صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
جسم ثم يقول كل حيوان جسم وكل جسم جوهر فكل إنسان حيوان فيلزم منهما أن
كل إنسان جوهر
فيقال لهم أما المطلوب الذي لا يزيد على جزئين فذاك في
النطق به والمطلوب في العقل إنما هو شئ واحد لا اثنان وهو ثبوت النسبة
الحكمية او انتفاؤها وإن شئت قلت اتصاف الموصوف بالصفة نفيا أو إثباتا وإن
شئت قلت نسبة المحمول الى الموضوع والخبر الى المبتدأ نفيا او إثباتا
وأمثال ذلك من العبارات الدالة على المعنى الواحد المقصود ب القضية
فاذا كان النتيجة ان النبيذ حرام أو ليس بحرام او الانسان حساس او ليس
بحساس او نحو ذلك فالمطلوب ثبوت التحريم للنبيذ او انتفاؤه وكذلك ثبوت الحس
للانسان او انتفاؤه والمقدمة الواحدة إذا ناسبت ذلك المطلوب حصل بها
المقصود وقولنا النبيذ خمر يناسب المطلوب وكذلك قولنا الانسان حيوان
فاذا كان الانسان يعلم ان كل خمر حرام ولكن يشك في النبيذ المتنازع فيه هل
يسمى في لغة الشارع خمرا فقيل النبيذ حرام لانه قد ثبت في الصحيح عن النبي ص
- انه قال كل مسكر حرام كانت هذا القضية وهي قولنا قد قال النبي ص - إن كل
مسكر خمر يفيد تحريم النبيذ وإن كان نفس قوله قد تضمن قضية اخرى
والاستدلال بذلك مشروط بتقديم مقدمات معلومة عند المستمع وهي إن ما صححه
اهل العلم بالحديث فقد وجب التصديق بأن النبي ص - قاله وإن ما حرمه الرسول
فهو حرام ونحو ذلك
فلو لزم ان يذكر كل ما يتوقف عليه العلم وإن كان
معلوما كانت المقدمات اكثر من اثنتين بل قد تكون اكثر من عشر وعلى ما قالوه
فينبغي لكل من استدل
بقول النبي ص - ان يقول النبي حرم ذلك وما
حرمه فهو حرام فهذا حرام وكذلك يقول النبي ص - اوجب وما أوجبه النبي فقد
وجب فهذا قد وجب
وإذا احتج على تحريم الامهات والبنات ونحو ذلك يحتاج
ان يقول إن الله حرم هذا في القران وما حرمه الله فهو حرام واذا احتج على
وجوب الصلوة والزكوة والحج بمثل قول الله تعالى ولله على الناس حج البيت ال
عمران يقول إن الله اوجب الحج في كتابه وما أوجبه الله فهو واجب وأمثال
ذلك ما يعده العقلاء لكنه وعيا وإيضاحا للواضح وزيادة قول لا حاجة اليها
وهذا التطويل الذي لا يفيد في قياسهم نظير تطويلهم في حدودهم كقولهم في حد
الشمس إنها كوكب يطلع نهارا وأمثال ذلك من الكلام الذي لا يفيد إلا تضييع
الزمان وإتعاب الاذهان وكثرة الهذيان ثم إن الذين يتبعونهم في حدودهم
وبراهينهم لا يزالون مختلفين في تحديد الامور المعروفة بدون تحديدهم
ويتنازعون في البرهان على امور مستغنية عن براهينهم إبطال قولهم
ليس المطلوب اكثر من جزئين
كثيرة
مثل قوله تعالى والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم
باحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه التوبة وقوله تعالى إن الذين امنوا والذين
هاجروا وجهدوا في سبيل الله اولئك يرجون رحمت الله البقرة وقوله والذين
امنوا من بعد وهاجروا وجهدوا معكم فأولئك منكم الانفال وأمثال ذلك من
القيود التي يسميها النحاة الصفات والعطف والاحوال وظرف المكان وظرف الزمان
ونحو ذلك
فاذا كانت القضية مقيدة بقيود كثيرة لم تكن مؤلفة من لفظين
بل من الفاظ متعدده ومعان متعددة
وإن أريد أن المطلوب ليس إلا معنيان
سواء عبر عنهما بلفظين او الفاظ متعددة قيل وليس الامر كذلك بل قد يكون
المطلوب معنى واحدا وقد يكون معنين وقد يكون معاني متعددة فان المطلوب بحسب
طلب الطالب وهو الناظر المستدل والسائل المتعلم المناظر وكل منهما قد يطلب
معنى واحدا وقد يطلب معنيين وقد يطلب معانى والعبارة عن مطلوبه قد تكون
بلفظ واحد وقد تكون بلفظين وقد تكون بأكثر فاذا قال النبيذ حرام قيل له نعم
كان هذا اللفظ وحده كافيا في جوابه كما لو قيل له هو حرام
فان قالوا
القضية الواحدة قد تكون في تقدير قضايا كما ذكرتموه من التمثيل ب الانسان
فان هذه القضية الواحدة في تقدير خمس قضايا وهي خمس مطالب والتقدير هل هو
جسم ام لا وهل هو حساس ام لا وهل هو نام أم لا وهل هو متحرك بالارادة ام لا
وهل هو ناطق ام لا وكذلك فيما تقدم هل النبيذ حرام ام لا فاذا كان حراما
فهل تحريمه بالنص او بالقياس
فيقال إذا رضيتم بمثل هذا وهو أن تجعلوا
الواحد في تقدير عدد فالمفرد قد
يكون في معنى قضية فاذا قال النبيذ
المسكر حرام فقال المجيب نعم فلفظ نعم في تقدير قوله هو حرام
وإذا
قال ما الدليل عليه فقال الدليل عليه تحريم كل مسكر او أن كل مسكر حرام أو
قول النبي ص - كل مسكر حرام ونحو ذلك من العبارات التي جعل الدليل فيها
اسما مفردا وهو جزء واحد لم يجعله قضية مؤلفه من اسمين مبتدأ وخبر فان قوله
تحريم كل مسكر اسم مضاف
وقوله ان كل مسكر حرام بالفتح مفرد ايضا فان
أن وما في حيزها في تقدير المصدر المفرد وإن المكسورة وما في حيزها جملة
تامة ولهذا قال النحاة قاطبة ان إن تكسر إذا كانت في موضع الجملة والجملة
خبر وقضية وتفتح في موضع المفرد الذي هو جزء القضية ولهذا يكسرونها بعد
القول لانهم إنما يحكون ب القول الجملة التامة
وكذلك إذا قلت الدليل
عليه قول النبي ص - او الدليل عليه النص او اجماع الصحابة او الدليل عليه
الاية الفلانية او الحديث الفلاني او الدليل عليه قيام المقتضى للتحريم
السالم عن المعارض المقاوم او الدليل عليه انه مشارك لخمر العنب فيما
يستلزم التحريم وامثال ذلك مما يعبر فيه عن الدليل اسم مفرد لا بالقضية
التي هي جملة تامة ثم هذا الدليل الذي عبر عنه باسم مفرد هو إذا فصل عبر
عنه بالفاظ متعدده
والمقصود ان قولكم إن الدليل الذي هو القياس لا
يكون إلا جزئين فقط إن أردتم لفظين فقط وإن ما زاد على لفظين فهو أدلة لا
دليل واحد لان ذلك اللفظ الموصوف بصفات تحتاج كل صفة الى دليل قيل لكم
وكذلك يمكن ان يقال في اللفظين هما دليلان لا دليل واحد فان كل مقدمة تحتاج
الى دليل
وحينئذ فتخصيص العدد باثنين دون ما زاد تحكم لا معنى له
فانه اذا كان المقصود قد يحصل بلفظ مفرد وقد لا يحصل إلا بلفظين وقد لا
يحصل إلا بثلاثة
او اربعة واكثر فجعل الجاعل اللفظين هما الاصل
الواجب دون ما زاد وما نقص وان الزائد ان كان في المطلوب جعل مطالب متعددة
وان كان في الدليل يذكر مقدمات جعل ذلك في تقدير اقيسة متعددة تحكم محض ليس
هو اولى من ان يقال بل الاصل في المطلوب ان يكون واحدا ودليله جزء واحد
فاذا زاد المطلوب على ذلك جعل ممطلوبين اوثلاثة او اربعة بحسب زيادته وجعل
الدليل دليلين او ثلاثة او اربعة بحسب دلالته وهذا اذا قيل فهو احسن من
قولهم لان اسم الدليل مفرد فيجعل معناه مفردا والقباس هو الدليل ولفظ
القياس يقتضى التقدير كما يقال قست هذا بهذا والتقدير يحصل بواحد كما يحصل
باثنين وبثلاثة فأصل التقدير بواحد واذا قدر باثنين او ثلاثة يكون تقديرين
وثلاثة لا تقديرا واحدا فكون تلك التقديرات اقيسة لا قياسا واحدا
فجعلهم ما زاد على الاثنين من المقدمات في معنى اقيسة متعددة وما نقص عن
الاثنتين نصف قياس لا قياس تام اصطلاح محض لا يرجع الى معنى معقول كما
فرقوا بين الصفات الذاتية والعرضية اللازمة ل الماهية والوجود بمثل هذا
التحكم تنازع اصطلاحي في مسمى العلة والدليل
لتبيين المعارض جملة او تفصيلا حيث
يمكن التفصيل أو لا يتعرض لتبيينه لا جملة ولا تفصيلا او يتعرض لتبيينه
جملة لا تفصيلا
وهذه امور وضعية اصطلاحية بمنزلة الالفاظ التي يصطلح
عليها الناس للتعبير عما في انفسهم وبمنزلة ما يعتاده الناس في بعض الافعال
لكونهم رأوا ذلك اولى بهم من غيره وإن كان غيره اولى منه ليست حقائق ثابتة
في انفسها لامور معقولة يتفق فيها الامم كما يدعيه هؤلاء في منطقهم
بل هؤلاء الذين يجعلون العلة والدليل يراد به هذا او هذا اقرب الى المعقول
من جعل هؤلاء الدليل لا يكون إلا من مقدمتين فان هذا تخصيص لعدد دون عدد
بلا موجب وأولئك لحظوا صفات ثابتة في العلة والدليل وهو وصف التمام او مجرد
الاقتضاء فكان ما اعتبره اولئك اولى بالحق والعقل مما اعتبره هؤلاء الذين
لم يرجعوا إلا الى مجرد التحكم المنطق امر اصطلاحي وضعه رجل من
اليونان
تعلم
العربية فرض على الكفاية بخلاف المنطق
بطلان
القول بأن تعلم المنطق فرض على الكفاية
دعاوي أهل المنطق وكذبها
ويدعون ان صاحب المنطق ينظر في جنس الدليل كما ان صاحب اصول الفقه ينظر في
الدليل الشرعي ومرتبته فيميز بين ما هو دليل شرعي وما ليس بدليل شرعي وينظر
في مراتب الأدلة حتى يقدم الراجح على المرجوح عند التعارض وهم يزعمون أن
صاحب المنطق ينظر في الدليل المطلق الذي هو أعم من الشرعي ويميز بين ما هو
دليل وما ليس بدليل
ويدعون ان نسبة منطقهم الى المعاني كنسبة العروض
الى الشعر وموازين الاموال الى الاموال وموازين الاوقات الى الاوقات وكنسبة
الذراع الى المذروعات
وهذا هو الذي قاله جمهور علماء المسلمين وغيرهم
من العقلاء إنه باطل فان منطقهم لا يميز بين الدليل وغير الدليل لا في
صورة الدليل ولا في مادته ولا يحتاج ان يوزن به المعاني بل ولا يصح وزن
المعاني به على ما هو عليه وإن كان فيه ما هو حق فلا بد في كلام كل مصنف من
حق بل فيه امور باطلة إذا وزنت بها العلوم افسدتها
ودعواهم انه آلة
قانونية تعصم مراعاتها الذهن ان يزل في فكره دعوى كاذبة بل من أكذب الدعاوي
والكلام معهم إنما هو في المعاني التي وضعوها في المنطق وزعموا ان
التصورات المطلوبة لا تنال إلا بها والتصديقات المطلوبة لا تنال إلا بها
فدكروا لمنطقهم اربع دعاوي دعوتان سالبتان ودعوتان موجبتان
أدعوا أنه
لا تنال التصورات بغير ما ذكروه فيه من الطريق وان
التصديقات لا
تنال بغير ما ذكروه فيه من الطريق وهاتان الدعوتان من أظهر الدعاوي كذبا
وأدعوا ان ما ذكروه من الطريق يحصل به تصور الحقائق التي لم تكن متصورة
وهذا ايضا باطل وقد تقدم البينة على هذه الدعاوي الثلاثة وسياتي الكلام على
دعواهم الرابعة التي هي امثل من غيرها وهى دعواهم ان برهانهم يفيد العلم
التصديقى
فان قالوا إن العلم التصديقي او التصوري ايضا لا ينال بدونه
فهم ادعوا ان طرق العلم على عقلاء بني آدم مسدودة إلا من الطريقين اللتين
ذكروهما ما ذكروه من الحد وما ذكروه من القياس وادعوا ان ما ذكروه من
الطريقين يوصلان الى العلوم التي ينالها بنو آدم بعقولهم بمعنى ان ما يوصل
لا بد ان يكون على الطريق الذي ذكروه لا على غيره فما ذكروه آلة قانونية به
توزن الطرق العلمية ويميز به بين الطريق الصحيحة والفاسدة فمراعاة هذا
القانون يعصم الذهن ان يزل في الفكر الذي ينال به تصور او تصديق
هذا
ملخص دعاويهم وكل هذه الدعاوي كذب في النفي والاثبات فلا ما نفوه من طرق
غيرهم كلها باطل ولا ما اثبتوه من طرقهم كلها حق على الوجه الذي ادعوه فيه
وإن كان في طرقهم ما هو حق كما ان في طرق غيرهم ما هو باطل فما احد منهم
ولا من غيرهم يصنف كلاما إلا ولا بد ان يتضمن ما هو حق ما معهم من
الحق أقل مما مع اليهود والنصارى والمشركين
ولهذا كان اليونان مشركين كفارا يعبدون الكواكب والاصنام شرا من اليهود
والنصارى بعد النسخ والتبديل بكثير ولولا ان الله من عليهم بدخول دين
المسيح اليهم فحصل لهم من الهدى والتوحيد وما استفادوه من دين المسيح ما
داموا متمسكين بشريعته قبل النسخ والتبديل لكانوا من جنس أمثالهم من
المشركين
ثم لما غيرت ملة المسيح صاروا على دين مركب من حنيفية وشرك
بعضه حق وبعضه باطل وهو خير من الدين الذي كان عليه اسلافهم
وقد قيل
إن آخر ملوكهم كان صاحب المجسطى بطلميوس
والمشهور المتواتر ان ارسطو
وزير الاسكندر بن فيلبس كان قبل المسيح بنحو ثلاثمائة سنة وكثير من الجهال
يحسب ان هذا هو ذو القرنين المذكور في
القرآن ويعظم أرسطو بكونه
كان وزيرا له كما ذكر ذلك ابن سينا وامثاله من الجهال باخبار الامم مقالات
سخيفة للمتفلسفة والمتصوفة في الانبياء المرسلين
ولهم من هذا الجنس ما يطول حكايته مما
يدل على انهم من اجهل الناس بالمعقول والمنقول ولم يكفهم جهلهم بما جاءت به
النبوات حتى ضموا الى ذلك الجهل بأخبار العالم وأيام الناس والجهل
بالعقليات
فان أفلاطن استاذ ارسطو كان قبل المسيح بأقل من اربعمائة
سنة وذلك بعد موسى بمدة طويلة تزيد على فكيف يتعلم منه
جسم ثم يقول كل حيوان جسم وكل جسم جوهر فكل إنسان حيوان فيلزم منهما أن
كل إنسان جوهر
فيقال لهم أما المطلوب الذي لا يزيد على جزئين فذاك في
النطق به والمطلوب في العقل إنما هو شئ واحد لا اثنان وهو ثبوت النسبة
الحكمية او انتفاؤها وإن شئت قلت اتصاف الموصوف بالصفة نفيا أو إثباتا وإن
شئت قلت نسبة المحمول الى الموضوع والخبر الى المبتدأ نفيا او إثباتا
وأمثال ذلك من العبارات الدالة على المعنى الواحد المقصود ب القضية
فاذا كان النتيجة ان النبيذ حرام أو ليس بحرام او الانسان حساس او ليس
بحساس او نحو ذلك فالمطلوب ثبوت التحريم للنبيذ او انتفاؤه وكذلك ثبوت الحس
للانسان او انتفاؤه والمقدمة الواحدة إذا ناسبت ذلك المطلوب حصل بها
المقصود وقولنا النبيذ خمر يناسب المطلوب وكذلك قولنا الانسان حيوان
فاذا كان الانسان يعلم ان كل خمر حرام ولكن يشك في النبيذ المتنازع فيه هل
يسمى في لغة الشارع خمرا فقيل النبيذ حرام لانه قد ثبت في الصحيح عن النبي ص
- انه قال كل مسكر حرام كانت هذا القضية وهي قولنا قد قال النبي ص - إن كل
مسكر خمر يفيد تحريم النبيذ وإن كان نفس قوله قد تضمن قضية اخرى
والاستدلال بذلك مشروط بتقديم مقدمات معلومة عند المستمع وهي إن ما صححه
اهل العلم بالحديث فقد وجب التصديق بأن النبي ص - قاله وإن ما حرمه الرسول
فهو حرام ونحو ذلك
فلو لزم ان يذكر كل ما يتوقف عليه العلم وإن كان
معلوما كانت المقدمات اكثر من اثنتين بل قد تكون اكثر من عشر وعلى ما قالوه
فينبغي لكل من استدل
بقول النبي ص - ان يقول النبي حرم ذلك وما
حرمه فهو حرام فهذا حرام وكذلك يقول النبي ص - اوجب وما أوجبه النبي فقد
وجب فهذا قد وجب
وإذا احتج على تحريم الامهات والبنات ونحو ذلك يحتاج
ان يقول إن الله حرم هذا في القران وما حرمه الله فهو حرام واذا احتج على
وجوب الصلوة والزكوة والحج بمثل قول الله تعالى ولله على الناس حج البيت ال
عمران يقول إن الله اوجب الحج في كتابه وما أوجبه الله فهو واجب وأمثال
ذلك ما يعده العقلاء لكنه وعيا وإيضاحا للواضح وزيادة قول لا حاجة اليها
وهذا التطويل الذي لا يفيد في قياسهم نظير تطويلهم في حدودهم كقولهم في حد
الشمس إنها كوكب يطلع نهارا وأمثال ذلك من الكلام الذي لا يفيد إلا تضييع
الزمان وإتعاب الاذهان وكثرة الهذيان ثم إن الذين يتبعونهم في حدودهم
وبراهينهم لا يزالون مختلفين في تحديد الامور المعروفة بدون تحديدهم
ويتنازعون في البرهان على امور مستغنية عن براهينهم إبطال قولهم
ليس المطلوب اكثر من جزئين
وقولهم ليس المطلوب اكثر من جزئين فلا
يفتقر الى اكثر من مقدمتين فيقال إن اردتم ليس له إلا اسمان مفردان فليس
الامر كذلك بل قد يكون التعبير عنه بأسماء متعددة مثل من شك في النبيذ هل
هو حرام بالنص أم ليس حراما لا بنص ولا قياس فاذا قال المجيب النبيذ حرام
بالنص كان المطلوب ثلاثة اجزاء وكذلك لو سأل هل الاجماع دليل قطعي فقال
الاجماع دليل قطعي كان المطلوب ثلاثة أجزاء فاذا قال هل الانسان جسم حساس
نام متحرك بالارادة ناطق ام لا فالمطلوب هنا له ستة أجزاء
وفي الجملة
فالموضوع والمحمول الذي هو مبتدأ وخبر وهو جملة خبرية قد تكون جملة مركبة
من لفظين وقد تكون من الفاظ متعددة إذا كان مضمونها مقيدا قيود
يفتقر الى اكثر من مقدمتين فيقال إن اردتم ليس له إلا اسمان مفردان فليس
الامر كذلك بل قد يكون التعبير عنه بأسماء متعددة مثل من شك في النبيذ هل
هو حرام بالنص أم ليس حراما لا بنص ولا قياس فاذا قال المجيب النبيذ حرام
بالنص كان المطلوب ثلاثة اجزاء وكذلك لو سأل هل الاجماع دليل قطعي فقال
الاجماع دليل قطعي كان المطلوب ثلاثة أجزاء فاذا قال هل الانسان جسم حساس
نام متحرك بالارادة ناطق ام لا فالمطلوب هنا له ستة أجزاء
وفي الجملة
فالموضوع والمحمول الذي هو مبتدأ وخبر وهو جملة خبرية قد تكون جملة مركبة
من لفظين وقد تكون من الفاظ متعددة إذا كان مضمونها مقيدا قيود
كثيرة
مثل قوله تعالى والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم
باحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه التوبة وقوله تعالى إن الذين امنوا والذين
هاجروا وجهدوا في سبيل الله اولئك يرجون رحمت الله البقرة وقوله والذين
امنوا من بعد وهاجروا وجهدوا معكم فأولئك منكم الانفال وأمثال ذلك من
القيود التي يسميها النحاة الصفات والعطف والاحوال وظرف المكان وظرف الزمان
ونحو ذلك
فاذا كانت القضية مقيدة بقيود كثيرة لم تكن مؤلفة من لفظين
بل من الفاظ متعدده ومعان متعددة
وإن أريد أن المطلوب ليس إلا معنيان
سواء عبر عنهما بلفظين او الفاظ متعددة قيل وليس الامر كذلك بل قد يكون
المطلوب معنى واحدا وقد يكون معنين وقد يكون معاني متعددة فان المطلوب بحسب
طلب الطالب وهو الناظر المستدل والسائل المتعلم المناظر وكل منهما قد يطلب
معنى واحدا وقد يطلب معنيين وقد يطلب معانى والعبارة عن مطلوبه قد تكون
بلفظ واحد وقد تكون بلفظين وقد تكون بأكثر فاذا قال النبيذ حرام قيل له نعم
كان هذا اللفظ وحده كافيا في جوابه كما لو قيل له هو حرام
فان قالوا
القضية الواحدة قد تكون في تقدير قضايا كما ذكرتموه من التمثيل ب الانسان
فان هذه القضية الواحدة في تقدير خمس قضايا وهي خمس مطالب والتقدير هل هو
جسم ام لا وهل هو حساس ام لا وهل هو نام أم لا وهل هو متحرك بالارادة ام لا
وهل هو ناطق ام لا وكذلك فيما تقدم هل النبيذ حرام ام لا فاذا كان حراما
فهل تحريمه بالنص او بالقياس
فيقال إذا رضيتم بمثل هذا وهو أن تجعلوا
الواحد في تقدير عدد فالمفرد قد
يكون في معنى قضية فاذا قال النبيذ
المسكر حرام فقال المجيب نعم فلفظ نعم في تقدير قوله هو حرام
وإذا
قال ما الدليل عليه فقال الدليل عليه تحريم كل مسكر او أن كل مسكر حرام أو
قول النبي ص - كل مسكر حرام ونحو ذلك من العبارات التي جعل الدليل فيها
اسما مفردا وهو جزء واحد لم يجعله قضية مؤلفه من اسمين مبتدأ وخبر فان قوله
تحريم كل مسكر اسم مضاف
وقوله ان كل مسكر حرام بالفتح مفرد ايضا فان
أن وما في حيزها في تقدير المصدر المفرد وإن المكسورة وما في حيزها جملة
تامة ولهذا قال النحاة قاطبة ان إن تكسر إذا كانت في موضع الجملة والجملة
خبر وقضية وتفتح في موضع المفرد الذي هو جزء القضية ولهذا يكسرونها بعد
القول لانهم إنما يحكون ب القول الجملة التامة
وكذلك إذا قلت الدليل
عليه قول النبي ص - او الدليل عليه النص او اجماع الصحابة او الدليل عليه
الاية الفلانية او الحديث الفلاني او الدليل عليه قيام المقتضى للتحريم
السالم عن المعارض المقاوم او الدليل عليه انه مشارك لخمر العنب فيما
يستلزم التحريم وامثال ذلك مما يعبر فيه عن الدليل اسم مفرد لا بالقضية
التي هي جملة تامة ثم هذا الدليل الذي عبر عنه باسم مفرد هو إذا فصل عبر
عنه بالفاظ متعدده
والمقصود ان قولكم إن الدليل الذي هو القياس لا
يكون إلا جزئين فقط إن أردتم لفظين فقط وإن ما زاد على لفظين فهو أدلة لا
دليل واحد لان ذلك اللفظ الموصوف بصفات تحتاج كل صفة الى دليل قيل لكم
وكذلك يمكن ان يقال في اللفظين هما دليلان لا دليل واحد فان كل مقدمة تحتاج
الى دليل
وحينئذ فتخصيص العدد باثنين دون ما زاد تحكم لا معنى له
فانه اذا كان المقصود قد يحصل بلفظ مفرد وقد لا يحصل إلا بلفظين وقد لا
يحصل إلا بثلاثة
او اربعة واكثر فجعل الجاعل اللفظين هما الاصل
الواجب دون ما زاد وما نقص وان الزائد ان كان في المطلوب جعل مطالب متعددة
وان كان في الدليل يذكر مقدمات جعل ذلك في تقدير اقيسة متعددة تحكم محض ليس
هو اولى من ان يقال بل الاصل في المطلوب ان يكون واحدا ودليله جزء واحد
فاذا زاد المطلوب على ذلك جعل ممطلوبين اوثلاثة او اربعة بحسب زيادته وجعل
الدليل دليلين او ثلاثة او اربعة بحسب دلالته وهذا اذا قيل فهو احسن من
قولهم لان اسم الدليل مفرد فيجعل معناه مفردا والقباس هو الدليل ولفظ
القياس يقتضى التقدير كما يقال قست هذا بهذا والتقدير يحصل بواحد كما يحصل
باثنين وبثلاثة فأصل التقدير بواحد واذا قدر باثنين او ثلاثة يكون تقديرين
وثلاثة لا تقديرا واحدا فكون تلك التقديرات اقيسة لا قياسا واحدا
فجعلهم ما زاد على الاثنين من المقدمات في معنى اقيسة متعددة وما نقص عن
الاثنتين نصف قياس لا قياس تام اصطلاح محض لا يرجع الى معنى معقول كما
فرقوا بين الصفات الذاتية والعرضية اللازمة ل الماهية والوجود بمثل هذا
التحكم تنازع اصطلاحي في مسمى العلة والدليل
وحينئذ فيعلم ان
القوم لم يرجعوا فيما سموه حدا وبرهانا الى حقيقة موجودة ولا الى امر معقول
بل الى اصطلاح مجرد كتنازع الناس في العلة هل هي اسم لما يستلزم المعلوم
بحيث لا يختلف عنها بحال فلا يقبل النقيض والتخصيص أو هو اسم لما يكون
مقتضيا للمعلول وقد يتخلف عنه المعلول لفوات شرط او وجود مانع وكاصطلاح بعض
اهل النظر والجدل في تسمية احدهم الدليل ل ما هو مستلزم للمدلول مطلقا حتى
يدخل في ذلك عدم المعارض والاخر يسمى الدليل ل ما كان من شأنه ان يستلزم
المدلول وإنما يتخلف استلزامه لفوات شرط او وجود مانع وتنازع اهل الجدل هل
على المستدل ان يتعرض في ذكر الدليل
القوم لم يرجعوا فيما سموه حدا وبرهانا الى حقيقة موجودة ولا الى امر معقول
بل الى اصطلاح مجرد كتنازع الناس في العلة هل هي اسم لما يستلزم المعلوم
بحيث لا يختلف عنها بحال فلا يقبل النقيض والتخصيص أو هو اسم لما يكون
مقتضيا للمعلول وقد يتخلف عنه المعلول لفوات شرط او وجود مانع وكاصطلاح بعض
اهل النظر والجدل في تسمية احدهم الدليل ل ما هو مستلزم للمدلول مطلقا حتى
يدخل في ذلك عدم المعارض والاخر يسمى الدليل ل ما كان من شأنه ان يستلزم
المدلول وإنما يتخلف استلزامه لفوات شرط او وجود مانع وتنازع اهل الجدل هل
على المستدل ان يتعرض في ذكر الدليل
لتبيين المعارض جملة او تفصيلا حيث
يمكن التفصيل أو لا يتعرض لتبيينه لا جملة ولا تفصيلا او يتعرض لتبيينه
جملة لا تفصيلا
وهذه امور وضعية اصطلاحية بمنزلة الالفاظ التي يصطلح
عليها الناس للتعبير عما في انفسهم وبمنزلة ما يعتاده الناس في بعض الافعال
لكونهم رأوا ذلك اولى بهم من غيره وإن كان غيره اولى منه ليست حقائق ثابتة
في انفسها لامور معقولة يتفق فيها الامم كما يدعيه هؤلاء في منطقهم
بل هؤلاء الذين يجعلون العلة والدليل يراد به هذا او هذا اقرب الى المعقول
من جعل هؤلاء الدليل لا يكون إلا من مقدمتين فان هذا تخصيص لعدد دون عدد
بلا موجب وأولئك لحظوا صفات ثابتة في العلة والدليل وهو وصف التمام او مجرد
الاقتضاء فكان ما اعتبره اولئك اولى بالحق والعقل مما اعتبره هؤلاء الذين
لم يرجعوا إلا الى مجرد التحكم المنطق امر اصطلاحي وضعه رجل من
اليونان
ولهذا كان العقلاء العارفون يصفون منطقهم بأنه امر اصطلاحي
وضعه رجل من اليونان لا يحتاج اليه العقلاء ولا طلب العقلاء للعلم موقوفا
عليه كما ليس موقوفا على التعبير بلغاتهم مثل فيلاسوفيا وسوفسطيقا
وانولوطيقا وإثولوجيا وقاطيغورياس وإيساغوجى ومثل تسميتهم للفعل ب الكلمة
وللحرف ب الاداة ونحو ذلك من لغاتهم التي يعبرون بها عن معانيهم
وضعه رجل من اليونان لا يحتاج اليه العقلاء ولا طلب العقلاء للعلم موقوفا
عليه كما ليس موقوفا على التعبير بلغاتهم مثل فيلاسوفيا وسوفسطيقا
وانولوطيقا وإثولوجيا وقاطيغورياس وإيساغوجى ومثل تسميتهم للفعل ب الكلمة
وللحرف ب الاداة ونحو ذلك من لغاتهم التي يعبرون بها عن معانيهم
تعلم
العربية فرض على الكفاية بخلاف المنطق
فلا يقول احد إن سائر العقلاء
يحتاجون الى هذه اللغة لا سيما من كرمه الله بأشرف اللغات الجامعة لأكمل
مراتب البيان المبينة لما تتصوره الاذهان بأوجز لفظ وأكمل تعريف
وهذا
ما احتج به ابو سعيد السيرافي في مناظرته المشهورة لمتى الفيلسوف لما اخذ
متى يمدح المنطق ويزعم احتياج العقلاء اليه ورد عليه ابو سعيد بعدم الحاجة
اليه وأن الحاجة انما تدعو الى تعلم العربية لان المعاني فطرية عقلية لا
تحتاج الى اصطلاح خاص بخلاف اللغة المتقدمة التي يحتاج اليها في معرفة ما
يجب معرفته من المعاني فانه لا بد فيها من التعلم ولهذا كان تعلم العربية
التي يتوقف فهم القران والحديث عليها فرضا على الكفاية بخلاف المنطق
يحتاجون الى هذه اللغة لا سيما من كرمه الله بأشرف اللغات الجامعة لأكمل
مراتب البيان المبينة لما تتصوره الاذهان بأوجز لفظ وأكمل تعريف
وهذا
ما احتج به ابو سعيد السيرافي في مناظرته المشهورة لمتى الفيلسوف لما اخذ
متى يمدح المنطق ويزعم احتياج العقلاء اليه ورد عليه ابو سعيد بعدم الحاجة
اليه وأن الحاجة انما تدعو الى تعلم العربية لان المعاني فطرية عقلية لا
تحتاج الى اصطلاح خاص بخلاف اللغة المتقدمة التي يحتاج اليها في معرفة ما
يجب معرفته من المعاني فانه لا بد فيها من التعلم ولهذا كان تعلم العربية
التي يتوقف فهم القران والحديث عليها فرضا على الكفاية بخلاف المنطق
بطلان
القول بأن تعلم المنطق فرض على الكفاية
ومن قال من المتأخرين إن تعلم
المنطق فرض على الكفاية فانه يدل على جهلة بالشرع وجهله بفائدة المنطق
وفساد هذا القول معلوم بالاضطرار من دين الاسلام وأجهل منه من قال إنه فرض
على الاعيان مع ان كثيرا من هؤلاء ليسوا مقرين بايجاب ما اوجبه الله ورسوله
وتحريم ما حرمه الله ورسوله
ومعلوم ان افضل هذه الامة من الصحابة
والتابعين لهم باحسان وأئمة المسلمين عرفوا ما يجب عليهم وكمل علمهم
وإيمانهم قبل أن يعرف منطق اليونان فكيف يقال إنه لا يوثق بالعلم إن لم
يوزن به او يقال إن فطر بني آدم في الغالب لا تستقيم إلا به
فان قالوا
نحن لا نقول إن الناس يحتاجون الى اصطلاح المنطق بل الى المعاني التي توزن
بها العلوم قيل لا ريب أن المجهولات لا تعرف إلا بالمعلومات والناس
يحتاجون الى ان يزنوا ما جهلوه بما علموه وهذا من الموازين التي انزلها
الله حيث قال الله الذي انزل الكتب بالحق والميزان الشورى وقال لقد ارسلنا
رسلنا بالبينت وانزلنا معهم الكتب والميزان الحديد وهذا موجود عند أمتنا
وغير أمتنا ممن لم يسمع قط بمنطق اليونان فعلم أن الامم غير محتاجة إليه
ملخصالمنطق فرض على الكفاية فانه يدل على جهلة بالشرع وجهله بفائدة المنطق
وفساد هذا القول معلوم بالاضطرار من دين الاسلام وأجهل منه من قال إنه فرض
على الاعيان مع ان كثيرا من هؤلاء ليسوا مقرين بايجاب ما اوجبه الله ورسوله
وتحريم ما حرمه الله ورسوله
ومعلوم ان افضل هذه الامة من الصحابة
والتابعين لهم باحسان وأئمة المسلمين عرفوا ما يجب عليهم وكمل علمهم
وإيمانهم قبل أن يعرف منطق اليونان فكيف يقال إنه لا يوثق بالعلم إن لم
يوزن به او يقال إن فطر بني آدم في الغالب لا تستقيم إلا به
فان قالوا
نحن لا نقول إن الناس يحتاجون الى اصطلاح المنطق بل الى المعاني التي توزن
بها العلوم قيل لا ريب أن المجهولات لا تعرف إلا بالمعلومات والناس
يحتاجون الى ان يزنوا ما جهلوه بما علموه وهذا من الموازين التي انزلها
الله حيث قال الله الذي انزل الكتب بالحق والميزان الشورى وقال لقد ارسلنا
رسلنا بالبينت وانزلنا معهم الكتب والميزان الحديد وهذا موجود عند أمتنا
وغير أمتنا ممن لم يسمع قط بمنطق اليونان فعلم أن الامم غير محتاجة إليه
دعاوي أهل المنطق وكذبها
وهم لا يدعون احتياج الناس الى نفس الفاظ
اليونان بل يدعون الحاجة الى المعاني المنطقية التي عبروا عنها بلسانهم وهو
كلامهم في المعقولات الثانية فان موضوع المنطق هو المعقولات الثانية من
حيث يتوصل بها الى علم ما لم يعلم فانه ينظر في أحوال المعقولات الثابتة
وهي النسب الثابتة للماهيات من حيث هي مطلقة عرض لها إن كانت موصولة الى
تحصيل ما ليس بحاصل او معينة في ذلك لا على وجه جزئي بل على قانون كلي
اليونان بل يدعون الحاجة الى المعاني المنطقية التي عبروا عنها بلسانهم وهو
كلامهم في المعقولات الثانية فان موضوع المنطق هو المعقولات الثانية من
حيث يتوصل بها الى علم ما لم يعلم فانه ينظر في أحوال المعقولات الثابتة
وهي النسب الثابتة للماهيات من حيث هي مطلقة عرض لها إن كانت موصولة الى
تحصيل ما ليس بحاصل او معينة في ذلك لا على وجه جزئي بل على قانون كلي
ويدعون ان صاحب المنطق ينظر في جنس الدليل كما ان صاحب اصول الفقه ينظر في
الدليل الشرعي ومرتبته فيميز بين ما هو دليل شرعي وما ليس بدليل شرعي وينظر
في مراتب الأدلة حتى يقدم الراجح على المرجوح عند التعارض وهم يزعمون أن
صاحب المنطق ينظر في الدليل المطلق الذي هو أعم من الشرعي ويميز بين ما هو
دليل وما ليس بدليل
ويدعون ان نسبة منطقهم الى المعاني كنسبة العروض
الى الشعر وموازين الاموال الى الاموال وموازين الاوقات الى الاوقات وكنسبة
الذراع الى المذروعات
وهذا هو الذي قاله جمهور علماء المسلمين وغيرهم
من العقلاء إنه باطل فان منطقهم لا يميز بين الدليل وغير الدليل لا في
صورة الدليل ولا في مادته ولا يحتاج ان يوزن به المعاني بل ولا يصح وزن
المعاني به على ما هو عليه وإن كان فيه ما هو حق فلا بد في كلام كل مصنف من
حق بل فيه امور باطلة إذا وزنت بها العلوم افسدتها
ودعواهم انه آلة
قانونية تعصم مراعاتها الذهن ان يزل في فكره دعوى كاذبة بل من أكذب الدعاوي
والكلام معهم إنما هو في المعاني التي وضعوها في المنطق وزعموا ان
التصورات المطلوبة لا تنال إلا بها والتصديقات المطلوبة لا تنال إلا بها
فدكروا لمنطقهم اربع دعاوي دعوتان سالبتان ودعوتان موجبتان
أدعوا أنه
لا تنال التصورات بغير ما ذكروه فيه من الطريق وان
التصديقات لا
تنال بغير ما ذكروه فيه من الطريق وهاتان الدعوتان من أظهر الدعاوي كذبا
وأدعوا ان ما ذكروه من الطريق يحصل به تصور الحقائق التي لم تكن متصورة
وهذا ايضا باطل وقد تقدم البينة على هذه الدعاوي الثلاثة وسياتي الكلام على
دعواهم الرابعة التي هي امثل من غيرها وهى دعواهم ان برهانهم يفيد العلم
التصديقى
فان قالوا إن العلم التصديقي او التصوري ايضا لا ينال بدونه
فهم ادعوا ان طرق العلم على عقلاء بني آدم مسدودة إلا من الطريقين اللتين
ذكروهما ما ذكروه من الحد وما ذكروه من القياس وادعوا ان ما ذكروه من
الطريقين يوصلان الى العلوم التي ينالها بنو آدم بعقولهم بمعنى ان ما يوصل
لا بد ان يكون على الطريق الذي ذكروه لا على غيره فما ذكروه آلة قانونية به
توزن الطرق العلمية ويميز به بين الطريق الصحيحة والفاسدة فمراعاة هذا
القانون يعصم الذهن ان يزل في الفكر الذي ينال به تصور او تصديق
هذا
ملخص دعاويهم وكل هذه الدعاوي كذب في النفي والاثبات فلا ما نفوه من طرق
غيرهم كلها باطل ولا ما اثبتوه من طرقهم كلها حق على الوجه الذي ادعوه فيه
وإن كان في طرقهم ما هو حق كما ان في طرق غيرهم ما هو باطل فما احد منهم
ولا من غيرهم يصنف كلاما إلا ولا بد ان يتضمن ما هو حق ما معهم من
الحق أقل مما مع اليهود والنصارى والمشركين
فمع اليهود والنصارى من
الحق بالنسبة الى مجموع ما معهم اكثر مما مع هؤلاء من الحق بل ومع المشركين
عباد الاصنام من العرب ونحوهم من الحق أكثر مما مع هؤلاء بالنسبة الى ما
معهم في مجموع فلسفتهم النظرية والعلمية الاخلاق والمنازل والمداين
الحق بالنسبة الى مجموع ما معهم اكثر مما مع هؤلاء من الحق بل ومع المشركين
عباد الاصنام من العرب ونحوهم من الحق أكثر مما مع هؤلاء بالنسبة الى ما
معهم في مجموع فلسفتهم النظرية والعلمية الاخلاق والمنازل والمداين
ولهذا كان اليونان مشركين كفارا يعبدون الكواكب والاصنام شرا من اليهود
والنصارى بعد النسخ والتبديل بكثير ولولا ان الله من عليهم بدخول دين
المسيح اليهم فحصل لهم من الهدى والتوحيد وما استفادوه من دين المسيح ما
داموا متمسكين بشريعته قبل النسخ والتبديل لكانوا من جنس أمثالهم من
المشركين
ثم لما غيرت ملة المسيح صاروا على دين مركب من حنيفية وشرك
بعضه حق وبعضه باطل وهو خير من الدين الذي كان عليه اسلافهم
وقد قيل
إن آخر ملوكهم كان صاحب المجسطى بطلميوس
والمشهور المتواتر ان ارسطو
وزير الاسكندر بن فيلبس كان قبل المسيح بنحو ثلاثمائة سنة وكثير من الجهال
يحسب ان هذا هو ذو القرنين المذكور في
القرآن ويعظم أرسطو بكونه
كان وزيرا له كما ذكر ذلك ابن سينا وامثاله من الجهال باخبار الامم مقالات
سخيفة للمتفلسفة والمتصوفة في الانبياء المرسلين
ومن ملاحدة المتصوفة
من يزعم ان ارسطو كان هو الخضر خضر موسى
وهؤلاء منهم من يفضل
الفلاسفة على الانبياء في العلم ويقول إن هارون كان أعلم من موسى وإن عليا
كان أعلم من النبي ص - كما يزعمون ان الخضر كان أعلم من موسى وأن عليا
وهارون والخضر كانوا فلاسفة يعلمون الحقائق العقلية العلمية اكثر من موسى
وعيسى ومحمد لكن هؤلاء كانوا في القوة العلمية اكمل ولهذا وضعوا الشرائع
العلمية
وهؤلاء يفضلون فرعون على موسى ويسمونه أفلاطن القبطي وقد
يقولون إن صاحب مدين الذي تزوج موسى بنته هو أفلاطن اليوناني استاذ ارسطو
ويقولون إن موسى كان أعلم من غيره بالسحر وإنه استفاد ذلك من حموه إذ كان
عندهم ليست المعجزات إلا قوى نفسانية أو طبيعية أو فلكية من جنس السحر ولكن
موسى كان مبرزا على غيره في ذلك
إلى أمثال ذلك من المقالات التي
تقولها الملاحدة المتفلسفة المنتمون الى الاسلام في الظاهر من متشيع ومتصوف
كابن سبعين وابن عربي وأصحابه
من يزعم ان ارسطو كان هو الخضر خضر موسى
وهؤلاء منهم من يفضل
الفلاسفة على الانبياء في العلم ويقول إن هارون كان أعلم من موسى وإن عليا
كان أعلم من النبي ص - كما يزعمون ان الخضر كان أعلم من موسى وأن عليا
وهارون والخضر كانوا فلاسفة يعلمون الحقائق العقلية العلمية اكثر من موسى
وعيسى ومحمد لكن هؤلاء كانوا في القوة العلمية اكمل ولهذا وضعوا الشرائع
العلمية
وهؤلاء يفضلون فرعون على موسى ويسمونه أفلاطن القبطي وقد
يقولون إن صاحب مدين الذي تزوج موسى بنته هو أفلاطن اليوناني استاذ ارسطو
ويقولون إن موسى كان أعلم من غيره بالسحر وإنه استفاد ذلك من حموه إذ كان
عندهم ليست المعجزات إلا قوى نفسانية أو طبيعية أو فلكية من جنس السحر ولكن
موسى كان مبرزا على غيره في ذلك
إلى أمثال ذلك من المقالات التي
تقولها الملاحدة المتفلسفة المنتمون الى الاسلام في الظاهر من متشيع ومتصوف
كابن سبعين وابن عربي وأصحابه
ولهم من هذا الجنس ما يطول حكايته مما
يدل على انهم من اجهل الناس بالمعقول والمنقول ولم يكفهم جهلهم بما جاءت به
النبوات حتى ضموا الى ذلك الجهل بأخبار العالم وأيام الناس والجهل
بالعقليات
فان أفلاطن استاذ ارسطو كان قبل المسيح بأقل من اربعمائة
سنة وذلك بعد موسى بمدة طويلة تزيد على فكيف يتعلم منه
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
دليل نفاة الصفات والرد عليه
انه لا توجد الذات الا مع وجود
صفتها الملازمة لها ولا توجد الصفة الا مع وجود الذات الملازمة لها ولو قدر
انه اريد ب التركيب التركيب من الاجزاء الحسية او العقلية مع تلازم
الاجزاء فهذا معناه
فاذا قيل كل مركب مفتقر الى جزئه ان عني به انه
مستلزم لجزئه وانه لا يوجد الا بوجود جزئه فهذا صحيح فان وجود المجموع بدون
كل من احاده ممتنع وان اريد انه يفتقر اليه افقار المفعول الى فاعله
والمعلول الى علته الفاعلة او القابلة او الغائية او الصورية فهذا باطل فان
الواحد من العشرة والجزء من الجملة لا يجوز ان يكون فاعلا ولا غاية ولا هي
هو الصورة
ثم قولكم وجزؤه غيره يقال لفظ الغير يراد به ما كان مباينا
للشيء وما يجوز مفارقته له وما ليس اياه فان اردتم ان جزء المجموع ما هو
مباين له فهذا باطل فانه يمتنع ان يكون مباينا له مع كونه جزءا منه فيمتنع
ان يكون غيرا له بهذا الاعتبار وان قلتم يجوز ان يفارقه فهذا ليس عام على
الاطلاق بل يجوز في بعض الافراد ان يفارق غيره من الاجزاء ويفارق المجموع
الذي هو الهيئة الاجتماعية ولا يلزم ذلك في كل مجموع لا سيما على اصلهم فان
الفلك عندهم مركب من اجزائه وصفاته ولا يجوز عندهم على اجزائه التفرق
والمسلمون وجمهور العقلاء عندهم ان الله حي عليم قدير ولا يجوز ان يفارقه
كونه حيا عالما قادرا بل لم يزل ولا يزال كذلك وكونه حيا عالما قادرا من
لوازم ذاته وهي ملازمة لذاته لا يجوز عليه الافتراق بوجه من الوجوه فامتنع
ان تكون صفاته هذه اغيارا بهذا الاعتبار
وان فسر الغيران بما ليس
احدهما هو الاخر او بما يجوز العلم بأحدهما مع عدم العلم بالاخر فلا ريب ان
صفة الموصوف التي يمكن معرفتها
بدونه غير له بهذا الاعتبار لكن
اذا كانت تلك الصفة لازمة له وهو لازم لها لم يكن في ذلك ما يوجب ان يكون
احدهما مفتقرا الى الاخر مفعولا للاخر ولا علة فاعلة ولا غائية ولا صورية
اكثر ما في ذلك ان تكون الصفة مفتقرة الى الذات افتقار الحال الى محله
القابل له وهم يسمون القابل علة قابلة لكن فيما يحدث لها من المقبولات لا
فيما يكون لازما لها ازلا وابدا وان قدر انهم يسمون جميع ذلك علة ومعلولا
فتكون الذات علة قابلة للصفة بهذا الاعتبار وكون الصفة معلولة هو معنى
كونها صفة قائمة بالموصوف مجموع الذات والصفة لا يفتقر الى العلل
الاربع
لا يفتقر الى شيء من العلل الاربع كون صفاته
تعالى واجبة الوجود
يفتقر الى علة من العلل الاربع مع
اتصافه بصفاته اللازمة له اذا جاز استلزام الذات للمفعولات
فاستلزامها للصفات اولى
انه قول العلماء مطلقا بلا نزاع وهو
قول ائمة الحديث وجمهورهم وقول اكثر طوائف الكلام كالهشامية والكلابية
والكرامية وقول جمهور الفقهاء من اصحاب ابي حنيفة وأحمد ومالك والشافعي
وقول الصوفية كما حكاه عنهم صاحب التعرف لمذهب التصوف وهو قول اهل السنة
فيما حكاه البغوي صاحب شرح السنة
وحجة هؤلاء انه لو كان الخلق غير
المخلوق لكان اما قديما واما حادثا فان كان قديما لزم قدم المخلوق فيلزم
قدم العالم وان كان حادثا فانه يفتقر الى خلق اخر ويلزم التسلسل ويلزم ايضا
كون الرب محلا للحوادث
فيقال لهم جميع هذه المقدمات مما ينازعكم
الناس فيها ولا تقدرون على اثبات واحدة منها فقولكم لو كان قديما لزم قدم
المخلوق يقول لكم من توافقونه على قدم الارادة نحن وانتم متفقون على قدم
الارادة وان تأخر المراد فتأخر المخلوق عن الخلق كذلك او اولى وهذا جواب
الحنفية والكرامية
وكثير من الحنبلية والشافعية والمالكية والصوفية
واهل الحديث لهم
واما قولهم ان كان محدثا افتقر الى خلق اخر فهذا
ايضا ممنوع فانهم يسلمون ان المخلوقات محدثة منفصلة بدون حدوث خلق فاذا جاز
هذا في الحادث المنفصل عن المحدث فلان يجوز حدوث الحادث المتصل به بدون
خلق بطريق الاولى والاخرى
ولهذا كان كثير من هؤلاء او اكثرهم هم
يقولون ان الخلق الذي قام به حادث لا محدث ويقولون ما قام به من الفعل حدث
بنفس القدرة والارادة لا يفتقر الى خلق وانما يفتقر الى الخلق المخلوق
والمخلوق ما كان منفصلا عنه وكثير منهم يسمونه محدثا ويقولون هو محدث ليس ب
مخلوق فان المخلوق ما خلقه بائنا عنه واما نفس فعله وكلامه ورضاه وغضبه
وفرحه الذي يقوم بذاته ب قدرته فانه وان كان حادثا ومحدثا فليس ب مخلوق
وليس كل حادث ولا محدث مخلوقا عند هؤلاء
فان قيل النزاع في ذلك لفظي
قيل هذا لا يضرهم فان من سمى ذلك القائم به مخلوقا قالوا له غايته ان
المخلوق الذي هو نفس الخلق لا يفتقر الى خلق اخر ولا يلزم من ذلك ان
المخلوق الذي ليس ب خلق لا يفتقر الى الخلق فان من المعقول ان المخلوق لا
بد له من خلق واما الخلق نفسه اذا جوز وجود مخلوق بلا خلق فتجويز خلق بلا
خلق اولى والمنازع لهم يجوز وجود كل مخلوق بلا خلق فاذا جوزوا هم نوعا منه
بلا خلق كان ذلك اولى بالجواز والفرق بين نفس الخلق الذي به خلق المخلوق
وبين المخلوق معقول البحث في قيام الحوادث به تعالى
بالقديم ومن
جوز قيام الصفات بالباري منهم جوز قيام الحوادث به مثل كثير من اساطينهم
القدماء والمتأخرين كأبي البركات وغيره فهذان قولان معروفان لهم اما القول
الثالث وهو تجويز الصفات دون الافعال فهذا لا اعرف به قائلا منهم فان كان
قد قاله بعضهم فالكلام معه كالكلام مع من قال ذلك من اهل الكلام
وعلى
هذا فلا يلزم التسلسل وان لزم فانما هو تسلسل في الاثار وهو وجود كلام بعد
كلام او فعل بعد فعل والنزاع في هذا مشهور وانما يعرف نفيه عن الجهمية
والقدرية ومن وافقهم من كلابي وكرامي ومن وافقهم من المتفقه واما ائمة
السلف وائمة السنة فلا يمنعون هذا بل يجوزونه بل يوجبونه ويقولون ان الله
لم يزل متكلما اذا شاء بل يقولون انه لم يزل فاعلا يقوم به الافعال
الاختيارية بمشيئته وقدرته وهذا كله مبسوط في مواضعه
والمقصود هنا انه
يلزم من كونه فاعلا قيام الصفات به فان الفعل امر وجودى وان يفعل من اقسام
الوجود ووجود المخلوق المفعول بلا خلق ولا فعل ممتنع واذا قام الخلق به ف
العلم والقدرة لازمة الخلق وقيامهما به اولى
وانهم ان قالوا يستلزم
المفعول ولا يستلزم الصفة لكون الملزوم مفتقرا الى اللازم فهذا من اعظم
التناقض وان قالوا انه لا يستلزمه كان ذلك ادل على بطلان قولهم في الصفات
والافعال وكان الدليل يدل على قيام الافعال به والصفات وقيام الصفات به
اولى من قيام الافعال فبطل ما نفوا به الصفات وسموه تركيبا
والواحد
الذي قالوا انه لا يصدر عنه الا واحد هو الواحد المسلوب عنه الصفات كلها بل
هو الوجود المقيد بكل سلب وهذا لا حقيقة له الا في الذهن واي موجود مخلوق
قدر فهو اكمل من هذا الخيال الذي لا حقيقة له في الخارج
والتعظيم
له انما نشأ من اعتقاد انه رب العالمين وانه واجب الوجود ونحو ذلك من
الصفات التي تظهر كمالها واما من هذه الجهة النافية السلبية فما من وجود
الا وهو اكمل منه واذا كانوا قد جمعوا بين وصفه بذلك الكمال وهذا النقصان
الذي يكون كل موجود اكمل منه دل على تناقضهم وفساد قولهم وكان ما قالوه من
الحق حقا وما قالوه من الباطل باطلا وهذه المسائل الالهية مبسوطة في موضعها
رد القول بأن قياس التمثيل لا يفيد الا الظن
ل القياس الشمولي اما ان يكون
سببا في حصوله واما ان يقال لا يوجد بدونه فكيف يكون وحده اقوى منه
وهؤلاء يمثلون الكليات بمثل قول القائل الكل اعظم من الجزء و النقيضان لا
يجتمعان ولا يرتفعان والاشياء المساوية لشيء واحد متساوية ونحو ذلك وما من
كلي من هذه الكليات الا وقد علم من افراده الخارجة امور كثيرة واذا اريد
تحقق هذه الكلية في النفس ضرب لها المثل بفرد من افرادها وبين انتفاء
الفارق بينه وبين غيره او ثبوت الجامع وحينئذ يحكم العقل بثبوت الحكم لذلك
المشترك الكلي وهذا حقيقة قياس التمثيل
ولو قدرنا ان قياس الشمول لا
يفتقر الى التمثيل وان العلم بالقضايا الكلية لا يفتقر الى العلم بمعين
اصلا فلا يمكن ان يقال اذا علم الكلي مع العلم بثبوت بعض افراده في الخارج
كان انقص من ان يعلمه بدون العلم بذالك المعين فان العلم بالمعين ما زاده
الا كمالا فتبين ان ما نفوه من صورة القياس اكمل مما اثبتوه ما
ذكروه من تضعيف قياس التمثيل هو من كلام متأخريهم
ومثلوه بأمثلة كلامية ليقرروا ان
المتكلمين يحتجون علينا بالاقيسة الظنية كما مثلوه من الاحتجاج عليهم بأن
الفلك جسم او مؤلف فكان محدثا قياسا على الانسان وغيره من المولدات ثم
اخذوا يضعفون هذا القياس لكن انما ضعفوه بضعف مادته فان هذا الدليل الذي
ذكره الجهمية والقدرية ومن وافقهم من الاشعرية وغيرهم على حدوث الاجسام
ادلة ضعيفة لاجل مادتها لا لكون صورتها ظنية ولهذا لا فرق بين ان يصوروها
بصورة التمثيل او الشمول
والآمدى ونحوه ممن يصنف في الفلسفة ويكره
التمثيل بمثل هذا لما فيه من التشنيع على المتكلمين فيمثل بمثال متفق عليه
كقوله العالم موجود فكان قديما كالباري فان احدا من العقلاء لا يحتج على
قدم العالم بكونه موجودا والا لزم قدم كل موجود وهذا لا يقوله عاقل
والمقصود هنا ان نقول قولهم الموصوف
بالحياة والعلم والقدرة مركب من هذا وهذا يقال لهم سموا هذا تركيبا او
تجسيما او ما شئتم من الاسماء فما الدليل على نفي هذا عقلا او سمعا قالوا
الدليل على ذلك ان كل مركب مفتقر الى اجزائه وجزؤه غيره ف المركب مفتقر الى
غيره والمفتقر الى غيره ليس واجبا بنفسه
فيقال اجزاء هذا الدليل
والفاظه التي تسمونها حدودا كلها الفاظ مجملة تحتمل حقا وباطلا واستعمال
الالفاظ المجملة في الحدود والقياس من باب السفسطة
فيقال لكم قد عرف
ان لفظ المركب مجمل وان المراد به هنا ذات تقوم بها صفات وحينئذ فالمراد ب
الافتقار تلازم الذات والصفات بمعنى
بالحياة والعلم والقدرة مركب من هذا وهذا يقال لهم سموا هذا تركيبا او
تجسيما او ما شئتم من الاسماء فما الدليل على نفي هذا عقلا او سمعا قالوا
الدليل على ذلك ان كل مركب مفتقر الى اجزائه وجزؤه غيره ف المركب مفتقر الى
غيره والمفتقر الى غيره ليس واجبا بنفسه
فيقال اجزاء هذا الدليل
والفاظه التي تسمونها حدودا كلها الفاظ مجملة تحتمل حقا وباطلا واستعمال
الالفاظ المجملة في الحدود والقياس من باب السفسطة
فيقال لكم قد عرف
ان لفظ المركب مجمل وان المراد به هنا ذات تقوم بها صفات وحينئذ فالمراد ب
الافتقار تلازم الذات والصفات بمعنى
انه لا توجد الذات الا مع وجود
صفتها الملازمة لها ولا توجد الصفة الا مع وجود الذات الملازمة لها ولو قدر
انه اريد ب التركيب التركيب من الاجزاء الحسية او العقلية مع تلازم
الاجزاء فهذا معناه
فاذا قيل كل مركب مفتقر الى جزئه ان عني به انه
مستلزم لجزئه وانه لا يوجد الا بوجود جزئه فهذا صحيح فان وجود المجموع بدون
كل من احاده ممتنع وان اريد انه يفتقر اليه افقار المفعول الى فاعله
والمعلول الى علته الفاعلة او القابلة او الغائية او الصورية فهذا باطل فان
الواحد من العشرة والجزء من الجملة لا يجوز ان يكون فاعلا ولا غاية ولا هي
هو الصورة
ثم قولكم وجزؤه غيره يقال لفظ الغير يراد به ما كان مباينا
للشيء وما يجوز مفارقته له وما ليس اياه فان اردتم ان جزء المجموع ما هو
مباين له فهذا باطل فانه يمتنع ان يكون مباينا له مع كونه جزءا منه فيمتنع
ان يكون غيرا له بهذا الاعتبار وان قلتم يجوز ان يفارقه فهذا ليس عام على
الاطلاق بل يجوز في بعض الافراد ان يفارق غيره من الاجزاء ويفارق المجموع
الذي هو الهيئة الاجتماعية ولا يلزم ذلك في كل مجموع لا سيما على اصلهم فان
الفلك عندهم مركب من اجزائه وصفاته ولا يجوز عندهم على اجزائه التفرق
والمسلمون وجمهور العقلاء عندهم ان الله حي عليم قدير ولا يجوز ان يفارقه
كونه حيا عالما قادرا بل لم يزل ولا يزال كذلك وكونه حيا عالما قادرا من
لوازم ذاته وهي ملازمة لذاته لا يجوز عليه الافتراق بوجه من الوجوه فامتنع
ان تكون صفاته هذه اغيارا بهذا الاعتبار
وان فسر الغيران بما ليس
احدهما هو الاخر او بما يجوز العلم بأحدهما مع عدم العلم بالاخر فلا ريب ان
صفة الموصوف التي يمكن معرفتها
بدونه غير له بهذا الاعتبار لكن
اذا كانت تلك الصفة لازمة له وهو لازم لها لم يكن في ذلك ما يوجب ان يكون
احدهما مفتقرا الى الاخر مفعولا للاخر ولا علة فاعلة ولا غائية ولا صورية
اكثر ما في ذلك ان تكون الصفة مفتقرة الى الذات افتقار الحال الى محله
القابل له وهم يسمون القابل علة قابلة لكن فيما يحدث لها من المقبولات لا
فيما يكون لازما لها ازلا وابدا وان قدر انهم يسمون جميع ذلك علة ومعلولا
فتكون الذات علة قابلة للصفة بهذا الاعتبار وكون الصفة معلولة هو معنى
كونها صفة قائمة بالموصوف مجموع الذات والصفة لا يفتقر الى العلل
الاربع
ومع هذا فليس مجموع الذات والصفة مفتقرا الى شيء من انواع
العلل الاربع لا الى الفاعل ولا الى الغاية ولا الى القابل ولا الى الصورة
فبطل ان يقال المجموع مفتقر الى جزئه افتقار المعلول الى علته بوجه من
الوجوه لكن غايته ان فيه افتقار الصفة الى الموصوف افتقار الحال اللازم
لمحله الى محله المستلزم له فيقال لهم واي شيء في كونه موجودا بنفسه لا
فاعل له ما يوجب نفي هذا التلازم الذي سموه افتقار نحو ذاته وصفاته
وقولهم ما افتقر الى غيره لم يكن واجبا بنفسه يقال لهم قد علم ان المراد ب
الافتقار التلازم والمراد ب الغير ما هو داخل في المجموع اما الذات واما
الصفات ليس المراد به ما هو مباين له وما يجوز مفارقته له وغايته ان يراد
ان الصفة لا بد لها من الموصوف فليس المراد افتقار المعلول الى علته
الفاعلة وحينئذ فليس في هذا التلازم الذي سميتموه افتقارا ولا في هذه
الصفات التي سميتموها اغيارا ما يوجب ان يكون شيء من ذلك مفعولا لفاعل ولا
لعلة فاعلة
و واجب الوجود الذي دلت الممكنات عليه هو الموجود بنفسه
القائم بنفسه رب العالمين الذي لا يفتقر الى فاعل ولا علة فاعلة بل هو
بنفسه وصفاته
العلل الاربع لا الى الفاعل ولا الى الغاية ولا الى القابل ولا الى الصورة
فبطل ان يقال المجموع مفتقر الى جزئه افتقار المعلول الى علته بوجه من
الوجوه لكن غايته ان فيه افتقار الصفة الى الموصوف افتقار الحال اللازم
لمحله الى محله المستلزم له فيقال لهم واي شيء في كونه موجودا بنفسه لا
فاعل له ما يوجب نفي هذا التلازم الذي سموه افتقار نحو ذاته وصفاته
وقولهم ما افتقر الى غيره لم يكن واجبا بنفسه يقال لهم قد علم ان المراد ب
الافتقار التلازم والمراد ب الغير ما هو داخل في المجموع اما الذات واما
الصفات ليس المراد به ما هو مباين له وما يجوز مفارقته له وغايته ان يراد
ان الصفة لا بد لها من الموصوف فليس المراد افتقار المعلول الى علته
الفاعلة وحينئذ فليس في هذا التلازم الذي سميتموه افتقارا ولا في هذه
الصفات التي سميتموها اغيارا ما يوجب ان يكون شيء من ذلك مفعولا لفاعل ولا
لعلة فاعلة
و واجب الوجود الذي دلت الممكنات عليه هو الموجود بنفسه
القائم بنفسه رب العالمين الذي لا يفتقر الى فاعل ولا علة فاعلة بل هو
بنفسه وصفاته
لا يفتقر الى شيء من العلل الاربع كون صفاته
تعالى واجبة الوجود
واما نفس صفاته فليس لها فاعل ولا علة فاعلة ولا
علة غائية ولا صورية فهي واجبة الوجود اذا عنى ب واجب الوجود احد هذه
المعاني
وان عنى ب واجب الوجود ما هو اعم من ذلك حتى يدخل فيه ما ليس
له محل يقوم به فليست واجبة الوجود بهذا التفسير بل هي ممكنة الوجود والذات
مستلزمة لها وهي محل لها
واذا قيل فيلزم ان يكون الذات فاعلة وقابلة
وذاك باطل قيل كلا المقدمتين ممنوعة فان كون الذات مستلزمة لصفتها القائمة
بها لا يقتضى ان تكون فاعلة لها بل يمتنع ان تكون الذات فاعلة للصفة
اللازمة في الممكن فكيف في رب العالمين بل يمتنع ان يكون الرب فاعلا لما هو
لازم له وان كان بائنا عنه كالفلك فكيف يكون فاعلا لصفته اللازمة له وان
قدر انهم سموا هذا الاستلزام فعلا وقالوا هي فاعلة بهذا الاعتبار قيل لهم
فلا نسلم انه لا يجوز كون الشيء الواحد فاعلا وقابلا بهذا الاعتبار بل ولا
باعتبار اخر
فان استدلوا على ذلك بحجتهم المعروفة المبينة على نفي
التركيب فلا يمكنهم جعل ذلك مقدمة في نفس الدليل لان هذا مصادرة على
المطلوب وهو جعل المطلوب مقدمة في اثبات نفسه بعبارة اخرى فانهم اذا نفوا
التركيب عن الواجب بناء على مقدمات منها ان الواحد لا يكون فاعلا وقابلا
واثبتوا هذه المقدمة بناء على نفي التركيب كانوا قد اثبتوا كلا من
المقدمتين بالاخرى فلا تكون واحدة منهما ثابتة
والدليل الدال على
اثبات واجب الوجود دل على اثبات فاعل مبدع ل الممكنات والمبدع لها يمتنع ان
يكون صفة قائمة بغيره فان ذلك الموصوف هو الفاعل حينئذ دون مجرد الصفة
وهذا الواجب الذي دلت عليه اياته ليس
علة غائية ولا صورية فهي واجبة الوجود اذا عنى ب واجب الوجود احد هذه
المعاني
وان عنى ب واجب الوجود ما هو اعم من ذلك حتى يدخل فيه ما ليس
له محل يقوم به فليست واجبة الوجود بهذا التفسير بل هي ممكنة الوجود والذات
مستلزمة لها وهي محل لها
واذا قيل فيلزم ان يكون الذات فاعلة وقابلة
وذاك باطل قيل كلا المقدمتين ممنوعة فان كون الذات مستلزمة لصفتها القائمة
بها لا يقتضى ان تكون فاعلة لها بل يمتنع ان تكون الذات فاعلة للصفة
اللازمة في الممكن فكيف في رب العالمين بل يمتنع ان يكون الرب فاعلا لما هو
لازم له وان كان بائنا عنه كالفلك فكيف يكون فاعلا لصفته اللازمة له وان
قدر انهم سموا هذا الاستلزام فعلا وقالوا هي فاعلة بهذا الاعتبار قيل لهم
فلا نسلم انه لا يجوز كون الشيء الواحد فاعلا وقابلا بهذا الاعتبار بل ولا
باعتبار اخر
فان استدلوا على ذلك بحجتهم المعروفة المبينة على نفي
التركيب فلا يمكنهم جعل ذلك مقدمة في نفس الدليل لان هذا مصادرة على
المطلوب وهو جعل المطلوب مقدمة في اثبات نفسه بعبارة اخرى فانهم اذا نفوا
التركيب عن الواجب بناء على مقدمات منها ان الواحد لا يكون فاعلا وقابلا
واثبتوا هذه المقدمة بناء على نفي التركيب كانوا قد اثبتوا كلا من
المقدمتين بالاخرى فلا تكون واحدة منهما ثابتة
والدليل الدال على
اثبات واجب الوجود دل على اثبات فاعل مبدع ل الممكنات والمبدع لها يمتنع ان
يكون صفة قائمة بغيره فان ذلك الموصوف هو الفاعل حينئذ دون مجرد الصفة
وهذا الواجب الذي دلت عليه اياته ليس
يفتقر الى علة من العلل الاربع مع
اتصافه بصفاته اللازمة له اذا جاز استلزام الذات للمفعولات
فاستلزامها للصفات اولى
ومن اعظم تناقض هؤلاء انهم يقولون الذات اذا
استلزمت الصفات كان ذلك افتقارا منها الى الغير فلا تكون واجبة وهم يقولون
ان الذات مستلزمة لمفعولاتها المنفصلة عنها ولا يجعلون ذلك منافيا لوجوب
وجودها بنفسها فان كان الاستلزام للمفعولات لا ينافي وجوب الوجود
فالاستلزام للصفات اولى ان لا ينافيه
وان كان ذلك الاستلزام ينافي
وجوب الوجود كان حينئذ قد عرض له ان يفعل بعد ان لم يكن فاعلا وهذا ممتنع
عندهم وهذا اظهر المعقولات التي قهروا بها المتكلمين الجهمية والقدرية ومن
وافقهم من الاشعرية والكلابية واتباعهم ولم يميز الطائفتان بين فاعل النوع
وفاعل العين
ثم إذا جاز ان يفعل ف الفعل ثبوتي فيلزم قيامه به ودعوى
ان المفعول عين الفعل مكابرة للعقل واذا جاز قيام الفعل به كان قيام الصفات
بطريق الاولى
فساد القول بأن المفعول عين الفعلاستلزمت الصفات كان ذلك افتقارا منها الى الغير فلا تكون واجبة وهم يقولون
ان الذات مستلزمة لمفعولاتها المنفصلة عنها ولا يجعلون ذلك منافيا لوجوب
وجودها بنفسها فان كان الاستلزام للمفعولات لا ينافي وجوب الوجود
فالاستلزام للصفات اولى ان لا ينافيه
وان كان ذلك الاستلزام ينافي
وجوب الوجود كان حينئذ قد عرض له ان يفعل بعد ان لم يكن فاعلا وهذا ممتنع
عندهم وهذا اظهر المعقولات التي قهروا بها المتكلمين الجهمية والقدرية ومن
وافقهم من الاشعرية والكلابية واتباعهم ولم يميز الطائفتان بين فاعل النوع
وفاعل العين
ثم إذا جاز ان يفعل ف الفعل ثبوتي فيلزم قيامه به ودعوى
ان المفعول عين الفعل مكابرة للعقل واذا جاز قيام الفعل به كان قيام الصفات
بطريق الاولى
والذين جعلوا
المفعول عين الفعل من اهل الكلام كالاشعرية ومن وافقهم من حنبلي وشافعي
ومالكي وغيرهم انما الجاهم الى ذلك فرارهم من قيام الحوادث بالقديم وتسلسل
الحوادث وهذان كل منهما غير ممتنع عند هؤلاء الفلاسفة مع ان اولئك
المتكلمين النفاة حجتهم على النفي ضعيفة
وجماهير المسلمين وطوائفهم
على خلاف ذلك والقول بأن الخلق غير المخلوق هو مذهب السلف قاطبة وذكر
البخاري في كتاب خلق افعال العباد
المفعول عين الفعل من اهل الكلام كالاشعرية ومن وافقهم من حنبلي وشافعي
ومالكي وغيرهم انما الجاهم الى ذلك فرارهم من قيام الحوادث بالقديم وتسلسل
الحوادث وهذان كل منهما غير ممتنع عند هؤلاء الفلاسفة مع ان اولئك
المتكلمين النفاة حجتهم على النفي ضعيفة
وجماهير المسلمين وطوائفهم
على خلاف ذلك والقول بأن الخلق غير المخلوق هو مذهب السلف قاطبة وذكر
البخاري في كتاب خلق افعال العباد
انه قول العلماء مطلقا بلا نزاع وهو
قول ائمة الحديث وجمهورهم وقول اكثر طوائف الكلام كالهشامية والكلابية
والكرامية وقول جمهور الفقهاء من اصحاب ابي حنيفة وأحمد ومالك والشافعي
وقول الصوفية كما حكاه عنهم صاحب التعرف لمذهب التصوف وهو قول اهل السنة
فيما حكاه البغوي صاحب شرح السنة
وحجة هؤلاء انه لو كان الخلق غير
المخلوق لكان اما قديما واما حادثا فان كان قديما لزم قدم المخلوق فيلزم
قدم العالم وان كان حادثا فانه يفتقر الى خلق اخر ويلزم التسلسل ويلزم ايضا
كون الرب محلا للحوادث
فيقال لهم جميع هذه المقدمات مما ينازعكم
الناس فيها ولا تقدرون على اثبات واحدة منها فقولكم لو كان قديما لزم قدم
المخلوق يقول لكم من توافقونه على قدم الارادة نحن وانتم متفقون على قدم
الارادة وان تأخر المراد فتأخر المخلوق عن الخلق كذلك او اولى وهذا جواب
الحنفية والكرامية
وكثير من الحنبلية والشافعية والمالكية والصوفية
واهل الحديث لهم
واما قولهم ان كان محدثا افتقر الى خلق اخر فهذا
ايضا ممنوع فانهم يسلمون ان المخلوقات محدثة منفصلة بدون حدوث خلق فاذا جاز
هذا في الحادث المنفصل عن المحدث فلان يجوز حدوث الحادث المتصل به بدون
خلق بطريق الاولى والاخرى
ولهذا كان كثير من هؤلاء او اكثرهم هم
يقولون ان الخلق الذي قام به حادث لا محدث ويقولون ما قام به من الفعل حدث
بنفس القدرة والارادة لا يفتقر الى خلق وانما يفتقر الى الخلق المخلوق
والمخلوق ما كان منفصلا عنه وكثير منهم يسمونه محدثا ويقولون هو محدث ليس ب
مخلوق فان المخلوق ما خلقه بائنا عنه واما نفس فعله وكلامه ورضاه وغضبه
وفرحه الذي يقوم بذاته ب قدرته فانه وان كان حادثا ومحدثا فليس ب مخلوق
وليس كل حادث ولا محدث مخلوقا عند هؤلاء
فان قيل النزاع في ذلك لفظي
قيل هذا لا يضرهم فان من سمى ذلك القائم به مخلوقا قالوا له غايته ان
المخلوق الذي هو نفس الخلق لا يفتقر الى خلق اخر ولا يلزم من ذلك ان
المخلوق الذي ليس ب خلق لا يفتقر الى الخلق فان من المعقول ان المخلوق لا
بد له من خلق واما الخلق نفسه اذا جوز وجود مخلوق بلا خلق فتجويز خلق بلا
خلق اولى والمنازع لهم يجوز وجود كل مخلوق بلا خلق فاذا جوزوا هم نوعا منه
بلا خلق كان ذلك اولى بالجواز والفرق بين نفس الخلق الذي به خلق المخلوق
وبين المخلوق معقول البحث في قيام الحوادث به تعالى
وكذلك
احتجاجهم بامتناع حلول الحوادث لا ينفع الفلاسفة فان هذا انما نفوه لامتناع
قيام الحادث بالقديم وهؤلاء الفلاسفة يجوزون قيام الحادث
احتجاجهم بامتناع حلول الحوادث لا ينفع الفلاسفة فان هذا انما نفوه لامتناع
قيام الحادث بالقديم وهؤلاء الفلاسفة يجوزون قيام الحادث
بالقديم ومن
جوز قيام الصفات بالباري منهم جوز قيام الحوادث به مثل كثير من اساطينهم
القدماء والمتأخرين كأبي البركات وغيره فهذان قولان معروفان لهم اما القول
الثالث وهو تجويز الصفات دون الافعال فهذا لا اعرف به قائلا منهم فان كان
قد قاله بعضهم فالكلام معه كالكلام مع من قال ذلك من اهل الكلام
وعلى
هذا فلا يلزم التسلسل وان لزم فانما هو تسلسل في الاثار وهو وجود كلام بعد
كلام او فعل بعد فعل والنزاع في هذا مشهور وانما يعرف نفيه عن الجهمية
والقدرية ومن وافقهم من كلابي وكرامي ومن وافقهم من المتفقه واما ائمة
السلف وائمة السنة فلا يمنعون هذا بل يجوزونه بل يوجبونه ويقولون ان الله
لم يزل متكلما اذا شاء بل يقولون انه لم يزل فاعلا يقوم به الافعال
الاختيارية بمشيئته وقدرته وهذا كله مبسوط في مواضعه
والمقصود هنا انه
يلزم من كونه فاعلا قيام الصفات به فان الفعل امر وجودى وان يفعل من اقسام
الوجود ووجود المخلوق المفعول بلا خلق ولا فعل ممتنع واذا قام الخلق به ف
العلم والقدرة لازمة الخلق وقيامهما به اولى
وانهم ان قالوا يستلزم
المفعول ولا يستلزم الصفة لكون الملزوم مفتقرا الى اللازم فهذا من اعظم
التناقض وان قالوا انه لا يستلزمه كان ذلك ادل على بطلان قولهم في الصفات
والافعال وكان الدليل يدل على قيام الافعال به والصفات وقيام الصفات به
اولى من قيام الافعال فبطل ما نفوا به الصفات وسموه تركيبا
والواحد
الذي قالوا انه لا يصدر عنه الا واحد هو الواحد المسلوب عنه الصفات كلها بل
هو الوجود المقيد بكل سلب وهذا لا حقيقة له الا في الذهن واي موجود مخلوق
قدر فهو اكمل من هذا الخيال الذي لا حقيقة له في الخارج
والتعظيم
له انما نشأ من اعتقاد انه رب العالمين وانه واجب الوجود ونحو ذلك من
الصفات التي تظهر كمالها واما من هذه الجهة النافية السلبية فما من وجود
الا وهو اكمل منه واذا كانوا قد جمعوا بين وصفه بذلك الكمال وهذا النقصان
الذي يكون كل موجود اكمل منه دل على تناقضهم وفساد قولهم وكان ما قالوه من
الحق حقا وما قالوه من الباطل باطلا وهذه المسائل الالهية مبسوطة في موضعها
رد القول بأن قياس التمثيل لا يفيد الا الظن
والمقصود هنا
الكلام على المنطق وما ذكروه من البرهان وانهم يعظمون قياس الشمول ويستخفون
ب قياس التمثيل ويزعمون انه انما يفيد الظن وان العلم لا يحصل الا بذلك
وليس الامر كذلك بل هما في الحقيقة من جنس واحد وقياس التمثيل الصحيح اولى
بافادة المطلوب علما كان او ظنا من مجرد قياس الشمول ولهذا كان سائر
العقلاء يستدلون ب قياس التمثيل اكثر مما يستدلون ب قياس الشمول بل لا يصح
قياس الشمول في الامر العام الا بتوسط قياس التمثيل وكل ما يحتج به على صحة
قياس الشمول في بعض الصور فانه يحتج به على صحة قياس التمثيل في تلك
الصورة ومثلنا هذا بقولهم الواحد لا يصدر عنه الا واحد فانه من اشهر
اقوالهم الالهية الفاسدة
واما الاقوال الصحيحة فهذا ايضا ظاهر فيها
فان قياس الشمولي لا بد فيه من قضية كلية موجبة ولا نتاج عن سالبتين ولا عن
جزئيتين باتفاقهم والكلي لا يكون كليا الا في الذهن فاذا عرف تحقق بعض
افراده في الخارج كان ذلك مما يعين على العلم بكونه كليا موجبا فانه اذا
احس الانسان ببعض الافراد الخارجية انتزع منه وصفا كليا لا سيما اذا كثرت
افراده فالعلم بثبوت الوصف المشترك لاصل في الخارج هو اصل العلم بالقضية
الكلية وحينئذ ف القياس التمثيلي اصل
الكلام على المنطق وما ذكروه من البرهان وانهم يعظمون قياس الشمول ويستخفون
ب قياس التمثيل ويزعمون انه انما يفيد الظن وان العلم لا يحصل الا بذلك
وليس الامر كذلك بل هما في الحقيقة من جنس واحد وقياس التمثيل الصحيح اولى
بافادة المطلوب علما كان او ظنا من مجرد قياس الشمول ولهذا كان سائر
العقلاء يستدلون ب قياس التمثيل اكثر مما يستدلون ب قياس الشمول بل لا يصح
قياس الشمول في الامر العام الا بتوسط قياس التمثيل وكل ما يحتج به على صحة
قياس الشمول في بعض الصور فانه يحتج به على صحة قياس التمثيل في تلك
الصورة ومثلنا هذا بقولهم الواحد لا يصدر عنه الا واحد فانه من اشهر
اقوالهم الالهية الفاسدة
واما الاقوال الصحيحة فهذا ايضا ظاهر فيها
فان قياس الشمولي لا بد فيه من قضية كلية موجبة ولا نتاج عن سالبتين ولا عن
جزئيتين باتفاقهم والكلي لا يكون كليا الا في الذهن فاذا عرف تحقق بعض
افراده في الخارج كان ذلك مما يعين على العلم بكونه كليا موجبا فانه اذا
احس الانسان ببعض الافراد الخارجية انتزع منه وصفا كليا لا سيما اذا كثرت
افراده فالعلم بثبوت الوصف المشترك لاصل في الخارج هو اصل العلم بالقضية
الكلية وحينئذ ف القياس التمثيلي اصل
ل القياس الشمولي اما ان يكون
سببا في حصوله واما ان يقال لا يوجد بدونه فكيف يكون وحده اقوى منه
وهؤلاء يمثلون الكليات بمثل قول القائل الكل اعظم من الجزء و النقيضان لا
يجتمعان ولا يرتفعان والاشياء المساوية لشيء واحد متساوية ونحو ذلك وما من
كلي من هذه الكليات الا وقد علم من افراده الخارجة امور كثيرة واذا اريد
تحقق هذه الكلية في النفس ضرب لها المثل بفرد من افرادها وبين انتفاء
الفارق بينه وبين غيره او ثبوت الجامع وحينئذ يحكم العقل بثبوت الحكم لذلك
المشترك الكلي وهذا حقيقة قياس التمثيل
ولو قدرنا ان قياس الشمول لا
يفتقر الى التمثيل وان العلم بالقضايا الكلية لا يفتقر الى العلم بمعين
اصلا فلا يمكن ان يقال اذا علم الكلي مع العلم بثبوت بعض افراده في الخارج
كان انقص من ان يعلمه بدون العلم بذالك المعين فان العلم بالمعين ما زاده
الا كمالا فتبين ان ما نفوه من صورة القياس اكمل مما اثبتوه ما
ذكروه من تضعيف قياس التمثيل هو من كلام متأخريهم
واعلم انهم في
المنطق الالهي بل والطبيعي غيروا بعض ما ذكره ارسطو لكن ما زادوه في الالهي
خير من كلام ارسطو فاني قد رايت الكلامين وارسطو واتباعه في الالهيات اجهل
من اليهود والنصارى بكثير كثير واما في الطبيعيات فغالب كلامه جيد واما
المنطق فكلامه فيه خير من كلامه في الالهي
وما ذكروه من تضعيف قياس
التمثيل والاحتجاج عليه بما ذكروه هو من كلام متأخريهم لما راوا استعمال
الفقهاء له غالبا والفقهاء يستعملونه كثيرا في المواد الظنية وهناك الظن
حصل من المادة لا من صورة القياس فو صوروا تلك المادة ب قياس الشمول لم يفد
ايضا الا الظن لكن هؤلاء ظنوا ان الضعف من جهة الصورة فجعلوا صورة قياسهم
يقينيا وصورة قياس الفقهاء ظنيا
المنطق الالهي بل والطبيعي غيروا بعض ما ذكره ارسطو لكن ما زادوه في الالهي
خير من كلام ارسطو فاني قد رايت الكلامين وارسطو واتباعه في الالهيات اجهل
من اليهود والنصارى بكثير كثير واما في الطبيعيات فغالب كلامه جيد واما
المنطق فكلامه فيه خير من كلامه في الالهي
وما ذكروه من تضعيف قياس
التمثيل والاحتجاج عليه بما ذكروه هو من كلام متأخريهم لما راوا استعمال
الفقهاء له غالبا والفقهاء يستعملونه كثيرا في المواد الظنية وهناك الظن
حصل من المادة لا من صورة القياس فو صوروا تلك المادة ب قياس الشمول لم يفد
ايضا الا الظن لكن هؤلاء ظنوا ان الضعف من جهة الصورة فجعلوا صورة قياسهم
يقينيا وصورة قياس الفقهاء ظنيا
ومثلوه بأمثلة كلامية ليقرروا ان
المتكلمين يحتجون علينا بالاقيسة الظنية كما مثلوه من الاحتجاج عليهم بأن
الفلك جسم او مؤلف فكان محدثا قياسا على الانسان وغيره من المولدات ثم
اخذوا يضعفون هذا القياس لكن انما ضعفوه بضعف مادته فان هذا الدليل الذي
ذكره الجهمية والقدرية ومن وافقهم من الاشعرية وغيرهم على حدوث الاجسام
ادلة ضعيفة لاجل مادتها لا لكون صورتها ظنية ولهذا لا فرق بين ان يصوروها
بصورة التمثيل او الشمول
والآمدى ونحوه ممن يصنف في الفلسفة ويكره
التمثيل بمثل هذا لما فيه من التشنيع على المتكلمين فيمثل بمثال متفق عليه
كقوله العالم موجود فكان قديما كالباري فان احدا من العقلاء لا يحتج على
قدم العالم بكونه موجودا والا لزم قدم كل موجود وهذا لا يقوله عاقل
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى