته الا يقول انا به عالم
وانما اتي هذا الجاهل المغتر المدعي لعلم الآخرة من قلة قدر الآخرة في
قلبه وقلة تعظيم حرمات الله عز وجل
وانظر هل ترى احدا عند هذا الغافل المغتر الجاهل ارفع عند نفسه منه واعلم
منه فيقر بذلك على نفسه الا ما لا يجد منه بدا ولا يستطيع دفعه
قلت فما الذي ترجو ان يكون اصلح لهم وانفع
قال التيقظ اصل كل خير كما ان الغفلة اصل كل شر فما اكثر من يكون عند نفسه
متيقظا وهو غافل وما احب اليه التغافل عن التيقظ وآنسه بالغفلة
واعلم ان أبين علامات التيقظ الهم والحزن ثم حسن الاستعداد لما اهتم له
وحزن عليه
وابين علامات الغفلة البطر والمرح لانهما يسهيان وينسيان التيقظ وفي ترك
التيقظ ترك الاستعداد لما بعد الموت
قلت فما التيقظ وما الغفلة





فإن رزق العبد الدوام عليه نبع من ذلك ينابيع الخير ان شاء الله عز وجل
واما الغفلة فطول الامل ونسيان ذكر المعاد الا بالخاطر ولا يدوم عليه
العبد
ولا يدوم عليها العبد الا رمى بالخير وراء ظهره ومنها يتولد التسويف
والوقوع في بحر الآثام

قال التيقظ تقريب الاجل ومراقبة الموت والفكر فيما يصير اليه العبد من بعد
الموت ومن هذا يفتح لك باب العمل فتبتدر اليه قبل ان يبتدر اليك الموت
وتستغنم كل ساعة من حياتك قبل انقضاء الاجل

كيف تكون القوة على اليقظة وترك الغفلة




قال نعم اخلاص الدعاء ومصاحبة من يريد ما تريد ومفارقة من لا يريد ما تريد
فإن صحبة من لا يريد ما تريد تضرك وانت لا تشعر وصحبة من يريد ما تريد
تنفعك ولا تضرك وان كنت لا تشعر
وانما الناس يؤتون من ثلاثة اشياء من الغفلة والغلبة والجهالة ورب رجل
تجتمع فيه الثلاث خصال وان قلت اني لا اعلم من ابرئه منها لكنت صادقا
وقال كن ممن يحب على الخير ويحب عليه ولا تكن ممن يريد


قلت فهل من شيء يقويني على التيقظ وترك الغفلة

ان يحب على الخير
وقال كل شيء ليس فيه نفع ولا مرفق فلا تمكن فيه النية وكل شيء فيه نفع
ومرفق لا يجوز الا بنية
وقال عجبت ممن ضعفت نيته في حسناته وصحت نيته في شهواته ولا يكون ذلك كذلك
الا من المخدوعين المموه عليهم او من الخادعين المموهين
وقال من صحح خصلتين فقد استحكم اموره كلها من صحح لم ولم يقول لم لم اعمل
ولم عملت ولم لا أعمل ومن ضيع أو جهل فعلى حسب ذلك
وقال اعزل من اخلاقك ثماني خصال التكلف في القول والعمل والمراء والمداهنة
والجريرة والخب والخداع والمزاح والتغيظ





وقال انك في زمان اسلم الناس فيه جائع مستوحش من الناس محزون مهموم
وقال الجوع يكسر النفس والشبع يهيج البطر وفي الجوع قوة الهم والحزن وفي
الهم والحزن قوة على الجوع والهم والحزن يقطعان الشهوة والرغبة
وقال الانسان محارف للتفريط معتاد للبغي شغوف بالتسويف مجبول على الملل
والنسيان وهو موصوف بعدم العزم مطبوع على الامل منعوت بالجزع عند الشدة
وبقلة الشكر عند النعمة مولوع بالانخداع والاغترار
وقال معرفتك بعيبك وعيب غيرك سواء فمن لم يعرف عيب غيره يعرف عيب نفسه
فإذا ظهر لك من عيوب الناس ما خفي عليك من عيبك استدللت بعيوب الناس على
عيبك واذا ظهر لك من عيبك ما خفي عليك مثله من عيوب غيرك فلا توقع ذلك
بغيرك حتى يظهر لك منه مثل ما ظهر لك من نفسك وتجسس عليها وفاتشها وواقفها
وحاسبها وخذها بأداء ما عليها أشد الاخذ ولا تطلبن ذلك من غيرها

وقال التغافل عما يكره الله قسوة في القلب وفي قساوة القلب ذهاب حلاوة
الاعمال وفي ذهاب حلاوة الاعمال قلة الطاعات وفي قلة الطاعات قلة الشكر
وفي ترك الشكر فساد ما عملت وحرمان ما طلبت وانقطاع الزيادة


فإذا ظهر لك من غيرها شيء فأمكن طلب العذر له فأطلبه
واما نفسك فلا تطلبن لها عذرا وان اعتذرت فلا تقبلن منها
وقال اعمال البر كلها على وجهين سر وعلانية فمن لم يقدر على تصحيح السر
فيما يعمل من السر كان للتصحيح فيما يعمل من العلانية ابعد ومن قوي على
تصحيحه في العلانية كان فيما يسر من أعماله أقوى
وهكذا في القليل والكثير من لم يقدر على تصحيح النية في القليل من العمل
كان في الكثير منه أبعد
وقال الرياء على وجهين رجل قد عمل اعمالا من البر فنال بها ثناء وجاها
وقدرا وهو يريد فيما يستقبل من الاعمال الاخلاص فمن لم يقدر على ترك
الرياء فيما يستقبل كان فيما عمل ونال به الجاه والقدر والمحمدة من الناس
من الاخلاص أبعد
وهكذا في كل شيء ترك ما لم تملكه أيسر من ترك ما قد ملكته
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى