لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب :الرد على المنطقيين الجزء السابع Empty كتاب :الرد على المنطقيين الجزء السابع {الأربعاء 8 يونيو - 18:33}

الوجه السابع


الادلة القاطعة على استواء قياسي الشمول
والتمثيل


الوجه السابع أن يقال هم يدعون ان المفيد لليقين هو قياس
الشمول فأما قياس التمثيل فيزعمون انه لا يفيد اليقين ونحن نعلم ان من
التمثيل ما يفيد اليقين ومنه ما لا يفيده ك الشمول فان الشيئين قد يكون
تماثلهما معلوما وقد يكون مظنونا كالعموم وإن جمع بينهما بالعلة فالعلة في
معنى عموم الشمول
يوضح هذا أن يقال قياس الشمول يؤول في الحقيقة الى
قياس التمثيل كما ان الاخر في الحقيقة يؤول الى الاول ولهذا تنازع الناس في
مسمى القياس فقيل هو قياس التمثيل فقط وهو قول اكثر الاصوليين وقيل قياس
الشمول فقط وهو قول اكثر المنطقيين وقيل بل القياسان جميعا وهو قول اكثر
الفقهاء والمتكلمين وذلك أن قياس الشمول مبناه على اشتراك الافراد في الحكم
العام وشموله لها وقياس التمثيل مبناه على اشتراك الاثنين في الحكم الذي
يعمهما

ومآل الامرين واحد وقد بسط هذا في غير هذا الموضع
ونحن
نذكر هنا ما لم نذكره في غير هذا الموضع فنقول قد تبين فيما تقدم ان قياس
الشمول يمكن جعله قياس تمثيل وبالعكس فاذا قال القائل في مسئلة القتل
بالمثقل قتل عمد عدوان محض لمن يكافئ القاتل فأوجب القود كالقتل بالمحدد
فقد جعل القدر المشترك الذي هو مناط الحكم القتل العمد العدوان المحض
للمكافئ وهذا يسمى العلة والمناط والجامع والمشترك والمقتضى والموجب
والباعث والامارة وغير ذلك من الاسماء فاذا أراد أن يصوغه ب قياس الشمول
قال هذا قتل عمد عدوان محض للمكافئ وما كان كذلك فهوموجب للقود

والنزاع في الصورتين هو في كونه عمدا محضا فان المنازع يقول العمدية لم
تتمحض وليس المقصود هنا ذكر خصوص المسئلة بل التمثيل وهذا نزاع في المقدمة
الصغرى وهو نزاع في ثبوت الوصف في الفرع فان قياس التمثيل قد يمنع فيه ثبوت
الوصف في الاصل ويمنع ثبوته في الفرع وقد يمنع كونه علة الحكم
ويسمى
هذا السؤال سؤال المطالبة وهو اعظم أسئلة القياس وجوابه عمدة القياس فان
عمدة القياس على كون المشترك مناط الحكم وهذا هو المقدمة الكبرى وهو كما لو
قال في هذه المسئلة لا نسلم ان كل ما كان عمدا محضا يوجب القصاص وكذلك منع
الحكم في الاصل أو منع الوصف في الاصل وهو منع للمقدمة الكبرى في قياس
الشمول
أللهم إلا ان يقيم المستدل دليلا على تأثير الوصف في غير أصل
معين وهذا قياس التعليل المحض كما لو قال النبيذ المسكر محرم لان المعنى
الموجب للتحريم

وهو كونها تصد عن ذكر الله وعن الصلوة موجود فيها
وهذا المعنى قد دل النص علىانه علة التحريم وقد وجد فيثبت فيه التحريم
وهم في قياس الشمول إذا أرادوا إثبات المقدمة الكبرى التي هي نظير جعل
المشترك بين الاصل والفرع مناط الحكم فلا بد من دليل يبين ثبوت الحكم لجميع
أفراد المقدمة باعتبار القدر المشترك الكلى بين الافراد وهذا هو القدر
المشترك الجامع في قياس التمثيل فالجامع هو الكلى والكلى هو الجامع

ومن قال من متأخرى النظار كأبي المعالى وأبي حامد والرازي وابي محمد إن
العقليات ليس فيها قياس بل الاعتبار فيها بالدليل فهذا مع انهم خالفوا فيه
جماهير النظار وأئمة النظر فنزاعهم فيها يرجع الى اللفظ فانهم يقولون
العقليات لا تحتاج الى ان يعين فيها أصل يلحق فيه الفرع وليس جعل احدهما
اصلا والاخر فرعا بأولى من العكس بل الاعتبار بالدليل الشامل للصورتين
فيقال لهم لا ريب انه في العقليات والشرعيات لم يقع النزاع في جميع أفراد
المعنى العام الذي يسمى الجامع المشترك بل وقع في بعضها وبعضها متفق عليه
فتسمية هذا أصلا وهذا فرعا أمر إضافي ولو قدر أن بعض الناس علم حكم الفرع
بنص وخفى عليه حكم الاصل لجعل الاصل فرعا والفرع أصلا والجمع إما ان يكون
بالغاء الفارق وإما أن يكون بابداء الجامع وهذا يكون في العقليات قطعيا
وظنيا كما يكون في الشرعيات

فاذا قيل الاحكام والاتقان يدل على علم
الفاعل شاهدا فكذلك غائبا او قيل علة كون العالم عالما قيام العلم به في
الشاهد فكذلك في الغائب أو قيل الحيوة شرط في العلم شاهدا فكذلك غائبا او
قيل حد العالم في الشاهد من قام به العلم فكذلك في الغائب فهذه الجوامع
الاربعة التي تذكرها الصفاتية من الجمع بين الغائب والشاهد في الصفات الحد
والدليل والعلة والشرط فذكر الشاهد حتى يمثل القلب صورة معينة ثم يعلم
بالعقل عموم الحكم وهو ان الاحكام والاتقان مستلزم لعلم الفاعل فان الفعل
المحكم المتقن لا يكون إلا من عالم وكذلك سائرها
وهذا كسائر ما يعلم
من الكليات العادية إذا قيل هذا الدواء مسهل للصفراء ومنضج للخلط الفلاني
ونحو ذلك فان التجربة إنما دلت على اشياء معينة لم تدل على امر عام لكن
العقل يعلم ان المناط هو القدر المشترك بما يعلم من انتفاء ما سواه
ومناسبته او لا يعلم مناسبته وهذا قد يكون معلوما تارة كما يعلم ان أكل
الخبز يشبع وشرب الماء يروي وأن السقمونيا مسهل للصفراء وإن كان قد يتخلف
الحكم بفوات شرطه إذ قدمنا ان الطبيعيات التي هي العاديات ليس فيها كليات
لا تقبل النقض بحال فكان ذكر الاصل في القياس العقلي لتنبيه العقل على
المشترك الكلى المستلزم للحكم لا لأن مجرد ثبوت الحكم في صورة يوجب ثبوته
في أخرى بدون أن يكون هناك جامع يستلزم الحكم
وإذا قيل فمن أين يعلم
أن الجامع مستلزم للحكم قيل من حيث يعلم القضية الكبرى في قياس المشول فاذا
قال القائل هذا فاعل محكم لفعله وكل محكم لفعله فهو عالم فأي شئ ذكر في
علة هذه القضية الكلية فهو موجود في قياس التمثيل وزيادة ان هناك اصلا يمثل
به قد وجد فيه الحكم مع المشترك وفي قياس الشمول لم يذكر شئ من الافراد
التي يثبت الحكم فيها ومعلوم أن ذكر الكلى المشترك مع

بعض افراده
اثبت في العقل من ذكره مجردا عن جميع الافراد باتفاق العقلاء
ولهذا هم
يقولون إن العقل بحسب إحساسه بالجزئيات يدرك العقل بينها قدرا مشتركا كليا
فالكليات في النفس تقع بعد معرفة الجزئيات المعينة فمعرفة الجزئيات
المعينة من أعظم الاسباب في معرفة الكليات فكيف يكون ذكرها مضعفا للقياس
ويكون عدم ذكرها موجبا لقوته وهذه خاصة العقل فان خاصة العقل معرفته
الكليات بتوسط معرفته بالجزئيات فمن أنكرها انكر خاصة عقل الانسان ومن جعل
ذكرها بدون شئ من محالها المعينة أقوى من ذكرها مع التمثيل لمواضعها
المعينة كان مكابرا والعقلاء باتفاقهم يعلمون ان ضرب المثل الكلى مما يعين
على معرفته وانه ليس الحال إذا ذكر مع المثال كالحال إذا ذكر مجردا عن
الامثال
ومن تدبر جميع ما يتكلم فيه الناس من الكليات المعلومة بالعقل
في الطب والحساب والطبيعيات والصناعات والتجارات وغير ذلك وجد الامر كذلك
فاذا قيل يسخن جوف الانسان في الشتاء ويبرد في الصيف لانه في الشتاء يكون
الهواء باردا فيبرد ظاهر البدن فتهرب الحرارة الى باطن البدن لان الضد يهرب
من الضد والشبيه ينجذب الى شبيه فتظهر البرودة الى الظاهر لان شبه الشئ
منجذب اليه كان هذا أمرا كليا مطلقا فاذا قيل ولهذا يسخن جوف الارض في
الشتاء وجوف الحيوان كله ولهذا تبرد الاجواف في الصيف لسخونة الظواهر فتهرب
البرودة الى الاجواف كان كلما تصور الانسان النظائر قويت معرفته بتكلك
الكلية وهو ان الضد يهرب من ضده والنظير ينجذب الى نظيره وهذا معلوم في
الطبيعيات والنفسانيات وغيرهما لكن إذا ذكرت النظائر قوى العلم بذلك وقد
يعبر عن ذلك بأن الجنسية علة الضم
وكذلك إذا قيل الشمس إذا وقعت على
البحر أو غيره تسخنه فتصاعد منه بخار لان الحرارة تحلل الرطوبة ثم قيل كما
يتصاعد البخار من القدر التي فيها الماء الحار

كان هذا المثال مما
يؤكد معرفة الاول
والاقيسة التي يستعملها الفلاسفة في علومهم
ويجعلونها كلية كلها يعتضدون فيها بالامثلة وليس مع القوم إلا ما علموه من
صفات الامور المشاهدة ثم قاسوا الغائب على المشاهد به بالجامع المشترك الذي
يجعلونه كليا فان لم يكن هذا صحيحا لم يكن مع أحد من أهل الارض علم كلى
يشترك فيه ما شهده وما غاب عنه حتى قوله الخبز يشبع والماء يروي ونحو ذلك
فانه لم يعلم بحسه إلا امورا معينة فمن أين له أن الغائب بمنزلة الشاهد إلا
بهذه الطريق والانسان قد ينكر امرا حتى يرى واحدا من جنسه فيقر بالنوع
ويستفيد بذلك حكما كليا
ولهذا يقول سبحانه كذبت قوم نوع المرسلين كذبت
عاد المرسلين كذبت ثمود المرسلين ونحو ذلك وكل من هؤلاء إنما جاءه رسول
واحد لكن كانوا مكذبين بجنس الرسل لم يكن تكذيبهم بالواحد لخصوصه وهذا
بخلاف تكذيب اليهود والنصارى لمحمد ص - فانهم لم يكذبوا جنس الرسل إنما
كذبوا واحدا بعينه بخلاف مشركي العرب الذين لم يعرفوا الرسل فان الله يحتج
عليهم في القرآن باثبات جنس الرسالة
ولهذا يجيب سبحانه عن شبه منكري
جنس الرسالة كقولهم أبعث الله بشرا رسولا الاسراء فيقول وما أرسلنا من قبلك
إلا رجالا نوحى إليهم فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون النحل أي هذا
متواتر عند أهل الكتاب فاسئلوهم عن الرسل الذين جاءتهم أكانوا بشرا أم لا
وكذلك قوله وقالوا لو لا انزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضى الامر ثم لا
ينظرون ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا و للبسنا عليهم ما يلبسون الانعام
فانهم لا يستطيعون الاخذ عن الملك في صورته فلو أرسلنا اليهم ملكا لجعلناه
رجلا في صورة الانسان وحينئذ كان يلتبس عليهم الامر ويقولون هو رجل والرجل
لا يكون رسولا وكذلك الرسل قبله قال تعالى او عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم
على رجل

منك لينذركم الاعراف كما قال تعالى أكان للناس عجبا أن
اوحينا الى رجل منهم ان انذر الناس يونس وكما قال تعالى قل ما كنت بدعا من
الرسل الاحقاف ونحو ذلك
فكان علمهم بثبوت معين من هذا النوع يوجب
العلم بقضية مطلقة وهو ان هذا النوع موجود بخلاف ما إذا اثبت ذلك ابتداء
بلا وجود نظير فانه يكون اصعب وإن كان ممكنا فان نوحا اول رسول بعثه الله
الى اهل الارض ولم يكن قبله رسول بعث الى الكفار المشركين يدعوهم الى
الانتقال عن الشرك الى التوحيد وآدم والذين كانوا بعده كان الناس في زمهنم
مسلمين كما قال ابن عباس كان بين آدم ونوح عشر قرون كلهم على الاسلام لكن
لما بعث الله نوحا وانجى من آمن به وأهلك من كذبه صار هذا المعين يثبت هذا
النوع أقوى مما كان يثبت ابتداء
والذين قالوا الواحد لا يصدر عنه إلا
واحد كان مبدأ كلامهم في الامور الطبيعية فانهم رأوا البارد إنما يقتضى
التبريد فقط والحار إنما يقتضي التسخين فقط وكذلك سائرها لكن هذا ليس فيه
إحداث واحد لواحد فان البرودة الحاصلة لا بد لها مع السبب من محل قابل
وارتفاع موانع فلم يحصل السبب إلا عن شيئين لا عن واحد لكن هذا كان مبدأ
كلامهم
وأما احتجاج ابن سينا وامثاله بأنه لو صدر اثنان لكان مصدر هذا
غير مصدر هذا ولزم التركيب المنافي للوحدة فهذه الحجة تبع لحجة التركيب
وهذه اخذوها من أهل الكلام من المعتزلة ونحوهم ليست هذه من كلام أئمة
الفلاسفة كأرسطو وأتباعه لا سيما أكثر أساطين الفلاسفة فانهم كانوا يقولون
باثبات الصفات لله تعالى بل وبقيام الامور الاختيارية كما ذكرنا كلامهم في
غير هذا الموضع وهو اختيار ابي البركات صاحب المعتبر ومن قال إنه خالف اكثر
الفلاسفة فمراده المشائين وأما الاساطين قبل هؤلاء فكلام كثير منهم يدل
على هذا الاصل كما هو مذكور في موضعه

ومن أعظم صفات العقل معرفة
التماثل والاختلاف فاذا رأى الشيئين المتماثلين علم ان هذا مثل هذا يجعل
حكمهما واحدا كما إذا رأى الماء والماء والتراب والتراب والهواء والهواء ثم
حكم بالحكم الكلى على القدر المشترك وإذا حكم على بعض الاعيان ومثله
بالنظير وذكر المشترك كان أحسن في البيان فهذا قياس الطرد إذا رأى
المختلفين كالماء والتراب فرق بينهما وهذا قياس العكس
وما أمر الله به
من الاعتبار في كتابه يتناول قياس الطرد وقياس العكس فانه لما أهلك
المكذبين للرسل بتكذيبهم كان من الاعتبار ان يعلم ان من فعل ما فعلوا أصابه
ما أصابهم فيتقى تكذيب الرسل حذرا من العقوبة وهذا قياس الطرد ويعلم أن من
لم يكذب الرسل بل أتبعهم لا يصيبه ما اصاب هؤلاء وهذا قياس العكس وهو
المقصود من الاعتبار بالمعذبين فان المقصود ثبت في الفرع عكس حكم الاصل لا
نظيره والاعتبار يكون بهذا وبهذا قال تعالى لقد كان في قصصهم عبرة لاولى
الالباب يوسف وقال قد كان لكم أية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله
وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأى العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك
لعبرة لاولى الابصار ال عمران
الميزان المنزل من الله هو القياس
الصحيح


وقد قال سبحانه وتعالى الله الذي انزل الكتب بالحق والميزان
الشورى وقال لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتب والميزان ليقوم
الناس بالقسط الحديد والميزان يفسره السلف بالعدل ويفسره بعضهم بما يوزن به
وهما متلازمان وقد أخبر انه انزل ذلك مع رسله كما أنزل معهم الكتاب ليقوم
الناس بالقسط
فما يعرف به تماثل المتماثلات من الصفات والمقادير هو من
الميزان وكذلك ما يعرف به اختلاف المختلفات فمعرفة أن هذه الدارهم أو
غيرها من الاجسام الثقيلة

بقدر هذه تعرف بموازينها وكذلك معرفة أن هذا
الكيل مثل هذا يعرف بميزانه وهو المكاييل وكذلك معرفة أن هذا الزمان مثل
هذا الزمان يعرف بموازينه التي يقدر بها الاوقات كما يعرف به مظلال وكما
يعرف بجرى من ماء ورمل وغير ذلك وكذلك معرفة أن هذا بطول هذا يعرف بميزانه
وهو الذارع فلا بد بين كل متماثلين من قدر مشترك كلى يعرف به ان احدهما مثل
الاخر
فكذلك الفروع المقيسة على اصولها في الشرعيات والعقليات تعرف
بالموازين المشتركة بينهما وهي الوصف الجامع المشترك الذي يسمى الحد الاوسط
فانا إذا علمنا أن الله حرم خمر العنب لما ذكره من انها تصد عن ذكر الله
وعن الصلوة وتوقع بين المؤمنين العداوة والبغضاء ثم رأينا نبيذ الحبوب من
الحنطة والشعير والرز وغير ذلك يماثلها في المعنى الكلى المشترك الذي هو
علة التحريم كان هذا القدر المشترك الذي هو العلة هو الميزان التي انزلها
الله في قلوبنا لنزن بها هذا ونجعله مثل هذا فلا نفرق بين المتماثلين
والقياس الصحيح هو من العدل الذي امر الله تعالى به
ومن علم الكليات
من غير معرفة المعين فمعه الميزان فقط والمقصود بها وزن الامور الموجودة في
الخارج وإلا فالكليات لولا جزئياتها المعينات لم يكن بها اعتبار كما أنه
لولا الموزونات لم يكن الى الميزان من حاجة ولا ريب أنه إذا احضر احد
الموزونين واعتبر بالاخر بالميزان كان اتم في الوزن من ان يكون الميزان وهو
الوصف المشترك الكلى في العقل أي شئ حضر من الاعيان المفردة وزن بها فان
هذا ايضا وزن صحيح وذلك احسن في الوزن فانك إذا وزنت بالصنجة

قدرا
من النقدين ثم وزنت بها نظيره والاول شاهد والناس يشهدون ان هذا وزن به هذا
فظهر مثله او اكثر او اقل كان احسن من ان يوزن احدهما في مغيب الاخر فانه
قد يظن ان الوازن لم يعدل في الوزن كما يعدل إذا وزنها معا فان هذا يعتبر
بأن يوزن أحدهما بالاخر بلا صنجة وهكذا الموزونات بالعقل
وقد بسطنا
الكلام في هذا في غير هذا الموضع وبينا ان القياس الصحيح هو من العدل الذي
انزله وانه لا يجوز قط ان يختلف الكتاب والميزان فلا يختلف نص ثابت عن
الرسل وقياس صحيح لا قياس شرعي ولا عقلي ولا يجوز قط ان الادلة الصحيحة
النقلية تخالف الادلة الصحيحة العقلية وأن القياس الشرعي الذي روعيت شروط
صحته يخالف نصا من النصوص وليس في الشريعة شئ على خلاف القياس الصحيح بل
على خلاف القياس الفاسد كما قد بسطنا ذلك في مصنف مفرد وذكرنا في كتاب درء
تعارض العقل والنقل ومتى تعارض في ظن الظان الكتاب والميزان النص والقياس
الشرعي او العقلي فأحد الامرين لازم إما فساد دلالة ما احتج به من النص إما
بأن لا يكون ثابتا عن المعصوم او لا يكون دالا على ما ظنه او فساد دلالة
ما احتج به من القياس سواء كان شرعيا او عقليا بفساد بعض مقدماته او كلها
لما يقع في الاقيسة من الالفاظ المجملة المشتبهة
وأبو حامد ذكر في
القسطاس المستقيم الموازين الخمسة وهي منطق اليونان بعينة غير عبارته ولا
يجوز لعاقل ان يظن ان الميزان العقلي الذي انزل الله هو منطق اليونان لوجوه
احدها إن الله انزل الموازين مع كتبه قبل أن يخلق اليونان من عهد نوح
وابراهيم وموسى وغيرهم وهذا المنطق اليوناني وضعه أرسطو قبل المسيح
بثلثمائة سنة فكيف كانت الامم المتقدمة تزن بهذا الثاني إن امتنا أهل


الاسلام ما زالوا يزنون بالموازين العقلية ولم يسمع سلفنا بذكر هذا المنطق
اليوناني وإنما ظهر في الاسلام لما عربت الكتب الرومية في دولة المأمون او
قريبا منها الثالث انه ما زال نظار المسلمين بعد ان عرب وعرفوه يعيبونه
ويذمونه ولا يلتفتون إليه ولا الى اهله في موازينهم العقلية والشرعية

ولا يقول القائل ليس فيه مما انفردوا به إلا إصطلاحات لفظية وإلا فالمعاني
العقلية مشتركة بين الامم فانه ليس الامر كذلك بل فيه معان كثير فاسدة ثم
هذا جعلوه ميزان الموازين العقلية التي هي الاقيسة العقلية وزعموا انه آله
قانونية

تعصم مراعاتها الذهن ان يزل في فكره وليس الامر كذلك فانه
لو احتاج الميزان الى ميزان لزم التسلسل وايضا فالفطرة إن كانت صحيحة وزنت
بالميزان العقلي وإن كانت بليدة او فاسدة لم يزدها المنطق لوكان صحيحا إلا
بلادة وفسادا ولهذا يوجد عامة من يزن به علومه لا بد ان يتخبط ولا يأتي
بالادلة العقلية على الوجه المحمود ومتى اتى بها على الوجه المحمود اعرض عن
اعتبارها بالمنطق لما فيه من العجز والتطويل وتبعيد الطريق وجعل الواضحات
خفيات وكثرة الغلط والتغليط كل قياس في العالم يمكن رده الى القياس
الاقتراني


فان قيل ما ذكرته من أن قياس الشمول يرجع الى قياس التمثيل
يتوجه في قياس الاقترانى دون الاستثنائى فان الاستثنائى ما تكون النتيجة
او نقيضها مذكورة فيه بالفعل بخلاف الاقترانى فان النتيجة إنما هي فيه
بالقوة والاستثنائي مولف من الشرطيات المتصلة وهو التلازم ومن المنفصلة وهو
التقسيم ولا ريب أن الحد الاوسط في الاقترانى يمكن جعله الجامع المشترك في
القياس التمثيلي بخلاف الاستثنائى قيل الجواب من وجوه
منها ان
التلازم والتقسيم إذا قيل هذا مستلزم لهذا حيث وجد وجد فان هذا قضية كلية
فتستعمل على وجه التمثيل وعلى وجه الشمول بأن يقاس بعض أفرادها ببعض ويجعل
القدر المشترك هو مناط الحكم وكذلك إذا قيل هذا إما كذا وإما كذا فهو أيضا
كلى يبين بصيغة التمثيل وبصيغة الشمول ولهذا كانت الاحكام الثابتة بصيغة
العموم يمكن استعمال قياس التمثيل فيها بأن يقاس بعض أفرادها ببعض ويجعل
المعنى المشترك هو مناط الحكم
ومنها أن كل قياس في العالم يمكن رده
الى الاقترانى فاذا قيل بصيغة الشرط إن كانت الصلوة صحيحة فالمصلى متطهر
أمكن أن يقال كل مصل فهو متطهر وأن يقال الصلوة مستلزمة الطهارة ونحو ذلك
من صور القياس الاقتراني والحد الاوسط فيه ان استثناء عين المقدم ينتج عين
التالي واستثناء نقيض التالي ينتج نقيض

المقدم وهذا معنى قولنا إذا وجد
الملزوم وجد اللازم وإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم فان المقدم هو
الملزوم والتالي هو اللازم وهكذا كل شرط وجزاء فالشرط ملزوم والجزاء لازم
له
وهذا إذا جعل بصيغة الاقترانى فقيل هذا مصل وكل مصل متطهر فهذا
متطهر أو قيل هذا ليس بمتطهر ومن لا يكون متطهرا ليس بمصل فهذا ليس بمصل
والقضية الكلية فيه ان كل مصل متطهر وأن كل من ليس بمتطهر فليس بمصل
فالسالبة والموجبة كلاهما كليتان وهذه الكلية معروفة بنص الشارع ليست مما
عرفت بالعقل ولو كانت مما تعرف بالعقل المجرد لعرفت ب قياس التمثيل مع انها
تصاغ ب قياس التمثيل فيقال هذا مصل فهو متطهر كسائر المصلين او هذا ليس
بمتطهر فليس بمصل كسائر من ليس بمتطهر ثم يبين أن الجامع المشترك مستلزم
للحكم كما في الاول
وكذلك الشرطي المنفصل الذي هو التقسيم والترديد
إذا قيل هذا إما أن يكون شفعا أو وترا ونحو ذلك قيل هذا لا يخلو من كونه
شفعا او وترا ولا يجتمع هذاوهذا معا وهو شفع فلا يكون وترا أو هو وتر فلا
يكون شفعا وهذه القضية معلومة بالبديهة لكن تصور أفرادها أبين من تصور
كليتها فلا يحتاج شئ من أفرادها أن يبين بالقياس الكلى المنطقي فانه أي شئ
علم انه شفع علم انه ليس بوتر بدون ان يوزن بامر كلى عنده ولا بقياس على
نظيره فلا يحتاج ان يقال وكل شفع فليس بوتر أو كل وتر فليس بشفع
وهذا
كما تقدم التنبيه عليه ان ما يثبتونه بالقضايا الكلية تعلم مفرداتها بدون
تلك القضايا بل وتعرف بدون قياس التمثيل فاذا عرف ان هذا الثوب او غيرة
اسود عرف انه ليس بأبيض بدون أن يقال كل اسود فانه ليس بابيض وهذه الكلية
من أن كل أسود لا يكون ابيض يعرف بدون أن يعرف أن كل ضدين لا يجتمعان ولو
أثبت تلك المعينات بهذه الكلية لا حتيج أن يبين أنهما ضدان فانه لا يعلم
انهما

ضدان حتى يعلم انهما لا يجتمعان وإذا علم انهما لا يجتمعان
أغنى ذلك عن الاستدلال عليه بكونهما ضدين
فعلم انه لا يحتاج أن يبين
ما يندرج في هذا الكلى لا من الانواع ولا من الاعيان المعينة به بل العلم
بها أبين من العلم بهذه الكلية بل إذا أرادوا أن يبينوا ان الضدين لا
يجتمعان قالوا المراد بالضدين هما الوصفان الوجوديان الذان لا يجتمعان في
محل واحد كالسواد والبياض فيعود الامر الى تعريفهم مرادهم بهذا اللفظ وأما
بيان ما دل عليه من المعاني المعقولة فلا يحتاج الى الاستدلال عليه بالكلى
وكذلك في النقيضين وكذلك في الشرط والمشروط والعلة والمعلول وسائر هذه
الامور الكلية
إبطال القول باقتران العلة والمعلول في الزمان


ولهذا من لم يحكم معرفة هذا وإلا التبست عليه المعقولات ودخل عليه غلطهم
سواء كانوا قد غلطوا هم في التصور وهو الغالب على أئمتهم أو كانوا يقصدون
التغليط كما يفعله بعضهم
مثال ذلك انه إذا قيل لهم في مسئلة حدوث
العالم كيف يكون العالم مفعولا مصنوعا للرب وهو مساوق له أزلا وأبدا مقارن
له في الزمان هذا مما يعلم فساده بضرورة العقل فان المفعول لا يكون مقارنا
للفاعل في الزمان قالوا بل هذا ممكن وهو أن تقدم العلة على المعلول تقدما
عقليا لازما كتقدم حركة اليد على حركة الخاتم الذي فيها وتقدم الشمس على
الشعاع وتقدم الحركة على الصوت الناشئ عنها ثم إن كان ممن تكلم في العلة
والمعلول المذكور في الصفات والاحوال وهو يقول العلم علة كون العالم عالما
كما يقوله مثبتوا الاحوال من النظار كالقاضي أبي بكر وأبي المعالي في أول
قوليه والقاضي أبي يعلى وأمثالهم فانه قد ألف أن العلة والمعلول متلازمان
مقترنان فلا يستنكر مثل هذا هنا

ولهذا غلط بسبب متابعتهم في هذا طوائف
من الفقهاء في الفقه كأبي المعالي واتباعه ابي حامد والرافعي وغيرهم فادعوا
شيئا خالفوا فيه جميع أئمة الفقه المتقدمين من اصحاب الائمة الاربعة
وغيرهم ولم يقله الشافعي ولا احد من ائمة أصحابه ولا غيرهم وهو انه إذا قال
لامرأته إذا شربت أو زنيت أو فعلت كذا فأنت طالق وقصده أن يقع بها الطلاق
إذا وجد ذلك الشرط أو قال إذا أعطيتني الفا فأنت طالق أو قال إذا طلقتك
فانت طالق طلقة أخرى أو إذا وقع عليك طلاقي فانت طالق أو قال مثل ذلك في
العتق فزعموا ان الحكم المعلق بشرط يقع هو والشرط معا في زمن واحد بناء على
أن الشرط علة للحكم والمعلول يقارن العلة في الزمان
وهذا خطأ شرعا
ولغة وعقلا أما الشرع فان جميع الاحكام المعلقة بالشروط لا تقع شئ منها إلا
عقيب الشروط لا تقع مع الشروط والفروع المنقولة عن الائمة تبين ذلك واما
لغة فإن الجزاء عند أهل اللغة يكون عقب الشرط وبعده ولا يكون الجزاء مع
الشرط في الزمان ولهذا قد يكون الجزاء مما يتأخر زمانه كقوله تعالى ف من
يعلم مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره الزلزال وفي النذر إذا
قال إن شفى الله مريضى فعلى صوم سنة فلا يجب عليه الصوم إلا بعد الشفاء لا
مقارنا للشفاء ولا في زمن الشفاء وكذلك إذا قال إن سلم الله مالى الغائب
وكذلك إذا قال من رد عبدي الآبق أو بنى لى هذا الحائط ونحو ذلك وأيضا فهذا
يذكر بحرف الفاء والفاء للتعقيب يوجب ان يكون الثاني عقيب الاول لا معه
وأما عقلا فلأن الاول هنا كالفاعل

الموجب للثاني ولا يعرف قط أن
الفاعل يقارنه مفعوله
وما ذكروه من اقتران العلة العقلية لمعلولها ك
العلم والعالمية فجوابه أنه عند جماهير العقلاء ليس هنا علة ومعلول بل
العلم هو العالمية وهذا مذهب جمهور نظار اهل السنة والبدعة وهو نفي الاحوال
فلا علة ولا معلول وإن جعلت المعلول الحكم بكونه عالما والخبر عنه بكونه
عالما فهذا قد يتأخر عن العلم وعلى قول من أثبت الحال هو يقول إنها ليست
موجودة ولا معدومة فليست نظير المعلولات الوجودية
وأيضا فهولاء يقولون
إن العالم فاعل للعالمية ولا هو جاعل العالمية ولا هذا عنده من باب تأثير
الوجود كالاسباب والعلل فان كونه عالما لازم للعلم بما يلزم العلم انه علم
ليس هذا مثل كون قطع الرقبة سببا للموت ولا كون الاكل سببا للشبع من
الاسباب التي خلقها الله فكيف بالاسباب التي يصنعها العباد كقوله إذا زنيت
فأنت طالق فهنا علق حادثا بحادث وحكم بكون ذلك الاول سببا للثاني فأين هذا
من العلم والعالمية وإنما غرهم الاشتراك في لفظ العلة
وكذلك المتفلسفة
ليس في جميع ما مثلوا به علة فاعله قارنت مفعولها في الزمان فحركة اليد
ليست هي الفاعلة لحركة الخاتم بل المحرك لهما واحد ولكن حركتهما متلازمة
لاتصال الخاتم باليد كحركة بعض اليد مع بعض وكما يقال حركت يدى فتحرك
الخاتم وكما يقال حركت كفى فتحركت اصابعي وليست حركة الكف فاعلة لحركة
الاصابع وإن قدر انها بعدها لم يسلم اقترانهما في الزمان بل تكون كأجزاء
الزمان المتصل بعضها ببعض فانه لا فصل بينهما وإن كان الجزء الثاني متصلا
بالاول كذلك أجزاء الحركة كحركة الظل وغيره كل جزء منها يحدث بعد الاخر وفي
الزمان الذي يلى حركة الجزء الاول فأما أن يقال الحركتان وجدتا معا
وأحدهما فاعلة للاخرى فهذا باطل
وأيضا فان المعروف أنه إذا قيل حركت
يدى فتحرك خاتمى او المفتاح في

كمى ونحو ذلك إذا تحرك بحركة تخصه
مثل ان يكون الخاتم ملقى فاذا حرك يده علق في يده فتحرك وهذه الحركة بعد
حركة اليد في الزمان واما إذا كان الخاتم متصلا بالاصبع ثابتا فيها وإنما
يتحرك كما تتحرك الاصابع فالمحرك للجميع واحد ولو كان الانسان نائما او
ميتا فرفع رجل يده وفيها الخاتم لكانت أيضا متحركة بحركة اليد وهى حركة
واحدة شملت الجميع لاتصال بعضه ببعض ليس هنا حركتان إحداهما سبب الاخرى
فضلا عن ان تكون فاعلة لها ومن قال في مثل هذا حركت يده فتحرك خاتمه فانما
هو كقوله فتحركت اليد فانما يريد بذلك أن الحركة شملت الجميع ولم يرد بذلك
أن حركة اليد كانت سببا للحركة الاولى ولا نعرف عاقلا يقول هذا ويقصد هذا
وإن قدر انه وجد فليس قوله حجة على سائر العقلاء ومن رفع يد ميت أو نائم
وفيها خاتم لم تكن حركة بعض ذلك سببا لبعض بل الجميع موجود في زمان واحد
لفاعل واحد وسبب واحد
فبطل أن يكون في الوجود سبب يقارن مسببه في
الزمان بل لا يكون إلا قبله فكيف بالفاعل المستقل وإنما الذي يقارن الشئ في
الزمان شرطه وتقدم الواحد على الاثنين هو من هذا الباب لا من باب تقدم
الشرط على المشروط وحركة الخاتم مع اليد هي من باب المشروط مع الشرط ليست
من باب المفعول مع الفاعل ولكن لفظ العلة فيه إجمال
وكذلك الصوت مع
الحركة فان الصوت يحدث عقيب الحركة وغايته أن يكون معها كالجزء الثاني من
الحركة مع الاول والحركة المتصلة والزمان المتصل ليس بعضه مع بعض في الزمان
فغاية الصوت مع الحركة أن تكون كذلك وكذلك الشعاع مع ظهور الشمس مع أن
الشمس ليست فاعلة للشعاع بل الشعاع يحدث في الارض إذا قابل الشمس ما ينعكس
الشعاع عليه وكذلك الحركة ليست

هى الفاعلة للصوت ولكن الشمس شرط في
الشعاع والحركة شرط في الصوت
وأما فاعل يبدع مفعوله ويكون مقارنا له
في الزمان فهذا لا يوجد قط لكن لفظ العلة فيه إجمال ف العلة الفاعلة شئ
والعلة التي هي شرط شئ آخر والشرط قد يقارن المشروط في زمانه بخلاف الفاعل
فانه لا بد ان يتقدم فعله على المعين وإذا قدر انه لم يزل فاعلا فكل جزء من
أجزاء الفعل مسبوق بجزء آخر وإن كان نوع الفعل لم يزل فلا يتصور أن يكون
فعله أو مفعوله معينا مع الله أزلا وابدا وإن قيل إنه لم يزل فاعلا بمشيئته
فدوام نوع الفعل شئ ودوام الفعل المعين والمفعول المعين شئ آخر
والذي
أخبرت به الرسل ودلت عليه العقول واتفق عليه جماهير العقلاء من الاولين
والاخرين أن الله خالق كل شئ وأن كل ما سواه فهو مخلوق له وكل مخلوق محدث
مسبوق بالعدم وأما تغيير هولاء للفظ المحدث وقولهم إنا نقول إنه محدث حدوثا
ذاتيا بمعنى أنه معلول فهذا من تحريف الكلم عن مواضعه فان المحدث معلوم
انه قد كان بعد أن لم يكن وأنه مفعول أحدثه محدث إحداثا وما لم يزل ولا
يزال فلا يسميه أحد من العقلاء في لغة من اللغات محدثا بل ولا يقول أحد من
العقلاء أنه مفول مصنوع مخلوق ولا يقول أحد أنه ممكن يمكن وجوده ويمكن عدمه
إلا هذه الشرذمة من الفلاسفة
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب :الرد على المنطقيين الجزء السابع Empty رد: كتاب :الرد على المنطقيين الجزء السابع {الأربعاء 8 يونيو - 18:34}

الميزان العقلي هو المعرفة الفطرية للتماثل والاختلاف

وهذه الامور
مبسوطة في مواضعها وإنما المقصود هنا أنهم إذا عدلوا عن المعرفة الفطرية
العقلية للمعينات الى اقيسة كلية وضعوا الفاظها وصارت مجملة تتناول حقا
وباطلا حصل بها من الضلال ما هو ضد المقصود من الموازين وصارت هذه الموازين
عائلة لا عادلة وكانوا فيها من المطففين الذين إذا اكتالوا على الناس
يستوفون

وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون المطففين واين البخس في الاموال
من البخس في العقول والاديان مع ان اكثرهم لا يقصدون البخس بل هم بمنزلة من
قد ورث موازين من ابيه يزن بها تارة له وتارة عليه ولا يعرف أهى عادلة ام
عائلة
والميزان التي انزلها الله مع الكتاب حيث قال الله تعالى الذي
انزل الكتب بالحق والميزان وقال لقد أرسلنا رسلنا بالبينت وانزلنا معهم
الكتب والميزان هي ميزان عادلة تتضمن اعتبار الشئ بمثله وخلافه فيسوى بين
المتماثلين ويفرق بين المختلفين بما جعله الله في فطر عبادة وعقولهم من
معرفة التماثل والاختلاف
فان قيل إذا كان هذا مما يعرف بالعقل فكيف
جعله الله تعالى مما أرسلت به الرسل قيل لان الرسل ضربت للناس الامثال
العقليه التي يعرفون بها التماثل والاختلاف فان الرسل دلت الناس وارشدتهم
الى ما به يعرفون العدل ويعرفون الاقيسة العقلية الصحيحة التي يستدل بها
على المطالب الدينية فليست العلوم النبوية مقصورة على مجرد الخبر كما يظن
ذلك من يظنه من أهل الكلام ويجعلون ما يعلم بالعقل قسيما للعلوم النبوية بل
الرسل صلوات الله عليهم بينت العلوم العقلية التي بها يتم دين الناس علما
وعملا وضربت الامثال فكملت الفطرة بما نبهتها عليه وأرشدتها مما كانت
الفطرة معرضة عنه او كانت الفطرة قد فسدت بما حصل لها من الاراء والاهواء
الفاسدة فأزالت ذلك الفساد وبينت ما كانت الفطرة معرضة عنه حتى صار عند
الفطرة معرفة الميزان التي أنزلها الله وبينها رسله
والقرآن والحديث
مملوء من هذا يبين الله الحقائق بالمقاييس العقلية والامثال المضروبة ويبين
طرق التسوية بين المتماثلين والفرق بين المختلفين وينكر على من يخرج عن
ذلك كقوله ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين امنوا وعملوا
الصلحت سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون الجاثية وقوله أفنجعل المسلمين
كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون القلم أي هذا

حكم جائر لا عادل فان
فيه تسوية بين المختلفين وقال ام نجعل الذين آمنوا وعملوا الصلحت كالمفسدين
في الارض أم نجعل المتقين كالفجار ص ومن التسوية بين المتماثلين قوله
أكفاركم خير من أولئكم ام لكم برآءة في الزبر القمر وقوله أم حسبتهم أن
تدخلوا الجنة ولما ياتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم الباسآء والضرآء
وزلزلوا البقرة
والقرآن مملوء من ذلك لكن ليس هذا موضعه وإنما المقصود
التنبيه على جنس الميزان العقلى وانها حق كما ذكر الله في كتابه وليست هي
مختصة بمنطق اليونان وإن كان فيه قسط منها بل هى الاقيسة الصحيحة المتضمنة
التسوية بين المتماثلين والفرق بين المختلفين سواء صيغ ذلك بصيغة قياس
الشمول أو بصيغة قياس التمثيل وصيغ التمثيل هى الاصل وهي أكمل والميزان
القدر المشترك وهو الجامع وهو الحد الاوسط
وإنزاله تعالى الميزان مع
الرسل كانزاله الايمان وهو الامانة معهم والايمان لم يحصل إلا بهم كما قال
تعالى وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتب ولا الايمان
ولكن جعلنه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي الى صراط مستقيم
الشورى وفي الصحيحين عن حذيفة بن اليمان قال حدثنا رسول الله ص - حديثين
رأيت أحدهما وأنا أنتظر الاخر حدثنا ان الامانة نزلت في جذر قلوب الرجال
فعلموا من القرآن وعلموا من السنة وحدثنا عن رفع الامانة قال ينام الرجل
النومة فتقبض الامانة من قلبه فيظل أثرها مثل أثر الوكت ثم ينام الرجل
النومة فتقبض الامانة من قلبه فيظل أثرها مثل أثر المجل كجمر دحرجته على
رجلك فنفط فتراه منترا وليس فيه شئ فقد بين في هذا الحديث

أن
الامانة التي هى الايمان أنزلها في أصل القلوب فان الجذر هو الاصل وهذا
إنما كان بواسطة الرسل لما اخبروا بما اخبروا به فسمع ذلك ف ألهم الله
القلوب الايمان وانزله في القلوب
وكذلك أنزل الله سبحانه الميزان في
القلوب لما بينت الرسل العدل وما يوزن به عرفت القلوب ذلك فأنزل الله على
القلوب من العلم ما تزن به الامور حتى تعرف التماثل والاختلاف وتضع من
الالات الحسية ما يحتاج اليه في ذلك كما وضعت موازين النقدين وغير ذلك وهذا
من وضعه تعالى الميزان قال تعالى والسماء رفعها ووضع الميزان ألا تطغوا في
الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان الرحمن وقال كثير من
المفسرين هو العدل وقال بعضهم ما يوزن به ويعرف العدل وهما متلازمان
الوجه
الثامن



ليس عندهم برهان على علومهم الفلسفية

إنهم كما حصروا
اليقين في الصورة القياسية حصروه في المادة التي ذكروها من القضايا
الحسيات والاوليات والمتواترات والمجربات والحدسيات ومعلوم أنه لا دليل على
نفى ما سوى هذه القضايا كما تقدم البينة عليه
ثم مع ذلك إنما اعتبروا
في الحسيات والعقليات وغيرهما ما جرت العادة باشتراك بنى آدم فيه وتناقضوا
في ذلك وذلك ان بنى آدم إنما يشتركون كلهم في بعض المرئيات وبعض المسموعات
فانهم كلهم يرون عين الشمس والقمر والكواكب ويرون جنس السحاب والبرق وإن
لم يكن ما رآه هؤلاء من ذلك هو ما يراه هؤلاء وكذلك يشتركون في سماع صوت
الرعد وأما ما يسمعه بعضهم من كلام

بعض وصوته فهذا لا يشترك بنو آدم في
عينه بل كل قوم يسمعون ما لم يسمع غيرهم وكذلك اكثر المرئيات فانه ما من
شخص ولا أهل درب ولا مدينة ولا إقليم إلا ويرون من المرئيات ما لا يراه
غيره وأما الشم والذوق واللمس فهذا لا يشترك جميع الناس في شئ معين فيه بل
الذي يشمونه هؤلاء ويذوقونه ويلمسونه ليس هو الذي يشمه ويذوقه ويلمسه هؤلاء
لكن قد يتفقان في الجنس لا في العين كما يتفقون في شرب جنس الماء ومس جنس
النساء
وكذلك ما يعلم بالتواتر والتجربة والحدس فانه قد يتواتر عند
هؤلاء ويجرب هؤلاء ما لم يتواتر عند غيرهم ولم يجربوه ولكن قد يتفقان في
الجنس كما يجرب قوم بعض الادوية ويجرب الاخرون جنس تلك الادوية فيتفق في
معرفة الجنس لا في معرفة عين المجرب
ثم هم مع هذا يقولون في المنطق إن
المتواترات والمجربات والحدسيات تختص بمن علمها فلا يقوم منها برهان على
غيره فيقال لهم وكذلك المشمومات والمذوقات والملموسات بل اشتراك الناس في
المتواترات اكثر فان الخبر المتواتر ينقله عدد كثير فيكثر السامعون له
ويشتركون في سماعه من العدد الكثير لا سيما إذا كان العدد الكثير مئين
وألوفا فبطائفة من هؤلاء يحصل العلم المتواتر فاذا نقل هؤلاء لقوم وهولاء
لقوم وهؤلاء لقوم حصل العلم المتواتر لامم لا يحصى عددهم إلا الله بخلاف ما
يدرك بالحواس فانه يختص بمن احسه فاذا قال رأيت او سمعت او ذقت او لمست او
شممت فكيف يمكنه ان يقيم من هذا برهانا على غيره ولو قدر انه شاركه في تلك
الحسيات عدد فلا يلزم من ذلك أن يكون غيرهم احسها ولا يمكن علمها لمن لم
يحسها إلا بطريق الخبر فاذا ادعوا أن الخبر المتواتر مختص بالحسيات فلا
يقوم به البرهان على المنازع فالحسيات اعظم اختصاصا فيلزم ان لا يقوم بها
برهان على المنازع وليس في الحسيات اكثر اشتراكا

الرؤية فان الناس
يشتركون في رؤية الانوار العلوية كالشمس والقمر والكواكب ولكن مواد البرهان
لا يختص بذلك
وإن قالوا الحسيات تحصل ب الاشتراك في جنسها كاشتراك
الناس في معرفة الالوان والطعوم والروائح والحرارة والبرودة وإن لم يكن عين
ما احسه هؤلاء هو عين ما احسه هؤلاء لكن اشتركا في الجنس قيل والمتواترات
والمجربات قد يشتركون في جنسها كما تقدم بل وجود الشبع والري عقيب الاكل
والشرب هو من المجربات والناس يشتركون في جنسه وكذلك وجود اللذة بذلك
وبالجماع وغير ذلك بما إذا فعله الانسان وجد عقيبه اثرا من الاثار ثم يتكرر
ذلك حتى يعلم ان ذاك سبب هذا الاثر فهذا هو التجربيات
والقضايا
الظنية أصلها التجربيات وهو من هذا الباب فان المراد أنه إذا استعمل الدواء
الفلاني وجد زوال المرض أو حصل به ألم المرض فوجود المرض بهذا ووجود زواله
بهذا هو من التجربيات وكذلك الالام واللذات التي تحصل بالمشمومات
والمسموعات والمرئيات والملموسات فان الحس ينال كذا ويرى هذا ويسمع هذا
ويذوق هذا ويلمس هذا ثم وجود اللذة في النفس هو من الوجديات المعلومة بالحس
الباطن وهو من جنس الحسيات الظاهرة
وأما الاعتقاد الكلى القائم في
النفس من أن هذا الجنس يحصل به اللذة وهذا الجنس يحصل به الالم فهذا من
التجربيات إذ الحسيات الظاهرة والباطنة ليس فيها شئ كلى فالقضاء الكلى الذي
يقوم بالقلب هو مركب من الحس والعقل وهو التجربيات كما في اعتقاد حصول
الشبع والري بما يعرف من المأكولات والمشروبات والموت والمرض بما يعرف من
السموم القاتلة والاسباب الممرضة وزوال ذلك بالاسباب المعروفة وكل هذا من
القضايا التجربية فالحس به يعرف الامور المعينة ثم إذا تكررت مرة بعد مرة
أدرك العقل ان هذا بسبب القدر المشترك الكلى فقضى فضاء كليا أن هذا يورث
اللذة الفلانية وهذا يورث الالم الفلاني

والحدسيات هى كذلك فبالحس
يعرف أعيانها ثم يتكرر فتعلم بالعقل القدر المشترك لكن ذلك التكرر لا يكون
بفعل الانسان بل هو كما يعرف من الامور السماوية مثل ان يرى اختلاف انوار
القمر عند اختلاف مقابلته للشمس فيحدس أن ضوءه مستفاد منها ومثل ما يرى
الثوابت لا تختلف حركتها بالطول والعرض بل حركتها حركة واحدة فيحدس أن
فلكها واحد وإلا فيجوز أن يكون لكل واحد فلكا حركته مثل حركة الاخر ومثل ما
يرى اختلاف حركات السبعة فيحدس عن اختلاف أفلاكها وهذا يسمى في اللغة
تجربيات وكثير منهم ايضا يسميه تجربيات ولا يجعل قسما غير المجربات

وبالجملة الامور العادية سواء كان سبب العادة إرادة نفسانية أو قوة طبيعية
فالعلم بكونها كلية هو من التجربيات او الحدسيات إن جعلت نوعا أخر حتى
العلم بمعانى اللغات هو من الحدسيات فان الانسان يسمع لفظ المتكلم ثم قد
يعلم مراده المعين بإشارة إليه أو بقرينة أخرى ثم إذا تكرر تكلمه بذلك
اللفظ مرة بعد مرة وهو يريد به ذلك المعنى علم ان هذه عادته الارادية وهو
إرادة هذا المعنى بهذا اللفظ إذا قصد إفهام المخاطب وهذا مما يسمونه
الحدسيات إذ ليس كلام المتكلم موقوفا على اختيار المستمع وهو من التجربيات
العامة فان السمع إنما عرف به الصوت والمعنى المعين قد يفهم أولا بأسباب
متعددة إما كون هذا المتكلم من عادته ولغته انه إذا تكلم بهذا اللفظ أراد
ذلك المعنى فهذا من هذا الباب وكذلك سائر ما يعلم من عادات الناس وعادات
البهائم وعادات النبات وعادات سائر الاعيان هو من هذا الباب
وقد يعلم
احد الشخصين بعادة نظيره فاذا كان من عادة شخص إذا قال أو فعل أمرا اراد به
شيئا ورأى نظيره يقول ذلك او يفعله فقد اعتقد انه اراد ما اراد لان العادة
عرف أنها للنوع لا للشخص كعادة الناس في اللغات والافعال

من
العبادات وغير العبادات فاذا رأى الرجل يدخل المسجد قرب صلوة الجمعة وعليه
أهبة أهل الصلوة اعتقد أنه يدخله للصلوة لان هذا عادة هذا النوع وكذلك إذا
رأى قاعدا في محل التطهير شارعا فيما يشرع فيه المتطهر عرف أنه يتطهر ثم
العاديات قد تنتقض وقد يعلم ما يفعله الفاعل من العلم بصفاته ويعلم صفاته
من افعاله لكن ذاك من باب الاستدلال النظري العقلي وهو الاستدلال بالملزوم
على اللازم فليس ذاك من هذا
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب :الرد على المنطقيين الجزء السابع Empty رد: كتاب :الرد على المنطقيين الجزء السابع {الأربعاء 8 يونيو - 18:34}

كون العلوم الفلسفية من المجربات

فعامة ما عند الفلاسفة بل وسائر
العقلاء من العلوم الكلية بأحوال الموجودات هو من العلم بعادة ذلك الموجود
وهو مما يسمونه الحدسيات وعامة ما عندهم من العلوم العقلية الطبيعية
والعلوم الفلكية كعلم الهيئة فهو من هذا القسم من المجربات ان كان علما فان
هذه لا يقوم فيها برهان على المنازع فليس عند القوم برهان على المنازع
وايضا فان كون هذه الاجسام الطبيعية جربت وكون الحركات الفلكية جربت لا
يعرفه اكثر الناس الا بالنقل والتواتر في هذا قليل وانما الغاية ان تنتقل
التجربة في ذلك عن بعض الاطباء او بعض اهل الحساب
وعلم الهيئة الذي هو
اعظم علومهم الرياضية العقلية الذي جعله ارسطو اهله هم ائمة الفلاسفة
وعلمهم اصل الفلسفة فانه منه تعرف عدد الافلاك وحركاتها والا فالحس لا يرى
الا حركة الاجسام المعينة فيرى الشمس متحركة والقمر متحركا والكواكب متحركة
هذا الذي يعلم بالحس واما كون هذه مذكورة في افلاك متحركة فهذا انما
يعلمونه من علم الهيئة والعلم بأن بعض الافلاك فوق بعض علموه بكسوف الاعلى
الاسفل فلما راوا القمر يكسف سائرها استدلوا بذلك على انه تحت الجميع ولما
راوا زحل لا يكسف شيئا والجميع تكسفه استدلوا بذلك على انه فوق

الجميع
وكذلك كون الثوابت في الثامن ادعوا علمه بأنها لا تكسف شيئا بل قد يكسفها
غيرها واما افلاكها فاستدلوا عليها بالحركات
والعلم بقدر حركاتها
وبكسوف بعضها لبعض ونحو ذلك مداره على الارصاد وغايته ان بعض الناس راى هذا
فأخبر به غيره وليس هذا خبرا متواترا بل غالبه خبر واحد ثم ان الارصاد يقع
فيها من الغلط ما هو معروف ولهذا اختلفت ارصاد المتقدمين والمتأخرين في
حركة الثوابت هل تقطع درجة فلكية في كل مائة سنة او في ستة وستين وثلثي سنه
كما زعمه اهل الرصد المأموني ولما اخبرهم اهل الهيئة بحركة الفك استدلوا
بذلك على ان لها نفسا تحركه بالارادة لان حركته دورية ليست طبيعية واستدلوا
على عدد النفوس التسعة بالافلاك التسعة وعلى العقول العشرة بالافلاك
التسعة مع العقل العاشرة الذي هو اول صادر عن واجب الوجود وجعلوا الفلك
يتحرك للتشبه بالعلة الاولى ليخرج ما فيه من الايون والاوضاع وغاية الفلسفة
عندهم التشبه بالعلة الاولى بحسب الامكان فهذا هو العلم الالهي الذي هو
الفلسفة الاولى والحكمة العليا وفيه من المقدمات الضعيفة ما ليس هذا موضع
بسطه
وانما المقصود ان مبناه على قضايا يخبر بها بعض الناس عن قضايا
حدسية فاذا قالوا ان هذه لا يقوم فيها برهان على المنازع والقضايا الطبيعية
مبناها على ما ينقله بعض الناس من التجارب فاذا لم يكن في هذا ولا هذا
برهان لم يكن عند القوم برهان على ما يختصون به واما ما يشتركون فيه هم
وسائر الناس فهذا ليس مضافا اليهم ولا هو من علمهم فأين البرهان على العلوم
الفلسفية مع العلم بأن العاديات التي هي عامة علومهم الكلية منتقضة كما
بيناه في غير هذا الموضع فنحن نعلم انه ليس معهم في عامة ما يدعونه برهانيا
برهان يقيني ولكن مع هذا نذكر بعض تناقضهم

سنة الله التي
لا تنتقض بحال


ولكن العادة التي لا تنتقض بحال ما اخبر الله انها لا
تنتقض كقوله تعالى لئن لم ينته المنفقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في
المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها الا قليلا ملعونين اينما ثقفلوا
اخذوا وقتلوا تقتيلا سنة الله في الذين خلو من قبل ولن تجد لسنة الله
تبديلا الاحزاب وقال ولو قتلكم الذين كفروا لولا الادبار ثم لا يجدون وليا
ولا نصيراه سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا الفتح
وقال واقسموا بالله جهد ايمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن اهدى من احدى الامم
فلما جاءهم نذير ما زادهم الا نفورا استكبارا في الارض ومكر السيء ولا يحيق
المكر السيء الا بأهله فهل ينظرون الا سنت الاولين فلن تجد لسنت الله
تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا تحويلا فاطر
فهذه سنة الله وعادته في
نصر عباده المؤمنين اذا قاموا بالواجب على الكافرين وانتقامه وعقوبته
للكافرين الذين بلغتهم الرسل بعذاب من عنده أو بأيدى المؤمنين هى سنة الله
التي لا توجد منتقضة قط وكما قال قبل هذا ما كان على النبي من حرج فيما فرض
الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان امر الله قدرا مقدورا الاحزاب
لم يقل هنا ولن تجد لان هذه سنة شرعية لا ترى بالمشاهدة بل تعلم بالوحي
بخلاف نصره للمؤمنين وعقوبته للمنذرين فانه امر مشاهد فلن يوجد منتقضا
وقد أراد بعض الملاحدة كالسهروردي المفتول في كتابه المبدأ والمعاد الذي
سماه الالواح العمادية أن يجعل له دليلا من القرآن والسنة على إلحاده
فاستدل

بهذه الاية على ان العالم لا يتغير بل لا تزال الشمس تطلع وتغرب
لانها عادة الله فيقال له انخراق العادات امر معلوم بالحس والمشاهدة
بالجملة وقد أخبر في غير موضع أنه سبحانه لم يخلق العالم عبثا وباطلا بل
لأجل الجزاء فكان هذا من سنته الجميلة وهو جزاؤه الناس باعمالهم في الدار
الاخرة كما أخبر به من نصر أوليائه وعقوبة أعدائه فبعث الناس للجزاء هو من
هذه السنة وهو لم يخبر بان كل عادة لا تنتقض بل أخبر عن السنة التي هى
عواقب أفعال العباد باثابته أولياءه ونصرهم على الاعداء فهذه هى التي اخبر
لن يوجد لها تبديل ولا تحويل كما قال فهل ينظرون إلا سنت الاولين فلن تجد
لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا فاطر
وذلك لان العادة تتبع
إرادة الفاعل وإرادة الفاعل الحكيم هى إرادة حكيمة فتسوى بين المتماثلات
ولن يوجد لهذه السنة تبديل ولا تحويل وهو إكرام اهل ولايته وطاعته ونصر
رسله والذين آمنوا على المكذبين فهذه السنة تقتضيها حكمته سبحانه فلا
انتقاض لها بخلاف ما اقتضت حكمته تغييره فذاك تغييره من الحكمة ايضا ومن
سنته التي لا يوجد لها تبديل ولا تحويل لكن في هذه الايات رد على من يجعله
يفعل بمجرد إرادة ترجح أحد المتماثلين بلا مرجح فان هؤلاء ليس عندهم له سنة
لا تتبدل ولا حكمة تقصد وهذا خلاف النصوص والعقول فإن السنة تقتضي تماثل
الآحاد وأن حكم الشيء نظيره فيقتضي التسوية بين المتماثلات وهذا خلاف قولهم
المتواتر عن الانبياء أعظم من المتواتر عن الفلاسفة

والمقصود
هنا الكلام على الفلاسفة فنقول معلوم أن من شياطينهم من يقول المتواترات
لا يقوم بها البرهان على المنازع ليدخل في ذلك ما تواتر عن الانبياء صلوات
الله عليهم من الايات والبراهين والمعجزات التي بعثوا بها كما

يدخلون
ما اخذ عن الانبياء من المقبولات
فيقال لهم من المعلوم بالاضطرار أن
تواتر خروج محمد ص - ومجيئه بهذا القرآن أعظم عند أهل الارض من تواتر وجود
الفلاسفة كلهم فضلا عما يخبرون به من القضايا التجربية والحدسية التي
استدلوا بها على الطبيعيات والفلكيات وكذلك ما تواتر من سائر معجزاته وما
تواتر من اخبار موسى والمسيح صلوات الله عليهما هذا معلوم عند الناس أعظم
من تواتر وجود أولئك فضلا عن تواتر ما يخبرون به
ولهذا صار ظهور
الانبياء مما تؤرخ به الحوادث في العالم بظهور أمرهم عند الخاصة والعامة
فان التاريخ يكون بالحادث المشهور الذي يشترك الناس فيه ليعرفوا به كم مضى
بعده وقبله كما ان النهار يعرف بطلوع الشمس والشهر بالهلال لانه نور ظاهر
يشترك الناس في رؤيته ولهذا جعل عمر تاريخ المسلمين من الهجرة النبوية
فانها أظهر أحوال الرسول المشهورة وهو خروجه من بلد الى بلد وبها اعز الله
الاسلام وكانت العرب قبل الاسلام تؤرخ بالحوادث المشهورة وكذلك الروم
والفرس والقبط وسائر الامم يؤرخون مثل ذلك فنحن اليوم إذا اردنا ان نعرف
زمان واحد من هؤلاء المتفلسفة قلنا كان قبل المسيح بكذا وكذا سنة
بل
ارسطو إنما عرف زمانه لانه قد عرف أنه كان وزير الاسكندر بن فيلبس المقدوني
ملك اليونان وكانوا مشركين يعبدون الكواكب والاصنام ويعانون السحر ارسطو
وملكه وغيرهما وهذا الاسكندر لما جاء الى الشام اقام ايام بني اسرائيل غلب
عليهم فذكروا أنه طلب ان يكتب في التوراة فقالوا ما يمكن هذا فقال اجعلوا
لي تأريخا فصار التاريخ الرومي الذي تؤرخ به اليهود والنصارى مؤرخا به
وأرسطو وزيره فعرف وقته من هذا الوجه وكان قبل المسيح بثلثمائة سنة


والتواريخ التي تختص بها اليهود هي من الانبياء وأحوال بيت المقدس يقولون
في البيت الاول في البيت الثاني
ثم عرف أرسطوا بهذه الكتب المنسوبة
اليه كما عرف بطليموس المجسطى وكما عرف ابقراط وجالينوس بما ينسب اليهما من
كتب الطب وإلا فأي شئ هو الذي تواتر عند الناس من أخبار هؤلاء فضلا عن ان
يتواتر عنهم ما يذكرونه في كتبهم من القضايا التجربية والحدسية وغاية ما
يوجد أن يقول بطلميوس هذا مما رصده فلان وأن يقول جالينوس هذا مما جربته
أنا أو ذكر لى فلان انه جربه او نحو ذلك من الحكايات التي ملأ بها جالينوس
كتابه وليس في هذه شئ من المتواتر وإن قدر ان غيره جرب ايضا فذاك خبر واحد
ولكن ما يدعى في تجارب الاطباء من الادوية أقرب الى التسليم مما يدعونه في
تجاربهم الرصدية وذلك لاشتراك كثير من الاطباء في تجربة الدواء الواحد
وأيضا فلكثرة وجود ما يدعى فيه التجربة من النبات وتواطؤ المجربين له وليس
كذلك ما يدعونه من فلسفتهم فانا رأينا تجارب الاطباء على غير منوالهم
وعلمنا صدقها كثيرا وليس القصد إلا بفساد تأصيلهم فقط وإلا فالاطباء في
تجاربهم أسد حالا منهم لان القوم إنما يذكرون دواء موجودا يمكن تجربته
كثيرا لوجوده ولكثرة المحتاجين اليه ممن يصيبه ما يقال إن ذلك الدواء يؤثر
فيه شفاء والله فاعل ذلك الشفاء في ذلك الدواء فبينهم حينئذ فرق من حيث ما
قررته

فالتواتر عزيز عندهم جدا واكثر الناس لم يجربوا جميع ما
جربوه ولا علموا بالارصاد ما ادعوا انهم علموه وإذا قيل قد اتفق على ذلك
رصد فلان وفلان كان غاية ما عندهم أن يذكروا جماعة رصدوا وهذا غاية ان يكون
من المتواتر الخاص الذي ينقله طائفة
فمن زعم انه لا يقوم عليه برهان
بما تواتر عن الانبياء كيف يمكنه أن ان يقيم على غيره برهانا بمثل هذا
التواتر ويعظم علم الهيئة والفلسفة ويدعى انه علم عقلى معلوم بالبرهان
كون
الفلاسفة من أجهل الخلق برب العالمين


وهذا أعظم ما يقوم عليه البرهان
العقلي عندهم هذا حاله فما الظن بالالهيات التي إذا نظر فيها كلام معلمهم
الاول أرسطو وتدبره الفاضل العاقل لم يفده إلا العلم بأنهم كانوا من أجهل
الخلق برب العالمين وصار يتعجب تعجبا لا ينقضى ممن يقرن علم هؤلاء
بالالهيات الى ما جاءت به الانبياء ويرى ان هذا من جنس من يقرن الحدادين
بالملئكة بل من يقرن دهاقين القرى بملوك العالم فهو أقرب الى العلم والعدل
ممن يقرن هؤلاء بالانبياء فان دهقان القرية متول عليها كتولى الملك على
مملكته فله جزء من الملك
وأما ما جاءت به الانبياء فلا يعرفه هؤلاء
ألبتة وليسوا قريبين منه بل كفار اليهود والنصارى أعلم بالامور الالهية
ولست اعنى بذلك ما اختص الانبياء بعلمه من الوحي الذي لا ينال غيرهم فان
هذا ليس من علمهم ولا من علم غيرهم وإنما أعنى العلوم العقلية التي بينها
الرسل للناس بالبراهين العقلية في امر معرفة الرب وتوحيده ومعرفة اسمائه
وصفاته وفي النبوات والمعاد وما جاءوا به من مصالح الاعمال التي تورث
السعادة في الاخرة فان كثيرا من ذلك قد بينه الرسل بالادلة العقلية فهذه
العقليات الدينية الشرعية الالهية هي التي لم يشموا رائحتها ولا في علومهم
ما يدل عليها وأما ما اختصت الرسل بمعرفته واخبرت به من الغيب فذاك

امر
أعظم من ان يذكر في ترجيحه على الفلسفة وانما المقصود الكلام في العلوم
العقلية التي تعلم بالادلة العقلية دع ما جاءت به الانبياء فانه مرتبة
عالية
وهؤلاء المتكلمون من اهل الملل الذين يدعهم اهل السنة من اهل
الملل كالجهمية والمعتزلة وما يفرع على هؤلاء من جميع طوائف الكلام فان
الفلاسفة تقول ان هؤلاء اهل جدل ليسوا اصحاب برهان ويجعلون نفوسهم هم اصحاب
البرهان ويسمون هؤلاء اهل الجدل ويجعلون ادلتهم من المقاييس الجدلية اذ
كانوا قد قسموا القياس خمسة اقسام برهاني وخطابي وجدلي وشعري وسوفسطائي كما
سنتكلم عليه ان شاء الله ولهذا تجد ابن سينا وابن رشد وغيرهما من
المتفلسفة يجعل هؤلاء اهل الجدل وان مقدماتهم التي يحتجون بها جدلية ليست
برهانية ويجعلون انفسهم اصحاب البرهان
ونحن لا ننازعهم ان كثيرا مما
يتكلمه المتكلمون باطل لكن اذا تكلم بالانصاف والعدل ونظر في كلام معلمهم
الاول ارسطو وامثاله في الالهيات وفي كلام من هم عند المسلمين من شر طوائف
المتكلمين كالجهمية والمعتزلة مثلا وجد بين ما يقوله هؤلاء المتفلسفة وبين
ما يقوله هؤلاء من العلوم التي يقوم عليها البرهان العقلي من الفروق التي
تبين فرط جهل اولئك بالنسبة الى هؤلاء ما لا يمكن ضبطه وهذا كلام ارسطو
موجود وكلام هؤلاء موجود فان هؤلاء المتكلمين يتكلمون بالمقدمات البرهانية
اليقينية اكثر من اولئك بكثير كثير وارسطو اكثر ما يبني الامور الالهية على
مقدمات سوفسطاية في غاية الفساد ولولا ان هذا ليس موضع ذكره لذكرت كلامه
في مقالة اللام التي هي اخر علومه بالفاظها وكذلك كلامه في اثولوجيا


6 - وهذا ابن سينا افضل متأخريهم الذي ضم الى كلامه في الالهيات من
القواعد التي اخذها عن المتكلمين اكثر مما اخذه عن سلفه الفلاسفة اكثر
كلامه فيها مبني على مقدمات سوفسطائية ملبسة ليست خطابية ولا جدلية ولا
برهانية مثل كلامه في توحيد الفلاسفة وكلامه في اسرار الايات وكلامه في قدم
العالم كما بسط الكلام عليه في غير هذا الموضع
الوجه التاسع


الرد
على ابن سينا والرازي في كلامهما في القضايا المشهورة المشتمل على



ثمانية انواع
الوجه التاسع انهم اخرجوا القضايا التي يسمونها الوهميات
والتي يسمونها الاراء المحودة عن ان تكون يقينيات وقد بينا في غير هذا
الموضع انها وغيرها من العقليات سواء ولا يجوز التفريق بينهما وان اقتضاء
الفطرة لهما واحد
اما المشهورات فان ابن سينا قال في اشاراته

اصناف القضايا المستعملة فيما بين القائسين ومن يجري مجراهم اربعة مسلمات
ومظنونات وما معها ومشبهات بغيرها ومتخيلات والمسلمات اما معتقدات واما
مأخوذات والمعتقدات اصنافها ثلاثة الواجب قبولها والمشهورات والوهميات
والواجب قبولها اوليات ومشاهدات ومجربات وما معها من الحدسيات والمتواترات
وقضايا قياساتها معها الى ان قال
فأما المشهورات في هذه الجملة فمنها
ايضا هذه الاوليات ونحوها مما يوجب قبوله لا من حيث هي واجب قبولها بل من
حيث عموم الاعتراف بها

قال ومنها الاراء المسمات ب المحمودة وربما
خصصناها باسم المشهورة اذ لا عمدة لها الا الشهرة وهو انه لو خلى انسان
وعقله المجرد ووهمه وحسه ولم يؤدب بقبول قضاياها ولم يفد الاستقراء ظنه
القوى الى حكم لكثرة الجزئيات ولم يستدع اليها ما في طبعه الانساني من
الرحمة والخجل والانفة والحمية وغير ذلك لم يقض بها الانسان طاعة لعقله او
وهمه او حسه مثل حكمنا ان سلب مال الانسان قبيح وان الكذب قبيح لا ينبغي ان
يقدم عليه
قال ومن هذا الجنس ما يسبق وهم كثير من الناس وليس شيء من
هذا يوجه العقل الساذج ولو توهم الانسان بنفسه انه خلق دفعة تام العقل ولم
يسمع ادبا ولم يطع انفعالا نفسانيا او خلقا لم يقض في امثال هذه القضايا
بشيء بل امكنه ان يجهله ويتوقف فيه وليس كذلك حال قضائه ان الكل اعظم من
الجزء
وهذه المشهورات قد تكون صادقة وقد تكون كاذبة وان كانت صادقة
ليست تنسب الى الاوليات ونحوها اذا لم تكن بينة عند العقل الاول الا بنظر
وان كانت محمودة عنده والصادق غير المحمود وكذلك الكاذب غير الشنيع ورب
شنيع حق ورب محمود كاذب
والمشهورات اما من الواجبات واما من التأديبات
الصلاحية وما تطابق عليها الشرائع الالهية واما خلقيات وانفعاليات واما
استقرائيات وهي اما بحسب الاطلاق واما بحسب اصحاب صناعة وحكمة
وقد ذكر
الرازي في شرحه للاشارات تقرير الفرق بين الاوليات العقلية والمشهوارات
والوهميات
وقالوا المشهورات تشبه بالاوليات ووجه الفرق ظاهر فان
الاولى

هو الذي يكون حكمه على موضوعه في الوجودين حملا اولا لا
ثانيا أي لا يكون حمله بتوسط فان المحمول على غيره بتوسط شئ اخر كان بعد
حمل ذلك الشئ فلا يكون حمله عليه اولا بل ثانيا
وهذا إنما يظهر إذا لم
يكن للعقل في ذلك الحكم موجب آخر إلا مجرد حضور طرفى الموضوع والمحمول أما
إذا كان هناك اسباب أخر من الرقة او الانفة أو الحمية او العادة او الحمد
على النظام الكلى والمصلحة العامة فحينئذ لا يعرف ان الموجب لحكم العقل
بذلك هو نفس حضور طرفي الموضوع والمحمول او ذلك لاسباب اخر
فاذا اردت
ان تمتحن ذلك فعليك ان تقدر نفسك كأنك خلقت في هذه الحال ولا تلتفت الى
مقتضيات العادات واحكام سائر القوى من الرأفة والرقة وتجرد عما تعودته
والفتة من القضايا المصلحية ثم تعرض على نفسك طرفى الموضوع والمحمول فان
كان نفس حضورهما يوجب حكم العقل بتلك النسبة كانت القضية اولية وإلا كانت
مشهورة وهو مثل قولنا الكذب قبيح فان السبب في شهرته تعلق المصلحة العامة
به وقولنا الايلام قبيح والسبب فيه الرقة والدليل على ان ذلك ليس من
الاوليات انا عند الفرض المذكور إذا عرضنا على العقل ان الشئ لا يخلو عن
النفى والاثبات وعرضنا عليه ان الكذب قبيح وجدنا العقل جازما بالاول متوقفا
في الثاني فعرفنا أن ذلك ليس من المحولات الاولية
ثم إن المشهور قد
يكون صادقا وقد يكون كاذبا فالصادق قد يكون أوليا وقد لا يكون بل يحتاج في
إثباته الى البرهان فان كل اولى لا بد ان يكون مشهورا لكن لا ينعكس فان
السبب في الشهرة إما كونه اوليا أو تعلق النظام به او الانفعالات النفسانية
كما ذكرنا او الاستقراء العام فان لكل مذهب أمورا مشهورة عندهم ربما لا
تكون

مشهورة عند من يخالفهم
قلت والكلام على هذا بأنواع
متعددة
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب :الرد على المنطقيين الجزء السابع Empty رد: كتاب :الرد على المنطقيين الجزء السابع {الأربعاء 8 يونيو - 19:06}

لنوع الاول


الكلام على تفريقهم بين الاوليات والمشهورات


النوع الاول إن التفريق بين الاوليات وغيرها بأن الاوليات ما كان ثبوت
الموضوع للمحمول وهو ثبوت الصفة للموصوف والمحكوم به للمحكوم عليه والمخبر
به للمخبر عنه كثبوت الخبر للمبتدأ بالتفريق بين الاولى وغيره بان الموضوع
إن ثبت للمحمول بنفسه في الوجودين الذهنى والخارجي فهو اولى وإن افتقر الى
وسط فليس بأولى فرق بنى على اصل فاسد وهو ان الصفات اللازمة للموصوف منها
ما يلزم بنفسه ليس بينه وبين الموصوف وسط في نفس الامر ومنها ما لا يلزم
بنفسه بل بوسط في نفس الامر يكون ذلك الوسط لازما للموصوف ويكون هذا
المحمول لازما لذلك اللازم
وهذا الفرق قد ذكره غير واحد كالرازي وغيره
في الصفات اللازمة وابن سينا ذكره ايضا لكن ابن سينا ذكر انه إنما اراد ب
الوسط الحد الاوسط في القياس وهو ما يقرن باللام في قولك لانه وهذا هو
الدليل والدليل هو وسط في الذهن للمستدل ليس هو وسطا في نفس ثبوت الصفة
للموصوف فانه قد يستدل بالمعلول على العلة كما يستدل بالعلة على المعلول
ويستدل بأحد المعلولين على الاخر ويستدل بثبوت احد الضدين على انتفاء الاخر
وبثبوت احد المتلازمين على تحقق الاخر
ولا ريب أن الصفات اللازمة
للموصوف تنقسم الى ما لزومه بين للإنسان والى ما ليس هو بينا بل يفتقر
ملزومه الى دليل وكونه بينا للانسان وغير بين ليس هو صفة الشئ في نفسه
وإنما هو إخبار عن علم الانسان به وتنبيه له فهو

إخبار عن الوجود
الذهني لا الخارجي فما كان بينا للانسان معلوما له موجودا في ذهنه لم يحتج
فيه الى دليل وما لم يكن كذلك احتاج فيه الى دليل وكون الشئ بينا وغير بين
نسبة وإضافة بين المعلوم والانسان العالم وهذا يختلف فيه احوال الناس فقد
يتبين لزيد ما لا يتبين لعمرو فان اسباب العلم وقوة الشعور وجودة الاذهان
متفاوته فلا يلزم إذا تبين لانسان ثبوت بعض الصفات او لزومها او اتصاف
الموصوف بها ان يتبين ذلك لكل احد ولا يلزم اذا خفى على بعض الناس ان يكون
خفيا على كل احد
وحينئذ فإذا فرق بين الاولى وغيره بان الاولى لا
يحتاج الى وسط فبين كون القضية اولية او غير اولية فرق إضافي بحسب احوال
الناس فيكون ذلك بمنزلة ان يقال القضية إما ان تكون معلومة وإما ان لا تكون
وإما ان تكون ظاهرة وإما ان لا تكون وإما ان تكون واضحة وإما ان لا تكون
وإما ان تكون جلية وإما ان لا تكون وإما ان يتصور الانسان صدقها وإما ان لا
يتصور وهذا فرق صحيح فإن كل قضية بالنسبة الى كل احد إما ان تكون بينة له
وإما ان لا تكون بينة له ولكن ليس هذا الفرق يميز بين اجناس القضايا حتى
يجعل جنس منها بتمامه من قبيل غير البين وجنس آخر بتمامه من جنس البين فإن
هذا الفرق لا يعود الى صفة لازمة للقضية كما ادعاه من ان اللازم البين ما
ثبت للموصوف بلا وسط في نفس الأمر واللازم غير البين ما كان ثبوته بوسط في
نفس الأمر بل جميع اللوازم للموصوف ليس بينها وبين الموصوف وسط اصلا في نفس
الأمر وإن احتجاج الانسان في علمه بثبوتها الى دليل فليس كل ما لا يعلم
لزومه للموصوف إلا بدليل لايكون ثبوته له إلا بوسط كما تقدم بيانه فإن
المعلول لازم لعلته المعينة لا يمكن تخلف المعلول عن علته التامة التي دخل
فيها وجود الشروط وانتفاء الموانع ومع هذا فقد لا يعلم ثبوت المعلول إلا
بوسط بأن يستدل بمعلول آخر على العلة

ثم بالعلة على المعلول كما
يستدل بالرائحة التي في الشراب على انه مسكر ويستدل بالمسكر على التحريم
كقوله ص كل مسكر خمر وكل مسكر حرام رواه مسلم وكما يستدل بثبوت كفارة
اليمين في الالتزام على انه يمين ويستدل بأنه يمين على انعقاد الايلاء به
وكذلك بالعكس وكما يستدل بالشعاع المنتشر على طلوع الشمس وبطلوعها على فوات
الفجر وكما يستدل بفيء الظلال على زوال الشمس وبزوالها على دخول وقت الظهر
فانها لا تفيء من المغرب الى المشرق إلا اذا زالت الشمس ولا يسمى فيئا إلا
ما كان بعد الزوال والظل اسم عام لما كان في اول النهار وآخره وإن شئت
تستدل بتزايد الظلال بعد تناهي قصرها على الزوال وبه على دخول وقت الظهر
وكما يستدل بالجدي على جهة الشمال ويستدل بها على جهة الكعبة بأن يعلم ان
الكعبة في تلك الأرض من جهة الجنوب والقطب شماليها إما محاذيا للركن الشامي
سواء كما في أرض حران وما سامتها وإما مائلا الى المشرق وجهة الباب فينحرف
الى المغرب كما في ارض العراق ومثل هذا كثير
وبالجملة ف الدليل
باتفاق العقلاء اعم من العلة بل كل ملزوم يستلزم غيره يمكن الاستدلال به
عليه مطلقا ولا يفرق في هذا بين لازم ولازم ولا يقال من اللوازم ما يلزم
بوسط فلا يمكن العلم به إلا بعد ذلك الوسط بل يمكن الاستدلال به عليه كما
يمكن الاستدلال بكل ملزوم على لازمه فإن شرط ذلك العلم بالملزوم متى علم ان
هذا لازم لهذا استدل بالملزوم على اللازم
فقد يكون ما هو لازم بغير
وسط عندهم ولا يعرف لزومه إلا بالوسط 2الذي هو الدليل كالمعلول مع العلة
وقد يكون ما يزعمون انه لازم بوسط ويمكن العلم بلزومه بلا وسط كما ذكروه من
المثال في ذلك فزعموا ان اللونية للسواد والجسمية للحيوان ذاتية لثبوتها
بلا وسط وزعموا ان الزوجية والفردية للعدد عرضية قالوا لأنا وإن علمنا ان
الأربعة زوج والثلاثة فرد فلا يعلم ذلك في كل الأعداد بل يفتقر علمنا بأن
المائتين واثنين وستين زوج والاحدى

وستون فرد الى وسط وهو ان يقسم
هذه فاذا انقسمت بقسيمين متساويين علمنا انها زوج
وقد بينا في كلامنا
على فساد قولهم في الفرق بين الذاتي واللازم ان الفرق لا يعود الى صفة
الموصوف في نفس الامر بل كون الزوجية والفردية لازمة للزوج والفرد كلزوم
العددية للعدد ولزوم اللونية للبياض والسواد ولزوم الجسمية للحيوان ولكن
بعض اللوازم بين لبعض الناس انه لازم لجميع الافراد وبعضها يخفي ثبوته لبعض
الافراد وهذا فرق يعود الى الانسان كما ان من الاشياء ما نراها ومن
الاشياء ما لا نراها وكذلك من الاشياء ما نعلمها ومن الاشياء ما لا نعلمها
ولا يقتضى ذلك ان يكون ما علمه من الصفات هو اجزاء للماهية تركبت منها لو
جاز ان تتركب الماهية من الاوصاف وما لم يعلمه لا يكون اجزاء للماهية فكيف
اذا كان تركب الماهية الموجودة في الخارج من صفات قائمة بها ودعوى ان تلك
الصفات اجزاء لها مقومة وهي سابقة عليها في غاية الفساد
والرازي
وامثاله لما شاركوا المنطقيين في هذا الخطأ زعموا ان الوسط الذهني هو وسط
خارجي فهذا باطل وما علمت قدماء المنطقيين يقولونه ولا رايته في كلام ابن
سينا وامثاله وانما الذي رايته في كلامه ان الوسط هو الدليل
برهان
للرازي على هذا التفريق وبيان تناقضه من ثلاثة عشر طريقا


فالرازي لما
ادعى ما ادعاه لزمه تناقض زائد على تناقض المنطقيين
قال الرازي
والبرهان على ان ما يكون لزومه بغير وسط كان بينا هو ان الماهية لما هي هي
مقتضية لذلك اللازم فاذا عقلنا الماهية وجب ان نعقل منها انها

لما هي
هي تقتضى ذلك اللازم والا لما كنا عقلنا الماهية لما هي هي واذا عقلنا منها
لما هي مقتضية للازم الفلاني وجب ان نعقل اللازم الفلاني لان العلم باضافة
امر الى امر يتضمن العلم بكل المضافين
قال فهذا ما قيل في هذا الباب
وفيه بحث لا بد من ذكره فان لقائل ان يقول ان ما يحصل لزومه من العلم
بالماهية العلم بلازمها القريب وذلك القريب علة قريبة للازم الثاني فحينئذ
يجب ان يعلم اللازم الثاني وان يعلم من ذلك الثاني اللازم الثالث فكان يجب
ان يكون العلم بالماهية مقتضيا للعلم بجميع لوازمها القريبة والبعيدة وذلك
محال فثبت ان العلم بالماهية لا يقتضى العلم بلازمها
قال ايضا فان
ماهية العلة غير مقولة بالقياس الى المعلوم وعلته والعلة مقولة بالقياس الى
المعلول فاذن ماهية العلة مغايرة لعلتها فاذن لا يلزم من العلم بماهية
العلة العلم بدليل المعلول
ثم قال لكنا نقول في جواب هذا الشك العلم
بماهية العلة لا يقتضى العلم بالمعلول الا بشرط اخر وهو حصول تصور المعلول
فان العلية امر اضافي لا يحصل بمجرد ذات العلة فلا يكون العلم بذات العلة
كافيا في العلم بالعلية لكن ذات العلة وذات المعلول هما لذاتيهما يقتضيان
الوصف الاضافي وهو العلية والمعلولية لا جرم عند حصول تصورهما يجب حصول
التصديق بانتساب احدهما الى الاخر وهذا هو المعنى بقولنا اللازم الذي يكون
بغير وسط يكون بين الثبوت
قال واذا ثبت ان تصور العلة انما يوجب
التصديق بثبوت المعلول القريب له عند تصور المعلول ثم من الجائز ان لا يحصل
تصور المعلول عند تصور العلة لا جرم لا يلزم من العلم بحقيقة العلة العلم
بثبوت كل

اللوازم القريبة والبعيدة
قال واما الشك الثاني فهو
ايضا خارج لانا لا نسلم ان العلية مغايرة لحقيقة ذات العلة لكنا ندعي ان
تصور حقيقة العلة مع تصور حقيقة المعلول القريب يوجب العلم بكون العلة علة
لذلك المعلول
قلت فهذا الكلام الذي زعموا انه برهان قرروا به الاصول
الكلية ل الحد والبرهان وفيه من الفساد والخطأ والتناقض ما يطول وصفه لكن
ننبه على بعضه وذلك من طرق
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب :الرد على المنطقيين الجزء السابع Empty رد: كتاب :الرد على المنطقيين الجزء السابع {الأربعاء 8 يونيو - 19:07}

الطريق الاول

ان قوله الماهية لما هي هي مقتضية لذلك اللازم ان
عني به ان الماهية الملزومة هي العلة في حصول لازمها في نفس الامر كما
يقتضية كلامه فهذا من ابطل الباطل فليس كل ما كان لازما لغيره يكون ذلك
الغير هو العلة المقتضية لوجوده في نفس الامر فان العلة نفسها لازمة
لمعلولها المعين لا يوجد المعلول المعين الا بتلك العلة وان قدر وجود ما هو
من جنسه بغير تلك العلة فليس هو ذلك المعين والعلة لا تكون معلولة
لمعلولها وهي لازمة له
وكذلك احد المعلولين يلازم المعلول الاخر
كالابوة والبنوة هما متلازمان وليس وجود احدهما علة للاخر بل كلاهما معلول
علة اخرى وكذلك جميع المتلازمات كالناطقية والضاحكية للانسان متلازمان وليس
احدهما علة للاخر وكذلك الحس والحركة الارادية متلازمان وليس احدهما علة
الاخر ونظير هذا كثير في الحسيات والعقليات والشرعيات وكل شيء فان نجوم
الثريا متلازمة ما دام الفلك موجودا على هذه الصفة وليس بعضها علة لبعض
وكذلك الاخلاط الاربعة في جسد ابن ادم متلازمة وليس بعضها علة لبعض وصفات
الرب تعالى كعلمه وقدرته متلازمة وليس احدى الصفتين علة للاخرى والادلة
الدالة على

الصانع جل جلاله وهي جميع مخلوقاته ملزومة لوجوده وليس فيها
والعياذ بالله ما يجوز ان يقال انه علة له
وبالجملة فكل دليل فهو
مستلزم لمدلوله والمدلول لازم للدليل وهذا متفق عليه بين العقلاء ومتفق بين
العقلاء على ان الدليل لا يختص بان يكون معلولا لمدلوله بل الدليل اعم وكل
من هذين امر بين مع اتفاق العقلاء عليه فكيف يجوز ان يقال ان كل ما لزم
غيره فان الملزوم هو العلة المقتضية للازم وكل مدلول فهو لازم لدليله مع
انتفاء هذا الاقتضاء في اكثر الادلة
فان قيل نحن لا نعني اللازم هنا
الا الصفات اللازمة لموصوف وتلك الماهية الموصوفة مقتضية لذاتها لتلك
الصفات قيل هذا خطأ من وجوه
احدها انهم لم يعنوا ذلك كما حكينا كلامهم
بل جعلوا القضايا التي ليست اولية هي ما يفتقر الى هذا الوسط الذي جعلوه
هنا معلولا للماهية كما قد حكينا كلامهم وان الاوليات حمل محمولها على
موضوعها في الوجودين الذهني والخارجي حملا اوليا بلا وسط فجعلوا الوسط
الذهني هو الخارجي والخارجي هو الذي ذكروه هنا وجعلوه معلول الماهية وايضا
فانهم بهذا فرقوا بين اللازم البين واللازم غير البين
الوجه الثاني ان
يقال هب انهم ارادوا الصفات اللازمة للماهية فكل دليل فهو ملزوم لمدلوله
فكونه مستلزما لمدلوله صفة له لازمة له وهي على قولهم اما ان تكون بوسط
واما ان تكون بغير وسط فآيات الله المخلوقة وهي العالم جميعه مستلزمة لوجود
الرب تعالى ووجوده لازم لها وكونها ملزومة لذلك صفة لها لازمة لا يتصور قط
ان يزول عنها هذا اللازم فانها مفتقرة بالذات الى الخالق وهذا الفقر لازم
لها لا يفارقها البتة وحدوثها دليل على الباري وليست هي التي اقتضت وجوده
وكذلك المعلول تقوم به صفات لازمة له وهو وصفاته تستلزم العلة


والمعلول وصفاته من العلة ليس هو علة لصفاته
الوجه الثالث ان يقال لا
نسلم ان في الموصوفات ما هو علة فاعلة لصفته اصلا بل هو محل لصفاته القائمة
به والموصوف ان كان رب العالمين فلا فاعل لصفاته كما لا فاعل لذاته وان
كان مخلوقا فالفاعل لذاته هو الفاعل لصفاته اما كون ذاته علة فاعلة لصفاته
فهذا باطل قطعا
ومما يتبين بطلانه ان الكلام في صفاته اللازمة وتلك لا
تفارقه ولا يتصور ان يكون فاعلا الا بعد وجودها فيمتنع كونه هو الموجد لها
واما صفاته المقومة فتلك عندهم هي المقومة لذاته ليست ذاته السابقة لها
وهي كالعلة فجعلوا بعض صفاته اللازمة علة لذاته وهي الصفات المقومة وبعضها
معلولة وهي اللازمة غير المقومة والقسمان خطأ فليس في صفات الموصوف اللازمة
ما هو علة للذات ولا معلول للذات بل هي صفات قائمة بالذات وفاعل الذات
فاعل صفاتها ان كانت الذات من الذوات المفعولة والذي خلق الانسان خلق
الحيوانية والناطقية وخلق الضاحكية وغيرها ليس بعض هذه الصفات سابقا لذات
الانسان او مادة لها ولا علة لها ولا بعضها معلول لها بل هي صفات قائمة
بالانسان لازمة له والذي خلقه خلق هذه الصفات اللازمة له وكذلك سائر
المخلوقات
الوجه الرابع ان يقال ما تعني بقولك وتلك الماهية الموصوفة
مقتضية بصفاتها ان عنيت انها مستلزمة لها فحينئذ جميع الملزومات كذلك كما
تقدم فبطل كونهم ارادوا بعض الملزومات وان عنيت انها فاعلة للزومها فليس في
الماهيات ما يفعل شيئا من صفاتها
الطريق الثاني

ان يقال لو
سلم انها مقتضية لذلك اللازم بمعنى انها علة كما ادعاه او بمعنى انها
ملزومة لذلك اللازم كما هو الحق في نفس الامر فان كون الملزوم ملزوما
واللازم لازما له هو ثابت لا ريب فيه واما كون الملزوم فعل اللازم او علة
للازم

فهذا قد يكون في بعض الملزومات كالمعلول المعين اللازم لعلته
والا فأكثر اللوازم ليست معلولة لملزوماتها وسواء قدر انها معلولة او لم
يقدر فقوله الماهية لما هي هي مقتضية لذلك اللازم كلام مجمل فان كون الشيء
ملزوما لغيره هو انه متى تحقق الملزوم تحقق اللازم فقوله الماهية لما هي هي
مقتضية لذلك اللازم كلام فيه اجمال فان كونها ملزومة حقيقة معقولة فقول
القائل لما هي هي يقتضى ان اللزوم قسمان لزوم لما هي هي ولزوم لغير ما هي
هي
فان قيل نعم عندي اللزوم نوعان فاللازم البين الذي لا يفتقر الى
وسط هو اللازم لما هي هي واللازم الذي يفتقر الى وسط هو اللازم لاجل الوسط
لا لما هي هي قيل له الكلام في هذا الفرق فأنت تريد ان تقيم البرهان على ان
ما كان لزومه بغير وسط كان بينا لا يفتقر الى دليل بل كان من الاوليات
فمجرد تصور طرفي القضية كاف في العلم به والمنازع يقول لك قد يكون اللازم
بغير وسط كالعلة مع معلولها لا يعلم الا بدليل ووسط فيكون وسطا في العلم
والذهن لا وسطا في الخارج وانت قد ادعيت ان كل ما كان مفتقرا الى وسط في
الذهن فانه يفتقر الى وسط في الوجود وان ما لا يفتقر الى وسط في الوجود لا
يفتقر الى وسط في الذهن وعلى هذا ادعيت اقامة البرهان
ونحن نقول مجرد
التصور التام لما ادعيته يوجب العلم الضروري بفساده لكن نبين مع ذلك فساد
ما دللت به على دعواك كما نبين فساد شبه السوفسطائية وان سموها براهين وهو
انك صادرت على المطلوب فجعلت المطلوب مقدمة في اثبات نفسه فانك لم يمكنك
الاستدلال حتى اخذت مسلما ان اللوازم تنقسم الى البين الذي يلزم لما هي هي
والى اللازم بوسط الذي يفتقر الى وسط في نفس الامر والمنازع لك يقول لا
نسلم افتقار شيء من اللوازم الى وسط في نفس الامر بل جميع اللوازم يلزم
الملزوم نفسه وان كان بعض الملزومات شرطا في البعض كما ان العلم مشروط
بالحيوة والارادة مشروطة بالعلم فليس الشرط وسطا ملزوما للازم الثاني كما


ادعيته بل الذات مستلزمة الجميع ومتى تحققت تحقق الجميع ولا يتحقق شيء
منها الا مع الذات وبعضها لا يتحقق الا مع بعض بل قد تكون متلازمة كصفات
الله تعالى لا يتحقق شيء منها الا مع الاخرى فحياته لازمة لعلمه وقدرته
ومشيئته وكذلك قدرته ملازمة لعلمه وحياته فهي كلها متلازمة وهي ايضا لازمة
للذات والذات لازمة لها وليس شيء من الصفات هو وسطا للاخرى كما ادعيته من
ان بعض اللوازم لازم للذات وبعضها لازم اللازم وبعضها لازم لازم اللازم بل
جميعها لازمة للذات وهي ايضا متلازمة
والذي ذكرناه من ان بعض الصفات
قد يكون شرطا وهو من جنس الصفات واما الصفات اللازمة للموصوف مطلقا سواء
كان هو الخالق او كان الملزوم مخلوقا كصفات الانسان اللازمة كلها متلازمة
فحيوانية الانسان وناطقيته وضاحكيته متلازمة لا يوجد واحد منها دون الاخر
وان وجدت حيوانية في غيره فتلك حيوانية غير حيوانيتة والفصول والخواص كلها
متلازمة كالناطقية والضاحكية واذا كانت متلازمة وبعضها شرطا في بعض امتنع
ان يكون الشرط هو الوسط الذي به يثبت المشروط كما ادعوه لان ذلك مستلزم ان
يكون كل صفة لازمة وسطا للاخرى وان يكون ليس شيء من الصفات اللازمة يلزم
بنفسه فيلزم الجمع بين النقيضين فعلم ان كون احدى الصفتين شرطا في الاخرى
لا يقتضى كونها وسطا في الثبوت كما ادعوه واذا كان المنازع يمنع انقسام
اللوازم الى ما لا يلزم بنفسه وبوسط وبرهانك مبنى على اخذ هذا التقسيم
مسلما كنت مصادرا على المطلوب مثبتا للشيء بنفسه
فان قلت انا اقيم هذا
البرهان على من يسلم لي من المنطقيين ان من اللوازم ما يلزم بوسط وبغير
وسط قيل لك فهذا ايضا خطأ من وجوه احدها ان القياس يكون حينئذ جدليا لا
برهانيا وانت جعلته برهانيا الثاني ان المنطق الذي هو ميزان العلوم عندكم
لا يجوز ان تجعل المقدمات المبينة له جدلية فانه حينئذ لا

يكون
علما بل يكون شيئا اتفق بعض الناس على دعواه ونحن نعلم ان كثيرا من الناس
يدعون صحة المنطق ولكن أي فائدة في هذا الثالث ان يقال ولو سلم لك هذا
التقسيم فالبرهان خطأ كما سيأتي بيانه وخطأه دليل على فساد اصل التقسيم
واذا كان اصل التقسيم خطا كان البرهان باطلا وكان التقسيم باطلا وهو
المطلوب الطريق الثالث

ان يقال قولكم فاذا عقلنا الماهية وجب
ان نعقل منها انها لما هي هي تقتضى ذلك اللازم يقال هذا ممنوع وذلك ان قول
القائل عقلنا الماهية وتصورنا الماهية ونحو ذلك من العبارات لفظ مجمل فانه
قد يعني به التصور التام والعقل التام الذي يتضمن تصور الملزوم وقد نعني به
انا عقلناها وتصورنا نوعا من العقل والتصور وان لم يكن تاما ولا شك ان مثل
هذا لا يستلزم تصور الملزوم فدعواك ان كل عقل للماهية يوجب ان نعقل منها
انها لما هي هي تقتضى ذلك اللازم ممنوع وهو خلاف الواقع فان الناس لا
يزالون يعقلون بعض الماهيات نوعا من العقل فلا يعقلون انها لما هي هي تقتضى
اللازم وبالجملة فنحن في هذا المقام يكفينا المنع فان الدعوى ليست بديهية
ولم يقم عليها دليلا الا قوله والا لما عقلنا الماهية لما هي هي فان اراد
بهذا اللازم المنفي العقل التام الذي هو التصور التام فنحن نسلم ذلك ونقول
ليس كل من تصور ماهية ما وعقلها نوعا من العقل والتصور يكون قد عقلها
وتصورها عقلا تاما وتصورا تاما وان اراد بهذا اللازم المنفي انا لا يكون
حصل لنا شيء من التصور والعقل فهذا ممنوع
الطريق الرابع

ان يقال
ما ذكره يستلزم ان لا يعقل شيء من المفردات البسائط ولا يعقل شيء وحده بل
كل من عقل شيئا فلا بد ان يعقل لازمه القريب فيكون قد عقل اثنين وتصور
اثنين لم يعقل واحدا ولم يتصور واحدا وهذا مناقض لما زعموه من

ان العلم
ينقسم الى تصور وتصديق وان التصور هو التصور الساذج الذي لا يكون معه حكم
بشيء اصلا لا بنفي ولا باثبات ونحن وان كنا قلنا ان مثل هذا ليس بعلم وانه
لا يسمى علما الا ما تضمن العلم بنفي او اثبات فلا يمتنع ان يتصور الشيء من
بعض الوجوه وان لم يتصور انه ملزوم للوازم له يلزمه بنفسها فقد ثبت ان
قوله باطل باتفاق العقلاء الطريق الخامس

ان يقال لو كان ما
ذكرته صحيحا للزم ان من عقل شيئا عقل لوازم الشيء جميعها فانه اذا عقل
الملزوم وجب ان يعقل لازمه الذي بغير وسط ثم عقل ذلك اللازم يوجب عقل الاخر
وهلم جرا فيلزم ان يكون قد عقل اللوازم جميعها وهذا كما انه يبطل حجته فهو
يبطل اصل قولهم ان اللازم بغير وسط لا يفتقر الى دليل في حق احد
فانه
لو كان كذلك لكان من تصور شيئا تصور جميع لوازمه ويلزم ان من عرف الله عرف
جميع ما يعلمه الله فيعلم كل شيء لان علمه سبحانه من لوازم ذاته بل يلزم
ان من علم شيئا من مخلوقاته علم كل شيء فان المخلوق مستلزم للخالق والخالق
مستلزم لعلمه بكل شيء بل وهو مستلزم لمشيئته ومشيئته مستلزمة لجميع ما خلقه
فانه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن فلو كان من علم الملزوم لا بد ان يعلم
لازمه لزم ان من علم شيئا فقد علم كل شيء
وفساد هذا بين مع ان فساد
هذه الدعوى اظهر من ان يحتاج الى دليل لكن اذا عرف شناعة لوازمها كان ادل
على قبحها وفسادها وهذا يتضمن السؤال الذي ذكره وقال فيه بحث لا بد من ذكره
كما تقدم حكاية لفظه والجواب الذي ذكره عنه باطل وقد تناقض فيه وذلك يتبين
بذكر

الطريق السادس

وهو ان قوله العلم بماهية العلة لا
يقتضى العلم بالمعلول الا بشرط اخر وهو حضور تصور المعلول فيقال المعلول
عندكم هنا هو اللازم الاول الذي كان الموصوف علة له في ذاته لم يفتقر في
كونه علة له إلى المعلول فان العلة لو افتقرت في كونها علة الى المعلول لم
تكن وحدها علة وللزم تقدم المعلول على علية علته وعلية علته متقدمة على
ذاته وهذا دور ممتنع باتفاق العقلاء
وانتم جعلتم ما كان يفتقر لزومه
الى وسط افتقر العلم به الى وسط وما لزم بلا وسط علم بلا وسط فاذا جعلتم
العلم بلزومه موقوفا على تصور المعلول والعلة والملزوم واللازم جميعا وقلتم
لا يعلم اللزوم الا بعد هذين التصورين واللزوم الخارجي موقوف على العلة
وحدها لا على الاثنين بطل قولكم ان الوسط الذهني هو الخارجي فان هذا يتوقف
العلم بلزومه على تصورين ولزومه في الخارج انما هو لازم لواحد لا لاثنين
الطريق
السابع


قولك في الجواب ان الماهية وحدها لا تكفي في حصول العلية لان
العلية امر اضافي والامور الاضافية لا يكفي في حصولها الشيء الواحد بل لا
بد من حصول كلا المضافين كلام باطل سواء كانت العلية امرا عدميا او وجوديا
فانها ان كانت عدمية بطل هذا الكلام وان كان امرا وجوديا فمعلوم ان العلة
وحدها هي الموجبة للمعلول والا لم تكن علة له بل جزء علة والمعلول لا يكون
الا بعد العلة فاذا كانت وحدها موجبة وهو لا يوجد الا بوجود العلة علم انها
وحدها توجب المعلول والعلية
الطريق الثامن

قولك الامور الاضافية
لا يكفي في حصولها الشيء الواحد تعني به في الذهن او في الخارج فان هذا
الموضع فيه التباس ان عنيت انها لا تتصور الا بتصور

شيئين فهذا صحيح
ولا ريب ان العلية لا تتصور الا بتصور العلة والمعلول فحصولها في التصور
الذهني مشروط بحصول تصور المضافين في الذهن وان عنيت انها لا توجد في
الخارج الا بالشيئين فهذا باطل بالضرورة واتفاق العقلاء فان ذات الرب وحدها
مستلزمة لكل ما يتصف به من الامور الثبوتية والاضافية وهذا متفق عليه بين
المسلمين والفلاسفة وسائر الناس فان كونه خالقا للعالم وربا وفاعلا هو الذي
يسمونه علة ومؤثرا والناس متنازعون في الخلق هل هو امر عدمي وهو نفس
المخلوق كما يقوله اكثر المعتزلة والاشعرية ام الخلق زائد على المخلوق كما
هو قول جماهير المسلمين وهو قول السلف والائمة وذكر البخاري انه قول
العلماء مطلقا لم يذكر فيه نزاع وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع
والمقصود هنا انه على كل قول فلا يقول عاقل ان المخلوق اوجب كونه خالقا
ولا المعلول جعل العلة علة ولا انه شرط في ذلك بل الخالق سبحانه هو وحده
خلق جميع المخلوقات وكونه خالقا على قول الجمهور حاصل بقدرته ومشيئته عند
المسلمين ليس خاصا بالمخلوقات بل خلق المخلوق متقدم عليه في نفس الامر فكيف
يكون الخلق معلولا ل المخلوق وكذلك علية العلة متقدمة على المعلول في نفس
الامر فكيف يكون المعلول جزء علية العلة فقوله ان العلية امر اضافي والامور
الاضافية لا يكفي في حصولها الشيء الواحد بل لا بد من حصول كلا المضافين
فيه تغليط بسبب الاجمال في قوله فالشيء الواحد لا يكفي في حصولها فان ما
ذكره صحيح في الحصول في العلم والتصور واما الحصول الخارجي فالشيء الواحد
قد يكون علة لامور كثيرة اضافية والعلة علة المعلول وعلة عليتها وهما جميعا
حاصلان بالعلة وكذلك الابوة والبنوة من المتضائفات وهما لازمان للايلاد
فعلة الايلاد اوجبت هذين المتضائفين

فان قيل اراد ان الامور
الاضافية لا توجد الا بوجود المضافين وان كان احدهما مستقلا بوجود المضافين
قيل عن هذا جوابات احدها بأنه لم يرد هذا ولو اراده لم ينفعه وكان خطأ
فهذه ثلاثة اجوبة
وذلك ان كلامه في وجود علية العلة هو حصل بالعلة
وحدها او بها وبالمعلول فلا بد ان يدخل صورة الدعوى في دليله ولفظه تقدم
قال فيه وبيانه ان ماهية العلة وحدها لا تكفي في حصول العلية لان العلية
امر اضافي والامور الاضافية لا تكفي في حصولها الشيء الواحد بل لا بد من
حصول كلا المضافين فاذا لم تكن ذات العلة مستقلة باقتضاء حصول صفة العلية
لا جرم لم يكن العلم بذات العلة كافيا في حصول العلم بالعلية فقد تبين
مراده وهو ان العلة لا تستقل باقتضاء صفة العلية بل المقتضى بحصول هذه
الصفة العلة والمعلول جميعا وهذا باطل
ولو قدر انه اراد ان الامور
الاضافية تتوقف على وجود المضافين وان لم يكن احدهما علة بل شرطا أي لا
توجد الاضافة الا مع وجود المضافين لم ينفعه هذا فانه يقول العة اوجبت
الامرين معا ولم يوجد احدهما الا مع الاخر ويلزمه ان يقول في العلم مثل ذلك
فيقول العلم بالملزوم يوجب العلم باللازم وبالملزوم فان الملزوم هو العلة
عندهم في هذا موضع واللازم هو المعلول
ثم انه لا يسلم له ان كل اضافة
تتوقف على وجود المضافين في ان واحد فان التقدم والسبق ونحو ذلك من الامور
الاضافية توجد قبل وجود احد المضافين وكذلك علية العلة التي ليست تامة توصف
بها العلة قبل وجود المعلول وهي التي يسميها الفقهاء الاسباب فيقال ملك
النصاب سبب لوجوب الزكوة والسببية من الأمور الإضافية والنصاب موصوف بها
قبل وجوب الزكاة وكذلك يقال هذا موجود قبل هذا او هو متقدم على هذا او هو
اسبق من هذا

ومثل هذا كثير
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى