لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب :الرد على المنطقيين الجزء السادس - صفحة 2 Empty كتاب :الرد على المنطقيين الجزء السادس {الأربعاء 8 يونيو - 18:26}

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

فصل

القياس مع صحته لا يستفاد به علم بالموجودات
فصورة
القياس لا يدفع صحتها لكن يبين أنه لا يستفاد به علم بالموجودات كما أن
اشتراطهم للمقدمتين دون الزيادة والنقص شرط باطل فهو وإن حصل به يقين فلا
يستفاد بخصوصه نفس مطلوب شئ من الموجودات بل ما يحصل به قد يحصل بدونه وقد
يحصل بدونه ما لا يحصل به

فنقول إن صورة القياس إذا كانت مواده معلومة
فلا ريب أنه يفيد اليقين وإذا قيل كل أ ب وكل ب ج وكانت المقدمتان
معلومتين فلا ريب ان هذا التأليف يفيد العلم بأن كل أ ج وهذا لا نزاع فيه


فصورة القياس لا يتكلم على صحتها فان ذلك ظاهر سواء في ذلك الاقترانى
المؤلف من الحمليات الذي هو قياس التداخل والاستثنائي المؤلف

من
الشرطيات المتصلة الذي هو التلازم والتقسيم
وكذلك ما ذكروه من أن
الشكل الاول من الاقتران يفيد المطالب الاربعة النتائج الاربعة الموجبة
والسالبة والجزئية والكلية وان الثاني يفيد السالبة الكلية والجزئية وأن
الثالث يفيد الجزئية سالبة كانت أو موجبة
وفي التلازم استثناء عين
المقدم ينتج عين التالي واستثناء نقيض التالي ينتج نقيض المقدم وهو قول
نظار المسلمين وجود الملزوم يقتضي وجود اللازم وانتفاء اللازم يقتضى انتفاء
الملزوم بل هذا مع اختصاره فانه يشمل جميع أنواع الادلة سواء سميت براهين
او اقيسة او غير ذلك فان كل ما يستدل به على غيره فانه مستلزم له فيلزم من
تحقق الملزوم الذي هو الدليل تحقق اللازم الذي هو المطلوب المدلول عليه
ويلزم من انتفاء اللازم الذي هو المدلول عليه انتفاء الملزوم الذي هو
الدليل
ولهذا كان من عرف ان المدعى باطل علم انه لا يقوم عليه دليل
صحيح فانه يمتنع ان يقوم على الباطل دليل صحيح ومن عرف ان الدليل صحيح علم
ان لازمه الذي هو المطلوب حق فانه يجب إذا كان الدليل حقا ان يكون المطلوب
المدلول عليه حقا وإن تنوعت صور الادلة ومقدماتها وترتيبها
ولهذا كان
الدليل الذي يصور بصورة القياس الاقترانى يصور ايضا بصورة الاستثنائي ويصور
بصورة اخرى غيرما ذكروه من الالفاظ وترتيبها والمقصود هنا الكلام على ما
ذكروه كما ذكرنا الكلام على الشرطي المتصل
والتقسيم قد يكون مانعا من
الجمع والخلو كما يقال العدد إما شفع وإما وتر وهما في معنى النقيضين الذين
لا يجتمعان ولا يرتفعان فقد يكون مانعا من الجمع دون الخلو كالضدين الذين
لا يجتمعان وقد يرتفعان كما يقال هذا إما أسود وإما أحمر وقد يخلو منهما


وقد يكون مانعا من الخلو دون الجمع كعدم المشروط ووجود الشرط والمراد
بالشرط هنا ما يلزم من عدمه عدم الحكم سواء عرف ذلك بالشرع او بالعقل مثل
كون الطهارة شرطا في الصلوة والحيوة شرطا في العلم ليس المراد ما يسميه
النحاة شرطا كالجملة الشرطية المعلقة ب إن واخواتها فان هذا في المعنى سبب
لوجود الجزاء ولفظ الشرط يقال على هذا وهذا بالاشتراك
ومن جعل لفظ
الشرط ينقسم الى الثلاثة فقد غلط فانه قد يجتمع عدم المشروط ووجود الشرط إذ
وجود الشرط لا يستلزم وجود المشروط ولكن لا يرتفعان جميعا فلا يرتفع وجود
الشرط وعدم المشروط لانه حينئذ يعدم الشرط ويوجد المشروط وهذا لا يكون كما
إذا قيل هذا غرق بغير ماء او صحت صلوته بغير وضوء او وجب رجمه بغير زناء
فيقال هذا إما أن يكون في ماء وإما أن لا يغرق وإما أن يكون متطهرا وإما ان
لا تصح صلوته وإما ان يكون زانيا وإما أن لا يجوز رجمه
وكذلك لو قيل
ليس في الوجود واجب ولا ممكن ولا قديم ولا محدث فقيل لا بد في الوجود من
واجب او ممكن او قديم او محدث فهذان لا يجتمعان ولا يرتفعان
وكذلك إذا
قيل الوجود إما قائم بنفسه ك الجسم وإما قائم بغيره ك العرض فهذان لا
يرتفعان وقد يجتمعان فكل ما لا يخلو الوجود عنهما مع إمكان اجتماعهما او لا
يخلو بعض الانواع عنهما مع إمكان اجتماعهما فهو من هذا الباب كما إذا قيل
الوارث بطريق الاصالة إما أن يرث بفرض وإما ان يرث بتعصيب وقد يجتمع في
الشخص الواحد ان يكون ذا فرض وعصبة كالزوج إذا كان ابن عم او معتقا

فالشرطى المتصل هو من التلازم والمنفصل هو في الثاني كما في الضدين
والنقيضين وهذه الصورة صورة التقسيم الذي هو الشرطي المنفصل هي


أيضا تعود الى اللزوم فانه يلزم من وجود احد الضدين عدم الاخر ومن عدمه
وجوده وهذه مانعة الجمع والخلو
فهذه الاشكال وإن تكثرت فجميعها يعود
الى ان الدليل يستلزم المدلول ويمكن تصوير ذلك بصور متعددة مما ذكروه ومما
لم يذكروه
فهم يقولون البرهان ينحصر في الاقترانى والاستثنائى فان
الاقترانى ينحصر في أربعة اشكال والاستثناي ينحصر في الشرطى المتصل والشرطى
المنفصل فيعود الى ستة أشكال وجمهورهم لا يذكرون الشكل الرابع من
الاقترانيات لبعده عن الطبع وحصروها في أربعة بناء على حصرهم الدليل في
مقدمتين تشتركان في حد أوسط ثم الاوسط إن كان محمولا في الصغرى موضوعا في
الكبرى فهو الشكل الاول المنتج للمطالب الاربعة وإن كان موضوعا فيهما فهو
الثاني المنتج للسلبيات وإن كان محمولا فيهما فهو الثالث المنتج للايجابيات
وإن كان محمولا في الكبرى موضوعا في الصغرى عكس الاول فهو الرابع وهو
أبعدها عن الطبع وأكثرهم لا يذكونه فيجعلون الاشكال خمسة هذه الثلاثة مع
الاستثنائي الشرطى المتصل والشرطى المنفصل
فهذه الاشكال إذا قدر
إفادتها فهى صورة من صور الادلة لا ينحصر تصوير الادلة في هذه الاشكال كما
لا ينحصر تصوير الدليل في مقدمتين بل هذا الحصر خطأ في النفي والاثبات فقد
يكون الدليل مقدمة وقد يكون مقدمات وهذه الاشكال تكثر تصوير الدليل على
أشكال اخر غير هذه فللا تنحصر في خمسة أو سته وقد يؤتى بالدليل بدون هذه
الاشكال جميعها وبدون المقدمتين إذا كان مقدمة واحدة
وإذا قالوا إن
جميع ما يذكر من الادلة يرجع الى هذه الاشكال قيل لهم بل جميع الادلة يرجع
الى ان الدليل مستلزم للمدلول وحينئذ فاما أن يكون الاعتبار بما ذكروه من
صور الاشكال ولفظها أو بما ذكروه من المعنى فان كانت العبرة


بالصورة لم يكن تخصيص صورة الدليل بخمسة أو ستة صوابا كما لم يكن تخصيصه
بمقدمتين صوابا إذ كان يمكن تصويره بصور كثيرة متنوعة ليس فيها لفظ شرط لا
متصل ولا منفصل ولا هو على صورة القياس الحملى كما ذكروه وإن كانت العبرة
بالمعنى كان ذلك أدل عل فساد ما ذكروه فان المعنى هو ان يكون ما يستدل به
مستلزما لما يستدل به عليه سواء كان مقدمة او مقدمتان او اكثر وسواء كان
على الشكل والترتيب الذي ذكروه او غيره
والصواب في هذا الباب ان يقال
ما ذكروه إذا كان صوابا فانه تطويل للطريق وتبعيد للمطلوب وعكس للمقصود
فانهم زعموا انهم جعلوه آلة قانونية تمنع الذهن أن يزل في فكره وما ذكروه
إذا كلفوا الناظر المستدل ان يلزمه في تصوراته وتصديقاته كان اقرب الى زلله
في فكره وضلاله عن مطلوبه كما هو الواقع فلا تجد أحدا التزم وضع هؤلاء
واصطلاحهم إلا كان أكثر خطأ واقل صوابا ممن لم يلتزم وضعهم وسلك الى
المطلوب بفطرة الله التي فطر عباده عليها ولهذا لا يوجد أحد ممن حقق علما
من العلوم كان ملتزما لوضعه
ولهذا يقال كثرة هذه الأشكال وشروط نتاجها
تطويل قليل الفائدة كثير التعب فهو لحم جمل غث على رأس جبل وعر لا سهل
فيرتقي ولا سمين فينتقل فانه متى كانت المادة صحيحة أمكن تصويرها بالشكل
الأول الفطري فبقية الأشكال لا يحتاج إليها وإنما تفيد بالرد إلى الشكل
الأول إما بابطال النقيض الذي يتضمنه قياس الخلف وإما بالعكس المستوي أو
عكس النقيض فان ثبوت أحد المتناقضين يستلزم نفي الآخر إداء روعي التناقض من
كل وجه فهم يستدلون بصحة القضية على بطلان نقيضها وعلى ثبوت عكسها المستوي
وعكس نقيضها بل تصور الذهن بصورة الدليل يشبه حساب الانسان لما معه من
الرقيق والعقار
والفطرة تصور القياس الصحيح من غير تعليم والناس
بفطرهم يتكلمون بالأنواع الثلاثة التداخل والتلازم والتقسيم كما يتكلمون
بالحساب ونحوه والمنطقيون

قد يسلمون ذلك
ويقولون إن المقدمتين
لا بد منها لا أكثر ولا اقل ويقولون اكثر الناس يحذفون احدى المقدمتين
لظهورها اختصارا ويسمون هذا قياس الضمير وإن احتجاج المطلوب إلى مقدمات
جعلوا القياس معنى أقيسة متعددة بناء على قولهم إنه لابد في القياس من
مقدمتين ويسمونه القياس المركب ويقسمونه الى موصول وهو ما لا يذكر فيه إلا
نتيجة واحدة والى مفصول وهو ما يذكر فيه عقب كل مقدمتين نتيجة فالاول كقولك
هذا نبيذ وكل نبيذ مسكر وكل مسكر خمر وكل خمر حرام فهذا حرام والثاني
كقولك هذا نبيذ وكل نبيذ مسكر فهذا مسكر ثم تقول وكل مسكر خمر وكل خمر حرام
فكل مسكر حرام ثم تقول هذا مسكر وكل مسكر حرام فهذا حرام
وهذا كله
مما غلطوا فيه والصواب الذي عليه جماهير النظار من المسلمين وغيرهم أن
الدليل قد يتوقف على مقدمة تارة وقد يتوقف على مقدمتين تارة وعلى ثلاث تارة
وعلى أكثر من تلك فما كان من المقدمات معلوما لم يحتج ان يستدل عليه وإنما
يستدل على المجهول والمطلوب المجهول يعلم بدليله ودليله ما استلزمه وكل
ملزوم فانه يصح الاستدلال به على لازمه وحينئذ فاذا كان المطلوب ملزوم يعلم
لزومه له استدل عليه به وكفى ذلك وإن لم يكن المستدل يعلم إلا ملزوم
ملزومه احتاج الى مقدمتين وإن لم يعلم إلا ملزوم ملزوم ملزومه احتجاج الى
ثلاث وهلم جرا
بيان ان حصول العلم لا يتوقف على القياس المنطقي


وإذا كان كذلك فنقول لا ننكر أن القياس يحصل به علم إذا كانت مواده يقينية
لكن نحن نبين ان العلم الحاصل به لا يحتاج فيه الى القياس المنطقي بل يحصل
بدون ذلك فلا يكون شئ من العلم متوقفا على هذا القياس

ونبين ان المواد
اليقينية التي ذكروها لا يحصل بها علم بالامور الموجودة فلا يحصل بها
مقصود تزكو به النفوس
بل ولا علم بالحقائق الموجودة في الخارج على ما
هي عليه إلا من جنس ما يحصل ب قياس التمثيل فلا يمكن قط ان يحصل ب القياس
الشمولى المنطقي الذي يسمونه البرهاني علم إلا وذلك يحصل ب قياس التمثيل
الذي يستضعفونه فان ذلك القياس لا بد فيه من قضية كلية والعلم بكون الكلية
كلية لا يمكن الجزم به إلا مع الجزم بتماثل أفراده في القدر المشترك وهذا
يحصل ب قياس التمثيل
وكلا القياسين ينتفع به إذا تلقت بعض مقدماته
الكلية عن خبر المعصوم إذا استعملت في الالهيات بطريق الاولى كما جاء به
القران واما بدون هذين فلا ينفع في الالهيات ولا ينفع ايضا في الطبيعيات
منفعة علمية برهانية وإنما يفيد قضايا عادية قد تنحرف فتكون من باب الاغلب
وأما الرياضي المجرد عن المادة كالحساب والهندسة فهذا حق في نفسه لكن ليس
له معلوم في الخارج وإنما هو تقدير عدد ومقدار في النفس لكن ذلك يطابق أي
معدود ومقدر واقعه في الخارج والبرهان لا يقوم إلا على ما في النفس لا يقوم
على ما في الخارج واكثر ما تعبوا في الهندسة ليتوصلوا بذلك الى علم الهيئة
كصفة الافلاك والكواكب ومقادير ذلك وحركاته وهذا بعضه معلوم ب البرهان
وأكثره غير معلوم ب البرهان وبينهم فيه من الاختلاف ما يطول وصفه فصار
المعلوم ببراهينهم من الرياضي وغيره امر لا تزكو به النفوس ولا يعلم به
الامور الموجودة إلا كما يعلم ب قياس الثمثيل
وهذا يظهر بالكلام في
مادة القياس فنقول هم لا ريب عندهم انه لا بد في كل قياس من قضية كلية ولا
قياس في جميع الاشكال لا عن سالبتين ولا عن جزئيتين ولا عن صغرى سالبة مع
كبرى جزئية لكن قد يكون عن صغرى جزئية مع كبرى سالبه كلية والمقصود انه لا
بد في القياس في جميع صورة من قضية كلية وفي أكثر

القياس لا بد من
موجبة كلية بل النتيجة الكلية لا تكون إلا عن موجبة كلية والسالبة الكلية
لا تفيد حكما كليا إلا مع موجبه كلية بيان أصناف اليقينيات عندهم
التي ليس فيها قضية كلية


فاذا كان لا بد في كل قياس من قضية كلية
فنقول المواد اليقينيات قد حصروها في الاصناف المعروفة عندهم

أحدها
الحسيات ومعلوم ان الحس لا يدرك امرا كليا عاما أصلا فليس في الحسيات
المجردة قضية كلية عامة تصلح ان تكون مقدمة في البرهان اليقيني وإذا مثلوا
ذلك ب ان النار تحرق ونحو ذلك لم يكن لهم علم بعموم هذه القضية وإنما معهم
التجربة والعادة التي هي من جنس قياس التمثيل لما يعلمونه من الحكم الكلى
لا فرق بينه وبين قياس الشمول وقياس التمثيل وإن علم ذلك بواسطة اشتمال
النار على قوة محرقة فالعلم بأن كل نار لا بد فيها من هذه القوة هو ايضا
حكم كلى

وإن قيل إن الصورة النارية لا بد ان تشتمل على هذه القوة وأن
ما لا قوة فيه ليس بنار فهذا الكلام إذا قيل إنه صحيح قيل إنه لا يفيد
الجزم بأن كل ما فيه هذه القوة تحرق كل ما لاقاه وإن كان هو الغالب فهذا
يشترك فيه قياس والتمثيل والشمول والعادة والاستقراء الناقص ومعلوم ان كل
من قال إن كل نار تحرق كل ما لاقته فقد أخطأ فانه لا بد من كون المحل قابلا
للاحراق إذ قد علم انها لا تحرق كل شئ كما لا تحرق السمندل والياقوت وكما
لا تحرق الاجسام المطلية بأمور مصبوغة وأما خرق العادة فمقام آخر

ولا
أعلم في القضايا الحسية كلية لا يمكن نقضها مع ان القضية الكلية ليست حسية
وإنما القضية الحسية ان هذه النار تحرق فان الحس لا يدرك إلا شيئا خاصا
وأما الحكم العقلي فيقولون إن النفس عند رؤيتها هذه المعينات تستعد لان


تفيض عليها قضية كلي بالعموم ومعلوم ان هذا من جنس قياس التمثيل ولا يوثق
بعمومه إن لم يعلم أن الحكم العام لازم للقدر للمشترك وهذا إذا علم علم في
جميع المعينات فلم يكن العلم بالمعينات موقوفا على هذا
مع انه ليس من
القضايا العاديات قضية كلية لا يمكن نقضها باتفاق العقلاء بل والفلاسفة
يجوزون خرق العادات لكن يذكرون أن لها أسبابا فلكية او قوى نفسانية أو
أسبابا طبيعية فهذه الثلاثة هي أسباب خرق العادات عندهم والى ذلك ينسبون
معجزات الانبياء وكرامات الاولياء والسحر وغير ذلك وقد بسطنا الكلام على
ذلك في مسئلة معجزات الانبياء هل هي قوى نفسانية ام لا وبينا فساد قولهم
هذا حتى عند جماهير أساطين الفلاسفة بالادلة الصحيحة بما ليس هذا موضعه وهي
المعروفة ب مسئلة الصفدية
والثاني الوجديات الباطنة كادراك كل احد
جوعه وعطشه وحبه وبغضه وألمه ولذته وهذه كلها جزئيات وإنما يعلم الانسان
حال غيره والقضية الكلية ب قياس التمثيل بل هذه لا يشترك الناس في إدراك كل
جزئي منها كما قد يشتركون في إدراك بعض الحسيات المنفصلة كالشمس والقمر
ففيها من الخصوص في المدرك والمدرك ما ليس في الحسيات المنفصلة وإن اشتركوا
في نوعها فهى تشبه العاديات

رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب :الرد على المنطقيين الجزء السادس - صفحة 2 Empty رد: كتاب :الرد على المنطقيين الجزء السادس {الأربعاء 8 يونيو - 18:32}

الوجه الثالث


عدم دلالة القياس البرهاني على اثبات الصانع


الوجه الثالث ان القضايا الكلية العامة لا توجد في الخارج كلية عامة وانما
تكون كلية في الاذهان لا في الاعيان واما الموجودات في الخارج فهي امور
معينة كل موجود له حقيقة تخصه يتميز بها عما سواه لا يشاركه فيها غيره
فحينئذ لا يمكن الاستدلال ب القياس على خصوص وجود معين وهم معترفون بذلك
وقائلون ان القياس لا يدل على امر معين وقد يعبرون عن ذلك بأنه لا يدل على
جزئي وانما يدل على كلي والمراد بالجزئي ما يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه
وكل موجود له حقيقة تخصه يمنع تصورها من وقوع الشركة فيها فاذن القياس لا
يفيد معرفة امر موجود بعينه وكل موجود فانما هو موجود بعينه فلا يفيد معرفة
شيء من حقائق الموجودات وانما يفيد امورا كلية مطلقة مقدرة في الاذهان لا
محققة في الاعيان
وقد بسطنا الكلام على هذا وغيره في غير هذا الموضع
وبين ان ما يذكره النظار من الادلة القياسية التي يسمونها براهين على اثبات
الصانع سبحانه وتعالى لا يدل شيء منها على عينه وانما يدل على امر مطلق
كلي لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه
فانا اذا قلنا هذا محدث وكل
محدث فلا بد له من محدث او ممكن والممكن لا بد له من واجب انما يدل هذا على
محدث مطلق او واجب مطلق ولو عين بأنه قديم ازلي عالم بكل شيء وغير ذلك فكل
هذا انما يدل فيه القياس على امر مطلق كلي لا يمنع تصوره من وقوع الشركة
فيه وانما يعلم عينه بعلم اخر يجعله الله في القلوب وهم معترفون بهذا لان
النتيجة لا تكون ابلغ من المقدمات والمقدمات فيها قضية كلية لا بد من ذلك
والكلي لا يدل على معين
وهذا بخلاف ما يذكره الله في كتابه من الايات
كقوله تعالى ان في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار الى قوله لقوم
يعقلون البقرة

وقوله ان في ذلك لايات لقوم يعقلون لقوم يتفكرون وغير
ذلك فانه يدل على المعين كالشمس التي هي اية النهار وقال تعالى وجعلنا اليل
والنهار ايتين فمحونا اية اليل وجعلنا اية النهار مبصرة لتبتغوا الاسراء
والدليل اتم من القياس فان الدليل قد يكون بمعين على معين كما يستدل بالنجم
وغيره من الكواكب على الكعبة ف الايات تدل على نفس الخالق سبحانه لا على
قدر مشترك بينه وبين غيره فان كل ما سواه مفتقر اليه نفسه فيلزم من وجوده
وجود عين الخالق نفسه الكلام على علة الافتقار الى الصانع

وقد
بسط الكلام على هذا في مواضع مثل ما ذكرناه من طرق اثبات العلم بالصانع
والطرق التي سلكها عامة النظار في هذا المطلوب والكلام على المحصل وغير ذلك
فان المتأخرين من النظار تكلموا في علة الافتقار الى المؤثر وان شئت قلت
الى الصانع هل هو الامكان او الحدوث او مجموعهما
فالاول قول المتفلسفة
المتأخرين ومن وافقهم كالرازي ومقصودهم بذلك ان مجرد الامكان بدون الحدوث
يوجب الافتقار الى الصانع فيمكن كون الممكن قديما لا محدثا مع كونه مفتقرا
الى المؤثر وهذا القول مما اتفق جماهير العقلاء من الاولين والاخرين على
فساده حتى ارسطو وقدماء الفلاسفة ومن اتبعه من متأخريهم كابن رشد الحفيد
وغيره كلهم يقولون ان ما امكن وجوده وامكن عدمه لا يكون الا محدثا وانما
قال هذا القول ابن سينا وامثاله واتبعهم الرازي وامثاله وهؤلاء يجعلون
الشيء الممكن مفتقرا الى الفاعل في حال بقائه فقط فانه لم يكن له حال حدوث
ولهذا لما جعلوا مثل هذا ممكنا اضطرب كلامهم في الممكن وورد عليهم اشكالات
لا جواب لهم عنها كما ذكر في كتبه كلها الكبار والصغار ك الاربعين ونهاية
العقول والمطالب العالية والمحصل وغيرها وقد بسطناه في غير هذا الموضع


والقول الثاني ان علة الافتقار مجرد الحدوث وان المحدث يفتقر الى الفاعل
حال حدوثه لا حال بقائه وهذا قول طائفة من اهل الكلام المعتزلة وغيرهم وهذا
ايضا قول فاسد
والقول الثالث ان علة الافتقار هي الامكان والحدوث ولم
يجعل احدهما شرطا في الاخر وقد يجعل احد الشطرين وقد بينا في غير هذا
الموضع ان كل واحد من الحدوث والامكان دليل على الافتقار الى الصانع وان
كانا متلازمين فاذا علمنا ان هذا محدث علمنا انه مفتقر الى من يحدثه واذا
علمنا ان هذا ممكن وجوده وممكن عدمه علمنا انه لا يرجح وجوده على عدمه الا
بفاعل يجعله موجودا
وكونه مفتقرا الى الفاعل هو من لوازم حقيقته
لايحتاج ان يعلل بعلة جعلته مفتقرا بل الفقر لازم لذاته فكل ما سوى الله
فقير اليه دائما لايستغني عنه طرفة عين وهذا من معاني اسمه الصمد ف الصمد
الذي يحتاج اليه كل شيء وهو مستغن عن كل شيء وكما ان غنى الرب ثبت له لنفسه
لا لعلة جعلته غنيا فكذلك فقر المخلوقات وحاجتها اليه ثبت لذواتها لا لعلة
جعلتها مفتقرة اليه
فمن قال علة الافتقار الى الفاعل هي الحدوث أو
الامكان أو مجموعهما إن اراد ان هذه المعاني جعلت الذات فقيرة لم يصح شئ من
ذلك وإن أراد أن هذه المعاني يعلم بها فقر الذات فهو حق فكل منهما مستلزم
لفقر الذات وهي مفتقرة اليه حال حدوثها وحال بقائها لا يمكن استغناؤها عنه
لا في هذه الحال ولا في هذه الحال
وأما تقدير ممكن يقبل أن يكون
موجودا ويقبل أن يكون معدوما مع انه واجب الوجود لغيره أزلا وابدا فهذا جمع
بين المتناقضين فان ما يجب وجوده أزلا وأبدا لا يقبل العدم أصلا وقول
القائل إنه باعتبار ذاته مع قطع النظر

عن موجبه يقبل الوجود والعدم
باطل لوجوه
منها ان هذا مبنى على أن له ذاتا محققة في الخارج غير
الموجود المعين وأن تلك الذات تكون ثابتة مع عدمه وهذا باطل بل ليس له
حقيقة في الخارج إلا الموجود الثابت في الخارج وما يكون حقيقة الوجود لا
يقبل العدم اصلا فليس في الخارج ماهية ثابتة تكون ثابتة في الخارج في حال
العدم حتى يقال إن الوجود يعرض ولكن الذات المعلومة المتصورة في الذهن تكون
تارة موجودة في الخارج وتارة معدومة
وقد بسط هذا في غير هذا الموضع
فان هذا يتعلق بقول من يقول المعدوم شئ من المعتزلة وغيرهم ويقول من يقول
الماهيات ثابتة في الخارج وهي الموجودات المعينة كقول من يقول ذلك من
المتفلسفة ومن وافقهم وكلاهما باطل بل الفرق المعقول هو الفرق بين ما يعلم
في الاذهان وبين ما يوجد في الاعيان فاذا قيل لما يعلم في الذهن إنه شئ في
الذهن او العلم او ثابت في العلم او الذهن او سمى ذلك ماهية وقيل إن المثلث
تثبت ماهيته في الذهن مع الشك في وجوده فهذا صحيح وأما إذا قيل في الخارج
ذات ثابتة لا موجودة أو في الخارج ماهيه المثلث او غيره ثابتة مع انه ليس
موجودا فهذا باطل يعلم بطلانه بالتصور الجيد السليم والدلائل الكثيرة كما
قد بسط في موضعه
ومنها أنه لو فرض ان ل الممكن ذاتا غير وجوده فاذا
كان الموجود لازما لها أبدا وأزلا واجبا بغيرها لم تقبل هذه الذات ان تكون
معدومة قط وقول القائل هى في نفسها ليس لها وجود إذا قدر أن هناك ذاتا غير
الوجود لا يقتضى أنه يمكن عدمها ويمكن وجودها مع القول بوجوب وجودها أزلا
وأبدا
ومنها ان الفاعل لا بد أن يتقدم مفعوله المعين لا يجوز مقارنته
له في الزمان وما يذكرونه من تقدم حركة اليد على حركة الخاتم ونحو ذلك
ويجعلونه تقدما بالعلة ليس في شئ من ذلك علة فاعلة اصلا وإنما ذلك شرط في
هذا ولا يمكن أحدا

قط أن يبين في الوجود علة فاعلة لمعلول مفعول مع
مقارنتها له في الزمان اصلا وإنما يمكن المقارنة بين الشرط والمشروط ولكن
لفظ العلة فيه إجمال يراد به الفاعل ويراد به القابل والشروط
وهذا
أيضا مما حصل فيه تلبيس في صفات واجب الوجدود لما قالوا لو كانت له صفات
لكانت معلولة للذات والواجب لا يكون معلولا فيقال لهم واجب الوجود قد يعنى
به ما لايحتاج الى فاعل فالصفات واجبة بهذا الاعتبار وقد يعنى به ما لا
يفتقر الى محل وعلى هذا فالذات واجبة وأما الصفات فليست واجبة بهذا التفسير
والبرهان قام على ان الممكنات لا بد لها من فاعل لا يفتقر الى ما سواه لم
يقم على ان صفاته كذاته لا تفتقر الى محل وهذه الامور مبسوطة في موضعها
الكلام
على جنس القياس والدليل مطلقا


والمقصود هنا الكلام على جنس القياس
والدليل مطلقا وقد بسطنا الكلام على هذا في غير هذا الموضع لما تكلمنا على
ما ذكروه من أن الاستدلال تارة يكون بالعام على الخاص وهو القياس وتارة
بالخاص على العام وهو الاستقراء وتارة بأحد الخاصين على الاخر وهو التمثيل
وبينا فساد هذا الحصر والتقسيم وفساد ما ذكر في حكم الاقسام فان من أنواع
الاستدلال ما يستدل فيه بمعين على معين وبالمساوى على المساوى سواء كان
معينا أو كليا
فليس من ضرورة الدليل أن يكون أعم أو اخص بل لا بد في
الدليل من أن يكون ملزوما للحكم والملزوم قد يكون اخص من اللازم وقد يكون
متساويا له ولا يجوز ان يكون أعم منه لكن قد يكون اعم من المحكوم عليه
الموصوف الذي هو موضوع النتيجة المخبر عنه
فان المطلوب الذي هو
النتيجة إذا كانت هو أن النبيذ المسكر المتنازع فيه حرام فاستدل على ذلك
بان النبيذ المسكر خمر بالنص وهو قول النبي ص - كل مسكر خمر رواه مسلم
وغيره ف الخمر أعم من النبيذ المتنازع فيه

أخص من الحرام والحرام هو
الحكم وهو الخبر وهو الصفة وهو المطلوب بالدليل وهو الذي يسمونه الحد
الاكبر ويسمونه محمول النتيجة والنبيذ هو المحكوم عليه وهو المخبر عنه وهو
الموصوف وهو محل الحكم وهو الذي يسمونه الحد الاصغر وموضوع النتيجة والخمر
هو الدليل وهو الحد الاوسط والمطلوب بالدليل معرفة الحكم لا معرفة عينة
فهذا الدليل يجب أن لا يكون أخص من محل الحكم بل يكون إما مساويا له وإما
أعم منه لانه لا بد ان يشمل جميع محل الحكم فاذا كان اخص لم يشمله

ويجب ان لا يكون أعم من الحكم بل يكون إما مساويا له وإما اخص منه لانه
مستلزم للحكم والحكم لازم له فاذا كان أعم منه امكن وجوده بدون وجود الحكم
فلا يصلح أن يكون دليلا مستلزما له فلا بد في الدليل أن يكون مساويا للحكم
أو أخص منه ليكون مستلزما له ولا بد ان يكون أعم من المحكوم عليه او مساويا
له ليتناول جميع صور المحكوم عليه وإلا لم يكن دليلا على حكمه بل على حكم
بعضه
والناس هنا قد يضطرب أذهانهم في الدليل هل يجب ان لا يكون اعم من
المدلول عليه أو لا يكون اخص وسبب ذلك أن المدلول عليه قد يعنى به الحكم
نفسه وقد يعنى به المحكوم عليه فاذا أقمنا الدليل على ان النبيذ حرام فقد
يقال المدلول عليه هو النبيذ وهذا يجب أن لا يكون أعم من الدليل بل إما
مساويا وإما أخص وقد يقال المدلول عليه هو الحكم وهو حرمة النبيذ وهذا
الحكم يجب ان لا يكون اخص من الدليل بل يكون إما مساويا له وإما أعم منه
لان الحكم لازم للدليل والدليل لازم للمحكوم عليه فلا بد ان يكون المحكوم
عليه مستلزما للدليل بحيث يكون حيث وجد وجد الدليل ليشمله الدليل ولا بد أن

يكون الحكم لازما للدليل بحيث يكون حيث تحقق الدليل تحقق الحكم
حتى يثبت الحكم في جميع صور المحكوم عليه
وإذا كان كذلك فقد يستدل
بالمعين على المعين المساوى له في العموم والخصوص كالاستدلال باحدى كواكب
السماء على الملازم كما يستدل بالجدى على بنات نعش وببنات نعش على الجدى
ويستدل بالجدى على جهة الشمال وبجهة الشمال على الجدى ويستدل بالشمس على
المشرق وبالمشرق على الشمس ومن هذا الباب ما ذكر من اخبار نبينا ص - في كتب
الانبياء قبله فانها صفات مطابقة له ليست اعم منه ولا أحص منه وكذلك سائر
الامور المتلازمة فانه يستدل بأحد المتلازمين على ثبوت الاخر وبانتفائه على
انتفائه فاذا كان المدلول معينا كانت الاية معينة
وقد تكون الاية
تستلزم وجود المدلول من غير عكس كآيات الخالق سبحانه وتعالى فانه يلزم من
وجوده وجدوده ولا يلزم من وجوده وجودها وهي كلها آيات دالة على نفسه
المقدسة لا على أمر كلى لا يمنع تصوره من وقوع الاشتراك فيه بينه وبين غيره
بل ذلك مدلول القياس
والقرآن يستعمل الاستدلال ب الايات ويستعمل ايضا
في إثبات الالهية قياس الاولى وهو أن ما ثبت لموجود مخلوق من كمال لا نقص
فيه فالرب احق به وما نزه عنه مخلوق من النقائص فالرب أحق بتنزيهه عنه كما
ذكر سبحانه وتعالى هذا في محاجته للمشركين الذين جعلوا له شركاء فقال ضرب
لكم مثلا من انفسكم هل من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقنكم فأنتم فيه
سواء تخافونهم كخيفتكم انفسكم الروم
وقال تعالى ويجعلون لله البنت
سبحنه ولهم ما يشتهون وإذا بشر احدهم

بالاثنى ظل وجه مسودا وهو
كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون ام يدسه في التراب
ألا ساء ما يحكمون للذين لا يؤمنون بالاخرة مثل السوء ولله المثل الاعلى
وهو العزيز الحكيم النحل وقال أفريتم اللت والعزى ومنوة الثالثة الاخرى
الكم الذكر وله الانثى تلك إذا قسمته ضيزى النجم وكذلك في إثبات صفاته
وإثبات النبوة والمعاد كما قد بسط في موضعه
وأما القياس الذي يستوى
افراده ويماثل الفرع فيه أصله فهذا يمتنع استعماله في حق الله تعالى فان
الله لا مثل له سبحانه وتعالى وإذا استعمل فيه مثل هذا القياس لم يفد إلا
أمرا كليا مشتركا بينه وبين غيره لا يدل على ما يختص به الرب سبحانه إلا أن
يضم اليه علم آخر فان هذا الكلى الذي هو مدلول القياس قد انحصر نوعه في
شخصه وهذا ايضا لا يفيد التعيين بل لا بد في التعيين من علم آخر
الوجه
الرابع



التصور التام للحد الاوسط يغنى عن القياس المنطقي


الوجه الرابع أن يقال القياس ثلاثة انواع قياس التداخل وقياس التلازم وقياس
التعاند باعتبار القضايا الحملية والشرطية المتصلة والشرطية المنفصلة ومن
ذلك تعرف المختلطات فنقول مثلا في قياس التداخل له ثلاثة حدود الحد الاصغر
والحد الاوسط والحد الاكبر إذا قال كل مسكر خمر وكل خمر حرام ف المسكر مثلا
هو الحد الاصغر والخمر الاوسط والحرام الاكبر والاصغر لا بد ان يكون داخلا
في الاوسط لانه اخص منه او مساويا له والشئ يدخل في أكثر منه وفي نظيره
كما يدخل الانسان في الحيوان فان الحيوان اعم وكذلك الانسان والناطق
والضحاك متلازمة فكل منها يتناول الاخر فكذلك التداخل في الاحكام الشرعية
فان من شرب الخمر ثم شرب ثم شرب كفاه حد

واحد والنتيجة المطلوبة هى كل
مسكر حرام
والنظر نوعان أحدهما النظر في المسئلة التي هي القضية
المطلوب حكمها ليطلب دليلها الذي هو الحد الاوسط مثلا وهذا هو النظر الذي
لا يجامع العلم بل يضاده لان هذا الناظر طالب للعلم بها ولو كان عالما بها
لم يطلب العلم لان ذلك تحصيل الحاصل والثاني النظر في الدليل وهو العلم
بالدليل المستلزم للعلم بالمدلول عليه وهو تصور الحد الاوسط المستلزم لثبوت
الاكبر للاصغر مثل من يعلم ان الخمر حرام وأن كل مسكر خمر فيلزم أن يعلم
أن كل مسكر حرام وهذا النظر هو ترتيب المقدمتين في النفس وهذا النظر هو
الذي يوجب العلم ولا ينافى العلم
وللناس في هذا الباب اضطراب عظيم هل
النظر مفيد للعلم أو غير مفيد وهل هو ضد العلم ام لا وأمثال ذلك وكثير من
النظار يقول في مصنفه إن النظر يضاد العلم ويقول ايضا إنه مستلزم للعلم
وهذا تناقض بين فان ملزوم الشئ لا يكون مضادا له لكن النظر الذي يستلزم
العلم غير النظر الذي يضاده فذاك هو النظر الاستدلالى وهذا هو النظر الطلبي
ذاك هو نظر في الدليل فاذا تصوره وتصور استلزامه للحكم علم الحكم والنظر
الطلبي نظر في المطلوب حكمه هل يظفر بدليل يدله على حكمه أو لا يظفر كطالب
الضالة والمقصود قد يجده وقد لا يجده وقد يعرض عنهما فان الاول انتقال من
المبادئ الى المطالب والاخر انتقال من المطالب الى المبادئ
وتحقيق
الامر ان النظر نوعان بمنزلة نظر العين وهو نوعان احدهما التحديق لطلب
الرؤية وهو بمنزلة تحديق القلب في المسئلة لطلب حكمها وهذا قد يحصل معه
العلم وقد لا يحصل ولا يكون طالب العلم حين الطلب عالما بمطلوبة تصديقا كان
علمه أو تصورا على رأى من جعل التصور المطلوب خارجا عن التصديق والثاني
نفس الرؤية وهو بمنزلة رؤية الدليل كترتيب المقدمتين والظفر بالحد الاوسط


فهذا يوجب العلم كما توجب رؤية العين العلم بالمرئى ولا ينافى هذا النظر
العلم فهذا الثاني نظر في الدليل كالذي ينظر في القرآن والحديث فيعلم الحكم
والاول نظر في الحكم كالذي ينظر في المسئلة لينال دليلها من القرآن
والحديث
فنقول من المعلوم أن معرفة القلب بثبوت المحمول للموضوع وهو
ثبوت الصفة للموصوف وهو ثبوت الحكم المسئول عنه مثل حرمة المسكر قد تحصل
بواسطة هذا الحد وهو أن يعلم ان هذا خمر مع علمه أن الخمر حرام وهذا قياس
الشمول وقد يحصل بغير هذا مثل أن يرى ان المسكر مساو لخمر العنب في مناط
التحريم فيستوى بينهما في التحريم وهذا قياس التمثيل وقد يحصل بأن يرى فيه
المفسدة التي في الخمر فيحكم بالتحريم لدرء تلك المفسدة وهذا قياس التعليل
وقياس التمثيل وقياس التعليل يشملهما جنس القياس لكن القياس قد يحتاج في
إثبات الحكم في الفرع الى اصل معين فيلحق الفرع به إما لابداء الجامع وإما
لالغاء الفارق فان إبداء الجامع وهو علة الحكم في الاصل يسمى قياس العلة
وأما ما يدل على العلة وهو قياس الدلالة فهذا صار قياس تمثيل وتعليل معا
وإن قاس بالغاء الفارق وهو أن يبين له أنه ليس بينهما فرق مؤثر وإن لم يعلم
عين العلة فهذا قياس تمثيل لا تعليل وقد يقوم دليل على ان الوصف الفلاني
مستلزم للحكم وإن لم يعرف له أصل معين وهذا قياس تعليل وهو يشبه قياس
الشمول
وقياس الشمول وقياس التمثيل متلازمان فكل ما ذكر بهذا القياس
يمكن ذكره بهذا القياس فان قياس الشمول لا بد فيه من حد أوسط مكرر وذاك هو
مناط الحكم في قياس التمثيل وهو القدر المشترك وهو الجامع بين الاصل والفرع
مثال ذلك إذا قيل النبيذ حرام قياسا على الخمر لان فيه الشدة المطربة


وهذه هى العلة في التحريم أو لانه مسكر والمسكر هو علة التحريم وبين ذلك
بدليله كان قياسا صحيحا وإذا قيل النبيذ مسكر وكل مسكر حرام أو النبيذ فيه
الشدة المطربة وما فيه الشدة المطربة فهو حرام فهذا أيضا صحيح وكل ما امكن
أن يستدل به على صحة المقدمة الكبرى أمكن ان يستدل به على كون الوصف
المشترك علة للحكم في الاصل وكل ما أمكن يستدل به على الصغرى فانه يستدل به
على ثبوت الوصف في الفرع
ثم إن كان ذاك الدليل قطعيا فهو قطعي في
القياسين وإن كان ظنيا فهو ظنى في القياسين وأما دعوى من يدعى من المنطقيين
وأتباعهم أن اليقين إنما يحصل ب قياس الشمول دون قياس التمثيل فهو قول في
غاية الفساد وهو قول من لم يتصور حقيقة القياسين كما قد بسط في موضعه

وقد يعلم الحكم المطلوب بنص علىأن كل مسكر حرام كما قد ثبت هذا الحديث في
الصحاح عن النبي ص - وإذا كان كذلك لم يتعين قياس الشمول لافادة الحكم بل
ولا قياس من الاقيسة فانه قد يعلم بلا قياس
وإذا علم بقياس الشمول فكل
ما يعلم بقياس الشمول فانه يعلم بقياس التمثيل أيضا كما تقدم ويجعل الحد
الاوسط هو الجامع بين الاصل والفرع والدليل الذي يقيمه صاحب قياس الشمول
على صحة المقدمة الكبرى الكلية يقيمه صاحب قياس التمثيل على علية الوصف وإن
الجامع وهو الوصف المشترك الذي هو الحد الاوسط في قياس الشمول هو مستلزم
للحكم وهو علية في الاصل كما يقيمه في ذاك على أن الحد الاكبر لازم للحد
الاوسط فالحد الاكبر في قياس الشمول هو الحكم في قياس التمثيل والحد الاوسط
هو الجامع المشترك ويسمى المناط والحد الاصغر هو الفرع ويمتاز قياس
التمثيل بأن فيه ذكر اصل يكون نظيرا للفرع الذي هو الحد الاصغر وقياس
الشمول ليس فيه هذا فصار في قياس التمثيل ما

في قياس الشمول وزيادة
وقد بسط هذا في موضع آخر
وقد لا يحتاج الى دليل آخر ذى مقدمتين ولا
قياس ولا غيره بل يكفيه مقدمة واحدة وقد يستغنى ايضا عن تلك المقدمة بتصوره
التام ابتداء مثل أن يكون نفس علمه بأن الخمر حرام قد تصور معه مسمى الخمر
أنها المسكر فصار علمه بجميع مفردات الخمر سواء فيعلم ان هذا المسكر خمر
حرام وهذا المسكر خمر حرام وامثال ذلك او يعلم ان الخمر حرام ولا يعلم أن
كل مسكر يسمى خمرا بل يظن ذلك الاسم مختصا ببعض المسكرات فاذا علم بنص
الشارع أو باستعمال الصحابة الذين نزل فيهم القرآن أو بأنها لما حرمت لم
يكن عندهم من عصير الاعناب شئ وإنما كان الذي يسمونه خمرا هو المسكر من
نبيذ التمر او بغير ذلك من الادلة إذا علم هذه المقدمة الواحدة وهو أن كل
مسكر خمر علم الحكم
فتبين أن قولهم إن المطلوب لا بد فيه من القياس
وذلك القياس يجب أن يكون القياس المنطقى الشمولي ولا بد فيه من مقدمتين ليس
بصواب وهذا يبطل قولهم لا علم تصديقى إلا بالقياس المنطقي كما تقدم وأما
هنا فالمقصود بيان قلة منفعته او عدمها وذلك أن هذا المطلوب إن كان معه
قضية علمت من جهة الرسول تفيده العموم وهو أن كل مسكر حرام حصل مدعاه
فالقضايا الكلية المتلقاه عن الرسل تفيد العلم في المطالب الالهية

وأما ما يستفاد من علومهم فالقضايا الكلية فيه إما منتقضة وإما أنها بمنزلة
قياس التمثيل وإما انها لا تفيد العلم بالموجودات المعينة بل بالمقدرات
الذهنية كالحساب والهندسة فانه وإن كان ذلك يتناول ما وجد على ذلك المقدار
فدخول المعين فيه لا يعلم بالقياس بل بالحس فلم يكن القياس محصلا للمقصود
أو تكون مما لا اختصاص لهم بها بل يشترك فيها سائر الامم بدون خطور منطقهم
بالبال مع استواء قياس التمثيل وقياس الشمول

وإثبات العلم بالصانع
والنبوات ليس موقوفا على شئ من الاقيسة بل يعلم بالايات الدالة على شئ معين
لا شركة فيه ويحصل بالعلم الضروري الذي لا يفتقر الى نظر وما يحصل منها
بالقياس الشمولي فهو بمنزلة ما يحصل بقياس التمثيل فهو أمر كلى لا يحصل به
العلم بما يختص به الرب وما يختص به الرسول إلا بانضمام علم آخر اليه

والعلم بصدق المخبر المعين وإن لم يكن نبيا يعلم بأسباب متعددة غير القياس
ويعلم ايضا بقياس التمثيل كما يعلم بقياس الشمول فكيف العلم بصدق النبي
الصادق ص - وقد ذكرنا طرقا من الطرق التي يعلم بها صدق الانبياء في غير هذا
الموضع
والناس يعلمون الامور الموجودة وصفاتها وأحوالها من غير قياس
شمولي فضلا عن أن يقال لا بد هنا من مقدمتين صغرى وكبرى فالصغرى هي
المشتملة على الحد الاصغر والكبرى المشتملة على الحد الاكبر والحد الاوسط
متكرر فيها خبر محمول في الصغرى ومبتدأ موضوع في الكبرى كقولك كل خمر حرام
فيقال إذا علم أن كل خمر حرام فقد يعلم ابتداء مفردات الخمر وأنها شاملة
لكل مسكر بل يظن انها متناولة لبعض المسكر كعصير العنب النى المشتد ثم يعلم
بعد ذلك شمولها لكل مسكر وهو إذا تجدد له هذا العلم فانما يجدد له علمه
بالعموم وعلمه بالعموم إنما يعود بتصوره التام لمسمى الخمر فانه كان قبل
ذلك لم يتصورها تصورا جامعا بل تصورا غير جامع ولو حصل له هذا التصور
الجامع لم يحتج الى قياس فقد تبين أن القياس المفيد للتصديق يغنى عنه
التصور التام للحد الاوسط
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب :الرد على المنطقيين الجزء السادس - صفحة 2 Empty رد: كتاب :الرد على المنطقيين الجزء السادس {الأربعاء 8 يونيو - 18:32}

كل تصور يمكن جعله تصديقا وبالعكس

وهذا يؤول الى امر وهو أن كل ما
يسمونه تصورا يمكن جعله تصديقا وما يسمونه تصديقا يمكن جعله تصورا فان
القائل إذا قال ما الخمر

المحرمة فقال المجيب هى المسكر كان هذا عندهم
تصورا واحدا وهو تصور مسمى الخمر وهذا في الحقيقة تصديق مركب من موضوع
ومحمول وإذا قال كل مسكر خمر وكل خمر حرام كان هذا قياسا وهو يفيد التصديق
الذي هو المسكر حرام ويفيد ان المسكر داخل في مسمى الخمر وإن أريد بيان
الحد المطرد المنعكس قيل المسكر هو الخمر وكل خمر حرام فيفيد هذا القياس
تصور معنى الخمر
وسبب ذلك أن كل ما يتكلم به في الحد والقياس هو قضية
تامة وهي الجملة في اصطلاح النحاة والجواب في السؤال عن التصور وعن التصديق
هو بقضية تامة هي جملة خبرية فكلاهما قول مركب في السؤال والجواب وكلاهما
فيه إثبات صفة لموصوف كاثبات الخمرية للمسكر وهو إثبات محمول لموضوع
والانسان هو في الموضعين قد تصور ان المسكر هو الخمر وصدق بأن المسكر هو
الخمر فأما التصور المفرد الذي لا يعبر عنه إلا ب اسم مفرد فذلك لا يسأل
عنه باللفظ المفرد ولا يجاب عنه باللفظ المفرد حتى يفصل نوع تفصيل يصلح
لمثله لان يكون جملة
وهذا قد بسط في غير هذا الموضع كما بسط في الكلام
على المحصل وغيره وبين ان قولهم العلم ينقسم الى تصور وتصديق وأن التصور
وهو التصور الساذج العرى عن جميع القيود الثبوتية والسلبية كلام باطل فان
كل ما عرى عن كل قيد ثبوتى وسلبى يكون خاطرا من الخواطر ليس هو علما أصلا
بشئ من الاشياء فان من خطر بقلبه شئ من الاشياء ولم يخطر بقلبه صفة
لاثبوتية ولا سلبية لم يكن قد علم شيئا
وإذا قيل الانسان حيوان
والعالم مخلوق ونحو ذلك فهنا قد تصور إنسانا علم انه موجود لم يتصور شيئا
تصورا ساذجا لا نفى فيه ولا إثبات بل تصور وجوده وغير ذلك من صفاته وكذلك
العالم قد تصور وجوده وإذا تصور بحر زئبق وجبل ياقوت فان لم يتصور مع هذا
عدمه في الخارج

ولا امتناعه ولا شئ من الاشياء كان هذا خيالا من
الخيالات ووسواسا من الوساوس ليس هذا من العلم في شئ فان تصور مع ذلك عدمه
في الخارج كان قد تصور تصورا مقيدا بالعدم لم يكن تصوره خاليا من جميع
القيود
فان قلت فما التصور القابل للتصديق المشروط فيه قيل هو التصور
الخالي عن معرفة ذلك التصديق ليس هو الخالي عن جميع القيود السلبية
والثبوتية فاذا كان يشك هل النبيذ حرام ام لا فقد تصور النبيذ وتصور الحرام
وكل من التصورين متصور بقيود فهو يعلم أن النبيذ شراب وأنه موجود وأنه
يشرب وأنه يسكر وغير ذلك من صفاته لكن لم يعلم أنه حرام فليس من شرط التصور
المشروط في التصديق أن يكون ساذجا خاليا عن كل قيد ثبوتى وسلبى بل أن يكون
خاليا عن التقييد بذلك التصديق
وقول القائل التصديق مسيوق بالتصور
مثل قوله القول مسبوق بالعلم فليس لأحد أن يتكلم بمالا يعلم كذلك لا يصدق
ولا يكذب لما لا يتصوره وحينئذ فالتصور التام مستلزم للتصديق والتصور
الناقص يحتاج معه الى دليل يثبت له حكم
وهذا يقرر ما عليه نظار
المسلمين كما قررنا ذلك من قبل من أن التصورات المفردة لا تعلم بمجرد الحد
وأن المطلوب بالحد هو تصديق يفتقر إلى ما تفتقر اليه التصديقات فكما ذكرنا
هناك ان الذي يحعلونه حدا هو تصديق يفتقر الى دليل فيقال هنا ما يجعلونه
قياسا يعود في الحقيقة الى الحد والتصور كما يعود هذا القياس الى ان يعلم
مسمى الخمر وإذا كان كذلك فاذا كانوا يقولون إن الحد لا يقام عليه دليل ولا
يحتاج الى قيام دليل فنقول العلم بمسمى الخمر لا يحتاج الى قياس بل قد
يعلم بما يعلم به سائر التصورات المفردة ومسميات جميع الاسماء من تفطن
النفس لشمول ذلك المعنى لهذه الصورة وثبوته فيها
وكلما تدبر العاقل
هذا وعرفه معرفة جيدة تبين له أن الصواب ماعليه نظار المسلمين


وجماهير العقلاء من أن الحدود بمنزلة الاسماء وهو تفصيل ما دل عليه الاسم
بالاجمال وأن المطلوب من الحد هو التمييز بين المحدود وغيره وذلك يكون
بالوصف الملازم له طردا وعكسا بحيث يكون الحد جامعا مانعا
وأنه مع ذلك
ليس لاحد ان يدعي دعوى غير بديهية إلا بدليل فالحاد إن كان يحد مسمى اسم
كما يقول في الخمر إنها المسكر وفي الغيبة إنها ذكرك أخاك بما يكره وفي
الكبر إنه بطر الحق وغمط الناس فعليه ان يبين أن ما ذكره مطابق لمسمى ذلك
الاسم إما بالنقل عن الشارع المتكلم بهذه الاسماء مثل أن يقول قد ثبت في
الصحيح عن النبي ص - أنه قال كل مسكر خمر وما ليس بمسكر فليس بخمر بالاجماع
فيثبت ان الخمر هو المسكر او يقول ثبت في الصحيح عن النبي ص - انه قيل يا
رسول الله ما الغيبة قال ذكرك أخاك بما يكره فقال أرأيت إن كان في أخى ما
أقول فقال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته
فاذا عورض هذا بما ثبت في الصحيح عن النبي ص - أنه قال لفاطمة بنت قيس لما
استشارته فيمن خطبها فقالت خطبني أبو جهم ومعاوية فقال أما أبو جهم فرجل
ضراب للنساء وفي لفظ لا يضع عصاه عن عاتقه وأما معاوية فصعلوك لا مال له
انكحى اسامة فاذا قال المعترض هنا قد ذكر كلا منهما بما يكره والغيبة محرمة
كان الجواب مع إحدى المقدمتين بأن يقال لا نسلم أن هذا داخل في حد الغيبة
وإن سلم دخوله في الحد دل على جواز الغيبة لمصلحة راجحة مثل نصيحة المستشير
فانها لما استشارته وجب نصحها ومثل ذلك الكلام في جرح الرواة الكاذبين
والغالطين وشهادة الشاهد الكاذب وشكاية المظلوم وغير

ذلك عما دل
الشرع على جوازه
فانه يقال فيه أحد الامرين لازم إما أن يقال المؤمن
لا يكره ذلك إذا كان صادق الايمان لان المؤمن لا يكره ما امر الله ورسوله
به وهذا مما أمر الله به ورسوله ويقال إن كرهه فهو من هذه الجهة ناقص
الايمان فيه شعبة نفاق فلا يكون هو الاخ الذي قيل فيه ذكرك أخاك بما يكره
وهذا مبنى على ان الشخص الواحد يكون فيه طاعة ومعصية وبر وفجور وخير وشر
وشعبة إيمان وشعبة نفاق أو يقول إذا سلم شمول اللفظ له هذا من الغيبة
المباحة فلا بد من التزام أحد أمرين إما أنه لم يدخل في مسمى الغيبه وإما
انه لم يدخل فيما حرم منها ولهذا نظائر
والقصود التنبيه على المثال
وأن من ادعى حد اسم فلا بد له من دليل وكذلك إن ادعى حدا بحسب الحقيقة
وهذا الذي عليه نظار المسلمين وغيرهم أصح مما عليه أهل المنطق اليوناني من
وجوه فان أولئك يدعون ان الحد يفيد تصوير الماهية في نفس المستمع ويدعون
أن ذلك يحصل بمجرد قول الحاد من غير دليل اصلا
ثم إنهم عمدوا الى
الصفات اللازمة للموصوف ففرقوا بينها وجعلوها ثلاثة اصناف ذاتية داخلة في
الماهية وخارجة لازمة للماهية دون وجودها وخارجة لازمة لوجودها وهذا كله
باطل إذا اريد ب الماهية الموجودات الخارجية وهي التي تقصد بالحد والتعريف
وأما إذا قدر ان الماهية هي مجرد ما يتصوره النفس فقدر تلك الماهية وصفتها
يتبع تصور المتصور فتارة يتصور جسما حساسا ناميا متحركا بالارادة ناطقا
فتكون الماهية هي هذه الاجزاء كلها وتارة يتصور حيوانا ناطقا وتارة يتصور
حيوانا ضاحكا وتارة يتصور ضاحكا فقط وتارة يتصور ناطقا فقط فاذا جعل ما دخل
في تصوره داخلا فيه وما

خرج عنه لازما له او غير لازم كما ذكر ذلك
بعضهم وكما ذكروه من دلالة المطابقة والتضمن الالتزام كان هذا صحيحا لكن
ليس فيه منفعة في العلوم والحقائق ومعرفة صفاتها الذاتية وغير الذاتية أصلا
بل هذا يرجع الى تصور مراد المتكلم سواء كان حقا أو باطلا
وأما نظار
المسلمين فالحد عندهم يكون بالوصف الملازم والوصف الواحد الملازم كاف لا
يذكرون معه الوصف المشترك لا الجنس ولا العرض العام بل يعيبون على من يذكر
ذلك في الحدود وهل يحد بالتقسيم لهم فيه قولان والصفات تنقسم الى قسمين
لازمه للموصوف وغير لازمة والذي عليه نظار أهل السنة وسائر المثبتين للصفات
والقدر أن وجود كل شئ في الخارج عين حقيقته فاللازم للموجود الخارجي لازم
للحقيقة الخارجية ولا يقبل من أحد دعوى غير معلومة إلا بدليل فأين هذا
المنطق وأين هذا الميزان المستقيمة العادلة من ميزان أولئك الجائرة الغائلة
التي ليس فيها لا صدق ولا عدل وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلمته
الانعام
الوجه الخامس


من الاقيسة ما تكون مقدمتاه ونتيجته
بديهية


الوجه الخامس ان يقال هذا القياس هو قياس الشمول وهو العلم
بثبوت الحكم لكل فرد من الافراد
فنقول قد علم وسلموا انه لا بد ان
يكون العلم بثبوت بعض الاحكام لبعض

أفرادها بديهيا فان النتيجة إذا
افتقرت الى مقدمتين فلا بد ان ينتهي الامر الى مقدمتين تعلم بدون مقدمتين
وإلا لزم الدور أو التسلسل الباطلان ولهذا كان من المقرر عند أهل النظر انه
لا بد في التصورات والتصديقات من تصورات بديهية وتصديقات بديهية

ولفرض المقدمتين البديهيتين كل مسكر خمر وكل خمر حرام وإن لم يكن هذا
بديهيا لكن المقصود التمثيل ليعلم بالمثال حكم سائر القضايا فاذا قدر انه
علم بالبديهة أن كل فرد من أفراد الخمر حرام وعلم بالبديهة ان كل فرد من
افراد المسكر خمر كان علمنا بالبديهة ان هذه الافراد حرام من أسهل الاشياء
وإنما يخفى ذلك لكون أكثر المقدمات لا يكون بديهية بل مبينة بغيرها كا في
هذا المثال فان المقدمة الثانية ثابتة بالنص والاجماع والاولى ثابتة بالسنة
الصحيحة لكن لم يعرفها كثير من العلماء فطريق العلم بالمقدمتين يختلف
وأما إذا أفردنا ذلك في مقدمتين طريق العلم بهما واحد لم نحتج الى القياس
مثل العلم بأن كل إنسان حيوان وكل حيوان حساس متحرك بالارادة فهنا قد يكون
العلم بأن كل إنسان حساس متحرك بالارادة أبين وأظهر وكذلك إذا قلنا كل
إنسان جسم أو جوهر أو حامل للصفات ثم قلنا كل ما هو جسم او جوهر او حامل
للصفات فليس بعرض أو هو قائم بنفسه او هو موصوف بالصفات ونحو ذلك كان العلم
بأن كل انسان هو كذلك مما لا يحتاج الى هذا التطويل فالمقدمتان إن كان
طريق العلم بهما واحدا وقد علمتا فلا حاجة الى بيانهما وإن كان طريق العلم
بهما مختلفا فمن لم يعلم إحداهما احتاج الى بيانها وإن لم يحتج الى الاخرى
التي علمهاوهذا ظاهر في كل ما تقدره
فتبين أن منطقهم يعطي تضييع
الزمان وكثرة الهذيان وإتعاب الاذهان وكذلك إذا علمنا أن كل رسول نبي وكل
نبي فهو في الجنة فعلمنا ان كل

رسول فهو في الجنة أبين من هذا وهذ
كثير جدا الوجه السادس


من القضايا الكلية ما يمكن العلم
به بغير توسط القياس


وهو يتضح بالوجه السادس وهو أن يقال لا ريب أن
المقدمة الكبرى أعم من الصغرى أو مثلها لا يكون أخص منها والنتيجة اخص من
الكبرى أومساوية لها واعم من الصغرى أو مساوية لها كالحدود الثلاثة فان
الاكبر أعم من الاصغر او مثله والاوسط مثل الاصغر أو اعم ومثل الاكبر أو
اخص ولا ريب ان الحس يدرك المعينات اولا ثم ينتقل منها الى القضايا العامة
فان الانسان يرى هذا الانسان وهذا الانسان وهذا الانسان ويرى أن هذا حساس
متحرك بالارادة ناطق وهذا كذا وهذا كذا فيقضى قضاء عاما أن كل إنسان حساس
متحرك بالارادة ناطق
فنقول العلم بالقضية العامة إما ان يكون بتوسط
قياس او بغير توسط قياس فان كان لا بد من توسط قياس والقياس لا بد فيه من
قضية عامة لزم ان لا يعلم العام إلا بالعام وذلك يستلزم الدور أو التسلسل
فلا بد ان ينتهى الامر الى قضية كلية عامة معلومة بالبديهة وهم يسلمون ذلك
وإن أمكن علم القضية العامة بغير توسط قياس أمكن علم الاخرى فان كون
القضية بديهية أو نظرية ليس وصفا لازما لها يجب استواء جميع الناس فيه بل
هو امر نسبى إضافي بحسب حال علم الناس بها فمن علمها بلا دليل كانت بديهية
له ومن احتاج الى نظر واستدلال بدليل كانت نظرية له
وكذلك كونها
معلومة بالعقل أو الخبر المتواتر أو خبر النبي الصادق أو الحس ليس هو أمرا
لازما لها بل كذب مسيلمة الكذاب مثلا قد يعلم بقول

النبي الصادق إنه
كذاب وقد يعلم ذلك من باشره ورآه يكذب ويعلم ذلك من غاب عنه بالتواتر ويعلم
ذلك بالاستدلال فانه ادعى النبوة وأتى يناقض النبوة فيعلم بالاستدلال
وكذلك الهلال قد يعلم طلوعه بالرؤية فتكون القضية حسية ويعلم ذلك من لم يره
بالاخبار المتواترة فتكون القضية عنده من المواترات ويعلم ذلك من علم أن
تلك الليلة إحدى وثلاثون بالحساب والاستدلال ومثل هذا كثير فالمعلوم الواحد
يعلمه هذا بالحس وهذا بالخبر وهذا بالنظر وهذه طرق العلم لبني آدم وهكذا
القضايا الكلية إذا كان منها ما يعلم بلا قياس ولا دليل وليس لذلك حد في
نفس القضايا بل ذلك بحسب احوال بنى آدم لم يمكن ان يقال فيما علمه زيد
بالقياس إنه لا يمكن غيره ان يعلمه بلا قياس بل هذا نفى كاذب
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى