لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب الفرج بعد الشدة الجزء الرابع Empty كتاب الفرج بعد الشدة الجزء الرابع {الأحد 5 يونيو - 17:29}

الدهليز


الدهليز:
الممر الذي بين باب الدار ووسطها، ويسمى الآن ببغداد، المجاز، والكلمفة
فصيحة، لأنه موضع الجواز إلى داخل الدار، وجمعه دهاليز، قال يحيى بن خالد:
ينبغي للإنسان أن يتأنق في دهليزه لأنه وجه الدار، ومنزل الضيف، وموقف
الصديق حتى يؤذن له، وموضع المعلم، ومقيل الخدم، ومنتهى حد المستأذن.
ومن لطيف الكلام: القبر دهليز الآخرة.
وقال ابن سكرة:
قلت للنزلة لمّا ... أن ألمّت بلهاتي
بحياتي خلّ حلقي ... فهو دهليز حياتي

وفيات الأعيان 7 - 92 والغيث المسجم للصفدي 1 - 185 وشفاء الغليل
86.
وكانت
دهاليز دور الوزراء، والقادة، والأمراء، تشتمل على حجر عدة، برسم الخدم،
والأتباع، والوكلاء، والحراس، والرجالة، وفيها مواضع للجلوس والطعام، راجع
القصة 1 - 5 و 2 - 164 من كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة للقاضي
التنوخي. ويحدثنا أبو جعفر بن شيرزاد عن دهليز داره، أنه كان محصناً
ببابين، باب على الطريق العام، وباب على صحن الدار، فإذا دخل الداخلون من
الباب الأول، ظل الثاني مغلقاً، حتى إذا استتم دخولهم، واستقروا في
الدهليز، أغلق الأول، وفتح الثاني، لينفذوا منه إلى داخل الدار، راجع
القصة 378 من هذا الكتاب.
ولما عزل الوزير أبو شجاع من وزارة الخليفة،
خرج إلى الجامع يوم الجمعة، فانثالت العامة عليه تصافحه وتدعو له، فأنكر
الخليفة ذلك، فبنى في دهليز داره مسجداً، وكان يؤذن ويصلي فيه المنتظم 9 -
93.
وكان بيت الطاحون في كل دار يقع في الدهليز، راجع في الملح والنوادر ص 283
قصة العاشق الذي حل محل الحمار في الطاحون.


جور أبي عبد الله الكوفي


حدثني
محمد بن محمد المهندس، قال: حدثني أبو مروان الجامدي، قال: ظلمني أحمد بن
علي بن سعيد الكوفي، وهو يتقلد واسط لناصر الدولة، وقد تقلد أمرة الأمراء
ببغداد، وكنت أحد من ظلم، فظلمني، وأخذ من ضيعتي بالجامدة نيفاً وأربعين
كراً أرزاً، بالنصف من حق الرقبة، بغير تأويل ولا شبهة، سوى ما أخذه بحق
بيت المال، وظلم فيه أيضاً، فتظلمت إليه، وكلمته، فلم ينفعني معه شيء،
وكان الكر الأرز بالنصف - إذ ذاك - بثلاثين ديناراً.
فقلت له: قد أخذ
مني سيدي ما أخذ، ووالله، ما أهتدي أنا وعيالي، إلى ما سوى ذلك، وما لي ما
أقوتهم به باقي سنتي، ولا ما أعمر به ضيعتي، وقد طابت نفسي أن تطلق لي من
جملته عشرة أكرار، وجعلتك من الباقي في حل.
فقال: ما إلى هذا سبيل.
فقلت: فخمسة أكرار.
فقال: لا أفعل.
فبكيت، وقبلت يده، ورققته، وقلت: هب لي ثلاثة أكرار، وتصدق عليه بها، وأنت
من الجميع في حل.
فقال: لا والله، ولا أرزة واحدة.
فتحيرت، وقلت: فإني أتظلم منك إلى الله تعالى.
فقال لي: كن على الظلامة، يكررها دفعات، ويكسر الميم، بلسان أهل الكوفة.
فانصرفت
منكسر القلب، منقطع الرجاء، فجمعت عيالي، وما زلنا ندعو عليه ليالي كثيرة،
فهرب من واسط في الليلة الحادية عشرة من أخذه الأرز، فجئت إلى البيدر،
والأرز مطروح، فأخذته، وحملته إلى منزلي، وما عاد الكوفي بعدها إلى واسط،
ولا أفلح. من طريق ما اتفق لابن مقلة في نكبته التي أدته إلى الوزارة
وحدثني غير واحد من الكتاب، عمن سمع أبا علي بن مقلة، لما عاد من فارس
وزيراً، يحدث، قال: من طريف ما اتفق لي في نكبتي هذه التي أدتني إلى
الوزارة، أنني أصبحت وأنا محبوس مقيد في حجرة من دار ياقوت، أمير فارس،
وقد لحقني من اليأس من الفرج وضيق الصدر ما أقنطني وكاد يذهب بعقلي، وكنا،
أنا وفلان محبوسين، مقيدين، في بيت واحد من الحجرة، إلا أنا على سبيل
ترفيه وإكرام.
فدخل علينا كاتب لياقوت، وكان كثيراً ما يجيئنا برسالته،
فقال: الأمير يقرئكما السلام، ويتعرف أخباركما، ويعرض عليكما قضاء حاجة إن
كانت لكما.
فقلت له: تقرأ عليه السلام، وتقول له: قد - والله - ضاق
صدري، واشتهيت أن أشرب على غناء طيب، فإن جاز أن يسامحنا بذلك سراً، ويتخذ
به منة علي ويداً، تفضل بذلك.
فقال لي المحبوس الذي كان معي: يا هذا، ما في قلوبنا فضل لذلك.
فقلت للكاتب: أد عني ما قلت لك.
قال: السمع والطاعة ومضى، وعاد فقال: الأمير يقول لك: نعم، وكرامة وعزازة،
أي وقت شئت.
فقلت: الساعة.
فلم تمض إلا ساعة، حتى جاءوا بالطعام، فأكلنا، وبالمشام والفواكه والنبيذ،
وصف المجلس، فجلست أنا والمحبوس الذي معي في القيدين.
وقلت له: تعال، حتى نشرب، ونتفاءل بأول صوت تغنيه المغنية، في سرعة الفرج
مما نحن فيه فلعله يصح الفأل.
فقال: أما أنا فلا أشرب، فلم أزل أرفق به حتى شرب، فكان أول صوت غنته
المغنية:
تواعد للبين الخليط لينبتّوا ... وقالوا لراعي الذّود موعدك السّبت
ولكنّهم بانوا ولم أدر بغتةً ... وأفظع شيء حين يفجؤك البغت

قال أبو علي: ذكر المبرد في كتابه المعروف بالكامل، البيت الأول،
ورواه لمحمد بن يسير.
فقال
لي: ما هذا مما يتفاءل به، وأي معنى فيه، مما يدل على فرجنا ؟ فقلت: ما هو
إلا فأل مبارك، وأنا أرجو أن يفرق الله بيننا وبين هذه الحالة التي نحن
عليها، ويبين الفرج والصلاح، يوم السبت.
قال: وأخذنا في شربنا يومنا، وسكرنا، وانصرفت المغنية، ومضت الأيام.
فلما
كان يوم السبت، وقد مضى من النهار ساعتان، إذا بياقوت قد دخل علينا،
فارتعنا، وقمت إليه، فقال: أيها الوزير، الله، الله، في أمري، وأقبل إلي
مسرعاً، وعانقني، وأجلسني، وأخذ يهنيني بالوزارة، فبهت، ولم يكن عندي علم
بشيء من الأمر، ولا مقدمة له.
فأخرج إلي كتاباً ورد عليه من القاهر
بالله، يعلمه فيه بما جرى على المقتدر، ومبايعة الناس له بالخلافة، ويأمره
بأخذ البيعة على من بفارس من الأولياء، وفيه تقليده إياي الوزارة، ويأمره
بطاعتي، وسلم إلي أيضاً، كتاباً من القاهر، يأمرني فيه بالنظر في أموال
فارس، والأولياء بها، واستصحاب ما يمكنني من المال، وتدبير أمر البلد بما
أراه، والبدار إلى حضرته، وأنه استخلف لي - إلى أن أحضر - الكلوذاني فحمدت
الله كثيراً، وشكرته، وإذا الحداد واقف، فتقدمت إليه بفك قيودي وقيود
الرجل، ودخلت الحمام، وأصلحت أمري وأمر الرجل، وخرجت، فنظرت في الأعمال
والأموال، وجمعت مالاً جليلاً في أيام يسيرة، وقررت أمور البلد، وسرت،
واستصحبت الرجل معي إلى الحضرة، حتى جلس هذا المجلس، وفرج الله عنا.


أبو أيوب يرفع شكواه إلى الله تعالى برقعة يعلقها في المحراب


قال
محمد بن عبدوس، في كتابه كتاب الوزراء: وجدت بخط أبي علي أحمد بن إسماعيل
الكاتب، حدثني أحمد بن أبي الأصبغ، قال: وجهني عبيد الله بن يحيى، إلى أبي
أيوب، ابن أخت أبي الوزير، أيام تقلد أبي صالح عبد الله بن محمد بن يزداد
الوزارة، وكان ابن يزداد، يقصد أبا أيوب ويعاديه.
فقال لي عبيد الله: وسهل عليه الأمر، وقل له: أرجو أن يكفيك الله شره.
فوصلت إليه وهو يصلي، وقد علق في محرابه رقعة، فأنكرتها، وأديت إليه
الرسالة.
فقال
لي: قل له: جعلت فداك، لست أغتم بشيء، لأن أمره قريب، وقد رفعت فيه إلى
الله تعالى قصةً إذ أعجزني المخلوقون، أما تراها معلقة في القبلة ؟ فكاد
يغلبني الضحك، فضبطت نفسي، وانصرفت إلى عبيد الله، فحدثته الحديث، فضحك
منه.
قال: فوالله، ما مضت بابن يزداد إلا أيام يسيرة، حتى سخط عليه وصرف.
فاتفق لأبي أيوب الفرج، ونزل بابن يزداد المكروه، في مثل المدة التي تخرج
فيها التوقيعات في القصص.

أبو نصر الواسطي يتظلم إلى الإمام موسى الكاظم برقعة علقها على
قبره



قال
مؤلف الكتاب: وأنا شاهدت مثل هذا، وذلك أن أبا الفرج محمد ابن العباس بن
فسانجس، لما ولي الوزارة أظهر من الشر على الناس، والظلم لهم، بخلاف ما
كان يقدر فيه، وكنت أحد من ظلمه، فإنه أخذ ضيعتي بالأهواز، وأقطعها
بالحقين، وأخرجها عن يدي.
فأصعدت إلى بغداد متظلماً إليه من الحال، فما
أنصفني، على حرمات كانت بيني وبينه، وكنت أتردد إلى مجلسه، فرأيت فيه
شيخاً من شيوخ العمال، يعرف بأبي نصر محمد بن محمد الواسطي، أحد من كان
يتصرف في عمالات بنواحي الأهواز، وكان صديقاً لي، فسألته عن أمره، فذكر أن
الحسن بن بختيار، أحد قواد الديلم، ضمن أعمال الخراج والضياع بنهر تيرى،
وبها منزل أبي نصر هذا، وأنه طالبه بظلم لا يلزمه، فبعد عن البلد، فكبس
داره، وأخذ جميع ما كان فيها، وكان فيما أخذ، عهد ضياعه كلها، وأنه حضر
للوزير محمد بن العباس متظلماً منه، فلما عرف الحسن بن بختيار ذلك، أنفذ
بالعهد إلى الوزير، وقال له: قد أهديت إليك هذه الضياع، فقبل الوزير منه
ذلك، وكتب إلى وكيله في ضيعته بالأهواز، فأدخل يده في ضياعي، وقد تظلمت
إليه، فلم ينصفني.
فلما كان بعد أيام، دخلت المشهد بمقابر قريش، فزرت
موسى بن جعفر، وعدلت إلى موضع الصلاة لأصلي، فإذا بقصة معلقة، بخط أبي نصر
هذا، وقد كتبها إلى موسى بن جعفر، يتظلم فيها من محمد ابن العباس، ويشرح
أمره، ويتوسل في القصة، بمحمد، وعلي، وفاطمة، والحسن والحسين، وباقي
الأئمة عليهم السلام، أن يأخذ له بحقه من محمد ابن العباس، ويخلص له ضياعه.
فلما
قرأت الورقة، عجبت من ذلك عجباً شديداً، ووقع علي الضحك، لأنها قصة إلى
رجل ميت، وقد علقها عند رأسه، وكنت عرفت أبا نصر بمذهب الإمامية الاثنى
عشرية، فظننت أنه مع هذا الاعتقاد كان أكبر قصده أن يشنع على الوزير
بالقصة عند قبر موسى بن جعفر عليه السلام، وكان كثير الزيارة له، أيام
وزارته، وقبلها، وبعدها، ليعلم أن الرجل على مذهبه، فيتذمم من ظلمه، ويرهب
الدعاء في ذلك المكان، فانصرفت.
فلما كان بعد أيام، كنت في المشهد،
وجاء الوزير، فرأيته يلاحظ الرقعة، فعلمت أنه قد قرأها، ومضى على هذا
الحديث مدة، وما رهب القصة، ولا أنصف الرجل.
وامتدت محنة الرجل
مشهوراً، ورحل محمد بن العباس إلى الأهواز، للنظر في أبواب المال، وتقرير
أمر العمال، وأقمت أنا ببغداد، لأنه لم يكن أنصفني، ولا طمعت في إنصافه
إياي لو صحبته، وانحدر أبو نصر في جملة من انحدر معه.
فلما صار
بالمأمونية قرية حيال سوق الأهواز، وهو يريد دخولها من غد ورد من بغداد
كتاب إلى بختكين التركي مولى معز الدولة، المعروف بأزذرويه، وكان يتقلد
الحرب والخراج، بالأهواز وكورها، فقبض عليه، وقبض على أمواله، وقيده، ومضى
أبو نصر إلى ضياعه، فأدخل يده فيها، وكفي ما كان من أمر الوزير، واستقرت
ضياعه في يده إلى الآن.
وأقمت أنا سنين أتظلم من تلك المحنة التي ظلمني
فيها محمد بن العباس، فما أنصفني أحد، وأيست، وخرجت تلك الضيعة من يدي،
فما عادت إلى الآن.
وصح لأبي نصر، بقصته، ما لم يصح لي، وكانت محنته ومحنتي واحد، ففاز هو
بتعجيل الفرج بها، من حيث لم يغلب على ظني أن أطلب الفرج منه.
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب الفرج بعد الشدة الجزء الرابع Empty رد: كتاب الفرج بعد الشدة الجزء الرابع {الأحد 5 يونيو - 17:30}

أحمد بن أبي خالد يبلغه أن جارية له توطىء فراشه غيره


قال
محمد بن عبدوس في كتاب الوزراء: إن إبراهيم بن العباس الصولي، قال: كنت
أكتب لأحمد بن أبي خالد، فدخلت عليه يوماً، فرأيته مطرقاً، مفكراً،
مغموماً، فسألته عن الخبر.
فأخرج إلي رقعة، فإذا فيها أن حظية من أعز
جواريه عنده، يخالف إليها، وتوطىء فراشه غيره، ويستشهد في الرقعة، بخادمين
كانا ثقتين عنده.
وقال لي: دعوت الخادمين، فسألتهما عن ذلك، فأنكرا،
فتهددتهما، فأقاما على الإنكار، فضربتهما، وأحضرت لها آلة العذاب، فاعترفا
بكل ما في الرقعة على الجارية، وإني لم أذق أمس ولا اليوم طعاماً، وقد
هممت بقتل الجارية.
فوجدت بين يديه مصحفاً، ففتحه لأتفاءل بما يخرج
فيه، فكان أول ما وقعت عيني عليه: يا أيّها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسق
بنبأ فتبيّنوا..... الآية، فشككت في صحة الحديث، وأريته ما خرج به الفأل.
وقلت: دعني أتلطف في كشف هذا.
قال: افعل.
فخلوت
بالخادمين منفردين، ورفقت بأحدهما، فقال: النار ولا العار، وذكر أن امرأة
ابن أبي خالد، أعطته ألف دينار، وسألته الشهادة على الجارية، وأحضرني
الكيس مختوماً بخاتم المرأة، وأمرته أن لا يذكر شيئاً إلا بعد أن يوقع به
المكروه، ليكون أثبت للخبر، ودعوت الآخر، فاعترف بمثل ذلك أيضاً.
فبادرت
إلى أحمد بالبشارة، فما وصلت إليه، حتى جاءته رقعة الحرة، تعلمه أن الرقعة
الأولى كانت من فعلها، غيرة عليه من الجارية، وأن جميع ما فيها باطل،
وأنها حملت الخادمين على ذلك، وأنها تائبة إلى الله تعالى من هذا الفعل
وأمثاله.
فجاءته براءة الجارية من كل وجه فسر بذلك، وزال عنه ما كان فيه، وأحسن إلى
الجارية.

الحرة


الحر
في اللغة، الذي يملك أن يتصرف كما يريد من دون أي قيد يحد من تصرفاته،
مادياً كان القيد أو معنوياً، واتسع مفهوم الكلمة، فأصبحت تدل على الشريف
الكريم.
والحر من كل شيء: خياره، ومنه: الطير الحر، أي الصقر والبازي، والطين
الحر، أي الذي لا رمل فيه، ويسمونه في العراق: الطين الحري.
أما
في الاصطلاح فإن كلمة الحرة، تعني خلاف الأمة، وسبب هذه التسمية غلبة
الجواري والإماء، وقد كان ابن أبي عسرون يعرف بزوج الحرة، لأنه تزوج
بامرأة كانت زوجة المقتدر القصة 5 - 2 من كتاب نشوار المحاضرة.

وكان
الأمويون يتحرون أن يكون من تقلد الخلافة منهم، من أم عربية، وكان أبو
سعيد مسلمة بن عبد الملك من رجالهم المعدودين، إلا أن كونه ابن أمة، حال
بينه وبين الخلافة، وعرض مسلمة على عمرة بنت الحارس، أن يتزوج منها،
فقالت: يا ابن التي تعلم، وإنك لهناك ؟ تعني أن أمه أمة بلاغات النساء 190
ولما تنقص هشام بن عبد الملك، الإمام زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام،
لم يجد ما يعيره به، إلا قوله: أنت الذي تنازعك نفسك في الخلافة، وأنت ابن
أمة مروج الذهب 2 - 162، والعقد الفريد 4 - 32 و 482.
ثم اختلف الحال
في آخر أيام الأمويين، فإن آخر من تقلد الخلافة منهم، إبراهيم ابن الوليد،
ومروان بن محمد، كانا من أبناء الإماء خلاصة الذهب المسبوك 46 و 47.
أما
الخلفاء في الدولة العباسية، وعددهم سبعة وثلاثون، فلم يكن فيهم من هو
عربي الأم، إلا ثلاثة، الأول: أبو العباس السفاح، أمه ريطة بنت عبد المدان
الحارثي خلاصة الذهب 53 وكان يدعى: ابن الحارثية، وكانت عروبة أمه، السبب
في تقدمه على أخيه المنصور الذي كان يكبره في السن، فإن أم المنصور
بربرية، اسمها سلامة خلاصة الذهب المسبوك 59، والثاني: المهدي بن المنصور،
وأمه أم موسى بنت منصور ابن عبد الله الحميري خلاصة الذهب 90، والثالث:
محمد الأمين بن هارون الرشيد، أمه زبيدة بنت جعفر بن المنصور، قالوا: لم
يل الخلافة هاشمي من هاشميين، إلا ثلاثة: الإمام علي بن أبي طالب، وابنه
الحسن، ومحمد الأمين خلاصة الذهب 171 أما بقية الخلفاء العباسيين، فكلهم
أبناء أمهات أولاد، للتفصيل ومعرفة أسماء أمهات الخلفاء، راجع خلاصة الذهب
المسبوك 59 - 289.
هذا وإن غلبة الجواري على الخلفاء والأمراء لم تقتصر
على المشرق، وإنما تجاوزته إلى المغرب والأندلس، وقد وجدت في قرطبة، في
السنة 1960، قنطرة على نهرها، شادتها زوجة أحد الخلفاء الأمويين، فسميت:
قنطرة الحرة، وكان الدليل أسبانياً، لم يدرك سبب هذه التسمية، فقال: إن
كلمة الحرة تعني النبيلة الشريفة.


سبب خروج أحمد بن محمد بن المدبر إلى الشام


حدثني
أبو القاسم طلحة بن محمد بن جعفر، الشاهد، المقرىء، المعروف بغلام ابن
مجاهد، قال: حدثني أبو الحسين الخصيبي، قال: حدثني أبو خازم القاضي، قال:
حدثني أبو الحسن أحمد بن محمد بن المدبر، قال: كان بدء خروجي إلى الشام،
أن المتوكل خرج يتنزه بالمحمدية، فخلا به الكتاب هناك، فأحكموا علي القصة
وأنا لا أعلم، ثم بعثوا إلي، وأنا لا أدري، فحضرت وهم مجتمعون فقالوا لي:
وكان المخاطب لي موسى بن عبد الملك.
فقال لي: قد جرت أسباب أوجبت أن
أمير المؤمنين أمر أن تخرج إلى الرقة، فكم تحتاج لنفقتك؟ فقلت: أما خروجي،
فالسمع والطاعة لأمير المؤمنين، وأما الذي أحتاج إليه للنفقة، فهو ثلاثون
ألف درهم.
فما برحت، حتى دفعت إلي، وقالوا: اخرج الساعة.
فقلت: أودع أمير المؤمنين.
فقالوا: ما إلى ذلك سبيل.
فقلت: أصلح من شأني.
فقالوا: ولا هذا، وأخذ موسى يعرض لي، أن السلطان قد سخط علي، وأن الصواب
الخروج، وترك الخلاف.
وأقبل
يقول: إن السلطان إذا سخط على الرجل، فالصواب لذلك الرجل أن ينتهي إلى
أمره كله، وأن لا يراجه في شيء، وينبغي أن يعلم أن التباعد عن السلطان، له
فيه الحظ.
فقلت: يكفي الله ويلطف.
فوكلوا بي جماعة، حتى خرجت من البلد، وأنا في حالة، الأسر عندي أحسن منها
وأطيب، وحثوا بي السير.
فلما قاربت الرقة، وأردت الدخول إليها، أدركنا الليل، فإذا بأعرابي في
ناحية عني، ومعه إبل يحدوها، ويقول:
كم مرّة حفّت بك المكاره ... خار لك اللّه وأنت كاره
قال:
ولم يزل يكرر ذلك، فحظفته، وتبركت بالفأل، ودخلت الرقة، فلم أقم بها إلا
أياماً يسيرة، حتى ورد كتاب أمير المؤمنين بالخروج إلى الشام للتعديل،
وأجرى علي مائة ألف درهم، وذكر أن هذا عمل جليل، كان المأمون خرج فيه
بنفسه، لجلالته وعظم خطره، وأنه رآني أهلاً له.
فخرجت، فرأيت ل ما أحب، حتى لو بذلت لي العراق بأسرها، على فراق تلك
الناحية، ما سمحت نفساً بذلك، فلله الحمد والمنة.

وذكر
هذا الخبر محمد بن عبدوس في كتاب الوزراء، فقال: حدثني أبو الحسين عبد
الواحد بن محمد الخصيبي، قال: حدثني أبو خازم القاضي، قال: حدثني جدك أحمد
بن حمد بن مدبر، وكان جده لأمه، وحدثني أنه لم يره قط - أن المتوكل خرج
إلى المحمدية سنة إحدى وأربعين ومائتين متنزهاً، فأتاني رسوله، وأحضرني،
فحضرت، فوجدت عبيد الله بن يحيى، والحسن بن مخلد، وأحمد بن الخصيب، وجماعة
من الكتاب حضوراً.
فقال لي عبيد الله بن يحيى: إن أمير المؤمنين يقول
لك: قد فسد علينا أمر الرقة، ثم ذكر نحواً من الحديث الأول، إلا أنه لم
يكن فيه إطلاق ثلاثين ألف درهم، بل قال: فخرجت وما أقدر على نفقة، ففكرت
فيمن أقصده، وأستعين بماله، فما ذكرت غير المعلى بن أيوب، وكانت بيني
وبينه وحشة، فكتبت إليه رقعة حملت نفسي على الصعب فيها، فوجه إلي خمس آلاف
دينار، فتحملت بها... ثم ذكر باقي الحديث، على سياقة الخبر الأول، إلا أنه
قال: إن الذي أجري عليه، لما أمر بالخروج للتعديل، في كل شهر مائة ألف
وعشرين ألف درهم.
قال: فشخصت إليها، ولو أعطيت الآن بقصري فيها، سر من رأى كلها، ما سمحت
نفساً بذلك.
وكان قصره بالرملة، وكان جليلاً.


بين الحسن بن علي عليهما السلام ومعاوية بن أبي سفيان


أخبرني
أبو طالب محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول، فيما أجاز لي روايته عنه، بعد
ما سمعته منه من حديث، قال: حدثني أبو سعيد أحمد بن الصقر بن ثوبان،
مستملي بندار، وكتبه لنا بخطه، ونقلته أنا من أصل أبي طالب، الذي ذكر أنه
بخط أبي سعيد، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثنا محمد بن
علي بن الحسين بن علي، قال: بعث معاوية إلى الحسن بن علي، أو الحسين بن
علي عليهما السلام، ودعا بضبارة سياط، فوضعها بين يديه، فلما دخل الحسن
عليه السلام أخذ السياط فرمى بها، ومد يده إليه، وقال: مرحباً بسيد شباب
قريش ودعا بعشرة آلاف دينار، وقال: استعن بها على زمانك، فلما خرج تبعه
الحاجب، فقال له: يا ابن رسول الله، إنا نخدم هذا السلطان، ولسنا نأمن
بادرته، وقد رأيتك تحرك شفتيك بشيء، فما هو ؟ فقال: أعلمك، على أن لا تعلم
أحداً من آل معاوية.
قال: نعم.
قال: إذا وقعت في شدة أو مكروه، أو
خفت من سلطان، فقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي
العظيم، لا إله إلا الله الكبير المتعال، سبحان الله رب السماوات السبع،
ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين، أللهم جل ثناؤك، وعز جارك، ولا
إله غيرك، أللهم إني أعوذ بك من شر فلان، وأتباعه، وأشياعه، من الجن
والإنس، أن يفرطوا علي، أو أن يطغوا.
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب الفرج بعد الشدة الجزء الرابع Empty رد: كتاب الفرج بعد الشدة الجزء الرابع {الأحد 5 يونيو - 17:31}

لا إله إلا الله الحليم الكريم


أخبرني
القاضي أبو طالب إجازة، قال: حدثنا أبو سعيد، قال: حدثني سهل بن محمد،
قال: حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا مسعر، عن أبي
بكر بن حفص عن الحسن بن أبي الحسن: أن عبد الله بن جعفر، لما أراد أن يهدي
ابنته إلى زوجها، خلا بها، فقال لها: إذا نزل بك أمر فظيع من أمور الدنيا،
أو الموت، فاستقبليه بقول: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا
الله رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين.
قال الحسن: فبعث إلي
الحجاج، فقلتهن، فلما مثلت بين يديه، قال: لقد بعثت إليك وأنا أريد قتلك،
واليوم ما أحد أكرم علي منك، فسل حوائجك.

دعاء يعقوب الذي نال به الفرج


حدثنا
علي بن الحسن، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الجراح، قال: حدثنا ابن أبي
الدنيا، قال: حدثني المثنى بن عبد الكريم، قال: حدثني زافر بن سليمان، عن
يحيى بن سليم، قال: بلغني أن ملك الموت، استأذن ربه عز وجل، أن يسلم على
يعقوب، فأذن له، فأتاه، فسلم عليه.
فقال له يعقوب: بالذي خلقك، أقبضت روح يوسف ؟ قال: لا، ولكني أعلمك كلمات
لا تسأل الله بها شيئاً إلا أعطاك.
قال: ما هي ؟ قال: قل يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبداً، ولا يحصيه غيره.
فقالها، فما طلع الفجر من غده، حتى أتاه البشير بالقميص.
حدثنا
علي بن الحسن، قال: حدثنا ابن الجراح، قال: حدثنا ابن أبي الدنيا، قال:
حدثني الحسين بن عبد الرحمن، قال: حدثني أبو غسان مالك ابن ضيغم، عن
إبراهيم بن خلاد الأزدي، قال:

نزل جبريل على يعقوب عليه السلام فشكى
إليه ما هو عليه من الشوق إلى يوسف، فقال: ألا أعلمك دعاءً، إن دعوت به
فرج الله عنك ؟ قال: بلى.
قال: قل، يا من لا يعلم كيف هو، إلا هو، ويا من لا يبلغ قدرته غيره، فرج
عني.
فقالها، فأتاه البشير بالقميص.
حدثنا
علي بن الحسن، قال: حدثنا ابن الجراح، قال: حدثنا ابن أبي الدنيا، قال:
حدثنا هارون بن عبد الله، قال: حدثنا سعيد بن عامر الضبعي، عن المعمر بن
سليمان، قال: لقي يعقوب رجل، فقال له: يا يعقوب، ما لي لا أراك كما كنت ؟
قال: طول الزمان، وكثرة الأحزان.
قال: قل: أللهم اجعل لي من كل هم همني
وكربني من أمري، في ديني، ودنياي، وآخرتي، فرجاً ومخرجاً، واغفر لي ذنوبي،
وثبت رجاءك في قلبي، واقطعه عمن سواك، حتى لا يكون لي رجاء إلا إياك.
قال
داود بن رشيد، حدثني الوليد بن مسلم، عن خليد بن دعلج، عن الحسن بن أبي
الحسن، قال: لو عري من البلاد أحد، لعري منه آل يعقوب، مسهم البلاء ثمانون
سنة.
حدثنا علي بن الحسن، قال: حدثني ابن الجراح، قال: حدثنا ابن أبي
الدنيا، قال: حدثني مدلج بن عبد العزيز، عن شيخ من قريش: أن جبريل عليه
السلام هبط على يعقوب صلى الله عليه، فقال له: يا يعقوب، تملق إلى ربك.
فقال: يا جبريل، كيف أقول ؟ فقال: قل: يا كثير الخير، يا دائم المعروف.
فأوحى الله إليه، لقد دعوتني بدعاء، لو كان ابناك ميتين، لأنشرتهما لك.
حدثنا
علي بن الحسن، قال: حدثنا ابن الجراح، قال: حدثنا ابن أبي الدنيا، قال:
حدثني الحسن بن عمرو بن محمد القرشي، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا زافر بن
سليمان، عن يحيى بن عبد الملك، عن رجل، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله
عليه وسلم، قال: كان ليعقوب عليه السلام، أخ مؤاخ في الله عز وجل، فقال
ليعقوب: ما الذي أذهب بصرك، وقوس ظهرك ؟ فقال: أما الذي قوس ظهري، فالحزن
على بنيامين، وأما الذي أذهب بصري، فالبكاء على يوسف.
فأوحى الله تعالى إليه: أما تستحي، تشكوني إلى عبدي.
قال:
إنما أشكو بثي وحزني إلى الله، ثم قال: يا رب، ارحم الشيخ الكبير، أذهبت
بصري، وقوست ظهري، أردد علي ريحانتي يوسف، أشمه، ثم افعل بي ما شئت.
فقال
له جبريل عليه السلام: إن ربك يقرؤك السلام، ويقول لك: أبشر، وليفرح قلبك،
فوعزتي لو كانا ميتين، لأنشرتهما لك، فاصنع طعاماً للمساكين وادعهم إليه،
فإن أحب عبادي إلي، الأنبياء والمساكين، وإن الذي ذهب ببصرك، وقوس ظهرك،
وسبب صنع إخوة يوسف به ما صنعوا، أنكم ذبحتم شاة، فأتاكم رجل صائم، فلم
تطعموه.
فكان يعقوب بعد ذلك إذا أراد الغداء، أمر مناديه، فنادى: من
كان يريد الغداء من المساكين فليتغد مع يعقوب، وإن كان صائماً أمر مناديه،
فنادى: من كان صائماً من المساكين فليفطر مع يعقوب.


كلمات الفرج التي دعا بها يوسف


حدثنا
علي بن الحسن، قال: حدثنا ابن الجراح، قال: حدثنا ابن أبي الدنيا، قال:
حدثنا القاسم بن هاشم، قال: حدثنا الخطاب بن عثمان، قال: حدثنا محمود بن
عمر، عن رجل من أهل الكوفة: أن جبريل عليه السلام دخل على يوسف السجن،
فقال له: يا طيب ! ما الذي أدخلك ها هنا ؟ قال: أنت أعلم.
قال: أفلا أعلمك كلمات الفرج ؟ قال: بلى.
قال:
قل: اللهم، يا شاهداً غير غائب، ويا قريباً غير بعيد، ويا غالباً غير
مغلوب، اجعل لي من أمري هذا فرجاً ومخرجاً، وارزقني من حيث لا أحتسب.
حدثنا
علي بن الحسن، قال: حدثنا ابن الجراح، قال: حدثنا ابن أبي الدنيا، قال:
حدثني أزهر بن مروان الرقاشي، قال: حدثني قزعة بن سويد، عن أبي سعيد مؤذن
الطائف: أن جبريل عليه السلام، أتى يوسف، فقال: يا يوسف، اشتد عليك الحبس
؟ قال: نعم.
قال: قل: اللهم اجعل لي من كل ما أهمني، وحزبني، من أمر
دنياي وآخرتي، فرجاً ومخرجاً، وارزقني من حيث لا أحتسب، واغفر لي ذنوبي،
وثبت رجاءك في قلبي، واقطعه عمن سواك، حتى لا أرجو أحداً غيرك.
حدثنا
علي بن الحسن، قال: حدثنا ابن الجراح، قال: حدثنا ابن أبي الدنيا، قال:
حدثني محمد بن عباد بن موسى، قال: حدثني عبد العزيز القرشي، عن جعفر بن
سليمان، عن غالب القطان قال:

لم اشتد كرب يوسف، وطال سجنه، واتسخت
ثيابه، وشعث رأسه، وجفاه الناس، دعا عند ذلك، فقال: اللهم إني أشكو إليك
ما لقيت من ودي وعدوي، أما ودي، فباعوني، وأما عدوي، فحبسني، اللهم اجعل
لي فرجاً ومخرجاً.
فأعطاه الله عز وجل ذلك.


إبراهيم التيمي الزاهد في حبس الحجاج ابن يوسف الثقفي


حدثنا
علي بن الحسن، قال: حدثنا ابن الجراح، قال: حدثنا ابن أبي الدنيا، قال:
حدثني الحسن بن محبوب، قال: قال الفيض بن إسحاق، قال الفضيل بن عياض، قال
إبراهيم التيمي: لما حبست الحبسة المشهورة، أدخلت السجن، فأنزلت على أناس
في قيد واحد، ومكان ضيق، لا يجد الرجل إلا موضع مجلسه، وفيه يأكلون، وفيه
يتغوطون، وفيه يصلون.
قال: فجيء برجل من أهل البحرين، فأدخل علينا، فلم نجد مكاناً، فجعلوا
يتبرمون به، فقال: اصبروا، فإنما هي الليلة.
فلما دخل الليل، قام يصلي، فقال: يا رب، مننت علي بدينك، وعلمتني كتابك،
ثم سلطت علي شر خلقك، يا رب، الليلة، الليلة، لا أصبح فيه.
فما أصبحنا حتى ضربت أبواب السجن: أين البحراني، أين البحراني ؟ فقال كل
منا: ما دعي الساعة، إلا ليقتل، فخلي سبيله.
فجاء، فقام على باب السجن، فسلم علينا، وقال: أطيعوا الله لا يضيعكم.

أبو سعد البقال في حبس الحجاج ابن يوسف الثقفي


حدثنا
علي بن الحسن، قال: حدثنا ابن الجراح، قال: حدثنا ابن أبي الدنيا، قال:
حدثني أبو نصر المؤدب، عن أبي عبد الرحمن الطائي، قال: أخبرنا أبو سعد
البقال، قال: كنت محبوساً في ديماس الحجاج، ومعنا إبراهيم التيمي، فبات في
السجن، فأتى رجل، فقال له: يا أبا إسحاق، في أي شيء حبست ؟ فقال: جاء
العريف، فتبرأ مني، وقال: إن هذا كثير الصوم والصلاة، وأخاف أنه يرى رأي
الخوارج.
فإنا لنتحدث مع مغيب الشمس، ومعنا إبراهيم التيمي، إذ دخل
علينا رجل السجن، فقلنا: يا عبد الله، ما قصتك، وأمرك ؟ فقال: لا أدري،
ولكني أخذت في رأي الخوارج، ووالله، إنه لرأي ما رأيته قط، ولا أحببته،
ولا أحببت أهله، يا هؤلاء، ادعوا لي بوضوء، فدعونا له به، ثم قام فصلى
أربع ركعات، ثم قال: اللهم إنك نعلم، أني كنت على إساءتي وظلمي، وإسرافي
على نفسي، لم أجعل لك ولداً، ولا شريكاً، ولا نداً، ولا كفؤاً، فإن تعذب
فعدل، وإن تعف، فإنك أنت العزيز الحكيم، اللهم إني أسألك يا من لا تغلطه
المسائل، ولا يشغله سمع عن سمع، ويا من لا يبرمه إلحاح الملحين، أن تجعل
لي في ساعتي هذه، فرجاً ومخرجاً مما أنا فيه، من حيث أرجو، ومن حيث لا
أرجو، وخذ لي بقلب عبدك الحجاج، وسمعه، وبصره، ويده، ورجله، حتى تخرجني في
ساعتي هذه، فإن قلبه، وناصيته، بيدك، يا رب، يا رب.
قال: وأكثر، فوالذي
لا إله غيره، ما انقطع دعاؤه، حتى ضرب باب السجن وقيل أين فلان ؟ فقام
صاحبنا، فقال: يا هؤلاء، إن تكن العافية، فوالله، لا أدع الدعاء لكم، وإن
تكن الأخرى، فجمع الله بيننا وبينكم، في مستقر رحمته.
قال: فبلغنا من الغد، أن خلي سبيله.
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب الفرج بعد الشدة الجزء الرابع Empty رد: كتاب الفرج بعد الشدة الجزء الرابع {الأحد 5 يونيو - 17:31}

سبحان الله وبحمده


حدثنا
علي بن الحسن، قال: حدثنا ابن الجراح، قال: حدثنا ابن أبي الدنيا، قال:
حدثني محمد بن عباد بن موسى، قال: حدثنا كثير بن هشام، عن الحكم بن هشام
الثقفي، قال: أخبرت أن رجلاً، أخذ أسيراً، فألقي في جب، وألقي على رأس
الجب صخرة، فتلقن فيه: قل: سبحان الله الحي القدوس، سبحان الله وبحمده،
فأخرج من غير أن يكون أخرجه إنسان.

يا عزيز يا حميد يا ذا العرش المجيد


قال
مؤلف هذا الكتاب، وقد ذكر القاضي هذا الخبر في كتابه، قال: حدثني إبراهيم
بن سعيد قال: حدثنا أبو سفيان الحميري، قال: سمعت أبا بلج الفزاري، قال:
أتي الحجاج بن يوسف، برجل كان جعل على نفسه، إن ظفر به، أن يقتله، قال:
فلما دخل عليه، تكلم بكلام، فخلى سبيله.
فقيل له: أي شيء قلت ؟ فقال: قلت: يا عزيز، يا حميد، يا ذا العرش المجيد،
اصرف عني ما أطيق، وما لا أطيق، واكفني شر كل جبار عنيد.

دعاء النبي صلوات الله عليه في كل هم


حدثنا
علي بن الحسن، قال: حدثنا ابن الجراح، قال: حدثنا ابن أبي الدنيا، قال:
حدثنا أحمد بن عبد الأعلى الشيباني، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن الكوفي، عن
صالح بن حسان، عن محمد بن علي:

أن النبي صلى الله عليه وسلم علم علياً
عليه السلام، دعاء يدعو به في كل هم، وكان علي يعلمه الناس، وهو: يا
كائناً قبل كل شيء، يا مكون كل شيء، ويا كائناً بعد كل شيء، افعل بي كذا
وكذا.


الدعاء الذي خلص عمرو السرايا من العلج


حدثنا
علي بن الحسن، قال: حدثنا ابن الجراح، قال: حدثنا ابن أبي الدنيا، قال:
حدثني إسحاق بن البهلول التنوخي، قال: حدثني إسحاق ابن عيسى، ابن بنت داود
بن أبي هند، عن الحارث البصري، عن عمرو السرايا، قال: كنت أغير في بلاد
الروم وحدي، فبينا أنا ذات يوم نائم، إذ ورد علي علج، فحركني برجله،
فانتبهت.
فقال لي: يا عربي، اختر، إن شئت مسايفةً، وإن شئت مطاعنةً، وإن شئت
مصارعةً.
فقلت:
أما المسايفة والمطاعنة، فلا بقيا لهما، ولكن مصارعة، فنل، فلم ينهنهني أن
صرعني، وجلس على صدري، وقال: أي قتلة تريد أن أقتلك ؟ فذكرت الدعاء، فرفعت
رأسي إلى السماء، فقلت: أشهد أن كل معبود ما دون عرشك، إلى قرار الأرضين،
باطل غير وجهك الكريم، فقد ترى ما أنا فيه، ففرج عني، وأغمي علي، فأفقت،
فرأيت الرومي قتيلاً إلى جانبي.
قال إسحاق بن بنت داود، فسألت الحارث
البصري، عن الدعاء، فقال: سألت عنه عمرو السرايا، فقلت له: بالله يا عمرو
ما قلت ؟ قالت: قلت: اللهم رب إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، ورب
جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وعزرائيل، ومنزل التوراة والإنجيل، والزبور،
والقرآن العظيم، ادرأ عني شره، فدرأ عني شره.
قال إسحاق بن بنت داود: فحفظته وقلت أعلمه الناس، فوجدته نافذاً، وهو
الإخلاص بعينه.

تخلص من القتل بدعاء دعا به


حدثنا
علي بن الحسن، قال: حدثنا ابن الجراح، قال: حدثنا ابن أبي الدنيا، قال:
حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا جرير بن حفص، عن الشعبي قال: كنت
جالساً عند زياد، فأتي برجل يحمل، ما يشك في قتله، فحرك الرجل شفتيه بشيء
ما ندري ما هو، فخلى سبيله.
فقلت للرجل: ما قلت ؟ قال: قلت: أللهم رب
إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، ورب جبريل وميكائيل وإسرافيل، ومنزل
التوراة والإنجيل والزبور والفرقان العظيم، ادرأ عني شر زياد، فدرأه عني.

زياد بن أبيه


من
دهاة العرب وأذكيائهم، عمل في خدمة الدولة، منذ نعومة أظفاره، فقد ولي
قسمة الغنائم، بأجر درهمين في اليوم، وهو ابن 14 سنة معجم البلدان 1 -
640، ثم كتب لأبي موسى الأشعري، أيام ولايته البصرة، ثم ولي فارس للإمام
علي بن أبي طالب الأعلام 3 - 89، ولما قتل الإمام بايع زياد معاوية، فولاه
البصرة والكوفة، وارتفع أجره إلى خمسة وعشرين ألف درهم تاريخ اليعقوبي 2 -
234. وبالغ زياد في التعصب على شيعة علي، فقتلهم، وشردهم، ودفن بعضهم
أحياء الأغاني 17 - 153 والمحاسن والأضداد 27 وكان يجمع الناس ويحرضهم على
البراءة من علي، ومن أبى ذلك، عرضه على السيف المحاسن والمساوىء 1 - 39
ومروج الذهب 2 - 20، وكان شعور زياد بنشأته المتواضعة، قد كون فيه مركب
نقص سعى جاهداً للتخلص منه، فأدى ذلك به إلى سقطة شنيعة، وهي موافقته على
إعلانه أحد أولاد أبي سفيان الأموي، بحجة واضحة الخزي، وهي أن أبا سفيان،
في السنة الأولى من الهجرة، زنى بأم زياد سمية، وكانت من البغايا بالطائف
مروج الذهب 2 - 5، وتاريخ اليعقوبي 2 - 219 والفخري 109 و 110 فأكسبه ذلك
خزياً وشناعةً، وقال فيه أخوه أبو بكرة: هذا زنى أمه، وانتفى من أبيه
وفيات الأعيان 6 - 358 وقد كان له من حصافته، ودهائه، ما يغنيه عن هذا
الاستلحاق الذي جعله، وذريته من بعده، موضع هزء وسخرية بلاغات النساء 143
والمحاسن والمساوىء 2 - 148 حتى أصبحوا مضرب المثل في الادعاء الكاذب، قال
الشاعر يهجو كاتباً:
حمار في الكتابة يدّعيها ... كدعى آل حرب في زياد
راجع
أخبار زياد في الأغاني 18 - 270، 272، 277 و 18 - 285 و 20 - 77 والعقد
الفريد 4 - 26 و 6 - 100 وأدب الكتاب 170 والطبري 8 - 129، 130، 134، 138،
139.

هارون الرشيد يأمر بقتل فتى علوي فينجيه الله تعالى


أخبرني محمد بن الحسن بن المظفر، قال: أخبرني عيسى بن عبد العزيز الظاهري،
قال: أخبرني أبو عبد الله قال:
أمر
الرشيد بعض خدمه، فقال: إذا كان الليلة، فصر إلى الحجرة الفلانية،
فافتحها، وخذ من رأيت فيها، فأت به موضع كذا وكذا، من الصحراء الفلانية،
فإن ثم قليباً محفوراً، فارم به، وطمه بالتراب، وليكن معك فلان الحاجب.
قال: فجاء الغلام إلى باب الحجرة، ففتحه، فإذا فيها غلام كالشمس الطالعة،
فجذبناه جذباً عنيفاً.
فقال له: اتق الله، فإني ابن رسول الله، فالله، الله، أن تلقى الله بدمي،
فلم يلتفت إلى قوله، وأخرجه إلى الموضع.
فلما
أشرف الفتى على التلف، وشاهد القليب، قال له: يا هذا، إنك على رد ما لم
تفعل، أقدر منك على رد ما فعلت، فدعني أصلي ركعتين، وامض لما أمرت به.
فقال له: شأنك وما تريد.
فقام الفتى، صلى ركعتين، قال فيهما: يا خفي اللطف، أغثني في وقتي هذا،
والطف بي بلطفك الخفي.
فلا
والله ما استتم دعاءه، حتى هبت ريح وغبرة، حتى لم ير بعضهم بعضاً، فوقعوا
لوجوههم، واشتغلوا بأنفسهم عن الفتى، ثم سكنت الريح والغبرة، وطلبنا
الفتى، فلم يوجد، وقيوده مرمية.
فقال الحاجب لمن معه: هلكنا والله،
سيقع لأمير المؤمنين أنا أطلقناه، فماذا نقول له ؟ إن كذبناه لم نأمن أن
يبلغه خبر الفتى فيقتلنا، ولئن صدقناه، ليعجلن لنا المكروه.
فقال له الآخر: يقول الحكيم: إن كان الكذب ينجي، فالصدق أرجى وأنجى.
فلما
دخلوا عليه، قال لهم: ما فعلتم فيما تقدمت به إليكم ؟ فقال له الحاجب: يا
أمير المؤمنين، الصدق أولى ما اتبع في جميع الأمور، ومثلي لا يجترىء أن
يكذب بحضرتك، وإنه كان من الخبر كيت وكيت.
فقال الرشيد: لقد تداركه اللطف الخفي، والله، لأجعلنها في مقدمات دعائي،
امض لشأنك، واكتم ما جرى.
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب الفرج بعد الشدة الجزء الرابع Empty رد: كتاب الفرج بعد الشدة الجزء الرابع {الأحد 5 يونيو - 17:32}

يا سامع كل صوت ويا بارىء النفوس بعد الموت


حدثني
محمد بن الحسن، قال: حدثني محمد بن عمرو بن البحتري البزاز، في جامع
المنصور، في سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة، قال: حدثنا الفضل بن إسحاق
الدوري، عن محمد بن الحسن، عن أبي سلمة عبد الله ابن منصور، قال: حزن رجل
حزناً شديداً، على شيء لحقه، وأمر أهمه وأقلقه، فألح في الدعاء، فهتف به
هاتف: يا هذا، قل: يا سامع كل صوت، ويا بارىء النفوس بعد الموت، ويا من لا
تغشاه الظلمات، ويا من لا يشغله شيء عن شيء.
قال: فدعا بها، ففرج الله عنه، ولم يسأل الله تلك الليلة حجة، إلا أعطاه.

لا حول ولا قوة إلا بالله


حدثنا
علي بن أبي الطيب، قال: حدثنا ابن الجراح، قال: حدثنا ابن أبي الدنيا،
قال: حدثني القاسم بن هاشم، قال: حدثنا أبو اليمان، قال: حدثنا صفوان بن
عمرو، عن أبي يحيى إسحاق العدواني، قال: كنا بإزاء آزرمهر، عند مدينة
الكرج، وقد زحف إلينا في ثمانين فيلاً، فكادت تنقض الصفوف، وتشتت الخيول،
وكان أميرنا محمد بن القاسم، فنادى عمران بن النعمان أمير أهل حمص، وأمراء
الأجناد، فنهضوا، فما استطاعوا، فلما أعيته الأمور، نادى مراراً: لا حولا
ولا قوة إلا بالله، فكشف الله الفيلة، وسلط عليها الحر، فأنضحها، ففزعت
إلى الماء، فما استطاع سواسها، ولا أصحابها، حسبها، وحملت خيلنا، وكان
الفتح بإذن الله تعالى.
حدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا ابن الجراح،
قال: حدثنا ابن أبي الدنيا، قال: حدثنا القاسم بن هاشم، قال: حدثنا أبو
اليمان قال: حدثنا صفوان بن عمرو، عن الأشياخ: أن حبيب بن مسلمة كان يستحب
إذا لقي العدو، أو ناهض حصناً، أن يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
ثم إنه ناهض يوماً حصناً، فانهزم الروم، وتحصنوا في حصن آخر لهم، أعجزه،
فقالها، فانصدع الحصن.

الذي كفاك الأمس يكفيك غدك


حدثنا
علي بن أبي الطيب، قال: حدثنا ابن الجراح، قال: حدثنا ابن أبي الدنيا،
قال: حدثني الحسين بن عبد الرحمن، قال: بلغني أن بعض الملوك، نفى وزيراً
له، لموجدة وجدها عليه، فاغتم لذلك غماً شديداً، فبينا هو يسير، إذ أنشده
رجل هذين البيتين:
أحسن الظنّ بربّ عوّدك ... حسناً أمس وسوّى أودك
إنّ ربّاً كان يكفيك الّذي ... كان بالأمس سيكفيك غدك
فسري عن الوزير، وأمر له بعشرة آلاف درهم.

لا تيأسن كأن قد فرج الله


حدثنا علي بن أبي الطيب، قال: حدثنا ابن السراج، قال: حدثنا ابن أبي
الدنيا، قال: حدثنا محمد بن أبي رجاء، مولى بني هاشم قال:

أصابني هم شديد، لمر كنت فيه، فرفعت مقعداً لي، كنت جالساً عليه،
فإذا برقعة مكتوبة فنظرت فيها، فإذا فيها مكتوب:
يا صاحب الهمّ إنّ الهمّ منقطعٌ ... لا تيأسنّ كأن قد فرّج اللّه
قال: فذهب عني ما كنت فيه من الغم، ولم ألبث أن فرج الله عني، فلله الحمد
والشكر.


كن للمكاره بالعزاء مقطعا


ً

كن للمكاره بالعزاء مقطّعاً ... فلعلّ يوماً لا ترى ما تكره
ولربّما ابتسم الوقور من الأذى ... وضميره من حرّه يتأوّه

حدثني أبو بكر الثقفي، قال: قال بعضهم: أصابني هم ضقت به ذرعاً، فنمت،
فرأيت كأن قائلاً يقول:
الوزير محمد بن القاسم يلاقي عاقبة ظلمه


حدثني
أبو الحسن علي بن الحسن، الشاهد المعروف بالجراحي، من حفظه، قال: حدثني
أبو الحسن بن أبي الطاهر محمد بن الحسن الكاتب، صاحب الجيش، قال: قبض علي
أبو جعفر محمد بن القاسم بن عبيد الله، في أيام وزارته للقاهر بالله، وعلى
أبي، فحبسنا في حجرة ضيقة، وأجلسنا على التراب، وشدد علينا، وكان يخرجنا
في كل يوم، فيطالب أبي بمال المصادرة، وأضرب أنا بحضرة أبي، ولا يضرب هو،
فلاقينا من ذلك أمراً شديداً صعباً.
فلما كان بعد أيام، قال لي أبي: إن
هؤلاء الموكلين، قد صارت لهم بنا حزمة، فتوصل إلى مكاتبة أبي بكر الصيرفي
- وكان صديقاً لأبي - حتى ينفذ إلينا بثلاثة آلاف درهم، نفرقها فيهم،
ففعلت ذلك، فأنفذ إلينا بالمال من يومه.
فقلت للموكلين، في عشي ذلك اليوم: قد وجبت لكم علينا حقوق، فخذوا هذه
الدراهم، فانتفعوا بها، فامتنعوا.
فقلت: ما سبب امتناعكم ؟، فوروا عن ذلك.
فقلت: إما قبلتم، وإما عرفتمونا السبب الذي لأجله امتناعكم.
فقالوا: نشفق عليكم، ونستحي من ذلك.
فقال لهم أبي: اذكروه على كل حال.
قالوا: قد عزم الوزير على قتلكما الليلة، ولا نستحسن أخذ شيء منكما مع هذا.
فقلقت،
ودخلت إلى أبي بغير تلك الصورة، فقال: ما لك ؟ فأخبرته بالخبر، وقلت لأبي:
ما أصنع بالدراهم ؟ فقال: ردها على أبي بكر، فرددتها عليه.
وكان أبي
يصوم تلك الأيام كلها، فلما غابت الشمس، تطهر، وصلى المغرب، فصليت معه،
ولم يفطر، ثم أقبل على الصلاة الدعاء، إلى أن صلى العشاء الآخرة، ثم دعاني.
فقال: اجلس يا بني إلى جانبي، جاثياً على ركبتيك، ففعلت، وجلس هو كذلك.
ثم
رفع رأسه إلى السماء، فقال: يا رب، محمد بن القاسم ظلمني، وحبسني على ما
ترى، وأنا بين يديك، وقد استعديت إليك، وأنت أحكم الحاكمين، فاحكم بيننا؛
لا يزيد عن ذلك.
ثم صاح بها إلى أن ارتفع صوته، ولم يزل يكررها بصياح ونداء واستغاثة، إلى
أن ظننت أنه قد مضى ربع الليل.
فوالله ما قطعها حتى سمعت الباب يدق، فذهب علي أمري، ولم أشك في أنه القتل.
وفتحت الأبواب، فدخل قوم بشموع، فتأملت، وإذا فيهم سابور، خادم القاهر،
فقال: أين أبو طاهر ؟، فقال إليه أبي، فقال: ها أنذا.
فقال: أين ابنك ؟ فقال: هوذا.
فقال: انصرفا إلى منزلكما، فخرجنا، فإذا هو قد قبض على محمد بن القاسم،
وحدره إلى دار القاهر.
وعاش محمد بن القاسم في الاعتقال ثلاثة أيام، ومات.

الظلم


الظلم،
في اللغة: وضع الشيء في غير موضعه، وفي الاصطلاح: إيذاء الناس، وانتقاص
حقوقهم، وهو خلاف التقوى التي هي مخافة الله، والعمل بطاعته، وكف الأذى،
قال الله تعالى: فقطع دابر القوم الذين ظلموا، وقال النبي صلوات الله
عليه: الظلم ظلمات يوم القيامة محاضرات الأدباء 1 - 215 وقال: من أعان
ظالماً سلطه الله عليه محاضرات الأدباء 1 - 218. والتاريخ عامر بأخبار قوم
آذوا وظلموا، فمنهم من عوجل، كما في هذه القصة، ومنهم من أمهل، غير أن
عاقبة ظلمه، أصابت أولاده وأحفاده وأهل بيته، مصداقاً لقول النبي صلوات
الله عليه: من خاف على عقبه، وعقب عقبه، فليتق الله، وقد كان الحجاج بن
يوسف الثقفي من الظالمين، ولم يعاجل، لما استخلف سليمان بن عبد الملك، أمر
بجميع الرجال من آل أبي عقيل، عائلة الحجاج، فاعتقلوا بواسط، وعذبوا، حتى
ماتوا جميعاً ابن الأثير 3 - 588، 589، ولما استخلف الخليفة الصالح عمر بن
عبد العزيز، بعث الباقين من أهل بيت الحجاج، إلى الحارث بن عمر الطائي،
عامله على البلقاء، وكتب إليه: أما بعد، فقد بعثت إليك بآل أبي عقيل، وبئس
- والله - أهل البيت في دين الله، وهلاك المسلمين، فأنزلهم بقدر هوانهم
على الله تعالى، وعلى أمير المؤمنين البصائر والذخائر م 2 ق 2 ص 586،
وكانت عاقبة ظلم بعض الخلفاء في العهد الأموي للناس، أن العباسيين لما
انتصروا عليهم، قتلوا أولادهم، وأحفادهم، حتى النساء، قتلاً ذريعاً، فلم
يفلت منهم إلا الرضيع، أو من هرب إلى الأماكن القاصية كالأندلس ابن الأثير
5 - 429 - 431 وأخبار مجموعة في فتح الأندلس 48 و 49 ثم تجاوزوا الأحياء
منهم إلى الأموات، فنبشوا قبورهم، وأخرجوا رممهم وضربوها بالسياط، ثم
أحرقوها بالنار، ونادى منادي عبد الله بن علي، بالأمان لمن بقي، فلما
اجتمعوا، أمر الجند فشدخوهم بالأعمدة حتى قتلوهم الفخري 252 والعيون
والحدائق 3 - 206 - 211 وابن الأثير 5 - 429 والعقد الفريد 4 - 483 - 487،
والأغاني 4 - 343 - 355 ومحاضرات الأدباء 4 - 535 وأخبار مجموعة في فتح
الأندلس 48 و 49، وروى ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ 8 - 381 و
382 فصلاً في مظالم البريديين، ثم قال: إنه ذكر هذا الفصل ليعلم الظلمة أن
أخبارهم تنقل، وتبقى على وجه الدهر، فربما تركوا الظلم لهذا، إن لم يتركوه
لله سبحانه وتعالى.
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى