صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
المقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، نبيّنا محمّد بن عبد الله
?. وبعد:-
فإنّ لنشر العلوم الإسلامية أثراً عظيماً في بيان حقيقة الإسلام وتثبيت
دعائم الدين والنهوض بالأمّة .
وهذا الهدف النبيل هو ما تسعى الجامعة الإسلامية إلى تحقيقه عن طريق
الدعوة والتعليم.
وإسهاماً في تحقيق ذلك قامت عمادة البحث العلمي بالجامعة بالتخطيط
والإعداد لكثير من المشاريع العلمية الهادفة، ومنها دراسات رصينة عن
الإسلام ومحاسنه ونشرها حرصاً منها على تزويد أبناء الأمّة الإسلامية
بأوثق المعلومات وأصحّها، عن الإسلام وعقيدته وتشريعاته.
وهذه الدراسة عن ( أركان الإسلام ) هي أحد برامج العمادة العلمية، حيث
وجّهت بعض أعضاء هيئة التدريس بالجامعة للكتابة في الموضوع ثمّ كلّفت
اللجنة العلمية بالعمادة بدراسة ما كتبوه واستكمال النقص وإخراجه بالصورة
المناسبة، مع الحرص على ربط القضايا العلمية بأدلّتها من الكتاب والسنّة.
وتحرص العمادة - من خلال هذه الدراسة - إلى تمكين أبناء العالم الإسلامي
من الحصول على العلوم الدينية النافعة؛ لذلك قامت بترجمتها إلى اللغات
العالمية ونشرها وتضمينها شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت).
هذا ونسأل الله جلّ وعلا أن يجزي حكومة المملكة العربية السعودية خير
الجزاء وأوفاه على ما تقدّمه من جهود عظيمة لخدمة الإسلام ونشره والذود عن
حياضه، وعلى ما تلقاه هذه الجامعة من دعم ورعاية منها.
ونسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع بهذه الدراسة وأن يوفّق لإخراج بقيّة
مشاريع العمادة العلمية بمنّه وكرمه، كما نسأله تعالى أن يوفّقنا جميعاً
لما يحبّه ويرضاه، وأن يجعلنا من دعاة الهدى وأنصار الحقّ.
وصلى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم.
عمادة البحث العلمي
الركن الأول: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله
هاتان الشهادتان هما المدخل إلى الإسلام، وهما ركنه الأعظم، ولا يحكم
بإسلام شخص إلا بالنطق بهما والعمل بمقتضاهما، وبذلك يصير الكافر مسلماً.
1.…معنى شهادة أن لا إله إلا الله.
هو النطق بها مع العلم بمعناها والعمل بمقتضاها باطناً وظاهراً، أما النطق
بها من غير معرفة بمعناها ولا عمل بمقتضاها فإنه غير نافع بالإجماع، بل
تكون حجة عليه. ومعنى (لا إله إلا الله) لا معبود بحق إلا الله وحده
سبحانه وتعالى.
وركنا هذه الكلمة (النفي والإثبات) نفي الإلاهية عما سوى الله وإثباتها له
وحده لا شريك له، كما تضمنت الكفر بالطاغوت -وهو كل ما عبد من دون الله
تعالى من بشر أو حجر أو شجر أو هوى أو شهوة- وبغضه والبراءة منه، فمن
قالها ولم يكفر بما يعبد من دون الله لم يأت بهذه الكلمة.
قال تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [سورة البقرة، الآية:163]
وقال تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ
الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ
اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ
سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [سورة البقرة، الآية:256]
ومعنى (الإله) هو المألوه المعبود بحق، ومن اعتقد بأن الإله هو الخالق
الرازق أو القادر على الاختراع زأن الإيمان بذلك وحده يكفي دون إفراد الله
بالعبادة فإنه لا تنفعه (لا إله إلا الله) في الدنيا بالدخول في الإسلام
ولا تنجيه من العذاب المقيم في الآخرة.
قال تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ
يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ
الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ
الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} [سورة يونس،
الآية:31].
وقال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ
فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [سورة الزخرف، الآية:87].
2.…شروط كلمة التوحيد.
1-…العلم بمعناها -نفياً وإثباتاً- المنافي للجهل؛ نفياً للعبادة عما سواه
وإثباتها له وحده لا شريك له فلا يستحقها غيره.
فمن نطق بالشهادة بلسانه وأنكر مدلولها بقلبه فإنه لا ينفعه ذلك كحال
المنافقين الذين يقولن بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.
قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ
الدِّينَ حُنَفَاءَ} [سورة البينة، الآية:5].
قال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ
وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ
وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا
بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى
تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [سورة الممتحنة، الآية:4].
وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ
أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ
حُبّاً لِلَّهِ} [سورة البقرة، الآية:165]
ومن قال (لا إله إلا الله) بإخلاص ويقين وخلص من الشرك الأكبر والأصغر
والبدع والمعاصي فإن له الهداية من الضلال في الدنيا والأمن من العذاب
وتحرم عليه النار.
ويجب على العبد استكمال هذه الشروط، ومعنى استكمالها اجتماعها في العبد
والتزامه بها ولا يلزم من ذلك حفظها.
وهذه الكلمة العظيمة (لا لإله إلا الله) هي توحيد الألوهية، وهو أهم أنواع
التوحيد الذي وقع فيه الخلاف بين الأنبياء وأقوامهم، ولتحقيقه بعثت الرسل،
كما قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ
اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [سورة النحل، الآية:36]،
وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي
إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [سورة الأنبياء،
الآية:25]. وإذا أطلق اسم التوحيد ينصرف إليه.
-…تعريفه: توحيد الألوهية هو الإقرار بأن الله ذو الألوهية والعبودية على
خلقه أجمعين ولإفراده بالعبادة وحده لا شريك له.
-…أسماؤه: سمي هذا التوحيد بتوحيد الألوهية أو الإلهية لأنه مبني على
إخلاص التأله -وهو شدة المحبة- لله وحده، ويسمى بما يلي:
أ.…توحيد العبادة أو العبودية لأنه مبني على إخلاص العبادة لله وحده.
ب.… توحيد الإرادة، لأنه مبني على إرادة وجه الله بالأعمال.
ج.…توحيد القصد، لأنه مبني على إخلاص القصد المستلزم لإخلاص العبادة لله
وحده.
د.…توحيد الطلب، لأنه مبني على إخلاص الطلب من الله تعالى.
ه.…توحيد العمل، لأنه مبني على إخلاص الأعمال لله تعالى.
-…حكمه: توحيد الألوهية فرض على العباد، لا يدخلون الإسلام إلا به، ولا
ينجون من النار إلا باعتقاده والعمل بمقتضاه، وهو أول ما يجب على المكلف
اعتقاده والعمل به، وأول ما يجب البداءة به في الدعوة والتعليم خلافاً لمن
اعتقد غير ذلك، ويدل على فرضيته الأمر به في الكتاب والسنة وأن الله خلق
الخلق وأنزل الكتب لأجله.
قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ
بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ} [سورة الرعد، الآية:36] وقال
تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [سورة
الذريات، الآية:56].
وقال النبي ? لمعاذ ?: ((إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول تدعوهم
إليه شهادة أن لا إله إلا الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض
عليهم خمس صلوات في كل ويم وليلة؛ فإنه هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله
افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم...)) الحديث أخرجه
البخاري ومسلم.
وهذا التوحيد هو أفضل الأعمال على الإطلاق وأعظمها تكفيراً للذنوب، فقد
أخرج البخاري ومسلم من حديث عتبان ? مرفوعاً ((فإن الله حرم على النار من
قال لا لإله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله))
و.…اتفاق الرسل على كلمة التوحيد:
اتفقت الرسل جميعاً على دعوة أقوامهم إلى كلمة (لا إله إلا الله) وتخويفهم
من الإعراض عنها كما بين القرآن الكريم ذلك في آيات كثيرة، قال تعالى:
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ
أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [سورة الأنبياء، الآية:25].
وقد ضرب رسول الله ? مثلا لاتفاق الأنبياء في الدعوة إليها؛ حيث بين عليه
الصلاة والسلام أن الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد، فاصل
دين الأنبياء واحد وهو التوحيد وإن اختلفت فروع الشرائع كما أن الأولاد قد
يختلفون في الأمهات وأبوهم واحد.
2-…اليقين المنافي للشك. وذلك بأن ينطق بها عن يقين مطمئناً بها قلبه
موقناً بمدلولها يقيناً جازماً.
3-…القبول المنافي للرد، وذلك بأن يقبل كل ما اقتضته هذه الكلمة ولسانه،
فيصدق بالأخبار ويطيع الأوامر ويجتنب النواهي ولا يتعرض للنصوص بالرد و لا
بالتأويل.
4-…الانقياد المنافي للترك، وذلك بأن ينقاد لما دلت عليه تلك الكلمة
ظاهراً وباطناً.
5-…الصدق المنافي للكذب، وذلك بأن يقولها العبد صادقاً من قلبه، يوافق
قلبه لسانه وظاهره باطنه.
6-…الإخلاص المنافي للشرك، وهو تصفية العبد للعمل بصالح النية من جميع
شوائب الشرك.
7-…المحبة المنافية للبغض، وذلك بمحبة هذه الكلمة وما تقتضيه ودلت عليه
ومحبة أهلها الملتزمين بشروطها وبغض ما ناقض ذلك؛ وعلامة ذلك تقديم محاب
الله وإن خالفت هواه وبغض ما يبغضه الله وإن مال إليه هواه، وموالاة من
والى الله ورسوله ومعاداة من عادى الله ورسوله.
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أركان الإسلامالمقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، نبيّنا محمّد بن عبد الله
?. وبعد:-
فإنّ لنشر العلوم الإسلامية أثراً عظيماً في بيان حقيقة الإسلام وتثبيت
دعائم الدين والنهوض بالأمّة .
وهذا الهدف النبيل هو ما تسعى الجامعة الإسلامية إلى تحقيقه عن طريق
الدعوة والتعليم.
وإسهاماً في تحقيق ذلك قامت عمادة البحث العلمي بالجامعة بالتخطيط
والإعداد لكثير من المشاريع العلمية الهادفة، ومنها دراسات رصينة عن
الإسلام ومحاسنه ونشرها حرصاً منها على تزويد أبناء الأمّة الإسلامية
بأوثق المعلومات وأصحّها، عن الإسلام وعقيدته وتشريعاته.
وهذه الدراسة عن ( أركان الإسلام ) هي أحد برامج العمادة العلمية، حيث
وجّهت بعض أعضاء هيئة التدريس بالجامعة للكتابة في الموضوع ثمّ كلّفت
اللجنة العلمية بالعمادة بدراسة ما كتبوه واستكمال النقص وإخراجه بالصورة
المناسبة، مع الحرص على ربط القضايا العلمية بأدلّتها من الكتاب والسنّة.
وتحرص العمادة - من خلال هذه الدراسة - إلى تمكين أبناء العالم الإسلامي
من الحصول على العلوم الدينية النافعة؛ لذلك قامت بترجمتها إلى اللغات
العالمية ونشرها وتضمينها شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت).
هذا ونسأل الله جلّ وعلا أن يجزي حكومة المملكة العربية السعودية خير
الجزاء وأوفاه على ما تقدّمه من جهود عظيمة لخدمة الإسلام ونشره والذود عن
حياضه، وعلى ما تلقاه هذه الجامعة من دعم ورعاية منها.
ونسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع بهذه الدراسة وأن يوفّق لإخراج بقيّة
مشاريع العمادة العلمية بمنّه وكرمه، كما نسأله تعالى أن يوفّقنا جميعاً
لما يحبّه ويرضاه، وأن يجعلنا من دعاة الهدى وأنصار الحقّ.
وصلى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم.
عمادة البحث العلمي
الركن الأول: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله
هاتان الشهادتان هما المدخل إلى الإسلام، وهما ركنه الأعظم، ولا يحكم
بإسلام شخص إلا بالنطق بهما والعمل بمقتضاهما، وبذلك يصير الكافر مسلماً.
1.…معنى شهادة أن لا إله إلا الله.
هو النطق بها مع العلم بمعناها والعمل بمقتضاها باطناً وظاهراً، أما النطق
بها من غير معرفة بمعناها ولا عمل بمقتضاها فإنه غير نافع بالإجماع، بل
تكون حجة عليه. ومعنى (لا إله إلا الله) لا معبود بحق إلا الله وحده
سبحانه وتعالى.
وركنا هذه الكلمة (النفي والإثبات) نفي الإلاهية عما سوى الله وإثباتها له
وحده لا شريك له، كما تضمنت الكفر بالطاغوت -وهو كل ما عبد من دون الله
تعالى من بشر أو حجر أو شجر أو هوى أو شهوة- وبغضه والبراءة منه، فمن
قالها ولم يكفر بما يعبد من دون الله لم يأت بهذه الكلمة.
قال تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [سورة البقرة، الآية:163]
وقال تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ
الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ
اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ
سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [سورة البقرة، الآية:256]
ومعنى (الإله) هو المألوه المعبود بحق، ومن اعتقد بأن الإله هو الخالق
الرازق أو القادر على الاختراع زأن الإيمان بذلك وحده يكفي دون إفراد الله
بالعبادة فإنه لا تنفعه (لا إله إلا الله) في الدنيا بالدخول في الإسلام
ولا تنجيه من العذاب المقيم في الآخرة.
قال تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ
يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ
الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ
الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} [سورة يونس،
الآية:31].
وقال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ
فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [سورة الزخرف، الآية:87].
1-…العلم بمعناها -نفياً وإثباتاً- المنافي للجهل؛ نفياً للعبادة عما سواه
وإثباتها له وحده لا شريك له فلا يستحقها غيره.
فمن نطق بالشهادة بلسانه وأنكر مدلولها بقلبه فإنه لا ينفعه ذلك كحال
المنافقين الذين يقولن بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.
قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ
الدِّينَ حُنَفَاءَ} [سورة البينة، الآية:5].
قال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ
وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ
وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا
بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى
تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [سورة الممتحنة، الآية:4].
وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ
أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ
حُبّاً لِلَّهِ} [سورة البقرة، الآية:165]
ومن قال (لا إله إلا الله) بإخلاص ويقين وخلص من الشرك الأكبر والأصغر
والبدع والمعاصي فإن له الهداية من الضلال في الدنيا والأمن من العذاب
وتحرم عليه النار.
ويجب على العبد استكمال هذه الشروط، ومعنى استكمالها اجتماعها في العبد
والتزامه بها ولا يلزم من ذلك حفظها.
وهذه الكلمة العظيمة (لا لإله إلا الله) هي توحيد الألوهية، وهو أهم أنواع
التوحيد الذي وقع فيه الخلاف بين الأنبياء وأقوامهم، ولتحقيقه بعثت الرسل،
كما قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ
اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [سورة النحل، الآية:36]،
وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي
إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [سورة الأنبياء،
الآية:25]. وإذا أطلق اسم التوحيد ينصرف إليه.
-…تعريفه: توحيد الألوهية هو الإقرار بأن الله ذو الألوهية والعبودية على
خلقه أجمعين ولإفراده بالعبادة وحده لا شريك له.
-…أسماؤه: سمي هذا التوحيد بتوحيد الألوهية أو الإلهية لأنه مبني على
إخلاص التأله -وهو شدة المحبة- لله وحده، ويسمى بما يلي:
أ.…توحيد العبادة أو العبودية لأنه مبني على إخلاص العبادة لله وحده.
ب.… توحيد الإرادة، لأنه مبني على إرادة وجه الله بالأعمال.
ج.…توحيد القصد، لأنه مبني على إخلاص القصد المستلزم لإخلاص العبادة لله
وحده.
د.…توحيد الطلب، لأنه مبني على إخلاص الطلب من الله تعالى.
ه.…توحيد العمل، لأنه مبني على إخلاص الأعمال لله تعالى.
-…حكمه: توحيد الألوهية فرض على العباد، لا يدخلون الإسلام إلا به، ولا
ينجون من النار إلا باعتقاده والعمل بمقتضاه، وهو أول ما يجب على المكلف
اعتقاده والعمل به، وأول ما يجب البداءة به في الدعوة والتعليم خلافاً لمن
اعتقد غير ذلك، ويدل على فرضيته الأمر به في الكتاب والسنة وأن الله خلق
الخلق وأنزل الكتب لأجله.
قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ
بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ} [سورة الرعد، الآية:36] وقال
تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [سورة
الذريات، الآية:56].
وقال النبي ? لمعاذ ?: ((إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول تدعوهم
إليه شهادة أن لا إله إلا الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض
عليهم خمس صلوات في كل ويم وليلة؛ فإنه هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله
افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم...)) الحديث أخرجه
البخاري ومسلم.
وهذا التوحيد هو أفضل الأعمال على الإطلاق وأعظمها تكفيراً للذنوب، فقد
أخرج البخاري ومسلم من حديث عتبان ? مرفوعاً ((فإن الله حرم على النار من
قال لا لإله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله))
و.…اتفاق الرسل على كلمة التوحيد:
اتفقت الرسل جميعاً على دعوة أقوامهم إلى كلمة (لا إله إلا الله) وتخويفهم
من الإعراض عنها كما بين القرآن الكريم ذلك في آيات كثيرة، قال تعالى:
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ
أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [سورة الأنبياء، الآية:25].
وقد ضرب رسول الله ? مثلا لاتفاق الأنبياء في الدعوة إليها؛ حيث بين عليه
الصلاة والسلام أن الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد، فاصل
دين الأنبياء واحد وهو التوحيد وإن اختلفت فروع الشرائع كما أن الأولاد قد
يختلفون في الأمهات وأبوهم واحد.
2-…اليقين المنافي للشك. وذلك بأن ينطق بها عن يقين مطمئناً بها قلبه
موقناً بمدلولها يقيناً جازماً.
3-…القبول المنافي للرد، وذلك بأن يقبل كل ما اقتضته هذه الكلمة ولسانه،
فيصدق بالأخبار ويطيع الأوامر ويجتنب النواهي ولا يتعرض للنصوص بالرد و لا
بالتأويل.
4-…الانقياد المنافي للترك، وذلك بأن ينقاد لما دلت عليه تلك الكلمة
ظاهراً وباطناً.
5-…الصدق المنافي للكذب، وذلك بأن يقولها العبد صادقاً من قلبه، يوافق
قلبه لسانه وظاهره باطنه.
6-…الإخلاص المنافي للشرك، وهو تصفية العبد للعمل بصالح النية من جميع
شوائب الشرك.
7-…المحبة المنافية للبغض، وذلك بمحبة هذه الكلمة وما تقتضيه ودلت عليه
ومحبة أهلها الملتزمين بشروطها وبغض ما ناقض ذلك؛ وعلامة ذلك تقديم محاب
الله وإن خالفت هواه وبغض ما يبغضه الله وإن مال إليه هواه، وموالاة من
والى الله ورسوله ومعاداة من عادى الله ورسوله.
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
.…واجباته:
واجبات الحج سبعة:
2-…الإحرام من الميقات.
3-…الوقوف بعرفة إلى غروب الشمس لمن وقف نهاراً.
4-…المبيت بمزدلفة.
5-…المبيت بمنى ليالي أيام التشريق.
6-…رمي الجمرات.
7-…الحلق أو التقصير.
8-…طواف الوداع.
7.…صفته:
يسن لمن أراد الحج أن يغتسل كما يغتسل للجنابة ويتطيب في بدنه كرأسه
ولحيته ويلبس إزاراً ورداء أبيضين والمرأة تلبس ما شاءت من الثياب بشرط أن
لا تتبرّج بزينة.
ثم إذا تى الميقات صلى الفريضة إن كان وقت فريضة ليحرم بعدها فإن لم يكن
وقت فريضة صلى ركعتين بنية سنة الوضوء لا بنية سنة الإحرام؛ لأنه لم يثبت
عن البني ? أن للإحرام سنة.
إذا فرغ من الصلاة نوى الدخول في النسك، فإن كان متمتعاً قال: (لبيك اللهم
عمرة) وإن كان مفرداً قال: (لبيك اللهم حجاً) وإن كان قارناً قال: (لبيك
اللهم حجاً في عمرة) يرفع الرجل صوته بذلك وتخفيه المرأة ويسن له الإكثار
من التلبية.
إذا وصل مكة ابتدأ بالطواف ويبدأ من الحجر الأسود ويجعل البيت عن يساره،
ويقصد الحجر الأسود فيقبله أو يستلمه أي يمسه بيده اليمنى إن تيسر بدون
مزاحمة وإلا أشار إليه وكبّر، ويقول: (اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك
ووفاء بعهدك وإتباعاً لسنة نبيك ?، ويطوف سبعاً، وإذا مر بالركن اليماني
استلمه بدون تقبيل.
ومن سنن الطواف الرمل -وهو الإسراع في الخطا مع تقاربها- للرجل في الأشواط
الثلاثة الأولى في طواف القدوم لحديث ابن عمر المتفق عليه كان رسول الله ?
إذا طاف الطواف الأول خب ثلاثاً ومشى أربعاً.
ومن سنن الطواف الاضطباع -وهو أن يجعل رداءه تحت إبطه اليمنى، ويخالف بين
طرفيه فوق كتفه اليسرى لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: "اضطبع رسول الله
? هو وأصحابه ورملوا ثلاثة أشواط". والاضطباع سنة في أشواط الطواف السبعة
فقط وليس سنة قبله ولا بعده.
ويدعو في طوافه بما أحبّ بخشوع وحضور قلب ويقول بين الركن اليماني والحجر
الأسود: ({رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ
حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}) [سورة البقرة، الآية:201]. والتقييد
بدعاء معين لكل شوط ليس له أصل من سنة رسول الله ? وإنما هو بدعة.
والطواف ثلاثة أنواع: الإفاضة، والقدوم، والوداع. والأول ركن، والثاني سنة
والثالث واجب على الراجح.
إذا انتهى من الطواف صلى ركعتين خلف مقام إبراهيم ولو بعد عنه يقرأ في
الأولى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثانية {قُلْ هُوَ اللَّهُ
أَحَدٌ} ويسن تخفيف هاتين الركعتين كما جاءت به السنة.
ثم يسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، يبدأ بالصفا ويختم بالمروة. والسنة
أن يقرأ إذا أقبل على الصفا {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ
اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ
أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ
شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [سورة البقرة، الآية:158]. أبدأ بما بدأ الله به.
ثم يرقى على الصفا ويستقبل القبلة رافعاً يديه فيوحد الله ويكبره ويحمده،
ويقول: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله
وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده) ثم يدعو بما شاء من خيري
الدنيا والآخرة، ويكرر هذا الدعاء ثلاث مرات.
ثم ينزل متجهاً إلى المروة، ويسن للرجل أن يسعى بين العلمين الأخضرين
سعياً شديداً، إن تيسر له ولم يؤذ أحداً، فإذا وصل المروة صعد عليها
واستقبل القبلة ورفع يديه وقال مثل ما قال على الصفا.
وإن دعا في السعي بقوله: (رب اغفر وارحم إنك أنت الأعز الأكرم) فلا بأس
لثبوت ذلك عن ابن عمر وابن مسعود –رضي الله عنهم-.
ويستحبّ أن يكون متطهراً، ولو سعى على غير طهارة أجزأه ذلك، ولو سعت
الحائض أجزأها، لأن الطهارة ليست شرطاً في السعي.
فإذا أتم سعيه قصر من شعر رأسه إن كان متمتعاً، ويعمه بالتقصير، والمرأة
تقصر منه قدر أنملة –وهو رأس الإصبع-، وإن كان قارناً أو مفرداً بقي على
إحرامه حتى يحل يوم النحر بعد رمي جمرة العقبة.
فإذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة "يوم التروية" أحرم المتمتع بالحج ضحىً
من مسكنه وكذلك من أراد الحج من أهل مكة، يفعل عند إحرام ما فعله من
الاغتسال والتنظيف وغيرهما، ولا يسن أن يذهب إلى المسجد الحرام للإحرام،
لأن ذلك لم يرد عن النبي ? ولا أمر به أصحابه فيما نعلم، ففي الصحيحين من
حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن النبي ? قال لهم: "أقيموا حلالاً
حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج..." الحديث، ولمسلم عنه -رضي الله
عنه- قال: أمرنا رسول الله ? لما أهللنا أن نحرم إذا توجهنا إلى منى
فأهللنا من الأبطح". ويقول المتمتع عند إهلاله: (لبيك حجاً).
ويستحب أن يخرج إلى منى فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصراً من
غير جمع، ويستحب له أن يبيت فيها ليلة عرفة، لحديث جابر عند مسلم.
إذا طلعت شمس يوم عرفة (التاسع من ذي الحجة) سار إلى عرفة واستحب له
النزول بنمرة إلى الزوال إن تيسر له ذلك لفعله ?، وإن لم يتيسر فلا حرج
عليه أن ينزل بعرفة، ويصلي -بعد زوال الشمس- الظهر والعصر ركعتين ركعتين
يجمع بينهما. ثم ينزل إلى الموقف بعرفة، والأفضل أن يجعل جبل الرحمة بينه
وبين القبلة إن تيسر له ذلك، وإلا استقبل القبلة وإن لم يستقبل الجبل،
ويستحب التفرغ لذكر الله والاجتهاد في الضراعة والدعاء وقراءة القرآن
رافعاً يديه لحديث أسامة رضي الله عنه قال: كنت رديف النبي ? بعرفات فرفع
يديه يدعو فمالت به ناقته فسقط خطامها فتناول خطامها بإحدى يديه وهو رافع
يده الأخرى" رواه النسائي. وفي صحيح مسلم: "لم يزل واقفاً يدعو حتى غابت
الشمس وذهبت الصفرة".
والدعاء يوم عرفة خير الدعاء. قال النبي ?: "خير الدعاء دعاء يوم عرفة،
وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له
الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)" رواه مسلم. وعليه أن يظهر الافتقار
والحاجة والانكسار لله، ولا يفوِّت هذه الفرصة العظيمة، قال ?: "ما من يوم
أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم
يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء" رواه مسلم.
والوقوف بعرفة ركن، والواجب الوقوف إلى غروب الشمس، والواجب على الحاج أن
يتأكد من حدود عرفة، فإن كثيراً من الحجاج يتساهلون فيقفون خارجها وهؤلاء
لا حج لهم.
فإذا غربت الشمس سار إلى مزدلفة بسكينة ووقار لقوله عليه الصلاة والسلام:
"أيها الناس السكينة السكينة" رواه مسلم. فإذا وصلها صلى بها المغرب
والعشاء فيصلي المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين جمع تأخير، والسنة للحاج ألا
يصليها إلا بها اقتداء برسول الله ? إلا إذا خاف خروج وقت العشاء صلاهما
في أي مكان.
ويبيت بمزدلفة ولا يحي الليل بصلاة ولا غيرها لأن النبي ? لم يفعل ذلك؛
لما رواه مسلم من حديث جابر بن عبد الله -?- أن النبي ? أتى المزدلفة فصلى
بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئاً ثم اضطجع
حتى طلع الفجر".
ويجوز لأهل الأعذار والضعفة أن يدفعوا من مزدلفة إلى منى بعد منتصف الليل
ومغيب القمر لرمي جمرة العقبة، وأما من ليس ضعيفاً ولا تابعاً لضعيف فإنه
يبقى بمزدلفة حتى يطلع الفجر. وما يفعله كثير من الناس اليوم من المسابقة
إلى الرمي في أول الليل لأجل الراحة مخالف لهدي النبي ?.
وإذا صلى الحاج الفجر بمزدلفة وقف عند المشعر الحرام واستقبل القبلة ويدعو
الله ويكثر من الدعاء ويرفع يديه حتى يسفر جداً، وحيثما وقف من مزدلفة
أجزأه ذلك؛ لقول ?: "وقفت ها هنا وجمع كلها موقف" رواه مسلم. و"جمع" هي
مزدلفة.
ثم ينصرف الحجاج إلى منى قبل طلوع الشمس يوم النحر فيرمون جمرة العقبة
-وهي الجمرة الكبرى التي تلي مكة- بسبع حصيات، كل حصاة أكبر من الحمص
قليلا، وأجمع العلماء على أنه يجوز رميها من كل مكان، والأفضل أن يجعل
الكعبة عن يساره ومن عن يمينه، لحديث ابن مسعود رضي الله عنه: "أنه انتهى
إلى الجمرة الكبرى فجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه ورمى بسبع، وقال:
هكذا رمى الذي أنزل عليه سورة البقرة" متفق عليه. ولا يجوز الرمي بحصاة
كبيرة ولا بالخفاف ولا بالنعال. ويقطع الحاج التلبية عند رميه جمرة العقبة.
والسنة أن يُقدِّم الحاج الرمي، ثم النحر بذبح الهدي إن كان متمتعاً أو
قارناً، ثم الحلق أو التقصير، والحلق أفضل للرجل؛ لأن النبي ? دعا بالرحمة
والمغفرة للمحلقين ثلاث مرات وللمقصرين مرة واحدة كما رواه البخاري ومسلم.
ثم يذهب الحاج إلى البيت ليطوف طواف الإفاضة.
وهذا هو السنة لحديث جابر بن عبد الله ? الذي رواه مسلم وفيه: "أن النبي ?
أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها، مثل
حصي الحذف، رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثم ركب رسول الله
? فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر".
ومن قدّم بعض هذه الأنساك الأربعة على بعض لا شيء عليه، لما رواه الشيخان
من حديث عبد الله بن عمرو ? في حجة الوداع: وقف رسول الله ? والناس
يسألونه، قال: "فما سئل رسول الله ? يومئذ عن شيء قُدِّم أو أُخِّر إلا
قال: "افعل ولا حرج".
وإذا طاف الحاج بالبيت فإن كان متمتعاً أتى بالسعي بعد الطواف لأن سعيه
الأول كان للعمرة فيلزمه السعي للحج، وإن كان مفرداً أو مقارناً فإن كان
قد سعى بعد طواف القدوم لم يعد السعي مرة أخرى، لقول جابر ?: "لم يطف
النبي ? ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً طوافه الأول"
رواه مسلم.
تعد أيام التشريق (الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة) أيام
رمي لمن لم يتعجل، وأما من تعجل فيرمي يومي الحادي عشر والثاني عشر لقوله
تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ
فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ
عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [سورة البقرة، الآية:203].
ويبتدئ الحاج برمي الجمرة الأولى (الصغرى) -وهي التي تلي مسجد الخيف- بسبع
حصيات، ثم الوسطى بسبع حصيات، ثم جمرة العقبة بسبع حصيات، يكبر مع كل
حصاة، والسنة أن يعقب بعد الجمرة الأولى (الصغرى) مستقبل القبلة ويجعلها
عن يساره ويدعو طويلا، ويقف بعد الجمرة الثانية مستقبل القبلة ويجعلها عن
يمينه ويدعو طويلا، أما جمرة العقبة فلا يقف بعدها.
ويبتدئ وقت الرمي بعد الزوال لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "كنا
نتحيّن فإذا زالت الشمس رمينا" رواه البخاري.
وأجمع العلماء على أن آخر وقت الرمي في أيام التشريق هو غروب شمس اليوم
الثالث عشر من ذي الحجة. ومن غربت عليه شمس ذلك اليوم ولم يرم لا يرمي بعد
ذلك وإنما عليه دم.
يبيت الحاج بمنى ليالي التشريق، الحادي عشر والثاني عشر، وإن غربت عليه
الشمس من اليوم الثاني عشر ولم يخرج من منى لزمه التأخير بمنى والمبيت بها
ورمي الجمار في اليوم الثالث عشر.
إذا أراد الحاج الخروج من مكة فلا يخرج حتى يطوف طواف الوداع، إذ هو من
واجبات الحج عند جمهور أهل العلم، إلا أنه يسقط عن الحائض لحديث ابن عباس
-رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ?: "لا تنفرَّنَّ أحدٌ حتى يكون آخر
عهده بالبيت" وفي رواية: "إلا أنه خفف عن المرأة الحائض" رواه مالك وأصله
في صحيح مسلم.
وأكثر العلماء على أن طواف الإفاضة يكفي عن الوداع لمن أخره إلى وقت سفره.
يستحب لمن رجع من الحج أن يقول ما رواه البخاري عن ابن عمر -رضي الله
عنهما- أن النبي ? كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على شرف من
الأرض ثم يقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد،
وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون، صدق الله وعده،
ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده".
واجبات الحج سبعة:
2-…الإحرام من الميقات.
3-…الوقوف بعرفة إلى غروب الشمس لمن وقف نهاراً.
4-…المبيت بمزدلفة.
5-…المبيت بمنى ليالي أيام التشريق.
6-…رمي الجمرات.
7-…الحلق أو التقصير.
8-…طواف الوداع.
يسن لمن أراد الحج أن يغتسل كما يغتسل للجنابة ويتطيب في بدنه كرأسه
ولحيته ويلبس إزاراً ورداء أبيضين والمرأة تلبس ما شاءت من الثياب بشرط أن
لا تتبرّج بزينة.
ثم إذا تى الميقات صلى الفريضة إن كان وقت فريضة ليحرم بعدها فإن لم يكن
وقت فريضة صلى ركعتين بنية سنة الوضوء لا بنية سنة الإحرام؛ لأنه لم يثبت
عن البني ? أن للإحرام سنة.
إذا فرغ من الصلاة نوى الدخول في النسك، فإن كان متمتعاً قال: (لبيك اللهم
عمرة) وإن كان مفرداً قال: (لبيك اللهم حجاً) وإن كان قارناً قال: (لبيك
اللهم حجاً في عمرة) يرفع الرجل صوته بذلك وتخفيه المرأة ويسن له الإكثار
من التلبية.
إذا وصل مكة ابتدأ بالطواف ويبدأ من الحجر الأسود ويجعل البيت عن يساره،
ويقصد الحجر الأسود فيقبله أو يستلمه أي يمسه بيده اليمنى إن تيسر بدون
مزاحمة وإلا أشار إليه وكبّر، ويقول: (اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك
ووفاء بعهدك وإتباعاً لسنة نبيك ?، ويطوف سبعاً، وإذا مر بالركن اليماني
استلمه بدون تقبيل.
ومن سنن الطواف الرمل -وهو الإسراع في الخطا مع تقاربها- للرجل في الأشواط
الثلاثة الأولى في طواف القدوم لحديث ابن عمر المتفق عليه كان رسول الله ?
إذا طاف الطواف الأول خب ثلاثاً ومشى أربعاً.
ومن سنن الطواف الاضطباع -وهو أن يجعل رداءه تحت إبطه اليمنى، ويخالف بين
طرفيه فوق كتفه اليسرى لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: "اضطبع رسول الله
? هو وأصحابه ورملوا ثلاثة أشواط". والاضطباع سنة في أشواط الطواف السبعة
فقط وليس سنة قبله ولا بعده.
ويدعو في طوافه بما أحبّ بخشوع وحضور قلب ويقول بين الركن اليماني والحجر
الأسود: ({رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ
حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}) [سورة البقرة، الآية:201]. والتقييد
بدعاء معين لكل شوط ليس له أصل من سنة رسول الله ? وإنما هو بدعة.
والطواف ثلاثة أنواع: الإفاضة، والقدوم، والوداع. والأول ركن، والثاني سنة
والثالث واجب على الراجح.
إذا انتهى من الطواف صلى ركعتين خلف مقام إبراهيم ولو بعد عنه يقرأ في
الأولى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثانية {قُلْ هُوَ اللَّهُ
أَحَدٌ} ويسن تخفيف هاتين الركعتين كما جاءت به السنة.
ثم يسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، يبدأ بالصفا ويختم بالمروة. والسنة
أن يقرأ إذا أقبل على الصفا {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ
اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ
أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ
شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [سورة البقرة، الآية:158]. أبدأ بما بدأ الله به.
ثم يرقى على الصفا ويستقبل القبلة رافعاً يديه فيوحد الله ويكبره ويحمده،
ويقول: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله
وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده) ثم يدعو بما شاء من خيري
الدنيا والآخرة، ويكرر هذا الدعاء ثلاث مرات.
ثم ينزل متجهاً إلى المروة، ويسن للرجل أن يسعى بين العلمين الأخضرين
سعياً شديداً، إن تيسر له ولم يؤذ أحداً، فإذا وصل المروة صعد عليها
واستقبل القبلة ورفع يديه وقال مثل ما قال على الصفا.
وإن دعا في السعي بقوله: (رب اغفر وارحم إنك أنت الأعز الأكرم) فلا بأس
لثبوت ذلك عن ابن عمر وابن مسعود –رضي الله عنهم-.
ويستحبّ أن يكون متطهراً، ولو سعى على غير طهارة أجزأه ذلك، ولو سعت
الحائض أجزأها، لأن الطهارة ليست شرطاً في السعي.
فإذا أتم سعيه قصر من شعر رأسه إن كان متمتعاً، ويعمه بالتقصير، والمرأة
تقصر منه قدر أنملة –وهو رأس الإصبع-، وإن كان قارناً أو مفرداً بقي على
إحرامه حتى يحل يوم النحر بعد رمي جمرة العقبة.
فإذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة "يوم التروية" أحرم المتمتع بالحج ضحىً
من مسكنه وكذلك من أراد الحج من أهل مكة، يفعل عند إحرام ما فعله من
الاغتسال والتنظيف وغيرهما، ولا يسن أن يذهب إلى المسجد الحرام للإحرام،
لأن ذلك لم يرد عن النبي ? ولا أمر به أصحابه فيما نعلم، ففي الصحيحين من
حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن النبي ? قال لهم: "أقيموا حلالاً
حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج..." الحديث، ولمسلم عنه -رضي الله
عنه- قال: أمرنا رسول الله ? لما أهللنا أن نحرم إذا توجهنا إلى منى
فأهللنا من الأبطح". ويقول المتمتع عند إهلاله: (لبيك حجاً).
ويستحب أن يخرج إلى منى فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصراً من
غير جمع، ويستحب له أن يبيت فيها ليلة عرفة، لحديث جابر عند مسلم.
إذا طلعت شمس يوم عرفة (التاسع من ذي الحجة) سار إلى عرفة واستحب له
النزول بنمرة إلى الزوال إن تيسر له ذلك لفعله ?، وإن لم يتيسر فلا حرج
عليه أن ينزل بعرفة، ويصلي -بعد زوال الشمس- الظهر والعصر ركعتين ركعتين
يجمع بينهما. ثم ينزل إلى الموقف بعرفة، والأفضل أن يجعل جبل الرحمة بينه
وبين القبلة إن تيسر له ذلك، وإلا استقبل القبلة وإن لم يستقبل الجبل،
ويستحب التفرغ لذكر الله والاجتهاد في الضراعة والدعاء وقراءة القرآن
رافعاً يديه لحديث أسامة رضي الله عنه قال: كنت رديف النبي ? بعرفات فرفع
يديه يدعو فمالت به ناقته فسقط خطامها فتناول خطامها بإحدى يديه وهو رافع
يده الأخرى" رواه النسائي. وفي صحيح مسلم: "لم يزل واقفاً يدعو حتى غابت
الشمس وذهبت الصفرة".
والدعاء يوم عرفة خير الدعاء. قال النبي ?: "خير الدعاء دعاء يوم عرفة،
وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له
الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)" رواه مسلم. وعليه أن يظهر الافتقار
والحاجة والانكسار لله، ولا يفوِّت هذه الفرصة العظيمة، قال ?: "ما من يوم
أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم
يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء" رواه مسلم.
والوقوف بعرفة ركن، والواجب الوقوف إلى غروب الشمس، والواجب على الحاج أن
يتأكد من حدود عرفة، فإن كثيراً من الحجاج يتساهلون فيقفون خارجها وهؤلاء
لا حج لهم.
فإذا غربت الشمس سار إلى مزدلفة بسكينة ووقار لقوله عليه الصلاة والسلام:
"أيها الناس السكينة السكينة" رواه مسلم. فإذا وصلها صلى بها المغرب
والعشاء فيصلي المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين جمع تأخير، والسنة للحاج ألا
يصليها إلا بها اقتداء برسول الله ? إلا إذا خاف خروج وقت العشاء صلاهما
في أي مكان.
ويبيت بمزدلفة ولا يحي الليل بصلاة ولا غيرها لأن النبي ? لم يفعل ذلك؛
لما رواه مسلم من حديث جابر بن عبد الله -?- أن النبي ? أتى المزدلفة فصلى
بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئاً ثم اضطجع
حتى طلع الفجر".
ويجوز لأهل الأعذار والضعفة أن يدفعوا من مزدلفة إلى منى بعد منتصف الليل
ومغيب القمر لرمي جمرة العقبة، وأما من ليس ضعيفاً ولا تابعاً لضعيف فإنه
يبقى بمزدلفة حتى يطلع الفجر. وما يفعله كثير من الناس اليوم من المسابقة
إلى الرمي في أول الليل لأجل الراحة مخالف لهدي النبي ?.
وإذا صلى الحاج الفجر بمزدلفة وقف عند المشعر الحرام واستقبل القبلة ويدعو
الله ويكثر من الدعاء ويرفع يديه حتى يسفر جداً، وحيثما وقف من مزدلفة
أجزأه ذلك؛ لقول ?: "وقفت ها هنا وجمع كلها موقف" رواه مسلم. و"جمع" هي
مزدلفة.
ثم ينصرف الحجاج إلى منى قبل طلوع الشمس يوم النحر فيرمون جمرة العقبة
-وهي الجمرة الكبرى التي تلي مكة- بسبع حصيات، كل حصاة أكبر من الحمص
قليلا، وأجمع العلماء على أنه يجوز رميها من كل مكان، والأفضل أن يجعل
الكعبة عن يساره ومن عن يمينه، لحديث ابن مسعود رضي الله عنه: "أنه انتهى
إلى الجمرة الكبرى فجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه ورمى بسبع، وقال:
هكذا رمى الذي أنزل عليه سورة البقرة" متفق عليه. ولا يجوز الرمي بحصاة
كبيرة ولا بالخفاف ولا بالنعال. ويقطع الحاج التلبية عند رميه جمرة العقبة.
والسنة أن يُقدِّم الحاج الرمي، ثم النحر بذبح الهدي إن كان متمتعاً أو
قارناً، ثم الحلق أو التقصير، والحلق أفضل للرجل؛ لأن النبي ? دعا بالرحمة
والمغفرة للمحلقين ثلاث مرات وللمقصرين مرة واحدة كما رواه البخاري ومسلم.
ثم يذهب الحاج إلى البيت ليطوف طواف الإفاضة.
وهذا هو السنة لحديث جابر بن عبد الله ? الذي رواه مسلم وفيه: "أن النبي ?
أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها، مثل
حصي الحذف، رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثم ركب رسول الله
? فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر".
ومن قدّم بعض هذه الأنساك الأربعة على بعض لا شيء عليه، لما رواه الشيخان
من حديث عبد الله بن عمرو ? في حجة الوداع: وقف رسول الله ? والناس
يسألونه، قال: "فما سئل رسول الله ? يومئذ عن شيء قُدِّم أو أُخِّر إلا
قال: "افعل ولا حرج".
وإذا طاف الحاج بالبيت فإن كان متمتعاً أتى بالسعي بعد الطواف لأن سعيه
الأول كان للعمرة فيلزمه السعي للحج، وإن كان مفرداً أو مقارناً فإن كان
قد سعى بعد طواف القدوم لم يعد السعي مرة أخرى، لقول جابر ?: "لم يطف
النبي ? ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً طوافه الأول"
رواه مسلم.
تعد أيام التشريق (الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة) أيام
رمي لمن لم يتعجل، وأما من تعجل فيرمي يومي الحادي عشر والثاني عشر لقوله
تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ
فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ
عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [سورة البقرة، الآية:203].
ويبتدئ الحاج برمي الجمرة الأولى (الصغرى) -وهي التي تلي مسجد الخيف- بسبع
حصيات، ثم الوسطى بسبع حصيات، ثم جمرة العقبة بسبع حصيات، يكبر مع كل
حصاة، والسنة أن يعقب بعد الجمرة الأولى (الصغرى) مستقبل القبلة ويجعلها
عن يساره ويدعو طويلا، ويقف بعد الجمرة الثانية مستقبل القبلة ويجعلها عن
يمينه ويدعو طويلا، أما جمرة العقبة فلا يقف بعدها.
ويبتدئ وقت الرمي بعد الزوال لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "كنا
نتحيّن فإذا زالت الشمس رمينا" رواه البخاري.
وأجمع العلماء على أن آخر وقت الرمي في أيام التشريق هو غروب شمس اليوم
الثالث عشر من ذي الحجة. ومن غربت عليه شمس ذلك اليوم ولم يرم لا يرمي بعد
ذلك وإنما عليه دم.
يبيت الحاج بمنى ليالي التشريق، الحادي عشر والثاني عشر، وإن غربت عليه
الشمس من اليوم الثاني عشر ولم يخرج من منى لزمه التأخير بمنى والمبيت بها
ورمي الجمار في اليوم الثالث عشر.
إذا أراد الحاج الخروج من مكة فلا يخرج حتى يطوف طواف الوداع، إذ هو من
واجبات الحج عند جمهور أهل العلم، إلا أنه يسقط عن الحائض لحديث ابن عباس
-رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ?: "لا تنفرَّنَّ أحدٌ حتى يكون آخر
عهده بالبيت" وفي رواية: "إلا أنه خفف عن المرأة الحائض" رواه مالك وأصله
في صحيح مسلم.
وأكثر العلماء على أن طواف الإفاضة يكفي عن الوداع لمن أخره إلى وقت سفره.
يستحب لمن رجع من الحج أن يقول ما رواه البخاري عن ابن عمر -رضي الله
عنهما- أن النبي ? كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على شرف من
الأرض ثم يقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد،
وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون، صدق الله وعده،
ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده".
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى