صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
ابطال القول بأن الدوران والتقسيم لا يفيدان الا الظن
تعلم ان الحكم في هذا
الاصل المعين لم يثبت لما يختص به بل لوصف مشترك بينه وبين غيره فائدتان
في تعليل الحكم ب علة قاصرة
الاحكام يثبت بالنص
يقول انها معللة ب علل قاصرة لكن انما يعلل ب العلة المتعدية نص يتناول بعض
انواع الحكم فيعلل ذلك الحكم بعلة تتعدى الى سائر النوع الذي دل على ثبوت
الحكم فيه نص اخر
والفائدة الثانية معرفة حكم الشرع وما اشتمل عليه من
مصالح العباد في المعاش والمعاد فان ذلك مما يزيد به الايمان والعلم ويكون
اعون على التصديق والطاعة واقطع لشبه اهل الالحاد والشناعة وانصر لقول من
يقول ان الشرع جميعه انما شرع لحكمة ورحمة لم يشرع لا لحكمة ورحمة بل لمجرد
قهر التعبد ومحض المشيئة
واذا كانت الاوصاف في الاصل قد تكون مختصة
بذات الاصل وقد تكون مشتركة بينه وبين غيره خارجة عنه لم يلزم اذا كان هذا
الاصل ثبت الحكم فيه لخارج مشترك ان يكون الحكم في كل اصل لخارج مشترك جواب
قولهم
لكلي
عقلي بل الوجود اعم الكليات واذا امكن العقل ان يحصر اقسامه فحصر اقسام بعض
انواعه اولى وهم يسلمون هذا كله وهذا هو العلم الاعلى عندهم فكيف يقولون
ان السبر والتقسيم لا يفيد اليقين تمثيل التقسيم الحاصر في مسئلة
الرؤية
مسماها حتى تنفى بالشرع وإنما ينفيها من ينفيها فيستفسر
عن مراده إذ البحث في المعاني المعقولة لا في مجرد هذه الالفاظ
فيقال
ما تريد بأن المرئي لا بد أن يكون متحيزا فان المتحيز في لغة العرب التي
نزل بها القرآن يعنى به ما يحوزه غيره كما في قوله تعالى أو متحيزا الى فئة
الانفال فهذا تحيز موجود يحيط به موجود غيره الى موجودات تحيط به وسمى
متحيزا لانه تحيز من هؤلاء الى هؤلاء والمتكلمون يريدون ب التحيز ما شغل
الحيز والحيز عندهم تقدير مكان ليس أمرا موجودا فالعالم عندهم متحيز وليس
في حيز وجودى والمكان عند أكثرهم وجودى
فاذا أريد ب المتحيز ما يكون
في حيز وجودى منعت المقدمة الاولى وهو قوله كل مرئى متحيز فان سطح العالم
يمكن أن يرى وليس في عالم آخر وإن قال بل أريد به لا بد أن يكون في حيز وإن
كان عدميا قيل له العدم ليس بشئ فمن جعله في الحيز العدمى لم يجعله في شئ
موجود ومعلوم انه ما ثم موجود إلا الخالق والمخلوق فاذا كان الخالق بائنا
عن المخلوقات كلها لم يكن في شئ موجود وإذا قيل هو في حيز معدوم كان حقيقته
انه ليس في شئ فلم قلت إن هذا محال
وكذلك إذا قال يلزم ان يكون جسما
ففيه إجمال التنبيه عليه
وكذلك إذا قال في جهة فان الجهة يراد بها شئ
موجود وشئ معدوم فان شرط في المرئي ان يكون في جهة موجودة كان هذا باطلا
برؤية سطح العالم وإن جعل العدم جهة قيل له إذا كان بائنا عن العالم ليس
معه هناك غيره فليس في جهة وجودية وإذا سميت ما هنالك جهة وقلت هو في جهة
على هذا التقدير منعت انتفاء اللازم وقيل لك العقل والسمع يدلان على ثبوت
هذا اللازم لا
على انتفائه
وهذا التقسيم مثلنا به في مسئلة
الرؤية فانها من أشكل المسائل العلقية وأبعدها من قبول التقسيم المنحصر ومع
هذا فان حصر الاقسام فيها ممكن فكيف يغيرها
وحيئنذ فاذا احتج عليها ب
قياس التمثيل فقيل المخلوقات الموجودة يمكن رؤيتها فالخالق احق بامكان
الرؤية لان المصحح للرؤية في المخلوقات امر مشترك بين الخالق والمخلوق لا
يختص بالمخلوق وإذا كان المشترك مستلزما لصحة الرؤية ثبتت صحة الرؤية
ولا يجعل المشترك المصحح هو مجرد الوجود كما يسلكه الاشعري ومن اتبعه
كالقاضي أبى بكر وطائفة من أصحاب أحمد وغيرهم كالقاضي ابى يعلى بل يجعله
القيام بالنفس كما يسلكه ابن كلاب وغيره من مثبتي الرؤية من اصحاب احمد
وغيرهم كأبي الحسن الزاغونى أو لا يعين المصحح بل يجعل قدرا مشتركا
كالتقسيم الحاصر وهو أيضا يفيد اليقين كما قد بسط في موضعه
وإذا كانت
مسئلة الرؤية والمصحح لها أمكن تقريره على هذا الوجه فكيف فيما هو أوضح
منها إذا قيل الفاعل منا مريد وهو متصور لما يفعله فالخالق آولى أن يعلم ما
خلق او قيل إذا كان الفعل الاختياري فينا مشروطا بالعلم فهو في حق الخالق
أولى لأن ما به استلزمت الإرادة العلم إما أن يختص بالعبد أو يكون مشتركا
والاول باطل فتعين الثاني لان استلزام الارادة العلم كمال للفاعل لا نقص
فيه والواجب احق بالكمال الذي لا نقص فيه من الممكن المخلوق فاذا كان العبد
يعلم ما يفعل فالباري آولى أن يعلم ما يفعل
وإذا قيل إذا كان الرب
حيا امكن كونه سميعا بصيرا متكلما وما جاز له من الصفات وجب له لان ثبوت
صفاته له لا تتوقف على غيره ولا يجعله غيره متصفا بصفات الكمال لان من جعل
غيره كاملا فهو أحق بالكمال منه وغيره مخلوقه ويمتنع ان يكون مخلوقه اكمل
منه بل ويمتنع ان يكون هو الذي اعطاه صفات الكمال لان ذلك يستلزم الدور
القبلي او غير ذلك من الادلة التي بسطت في غير هذا الموضع
وهم في
كلامهم في جنس القياس لم يتعرضوا لآحاد المسائل ونحن لا نحتاج الى ذلك لكن
الغرض التمثيل لمسائل قد يشكل على كثير من الناس استعمال القياس فيها لأجل
المادة فتبين أن لها مادة يمكن ان يستخرج منها أدلة تلك المطالب وتلك
المادة تصور بصورة الشمول تارة وبصورة التمثيل أخرى لكن إذا صورت بصورة
الشمول علم ان افرادها لا تتساوى وإذا صورت بصورة التمثيل علم أن الرب أحق
بكل كمال لا نقص فيه ان يثبت له واحق بنفى كل نقص عنه من نفيه عن سائر
الموجودات
وما ذكروه
من ان قياس التمثيل انما يثبت ب الدوران او التقسيم وكلاهما لا يفيد الا
الظن قول باطل ويلزمهم مثل ذلك في قياس الشمول
اما التقسيم فانهم
يسلمون انه يفيد اليقين اذا كان حاصرا واذا كان كذلك فانه يمكن حصر المشترك
في اقسام لا يزيد عليها وابطال التعليل بجميعها الا بواحد وان لم يمكن ذلك
لم يمكن جعل ذلك المشترك حدا اوسط فلا يفيد اليقين ولو استعمل فيه قياس
الشمول
جواب اعتراضهم على السبر والتقسيم بقولهممن ان قياس التمثيل انما يثبت ب الدوران او التقسيم وكلاهما لا يفيد الا
الظن قول باطل ويلزمهم مثل ذلك في قياس الشمول
اما التقسيم فانهم
يسلمون انه يفيد اليقين اذا كان حاصرا واذا كان كذلك فانه يمكن حصر المشترك
في اقسام لا يزيد عليها وابطال التعليل بجميعها الا بواحد وان لم يمكن ذلك
لم يمكن جعل ذلك المشترك حدا اوسط فلا يفيد اليقين ولو استعمل فيه قياس
الشمول
واما قوله يجوز
ان يكون الحكم ثابتا في الاصل لذات الاصل والا لزم التسلسل فنقول لا يلزم
التسلسل الا اذا كان لا يثبت الا لخارج اما اذا كان تارة يثبت لخارج وتارة
لغير خارج لم يلزم التسلسل وحينئذ فلا يمتنع ان
ان يكون الحكم ثابتا في الاصل لذات الاصل والا لزم التسلسل فنقول لا يلزم
التسلسل الا اذا كان لا يثبت الا لخارج اما اذا كان تارة يثبت لخارج وتارة
لغير خارج لم يلزم التسلسل وحينئذ فلا يمتنع ان
تعلم ان الحكم في هذا
الاصل المعين لم يثبت لما يختص به بل لوصف مشترك بينه وبين غيره فائدتان
في تعليل الحكم ب علة قاصرة
وهذا كما يقول الفقهاء ان الحكم يعلل
تارة ب علة متعدية وتارة ب علة قاصرة والتعليل ب القاصرة اذا كانت منصوصة
جائز باتفاق الفقهاء وانما تنازعوا فيما اذا كانت مستنبطة والاكثرون على
جواز ذلك وهو الصحيح وهو مذهب مالك والشافعي واحمد بن حنبل في المنصوص عنه
فانه دائما يعلل ب العلل القاصرة وهو اختيار ابي الخطاب وغيره من اصحابه
ولكن القاضي ابو يعلى وطائفه وافقوا اصحاب ابي حنيفة في منعهم التعليل ب
القاصرة وهذا من كلام متأخريهم وسبب ذلك النزاع في مسئلة تعليل الربو في
المذهب والفضة وامثالهما هل العلة فيه متعدية او قاصرة واما ابو حنيفة نفسه
وصاحباه لم ينقل عنهم في ذلك شيء والذي يليق بعقلهم وفضلهم انهم لا يمنعون
ذلك مطلقا كما لا يمتنع في المنصوصة
وفي ذلك فائدتان قصر الحكم على
مورد النص ومنع الالحاق لئلا يظن الظان ان الحكم يثبت فيما سوى مورد النص
كما يعلل تحريم الميته بعلة تمنع دخول المذكي فيها ويعلل تحريم الدم بعلة
تمنع دخول العرق والريق وغيرهما فيها ويعلل اختصاص الهدى والاضحية بالانعام
بعلة تمنع دخول غيرها فيها ويعلل وجوب الحد في الخمر بعلة تمنع دخول الدم
والميتة فيها وامثال ذلك كثيرة بل من يقول ان جميع
تارة ب علة متعدية وتارة ب علة قاصرة والتعليل ب القاصرة اذا كانت منصوصة
جائز باتفاق الفقهاء وانما تنازعوا فيما اذا كانت مستنبطة والاكثرون على
جواز ذلك وهو الصحيح وهو مذهب مالك والشافعي واحمد بن حنبل في المنصوص عنه
فانه دائما يعلل ب العلل القاصرة وهو اختيار ابي الخطاب وغيره من اصحابه
ولكن القاضي ابو يعلى وطائفه وافقوا اصحاب ابي حنيفة في منعهم التعليل ب
القاصرة وهذا من كلام متأخريهم وسبب ذلك النزاع في مسئلة تعليل الربو في
المذهب والفضة وامثالهما هل العلة فيه متعدية او قاصرة واما ابو حنيفة نفسه
وصاحباه لم ينقل عنهم في ذلك شيء والذي يليق بعقلهم وفضلهم انهم لا يمنعون
ذلك مطلقا كما لا يمتنع في المنصوصة
وفي ذلك فائدتان قصر الحكم على
مورد النص ومنع الالحاق لئلا يظن الظان ان الحكم يثبت فيما سوى مورد النص
كما يعلل تحريم الميته بعلة تمنع دخول المذكي فيها ويعلل تحريم الدم بعلة
تمنع دخول العرق والريق وغيرهما فيها ويعلل اختصاص الهدى والاضحية بالانعام
بعلة تمنع دخول غيرها فيها ويعلل وجوب الحد في الخمر بعلة تمنع دخول الدم
والميتة فيها وامثال ذلك كثيرة بل من يقول ان جميع
الاحكام يثبت بالنص
يقول انها معللة ب علل قاصرة لكن انما يعلل ب العلة المتعدية نص يتناول بعض
انواع الحكم فيعلل ذلك الحكم بعلة تتعدى الى سائر النوع الذي دل على ثبوت
الحكم فيه نص اخر
والفائدة الثانية معرفة حكم الشرع وما اشتمل عليه من
مصالح العباد في المعاش والمعاد فان ذلك مما يزيد به الايمان والعلم ويكون
اعون على التصديق والطاعة واقطع لشبه اهل الالحاد والشناعة وانصر لقول من
يقول ان الشرع جميعه انما شرع لحكمة ورحمة لم يشرع لا لحكمة ورحمة بل لمجرد
قهر التعبد ومحض المشيئة
واذا كانت الاوصاف في الاصل قد تكون مختصة
بذات الاصل وقد تكون مشتركة بينه وبين غيره خارجة عنه لم يلزم اذا كان هذا
الاصل ثبت الحكم فيه لخارج مشترك ان يكون الحكم في كل اصل لخارج مشترك جواب
قولهم
قوله وان ثبت لخارج فمن الجائز ان يكون لغير ما ابدى وان لم
يطلع عليه مع البحث عنه بخلاف الحسيات فيقال اما ان يكون التقسيم في
العقليات قد يفيد اليقين واما ان لا يفيده بحال فان كان الاول بطل جعلهم
الشرطى المنفصل من صور القياس والبرهان وان كان الثاني بطل كلامهم هذا
ومعلوم ان هذا احق بالبطلان من ذاك فان القائل اذا قال الوجود اما ان يكون
واجبا واما ان يكون ممكنا واما ان يكون قديما واما ان يكون حادثا واما ان
يكون قائما بنفسه واما ان يكون قائما بغيره واما ان يكون مخلوقا واما ان
يكون خالقا ونحو ذلك من التقسيم الحاصر لجنس الوجود كان هذا حصرا
يطلع عليه مع البحث عنه بخلاف الحسيات فيقال اما ان يكون التقسيم في
العقليات قد يفيد اليقين واما ان لا يفيده بحال فان كان الاول بطل جعلهم
الشرطى المنفصل من صور القياس والبرهان وان كان الثاني بطل كلامهم هذا
ومعلوم ان هذا احق بالبطلان من ذاك فان القائل اذا قال الوجود اما ان يكون
واجبا واما ان يكون ممكنا واما ان يكون قديما واما ان يكون حادثا واما ان
يكون قائما بنفسه واما ان يكون قائما بغيره واما ان يكون مخلوقا واما ان
يكون خالقا ونحو ذلك من التقسيم الحاصر لجنس الوجود كان هذا حصرا
لكلي
عقلي بل الوجود اعم الكليات واذا امكن العقل ان يحصر اقسامه فحصر اقسام بعض
انواعه اولى وهم يسلمون هذا كله وهذا هو العلم الاعلى عندهم فكيف يقولون
ان السبر والتقسيم لا يفيد اليقين تمثيل التقسيم الحاصر في مسئلة
الرؤية
ثم اذا اختلف الناس في ما يجوز رؤيته فقال بعضهم المصحح للرؤية
امر لا يكون الا وجوديا محضا فما كان وجوده اكمل كان احق ان يرى وقال اخر
بل المصحح لها ما يختص بالوجود الناقص الذي هو اولى بالعدم مثل كون كل
الشيء محدثا مسبوقا بالعدم او ممكنا يقبل العدم كان قول من علل امكان
الرؤية بما يشترك فيه القديم والحادث والواجب والممكن اولى من هذا فان
الرؤية وجود محض وهي انما تتعلق بموجود لا بمعدوم فما كان اكمل وجودا بل
كان وجوده واجبا فهو احق بها مما يلازمه العدم ولهذا يشترط فيها النور الذي
هو بالوجود اولى من الظلمة والنور الاشد كالشمس لم يمتنع رؤيته لذاته بل
لضعف الابصار فهذا يقتضى انا نعجز عن رؤية الله مع ضعف ابصارنا ولهذا لم
يطق موسى رؤية الله في الدنيا لكن لا يمتنع ان تكون رؤيته ممكنه والله قادر
على تقوية ابصارنا لنراه
واذا قيل هي مشروطة ب اللون و الجهة ونحو
ذلك مما يمتنع على الله قيل له كل ما لا بد منه في الرؤية لا يمتنع في حق
الله فاذا قال القائل لو رؤى للزم كذا واللازم منتف كانت احدى مقدمتيه
كاذبة وهكذا كل ما اخبر به الصادق الذي اخبر بأن المؤمنين يرون ربهم كما
يرون الشمس والقمر كل ما اخبر به وظن الظان ان في العقل ما يناقضة لا بد ان
يكون احدى مقدماته باطلة
فاذا قال لو رؤى لكان متحيزا او جسما او كان
في جهة او كان ذا لون وذلك منتف عن الله قيل له جميع هذه الالفاظ مجملة لم
يأت شرع بنفي
امر لا يكون الا وجوديا محضا فما كان وجوده اكمل كان احق ان يرى وقال اخر
بل المصحح لها ما يختص بالوجود الناقص الذي هو اولى بالعدم مثل كون كل
الشيء محدثا مسبوقا بالعدم او ممكنا يقبل العدم كان قول من علل امكان
الرؤية بما يشترك فيه القديم والحادث والواجب والممكن اولى من هذا فان
الرؤية وجود محض وهي انما تتعلق بموجود لا بمعدوم فما كان اكمل وجودا بل
كان وجوده واجبا فهو احق بها مما يلازمه العدم ولهذا يشترط فيها النور الذي
هو بالوجود اولى من الظلمة والنور الاشد كالشمس لم يمتنع رؤيته لذاته بل
لضعف الابصار فهذا يقتضى انا نعجز عن رؤية الله مع ضعف ابصارنا ولهذا لم
يطق موسى رؤية الله في الدنيا لكن لا يمتنع ان تكون رؤيته ممكنه والله قادر
على تقوية ابصارنا لنراه
واذا قيل هي مشروطة ب اللون و الجهة ونحو
ذلك مما يمتنع على الله قيل له كل ما لا بد منه في الرؤية لا يمتنع في حق
الله فاذا قال القائل لو رؤى للزم كذا واللازم منتف كانت احدى مقدمتيه
كاذبة وهكذا كل ما اخبر به الصادق الذي اخبر بأن المؤمنين يرون ربهم كما
يرون الشمس والقمر كل ما اخبر به وظن الظان ان في العقل ما يناقضة لا بد ان
يكون احدى مقدماته باطلة
فاذا قال لو رؤى لكان متحيزا او جسما او كان
في جهة او كان ذا لون وذلك منتف عن الله قيل له جميع هذه الالفاظ مجملة لم
يأت شرع بنفي
مسماها حتى تنفى بالشرع وإنما ينفيها من ينفيها فيستفسر
عن مراده إذ البحث في المعاني المعقولة لا في مجرد هذه الالفاظ
فيقال
ما تريد بأن المرئي لا بد أن يكون متحيزا فان المتحيز في لغة العرب التي
نزل بها القرآن يعنى به ما يحوزه غيره كما في قوله تعالى أو متحيزا الى فئة
الانفال فهذا تحيز موجود يحيط به موجود غيره الى موجودات تحيط به وسمى
متحيزا لانه تحيز من هؤلاء الى هؤلاء والمتكلمون يريدون ب التحيز ما شغل
الحيز والحيز عندهم تقدير مكان ليس أمرا موجودا فالعالم عندهم متحيز وليس
في حيز وجودى والمكان عند أكثرهم وجودى
فاذا أريد ب المتحيز ما يكون
في حيز وجودى منعت المقدمة الاولى وهو قوله كل مرئى متحيز فان سطح العالم
يمكن أن يرى وليس في عالم آخر وإن قال بل أريد به لا بد أن يكون في حيز وإن
كان عدميا قيل له العدم ليس بشئ فمن جعله في الحيز العدمى لم يجعله في شئ
موجود ومعلوم انه ما ثم موجود إلا الخالق والمخلوق فاذا كان الخالق بائنا
عن المخلوقات كلها لم يكن في شئ موجود وإذا قيل هو في حيز معدوم كان حقيقته
انه ليس في شئ فلم قلت إن هذا محال
وكذلك إذا قال يلزم ان يكون جسما
ففيه إجمال التنبيه عليه
وكذلك إذا قال في جهة فان الجهة يراد بها شئ
موجود وشئ معدوم فان شرط في المرئي ان يكون في جهة موجودة كان هذا باطلا
برؤية سطح العالم وإن جعل العدم جهة قيل له إذا كان بائنا عن العالم ليس
معه هناك غيره فليس في جهة وجودية وإذا سميت ما هنالك جهة وقلت هو في جهة
على هذا التقدير منعت انتفاء اللازم وقيل لك العقل والسمع يدلان على ثبوت
هذا اللازم لا
على انتفائه
وهذا التقسيم مثلنا به في مسئلة
الرؤية فانها من أشكل المسائل العلقية وأبعدها من قبول التقسيم المنحصر ومع
هذا فان حصر الاقسام فيها ممكن فكيف يغيرها
وحيئنذ فاذا احتج عليها ب
قياس التمثيل فقيل المخلوقات الموجودة يمكن رؤيتها فالخالق احق بامكان
الرؤية لان المصحح للرؤية في المخلوقات امر مشترك بين الخالق والمخلوق لا
يختص بالمخلوق وإذا كان المشترك مستلزما لصحة الرؤية ثبتت صحة الرؤية
ولا يجعل المشترك المصحح هو مجرد الوجود كما يسلكه الاشعري ومن اتبعه
كالقاضي أبى بكر وطائفة من أصحاب أحمد وغيرهم كالقاضي ابى يعلى بل يجعله
القيام بالنفس كما يسلكه ابن كلاب وغيره من مثبتي الرؤية من اصحاب احمد
وغيرهم كأبي الحسن الزاغونى أو لا يعين المصحح بل يجعل قدرا مشتركا
كالتقسيم الحاصر وهو أيضا يفيد اليقين كما قد بسط في موضعه
وإذا كانت
مسئلة الرؤية والمصحح لها أمكن تقريره على هذا الوجه فكيف فيما هو أوضح
منها إذا قيل الفاعل منا مريد وهو متصور لما يفعله فالخالق آولى أن يعلم ما
خلق او قيل إذا كان الفعل الاختياري فينا مشروطا بالعلم فهو في حق الخالق
أولى لأن ما به استلزمت الإرادة العلم إما أن يختص بالعبد أو يكون مشتركا
والاول باطل فتعين الثاني لان استلزام الارادة العلم كمال للفاعل لا نقص
فيه والواجب احق بالكمال الذي لا نقص فيه من الممكن المخلوق فاذا كان العبد
يعلم ما يفعل فالباري آولى أن يعلم ما يفعل
وإذا قيل إذا كان الرب
حيا امكن كونه سميعا بصيرا متكلما وما جاز له من الصفات وجب له لان ثبوت
صفاته له لا تتوقف على غيره ولا يجعله غيره متصفا بصفات الكمال لان من جعل
غيره كاملا فهو أحق بالكمال منه وغيره مخلوقه ويمتنع ان يكون مخلوقه اكمل
منه بل ويمتنع ان يكون هو الذي اعطاه صفات الكمال لان ذلك يستلزم الدور
القبلي او غير ذلك من الادلة التي بسطت في غير هذا الموضع
وهم في
كلامهم في جنس القياس لم يتعرضوا لآحاد المسائل ونحن لا نحتاج الى ذلك لكن
الغرض التمثيل لمسائل قد يشكل على كثير من الناس استعمال القياس فيها لأجل
المادة فتبين أن لها مادة يمكن ان يستخرج منها أدلة تلك المطالب وتلك
المادة تصور بصورة الشمول تارة وبصورة التمثيل أخرى لكن إذا صورت بصورة
الشمول علم ان افرادها لا تتساوى وإذا صورت بصورة التمثيل علم أن الرب أحق
بكل كمال لا نقص فيه ان يثبت له واحق بنفى كل نقص عنه من نفيه عن سائر
الموجودات
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
جواب قولهم
وأما قولهم إذا انحصرت الاقسام فمن
الجائز ان يكون معللا بالمجموع أو بالبعض الذي لا تحقق له في الفرع فيقال
هذا ممكن في بعض الصور كالمسائل الظنية من الفقه او غيره إذا قيل خيار
الامة المعتقة تحت العبد كقصة بريرة إما أن يكون ثبت لكونها كانت تحت ناقص
وإما ان يكون لكونها ملكت نفسها أمكن أن يقال وإما أن يكون لمجموع الامرين
لكن تعليله بما يختص الاصل سواء كان هو المجموع او بعض منه إنما يمكن
العلم بنفيه كما يمكن العلم بغيره من المنفيات كما إذا قيل الانسان إنما
كان حساسا متحركا بالارادة لحيوانيته لا لانسانيته والحيوانية مشتركة بينه
وبين الفرس وسائر الحيوان فيكون حساسا متحركا بالارادة فلا يمكن ان يدعى في
مثل هذه ان المختص بالانسان هو علة كونه حساسا متحركا بالارادة بل العلة
ليست إلا المشترك بينه وبين الحيوان
وكذلك إذا قيل القديم لا يجوز
عدمه لان قدمه إما بنفسه أو بموجب يجب قدمه بنفسه وما كان قديما بنفسه كان
موجودا بنفسه بالضرورة فان القدم أخص من الوجود فيلزم من ثبوته ثبوت الوجود
فاذا قديما بنفسه فهو موجود بنفسه بالضرورة وما كان موجودا بنفسه فهو واجب
بنفسه وإلا لافتقر الى فاعل فالقديم إما واجب بنفسه وإما لازم للواجب
بنفسه وكلاهما ممتنع العدم لانه يستلزم عدم الواجب بنفسه ولو عدم لكان
قابلا للعدم فلا يكون واجبا بنفسه ولهذا اتفق العقلاء على هذا وهو ان
القديم إما موجود واجب بنفسه وإما لازم لما هو كذلك
فاذا قال
القائل لو كانت الافلاك قديمة لامتنع عدمها لكن عدمها ممكن بالادلة الدالة
عليه فلا تكون قديمة لم يجز ان يقال بل القديم لا يجوز عدمه لعلة مختصة
بالقديم بنفسه دون ما كان معلولا لغيره فالافلاك وإن قيل هي قديمة فهى
ممكنة العدم فان هذا باطل لما ذكرناه من ان المشترك بين الواجب بنفسه
والواجب بغيره هو مستلزم لقدم المشترك بين القديم الموجود بنفسه والقديم
الموجود بغيره فمن ادعى قديما موجودا بغيره وقال إنه مع هذا يمكن عدمه
فقوله متناقض كما بسط في موضعه ولهذا لم يقل احد من العقلاء إنها قديمة
يمكن عدمها الامكان المعروف وإنما ادعوا ان لها ماهية باعتبار نفسها فقيل
الوجود والعدم ولكن وجب لها الوجود من غيرها
وقد تبين بطلان هذا في
غير هذا الموضع وبين ان هذا قول مخالف لجميع العقلاء حتى ارسطو واتباعه لا
يكون عندهم ممكنا الا المحدث الذي يمكن وجوده وعدمه او حتى هؤلاء الذين
قالوا بأنها قديمة يمكن وجودها وعدمها كابن سينا واتباعه تناقضوا ووافقوا
سلفهم وسائر العقلاء فذكروا في عدة مواضع ان الممكن الذي يقبل الوجود
والعدم لا يكون الا محدثا وان كل ما كان دائما لا يكون ممكنا واما القديم
الذي لا يمكن عدمه فليس عندهم ممكنا وان كان وجوبه بغيره
وانما خالف
في هذا طائفة من الفلاسفة كابن سينا وامثاله الذين ارادوا ان يجمعوا بين
قول سلفهم وبين ما جاءت به الرسل مع دلالة العقول عليه فلم يمكنهم ذلك الا
بما خالفوا به الرسل مع مخالفة العقول مع مخالفة سلفهم فيما اصابوا فيه
وموافقتهم فيما اخطئوا فيه وكان كفرا في الملل ومع تناقضهم ومخالفة جميع
العقلاء
واما قولهم ب ثبوت الحكم مع المشترك في صورة مع تخلف غيره من
الاوصاف المقارنة له في الاصل مما لا يوجب استقلاله بالتعليل لجواز ان يكون
الحكم في تلك معللا بعلة اخرى فيقال هذا غلط وذلك انه متى ثبت الحكم مع
المشترك في
صورة تمتنع ان تكون الاوصاف الزائدة المقارنة له في
الاصل مؤثرة في الحكم مع تخلف غيره من الاوصاف فانها مختصة بالاصل فلو كانت
مؤثرة لم يجز ان يوجد الحكم في غير الاصل وحينئذ فعدمها لا يؤثر والصورة
الاخرى قد يثبت فيها وجود المشترك
واما امكان وجود وصف اخر مستقل بعلة
فهذا لا بد من نفيه اما بدليل قاطع او ظاهر او بأن الاصل عدمه ويكون
القياس حينئذ يقينيا او ظنيا
والكلام فيما اذا حصرت اقسام العلة ونفي
التعليل عن كل منها الا واحد والنفي قد يكون لنفي التعليل بها من الاصل وقد
يكون لنفي التعليل مطلقا فالاول يحتاج معه الى الثاني في تلك الصورة وأما
الثاني فهو يتناول النفي في تلك الصورة وغيرها
وقولهم وإن كان لا علة
له سواه فجائز ان يكون علة لخصوصه لا لعمومه فيقال هذا هو في معنى السؤال
الاول وهو ان يكون الحكم ثبت لذات المحل لا لامر منفصل وهو التعليل بالعلة
القاصرة الواقفة على مورد النص
وأما قولهم إن بين أن ذلك الوصف يستلزم
الحكم وأن الحكم لازم لعموم ذاته فمع بعده يستغنى عن التمثيل فيقال لا بعد
في ذلك بل كلما دل عل ان الحد الاوسط يستلزم الاكبر فانه يستدل به على جعل
ذلك الحد وصفا مشتركا بين أصل وفرع ويلزمه الحكم
وأما قوله إنه
يستغنى عن التمثيل فيقال نعم والتمثيل في مثل هذا يذكر للايضاح وليتصور
للفرع نظير لان الكلى إنما وجوده كلى في الذهن لا في الخارج فاذا عرف تحققه
في الخارج كان أيسر لوجود نظيره ولان المثال قد يكون ميسرا لاثبات التعليل
بل قد لا يمكن بدونه وسائر ما تثبت به العلة من الدوران والمناسبة وغير
ذلك إذا اخذ معه السبر والتقسيم أمكن كون القياس قطعيا
وأيضا فقد
يكون قياس التمثيل يقينيا في كذا فان الجمع بين الاصل والفرع كما يكون
بابداء الجامع يكون بالغاء الفارق وهو ان يعلم ان هذا مثل هذا لا يفترقان
في مثل هذا الحكم ومساوى المساوى مساو والعلم بالمساواة والمماثلة مما قد
يعلم بالعقل كما يعلم بالسمع فاذا علم حكم أحد المتماثلين علم ان الاخر
مثله لا سيما إذا كان الكلام فيما تجرد من المعقولات مثل القول بأن شيئا من
السواد عرض مفتقر الى المحل فيقال سائر أفراد السواد كذلك بل ويقال وسائر
الالوان كذلك وكذلك إن قيل إن حركة الكواكب تحدث شيئا بعد شئ قيل وسائر
الحركات كذلك
وبالجملة فقد بينا أن كل قياس لا بد فيه من قضية كلية
إيجابية وبينا أن تلك القضية لا بد أن يعلم صدق كونها كلية وكل ما به يعلم
ذلك به يعلم ان الحكم لازم لذلك الكلى المشترك فيمكن جعل ذلك الكلى المشترك
هو الجامع بين الاصل والفرع فكل قياس شمول يمكن جعلة قياس تمثيل فاذا أفاد
اليقين لم يزده التمثيل إلا قوة إذا علمت إحدى المقدمتين بنص
المعصوم فاستعمال الشمول اولى
المعصوم بل قد يسمون القياس
المستدل على إحدى مقدماته بقول المعصوم من الخطابي والجدلى لانهم يجعلون
تلك القضايا من المسلمات والمقبولات لا من البرهانيات اليقينيات
وهذا
ايضا من ضلالهم فان القضية اليقينية ما علم انها حق علما يقينيا فاذا علم
بدليل قطعي أن المعصوم لا يقول إلا حقا وعلم بالضرورة أنه قضى بهذه القضية
الكلية كما قضى ب ان الله بكل شئ عليم وأن الله خالق كل شيء وانه لا نبي
بعده ونحو ذلك من القضايا الخبرية التي علم بالضرورة ان المعصوم أخبر بها
عامة كلية كان هذا من أحسن الطرق في حصول اليقين وهذا الطريق لا يدخل في
قياسهم البرهاني ولكن هذا لما كان مبنيا على مقدمات سمعية لم نقررها في هذا
الموضع لم نحتج به عليهم بل احتججنا عليهم بما يسلمونه
وما بيناه
بمجرد العقل من ان قولهم العلوم الكسبية لا تحصل إلا بقياسهم البرهاني قول
باطل بل هو من ابطل الاباطيل
هذا في جانب النفي
وإن كان منحصرا فمن الجائز ان يكون معللا بالمجموع أو
بالبعض الذي لا تحقق له في الفرع
بالبعض الذي لا تحقق له في الفرع
وأما قولهم إذا انحصرت الاقسام فمن
الجائز ان يكون معللا بالمجموع أو بالبعض الذي لا تحقق له في الفرع فيقال
هذا ممكن في بعض الصور كالمسائل الظنية من الفقه او غيره إذا قيل خيار
الامة المعتقة تحت العبد كقصة بريرة إما أن يكون ثبت لكونها كانت تحت ناقص
وإما ان يكون لكونها ملكت نفسها أمكن أن يقال وإما أن يكون لمجموع الامرين
لكن تعليله بما يختص الاصل سواء كان هو المجموع او بعض منه إنما يمكن
العلم بنفيه كما يمكن العلم بغيره من المنفيات كما إذا قيل الانسان إنما
كان حساسا متحركا بالارادة لحيوانيته لا لانسانيته والحيوانية مشتركة بينه
وبين الفرس وسائر الحيوان فيكون حساسا متحركا بالارادة فلا يمكن ان يدعى في
مثل هذه ان المختص بالانسان هو علة كونه حساسا متحركا بالارادة بل العلة
ليست إلا المشترك بينه وبين الحيوان
وكذلك إذا قيل القديم لا يجوز
عدمه لان قدمه إما بنفسه أو بموجب يجب قدمه بنفسه وما كان قديما بنفسه كان
موجودا بنفسه بالضرورة فان القدم أخص من الوجود فيلزم من ثبوته ثبوت الوجود
فاذا قديما بنفسه فهو موجود بنفسه بالضرورة وما كان موجودا بنفسه فهو واجب
بنفسه وإلا لافتقر الى فاعل فالقديم إما واجب بنفسه وإما لازم للواجب
بنفسه وكلاهما ممتنع العدم لانه يستلزم عدم الواجب بنفسه ولو عدم لكان
قابلا للعدم فلا يكون واجبا بنفسه ولهذا اتفق العقلاء على هذا وهو ان
القديم إما موجود واجب بنفسه وإما لازم لما هو كذلك
فاذا قال
القائل لو كانت الافلاك قديمة لامتنع عدمها لكن عدمها ممكن بالادلة الدالة
عليه فلا تكون قديمة لم يجز ان يقال بل القديم لا يجوز عدمه لعلة مختصة
بالقديم بنفسه دون ما كان معلولا لغيره فالافلاك وإن قيل هي قديمة فهى
ممكنة العدم فان هذا باطل لما ذكرناه من ان المشترك بين الواجب بنفسه
والواجب بغيره هو مستلزم لقدم المشترك بين القديم الموجود بنفسه والقديم
الموجود بغيره فمن ادعى قديما موجودا بغيره وقال إنه مع هذا يمكن عدمه
فقوله متناقض كما بسط في موضعه ولهذا لم يقل احد من العقلاء إنها قديمة
يمكن عدمها الامكان المعروف وإنما ادعوا ان لها ماهية باعتبار نفسها فقيل
الوجود والعدم ولكن وجب لها الوجود من غيرها
وقد تبين بطلان هذا في
غير هذا الموضع وبين ان هذا قول مخالف لجميع العقلاء حتى ارسطو واتباعه لا
يكون عندهم ممكنا الا المحدث الذي يمكن وجوده وعدمه او حتى هؤلاء الذين
قالوا بأنها قديمة يمكن وجودها وعدمها كابن سينا واتباعه تناقضوا ووافقوا
سلفهم وسائر العقلاء فذكروا في عدة مواضع ان الممكن الذي يقبل الوجود
والعدم لا يكون الا محدثا وان كل ما كان دائما لا يكون ممكنا واما القديم
الذي لا يمكن عدمه فليس عندهم ممكنا وان كان وجوبه بغيره
وانما خالف
في هذا طائفة من الفلاسفة كابن سينا وامثاله الذين ارادوا ان يجمعوا بين
قول سلفهم وبين ما جاءت به الرسل مع دلالة العقول عليه فلم يمكنهم ذلك الا
بما خالفوا به الرسل مع مخالفة العقول مع مخالفة سلفهم فيما اصابوا فيه
وموافقتهم فيما اخطئوا فيه وكان كفرا في الملل ومع تناقضهم ومخالفة جميع
العقلاء
واما قولهم ب ثبوت الحكم مع المشترك في صورة مع تخلف غيره من
الاوصاف المقارنة له في الاصل مما لا يوجب استقلاله بالتعليل لجواز ان يكون
الحكم في تلك معللا بعلة اخرى فيقال هذا غلط وذلك انه متى ثبت الحكم مع
المشترك في
صورة تمتنع ان تكون الاوصاف الزائدة المقارنة له في
الاصل مؤثرة في الحكم مع تخلف غيره من الاوصاف فانها مختصة بالاصل فلو كانت
مؤثرة لم يجز ان يوجد الحكم في غير الاصل وحينئذ فعدمها لا يؤثر والصورة
الاخرى قد يثبت فيها وجود المشترك
واما امكان وجود وصف اخر مستقل بعلة
فهذا لا بد من نفيه اما بدليل قاطع او ظاهر او بأن الاصل عدمه ويكون
القياس حينئذ يقينيا او ظنيا
والكلام فيما اذا حصرت اقسام العلة ونفي
التعليل عن كل منها الا واحد والنفي قد يكون لنفي التعليل بها من الاصل وقد
يكون لنفي التعليل مطلقا فالاول يحتاج معه الى الثاني في تلك الصورة وأما
الثاني فهو يتناول النفي في تلك الصورة وغيرها
وقولهم وإن كان لا علة
له سواه فجائز ان يكون علة لخصوصه لا لعمومه فيقال هذا هو في معنى السؤال
الاول وهو ان يكون الحكم ثبت لذات المحل لا لامر منفصل وهو التعليل بالعلة
القاصرة الواقفة على مورد النص
وأما قولهم إن بين أن ذلك الوصف يستلزم
الحكم وأن الحكم لازم لعموم ذاته فمع بعده يستغنى عن التمثيل فيقال لا بعد
في ذلك بل كلما دل عل ان الحد الاوسط يستلزم الاكبر فانه يستدل به على جعل
ذلك الحد وصفا مشتركا بين أصل وفرع ويلزمه الحكم
وأما قوله إنه
يستغنى عن التمثيل فيقال نعم والتمثيل في مثل هذا يذكر للايضاح وليتصور
للفرع نظير لان الكلى إنما وجوده كلى في الذهن لا في الخارج فاذا عرف تحققه
في الخارج كان أيسر لوجود نظيره ولان المثال قد يكون ميسرا لاثبات التعليل
بل قد لا يمكن بدونه وسائر ما تثبت به العلة من الدوران والمناسبة وغير
ذلك إذا اخذ معه السبر والتقسيم أمكن كون القياس قطعيا
وأيضا فقد
يكون قياس التمثيل يقينيا في كذا فان الجمع بين الاصل والفرع كما يكون
بابداء الجامع يكون بالغاء الفارق وهو ان يعلم ان هذا مثل هذا لا يفترقان
في مثل هذا الحكم ومساوى المساوى مساو والعلم بالمساواة والمماثلة مما قد
يعلم بالعقل كما يعلم بالسمع فاذا علم حكم أحد المتماثلين علم ان الاخر
مثله لا سيما إذا كان الكلام فيما تجرد من المعقولات مثل القول بأن شيئا من
السواد عرض مفتقر الى المحل فيقال سائر أفراد السواد كذلك بل ويقال وسائر
الالوان كذلك وكذلك إن قيل إن حركة الكواكب تحدث شيئا بعد شئ قيل وسائر
الحركات كذلك
وبالجملة فقد بينا أن كل قياس لا بد فيه من قضية كلية
إيجابية وبينا أن تلك القضية لا بد أن يعلم صدق كونها كلية وكل ما به يعلم
ذلك به يعلم ان الحكم لازم لذلك الكلى المشترك فيمكن جعل ذلك الكلى المشترك
هو الجامع بين الاصل والفرع فكل قياس شمول يمكن جعلة قياس تمثيل فاذا أفاد
اليقين لم يزده التمثيل إلا قوة إذا علمت إحدى المقدمتين بنص
المعصوم فاستعمال الشمول اولى
وقياس التمثيل يمكن جعله قياس شمول لكن
قد يكون بيان صحته محتاجا الى بيان إحدى مقدمتيه لا سيما الكبرى فانها هى
في الغالب التي تحتاج الى البيان وإذا كان كذلك الاصل المقيس عليه أولا
أسهل في البيان ف قياس التمثيل أعون على البيان إلا إذا كانت القضية الكلية
معلومة بنص المعصوم فهنا يكون الاستدلال بها اولى من الاستدلال بقياس
التمثيل لكن الدليل هنا يكون شرعيا لم تعلم إحدى مقدمتيه إلا بنص المعصوم
أو الاجماع المعصوم لم تعلم بمجرد العقل وهم
والكلام مع من يجعل مواد
البرهان القضايا الكلية المعلومة بدون قول
قد يكون بيان صحته محتاجا الى بيان إحدى مقدمتيه لا سيما الكبرى فانها هى
في الغالب التي تحتاج الى البيان وإذا كان كذلك الاصل المقيس عليه أولا
أسهل في البيان ف قياس التمثيل أعون على البيان إلا إذا كانت القضية الكلية
معلومة بنص المعصوم فهنا يكون الاستدلال بها اولى من الاستدلال بقياس
التمثيل لكن الدليل هنا يكون شرعيا لم تعلم إحدى مقدمتيه إلا بنص المعصوم
أو الاجماع المعصوم لم تعلم بمجرد العقل وهم
والكلام مع من يجعل مواد
البرهان القضايا الكلية المعلومة بدون قول
المعصوم بل قد يسمون القياس
المستدل على إحدى مقدماته بقول المعصوم من الخطابي والجدلى لانهم يجعلون
تلك القضايا من المسلمات والمقبولات لا من البرهانيات اليقينيات
وهذا
ايضا من ضلالهم فان القضية اليقينية ما علم انها حق علما يقينيا فاذا علم
بدليل قطعي أن المعصوم لا يقول إلا حقا وعلم بالضرورة أنه قضى بهذه القضية
الكلية كما قضى ب ان الله بكل شئ عليم وأن الله خالق كل شيء وانه لا نبي
بعده ونحو ذلك من القضايا الخبرية التي علم بالضرورة ان المعصوم أخبر بها
عامة كلية كان هذا من أحسن الطرق في حصول اليقين وهذا الطريق لا يدخل في
قياسهم البرهاني ولكن هذا لما كان مبنيا على مقدمات سمعية لم نقررها في هذا
الموضع لم نحتج به عليهم بل احتججنا عليهم بما يسلمونه
وما بيناه
بمجرد العقل من ان قولهم العلوم الكسبية لا تحصل إلا بقياسهم البرهاني قول
باطل بل هو من ابطل الاباطيل
هذا في جانب النفي
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
المقام الرابع
قولهم إن القياس يفيد العلم بالتصديقات
فصل
تبصرة على ما تقدم من المقامات
النتيجة هو امر صحيح في نفسه كون القياس المنطقي عديم
التأثير في العلم
علمت شيئا إلا علمى
بأن الممكن يفتقر الى الواجب ثم قال الافتقار وصف سلبي اموت وما علمت شيئا
فهذا حالهم إذا كان منتهى احدهم الجهل البسيط وأما من كان منتهاه الجهل
المركب فكثير والواصل منهم الى علم يشبهونه بمن قيل له أين أذنك فأدار يده
فوق رأسه ومدها إلى أذنه بكلفة وقد كان يمكنه أن يوصلها الى أذنه من تحت
رأسه فهو أسهل وأقرب استعمال طرق غير الفطرية تعذيب للنفوس بلا
منفعة
تعذيبا له بلا فائدة وقد لا يفهم هذا الكلام وقد يعرض له فيه إشكالات الدليل
ما كان موصلا الى المطوب
أنه جعله عاما لا خاصا حصل مطلوبه وهذا الحديث في صحيح مسلم
ويروى بلفظين كل مسكر خمر وكل مسكر حرام
ولم يقل كل مسكر خمر وكل خمر
حرام كالنظم اليوناني وإن كان روى في بعض طرق الحديث فليس بثابت فان النبي ص
- اجل قدرا في عمله وبيانه من أن يتكلم بمثل هذيانهم فانه إن قصد مجرد
تعريف الحكم لم يحتج مع قوله الى دليل وإن قصد بيان الدليل كما بين الله في
القران عامة المطالب الالهية التي تقرر الايمان بالله ورسله واليوم الاخر
فهو ص - أعلم الخلق بالحق وأحسنهم بيانا له
فعلم أنه ليس جميع المطالب
يحتاج الى مقدمتين ولا يكفى في جميعها مقدمتان بل يذكر ما يحصل به البيان
والدلالة سواء كان مقدمة او مقدمتين أو اكثر وما قصد به هدى عاما كالقرآن
الذي انزله الله بيانا للناس يذكر فيه من الادلة ما ينتفع به الناس عامة
وأما ما قد يعرض لبعضهم في بعض الاحوال من سفسطة تشككه في المعلومات فتلك
من جنس المرض والوساوس وهذه إنما يمكن بيان أنواعها العامة وأما ما يختص به
كل شخص فلا ضابط له حتى يذكر في كلام بل هذا يزول بأسباب تختص بصاحبه
كدعائه لنفسه ومخاطبة شخص معين له بما يناسب حاله ونظرة هو فيما يخص حاله
ونحو ذلك
وأيضا فما يذكرونه من القياس لا يفيد إلا العلم بأمور كلية
لا يفيد العلم بشئ معين من الموجودات ثم تلك الامور الكلية يمكن العلم بكل
واحد منها بما هو أيسر من قياسهم فلا تعلم كلية ب قياسهم إلا والعلم
بجزئياتها ممكن بدون
قياسهم الشمولى وربما كان أيسر فان العلم
بالمعينات قد يكون أبين من العلم بالكليات وهذا مسبوط فى موضعه
المقام الايجابي في الاقيسة والتصديقات
في قولهم إن القياس يفيد العلم بالتصديقات
فصل
وأما المقام
الثاني وهو المقام الرابع من المقامات الاربعة المذكورة أولا وهو أدق
المقامات
الثاني وهو المقام الرابع من المقامات الاربعة المذكورة أولا وهو أدق
المقامات
تبصرة على ما تقدم من المقامات
فان ما نبهنا
عليه خطأهم في منع إمكان التصور إلا ب الحد بل ومن نفى دعوى حصول التصور ب
الحد وبقى انحصار التصديق فيما ذكروه من والقياس مدركه قريب والعلم به ظاهر
وخطأ المنطقيين فيه واضح بأدنى تدبر وإنما يلبسون على الناس بالتهويل
والتطويل
المقامان الاول والثانيعليه خطأهم في منع إمكان التصور إلا ب الحد بل ومن نفى دعوى حصول التصور ب
الحد وبقى انحصار التصديق فيما ذكروه من والقياس مدركه قريب والعلم به ظاهر
وخطأ المنطقيين فيه واضح بأدنى تدبر وإنما يلبسون على الناس بالتهويل
والتطويل
وأظهرها خطأ دعواهم ان التصورات
المطلوبه لا تحصل إلا بما ذكروه من الحد ثم أن مجرد الحد يفيد تصور الحقائق
الثابتة في الخارج بمجرد قول الحاد سواء جعل الحد هو الجملة التامة
الخبرية التي يسمونها القضية والتقييد الجزئي او جعل الحد هو خبر المبتدأ
المفرد وإن كان له صفات تقيده وتميزه
فإنه إذا قال ما الانسان فقيل
الحيوان الناطق أو قيل الانسان الحيوان الناطق فقد يقال الحد هو قولك
الانسان هو الحيوان الناطق وقد يقال بل الحد الحيوان الناطق وهذا في حكم
المفرد وليس هذا كلاما تاما يحسن السكوت عليه إن لم يقدر له مبتدأ يكون
خبرا عنه أو جعل مبتدأ خبر محذوف ومن جعل هذا وحده هو الحد وجعله بمجرده
يفيد تصور الحقيقة فقوله أبعد عن الصواب
المقام الثالثالمطلوبه لا تحصل إلا بما ذكروه من الحد ثم أن مجرد الحد يفيد تصور الحقائق
الثابتة في الخارج بمجرد قول الحاد سواء جعل الحد هو الجملة التامة
الخبرية التي يسمونها القضية والتقييد الجزئي او جعل الحد هو خبر المبتدأ
المفرد وإن كان له صفات تقيده وتميزه
فإنه إذا قال ما الانسان فقيل
الحيوان الناطق أو قيل الانسان الحيوان الناطق فقد يقال الحد هو قولك
الانسان هو الحيوان الناطق وقد يقال بل الحد الحيوان الناطق وهذا في حكم
المفرد وليس هذا كلاما تاما يحسن السكوت عليه إن لم يقدر له مبتدأ يكون
خبرا عنه أو جعل مبتدأ خبر محذوف ومن جعل هذا وحده هو الحد وجعله بمجرده
يفيد تصور الحقيقة فقوله أبعد عن الصواب
وبعد ذلك
قولهم إن شيئا من التصديقات المطلوبة لا ينال إلا بما ذكروه من القياس فان
هذا النفي العام امر لا سبيل الى العلم به ولا يقوم عليه دليل أصلا وقد
اشرنا الى فساد ما ذكروه مع انه معلوم البطلان بما يحصل من التصديقات
المطلوبة بدون ما ذكروه من القياس كما يحصل تصورات مطلوبة بدون ما يذكرونه
من الحد
بخلاف هذا المقام الرابع فان كون القياس المؤلف من مقدمتين
يفيد
قولهم إن شيئا من التصديقات المطلوبة لا ينال إلا بما ذكروه من القياس فان
هذا النفي العام امر لا سبيل الى العلم به ولا يقوم عليه دليل أصلا وقد
اشرنا الى فساد ما ذكروه مع انه معلوم البطلان بما يحصل من التصديقات
المطلوبة بدون ما ذكروه من القياس كما يحصل تصورات مطلوبة بدون ما يذكرونه
من الحد
بخلاف هذا المقام الرابع فان كون القياس المؤلف من مقدمتين
يفيد
النتيجة هو امر صحيح في نفسه كون القياس المنطقي عديم
التأثير في العلم
لكن الذي بينه نظار المسلمين في كلامهم على هذا
المنطق اليوناني المنسوب الى أرسطو صاحب التعاليم أن ما ذكروه من صور
القياس ومواده مع كثرة التعب العظيم ليس فيه فائدة علمية بل كل ما يمكن
علمه ب قياسهم المنطقي يمكن علمه بدون قياسهم المنطقي وما لا يمكن علمه
بدون قياسهم لا يمكن علمه ب قياسهم فلم يكن في قياسهم لا تحصيل العلم
بالمجهول الذي لا يعلم بدونه ولا حاجة به الى ما يمكن العلم به بدونه فصار
عديم التأثير في العلم وجودا وعدما ولكن فيه تطويل كثير متعب فهو مع انه لا
ينفع في العلم فيه إتعاب الاذهان وتصنييع الزمان وكثرة الهذيان
والمطلوب من الادلة والبراهين بيان العلم وبيان الطرق المؤدية الى العلم
وقالوا يعنى نظار المسلمين هذا لا يفيد هذا المطلوب بل قد يكون من الاسباب
المعوقة له لما فيه من كثرة تعب الذهن كمن يريد أن يسلك الطريق ليذهب الى
مكة أو غيرها من البلاد فاذا سلك الطريق المستقيم المعروف وصل في مدة قريبة
بسعى معتدل وإذا قيض له من يسلك به التعاسيف والعسف في اللغة الاخذ عل غير
طريق بحيث يدور به طرقا دائرة ويسلك به مسالك منحرفة فانه يتعب تعبا كثيرا
حتى يصل الى الطريق المستقيمة إن وصل وإلا فقد يصل الى غير المطلوب فيعتقد
اعتقادات فاسدة وقد يعجز بسبب ما يحصل له من التعب والاعياء فلا هو نال
مطوبه ولا هو استراح هذا إذا بقى في الجهل البسيط وهكذا هؤلاء
ولهذا
حكى من كان حاضرا عند موت إمام المنطقيين في زمانه الخونجي صاحب الموجز
وكشف الاسرار وغيرهما انه قال عند موته اموت وما
المنطق اليوناني المنسوب الى أرسطو صاحب التعاليم أن ما ذكروه من صور
القياس ومواده مع كثرة التعب العظيم ليس فيه فائدة علمية بل كل ما يمكن
علمه ب قياسهم المنطقي يمكن علمه بدون قياسهم المنطقي وما لا يمكن علمه
بدون قياسهم لا يمكن علمه ب قياسهم فلم يكن في قياسهم لا تحصيل العلم
بالمجهول الذي لا يعلم بدونه ولا حاجة به الى ما يمكن العلم به بدونه فصار
عديم التأثير في العلم وجودا وعدما ولكن فيه تطويل كثير متعب فهو مع انه لا
ينفع في العلم فيه إتعاب الاذهان وتصنييع الزمان وكثرة الهذيان
والمطلوب من الادلة والبراهين بيان العلم وبيان الطرق المؤدية الى العلم
وقالوا يعنى نظار المسلمين هذا لا يفيد هذا المطلوب بل قد يكون من الاسباب
المعوقة له لما فيه من كثرة تعب الذهن كمن يريد أن يسلك الطريق ليذهب الى
مكة أو غيرها من البلاد فاذا سلك الطريق المستقيم المعروف وصل في مدة قريبة
بسعى معتدل وإذا قيض له من يسلك به التعاسيف والعسف في اللغة الاخذ عل غير
طريق بحيث يدور به طرقا دائرة ويسلك به مسالك منحرفة فانه يتعب تعبا كثيرا
حتى يصل الى الطريق المستقيمة إن وصل وإلا فقد يصل الى غير المطلوب فيعتقد
اعتقادات فاسدة وقد يعجز بسبب ما يحصل له من التعب والاعياء فلا هو نال
مطوبه ولا هو استراح هذا إذا بقى في الجهل البسيط وهكذا هؤلاء
ولهذا
حكى من كان حاضرا عند موت إمام المنطقيين في زمانه الخونجي صاحب الموجز
وكشف الاسرار وغيرهما انه قال عند موته اموت وما
علمت شيئا إلا علمى
بأن الممكن يفتقر الى الواجب ثم قال الافتقار وصف سلبي اموت وما علمت شيئا
فهذا حالهم إذا كان منتهى احدهم الجهل البسيط وأما من كان منتهاه الجهل
المركب فكثير والواصل منهم الى علم يشبهونه بمن قيل له أين أذنك فأدار يده
فوق رأسه ومدها إلى أذنه بكلفة وقد كان يمكنه أن يوصلها الى أذنه من تحت
رأسه فهو أسهل وأقرب استعمال طرق غير الفطرية تعذيب للنفوس بلا
منفعة
والامور الفطرية متى جعل لها طرق غير الفطرية كانت تعذيبا
للنفوس بلا منفعة لها كما لو قيل لرجل اقسم هذه الدراهم بين هؤلاء النفر
بالسوية فان هذا ممكن بلا كلفة فلو قال له قائل اصبر فانه لا يمكنك القسمة
حتى تعرف حدها وتميز بينها وبين الضرب فان القسمة عكس الضرب فان الضرب هو
تضعيف آحاد العددين بآحاد العدد الآخر والقسمة توزيع آحاد أحد العددين على
آحاد العدد الاخر ولهذا إذا ضرب الخارج بالقسمة في المقسوم عليه عاد
المقسوم وإذا قسم المرتفع بالضرب على أحد المضروبين خرج المضروب الاخر ثم
يقال ما ذكرته في حد الضرب لا يصح فانه إنما يتناول ضرب العدد الصحيح لا
يتناول ضرب المكسور بل الحد الجامع لهما أن يقال الضرب طلب جملة تكون
نسبتها الى احد المضروبين كنسبة الواحد الى المضروب الاخر فاذا قيل اضرب
النصف في الربع فالخارج هو الثمن ونسبته الى الربع كنسبة النصف الى الواحد
فهذا وإن كان كلاما صحيحا لكن من المعلوم أن من معه مال يريد أن يقسمه بين
عدد يعرفهم بالسوية إذا ألزم نفسه أنه لا يقسمه حتى يتصور هذا كله كان هذا
للنفوس بلا منفعة لها كما لو قيل لرجل اقسم هذه الدراهم بين هؤلاء النفر
بالسوية فان هذا ممكن بلا كلفة فلو قال له قائل اصبر فانه لا يمكنك القسمة
حتى تعرف حدها وتميز بينها وبين الضرب فان القسمة عكس الضرب فان الضرب هو
تضعيف آحاد العددين بآحاد العدد الآخر والقسمة توزيع آحاد أحد العددين على
آحاد العدد الاخر ولهذا إذا ضرب الخارج بالقسمة في المقسوم عليه عاد
المقسوم وإذا قسم المرتفع بالضرب على أحد المضروبين خرج المضروب الاخر ثم
يقال ما ذكرته في حد الضرب لا يصح فانه إنما يتناول ضرب العدد الصحيح لا
يتناول ضرب المكسور بل الحد الجامع لهما أن يقال الضرب طلب جملة تكون
نسبتها الى احد المضروبين كنسبة الواحد الى المضروب الاخر فاذا قيل اضرب
النصف في الربع فالخارج هو الثمن ونسبته الى الربع كنسبة النصف الى الواحد
فهذا وإن كان كلاما صحيحا لكن من المعلوم أن من معه مال يريد أن يقسمه بين
عدد يعرفهم بالسوية إذا ألزم نفسه أنه لا يقسمه حتى يتصور هذا كله كان هذا
تعذيبا له بلا فائدة وقد لا يفهم هذا الكلام وقد يعرض له فيه إشكالات الدليل
ما كان موصلا الى المطوب
فكذلك الدليل والبرهان فان الدليل هو المرشد
الى المطلوب والموصل الى المقصود وكل ما كان مستلزما لغيره فانه يمكن ان
يستدل به عليه ولهذا قيل الدليل ما يكون النظر الصحيح فيه موصلا الى علم أو
ظن وبعض المتكلمين يخص لفظ الدليل بما يوصل الى العلم ويسمى ما يوصل الى
الظن أمارة وهذا اصطلاح من اصطلح عليه من المعتزلة ومن تلقاه عنهم
فالمقصود ان كل ما كان مستلزما لغيره بحيث يكون ملزوما له فانه يكون دليلا
عليه وبرهانا له سواء كانا وجوديين أو عدميين أو أحدهما وجوديا والاخر
عدميا فأبدا الدليل ملزوم للمدلول عليه والمدلول لازم للدليل
ثم قد
يكون الدليل مقدمة واحدة متى علمت علم المطلوب وقد يحتاج المستدل الى
مقدمتين وقد يحتاج الى ثلاث مقدمات وأربع وخمس وأكثر ليس لذلك حد مقدر
يتساوى فيه جميع الناس في جميع المطالب بل ذلك بحسب علم المستدل الطالب
بأحوال المطلوب والدليل ولوازم ذلك وملزوماته
فاذا قدر أنه قد عرف ما
به يعلم المطلوب إلا مقدمة واحدة كان دليله الذي يحتاج الى بيانه له تلك
المقدمة كمن علم أن الخمر محرم وعلم ان النبيذ المتنازع فيه مسكر لكن لم
يعلم أن كل مسكر هو خمر فهو لا يحتاج إلا الى هذه المقدمة فاذا قيل ثبت في
الصحيح عن النبي ص - أنه قال كل مسكرخمر حصل مطلوبه ولم يحتج إلى ان يقال
كل نبيذ مسكر وكل مسكر خمر ولا ان يقال كل مسكر خمر وكل خمر حرام فان هذا
كله معلوم له لم يكن يخفى عليه إلا ان اسم الخمر هل هو مختص ببعض المسكرات
كما ظنه طائفة من علماء المسلمين أو هو شامل لكل مسكر فاذا ثبت له عن صاحب
الشرع
الى المطلوب والموصل الى المقصود وكل ما كان مستلزما لغيره فانه يمكن ان
يستدل به عليه ولهذا قيل الدليل ما يكون النظر الصحيح فيه موصلا الى علم أو
ظن وبعض المتكلمين يخص لفظ الدليل بما يوصل الى العلم ويسمى ما يوصل الى
الظن أمارة وهذا اصطلاح من اصطلح عليه من المعتزلة ومن تلقاه عنهم
فالمقصود ان كل ما كان مستلزما لغيره بحيث يكون ملزوما له فانه يكون دليلا
عليه وبرهانا له سواء كانا وجوديين أو عدميين أو أحدهما وجوديا والاخر
عدميا فأبدا الدليل ملزوم للمدلول عليه والمدلول لازم للدليل
ثم قد
يكون الدليل مقدمة واحدة متى علمت علم المطلوب وقد يحتاج المستدل الى
مقدمتين وقد يحتاج الى ثلاث مقدمات وأربع وخمس وأكثر ليس لذلك حد مقدر
يتساوى فيه جميع الناس في جميع المطالب بل ذلك بحسب علم المستدل الطالب
بأحوال المطلوب والدليل ولوازم ذلك وملزوماته
فاذا قدر أنه قد عرف ما
به يعلم المطلوب إلا مقدمة واحدة كان دليله الذي يحتاج الى بيانه له تلك
المقدمة كمن علم أن الخمر محرم وعلم ان النبيذ المتنازع فيه مسكر لكن لم
يعلم أن كل مسكر هو خمر فهو لا يحتاج إلا الى هذه المقدمة فاذا قيل ثبت في
الصحيح عن النبي ص - أنه قال كل مسكرخمر حصل مطلوبه ولم يحتج إلى ان يقال
كل نبيذ مسكر وكل مسكر خمر ولا ان يقال كل مسكر خمر وكل خمر حرام فان هذا
كله معلوم له لم يكن يخفى عليه إلا ان اسم الخمر هل هو مختص ببعض المسكرات
كما ظنه طائفة من علماء المسلمين أو هو شامل لكل مسكر فاذا ثبت له عن صاحب
الشرع
أنه جعله عاما لا خاصا حصل مطلوبه وهذا الحديث في صحيح مسلم
ويروى بلفظين كل مسكر خمر وكل مسكر حرام
ولم يقل كل مسكر خمر وكل خمر
حرام كالنظم اليوناني وإن كان روى في بعض طرق الحديث فليس بثابت فان النبي ص
- اجل قدرا في عمله وبيانه من أن يتكلم بمثل هذيانهم فانه إن قصد مجرد
تعريف الحكم لم يحتج مع قوله الى دليل وإن قصد بيان الدليل كما بين الله في
القران عامة المطالب الالهية التي تقرر الايمان بالله ورسله واليوم الاخر
فهو ص - أعلم الخلق بالحق وأحسنهم بيانا له
فعلم أنه ليس جميع المطالب
يحتاج الى مقدمتين ولا يكفى في جميعها مقدمتان بل يذكر ما يحصل به البيان
والدلالة سواء كان مقدمة او مقدمتين أو اكثر وما قصد به هدى عاما كالقرآن
الذي انزله الله بيانا للناس يذكر فيه من الادلة ما ينتفع به الناس عامة
وأما ما قد يعرض لبعضهم في بعض الاحوال من سفسطة تشككه في المعلومات فتلك
من جنس المرض والوساوس وهذه إنما يمكن بيان أنواعها العامة وأما ما يختص به
كل شخص فلا ضابط له حتى يذكر في كلام بل هذا يزول بأسباب تختص بصاحبه
كدعائه لنفسه ومخاطبة شخص معين له بما يناسب حاله ونظرة هو فيما يخص حاله
ونحو ذلك
وأيضا فما يذكرونه من القياس لا يفيد إلا العلم بأمور كلية
لا يفيد العلم بشئ معين من الموجودات ثم تلك الامور الكلية يمكن العلم بكل
واحد منها بما هو أيسر من قياسهم فلا تعلم كلية ب قياسهم إلا والعلم
بجزئياتها ممكن بدون
قياسهم الشمولى وربما كان أيسر فان العلم
بالمعينات قد يكون أبين من العلم بالكليات وهذا مسبوط فى موضعه
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
ليس في قياسهم إلا صورة الدليل من غير بيان صحته او فساده
والمقصود هنا أن المطلوب هو العلم والطريق اليه هو الدليل فمن عرف دليل
مطلوبه عرف مطلوبه سواء نظمه بقياسهم ام لا ومن لم يعرف دليله لم ينفعه
قياسهم ولا يقال إن قياسهم يعرف صحيح الادلة من فاسدها فان هذا إنما يقوله
جاهل لا يعرف حقيقة قياسهم فان قياسهم ليس فيه إلا شكل الدليل وصورته وأما
كون الدليل المعين مستلزما لمدلوله فهذا ليس في قياسهم ما يتعرض له بنفي
ولا إثبات وإنما هذا بحسب علمه بالمقدمات التي اشتمل عليها الدليل وليس في
قياسهم بيان صحة شئ من المقدمات ولا فسادها وإنما يتكلمون في هذا إذا
تكلموا في مواد القياس وهو الكلام في المقدمات من جهة ما يصدق بها وكلامهم
في هذا فيه خطأ كثير كما نبه عليه في موضع آخرالحقيقة المعتبرة في كل
دليل هو اللزوم
أحسست بفؤادي قد انصدع
فان هذا تقسيم حاصر يقول أخلقوا من غير خالق
خلقهم فهذا ممتنع في بداية العقول ام هم خلقوا أنفسهم فهذا أشد امتناعا
فعلم ان لهم خالقا خلقهم وهو سبحانه وتعالى ذكر الدليل بصيغة استفهام
الانكار ليبين أن هذه القضية التي استدل بها فطرية بديهية مستقرة في النفوس
لا يمكن أحدا إنكارها فلا يمكن صحيح الفطرة أن يدعى وجود حادث بدون محدث
أحدثه ولا يمكنه أن يقول هو أحدث نفسه
وقد بسطنا الكلام على ما قاله
الناس في هذا المقام من الحدوث والامكان وعلة الافتقار الى المؤثر وذكرنا
عامة طرائق اهل الارض في إثبات الصانع من المتكلمين والفلاسفة وطرق
الانبياء صلوات الله عليهم وما سلكه عامة نظار الاسلام من معتزلي وكرامى
وكلابي واشعري وفيلسوف وغيرهم في غير موضع مثل كتاب تعارض العقل والنقل
وغير ذلك
وكذلك بينا طرق الناس في إثبات العلم بالنبوات في شرح
الاصبهانية وكتاب الرد على النصارى وغيرهما
وبينا أن كثيرا من النظار
يسلك طريقا في الاستدلال على المطلوب ويقول لا يوصل الى المطلوب إلا بهذا
الطريق ولا يكون الامر كما قاله في النفى وإن كان مصيبا في صحة ذلك الطريق
فان المطلوب كلما كان الناس الى معرفته أحوج يسر الله على
عقول
الناس معرفة أدلته فأدلة إثبات الصانع وتوحيده وأعلام النبوة وأدلتها كثيرة
جدا وطرق الناس في معرفتها كثيرة وكثير من الطرق لا يحتاج اليه اكثر الناس
وإنما يحتاج اليه من لم يعرف غيره أو من أعرض عن غيره وبعض الناس يكون
الطريق كلما كان ادق وأخفى وأكثر مقدمات وأطول كان انفع له لان نفسه اعتادت
النظر الطويل في الامور الدقيقة فاذا كان الدليل قليل المقدمات أو كانت
جلية لم تفرح نفسه به ومثل هذا قد يستعمل معه الطريق الكلامية المنطقية
وغيرها لمناسبتها لعادته لا لكون العلم بالمطلوب متوقفا علهيا مطلقا فان من
الناس من إذا عرف ما يعرفه جمهور الناس وعمومهم أو ما يمكن غير الاذكياء
معرفته لم يكن عند نفسه قد امتاز عنهم بعلم فيجب معرفة الامور الخفية
الدقيقة الكثيرة المقدمات وهذا يسلك معه هذه السبيل
وأيضا فان النظر
في العلوم الدقيقة يفتق الذهن ويدر به ويقويه على العلم فيصير مثل كثرة
الرمي بالنشاب وركوب الخيل تعين على قوة الرمي والركوب وإن لم يكن ذلك وقت
قتال وهذا مقصد حسن
ولهذا كان كثير من علماء السنة يرغب في النظر في
العلوم الصادقة الدقيقة كالجبر والمقابلة وعويص الفرايض والوصايا والدور
لشحذ الذهن فانه علم صحيح في نفسه ولهذا يسمى الرياضي فان لفظ الرياضة
يستعمل في ثلاثة انواع في رياضة الابدان بالحركة والمشي كما يذكر ذلك
الاطباء وغيرهم وفي رياضة النفوس بالاخلاق الحسنة المعتدلة والآداب
المحمودة وفي رياضة الاذهان بمعرفة دقيق العلم والبحث عن الامور الغامضة
ويروى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه قال إذا لهوتم فالهوا بالرمي
وإذا تحدثتم فتحدثوا بالفرائض اراد إذا لهوا بعمل ان يلهوا بعمل ينفعهم في
دينهم وهو الرمي وإذا لهوا بكلام لهوا بكلام ينفعهم ايضا
في عقلهم
ودينهم وهو الفرائض
وعلم الفرائض نوعان احكام وحساب
فالاحكام
ثلاثة انواع احدها علم الاحكام على مذهب بعض الفقهاء وهذا اولها ويليه علم
أقاويل الصحابة والعلماء فيما اختلف فيه منها ويليه علم ادلة ذلك من الكتاب
والسنة
وأما علم حساب الفرائض فمعرفة أصول المسائل وتصحيحها
والمناسخات وقسمة التركات وللفرائض في ذلك طريق معلومة وكتب مصنفة وهذا
الثاني كله علم معقول يعلم بالعقل كما يعلم بالعقل سائر حساب المعاملات
وغير ذلك من الانواع التي يحتاجها اليها الناس
ثم قد ذكروا حساب
المجهولات الملقب بحساب الجبر والمقابلة وهو علم قديم لكن إدخاله في
الوصايا والدور ونحو ذلك اول من عرف انه ادخله في ذلك محمد بن موسى
الخوارزمي وبعض الناس يذكر عن علي بن ابي طالب رضى الله عنه انه تكلم في
ذلك وانه تعلم زيادة ذلك من يهودي وهذا كذب على علي رضى الله عنه
ونحن قد بينا في الكتاب المصنف في الدور لما ذكرنا فيه ان لفظ الدور يقال
على ثلاثة انواع
الدور الكوني الذي يذكر في الادلة العقلية أنه لا
يكون هذا حتى يكون هذا ولا يكون هذا حتى يكون هذا وطائفة من النظار كالرازي
يقولون هو ممتنع والصواب انه نوعان كما يقوله الامدي وغيره دور قبلي ودور
معي في الدور القبلي ممتنع والدور المعى ممكن
ف الدور القبلي الذي
يذكر في العل وفي الفاعل والمؤثر ونحو ذلك مثل ان يقال لا يجوز ان يكون كل
من الشيئين فاعلا للآخر لانه يفضى الى الدور
وهو ان يكون هذا قبل ذاك
وذاك قبل هذا وذاك فاعل لهذا وهذا فاعل لذاك فيكون الشئ فاعلا لفاعله ويكون
قبل قبله وقد اورد الرازي وغيره عليه إشكالات ذكرناها وبينا وجه حلها طرق
إثبات الصانع
وأما الدور المعى فهو كدور الشرط مع الشروط وأحد
المتضائفين مع الاخر إذا قيل صفات الرب لا تكون إلا مع ذاته ولا تكون ذاته
إلا مع صفاته فهذا صحيح وكذلك إذا قيل لا تكون الابوة إلا مع النبوة ولا
تكون النبوة إلا مع الابوة
والنوع الثاني مما يسمى دورا الدور الحكمى
الفقهي المذكور في المسئلة السريجية وغيرها وقد افردنا في هذا مصنفات وبينا
حقيقة هذا الدور وأنه باطل عقلا وشرعا وبينا في مصنف آخر هل في الشريعة شئ
من هذا الدور ام لا
والنوع الثالث الدور الحسابي وهو ان يقال لا يعلم
هذا حتى يعلم هذا فهذا هو الذي يطلب حله بحساب الجبر والمقابلة
وقد ذكر كثير من متأخرى الفقهاء مسائل وذكروا أنها لا تنحل إلا بطريق الجبر
والمقابلة وقد بينا انه يمكن الجواب عن كل مسئلة شرعية جاء بها الرسول ص -
بدون حساب الجبر والمقابلة وإن كان ايضا حساب الجبر والمقابلة صحيحا وقد
كان لابي وجدي رحمهما الله فيه من النصيب ما قد عرف ليست شريعة
الاسلام موقوفة على شئ من علومهم
والعلم بمواقيت الصلوة والعلم بطلوع الفجر والعلم بالهلال فكل هاذ يمكن
العلم به بالطرق المعروفة التي كان الصحابة والتابعون لهم باحسان يسلكونها
ولا يحتاج معها الى شئ آخر وإن كان كثير من الناس قد أحدثوا طرقا أخر وكثير
منهم يظن انه لا يمكن المعرفة بالشريعة إلا بها وهذا من جهلهم
العلم
بجهة القبلة
كما قد يظن طائفة من الناس ان العلم بالقبلة لا يمكن إلا
بمعرفة أطوال البلاد وعروضها
وعرض البلد هو بعد ما بينه وبين خط
الاستواء والموازي كدائرة معدل النهار وذلك يعرف بارتفاع القطب الشمالي فان
القطبين إذا كانا على دائرة الافق كان بعد كل منها عن خط الاستواء بعدا
واحدا وليس لخط الاستواء عرض فاذا بعد الانسان عن خط الاستواء مقدار درجة
فلكية ارتفع القطب في قطره عن دائرة الافق مقدار درجة ثم إذا بعد درجتين
ارتفع القطب درجتين وهلم جرأ ف عرض البلد يعرف بارتفاع القطب فاذا كان
البلدان عرضهما سواء ك دمشق وبغداد وعرض كل منهما ثلاثا وثلاثين درجة يكون
ارتفاع القطب فيهما واحدا
وأما الطول فليس له حد في السماء يضبط به إذ
هو بحسب المعمور من الارض فيجعل الطول مبدأ العمارة وكانوا يحدون بجزائر
تسمى جزائر الخالدات من جهة الغرب ويمكن ان تفرض بلدة ويجعل الطول شرقيا
وغربيا كما فعل بعضهم حيث جعل مكة شرفها الله تعالى هي التي يعتبر بها
الطول لانها باقية محفوظة محروسة وجعل الطول نوعين شرقيا وغربيا
فهذا
علم صحيح حسابي يعرف بالعقل لكن معرفة المسلمين بقبلتهم في الصلوة ليست
موقوفة على هذا بل قد ثبت عن صاحب الشرع صلوات الله عليه انه قال ما بين
المشرق والمغرب قبلة قال الترمذي حديث صحيح وبهذا كان عند جماهير العلماء
أن المصلى ليس عليه ان يستدل ب القطب ولا الجدى ولا غير ذلك بل إذا جعل من
في الشام ونحوها المغرب عن يمينه والمشرق
عن شماله كانت صلوته
صحيحة فان الله إنما امر باستقبال شطر المسجد الحرام وفي الحديث المسجد
قبلة مكة ومكة قبلة الحرم والحرم قبلة الارض ولهذا لم يعرف عن الصحابة انهم
ألزموا الناس في الصلوة ان يعتبروا الجدى كون اعتبار الجدى لمعرفة
القبلة بدعة
مستدير
عليه سلف الامة من الصحابة والتابعين لا يعرف بينهم نزاع في
ان الفلك مستدير وقد حكى إجماع علماء المسلمين على ذلك غير واحد منهم ابو
الحسين بن المنادى الامام الذي له أربعمائة مصنف وكان من الطبقة الثانية من
اصحاب احمد ومنهم ابو محمد بن حزم ومنهم ابو الفزج بن الجوزي والاثار بذلك
معروفة ثابتة عن السلف كما دل على ذلك الكتاب والسنة
وقد ذكرنا طرفا
من ذلك في جواب مسئلة سئلنا عنها في هذا الباب فذكرنا دلالة الكتاب والسنة
على ذلك موافقا لما علم بالحساب العقلي
وقد قال تعالى وهو الذي خلق
اليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون الانبياء وقال تعالى لا الشمس
ينبغي لها ان تدرك القمر ولا اليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون يس
والمقصود هنا أن المطلوب هو العلم والطريق اليه هو الدليل فمن عرف دليل
مطلوبه عرف مطلوبه سواء نظمه بقياسهم ام لا ومن لم يعرف دليله لم ينفعه
قياسهم ولا يقال إن قياسهم يعرف صحيح الادلة من فاسدها فان هذا إنما يقوله
جاهل لا يعرف حقيقة قياسهم فان قياسهم ليس فيه إلا شكل الدليل وصورته وأما
كون الدليل المعين مستلزما لمدلوله فهذا ليس في قياسهم ما يتعرض له بنفي
ولا إثبات وإنما هذا بحسب علمه بالمقدمات التي اشتمل عليها الدليل وليس في
قياسهم بيان صحة شئ من المقدمات ولا فسادها وإنما يتكلمون في هذا إذا
تكلموا في مواد القياس وهو الكلام في المقدمات من جهة ما يصدق بها وكلامهم
في هذا فيه خطأ كثير كما نبه عليه في موضع آخر
دليل هو اللزوم
والمقصود هنا ان الحقيقة المعتبرة في كل برهان ودليل
في العالم هو اللزوم فمن عرف ان هذا لازم لهذا استدل بالملزوم على اللازم
وإن لم يذكر لفظ اللزوم ولا تصور معنى هذا اللفظ بل من عرف أن كذا لا بد له
من كذا او أنه إذا كان كذا كان كذا وأمثال هذا فقد علم اللزوم كما يعرف ان
كل ما في الوجود فهو أية لله فانه مفتقر اليه محتاج اليه لا بد له منه
فيلزم من وجوده وجود الصانع
وكما يعلم ان المحدث لا بد له من محدث كما
قال تعالى ام خلقوا من غير شئ ام هم الخلقون الطور وفي الصحيحين عن جبير
بن مطعم انه لما قدم في فداء الاسرى عام بدر سمع النبي ص - يقرأ في المغرب ب
الطور قال فلما سمعت قوله ام خلقوا من غير شئ ام هم الخلقون الطور
في العالم هو اللزوم فمن عرف ان هذا لازم لهذا استدل بالملزوم على اللازم
وإن لم يذكر لفظ اللزوم ولا تصور معنى هذا اللفظ بل من عرف أن كذا لا بد له
من كذا او أنه إذا كان كذا كان كذا وأمثال هذا فقد علم اللزوم كما يعرف ان
كل ما في الوجود فهو أية لله فانه مفتقر اليه محتاج اليه لا بد له منه
فيلزم من وجوده وجود الصانع
وكما يعلم ان المحدث لا بد له من محدث كما
قال تعالى ام خلقوا من غير شئ ام هم الخلقون الطور وفي الصحيحين عن جبير
بن مطعم انه لما قدم في فداء الاسرى عام بدر سمع النبي ص - يقرأ في المغرب ب
الطور قال فلما سمعت قوله ام خلقوا من غير شئ ام هم الخلقون الطور
أحسست بفؤادي قد انصدع
فان هذا تقسيم حاصر يقول أخلقوا من غير خالق
خلقهم فهذا ممتنع في بداية العقول ام هم خلقوا أنفسهم فهذا أشد امتناعا
فعلم ان لهم خالقا خلقهم وهو سبحانه وتعالى ذكر الدليل بصيغة استفهام
الانكار ليبين أن هذه القضية التي استدل بها فطرية بديهية مستقرة في النفوس
لا يمكن أحدا إنكارها فلا يمكن صحيح الفطرة أن يدعى وجود حادث بدون محدث
أحدثه ولا يمكنه أن يقول هو أحدث نفسه
وقد بسطنا الكلام على ما قاله
الناس في هذا المقام من الحدوث والامكان وعلة الافتقار الى المؤثر وذكرنا
عامة طرائق اهل الارض في إثبات الصانع من المتكلمين والفلاسفة وطرق
الانبياء صلوات الله عليهم وما سلكه عامة نظار الاسلام من معتزلي وكرامى
وكلابي واشعري وفيلسوف وغيرهم في غير موضع مثل كتاب تعارض العقل والنقل
وغير ذلك
وكذلك بينا طرق الناس في إثبات العلم بالنبوات في شرح
الاصبهانية وكتاب الرد على النصارى وغيرهما
وبينا أن كثيرا من النظار
يسلك طريقا في الاستدلال على المطلوب ويقول لا يوصل الى المطلوب إلا بهذا
الطريق ولا يكون الامر كما قاله في النفى وإن كان مصيبا في صحة ذلك الطريق
فان المطلوب كلما كان الناس الى معرفته أحوج يسر الله على
عقول
الناس معرفة أدلته فأدلة إثبات الصانع وتوحيده وأعلام النبوة وأدلتها كثيرة
جدا وطرق الناس في معرفتها كثيرة وكثير من الطرق لا يحتاج اليه اكثر الناس
وإنما يحتاج اليه من لم يعرف غيره أو من أعرض عن غيره وبعض الناس يكون
الطريق كلما كان ادق وأخفى وأكثر مقدمات وأطول كان انفع له لان نفسه اعتادت
النظر الطويل في الامور الدقيقة فاذا كان الدليل قليل المقدمات أو كانت
جلية لم تفرح نفسه به ومثل هذا قد يستعمل معه الطريق الكلامية المنطقية
وغيرها لمناسبتها لعادته لا لكون العلم بالمطلوب متوقفا علهيا مطلقا فان من
الناس من إذا عرف ما يعرفه جمهور الناس وعمومهم أو ما يمكن غير الاذكياء
معرفته لم يكن عند نفسه قد امتاز عنهم بعلم فيجب معرفة الامور الخفية
الدقيقة الكثيرة المقدمات وهذا يسلك معه هذه السبيل
وأيضا فان النظر
في العلوم الدقيقة يفتق الذهن ويدر به ويقويه على العلم فيصير مثل كثرة
الرمي بالنشاب وركوب الخيل تعين على قوة الرمي والركوب وإن لم يكن ذلك وقت
قتال وهذا مقصد حسن
ولهذا كان كثير من علماء السنة يرغب في النظر في
العلوم الصادقة الدقيقة كالجبر والمقابلة وعويص الفرايض والوصايا والدور
لشحذ الذهن فانه علم صحيح في نفسه ولهذا يسمى الرياضي فان لفظ الرياضة
يستعمل في ثلاثة انواع في رياضة الابدان بالحركة والمشي كما يذكر ذلك
الاطباء وغيرهم وفي رياضة النفوس بالاخلاق الحسنة المعتدلة والآداب
المحمودة وفي رياضة الاذهان بمعرفة دقيق العلم والبحث عن الامور الغامضة
ويروى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه قال إذا لهوتم فالهوا بالرمي
وإذا تحدثتم فتحدثوا بالفرائض اراد إذا لهوا بعمل ان يلهوا بعمل ينفعهم في
دينهم وهو الرمي وإذا لهوا بكلام لهوا بكلام ينفعهم ايضا
في عقلهم
ودينهم وهو الفرائض
وعلم الفرائض نوعان احكام وحساب
فالاحكام
ثلاثة انواع احدها علم الاحكام على مذهب بعض الفقهاء وهذا اولها ويليه علم
أقاويل الصحابة والعلماء فيما اختلف فيه منها ويليه علم ادلة ذلك من الكتاب
والسنة
وأما علم حساب الفرائض فمعرفة أصول المسائل وتصحيحها
والمناسخات وقسمة التركات وللفرائض في ذلك طريق معلومة وكتب مصنفة وهذا
الثاني كله علم معقول يعلم بالعقل كما يعلم بالعقل سائر حساب المعاملات
وغير ذلك من الانواع التي يحتاجها اليها الناس
ثم قد ذكروا حساب
المجهولات الملقب بحساب الجبر والمقابلة وهو علم قديم لكن إدخاله في
الوصايا والدور ونحو ذلك اول من عرف انه ادخله في ذلك محمد بن موسى
الخوارزمي وبعض الناس يذكر عن علي بن ابي طالب رضى الله عنه انه تكلم في
ذلك وانه تعلم زيادة ذلك من يهودي وهذا كذب على علي رضى الله عنه
ونحن قد بينا في الكتاب المصنف في الدور لما ذكرنا فيه ان لفظ الدور يقال
على ثلاثة انواع
الدور الكوني الذي يذكر في الادلة العقلية أنه لا
يكون هذا حتى يكون هذا ولا يكون هذا حتى يكون هذا وطائفة من النظار كالرازي
يقولون هو ممتنع والصواب انه نوعان كما يقوله الامدي وغيره دور قبلي ودور
معي في الدور القبلي ممتنع والدور المعى ممكن
ف الدور القبلي الذي
يذكر في العل وفي الفاعل والمؤثر ونحو ذلك مثل ان يقال لا يجوز ان يكون كل
من الشيئين فاعلا للآخر لانه يفضى الى الدور
وهو ان يكون هذا قبل ذاك
وذاك قبل هذا وذاك فاعل لهذا وهذا فاعل لذاك فيكون الشئ فاعلا لفاعله ويكون
قبل قبله وقد اورد الرازي وغيره عليه إشكالات ذكرناها وبينا وجه حلها طرق
إثبات الصانع
وأما الدور المعى فهو كدور الشرط مع الشروط وأحد
المتضائفين مع الاخر إذا قيل صفات الرب لا تكون إلا مع ذاته ولا تكون ذاته
إلا مع صفاته فهذا صحيح وكذلك إذا قيل لا تكون الابوة إلا مع النبوة ولا
تكون النبوة إلا مع الابوة
والنوع الثاني مما يسمى دورا الدور الحكمى
الفقهي المذكور في المسئلة السريجية وغيرها وقد افردنا في هذا مصنفات وبينا
حقيقة هذا الدور وأنه باطل عقلا وشرعا وبينا في مصنف آخر هل في الشريعة شئ
من هذا الدور ام لا
والنوع الثالث الدور الحسابي وهو ان يقال لا يعلم
هذا حتى يعلم هذا فهذا هو الذي يطلب حله بحساب الجبر والمقابلة
وقد ذكر كثير من متأخرى الفقهاء مسائل وذكروا أنها لا تنحل إلا بطريق الجبر
والمقابلة وقد بينا انه يمكن الجواب عن كل مسئلة شرعية جاء بها الرسول ص -
بدون حساب الجبر والمقابلة وإن كان ايضا حساب الجبر والمقابلة صحيحا وقد
كان لابي وجدي رحمهما الله فيه من النصيب ما قد عرف ليست شريعة
الاسلام موقوفة على شئ من علومهم
فنحن قد بينا ان شريعة الاسلام
ومعرفتها ليست موقوفة على شئ يتعلم من غير المسلمين أصلا وإن كان طريقا
صحيحا بل طريق الجبر والمقابلة فيها تطويل يغنى الله عنه بغيره كما ذكرنا
في المنطق
وهكذا كل ما بعث به الرسول ص - مثل
العلم بجهة القبلةومعرفتها ليست موقوفة على شئ يتعلم من غير المسلمين أصلا وإن كان طريقا
صحيحا بل طريق الجبر والمقابلة فيها تطويل يغنى الله عنه بغيره كما ذكرنا
في المنطق
وهكذا كل ما بعث به الرسول ص - مثل
والعلم بمواقيت الصلوة والعلم بطلوع الفجر والعلم بالهلال فكل هاذ يمكن
العلم به بالطرق المعروفة التي كان الصحابة والتابعون لهم باحسان يسلكونها
ولا يحتاج معها الى شئ آخر وإن كان كثير من الناس قد أحدثوا طرقا أخر وكثير
منهم يظن انه لا يمكن المعرفة بالشريعة إلا بها وهذا من جهلهم
العلم
بجهة القبلة
كما قد يظن طائفة من الناس ان العلم بالقبلة لا يمكن إلا
بمعرفة أطوال البلاد وعروضها
وعرض البلد هو بعد ما بينه وبين خط
الاستواء والموازي كدائرة معدل النهار وذلك يعرف بارتفاع القطب الشمالي فان
القطبين إذا كانا على دائرة الافق كان بعد كل منها عن خط الاستواء بعدا
واحدا وليس لخط الاستواء عرض فاذا بعد الانسان عن خط الاستواء مقدار درجة
فلكية ارتفع القطب في قطره عن دائرة الافق مقدار درجة ثم إذا بعد درجتين
ارتفع القطب درجتين وهلم جرأ ف عرض البلد يعرف بارتفاع القطب فاذا كان
البلدان عرضهما سواء ك دمشق وبغداد وعرض كل منهما ثلاثا وثلاثين درجة يكون
ارتفاع القطب فيهما واحدا
وأما الطول فليس له حد في السماء يضبط به إذ
هو بحسب المعمور من الارض فيجعل الطول مبدأ العمارة وكانوا يحدون بجزائر
تسمى جزائر الخالدات من جهة الغرب ويمكن ان تفرض بلدة ويجعل الطول شرقيا
وغربيا كما فعل بعضهم حيث جعل مكة شرفها الله تعالى هي التي يعتبر بها
الطول لانها باقية محفوظة محروسة وجعل الطول نوعين شرقيا وغربيا
فهذا
علم صحيح حسابي يعرف بالعقل لكن معرفة المسلمين بقبلتهم في الصلوة ليست
موقوفة على هذا بل قد ثبت عن صاحب الشرع صلوات الله عليه انه قال ما بين
المشرق والمغرب قبلة قال الترمذي حديث صحيح وبهذا كان عند جماهير العلماء
أن المصلى ليس عليه ان يستدل ب القطب ولا الجدى ولا غير ذلك بل إذا جعل من
في الشام ونحوها المغرب عن يمينه والمشرق
عن شماله كانت صلوته
صحيحة فان الله إنما امر باستقبال شطر المسجد الحرام وفي الحديث المسجد
قبلة مكة ومكة قبلة الحرم والحرم قبلة الارض ولهذا لم يعرف عن الصحابة انهم
ألزموا الناس في الصلوة ان يعتبروا الجدى كون اعتبار الجدى لمعرفة
القبلة بدعة
ولهذا انكر الامام احمد وغيره من العلماء على من ألزم
الناس باعتبار الجدي فضلا عن طول البلاد وعرضها بل المساجد التي صلى فيها
الصحابة كمسجد دمشق وغيره فيه انحراف يسير عن مسامتة عين الكعبة وكذلك غيره
فكان هذا من الحكمة أن يعرف إجماع الصحابة والتابعين لهم باحسان على ان
المصلى ليس عليه مسامتة عين الكعبة بل تكفيه الجهة التي هي شطر المسجد
الحرام
من بدع المتكلمين ردهم ما صح من الفلسفةالناس باعتبار الجدي فضلا عن طول البلاد وعرضها بل المساجد التي صلى فيها
الصحابة كمسجد دمشق وغيره فيه انحراف يسير عن مسامتة عين الكعبة وكذلك غيره
فكان هذا من الحكمة أن يعرف إجماع الصحابة والتابعين لهم باحسان على ان
المصلى ليس عليه مسامتة عين الكعبة بل تكفيه الجهة التي هي شطر المسجد
الحرام
وكذلك ما يعلم
بالمشاهدة والحساب الصحيح من أحوال الفلك علم صحيح لا يدفع والافلاك
مستديرة ليست مضلعة ومن قال إنها مضلعة أو جوز ذلك من أهل الكلام فهو
وأمثاله ممن يرد على الفلاسفة وغيرهم ما قالوه من علم صحيح معقول مع كونه
موافقا للمشروع وهذا من بدع اهل الكلام الذي ذمه السلف وعابوه فانهم ناظروا
الفلاسفة في العلم الالهي في مسئلة حدوث العالم وإثبات الصانع ومسائل
المعاد والنبوات وغير ذلك بطرق فاسدة حائدة من مسلك الشرع والعقل
وكان
ذلك من أسباب ضلال كثير من الناس حيث ظنوا ان ما يقوله هؤلاء المبتدعون هو
الشرع المأخوذ عن الرسول وليس الامر كذلك بل كلما علم بالعقل الصريح فلا
يوجد عن الرسول إلا ما يوافقه ويصدقه
إجماع المسلمين على أن الفلك بالمشاهدة والحساب الصحيح من أحوال الفلك علم صحيح لا يدفع والافلاك
مستديرة ليست مضلعة ومن قال إنها مضلعة أو جوز ذلك من أهل الكلام فهو
وأمثاله ممن يرد على الفلاسفة وغيرهم ما قالوه من علم صحيح معقول مع كونه
موافقا للمشروع وهذا من بدع اهل الكلام الذي ذمه السلف وعابوه فانهم ناظروا
الفلاسفة في العلم الالهي في مسئلة حدوث العالم وإثبات الصانع ومسائل
المعاد والنبوات وغير ذلك بطرق فاسدة حائدة من مسلك الشرع والعقل
وكان
ذلك من أسباب ضلال كثير من الناس حيث ظنوا ان ما يقوله هؤلاء المبتدعون هو
الشرع المأخوذ عن الرسول وليس الامر كذلك بل كلما علم بالعقل الصريح فلا
يوجد عن الرسول إلا ما يوافقه ويصدقه
مستدير
وما نحن فيه من كرية الافلاك واستدارتها من هذا الباب بل هذا
مما أجمع
مما أجمع
عليه سلف الامة من الصحابة والتابعين لا يعرف بينهم نزاع في
ان الفلك مستدير وقد حكى إجماع علماء المسلمين على ذلك غير واحد منهم ابو
الحسين بن المنادى الامام الذي له أربعمائة مصنف وكان من الطبقة الثانية من
اصحاب احمد ومنهم ابو محمد بن حزم ومنهم ابو الفزج بن الجوزي والاثار بذلك
معروفة ثابتة عن السلف كما دل على ذلك الكتاب والسنة
وقد ذكرنا طرفا
من ذلك في جواب مسئلة سئلنا عنها في هذا الباب فذكرنا دلالة الكتاب والسنة
على ذلك موافقا لما علم بالحساب العقلي
وقد قال تعالى وهو الذي خلق
اليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون الانبياء وقال تعالى لا الشمس
ينبغي لها ان تدرك القمر ولا اليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون يس
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
تفسير قوله تعالى كل في فلك يسبحون
قوله
يسبحون قال يدورون في أبواب السماء كما يدور المغزل في الفلكة
وقال
ثنا الحسن بن الحسن ثنا إبراهيم بن عبدالله بن الهروى ثنا حجاج عن ابي جريج
اخبرني عبدالله بن كثير انه سمع مجاهدا يقول وكل في فلك يسبحون قال النجوم
والشمس والقمر فلكة كفلكة المغزل وقال مثل ذلك الحسبان يعنى مجاهد حسبان
الرحى وهو سفودها القائم الذي يدور عليه والحسبان في اللغة سهام قصار
الواحدة حسبانة وكان مجاهد يفسر قوله والشمس والقمر بحسبان الرحمن بهذا
وقال غيره هو من الحساب قيل هو مصدر وقيل جمع حساب كشهاب وشهبان
قال
مجاهد ولا يدور المغزل إلا بالفلكه ولا تدور الفلكة إلا بالمغزل ولا يدور
الحسبان إلا بالرحى ولا يدور الرحى إلا بالحسبان قال فكذلك النجوم والشمس
والقمر هي في فلك لا يدمن إلا به ولا يدوم إلا بهن قال فنقر بأصبعه قال
فقال مجاهد يدمن كذلك كما نقر قال فالحسبان والفلك يصيران الى شئ واحد غير
ان الحسبان في الرحى والفلك في المغزل كل ذلك عن مجاهد
قلت قوله لا
يدوم إلا به أي لا يدور إلا به ومنه الدوامة بالضم والتشديد وهي فلكة
يرميها الصبي بخيط فتدوم على الارض أي تدور ومنه تدويم الطير وهو تحليقه
وهو دورانه في طيرانه ليرتفع الى السماء وقوله نقر بأصبعه يعنى نقر بها من
الارض وأدارها ليشبه بذلك دوران الفلك
وقال ابن ابي حاتم قرى على يونس
بن عبد الاعلى ثنا ابن وهب ثنا السري ابن يحيى قال سأل رجل الحسن البصري
عن قوله كل في فلك يسبحون
قال يعنى استدارتهم
وقال بندة ثنا
أبي ثنا عبيد الله بن عائشة ثنا عبدالواحد بن زياد ثنا ابو روق سمعت الضحاك
في قوله كل في فلك يسبحون قال يدور ويذهب
ثنا ابي ثنا مسروق بن
المرزبان ثنا يحي بن ابي زائدة ثنا ورقاء عن ابن ابي نجيح عن مجاهد كل في
فلك يسبحون قال الفلك كحديدة الرحى يعنى قطب كحديدة الرحى وهو قطب الرحى
وهو السفود القائم الذي يسمى أيضا حسبانا
ثنا بن على الحسين بن حنيد
ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا مروان بن معاوية عن جويبر عن الضحاك في فلك
يسبحون قال الفلك السرعة والجري في الاستدارة ويسبحون يعملون يريد أن لفظ
الفلك يدل على الاستدارة وعلى سرعة الحركة كما في دوران فلكة المغزل ودوران
الرحى
وقال ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي
طلحة عن ابن عباس قوله في فلك يقول دوران وقوله يسبحون يعني يجرون
وعن إياس بن معاوية قال السماء على الأرض مثل القبة
وقد بسط القول في
ذلك بدلائله من الكتاب والسنة في غير هذا الموضع
ولفظ الفلك في لغة
العرب يدل على الاستدارة قال الجوهري فلكة المغزل سميت بذلك لاستدارتها
والفلكة قطعة من الأرض أو
الرمل تستدير وترتفع على ما حولها والجمع
فلك وقال ومنه قيل فلك ثدى الجارية تفليكا وتفلك استدار قلت والسباحة
تتضمن الجري بسرعة كما ذكر ذلك أهل اللغة العلم بالهلال
ويكون الجو صافيا فيرى ويكون كدرا فلا يرى
فلما كانت اسباب الرؤية لا تنضبط بالحساب لم تمكن معرفة وقت الرؤية بالحساب
ولهذا كان قدماء علماء الهيئة كبطلميوس صاحب المجسطي وغيره لم يتكلموا في
ذلك بحرف وإنما تكلم فيه بعض المتأخرين مثل كوشيار الديلمي ونحوه لما رأوا
الشريعة قد جاءت باعتبار الرؤية احبوا ان يعرفوا ذلك بالحساب فضلوا وأضلوا
ومن قال إنه لا يرى على اثنتي عشرة درجة أو عشر او نحو ذلك فقد أخطأ فان
من الناس من يراه على أقل من ذلك ومنهم من لا يراه على ذلك بل قد يراه نصف
النهار إذا فارق الشمس أدنى مفارقة فلا للعقل اعتبروا ولا للشرع عرفوا
ولهذا انكر عليهم ذلك حذاق ضاعتهم العلم بطلوع الفجر
الذي به يعلم ان الله
خلق هذا العالم في ستة ايام ولهذا لا توجد اسماء الاسبوع في لغة من لا
يعرفون شرائع الانبياء كالمشركين من الترك وغيرهم فانهم لا يعرفونه والعادة
تتبع التصور فمن لم يتصور شيئا لم يعرفه
واليوم يعرف بطلوع الفجر وهو
النور الذي يظهر من جهة المشرق وهو أول نور الشمس المتصل الذي لا ينقطع
بخلاف الفجر الاول فانه يأتي بعده ظلمة والاعتبار في الشرع في الصلوة
والصيام وغير ذلك بالثاني ويعرف بالحس والمشاهدة كما يعرف الهلال ويعرف
بالقياس على ما قرب منه تقريبا إذا عرف عند طلوعه مواضع الكواكب من السماء
فيستدل في اليوم الثاني بذلك على وقت طلوعه
وأما تقدير حصة الفجر بأمر
محدود من حركة الفلك مساو لحصة العشاء كما فعله طائفة من الموقتين فغلطوا
في ذلك كما غلط من قدر قوس الرؤية تقديرا مطلقا وذلك لان الفجر نور الشمس
وهو شعاعها المنعكس الذي يكون من الهواء والارض وهذا يختلف باختلاف مطارحة
التي ينعكس عليها فاذا كان الجو صافيا من الغيوم لم يظهر فيه النور كما
يظهر اذا كان فيه بخار فان البخار لغلظه وكثافته ينعكس عليه الشعاع ما لا
ينعكس على الهواء الرقيق الا ترى ان الشمس اذا طلعت انما يظر شعاعها على
الارض والجبال ونحو ذلك من الاجسام الكثيفة وان كانت صقيلة كالمراة والماء
كان اظهر واما الهواء فانه وان استنار بها فان الشعاع لا يقف فيه بل يخرقه
الى ان يصل الى جسم كثيف فينعكس
ففي الشتاء تكون الابخرة في الليل
كثيرة لكثرة ما يتصعد من الارض بسبب رطوبتها ولا يحلل البخار فيها فينعكس
الشعاع عليه فيظهر الفجر حينئذ قبل ما يظهر لو لم يكن بخار واما الصيف فان
الشمس بالنهار تحلل البخار فاذا غربت الشمس لم يكن للشعاع التابع لها بخار
يرده فتطول في الصيف حصة العشاء بهذا
السبب وتطول في الشتاء حصة
الفجر بهذا السبب وفي الصيف تقصر حصة الفجر لتأخر ظهور الشعاع اذ لا بخار
يرده لان الرطوبات في الصيف قليلة وتقصر حصة العشاء في نهار الشتاء لكثرة
الابخرة في الشتاء فحاصلة ان كلا من الحصتين تتبع ما قبلها في الطول والقصر
بسبب البخار لا بسبب فلكي
والذين ظنوا ان ذلك يكون عن حركة الفلك
قدروه بذلك فغلطوا في تقديرهم وصاروا يقولون حصة الفجر في الشتاء اقصر منها
في الصيف وحصة العشاء في الصيف اقصر منها في الشتاء فان هذه جزء من الليل
وهذه جزء من النهار فتتبعه في قدره ولم يعرفوا الفرق بين طلوع الشمس
وغروبها وبين طلوع شعاعها فان الشمس تتحرك في الفلك فحركتها تابعة للفلك
والشعاع هو بحسب ما يحمله وينعكس عليه من الهواء الابخرة وهذا امر له سبب
ارضي ليس مثل حركة الفلك
ولهذا كان ما قالوه بالقياس الفاسد امرا
يخالقه الحس ويعرف كذب ما قالوه باتفاق طوائف بني ادم فالذي يعرف بالحس
والعقل الصريح لا يخالفه شرع ولا عقل ولا حس فان الادلة الصادقة لا تتعارض
مدلولاتها ولكن ما يقال بقياس فاسد وظن فاسد يقع فيه الاختلاف كون
عدد الافلاك تسعة ليس عليه دليل
باطل من وجوه كثيرة قد بينا بعضها
في مسئلة الاحاطة
وجمهورهم يقولون بحدوث هذا العالم وانما عرف القول
بقدمه من ارسطو ومتبعيه وقد رايت كلام ارسطو في ذلك في مقالة اللام وهي اخر
العلم الالهي ومنتهى فلسفته وتكلمنا على ما ذكره هو وغيره من الفلاسفة
وبينا ان ما قاله خالف فيه جمهور الفلاسفة واساطينهم وليس معه قط دليل يدل
على قدم شيء من العالم وانما تدل على دوام الفاعلية وتوابع ذلك
وقد
بسطنا الكلام على ذلك في الكلام على هذا الاصل وما اضطربوا فيه وهم
المبتدعون من المتكلمين الذين يضيفون الى الشريعة ما لم يدل عليه كتاب ولا
سنة ولا قاله احد من سلف الامة ولا ائمتها فيجمعون في كلامهم بين حق وباطل
والمتفلسفة في كلامهم حق وباطل وكلا الطائفتين لا يوافق ما دل عليه العقل
الصريح المطابق لما جاءت به الرسل اختلافهم في مدة بقاء العالم
ثم الجمهور منهم القائلون بحدوث هذا العالم تكلم منهم طوائف في بقائه وفي
وقت فنائه من الروم والهند وغيرهم لكن بلا دليل صحيح وسبب ذلك انهم لم
يعرفوا للحوادث التي في هذا العالم سببا الا حركة الفلك وما يتجدد فيه من
الاشكال واتصالات الكواكب فقاسوا بقاءه على ذلك فمنهم من قال يبقى اثني عشر
الف سنة ومنهم من قال ستة وثلاثين الف سنة ومنهم من قال ثلثمائة الف وستون
الف سنة ومنهم من قال ثمانية واربعين الف سنة او اربعة وعشرين الف سنة وكل
ذلك قول بلا علم
فإن منشأ النزاع ان الثوابت كان المعروف عندهم انها
تقطع الفلك كل مائة سنة درجة من درجات الفلك التي هي ثلثمائة وستون درجة
فلما رصدوها زمن المأمون زعموا ان الصحيح انها تقطعها في ثلثي هذه المدة كل
سنة وستين سنة وثلثي سنة والصواب ان الرصد الاول هو الصحيح وقد اعتبر ذلك
بمواضع الكواكب التي ذكرها غير واحد من القدماء في كتبهم واصطرلاباتهم
ومواضعها الان تدل على اعتبار ذلك على ان الرصد القديم هو الصحيح وانها
تقطع الدرجة في مائة سنة
واذا ضرب ذلك في ثلثمائة وستين كان على القول
الاول ستة وثلاثين الفا وعلى القول الثاني اربعة وعشرين الفا ومن قال
ثلثمائة الف وستون الفا قال هذا دور في عشرة ادوار ومن قال اثنا عشر الف
سنة جعل لكل برج الف سنة وليس معهم دليل يدل على ان هذه المدة هي مدة بقاء
الفلك
والاصل الذي بنوا عليه فاسد وهو ظنهم ان الحوادث جميعها سببها
حركات الفلك
وقد ذكر الامام ابو محمد عبد
الرحمن بن ابي حاتم في تفسيره ثنا ابى يعنى الامام ابا حاتم الرازي ثنا نصر
بن علي حدثني ابي عن شعبة بن الحجاج عن الاعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن
جبير عن ابن عباس في قوله كل في فلك يسبحوق قال في فلكة مثل فلكة المغزل
وذكر عن احمد الزبيري عن شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس في
الرحمن بن ابي حاتم في تفسيره ثنا ابى يعنى الامام ابا حاتم الرازي ثنا نصر
بن علي حدثني ابي عن شعبة بن الحجاج عن الاعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن
جبير عن ابن عباس في قوله كل في فلك يسبحوق قال في فلكة مثل فلكة المغزل
وذكر عن احمد الزبيري عن شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس في
قوله
يسبحون قال يدورون في أبواب السماء كما يدور المغزل في الفلكة
وقال
ثنا الحسن بن الحسن ثنا إبراهيم بن عبدالله بن الهروى ثنا حجاج عن ابي جريج
اخبرني عبدالله بن كثير انه سمع مجاهدا يقول وكل في فلك يسبحون قال النجوم
والشمس والقمر فلكة كفلكة المغزل وقال مثل ذلك الحسبان يعنى مجاهد حسبان
الرحى وهو سفودها القائم الذي يدور عليه والحسبان في اللغة سهام قصار
الواحدة حسبانة وكان مجاهد يفسر قوله والشمس والقمر بحسبان الرحمن بهذا
وقال غيره هو من الحساب قيل هو مصدر وقيل جمع حساب كشهاب وشهبان
قال
مجاهد ولا يدور المغزل إلا بالفلكه ولا تدور الفلكة إلا بالمغزل ولا يدور
الحسبان إلا بالرحى ولا يدور الرحى إلا بالحسبان قال فكذلك النجوم والشمس
والقمر هي في فلك لا يدمن إلا به ولا يدوم إلا بهن قال فنقر بأصبعه قال
فقال مجاهد يدمن كذلك كما نقر قال فالحسبان والفلك يصيران الى شئ واحد غير
ان الحسبان في الرحى والفلك في المغزل كل ذلك عن مجاهد
قلت قوله لا
يدوم إلا به أي لا يدور إلا به ومنه الدوامة بالضم والتشديد وهي فلكة
يرميها الصبي بخيط فتدوم على الارض أي تدور ومنه تدويم الطير وهو تحليقه
وهو دورانه في طيرانه ليرتفع الى السماء وقوله نقر بأصبعه يعنى نقر بها من
الارض وأدارها ليشبه بذلك دوران الفلك
وقال ابن ابي حاتم قرى على يونس
بن عبد الاعلى ثنا ابن وهب ثنا السري ابن يحيى قال سأل رجل الحسن البصري
عن قوله كل في فلك يسبحون
قال يعنى استدارتهم
وقال بندة ثنا
أبي ثنا عبيد الله بن عائشة ثنا عبدالواحد بن زياد ثنا ابو روق سمعت الضحاك
في قوله كل في فلك يسبحون قال يدور ويذهب
ثنا ابي ثنا مسروق بن
المرزبان ثنا يحي بن ابي زائدة ثنا ورقاء عن ابن ابي نجيح عن مجاهد كل في
فلك يسبحون قال الفلك كحديدة الرحى يعنى قطب كحديدة الرحى وهو قطب الرحى
وهو السفود القائم الذي يسمى أيضا حسبانا
ثنا بن على الحسين بن حنيد
ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا مروان بن معاوية عن جويبر عن الضحاك في فلك
يسبحون قال الفلك السرعة والجري في الاستدارة ويسبحون يعملون يريد أن لفظ
الفلك يدل على الاستدارة وعلى سرعة الحركة كما في دوران فلكة المغزل ودوران
الرحى
وقال ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي
طلحة عن ابن عباس قوله في فلك يقول دوران وقوله يسبحون يعني يجرون
وعن إياس بن معاوية قال السماء على الأرض مثل القبة
وقد بسط القول في
ذلك بدلائله من الكتاب والسنة في غير هذا الموضع
ولفظ الفلك في لغة
العرب يدل على الاستدارة قال الجوهري فلكة المغزل سميت بذلك لاستدارتها
والفلكة قطعة من الأرض أو
الرمل تستدير وترتفع على ما حولها والجمع
فلك وقال ومنه قيل فلك ثدى الجارية تفليكا وتفلك استدار قلت والسباحة
تتضمن الجري بسرعة كما ذكر ذلك أهل اللغة العلم بالهلال
وكذلك
أيضا الهلال فان الشارع جعله معلقا بالرؤية فقال صوموا لرؤيته وأفطروا
لرؤيته وقال إنا أمة أمية لانكتب ولا نحسب إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه
فأفطروا وقال صوموا من الوضح الى الوضح
والعارفون بالحساب لا
يتنازعون في ان الهلال لا يمكن ضبط وقت طلوعه بالحساب فانهم وإن عرفوا أن
نور القمر مستفاد من الشمس وعرفوا انه إذا اجتمع القرصان عند الاستسرار لا
يرى له ضوء فاذا فارق الشمس صار فيه النور فهم أكثر ما يمكنهم ان يضبطوا
بالحساب كم بعده عند غروب الشمس عن الشمس هذا إذا قدر صحة تقويم الحساب
وتعديله فانهم يسمونه علم التقويم والتعديل لانهم يأخذون اعلى مسير الكواكب
وادناه فيأخذون معدله فيحسبونه
فاذا قدر انهم حزروا ارتفاعه عند مغيب
الشمس لم يكن في هذا ما يدل على ثبوت الرؤية ولا انتفائها لان الرؤية امر
حسى لها اسباب متعددة من صفاء الهواء وكدره وارتفاع المنظر وانخفاضه وحدة
البصر وكلاله فمن الناس من لا يراه ويراه من هو أحد بصرا منه ويرى من مكان
عال ولا يرى من منخفض
أيضا الهلال فان الشارع جعله معلقا بالرؤية فقال صوموا لرؤيته وأفطروا
لرؤيته وقال إنا أمة أمية لانكتب ولا نحسب إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه
فأفطروا وقال صوموا من الوضح الى الوضح
والعارفون بالحساب لا
يتنازعون في ان الهلال لا يمكن ضبط وقت طلوعه بالحساب فانهم وإن عرفوا أن
نور القمر مستفاد من الشمس وعرفوا انه إذا اجتمع القرصان عند الاستسرار لا
يرى له ضوء فاذا فارق الشمس صار فيه النور فهم أكثر ما يمكنهم ان يضبطوا
بالحساب كم بعده عند غروب الشمس عن الشمس هذا إذا قدر صحة تقويم الحساب
وتعديله فانهم يسمونه علم التقويم والتعديل لانهم يأخذون اعلى مسير الكواكب
وادناه فيأخذون معدله فيحسبونه
فاذا قدر انهم حزروا ارتفاعه عند مغيب
الشمس لم يكن في هذا ما يدل على ثبوت الرؤية ولا انتفائها لان الرؤية امر
حسى لها اسباب متعددة من صفاء الهواء وكدره وارتفاع المنظر وانخفاضه وحدة
البصر وكلاله فمن الناس من لا يراه ويراه من هو أحد بصرا منه ويرى من مكان
عال ولا يرى من منخفض
ويكون الجو صافيا فيرى ويكون كدرا فلا يرى
فلما كانت اسباب الرؤية لا تنضبط بالحساب لم تمكن معرفة وقت الرؤية بالحساب
ولهذا كان قدماء علماء الهيئة كبطلميوس صاحب المجسطي وغيره لم يتكلموا في
ذلك بحرف وإنما تكلم فيه بعض المتأخرين مثل كوشيار الديلمي ونحوه لما رأوا
الشريعة قد جاءت باعتبار الرؤية احبوا ان يعرفوا ذلك بالحساب فضلوا وأضلوا
ومن قال إنه لا يرى على اثنتي عشرة درجة أو عشر او نحو ذلك فقد أخطأ فان
من الناس من يراه على أقل من ذلك ومنهم من لا يراه على ذلك بل قد يراه نصف
النهار إذا فارق الشمس أدنى مفارقة فلا للعقل اعتبروا ولا للشرع عرفوا
ولهذا انكر عليهم ذلك حذاق ضاعتهم العلم بطلوع الفجر
وهكذا
امر الفجر فان الزمان يوم واسبوع وشهر وعام فأما اليوم فيعلم بالحس
والمشاهدة وكذلك الشهر والعام يعرف بالعدد في القمرية وبالرؤية في الشمسية
قال تعالى ولبثوا في كهفهم ثلث مائة سنين وازدادوا تسعا الكهف كانت ثلثمائة
شمسية وثلثمائة وتسع هلالية
وأما الاسبوع فليس له حد يعرف بالحس
والعقل وإنما عرف باخبار الانبياء ان الله خلق هذا العالم في ستة ايام ثم
استوى على العرش ولهذا شرع الله لاهل الملل ان يجتمعوا في الاسبوع يوما
لعبادة الله وحده ويكون ذلك سببا لحفظ الاسبوع
امر الفجر فان الزمان يوم واسبوع وشهر وعام فأما اليوم فيعلم بالحس
والمشاهدة وكذلك الشهر والعام يعرف بالعدد في القمرية وبالرؤية في الشمسية
قال تعالى ولبثوا في كهفهم ثلث مائة سنين وازدادوا تسعا الكهف كانت ثلثمائة
شمسية وثلثمائة وتسع هلالية
وأما الاسبوع فليس له حد يعرف بالحس
والعقل وإنما عرف باخبار الانبياء ان الله خلق هذا العالم في ستة ايام ثم
استوى على العرش ولهذا شرع الله لاهل الملل ان يجتمعوا في الاسبوع يوما
لعبادة الله وحده ويكون ذلك سببا لحفظ الاسبوع
الذي به يعلم ان الله
خلق هذا العالم في ستة ايام ولهذا لا توجد اسماء الاسبوع في لغة من لا
يعرفون شرائع الانبياء كالمشركين من الترك وغيرهم فانهم لا يعرفونه والعادة
تتبع التصور فمن لم يتصور شيئا لم يعرفه
واليوم يعرف بطلوع الفجر وهو
النور الذي يظهر من جهة المشرق وهو أول نور الشمس المتصل الذي لا ينقطع
بخلاف الفجر الاول فانه يأتي بعده ظلمة والاعتبار في الشرع في الصلوة
والصيام وغير ذلك بالثاني ويعرف بالحس والمشاهدة كما يعرف الهلال ويعرف
بالقياس على ما قرب منه تقريبا إذا عرف عند طلوعه مواضع الكواكب من السماء
فيستدل في اليوم الثاني بذلك على وقت طلوعه
وأما تقدير حصة الفجر بأمر
محدود من حركة الفلك مساو لحصة العشاء كما فعله طائفة من الموقتين فغلطوا
في ذلك كما غلط من قدر قوس الرؤية تقديرا مطلقا وذلك لان الفجر نور الشمس
وهو شعاعها المنعكس الذي يكون من الهواء والارض وهذا يختلف باختلاف مطارحة
التي ينعكس عليها فاذا كان الجو صافيا من الغيوم لم يظهر فيه النور كما
يظهر اذا كان فيه بخار فان البخار لغلظه وكثافته ينعكس عليه الشعاع ما لا
ينعكس على الهواء الرقيق الا ترى ان الشمس اذا طلعت انما يظر شعاعها على
الارض والجبال ونحو ذلك من الاجسام الكثيفة وان كانت صقيلة كالمراة والماء
كان اظهر واما الهواء فانه وان استنار بها فان الشعاع لا يقف فيه بل يخرقه
الى ان يصل الى جسم كثيف فينعكس
ففي الشتاء تكون الابخرة في الليل
كثيرة لكثرة ما يتصعد من الارض بسبب رطوبتها ولا يحلل البخار فيها فينعكس
الشعاع عليه فيظهر الفجر حينئذ قبل ما يظهر لو لم يكن بخار واما الصيف فان
الشمس بالنهار تحلل البخار فاذا غربت الشمس لم يكن للشعاع التابع لها بخار
يرده فتطول في الصيف حصة العشاء بهذا
السبب وتطول في الشتاء حصة
الفجر بهذا السبب وفي الصيف تقصر حصة الفجر لتأخر ظهور الشعاع اذ لا بخار
يرده لان الرطوبات في الصيف قليلة وتقصر حصة العشاء في نهار الشتاء لكثرة
الابخرة في الشتاء فحاصلة ان كلا من الحصتين تتبع ما قبلها في الطول والقصر
بسبب البخار لا بسبب فلكي
والذين ظنوا ان ذلك يكون عن حركة الفلك
قدروه بذلك فغلطوا في تقديرهم وصاروا يقولون حصة الفجر في الشتاء اقصر منها
في الصيف وحصة العشاء في الصيف اقصر منها في الشتاء فان هذه جزء من الليل
وهذه جزء من النهار فتتبعه في قدره ولم يعرفوا الفرق بين طلوع الشمس
وغروبها وبين طلوع شعاعها فان الشمس تتحرك في الفلك فحركتها تابعة للفلك
والشعاع هو بحسب ما يحمله وينعكس عليه من الهواء الابخرة وهذا امر له سبب
ارضي ليس مثل حركة الفلك
ولهذا كان ما قالوه بالقياس الفاسد امرا
يخالقه الحس ويعرف كذب ما قالوه باتفاق طوائف بني ادم فالذي يعرف بالحس
والعقل الصريح لا يخالفه شرع ولا عقل ولا حس فان الادلة الصادقة لا تتعارض
مدلولاتها ولكن ما يقال بقياس فاسد وظن فاسد يقع فيه الاختلاف كون
عدد الافلاك تسعة ليس عليه دليل
وعدد الافلاك وكونها تسعة ليس امرا
معلوما ولا قام دليل على انه ليس وراء التسعة شيء بل صرح ائمتهم بأنه يجوز
ان تكون اشياء اخر وهذه التسعة انما اثبتوها بما راوه من اختلاف حركات
الكواكب وكذلك اثبتوا لكل كوكب من الخمسة المتحيزة عددا من الافلاك بسبب
اختلاف حركاته وعرفوا ارتفاع بعضها فوق بعض بكسوف الاسفل للاعلى وبينهم
اختلاف كثير يطول وصفه في الامور الفلكية التي لا تعرف بالحس وكثير مما
يقولونه في ذلك لا يقوم عليه دليل
ولهذا لما اخبرت الانبياء بعرش الرب
وكرسيه ظن بعضهم ان الكرسي هو الفلك الثامن والعرش هو الفلك التاسع وهذا
القول مع انه لا دليل عليه اصلا فهو
معلوما ولا قام دليل على انه ليس وراء التسعة شيء بل صرح ائمتهم بأنه يجوز
ان تكون اشياء اخر وهذه التسعة انما اثبتوها بما راوه من اختلاف حركات
الكواكب وكذلك اثبتوا لكل كوكب من الخمسة المتحيزة عددا من الافلاك بسبب
اختلاف حركاته وعرفوا ارتفاع بعضها فوق بعض بكسوف الاسفل للاعلى وبينهم
اختلاف كثير يطول وصفه في الامور الفلكية التي لا تعرف بالحس وكثير مما
يقولونه في ذلك لا يقوم عليه دليل
ولهذا لما اخبرت الانبياء بعرش الرب
وكرسيه ظن بعضهم ان الكرسي هو الفلك الثامن والعرش هو الفلك التاسع وهذا
القول مع انه لا دليل عليه اصلا فهو
باطل من وجوه كثيرة قد بينا بعضها
في مسئلة الاحاطة
وجمهورهم يقولون بحدوث هذا العالم وانما عرف القول
بقدمه من ارسطو ومتبعيه وقد رايت كلام ارسطو في ذلك في مقالة اللام وهي اخر
العلم الالهي ومنتهى فلسفته وتكلمنا على ما ذكره هو وغيره من الفلاسفة
وبينا ان ما قاله خالف فيه جمهور الفلاسفة واساطينهم وليس معه قط دليل يدل
على قدم شيء من العالم وانما تدل على دوام الفاعلية وتوابع ذلك
وقد
بسطنا الكلام على ذلك في الكلام على هذا الاصل وما اضطربوا فيه وهم
المبتدعون من المتكلمين الذين يضيفون الى الشريعة ما لم يدل عليه كتاب ولا
سنة ولا قاله احد من سلف الامة ولا ائمتها فيجمعون في كلامهم بين حق وباطل
والمتفلسفة في كلامهم حق وباطل وكلا الطائفتين لا يوافق ما دل عليه العقل
الصريح المطابق لما جاءت به الرسل اختلافهم في مدة بقاء العالم
ثم الجمهور منهم القائلون بحدوث هذا العالم تكلم منهم طوائف في بقائه وفي
وقت فنائه من الروم والهند وغيرهم لكن بلا دليل صحيح وسبب ذلك انهم لم
يعرفوا للحوادث التي في هذا العالم سببا الا حركة الفلك وما يتجدد فيه من
الاشكال واتصالات الكواكب فقاسوا بقاءه على ذلك فمنهم من قال يبقى اثني عشر
الف سنة ومنهم من قال ستة وثلاثين الف سنة ومنهم من قال ثلثمائة الف وستون
الف سنة ومنهم من قال ثمانية واربعين الف سنة او اربعة وعشرين الف سنة وكل
ذلك قول بلا علم
فإن منشأ النزاع ان الثوابت كان المعروف عندهم انها
تقطع الفلك كل مائة سنة درجة من درجات الفلك التي هي ثلثمائة وستون درجة
فلما رصدوها زمن المأمون زعموا ان الصحيح انها تقطعها في ثلثي هذه المدة كل
سنة وستين سنة وثلثي سنة والصواب ان الرصد الاول هو الصحيح وقد اعتبر ذلك
بمواضع الكواكب التي ذكرها غير واحد من القدماء في كتبهم واصطرلاباتهم
ومواضعها الان تدل على اعتبار ذلك على ان الرصد القديم هو الصحيح وانها
تقطع الدرجة في مائة سنة
واذا ضرب ذلك في ثلثمائة وستين كان على القول
الاول ستة وثلاثين الفا وعلى القول الثاني اربعة وعشرين الفا ومن قال
ثلثمائة الف وستون الفا قال هذا دور في عشرة ادوار ومن قال اثنا عشر الف
سنة جعل لكل برج الف سنة وليس معهم دليل يدل على ان هذه المدة هي مدة بقاء
الفلك
والاصل الذي بنوا عليه فاسد وهو ظنهم ان الحوادث جميعها سببها
حركات الفلك
صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى