صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
النية بين الصدق والغفلة
قال اشدهم لها حبا
قلت فمن أبعد الناس من صدق النية
قال ازهدهم فيها وازهد الزاهدين فيها انساهم لها وانسى الناس لها اجهلهم
بها
وقال اول علامات الرياء رضا الرجل بجهالة صدق النية في اعماله واول علامات
صدق الرجل عنايته بمعرفة صدق النية واخلاص العمل
وقال النبي صلى الله عليه وسلم العمل بالنية
وقال اخوف ما اخاف عليكم الشهوة الخفية
فما بال العبد يتعلم كيف يعمل ويتحمل مؤنة العمل فيعمل بما قد علم ولا
يتعلم كيف ينوي فيتعلم من العلم ما يعمل به وما لا يعمل ولا يتعلم صدق
النية لا فيما يعمل به ولا فيما لا يعمل
يعيش ما عاش ويموت اذا مات ولم ينتبه لذلك والرسول صلى الله عليه وسلم ومن
بعده الائمة واهل العلم والمعرفة يحذرون من الرياء حتى ان بعضهم قال ادخل
البيت المظلم فأصلي فيه ركعتين لعلها تخلص لي وقال الثوري ما كنت اعتد
بعمل يراه الناس
قلت فمن احق الناس بصدق النية
ولو كتبنا في هذا الكتاب مثل هذا لاحتجنا الى دفاتر
فالذي قد عرف من الرياء ما جهله غيره وعني به واهتم له في ليله ونهاره
ولعل ما يخدع فيه ويغلب عليه اكثر من الذي يصير الى ما يريد منه فكيف
بالجاهل به المعرض عنه
علوم النجاة
جماع ما يجب من العلم
فأما الذي بينهم وبين الناس فالنصح لقول النبي صلى الله عليه وسلم الدين
النصيحة فيما خفي من الاشياء وفيما ظهر وما قل وما كثر للقريب والبعيد
والعدو والصديق
والذي بينهم وبين الله تعالى باب النية وتصحيحها والارادة في الاعمال فيما
خفي وما ظهر وما قل وما كثر لقول النبي صلى الله عليه وسلم الاعمال بالنية
والباب الثاني معرفة الرجل نفسه
وثلاثة ابواب من العلم على الناس ان يعرفوا ما خفي منها وما ظهر بابان
فيما بينهم وبين الله تعالى وباب بينهم وبين الناسحقيقة النصح
فإن كانت هذه سيرته في خاصته وعلى هذا نيته في العامة رجوت انه في كل امر
جليل ونعمة عظيمة لا يعلم قدرها الا الله تعالى
وان خالفت سيرته في خاصته وعامته هذا الوصف فلا حظ له في النصح الخاص ولا
العام وكان ما يدعي انه يضمر وينوي في سريرته من نصح الخاصة والعامة
مردودا عليه غير مقبول منه
ولا نعرف في ابواب العلم حديثا اجمع في الاشياء كلها من هذا الحديث وهو
قوله صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة ولا اقرب ولا اقصد قصدا ولا احسن
في اعمال البر كلها حسنا ولا بطريق الصالحين اشد اتباعا من هذا الحديث ولا
احوط في الحق والعدل ولا ارضى عند الخاصة والعامة وهو ان تحب للناس ما تحب
لنفسك وتكره للناس ما تكرهه لها
والنصح اصله من اعمال القلوب وفروعه من اعمال الجوارح فربما اجري بالقلب
ولربما لم يجر الا باللسان وربما لم يجر الا بالقلب واللسان والجوارح
واما باب النصح فتكون نيته وسيرته ومذهبه في السر والعلانية ان امور الامة
كلها لو اجريت على ما في ضميره وسريرته لاحب انها رشدت امورها واطاعت ربها
وصار الى كل واحد منهم حظه من الحق والعدلآداب لا بد منها
واعلم ان الشر شهوة والخير كراهية والشهوة سابقة على الكراهية وغالبة
عليها حتى يجيء العلم والصدق فيزيلان الشهوة ويجعلان الكراهة مكانها فمن
لم يفقه ولم يفهم هذا حين يسمعه لم يحسن مراجعة سريرته ولا يجيء على
اصلاحها حتى يتعلمه ممن يحسنه ويحسن وصفه ولولا كثرة القول فيه لكتبناه
وقال نعم الصاحبان الهم والحزن بأمر الآخرة ونعم الشغل
وقال ان الشيء يغلب الشيء والشيء يشغل عن الشيء والشيء ينسي الشيء والشيء
يهيج الشيء والشيء يزيد الشيء والمحاسب نفسه قد عرف هذا وادناه التيقظ
واعلاه النسيان
المحاسبة وصاحب الهم والحزن والمحاسبة يجعل الساعة التي
ليس فيها هم ولا حزن ولا محاسبة ساعة بطالة واقل قليل الغفلة عنده كأكثر
الذنوب عند غيره
ومن علامة اليقين في العبد ادامة الحزن فيه
يا أخي ولو لم يحزن العبد الا لما يكون فيما يستقبل من الاعمال من الجفاء
والسهو والغفلة وقلة الصدق في فرضه ونافلته مثل الذي قد عمل ولما يجد فيها
من قلة الحياء والمراقبة لكان جديرا ان يحزن ويهتم
ولو لم يحزن ويهتم الا لانه لو جاء من الاعمال بمثل اعمال الملائكة والجن
والانس والعالمين كلهم لم يكن عنده علم في ذلك انه في المقبول او في
المردود ولا يدري ايقبل من ذلك كله مثقال ذرة او يرد عليه لكان ينبغي له
ان يحزن
ولو لم يحزن الا لانه لو قيل له اختر من عمرك أي ساعة شئت لم تعص الله
فيها لسبب من الاسباب لما كان يجد ذلك لقد كان ينبغي له ان يحزن
ولو لم يحزن الا لانه لو قيل له هل تعرف ساعة واحدة من عمرك اديت الى الله
سبحانه فيها جميع ما اوجبه عليك كما اوجبه لقال ما اعرفها لقد كان ينبغي
له ان يحزن
النفس واختبارها في المعرفة والسلوك
قلت كيف احاسب نفسي في معرفتها
ان مثل الناس في جملتهم وفي تفرقهم بعد المعرفة بهم والخبرة لهم وتفاوتهم
وتفاضلهم مثل سفط موضوع في طريق فيه قوارير مملوءة موكاة الرءوس يمر به
الناس لا يدرون ما فيه فعرض له من الناس عارض من المارة فقال لاكشفن عن
هذا السفط فلأنظرن ما فيه فكشف عنه فراى قوارير مملوءة لا يدري ما فيها
فحل اوكيتهن كلهن فبدا له من هذه رائحة المسك ومن هذه رائحة العنبر ومن
هذه رائحة البان ومن هذه رائحة الخلوف ومن هذه رائحة الغالية ومن هذه
رائحة الياسمين ومن هذه رائحة الورد وسائر الطيب والادهان
ومن هذه رائحة الكبريت ومن هذه رائحة النفط ومن هذه رائحة القطران وما لا
طاقة له بالقيام عندها من شدة نتن ريحها
فالناس في جملتهم مثل السفط والقوارير وهم في معرفتهم والبحث عن اخلاقهم
متفرقون على قدر القوارير
ومثل السفط ايضا في جملته مثلك انت وحدك والقوارير اخلاقك وآدابك وريحها
الطيب خير اخلاقك وآدابك الحسنة المرغوب فيها والرائحة المنتنة شر اخلاقك
وآدابك السيئة القبيحة
ولا تعرف النفس حتى تمتحن وتختبر
فاختبر نفسك حتى تعلم ما فيها وان اردت ذلك فعاملها بالموافقة لها
والمفاتشة لهمتها في وقت الهمة و أحد اليها النظر حتى تعرف حلمك في الوقت
الذي عرض لك فيه سفيه فسفه عليك ليس في الوقت الذي وافق هواك
قال ان الاشياء تعرف بالدلالات والعلامات والامثال وسأضرب لك في ذلك مثلا
يكون علما لما سألت عنه
واعرف صمتك عند الخوف من سقوط جاهك عند من لك عنده الجاه والقدر
واعرف صدقك عند الحالة التي يتصنع ويتزين في مثلها المتزينون والمتصنعون
واعرف نصحك عند حبك لنفسك ولصديقك وعدوك حتى تعلم هل تحب لغيرك ما تحب
لنفسك ام لا
واعرف صبرك عند ترك شهوة قد ملكها هل تستطيع تركها على ذلك ام لا
واعرف ورعك عند الحالة التي استمكنت منها هل تستطيع الوقوف عندها اذا
التبست عليك ام لا
واعرف تواضعك في وقت ما جفاك جاف واكرمك مكرم فإن فيهما الفتنة فإن العبد
ربما اظهر التواضع عند الكرامة ليزداد منها وربما تواضع عند الجفاء ليثبت
له بالتواضع عند ذلك منزلة بين الناس فتوقف عند ذلك كله وفاتش الهمة
واعرف امانتك عند هواك في الوقت الذي تهواه هل تضبط اداء امانتك في ذلك
الوقت ام لا
واعرف طمعك في وقت هيجان رغبتك هل تستطيع عند ذلك الاياس ام لا
فإن كنت في هذه الحالات والاوقات محمودا فما احسن خيرك واحمد الله واسأله
الزيادة من فضله وامض فإنك على سبيل الاستقامة وطريق المحبة و محجة
الايمان
وان كنت في هذه الحالات مذموما فأخلاقك وسيرتك اولى بك ان تصلحها فإن فيك
فسادا عظيما ولست على سبيل الاستقامة ولا على طريق المحبة ولا محجة
الايمان
فاتق الله وراجع مفاتشة نفسك واصلاح فسادها
قلت يجيء مني في بعض احوالي ما امقت نفسي عليه وتشتد عليه ندامتي
قال مقتك لها من معرفتك بها وندامتك عليها دواؤها فإذا نظرت الى عثرة غيرك
فاذكر عثرتك ومقتك لنفسك ولو ان مصلحة النفس ومنفعتها كانت فيما تهوى او
تشتهي لكان الناس كلهم صالحين ولكن جعل صلاحها فيما تكره وفسادها فيما تحب
وتشتهي
واعرف عقلك عند ترك ما لا نفع لك فيه في الدنيا ولا في الاخرة ولا ثواب لك
فيه عند الله تعالى هل تستطيع ترك ذلك ام لا
ومن محاسبتك لها ان تخلو بها وترد عليها فعالها فتقول يا نفس انك لا
تقدرين ان تخادعي الله ولا تغالبيه فلا تقبلي مخادعة الشيطان ولا مغالبته
ولا تبتغي هواك فيرديك ويهلكك
واني لست احملك على ما لا طاقة لك به ولا علم لك فيه واني اراك تحب لنفسك
ما تمقت عليه غيرك وتكره لنفسك ما تحب عليه غيرك
اما انها لا تكره الصلاح والخير ولكن تكره المكروه الذي به تنال الصلاح
والخير ولو امكنها درجة الابرار بأعمال الفجار لقبلتها فأما الشر فإنها
تحبه وتحب خصاله وطرائقه وكل شيء منه
النية بين الصدق والغفلة
قال اشدهم لها حبا
قلت فمن أبعد الناس من صدق النية
قال ازهدهم فيها وازهد الزاهدين فيها انساهم لها وانسى الناس لها اجهلهم
بها
وقال اول علامات الرياء رضا الرجل بجهالة صدق النية في اعماله واول علامات
صدق الرجل عنايته بمعرفة صدق النية واخلاص العمل
وقال النبي صلى الله عليه وسلم العمل بالنية
وقال اخوف ما اخاف عليكم الشهوة الخفية
فما بال العبد يتعلم كيف يعمل ويتحمل مؤنة العمل فيعمل بما قد علم ولا
يتعلم كيف ينوي فيتعلم من العلم ما يعمل به وما لا يعمل ولا يتعلم صدق
النية لا فيما يعمل به ولا فيما لا يعمل
يعيش ما عاش ويموت اذا مات ولم ينتبه لذلك والرسول صلى الله عليه وسلم ومن
بعده الائمة واهل العلم والمعرفة يحذرون من الرياء حتى ان بعضهم قال ادخل
البيت المظلم فأصلي فيه ركعتين لعلها تخلص لي وقال الثوري ما كنت اعتد
بعمل يراه الناس
قلت فمن احق الناس بصدق النية
ولو كتبنا في هذا الكتاب مثل هذا لاحتجنا الى دفاتر
فالذي قد عرف من الرياء ما جهله غيره وعني به واهتم له في ليله ونهاره
ولعل ما يخدع فيه ويغلب عليه اكثر من الذي يصير الى ما يريد منه فكيف
بالجاهل به المعرض عنه
علوم النجاة
جماع ما يجب من العلم
فأما الذي بينهم وبين الناس فالنصح لقول النبي صلى الله عليه وسلم الدين
النصيحة فيما خفي من الاشياء وفيما ظهر وما قل وما كثر للقريب والبعيد
والعدو والصديق
والذي بينهم وبين الله تعالى باب النية وتصحيحها والارادة في الاعمال فيما
خفي وما ظهر وما قل وما كثر لقول النبي صلى الله عليه وسلم الاعمال بالنية
والباب الثاني معرفة الرجل نفسه
وثلاثة ابواب من العلم على الناس ان يعرفوا ما خفي منها وما ظهر بابان
فيما بينهم وبين الله تعالى وباب بينهم وبين الناس
فإن كانت هذه سيرته في خاصته وعلى هذا نيته في العامة رجوت انه في كل امر
جليل ونعمة عظيمة لا يعلم قدرها الا الله تعالى
وان خالفت سيرته في خاصته وعامته هذا الوصف فلا حظ له في النصح الخاص ولا
العام وكان ما يدعي انه يضمر وينوي في سريرته من نصح الخاصة والعامة
مردودا عليه غير مقبول منه
ولا نعرف في ابواب العلم حديثا اجمع في الاشياء كلها من هذا الحديث وهو
قوله صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة ولا اقرب ولا اقصد قصدا ولا احسن
في اعمال البر كلها حسنا ولا بطريق الصالحين اشد اتباعا من هذا الحديث ولا
احوط في الحق والعدل ولا ارضى عند الخاصة والعامة وهو ان تحب للناس ما تحب
لنفسك وتكره للناس ما تكرهه لها
والنصح اصله من اعمال القلوب وفروعه من اعمال الجوارح فربما اجري بالقلب
ولربما لم يجر الا باللسان وربما لم يجر الا بالقلب واللسان والجوارح
واما باب النصح فتكون نيته وسيرته ومذهبه في السر والعلانية ان امور الامة
كلها لو اجريت على ما في ضميره وسريرته لاحب انها رشدت امورها واطاعت ربها
وصار الى كل واحد منهم حظه من الحق والعدل
واعلم ان الشر شهوة والخير كراهية والشهوة سابقة على الكراهية وغالبة
عليها حتى يجيء العلم والصدق فيزيلان الشهوة ويجعلان الكراهة مكانها فمن
لم يفقه ولم يفهم هذا حين يسمعه لم يحسن مراجعة سريرته ولا يجيء على
اصلاحها حتى يتعلمه ممن يحسنه ويحسن وصفه ولولا كثرة القول فيه لكتبناه
وقال نعم الصاحبان الهم والحزن بأمر الآخرة ونعم الشغل
وقال ان الشيء يغلب الشيء والشيء يشغل عن الشيء والشيء ينسي الشيء والشيء
يهيج الشيء والشيء يزيد الشيء والمحاسب نفسه قد عرف هذا وادناه التيقظ
واعلاه النسيان
المحاسبة وصاحب الهم والحزن والمحاسبة يجعل الساعة التي
ليس فيها هم ولا حزن ولا محاسبة ساعة بطالة واقل قليل الغفلة عنده كأكثر
الذنوب عند غيره
ومن علامة اليقين في العبد ادامة الحزن فيه
يا أخي ولو لم يحزن العبد الا لما يكون فيما يستقبل من الاعمال من الجفاء
والسهو والغفلة وقلة الصدق في فرضه ونافلته مثل الذي قد عمل ولما يجد فيها
من قلة الحياء والمراقبة لكان جديرا ان يحزن ويهتم
ولو لم يحزن ويهتم الا لانه لو جاء من الاعمال بمثل اعمال الملائكة والجن
والانس والعالمين كلهم لم يكن عنده علم في ذلك انه في المقبول او في
المردود ولا يدري ايقبل من ذلك كله مثقال ذرة او يرد عليه لكان ينبغي له
ان يحزن
ولو لم يحزن الا لانه لو قيل له اختر من عمرك أي ساعة شئت لم تعص الله
فيها لسبب من الاسباب لما كان يجد ذلك لقد كان ينبغي له ان يحزن
ولو لم يحزن الا لانه لو قيل له هل تعرف ساعة واحدة من عمرك اديت الى الله
سبحانه فيها جميع ما اوجبه عليك كما اوجبه لقال ما اعرفها لقد كان ينبغي
له ان يحزن
النفس واختبارها في المعرفة والسلوك
قلت كيف احاسب نفسي في معرفتها
ان مثل الناس في جملتهم وفي تفرقهم بعد المعرفة بهم والخبرة لهم وتفاوتهم
وتفاضلهم مثل سفط موضوع في طريق فيه قوارير مملوءة موكاة الرءوس يمر به
الناس لا يدرون ما فيه فعرض له من الناس عارض من المارة فقال لاكشفن عن
هذا السفط فلأنظرن ما فيه فكشف عنه فراى قوارير مملوءة لا يدري ما فيها
فحل اوكيتهن كلهن فبدا له من هذه رائحة المسك ومن هذه رائحة العنبر ومن
هذه رائحة البان ومن هذه رائحة الخلوف ومن هذه رائحة الغالية ومن هذه
رائحة الياسمين ومن هذه رائحة الورد وسائر الطيب والادهان
ومن هذه رائحة الكبريت ومن هذه رائحة النفط ومن هذه رائحة القطران وما لا
طاقة له بالقيام عندها من شدة نتن ريحها
فالناس في جملتهم مثل السفط والقوارير وهم في معرفتهم والبحث عن اخلاقهم
متفرقون على قدر القوارير
ومثل السفط ايضا في جملته مثلك انت وحدك والقوارير اخلاقك وآدابك وريحها
الطيب خير اخلاقك وآدابك الحسنة المرغوب فيها والرائحة المنتنة شر اخلاقك
وآدابك السيئة القبيحة
ولا تعرف النفس حتى تمتحن وتختبر
فاختبر نفسك حتى تعلم ما فيها وان اردت ذلك فعاملها بالموافقة لها
والمفاتشة لهمتها في وقت الهمة و أحد اليها النظر حتى تعرف حلمك في الوقت
الذي عرض لك فيه سفيه فسفه عليك ليس في الوقت الذي وافق هواك
قال ان الاشياء تعرف بالدلالات والعلامات والامثال وسأضرب لك في ذلك مثلا
يكون علما لما سألت عنه
واعرف صمتك عند الخوف من سقوط جاهك عند من لك عنده الجاه والقدر
واعرف صدقك عند الحالة التي يتصنع ويتزين في مثلها المتزينون والمتصنعون
واعرف نصحك عند حبك لنفسك ولصديقك وعدوك حتى تعلم هل تحب لغيرك ما تحب
لنفسك ام لا
واعرف صبرك عند ترك شهوة قد ملكها هل تستطيع تركها على ذلك ام لا
واعرف ورعك عند الحالة التي استمكنت منها هل تستطيع الوقوف عندها اذا
التبست عليك ام لا
واعرف تواضعك في وقت ما جفاك جاف واكرمك مكرم فإن فيهما الفتنة فإن العبد
ربما اظهر التواضع عند الكرامة ليزداد منها وربما تواضع عند الجفاء ليثبت
له بالتواضع عند ذلك منزلة بين الناس فتوقف عند ذلك كله وفاتش الهمة
واعرف امانتك عند هواك في الوقت الذي تهواه هل تضبط اداء امانتك في ذلك
الوقت ام لا
واعرف طمعك في وقت هيجان رغبتك هل تستطيع عند ذلك الاياس ام لا
فإن كنت في هذه الحالات والاوقات محمودا فما احسن خيرك واحمد الله واسأله
الزيادة من فضله وامض فإنك على سبيل الاستقامة وطريق المحبة و محجة
الايمان
وان كنت في هذه الحالات مذموما فأخلاقك وسيرتك اولى بك ان تصلحها فإن فيك
فسادا عظيما ولست على سبيل الاستقامة ولا على طريق المحبة ولا محجة
الايمان
فاتق الله وراجع مفاتشة نفسك واصلاح فسادها
قلت يجيء مني في بعض احوالي ما امقت نفسي عليه وتشتد عليه ندامتي
قال مقتك لها من معرفتك بها وندامتك عليها دواؤها فإذا نظرت الى عثرة غيرك
فاذكر عثرتك ومقتك لنفسك ولو ان مصلحة النفس ومنفعتها كانت فيما تهوى او
تشتهي لكان الناس كلهم صالحين ولكن جعل صلاحها فيما تكره وفسادها فيما تحب
وتشتهي
واعرف عقلك عند ترك ما لا نفع لك فيه في الدنيا ولا في الاخرة ولا ثواب لك
فيه عند الله تعالى هل تستطيع ترك ذلك ام لا
ومن محاسبتك لها ان تخلو بها وترد عليها فعالها فتقول يا نفس انك لا
تقدرين ان تخادعي الله ولا تغالبيه فلا تقبلي مخادعة الشيطان ولا مغالبته
ولا تبتغي هواك فيرديك ويهلكك
واني لست احملك على ما لا طاقة لك به ولا علم لك فيه واني اراك تحب لنفسك
ما تمقت عليه غيرك وتكره لنفسك ما تحب عليه غيرك
اما انها لا تكره الصلاح والخير ولكن تكره المكروه الذي به تنال الصلاح
والخير ولو امكنها درجة الابرار بأعمال الفجار لقبلتها فأما الشر فإنها
تحبه وتحب خصاله وطرائقه وكل شيء منه
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
كمال العزم
قال هذا من الذي قلنا لا يصلح الشيء إلا بشيء قبله وشيء بعده فإذا لم يكن
عزم بمعرفة كان عاقبته نحو الذي ذكرت
قلت فما بال الرجل يأتيه الامر مما يحب من غير طلب ولا عزم عليه حتى ربما
أخاف من عزمه ان يكون عليه أكثر مما يكون له
والتوكل أن ينفرد بإشعار قلبه في تفويض المقدرة الى الله سبحانه وتعالى
والتبري من الحول والقوة أولا تسمع الى قوله تعالى { ولا تقولن لشيء إني
فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله } فهذا زيادة على التوكل امر أمرك الله به
وقوله تعالى { وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله } والمشورة من
الحاجة لا من الغنى أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستعين بمن ليس
هو مثله وأن تبقى سنته سنة لمن هو بعده
فكيف بمن هو مثلي ومثلك إذا سها عن الله فيما لا يسعه إلا التضرع اليه
أولا تسمع الى قوله عز وجل في قصة يعقوب { إن الحكم إلا لله عليه توكلت }
فكان عاقبة يعقوب تمام ما أراد
وقول يوسف { قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن
أصب إليهن وأكن من الجاهلين فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن } وتم له أمره
حين أخرج نفسه من القدرة واقر بالافتقار وفوض الامر الى ربه
ومعرفته أن يكون بدؤه بالافتقار الى الله سبحانه وتعالى ولا يكون كالتألي
على الله
وقول الاخر أيضا { لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين فلما آتاهما صالحا
جعلا له شركاء فيما آتاهما }
ثم انظر الى قول آدم حين تقدم على حمل الامانة بغير افتقار ولا استكانة
فلم يتمم له امره وعير بالجهل والظلم
وماذا يغني العزم من الذي ليس بيده الامر
وقول الآخر { لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين } فسألوه ولم يفرضوا
اليه امرهم لا قبل المسألة ولا بعدها قال { فلما أنجاهم إذا هم يبغون في
الأرض بغير الحق } ولم يتمم لهم امرهم
من فرائد الحكمة
اعلم يا أخي انه من اطاع الله ولم يخفه فقد أطاعه في العمل وعصاه في ترك
الخوف فكيف بمن يعصيه ولا يخافه
وقال لو أنك لم تأخذ من الدنيا إلا قوتك غير انك لم ترد الله به قطع بك
ولو تركت قوتك من الدنيا ولم ترد الله به قطع بك
وقال لو عقلت عن الله امرين لنظرت اليه بعظيم الشكر له حيث لم يجعل دعاءه
الى الجنة في ترك ما تحتاج اليه من الدنيا ولم يجعل دعاءه الى النار في
حاجتك منها
وقال اعرف النعمة تكن من أهلها فإن البهيمة لا تجد رائحة المسك وإن حشى به
منخراها
وقال كن من أبناء الحق يحبك الحق
قال ومن لا يكون عالما بما ورد عليه من الله يوشك ألا يكون عالما بما ورد
على الله تعالى منه
وقال احذر شهوة لا تبقى وندامة لا تفنى
وقال أنيسك اليوم هو انيسك غدا في قبرك وعملك اليوم هو عملك غداص فانظر من
أنيسك وما عملك
وقال احفظ الله عند هواك يحفظك عند لقاك
تعوذ بالله من عمل ظاهره طاعة وباطنه معصية
وقال ما ترك الحق لأهله سرورا ولا أبقى الباطل لأهله من الاخرة نصيبا
وقال من علم ما بين يديه هان عليه ما في يديه
إذا اكملت معرفة الرجل بالدنيا تعجب من أبنائها وإذا عمي عن معرفة الاخرة
تعجب من ابنائها
وقال من عرف الدنيا قاطعها ومن لم يعرفها انقطع اليها ومن عرف الاخرة
انقطع اليها ومن لم يعرفها قاطعها
وقال اقل الشهوات لك نفعا في الدنيا أضرها عليك في الاخرة وأقل شهوات
الاخرة مؤنة عليك في الدنيا أردها عليك في الآخرة
وقال اجعل نفسك تابعا في طريق الهدى ولا تجعلها قائدا الى طريق الهوى
وقال اختيار العبد للعبودية شفاء وبرد على الفؤاد وجلاء للبصر
وقال طلب العبد للحرية بلاء يعشى منه البصر
وقال العامل الناظر عمله على المحبة والعامل السامع غير الناظر عمله على
الاستثقال فاعمل عمل من سمع ففهم ونظر فأبصر ولا تعمل عمل من سمع ولم ينظر
وقال رب نعمة تصير عقوبة ونقمة ورب عقوبة تصير نعمة
وقال إذا أردت أن تحب شيئا فأكثر ذكره فإن الذكر والنسيان لا يجتمعان
وقال الحسنة الصادقة المشكورة يثاب عليها صاحبها في الاخرة ويزاد منها في
الدنيا يزاد للشكر ويثاب للصدق
وقال ما أيسر الامر على من أحتسب بنفسه عن منافسة اهل العز في عزهم فقد
هدي الى المرتقى الذي ارتقى منه المحبون لقرب الله عزوجل
وقال ومن أحسن العبادة ان يمتلئ قلب العبد من حب الطاعة فإذا فاض عملت
الجوارح على قدر ما رأت من القلب فربما كانت الجوارح في العبادة والقلب في
البطالة
قلت وكيف عبادة القلب دون الجوارح وكيف يفيض القلب بالعبادة الى الجوارح
قال أن يصير وعاء للهم والحزن والافتقار والخوف والندامة والتواضع
والاضطرار الى الله عز وجل والنصح له وحب ما يحب الله وبغض ما يبغض الله
فإذا عامل الله على هذا بقلبه هاجت الجوارح بمثل ما رأت من القلب فانبعث
على الطاعة وإنما يكون ذلك من القلب إذا خالط سويداءه ما تأتي به القيامة
والباب الاخر ان يمتلئ قلبه من معرفة نعم الله عز وجل وسروره بالله وأنسه
بعبادة الله وشوقه الى محاب الله وحبه للشكر لله ورجائه مغفرة الله
فإذا عامل الله بهذا من قلبه اشتاق الى عبادة الجوارح معه فيكون عاملا وفي
عمله أنس وسرور وحلاوة
وقال من انفع العبادة ان يعامل العبد نفسه باستصغار الدنيا عندها
قال وفي هذه المسألة والتي قبلها وفي جميع الاعمال على العامل ان يعقل ما
على القلب وما على جوارح فيبدأ بما على القلب ثم بما على الجوارح فإن
القلب هو الاصل والجوارح أغصان ولا تقوم الاغصان إلا بالاصل
قال ومن أحسن الاخلاق ان تكون سجية العبد التواضع ومن أحسن الفعال الاحسان
الى من أساء إليك
وقال اجتهد ولا تيأس ولا تقل عند ذكر الصالحين لولا ذنوبي لرجوت طريقة
الصالحين فيفترك ذكر ذنوبك عن العمل فإن صاحب الحمل الثقيل أولى ان يجتهد
في إسقاط ما قد حمل من المخف الذي ليس على ظهره شيء
وقال إن اردت ان ينظر الله اليك بالرحمة فانظر انت الى الصالحين بالغبطة
والى العاصين بالرأفة
وقال ومن أشرف العبادة ان تراقب الله بما يحب الله فإذا فترت عن ذلك
راقبته فيما يكره ملتمسا العود الى الحالة الاولى التي كنت عليها حريصا
على ذلك فيحدث لك حينئذ اليها حنين شديد فإنه إذا رآك كذلك تحن وتحرص رد
عليك ما سلبك
وقال من طالت فكرته في اربعة اشياء اورثته الحزن والهم وهي تؤدي بعضها الى
بعض وكل خصلة منها كافية اذا فكرت في علم الله فيك واين اسمك في ام الكتاب
وبم يختم لك وذكرت ذنوبك
وقال من طالت فكرته في اربعة اشياء اورثته الخوف والخشية وهي تؤدي بعضها
الى بعض وكل واحدة منها كافية من فكر في الموت وسرعة انقضاء الاجل والمصير
الى القبر والوقوف للحساب والنار التي لا صبر لأحد عليها
وقال لا تنازع الله في محبته فتكون قد عاملته بالغلبة
وقال لا تؤثر على الله احدا فيكلك الى من آثرته عليه
وقال الى متى تعد الشغل عونا
وقال ان لم تترك ما يرديك اقبل عليك من يغويك
وقال اذا اردت ان تقسم صدقة او معروفا في الناس او في سواك
وقال إذا وقع في قلب العبد الاهتمام بالنفس اشتد خوفه عليها وعظم رجاؤه
للناس واذا خلا قلبه من هم نفسه حسن ظنه بها وعظم رجاؤه لها وخاف على
الناس
قريب منك فإنما تبدأ اقربهم منك منزلا و اشدهم الى
صدقتك فقرا ثم الذي يليه ولم تذكر بصدقتك من بعد منك او استغنى عن صدقتك
فقرب يا أخي منزلتك من الله واكشف له عن فقرك اليه ينلك معروفه في اول من
ينال فافهم يا اخي ان كنت تفهم
وقال لو كان لك عبيد اردت عتق بعضهم اليس كنت تبدأ بأعدلهم سيرة وانصحهم
لك واخدمهم
وقال انك ان لم تترك ما يكرهه الله لم يذكرك فيمن يحبه
وقال ابذل الله ما اغناك عنه يبذل لك لا غنى بك عنه
وقال من كان يحب القرب من الله فليترك ما يباعد من الله تعالى
وقال اجعل بصرك بين يديك فإن الذي وراءك قد جزته
وقال انك لو رأيت من باع نصيبه من الآخرة بنصيب غيره من الدنيا لعجبت منه
فبع انت نصيب غيرك من الدنيا بنصيبك من الجنة فإن الذي يبقى منك انما هو
رزق غيرك
وقال لا تطلب المحمدة ممن يموت فلتلحقك المذمة ممن لا يموت
وقال اترك خوف الدنيا تأمن الآخرة واطلب أمن الآخرة بخوف الدنيا
وقال ان الذي يفسد عليك الآخرة هو الذي لا تحتاج اليه في الدنيا فما راحتك
اليه
وقال لو رأيت رجلا بين جماعة وكل واحد يكيده بألوان المكايد ثم لم تره
يتضرع ويستكين وينقطع الى من يرجو نجاته لسفهت رأيه وعقله فلا تكونن انت
هو
وقال ما وجد احد من صاحبه رائحة اطيب رائحة اطيب من رائحة حسن الخلق
وقال ان لك في خصال ثلاث شغلا عما سواها في مراقبتك ربك ومحاسبتك نفسك
ومذاكرتك ذنبك
وقال اصرف عنك عوارض الشهوات بالحزن والندامة على الشهوات الماضية التي قد
انقضت عنك لذتها وبقيت عليك تبعاتها والق عن قلبك الهم تصديق بوعد الله
تعالى والزم قلبك الخوف حذر الوعيد لله تعالى وتواضع له افتقارا الى رحمته
واستصغارا لنفسك عند ذكر عظمته وانف عنك التزين للناس ايثارا لمحبته
واستوجب اسم الشكر له على احسانه اليك بالمحبة منك لعبادته واستوجب اسم
الخوف منه بالكراهة منك لمعاصيه واستوجب نعمة معرفته بحبك لمراقبته
واستوجب اسم الحب لمراقبته بالانس به دون خلقه
وقال اذا عرضت لك شهوة فاذكر العاقبة فكم من شهوة ذهبت عنك لذتها وبقيت
عليك حسرتها
ولا يستحق احد منزلة من منازل الدنيا والآخرة بمعرفة قلبه ولا بذكر لسانه
ولكن بعمل اهلها والقيام بشروطها وكما لا ينفع الفقير معرفته بيسار الموسر
وما يملك من النعيم والوان الاطعمة والافرشة واللباس كذلك لا تنفعك معرفتك
بأعمال الصالحين وانت غير عامل بمثل عملهم بل هو حجة عليك والله نسأل
التوفيق برحمته
وقال ان للناس منازل ودرجات فمن نظر بعيني قلبه ابصر درجاتهم ومنازلهم في
طريق الآخرة كما ابصر بعيني رأسه منازل ودرجات اهل الدنيا
قال هذا من الذي قلنا لا يصلح الشيء إلا بشيء قبله وشيء بعده فإذا لم يكن
عزم بمعرفة كان عاقبته نحو الذي ذكرت
قلت فما بال الرجل يأتيه الامر مما يحب من غير طلب ولا عزم عليه حتى ربما
أخاف من عزمه ان يكون عليه أكثر مما يكون له
والتوكل أن ينفرد بإشعار قلبه في تفويض المقدرة الى الله سبحانه وتعالى
والتبري من الحول والقوة أولا تسمع الى قوله تعالى { ولا تقولن لشيء إني
فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله } فهذا زيادة على التوكل امر أمرك الله به
وقوله تعالى { وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله } والمشورة من
الحاجة لا من الغنى أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستعين بمن ليس
هو مثله وأن تبقى سنته سنة لمن هو بعده
فكيف بمن هو مثلي ومثلك إذا سها عن الله فيما لا يسعه إلا التضرع اليه
أولا تسمع الى قوله عز وجل في قصة يعقوب { إن الحكم إلا لله عليه توكلت }
فكان عاقبة يعقوب تمام ما أراد
وقول يوسف { قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن
أصب إليهن وأكن من الجاهلين فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن } وتم له أمره
حين أخرج نفسه من القدرة واقر بالافتقار وفوض الامر الى ربه
ومعرفته أن يكون بدؤه بالافتقار الى الله سبحانه وتعالى ولا يكون كالتألي
على الله
وقول الاخر أيضا { لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين فلما آتاهما صالحا
جعلا له شركاء فيما آتاهما }
ثم انظر الى قول آدم حين تقدم على حمل الامانة بغير افتقار ولا استكانة
فلم يتمم له امره وعير بالجهل والظلم
وماذا يغني العزم من الذي ليس بيده الامر
وقول الآخر { لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين } فسألوه ولم يفرضوا
اليه امرهم لا قبل المسألة ولا بعدها قال { فلما أنجاهم إذا هم يبغون في
الأرض بغير الحق } ولم يتمم لهم امرهم
من فرائد الحكمة
اعلم يا أخي انه من اطاع الله ولم يخفه فقد أطاعه في العمل وعصاه في ترك
الخوف فكيف بمن يعصيه ولا يخافه
وقال لو أنك لم تأخذ من الدنيا إلا قوتك غير انك لم ترد الله به قطع بك
ولو تركت قوتك من الدنيا ولم ترد الله به قطع بك
وقال لو عقلت عن الله امرين لنظرت اليه بعظيم الشكر له حيث لم يجعل دعاءه
الى الجنة في ترك ما تحتاج اليه من الدنيا ولم يجعل دعاءه الى النار في
حاجتك منها
وقال اعرف النعمة تكن من أهلها فإن البهيمة لا تجد رائحة المسك وإن حشى به
منخراها
وقال كن من أبناء الحق يحبك الحق
قال ومن لا يكون عالما بما ورد عليه من الله يوشك ألا يكون عالما بما ورد
على الله تعالى منه
وقال احذر شهوة لا تبقى وندامة لا تفنى
وقال أنيسك اليوم هو انيسك غدا في قبرك وعملك اليوم هو عملك غداص فانظر من
أنيسك وما عملك
وقال احفظ الله عند هواك يحفظك عند لقاك
تعوذ بالله من عمل ظاهره طاعة وباطنه معصية
وقال ما ترك الحق لأهله سرورا ولا أبقى الباطل لأهله من الاخرة نصيبا
وقال من علم ما بين يديه هان عليه ما في يديه
إذا اكملت معرفة الرجل بالدنيا تعجب من أبنائها وإذا عمي عن معرفة الاخرة
تعجب من ابنائها
وقال من عرف الدنيا قاطعها ومن لم يعرفها انقطع اليها ومن عرف الاخرة
انقطع اليها ومن لم يعرفها قاطعها
وقال اقل الشهوات لك نفعا في الدنيا أضرها عليك في الاخرة وأقل شهوات
الاخرة مؤنة عليك في الدنيا أردها عليك في الآخرة
وقال اجعل نفسك تابعا في طريق الهدى ولا تجعلها قائدا الى طريق الهوى
وقال اختيار العبد للعبودية شفاء وبرد على الفؤاد وجلاء للبصر
وقال طلب العبد للحرية بلاء يعشى منه البصر
وقال العامل الناظر عمله على المحبة والعامل السامع غير الناظر عمله على
الاستثقال فاعمل عمل من سمع ففهم ونظر فأبصر ولا تعمل عمل من سمع ولم ينظر
وقال رب نعمة تصير عقوبة ونقمة ورب عقوبة تصير نعمة
وقال إذا أردت أن تحب شيئا فأكثر ذكره فإن الذكر والنسيان لا يجتمعان
وقال الحسنة الصادقة المشكورة يثاب عليها صاحبها في الاخرة ويزاد منها في
الدنيا يزاد للشكر ويثاب للصدق
وقال ما أيسر الامر على من أحتسب بنفسه عن منافسة اهل العز في عزهم فقد
هدي الى المرتقى الذي ارتقى منه المحبون لقرب الله عزوجل
وقال ومن أحسن العبادة ان يمتلئ قلب العبد من حب الطاعة فإذا فاض عملت
الجوارح على قدر ما رأت من القلب فربما كانت الجوارح في العبادة والقلب في
البطالة
قلت وكيف عبادة القلب دون الجوارح وكيف يفيض القلب بالعبادة الى الجوارح
قال أن يصير وعاء للهم والحزن والافتقار والخوف والندامة والتواضع
والاضطرار الى الله عز وجل والنصح له وحب ما يحب الله وبغض ما يبغض الله
فإذا عامل الله على هذا بقلبه هاجت الجوارح بمثل ما رأت من القلب فانبعث
على الطاعة وإنما يكون ذلك من القلب إذا خالط سويداءه ما تأتي به القيامة
والباب الاخر ان يمتلئ قلبه من معرفة نعم الله عز وجل وسروره بالله وأنسه
بعبادة الله وشوقه الى محاب الله وحبه للشكر لله ورجائه مغفرة الله
فإذا عامل الله بهذا من قلبه اشتاق الى عبادة الجوارح معه فيكون عاملا وفي
عمله أنس وسرور وحلاوة
وقال من انفع العبادة ان يعامل العبد نفسه باستصغار الدنيا عندها
قال وفي هذه المسألة والتي قبلها وفي جميع الاعمال على العامل ان يعقل ما
على القلب وما على جوارح فيبدأ بما على القلب ثم بما على الجوارح فإن
القلب هو الاصل والجوارح أغصان ولا تقوم الاغصان إلا بالاصل
قال ومن أحسن الاخلاق ان تكون سجية العبد التواضع ومن أحسن الفعال الاحسان
الى من أساء إليك
وقال اجتهد ولا تيأس ولا تقل عند ذكر الصالحين لولا ذنوبي لرجوت طريقة
الصالحين فيفترك ذكر ذنوبك عن العمل فإن صاحب الحمل الثقيل أولى ان يجتهد
في إسقاط ما قد حمل من المخف الذي ليس على ظهره شيء
وقال إن اردت ان ينظر الله اليك بالرحمة فانظر انت الى الصالحين بالغبطة
والى العاصين بالرأفة
وقال ومن أشرف العبادة ان تراقب الله بما يحب الله فإذا فترت عن ذلك
راقبته فيما يكره ملتمسا العود الى الحالة الاولى التي كنت عليها حريصا
على ذلك فيحدث لك حينئذ اليها حنين شديد فإنه إذا رآك كذلك تحن وتحرص رد
عليك ما سلبك
وقال من طالت فكرته في اربعة اشياء اورثته الحزن والهم وهي تؤدي بعضها الى
بعض وكل خصلة منها كافية اذا فكرت في علم الله فيك واين اسمك في ام الكتاب
وبم يختم لك وذكرت ذنوبك
وقال من طالت فكرته في اربعة اشياء اورثته الخوف والخشية وهي تؤدي بعضها
الى بعض وكل واحدة منها كافية من فكر في الموت وسرعة انقضاء الاجل والمصير
الى القبر والوقوف للحساب والنار التي لا صبر لأحد عليها
وقال لا تنازع الله في محبته فتكون قد عاملته بالغلبة
وقال لا تؤثر على الله احدا فيكلك الى من آثرته عليه
وقال الى متى تعد الشغل عونا
وقال ان لم تترك ما يرديك اقبل عليك من يغويك
وقال اذا اردت ان تقسم صدقة او معروفا في الناس او في سواك
وقال إذا وقع في قلب العبد الاهتمام بالنفس اشتد خوفه عليها وعظم رجاؤه
للناس واذا خلا قلبه من هم نفسه حسن ظنه بها وعظم رجاؤه لها وخاف على
الناس
قريب منك فإنما تبدأ اقربهم منك منزلا و اشدهم الى
صدقتك فقرا ثم الذي يليه ولم تذكر بصدقتك من بعد منك او استغنى عن صدقتك
فقرب يا أخي منزلتك من الله واكشف له عن فقرك اليه ينلك معروفه في اول من
ينال فافهم يا اخي ان كنت تفهم
وقال لو كان لك عبيد اردت عتق بعضهم اليس كنت تبدأ بأعدلهم سيرة وانصحهم
لك واخدمهم
وقال انك ان لم تترك ما يكرهه الله لم يذكرك فيمن يحبه
وقال ابذل الله ما اغناك عنه يبذل لك لا غنى بك عنه
وقال من كان يحب القرب من الله فليترك ما يباعد من الله تعالى
وقال اجعل بصرك بين يديك فإن الذي وراءك قد جزته
وقال انك لو رأيت من باع نصيبه من الآخرة بنصيب غيره من الدنيا لعجبت منه
فبع انت نصيب غيرك من الدنيا بنصيبك من الجنة فإن الذي يبقى منك انما هو
رزق غيرك
وقال لا تطلب المحمدة ممن يموت فلتلحقك المذمة ممن لا يموت
وقال اترك خوف الدنيا تأمن الآخرة واطلب أمن الآخرة بخوف الدنيا
وقال ان الذي يفسد عليك الآخرة هو الذي لا تحتاج اليه في الدنيا فما راحتك
اليه
وقال لو رأيت رجلا بين جماعة وكل واحد يكيده بألوان المكايد ثم لم تره
يتضرع ويستكين وينقطع الى من يرجو نجاته لسفهت رأيه وعقله فلا تكونن انت
هو
وقال ما وجد احد من صاحبه رائحة اطيب رائحة اطيب من رائحة حسن الخلق
وقال ان لك في خصال ثلاث شغلا عما سواها في مراقبتك ربك ومحاسبتك نفسك
ومذاكرتك ذنبك
وقال اصرف عنك عوارض الشهوات بالحزن والندامة على الشهوات الماضية التي قد
انقضت عنك لذتها وبقيت عليك تبعاتها والق عن قلبك الهم تصديق بوعد الله
تعالى والزم قلبك الخوف حذر الوعيد لله تعالى وتواضع له افتقارا الى رحمته
واستصغارا لنفسك عند ذكر عظمته وانف عنك التزين للناس ايثارا لمحبته
واستوجب اسم الشكر له على احسانه اليك بالمحبة منك لعبادته واستوجب اسم
الخوف منه بالكراهة منك لمعاصيه واستوجب نعمة معرفته بحبك لمراقبته
واستوجب اسم الحب لمراقبته بالانس به دون خلقه
وقال اذا عرضت لك شهوة فاذكر العاقبة فكم من شهوة ذهبت عنك لذتها وبقيت
عليك حسرتها
ولا يستحق احد منزلة من منازل الدنيا والآخرة بمعرفة قلبه ولا بذكر لسانه
ولكن بعمل اهلها والقيام بشروطها وكما لا ينفع الفقير معرفته بيسار الموسر
وما يملك من النعيم والوان الاطعمة والافرشة واللباس كذلك لا تنفعك معرفتك
بأعمال الصالحين وانت غير عامل بمثل عملهم بل هو حجة عليك والله نسأل
التوفيق برحمته
وقال ان للناس منازل ودرجات فمن نظر بعيني قلبه ابصر درجاتهم ومنازلهم في
طريق الآخرة كما ابصر بعيني رأسه منازل ودرجات اهل الدنيا
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
من عيون المعرفة
اختبار النفس
يروى عن حكيم انه سئل عن امتحان النفس في الصدق حتى يعلم العبد اصادقة هي
ام غير صادقة فقال
اذا علم العبد ان احسد حاسد له واعدى عدو له نال بعلمه ثناء وجاها في
الناس ويكون مستورا على الناس عمله ويلزمه هو بعمله الخالص رياء عند الناس
وسقوط منزلته عندهم فإن سخت نفسه بذلك واحبت انفاذ العمل فهو علامة الصدق
حتى يرد عليه من ذم الناس له واقامة جاه حاسده وعدوه ما يعلم بطلانه
فإن لم تحدث النفس عند ذلك خواطر الندامة ومضت على محبتها للعمل فبارك
الله فيها وهو والله الصدق بعينه وهو عامل لله حقا وعمله لما بعد الموت
مخلصا
كيف يكون شكر النعم
قال شكرها معرفتها على قدر موقعها من قلبه بتعظيمها وتعظيم
قلت اخبرني عن قول الناس شكر النعمة معرفتها
احسان المنعم عليه بها ولا يكون معظما لها حتى يكون
راغبا فيها ولا يكون راغبا فيها حتى يعرف حاجته اليها ولا يعقل حاجته
اليها الا بتدبر عواقب الامور وسرعة المصير اليها وشدة حاجته الى ما يقدم
عليه
فعند ذلك تعظم النعمة عنده من المنعم عليه بها ويعرف امتنانه واحسانه اليه
فيها فعند ذلك يشتهي الزيادة منها واذا علم الله تبارك وتعالى ذلك منه
زاده منها
وفي الجملة انه من رزق شيئا يرجو به مرضاة ربه والنجاة من النار عظم في
عينه وتشوق القلب الى المعطي
ولا يكون شاكرا لنعم الدنيا كلها حتى يكون شاكرا لنعم الآخرة ولا لما تحب
نفسه حتى يكون شاكرا لما يحب الله ولا يكون شاكرا للناس وليس بشاكر لله
الاعتبار بما قبل الولادة وما بعد الموت
من علم انه لا يملك من نفسه الا كما كان يملك قبل ان يولد وكما يملك بعد
ان يموت فقد انزل نفسه منزلة الضعف والفقر في التواضع والاستكانة ومن لم
ينزل نفسه ذلك المنزل ولم يعلم ان ذلك كذلك علما يقينا فقد استحق طريقة
الجاهلين واستوجب عقوبة المستدرجين
استحي من الله وحده
اذكر الموت كالعبد السوء الذي لا يستحيي من مولاه ولا يرجع عن مساويه ولا
يعرف احسانه اليه الا عند الحساب والعقاب واذكر الموت وما بعد الموت
وقال ما ظنك بمن يكره ان يطلع الناس منه على ما يكره الله ولا يستحيي ان
يطلع الله منه على ما يكره
سوءة لمن كان هكذا وعجبا له حيث يترك ويضيع الفرص ويركب من الاشياء ما كره
الله ثم يتقرب الى الله بما لم يفرضه عليه ويتعاطى النوافل من الحج
والعمرة ويأمر وينهى ويدعو الناس بزعمه الى الله ويأبق منه ويأمر ولا يعمل
وينهى ولا ينتهي
اترى من كان هكذا عرف الله او يعتد بنظره اليه او صدق في ان عند الله
ثوابا للمطيعين وعقابا للعاصين
سوءة لمن كان هكذا
وقال اذا حملت وعاء من اوعية الشر فإنك ترتعد خوفا ان يبدو للناس شيء مما
فيه من الشر فمتى يصلح ما بينك وبين الله هيهاتحقيقة التواضع
قلت اخبرني عن قول القائل التواضع هو ان تكون اذا خرجت من بيتك فكل من
استقبلك رأيت ان له عليك الفضل فإذا كان الرجل يدعي
هذا ويقربه بلسانه غير أنه اذا صار الى احتمال شروطه
ومحنه لم يتحملها الا بالكره من نفسه ايكون هذا متواضعا
قال اذا كانت تلك الشروط من الحقوق الواجبة فلم يقبلها الا بالكر من نفسه
فلم يبلغ هذا درجة المتواضعين
وان كانت شروطا دون الحقوق الواجبة مما لا يحرج العبد ترك قبولها من احد
وكان طيبا بقبول الواجب منها فهو طريق المتواضعين وعلى منهاجهم
اصلح ما بينك وبين الله
واعلم ان ايامك قليلة ونفسك واحدة فإن فنيت ايامك فلا رجعة لك فيها ولا
عوض لك منها وان عطبت نفسك فلا نفس لك سواها
وهل تدري يا أخي ما اصلاح ما بينك وبين الله
الا يأتيه منك شيء الا كان فيه له رضى ولا يأتيك منه شيء الا كان لك به
رضى فإن ضعفت عن الرضى بكل ما يأتيك من حكم الله وامره
ويروى عن بعض الحكماء انه كتب الى اخ له اوصيك يا أخي بإصلاح ما بينك وبين
الله وايثار محبته على هواك والاقبال على عمل من اليه معاملتك وقبله حاجتك
فلا تضعفن عن الصبر فإن له الرضا بحال عبده ما دام
العبد راضيا بحكمه
و له الرضى بصبر عبده على امره و حكمة ما دام العبد صابرا على ذلك فله
فيهما الرضى جميعا
واما عملك فالوفاء بعهده والشكر على نعمه
واما حاجتك فمغفرته وعفوه فان الله سبحانه خلق آدم وذريته وخلق الجنة
ثوابا لأهل طاعته ورحمته وخلق النار عقابا لأهل معصيته وسخطه فنعوذ بالله
من سخطه وعقابه
فتعاهد يا أخي ايامك فى ليلك ونهارك وجميع احوالك ما انت فيه وما انت عليه
وتعاهد ضميرك فنقه و خلصه وسلمه حتى يكون نقيا مما تخاف عليه العقاب فارغا
لما تؤمل من الثواب فإنك غير غائب عن الله طرفة عين يراك ويحصي عليك
مثاقيل الذر وموازين الخردل ليجزيك بذلك يوم القيامة ان خيرا فخير وان شرا
فشر
فلا يغيبن عنك ذكره فإن حاجتك اليه اذ لا حاجة له اليك
واعلم يا أخي ان اصل كل قول العمل واصل كل عمل العلم واصل كل ذلك التوفيق
مع صحة تركيب العقل وكثرة الفكر فإن قدرت الا تكون بشيء اعلم منك بالله
فافعل فإن القول والعلم والعمل
وغير ذلك هو المراد به تبارك وتعالى وان افضل الناس
اقربهم من الله واقربهم منه اعلمهم به
وقد بلغنا ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يتفاضل الناس بالمعرفة
وقال ابن مسعود ذهب عمر بتسعة اعشار العلم وانما يعني بذلك العلم بالله
واعلم يا أخي أن الناس انما يخلصون في اعمالهم على قدر معرفتهم به
ويتواضعون لله على قدر معرفتهم به ويشكرون الله على نعمه على قدر معرفتهم
به ويرجون الله ويخافون على قدر معرفتهم به ويحسنون الظن على قدر معرفتهم
به ويصبرون على طاعته وعن معصيته وعلى كتمان طاعته وعلى المصائب التي تنزل
بها احكامه على قدر معرفتهم به ويحبون ما احب ويبغضون ما ابغض على قدر
معرفتهم به
فمن فاتته المعرفة بالله دخله النقص في جميع ما ذكرنا على حسب ما فاته من
المعرفة وعلى حسب ما رزق منها فكذلك حظه من الخير والشر
فالتمسها يا اخي من مليكها التماس من لا يستأهل ان يعطاها فإن العلماء قد
صاروا إليه من العلم على قدر ما احسنوا من الطلب و وضع الأشياء مواضعها
فإذا اصبحت واردت شيئا من الخير فانظر كيف شكرك على ما انعم به عليك ربك
في ليلتك وكيف توبتك مما يتاب منه فقد قال تبارك وتعالى { لئن شكرتم
لأزيدنكم } وقال { وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون }
واعلم يا اخي ان اهل الدنيا والآخرة بين سرور وهموم
فأهل سرور الآخرة اهل الجنة وإن افضل سرورهم النظر إلى الله وأن افضل سرور
المؤمن في الدنيا سروره بربه وبأنه عبده وتصديق ذلك انه بمراقبته ومناجاته
وبكل ما يعمل له وعلامة انسه بعمله وجود حلاوة العمل له وشدة الحب لخدمته
ومحال ان يستأنس العامل بعمله وهو غير مستأنس بمن يعمل له او غير خائف منه
واعلم يا أخي لو ان الذي تطلب وتعالجه من نفسك من الطاعة والاستقامة لله
كنت تعالجه من جميع انفس ولد آدم لكان في الله قليلا فكيف وهي نفيسة واحدة
في ايام قليلة
فالزم يا أخي المحافظة والمداومة على التعاهد في المراقبة فلو كانت الدنيا
كلها لك فبذلتها ونفسك معها شكرا لما انعم عليك من معرفة وانه ربك وانت
عبده وانه هو امرك بعبوديته ونهاك عن عبودية غيره لكان ذلك كله قليلا
حقيرا في جنب نعمته عليك في ذلك فلا تضيعها بشغل ما لا حاجة لك فيه فإنه
لا غنى بك عن معرفة إحسانه إليك كما لا غنى بك عن اساءة فإن العبد بين ذنب
ونعمه وبين شكر واستغفار والحمد لله على ما أنعم علينا وعلمنا وكان فضل
الله علينا عظيما
واذا دخلت في شيء من الخير فانظر ممن كان بدؤه وعلى من إتمامه وانه لو قيل
لك من احب اليك ان تعمل له لقلت الله فليحقق ضمير قلبك ما عبر واقر به
لسانك
اختبار النفس
يروى عن حكيم انه سئل عن امتحان النفس في الصدق حتى يعلم العبد اصادقة هي
ام غير صادقة فقال
اذا علم العبد ان احسد حاسد له واعدى عدو له نال بعلمه ثناء وجاها في
الناس ويكون مستورا على الناس عمله ويلزمه هو بعمله الخالص رياء عند الناس
وسقوط منزلته عندهم فإن سخت نفسه بذلك واحبت انفاذ العمل فهو علامة الصدق
حتى يرد عليه من ذم الناس له واقامة جاه حاسده وعدوه ما يعلم بطلانه
فإن لم تحدث النفس عند ذلك خواطر الندامة ومضت على محبتها للعمل فبارك
الله فيها وهو والله الصدق بعينه وهو عامل لله حقا وعمله لما بعد الموت
مخلصا
قال شكرها معرفتها على قدر موقعها من قلبه بتعظيمها وتعظيم
قلت اخبرني عن قول الناس شكر النعمة معرفتها
احسان المنعم عليه بها ولا يكون معظما لها حتى يكون
راغبا فيها ولا يكون راغبا فيها حتى يعرف حاجته اليها ولا يعقل حاجته
اليها الا بتدبر عواقب الامور وسرعة المصير اليها وشدة حاجته الى ما يقدم
عليه
فعند ذلك تعظم النعمة عنده من المنعم عليه بها ويعرف امتنانه واحسانه اليه
فيها فعند ذلك يشتهي الزيادة منها واذا علم الله تبارك وتعالى ذلك منه
زاده منها
وفي الجملة انه من رزق شيئا يرجو به مرضاة ربه والنجاة من النار عظم في
عينه وتشوق القلب الى المعطي
ولا يكون شاكرا لنعم الدنيا كلها حتى يكون شاكرا لنعم الآخرة ولا لما تحب
نفسه حتى يكون شاكرا لما يحب الله ولا يكون شاكرا للناس وليس بشاكر لله
الاعتبار بما قبل الولادة وما بعد الموت
من علم انه لا يملك من نفسه الا كما كان يملك قبل ان يولد وكما يملك بعد
ان يموت فقد انزل نفسه منزلة الضعف والفقر في التواضع والاستكانة ومن لم
ينزل نفسه ذلك المنزل ولم يعلم ان ذلك كذلك علما يقينا فقد استحق طريقة
الجاهلين واستوجب عقوبة المستدرجين
اذكر الموت كالعبد السوء الذي لا يستحيي من مولاه ولا يرجع عن مساويه ولا
يعرف احسانه اليه الا عند الحساب والعقاب واذكر الموت وما بعد الموت
وقال ما ظنك بمن يكره ان يطلع الناس منه على ما يكره الله ولا يستحيي ان
يطلع الله منه على ما يكره
سوءة لمن كان هكذا وعجبا له حيث يترك ويضيع الفرص ويركب من الاشياء ما كره
الله ثم يتقرب الى الله بما لم يفرضه عليه ويتعاطى النوافل من الحج
والعمرة ويأمر وينهى ويدعو الناس بزعمه الى الله ويأبق منه ويأمر ولا يعمل
وينهى ولا ينتهي
اترى من كان هكذا عرف الله او يعتد بنظره اليه او صدق في ان عند الله
ثوابا للمطيعين وعقابا للعاصين
سوءة لمن كان هكذا
وقال اذا حملت وعاء من اوعية الشر فإنك ترتعد خوفا ان يبدو للناس شيء مما
فيه من الشر فمتى يصلح ما بينك وبين الله هيهات
قلت اخبرني عن قول القائل التواضع هو ان تكون اذا خرجت من بيتك فكل من
استقبلك رأيت ان له عليك الفضل فإذا كان الرجل يدعي
هذا ويقربه بلسانه غير أنه اذا صار الى احتمال شروطه
ومحنه لم يتحملها الا بالكره من نفسه ايكون هذا متواضعا
قال اذا كانت تلك الشروط من الحقوق الواجبة فلم يقبلها الا بالكر من نفسه
فلم يبلغ هذا درجة المتواضعين
وان كانت شروطا دون الحقوق الواجبة مما لا يحرج العبد ترك قبولها من احد
وكان طيبا بقبول الواجب منها فهو طريق المتواضعين وعلى منهاجهم
اصلح ما بينك وبين الله
واعلم ان ايامك قليلة ونفسك واحدة فإن فنيت ايامك فلا رجعة لك فيها ولا
عوض لك منها وان عطبت نفسك فلا نفس لك سواها
وهل تدري يا أخي ما اصلاح ما بينك وبين الله
الا يأتيه منك شيء الا كان فيه له رضى ولا يأتيك منه شيء الا كان لك به
رضى فإن ضعفت عن الرضى بكل ما يأتيك من حكم الله وامره
ويروى عن بعض الحكماء انه كتب الى اخ له اوصيك يا أخي بإصلاح ما بينك وبين
الله وايثار محبته على هواك والاقبال على عمل من اليه معاملتك وقبله حاجتك
فلا تضعفن عن الصبر فإن له الرضا بحال عبده ما دام
العبد راضيا بحكمه
و له الرضى بصبر عبده على امره و حكمة ما دام العبد صابرا على ذلك فله
فيهما الرضى جميعا
واما عملك فالوفاء بعهده والشكر على نعمه
واما حاجتك فمغفرته وعفوه فان الله سبحانه خلق آدم وذريته وخلق الجنة
ثوابا لأهل طاعته ورحمته وخلق النار عقابا لأهل معصيته وسخطه فنعوذ بالله
من سخطه وعقابه
فتعاهد يا أخي ايامك فى ليلك ونهارك وجميع احوالك ما انت فيه وما انت عليه
وتعاهد ضميرك فنقه و خلصه وسلمه حتى يكون نقيا مما تخاف عليه العقاب فارغا
لما تؤمل من الثواب فإنك غير غائب عن الله طرفة عين يراك ويحصي عليك
مثاقيل الذر وموازين الخردل ليجزيك بذلك يوم القيامة ان خيرا فخير وان شرا
فشر
فلا يغيبن عنك ذكره فإن حاجتك اليه اذ لا حاجة له اليك
واعلم يا أخي ان اصل كل قول العمل واصل كل عمل العلم واصل كل ذلك التوفيق
مع صحة تركيب العقل وكثرة الفكر فإن قدرت الا تكون بشيء اعلم منك بالله
فافعل فإن القول والعلم والعمل
وغير ذلك هو المراد به تبارك وتعالى وان افضل الناس
اقربهم من الله واقربهم منه اعلمهم به
وقد بلغنا ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يتفاضل الناس بالمعرفة
وقال ابن مسعود ذهب عمر بتسعة اعشار العلم وانما يعني بذلك العلم بالله
واعلم يا أخي أن الناس انما يخلصون في اعمالهم على قدر معرفتهم به
ويتواضعون لله على قدر معرفتهم به ويشكرون الله على نعمه على قدر معرفتهم
به ويرجون الله ويخافون على قدر معرفتهم به ويحسنون الظن على قدر معرفتهم
به ويصبرون على طاعته وعن معصيته وعلى كتمان طاعته وعلى المصائب التي تنزل
بها احكامه على قدر معرفتهم به ويحبون ما احب ويبغضون ما ابغض على قدر
معرفتهم به
فمن فاتته المعرفة بالله دخله النقص في جميع ما ذكرنا على حسب ما فاته من
المعرفة وعلى حسب ما رزق منها فكذلك حظه من الخير والشر
فالتمسها يا اخي من مليكها التماس من لا يستأهل ان يعطاها فإن العلماء قد
صاروا إليه من العلم على قدر ما احسنوا من الطلب و وضع الأشياء مواضعها
فإذا اصبحت واردت شيئا من الخير فانظر كيف شكرك على ما انعم به عليك ربك
في ليلتك وكيف توبتك مما يتاب منه فقد قال تبارك وتعالى { لئن شكرتم
لأزيدنكم } وقال { وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون }
واعلم يا اخي ان اهل الدنيا والآخرة بين سرور وهموم
فأهل سرور الآخرة اهل الجنة وإن افضل سرورهم النظر إلى الله وأن افضل سرور
المؤمن في الدنيا سروره بربه وبأنه عبده وتصديق ذلك انه بمراقبته ومناجاته
وبكل ما يعمل له وعلامة انسه بعمله وجود حلاوة العمل له وشدة الحب لخدمته
ومحال ان يستأنس العامل بعمله وهو غير مستأنس بمن يعمل له او غير خائف منه
واعلم يا أخي لو ان الذي تطلب وتعالجه من نفسك من الطاعة والاستقامة لله
كنت تعالجه من جميع انفس ولد آدم لكان في الله قليلا فكيف وهي نفيسة واحدة
في ايام قليلة
فالزم يا أخي المحافظة والمداومة على التعاهد في المراقبة فلو كانت الدنيا
كلها لك فبذلتها ونفسك معها شكرا لما انعم عليك من معرفة وانه ربك وانت
عبده وانه هو امرك بعبوديته ونهاك عن عبودية غيره لكان ذلك كله قليلا
حقيرا في جنب نعمته عليك في ذلك فلا تضيعها بشغل ما لا حاجة لك فيه فإنه
لا غنى بك عن معرفة إحسانه إليك كما لا غنى بك عن اساءة فإن العبد بين ذنب
ونعمه وبين شكر واستغفار والحمد لله على ما أنعم علينا وعلمنا وكان فضل
الله علينا عظيما
واذا دخلت في شيء من الخير فانظر ممن كان بدؤه وعلى من إتمامه وانه لو قيل
لك من احب اليك ان تعمل له لقلت الله فليحقق ضمير قلبك ما عبر واقر به
لسانك
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
حقائق التوكل
اما بعد
فإن الله تعالى خص اهل ولايته بغبطة الانقطاع اليه ليعرفهم تواتر نعمه
ودوام احسانه وفضله فانصرفت هموم الدنيا من قلوبهم وعظم شغل الآخرة في
صدورهم لما سكنها من هيبة ربهم فألزموا قلوبهم ذل العبودية وطرحوا انفسهم
في محجة التوكل على الله
واعلم يا أخي انك لا تكون متوكلا على الله الا بقطع كل مؤمل دون الله
وكيف لا تسخو نفسك بقطع كل علاقة من قلبك وتفرغ قلبك للاقبال على الله
وصدق التوكل عليه والله حسب من توكل عليه
والمتوكل الصادق في توكله لا يجد قلبه يخضع لمخلوق لان قلبه مملوء بالثقة
بضمان الله
والمتوكل الصادق في توكله القليل من عطايا الله عظيم عنده عند صغر
ويروى عن بعض الحكماء انه قال احمد الله اليكم حمد من لا يعرف احسانا الا
منه ولا يعرف معبودا غيره واسأله توكل المنقطعين بصدق الانقطاع اليه
قدره لمعرفته بعظيم قدر الله فهو ساكن الى روح اليقين
وهي المنزلة التي يغبطه بها اهل الحرص على الدنيا
فمن سكن قلبه الى انه ليس نعمة في السماء والارض الا وهي لله استراح قلبه
من عذاب الحرص اما سمعته يقول { هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء
والأرض } وقال { ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين }
فإذا الزمت الثقة قلبك فإنما انت ناظر الى الله لان الملك لله دون خلقه
وبقدر تركك الثقة يعظم حرصك على الدنيا
فخالف حرصك على الدنيا بالقنوع بما قسم لك فإنك تسرع في عداوة الحرص على
الدنيا لان الحرص لا يعطي ولا يمنع
والمتوكل على الله استغنى بالمعطي المانع عمن ليس بمانع ولا معط فهو غني
بالله عمن سواه فقير الى الله قد سكن قلبه عن الاضطراب فليس لمخلوق في
قلبه خطر فمن وثق بغير الله لا يغنيه
فمن وثق بغير الله لا يغنيه والمتوكل لزم التقوى فجعل الله له مخرجا ورزقه
من حيث لا يحتسب ولم يقل من حيث يحتسب وقال ومن يتوكل على الله فهو حسبه
ان الله بالغ امره قد جعل الله لكل شيء قدرا
فالمتوكل توكل على الله في حاجاته كلها من امور آخرته ودنياه
وقطع رجاءه ممن سواه ولم ير نفسه موضعا لاختيار نفسه
لان الله حسبه ومن كان كذلك فقد سكن الى روح اليقين
وهذه المنزلة التي لا منزلة ارفع منها في سكون القلب الى الله والطمأنينة
بموعود الله لأنه قد جعل الله حسبه من جميع خلقه ومن كان الله حسبه فلا
يجد فقد شيء لان الله قد ضمن له وهو بالغ امره
واعلم انك والخلق جميعا مضطرون الى الله في كل حال وفي كل حركة وكل سكون
لأنه الغني وحده ومن وثق بغير الله فقد راى ان ملكا اكبر من ملك الله ومن
وثق بالله استغنى به لان الله حسبه وفي الله خلف من جميع الخلق وليس في
احد من الخلق خلف من الله لان الله هو الغني وحده
فإذا علمت ان الله حسب من توكل عليه فكيف لا تطلب الكفاية بالتوكل على
الله عز وجل
ألست تعلم ان الرزاق قد قسم بين عباده معايشهم وقد فضل بعضهم على بعض في
الرزق وقد فرغ مما قضى وقدر من ذلك
فكيف تعنى بعد علمك بطلب ما قد فرغ لك من مقداره
الا تسمع الى قول الله عز وجل { وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو
وإن يردك بخير فلا راد لفضله } فكيف تطلب كشف الضر من غير الله او تطلب
المنفعة من عند غير الله
وكيف تخاف فوت شيء من الخير يريده الله بك وان لم يرده بك فمن يعطيك ذلك
او ينيلك اياه
والمتوكل على الله لا يلتفت الى الدنيا لانه لا يراها لنفسه خطرا ولا
يراها ونفسه وجميع ما فيها الا لله ويستوي عنده ركوب البحر والمشي في البر
والانس والوحشيه والعمل والجلوس لان الله تعالى كاف من توكل عليه اولا
تسمع لقوله تعالى { أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه }
فالمتوكل على الله اكتفى بعلمه بالله عن الاشتغال بغيره لانه علم ان الذي
يوصل اليه المنافع هو الله وحده لا شريك له
وايضا اذا سكن قلبك الى الله لم تخف غيره لان الله حسب من توكل عليه
ومن علامة المتوكل انه يؤثر الصدق حيث يضره على الكذب حيث ينفعه لانه لم
يصح لمن توكل عليه ان يخاف غيره
وكذلك اذا امر بالمعروف ونهى عن المنكر لم يخشى الا الله لان رجاؤه من
الله اكثر من خوفه من توعد المخلوقين لان المتوكل على الله اخرج من قلبه
كل مخوف ومحذور ومحزون دون الله حتى اتصل خوفه ورجاؤه بالله
واعلم ان المعاون انما تحضر عند اخراج العالم من قلبك فتنحاش عند ذلك
وكيف لا يكون الغالب على قلبك طلب كشف الضر وطلب النفع من عنده وحده اذ
علمت ان ذلك كله انما هو بيده وحده
الى مسالك العز والغنى بالله لأنك تعلم انه لا مانع ولا
معطي ولا ضار ولا نافع الا الله وحده
ولا ترغب عن الله بجهلك فتخضع لمن دونه عند تخويف الشيطان فيستولي عليك
عند ذلك اولا تسمع قوله { الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله
يعدكم مغفرة منه وفضلا }
فما يضرك من مواعيد الشيطان مع ضمان الرحمن
واعلم انك لا تكون متوكلا على الله تعالى حتى تسلك منهاج المضي اليه على
السكون والاطمئنانية الى الله وحتى تعبد الله راضيا بما صيرك اليه لانك لا
تعرف غيره
فأذا صرت الى هذه المنزلة غلبت على قلبك عظمة الله وجلاله واحتقرت دءوب
الملائكة الذين لا يفترون لان الخلق كلهم مقصرون عن حقه عليهم جل جلاله
واعلم ان الله سبحانه خص المتوكلين عليه بمنازل السلامة وحجب عنهم كل
ندامة فهم ينظرون الى الله فيما يأملون
قد حجب قلوبهم عما سواه لما يرجون من احسانه واستغنوا بذكره عن ذكر غيره
واعلم انك لا تكون متوكلا حتى تصفو من كل ملك لنفسك مع ملك
الدنيا وحتى لا تثق الا في الله وحده لا شريك له وحتى
ترى مؤنتك على الله وحده فلا يذهبن بك الطمع الى غير الله
الا ترى ان الذي طمعت فيما في يديه اليس هو في ملك الله
هل في السماء حاجز يحجزك عن الله
فاعلم انك لا تقدر ان تفرض رزقك كما لا تقدر ان تفرض الموت اما سمعت الله
يقول { الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم }
فاسكن يا أخي الى موعود الله تعالى في رزقه كما تسكن الى انك ميت واقطع
الاشتغال بذكر الاسباب من قلبك
واعلم ان الله يرزقك لسبب وبغير سبب وكل سبب فهو ثابت لا تعلم متى يأتيك
رزقك كما لا تعلم متى يأتيك الموت
الا ترى ان الله وعدك ان يرزقك وغيب رزقك عنك بالقضاء وله وقت ينزل فيه
فلو احتلت بكل حيلة ان يأتيك قبل وقته لم تقدر على ذلك حتى ينزل في وقته
أما سمعت الله عز وجل يقول { وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء
والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون }
واعلم ان القهرمان لا ينفق الا بإذن السيد فاعقد قلبك لسيدك لانه ان اعطاك
لم يقدر اهل الارض ان يمنعوك وان منعك لم يقدر اهل الارض ان يعطوك لان
سلطانه عظيم وبتوكلك عليه يكفيك
فالمتوكل ساكن القلب الى المضمون فمن قطع تعلق القلب بالاسباب لم ير شيئا
الا الله لان قدر الله جار على المتوكل وغيره الا تسمع الى قوله تعالى {
وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم }
وقد علم المتوكل علما يقينا وسكن قلبه الى ذلك ان ما قسم له وقدر لو كان
في مهب الريح لأدركه وان ما لم يقسم له ولم يقدر لو كان بين يديه وجهد اهل
السموات والارض ان يوصلوا اليه مثل ذرة او خردلة لم يقدروا على ذلك وقد
قال { ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم } وقال { وعلى
الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين } فلم يحق لهم ايمانا الا بتوكلهم عليه
وقالوا { على الله توكلنا } وقالوا { وما لنا ألا نتوكل على الله وقد
هدانا سبلنا }
واعلم ان الواثق بالله نفى عن قلبه التهمة لله وان كنت في ظل سبب فلا
يميلن قلبك الى السبب وليكن قلبك مع الله عز وجل
فالتوكل محض الايمان لانه فريضة على العباد ولا يكون الايمان الا بتوكل
والتوكل يزيد وينقص كما ان الايمان يزيد وينقص والناس يتفاضلون في التوكل
والايمان على قدر اليقين
اما بعد
فإن الله تعالى خص اهل ولايته بغبطة الانقطاع اليه ليعرفهم تواتر نعمه
ودوام احسانه وفضله فانصرفت هموم الدنيا من قلوبهم وعظم شغل الآخرة في
صدورهم لما سكنها من هيبة ربهم فألزموا قلوبهم ذل العبودية وطرحوا انفسهم
في محجة التوكل على الله
واعلم يا أخي انك لا تكون متوكلا على الله الا بقطع كل مؤمل دون الله
وكيف لا تسخو نفسك بقطع كل علاقة من قلبك وتفرغ قلبك للاقبال على الله
وصدق التوكل عليه والله حسب من توكل عليه
والمتوكل الصادق في توكله لا يجد قلبه يخضع لمخلوق لان قلبه مملوء بالثقة
بضمان الله
والمتوكل الصادق في توكله القليل من عطايا الله عظيم عنده عند صغر
ويروى عن بعض الحكماء انه قال احمد الله اليكم حمد من لا يعرف احسانا الا
منه ولا يعرف معبودا غيره واسأله توكل المنقطعين بصدق الانقطاع اليه
قدره لمعرفته بعظيم قدر الله فهو ساكن الى روح اليقين
وهي المنزلة التي يغبطه بها اهل الحرص على الدنيا
فمن سكن قلبه الى انه ليس نعمة في السماء والارض الا وهي لله استراح قلبه
من عذاب الحرص اما سمعته يقول { هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء
والأرض } وقال { ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين }
فإذا الزمت الثقة قلبك فإنما انت ناظر الى الله لان الملك لله دون خلقه
وبقدر تركك الثقة يعظم حرصك على الدنيا
فخالف حرصك على الدنيا بالقنوع بما قسم لك فإنك تسرع في عداوة الحرص على
الدنيا لان الحرص لا يعطي ولا يمنع
والمتوكل على الله استغنى بالمعطي المانع عمن ليس بمانع ولا معط فهو غني
بالله عمن سواه فقير الى الله قد سكن قلبه عن الاضطراب فليس لمخلوق في
قلبه خطر فمن وثق بغير الله لا يغنيه
فمن وثق بغير الله لا يغنيه والمتوكل لزم التقوى فجعل الله له مخرجا ورزقه
من حيث لا يحتسب ولم يقل من حيث يحتسب وقال ومن يتوكل على الله فهو حسبه
ان الله بالغ امره قد جعل الله لكل شيء قدرا
فالمتوكل توكل على الله في حاجاته كلها من امور آخرته ودنياه
وقطع رجاءه ممن سواه ولم ير نفسه موضعا لاختيار نفسه
لان الله حسبه ومن كان كذلك فقد سكن الى روح اليقين
وهذه المنزلة التي لا منزلة ارفع منها في سكون القلب الى الله والطمأنينة
بموعود الله لأنه قد جعل الله حسبه من جميع خلقه ومن كان الله حسبه فلا
يجد فقد شيء لان الله قد ضمن له وهو بالغ امره
واعلم انك والخلق جميعا مضطرون الى الله في كل حال وفي كل حركة وكل سكون
لأنه الغني وحده ومن وثق بغير الله فقد راى ان ملكا اكبر من ملك الله ومن
وثق بالله استغنى به لان الله حسبه وفي الله خلف من جميع الخلق وليس في
احد من الخلق خلف من الله لان الله هو الغني وحده
فإذا علمت ان الله حسب من توكل عليه فكيف لا تطلب الكفاية بالتوكل على
الله عز وجل
ألست تعلم ان الرزاق قد قسم بين عباده معايشهم وقد فضل بعضهم على بعض في
الرزق وقد فرغ مما قضى وقدر من ذلك
فكيف تعنى بعد علمك بطلب ما قد فرغ لك من مقداره
الا تسمع الى قول الله عز وجل { وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو
وإن يردك بخير فلا راد لفضله } فكيف تطلب كشف الضر من غير الله او تطلب
المنفعة من عند غير الله
وكيف تخاف فوت شيء من الخير يريده الله بك وان لم يرده بك فمن يعطيك ذلك
او ينيلك اياه
والمتوكل على الله لا يلتفت الى الدنيا لانه لا يراها لنفسه خطرا ولا
يراها ونفسه وجميع ما فيها الا لله ويستوي عنده ركوب البحر والمشي في البر
والانس والوحشيه والعمل والجلوس لان الله تعالى كاف من توكل عليه اولا
تسمع لقوله تعالى { أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه }
فالمتوكل على الله اكتفى بعلمه بالله عن الاشتغال بغيره لانه علم ان الذي
يوصل اليه المنافع هو الله وحده لا شريك له
وايضا اذا سكن قلبك الى الله لم تخف غيره لان الله حسب من توكل عليه
ومن علامة المتوكل انه يؤثر الصدق حيث يضره على الكذب حيث ينفعه لانه لم
يصح لمن توكل عليه ان يخاف غيره
وكذلك اذا امر بالمعروف ونهى عن المنكر لم يخشى الا الله لان رجاؤه من
الله اكثر من خوفه من توعد المخلوقين لان المتوكل على الله اخرج من قلبه
كل مخوف ومحذور ومحزون دون الله حتى اتصل خوفه ورجاؤه بالله
واعلم ان المعاون انما تحضر عند اخراج العالم من قلبك فتنحاش عند ذلك
وكيف لا يكون الغالب على قلبك طلب كشف الضر وطلب النفع من عنده وحده اذ
علمت ان ذلك كله انما هو بيده وحده
الى مسالك العز والغنى بالله لأنك تعلم انه لا مانع ولا
معطي ولا ضار ولا نافع الا الله وحده
ولا ترغب عن الله بجهلك فتخضع لمن دونه عند تخويف الشيطان فيستولي عليك
عند ذلك اولا تسمع قوله { الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله
يعدكم مغفرة منه وفضلا }
فما يضرك من مواعيد الشيطان مع ضمان الرحمن
واعلم انك لا تكون متوكلا على الله تعالى حتى تسلك منهاج المضي اليه على
السكون والاطمئنانية الى الله وحتى تعبد الله راضيا بما صيرك اليه لانك لا
تعرف غيره
فأذا صرت الى هذه المنزلة غلبت على قلبك عظمة الله وجلاله واحتقرت دءوب
الملائكة الذين لا يفترون لان الخلق كلهم مقصرون عن حقه عليهم جل جلاله
واعلم ان الله سبحانه خص المتوكلين عليه بمنازل السلامة وحجب عنهم كل
ندامة فهم ينظرون الى الله فيما يأملون
قد حجب قلوبهم عما سواه لما يرجون من احسانه واستغنوا بذكره عن ذكر غيره
واعلم انك لا تكون متوكلا حتى تصفو من كل ملك لنفسك مع ملك
الدنيا وحتى لا تثق الا في الله وحده لا شريك له وحتى
ترى مؤنتك على الله وحده فلا يذهبن بك الطمع الى غير الله
الا ترى ان الذي طمعت فيما في يديه اليس هو في ملك الله
هل في السماء حاجز يحجزك عن الله
فاعلم انك لا تقدر ان تفرض رزقك كما لا تقدر ان تفرض الموت اما سمعت الله
يقول { الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم }
فاسكن يا أخي الى موعود الله تعالى في رزقه كما تسكن الى انك ميت واقطع
الاشتغال بذكر الاسباب من قلبك
واعلم ان الله يرزقك لسبب وبغير سبب وكل سبب فهو ثابت لا تعلم متى يأتيك
رزقك كما لا تعلم متى يأتيك الموت
الا ترى ان الله وعدك ان يرزقك وغيب رزقك عنك بالقضاء وله وقت ينزل فيه
فلو احتلت بكل حيلة ان يأتيك قبل وقته لم تقدر على ذلك حتى ينزل في وقته
أما سمعت الله عز وجل يقول { وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء
والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون }
واعلم ان القهرمان لا ينفق الا بإذن السيد فاعقد قلبك لسيدك لانه ان اعطاك
لم يقدر اهل الارض ان يمنعوك وان منعك لم يقدر اهل الارض ان يعطوك لان
سلطانه عظيم وبتوكلك عليه يكفيك
فالمتوكل ساكن القلب الى المضمون فمن قطع تعلق القلب بالاسباب لم ير شيئا
الا الله لان قدر الله جار على المتوكل وغيره الا تسمع الى قوله تعالى {
وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم }
وقد علم المتوكل علما يقينا وسكن قلبه الى ذلك ان ما قسم له وقدر لو كان
في مهب الريح لأدركه وان ما لم يقسم له ولم يقدر لو كان بين يديه وجهد اهل
السموات والارض ان يوصلوا اليه مثل ذرة او خردلة لم يقدروا على ذلك وقد
قال { ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم } وقال { وعلى
الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين } فلم يحق لهم ايمانا الا بتوكلهم عليه
وقالوا { على الله توكلنا } وقالوا { وما لنا ألا نتوكل على الله وقد
هدانا سبلنا }
واعلم ان الواثق بالله نفى عن قلبه التهمة لله وان كنت في ظل سبب فلا
يميلن قلبك الى السبب وليكن قلبك مع الله عز وجل
فالتوكل محض الايمان لانه فريضة على العباد ولا يكون الايمان الا بتوكل
والتوكل يزيد وينقص كما ان الايمان يزيد وينقص والناس يتفاضلون في التوكل
والايمان على قدر اليقين
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى