صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ محي الدين السنة قامع البدعة أبو عبد الله الشهير بابن قيم
الجوزية رحمه الله ورضى عنه
قاعدة جليلة اذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته
وسماعه
والق سمعك واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه اليه فانه خاطب
منه لك على لسان رسوله قال تعالي ان في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو القى
السمع وهو شهيد وذلك ان تمام التأثير لما كان موقوفا على مؤثر مقتض ومحل
قابل وشرط لحصول الأثر وانتفاء المانع الذي يمنع منه تضمنت الآية بيان ذلك
كله بأوجز لفظ وأبينه وأدله على المراد فقوله ان في ذلك لذكري اشار الى ما
تقدم من أول السورة الى ههنا وهذا هو المؤثر وقوله لمن كان له قلب فهذا هو
المحل القابل والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله كما قال تعالى إن
هو الا ذكر وقرآن مبين لينذر من كان حيا أي حي القلب وقوله أو ألقى السمع
أي وجه سمعه وأصغى حاسة سمعه الى ما يقال له وهذا شرط التأثر بالكلام
وقوله وهو شهيد أي شاهد القلب حاضر غير غائب قال ابن قتيبة استمع كتاب
الله وهو شاهد القلب والفهم ليس بغافل ولا ساه وهو اشارة الى المانع من
حصول التأثير وهو سهو القلب وغيبته عن تعقل ما يقال له والنظر فيه وتأمله
فاذا حصل المؤثر وهو القرآن والمحل القابل وهو القلب الحي ووجد الشرط وهو
الاصغاء وانتفى المانع وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه
عنه الي شيء آخر حصل الأثر وهو الانتفاع والتذكر
فان قيل اذا كان التأثير إنما يتم بمجموع هذه فما وجه دخول أداة
أو في قوله
أو القى السمع والموضع موضع واو الجمع لا موضع أو التي هي لأحد الشيئين
قيل هذا سؤال جيد والجواب عنه أن يقال خرج الكلام بأو باعتبار حال المخاطب
المدعو فأن من الناس من يكون حي القلب واعيه تام الفطرة فإذا فكر بقلبه
وجال بفكره دله قلبه وعقله على صحة القرآن وأنه الحق وشهد قلبه بما أخبر
به القرآن فكان ورود القرآن على قلبه نورا على نور الفطرة وهذا وصف الذين
قيل فيهم ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل اليك من ربك هو الحق وقال في
حقهم الله نور السموات والارض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في
زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا
غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من
يشاء فهذا نور الفطرة على نور الوحي وهذا حال صاحب القلب الحي الواعي قال
ابن القيم وقد ذكرنا ما تضمنت هذه الآية من الأسرار والعبر في كتاب اجتماع
الجيوش الاسلامية على غزو المعطلة والجهمية فصاحب القلب يجمع بين قلبه
وبين معاني القرآن فيجدها كأنها قد كتبت فيه فهو يقرأها عن ظهر قلب ومن
الناس من لا يكون تام الاستعداد واعي القلب كامل الحياة فيحتاج الى شاهد
يميز له بين الحق والباطل ولم تبلغ حياة قلبه ونوره وزكاء فطرته مبلغ صاحب
القلب الحي الواعي فطريق حصول هدايته ان يفرغ سمعه للكلام وقلبه لتأمله
والتفكير فيه وتعقل معانيه فيعلم حينئذ انه الحق فالأول حال من رأى بعينه
ما دعى اليه وأخبر به والثاني حال من علم صدق المخبر وتيقنه وقال يكفيني
خبره فهو في مقام الايمان والأول في مقام الاحسان هذا قد وصل الى علم
اليقين وترقي قلبه منه الى فنزلة عين اليقين وذاك معه التصديق الجازم الذي
خرج به من الكفر ودخل به في الاسلام فعين اليقين نوعان نوع في الدنيا ونوع
في الآخرة فالحاصل في الدنيا نسبته الى القلب كنسبة الشاهد
الى العين وما أخبرت به الرسل من الغيب يعاين في الآخرة
بالابصار وفي لدنيا بالبصائر فهو عين يقين في المرتبتين
فصل وقد جمعت هذه السورة من أصول الايمان ما يكفي ويشفي ويغني عن
كلام أهل الكلام ومعقول أهل المعقول فانها تضمنت تقرير المبدأ والمعاد
والتوحيد والنبوة والايمان بالملائكة وانقسام الناس الى هالك شقي وفائز
سعيد وأوصاف هؤلاء وهؤلاء وتضمنت اثبات صفات الكمال لله وتنزيهه عما يضاد
كمله من النقائص والعيوب وذكر فيها القيامتين الصغرى والكبرى والعالمين
الأكبر وهو عالم الآخرة والأصغر وهو عالم الدنيا وذكر فيها خلق الانسان
ووفاته واعادته وحاله عند وفاته ويوم معاده واحاطته سبحانه به من كل وجه
حتى علمه بوساوس نفسه واقامة الحفظة عليه يحصون عليه كل لفظة يتكلم بها
وانه يوافيه يوم القيامة ومعه سائق يسوقه اليه وشاهد يشهد عليه فاذا أحضره
السائق قال هذا ما لدى عتيد أي هذا الذي أمرت باحضاره قد احضرته فيقال عند
احضاره القيا في جهنم كل كفار عنيد كما يحضر الجاني الي حضرة السلطان
فيقال هذا فلان قد أحضرته فيقول اذهبوا به الى السجن وعاقبوه بما يستحقه
وتأمل كيف دلت السورة صريحا على أن الله سبحانه يعيد هذا الجسد بعينه الذي
أطاع وعصى فينعمه ويعذبه كما ينعم الروح التي آمنت بعينها ويعذب التي كفرت
بعينها لا انه سبحانه يخلق روحا أخرى غير هذه فينعمها ويعذبها كما قاله من
لم يعرف المعاد الذي أخبرت به الرسل حيث زعم ان الله سبحانه يخلق بدنا غير
هذا البدن من كل وجه عليه يقع النعيم والعذاب والروح عنده عرض من أعراض
البدن فيخلق روحا غير هذه الروح وبدنا غير هذا البدن
وهذا غير ما اتفقت عليه الرسل ودل عليه القرآن والسنة وسائر كتب
الله تعالي وهذا في الحقيقة انكار للمعاد وموافقة لقول من أنكره من
المكذبين فانهم لم ينكروا قدرة الله علي خلق أجسام أخر غير هذه الأجسام
يعذبها وينعمها كيف وهم يشهدون النوع الانساني يخلق شيئا بعد شيء فكل وقت
يخلق الله سبحانه أجساما وأرواحا غير الأجسام التي فنيت فكيف يتعجبون من
شيء يشاهدونه عيانا وانما تعجبوا من عودهم باعيانهم بعد أن مزقهم البلي
وصاروا عظاما ورفاتا فتعجبوا ان يكونوا هم باعيانهم مبعوثين للجزاء ولهذا
قالوا أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون وقالوا ذلك رجع بعيد ولو
كان الجزاء انما هو لاجسام غير هذه ل يكن ذلك بعثا ولا رجعا بل يكون
ابتداء ولم يكن لقوله قد علمنا ما تنقص الأرض منهم كبير معني فأنه سبحانه
جعل هذا جوابا لسؤال مقدر وهو انه يميز تلك الأجزاء التي اختلطت بالارض
واستحالت الي العناصر بحيث لا تتميز فأخبر سبحانه انه قد علم ما تنقصه
الارض من لحومهم وعظامهم وأشعارهم وانه كما هو عالم بتلك الأجزاء فهو قادر
على تحصيلها وجمعها بعد تفرقها وتأليفها خلقا جديدا وهو سبحانه يقرر
المعاد بذكر كمال علمه وكمال قدرته وكمال حكمته فان شبه المنكرين له كلها
تعود الى ثلاثة أنواع أحدها اختلاط اجزائهم بأجزاء الارض علي وجه لا يتميز
ولا يحصل معها تميز شخص عن شخص الثاني ان القدرة لا تتعلق بذلك الثالث ان
ذلك أمر لا فائدة فيه أو انما الحكمة اقتضت دوام هذا النوع الانساني شيئا
بعد شيء هكذا ابدا كلما مات جيل خلفه جيل آخر فأما ان يميت النوع الانساني
كله ثم يحيه بعد ذلك فلا حكمة في ذلك فجاءت براهين المعاد في القرآن مبينة
على ثلاثة أصول أحدها تقرير كمال علم الرب سبحانه كما قال في جواب من قال
من يحي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم
وقال وان الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل ان ربك هو الخلاق العليم وقال
قد علمنا
ما تنقص الأرض منهم والثاني تقرير كمال قدرته كقوله أو ليس الذي
خلق السموات والارض بقادر على أن يخلق مثلهم وقوله بلي قادرين على أن نسوي
بنانه وقوله ذلك بأن الله هو الحق وانه يحي الموتى وانه على كل شيء قدير
ويجمع سبحانه بين الأمرين كما في قوله أو ليس الذي خلق السموات والارض
بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم الثالث كمال حكمته كقوله
وما خلقنا السموات والارض وما بينهما لاعبين وقوله وما خلقنا السماء
والارض وما بينهما باطلا وقوله أيحسب الانسان أن يترك سدى وقوله أفحسبتم
انما خلقناكم عبثا وانكم الينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق وقوله أم
حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء
محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون ولهذا كان الصواب ان المعاد معلوم بالعقل مع
الشرع وان كمال الرب تعالي وكمال اسمائه وصفاته تقتضيه وتوجبه وأنه منزه
عما يقوله منكروه كما ينزه كماله عن سائر العيوب والنقائص ثم أخبر سبحانه
أن المنكرين لذلك لما كذبوا بالحق اختلط عليهم أمرهم فهم في أمر مريج
مختلط لا يحصلون منه على شيء ثم دعاهم الي النظر في العالم العلوي وبنائه
وارتفاعه واستوائه وحسنه والتئامه ثم الى العالم السفلي وهو الارض وكيف
بسطها وهيأها بالبسط لما يراد منها وثبتها بالجبال وأودع فيها المنافع
وأنبت فيها من كل صنف حسن من أصناف النبات على اختلاف أشكاله وألوانه
ومقاديره ومنافعه وصفاته وأن ذلك تبصرة اذا تأملها العبد المنيب وتبصر بها
تذكر ما دلت عليه مما اخبرت به الرسل من التوحيد والمعاد فالناظر فيها
يتبصر أولا ثم يتذكر ثانيا وان هذا لا يحصل الا لعبد منيب الي الله بقلبه
وجوارحه ثم دعاهم الي التفكر في مادة أرزاقهم وأقواتهم وملابسهم ومراكبهم
وجناتهم وهو الماء الذي أنزله من السماء وبارك فيه حتي أنبت به جنات
مختلفة الثمار والفواكه ما بين أبيض وأسود وأحمر وأصفر وحلو وحامض وبين
ذلك مع اختلاف منابعها وتنوع أجناسها وأنبت به
الحبوب كلها علي تنوعها واختلاف منافعها وصفاتها واشكالها
ومقاديرها ثم أفرد النخل لما فيه من موضع العبرة والدلالة التي لا تخفي
علي المتأمل وأحيا به الارض بعد موتها ثم قال كذلك الخروج أي مثل هذا
الاخراج من الارض الفواكه والثمار والأقوات والحبوب خروجكم من الارض بعد
ما غيبتم فيها وقد ذكرنا هذا القياس وامثاله من المقاييس الواقعة في
القرآن في كتابنا المعالم وبينا بعض ما فيها من الاسرار والعبر ثم انتقل
سبحانه الي تقرير النبوة باحسن تقرير وأوجر لفظ وأبعده عن كل شبهه وشك
فأخبر انه ارسل الى قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وقوم فرعون رسلا فكذبوهم
فاهلكهم بأنواع الهلاك وصدق فيهم وعيده الذي أو عدتهم به رسله ان لم
يؤمنوا وهذا تقرير لنبوتهم ولنبوة من أخبر بذلك عنهم من غير أن يتعلم ذلك
من معلم ولا قرأه في كتاب بل أخبر به إخبارا مفصلا مطابقا لما عند أهل
الكتاب ولا يرد على هذا الا سؤال البهت والمكابرة على جحد الضروريات بانه
لم يكن شيء من ذلك أو أن حوادث الدهر ونكباته أصابتهم كما أصابت غيرهم
وصاحب هذا السؤال يعلم من نفسه انه باهت مباحث جاحد لما شهد به العيان
وتناقلته القرن قرنا بعد قررن فانكاره بمنزلة انكار وجود المشهورين من
الملوك والعلماء والبلاد النائية ثم عاد سبحانه الي تقرير المعاد بقوله
أفعيينا بالخلق الأول يقال لكل من عجز عن شيء عيى به وعيى فلان بهذا الأمر
قال الشاعر
عيوا بأمرهم كما ... عييت ببيضتها الحمامة ومنه قوله تعالى ولم يعي بخلقهن
قال ابن عباس يريد افعجزنا وكذلك قال مقاتل قلت هذا تفسير بلازم اللفظة
وحقيقتها أعم من ذلك فان العرب تقول أعياني أن اعرف كذا وعييت به اذا لم
تهتد له لوجهه ولم تقدر على معرفته وتحصيله فتقول أعياني دواؤك اذا لم
تهتد ولم تقف عليه ولازم هذا المعنى العجز عنه والبيت الذي استشهدوا به
شاهد لهذا المعنى فان الحمامة لم تعجز عن
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ محي الدين السنة قامع البدعة أبو عبد الله الشهير بابن قيم
الجوزية رحمه الله ورضى عنه
قاعدة جليلة اذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته
وسماعه
والق سمعك واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه اليه فانه خاطب
منه لك على لسان رسوله قال تعالي ان في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو القى
السمع وهو شهيد وذلك ان تمام التأثير لما كان موقوفا على مؤثر مقتض ومحل
قابل وشرط لحصول الأثر وانتفاء المانع الذي يمنع منه تضمنت الآية بيان ذلك
كله بأوجز لفظ وأبينه وأدله على المراد فقوله ان في ذلك لذكري اشار الى ما
تقدم من أول السورة الى ههنا وهذا هو المؤثر وقوله لمن كان له قلب فهذا هو
المحل القابل والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله كما قال تعالى إن
هو الا ذكر وقرآن مبين لينذر من كان حيا أي حي القلب وقوله أو ألقى السمع
أي وجه سمعه وأصغى حاسة سمعه الى ما يقال له وهذا شرط التأثر بالكلام
وقوله وهو شهيد أي شاهد القلب حاضر غير غائب قال ابن قتيبة استمع كتاب
الله وهو شاهد القلب والفهم ليس بغافل ولا ساه وهو اشارة الى المانع من
حصول التأثير وهو سهو القلب وغيبته عن تعقل ما يقال له والنظر فيه وتأمله
فاذا حصل المؤثر وهو القرآن والمحل القابل وهو القلب الحي ووجد الشرط وهو
الاصغاء وانتفى المانع وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه
عنه الي شيء آخر حصل الأثر وهو الانتفاع والتذكر
فان قيل اذا كان التأثير إنما يتم بمجموع هذه فما وجه دخول أداة
أو في قوله
أو القى السمع والموضع موضع واو الجمع لا موضع أو التي هي لأحد الشيئين
قيل هذا سؤال جيد والجواب عنه أن يقال خرج الكلام بأو باعتبار حال المخاطب
المدعو فأن من الناس من يكون حي القلب واعيه تام الفطرة فإذا فكر بقلبه
وجال بفكره دله قلبه وعقله على صحة القرآن وأنه الحق وشهد قلبه بما أخبر
به القرآن فكان ورود القرآن على قلبه نورا على نور الفطرة وهذا وصف الذين
قيل فيهم ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل اليك من ربك هو الحق وقال في
حقهم الله نور السموات والارض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في
زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا
غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من
يشاء فهذا نور الفطرة على نور الوحي وهذا حال صاحب القلب الحي الواعي قال
ابن القيم وقد ذكرنا ما تضمنت هذه الآية من الأسرار والعبر في كتاب اجتماع
الجيوش الاسلامية على غزو المعطلة والجهمية فصاحب القلب يجمع بين قلبه
وبين معاني القرآن فيجدها كأنها قد كتبت فيه فهو يقرأها عن ظهر قلب ومن
الناس من لا يكون تام الاستعداد واعي القلب كامل الحياة فيحتاج الى شاهد
يميز له بين الحق والباطل ولم تبلغ حياة قلبه ونوره وزكاء فطرته مبلغ صاحب
القلب الحي الواعي فطريق حصول هدايته ان يفرغ سمعه للكلام وقلبه لتأمله
والتفكير فيه وتعقل معانيه فيعلم حينئذ انه الحق فالأول حال من رأى بعينه
ما دعى اليه وأخبر به والثاني حال من علم صدق المخبر وتيقنه وقال يكفيني
خبره فهو في مقام الايمان والأول في مقام الاحسان هذا قد وصل الى علم
اليقين وترقي قلبه منه الى فنزلة عين اليقين وذاك معه التصديق الجازم الذي
خرج به من الكفر ودخل به في الاسلام فعين اليقين نوعان نوع في الدنيا ونوع
في الآخرة فالحاصل في الدنيا نسبته الى القلب كنسبة الشاهد
الى العين وما أخبرت به الرسل من الغيب يعاين في الآخرة
بالابصار وفي لدنيا بالبصائر فهو عين يقين في المرتبتين
فصل وقد جمعت هذه السورة من أصول الايمان ما يكفي ويشفي ويغني عن
كلام أهل الكلام ومعقول أهل المعقول فانها تضمنت تقرير المبدأ والمعاد
والتوحيد والنبوة والايمان بالملائكة وانقسام الناس الى هالك شقي وفائز
سعيد وأوصاف هؤلاء وهؤلاء وتضمنت اثبات صفات الكمال لله وتنزيهه عما يضاد
كمله من النقائص والعيوب وذكر فيها القيامتين الصغرى والكبرى والعالمين
الأكبر وهو عالم الآخرة والأصغر وهو عالم الدنيا وذكر فيها خلق الانسان
ووفاته واعادته وحاله عند وفاته ويوم معاده واحاطته سبحانه به من كل وجه
حتى علمه بوساوس نفسه واقامة الحفظة عليه يحصون عليه كل لفظة يتكلم بها
وانه يوافيه يوم القيامة ومعه سائق يسوقه اليه وشاهد يشهد عليه فاذا أحضره
السائق قال هذا ما لدى عتيد أي هذا الذي أمرت باحضاره قد احضرته فيقال عند
احضاره القيا في جهنم كل كفار عنيد كما يحضر الجاني الي حضرة السلطان
فيقال هذا فلان قد أحضرته فيقول اذهبوا به الى السجن وعاقبوه بما يستحقه
وتأمل كيف دلت السورة صريحا على أن الله سبحانه يعيد هذا الجسد بعينه الذي
أطاع وعصى فينعمه ويعذبه كما ينعم الروح التي آمنت بعينها ويعذب التي كفرت
بعينها لا انه سبحانه يخلق روحا أخرى غير هذه فينعمها ويعذبها كما قاله من
لم يعرف المعاد الذي أخبرت به الرسل حيث زعم ان الله سبحانه يخلق بدنا غير
هذا البدن من كل وجه عليه يقع النعيم والعذاب والروح عنده عرض من أعراض
البدن فيخلق روحا غير هذه الروح وبدنا غير هذا البدن
وهذا غير ما اتفقت عليه الرسل ودل عليه القرآن والسنة وسائر كتب
الله تعالي وهذا في الحقيقة انكار للمعاد وموافقة لقول من أنكره من
المكذبين فانهم لم ينكروا قدرة الله علي خلق أجسام أخر غير هذه الأجسام
يعذبها وينعمها كيف وهم يشهدون النوع الانساني يخلق شيئا بعد شيء فكل وقت
يخلق الله سبحانه أجساما وأرواحا غير الأجسام التي فنيت فكيف يتعجبون من
شيء يشاهدونه عيانا وانما تعجبوا من عودهم باعيانهم بعد أن مزقهم البلي
وصاروا عظاما ورفاتا فتعجبوا ان يكونوا هم باعيانهم مبعوثين للجزاء ولهذا
قالوا أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون وقالوا ذلك رجع بعيد ولو
كان الجزاء انما هو لاجسام غير هذه ل يكن ذلك بعثا ولا رجعا بل يكون
ابتداء ولم يكن لقوله قد علمنا ما تنقص الأرض منهم كبير معني فأنه سبحانه
جعل هذا جوابا لسؤال مقدر وهو انه يميز تلك الأجزاء التي اختلطت بالارض
واستحالت الي العناصر بحيث لا تتميز فأخبر سبحانه انه قد علم ما تنقصه
الارض من لحومهم وعظامهم وأشعارهم وانه كما هو عالم بتلك الأجزاء فهو قادر
على تحصيلها وجمعها بعد تفرقها وتأليفها خلقا جديدا وهو سبحانه يقرر
المعاد بذكر كمال علمه وكمال قدرته وكمال حكمته فان شبه المنكرين له كلها
تعود الى ثلاثة أنواع أحدها اختلاط اجزائهم بأجزاء الارض علي وجه لا يتميز
ولا يحصل معها تميز شخص عن شخص الثاني ان القدرة لا تتعلق بذلك الثالث ان
ذلك أمر لا فائدة فيه أو انما الحكمة اقتضت دوام هذا النوع الانساني شيئا
بعد شيء هكذا ابدا كلما مات جيل خلفه جيل آخر فأما ان يميت النوع الانساني
كله ثم يحيه بعد ذلك فلا حكمة في ذلك فجاءت براهين المعاد في القرآن مبينة
على ثلاثة أصول أحدها تقرير كمال علم الرب سبحانه كما قال في جواب من قال
من يحي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم
وقال وان الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل ان ربك هو الخلاق العليم وقال
قد علمنا
ما تنقص الأرض منهم والثاني تقرير كمال قدرته كقوله أو ليس الذي
خلق السموات والارض بقادر على أن يخلق مثلهم وقوله بلي قادرين على أن نسوي
بنانه وقوله ذلك بأن الله هو الحق وانه يحي الموتى وانه على كل شيء قدير
ويجمع سبحانه بين الأمرين كما في قوله أو ليس الذي خلق السموات والارض
بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم الثالث كمال حكمته كقوله
وما خلقنا السموات والارض وما بينهما لاعبين وقوله وما خلقنا السماء
والارض وما بينهما باطلا وقوله أيحسب الانسان أن يترك سدى وقوله أفحسبتم
انما خلقناكم عبثا وانكم الينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق وقوله أم
حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء
محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون ولهذا كان الصواب ان المعاد معلوم بالعقل مع
الشرع وان كمال الرب تعالي وكمال اسمائه وصفاته تقتضيه وتوجبه وأنه منزه
عما يقوله منكروه كما ينزه كماله عن سائر العيوب والنقائص ثم أخبر سبحانه
أن المنكرين لذلك لما كذبوا بالحق اختلط عليهم أمرهم فهم في أمر مريج
مختلط لا يحصلون منه على شيء ثم دعاهم الي النظر في العالم العلوي وبنائه
وارتفاعه واستوائه وحسنه والتئامه ثم الى العالم السفلي وهو الارض وكيف
بسطها وهيأها بالبسط لما يراد منها وثبتها بالجبال وأودع فيها المنافع
وأنبت فيها من كل صنف حسن من أصناف النبات على اختلاف أشكاله وألوانه
ومقاديره ومنافعه وصفاته وأن ذلك تبصرة اذا تأملها العبد المنيب وتبصر بها
تذكر ما دلت عليه مما اخبرت به الرسل من التوحيد والمعاد فالناظر فيها
يتبصر أولا ثم يتذكر ثانيا وان هذا لا يحصل الا لعبد منيب الي الله بقلبه
وجوارحه ثم دعاهم الي التفكر في مادة أرزاقهم وأقواتهم وملابسهم ومراكبهم
وجناتهم وهو الماء الذي أنزله من السماء وبارك فيه حتي أنبت به جنات
مختلفة الثمار والفواكه ما بين أبيض وأسود وأحمر وأصفر وحلو وحامض وبين
ذلك مع اختلاف منابعها وتنوع أجناسها وأنبت به
الحبوب كلها علي تنوعها واختلاف منافعها وصفاتها واشكالها
ومقاديرها ثم أفرد النخل لما فيه من موضع العبرة والدلالة التي لا تخفي
علي المتأمل وأحيا به الارض بعد موتها ثم قال كذلك الخروج أي مثل هذا
الاخراج من الارض الفواكه والثمار والأقوات والحبوب خروجكم من الارض بعد
ما غيبتم فيها وقد ذكرنا هذا القياس وامثاله من المقاييس الواقعة في
القرآن في كتابنا المعالم وبينا بعض ما فيها من الاسرار والعبر ثم انتقل
سبحانه الي تقرير النبوة باحسن تقرير وأوجر لفظ وأبعده عن كل شبهه وشك
فأخبر انه ارسل الى قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وقوم فرعون رسلا فكذبوهم
فاهلكهم بأنواع الهلاك وصدق فيهم وعيده الذي أو عدتهم به رسله ان لم
يؤمنوا وهذا تقرير لنبوتهم ولنبوة من أخبر بذلك عنهم من غير أن يتعلم ذلك
من معلم ولا قرأه في كتاب بل أخبر به إخبارا مفصلا مطابقا لما عند أهل
الكتاب ولا يرد على هذا الا سؤال البهت والمكابرة على جحد الضروريات بانه
لم يكن شيء من ذلك أو أن حوادث الدهر ونكباته أصابتهم كما أصابت غيرهم
وصاحب هذا السؤال يعلم من نفسه انه باهت مباحث جاحد لما شهد به العيان
وتناقلته القرن قرنا بعد قررن فانكاره بمنزلة انكار وجود المشهورين من
الملوك والعلماء والبلاد النائية ثم عاد سبحانه الي تقرير المعاد بقوله
أفعيينا بالخلق الأول يقال لكل من عجز عن شيء عيى به وعيى فلان بهذا الأمر
قال الشاعر
عيوا بأمرهم كما ... عييت ببيضتها الحمامة ومنه قوله تعالى ولم يعي بخلقهن
قال ابن عباس يريد افعجزنا وكذلك قال مقاتل قلت هذا تفسير بلازم اللفظة
وحقيقتها أعم من ذلك فان العرب تقول أعياني أن اعرف كذا وعييت به اذا لم
تهتد له لوجهه ولم تقدر على معرفته وتحصيله فتقول أعياني دواؤك اذا لم
تهتد ولم تقف عليه ولازم هذا المعنى العجز عنه والبيت الذي استشهدوا به
شاهد لهذا المعنى فان الحمامة لم تعجز عن
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
فائدة أنزه الموجودات وأظهرها وأنورها وأشرفها وأعلاها ذاتا
وقدرا
وأوسعها عرش الرحمن جل جلاله ولذلك صلح لاستوائه عليه وكل ما كان أقرب الى
العرش كان أنور وأنزه وأشرف مما بعد عنه ولهذا كانت جنة الفردوس أعلى
الجنان وأشرفها وأنورها وأجلها لقربها من العرش اذ هو سقفها وكل ما بعد
عنه كان أظلم وأضيق ولهذا كان أسفل سافلين شر الأمكنة وأضيقها وأبعدها من
كل خير وخلق الله القلوب وجعلها محلا لمعرفته ومحبته وارادته فهي عرش
المثل الأعلى الذي هو معرفته ومحبته وارادته قال تعالى للذين لا يؤمنون
بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم وقال تعالى وهو
الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السموات
والأرض وهو العزيز الحكيم وقال تعالى ليس كمثله شيء فهذا من المثل الأعلى
وهو مستو علي قلب المؤمن فهو عرشه وان لم يكن أطهر الأشياء وأنزهها
وأطيبها وأبعدها من كل دنس وخبث لم يصلح لاستواء المثل الأعلي عليه معرفة
ومحبة وارادة فاستوى عليه مثل الدنيا الأسفل ومحبتها وارادتها والتعلق بها
فضاق وأظلم وبعد من كماله وفلاحه حتي تعود القلوب علي قلبين قلب هو عرش
الرحمن ففيه النور والحياة والفرح والسرور والبهجة وذخائر الخير وقلب هو
عرش الشيطان فهناك الضيق والظلمة والموت والحزن والغم والهم فهو حزين علي
ما مضى مهموم بما يستقبل مغموم في الحال وقد روى الترمذي وغيره عن النبي
أنه قال اذا دخل النور القلب انفسخ وانشرح قالوا فما علامة ذلك يا رسول
الله قال الانابة الى دار الخلود والتجاني عن دار الغرور والاستعداد للموت
قبل نزوله والنور الذي يدخل القلب انما هو آثار المثل الأعلى فلذلك ينفسخ
وينشرح واذا لم يكن فيه معرفة الله ومحبته فحظه الظلمة والضيق
فائدة تأمل خطاب القرآن تجد ملكا له الملك كله وله الحمد كله
أزمة الأمور كلها بيده ومصدرها منه ومرادها اليه مستويا على سرير ملكه لا
تخفى عليه خافية في أقطار مملكته عالما بما في نفوس عبيده مطلعا علي
أسرارهم وعلانيتهم منفردا بتدبير المملكة يسمع ويرى ويعطي ويمنع ويثيب
ويعاقب ويكرم ويهين ويخلق ويرزق ويميت ويحيي ويقدر و يقضي ويدبر الأمور
نازلة من عنده دقيقها وجليلها وصاعدة اليه لا تتحرك في ذرة الا باذنه ولا
تسقط ورقة الا بعلمه فتأمل كيف تجده يثني على نفسه ويمجد نفسه ويحمد نفسه
وينصح عباده ويدلهم على ما فيه سعادتهم وفلاحهم ويرغبهم فيه ويحذرهم مما
فيه هلاكهم ويتعرف اليهم بأسمائه وصفاته ويتححب اليهم بنعمه وآلائه
فيذكرهم بنعمه عليهم ويأمرهم بما يستوجبون به تمامها ويحذرهم من نقمه
ويذكرهم بما اعد لهم من الكرامة ان اطاعوه وما أعد لهم ما العقوبة ان عصوه
ويخبرهم بصنعه في أوليائه وأعدائه وكيف كانت عاقبة هؤلاء وهؤلاء ويثني على
أوليائه بصالح أعمالهم وأحسن أوصافهم ويذم أعداءه بسىء أعمالهم وقبيح
صفاتهم ويضرب الأمثال وينوع الأدلة والبراهين ويجيب عن شبه أعدائه أحسن
الأجوبة ويصدق الصادق ويكذب الكاذب ويقول الحق ويهدي السبيل ويدعو الى دار
السلام ويذكر أوصافها وحسنها ونعيمها ويحذر من دار البوار ويذكر عذابها
وقبحها وآلامها ويذكر عباده فقرهم اليه وشدة حاجتهم اليه من كل وجه وانهم
لا غنى لهم عنه طرفة عين ويذكر غناه عنهم وعن جميع الموجودات وانه الغنى
بنفسه عن كل ما سواه وكل ما سواه فقير اليه بنفسه وانه لا ينال احد ذرة من
الخبر فما فوقها الا بفضله ورحمته ولا ذرة من الشر فما فوقها الا بعدله
وحكمته ويشهد من خطابه عتابه لاحبابه الطف عتاب وانه مع ذلك مقيل عثراتهم
وغافر زلاتهم ومقيم اعذارهم ومصلح فسادهم والدافع
عنهم والمحامي عنهم والناصر لهم والكفيل بمصالحهم والمنجي لهم
من كل كرب والموفي لهم بوعده وانه وليهم الذي لا ولى لهم سواه فهو مولاهم
الحق ونصيرهم علي عدوهم فنعم المولى ونعم النصير فاذا شهدت القلوب من
القرآن ملكا عظيما رحيما جوادا جميلا هذا شانه فكيف لا تحبه وتنافس في
القرب منه وتنفق انفاسها في التودد اليه ويكون احب اليها من كل ما سواه
ورضاه آثر عندها من رضا كل ما سواه وكيف لا تلهج بذكره ويصير حبه والشوق
اليه والأنس به هو غذائها وقوتها ودواؤها بحيث ان فقدت ذلك فسدت وهلكت ولم
تنفع بحياتها
فائدة قبول المحل لما يوضع فيه مشروط بتفريغه من ضده وهذا كما
انه
في الذوات والأعيان فكذلك هو في الاعتقادات والارادات فاذا كان القلب
ممتلئا بالباطل اعتقادا ومحبة لم يبق فيه لاعتقاد الحق ومحبته موضع كما ان
اللسان اذا اشتغل بالتكلم بما لا ينفع لم يتمكن صاحبه من النطق بما ينفعه
الا اذا فزع لسانه من النطق بالباطل وكذلك الجوارح اذا اشتغلت بغير الطاعة
لم يمكن شغلها بالطاعة الا اذا فرغها من ضدها فكذلك القلب المشغول بمحبة
غير الله وارادته والشوق إليه والأنس به إلا يمكن شغله بمحبة الله واردته
وحبه والشوق الى لقائه لا بتفريغه من تعلقه بغيره ولا حركة اللسان بذكره
والجوارح بخدمته الا اذا فرغها من ذكر غيره وخدمته فاذا امتلأ القلب
بالشغل بالمخلوق والعلوم التي لا تنفع لم يبقى فيها موضع للشغل بالله
ومعرفة اسمائه وصفاته وأحكامه وسر ذلك ان اصغاء القلب كاصغاء الأذن فاذا
صغى الى غير حديث الله لم يبق فيه اصغاء ولا فهم لحديثه كما اذا مال الى
غير محبة الله لم يبق فيه ميل الى محبته فاذا نطق القلب بغير ذكره لم يبق
فيه محل للنطق بذكره كاللسان ولهذا في الصحيح عن النبي انه قال لان يمتلىء
جوف احدكم قيحا حتي يريه خير له من أن يمتلىء
شعرا فبين أن الجوف يمتلىء بالشعر فكذلك يمتلىء بالشبه والشكوك
والخيالات والتقديرات التي لا وجود لها والعلوم التي لا تنفع والمفاكهات
والمضاحكات والحكايات ونحوها واذا امتلأ القلب بذلك جاءته حقائق القرآن
والعلم الذي به كماله وسعادته فلم تجد فيه فراغا لها ولا قبولا فتعدته
وجاوزته الي محل سواه كما اذا بذلت النصيحة لقلب ملآن من ضدها لا منفذ لها
فيه فانه فيه لا يقبلها ولا تلج فيه لكن تمر مجتازة لا مستوطنة ولذلك قيل
نزه فؤادك من سوانا تلقنا ... فجنابنا حل لكل منزه
والصبر طلسم لكنز وصالنا ... من حل ذا الطلسم فاز بكنزه وبالله التوفيق
فائدة قوله تعالى ألهاكم التكاثر الى آخرها أخلصت هذه السورة
للوعد
الوعيد والتهديد وكفى بها موعظة لمن عقلها فقوله تعالى ألهاكم أي شغلكم
على وجه لا تعتذرون فيه فان الالهاء عن الشيء هو الاشتغال عنه فان كان
بقصد فهو محل التكليف وان كان بغير قصد كقوله في الخميصة انها ألهتني آنفا
عن صلاتي كان صاحبه معذورا وهو نوع من النسيان وفي الحديث فلها عن الصبي
أي ذهل عنه ويقال لها بالشيء أي اشتغل به ولها عنه اذا انصرف عنه واللهو
للقلب واللعب للجوارح ولهذا يجمع بينهما ولهذا كان قوله ألهاكم التكاثر
ابلغ في الذم من شغلكم فان العامل قد يستعمل جوارحه بما يعمل وقلبه غير
لاه به فاللهو هو ذهول واعراض والتكاثر تفاعل من الكثرة أي مكاثرة بعضكم
لبعض واعرض عن ذكر المتكاثر به ارادة لاطلاقه وعمومه وان كل ما يكاثر به
العبد غيره سوى طاعة الله ورسوله وما يعود عليه بنفع معاده فهو داخل في
هذا التكاثر فالتكاثر في كل شيء من مال او جاه او رياسة او نسوة او حديث
او
علم ولا سيما اذا لم يحتج اليه والتكاثر فى الكتب والتصانيف
وكثرة المسائل وتفريعها وتوليدها والتكاثر ان يطلب الرجل ان يكون اكثر من
غيره وهذا مذموم الا فيما يقرب الى الله فالتكاثر فيه منافسة فى الخيرات
ومسابقة اليها وفى صحيح مسلم من حديث عبد الله بن الشخير انه انتهى الي
النبي وهو يقرأ ألهاكم التكاثر قال يقول ابن آدم مالى وهل لك من مالك الا
ما تصدقت فأمضيت أو أكلت فافنيت او لبست فابليت تنبيه
من لم ينتفع بعينه لم ينتفع باذنه للعبد ستر بينه وبين الله وستر بينه
وبين الناس فمن هتك الستر الذى بينه وبين الله حقك الله الستد الذي بينه
وبين الناس للعبد رب هو ملاقيه وبيت هو ساكنه فينبغى له ان يسترضى ربه قبل
لقائه ويعمر بيته قبل انتقاله اليه اضاعة الوقت اشد من الموت لان اضاعة
الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة والموت يقطعك عن الدنيا واهلها الدنيا
من أولها الى آخرها لا تساوى غم ساعة فكيف بغم العمر محبوب اليوم يعقب
المكروه غدا ومكروه اليوم يعقب المحبوب غدا أعظم الربح في الدنيا ان تشغل
نفسك كل وقت بما هو أولي بها وأنفع لها فى معادها كيف يكون عاقلا من باع
الجنة بما فيها بشهوة ساعة يخرج العارف من الدنيا ولم يقض وطره من شيئين
بكاؤه على نفسه وثناؤه على ربه المخلوق اذا خفته استوحشت منه وهربت منه
والرب تعالى اذا خفته أنست به وقربت اليه لو نفع العلم بلا عمل لما ذم
الله سبحانه أحبار أهل الكتاب ولو نفع العمل بلا اخلاص لما ذم المنافقين
دافع الخطرة فان لم تفعل صارت فكرة فدافع الفكرة فان لم تفعل صارت شهوة
فحاربها فان لم تفعل صارت عزيمة وهمة فان لم تدافعها صارت فعلا فان لم
تتداركه بضده صار عادة فيصعب عليك الانتقال عنها التقوي ثلاث مراتب احداها
حمية القلب والجوارح عن الآثام
والمحرمات الثانية حميتها عن المكروهات الثالثة الحميه عن
الفضول وما لا يعنى فالاولى تعطى العبد حياته والثانية تفيده صحته وقوته
والثالثة تكسبه سروره وفرحه وبهجته
غموض الحق حين تذب عنه ... يقلل ناصر الخصم المحق
تضل عن الدقيق فهو م قوم ... فتقضى للمجل علي المدق
بالله أبلغ ما أسعى وأدركه ... لابي ولا يشفع لى من الناس
اذا أيست وكاد اليأس يقطعني ... جاء الرجا مسرعا من جانب اليأس
من خلقه الله للجنة لم تزل هداياها تأتيه من المكاره ومن خلقه للنار لم
تزل هداياها تأتيه من الشهوات لما طلب آدم الخلود فى الجنة من جانب الشجرة
عوقب بالخروج منها ولما طلب يوسف الخروج من السجن من جهة صاحب الرؤيا لبث
فيه بضع سنين اذا جرى على العبد مقدور يكرهه فله فيه ستة مشاهد أحدها مشهد
التوحيد وان الله هو الذى قدره وشاءه وخلقه وما شاء الله كان وما لم يشاء
لم يكن الثاني مشهد العدل وانه ماض فيه حكمه عدل فيه قضاؤه الثالث مشهد
الرحمة وان رحمته فى هذا المقدور غالبه لغضبه وانتقامه ورحمته حشوة الرابع
مشهد الحكمة وان حكمته سبحانه اقتضت ذلك لم يقدره سدى ولا قضاه عبثا
الخامس مشهد الحمد وان له سبحانه الحمد التام علي ذلك من جميع وجوهه
السادس مشهد العبودية وانه عبد محض من كل وجه تجرى عليه أحكام سيده
وأقضيته بحكم كونه ملكه وعبده فيصرفه تحت أحكامه القدرية كما يصرفه تحت
أحكامه الدينية فهو محل لجريان هذه الأحكام عليه
قلة التوفيق وفساد الرأى وخفاء الحق وفساد القلب وخمول الذكر واضاعة الوقت
ونفره الخلق والوحشة بين العبد وبين ربه ومنع اجابة الدعاء وقسوة القلب
ومحق البركة فى الرزق والعمر وحرمان العلم ولباس الذل واهانة العدو وضيق
الصدر والابتلاء بقرناء السوء الذين يفسدون القلب ويضيعون الوقت
وطول الهم والغم وضنك المعيشة وكسف البال تتولد من المعصية والغفلة عن ذكر
الله كما يتولد الزرع عن الماء والاحراق عن النار وأضداد هذه تتولد عن
الطاعة
وقدرا
وأوسعها عرش الرحمن جل جلاله ولذلك صلح لاستوائه عليه وكل ما كان أقرب الى
العرش كان أنور وأنزه وأشرف مما بعد عنه ولهذا كانت جنة الفردوس أعلى
الجنان وأشرفها وأنورها وأجلها لقربها من العرش اذ هو سقفها وكل ما بعد
عنه كان أظلم وأضيق ولهذا كان أسفل سافلين شر الأمكنة وأضيقها وأبعدها من
كل خير وخلق الله القلوب وجعلها محلا لمعرفته ومحبته وارادته فهي عرش
المثل الأعلى الذي هو معرفته ومحبته وارادته قال تعالى للذين لا يؤمنون
بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم وقال تعالى وهو
الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السموات
والأرض وهو العزيز الحكيم وقال تعالى ليس كمثله شيء فهذا من المثل الأعلى
وهو مستو علي قلب المؤمن فهو عرشه وان لم يكن أطهر الأشياء وأنزهها
وأطيبها وأبعدها من كل دنس وخبث لم يصلح لاستواء المثل الأعلي عليه معرفة
ومحبة وارادة فاستوى عليه مثل الدنيا الأسفل ومحبتها وارادتها والتعلق بها
فضاق وأظلم وبعد من كماله وفلاحه حتي تعود القلوب علي قلبين قلب هو عرش
الرحمن ففيه النور والحياة والفرح والسرور والبهجة وذخائر الخير وقلب هو
عرش الشيطان فهناك الضيق والظلمة والموت والحزن والغم والهم فهو حزين علي
ما مضى مهموم بما يستقبل مغموم في الحال وقد روى الترمذي وغيره عن النبي
أنه قال اذا دخل النور القلب انفسخ وانشرح قالوا فما علامة ذلك يا رسول
الله قال الانابة الى دار الخلود والتجاني عن دار الغرور والاستعداد للموت
قبل نزوله والنور الذي يدخل القلب انما هو آثار المثل الأعلى فلذلك ينفسخ
وينشرح واذا لم يكن فيه معرفة الله ومحبته فحظه الظلمة والضيق
فائدة تأمل خطاب القرآن تجد ملكا له الملك كله وله الحمد كله
أزمة الأمور كلها بيده ومصدرها منه ومرادها اليه مستويا على سرير ملكه لا
تخفى عليه خافية في أقطار مملكته عالما بما في نفوس عبيده مطلعا علي
أسرارهم وعلانيتهم منفردا بتدبير المملكة يسمع ويرى ويعطي ويمنع ويثيب
ويعاقب ويكرم ويهين ويخلق ويرزق ويميت ويحيي ويقدر و يقضي ويدبر الأمور
نازلة من عنده دقيقها وجليلها وصاعدة اليه لا تتحرك في ذرة الا باذنه ولا
تسقط ورقة الا بعلمه فتأمل كيف تجده يثني على نفسه ويمجد نفسه ويحمد نفسه
وينصح عباده ويدلهم على ما فيه سعادتهم وفلاحهم ويرغبهم فيه ويحذرهم مما
فيه هلاكهم ويتعرف اليهم بأسمائه وصفاته ويتححب اليهم بنعمه وآلائه
فيذكرهم بنعمه عليهم ويأمرهم بما يستوجبون به تمامها ويحذرهم من نقمه
ويذكرهم بما اعد لهم من الكرامة ان اطاعوه وما أعد لهم ما العقوبة ان عصوه
ويخبرهم بصنعه في أوليائه وأعدائه وكيف كانت عاقبة هؤلاء وهؤلاء ويثني على
أوليائه بصالح أعمالهم وأحسن أوصافهم ويذم أعداءه بسىء أعمالهم وقبيح
صفاتهم ويضرب الأمثال وينوع الأدلة والبراهين ويجيب عن شبه أعدائه أحسن
الأجوبة ويصدق الصادق ويكذب الكاذب ويقول الحق ويهدي السبيل ويدعو الى دار
السلام ويذكر أوصافها وحسنها ونعيمها ويحذر من دار البوار ويذكر عذابها
وقبحها وآلامها ويذكر عباده فقرهم اليه وشدة حاجتهم اليه من كل وجه وانهم
لا غنى لهم عنه طرفة عين ويذكر غناه عنهم وعن جميع الموجودات وانه الغنى
بنفسه عن كل ما سواه وكل ما سواه فقير اليه بنفسه وانه لا ينال احد ذرة من
الخبر فما فوقها الا بفضله ورحمته ولا ذرة من الشر فما فوقها الا بعدله
وحكمته ويشهد من خطابه عتابه لاحبابه الطف عتاب وانه مع ذلك مقيل عثراتهم
وغافر زلاتهم ومقيم اعذارهم ومصلح فسادهم والدافع
عنهم والمحامي عنهم والناصر لهم والكفيل بمصالحهم والمنجي لهم
من كل كرب والموفي لهم بوعده وانه وليهم الذي لا ولى لهم سواه فهو مولاهم
الحق ونصيرهم علي عدوهم فنعم المولى ونعم النصير فاذا شهدت القلوب من
القرآن ملكا عظيما رحيما جوادا جميلا هذا شانه فكيف لا تحبه وتنافس في
القرب منه وتنفق انفاسها في التودد اليه ويكون احب اليها من كل ما سواه
ورضاه آثر عندها من رضا كل ما سواه وكيف لا تلهج بذكره ويصير حبه والشوق
اليه والأنس به هو غذائها وقوتها ودواؤها بحيث ان فقدت ذلك فسدت وهلكت ولم
تنفع بحياتها
فائدة قبول المحل لما يوضع فيه مشروط بتفريغه من ضده وهذا كما
انه
في الذوات والأعيان فكذلك هو في الاعتقادات والارادات فاذا كان القلب
ممتلئا بالباطل اعتقادا ومحبة لم يبق فيه لاعتقاد الحق ومحبته موضع كما ان
اللسان اذا اشتغل بالتكلم بما لا ينفع لم يتمكن صاحبه من النطق بما ينفعه
الا اذا فزع لسانه من النطق بالباطل وكذلك الجوارح اذا اشتغلت بغير الطاعة
لم يمكن شغلها بالطاعة الا اذا فرغها من ضدها فكذلك القلب المشغول بمحبة
غير الله وارادته والشوق إليه والأنس به إلا يمكن شغله بمحبة الله واردته
وحبه والشوق الى لقائه لا بتفريغه من تعلقه بغيره ولا حركة اللسان بذكره
والجوارح بخدمته الا اذا فرغها من ذكر غيره وخدمته فاذا امتلأ القلب
بالشغل بالمخلوق والعلوم التي لا تنفع لم يبقى فيها موضع للشغل بالله
ومعرفة اسمائه وصفاته وأحكامه وسر ذلك ان اصغاء القلب كاصغاء الأذن فاذا
صغى الى غير حديث الله لم يبق فيه اصغاء ولا فهم لحديثه كما اذا مال الى
غير محبة الله لم يبق فيه ميل الى محبته فاذا نطق القلب بغير ذكره لم يبق
فيه محل للنطق بذكره كاللسان ولهذا في الصحيح عن النبي انه قال لان يمتلىء
جوف احدكم قيحا حتي يريه خير له من أن يمتلىء
شعرا فبين أن الجوف يمتلىء بالشعر فكذلك يمتلىء بالشبه والشكوك
والخيالات والتقديرات التي لا وجود لها والعلوم التي لا تنفع والمفاكهات
والمضاحكات والحكايات ونحوها واذا امتلأ القلب بذلك جاءته حقائق القرآن
والعلم الذي به كماله وسعادته فلم تجد فيه فراغا لها ولا قبولا فتعدته
وجاوزته الي محل سواه كما اذا بذلت النصيحة لقلب ملآن من ضدها لا منفذ لها
فيه فانه فيه لا يقبلها ولا تلج فيه لكن تمر مجتازة لا مستوطنة ولذلك قيل
نزه فؤادك من سوانا تلقنا ... فجنابنا حل لكل منزه
والصبر طلسم لكنز وصالنا ... من حل ذا الطلسم فاز بكنزه وبالله التوفيق
فائدة قوله تعالى ألهاكم التكاثر الى آخرها أخلصت هذه السورة
للوعد
الوعيد والتهديد وكفى بها موعظة لمن عقلها فقوله تعالى ألهاكم أي شغلكم
على وجه لا تعتذرون فيه فان الالهاء عن الشيء هو الاشتغال عنه فان كان
بقصد فهو محل التكليف وان كان بغير قصد كقوله في الخميصة انها ألهتني آنفا
عن صلاتي كان صاحبه معذورا وهو نوع من النسيان وفي الحديث فلها عن الصبي
أي ذهل عنه ويقال لها بالشيء أي اشتغل به ولها عنه اذا انصرف عنه واللهو
للقلب واللعب للجوارح ولهذا يجمع بينهما ولهذا كان قوله ألهاكم التكاثر
ابلغ في الذم من شغلكم فان العامل قد يستعمل جوارحه بما يعمل وقلبه غير
لاه به فاللهو هو ذهول واعراض والتكاثر تفاعل من الكثرة أي مكاثرة بعضكم
لبعض واعرض عن ذكر المتكاثر به ارادة لاطلاقه وعمومه وان كل ما يكاثر به
العبد غيره سوى طاعة الله ورسوله وما يعود عليه بنفع معاده فهو داخل في
هذا التكاثر فالتكاثر في كل شيء من مال او جاه او رياسة او نسوة او حديث
او
علم ولا سيما اذا لم يحتج اليه والتكاثر فى الكتب والتصانيف
وكثرة المسائل وتفريعها وتوليدها والتكاثر ان يطلب الرجل ان يكون اكثر من
غيره وهذا مذموم الا فيما يقرب الى الله فالتكاثر فيه منافسة فى الخيرات
ومسابقة اليها وفى صحيح مسلم من حديث عبد الله بن الشخير انه انتهى الي
النبي وهو يقرأ ألهاكم التكاثر قال يقول ابن آدم مالى وهل لك من مالك الا
ما تصدقت فأمضيت أو أكلت فافنيت او لبست فابليت تنبيه
من لم ينتفع بعينه لم ينتفع باذنه للعبد ستر بينه وبين الله وستر بينه
وبين الناس فمن هتك الستر الذى بينه وبين الله حقك الله الستد الذي بينه
وبين الناس للعبد رب هو ملاقيه وبيت هو ساكنه فينبغى له ان يسترضى ربه قبل
لقائه ويعمر بيته قبل انتقاله اليه اضاعة الوقت اشد من الموت لان اضاعة
الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة والموت يقطعك عن الدنيا واهلها الدنيا
من أولها الى آخرها لا تساوى غم ساعة فكيف بغم العمر محبوب اليوم يعقب
المكروه غدا ومكروه اليوم يعقب المحبوب غدا أعظم الربح في الدنيا ان تشغل
نفسك كل وقت بما هو أولي بها وأنفع لها فى معادها كيف يكون عاقلا من باع
الجنة بما فيها بشهوة ساعة يخرج العارف من الدنيا ولم يقض وطره من شيئين
بكاؤه على نفسه وثناؤه على ربه المخلوق اذا خفته استوحشت منه وهربت منه
والرب تعالى اذا خفته أنست به وقربت اليه لو نفع العلم بلا عمل لما ذم
الله سبحانه أحبار أهل الكتاب ولو نفع العمل بلا اخلاص لما ذم المنافقين
دافع الخطرة فان لم تفعل صارت فكرة فدافع الفكرة فان لم تفعل صارت شهوة
فحاربها فان لم تفعل صارت عزيمة وهمة فان لم تدافعها صارت فعلا فان لم
تتداركه بضده صار عادة فيصعب عليك الانتقال عنها التقوي ثلاث مراتب احداها
حمية القلب والجوارح عن الآثام
والمحرمات الثانية حميتها عن المكروهات الثالثة الحميه عن
الفضول وما لا يعنى فالاولى تعطى العبد حياته والثانية تفيده صحته وقوته
والثالثة تكسبه سروره وفرحه وبهجته
غموض الحق حين تذب عنه ... يقلل ناصر الخصم المحق
تضل عن الدقيق فهو م قوم ... فتقضى للمجل علي المدق
بالله أبلغ ما أسعى وأدركه ... لابي ولا يشفع لى من الناس
اذا أيست وكاد اليأس يقطعني ... جاء الرجا مسرعا من جانب اليأس
من خلقه الله للجنة لم تزل هداياها تأتيه من المكاره ومن خلقه للنار لم
تزل هداياها تأتيه من الشهوات لما طلب آدم الخلود فى الجنة من جانب الشجرة
عوقب بالخروج منها ولما طلب يوسف الخروج من السجن من جهة صاحب الرؤيا لبث
فيه بضع سنين اذا جرى على العبد مقدور يكرهه فله فيه ستة مشاهد أحدها مشهد
التوحيد وان الله هو الذى قدره وشاءه وخلقه وما شاء الله كان وما لم يشاء
لم يكن الثاني مشهد العدل وانه ماض فيه حكمه عدل فيه قضاؤه الثالث مشهد
الرحمة وان رحمته فى هذا المقدور غالبه لغضبه وانتقامه ورحمته حشوة الرابع
مشهد الحكمة وان حكمته سبحانه اقتضت ذلك لم يقدره سدى ولا قضاه عبثا
الخامس مشهد الحمد وان له سبحانه الحمد التام علي ذلك من جميع وجوهه
السادس مشهد العبودية وانه عبد محض من كل وجه تجرى عليه أحكام سيده
وأقضيته بحكم كونه ملكه وعبده فيصرفه تحت أحكامه القدرية كما يصرفه تحت
أحكامه الدينية فهو محل لجريان هذه الأحكام عليه
قلة التوفيق وفساد الرأى وخفاء الحق وفساد القلب وخمول الذكر واضاعة الوقت
ونفره الخلق والوحشة بين العبد وبين ربه ومنع اجابة الدعاء وقسوة القلب
ومحق البركة فى الرزق والعمر وحرمان العلم ولباس الذل واهانة العدو وضيق
الصدر والابتلاء بقرناء السوء الذين يفسدون القلب ويضيعون الوقت
وطول الهم والغم وضنك المعيشة وكسف البال تتولد من المعصية والغفلة عن ذكر
الله كما يتولد الزرع عن الماء والاحراق عن النار وأضداد هذه تتولد عن
الطاعة
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى