صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
فصل طوبى لمن أنصف ربه فاقر له بالجهل فى علمه والآفات فى عمله
والعيوب فى نفسه والتفريط فى حقه والظلم فى معاملته فان آخذه بذنوبه رأى
عدله وان لم يؤاخذه بها رأي فضله وان عمل حسنة رآها من منته وصدقته عليه
فان قبلها فمنه وصدقة ثانية وان ردها فلكون مثلها لا يصلح ان يواجه به وان
عمل سيئة رآها من تخليه عنه وخذلانه له وامساك عصمته عنه وذلك من عدله فيه
فيرى فى ذلك فقره الى ربه وظلمه فى نفسه فان غفرها له فبمحض احسانه وجوده
وكرمه ونكتة المسألة وسرها انه لا يري ربه الامحسنا ولا يرى نفسه الا
مسيئا أو مفرطا أو مقصرا فيرى كل ما يسره من فضل ربه عليه واحسانه اليه
وكل ما يسوءه من ذنوبه وعدل الله فيه المحبون اذا خربت منازل أحبائهم
قالوا سقيا لسكانها وكذلك المحب اذا أتت عليه الأعوام تحت التراب ذكر
حينئذ حسن طاعته فى الدنيا وتودده اليه وتجدد رحمته وسقياه لمن كان ساكنا
في تلك الأجسام البالية
فائدة الغيرة غيرتان غيرة على الشيء وغيرة من الشيء فالغيرة على
المحبوب حرصك عليه والغيرة من المكروه ان يزاحمك عليه فالغيرة على المحبوب
لا تتم الا بالغيرة من المزاحم وهذه تحمد حيث يكون المحبوب تقبح المشاركة
في حبه كالمخلوق واما من تحسن المشاركة في حبه كالرسول والعالم بل الحبيب
القريب سبحانه فلا
يتصور غيرة المزاحمة عليه بل هو حسد والغيرة المحمودة في حقه أن
يغار المحب على محبته له ان يصرفها الى غيره أو يغار عليها ان يطلع عليها
الغير فيفسدها عليه أو يغار على أعماله ان يكون فيها شيء لغير محبوبة أو
يغار عليها ان يشوبها ما يكره محبوبه من رياء أو إعجاب او محبة لاشراف
غيره عليها أو غيبته عن شهود منته عليه فيها
وبالجملة فغيرته تقتضي ان تكون أحواله وأعماله وأفعاله كلها لله وكذلك
يغار علي أوقاته أن يذهب منها وقت في غير رضى محبوبة فهذه الغيرة من جهة
العبد وهي غيرة من المزاحم له المعوق القاطع له عن مرضاة محبوبة وأما غيرة
محبوبه عليه فهي كراهية ان ينصرف قلبه عن محبته الى محبة غيره بحيث يشاركه
في حبه ولهذا كانت غيرة الله ان يأتي العبد ماحرم عليه ولاجل غيرته سبحانه
حرم الفاحشة ما ظهر منها وما بطن لأن الخلق عبيده واماؤه فهو يغار علي
امائه كما يغار السيد على جواريه ولله المثل الأعلي ويغار علي عبيده ان
تكون محبتهم لغيره بحيث تحملهم تلك المحبة على عشق الصور ونيل الفاحشة
منها
من عظم وقار الله في قلبه ان يعصيه وقره الله في قلوب الخلق ان يذلوه اذا
علقت شروش المعرفة في ارض القلب نبتت فيه شجرة المحبة فاذا تمكنت وقويت
أثمرت الطاعة فلا تزال الشجرة تؤتي أكلها كل حين باذن الله ربها اول منازل
القوم اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا وأوسطها هو الذي يصلي
عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى والنور وآخرها تحيتهم يوم يلقونه
سلام ارض الفطرة رحبة قابلة لما يغرس فيها فان غرست شجرة الايمان والتقوى
أورثت حلاوة الابد وان غرست شجرة الجهل والهوى فكل الثمر من ارجع الى الله
واطلبه من عينك وسمعك وقلبك ولسانك ولا تشرد عنه من هذه الأربعة فما رجع
من رجع اليه بتوفيقه الا منها وما شرد من شرد عنه بخذلانه الا منها
فالموفق يسمع ويبصر ويتكلم ويبطش بمولاه والمخذول يصدر ذلك عنه بنفسه
وهواه
مثال تولد الطاعة ونموها وتزايدها كمثل نواة غرستها فصارت شجرة
ثم أثمرت فأكلت ثمرها وغرست نواها فكلما أثمر منها شيء جنيت ثمرة وغرست
نواه وكذلك تداعي المعاصي فليتدبر اللبيب هذا المثال فمن ثواب الحسنة
الحسنة بعدها ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها ليس العجب من مملوك يتذلل لله
ويتعبد له ولا يمل من خدمته مع حاجته وفقره اليه انما العجب من مالك يتحبب
الى مملوكه بصنوف انعامه ويتودد اليه بأنواع احسانه مع غناه عنه كفى بك
عزا انك له عبد ... وكفى بك فخرا انه لك رب
فصل ايك والمعاصي فانها ازلت عز
إسجدوا وأخرجت اقطاع اسكن يا لها لحظة أثمرت حرارة القلق الف سنة مازال
يكتب بدم الندم سطور الحزن في القصص ويرسلها مع أنفاس الأسف حتى جاءه
توقيع فتاب عليه فرح ابليس بنزول آدم من لجنة وما علم أن هبوط الغائص في
اللجة خلف الدر صعود كم بين قوله لآدم اني جاعل في الارض خليفة وقوله لك
اذهب فمن تبعك منهم ما جرى على آدم هو المراد من وجوده لو لم تذنبوا يا
آدم لا تجزع من قولي لك اخرج منها فلك ولصالح ذريتك خلفتها يا آدم كنت
تدخل علي دخول الملوك علي الملوك واليوم تدخل علي دخول العبيد علي الملوك
يا آدم لا تجزع من كأس زلل كانت سبب كيسك فقد استخرج منك داء العجب والبست
خلعة العبودية وعسى أن تكرهوا يا آدم لم أخرج اقطاعك الي غيرك انما نحيتك
عنه لا كمل عمارته لك وليبعث الي العمال نفقة تتجافى جنوبهم تالله ما نفعه
عند معصيته عز
اسجدوا ولا شرف وعلم آدم ولا خصيصة لما خلقت بيدي ولا فخر ونفخت فيه من
روحي وانما انتفع بذل ربنا ظلمنا أنفسنا لما لبس درع التوحيد على بدن
الشكر وقع سهم العدو منه في غير مقتل
فجرحه فوضع عليه جبار الانكسار فعاد كما كان فقام الجريح كان لم
يكن به قلبة فصل
نجائب النجاة مهيأة للمراد واقدم المطرود موثوقة بالقيود هبت عواصف
الأقدار في بيداء الاكوان فتقلب الوجود ونجم الخير فلما ركدت الريح اذا
ابو طالب غريق في لجة الهلاك وسلمان على ساحل السلامة والوليد بن
المغيرة يقدم قومه في التيه وصهيب قد قدم بقافلة الروم والنجاشي
في أرض
الحبشة يقول لبيك اللهم لبيك وبلال ينادي الصلاة خير من النوم
وأبو جهل في رقدة المخالفة لما قضى في القدم بسابقه سلمان عرج
به دليل التوفيق عن طريق آبائه في التمجس فأقبل يناظر أباه في دين الشرك
فلما علاه بالحجة لم يكن له جواب الا القيد وهذا جواب يتداوله أهل الباطل
من يوم حرفوه وبه أجاب فرعون موسى لئن اتخذت الها غيري وبه أجاب الجهمية
الامام احمد لما عرضوه على السياط وبه أجاب أهل البدع شيخ الاسلام حين
استدعوه السجن وها نحن علي الاثر فنزل به ضيف ولنبلونكم فنال باكرامة
مرتبة سلمان منا أهل البيت فسمع ان ركبا على نية السفر فسرق نفسه من أبيه
ولا قطع فركب راحلة العزم يرجو ادراك مطلب السعادة فغاص في بحر البحث ليقع
بدرة الوجود فوقف نفسه على خدمة الادلاء وقوف الاذلاء فلما أحس الرهبان
بانقراض دولتهم سلموا اليه اعلام الأعلام على نبوة نبينا وقالوا ان زمانه
قد أظل فأحذر ان تضل فرحل مع رفقة لم يرفقوا به فشروه بثمن بخس دراهم
معدودة فأتباعه يهودى بالمدينة فلما رأى الحره توقد حرا شوقه ولم يعلم رب
المنزل بوجد النازل فبينا هو يكابد ساعات الانتظار قدم البشير بقدوم
البشير وسلمان في رأس نخلة وكاد القلق يلقيه لولا ان الحزم أمسكه كما جرى
يوم إن كادت لتبدي به لولا ان ربطنا علي قلبها فعجل النزول لتلقي ركب
البشارة ولسان حاله يقول
خليلي من نجد قفا بي على الربا ... فقد هب من تلك الديار نسيم فصاح به
سيده مالك انصرف الي شغلك فقال
كيف انصرافي ولي في داركم شغل
ثم أخذ لسان حاله يترنم لو سمع الأطروش خليلي لا والله ما انا منكما ...
اذا علم من آل ليلي بداليا
فلما لقى الرسول عارض نسخة الرهبان بكتاب الأصل فوافقه يا محمد
انت تريد ابا طالب ونحن نريد سلمان ابو طالب اذا سئل عن اسمه قال عبد مناف
واذا انتسب افتخر بالآباء واذاذكرت الأموال عبد الابل وسلمان اذا سئل عن
اسمه قال عبد الله وعن نسبه قال ابن الاسلام وعن ماله قال الفقر وعن
حانوته قال المسجد وعن كسبه قال الصبر وعن لباسه قال التقوى والتواضع وعن
وساده قال السهر وعن فخره قال سلمان منا وعن قصده قال يريدون وجهه وعن
سيره قال الى الجنة وعن دليله في الطريق قال إمام الخلق وهادئ الائمة
اذا نحن ادلجن وانت امامنا ... كفى بالمطايا طيب ذكراك حاديا
وان نحن اضللنا الطريق ولم نجد ... دليلا كفانا نور وجهك هاديا
الذنوب جراحات ورب جرح وقع في مقتل لو خرج عقلك من سلطان هواك عادت الدولة
له دخلت دار الهوى فقامرت بعمرك اذا عرضت نظرة لا تحل فاعلم انها مسعر حرب
فاستتر منها بحجاب قل للمؤمنين فقد سلمت من الاثر وكفى الله المؤمنين
القتال بحر الهوى اذا مد أغرق واخوف المنافذ على السابح فتح البصر في
الماء
ما أحد أكرم من مفرد ... في قبره اعماله تونسه
منعما في القبر في روضه ... ليس كعبده قبره محبسه
علي قدر فضل المرء يأتي خطوبه ... ويعرف عند الصبر فيما يصيبه
ومن قل فيما يتقيه اصطباره ... فقد قل مما يرتجيه نصيبه
كم قطع زرع قبل التمام فما ظن الزرع المستحصد اشتر نفسك فالسوق قائمة
والثمن موجود لابد من سنة الغفلة ورقاد الهوى ولكن كن خفيف النوم فحراس
البلد يصيحون دنا الصباح نور العقل يضيء في ليل الهوى فتلوح جادة الصواب
فيتلمح البصير في ذلك النور عواقب الأمور اخرج بالعزم من هذا
الفناء الضيق المحشو بالآفات الي ذلك الفناء الرحب الذي فيه
مالا عين رأت فهناك لا يتعذر مطلوب ولا يفقد محبوب يا بائعا نفسه بهوى من
حبه ضنا ووصله أذى وحسنه الى فنا لقد بعت انفس الأشياء بثمن بخس كأنك لم
تعرف قدر السلعة وبلا خسة الثمن حتى اذا قدمت يوم التغابن تبين لك ان
الغبن في عقد التبايع لا اله الا الله سلعة الله مشتريها وثمنها الجنة
والدلال الرسول ترضي ببيعها بجزء يسير مما لا يساوي كله جناح بعوضة
اذا كان شيء لا يساوي جميعه ... جناح بعوضة عند من صرت عبده
ويملك جزء منه كلك ما الذى ... يكون على ذا الحال قدرك عنده
وبعت به نفسا قد استامها بما ... لديه من الحسنى وقد زال وده
يا مخنت العزم اين انت والطريق طريق تعب فيه آدم وناح لاجله نوح ورمى في
النار الخليل واضجع للذبح اسماعيل وبيع يوسف بثمن بخس ولبث في السجن بضع
سنين ونشر بالمنشار زكريا وذبح السيد الحصور يحيى وقاسى الضر أيوب وزاد
على المقدار بكاء داود وسار مع الوحش عيسي وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد
تزها انت باللهو واللعب
فيا دارها بالحزن ان مزارها ... قريب ولكن دون ذلك أهوال
الحرب قائمة وانت اعزل في النظارة فأن حركت ركابك فللهزيمة من لم يباشر حر
الهجير في طلاب المجد لم يقل في ظلال الشرف
تقول سليمى لو أقمت بارضنا ... ولم تدارني للمقام أطوف
قيل لبعض العباد الى كم تتعب نفسك فقال راحتها اريد يا مكر ما بجلة
الأيمان بعد حلة العافية وهو يخلقهما في مخالفة الخالق لا تنكر
السلب يستحق من استعمل نعمة المنعم فيما يكره ان يسلبها عرائس الموجودات
قد تزينت للناظرين ليبلوهم ايهم يؤثرهن على عرائس الآخرة فمن عرف قدر
التفاوت آثر ما ينبغي ايثاره
وحسان الكون لما أن بدت ... اقبلت نحوي وقالت لي الى
فتعاميت كأن لم أرها ... عندما ابصرت مقصودي لدي
كواكب هم العارفين في روج عزائمهم سيارة ليس فيها زحل يا من انحرف عن
جادتهم كن في أواخر الركب ونم اذا نمت علي الطريق فالأمير يراعي الساقة
قيل للحسن سبقنا القوم على خيل دهم ونحن على حمر معقره فقال ان كنت على
طريقهم فما أسرع اللحاق بهم
فصل طوبى لمن أنصف ربه فاقر له بالجهل فى علمه والآفات فى عمله
والعيوب فى نفسه والتفريط فى حقه والظلم فى معاملته فان آخذه بذنوبه رأى
عدله وان لم يؤاخذه بها رأي فضله وان عمل حسنة رآها من منته وصدقته عليه
فان قبلها فمنه وصدقة ثانية وان ردها فلكون مثلها لا يصلح ان يواجه به وان
عمل سيئة رآها من تخليه عنه وخذلانه له وامساك عصمته عنه وذلك من عدله فيه
فيرى فى ذلك فقره الى ربه وظلمه فى نفسه فان غفرها له فبمحض احسانه وجوده
وكرمه ونكتة المسألة وسرها انه لا يري ربه الامحسنا ولا يرى نفسه الا
مسيئا أو مفرطا أو مقصرا فيرى كل ما يسره من فضل ربه عليه واحسانه اليه
وكل ما يسوءه من ذنوبه وعدل الله فيه المحبون اذا خربت منازل أحبائهم
قالوا سقيا لسكانها وكذلك المحب اذا أتت عليه الأعوام تحت التراب ذكر
حينئذ حسن طاعته فى الدنيا وتودده اليه وتجدد رحمته وسقياه لمن كان ساكنا
في تلك الأجسام البالية
المحبوب حرصك عليه والغيرة من المكروه ان يزاحمك عليه فالغيرة على المحبوب
لا تتم الا بالغيرة من المزاحم وهذه تحمد حيث يكون المحبوب تقبح المشاركة
في حبه كالمخلوق واما من تحسن المشاركة في حبه كالرسول والعالم بل الحبيب
القريب سبحانه فلا
يتصور غيرة المزاحمة عليه بل هو حسد والغيرة المحمودة في حقه أن
يغار المحب على محبته له ان يصرفها الى غيره أو يغار عليها ان يطلع عليها
الغير فيفسدها عليه أو يغار على أعماله ان يكون فيها شيء لغير محبوبة أو
يغار عليها ان يشوبها ما يكره محبوبه من رياء أو إعجاب او محبة لاشراف
غيره عليها أو غيبته عن شهود منته عليه فيها
وبالجملة فغيرته تقتضي ان تكون أحواله وأعماله وأفعاله كلها لله وكذلك
يغار علي أوقاته أن يذهب منها وقت في غير رضى محبوبة فهذه الغيرة من جهة
العبد وهي غيرة من المزاحم له المعوق القاطع له عن مرضاة محبوبة وأما غيرة
محبوبه عليه فهي كراهية ان ينصرف قلبه عن محبته الى محبة غيره بحيث يشاركه
في حبه ولهذا كانت غيرة الله ان يأتي العبد ماحرم عليه ولاجل غيرته سبحانه
حرم الفاحشة ما ظهر منها وما بطن لأن الخلق عبيده واماؤه فهو يغار علي
امائه كما يغار السيد على جواريه ولله المثل الأعلي ويغار علي عبيده ان
تكون محبتهم لغيره بحيث تحملهم تلك المحبة على عشق الصور ونيل الفاحشة
منها
من عظم وقار الله في قلبه ان يعصيه وقره الله في قلوب الخلق ان يذلوه اذا
علقت شروش المعرفة في ارض القلب نبتت فيه شجرة المحبة فاذا تمكنت وقويت
أثمرت الطاعة فلا تزال الشجرة تؤتي أكلها كل حين باذن الله ربها اول منازل
القوم اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا وأوسطها هو الذي يصلي
عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى والنور وآخرها تحيتهم يوم يلقونه
سلام ارض الفطرة رحبة قابلة لما يغرس فيها فان غرست شجرة الايمان والتقوى
أورثت حلاوة الابد وان غرست شجرة الجهل والهوى فكل الثمر من ارجع الى الله
واطلبه من عينك وسمعك وقلبك ولسانك ولا تشرد عنه من هذه الأربعة فما رجع
من رجع اليه بتوفيقه الا منها وما شرد من شرد عنه بخذلانه الا منها
فالموفق يسمع ويبصر ويتكلم ويبطش بمولاه والمخذول يصدر ذلك عنه بنفسه
وهواه
مثال تولد الطاعة ونموها وتزايدها كمثل نواة غرستها فصارت شجرة
ثم أثمرت فأكلت ثمرها وغرست نواها فكلما أثمر منها شيء جنيت ثمرة وغرست
نواه وكذلك تداعي المعاصي فليتدبر اللبيب هذا المثال فمن ثواب الحسنة
الحسنة بعدها ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها ليس العجب من مملوك يتذلل لله
ويتعبد له ولا يمل من خدمته مع حاجته وفقره اليه انما العجب من مالك يتحبب
الى مملوكه بصنوف انعامه ويتودد اليه بأنواع احسانه مع غناه عنه كفى بك
عزا انك له عبد ... وكفى بك فخرا انه لك رب
فصل ايك والمعاصي فانها ازلت عز
إسجدوا وأخرجت اقطاع اسكن يا لها لحظة أثمرت حرارة القلق الف سنة مازال
يكتب بدم الندم سطور الحزن في القصص ويرسلها مع أنفاس الأسف حتى جاءه
توقيع فتاب عليه فرح ابليس بنزول آدم من لجنة وما علم أن هبوط الغائص في
اللجة خلف الدر صعود كم بين قوله لآدم اني جاعل في الارض خليفة وقوله لك
اذهب فمن تبعك منهم ما جرى على آدم هو المراد من وجوده لو لم تذنبوا يا
آدم لا تجزع من قولي لك اخرج منها فلك ولصالح ذريتك خلفتها يا آدم كنت
تدخل علي دخول الملوك علي الملوك واليوم تدخل علي دخول العبيد علي الملوك
يا آدم لا تجزع من كأس زلل كانت سبب كيسك فقد استخرج منك داء العجب والبست
خلعة العبودية وعسى أن تكرهوا يا آدم لم أخرج اقطاعك الي غيرك انما نحيتك
عنه لا كمل عمارته لك وليبعث الي العمال نفقة تتجافى جنوبهم تالله ما نفعه
عند معصيته عز
اسجدوا ولا شرف وعلم آدم ولا خصيصة لما خلقت بيدي ولا فخر ونفخت فيه من
روحي وانما انتفع بذل ربنا ظلمنا أنفسنا لما لبس درع التوحيد على بدن
الشكر وقع سهم العدو منه في غير مقتل
فجرحه فوضع عليه جبار الانكسار فعاد كما كان فقام الجريح كان لم
يكن به قلبة فصل
نجائب النجاة مهيأة للمراد واقدم المطرود موثوقة بالقيود هبت عواصف
الأقدار في بيداء الاكوان فتقلب الوجود ونجم الخير فلما ركدت الريح اذا
ابو طالب غريق في لجة الهلاك وسلمان على ساحل السلامة والوليد بن
المغيرة يقدم قومه في التيه وصهيب قد قدم بقافلة الروم والنجاشي
في أرض
الحبشة يقول لبيك اللهم لبيك وبلال ينادي الصلاة خير من النوم
وأبو جهل في رقدة المخالفة لما قضى في القدم بسابقه سلمان عرج
به دليل التوفيق عن طريق آبائه في التمجس فأقبل يناظر أباه في دين الشرك
فلما علاه بالحجة لم يكن له جواب الا القيد وهذا جواب يتداوله أهل الباطل
من يوم حرفوه وبه أجاب فرعون موسى لئن اتخذت الها غيري وبه أجاب الجهمية
الامام احمد لما عرضوه على السياط وبه أجاب أهل البدع شيخ الاسلام حين
استدعوه السجن وها نحن علي الاثر فنزل به ضيف ولنبلونكم فنال باكرامة
مرتبة سلمان منا أهل البيت فسمع ان ركبا على نية السفر فسرق نفسه من أبيه
ولا قطع فركب راحلة العزم يرجو ادراك مطلب السعادة فغاص في بحر البحث ليقع
بدرة الوجود فوقف نفسه على خدمة الادلاء وقوف الاذلاء فلما أحس الرهبان
بانقراض دولتهم سلموا اليه اعلام الأعلام على نبوة نبينا وقالوا ان زمانه
قد أظل فأحذر ان تضل فرحل مع رفقة لم يرفقوا به فشروه بثمن بخس دراهم
معدودة فأتباعه يهودى بالمدينة فلما رأى الحره توقد حرا شوقه ولم يعلم رب
المنزل بوجد النازل فبينا هو يكابد ساعات الانتظار قدم البشير بقدوم
البشير وسلمان في رأس نخلة وكاد القلق يلقيه لولا ان الحزم أمسكه كما جرى
يوم إن كادت لتبدي به لولا ان ربطنا علي قلبها فعجل النزول لتلقي ركب
البشارة ولسان حاله يقول
خليلي من نجد قفا بي على الربا ... فقد هب من تلك الديار نسيم فصاح به
سيده مالك انصرف الي شغلك فقال
كيف انصرافي ولي في داركم شغل
ثم أخذ لسان حاله يترنم لو سمع الأطروش خليلي لا والله ما انا منكما ...
اذا علم من آل ليلي بداليا
فلما لقى الرسول عارض نسخة الرهبان بكتاب الأصل فوافقه يا محمد
انت تريد ابا طالب ونحن نريد سلمان ابو طالب اذا سئل عن اسمه قال عبد مناف
واذا انتسب افتخر بالآباء واذاذكرت الأموال عبد الابل وسلمان اذا سئل عن
اسمه قال عبد الله وعن نسبه قال ابن الاسلام وعن ماله قال الفقر وعن
حانوته قال المسجد وعن كسبه قال الصبر وعن لباسه قال التقوى والتواضع وعن
وساده قال السهر وعن فخره قال سلمان منا وعن قصده قال يريدون وجهه وعن
سيره قال الى الجنة وعن دليله في الطريق قال إمام الخلق وهادئ الائمة
اذا نحن ادلجن وانت امامنا ... كفى بالمطايا طيب ذكراك حاديا
وان نحن اضللنا الطريق ولم نجد ... دليلا كفانا نور وجهك هاديا
الذنوب جراحات ورب جرح وقع في مقتل لو خرج عقلك من سلطان هواك عادت الدولة
له دخلت دار الهوى فقامرت بعمرك اذا عرضت نظرة لا تحل فاعلم انها مسعر حرب
فاستتر منها بحجاب قل للمؤمنين فقد سلمت من الاثر وكفى الله المؤمنين
القتال بحر الهوى اذا مد أغرق واخوف المنافذ على السابح فتح البصر في
الماء
ما أحد أكرم من مفرد ... في قبره اعماله تونسه
منعما في القبر في روضه ... ليس كعبده قبره محبسه
علي قدر فضل المرء يأتي خطوبه ... ويعرف عند الصبر فيما يصيبه
ومن قل فيما يتقيه اصطباره ... فقد قل مما يرتجيه نصيبه
كم قطع زرع قبل التمام فما ظن الزرع المستحصد اشتر نفسك فالسوق قائمة
والثمن موجود لابد من سنة الغفلة ورقاد الهوى ولكن كن خفيف النوم فحراس
البلد يصيحون دنا الصباح نور العقل يضيء في ليل الهوى فتلوح جادة الصواب
فيتلمح البصير في ذلك النور عواقب الأمور اخرج بالعزم من هذا
الفناء الضيق المحشو بالآفات الي ذلك الفناء الرحب الذي فيه
مالا عين رأت فهناك لا يتعذر مطلوب ولا يفقد محبوب يا بائعا نفسه بهوى من
حبه ضنا ووصله أذى وحسنه الى فنا لقد بعت انفس الأشياء بثمن بخس كأنك لم
تعرف قدر السلعة وبلا خسة الثمن حتى اذا قدمت يوم التغابن تبين لك ان
الغبن في عقد التبايع لا اله الا الله سلعة الله مشتريها وثمنها الجنة
والدلال الرسول ترضي ببيعها بجزء يسير مما لا يساوي كله جناح بعوضة
اذا كان شيء لا يساوي جميعه ... جناح بعوضة عند من صرت عبده
ويملك جزء منه كلك ما الذى ... يكون على ذا الحال قدرك عنده
وبعت به نفسا قد استامها بما ... لديه من الحسنى وقد زال وده
يا مخنت العزم اين انت والطريق طريق تعب فيه آدم وناح لاجله نوح ورمى في
النار الخليل واضجع للذبح اسماعيل وبيع يوسف بثمن بخس ولبث في السجن بضع
سنين ونشر بالمنشار زكريا وذبح السيد الحصور يحيى وقاسى الضر أيوب وزاد
على المقدار بكاء داود وسار مع الوحش عيسي وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد
تزها انت باللهو واللعب
فيا دارها بالحزن ان مزارها ... قريب ولكن دون ذلك أهوال
الحرب قائمة وانت اعزل في النظارة فأن حركت ركابك فللهزيمة من لم يباشر حر
الهجير في طلاب المجد لم يقل في ظلال الشرف
تقول سليمى لو أقمت بارضنا ... ولم تدارني للمقام أطوف
قيل لبعض العباد الى كم تتعب نفسك فقال راحتها اريد يا مكر ما بجلة
الأيمان بعد حلة العافية وهو يخلقهما في مخالفة الخالق لا تنكر
السلب يستحق من استعمل نعمة المنعم فيما يكره ان يسلبها عرائس الموجودات
قد تزينت للناظرين ليبلوهم ايهم يؤثرهن على عرائس الآخرة فمن عرف قدر
التفاوت آثر ما ينبغي ايثاره
وحسان الكون لما أن بدت ... اقبلت نحوي وقالت لي الى
فتعاميت كأن لم أرها ... عندما ابصرت مقصودي لدي
كواكب هم العارفين في روج عزائمهم سيارة ليس فيها زحل يا من انحرف عن
جادتهم كن في أواخر الركب ونم اذا نمت علي الطريق فالأمير يراعي الساقة
قيل للحسن سبقنا القوم على خيل دهم ونحن على حمر معقره فقال ان كنت على
طريقهم فما أسرع اللحاق بهم
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الأصنام لذات الدنيا كسوداء وقد غلبت عليك والحور العين يعجبن
من سوء اختيارك عليهن غير أن زوبعة الهوى اذا ثارت سفت في عين البصيرة
فخفيت الجادة سبحان الله تزينت الجنة للخطاب فجدوا في تحصيل المهر وتعرف
رب العزة الي المحبين باسمائه وصفاته فعملوا على اللقاء وأنت مشغول بالجيف
لا كان من لسواك منه قلبه ... ولك اللسان مع الوداد الكاذب
المعرفة بساط لا يطأ عليه الا مقرب والمحبة نشيد لا يطرب عليه الا محب
مغرم الحب غدير في صحراء ليست عليه جادة فلهذا قل وارده المحب يهرب الى
العزلة والخلوة بمحبوبه والأنس بذكره كهرب الحوت الى الماء والطفل الى أمه
وأخرج من بين البيوت لعلنى ... أحدث عنك القلب بالسر خاليا
ليس للعابد مستراح الا تحت شجرة طوبي ولا للمحب قرار الا يوم المزيد اشتغل
به في الحياة يكفك ما بعد الموت يا منفقا بضاعة العمر في مخالفة حبيبه
والبعد منه ليس في أعدائك أضر عليك منك
ما تبلغ الأعداء من جاهل ... من يبلغ الجاهل من نفسه
الهمة العليه من استعد صاحبها للقاء الحبيب وقدم التقادم بين يدي الملتقى
فاستبشر عند القدوم وقدموا لانفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر
المؤمنين تالله ما عدا عليك العدو الا بعد ان تولى عنك الولى فلا تظن ان
الشيطان غلب ولكن الحافظ أعرض احذر نفسك فما أصابك بلاء قط الا منها ولا
تهادنها فوالله ما أكرمها من لم يهنها ولا أعزها من لم يذلها ولا جبرها من
لم يكسرها ولا أراحها من لم يتبعها ولا أمنها من لم يخوفها ولا فرحها من
لم يحزنها سبحان الله ظاهرك متجمل بلباس التقوى وباطنك باطية
لخمر الهوى فكلما طيبت الثوب فاحت رائحة المسكر من تحته فتباعد
منك الصادقون وانحاز اليك الفاسقون يدخل عليك لص الهوى وأنت في زاوية
التعبد فلايرى منك طردا له فلا يزال بك حتي يخرجك من المسجد أصدق في الطلب
وقد جاءتك المعونة فقال رجل لمعروف علمنى المحبة فقال المحبه لا تجيء
بالتعليم
هو الشوق مدلولا على مقتل الفنا ... اذا لم يعد صبا بلقيا حبيبه
ليس العجيب من قوله يحبونه انما العجب من قوله يحبهم ليس العجب من فقير
مسكين يحب محسنا اليه أنما العجب من محسن يحب فقيرا مسكينا
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
فصل القرآن كلام الله وقد تجلى الله فيه لعباده وصفاته فتارة
يتجلى في
جلباب الهيبة والعظمة والجلال فتخضع الأعناق وتنكسر النفوس وتخشع الاصوات
ويذوب الكبر كما يذوب الملح في الماء وتارة يتجلى في صفات الجمال والكمال
وهو كمال الاسماء وجمال الصفات وجمال الافعال الدال على كمال الذات
فيستنفد حبه من قلب العبد قوة الحب كلها بحب ما عرفه من صفات جماله ونعوت
كماله فيصبح فؤاد عبده فارغا الا من محبته فاذا أراد منه الغيران يعلق تلك
المحبة به ابى قلبه واحشاؤه ذلك كل الاباء كما قيل
يراد من القلب نسيانكم ... وتأبى الطباع على الناقل
فتبقى المحبة له طبعا لا تكلفا واذا تجلى بصفات الرحمة والبر واللطف
والاحسان انبعثت قوة الرجاء من العبد وانبسط أمله وقوي طمعه وسار الى ربه
وحادى الرجاء يحدو ركاب سيره وكلما قوي الرجاء جد في العمل كما ان الباذر
كلما قوي طمعه في المغل غلق ارضه بالبذر واذا ضعف رجاؤه قصر في البذر واذا
تجلى بصفات العدل والانتقام
والغضب والسخط والعقوبة انقمعت النفس الأمارة وبطلت او ضعفت
قواها من الشهوة والغضب واللهو واللعب والحرص علي المحرمات وانقبضت أعنة
رعوناتها فأحضرت المطية حظها من الخوف والخشية والحذر واذا تجلى بصفات
الامر والنهي والعهد والوصية وارسال الرسل وانزال الكتب شرع الشرائع
انبعثت منها قوة الامتثال والتنفيذ لأوامره والتبليغ لها والتواصي بها
وذكرها وتذكرها والتصديق بالخبر والامتثال للطلب والاجتناب للنهى واذا
تجلى بصفة السمع والبصر والعلم انبعث من العبد قوة الحياء فيستحي ربه ان
يراه على ما يكره او يسمع منه ما يكره او يخفى في سريرته ما يمقته عليه
فتبقى حركاته وأقواله وخواطره موزونة بميزان الشرع غير مهملة ولا مرسله
تحت حكم الطبيعة والهوى واذا تجلى بصفات الكفاية والحسب والقيام بمصالح
العباد وسوق أرزاقهم اليهم ودفع المصائب عنهم ونصره لأوليائه وحمايته لهم
ومعيته الخاصة لهم انبعثت من العبد قوة التوكل عليه والتفويض اليه والرضا
به وما في كل ما يجريه علي عبده ويقيمه مما يرضى به هو سبحانه والتوكل
معنى يلتئم من علم العبد بكفاية الله وحسن اختياره لعبده وثقته به ورضاه
بما يفعله به ويختاره له واذا تجلى بصفات العز والكبرياء اعطت نفسه
المطمئنة ما وصلت اليه من الذل لعظمته والانكسار لعزته والخضوع لكبريائه
وخشوع القلب والجوارح له فتعلوه السكينة والوقار في قلبه ولسانه وجوارحه
وسمته ويذهب طيشه وقوته وحدته
وجماع ذلك انه سبحانه يتعرف الي العبد بصفات آلهيته تارة وبصفات ربوبيته
تارة فيوجب له شهود صفات الآلهية المحبة الخاصة والشوق الى لقائه والانس
والفرح به والسرور بخدمته والمنافسة في قربه والتودد اليه بطاعته واللهج
بذكره والفرار من الخلق اليه ويصير هو وحده همه دون ما سواه ويوجب له شهود
صفات الربوبية التوكل عليه والافتقار اليه والاستعانة به والذل والخضوع
والانكسار له وكمال ذلك أن يشهد ربوبيته فى الهيته والهيته في ربوبيته
وحمده في ملكه وعزه في عفوه
وحكمته في قضائه وقدره ونعمته في بلائه وعطاءه في منعه وبره
ولطفه وأحسانه ورحمته في قيوميته وعذله في انتقامه وجوده وكرمه في مغفرته
وستره وتجاوزه ويشهد حكمته ونعمته في أمره ونهيه وعزه في رضاه وغضبه وحلمه
في إمهاله وكرمه فى إقباله وغناه في اعراضه
وانت اذا تدبرت القرآن واجرته من التحريف وأن تقضي عليه بآراء المتكلمين
وافكار المتكلفين أشهدك ملكا قيوما فوق سماواته علي عرشه يدبر أمر عباده
يأمر وينهي ويرسل الرسل وينزل الكتب ويرضى ويغضب ويثيب ويعاقب ويعطي ويمنع
ويعز ويذل ويخفض ويرفع يرى من فوق سبع ويسمع ويعلم السر والعلانية فعال
لما يريد موصوف بكل كمال منزه عن كل عيب لا تتحرك ذرة فما فوقها الا بأذنه
ولا تسقط ورقه إلا بعلمه ولا يشفع زهد عنده إلا بأذنه ليس لعباده من دونه
ولى ولا شفيع
فصل لما بايع الرسول أهل العقبة أمر أصحابه بالهجرة الي المدينة
فعلمت قريش أن أصحابه قد كثروا وأنهم سيمنعونه فاعلمت آراءها في استخراج
الحيل فمنهم من رأى الحبس ومنهم من رأى النفي ثم اجتمع رأيهم على القتل
فجاء البريد بالخبر من السماء وأمره أن يفارق المضجع فبات علي مكانه ونهض
الصديق لرفقة السفر فلما فارقا بيوت مكة اشتد الحذر بالصديق فجعل يذكر
الرصد فيسير أمامه وتارة يذكر الطلب فيتأخر وراءه وتارة عن يمينه وتارة عن
شماله الي أن انتهيا الى الغار فبدأ الصديق بدخوله ليكون وقاية له ان كان
ثم موذ وأنبت الله شجرة لم تكن قبل فأظلمت المطلوب وأضلت الطالب وجاءت
عنكبوت فحازت وجه الغار فحاكت ثوب نسجها علي منوال الستر فاحكمت الشقة حتى
عمى على القائف المطلب وأرسل حمامتين فاتخذتا هناك عشا جعل
على أبصار الطالبين غشاوة وهذا أبلغ في الاعجاز من مقاومة القوم
بالجنود فلما وقف القوم على رؤوسهم وصار كلامهم بسمع الرسول والصديق قال
الصديق وقد اشتد به القلق يا رسول الله لو أن أحدهم نظر الي ما تحت قدميه
لابصرنا تحت قدميه فقال رسول الله يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما
لما رأى الرسول حزنه قد اشتد لاكن علي نفسه قوي قلبه ببشارة لا تحزن ان
الله معنا فظهر سر هذا الاقتران في المعية لفظا كما ظهر حكما ومعنى اذا
يقال رسول الله وصاحب رسول الله فلما مات قيل خليفة رسول الله ثم انقطعت
اضافة الخلافة بموته فقيل أمير المؤمنين فاقاما في الغار ثلاثا ثم خرجا
منه ولسان القدر يقول لتدخلنها دخولا لم يدخله أحد قبلك ولا ينبغي لاحد من
بعدك فلما استقلا علي البيداء لحقهما سراقة بن مالك فلما شارف الظفر أرسل
عليه الرسول سهما من سهام الدعاء فساخت قوائم فرسه في الارض الى بطنها
فلما علم انه لا سبيل له عليهما أخذ يعرض المال علي من قد رد مفاتيح
الكنوز ويقدم الزاد الي شبعان أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني كان تحفة ثاني
اثنين مدخرة للصديق دون الجميع فهو الثاني في الاسلام وفي بذل النفس وفي
الزهد وفي الصحبة وفي الخلافة وفي العمر وفي سبب الموت لان الرسول مات عن
أثر السم وأبو بكر سم فمات اسلم على يديه من العشرة عثمان وطلحة والزبير
وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وكان عنده يوم أسلم أربعون الف درهم
فانفقها أحوج ما كان الاسلام اليها فلهذا اجلبت نفقته عليه ما نفعنى مال
ما نفعنى مال أبي بكر فهو خير من مؤمن آل فرعون لان ذلك كان يكتم ايمانه
والصديق اعلن به وخير من مؤمن آل ياسين لان ذلك جاهد ساعة والصديق جاهد
سنين عاين طائر الفاقة يحوم حول حب الإيثار ويصيح من ذا الذى يقرض الله
قرضا حسنا فألقى له حب المال علي روض الرضا واستلقى على فراش الفقر فنقل
الطائر الحب الى حوصلة المضاعفة ثم علا على افنان شجرة الصدق يغرد
بفنون المدح ثم قال في محاريب الاسلام يتلو وسيجنبها الأتقى
الذي يؤتي ماله يتزكى نطقت بفضله الآيات والاخبار واجتمع على بيعته
المهاجرون والانصار فيا مبغضيه في قلوبكم من ذكره نار كلما تليت فضائله
علا عليهم الصغار أتري لم يسمع الروافض الكفار ثانى اثنين اذ هما فى الغار
دعى الي الاسلام فما تلعثم ولا أبى وسار علي المحجة فما زل ولا كبا وصبر
فى مدته من مدى العدى علي وقع الشبا واكثر فى الانفاق فما قلل حتى تخلل
بالعبا تالله لقد زاد علي السبك فى كل دينار دينار ثاني اثنين إذ هما فى
الغار من كان قرين النبي في شبابه من ذا الذي سبق إلي الإيمان من أصحابه
من الذى أفتى بحضرته سريعا في جوابه من أول من صلي معه من آخر من صلى به
من الذي ضاجعه بعد الموت فى ترابه فاعرفوا حق الجار نهض يوم الردة بفهم
واستيقاظ وأبان من نص الكتاب معنى دق عن حديد الالحاظ فالمحب يفرح بفضائله
والمبغض يغتاظ حسرة الرافضي أن يفر من مجلس ذكره ولكن أين الفرار كم وقى
الرسول بالمال والنفس وكان أخص به فى حياته وهو ضجيعه فى الرمس فضائله
جليلة وهى خلية عن اللبس ياعجبا من يغطى عين ضوء الشمس في نصف النهار لقد
دخلا غارا لا يسكنه لابث فاستوحش الصديق من خوف الحوادث فقال الرسول ما
ظنك باثنين والله الثالث فنزلت السكينة فارتفع خوف الحادث فزال القلق وطاب
عيش الماكث فقام مؤذن النصر ينادى على رؤوس منائر الامصار ثاني اثنين اذ
هما فى الغار حبه والله رأس الحنيفة وبغضه يدل على خبث الطوية فهو خير
الصحابة والقرابة والحجة على ذلك قوية لولا صحة مامته ما قيل ابن الحنيفة
مهلا فأن ذم الروافض قد فار والله ما أحببناه لهوانا ولا نعتقد في غيره
هوانا ولكن أخذنا بقول على وكفانا رضيك رسول الله لديننا أفلا نرضاك
لدنيانا تالله لقد أخذت من الروافض بالثار
تالله لقد وجب حق الصديق علينا فنحن نقضي بمدائحه ونفر بما نقر
به من السنى عينا فمن كان رافضيا فلا يعد الينا وليقل لي أعذار تنبيه
اجتنب من يعادى أهل الكتاب والسنة لئلا يعديك خسرانه احترز من عدوين هلك
بهما أكثر الخلق صاد عن سبيل الله بشبهاته وزخرف قوله ومفتون بدنياه
ورئاسته من خلق فيه قوة واستعداد لشيء كانت لذته فى استعمال تلك القوة فيه
فلذة من خلقت منه قوه وأستعداد للجماع أستعمال قوته فيه ولذ1ة من خلقت فيه
قوة الغضب والثواب باستعمال قوته الغضبية فى متعلقها ومن خلقت فيه قوة
الاكل والشرب فلذته باستعمال قوته فيهما ومن خلقت فيه قوة العلم والمعرفة
فلذته باستعمال قوته وصرفها الى العلم ومن خلقت فيه قوة الحب لله والانابة
اليه والعكوف بالقلب عليه والشوق اليه والأنس به فلذته ونعيمه استعمال هذه
القوة فى ذلك وسائر اللذات دون هذه اللذة مضمحلة فانية واحمد عاقبتها أن
تكون لا له ولا عليه تنبيه
يا أيها الأعزلاحذر فراسة المتقى فانه يرى عورة عملك من وراء ستر أتقوا
فراسة المؤمن سبحان الله فى النفس كبر ابليس وحسد قابيل وعتو عاد وطغيان
ثمود وجرأة نمرود واستطالة فرعون وبغى قارون وقحة هامان
وهوى بلعام وحيل اصحاب السبت وتمرد لوليد وجهل أبي جهل وفيها من
أخلاق البهائم حرص الغراب وشره الكلب ورعونة الطاووس ودناءة الجعل وعقوق
الضب وحقد الجمل ووثوب الفهد وصولة الاسد وفسق الفأرة وخبث الحية وعبث
القرد وجمع النملة ومكر الثعلب وخفة الفراش ونوم الضبع غير أن الرياضة
والمجاهدة تذهب ذلك فمن استرسل مع طبعه فهو من هذا الجند ولا تصلح سلعته
لعقد ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم فما اشترى الا سلعة هذبها الايمان
فخرجت من طبعها الى بلد سكانه التائبون العابدون سلم المبيع قبل أن يتلف
في يدك فلا يقبله المشتري قد علم المشتري بعيب السلعة قبل أن يشتريها
فسلمها ولك الامان من الرد قدر السلعة يعرف بقدر مشتريها والثمن المبذول
فيه والمنادى عليها فاذا كان المشتري عظيما والثمن خطيرا والمنادى جليلا
كانت السلعة نفيسة
يا بائعا نفسه بيع الهوان لو استرجعت ذا البيع قبل الفوت لم تخب
وبائعا طيب عيش ما له خطر ... بطيف عيش من الآلام منتهب
غبنت والله غبنا فاحشا ولدى ... يوم التغابن تلقى غاية الحرب
وواردا صفو عيش كله كدر ... أمامك الورد حقا ليس بالكذب
وحاطب الليل في الظلماء منتصبا ... لكل داهية تدني من العطب
ترجوا الشفاء بأحداق بها مرض ... فهل سمعت ببرء جاء من عطب
ومفنيا نفسه في إثر أقبحهم ... وصفاللطخ جمال فيه مستلب
وواهبا نفسه من مثل ذا سفها ... لو كنت تعرف قدر النفس لم تهب
شاب الصبا والتصابي لم يشب ... وضاع وقتك بين اللهو واللعب
وشمس عمرك قد حان الغروب لها ... والفيء في الأفق الشرقي لم يغب
وفاز بالوصل من قد جدوا انقشعت ... عن أفقه ظلمات الليل والسحب
كم ذا التخلف والدنيا قد ارتحلت ... ورسل ربك قد وافتك فى الطلب
ما فى الديار وقد سارت ركائب من ... تهواه للصب من شكر ولا أرب
فافرش الخد ذياك التراب وقل ... ما قاله صاحب الأشواق والحقب
ما ربع مية محفوفا يطيف به ... غيلان أشهى له من ربعك الخرب
منازلا كان يهواها ويألفها ... ايام كان منال الوصل عن كثب
ولا الخدود ولو أدمين من ضرج ... اشهى الى ناظرى من ربعك الخرب
وكلما جليت تلك الربوع له ... يهوى اليها هوى الماء فى الصبب
أحيى له الشوق تذكار العهود بها ... فلو دعى القلب للسلوان لم يجب
هذا وكم منزل فى الأرض يألفه ... وماله فى سواها الدهر من رغب
ما فى الخيام اخو وجدير يحك إن ... بثثته بعض شان الحب فاغترب
واسر فى غمرات الليل متهديا ... بنفحة الطيب لا بالعود والحطب
وعاد كل أخى جبن ومعجزة ... وحارب النفس لا تلقيك فى الحرب
وخذ لنفسك نورا تستضىء به ... يوم اقتسام الورى الانوار بالرتب
ان كان يوجب صبري رحمتي فرضا ... بسوء حالى وحل للضنا بدني
منحتك الروح لا أبغى لها ثمنا ... الا رضاك ووافقرى الا الثمن
أحن بأطراف النهار صبابه ... وبالليل يدعوني الهوى فأجيب
واذا لم يكن من العشق بد ... فمن عجز عشق غير الجميل
فلو أن ما أسعى لعيش معجل ... كفانى منه بعض ما أنا فيه
ولكنما أسمى لملك مخلد ... فوا أسفا إن لم أكن بملاقيه
يا من هو من أرباب الخبرة هل عرفت قيمة نفسك انما خلقت الأكوان كلها لك يا
من غذى بلبان البر وقلب بأيدى الالطاف كل الأشياء شجرة وأنت الثمرة وصورة
وأنت المعنى وصدف وأنت الدر ومخيض وأنت الزبد منشور اختيارنا لك واضح الخط
ولكن استخراجك ضعيف متي رمت طلبى فاطلبني عندك اطلبني منك تجدني قريبا ولا
تطلبني من غيرك فانا أقرب اليك منه لو عرفت قدر نفسك عندنا ما أهنتها
بالمعاصي انما أبعدنا ابليس اذ لم يسجد لك وأنت في صلب أبيك فوا عجبا كيف
صالحته وتركتنا لو كان في قلبك محبة لبان أثرها علي جسدك
ولما ادعيت الحب قالت كذبتي ... ألست أري الأعضاء منك كواسيا
لو تغذى القلب بالمحبة لذهبت عنه بطنة الشهوات
ولو كنت عذري الصبابة لم تكن ... بطينا وأنساك الهوى كثرة الأكل
لو صحت محبتك لاستوحشت ممن لا يذكرك بالحبيب واعجبا لمن يدعى المحبة
ويحتاج الي من يذكره بمحبوبة فلا يذكره الا بمذكر أقل ما في المحبة أنها
لا تنسيك تذكر المحبوب
ذكرتك لا أني نستك ساعة ... وايسر ما في الذكر ذكر لساني
اذا سافر المحب للقاء محبوبه ركبت جنوده معه فكان الحب في مقدمة العسكر
والرجاء يحدو بالمطى والشوق يسوقها والخوف يجمعها علي الطريق فاذا شارف
قدوم بلد الوصل خرجت تقادم الحبيب باللقاء
فداو سقما بجسم انت متلفه ... وابرد غراما بقلب انت مضرمه
ولا تكلني على بعد الديار الي ... صبرى الضعيف فصبري أنت تعلمه
تلقى قلبه فقد ارسلته عجلا ... الى لقائك والأشواق تقدمه
فاذا دخل علي الحبيب افيضت عليه الخلع من كل ناحية ليمتحن أيسكن اليها
فتكون حظه ام يكون التفاته الى من ألبسه اياها ملأوا مراكب القلوب متاعا
لا تنفق الا على الملك فلما هبت رياح السحر اقلعت تلك المراكب فما طلع
الفجر الا وهي بالمينا قطعوا بادية الهوى باقدام الجد فما كان الا القليل
حتى قدموا من السفر فاعقبهم الراحة في طريق التلقى فدخلوا بلد الوصل وقد
حاز ربح الأبد فرغ القوم قلوبهم من الشواغل فضربت فيها سرادقات المحبة
فاقاموا العيون تحرس تارة وترش أخرى سرادق المحبة لا يضرب الا في قاع نزه
فارغ
نزه فؤادك من سوانا والقنا ... فنجنابنا حل لكل منزه
الصبر طلسم لكنز وصالنا ... من حل ذا الطلسم فاز بكنزه
اعرف قدر ما ضاع منك وابك بكاء من يدري مقدار الفائت لو تخيلت قرب الأحباب
لاقمت المأتم على بعدك لو استنشقت ريح الأسحار لافاق منك قلبك المخمور من
استطال الطريق ضعف مشيه
وما انت بالمشتاق ان قلت بيننا ... طوال الليالى أو بعيد المفاوز
أما علمت أن الصادق اذا هم القى بين عينيه عزمه اذا نزل آب في القلب حل
آذار في العين هان سهر الحراس لما علموا ان أصواتهم بسمع الملك من لاح له
حال الآخرة هان عليه فراق الدنيا اذا لاح للباشق الصيد نسي مألوف الكف يا
أقدام الصبر احملي بقى القليل تذكر حلاوة الوصال يهن عليك مر المجاهدة قد
علمت أين المنزل فاحد لها تسر أعلي الهمم همة من استعد صاحبها للقاء
الحبيب قدم التقادم بين يدي الملتقى فاستبشر بالرضا عند القدوم وقدموا
لانفسهم الجنه ترضي منك باداء الفرائض والنار تندفع
عنك بترك المعاصي والمحبة لا تقنع منك الا ببذل الروح لله ما
أحلى زمان تسعى فيه أقدام الطاعة علي ارض الاشتياق لما سلم القوب النفوس
الى رائض الشرع علمها الوفاق في خلاف الطبع فاستقامت مع الطاعة كيف دارت
دارت معها
واني اذا اصطكت رقاب مطيهم ... وثور حاد بالرفاق عجول
اخالف بين الراحتين على الحشا ... وأنظر أني ملثم فأميل
يتجلى في
جلباب الهيبة والعظمة والجلال فتخضع الأعناق وتنكسر النفوس وتخشع الاصوات
ويذوب الكبر كما يذوب الملح في الماء وتارة يتجلى في صفات الجمال والكمال
وهو كمال الاسماء وجمال الصفات وجمال الافعال الدال على كمال الذات
فيستنفد حبه من قلب العبد قوة الحب كلها بحب ما عرفه من صفات جماله ونعوت
كماله فيصبح فؤاد عبده فارغا الا من محبته فاذا أراد منه الغيران يعلق تلك
المحبة به ابى قلبه واحشاؤه ذلك كل الاباء كما قيل
يراد من القلب نسيانكم ... وتأبى الطباع على الناقل
فتبقى المحبة له طبعا لا تكلفا واذا تجلى بصفات الرحمة والبر واللطف
والاحسان انبعثت قوة الرجاء من العبد وانبسط أمله وقوي طمعه وسار الى ربه
وحادى الرجاء يحدو ركاب سيره وكلما قوي الرجاء جد في العمل كما ان الباذر
كلما قوي طمعه في المغل غلق ارضه بالبذر واذا ضعف رجاؤه قصر في البذر واذا
تجلى بصفات العدل والانتقام
والغضب والسخط والعقوبة انقمعت النفس الأمارة وبطلت او ضعفت
قواها من الشهوة والغضب واللهو واللعب والحرص علي المحرمات وانقبضت أعنة
رعوناتها فأحضرت المطية حظها من الخوف والخشية والحذر واذا تجلى بصفات
الامر والنهي والعهد والوصية وارسال الرسل وانزال الكتب شرع الشرائع
انبعثت منها قوة الامتثال والتنفيذ لأوامره والتبليغ لها والتواصي بها
وذكرها وتذكرها والتصديق بالخبر والامتثال للطلب والاجتناب للنهى واذا
تجلى بصفة السمع والبصر والعلم انبعث من العبد قوة الحياء فيستحي ربه ان
يراه على ما يكره او يسمع منه ما يكره او يخفى في سريرته ما يمقته عليه
فتبقى حركاته وأقواله وخواطره موزونة بميزان الشرع غير مهملة ولا مرسله
تحت حكم الطبيعة والهوى واذا تجلى بصفات الكفاية والحسب والقيام بمصالح
العباد وسوق أرزاقهم اليهم ودفع المصائب عنهم ونصره لأوليائه وحمايته لهم
ومعيته الخاصة لهم انبعثت من العبد قوة التوكل عليه والتفويض اليه والرضا
به وما في كل ما يجريه علي عبده ويقيمه مما يرضى به هو سبحانه والتوكل
معنى يلتئم من علم العبد بكفاية الله وحسن اختياره لعبده وثقته به ورضاه
بما يفعله به ويختاره له واذا تجلى بصفات العز والكبرياء اعطت نفسه
المطمئنة ما وصلت اليه من الذل لعظمته والانكسار لعزته والخضوع لكبريائه
وخشوع القلب والجوارح له فتعلوه السكينة والوقار في قلبه ولسانه وجوارحه
وسمته ويذهب طيشه وقوته وحدته
وجماع ذلك انه سبحانه يتعرف الي العبد بصفات آلهيته تارة وبصفات ربوبيته
تارة فيوجب له شهود صفات الآلهية المحبة الخاصة والشوق الى لقائه والانس
والفرح به والسرور بخدمته والمنافسة في قربه والتودد اليه بطاعته واللهج
بذكره والفرار من الخلق اليه ويصير هو وحده همه دون ما سواه ويوجب له شهود
صفات الربوبية التوكل عليه والافتقار اليه والاستعانة به والذل والخضوع
والانكسار له وكمال ذلك أن يشهد ربوبيته فى الهيته والهيته في ربوبيته
وحمده في ملكه وعزه في عفوه
وحكمته في قضائه وقدره ونعمته في بلائه وعطاءه في منعه وبره
ولطفه وأحسانه ورحمته في قيوميته وعذله في انتقامه وجوده وكرمه في مغفرته
وستره وتجاوزه ويشهد حكمته ونعمته في أمره ونهيه وعزه في رضاه وغضبه وحلمه
في إمهاله وكرمه فى إقباله وغناه في اعراضه
وانت اذا تدبرت القرآن واجرته من التحريف وأن تقضي عليه بآراء المتكلمين
وافكار المتكلفين أشهدك ملكا قيوما فوق سماواته علي عرشه يدبر أمر عباده
يأمر وينهي ويرسل الرسل وينزل الكتب ويرضى ويغضب ويثيب ويعاقب ويعطي ويمنع
ويعز ويذل ويخفض ويرفع يرى من فوق سبع ويسمع ويعلم السر والعلانية فعال
لما يريد موصوف بكل كمال منزه عن كل عيب لا تتحرك ذرة فما فوقها الا بأذنه
ولا تسقط ورقه إلا بعلمه ولا يشفع زهد عنده إلا بأذنه ليس لعباده من دونه
ولى ولا شفيع
فصل لما بايع الرسول أهل العقبة أمر أصحابه بالهجرة الي المدينة
فعلمت قريش أن أصحابه قد كثروا وأنهم سيمنعونه فاعلمت آراءها في استخراج
الحيل فمنهم من رأى الحبس ومنهم من رأى النفي ثم اجتمع رأيهم على القتل
فجاء البريد بالخبر من السماء وأمره أن يفارق المضجع فبات علي مكانه ونهض
الصديق لرفقة السفر فلما فارقا بيوت مكة اشتد الحذر بالصديق فجعل يذكر
الرصد فيسير أمامه وتارة يذكر الطلب فيتأخر وراءه وتارة عن يمينه وتارة عن
شماله الي أن انتهيا الى الغار فبدأ الصديق بدخوله ليكون وقاية له ان كان
ثم موذ وأنبت الله شجرة لم تكن قبل فأظلمت المطلوب وأضلت الطالب وجاءت
عنكبوت فحازت وجه الغار فحاكت ثوب نسجها علي منوال الستر فاحكمت الشقة حتى
عمى على القائف المطلب وأرسل حمامتين فاتخذتا هناك عشا جعل
على أبصار الطالبين غشاوة وهذا أبلغ في الاعجاز من مقاومة القوم
بالجنود فلما وقف القوم على رؤوسهم وصار كلامهم بسمع الرسول والصديق قال
الصديق وقد اشتد به القلق يا رسول الله لو أن أحدهم نظر الي ما تحت قدميه
لابصرنا تحت قدميه فقال رسول الله يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما
لما رأى الرسول حزنه قد اشتد لاكن علي نفسه قوي قلبه ببشارة لا تحزن ان
الله معنا فظهر سر هذا الاقتران في المعية لفظا كما ظهر حكما ومعنى اذا
يقال رسول الله وصاحب رسول الله فلما مات قيل خليفة رسول الله ثم انقطعت
اضافة الخلافة بموته فقيل أمير المؤمنين فاقاما في الغار ثلاثا ثم خرجا
منه ولسان القدر يقول لتدخلنها دخولا لم يدخله أحد قبلك ولا ينبغي لاحد من
بعدك فلما استقلا علي البيداء لحقهما سراقة بن مالك فلما شارف الظفر أرسل
عليه الرسول سهما من سهام الدعاء فساخت قوائم فرسه في الارض الى بطنها
فلما علم انه لا سبيل له عليهما أخذ يعرض المال علي من قد رد مفاتيح
الكنوز ويقدم الزاد الي شبعان أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني كان تحفة ثاني
اثنين مدخرة للصديق دون الجميع فهو الثاني في الاسلام وفي بذل النفس وفي
الزهد وفي الصحبة وفي الخلافة وفي العمر وفي سبب الموت لان الرسول مات عن
أثر السم وأبو بكر سم فمات اسلم على يديه من العشرة عثمان وطلحة والزبير
وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وكان عنده يوم أسلم أربعون الف درهم
فانفقها أحوج ما كان الاسلام اليها فلهذا اجلبت نفقته عليه ما نفعنى مال
ما نفعنى مال أبي بكر فهو خير من مؤمن آل فرعون لان ذلك كان يكتم ايمانه
والصديق اعلن به وخير من مؤمن آل ياسين لان ذلك جاهد ساعة والصديق جاهد
سنين عاين طائر الفاقة يحوم حول حب الإيثار ويصيح من ذا الذى يقرض الله
قرضا حسنا فألقى له حب المال علي روض الرضا واستلقى على فراش الفقر فنقل
الطائر الحب الى حوصلة المضاعفة ثم علا على افنان شجرة الصدق يغرد
بفنون المدح ثم قال في محاريب الاسلام يتلو وسيجنبها الأتقى
الذي يؤتي ماله يتزكى نطقت بفضله الآيات والاخبار واجتمع على بيعته
المهاجرون والانصار فيا مبغضيه في قلوبكم من ذكره نار كلما تليت فضائله
علا عليهم الصغار أتري لم يسمع الروافض الكفار ثانى اثنين اذ هما فى الغار
دعى الي الاسلام فما تلعثم ولا أبى وسار علي المحجة فما زل ولا كبا وصبر
فى مدته من مدى العدى علي وقع الشبا واكثر فى الانفاق فما قلل حتى تخلل
بالعبا تالله لقد زاد علي السبك فى كل دينار دينار ثاني اثنين إذ هما فى
الغار من كان قرين النبي في شبابه من ذا الذي سبق إلي الإيمان من أصحابه
من الذى أفتى بحضرته سريعا في جوابه من أول من صلي معه من آخر من صلى به
من الذي ضاجعه بعد الموت فى ترابه فاعرفوا حق الجار نهض يوم الردة بفهم
واستيقاظ وأبان من نص الكتاب معنى دق عن حديد الالحاظ فالمحب يفرح بفضائله
والمبغض يغتاظ حسرة الرافضي أن يفر من مجلس ذكره ولكن أين الفرار كم وقى
الرسول بالمال والنفس وكان أخص به فى حياته وهو ضجيعه فى الرمس فضائله
جليلة وهى خلية عن اللبس ياعجبا من يغطى عين ضوء الشمس في نصف النهار لقد
دخلا غارا لا يسكنه لابث فاستوحش الصديق من خوف الحوادث فقال الرسول ما
ظنك باثنين والله الثالث فنزلت السكينة فارتفع خوف الحادث فزال القلق وطاب
عيش الماكث فقام مؤذن النصر ينادى على رؤوس منائر الامصار ثاني اثنين اذ
هما فى الغار حبه والله رأس الحنيفة وبغضه يدل على خبث الطوية فهو خير
الصحابة والقرابة والحجة على ذلك قوية لولا صحة مامته ما قيل ابن الحنيفة
مهلا فأن ذم الروافض قد فار والله ما أحببناه لهوانا ولا نعتقد في غيره
هوانا ولكن أخذنا بقول على وكفانا رضيك رسول الله لديننا أفلا نرضاك
لدنيانا تالله لقد أخذت من الروافض بالثار
تالله لقد وجب حق الصديق علينا فنحن نقضي بمدائحه ونفر بما نقر
به من السنى عينا فمن كان رافضيا فلا يعد الينا وليقل لي أعذار تنبيه
اجتنب من يعادى أهل الكتاب والسنة لئلا يعديك خسرانه احترز من عدوين هلك
بهما أكثر الخلق صاد عن سبيل الله بشبهاته وزخرف قوله ومفتون بدنياه
ورئاسته من خلق فيه قوة واستعداد لشيء كانت لذته فى استعمال تلك القوة فيه
فلذة من خلقت منه قوه وأستعداد للجماع أستعمال قوته فيه ولذ1ة من خلقت فيه
قوة الغضب والثواب باستعمال قوته الغضبية فى متعلقها ومن خلقت فيه قوة
الاكل والشرب فلذته باستعمال قوته فيهما ومن خلقت فيه قوة العلم والمعرفة
فلذته باستعمال قوته وصرفها الى العلم ومن خلقت فيه قوة الحب لله والانابة
اليه والعكوف بالقلب عليه والشوق اليه والأنس به فلذته ونعيمه استعمال هذه
القوة فى ذلك وسائر اللذات دون هذه اللذة مضمحلة فانية واحمد عاقبتها أن
تكون لا له ولا عليه تنبيه
يا أيها الأعزلاحذر فراسة المتقى فانه يرى عورة عملك من وراء ستر أتقوا
فراسة المؤمن سبحان الله فى النفس كبر ابليس وحسد قابيل وعتو عاد وطغيان
ثمود وجرأة نمرود واستطالة فرعون وبغى قارون وقحة هامان
وهوى بلعام وحيل اصحاب السبت وتمرد لوليد وجهل أبي جهل وفيها من
أخلاق البهائم حرص الغراب وشره الكلب ورعونة الطاووس ودناءة الجعل وعقوق
الضب وحقد الجمل ووثوب الفهد وصولة الاسد وفسق الفأرة وخبث الحية وعبث
القرد وجمع النملة ومكر الثعلب وخفة الفراش ونوم الضبع غير أن الرياضة
والمجاهدة تذهب ذلك فمن استرسل مع طبعه فهو من هذا الجند ولا تصلح سلعته
لعقد ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم فما اشترى الا سلعة هذبها الايمان
فخرجت من طبعها الى بلد سكانه التائبون العابدون سلم المبيع قبل أن يتلف
في يدك فلا يقبله المشتري قد علم المشتري بعيب السلعة قبل أن يشتريها
فسلمها ولك الامان من الرد قدر السلعة يعرف بقدر مشتريها والثمن المبذول
فيه والمنادى عليها فاذا كان المشتري عظيما والثمن خطيرا والمنادى جليلا
كانت السلعة نفيسة
يا بائعا نفسه بيع الهوان لو استرجعت ذا البيع قبل الفوت لم تخب
وبائعا طيب عيش ما له خطر ... بطيف عيش من الآلام منتهب
غبنت والله غبنا فاحشا ولدى ... يوم التغابن تلقى غاية الحرب
وواردا صفو عيش كله كدر ... أمامك الورد حقا ليس بالكذب
وحاطب الليل في الظلماء منتصبا ... لكل داهية تدني من العطب
ترجوا الشفاء بأحداق بها مرض ... فهل سمعت ببرء جاء من عطب
ومفنيا نفسه في إثر أقبحهم ... وصفاللطخ جمال فيه مستلب
وواهبا نفسه من مثل ذا سفها ... لو كنت تعرف قدر النفس لم تهب
شاب الصبا والتصابي لم يشب ... وضاع وقتك بين اللهو واللعب
وشمس عمرك قد حان الغروب لها ... والفيء في الأفق الشرقي لم يغب
وفاز بالوصل من قد جدوا انقشعت ... عن أفقه ظلمات الليل والسحب
كم ذا التخلف والدنيا قد ارتحلت ... ورسل ربك قد وافتك فى الطلب
ما فى الديار وقد سارت ركائب من ... تهواه للصب من شكر ولا أرب
فافرش الخد ذياك التراب وقل ... ما قاله صاحب الأشواق والحقب
ما ربع مية محفوفا يطيف به ... غيلان أشهى له من ربعك الخرب
منازلا كان يهواها ويألفها ... ايام كان منال الوصل عن كثب
ولا الخدود ولو أدمين من ضرج ... اشهى الى ناظرى من ربعك الخرب
وكلما جليت تلك الربوع له ... يهوى اليها هوى الماء فى الصبب
أحيى له الشوق تذكار العهود بها ... فلو دعى القلب للسلوان لم يجب
هذا وكم منزل فى الأرض يألفه ... وماله فى سواها الدهر من رغب
ما فى الخيام اخو وجدير يحك إن ... بثثته بعض شان الحب فاغترب
واسر فى غمرات الليل متهديا ... بنفحة الطيب لا بالعود والحطب
وعاد كل أخى جبن ومعجزة ... وحارب النفس لا تلقيك فى الحرب
وخذ لنفسك نورا تستضىء به ... يوم اقتسام الورى الانوار بالرتب
ان كان يوجب صبري رحمتي فرضا ... بسوء حالى وحل للضنا بدني
منحتك الروح لا أبغى لها ثمنا ... الا رضاك ووافقرى الا الثمن
أحن بأطراف النهار صبابه ... وبالليل يدعوني الهوى فأجيب
واذا لم يكن من العشق بد ... فمن عجز عشق غير الجميل
فلو أن ما أسعى لعيش معجل ... كفانى منه بعض ما أنا فيه
ولكنما أسمى لملك مخلد ... فوا أسفا إن لم أكن بملاقيه
يا من هو من أرباب الخبرة هل عرفت قيمة نفسك انما خلقت الأكوان كلها لك يا
من غذى بلبان البر وقلب بأيدى الالطاف كل الأشياء شجرة وأنت الثمرة وصورة
وأنت المعنى وصدف وأنت الدر ومخيض وأنت الزبد منشور اختيارنا لك واضح الخط
ولكن استخراجك ضعيف متي رمت طلبى فاطلبني عندك اطلبني منك تجدني قريبا ولا
تطلبني من غيرك فانا أقرب اليك منه لو عرفت قدر نفسك عندنا ما أهنتها
بالمعاصي انما أبعدنا ابليس اذ لم يسجد لك وأنت في صلب أبيك فوا عجبا كيف
صالحته وتركتنا لو كان في قلبك محبة لبان أثرها علي جسدك
ولما ادعيت الحب قالت كذبتي ... ألست أري الأعضاء منك كواسيا
لو تغذى القلب بالمحبة لذهبت عنه بطنة الشهوات
ولو كنت عذري الصبابة لم تكن ... بطينا وأنساك الهوى كثرة الأكل
لو صحت محبتك لاستوحشت ممن لا يذكرك بالحبيب واعجبا لمن يدعى المحبة
ويحتاج الي من يذكره بمحبوبة فلا يذكره الا بمذكر أقل ما في المحبة أنها
لا تنسيك تذكر المحبوب
ذكرتك لا أني نستك ساعة ... وايسر ما في الذكر ذكر لساني
اذا سافر المحب للقاء محبوبه ركبت جنوده معه فكان الحب في مقدمة العسكر
والرجاء يحدو بالمطى والشوق يسوقها والخوف يجمعها علي الطريق فاذا شارف
قدوم بلد الوصل خرجت تقادم الحبيب باللقاء
فداو سقما بجسم انت متلفه ... وابرد غراما بقلب انت مضرمه
ولا تكلني على بعد الديار الي ... صبرى الضعيف فصبري أنت تعلمه
تلقى قلبه فقد ارسلته عجلا ... الى لقائك والأشواق تقدمه
فاذا دخل علي الحبيب افيضت عليه الخلع من كل ناحية ليمتحن أيسكن اليها
فتكون حظه ام يكون التفاته الى من ألبسه اياها ملأوا مراكب القلوب متاعا
لا تنفق الا على الملك فلما هبت رياح السحر اقلعت تلك المراكب فما طلع
الفجر الا وهي بالمينا قطعوا بادية الهوى باقدام الجد فما كان الا القليل
حتى قدموا من السفر فاعقبهم الراحة في طريق التلقى فدخلوا بلد الوصل وقد
حاز ربح الأبد فرغ القوم قلوبهم من الشواغل فضربت فيها سرادقات المحبة
فاقاموا العيون تحرس تارة وترش أخرى سرادق المحبة لا يضرب الا في قاع نزه
فارغ
نزه فؤادك من سوانا والقنا ... فنجنابنا حل لكل منزه
الصبر طلسم لكنز وصالنا ... من حل ذا الطلسم فاز بكنزه
اعرف قدر ما ضاع منك وابك بكاء من يدري مقدار الفائت لو تخيلت قرب الأحباب
لاقمت المأتم على بعدك لو استنشقت ريح الأسحار لافاق منك قلبك المخمور من
استطال الطريق ضعف مشيه
وما انت بالمشتاق ان قلت بيننا ... طوال الليالى أو بعيد المفاوز
أما علمت أن الصادق اذا هم القى بين عينيه عزمه اذا نزل آب في القلب حل
آذار في العين هان سهر الحراس لما علموا ان أصواتهم بسمع الملك من لاح له
حال الآخرة هان عليه فراق الدنيا اذا لاح للباشق الصيد نسي مألوف الكف يا
أقدام الصبر احملي بقى القليل تذكر حلاوة الوصال يهن عليك مر المجاهدة قد
علمت أين المنزل فاحد لها تسر أعلي الهمم همة من استعد صاحبها للقاء
الحبيب قدم التقادم بين يدي الملتقى فاستبشر بالرضا عند القدوم وقدموا
لانفسهم الجنه ترضي منك باداء الفرائض والنار تندفع
عنك بترك المعاصي والمحبة لا تقنع منك الا ببذل الروح لله ما
أحلى زمان تسعى فيه أقدام الطاعة علي ارض الاشتياق لما سلم القوب النفوس
الى رائض الشرع علمها الوفاق في خلاف الطبع فاستقامت مع الطاعة كيف دارت
دارت معها
واني اذا اصطكت رقاب مطيهم ... وثور حاد بالرفاق عجول
اخالف بين الراحتين على الحشا ... وأنظر أني ملثم فأميل
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
فصل علمت كلبك فهو يترك شهوته في تناول ما صاده احتراما لنعمتك
وخوفا
من سطوتك وكم علمك معلم الشرع وأنت لا تقبل حرم صيد الجاهل والممسك لنفسه
فما ظن الجاهل الذي أعماله لهوي نفسه جمع فيك عقل الملك وشهوة البهيمة
وهوى الشيطان وأنت للغالب عليك من الثلاثة أن غلبت شهوتك وهواك زدت على
مرتبة ملك وان غلبك هواك وشهوتك نقصت عن مرتبة كلب لما صاد الكلب لربه
أبيح صيده ولما أمسك علي نفسه حرم ما صاده مصدر ما في العبد من الخير
والشر والصفات الممدوحة والمذمومة من صفة المعطي المانع فهو سبحانه يصرف
عباده بين مقتضى هذين الاسمين فحظ العبد الصادق من عبوديته بهما الشكر عند
العطاء والافتقار عند المنع فهو سبحانه يعطيه ليشكره ويمنعه ليفتقر اليه
فلا يزال شكورا فقيرا
قوله تعالى وكان الكافر على ربه ظهيرا هذا من ألطف خطاب القرآن وأشرف
معانيه وان المؤمن دائما مع الله علي نفسه وهواه وشيطانه وعدو ربه وهذا
معنى كونه من حزب الله وجنده وأوليائه فهو مع الله علي عدوه الداخل فيه
والخارج عنه يحاربهم ويعاديهم ويغضبهم له سبحانه كما يكون خواص الملك معه
علي حرب اعدائه والبعيدون منه فارغون من ذلك غير مهتمين به
والكافر مع شيطانه ونفسه وهواه علي ربه وعبارات السلف علي هذه
تدور ذكر بن أبي حاتم عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير قال عونا للشيطان
علي ربه بالعداوة والشرك وقال ليث عن مجاهد قال يظاهر الشيطان علي معصية
الله يعينه عليها وقال زيد بن أسلم ظهيرا أي مواليا والمعني أنه يوالي
عدوه علي معصيته والشرك به فيكون مع عدوه معينا له علي مساخط ربه
فالمعية الخاصة لتي للمؤمن مع ربه وإله قد صارت لهذا الكافر والفاجر مع
الشيطان ومع نفسه وهواه وقربانه ولهذا صدر الآية بقوله ويعبدون من دون
الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وهذه العبادة هي الموالاة والمحبة والرضا
بمعبوديهم المتضمنة لمعيتهم الخاصة فظاهروا أعداء الله على معاداته
ومخالفته ومساخطه بخلاف وليه سبحانه فانه معه علي نفسه وشيطانه وهواه وهذا
المعنى من كنوز القرآن لمن فهمه وعقله وبالله التوفيق
قوله تعالى والذين اذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا قال
مقاتل اذا وعظوا بالقرآن لم يقعوا عليه صما لم يسمعوه وعميانا لم يبصروه
ولكنهم سمعوا وأبصروا وأيقنوا به وقال ابن عباس لم يكونوا عليها صما
وعميانا بل كانوا خائفين خاشعين وقال الكلبي يخرون عليها سمعا وبصرا وقال
الفراء اذا تلي عليهم القرآن لم يقعدوا على حالهم الأولي كأنهم لم يسمعوه
فذلك الخرور وسمعت العرب تقول قعد يشتمنى كقولك قام يشتمنى واقبل يشتمنى
والمعني على ما ذكر لم يصيروا عندها صما وعميانا وقال الزجاج المعني اذا
تليت عليهم خروا سجدا وبكيا سامعين مبصرين كما أمروا به وقال ابن قتيبة أي
لم يتغافلوا عنها كانهم صم لم يسمعوها وعمى لم يروها قلت ههنا أمران ذكر
الخرور وتسليط النفي عليه وهل هو خرور القلب أو خرور البدن
للسجود وهل لمعنى لم كن خرورهم عن صمم وعمه فلهم عليها خرورا
بالقلب خضوعا أو بالبدن سجودا أو ليس هناك خرور وعبر به عن القعود
أصول المعاصي كلها كبارها وصغارها ثلاثة تعلق القلب بغير الله وطاعة القوة
الغضبية والقوة الشهوانية وهي الشرك والظلم والفواحش فغاية التعلق بغير
الله شرك وان يدعى معه اله آخر وغاية طاعة القوة الغضبية القتل وغاية
القوة الشهوانية الزنا ولهذا جمع الله سبحانه بين الثلاثة في قوله والذين
لا يدعون مع الله الها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا
يزنون وهذه الثلاثة يدعو بعضها الى بعض فالشرك يدعو الى الظلم والفواحش
كما ان الاخلاص والتوحيد يصرفهما عن صاحبه قال تعالى
كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين فالسوء العشق
والفحشاء الزنا وكذلك الظلم يدعو الى الشرك والفاحشة فان الشرك اظلم لظلم
كما أن أعدل العدل التوحيد فالعدل قرين التوحيد والظلم قرين الشرك ولهذا
يجمع سبحانه بينهما أما الاول ففي قوله شهد اللهأنه لا اله الا هو
والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط وأما الثاني فكقوله تعالى ان الشرك
لظلم عظيم والفاحشة تدعو الى الشرك والظلم ولا سيما اذا قويت ارادتها ولم
تحصل الا بنوع من الظلم بالظلم والاستعانة بالسحر والشيطان وقد جمع سبحانه
بين الزنا والشرك في قوله
الزاني لا ينكح الا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها الا زان أو مشرك
وحرم ذلك على المؤمنين فهذه الثلاثة يجر بعضها الى بعض ويامر بعضها ببعض
ولهذا كلما كان القلب أضعف توحيدا وأعظم شركا كان أكثر فاحشة واعظم تعلقا
بالصور وعشقا لها ونظير هذا قوله تعالى وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة
الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون والذين
يجتنبون كبائر الاثم والفواحش واذا ما غضبوا هم يغفرون فاخبر أن ما عنده
خير لمن آمن به وتوكل عليه وهذا هو التوحيد ثم قال والذين يجتنبون كبائر
الاثم والفواحش فهذا اجتناب داعي القوة الشهوانية ثم قال
واذا ما غضبوا هم يغفرون فهذا مخالفة القوة الغضبية فجمع بين
التوحيد والعفة والعدل التي هي جماع الخير كله
وخوفا
من سطوتك وكم علمك معلم الشرع وأنت لا تقبل حرم صيد الجاهل والممسك لنفسه
فما ظن الجاهل الذي أعماله لهوي نفسه جمع فيك عقل الملك وشهوة البهيمة
وهوى الشيطان وأنت للغالب عليك من الثلاثة أن غلبت شهوتك وهواك زدت على
مرتبة ملك وان غلبك هواك وشهوتك نقصت عن مرتبة كلب لما صاد الكلب لربه
أبيح صيده ولما أمسك علي نفسه حرم ما صاده مصدر ما في العبد من الخير
والشر والصفات الممدوحة والمذمومة من صفة المعطي المانع فهو سبحانه يصرف
عباده بين مقتضى هذين الاسمين فحظ العبد الصادق من عبوديته بهما الشكر عند
العطاء والافتقار عند المنع فهو سبحانه يعطيه ليشكره ويمنعه ليفتقر اليه
فلا يزال شكورا فقيرا
قوله تعالى وكان الكافر على ربه ظهيرا هذا من ألطف خطاب القرآن وأشرف
معانيه وان المؤمن دائما مع الله علي نفسه وهواه وشيطانه وعدو ربه وهذا
معنى كونه من حزب الله وجنده وأوليائه فهو مع الله علي عدوه الداخل فيه
والخارج عنه يحاربهم ويعاديهم ويغضبهم له سبحانه كما يكون خواص الملك معه
علي حرب اعدائه والبعيدون منه فارغون من ذلك غير مهتمين به
والكافر مع شيطانه ونفسه وهواه علي ربه وعبارات السلف علي هذه
تدور ذكر بن أبي حاتم عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير قال عونا للشيطان
علي ربه بالعداوة والشرك وقال ليث عن مجاهد قال يظاهر الشيطان علي معصية
الله يعينه عليها وقال زيد بن أسلم ظهيرا أي مواليا والمعني أنه يوالي
عدوه علي معصيته والشرك به فيكون مع عدوه معينا له علي مساخط ربه
فالمعية الخاصة لتي للمؤمن مع ربه وإله قد صارت لهذا الكافر والفاجر مع
الشيطان ومع نفسه وهواه وقربانه ولهذا صدر الآية بقوله ويعبدون من دون
الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وهذه العبادة هي الموالاة والمحبة والرضا
بمعبوديهم المتضمنة لمعيتهم الخاصة فظاهروا أعداء الله على معاداته
ومخالفته ومساخطه بخلاف وليه سبحانه فانه معه علي نفسه وشيطانه وهواه وهذا
المعنى من كنوز القرآن لمن فهمه وعقله وبالله التوفيق
قوله تعالى والذين اذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا قال
مقاتل اذا وعظوا بالقرآن لم يقعوا عليه صما لم يسمعوه وعميانا لم يبصروه
ولكنهم سمعوا وأبصروا وأيقنوا به وقال ابن عباس لم يكونوا عليها صما
وعميانا بل كانوا خائفين خاشعين وقال الكلبي يخرون عليها سمعا وبصرا وقال
الفراء اذا تلي عليهم القرآن لم يقعدوا على حالهم الأولي كأنهم لم يسمعوه
فذلك الخرور وسمعت العرب تقول قعد يشتمنى كقولك قام يشتمنى واقبل يشتمنى
والمعني على ما ذكر لم يصيروا عندها صما وعميانا وقال الزجاج المعني اذا
تليت عليهم خروا سجدا وبكيا سامعين مبصرين كما أمروا به وقال ابن قتيبة أي
لم يتغافلوا عنها كانهم صم لم يسمعوها وعمى لم يروها قلت ههنا أمران ذكر
الخرور وتسليط النفي عليه وهل هو خرور القلب أو خرور البدن
للسجود وهل لمعنى لم كن خرورهم عن صمم وعمه فلهم عليها خرورا
بالقلب خضوعا أو بالبدن سجودا أو ليس هناك خرور وعبر به عن القعود
أصول المعاصي كلها كبارها وصغارها ثلاثة تعلق القلب بغير الله وطاعة القوة
الغضبية والقوة الشهوانية وهي الشرك والظلم والفواحش فغاية التعلق بغير
الله شرك وان يدعى معه اله آخر وغاية طاعة القوة الغضبية القتل وغاية
القوة الشهوانية الزنا ولهذا جمع الله سبحانه بين الثلاثة في قوله والذين
لا يدعون مع الله الها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا
يزنون وهذه الثلاثة يدعو بعضها الى بعض فالشرك يدعو الى الظلم والفواحش
كما ان الاخلاص والتوحيد يصرفهما عن صاحبه قال تعالى
كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين فالسوء العشق
والفحشاء الزنا وكذلك الظلم يدعو الى الشرك والفاحشة فان الشرك اظلم لظلم
كما أن أعدل العدل التوحيد فالعدل قرين التوحيد والظلم قرين الشرك ولهذا
يجمع سبحانه بينهما أما الاول ففي قوله شهد اللهأنه لا اله الا هو
والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط وأما الثاني فكقوله تعالى ان الشرك
لظلم عظيم والفاحشة تدعو الى الشرك والظلم ولا سيما اذا قويت ارادتها ولم
تحصل الا بنوع من الظلم بالظلم والاستعانة بالسحر والشيطان وقد جمع سبحانه
بين الزنا والشرك في قوله
الزاني لا ينكح الا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها الا زان أو مشرك
وحرم ذلك على المؤمنين فهذه الثلاثة يجر بعضها الى بعض ويامر بعضها ببعض
ولهذا كلما كان القلب أضعف توحيدا وأعظم شركا كان أكثر فاحشة واعظم تعلقا
بالصور وعشقا لها ونظير هذا قوله تعالى وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة
الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون والذين
يجتنبون كبائر الاثم والفواحش واذا ما غضبوا هم يغفرون فاخبر أن ما عنده
خير لمن آمن به وتوكل عليه وهذا هو التوحيد ثم قال والذين يجتنبون كبائر
الاثم والفواحش فهذا اجتناب داعي القوة الشهوانية ثم قال
واذا ما غضبوا هم يغفرون فهذا مخالفة القوة الغضبية فجمع بين
التوحيد والعفة والعدل التي هي جماع الخير كله
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
فائدة هجر القرآن أنواع أحدها هجر سماعه والايمان به والاصغاء
اليه
والثاني هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه وان قرأه وآمن به والثالث
هجر تحكيمه والتحاكم اليه في أصول الدين وفروعه واعتقاد أنه لا يفيد
اليقين وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم والرابع هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما
أراد المتكلم به منه والخامس هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض
القلب وأدوائها فيطلب شفاء دائه من غيره ويهجر التداوي به وكل هذا داخل في
قوله وقال الرسول يا رب ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا وأن كان بعض
الهجر اهون من بعض وكذلك لحرج الذي فى الصدور منه فانه تارة يكون حرجا من
إنزاله وكونه حقا من عند الله وتارة يكون من جهة لتكلم به أو كونه مخلوقا
من بعض مخلوقاته الهم غيره أن تكلم به وتارة يكون من جهة كفايته وعدمها
وأنه لا يكفي العباد بل هم محتاجون معه الى المعقولات والأقيسة أو الأراء
أو السياسات وتارة يكون من جهة دلالته وما أريد به حقائقه المفهومة منه
عند الخطاب أو أريد به تأويلها واخراجها عن حقائقها الي تأويلات مستكرهة
مشتركة وتارة يكون من جهة كون تلك الحقائق وان كانت مرادة فهي ثابتة في
نفس الامر أو أوهم أنها مرادة لضرب المصلحة فكل هؤلاء في صدورهم حرج من
القرآن وهم يعلمون ذلك من نفوسهم ويجدونه في صدورهم ولا تجد مبتدعا في
دينه قط الا وفي قلب حرج من الآيات التي تخالف بدعته كما نك لا تجد ظالما
فاجرا الا وفى صدره حرج من الآيات التي تحول بينه وبين ارادته فتدبر هذا
لمعنى ثم ارض لنفسك بما تشاء
فائدة كمال النفس المطلوب ما تضمن أمرين أحدهما أن يصير هيئة
راسخة وصفة
لازمة له الثاني أن يكون صفة كمال في نفسه فاذا لم يكن كذلك لم يكن
كمالافلا يليق بمن يسعى فى كمال نفسه المنافسة عليه ولا الأسف على فوته
وذلك ليس الا معرفة بارئها وفاطرها ومعبودها والهها لحق الذي لا صلاح لها
ولا نعيم ولا لذة الا بمعرفته وارادة وجهه وسلوك الطريق الموصلة اليه والى
رضاه وكرامته وأن تعتاد ذلك فيصير لها هيئة راسخة لازمة وما عدا ذلك من
العلوم والارادات والأعمال فهي بين مالا ينفعها ولا يكملها وما يعود
بضررها ونقصها وألمها ولا سيما اذا صار هيئة راسخة لها فانها تعذب وتتألم
به بحسب لزومه لها وأما الفضائل المنفصلة عنها كالملابس والمراكب والمساكن
والجاه والمال فتلك فى الحقيقة عوار اعيرتها مدة ثم يرجع فيها المعير
فتتألم وتتعذب برجوعه فيها بحسب تعلقها بها ولا سيما اذا كانت هي غاية
كمالها فاذا سلبتها أحضرت أعظم النقص والألم والحسرة فليتدبر من يريد
سعادة نفسه ولذتها هذه النكتة فاكثر هذا الخلق انما يسعون في حرمان نفوسهم
وألمها وحسرتها ونقصها من حيث يظنون أنهم يريدون سعادتها ونعيمها فلذتها
بحسب ما حصل لها من تلك المعرفة والمحبة والسلوك وألمها وحسرتها بحسب ما
فاتها من ذلك ومتى عدم ذلك وخلا منه لم يبق فيه الا القوى البدنية
النفسانية التي بها يأكل ويشرب وينكح ويغضب وينال سائر لذاته ومرافق حياته
ولا يلحقه من جهتها شرف ولا فضيلة بل خساسة ومنقصة اذ كان انما يناسب بتلك
القوى البهائم ويتصل بجنسها ويدخل في جملتها ويصير كأحدها وربما زادت في
تناولها عليه واختصت دونه بسلامة عافيتها والأمن من جلب الضرر عليها فكمال
تشاركك فيه البهائم وتزيد عليك وتختص عنك فيه بسلامة العاقبة حقيق أن
تهجره الي الكمال الحقيقى الذي لا كمال سواه وبالله التوفيق
اليه
والثاني هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه وان قرأه وآمن به والثالث
هجر تحكيمه والتحاكم اليه في أصول الدين وفروعه واعتقاد أنه لا يفيد
اليقين وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم والرابع هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما
أراد المتكلم به منه والخامس هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض
القلب وأدوائها فيطلب شفاء دائه من غيره ويهجر التداوي به وكل هذا داخل في
قوله وقال الرسول يا رب ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا وأن كان بعض
الهجر اهون من بعض وكذلك لحرج الذي فى الصدور منه فانه تارة يكون حرجا من
إنزاله وكونه حقا من عند الله وتارة يكون من جهة لتكلم به أو كونه مخلوقا
من بعض مخلوقاته الهم غيره أن تكلم به وتارة يكون من جهة كفايته وعدمها
وأنه لا يكفي العباد بل هم محتاجون معه الى المعقولات والأقيسة أو الأراء
أو السياسات وتارة يكون من جهة دلالته وما أريد به حقائقه المفهومة منه
عند الخطاب أو أريد به تأويلها واخراجها عن حقائقها الي تأويلات مستكرهة
مشتركة وتارة يكون من جهة كون تلك الحقائق وان كانت مرادة فهي ثابتة في
نفس الامر أو أوهم أنها مرادة لضرب المصلحة فكل هؤلاء في صدورهم حرج من
القرآن وهم يعلمون ذلك من نفوسهم ويجدونه في صدورهم ولا تجد مبتدعا في
دينه قط الا وفي قلب حرج من الآيات التي تخالف بدعته كما نك لا تجد ظالما
فاجرا الا وفى صدره حرج من الآيات التي تحول بينه وبين ارادته فتدبر هذا
لمعنى ثم ارض لنفسك بما تشاء
راسخة وصفة
لازمة له الثاني أن يكون صفة كمال في نفسه فاذا لم يكن كذلك لم يكن
كمالافلا يليق بمن يسعى فى كمال نفسه المنافسة عليه ولا الأسف على فوته
وذلك ليس الا معرفة بارئها وفاطرها ومعبودها والهها لحق الذي لا صلاح لها
ولا نعيم ولا لذة الا بمعرفته وارادة وجهه وسلوك الطريق الموصلة اليه والى
رضاه وكرامته وأن تعتاد ذلك فيصير لها هيئة راسخة لازمة وما عدا ذلك من
العلوم والارادات والأعمال فهي بين مالا ينفعها ولا يكملها وما يعود
بضررها ونقصها وألمها ولا سيما اذا صار هيئة راسخة لها فانها تعذب وتتألم
به بحسب لزومه لها وأما الفضائل المنفصلة عنها كالملابس والمراكب والمساكن
والجاه والمال فتلك فى الحقيقة عوار اعيرتها مدة ثم يرجع فيها المعير
فتتألم وتتعذب برجوعه فيها بحسب تعلقها بها ولا سيما اذا كانت هي غاية
كمالها فاذا سلبتها أحضرت أعظم النقص والألم والحسرة فليتدبر من يريد
سعادة نفسه ولذتها هذه النكتة فاكثر هذا الخلق انما يسعون في حرمان نفوسهم
وألمها وحسرتها ونقصها من حيث يظنون أنهم يريدون سعادتها ونعيمها فلذتها
بحسب ما حصل لها من تلك المعرفة والمحبة والسلوك وألمها وحسرتها بحسب ما
فاتها من ذلك ومتى عدم ذلك وخلا منه لم يبق فيه الا القوى البدنية
النفسانية التي بها يأكل ويشرب وينكح ويغضب وينال سائر لذاته ومرافق حياته
ولا يلحقه من جهتها شرف ولا فضيلة بل خساسة ومنقصة اذ كان انما يناسب بتلك
القوى البهائم ويتصل بجنسها ويدخل في جملتها ويصير كأحدها وربما زادت في
تناولها عليه واختصت دونه بسلامة عافيتها والأمن من جلب الضرر عليها فكمال
تشاركك فيه البهائم وتزيد عليك وتختص عنك فيه بسلامة العاقبة حقيق أن
تهجره الي الكمال الحقيقى الذي لا كمال سواه وبالله التوفيق
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى