صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
فصل طوبى لمن أنصف ربه فاقر له بالجهل فى علمه والآفات فى عمله
والعيوب فى نفسه والتفريط فى حقه والظلم فى معاملته فان آخذه بذنوبه رأى
عدله وان لم يؤاخذه بها رأي فضله وان عمل حسنة رآها من منته وصدقته عليه
فان قبلها فمنه وصدقة ثانية وان ردها فلكون مثلها لا يصلح ان يواجه به وان
عمل سيئة رآها من تخليه عنه وخذلانه له وامساك عصمته عنه وذلك من عدله فيه
فيرى فى ذلك فقره الى ربه وظلمه فى نفسه فان غفرها له فبمحض احسانه وجوده
وكرمه ونكتة المسألة وسرها انه لا يري ربه الامحسنا ولا يرى نفسه الا
مسيئا أو مفرطا أو مقصرا فيرى كل ما يسره من فضل ربه عليه واحسانه اليه
وكل ما يسوءه من ذنوبه وعدل الله فيه المحبون اذا خربت منازل أحبائهم
قالوا سقيا لسكانها وكذلك المحب اذا أتت عليه الأعوام تحت التراب ذكر
حينئذ حسن طاعته فى الدنيا وتودده اليه وتجدد رحمته وسقياه لمن كان ساكنا
في تلك الأجسام البالية
فائدة الغيرة غيرتان غيرة على الشيء وغيرة من الشيء فالغيرة على
المحبوب حرصك عليه والغيرة من المكروه ان يزاحمك عليه فالغيرة على المحبوب
لا تتم الا بالغيرة من المزاحم وهذه تحمد حيث يكون المحبوب تقبح المشاركة
في حبه كالمخلوق واما من تحسن المشاركة في حبه كالرسول والعالم بل الحبيب
القريب سبحانه فلا
يتصور غيرة المزاحمة عليه بل هو حسد والغيرة المحمودة في حقه أن
يغار المحب على محبته له ان يصرفها الى غيره أو يغار عليها ان يطلع عليها
الغير فيفسدها عليه أو يغار على أعماله ان يكون فيها شيء لغير محبوبة أو
يغار عليها ان يشوبها ما يكره محبوبه من رياء أو إعجاب او محبة لاشراف
غيره عليها أو غيبته عن شهود منته عليه فيها
وبالجملة فغيرته تقتضي ان تكون أحواله وأعماله وأفعاله كلها لله وكذلك
يغار علي أوقاته أن يذهب منها وقت في غير رضى محبوبة فهذه الغيرة من جهة
العبد وهي غيرة من المزاحم له المعوق القاطع له عن مرضاة محبوبة وأما غيرة
محبوبه عليه فهي كراهية ان ينصرف قلبه عن محبته الى محبة غيره بحيث يشاركه
في حبه ولهذا كانت غيرة الله ان يأتي العبد ماحرم عليه ولاجل غيرته سبحانه
حرم الفاحشة ما ظهر منها وما بطن لأن الخلق عبيده واماؤه فهو يغار علي
امائه كما يغار السيد على جواريه ولله المثل الأعلي ويغار علي عبيده ان
تكون محبتهم لغيره بحيث تحملهم تلك المحبة على عشق الصور ونيل الفاحشة
منها
من عظم وقار الله في قلبه ان يعصيه وقره الله في قلوب الخلق ان يذلوه اذا
علقت شروش المعرفة في ارض القلب نبتت فيه شجرة المحبة فاذا تمكنت وقويت
أثمرت الطاعة فلا تزال الشجرة تؤتي أكلها كل حين باذن الله ربها اول منازل
القوم اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا وأوسطها هو الذي يصلي
عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى والنور وآخرها تحيتهم يوم يلقونه
سلام ارض الفطرة رحبة قابلة لما يغرس فيها فان غرست شجرة الايمان والتقوى
أورثت حلاوة الابد وان غرست شجرة الجهل والهوى فكل الثمر من ارجع الى الله
واطلبه من عينك وسمعك وقلبك ولسانك ولا تشرد عنه من هذه الأربعة فما رجع
من رجع اليه بتوفيقه الا منها وما شرد من شرد عنه بخذلانه الا منها
فالموفق يسمع ويبصر ويتكلم ويبطش بمولاه والمخذول يصدر ذلك عنه بنفسه
وهواه
مثال تولد الطاعة ونموها وتزايدها كمثل نواة غرستها فصارت شجرة
ثم أثمرت فأكلت ثمرها وغرست نواها فكلما أثمر منها شيء جنيت ثمرة وغرست
نواه وكذلك تداعي المعاصي فليتدبر اللبيب هذا المثال فمن ثواب الحسنة
الحسنة بعدها ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها ليس العجب من مملوك يتذلل لله
ويتعبد له ولا يمل من خدمته مع حاجته وفقره اليه انما العجب من مالك يتحبب
الى مملوكه بصنوف انعامه ويتودد اليه بأنواع احسانه مع غناه عنه كفى بك
عزا انك له عبد ... وكفى بك فخرا انه لك رب
فصل ايك والمعاصي فانها ازلت عز
إسجدوا وأخرجت اقطاع اسكن يا لها لحظة أثمرت حرارة القلق الف سنة مازال
يكتب بدم الندم سطور الحزن في القصص ويرسلها مع أنفاس الأسف حتى جاءه
توقيع فتاب عليه فرح ابليس بنزول آدم من لجنة وما علم أن هبوط الغائص في
اللجة خلف الدر صعود كم بين قوله لآدم اني جاعل في الارض خليفة وقوله لك
اذهب فمن تبعك منهم ما جرى على آدم هو المراد من وجوده لو لم تذنبوا يا
آدم لا تجزع من قولي لك اخرج منها فلك ولصالح ذريتك خلفتها يا آدم كنت
تدخل علي دخول الملوك علي الملوك واليوم تدخل علي دخول العبيد علي الملوك
يا آدم لا تجزع من كأس زلل كانت سبب كيسك فقد استخرج منك داء العجب والبست
خلعة العبودية وعسى أن تكرهوا يا آدم لم أخرج اقطاعك الي غيرك انما نحيتك
عنه لا كمل عمارته لك وليبعث الي العمال نفقة تتجافى جنوبهم تالله ما نفعه
عند معصيته عز
اسجدوا ولا شرف وعلم آدم ولا خصيصة لما خلقت بيدي ولا فخر ونفخت فيه من
روحي وانما انتفع بذل ربنا ظلمنا أنفسنا لما لبس درع التوحيد على بدن
الشكر وقع سهم العدو منه في غير مقتل
فجرحه فوضع عليه جبار الانكسار فعاد كما كان فقام الجريح كان لم
يكن به قلبة فصل
نجائب النجاة مهيأة للمراد واقدم المطرود موثوقة بالقيود هبت عواصف
الأقدار في بيداء الاكوان فتقلب الوجود ونجم الخير فلما ركدت الريح اذا
ابو طالب غريق في لجة الهلاك وسلمان على ساحل السلامة والوليد بن
المغيرة يقدم قومه في التيه وصهيب قد قدم بقافلة الروم والنجاشي
في أرض
الحبشة يقول لبيك اللهم لبيك وبلال ينادي الصلاة خير من النوم
وأبو جهل في رقدة المخالفة لما قضى في القدم بسابقه سلمان عرج
به دليل التوفيق عن طريق آبائه في التمجس فأقبل يناظر أباه في دين الشرك
فلما علاه بالحجة لم يكن له جواب الا القيد وهذا جواب يتداوله أهل الباطل
من يوم حرفوه وبه أجاب فرعون موسى لئن اتخذت الها غيري وبه أجاب الجهمية
الامام احمد لما عرضوه على السياط وبه أجاب أهل البدع شيخ الاسلام حين
استدعوه السجن وها نحن علي الاثر فنزل به ضيف ولنبلونكم فنال باكرامة
مرتبة سلمان منا أهل البيت فسمع ان ركبا على نية السفر فسرق نفسه من أبيه
ولا قطع فركب راحلة العزم يرجو ادراك مطلب السعادة فغاص في بحر البحث ليقع
بدرة الوجود فوقف نفسه على خدمة الادلاء وقوف الاذلاء فلما أحس الرهبان
بانقراض دولتهم سلموا اليه اعلام الأعلام على نبوة نبينا وقالوا ان زمانه
قد أظل فأحذر ان تضل فرحل مع رفقة لم يرفقوا به فشروه بثمن بخس دراهم
معدودة فأتباعه يهودى بالمدينة فلما رأى الحره توقد حرا شوقه ولم يعلم رب
المنزل بوجد النازل فبينا هو يكابد ساعات الانتظار قدم البشير بقدوم
البشير وسلمان في رأس نخلة وكاد القلق يلقيه لولا ان الحزم أمسكه كما جرى
يوم إن كادت لتبدي به لولا ان ربطنا علي قلبها فعجل النزول لتلقي ركب
البشارة ولسان حاله يقول
خليلي من نجد قفا بي على الربا ... فقد هب من تلك الديار نسيم فصاح به
سيده مالك انصرف الي شغلك فقال
كيف انصرافي ولي في داركم شغل
ثم أخذ لسان حاله يترنم لو سمع الأطروش خليلي لا والله ما انا منكما ...
اذا علم من آل ليلي بداليا
فلما لقى الرسول عارض نسخة الرهبان بكتاب الأصل فوافقه يا محمد
انت تريد ابا طالب ونحن نريد سلمان ابو طالب اذا سئل عن اسمه قال عبد مناف
واذا انتسب افتخر بالآباء واذاذكرت الأموال عبد الابل وسلمان اذا سئل عن
اسمه قال عبد الله وعن نسبه قال ابن الاسلام وعن ماله قال الفقر وعن
حانوته قال المسجد وعن كسبه قال الصبر وعن لباسه قال التقوى والتواضع وعن
وساده قال السهر وعن فخره قال سلمان منا وعن قصده قال يريدون وجهه وعن
سيره قال الى الجنة وعن دليله في الطريق قال إمام الخلق وهادئ الائمة
اذا نحن ادلجن وانت امامنا ... كفى بالمطايا طيب ذكراك حاديا
وان نحن اضللنا الطريق ولم نجد ... دليلا كفانا نور وجهك هاديا
الذنوب جراحات ورب جرح وقع في مقتل لو خرج عقلك من سلطان هواك عادت الدولة
له دخلت دار الهوى فقامرت بعمرك اذا عرضت نظرة لا تحل فاعلم انها مسعر حرب
فاستتر منها بحجاب قل للمؤمنين فقد سلمت من الاثر وكفى الله المؤمنين
القتال بحر الهوى اذا مد أغرق واخوف المنافذ على السابح فتح البصر في
الماء
ما أحد أكرم من مفرد ... في قبره اعماله تونسه
منعما في القبر في روضه ... ليس كعبده قبره محبسه
علي قدر فضل المرء يأتي خطوبه ... ويعرف عند الصبر فيما يصيبه
ومن قل فيما يتقيه اصطباره ... فقد قل مما يرتجيه نصيبه
كم قطع زرع قبل التمام فما ظن الزرع المستحصد اشتر نفسك فالسوق قائمة
والثمن موجود لابد من سنة الغفلة ورقاد الهوى ولكن كن خفيف النوم فحراس
البلد يصيحون دنا الصباح نور العقل يضيء في ليل الهوى فتلوح جادة الصواب
فيتلمح البصير في ذلك النور عواقب الأمور اخرج بالعزم من هذا
الفناء الضيق المحشو بالآفات الي ذلك الفناء الرحب الذي فيه
مالا عين رأت فهناك لا يتعذر مطلوب ولا يفقد محبوب يا بائعا نفسه بهوى من
حبه ضنا ووصله أذى وحسنه الى فنا لقد بعت انفس الأشياء بثمن بخس كأنك لم
تعرف قدر السلعة وبلا خسة الثمن حتى اذا قدمت يوم التغابن تبين لك ان
الغبن في عقد التبايع لا اله الا الله سلعة الله مشتريها وثمنها الجنة
والدلال الرسول ترضي ببيعها بجزء يسير مما لا يساوي كله جناح بعوضة
اذا كان شيء لا يساوي جميعه ... جناح بعوضة عند من صرت عبده
ويملك جزء منه كلك ما الذى ... يكون على ذا الحال قدرك عنده
وبعت به نفسا قد استامها بما ... لديه من الحسنى وقد زال وده
يا مخنت العزم اين انت والطريق طريق تعب فيه آدم وناح لاجله نوح ورمى في
النار الخليل واضجع للذبح اسماعيل وبيع يوسف بثمن بخس ولبث في السجن بضع
سنين ونشر بالمنشار زكريا وذبح السيد الحصور يحيى وقاسى الضر أيوب وزاد
على المقدار بكاء داود وسار مع الوحش عيسي وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد
تزها انت باللهو واللعب
فيا دارها بالحزن ان مزارها ... قريب ولكن دون ذلك أهوال
الحرب قائمة وانت اعزل في النظارة فأن حركت ركابك فللهزيمة من لم يباشر حر
الهجير في طلاب المجد لم يقل في ظلال الشرف
تقول سليمى لو أقمت بارضنا ... ولم تدارني للمقام أطوف
قيل لبعض العباد الى كم تتعب نفسك فقال راحتها اريد يا مكر ما بجلة
الأيمان بعد حلة العافية وهو يخلقهما في مخالفة الخالق لا تنكر
السلب يستحق من استعمل نعمة المنعم فيما يكره ان يسلبها عرائس الموجودات
قد تزينت للناظرين ليبلوهم ايهم يؤثرهن على عرائس الآخرة فمن عرف قدر
التفاوت آثر ما ينبغي ايثاره
وحسان الكون لما أن بدت ... اقبلت نحوي وقالت لي الى
فتعاميت كأن لم أرها ... عندما ابصرت مقصودي لدي
كواكب هم العارفين في روج عزائمهم سيارة ليس فيها زحل يا من انحرف عن
جادتهم كن في أواخر الركب ونم اذا نمت علي الطريق فالأمير يراعي الساقة
قيل للحسن سبقنا القوم على خيل دهم ونحن على حمر معقره فقال ان كنت على
طريقهم فما أسرع اللحاق بهم
والعيوب فى نفسه والتفريط فى حقه والظلم فى معاملته فان آخذه بذنوبه رأى
عدله وان لم يؤاخذه بها رأي فضله وان عمل حسنة رآها من منته وصدقته عليه
فان قبلها فمنه وصدقة ثانية وان ردها فلكون مثلها لا يصلح ان يواجه به وان
عمل سيئة رآها من تخليه عنه وخذلانه له وامساك عصمته عنه وذلك من عدله فيه
فيرى فى ذلك فقره الى ربه وظلمه فى نفسه فان غفرها له فبمحض احسانه وجوده
وكرمه ونكتة المسألة وسرها انه لا يري ربه الامحسنا ولا يرى نفسه الا
مسيئا أو مفرطا أو مقصرا فيرى كل ما يسره من فضل ربه عليه واحسانه اليه
وكل ما يسوءه من ذنوبه وعدل الله فيه المحبون اذا خربت منازل أحبائهم
قالوا سقيا لسكانها وكذلك المحب اذا أتت عليه الأعوام تحت التراب ذكر
حينئذ حسن طاعته فى الدنيا وتودده اليه وتجدد رحمته وسقياه لمن كان ساكنا
في تلك الأجسام البالية
المحبوب حرصك عليه والغيرة من المكروه ان يزاحمك عليه فالغيرة على المحبوب
لا تتم الا بالغيرة من المزاحم وهذه تحمد حيث يكون المحبوب تقبح المشاركة
في حبه كالمخلوق واما من تحسن المشاركة في حبه كالرسول والعالم بل الحبيب
القريب سبحانه فلا
يتصور غيرة المزاحمة عليه بل هو حسد والغيرة المحمودة في حقه أن
يغار المحب على محبته له ان يصرفها الى غيره أو يغار عليها ان يطلع عليها
الغير فيفسدها عليه أو يغار على أعماله ان يكون فيها شيء لغير محبوبة أو
يغار عليها ان يشوبها ما يكره محبوبه من رياء أو إعجاب او محبة لاشراف
غيره عليها أو غيبته عن شهود منته عليه فيها
وبالجملة فغيرته تقتضي ان تكون أحواله وأعماله وأفعاله كلها لله وكذلك
يغار علي أوقاته أن يذهب منها وقت في غير رضى محبوبة فهذه الغيرة من جهة
العبد وهي غيرة من المزاحم له المعوق القاطع له عن مرضاة محبوبة وأما غيرة
محبوبه عليه فهي كراهية ان ينصرف قلبه عن محبته الى محبة غيره بحيث يشاركه
في حبه ولهذا كانت غيرة الله ان يأتي العبد ماحرم عليه ولاجل غيرته سبحانه
حرم الفاحشة ما ظهر منها وما بطن لأن الخلق عبيده واماؤه فهو يغار علي
امائه كما يغار السيد على جواريه ولله المثل الأعلي ويغار علي عبيده ان
تكون محبتهم لغيره بحيث تحملهم تلك المحبة على عشق الصور ونيل الفاحشة
منها
من عظم وقار الله في قلبه ان يعصيه وقره الله في قلوب الخلق ان يذلوه اذا
علقت شروش المعرفة في ارض القلب نبتت فيه شجرة المحبة فاذا تمكنت وقويت
أثمرت الطاعة فلا تزال الشجرة تؤتي أكلها كل حين باذن الله ربها اول منازل
القوم اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا وأوسطها هو الذي يصلي
عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى والنور وآخرها تحيتهم يوم يلقونه
سلام ارض الفطرة رحبة قابلة لما يغرس فيها فان غرست شجرة الايمان والتقوى
أورثت حلاوة الابد وان غرست شجرة الجهل والهوى فكل الثمر من ارجع الى الله
واطلبه من عينك وسمعك وقلبك ولسانك ولا تشرد عنه من هذه الأربعة فما رجع
من رجع اليه بتوفيقه الا منها وما شرد من شرد عنه بخذلانه الا منها
فالموفق يسمع ويبصر ويتكلم ويبطش بمولاه والمخذول يصدر ذلك عنه بنفسه
وهواه
مثال تولد الطاعة ونموها وتزايدها كمثل نواة غرستها فصارت شجرة
ثم أثمرت فأكلت ثمرها وغرست نواها فكلما أثمر منها شيء جنيت ثمرة وغرست
نواه وكذلك تداعي المعاصي فليتدبر اللبيب هذا المثال فمن ثواب الحسنة
الحسنة بعدها ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها ليس العجب من مملوك يتذلل لله
ويتعبد له ولا يمل من خدمته مع حاجته وفقره اليه انما العجب من مالك يتحبب
الى مملوكه بصنوف انعامه ويتودد اليه بأنواع احسانه مع غناه عنه كفى بك
عزا انك له عبد ... وكفى بك فخرا انه لك رب
فصل ايك والمعاصي فانها ازلت عز
إسجدوا وأخرجت اقطاع اسكن يا لها لحظة أثمرت حرارة القلق الف سنة مازال
يكتب بدم الندم سطور الحزن في القصص ويرسلها مع أنفاس الأسف حتى جاءه
توقيع فتاب عليه فرح ابليس بنزول آدم من لجنة وما علم أن هبوط الغائص في
اللجة خلف الدر صعود كم بين قوله لآدم اني جاعل في الارض خليفة وقوله لك
اذهب فمن تبعك منهم ما جرى على آدم هو المراد من وجوده لو لم تذنبوا يا
آدم لا تجزع من قولي لك اخرج منها فلك ولصالح ذريتك خلفتها يا آدم كنت
تدخل علي دخول الملوك علي الملوك واليوم تدخل علي دخول العبيد علي الملوك
يا آدم لا تجزع من كأس زلل كانت سبب كيسك فقد استخرج منك داء العجب والبست
خلعة العبودية وعسى أن تكرهوا يا آدم لم أخرج اقطاعك الي غيرك انما نحيتك
عنه لا كمل عمارته لك وليبعث الي العمال نفقة تتجافى جنوبهم تالله ما نفعه
عند معصيته عز
اسجدوا ولا شرف وعلم آدم ولا خصيصة لما خلقت بيدي ولا فخر ونفخت فيه من
روحي وانما انتفع بذل ربنا ظلمنا أنفسنا لما لبس درع التوحيد على بدن
الشكر وقع سهم العدو منه في غير مقتل
فجرحه فوضع عليه جبار الانكسار فعاد كما كان فقام الجريح كان لم
يكن به قلبة فصل
نجائب النجاة مهيأة للمراد واقدم المطرود موثوقة بالقيود هبت عواصف
الأقدار في بيداء الاكوان فتقلب الوجود ونجم الخير فلما ركدت الريح اذا
ابو طالب غريق في لجة الهلاك وسلمان على ساحل السلامة والوليد بن
المغيرة يقدم قومه في التيه وصهيب قد قدم بقافلة الروم والنجاشي
في أرض
الحبشة يقول لبيك اللهم لبيك وبلال ينادي الصلاة خير من النوم
وأبو جهل في رقدة المخالفة لما قضى في القدم بسابقه سلمان عرج
به دليل التوفيق عن طريق آبائه في التمجس فأقبل يناظر أباه في دين الشرك
فلما علاه بالحجة لم يكن له جواب الا القيد وهذا جواب يتداوله أهل الباطل
من يوم حرفوه وبه أجاب فرعون موسى لئن اتخذت الها غيري وبه أجاب الجهمية
الامام احمد لما عرضوه على السياط وبه أجاب أهل البدع شيخ الاسلام حين
استدعوه السجن وها نحن علي الاثر فنزل به ضيف ولنبلونكم فنال باكرامة
مرتبة سلمان منا أهل البيت فسمع ان ركبا على نية السفر فسرق نفسه من أبيه
ولا قطع فركب راحلة العزم يرجو ادراك مطلب السعادة فغاص في بحر البحث ليقع
بدرة الوجود فوقف نفسه على خدمة الادلاء وقوف الاذلاء فلما أحس الرهبان
بانقراض دولتهم سلموا اليه اعلام الأعلام على نبوة نبينا وقالوا ان زمانه
قد أظل فأحذر ان تضل فرحل مع رفقة لم يرفقوا به فشروه بثمن بخس دراهم
معدودة فأتباعه يهودى بالمدينة فلما رأى الحره توقد حرا شوقه ولم يعلم رب
المنزل بوجد النازل فبينا هو يكابد ساعات الانتظار قدم البشير بقدوم
البشير وسلمان في رأس نخلة وكاد القلق يلقيه لولا ان الحزم أمسكه كما جرى
يوم إن كادت لتبدي به لولا ان ربطنا علي قلبها فعجل النزول لتلقي ركب
البشارة ولسان حاله يقول
خليلي من نجد قفا بي على الربا ... فقد هب من تلك الديار نسيم فصاح به
سيده مالك انصرف الي شغلك فقال
كيف انصرافي ولي في داركم شغل
ثم أخذ لسان حاله يترنم لو سمع الأطروش خليلي لا والله ما انا منكما ...
اذا علم من آل ليلي بداليا
فلما لقى الرسول عارض نسخة الرهبان بكتاب الأصل فوافقه يا محمد
انت تريد ابا طالب ونحن نريد سلمان ابو طالب اذا سئل عن اسمه قال عبد مناف
واذا انتسب افتخر بالآباء واذاذكرت الأموال عبد الابل وسلمان اذا سئل عن
اسمه قال عبد الله وعن نسبه قال ابن الاسلام وعن ماله قال الفقر وعن
حانوته قال المسجد وعن كسبه قال الصبر وعن لباسه قال التقوى والتواضع وعن
وساده قال السهر وعن فخره قال سلمان منا وعن قصده قال يريدون وجهه وعن
سيره قال الى الجنة وعن دليله في الطريق قال إمام الخلق وهادئ الائمة
اذا نحن ادلجن وانت امامنا ... كفى بالمطايا طيب ذكراك حاديا
وان نحن اضللنا الطريق ولم نجد ... دليلا كفانا نور وجهك هاديا
الذنوب جراحات ورب جرح وقع في مقتل لو خرج عقلك من سلطان هواك عادت الدولة
له دخلت دار الهوى فقامرت بعمرك اذا عرضت نظرة لا تحل فاعلم انها مسعر حرب
فاستتر منها بحجاب قل للمؤمنين فقد سلمت من الاثر وكفى الله المؤمنين
القتال بحر الهوى اذا مد أغرق واخوف المنافذ على السابح فتح البصر في
الماء
ما أحد أكرم من مفرد ... في قبره اعماله تونسه
منعما في القبر في روضه ... ليس كعبده قبره محبسه
علي قدر فضل المرء يأتي خطوبه ... ويعرف عند الصبر فيما يصيبه
ومن قل فيما يتقيه اصطباره ... فقد قل مما يرتجيه نصيبه
كم قطع زرع قبل التمام فما ظن الزرع المستحصد اشتر نفسك فالسوق قائمة
والثمن موجود لابد من سنة الغفلة ورقاد الهوى ولكن كن خفيف النوم فحراس
البلد يصيحون دنا الصباح نور العقل يضيء في ليل الهوى فتلوح جادة الصواب
فيتلمح البصير في ذلك النور عواقب الأمور اخرج بالعزم من هذا
الفناء الضيق المحشو بالآفات الي ذلك الفناء الرحب الذي فيه
مالا عين رأت فهناك لا يتعذر مطلوب ولا يفقد محبوب يا بائعا نفسه بهوى من
حبه ضنا ووصله أذى وحسنه الى فنا لقد بعت انفس الأشياء بثمن بخس كأنك لم
تعرف قدر السلعة وبلا خسة الثمن حتى اذا قدمت يوم التغابن تبين لك ان
الغبن في عقد التبايع لا اله الا الله سلعة الله مشتريها وثمنها الجنة
والدلال الرسول ترضي ببيعها بجزء يسير مما لا يساوي كله جناح بعوضة
اذا كان شيء لا يساوي جميعه ... جناح بعوضة عند من صرت عبده
ويملك جزء منه كلك ما الذى ... يكون على ذا الحال قدرك عنده
وبعت به نفسا قد استامها بما ... لديه من الحسنى وقد زال وده
يا مخنت العزم اين انت والطريق طريق تعب فيه آدم وناح لاجله نوح ورمى في
النار الخليل واضجع للذبح اسماعيل وبيع يوسف بثمن بخس ولبث في السجن بضع
سنين ونشر بالمنشار زكريا وذبح السيد الحصور يحيى وقاسى الضر أيوب وزاد
على المقدار بكاء داود وسار مع الوحش عيسي وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد
تزها انت باللهو واللعب
فيا دارها بالحزن ان مزارها ... قريب ولكن دون ذلك أهوال
الحرب قائمة وانت اعزل في النظارة فأن حركت ركابك فللهزيمة من لم يباشر حر
الهجير في طلاب المجد لم يقل في ظلال الشرف
تقول سليمى لو أقمت بارضنا ... ولم تدارني للمقام أطوف
قيل لبعض العباد الى كم تتعب نفسك فقال راحتها اريد يا مكر ما بجلة
الأيمان بعد حلة العافية وهو يخلقهما في مخالفة الخالق لا تنكر
السلب يستحق من استعمل نعمة المنعم فيما يكره ان يسلبها عرائس الموجودات
قد تزينت للناظرين ليبلوهم ايهم يؤثرهن على عرائس الآخرة فمن عرف قدر
التفاوت آثر ما ينبغي ايثاره
وحسان الكون لما أن بدت ... اقبلت نحوي وقالت لي الى
فتعاميت كأن لم أرها ... عندما ابصرت مقصودي لدي
كواكب هم العارفين في روج عزائمهم سيارة ليس فيها زحل يا من انحرف عن
جادتهم كن في أواخر الركب ونم اذا نمت علي الطريق فالأمير يراعي الساقة
قيل للحسن سبقنا القوم على خيل دهم ونحن على حمر معقره فقال ان كنت على
طريقهم فما أسرع اللحاق بهم
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
فائدة من فقد أنسه بالله بين الناس ووجده في الوحدة فهو صادق
ضعيف
ومن وجده بين الناس وفقده في الخلوة فهو معلول ومن فقده بين الناس وفي
الخلوة فهو ميت مطرود ومن وجده في الخلوة وفي الناس فهو المحب الصادق
القوى في حاله ومن كان فتحه في الخلوة لم يكن مزيده الا منها ومن كان فتحه
بيت الناس ونصحهم وارشادهم كان مزيده معهم ومن كان فتحه في وقوفه مع مراد
الله حيث أقامه وفي أي شيء استعمله كان مزيده في خلوته ومع الناس فأشرف
الأحوال أن لا تختار لنفسك حالة سوى ما يختاره لك ويقيمك فيه فكن مع مراده
منك ولا تكن مع مرادك منه مصابيح القلوب الطاهرة في اصل الفطره منيرة قبل
الشرائع يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار وحد قس وما رأي
الرسول وكفر ابن أبي وقد صلى معه في المسجد مع الص بري ولا ماء وكم من
عطشان في اللجة سبق العلم بنبوة موسى وايمان آسية فسيق تابوته الى بيتها
فجاء طفل منفرد عن أم الى امرأة خالية عن ولد فلله كم في هذه القصة من
عبرة كم ذبح فرعون في طلب موسى من ولد ولسان القدر يقول لا نربيه الا في
حجرك
كان ذو البجادين يتيما في الصغر فكفله عمه فنازعته نفسه الى
اتباع الرسول فهم بالنهوض فاذا بقية المرض مانعه فقعد ينتظر العم فلما
تكاملت صحته نفذ الصبر فناداه ضمير الوجد
الي كم حبسها تشكو المضيقا ... أثرها ربما وجدت طريقا
فقال يا عم طال انتظاري لاسلامك وما أرى منك نشاطا فقال والله لئن أسلمت
لانتزعن كل ما أعطيتك فصاح لسان الشوق نظرة من محمد أحب الي من الدنيا وما
فيها
ولو قيل للمجنون ليلى ووصلها ... تريد أم الدنيا وما في طواياها
لقال تراب من غبار نعالها ... ألذ الى نفسي وأشفى لبلواها
فلما تجرد للسير الى الرسول جرده عمه من الثياب فناولته الام بجادا فقطعه
لسفر الوصل نصفين أتزر بأحدهما با وارتدي بالآخر فلما نادى صائح الجهاد
قنع ان يكون في سافة الأحباب والمحب لا يرى طول الطريق لان المقصود يعينه
ألا بلغ الله الحمى من يريده ... وبلغ أكناف الحمى من يريدها
فلما قضى نحبه نزل الرسول يمهد لد لحده وجعل يقول اللهم أني أمسيت عنه
راضيا فارض عنه فصاح ابن مسعود يا ليتني كنت صاحب القبر
فيا مخنث العزم أقل ما في الرقعة البيذق فلما نهض تفرزن رأى بعض
الحكماء برذونا يسقى عليه فقال لو هملج هذا الركب اقدام العزم
بالسلوك اندفع من بين أيديها سد القواطع القواطع محن يتبين بها الصادق من
الكاذب فاذا خضتها انقلبت أعوانا لك توصلك الى المقصود
فصل الدنيا كأمرأه بغى لا تثبت مع زوج انما تخطب الأزواج
ليستحسنوا
عليها فلا ترضى بالدياثه
ميزت بين جمالها وفعالها ... فأذا الملاحة بالقباحة لا تفى
حلفت لنا ان لا تخون عهودنا ... فكأنها حلفت لنا ان لا تفى
السير في طلبها سير في أرض مسبعة والسباحة فيها سباحة في غدير التمساح
المفروح به منها هو عين المحزون عليه آلامها متولدة من لذاتها واحزانها من
أفراحها
مآرب كانت في الشباب لأهلها ... عذاب فصارت في المشيب عذابا
طائر الطبع يرى الحبة وعين العقل ترى الشرك غير ان عين الهوى عميا
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ... كما أن عين السخط تبدى المساويا
تزخرفت الشهوات لأعين الطباع فغض عنها الذين يؤمنون بالغيب ووقع تابعوها
في بيداء الحسرات و باؤلئك على هدى من ربهم واؤلئك هم المفلحون وهؤلاء
يقال لهم كلوا وتمتعوا قليلا انكم مجرمون لما عرف الموفقون قدر الحياة
الدنيا وقلة المقام فيها أما وافيها الهوى طلبا لحياة الأبد لما استيقظوا
من نوم الغفلة استرجعوا بالجد ما انهبه العدو منهم في زمن البطالة فلما
طالت عليهم الطريق تلمحوا المقصد فقرب عليهم البعيد وكلما أمرت لهم الحياة
حلى لهم تذكر هذا يومكم الذي كنتم توعدون
وركب سروا الليل ملق رواقه ... على كل مغبر المطالع قائم
حدوا عزمات ضاعت الأرض بينها ... فصار سراهم في طلوع العزائم
تريهم نجوم الليل ما يتبعونه ... على عاتق الشعرى وهام النعائم
اذا اطردت في معرك الجد قصفوا ... رماح العطايا في صدور المكارم
ضعيف
ومن وجده بين الناس وفقده في الخلوة فهو معلول ومن فقده بين الناس وفي
الخلوة فهو ميت مطرود ومن وجده في الخلوة وفي الناس فهو المحب الصادق
القوى في حاله ومن كان فتحه في الخلوة لم يكن مزيده الا منها ومن كان فتحه
بيت الناس ونصحهم وارشادهم كان مزيده معهم ومن كان فتحه في وقوفه مع مراد
الله حيث أقامه وفي أي شيء استعمله كان مزيده في خلوته ومع الناس فأشرف
الأحوال أن لا تختار لنفسك حالة سوى ما يختاره لك ويقيمك فيه فكن مع مراده
منك ولا تكن مع مرادك منه مصابيح القلوب الطاهرة في اصل الفطره منيرة قبل
الشرائع يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار وحد قس وما رأي
الرسول وكفر ابن أبي وقد صلى معه في المسجد مع الص بري ولا ماء وكم من
عطشان في اللجة سبق العلم بنبوة موسى وايمان آسية فسيق تابوته الى بيتها
فجاء طفل منفرد عن أم الى امرأة خالية عن ولد فلله كم في هذه القصة من
عبرة كم ذبح فرعون في طلب موسى من ولد ولسان القدر يقول لا نربيه الا في
حجرك
كان ذو البجادين يتيما في الصغر فكفله عمه فنازعته نفسه الى
اتباع الرسول فهم بالنهوض فاذا بقية المرض مانعه فقعد ينتظر العم فلما
تكاملت صحته نفذ الصبر فناداه ضمير الوجد
الي كم حبسها تشكو المضيقا ... أثرها ربما وجدت طريقا
فقال يا عم طال انتظاري لاسلامك وما أرى منك نشاطا فقال والله لئن أسلمت
لانتزعن كل ما أعطيتك فصاح لسان الشوق نظرة من محمد أحب الي من الدنيا وما
فيها
ولو قيل للمجنون ليلى ووصلها ... تريد أم الدنيا وما في طواياها
لقال تراب من غبار نعالها ... ألذ الى نفسي وأشفى لبلواها
فلما تجرد للسير الى الرسول جرده عمه من الثياب فناولته الام بجادا فقطعه
لسفر الوصل نصفين أتزر بأحدهما با وارتدي بالآخر فلما نادى صائح الجهاد
قنع ان يكون في سافة الأحباب والمحب لا يرى طول الطريق لان المقصود يعينه
ألا بلغ الله الحمى من يريده ... وبلغ أكناف الحمى من يريدها
فلما قضى نحبه نزل الرسول يمهد لد لحده وجعل يقول اللهم أني أمسيت عنه
راضيا فارض عنه فصاح ابن مسعود يا ليتني كنت صاحب القبر
فيا مخنث العزم أقل ما في الرقعة البيذق فلما نهض تفرزن رأى بعض
الحكماء برذونا يسقى عليه فقال لو هملج هذا الركب اقدام العزم
بالسلوك اندفع من بين أيديها سد القواطع القواطع محن يتبين بها الصادق من
الكاذب فاذا خضتها انقلبت أعوانا لك توصلك الى المقصود
فصل الدنيا كأمرأه بغى لا تثبت مع زوج انما تخطب الأزواج
ليستحسنوا
عليها فلا ترضى بالدياثه
ميزت بين جمالها وفعالها ... فأذا الملاحة بالقباحة لا تفى
حلفت لنا ان لا تخون عهودنا ... فكأنها حلفت لنا ان لا تفى
السير في طلبها سير في أرض مسبعة والسباحة فيها سباحة في غدير التمساح
المفروح به منها هو عين المحزون عليه آلامها متولدة من لذاتها واحزانها من
أفراحها
مآرب كانت في الشباب لأهلها ... عذاب فصارت في المشيب عذابا
طائر الطبع يرى الحبة وعين العقل ترى الشرك غير ان عين الهوى عميا
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ... كما أن عين السخط تبدى المساويا
تزخرفت الشهوات لأعين الطباع فغض عنها الذين يؤمنون بالغيب ووقع تابعوها
في بيداء الحسرات و باؤلئك على هدى من ربهم واؤلئك هم المفلحون وهؤلاء
يقال لهم كلوا وتمتعوا قليلا انكم مجرمون لما عرف الموفقون قدر الحياة
الدنيا وقلة المقام فيها أما وافيها الهوى طلبا لحياة الأبد لما استيقظوا
من نوم الغفلة استرجعوا بالجد ما انهبه العدو منهم في زمن البطالة فلما
طالت عليهم الطريق تلمحوا المقصد فقرب عليهم البعيد وكلما أمرت لهم الحياة
حلى لهم تذكر هذا يومكم الذي كنتم توعدون
وركب سروا الليل ملق رواقه ... على كل مغبر المطالع قائم
حدوا عزمات ضاعت الأرض بينها ... فصار سراهم في طلوع العزائم
تريهم نجوم الليل ما يتبعونه ... على عاتق الشعرى وهام النعائم
اذا اطردت في معرك الجد قصفوا ... رماح العطايا في صدور المكارم
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
فصل من اعجب الأشياء أن تعرفه ثم لا تحبه وأن تسمع داعيه ثم
تتأخر عن الاجابة وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعمل غيره وان تعرف
قدر غضبه ثم تتعرض له وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس
بطاعته وأن تذوق عصرة القلب عند الخوض في غير حديثه والحديث عنه ثم لا
تشتاق الى انشراح الصدر بذكره ومناجاته وأن تذوق العذاب عند تعلق القلب
بغيره ولا تهرب منه الى نعيم الاقبال عليه والانابه اليه واعجب من هذا
علمك انك لابد لك منه وانك أحوج شيء اليه وأنت عنه معرض وفيما يبعدك عنه
راغب
فائدة ما أخذ العبد ما حرم عليه الا من جهتين احداهما سوء ظنه
بربه وانه لو أطاعه وآثره لم يعطه خيرا منه حلالا والثانية ان يكون عالما
بذلك وان من ترك لله شيئا أعاضه خيرا منه ولكن تغلب شهوته صبره وهواه عقل
فالأول من ضعف علمه والثاني من ضعف عقله وبصيرته قال يحي بن معاذ من جمع
الله عليه قلبه في الدعاء لم يرده قلت اذا اجتمع عليه قلبه وصدقت ضرورته
وفاقته وقوي رجاؤه فلا يكاد يرد دعاؤه
فصل لما رأى المتيقظون سطوة لدنيا بأهلها وخداع الامل لاربابه
وتملك
الشيطان وقياد النفوس راوا الدولة للنفس الامارة لجأوا الى حصن التضرع
والالتجاء كما
يأوي العبد المذعور الي حرم سيده سيده شهوات الدنيا كلعب الخيال
ونظر الجاهل مقصور على الظاهر فاما ذو العقل فيرى ما ووراء الستر لاح لهم
المشتهى فلما مدوا أيدى التناول بأن لابصار البصائر خبط الفخ فطاروا
بأجنحة الحذر وصوبوا الى الرحيل الثاني ياليت قومي يعلمون تلمح القوم
الوجود ففهموا المقصود فاجمعوا الرحيل قبل الرحيل وشمروا للسير في سواء
السبيل فالناس مشتغلون بالفضلات وهم في قطع الفلوات وعصافير الهوى في وثاق
الشبكة ينتظرون الذبح وقع ثعلبان في شبكة فقال أحدهما للآخر أين الملتقى
بعد هذا فقال بعد يومين في الدباغة تالله ما كانت الأيام الا مناما
فليستيقظوا وقد حصلوا على الظفر ما مضى من الدنيا أحلام وما بقى منها
أماني والوقت ضائع بينهما
كيف يسلم من له زوجة لا ترحمه وولد لا يعذره وجار لا يأمنه وصاحب لا ينصحه
وشريك لا ينصفه وعدو لا ينام عن معاداته ونفس أمارة بالسوء ودنيا متزينة
وهوى مرد وشهوة غالبة له وغضب قاهر وشيطان مزين وضعف مستول عليه فأن تولاه
الله وجذبه اليه انقهرت له هذه كلها وان تخلى عنه ووكله الى نفسه اجتمعت
عليه فكانت الهلكة
لما أعرض الناس عن تحكيم الكتاب والسنة والمحاكمة إليهما واعتقدوا عدم
الاكتفاء بهما وعدلوا الى الآراء والقياس والاستحسان وأقوال الشيوخ عرض
لهم من ذلك فساد في فطرهم وظلمة فى قلوبهم وكدر فى افهامهم ومحق فى عقولهم
وعمتهم هذه الأمور وغلبت عليهم حتى ربي فيها الصغير وهرم عليها الكبير فلم
يروها مكرا فجاءتهم دولة أخرى قامت فيها البدع مقام السنن والنفس مقام
العقل والهوى مقام الرشد والظلال مقام الهدى والمنكر مقام المعروف والجهل
مقام العلم والرياء مقام الاخلاص والباطل مقام الحق والكذب مقام الصدق
والمداهنة مقام النصيحة والظلم مقام العدل فصارت الدولة
والغلبة لهذه الأمور وأهلها هم المشار اليهم وكانت قبل ذلك
لاضدادها وكان أهلها هم المشار اليهم
فاذا رأيت دولة هذه الأمور قد أقبلت وراياتها قد نصبت وجيوشها قد ركبت
فبطن الارض والله خير من ظهرها وقلل الجبال خير من السهول ومخالطة الوحش
أسلم من مخالطة الناس
اقشعرت الأرض وأظلمت السماء وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة
وذهبت البركات وقلت الخيرات وهزلت الوحوش وتكدرت الحياة من فسق الظلمة
وبكي ضوء النهار وظلمة الليل من الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة وشكا
الكرام الكاتبون والمعقبات الى ربهم من كثرة الفواحش وغلبة المنكرات
والقبايح وهذا والله منذر بسيل عذاب قد انعقد غمامه ومؤذن بليل بلاء قد
ادلهم ظلامه فاعزلوا عن طريق هذا السبيل بتوبة نصوح ما دامت التوبة ممكنة
وبابها مفتوح وكأنكم بالباب وقد أغلق وبالرهن وقد غلق وبالجناح وقد علق
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون
اشتر نفسك اليوم فان السوق قائمة والثمن موجود والبضائع رخيصة وسيأتي على
تلك السوق والبضايع يوم لا تصل فيها الى قليل ولا كثير ذلك يوم التغابن
يوم يعض الظالم على يديه
اذا انت لم ترحل بزاد من التقى ... وأبصرت يوم الحشر من قد تزودا
ندمت على ان لا تكون كمثله ... وانك لم ترصد كما كان ارصدا
العمل بغير اخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملا يثقله ولا ينفعه
اذا حملت علي القلب هموم الدنيا واثقالها وتهاونت بأوراده التي هى قوته
وحياته كنت كالمسافر الذى يحمل دابته فوق طاقتها ولا يوفيها علفها فما
أسرع ما تقف به
ومشتت العزمات ينفق عمره ... حيران لا ظفر ولا اخفاق
هل السائق العجلان يملك امره ... فما كل سير اليعملات وحيد
رويدا باخفاف المطى فانما ... تداس جباه تحتها وخدود
من تلمح حلاوة العافية هان عليه مرارة الصبر الغاية اول فى التقدير آخر فى
الوجود مبدأ فى نظر العقل منتهى فى منازل الوصول الفت عجز العادة فلو علت
بك همتك ربا المعالي لاحت لك انوار العزائم انما تفاوت القوم بالهمم لا
بالصور تزول همة الكساح دلاه فى جب العذرة بينك وبين الفائزين جبل الهوى
نزلوا بين يديه ونزلت خلفه فاطو فضل منزل تلحق بالقوم الدنيا مضمار سباق
وقد انعقد الغبار وخفى السابق والناس فى المضمار بين فارس وراجل واصحاب
حمر معقرة
سوف ترى اذا انجلى الغبار ... أفرس تحتك أم حمار
فى الطبع شره والحمية أوفق لص الحرص لا يمشي الا فى ظلام الهوي حبة
المشتهى تحت فخ التلف فتفكر الذبح وقد هان الصبر قوة الطمع في بلوغ الأمل
توجب الاجتهاد فى الطلب وشدة الحذر من فوت المأمول البخيل فقير لا يؤجر
على فقره الصبر على عطش الضر ولا الشرب من شرعه من تجوع الحرة ولا تأكل
ثدييها لا تسأل سوى مولاك فسؤال العبد غير سيده تشنيع عليه غرس الخلوة
يثمر الأنس استوحش مما لا يدوم معك واستأنس بمن لا يفارقك عزلة الجاهل
فساد واما عزلة العالم فمعها حذاؤها وسقاؤها اذا اجتمع العقل واليقين في
بيت العرلة واستحضر الفكر وجرت بينهم مناجاة
اتاك حديث لا يمل سماعه ... شهى الينا نثره ونظامه
اذا ذكرته النفس زال عناؤها ... وزال عن القلب المعني ظلامه
اذا خرجت من عدوك لفظة سفه فلا تلحقها بمثلها تلقحها ونسل الخصام نسل
مذموم حميتك لنفسك أثر الجهل بها فلو عرفتها حق معرفتها اعنت الخصم عليها
إذا اقتدحت نار الانتقام من نار الغضب ابتدأت باحراق القادح اوثق
غضبك بسلسلة الحلم فانه كلب إن أفلت اتلف من سبقت له سابقة
السعادة دل على الدليل قبل الطلب اذا اراد القدر شخصا بذر فى أرض قلبه بذر
التوفيق ثم سقاه بماء الرغبة والرهبة ثم أقام عليه باطوار المراقبة
واستخدم له حارس العلم فاذا الزرع قائم على سوقه اذا طلع نجم الهمة في
ظلام ليل البطالة وردفه قمر العزيمة أشرقت أرض القلب بنور ربها اذا جن
الليل تغالب النوم والسهر فالخوف والشوق في مقدم عسكر اليقظة والكسل
والتواني فى كتيبة الغفلة فاذا حمل العزم حمل علي الميمنة وانهزمت جنود
التفريط فما يطلع الفجر الا وقد قسمت السهمان وبردت الغنيمة لاهلها سفر
الليل لا يطيقه الا مضمر المجاعة النجائب فى الأول وحاملات الزاد فى
الأخير لا تسأم من الوقوف علي الباب ولو طردت ولا تقطع الاعتذار ولو رددت
فان فتح الباب للمقبولين دونك فاهجم هجوم الكذابين وادخل دخول الطفيلية
وابسط كف وتصدق علينا يا مستفتحا باب المعاش بغير إقليد التقوي كيف توسع
طريق الخطايا وتشكو ضيق الرزق ولو وقفت عند مراد التقوي لم يفتك مراد
المعاصي سد فى باب الكسب وان العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه
تالله ما جئتكم زائرا ... الا وجدت الارض تطوي لى
ولا انثني عزمى عن بابكم ... الا تعثرت باذيالى
الأرواح فى الأشباح كالاطيار فى الابراج وليس ما أعد للاستفراخ كمن هيء
للسباق من أراد من العمال أن يعرف قدره عند السلطان فلينظر ماذا يوليه من
العمل وبأى شغل يشغله كن من أبناء الآخرة ولا تكن من أبناء الدنيا فان
الولد يتبع الأم الدنيا لا تساوي نقل أقدامك اليها فكيف تعدو خلفها الدنيا
جيفة والأسد لا يقع علي الجيف الدنيا مجاز والآخرة وطن والأوطار انما تطلب
فى الأوطان
الاجتماع بالاخوان قسمان احدهما اجتماع علي مؤانسة الطبع وشغل الوقت فهذا
مضرته أرجح من منفعته وأقل ما فيه انه يفسد القلب ويضيع الوقت
الثاني الاجتماع بهم علي التعاون علي أسباب النجاة والتواصى بالحق والصبر
فهذا من أعظم الغنيمة وأنفعها ولكن فيه ثلاث آفات احداها تزين بعضهم لبعض
الثانية الكلام والخلطة أكثر من الحاجة الثالثة ان يصير ذلك شهوة وعادة
ينقطع بها عن المقصود وبالجملة فالاجتماع والخلطة لقاح اما للنفس الأمارة
واما للقلب والنفس المطمئنة والنتيجة مستفادة من اللقاح فمن طلب لقاحه
طابت ثمرته وهكذا الأرواح الطيبة لقاحها من الملك والخبيثة لقاحها من
الشيطان وقد جعل الله سبحانه بحكمته الطيبات للطيبين والطيبين للطيبات
وعكس ذلك قاعدة
ليس في الوجود الممكن سبب واحد مستقل بالتأثير بل لا يؤثر سبب البتة الا
بانضمام سبب آخر اليه وانتفاء مانع يمنع تأثيره هذا فى الأسباب المشهودة
بالعيان وفى الأسباب الغائبة والأسباب المعنوية كتأثير الشمس فى الحيوان
والنبات فانه موقوف علي أسباب أخر من وجود محل قابل وأسباب أخر تنضم الى
ذلك السبب وكذلك حصول الولد موقوف علي عدة أسباب غير وطء الفحل وكذلك جميع
الأسباب مع مسبباتها فكل ما يخاف ويرجى من المخلوقات فأعلي غاياته أن يكون
جزء سبب غير مستقل بالتأثير ولا يستقل بالتأثير وحده دون توقف تأثيره علي
غيره الا الله الواحد القهار فلا ينبغى أن يرجى ولا يخاف غيره وهذا برهان
قطعى على أن تعلق الرجاء والخوف بغيره باطل فانه لو فرض ان ذلك سبب مستقل
وحده بالتأثير لكانت سببيته من غيره لا منه فليس له من نفسه قوة يفعل بها
فانه لا حول ولا قوة الا بالله فهو الذى بيده الحول كله والقوة كلها
فالحول والقوة التى يرجى لاجلهما المخلوق ويخاف انما هما لله وبيده فى
الحقيقة فكيف يخاف ويرجى من لا حول له ولا قوة بل خوف المخلوق ورجاؤه أحد
أسباب الحرمان ونزول المكروه بمن يرجوه ويخافه فانه على قدر خوفك من
غير الله يسلط عليك وعلى قدر رجائك لغيره يكون الحرمان وهذا حال
الخلق أجمعه وان ذهب عن أكثرهم علما وحالا فما شاء الله كان ولا بد وما لم
يشأ لم يكن ولو اتفقت عليه الخليقة
التوحيد مفزع اعدائه واوليائه فاما اعداؤه فينجيهم من كرب الدنيا وشدائدها
فإذا ركبوا فى الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم الى البر اذا
هم يشركون واما أولياؤه فينجيهم به من كربات الدنيا والآخرة وشدائدها
ولذلك فزع اليه يونس فنجاه الله من تلك الظلمات وفزع اليه اتباع الرسل
فنجوا به مما عذب به المشركون فى الدنيا وما أعد لهم فى الآخرة ولما فزع
اليه فرعون عند معاينة الهلاك وادراك الغرق له لم ينفعه لان الايمان عند
المعاينة لا يقبل هذه سنة الله فى عباده فما دفعت شدائد الدنيا بمثل
التوحيد ولذلك كان دعاء الكرب بالتوحيد ودعوة ذي النون التى ما دعا بها
مكروب الا فرج الله كربه بالتوحيد فلا يلقى فى الكرب العظام الا الشرك ولا
ينجى منها الا التوحيد فهو مفزع الخليقة وملجؤها وحصنها وغياثها وبالله
التوفيق فائدة اللذة تابعة للمحبة تقوى بقوتها وتضعف بضعفها فكلما كانت
الرغبة فى المحبوب والشوق اليه أقوى كانت اللذة بالوصول اليه أتم والمحبة
والشوق تابع لمعرفته والعلم به فكلما كان العلم به اتم كانت محبته أكمل
فإذا رجع كمال النعيم فى الآخرة وكمال اللذة الى العلم والحب فمن كان يؤمن
بالله واسمائه وصفاته ودينه أعرف كان له أحب وكانت لذته بالوصول اليه
مجاورته والنظر الي جهه وسماع كلامه أتم وكل لذة ونعيم وسرور وبهجة
بالاضافة الى ذلك كقطرة فى بحر فكيف يؤثر من له عقل لذة ضعيفة قصيرة مشوبة
بالآلام علي لذة عظيمة دائمة ابد الآباد وكمال العبد بحسب هاتين القوتين
العلم والحب وافضل العلم العلم بالله وأعلى الحب الحب له وأكمل اللذة
بحسبهما والله المستعان
قاعدة
طالب الله والدار الآخره لا يستقيم له سيره وطلبه الا بحبسين حبس قلبه فى
طلبه ومطلوبه وحبسه عن الالتفات الى غيره وحبس لسانه عما لا يفيد وحبسه
علي ذكر الله وما يزيد فى ايمانه ومعرفته وحبس جوارحه عن المعاصي والشهوات
وحبسها على الواجبات والمندوبات فلا يفارق الحبس حتى يلقى ربه فيخلصه من
السجن الى أوسع فضاء وأطيبه ومتى لم يصبر على هذين الحبسين وفر منهما الى
فضاء الشهوات أعقبه ذلك الحبس الفظيع عند خروجه من الدنيا فكل خارج من
الدنيا اما متخلص من الحبس واما ذاهب الي الحبس وبالله التوفيق
ودع ابن عون رجلا فقال عليك بتقوي الله فأن المتقى ليست عليه وحشة وقال
زيد بن أسلم كان يقال من أتقى الله أحبه الناس وإن كرهوا وقال الثوري لابن
أبي ذئب ان أتقيت الله كفاك الناس وان اتقيت الناس لن يغنوا عنك من الله
شيئا وقال سليمان بن داود أوتينا مما أوتي الناس ومما لم يؤتوا وعلمنا مما
علم الناس ومما لم يعلموا فلم نجد شيئا أفضل من تقوي الله فى السر
والعلانية والعدل فى الغضب والرضا والقصد فى الفقر والغنى وفى الزهد
للامام احمد أثر الهى ما من مخلوق اعتصم بمخلوق دوني الا قطعت أسباب
السموات والأرض دونه فان سألنى لم أعطه وان دعاني لم أجبه وان استغفرني لم
أغفر له وما من مخلوق اعتصم بي دون خلقى الا ضمنت السموات والأرض رزقه فأن
سألنى أعطيته وان دعاني أجبته وان استغفرني غفرت له
تتأخر عن الاجابة وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعمل غيره وان تعرف
قدر غضبه ثم تتعرض له وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس
بطاعته وأن تذوق عصرة القلب عند الخوض في غير حديثه والحديث عنه ثم لا
تشتاق الى انشراح الصدر بذكره ومناجاته وأن تذوق العذاب عند تعلق القلب
بغيره ولا تهرب منه الى نعيم الاقبال عليه والانابه اليه واعجب من هذا
علمك انك لابد لك منه وانك أحوج شيء اليه وأنت عنه معرض وفيما يبعدك عنه
راغب
بربه وانه لو أطاعه وآثره لم يعطه خيرا منه حلالا والثانية ان يكون عالما
بذلك وان من ترك لله شيئا أعاضه خيرا منه ولكن تغلب شهوته صبره وهواه عقل
فالأول من ضعف علمه والثاني من ضعف عقله وبصيرته قال يحي بن معاذ من جمع
الله عليه قلبه في الدعاء لم يرده قلت اذا اجتمع عليه قلبه وصدقت ضرورته
وفاقته وقوي رجاؤه فلا يكاد يرد دعاؤه
وتملك
الشيطان وقياد النفوس راوا الدولة للنفس الامارة لجأوا الى حصن التضرع
والالتجاء كما
يأوي العبد المذعور الي حرم سيده سيده شهوات الدنيا كلعب الخيال
ونظر الجاهل مقصور على الظاهر فاما ذو العقل فيرى ما ووراء الستر لاح لهم
المشتهى فلما مدوا أيدى التناول بأن لابصار البصائر خبط الفخ فطاروا
بأجنحة الحذر وصوبوا الى الرحيل الثاني ياليت قومي يعلمون تلمح القوم
الوجود ففهموا المقصود فاجمعوا الرحيل قبل الرحيل وشمروا للسير في سواء
السبيل فالناس مشتغلون بالفضلات وهم في قطع الفلوات وعصافير الهوى في وثاق
الشبكة ينتظرون الذبح وقع ثعلبان في شبكة فقال أحدهما للآخر أين الملتقى
بعد هذا فقال بعد يومين في الدباغة تالله ما كانت الأيام الا مناما
فليستيقظوا وقد حصلوا على الظفر ما مضى من الدنيا أحلام وما بقى منها
أماني والوقت ضائع بينهما
كيف يسلم من له زوجة لا ترحمه وولد لا يعذره وجار لا يأمنه وصاحب لا ينصحه
وشريك لا ينصفه وعدو لا ينام عن معاداته ونفس أمارة بالسوء ودنيا متزينة
وهوى مرد وشهوة غالبة له وغضب قاهر وشيطان مزين وضعف مستول عليه فأن تولاه
الله وجذبه اليه انقهرت له هذه كلها وان تخلى عنه ووكله الى نفسه اجتمعت
عليه فكانت الهلكة
لما أعرض الناس عن تحكيم الكتاب والسنة والمحاكمة إليهما واعتقدوا عدم
الاكتفاء بهما وعدلوا الى الآراء والقياس والاستحسان وأقوال الشيوخ عرض
لهم من ذلك فساد في فطرهم وظلمة فى قلوبهم وكدر فى افهامهم ومحق فى عقولهم
وعمتهم هذه الأمور وغلبت عليهم حتى ربي فيها الصغير وهرم عليها الكبير فلم
يروها مكرا فجاءتهم دولة أخرى قامت فيها البدع مقام السنن والنفس مقام
العقل والهوى مقام الرشد والظلال مقام الهدى والمنكر مقام المعروف والجهل
مقام العلم والرياء مقام الاخلاص والباطل مقام الحق والكذب مقام الصدق
والمداهنة مقام النصيحة والظلم مقام العدل فصارت الدولة
والغلبة لهذه الأمور وأهلها هم المشار اليهم وكانت قبل ذلك
لاضدادها وكان أهلها هم المشار اليهم
فاذا رأيت دولة هذه الأمور قد أقبلت وراياتها قد نصبت وجيوشها قد ركبت
فبطن الارض والله خير من ظهرها وقلل الجبال خير من السهول ومخالطة الوحش
أسلم من مخالطة الناس
اقشعرت الأرض وأظلمت السماء وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة
وذهبت البركات وقلت الخيرات وهزلت الوحوش وتكدرت الحياة من فسق الظلمة
وبكي ضوء النهار وظلمة الليل من الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة وشكا
الكرام الكاتبون والمعقبات الى ربهم من كثرة الفواحش وغلبة المنكرات
والقبايح وهذا والله منذر بسيل عذاب قد انعقد غمامه ومؤذن بليل بلاء قد
ادلهم ظلامه فاعزلوا عن طريق هذا السبيل بتوبة نصوح ما دامت التوبة ممكنة
وبابها مفتوح وكأنكم بالباب وقد أغلق وبالرهن وقد غلق وبالجناح وقد علق
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون
اشتر نفسك اليوم فان السوق قائمة والثمن موجود والبضائع رخيصة وسيأتي على
تلك السوق والبضايع يوم لا تصل فيها الى قليل ولا كثير ذلك يوم التغابن
يوم يعض الظالم على يديه
اذا انت لم ترحل بزاد من التقى ... وأبصرت يوم الحشر من قد تزودا
ندمت على ان لا تكون كمثله ... وانك لم ترصد كما كان ارصدا
العمل بغير اخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملا يثقله ولا ينفعه
اذا حملت علي القلب هموم الدنيا واثقالها وتهاونت بأوراده التي هى قوته
وحياته كنت كالمسافر الذى يحمل دابته فوق طاقتها ولا يوفيها علفها فما
أسرع ما تقف به
ومشتت العزمات ينفق عمره ... حيران لا ظفر ولا اخفاق
هل السائق العجلان يملك امره ... فما كل سير اليعملات وحيد
رويدا باخفاف المطى فانما ... تداس جباه تحتها وخدود
من تلمح حلاوة العافية هان عليه مرارة الصبر الغاية اول فى التقدير آخر فى
الوجود مبدأ فى نظر العقل منتهى فى منازل الوصول الفت عجز العادة فلو علت
بك همتك ربا المعالي لاحت لك انوار العزائم انما تفاوت القوم بالهمم لا
بالصور تزول همة الكساح دلاه فى جب العذرة بينك وبين الفائزين جبل الهوى
نزلوا بين يديه ونزلت خلفه فاطو فضل منزل تلحق بالقوم الدنيا مضمار سباق
وقد انعقد الغبار وخفى السابق والناس فى المضمار بين فارس وراجل واصحاب
حمر معقرة
سوف ترى اذا انجلى الغبار ... أفرس تحتك أم حمار
فى الطبع شره والحمية أوفق لص الحرص لا يمشي الا فى ظلام الهوي حبة
المشتهى تحت فخ التلف فتفكر الذبح وقد هان الصبر قوة الطمع في بلوغ الأمل
توجب الاجتهاد فى الطلب وشدة الحذر من فوت المأمول البخيل فقير لا يؤجر
على فقره الصبر على عطش الضر ولا الشرب من شرعه من تجوع الحرة ولا تأكل
ثدييها لا تسأل سوى مولاك فسؤال العبد غير سيده تشنيع عليه غرس الخلوة
يثمر الأنس استوحش مما لا يدوم معك واستأنس بمن لا يفارقك عزلة الجاهل
فساد واما عزلة العالم فمعها حذاؤها وسقاؤها اذا اجتمع العقل واليقين في
بيت العرلة واستحضر الفكر وجرت بينهم مناجاة
اتاك حديث لا يمل سماعه ... شهى الينا نثره ونظامه
اذا ذكرته النفس زال عناؤها ... وزال عن القلب المعني ظلامه
اذا خرجت من عدوك لفظة سفه فلا تلحقها بمثلها تلقحها ونسل الخصام نسل
مذموم حميتك لنفسك أثر الجهل بها فلو عرفتها حق معرفتها اعنت الخصم عليها
إذا اقتدحت نار الانتقام من نار الغضب ابتدأت باحراق القادح اوثق
غضبك بسلسلة الحلم فانه كلب إن أفلت اتلف من سبقت له سابقة
السعادة دل على الدليل قبل الطلب اذا اراد القدر شخصا بذر فى أرض قلبه بذر
التوفيق ثم سقاه بماء الرغبة والرهبة ثم أقام عليه باطوار المراقبة
واستخدم له حارس العلم فاذا الزرع قائم على سوقه اذا طلع نجم الهمة في
ظلام ليل البطالة وردفه قمر العزيمة أشرقت أرض القلب بنور ربها اذا جن
الليل تغالب النوم والسهر فالخوف والشوق في مقدم عسكر اليقظة والكسل
والتواني فى كتيبة الغفلة فاذا حمل العزم حمل علي الميمنة وانهزمت جنود
التفريط فما يطلع الفجر الا وقد قسمت السهمان وبردت الغنيمة لاهلها سفر
الليل لا يطيقه الا مضمر المجاعة النجائب فى الأول وحاملات الزاد فى
الأخير لا تسأم من الوقوف علي الباب ولو طردت ولا تقطع الاعتذار ولو رددت
فان فتح الباب للمقبولين دونك فاهجم هجوم الكذابين وادخل دخول الطفيلية
وابسط كف وتصدق علينا يا مستفتحا باب المعاش بغير إقليد التقوي كيف توسع
طريق الخطايا وتشكو ضيق الرزق ولو وقفت عند مراد التقوي لم يفتك مراد
المعاصي سد فى باب الكسب وان العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه
تالله ما جئتكم زائرا ... الا وجدت الارض تطوي لى
ولا انثني عزمى عن بابكم ... الا تعثرت باذيالى
الأرواح فى الأشباح كالاطيار فى الابراج وليس ما أعد للاستفراخ كمن هيء
للسباق من أراد من العمال أن يعرف قدره عند السلطان فلينظر ماذا يوليه من
العمل وبأى شغل يشغله كن من أبناء الآخرة ولا تكن من أبناء الدنيا فان
الولد يتبع الأم الدنيا لا تساوي نقل أقدامك اليها فكيف تعدو خلفها الدنيا
جيفة والأسد لا يقع علي الجيف الدنيا مجاز والآخرة وطن والأوطار انما تطلب
فى الأوطان
الاجتماع بالاخوان قسمان احدهما اجتماع علي مؤانسة الطبع وشغل الوقت فهذا
مضرته أرجح من منفعته وأقل ما فيه انه يفسد القلب ويضيع الوقت
الثاني الاجتماع بهم علي التعاون علي أسباب النجاة والتواصى بالحق والصبر
فهذا من أعظم الغنيمة وأنفعها ولكن فيه ثلاث آفات احداها تزين بعضهم لبعض
الثانية الكلام والخلطة أكثر من الحاجة الثالثة ان يصير ذلك شهوة وعادة
ينقطع بها عن المقصود وبالجملة فالاجتماع والخلطة لقاح اما للنفس الأمارة
واما للقلب والنفس المطمئنة والنتيجة مستفادة من اللقاح فمن طلب لقاحه
طابت ثمرته وهكذا الأرواح الطيبة لقاحها من الملك والخبيثة لقاحها من
الشيطان وقد جعل الله سبحانه بحكمته الطيبات للطيبين والطيبين للطيبات
وعكس ذلك قاعدة
ليس في الوجود الممكن سبب واحد مستقل بالتأثير بل لا يؤثر سبب البتة الا
بانضمام سبب آخر اليه وانتفاء مانع يمنع تأثيره هذا فى الأسباب المشهودة
بالعيان وفى الأسباب الغائبة والأسباب المعنوية كتأثير الشمس فى الحيوان
والنبات فانه موقوف علي أسباب أخر من وجود محل قابل وأسباب أخر تنضم الى
ذلك السبب وكذلك حصول الولد موقوف علي عدة أسباب غير وطء الفحل وكذلك جميع
الأسباب مع مسبباتها فكل ما يخاف ويرجى من المخلوقات فأعلي غاياته أن يكون
جزء سبب غير مستقل بالتأثير ولا يستقل بالتأثير وحده دون توقف تأثيره علي
غيره الا الله الواحد القهار فلا ينبغى أن يرجى ولا يخاف غيره وهذا برهان
قطعى على أن تعلق الرجاء والخوف بغيره باطل فانه لو فرض ان ذلك سبب مستقل
وحده بالتأثير لكانت سببيته من غيره لا منه فليس له من نفسه قوة يفعل بها
فانه لا حول ولا قوة الا بالله فهو الذى بيده الحول كله والقوة كلها
فالحول والقوة التى يرجى لاجلهما المخلوق ويخاف انما هما لله وبيده فى
الحقيقة فكيف يخاف ويرجى من لا حول له ولا قوة بل خوف المخلوق ورجاؤه أحد
أسباب الحرمان ونزول المكروه بمن يرجوه ويخافه فانه على قدر خوفك من
غير الله يسلط عليك وعلى قدر رجائك لغيره يكون الحرمان وهذا حال
الخلق أجمعه وان ذهب عن أكثرهم علما وحالا فما شاء الله كان ولا بد وما لم
يشأ لم يكن ولو اتفقت عليه الخليقة
التوحيد مفزع اعدائه واوليائه فاما اعداؤه فينجيهم من كرب الدنيا وشدائدها
فإذا ركبوا فى الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم الى البر اذا
هم يشركون واما أولياؤه فينجيهم به من كربات الدنيا والآخرة وشدائدها
ولذلك فزع اليه يونس فنجاه الله من تلك الظلمات وفزع اليه اتباع الرسل
فنجوا به مما عذب به المشركون فى الدنيا وما أعد لهم فى الآخرة ولما فزع
اليه فرعون عند معاينة الهلاك وادراك الغرق له لم ينفعه لان الايمان عند
المعاينة لا يقبل هذه سنة الله فى عباده فما دفعت شدائد الدنيا بمثل
التوحيد ولذلك كان دعاء الكرب بالتوحيد ودعوة ذي النون التى ما دعا بها
مكروب الا فرج الله كربه بالتوحيد فلا يلقى فى الكرب العظام الا الشرك ولا
ينجى منها الا التوحيد فهو مفزع الخليقة وملجؤها وحصنها وغياثها وبالله
التوفيق فائدة اللذة تابعة للمحبة تقوى بقوتها وتضعف بضعفها فكلما كانت
الرغبة فى المحبوب والشوق اليه أقوى كانت اللذة بالوصول اليه أتم والمحبة
والشوق تابع لمعرفته والعلم به فكلما كان العلم به اتم كانت محبته أكمل
فإذا رجع كمال النعيم فى الآخرة وكمال اللذة الى العلم والحب فمن كان يؤمن
بالله واسمائه وصفاته ودينه أعرف كان له أحب وكانت لذته بالوصول اليه
مجاورته والنظر الي جهه وسماع كلامه أتم وكل لذة ونعيم وسرور وبهجة
بالاضافة الى ذلك كقطرة فى بحر فكيف يؤثر من له عقل لذة ضعيفة قصيرة مشوبة
بالآلام علي لذة عظيمة دائمة ابد الآباد وكمال العبد بحسب هاتين القوتين
العلم والحب وافضل العلم العلم بالله وأعلى الحب الحب له وأكمل اللذة
بحسبهما والله المستعان
قاعدة
طالب الله والدار الآخره لا يستقيم له سيره وطلبه الا بحبسين حبس قلبه فى
طلبه ومطلوبه وحبسه عن الالتفات الى غيره وحبس لسانه عما لا يفيد وحبسه
علي ذكر الله وما يزيد فى ايمانه ومعرفته وحبس جوارحه عن المعاصي والشهوات
وحبسها على الواجبات والمندوبات فلا يفارق الحبس حتى يلقى ربه فيخلصه من
السجن الى أوسع فضاء وأطيبه ومتى لم يصبر على هذين الحبسين وفر منهما الى
فضاء الشهوات أعقبه ذلك الحبس الفظيع عند خروجه من الدنيا فكل خارج من
الدنيا اما متخلص من الحبس واما ذاهب الي الحبس وبالله التوفيق
ودع ابن عون رجلا فقال عليك بتقوي الله فأن المتقى ليست عليه وحشة وقال
زيد بن أسلم كان يقال من أتقى الله أحبه الناس وإن كرهوا وقال الثوري لابن
أبي ذئب ان أتقيت الله كفاك الناس وان اتقيت الناس لن يغنوا عنك من الله
شيئا وقال سليمان بن داود أوتينا مما أوتي الناس ومما لم يؤتوا وعلمنا مما
علم الناس ومما لم يعلموا فلم نجد شيئا أفضل من تقوي الله فى السر
والعلانية والعدل فى الغضب والرضا والقصد فى الفقر والغنى وفى الزهد
للامام احمد أثر الهى ما من مخلوق اعتصم بمخلوق دوني الا قطعت أسباب
السموات والأرض دونه فان سألنى لم أعطه وان دعاني لم أجبه وان استغفرني لم
أغفر له وما من مخلوق اعتصم بي دون خلقى الا ضمنت السموات والأرض رزقه فأن
سألنى أعطيته وان دعاني أجبته وان استغفرني غفرت له
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
فائدة جليلة جمع النبى بين تقوي الله وحسن الخلق لان تقوى الله
يصلح ما بين العبد وبين ربه وحسن الخلق يصلح ما بينه وبين خلقه فتقوى الله
توجب له محبة الله وحسن الخلق يدعو الي محبته
فائدة جليلة بين العبد وبين الله والجنة قنطرة تقطع بخطوتين
خطوة عن
نفسه وخطوة عن الخلق فيسقط نفسه ويلغيها فيما بينه وبين الناس ويسقط الناس
ويلغيهم فيما بينه وبين الله فلا يلتفت الا الى من دله على الله وعلى
الطريق الموصلة اليه
صاح بالصحابة واعظ اقترب للناس حسابهم فجزعت للخوف قلوبهم فجرت من الحذر
العيون فسالت أودية بقدرها تزينت الدنيا لعلي فقال أنت طالق ثلاثا لا رجعة
لي فيك وكانت تكفيه واحده للسن لكنه جمع الثلاث لئلا يتصور للهوى جواز
المراجعه ودينه الصحيح وطبعه السليم يأنفان من المحلل كيف وهو أحد رواة
حديث لعن الله المحلل
ما فى هذه الدار موضع خلوة فاتخذه فى نفسك لا بد ان تجذبك الجواذب فاعرفها
وكن منها على حذر لا تضرك الشواغل اذا خلوت منها وأنت فيها نور الحق أضوأ
من الشمس فيحق لخفافيش البصائر أن تعشو عنه الطريق الى الله خال من أهل
الشك ومن الذين يتبعون الشهوات وهو معمور بأهل اليقين والصبر وهم على
الطريق كالأعلام وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا
يوقنون
قاعدة لشهادة ان لا اله الا الله عند الموت تأثير عظيم فى تكفير
السيئات واحباطها لانها شهادة من عبد موقن بها عارف بمضمونها قد ماتت منه
الشهوات ولانت نفسه المتمردة وانقادت بعد إبائها واستعصائها واقبلت بعد
اعراضها وذلت بعد عزها وخرج منها حرصا على الدنيا وفضولها واستخذت بين يدى
ربها وفاطرها ومولاها الحق اذل ما كانت له وارجى ما كانت لعفوه ومغفرته
ورحمته وتجرد
منها التوحيد بانقطاع اسباب الشرك وتحقق بطلانه فزالت منها تلك
المنازعات التى كانت مشغولة بها واجتمع همها علي من ايقنت بالقدوم عليه
والمصير اليه فوجه العبد وجهه بكليته اليه واقبل بقلبه وروحه وهمه عليه
فاستسلم وحده ظاهرا وباطنا واستوى سره وعلانيته فقال لا اله الا الله
مخلصا من قلبه وقد تخلص قلبه من التعلق بغيره والالتفات الي ما سواه قد
خرجت الدنيا كلها من قلبه وشارف القدوم على ربه وخمدت نيران شهوته وامتلأ
قلبه من الآخره فصارت نصب عينيه وصارت الدنيا وراء ظهره فكانت تلك الشهادة
الخالصة خاتمة عمله فطهرته من ذنوبه وادخلته علي ربه لانه لقى ربه بشهادة
صادقة خالصة وافق ظاهرها باطنها وسرها علانيتها فلو حصلت له الشهادة علي
هذا الوجه فى أيام الصحة لاستوحش من الدنيا واهلها وفر الى الله من الناس
وانس به دون ما سواه لكنه شهد بها بقلب مشحون بالشهوات وحب الحياه
واسبابها ونفس مملوءه بطلب الحظوظ والالتفات الى غير الله فلو تجردت
كتجردها عند الموت لكان لها نبا آخر وعيش آخر سوى عيشها البهيمى والله
المستعان
ماذا يملك من أمره من ناصيته بيد الله ونفسه بيده وقلبه بين أصبعين من
أصابعه يقلبه كيف يشاء وحياته بيده وموته بيده وسعادته بيده وشقاوته بيده
وحركاته وسكناته وأقواله وأفعاله بأذنه ومشيئته فلا يتحرك الا باذنه ولا
يفعل الا بمشيئته ان وكله الى نفسه وكله الي عجز وضيعه وتفريط وذنب وخطيئة
وان وكله الى غيره وكله الى من لا يملك له ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة
ولا نشورا وان تخلى عنه استولى عليه عدوه وجعله اسيرا له فهو لا غنى له
عنه طرفة عين بل هو مضطر اليه علي مدى الأنفاس فى كل ذرة من ذراته باطنا
وظاهرا فاقته تامة اليه ومع ذلك فهو متخلف عنه معرض عنه يتبغض اليه
بمعصيته مع شدة الضرورة اليه من كل وجه قد صار لذكره نسيا واتخذه وراءه
ظهريا هذا واليه مرجعه وبين يديه موقفه
فرغ خاطرك للهم بما أمرت به ولا تشغله بما ضمن لك فان الرزق
والأجل قرينان مضمونان فما دام الأجل باقيا كان الرزق آتيا واذا سد عليك
بحكمته طريقا من طرقه فتح لك برحمته طريقا أنفع لك منه فتأمل حال الجنين
يأتيه غذاؤه وهو الدم من طريق واحدة وهو السرة فلما خرج من بطن الأم
وانقطعت تلك الطريق فتح له طريقين اثنين وأجرى له فيهما رزقا اطيب والذ من
الأول لبنا خالصا سائغا فاذا تمت مدة الرضاع وانقطعت الطريقان بالفطام فتح
طرقا اربعة أكمل منها طعامان وشرابان فالطعامان من الحيوان والنبات
والشرابان من المياه والألبان وما يضاف اليهما من المنافع والملاذ فاذا
مات انقطعت عنه هذه الطرق الأربعة لكنه سبحانه فتح له إن كان سعيدا طرقا
ثمانية وهى ابواب الجنة الثمانية يدخل من ايها شاء فهكذا الرب سبحانه لا
يمنع عبده المؤمن شيئا من الدنيا الا ويؤتيه أفضل منه وأنفع له وليس ذلك
لغير المؤمن فأنه يمنعه الحظ الأدني الخسيس ولا يرضي له به ليعطيه الحظ
الأعلى النفيس والعبد لجهله بمصالح نفسه وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه لا
يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له بل هو مولع بحب العاجل وان
كان دنيئا وبقلة الرغبة في الآجل وان كان عليا ولو انصف العبد ربه وانى له
بذلك لعلم أن فضله عليه فيما منعه من الدنيا ولذاتها ونعيمها أعظم من فضله
عليه فيما آتاه من ذلك فما منعه الا ليعطيه ولا ابتلاه الا ليعافيه ولا
امتحنه الا ليصافيه ولا أماته الا ليحييه ولا أخرجه الي هذه الدار الا
ليتأهب منها للقدوم عليه وليسلك الطريق الموصلة اليه فجعل الليل والنهار
خلفة لمن أراد أن يذكر او أراد شكورا وأبى الظالمون الا كفورا والله
المستعان من عرف نفسه اشتغل باصلاحها عن عيوب الناس من عرف ربه اشتغل به
عن هوى نفسه أنفع العمل أن تغيب فيه عن الناس بالاخلاص وعن نفسك بشهود
المنة فلا ترى فيه نفسك ولا ترى الخلق
دخل الناس النار من ثلاثة أبواب باب شبهة اورثت شكا في دين الله
وباب شهوة اورثت تقديم الهوى على طاعته ومرضاته وباب غضب أورث العدوان على
خلقه
أصول الخطايا كلها ثلاثة الكبر وهو الذى أصار ابليس الي ما أصاره والحرص
وهو الذى أخرج آدم من الجنة والحسد وهو الذى جرأ أحدا بني آدم علي أخيه
فمن وقى شر هذه الثلاثة فقد وقى الشر فالكفر من الكبر والمعاصى من الحرص
والبغى والظلم من الحسد
جعل الله بحكمته كل جزء من أجزاء ابن آدم ظاهرة وباطنة آلة لشيء اذا
استعمل فيه فهو كماله فالعين آلة للنظر والاذن آلة للسماع والأنف آلة للشم
واللسان آلة للنطق والفرج للنكاح واليد للبطش والرجل للمشى والقلب للتوحيد
والمعرفة والروح للمحبه والعقل آلة للتفكر والتدبر لعواقب الامور الدينية
والدنيويه وايثار ما ينبغى ايثاره وأهمال ما ينبغى اهماله
أخسر الناس صفقة من اشتغل عن الله بنفسه بل أخسر منه من اشتغل عن نفسه
بالناس فى السنن من حديث أبي سعيد يرفعه اذا أصبح ابن آدم فان الأعضاء
كلها تكفر اللسان تقول اتق الله فأنما نحن بك فان استقمت استقمنا وان
اعوججت اعوججنا قوله تكفر اللسان قيل معناه تخضع له وفى الحديث ان الصحابة
لما دخلوا علي النجاشي لم يكفروا له أى لم يسجدوا ولم يخضعوا ولذلك قال له
عمرو بن العاص أيها الملك انهم لا يكفرون لك وانما خضعت للسان لانه بريد
القلب وترجمانه والواسطة بينه وبين الأعضاء وقولها انما نحن بك أي نجاتنا
بك وهلاكنا بك ولهذا قالت فان استقمت استقمنا وان اعوججت اعوججنا
فصل جمع النبى فى قوله فاتقوا الله وأجملوا فى الطلب بين مصالح
الدنيا والآخرة ونعيمها ولذاتها انما ينال بتقوى الله وراحة القلب والبدن
وترك الاهتمام والحرص الشديد والتعب والعناد والكد والشقاء فى طلب الدنيا
انما ينال بالاجمال في الطلب فمن اتقى الله فاز بلذة الآخرة ونعيمها ومن
أجمل فى الطلب استراح من نكد الدنيا وهمومها فالله المستعان
قد نادت الدنيا علي نفسها ... لو كان فى ذا الخلق من يسمع
كم واثق بالعيش أهلكته ... وجامع فرقت ما يجمع
فائدة جمع النبي بين المأثم والمغرم فان المأثم يوجب خسارة
الآخرة
والمغرم يوجب خسارة الدنيا
فائدة قال تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا علق سبحانه
الهداية
بالجهاد فاكمل الناس هداية أعظمهم جهادا وأفرض الجهاد جهاد النفس وجهاد
الهوي وجهاد الشيطان وجهاد الدنيا فمن جاهد هذه الاربعة فى الله هداه الله
سبل رضاه الموصلة الي جنته ومن ترك الجهاد فاته من الهدى بحسب ما عطل من
الجهاد قال الجنيد والذين جاهدوا أهواءهم فينا بالتوبة لنهدينهم سبل
الاخلاص ولا يتمكن من جهاد عدوه في الظاهر الا من جاهد هذه الأعداء باطنا
فمن نصر عليها نصر على عدوه ومن نصرت عليه نصر عليه عدوه
فصل القى الله سبحانه العداوة بين الشيطان وبين الملك والعداوة
بين
العقل وبين الهوى والعداوة بين النفس الأمارة وبين القلب وابتلى العبد
بذلك وجمع له بين هؤلاء وأمد كل حزب بجنود وأعوان فلا تزال الحرب سجالا
ودولا بين الفريقين الى أن يستولى أحدهما علي الآخر ويكون الآخر مقهورا
معه فاذا كانت النوبة للقلب والعقل والملك فهنالك السرور والنعيم واللذة
والبهجة والفرح وقرة العين وطيب الحياة وانشراح الصدر والفوز بالغنائم
واذا كانت النوبة للنفس والهوي والشيطان فهنالك الغموم والهموم والأحزان
وأنواع المكاره وضيق الصدر وحبس الملك فما ظنك بملك استولى عليه عدوه
فانزله عن سرير ملكه وأسره وحبسه وحال بينه وبين خزائنه وذخائره وخدمه
وصيرها له ومع هذا فلا يتحرك الملك لطلب ثأره ولا يستغيث بمن يغيثه ولا
يستنجد بمن ينجده وفوق هذا الملك ملك قاهر لا يقهر وغالب لا يغلب وعزيز لا
يذل فارسل اليه إن استنصرتنى نصرتك وان استغثت بي اغثتك وان التجأت الي
أخذت بثأرك وان هربت الى واويت الي سلطتك علي عدوك وجعلته تحت أسرك فان
قال هذا الملك المأسور قد شد عدوى وثاقى وأحكم رباطى واستوثق منى بالقيود
ومنعني من النهوض اليك والفرار اليك والمسير الي بابك فان أرسلت جندا من
عندك يحل وثاقى ويفك قيودى ويخرجنى من حبسه امكنني أن اوافى بابك والا لم
يمكننى مفارقة محبسي ولا كسر قيودى فان قال ذلك احتجاجا على ذلك السلطان
ودفعا لرسالته ورضا بما هو فيه عند عدوه خلاه السلطان الأعظم وحاله وولاه
ما تولي وان قال ذلك افتقارا اليه واظهارا لعجزه وذله وانه أضعف واعجز أن
يسير اليه بنفسه ويخرج من حبس عدوه ويتخلص منه بحوله وقوته وأن من تمام
نعمته ذلك عليه كما أرسل اليه هذه الرسالة أن يمده من جنده
ومماليكه بمن يعينه على الخلاص ويكسر باب محبسه ويفك قيوده فأن
فعل به ذلك فقد اتم انعامه عليه وان تخلى عنه فلم يظلمه ولا منعه حقا هوله
وان حمده وحكمته اقتضي منعه وتخليته فى محبسه ولا سيما اذا علم أن الحبس
حبسه وان هذا العدو الذى حبسه مملوك من مماليكه وعبد من عبيده ناصيته بيده
لا يتصرف الا باذنه ومشيئته فهو غير ملتفت اليه ولا خائف منه ولا معتقد أن
له شيئا من الامر ولا بيده نفع ولا ضر بل هو ناطر الي مالكه ومتولى أمره
ومن ناصيته بيده قد افرده بالخوف والرجاء والتضرع اليه والالتجاء والرغبة
والرهبة فهناك تأتيه جيوش النصر والظفر
أعلى الهمم فى طلب علم الكتاب والسنة والفهم عن الله ورسوله نفس المراد
وعلم حدود المنزل وأخس همم طلاب العلم قصر همته علي تتبع شواذ المسائل وما
لم ينزل ولا هو واقع أو كانت همته معرفة الاختلاف وتتبع أقوال الناس وليس
له همة الى معرفة الصحيح من تلك الأقوال وقل أن ينتفع واحد من هؤلاء بعلمه
وأعلي الهمم فى باب الارادة أن تكون الهمة متعلقة بمحبة الله والوقوف مع
مراده الدينى الأمرى واسفلها أن تكون الهمة واقفة مع مراد صاحبها من الله
فهو انما يعبده لمراده منه لا لمراد الله منه فالاول يريد الله ويريد
مراده والثاني يريد من الله وهو فارغ عن إرادته
علماء السوء جلسوا على باب الجنة يدعون اليها الناس بأقوالهم ويدعونهم الى
النار بافعالهم فكلما قالت أقوالهم للناس هلموا قالت أفعالهم لا تسمعوا
منهم فلو كان ما دعوا اليه حقا كانوا أول المستجيبين له فهم فى الصوره
أدلاء وفي الحقيقة قطاع الطرق اذا كان الله وحده حظك ومرادك فالفضل كله
تابع لك يزدلف إليك أى أنواعه تبدأ به واذا كان حظك ما تنال منه فالفضل
موقوف عنك لانه بيده تابع له فعل من أفعاله فإذا حصل لك حصل لك الفضل
بطريق الضمن والتبع واذا كان الفضل مقصودك لم يحصل الله بطريق الضمن
والتبع فأن
كنت قد عرفته وأنست به ثم سقطت الى طلب الفضل حرمك اياه عقوبة
لك ففاتك الله وفاتك الفضل
يصلح ما بين العبد وبين ربه وحسن الخلق يصلح ما بينه وبين خلقه فتقوى الله
توجب له محبة الله وحسن الخلق يدعو الي محبته
خطوة عن
نفسه وخطوة عن الخلق فيسقط نفسه ويلغيها فيما بينه وبين الناس ويسقط الناس
ويلغيهم فيما بينه وبين الله فلا يلتفت الا الى من دله على الله وعلى
الطريق الموصلة اليه
صاح بالصحابة واعظ اقترب للناس حسابهم فجزعت للخوف قلوبهم فجرت من الحذر
العيون فسالت أودية بقدرها تزينت الدنيا لعلي فقال أنت طالق ثلاثا لا رجعة
لي فيك وكانت تكفيه واحده للسن لكنه جمع الثلاث لئلا يتصور للهوى جواز
المراجعه ودينه الصحيح وطبعه السليم يأنفان من المحلل كيف وهو أحد رواة
حديث لعن الله المحلل
ما فى هذه الدار موضع خلوة فاتخذه فى نفسك لا بد ان تجذبك الجواذب فاعرفها
وكن منها على حذر لا تضرك الشواغل اذا خلوت منها وأنت فيها نور الحق أضوأ
من الشمس فيحق لخفافيش البصائر أن تعشو عنه الطريق الى الله خال من أهل
الشك ومن الذين يتبعون الشهوات وهو معمور بأهل اليقين والصبر وهم على
الطريق كالأعلام وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا
يوقنون
السيئات واحباطها لانها شهادة من عبد موقن بها عارف بمضمونها قد ماتت منه
الشهوات ولانت نفسه المتمردة وانقادت بعد إبائها واستعصائها واقبلت بعد
اعراضها وذلت بعد عزها وخرج منها حرصا على الدنيا وفضولها واستخذت بين يدى
ربها وفاطرها ومولاها الحق اذل ما كانت له وارجى ما كانت لعفوه ومغفرته
ورحمته وتجرد
منها التوحيد بانقطاع اسباب الشرك وتحقق بطلانه فزالت منها تلك
المنازعات التى كانت مشغولة بها واجتمع همها علي من ايقنت بالقدوم عليه
والمصير اليه فوجه العبد وجهه بكليته اليه واقبل بقلبه وروحه وهمه عليه
فاستسلم وحده ظاهرا وباطنا واستوى سره وعلانيته فقال لا اله الا الله
مخلصا من قلبه وقد تخلص قلبه من التعلق بغيره والالتفات الي ما سواه قد
خرجت الدنيا كلها من قلبه وشارف القدوم على ربه وخمدت نيران شهوته وامتلأ
قلبه من الآخره فصارت نصب عينيه وصارت الدنيا وراء ظهره فكانت تلك الشهادة
الخالصة خاتمة عمله فطهرته من ذنوبه وادخلته علي ربه لانه لقى ربه بشهادة
صادقة خالصة وافق ظاهرها باطنها وسرها علانيتها فلو حصلت له الشهادة علي
هذا الوجه فى أيام الصحة لاستوحش من الدنيا واهلها وفر الى الله من الناس
وانس به دون ما سواه لكنه شهد بها بقلب مشحون بالشهوات وحب الحياه
واسبابها ونفس مملوءه بطلب الحظوظ والالتفات الى غير الله فلو تجردت
كتجردها عند الموت لكان لها نبا آخر وعيش آخر سوى عيشها البهيمى والله
المستعان
ماذا يملك من أمره من ناصيته بيد الله ونفسه بيده وقلبه بين أصبعين من
أصابعه يقلبه كيف يشاء وحياته بيده وموته بيده وسعادته بيده وشقاوته بيده
وحركاته وسكناته وأقواله وأفعاله بأذنه ومشيئته فلا يتحرك الا باذنه ولا
يفعل الا بمشيئته ان وكله الى نفسه وكله الي عجز وضيعه وتفريط وذنب وخطيئة
وان وكله الى غيره وكله الى من لا يملك له ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة
ولا نشورا وان تخلى عنه استولى عليه عدوه وجعله اسيرا له فهو لا غنى له
عنه طرفة عين بل هو مضطر اليه علي مدى الأنفاس فى كل ذرة من ذراته باطنا
وظاهرا فاقته تامة اليه ومع ذلك فهو متخلف عنه معرض عنه يتبغض اليه
بمعصيته مع شدة الضرورة اليه من كل وجه قد صار لذكره نسيا واتخذه وراءه
ظهريا هذا واليه مرجعه وبين يديه موقفه
فرغ خاطرك للهم بما أمرت به ولا تشغله بما ضمن لك فان الرزق
والأجل قرينان مضمونان فما دام الأجل باقيا كان الرزق آتيا واذا سد عليك
بحكمته طريقا من طرقه فتح لك برحمته طريقا أنفع لك منه فتأمل حال الجنين
يأتيه غذاؤه وهو الدم من طريق واحدة وهو السرة فلما خرج من بطن الأم
وانقطعت تلك الطريق فتح له طريقين اثنين وأجرى له فيهما رزقا اطيب والذ من
الأول لبنا خالصا سائغا فاذا تمت مدة الرضاع وانقطعت الطريقان بالفطام فتح
طرقا اربعة أكمل منها طعامان وشرابان فالطعامان من الحيوان والنبات
والشرابان من المياه والألبان وما يضاف اليهما من المنافع والملاذ فاذا
مات انقطعت عنه هذه الطرق الأربعة لكنه سبحانه فتح له إن كان سعيدا طرقا
ثمانية وهى ابواب الجنة الثمانية يدخل من ايها شاء فهكذا الرب سبحانه لا
يمنع عبده المؤمن شيئا من الدنيا الا ويؤتيه أفضل منه وأنفع له وليس ذلك
لغير المؤمن فأنه يمنعه الحظ الأدني الخسيس ولا يرضي له به ليعطيه الحظ
الأعلى النفيس والعبد لجهله بمصالح نفسه وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه لا
يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له بل هو مولع بحب العاجل وان
كان دنيئا وبقلة الرغبة في الآجل وان كان عليا ولو انصف العبد ربه وانى له
بذلك لعلم أن فضله عليه فيما منعه من الدنيا ولذاتها ونعيمها أعظم من فضله
عليه فيما آتاه من ذلك فما منعه الا ليعطيه ولا ابتلاه الا ليعافيه ولا
امتحنه الا ليصافيه ولا أماته الا ليحييه ولا أخرجه الي هذه الدار الا
ليتأهب منها للقدوم عليه وليسلك الطريق الموصلة اليه فجعل الليل والنهار
خلفة لمن أراد أن يذكر او أراد شكورا وأبى الظالمون الا كفورا والله
المستعان من عرف نفسه اشتغل باصلاحها عن عيوب الناس من عرف ربه اشتغل به
عن هوى نفسه أنفع العمل أن تغيب فيه عن الناس بالاخلاص وعن نفسك بشهود
المنة فلا ترى فيه نفسك ولا ترى الخلق
دخل الناس النار من ثلاثة أبواب باب شبهة اورثت شكا في دين الله
وباب شهوة اورثت تقديم الهوى على طاعته ومرضاته وباب غضب أورث العدوان على
خلقه
أصول الخطايا كلها ثلاثة الكبر وهو الذى أصار ابليس الي ما أصاره والحرص
وهو الذى أخرج آدم من الجنة والحسد وهو الذى جرأ أحدا بني آدم علي أخيه
فمن وقى شر هذه الثلاثة فقد وقى الشر فالكفر من الكبر والمعاصى من الحرص
والبغى والظلم من الحسد
جعل الله بحكمته كل جزء من أجزاء ابن آدم ظاهرة وباطنة آلة لشيء اذا
استعمل فيه فهو كماله فالعين آلة للنظر والاذن آلة للسماع والأنف آلة للشم
واللسان آلة للنطق والفرج للنكاح واليد للبطش والرجل للمشى والقلب للتوحيد
والمعرفة والروح للمحبه والعقل آلة للتفكر والتدبر لعواقب الامور الدينية
والدنيويه وايثار ما ينبغى ايثاره وأهمال ما ينبغى اهماله
أخسر الناس صفقة من اشتغل عن الله بنفسه بل أخسر منه من اشتغل عن نفسه
بالناس فى السنن من حديث أبي سعيد يرفعه اذا أصبح ابن آدم فان الأعضاء
كلها تكفر اللسان تقول اتق الله فأنما نحن بك فان استقمت استقمنا وان
اعوججت اعوججنا قوله تكفر اللسان قيل معناه تخضع له وفى الحديث ان الصحابة
لما دخلوا علي النجاشي لم يكفروا له أى لم يسجدوا ولم يخضعوا ولذلك قال له
عمرو بن العاص أيها الملك انهم لا يكفرون لك وانما خضعت للسان لانه بريد
القلب وترجمانه والواسطة بينه وبين الأعضاء وقولها انما نحن بك أي نجاتنا
بك وهلاكنا بك ولهذا قالت فان استقمت استقمنا وان اعوججت اعوججنا
فصل جمع النبى فى قوله فاتقوا الله وأجملوا فى الطلب بين مصالح
الدنيا والآخرة ونعيمها ولذاتها انما ينال بتقوى الله وراحة القلب والبدن
وترك الاهتمام والحرص الشديد والتعب والعناد والكد والشقاء فى طلب الدنيا
انما ينال بالاجمال في الطلب فمن اتقى الله فاز بلذة الآخرة ونعيمها ومن
أجمل فى الطلب استراح من نكد الدنيا وهمومها فالله المستعان
قد نادت الدنيا علي نفسها ... لو كان فى ذا الخلق من يسمع
كم واثق بالعيش أهلكته ... وجامع فرقت ما يجمع
الآخرة
والمغرم يوجب خسارة الدنيا
الهداية
بالجهاد فاكمل الناس هداية أعظمهم جهادا وأفرض الجهاد جهاد النفس وجهاد
الهوي وجهاد الشيطان وجهاد الدنيا فمن جاهد هذه الاربعة فى الله هداه الله
سبل رضاه الموصلة الي جنته ومن ترك الجهاد فاته من الهدى بحسب ما عطل من
الجهاد قال الجنيد والذين جاهدوا أهواءهم فينا بالتوبة لنهدينهم سبل
الاخلاص ولا يتمكن من جهاد عدوه في الظاهر الا من جاهد هذه الأعداء باطنا
فمن نصر عليها نصر على عدوه ومن نصرت عليه نصر عليه عدوه
بين
العقل وبين الهوى والعداوة بين النفس الأمارة وبين القلب وابتلى العبد
بذلك وجمع له بين هؤلاء وأمد كل حزب بجنود وأعوان فلا تزال الحرب سجالا
ودولا بين الفريقين الى أن يستولى أحدهما علي الآخر ويكون الآخر مقهورا
معه فاذا كانت النوبة للقلب والعقل والملك فهنالك السرور والنعيم واللذة
والبهجة والفرح وقرة العين وطيب الحياة وانشراح الصدر والفوز بالغنائم
واذا كانت النوبة للنفس والهوي والشيطان فهنالك الغموم والهموم والأحزان
وأنواع المكاره وضيق الصدر وحبس الملك فما ظنك بملك استولى عليه عدوه
فانزله عن سرير ملكه وأسره وحبسه وحال بينه وبين خزائنه وذخائره وخدمه
وصيرها له ومع هذا فلا يتحرك الملك لطلب ثأره ولا يستغيث بمن يغيثه ولا
يستنجد بمن ينجده وفوق هذا الملك ملك قاهر لا يقهر وغالب لا يغلب وعزيز لا
يذل فارسل اليه إن استنصرتنى نصرتك وان استغثت بي اغثتك وان التجأت الي
أخذت بثأرك وان هربت الى واويت الي سلطتك علي عدوك وجعلته تحت أسرك فان
قال هذا الملك المأسور قد شد عدوى وثاقى وأحكم رباطى واستوثق منى بالقيود
ومنعني من النهوض اليك والفرار اليك والمسير الي بابك فان أرسلت جندا من
عندك يحل وثاقى ويفك قيودى ويخرجنى من حبسه امكنني أن اوافى بابك والا لم
يمكننى مفارقة محبسي ولا كسر قيودى فان قال ذلك احتجاجا على ذلك السلطان
ودفعا لرسالته ورضا بما هو فيه عند عدوه خلاه السلطان الأعظم وحاله وولاه
ما تولي وان قال ذلك افتقارا اليه واظهارا لعجزه وذله وانه أضعف واعجز أن
يسير اليه بنفسه ويخرج من حبس عدوه ويتخلص منه بحوله وقوته وأن من تمام
نعمته ذلك عليه كما أرسل اليه هذه الرسالة أن يمده من جنده
ومماليكه بمن يعينه على الخلاص ويكسر باب محبسه ويفك قيوده فأن
فعل به ذلك فقد اتم انعامه عليه وان تخلى عنه فلم يظلمه ولا منعه حقا هوله
وان حمده وحكمته اقتضي منعه وتخليته فى محبسه ولا سيما اذا علم أن الحبس
حبسه وان هذا العدو الذى حبسه مملوك من مماليكه وعبد من عبيده ناصيته بيده
لا يتصرف الا باذنه ومشيئته فهو غير ملتفت اليه ولا خائف منه ولا معتقد أن
له شيئا من الامر ولا بيده نفع ولا ضر بل هو ناطر الي مالكه ومتولى أمره
ومن ناصيته بيده قد افرده بالخوف والرجاء والتضرع اليه والالتجاء والرغبة
والرهبة فهناك تأتيه جيوش النصر والظفر
أعلى الهمم فى طلب علم الكتاب والسنة والفهم عن الله ورسوله نفس المراد
وعلم حدود المنزل وأخس همم طلاب العلم قصر همته علي تتبع شواذ المسائل وما
لم ينزل ولا هو واقع أو كانت همته معرفة الاختلاف وتتبع أقوال الناس وليس
له همة الى معرفة الصحيح من تلك الأقوال وقل أن ينتفع واحد من هؤلاء بعلمه
وأعلي الهمم فى باب الارادة أن تكون الهمة متعلقة بمحبة الله والوقوف مع
مراده الدينى الأمرى واسفلها أن تكون الهمة واقفة مع مراد صاحبها من الله
فهو انما يعبده لمراده منه لا لمراد الله منه فالاول يريد الله ويريد
مراده والثاني يريد من الله وهو فارغ عن إرادته
علماء السوء جلسوا على باب الجنة يدعون اليها الناس بأقوالهم ويدعونهم الى
النار بافعالهم فكلما قالت أقوالهم للناس هلموا قالت أفعالهم لا تسمعوا
منهم فلو كان ما دعوا اليه حقا كانوا أول المستجيبين له فهم فى الصوره
أدلاء وفي الحقيقة قطاع الطرق اذا كان الله وحده حظك ومرادك فالفضل كله
تابع لك يزدلف إليك أى أنواعه تبدأ به واذا كان حظك ما تنال منه فالفضل
موقوف عنك لانه بيده تابع له فعل من أفعاله فإذا حصل لك حصل لك الفضل
بطريق الضمن والتبع واذا كان الفضل مقصودك لم يحصل الله بطريق الضمن
والتبع فأن
كنت قد عرفته وأنست به ثم سقطت الى طلب الفضل حرمك اياه عقوبة
لك ففاتك الله وفاتك الفضل
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
فصل لما خرج رسول الله من حصر العدو دخل فى حصر النصر
فعبثت أيدى سراياه بالنصر فى الأطراف فطار ذكره فى الآفاق فصار الخلق معه
ثلاثة أقسام مؤمن به ومسالم له وخائف منه ألقى بذر الصبر فى مزرعة فاصبر
كما صبر أولو العزم من الرسل فاذا أغصان النبات تهتز بخزامي والحرمات قصاص
فدخل مكة دخولا ما دخله أحد قبله ولا بعده حوله المهاجرون والأنصار لا
يبين منهم الا الحدق والصحابة على مراتبهم والملائكة فوق رؤوسهم وجبريل
يتردد بينه وبين ربه وقد أباح له حرمه الذي لم يحله لاحد سواه فلما قايس
بين هذا اليوم وبين يوم واذ يمكر الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك
فاخرجوه ثاني اثنين
دخل وذقنه تمس قربوس سرجه خضوعا وذلا لمن ألبسه ثوب هذا العز الذى رفعت
اليه فيه الخليقة رؤوسها ومدت اليه الملوك أعناقها فدخل مكة مالكا مؤيدا
منصورا وعلا كعب بلال فوق الكعبة بعد أن كان يجر فى الرمضاء على جمر
الفتنة فنشر بزا طوى عن القوم من يوم قوله أحد أحد ورفع صوته بالاذان
فأجابته القبائل من كل ناحية فاقبلوا يؤمون الصوت فدخلوا فى دين الله
أفواجا وكانوا قبل ذلك يأتون آحادا فلما جلس الرسول على منبر العز وما نزل
عنه قط مدت الملوك أعناقها بالخضوع اليه فمنهم من سلم اليه مفاتيح البلاد
ومنهم من سأله الموادعة والصلح ومنهم من أقر بالجزيه والصغار ومنهم من أخذ
فى الجمع والتأهب للحرب ولم يدر أنه لم يزد على جمع الغنائم وسوق الأسارى
اليه فلما تكامل نصره وبلغ الرسالة وأدى الامانة وجاءه منشور انا فتحنا لك
فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك
ويهديك صراطا مستقيما وينصرك
الله نصرا عزيزا وبعده توقيع اذا جاء نصر الله والفتح ورأيت
الناس يدخلون في دين الله أفواجا جاءه رسول ربه يخبره بين المقام في
الدنيا وبين لقائه فاختار لقاء ربه شوقا اليه فتزينت الجنان ليوم قدوم
روحه الكريمة لا كزينة المدينه يوم قدوم الملك اذا كان عرش الرحمن فقد
اهتز لموت بغض اتباعه فرحا واستبشارا بقدوم روحه فكيف بروح سيد الخلائق
فيا منتسبا الى غير هذا الجناب ويا واقفا بغير هذا الباب ستعلم يوم الحشر
اى سريرة تكون عليها يوم تبلى السرائر
فصل يا مغرورا بالاماني لعن ابليس وأهبط من منزل العز بترك سجدة
واحده
امر بها واخرج آدم من الجنه بلقمة تناولها وحجب القاتل عنها بعد ان رآها
عيانا بملء كف من دم وامر بقتل الزاني اشنع القتلات بايلاج قدر الانملة
فيما لا يحل وأمر بأيساع الظهر سياطا بكلمة قذف او بقطرة سكر وابان عضوا
من اعضائك بثلاثة دراهم فلا تأمنه ان يحبسك في النار بمعصية واحدة من
معاصيه ولا يخاف عقباها دخلت امرأة النار في هرة وان الرجل ليتكلم بالكلمة
لا يلقى لها بالا يهوي بها في النار ابعد ما بين المشرق والمغرب وان الرجل
ليعمل بطاعة الله ستين سنة فأذا كان عند الموت جار في الوصيه فيختم له
بسوء عمله فيدخل النار العمر بىخره والعمل بخاتمته من احدث قبل السلام بطل
ما مضى من صلاته ومن أفطر قبل غروب الشمس ذهب صيامه ضائعا ومن أساء في آخر
عمره لقى ربه في ذلك الوجه لو قدمت لقمه وجدتها ولكن يؤذيك الشره كم جاء
الثواب يسعى اليك فوقف بالباب فرده بواب سوف ولعل وعسى كيف الفلاح
بين ايمان ناقص وأمل زائد ومرض لا طبيب له ولا عائد وهوى مستيقظ
وعقل راقد ساهيا في غمرته عمها في سكرته سابحا في لجة جهله مستوحشا من ربه
مستأنسا بخلقه ذكر الناس فاكهته وقوته وذكر الله حبسه وموته لله منه جزء
يسير من ظاهره وقلبه ويقينه لغيره
لا كان من سواك فيه بقية ... يجد السبيل بها اليه العذل
فصل كان أول المخلوقات القلم ليكتب المقادير قبل كونها وجعل آدم
وآخر
المخلوقات وفي ذلك حكم أحدها تمهيد الدار قبل الساكن الثانية انه الغاية
التي خلق لاجلها ما سواه من السموات والأرض والشمس والقمر والبر والبحر
الثالثة ان احذق الصناع يختم عمله بأحسنه وغايته كما يبدؤه باساسه ومبادئه
الرابعة ان النفوس متطلعة الى النهايات والأواخر دائما ولهذا قال موسي
للسحرة ولا القوا ما انتم ملقون فلما راى الناس فعلهم تطلعوا الى ما يأتي
بعده الخامسة ان الله سبحانه أخر أفضل الكتب والانبياء والأمم الى آخر
الزمان وجعل الآخرة خيرا من الأولى والنهايات أكمل من البدايات فكم بين
قول الملك للرسول اقرا فيقول ما انا بقاريء وبين قوله تعالى اليوم أكملت
لكم دينكم السادسة ان سبحانه جمع ما فرقه في العالم في آدم فهو العالم
الصغير وفيه ما في العالم الكبير السابعة ان خلاصة الوجود وثمرته فناسب ان
يكون خلقه بعد الموجودات الثامنة ان من كرامته علي خالقه أنه هيأ له
مصالحه وحوائجه وآلات معيشته وأسباب حياته فما رفع رأسه الا وذلك كله حاضر
عتيد التاسعة انه سبحانه أراد أن يظهر شرفه وفضله على سائر المخلوقات
فقدمها عليه في الخلق ولهذا قالت الملائكة ليخلق ربنا ما شاء فلن يخلق
خلقا اكرم عليه منا فلما خلق آدم وأمرهم بالسجود له ظهر فضله وشرفه عليهم
بالعلم والمعرفة فلما وقع في الذنب ظنت الملائكة أن ذلك الفضل
قد نسخ ولم تطلع على عبودية التوبة الكامنه فلما تاب الى ربه
وأنى بتلك العبودية علمت الملائكة ان لله في خلقه سرا لا يعلمه سواه
العاشرة انه سبحانه لما افتتح خلق هذا العالم بالقلم من أحسن المناسبة أن
يختمه بخلق الانسان فان القلم آلة العلم والانسان هو العالم ولهذا اظهر
سبحانه فضل آدم على الملائكة بالعلم الذي خص به دونهم وتأمل كيف كتب
سبحانه عذر آدم قبل هبوطه الى الأرض ونبه الملائكة على فضله وشرفه ونوه
باسمه قبل ايجاده بقوله اني جاعل في الأرض خليفة وتأمل كيف وسمه بالخلافة
وتلك ولاية له قبل وجوده وأقام عذره قبل الهبوط بقوله في الأرض والمحب
يقيم عذر المحبوب قبل جنايته فلما صوره ألقاه على باب الجنة أربعين سنة
لان داب المحب الوقوف على باب الحبيب رمى به في طريق ذل لم يكن شيئا لئلا
يعجب يوم اسجدوا كان أبليس يمر على جسده فيعجب منه ويقول لأمر قد خلقت ثم
يدخل من فيه ويخرج من دبره ويقول لئن سلطت عليك لأهلكنك ولئن سلطت علي
لأعصينك ولم يعلم ان هلاكه على يده رأى طينا مجموعا فاحتقر فلما صور الطين
صورة دب فيه داء الحسد فلما نفخ فيه الروح مات الحاسد فلما بسط له بساط
العز عرضت عليه المخلوقات فاستحضر مدعى
ونحن نسبح الي حاكم أنبئوني وقد أخفى الوكيل عنه بينة وعلم فنكسوا رؤوس
الدعاوى على صدور الاقرار فقام منادي التفضيل في أندية الملائكة ينادى
اسجدوا فتطهروا من حديث دعوي ونحن بماء العذر في آنية لا علم لنا فسجدوا
على طهارة التسليم وقام ابليس ناحية لم يسجد لانه خبث وقد تلون بنجاسة
الاعتراض وما كانت نجاسته تتلافى بالتطهير لانها عينية فلما تم كمال آدم
قال لا بد من خال جمال على وجه اسجدوا فجرى القدر بالذنب ليتبين اثر
العبودية في الذل يا آدم لو عفى لك عن تلك اللقمة لقال الحاسدون كيف فضل
ذو شره لم يصبر على شجرة لولا نزولك ما تصاعدت صعداء الأنفاس ولا نزلت
رسائل هل من وسائل ولا فاحت
روائح ولخلوف فم الصائم فتبين حينئذ ان ذلك التناول لم يكن عن
شره يا آدم ضحكك في الجنة لك وبكاؤك في دار التكليف لنا ما ضر من كسره عزى
اذا جبره فضلي انما تليق خلعة العز ببدن الانكسار أنا عند المنكسرة قلوبهم
من أجلي مازالت تلك الأكلة تعاده حتى استولى داؤه على أولاده فأرسل اليهم
اللطيف الخبير الدواء على أيدي أطباء الوجود فاما يأتينكم مني هدى فمن تبع
هداي فلا يضل ولا يشقى فحماهم الطبيب بالمناهى وحفظ القوة بالأوامر
واستفرغ اخلاطهم الرديئه بالتوبة فجاءت العافية من كل ناحية
فيا من ضيع القوة ولم يحفظها وخلط في مرضه وما احتمى ولا صبر على مرارة
الاستفراغ لا تنكر قرب الهلاك فالداء مترام الى الفساد لو ساعد القدر
فاعنت الطبيب علي نفسك بالحمية من شهوة خسيسة ظفرت بأنواع اللذات وأصناف
المشتهيات ولك بخار الشهوة غطى عين البصيرة فظننت ان الحزم بيع الوعد
بالنقد يالها بصيرة عمياء جزعت من صبر ساعة واحتملت ذل الأبد سافرت في طلب
الدنيا وهى عنها زائلة وقعدت عن السفر الى الآخرة وهى اليها راحلة اذا
رأيت الرجل يشتري الخسيس بالنفيس ويبيع العظيم بالحقير فاعلم بانه سفيه
فصل لما سلم لآدم اصل العبودية لم يقدح فيه الذنب ابن آدم لو
لقيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لقيتك بقرابها مغفرة
لما علم السيد ان ذنب عبده لم يكن قصدا لمخالفته ولا قدحا في حكمته علمه
كيف يعتذر اليه فتلقى آدم م ربه كلمات فتاب عليه العبد لا يريد بمعصيته
مخالفة سيده ولا الجرأة على محارمه ولكن غلبات الطبع وتزيين النفس
والشيطان وقهر الهوى والثقة بالعفو ورجاء المغفرة هذا من جانب العبد وأما
من جانب الربوبية فجريان الحكم واظهار عز الربوبيه وذل العبودية وكمال
الاحتياج وظهور آثار الأسماء الحسنى
كالعفو والغفور والتواب والحليم لمن جاء تائبا نادما والمنتقم
والعدل وذي البطش الشديد لمن أصر ولزم المجرة فهو سبحانه يريد أن يرى عبده
تفرده بالكمال ونقص العبد وحاجته اليه ويشهده كمال قدرته وعزته وكمال
مغفرته وعفوه ورحمته وكمال بره وستره وحلمه وتجاوزه وصفحه وان رحمته به
احسان اليه لا معارضة وانه ان لم يتغمده برحمته وفضله فهو هالك لا محالة
فلله كم من تقدير الذنب من حكمة وكم فيه مع تحقيق التوبة للعبد من مصلحة
ورحمة التوبة من الذنب كشرب الدواء للعليل ورب علة كانت سبب الصحة
لعل عتبك محمود عواقبه ... وربما صحت الأجساد بالعلل
لولا تقدير الذنب هلك ابن آدم من العجب ذنب يذل به احب اليه من طاعة يدل
بها عليه شمعة النصر انما تنزل في شمعدان الانكسار لا يكرم العبد نفسه
بمثل اهانتها ولا يعزها بمثل ذلها ولا يريحها بمثل تعبها كما قيل
سأتعب نفسي أو أصادف راحة ... فان هوان النفس في كرم النفس
ولا يشبعها بمثل جوعها ولا يؤمنها بمثل خوفها ولا يؤنسها بمثل وحشتها من
كل ما سوى فاطرها وبارئها ولا يحييها بمثل امانتها كما قيل
موت النفوس جياتها ... من شاء أن يحيا يموت
شراب الهوى حلو ولكنه يورث الشرق من تذكر خنق الفخ هان عليه هجران الحبة
يا معرقلا في شرك الهوى جمزة عزم وقد خرقت الشبكة لا بد من نفوذ القدر
فاجنح للسلم لله ملك السموات والارض واستقرض منك حبة فبخلت بها وخلق سبعة
ابحر وأحب منك دمعة فقحطت عينك بها اطلاق البصر ينقش قي القلب صورة
المنظور والقلب كعبة والمعبود لا يرضى بمزاحمة
فعبثت أيدى سراياه بالنصر فى الأطراف فطار ذكره فى الآفاق فصار الخلق معه
ثلاثة أقسام مؤمن به ومسالم له وخائف منه ألقى بذر الصبر فى مزرعة فاصبر
كما صبر أولو العزم من الرسل فاذا أغصان النبات تهتز بخزامي والحرمات قصاص
فدخل مكة دخولا ما دخله أحد قبله ولا بعده حوله المهاجرون والأنصار لا
يبين منهم الا الحدق والصحابة على مراتبهم والملائكة فوق رؤوسهم وجبريل
يتردد بينه وبين ربه وقد أباح له حرمه الذي لم يحله لاحد سواه فلما قايس
بين هذا اليوم وبين يوم واذ يمكر الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك
فاخرجوه ثاني اثنين
دخل وذقنه تمس قربوس سرجه خضوعا وذلا لمن ألبسه ثوب هذا العز الذى رفعت
اليه فيه الخليقة رؤوسها ومدت اليه الملوك أعناقها فدخل مكة مالكا مؤيدا
منصورا وعلا كعب بلال فوق الكعبة بعد أن كان يجر فى الرمضاء على جمر
الفتنة فنشر بزا طوى عن القوم من يوم قوله أحد أحد ورفع صوته بالاذان
فأجابته القبائل من كل ناحية فاقبلوا يؤمون الصوت فدخلوا فى دين الله
أفواجا وكانوا قبل ذلك يأتون آحادا فلما جلس الرسول على منبر العز وما نزل
عنه قط مدت الملوك أعناقها بالخضوع اليه فمنهم من سلم اليه مفاتيح البلاد
ومنهم من سأله الموادعة والصلح ومنهم من أقر بالجزيه والصغار ومنهم من أخذ
فى الجمع والتأهب للحرب ولم يدر أنه لم يزد على جمع الغنائم وسوق الأسارى
اليه فلما تكامل نصره وبلغ الرسالة وأدى الامانة وجاءه منشور انا فتحنا لك
فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك
ويهديك صراطا مستقيما وينصرك
الله نصرا عزيزا وبعده توقيع اذا جاء نصر الله والفتح ورأيت
الناس يدخلون في دين الله أفواجا جاءه رسول ربه يخبره بين المقام في
الدنيا وبين لقائه فاختار لقاء ربه شوقا اليه فتزينت الجنان ليوم قدوم
روحه الكريمة لا كزينة المدينه يوم قدوم الملك اذا كان عرش الرحمن فقد
اهتز لموت بغض اتباعه فرحا واستبشارا بقدوم روحه فكيف بروح سيد الخلائق
فيا منتسبا الى غير هذا الجناب ويا واقفا بغير هذا الباب ستعلم يوم الحشر
اى سريرة تكون عليها يوم تبلى السرائر
فصل يا مغرورا بالاماني لعن ابليس وأهبط من منزل العز بترك سجدة
واحده
امر بها واخرج آدم من الجنه بلقمة تناولها وحجب القاتل عنها بعد ان رآها
عيانا بملء كف من دم وامر بقتل الزاني اشنع القتلات بايلاج قدر الانملة
فيما لا يحل وأمر بأيساع الظهر سياطا بكلمة قذف او بقطرة سكر وابان عضوا
من اعضائك بثلاثة دراهم فلا تأمنه ان يحبسك في النار بمعصية واحدة من
معاصيه ولا يخاف عقباها دخلت امرأة النار في هرة وان الرجل ليتكلم بالكلمة
لا يلقى لها بالا يهوي بها في النار ابعد ما بين المشرق والمغرب وان الرجل
ليعمل بطاعة الله ستين سنة فأذا كان عند الموت جار في الوصيه فيختم له
بسوء عمله فيدخل النار العمر بىخره والعمل بخاتمته من احدث قبل السلام بطل
ما مضى من صلاته ومن أفطر قبل غروب الشمس ذهب صيامه ضائعا ومن أساء في آخر
عمره لقى ربه في ذلك الوجه لو قدمت لقمه وجدتها ولكن يؤذيك الشره كم جاء
الثواب يسعى اليك فوقف بالباب فرده بواب سوف ولعل وعسى كيف الفلاح
بين ايمان ناقص وأمل زائد ومرض لا طبيب له ولا عائد وهوى مستيقظ
وعقل راقد ساهيا في غمرته عمها في سكرته سابحا في لجة جهله مستوحشا من ربه
مستأنسا بخلقه ذكر الناس فاكهته وقوته وذكر الله حبسه وموته لله منه جزء
يسير من ظاهره وقلبه ويقينه لغيره
لا كان من سواك فيه بقية ... يجد السبيل بها اليه العذل
فصل كان أول المخلوقات القلم ليكتب المقادير قبل كونها وجعل آدم
وآخر
المخلوقات وفي ذلك حكم أحدها تمهيد الدار قبل الساكن الثانية انه الغاية
التي خلق لاجلها ما سواه من السموات والأرض والشمس والقمر والبر والبحر
الثالثة ان احذق الصناع يختم عمله بأحسنه وغايته كما يبدؤه باساسه ومبادئه
الرابعة ان النفوس متطلعة الى النهايات والأواخر دائما ولهذا قال موسي
للسحرة ولا القوا ما انتم ملقون فلما راى الناس فعلهم تطلعوا الى ما يأتي
بعده الخامسة ان الله سبحانه أخر أفضل الكتب والانبياء والأمم الى آخر
الزمان وجعل الآخرة خيرا من الأولى والنهايات أكمل من البدايات فكم بين
قول الملك للرسول اقرا فيقول ما انا بقاريء وبين قوله تعالى اليوم أكملت
لكم دينكم السادسة ان سبحانه جمع ما فرقه في العالم في آدم فهو العالم
الصغير وفيه ما في العالم الكبير السابعة ان خلاصة الوجود وثمرته فناسب ان
يكون خلقه بعد الموجودات الثامنة ان من كرامته علي خالقه أنه هيأ له
مصالحه وحوائجه وآلات معيشته وأسباب حياته فما رفع رأسه الا وذلك كله حاضر
عتيد التاسعة انه سبحانه أراد أن يظهر شرفه وفضله على سائر المخلوقات
فقدمها عليه في الخلق ولهذا قالت الملائكة ليخلق ربنا ما شاء فلن يخلق
خلقا اكرم عليه منا فلما خلق آدم وأمرهم بالسجود له ظهر فضله وشرفه عليهم
بالعلم والمعرفة فلما وقع في الذنب ظنت الملائكة أن ذلك الفضل
قد نسخ ولم تطلع على عبودية التوبة الكامنه فلما تاب الى ربه
وأنى بتلك العبودية علمت الملائكة ان لله في خلقه سرا لا يعلمه سواه
العاشرة انه سبحانه لما افتتح خلق هذا العالم بالقلم من أحسن المناسبة أن
يختمه بخلق الانسان فان القلم آلة العلم والانسان هو العالم ولهذا اظهر
سبحانه فضل آدم على الملائكة بالعلم الذي خص به دونهم وتأمل كيف كتب
سبحانه عذر آدم قبل هبوطه الى الأرض ونبه الملائكة على فضله وشرفه ونوه
باسمه قبل ايجاده بقوله اني جاعل في الأرض خليفة وتأمل كيف وسمه بالخلافة
وتلك ولاية له قبل وجوده وأقام عذره قبل الهبوط بقوله في الأرض والمحب
يقيم عذر المحبوب قبل جنايته فلما صوره ألقاه على باب الجنة أربعين سنة
لان داب المحب الوقوف على باب الحبيب رمى به في طريق ذل لم يكن شيئا لئلا
يعجب يوم اسجدوا كان أبليس يمر على جسده فيعجب منه ويقول لأمر قد خلقت ثم
يدخل من فيه ويخرج من دبره ويقول لئن سلطت عليك لأهلكنك ولئن سلطت علي
لأعصينك ولم يعلم ان هلاكه على يده رأى طينا مجموعا فاحتقر فلما صور الطين
صورة دب فيه داء الحسد فلما نفخ فيه الروح مات الحاسد فلما بسط له بساط
العز عرضت عليه المخلوقات فاستحضر مدعى
ونحن نسبح الي حاكم أنبئوني وقد أخفى الوكيل عنه بينة وعلم فنكسوا رؤوس
الدعاوى على صدور الاقرار فقام منادي التفضيل في أندية الملائكة ينادى
اسجدوا فتطهروا من حديث دعوي ونحن بماء العذر في آنية لا علم لنا فسجدوا
على طهارة التسليم وقام ابليس ناحية لم يسجد لانه خبث وقد تلون بنجاسة
الاعتراض وما كانت نجاسته تتلافى بالتطهير لانها عينية فلما تم كمال آدم
قال لا بد من خال جمال على وجه اسجدوا فجرى القدر بالذنب ليتبين اثر
العبودية في الذل يا آدم لو عفى لك عن تلك اللقمة لقال الحاسدون كيف فضل
ذو شره لم يصبر على شجرة لولا نزولك ما تصاعدت صعداء الأنفاس ولا نزلت
رسائل هل من وسائل ولا فاحت
روائح ولخلوف فم الصائم فتبين حينئذ ان ذلك التناول لم يكن عن
شره يا آدم ضحكك في الجنة لك وبكاؤك في دار التكليف لنا ما ضر من كسره عزى
اذا جبره فضلي انما تليق خلعة العز ببدن الانكسار أنا عند المنكسرة قلوبهم
من أجلي مازالت تلك الأكلة تعاده حتى استولى داؤه على أولاده فأرسل اليهم
اللطيف الخبير الدواء على أيدي أطباء الوجود فاما يأتينكم مني هدى فمن تبع
هداي فلا يضل ولا يشقى فحماهم الطبيب بالمناهى وحفظ القوة بالأوامر
واستفرغ اخلاطهم الرديئه بالتوبة فجاءت العافية من كل ناحية
فيا من ضيع القوة ولم يحفظها وخلط في مرضه وما احتمى ولا صبر على مرارة
الاستفراغ لا تنكر قرب الهلاك فالداء مترام الى الفساد لو ساعد القدر
فاعنت الطبيب علي نفسك بالحمية من شهوة خسيسة ظفرت بأنواع اللذات وأصناف
المشتهيات ولك بخار الشهوة غطى عين البصيرة فظننت ان الحزم بيع الوعد
بالنقد يالها بصيرة عمياء جزعت من صبر ساعة واحتملت ذل الأبد سافرت في طلب
الدنيا وهى عنها زائلة وقعدت عن السفر الى الآخرة وهى اليها راحلة اذا
رأيت الرجل يشتري الخسيس بالنفيس ويبيع العظيم بالحقير فاعلم بانه سفيه
فصل لما سلم لآدم اصل العبودية لم يقدح فيه الذنب ابن آدم لو
لقيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لقيتك بقرابها مغفرة
لما علم السيد ان ذنب عبده لم يكن قصدا لمخالفته ولا قدحا في حكمته علمه
كيف يعتذر اليه فتلقى آدم م ربه كلمات فتاب عليه العبد لا يريد بمعصيته
مخالفة سيده ولا الجرأة على محارمه ولكن غلبات الطبع وتزيين النفس
والشيطان وقهر الهوى والثقة بالعفو ورجاء المغفرة هذا من جانب العبد وأما
من جانب الربوبية فجريان الحكم واظهار عز الربوبيه وذل العبودية وكمال
الاحتياج وظهور آثار الأسماء الحسنى
كالعفو والغفور والتواب والحليم لمن جاء تائبا نادما والمنتقم
والعدل وذي البطش الشديد لمن أصر ولزم المجرة فهو سبحانه يريد أن يرى عبده
تفرده بالكمال ونقص العبد وحاجته اليه ويشهده كمال قدرته وعزته وكمال
مغفرته وعفوه ورحمته وكمال بره وستره وحلمه وتجاوزه وصفحه وان رحمته به
احسان اليه لا معارضة وانه ان لم يتغمده برحمته وفضله فهو هالك لا محالة
فلله كم من تقدير الذنب من حكمة وكم فيه مع تحقيق التوبة للعبد من مصلحة
ورحمة التوبة من الذنب كشرب الدواء للعليل ورب علة كانت سبب الصحة
لعل عتبك محمود عواقبه ... وربما صحت الأجساد بالعلل
لولا تقدير الذنب هلك ابن آدم من العجب ذنب يذل به احب اليه من طاعة يدل
بها عليه شمعة النصر انما تنزل في شمعدان الانكسار لا يكرم العبد نفسه
بمثل اهانتها ولا يعزها بمثل ذلها ولا يريحها بمثل تعبها كما قيل
سأتعب نفسي أو أصادف راحة ... فان هوان النفس في كرم النفس
ولا يشبعها بمثل جوعها ولا يؤمنها بمثل خوفها ولا يؤنسها بمثل وحشتها من
كل ما سوى فاطرها وبارئها ولا يحييها بمثل امانتها كما قيل
موت النفوس جياتها ... من شاء أن يحيا يموت
شراب الهوى حلو ولكنه يورث الشرق من تذكر خنق الفخ هان عليه هجران الحبة
يا معرقلا في شرك الهوى جمزة عزم وقد خرقت الشبكة لا بد من نفوذ القدر
فاجنح للسلم لله ملك السموات والارض واستقرض منك حبة فبخلت بها وخلق سبعة
ابحر وأحب منك دمعة فقحطت عينك بها اطلاق البصر ينقش قي القلب صورة
المنظور والقلب كعبة والمعبود لا يرضى بمزاحمة
صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى