رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
تحفة المودود
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه
نستعين الحمد لله العلي العظيم الحليم الكريم الغفور الرحيم الحمد لله رب
العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين أظهر خلق الإنسان من
سلالة من طين ثم جعله نطفة في قرار مكين ثم خلق النطفة علقة سوداء
للناظرين ثم خلق العلقة مضغة وهي قطعة لحم بقدر أكلة الماضغين ثم خلق
المضغة عظاما مختلفة المقادير والأشكال والمنافع أساسا يقوم عليه هذا
البناء المبين ثم كسا العظام لحما هو لها كالثوب للابسين ثم أنشأه خلقا
آخر فتبارك الله أحسن الخالقين فسبحان من شملت قدرته كل مقدور وجرت مشيئته
في خلقه بتصاريف الأمور وتفرد
بملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء
الذكور الشورى 49 وتبارك العلي العظيم الحليم الكريم السميع البصير العليم
هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا اله إلا هو العزيز الحكيم آل عمران
3 وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له إلها جل عن المثيل
والنظير وتعالى عن الشريك والظهير وتقدس عن شبه خلقه فليس كمثله شيء وهو
السميع البصير وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمنيه على وحيه
وحجته على
عباده أرسله رحمة للعالمين وقدوة للعاملين ومحجة للسالكين وحجة على العباد
أجمعين فهدى من الضلالة وعلم به من الجهالة وكثر به بعد القلة وأعز به بعد
الذلة وأغنى به بعد العيلة وفتح برسالته أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا
غلفا فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة حتى وضحت شرائع الأحكام وظهرت
شرائع الإسلام وعز حزب الرحمن وذل حزب الشيطان فأشرق وجه الدهر حسنا واصبح
الظلام ضياء واهتدى كل حيران فصلى الله وملائكته وأنبياؤه ورسله وعباده
المؤمنون عليه كما وجه الله وعرف به ودعا إليه وعليه السلام ورحمة الله
وبركاته أما بعد فان الله سبحانه نوع أحكامه على الإنسان من حين خروجه إلى
هذه
الدار إلى حين يستقر في دار القرار وقبل ذلك وهو في الظلمات الثلاث كانت
أحكامه القدرية جارية عليه ومنتهية إليه فلما انفصل
عن أمه تعلقت به أحكامه الأمرية وكان المخاطب بها الأبوين أو من يقوم
مقامهما في تربيته والقيام عليه فلله سبحانه فيه أحكام قيمه بها ما دام
تحت كفالته فهو المطالب بها دونه حتى إذا بلغ حد التكليف تعلقت به الأحكام
وجرت عليه الأقلام وحكم له بأحكام أهل الكفر وأهل الإسلام وأخذ في التأهب
لمنازل السعداء أو دار الأشقياء فتطوى به مراحل الأيام والليالي إلى الدار
التي كتب من أهلها ويسر في مراحله تلك لأسبابها واستعمل بعملها فإذا انتهى
به السير إلى آخر مرحلة أشرف منها على المسكن الذي عمر له قبل إيجاده إما
منزل شقوته وإما منزل سعادته فهناك يضع عصا السفر عن عاتقه ويستقر نواه
وتصير دار العدل مأواه أو دار السعادة مثواه
فصلبسم الله الرحمن الرحيم
وبه
نستعين الحمد لله العلي العظيم الحليم الكريم الغفور الرحيم الحمد لله رب
العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين أظهر خلق الإنسان من
سلالة من طين ثم جعله نطفة في قرار مكين ثم خلق النطفة علقة سوداء
للناظرين ثم خلق العلقة مضغة وهي قطعة لحم بقدر أكلة الماضغين ثم خلق
المضغة عظاما مختلفة المقادير والأشكال والمنافع أساسا يقوم عليه هذا
البناء المبين ثم كسا العظام لحما هو لها كالثوب للابسين ثم أنشأه خلقا
آخر فتبارك الله أحسن الخالقين فسبحان من شملت قدرته كل مقدور وجرت مشيئته
في خلقه بتصاريف الأمور وتفرد
بملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء
الذكور الشورى 49 وتبارك العلي العظيم الحليم الكريم السميع البصير العليم
هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا اله إلا هو العزيز الحكيم آل عمران
3 وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له إلها جل عن المثيل
والنظير وتعالى عن الشريك والظهير وتقدس عن شبه خلقه فليس كمثله شيء وهو
السميع البصير وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمنيه على وحيه
وحجته على
عباده أرسله رحمة للعالمين وقدوة للعاملين ومحجة للسالكين وحجة على العباد
أجمعين فهدى من الضلالة وعلم به من الجهالة وكثر به بعد القلة وأعز به بعد
الذلة وأغنى به بعد العيلة وفتح برسالته أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا
غلفا فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة حتى وضحت شرائع الأحكام وظهرت
شرائع الإسلام وعز حزب الرحمن وذل حزب الشيطان فأشرق وجه الدهر حسنا واصبح
الظلام ضياء واهتدى كل حيران فصلى الله وملائكته وأنبياؤه ورسله وعباده
المؤمنون عليه كما وجه الله وعرف به ودعا إليه وعليه السلام ورحمة الله
وبركاته أما بعد فان الله سبحانه نوع أحكامه على الإنسان من حين خروجه إلى
هذه
الدار إلى حين يستقر في دار القرار وقبل ذلك وهو في الظلمات الثلاث كانت
أحكامه القدرية جارية عليه ومنتهية إليه فلما انفصل
عن أمه تعلقت به أحكامه الأمرية وكان المخاطب بها الأبوين أو من يقوم
مقامهما في تربيته والقيام عليه فلله سبحانه فيه أحكام قيمه بها ما دام
تحت كفالته فهو المطالب بها دونه حتى إذا بلغ حد التكليف تعلقت به الأحكام
وجرت عليه الأقلام وحكم له بأحكام أهل الكفر وأهل الإسلام وأخذ في التأهب
لمنازل السعداء أو دار الأشقياء فتطوى به مراحل الأيام والليالي إلى الدار
التي كتب من أهلها ويسر في مراحله تلك لأسبابها واستعمل بعملها فإذا انتهى
به السير إلى آخر مرحلة أشرف منها على المسكن الذي عمر له قبل إيجاده إما
منزل شقوته وإما منزل سعادته فهناك يضع عصا السفر عن عاتقه ويستقر نواه
وتصير دار العدل مأواه أو دار السعادة مثواه
وهذا كتاب قصدنا فيه ذكر أحكام المولود المتعلقة به بعد ولادته ما دام
صغيرا من عقيقته وأحكامها وحلق رأسه وتسميته وختانه وبوله وثقب أذنه
وأحكام تربيته وأطواره من حين كونه نطفة إلى مستقره في الجنة أو النار
فجاء كتابا نافعا في معناه مشتملا من الفوائد على ما لا يكاد يوجد بسواه
من نكت بديعة من التفسير وأحاديث تدعو
الحاجة إلى معرفتها وعللها والجمع بين مختلفها ومسائل فقهية لا
يكاد الطالب يظفر بها وفوائد حكمية تشتد الحاجة إلى العلم بها فهو كتاب
ممتع لقارئه معجب للناظر فيه يصلح للمعاش والمعاد ويحتاج إلى مضمونه كل من
وهب له شيء من الأولاد ومن الله أستمد السداد وأسأله التوفيق لسبل الرشاد
انه كريم جواد وسميته
والله سبحانه المسؤول أن يجعله خالصا لوجهه الكريم انه حسبنا ونعم الوكيل
وجعلته سبعة عشر بابا 1 - الباب الأول في استحباب طلب الأولاد 2 - الباب
الثاني في كراهة تسخط ما وهب الله له من البنات 3 - الباب الثالث في
استحباب بشارة من ولد له ولد 4 - الباب الرابع في استحباب الأذان والإقامة
في أذنه 5 - الباب الخامس في استحباب تحنيكه 6 - الباب السادس في العقيقة
وأحكامها وذكر الاختلاف في وجوبها وحجة
التابعين
7 - الباب السابع في حلق رأسه والتصدق بزنة شعره 8 - الباب الثامن في ذكر
تسميته ووقتها ووجوبها 9 - الباب التاسع في ختان المولود وأحكامه 10 -
الباب العاشر في ثقب أذن الذكر والأنثى وحكمه 11 - الباب الحادي عشر في
حكم بول الغلام والجارية قبل أكلهما الطعام 12 - الباب الثاني عشر في حكم
ريق الرضيع ولعابه وهل هو طاهر أو نجس لأنه
لا يغسل فمه مع كثرة قيئه 13 - الباب الثالث عشر في جواز حمل الأطفال في
الصلاة وان لم يعلم حال
ثيابهم 14 - الباب الرابع عشر في استحباب تقبيل الأطفال والأهل 15 - الباب
الخامس عشر في وجوب تأديب الأولاد وتعليمهم والعدل بينهم 16 - الباب
السادس عشر في ذكر فصول نافعة في تربية الأطفال 17 - الباب السابع عشر في
أطوار الطفل من حين كونه نطفة إلى وقت دخوله
الجنة أو النار الباب
في استحباب طلب الولد
قال الله تعالى فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم البقرة 187 فروى
شعبة عن الحكم عن مجاهد قال هو الولد وقاله الحكم وعكرمة والحسن البصري
والسدي والضحاك وأرفع ما فيه ما رواه محمد بن سعد عن أبيه حدثني عمي حدثني
أبي عن أبيه عن
ابن عباس قال هو الولد وقال ابن زيد هو الجماع وقال قتادة ابتغوا الرخصة
التي كتب الله لكم وعن ابن عباس رواية أخرى قال ليلة القدر
والتحقيق أن يقال لما خفف الله عن الأمة بإباحة الجماع ليلة
الصوم إلى طلوع الفجر وكان المجامع يغلب عليه حكم الشهوة وقضاء الوطر حتى
لا يكاد يخطر بقلبه غير ذلك أرشدهم سبحانه إلى أن يطلبوا رضاه في مثل هذه
اللذة ولا يباشروها بحكم مجرد الشهوة بل يبتغوا بها ما كتب الله لهم من
الأجر والولد الذي يخرج من أصلابهم يعبد الله لا يشرك به شيئا ويبتغوا ما
أباح
الله لهم من الرخصة بحكم محبته لقبول رخصه فإن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما
يكره أن تؤتى معصيته ومما كتب لهم ليلة القدر وأمروا أن يبتغوها لكن يبقى
أن يقال فما تعلق ذلك بإباحة مباشرة أزواجهم فيقال فيه إرشاد إلى أن لا
يشغلهم ما أبيح لهم من المباشرة عن طلب هذه الليلة التي هي خير من ألف شهر
فكأنه سبحانه يقول اقضوا وطركم من نساءكم ليلة الصيام ولا يشغلكم ذلك عن
ابتغاء ما كتب الله لكم
من هذه الليلة التي فضلكم الله بها والله أعلم وعن انس قال كان رسول الله
يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهيا شديدا ويقول
تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة رواه الإمام
أحمد وأبو حاتم في صحيحة وعن معقل بن يسار قال جاء رجل إلى النبي فقال إنى
أصبت امرأة ذات حسن
وجمال وإنها لا تلد أفأتزوجها قال لا ثم
أتاه الثانية فنهاه ثم أتاه الثالثة فقال تزوجوا الولود فإني مكاثر بكم
رواه أبو داود والنسائي وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله قال أنكحوا
أمهات الأولاد فإني أباهي
بكم يوم القيامة رواه الإمام أحمد وعن عائشة قالت قال رسول الله النكاح من
سنتي ومن لم يعمل بسنتي فليس مني
وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة وقد روى حماد بن سلمة عن عاصم عن
أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي قال إن
العبد لترفع له الدرجة فيقول أي رب أنى لي هذا فيقول باستغفار ولدك لك من
بعدك
ومما يرغب في الولد ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي حسان قال
توفي ابنان لي
فقلت لأبي هريرة سمعت من رسول الله حديثا تحدثناه تطيب به أنفسنا عن
موتانا قال نعم صغارهم دعاميص الجنة يتلقى أحدهم أباه أو قال أبويه فيأخذ
بناحية ثوبه أو يده كما آخذ أنا بصنفة ثوبك هذا فلا يتناهى حتى يدخله الله
وأباه الجنة وقال أحمد حدثنا وكيع حدثنا شعبة عن معاوية بن قرة عن أبيه أن
رجلا كان
يأتي النبي ومعه ابن له فقال له النبي أتحبه فقال يا رسول الله أحبك الله
كما أحبه ففقده النبي فقال ما فعل ابن فلان قالوا يا رسول الله مات فقال
النبي لأبيه أما تحب أن لا تأتي بابا من أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك
عليه فقال رجل أله خاصة يا رسول الله أو لكلنا قال بل لكلكم قال أحمد
وحدثنا عبد الله حدثنا عبد ربه بن بارق الحنفي حدثنا أبو زميل
الحنفي قال سمعت ابن عباس يقول سمعت رسول الله يقول من كان له فرطان من
أمتي دخل الجنة فقالت عائشة رصي الله عنها بأبي أنت وأمي فمن كان له فرط
فقال ومن كان له فرط يا موفقة قالت فمن لم يكن له فرط في أمتك قال فأنا
فرط أمتي لم يصابوا بمثلي وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله
قال للنساء ما منكن امرأة
يموت لها ثلاثة من الولد إلا كانوا لها حجابا من النار فقالت امرأة واثنان
فقال واثنان وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة نحوه ورواه عن النبي ابن
مسعود وأبو بزرة الأسلمي وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي ما من مسلم
يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث فتمسه النار إلا
تحلة القسم وفي صحيح البخاري من حديث أنس قال قال رسول الله ما من الناس
مسلم يموت له
ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال أتت امرأة بصبي لها فقالت يا نبي الله أدع
الله له فلقد دفنت ثلاثة فقال دفنت ثلاثة قالت نعم قال لقد احتظرت بحظار
شديد من النار فالولد انه إن عاش بعد أبويه نفعهما وان مات قبلهما نفعهما
وقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أن رسول الله قال إذا مات
الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح
يدعو له فان قيل ما تقولون في قوله عز و جل وان خفتم ألا تقسطوا في
اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم ألا
تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا النساء 3 قال
الشافعي إن لا تكثر عيالكم فدل على أن قلة العيال أولى قيل قد قال
الشافعي رحمه الله ذلك وخالفه جمهور المفسرين من السلف والخلف وقالوا معنى
الآية ذلك أدنى أن لا تجوروا ولا تميلوا فانه يقال عال الرجل يعول عولا
إذا مال وجار ومنه عول الفرائض لأن سهامها إذا زادت دخلها النقص ويقال عال
يعيل عيلة إذا احتاج قال تعالى وان خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن
شاء الله التوبة 28 وقال الشاعر وما يدري الفقير متى غناه ... وما يدري
الغني متى يعيل أي متى يحتاج
ويفتقر وأما كثرة العيال فليس من هذا ولا من هذا ولكنه من أفعل يقال أعال
الرجل
يعيل إذا كثر عياله مثل ألبن وأتمر إذا صار ذا لبن وتمر هذا قول أهل اللغة
قال الواحدي في بسيطه ومعنى تعولوا تميلوا وتجوروا عن جميع أهل التفسير
واللغة وروي ذلك مرفوعا روت عائشة رضي الله عنها عن النبي في قوله ذلك أن
لا تعولوا قال أن لا تجوروا وروي أن لا تميلوا قال وهذا قول ابن عباس
والحسن وقتادة والربيع والسدي وأبي مالك وعكرمة والفراء والزجاج وابن
قتيبة وابن الأنبا ري قلت ويدل على تعين هذا المعنى من الآية وان كان ما
ذكره الشافعي رحمه الله
لغة حكاها الفراء عن الكسائي أنه قال ومن الصحابة من يقول عال يعول إذا
كثر عياله قال الكسائي وهو لغة فصيحة
سمعتها من العرب لكن يتعين الأول لوجوه أحدها أنه المعروف في اللغة الذي
لا يكاد يعرف سواه ولا يعرف عال يعول إذا
كثر عياله إلا في حكاية الكسائي وسائر أهل اللغة على خلافه الثاني أن هذا
مروي عن النبي ولو كان من الغرائب فانه يصلح للترجيح الثالث أنه مروي عن
عائشة وابن عباس ولم يعلم لهما مخالف من المفسرين وقد
قال الحاكم أبو عبد الله تفسير الصحابي عندنا في حكم المرفوع الرابع أن
الأدلة التي ذكرناها على استحباب تزوج الولود وأخبار النبي أنه
يكاثر بأمته الأمم يوم القيامة يرد هذا التفسير الخامس أن سياق الآية إنما
هو في نقلهم مما يخافون الظلم والجور فيه إلى
غيره فإنه قال في أولها وان خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب
لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع النساء 4 فدلهم سبحانه على ما يتخلصون به
من ظلم اليتامى وهو نكاح ما طاب لهم من
النساء البوالغ وأباح لهم منه ثم دلهم على ما يتخلصون به من الجور والظلم
في عدم التسوية بينهن فقال فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم
النساء 4 ثم أخبر سبحانه أن الواحدة وملك اليمين أدنى إلى عدم الميل
والجور وهذا صريح في المقصود السادس أنه لا يلتئم قوله فان خفتم ألا
تعدلوا في الأربع فانكحوا واحدة أو
تسروا ما شئتم بملك اليمين فان ذلك أقرب إلى أن لا تكثر عيالكم بل هذا
أجنبي من الأول فتأمله السابع أنه من الممتنع أن يقال لهم إن خفتم أن ألا
تعدلوا بين الأربع فلكم
أن تتسروا بمائة سرية وأكثر فانه أدنى أن لا تكثر عيالكم الثامن أن قوله
ذلك أدنى ألا تعولوا تعليل لكل واحد من الحكمين المتقدمين
وهما نقلهم من نكاح اليتامى إلى نكاح النساء البوالغ ومن نكاح الأربع إلى
نكاح الواحدة أو ملك اليمين ولا يليق تعليل ذلك بعلة العيال التاسع أنه
سبحانه قال فان خفتم ألا تعدلوا ولم يقل وان خفتم أنا تفتقروا
أو تحتاجوا ولو كان المراد قلة العيال لكان الأنسب أن يقول ذلك العاشر أنه
سبحانه إذا ذكر حكما منهيا عنه وعلل النهي بعلة أو
أباح شيئا وعلل عدمه بعلة فلا بد أن تكون العلة مصادفة لضد الحكم المعلل
وقد علل سبحانه إباحة نكاح غير اليتامى والاقتصار على الواحدة أو ما ملك
اليمين بأنه أقرب إلى عدم الجور ومعلوم أن كثرة العيال لا تضاد عدم الحكم
المعلل فلا يحسن التعليل به
الباب الثانيتوفي ابنان لي
فقلت لأبي هريرة سمعت من رسول الله حديثا تحدثناه تطيب به أنفسنا عن
موتانا قال نعم صغارهم دعاميص الجنة يتلقى أحدهم أباه أو قال أبويه فيأخذ
بناحية ثوبه أو يده كما آخذ أنا بصنفة ثوبك هذا فلا يتناهى حتى يدخله الله
وأباه الجنة وقال أحمد حدثنا وكيع حدثنا شعبة عن معاوية بن قرة عن أبيه أن
رجلا كان
يأتي النبي ومعه ابن له فقال له النبي أتحبه فقال يا رسول الله أحبك الله
كما أحبه ففقده النبي فقال ما فعل ابن فلان قالوا يا رسول الله مات فقال
النبي لأبيه أما تحب أن لا تأتي بابا من أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك
عليه فقال رجل أله خاصة يا رسول الله أو لكلنا قال بل لكلكم قال أحمد
وحدثنا عبد الله حدثنا عبد ربه بن بارق الحنفي حدثنا أبو زميل
الحنفي قال سمعت ابن عباس يقول سمعت رسول الله يقول من كان له فرطان من
أمتي دخل الجنة فقالت عائشة رصي الله عنها بأبي أنت وأمي فمن كان له فرط
فقال ومن كان له فرط يا موفقة قالت فمن لم يكن له فرط في أمتك قال فأنا
فرط أمتي لم يصابوا بمثلي وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله
قال للنساء ما منكن امرأة
يموت لها ثلاثة من الولد إلا كانوا لها حجابا من النار فقالت امرأة واثنان
فقال واثنان وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة نحوه ورواه عن النبي ابن
مسعود وأبو بزرة الأسلمي وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي ما من مسلم
يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث فتمسه النار إلا
تحلة القسم وفي صحيح البخاري من حديث أنس قال قال رسول الله ما من الناس
مسلم يموت له
ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال أتت امرأة بصبي لها فقالت يا نبي الله أدع
الله له فلقد دفنت ثلاثة فقال دفنت ثلاثة قالت نعم قال لقد احتظرت بحظار
شديد من النار فالولد انه إن عاش بعد أبويه نفعهما وان مات قبلهما نفعهما
وقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أن رسول الله قال إذا مات
الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح
يدعو له فان قيل ما تقولون في قوله عز و جل وان خفتم ألا تقسطوا في
اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم ألا
تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا النساء 3 قال
الشافعي إن لا تكثر عيالكم فدل على أن قلة العيال أولى قيل قد قال
الشافعي رحمه الله ذلك وخالفه جمهور المفسرين من السلف والخلف وقالوا معنى
الآية ذلك أدنى أن لا تجوروا ولا تميلوا فانه يقال عال الرجل يعول عولا
إذا مال وجار ومنه عول الفرائض لأن سهامها إذا زادت دخلها النقص ويقال عال
يعيل عيلة إذا احتاج قال تعالى وان خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن
شاء الله التوبة 28 وقال الشاعر وما يدري الفقير متى غناه ... وما يدري
الغني متى يعيل أي متى يحتاج
ويفتقر وأما كثرة العيال فليس من هذا ولا من هذا ولكنه من أفعل يقال أعال
الرجل
يعيل إذا كثر عياله مثل ألبن وأتمر إذا صار ذا لبن وتمر هذا قول أهل اللغة
قال الواحدي في بسيطه ومعنى تعولوا تميلوا وتجوروا عن جميع أهل التفسير
واللغة وروي ذلك مرفوعا روت عائشة رضي الله عنها عن النبي في قوله ذلك أن
لا تعولوا قال أن لا تجوروا وروي أن لا تميلوا قال وهذا قول ابن عباس
والحسن وقتادة والربيع والسدي وأبي مالك وعكرمة والفراء والزجاج وابن
قتيبة وابن الأنبا ري قلت ويدل على تعين هذا المعنى من الآية وان كان ما
ذكره الشافعي رحمه الله
لغة حكاها الفراء عن الكسائي أنه قال ومن الصحابة من يقول عال يعول إذا
كثر عياله قال الكسائي وهو لغة فصيحة
سمعتها من العرب لكن يتعين الأول لوجوه أحدها أنه المعروف في اللغة الذي
لا يكاد يعرف سواه ولا يعرف عال يعول إذا
كثر عياله إلا في حكاية الكسائي وسائر أهل اللغة على خلافه الثاني أن هذا
مروي عن النبي ولو كان من الغرائب فانه يصلح للترجيح الثالث أنه مروي عن
عائشة وابن عباس ولم يعلم لهما مخالف من المفسرين وقد
قال الحاكم أبو عبد الله تفسير الصحابي عندنا في حكم المرفوع الرابع أن
الأدلة التي ذكرناها على استحباب تزوج الولود وأخبار النبي أنه
يكاثر بأمته الأمم يوم القيامة يرد هذا التفسير الخامس أن سياق الآية إنما
هو في نقلهم مما يخافون الظلم والجور فيه إلى
غيره فإنه قال في أولها وان خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب
لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع النساء 4 فدلهم سبحانه على ما يتخلصون به
من ظلم اليتامى وهو نكاح ما طاب لهم من
النساء البوالغ وأباح لهم منه ثم دلهم على ما يتخلصون به من الجور والظلم
في عدم التسوية بينهن فقال فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم
النساء 4 ثم أخبر سبحانه أن الواحدة وملك اليمين أدنى إلى عدم الميل
والجور وهذا صريح في المقصود السادس أنه لا يلتئم قوله فان خفتم ألا
تعدلوا في الأربع فانكحوا واحدة أو
تسروا ما شئتم بملك اليمين فان ذلك أقرب إلى أن لا تكثر عيالكم بل هذا
أجنبي من الأول فتأمله السابع أنه من الممتنع أن يقال لهم إن خفتم أن ألا
تعدلوا بين الأربع فلكم
أن تتسروا بمائة سرية وأكثر فانه أدنى أن لا تكثر عيالكم الثامن أن قوله
ذلك أدنى ألا تعولوا تعليل لكل واحد من الحكمين المتقدمين
وهما نقلهم من نكاح اليتامى إلى نكاح النساء البوالغ ومن نكاح الأربع إلى
نكاح الواحدة أو ملك اليمين ولا يليق تعليل ذلك بعلة العيال التاسع أنه
سبحانه قال فان خفتم ألا تعدلوا ولم يقل وان خفتم أنا تفتقروا
أو تحتاجوا ولو كان المراد قلة العيال لكان الأنسب أن يقول ذلك العاشر أنه
سبحانه إذا ذكر حكما منهيا عنه وعلل النهي بعلة أو
أباح شيئا وعلل عدمه بعلة فلا بد أن تكون العلة مصادفة لضد الحكم المعلل
وقد علل سبحانه إباحة نكاح غير اليتامى والاقتصار على الواحدة أو ما ملك
اليمين بأنه أقرب إلى عدم الجور ومعلوم أن كثرة العيال لا تضاد عدم الحكم
المعلل فلا يحسن التعليل به
في كراهة تسخط البنات
قال الله تعالى لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا
ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما انه
عليم قدير الشورى 49 50 فقسم سبحانه حال الزوجين إلى أربعة أقسام اشتمل
عليها الوجود وأخبر أن ما
قدره بينهما من الولد فقد وهبهما إياه وكفى بالعبد تعرضا لمقته أن يتسخط
ما وهبه وبدأ سبحانه بذكر الإناث فقيل جبرا لهن لأجل استثقال الوالدين
لمكانهن وقيل وهو أحسن إنما قدمهن لأن سياق الكلام أنه فاعل ما يشاء لا ما
يشاء الأبوان فان الأبوين لا يريدان إلا الذكور غالبا وهو سبحانه قد أخبر
أنه يخلق ما يشاء فبدأ بذكر الصنف الذي يشاء ولا يريده الأبوان وعندي وجه
آخر وهو أنه سبحانه قدم ما كانت تؤخره الجاهلية
من أمر البنات حتى كانوا يئدوهن أي هذا النوع المؤخر عندكم مقدم
عندي في الذكر وتأمل كيف نكر سبحانه الإناث وعرف الذكور فجبر نقص الأنوثة
بالتقديم وجبر نقص التأخير بالتعريف فإن التعريف تنويه كأنه قال ويهب لمن
يشاء الفرسان الأعلام المذكورين الذين لا يخفون عليكم ثم لما ذكر الصنفين
معا قدم الذكور إعطاء لكل من الجنسين حقه من التقديم والتأخير والله أعلم
بما أراد من ذلك والمقصود أن التسخط بالإناث من أخلاق الجاهلية الذين ذمهم
الله تعالى في
قوله وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من
سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون النحل
58 59 وقال وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم
الزخرف 17 ومن هاهنا عبر بعض المعبرين لرجل قال له رأيت كأن وجهي أسود
فقال ألك امرأة حامل قال نعم قال تلد لك أنثى وفي صحيح مسلم من حديث أنس بن
مالك قال قال رسول الله من عال جاريتين حتى
تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو هكذا وضم
إصبعيه وروى عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة
قالت
جاءت امرأة ومعها ابنتان لها تسألني فلم تجد عندي شيئا غير تمرة واحدة
فأعطيتها إياها فأخذتها فشقتها بين ابنتيها ولم تأكل منها شيئا ثم قامت
فخرجت هي وابنتاها فدخل رسول الله على تفيئة ذلك فحدثته حديثها فقال رسول
الله من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار رواه
ابن المبارك عن معمر عن الزهري عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عروة وهو
في الصحيح والحديث في مسند أحمد وفيه أيضا من حديث أيوب بن بشير الأنصاري
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
قال قال رسول الله لا يكون لأحد ثلاث بنات
أو ثلاث أخوات أو بنتان أو أختان فيتقي الله فيهن ويحسن إليهن إلا دخل
الجنة ورواه الحميدي عن سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أيوب بن بشير عن
سعيد الأعشى عن أبي سعيد عن النبي من كان له ثلاث بنات أو أخوات أو بنتان
أو أختان فأحسن صحبتهن وصبر عليهن واتقى الله فيهن دخل الجنة وقال محمد بن
عبد الله الأنصاري عن ابن جريج حدثني أبو الزبير عن عمر بن
نبهان عن أبي هريرة أن رسول الله قال من كان له ثلاث بنات فصبر على
لأوائهن وعلى ضرائهن دخل الجنة وفي رواية فقال رجل يا رسول الله واثنتين
قال واثنتين قال يا رسول الله وواحدة قال وواحدة وقال البيهقي حدثنا أحمد
بن الحسن حدثنا الأصم حدثنا الحسن بن
مكرم حدثنا عثمان بن عمر أنبأ النهاس عن شداد أبي عمار عن عوف بن مالك أن
رسول الله قال من كان له ثلاث بنات ينفق عليهن حتى بين أو يمتن كن له
حجابا من النار وقال علي بن المديني حدثنا يزيد بن زريع حدثنا النهاس بن
قهم حدثنا شداد
أبو عمار عن عوف بن مالك الأشجعي قال قال رسول الله ما من عبد يكون له
ثلاث بنات فينفق عليهن حتى يبن أو يمتن إلا كن له حجابا من النار فقالت
امرأة يا رسول الله وابنتان قال وابنتان قال وقال أبو عمار عن عوف بن مالك
قال قال رسول الله أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين في الجنة وروى فطر بن
خليفة عن شرحبيل بن سعد عن ابن عباس قال قال رسول
الله ما من مسلم يكون له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبهما وصحبتاه إلا
أدخلتاه الجنة وقال عبد الرزاق أنبأنا معمر عن ابن المنكدر أن النبي قال من
كان له ثلاث
بنات أو أخوات فكفهن وآواهن وزوجهن دخل الجنة قالوا وابنتان قال وابنتان
حتى ظننا أنهم لو قالوا أو واحدة قال أو واحدة هذا مرسل وقال عبد الله بن
المبارك عن حرملة بن عمران قال سمعت أبا عشانة قال سمعت
عقبة بن عامر الجهني يقول سمعت رسول الله يقول من كانت له ثلاث بنات فصبر
عليهن فأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته كن له حجابا من النار رواه الإمام
أحمد في مسنده وقد قال تعالى في حق النساء فان كرهتموهن فعسى أن تكرهوا
شيئا ويجعل الله
فيه خيرا كثيرا النساء 19 وهكذا البنات أيضا قد يكون للعبد فيهن خير في
الدنيا والآخرة ويكفي في قبح كراهتهن أن يكره ما رضيه الله وأعطاه عبده
وقال صالح بن أحمد كان أبي إذا ولد له ابنة يقول الأنبياء كانوا آباء بنات
ويقول قد جاء في البنات ما قد علمت وقال يعقوب بن بختان ولد لي سبع بنات
فكنت كلما ولد لي ابنة دخلت على أحمد بن حنبل فيقول لي يا أبا يوسف
الأنبياء آباء بنات فكان يذهب قوله همي
في استحباب بشارة من ولد له ولد وتهنئته
قال الله تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام ولقد جاءت رسلنا إبراهيم
بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ فلما رأى أيديهم
لا تصل إليه نكرهم أوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط
وامرأته قائمة فضحكت فبشر ناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب إلى قوله فلما
ذهب عن إبراهيم الروع جاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط هود 69 74 وقال
تعالى في سورة الصافات فبشرناه بغلام حليم الصافات 101 وقال في
الذاريات وبشروه بغلام عليم الذاريات 28 وقال في سورة الحجر ونبئهم عن ضيف
إبراهيم إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال إنا منكم وجلون قالوا لا توجل إنا
نبشرك بغلام عليم قال أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون قالوا
بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون
الحجر 57 - 52 وقال تعالى يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له
من قبل سميا مريم 7
وقال فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك
بيحيى مصدقا آل عمران 39 ولما كانت البشارة تسر العبد وتفرحه استحب للمسلم
أن يبادر إلى مسرة أخيه وإعلامه بما يفرحه0 ولما ولد النبي بشرت به ثويبة
عمه أبا لهب وكان مولاها وقالت قد ولد
الليلة لعبد الله ابن فأعتقها أبو لهب سرورا به فلم يضيع الله ذلك له
وسقاه بعد موته في النقرة التي في أصل إبهامه فان فاتته البشارة استحب له
تهنئته والفرق بينهما إن البشارة إعلام له بما يسره والتهنئة دعاء له
بالخير فيه بعد أن علم به ولهذا لما أنزل الله توبة كعب بن مالك وصاحبيه
ذهب إليه البشير
فبشره فلما دخل المسجد جاء الناس فهنؤوه وكانت الجاهلية يقولون في تهنئتهم
بالنكاح بالرفاء والبنين والرفاء الالتحام والاتفاق أي تزوجت زواجا يحصل
به الاتفاق والالتحام بينكما والبنون فيهنؤون بالبنين سلفا وتعجيلا ولا
ينبغي للرجل أن يهنىء بالابن ولا يهنىء بالبنت بل يهنىء بهما أو يترك
التهنئه ليتخلص من سنة الجاهلية فان كثيرا منهم كانوا يهنئون بالابن
وبوفاة البنت دون ولادتها وقال أبو بكر بن المنذر في الأوسط روينا عن
الحسن البصري أن رجلا جاء إليه وعنده رجل قد ولد له غلام فقال له يهنك
الفارس فقال له الحسن ما يدريك فارس هو أو حمار قال فكيف نقول قال قل بورك
لك في الموهوب وشكرت الواهب وبلغ رشده ورزقت بره والله اعلم
في استحباب التأذين في أذنه اليمنى والإقامة في أذنه اليسرى
وفي هذا الباب أحاديث أحدها ما رواه أبو عبد الله الحاكم حدثنا أبو جعفر
محمد بن دحيم حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة حدثنا عبيد الله بن موسى أنا
سفيان بن سعيد الثوري عن عاصم بن عبيد الله أخبرني عبيد الله بن أبي رافع
عن أبي رافع قال رأيت رسول الله أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث صحيح الثاني ما رواه البيهقي في الشعب من
حديث الحسن بن علي عن النبي قال من
ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى رفعت عنه أم
الصبيان
والثالث ما رواه أيضا من حديث أبي سعيد عن ابن عباس أن النبي
أذن في أذن الحسن بن علي يوم ولد وأقام في أذنه اليسرى قال وفي إسنادهما
ضعف وسر التأذين والله أعلم أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته
المتضمنة
لكبرياء الرب وعظمته والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام فكان ذلك
كالتلقين له شعار الإسلام عند دخوله إلى الدنيا كما يلقن كلمة التوحيد عند
خروجه منها وغير مستنكر وصول أثر التأذين إلى قلبه وتأثيره به وان لم يشعر
مع ما في ذلك من فائدة أخرى وهي هروب الشيطان من كلمات الأذان وهو كان
يرصده حتى يولد فيقارنه للمحنة التي قدرها الله و شاءها فيسمع شيطانه ما
يضعفه ويغيظه أول أوقات تعلقه به وفيه معنى آخر وهو أن تكون دعوته إلى الله
وإلى دينه الإسلام وإلى عبادته
سابقة على دعوة الشيطان كما كانت فطرة الله التي فطر عليها سابقة على
تغيير الشيطان لها ونقله عنها ولغير ذلك من الحكم
في استحباب تحنيكه
وفي الصحيحين من حديث أبي بردة عن أبي موسى قال ولد لي غلام فأتيت به إلى
النبي فسماه إبراهيم وحنكه بتمرة زاد البخاري ودعا له بالبركة ودفعه ألي
وكان اكبر ولد أبي موسى وفي الصحيحين من حديث انس بن مالك قال كان ابن لأبي
طلحة يشتكي فخرج أبو
طلحة فقبض الصبي فلما رجع أبو طلحة قال ما فعل الصبي قالت أم سليم هو أسكن
مما كان فقربت إليه العشاء فتعشى ثم أصاب منها فلما فرغ قالت واروا الصبي
فلما أصبح أبو طلحة أتى رسول الله فأخبره فقال أعرستم الليلة قال نعم قال
اللهم بارك لهما فولدت غلاما فقال لي أبو طلحة احمله حتى تأتي به النبي
وبعثت به بتمرات فأخذه النبي فقال أمعه شيء قالوا نعم تمرات فأخذها النبي
فمضغها ثم أخذها من فيه فجعلها
في في الصبي ثم حنكه وسماه عبد الله وروى أبو أسامة عن هشام بن عروة عن
أسماء أنها حملت بعبد الله ابن الزبير
بمكة قال فخرجت وأنا متم فأتيت المدينة فنزلت بقباء فولدته بقباء ثم أتيت
رسول الله فوضعته في حجره فدعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه فكان أول شيء
دخل جوفه ريق رسول الله قالت ثم حنكه بالتمرة ثم دعا له وبرك عليه وكان
أول مولود ولد في الإسلام للمهاجرين بالمدينة قالت ففرحوا به فرحا شديدا
وذلك انهم قيل لهم إن اليهود قد سحرتكم فلا يولد لكم وقال الخلال أخبرني
محمد بن علي قال سمعت أم ولد أحمد بن حنبل تقول لما
أخذ بي الطلق كان مولاي نائما فقلت له يا مولاي هو ذا أموت فقال يفرج الله
فما هو إلا أن قال يفرج الله حتى ولدت سعيدا فلما ولدته قال هاتوا ذلك
التمر لتمر كان عندنا من تمر مكة فقلت لأم علي إمضغي هذا التمر وحنكيه
ففعلت والله أعلم
في العقيقة وأحكامها وفيه اثنان وعشرون فصلا
1 - الفصل الأول في بيان مشروعيتها 2 - الفصل الثاني قي ذكر حجة من ذكرها
3 - الفصل الثالث في أدلة الاستحباب 4 - الفصل الرابع في الجواب عما
أحتجوا به 5 - الفصل الخامس في اشتقاق اسمها ومن أي شيء أخذ 6 - الفصل
السادس هل تكره تسميتها عقيقة أم لا 7 - الفصل السابع في ذكر الخلاف في
وجوبها واستحبابها وحجج الفريقين 8 - الفصل الثامن في الوقت الذي تستحب
فيه العقيقة 9 - الفصل التاسع في أنها افضل من الصدقة 10 - الفصل العاشر
في تفاضل الذكر والأنثى فيها 11 - الفصل الحادي عشر في ذكر الغرض من
العقيقة وحكمها وفوائدها واحياء
سنة رسول الله
12 - الفصل الثاني عشر في أن طبخ لحمها أفضل من التصدق به نيئا 13 - الفصل
الثالث عشر في كراهة كسر عظمها 14 - الفصل الرابع عشر في السن المجزىء
فيها 15 - الفصل الخامس عشر في أنه لا يجزىء عن الرأس إلا الرأس و لا يصح
اشتراك السبعة فيها في البدنه والبقرة 16 - الفصل السادس عشر هل تجزىء
العقيقة بغير النعم من الابل والبقر 17 - الفصل السابع عشر في بيان مصرفها
وما يتصدق به منها ويهديه واستحباب
الهدية منها للقابلة 18 - الفصل الثامن عشر في حكم اجتماع العقيقة
والأضحية وهل يجزىء أحدهما
عن الآخر أم لا 19 - الفصل التاسع عشر في حكم من لم يعق عنه أبواه هل يعق
عن نفسه إذا بلغ
20 - الفصل العشرون في حكم جلدها وسواقطها هل يجوز بيعه أم حكمه حكم
الأضحية 21 - الفصل الحادي والعشرون فيما يقال عن ذبح العقيقة 22 - الفصل
الثاني والعشرون في حكمة اختصاصها باليوم السابع والرابع عشر
والحادي والعشرين الفصل الأول - في بيان مشروعيتها قال مالك هذا الأمر
الذي لا اختلاف فيه عندنا وقال يحيى بن سعيد الأنصاري
أدركت الناس وما يدعون العقيقة عن الغلام والجارية قال ابن المنذر وذلك
أمر معمول به بالحجاز قديما وحديثا يستعمله العلماء وذكر مالك أنه الأمر
الذي لا اختلاف فيه عندهم قال وممن كان يرى العقيقة عبد الله بن عباس وعبد
الله بن عمر وعائشة أم المؤمنين وروينا ذلك عن فاطمة بنت رسول الله وعن
بريدة الأسلمي والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وعطاء بن أبي رباح والزهري
وأبي الزناد وبه قال مالك وأهل المدينة والشافعي وأصحابه وأحمد وإسحاق
وأبو ثور وجماعة يكثر عددهم من أهل العلم متبعين في ذلك سنة رسول الله
وإذا ثبتت السنة وجب القول بها ولم يضرها من عدل عنها قال وأنكر أصحاب
الرأي أن تكون العقيقة سنة وخالفوا في ذلك الأخبار الكائنة عن رسول الله
وعن أصحابه وعمن روي عنه ذلك من التابعين انتهى الفصل الثاني - في ذكر حجج
من كرهها قالوا روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله سئل عن
العقيقة فقال
لا أحب العقوق قالوا ولأنها من فعل أهل
الكتاب كما قال النبي إن اليهود تعق عن الغلام ولا تعق عن الجارية ذكره
البيهقي قالوا وهي من الذبائح التي كانت الجاهلية تفعلها فأبطلها الإسلام
كالعتيرة والفرع قالوا وقد روى الإمام أحمد من حديث أبي رافع رضي الله عنه
أن الحسن بن علي لما ولد أرادت أمه فاطمة أن تعق عنه بكبشين فقال رسول
الله لا تعقي ولكن احلقي شعر رأسه فتصدقي بوزنه من الورق ثم ولد حسين بعد
ذلك فصنعت مثل ذلك
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الفصل الثالث - في أدلة الاستحباب
الرابع في الجواب عن حجج من كرهها
قال الإمام أحمد في رواية حنبل وقد حكي عن بعض من كرهها أنها من أمر
الجاهلية قال هذا لقلة علمهم وعدم معرفتهم بالأخبار والنبي قد عق عن الحسن
والحسين وفعله أصحابه وجعلها هؤلاء من أمر الجاهلية والعقيقة سنة عن رسول
الله وقد قال الغلام مرتهن بعقيقته وهو - إسناد جيد - يرويه أبو هريرة عن
النبي وقال في رواية
الأثرم في العقيقة أحاديث عن النبي مسندة وعن أصحابه وعن
التابعين وقال هؤلاء هي من عمل الجاهلية وتبسم كالمعجب وقال الميموني قلت
لأبي عبد الله يثبت عن النبي في العقيقة شيء فقال أي
والله غير حديث عن النبي عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة قلت له فتلك
الأحاديث التي يعترض فيها فقال ليست بشيء لا يعبأ بها وأما أحاديث عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله قال لا أحب العقوق فسياق الحديث من أدلة
الاستحباب فان لفظه هكذا سئل رسول الله عن العقيقة فقال لا أحب العقوق
وكأنه كره الاسم فقالوا يا رسول الله إنما نسألك عن أحدنا يولد له ولد
فقال من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان مكافئتان وعن
الجارية شاة وأما حديث أبي رافع فلا يصح وقد قال الإمام أحمد في هذه
الأحاديث المعارضة لأحاديث العقيقة ليست بشيء لا يعبأ بها وقد استفاضت
الأحاديث بأن النبي عق عن الحسن والحسين فروى أبو أيوب عن عكرمة عن ابن
عباس أن رسول الله عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا ذكره أبو
داود وقد ذكر جرير بن حازم عن قتادة عن أنس أن النبي عق عن الحسن والحسين
كبشين وذكر يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت عق رسول الله عن الحسن
والحسين يوم السابع ولو صح قوله لا تعقي عنه لم يدل ذلك على كراهة العقيقة
لأنه أحب أن يتحمل عنها العقيقة فقال لها لا تعقي عق هو وكفاها المؤنة
وأما قولهم إنها من فعل أهل الكتاب فالذي من فعلهم تخصيص الذكر بالعقيقة
دون الأنثى كما دل عليه لفظ الحديث فانه قال إن اليهود تعق عن الغلام
شاتين وعن الجارية شاةالفصل الخامس في اشتقاقها ومن أي شيء أخذت
قال أبو عمرو فأما العقيقة في اللغة فذكر أبو عبيد عن الأصمعي وغيره
أن أصلها الشعر الذي يكون على رأس الصبي حين يولد وإنما سميت
الشاة التي تذبح عنه عقيقة لأنه يحلق عنه ذلك الشعر عند الذبح قال ولهذا
قال أميطوا عنه الأذى يعني بذلك الشعر قال أبو عبيد وهذا مما قلت لك انهم
ربما سموا الشيء باسم غيره إذا كان معه أو من سببه فسميت الشاة عقيقة
لعقيقة الشعر وكذلك كل مولود من البهائم فإن الشعر الذي يكون عليه حين
يولد عقيقة وعقة قال زهير يذكر حمار وحش أذلك أم أقب البطن جأب ... عليه
من عقيقته عفاء قال يعني صغار الوبر وقال ابن الرقاع يصف حمارا تحسرت عقة
عنه فأنسلها ... واجتاب أخرى جديدا بعدما ابتقلا قال يريد أنه لما فطم من
الرضاع وأكل البقل ألقى عقيقته واجتاب أخرى قال
أبو عبيدة العقيقة والعقة في الناس والحمر ولم يسمع في غير ذلك انتهى كلام
أبي عبيد وقد أنكر الامام أحمد تفسير أبي عبيد
هذا للعقيقة وما ذكره عن الأصمعي وغيره في ذلك وقال إنما العقيقة الذبح
نفسه وقال ولا وجه لما قال أبو عبيد قال أبو عمرو واحتج بعض المتأخرين
لأحمد بن حنبل في قوله هذا بأن ما قال أحمد من ذلك فمعروف في اللغة لأنه
يقال عق إذا قطع ومنه عق والدية إذا قطعهما قال أبو عمرو ويشهد لقول أحمد
بن حنبل قول الشاعر بلاد بها عق الشباب تمائمه ... وأول أرض مس جلدي
ترابها يريد أنه لما شب قطعت عنه تمائه ومثل هذا قول ابن ميادة بلاد بها
نيصت علي تمائمي ... وقطعن عني حين أدركني عقلي قال أبو عمرو وقول أحمد في
معنى العقيقة في اللغة أولى من قول أبي عبيد
وأقرب وأصوب والله أعلم انتهى كلام أبي عمرو وقال الجوهري عق عن ولده يعق
عقا إذا ذبح يوم أسبوعه وكذلك إذا حلق عقيقته فجعل العقيقة لأمرين وهذا
أولى والله أعلم وأما قوله في الحديث لا أحب العقوق فهو تنبيه على كراهة
ما تنفر عنه
القلوب من الأسماء وكان رسول الله شديد الكراهة لذلك جدا حتى
كان يغير الاسم القبيح بالحسن ويترك النزول في الأرض القبيحة الاسم
والمرور بين الجبلين القبيح اسمهما وكان يحب الاسم الحسن والفأل الحسن وفي
الموطأ أن رسول الله قال للقحة من يحلب هذه فقام رجل فقال رسول الله
ما اسمك فقال له الرجل مرة فقال له رسول الله اجلس ثم قال من يحلب هذه
فقام رجل آخر فقال له رسول الله ما اسمك فقال حرب فقال له رسول الله اجلس
ثم قال من يحلب هذه فقام رجل فقال له ما اسمك فقال يعيش فقال له النبي
احلب رواه مرسلا في موطئه وأسنده ابن وهب في جامعه فقال حدثني ابن لهيعة
عن الحارث ابن يزيد عن عبد
الرحمن بن جبير عن يعيش الغفاري قال دعا النبي يوما بناقة فقال من يحلبها
فقام رجل فقال ما اسمك قال مرة قال اقعد فقام آخر فقال ما اسمك قال جمرة
قال اقعد ثم قام رجل فقال ما اسمك قال يعيش قال احلبها قال أبو عمر هذا من
باب الفأل الحسن لا من باب الطيرة وعندي فيه
وجه آخر وهو أن بين الاسم والمسمى علاقة ورابطة تناسبه وقلما يتخلف ذلك
فالألفاظ قوالب للمعاني والأسماء أقوال المسميات وقل إن أبصرت عيناك ذا
لقب ... إلا ومعناه إن فكرت في لقبه فقبح الاسم عنوان قبح المسمى كما أن
قبح الوجه عنوان قبح الباطن ومن هاهنا
والله أعلم أخذ عمرو بن الخطاب رضي الله عنه ما ذكره مالك أنه قال لرجل ما
اسمك فقال جمرة فقال ابن من قال ابن شهاب قال ممن قال من الحرقة قال أين
مسكنك قال بحرة النار قال بأيتها قال بذات لظى فقال عمر أدرك أهلك فقد
احترقوا فكان كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد ذكر ابن أبي خيثمة
من حديث بريدة كان رسول الله لا يتطير فركب بريدة
في سبعين راكبا من أهل بيته من بني أسلم فلقي النبي ليلا فقال له النبي من
أنت قال أنا بريدة فالتفت إلى أبي بكر وقال يا أبا بكر برد أمرنا وصلح ثم
قال ممن قلت من أسلم قال
لأبي بكر الآن سلمنا ثم قال ممن قال من سهم قال خرج سهمك ولما رأى سهيل بن
عمرو مقبلا يوم صلح الحديبية قال سهل أمر كم وانتهى في مسيره إلى جبلين
فسأل عن اسمهما فقال مخز وفاضح فعدل عنهما ولم يسلك بينهما وغير اسم عاصية
بجميلة واسم أصرم بزرعة قال أبو داود في السنن وغير النبي اسم العاص وعزيز
وعتلة وشيطان والحكم
وغراب وشهاب فسماه هشاما وسمى حربا أسلم وسمى المضطجع المنبعث وأرض عفرة
سماها خضرة وشعب الضلالة سماه شعب الهدى وبنو الزينة سماهم بني الرشدة
وهذا باب عجيب من أبواب الدين وهو العدول عن الاسم الذي تستقبحه العقول
وتنفر منه النفوس إلى الاسم الذي هو أحسن منه والنفوس
إليه أميل وكان النبي شديد الاعتناء بذلك حتى قال لا يقل أحدكم خبثت نفسي
ولكن ليقل لقست نفسي فلما كان اسم العقيقة بينه وبين العقوق تناسب وتشابه
كرهه وقال إن الله لا يحب العقوق ثم قال من ولد له مولود فأحب إن ينسك عنه
فليفعل الفصل السادس - هل تكره تسميتها عقيقة اختلفت فيه - فكرهت ذلك
طائفة واحتجوا بأن رسول الله كره الاسم فلا ينبغي
أن يطلق على هذه الذبيحة الاسم الذي كرهه قالوا فالواجب بظاهر هذا الحديث
أن يقال لها نسيكة ولا يقال لها عقيقية وقالت طائفة أخرى لا يكره ذلك
ورأوا إباحته واحتجوا بحديث سمرة الغلام مرتهن بعقيقته وبحديث سلمان بن
عامر مع الغلام عقيقته ففي هذين الحديثين لفظ العقيقة فدل على الإباحة لا
على الكراهة قال أبو عمر فدل ذلك على الكراهة في الاسم وعلى هذا كتب
الفقهاء في كل الأمصار ليس فيها إلا العقيقة لا النسيكة قال على أن حديث
مالك هذا ليس فيه التصريح بالكراهة وكذلك حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده إنما فيهما كأنه كره الاسم وقال من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل قلت
ونظير هذا اختلافهم في تسمية العشاء بالعتمة وفيه روايتان عن الامام
أحمد والتحقيق في الموضعين كراهة هجر الاسم المشروع من العشاء والنسيكة
والاستبدال به اسم العقيقة والعتمة فأما إذا كان المستعمل هو الاسم الشرعي
ولم يهجر وأطلق الاسم الآخر أحيانا فلا بأس بذلك وعلى هذا تتفق الأحاديث
وبالله التوفيق الفصل السابع - في ذكر الخلاف في وجوبها واستحبابها وحجج
الطائفتين قال ابن المنذر اختلفوا في وجوب العقيقة فقالت طائفة واجبة لأن
النبي أمر
بذلك وأمره على الفرض روينا عن الحسن البصري أنه قال في رجل لم يعق عنه
قال يعق عن نفسه وكان لا يرى على الجارية عقيقة قال وروي عن بريدة أن
الناس يعرضون على العقيقة يوم القيامة كما يعرضون على الصلوات الخمس قال
اسحاق بن راهويه حدثنا يعلى بن عبيد قال حدثنا صالح بن حبان عن ابن بريدة
عن أبيه أن الناس يعرضون يوم القيامة على العقيقة كما يعرضون على الصلوات
الخمس فقلت لابن بريدة وما العقيقة قال المولود يولد في الاسلام ينبغي أن
يعق عنه وقال أبو الزناد العقيقة من أمر المسلمين الذين كانوا يكرهون
تركه قال وروينا عن الحسن البصري أنه قال العقيقة عن الغلام واجبة يوم
سابعه وقال أبو عمر وأما اختلاف العلماء في وجوبها فذهب أهل الظاهر إلى أن
العقيقة واجبة فرضا منهم داود وغيره قالوا إن رسول الله أمر وعمل بها قال
الغلام مرتهن بعقيقته ومع الغلام عقيقته وقال عن الجارية شاة وعن الغلام
شاتان ونحو هذا من الأحاديث وكان بريدة الأسلمي يوجبها ويشبهها بالصلاة
وكان الحسن البصري يذهب إلى أنها واجبة عن الغلام يوم سابعه فإن لم يعق
عنه عق عن نفسه وقال الليث بن سعد يعق عن المولود أيام سابعه في أيها
شاؤوا فإن لم يتهيأ لهم العقيقة في سابعه فلا بأس أن يعق عنه بعد ذلك وليس
بواجب أن يعق عنه بعد سبعة أيام فكان الليث بن سعد يذهب إلى أنها واجبة في
السبعة الأيام وكان مالك يقول هي سنة واجبة يجب العمل بها وهو قول الشافعي
وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبي ثور والطبري هذا كلام أبي عمر قلت والسنة
والواجبة هند أصحاب مالك ما تأكد استحبابه وكره تركه فيسمونه
واجبا وجوب السنن ولهذا قالوا غسل الجمعة سنة واجبة والأضحية سنة واجبة
والعقيقة سنة واجبة وقد حكى أصحاب أحمد عنه في وجوبها روايتين وليس عنه نص
صريح في الوجوب ونحن نذكر نصوصه قال الخلال
في الجامع ذكر استحباب العقيقة وأنها غير غير واجبة أخبرنا سليمان بن
الأشعث قال سمعت أبا عبد الله سئل عن العقيقة ما هي قال الذبيحة وأنكر قول
الذي يقول هي حلق الرأس أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل حدثهم قال سألت
أبا عبد الله عن العقيقة
واجبة هي قال لا ولكن من أحب أن ينسك فلينسك قال وسألت أبا عبد الله عن
العقيقة أتوجبها قال لا ثم ذكر عن أحمد بن القاسم أن أبا عبد الله قيل له
في العقيقة واجبة هي قال أما واجبة فلا أدري ولا أقول واجبة ثم قال أشد
شيء فيه أن الرجل مرتهن بعقيقته وقال الأثرم قلت لأبي عبد الله العقيقة
واجبة قال لا وأشد شيء روي فيها
حديث الغلام مرتهن بعقيقته هو أشدها وقال حنبل قال أبو عبد الله لا أحب
لمن أمكنه وقدر أن لا يعق عن ولده ولا
يدعه لأن النبي قال الغلام مرتهن بعقيقته فهو أشد ما روي في العقيقة وقال
الحارث سألت أبا عبد الله عن العقيقة واجبة هي عن الغني
والفقير إذا ولد له أن يعق عنه قال أبو عبد الله قال الحسن عن سمرة عن
النبي كل غلام رهينة بعقيقته حتى يذبح عنه يوم سابعه ويحلق رأسه هذه سنة
رسول الله وآني لأحب أن تحيى هذه السنة أرجو أن يخلف الله عليه وقال إسحاق
بن إبراهيم سألت أبا عبد الله عن حديث النبي ما معناه الغلام
مرتهن بعقيقته قال نعم سنة النبي أن يعق عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة
فإذا لم يعق عنه فهو محتبس بعقيقته حتى يعق عنه وقال جعفر بن محمد قيل
لأبي عبد الله في العقيقة فان لم تكن عنده قال ليس
عليه شيء وقال الحارث قيل لأبي عبد الله في العقيقة فان لم يكن عنده يعني
ما يعق قال إن استقرض رجوت أن يخلف الله عليه أحيا سنة وقال صالح قلت لأبي
يولد للرجل وليس عنده ما يعق أحب إليك أن يستقرض ويعق
عنه أم يؤخر ذلك حتى يوسر فقال أشد ما سمعت في العقيقة حديث الحسن عن سمرة
عن النبي كل غلام رهينة بعقيقته
وإني لأرجو إن استقرض أن يعجل الله له الخلف لأنه أحيا سنة من سنن رسول
الله واتبع ما جاء به فهذه نصوصه كما ترى ولكن أصحابه فرعوا على القول
بالوجوب ثلاثة فروع أحدها هل هي واجبة على الصبي في ماله أو على أبيه
الثاني هل تجب الشاة على الذكر أو الشاتان الثالث إذا لم يعق عنه أبوه هل
تسقط أو يجب أن يعق عن نفسه إذا بلغ فأما الفرع الأول فحكموا فيه وجهين
أحدهما يجب على الأب وهو المنصوص عن أحمد قال إسماعيل بن سعيد الشالنجي
سألت أحمد عن الرجل يخبره والده أنه لم يعق عنه هل يعق عن نفسه قال ذلك
على الأب والثاني في مال الصبي وحجة من أوجبها على الأب أنه هو المأمور
بها كما
تقدم واحتج من أوجبها على الصبي بقوله الغلام مرتهن بعقيقته وهذا الحديث
يحتج به الطائفتان فان أوله الإخبار عن ارتهان الغلام بالعقيقة وآخره
الأمر بأن يراق عنه الدم قال الموجبون ويدل على الوجوب قوله عن الغلام
شاتان وعن الجارية شاة وهذا يدل على الوجوب لأن المعنى يجزىء عن الجارية
شاة وعن الغلام شاتان واحتجوا بحديث البخاري عن سلمان بن عامر عن النبي
قال مع الغلام
عقيقته فأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى قالوا وهذا يدل على الوجوب من
وجهين أحدهما قوله مع الغلام عقيقته وهذا ليس إخبارا عن الواقع بل عن
الواجب ثم أمرهم أن يخرجوا عنه هذا الذي معه فقال أهريقوا عنه دما قالوا
ويدل عليه أيضا حديث عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله أمر
بتسمية المولود يوم سابعه ووضع الأذى عنه والعق قالوا وروى الترمذي حدثنا
يحيى ابن خلف حدثنا بشر بن المفضل حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن
يوسف بن ماهك أنهم دخلوا على حفصة بنت عبد الرحمن فسألوها عن العقيقة
فأخبرتهم أن عائشة رضي الله عنها أخبرتها أن رسول الله أمرهم عن الغلام
شاتان وعن الجارية شاة قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وقال أبو بكر بن أبي
شيبة حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة حدثنا
عبد الله ابن عثمان بن خثيم عن يوسف بن ماهك عن حفصة بنت عبد الرحمن عن
عائشة رضي الله عنها قالت أمرنا رسول الله أن نعق عن الغلام شاتين وعن
الجارية شاة قال أبو بكر حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب حدثنا عبد الله بن
وهب قال حدثني
عمرو بن الحارث عن أيوب بن موسى أنه حدثه أن يزيد بن عبد المزني حدثه أن
النبي قال يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم قالوا وهذا خبر بمعنى الأمر قال
أبو بكر وحدثنا ابن فضيل عن يحيى بن سعيد عن محمد بن ابراهيم قال كان
يؤمر بالعقيقة ولو بعصفورفصل
قال القائلون بالاستحباب لو كانت واجبة لكان وجوبها معلوما من الدين
لأن ذلك مما تدعو الحاجة إليه وتعم به البلوى فكان رسول الله
يبين وجوبها للأمة بيانا عاما كافيا تقوم به الحجة وينقطع معه العذر قالوا
وقد علقها بمحبة فاعلها فقال من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فليفعل قالوا
وفعله لها لا يدل على الوجوب وإنما يدل على الاستحباب قالوا وقد روى أبو
داود من حديث عمرو بن شعيب أن النبي سئل عن العقيقة
فقال لا يحب الله العقوق كأنه كره الاسم وقال من ولد له ولد وأحب أن ينسك
عنه فليفعل عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة وهذا مرسل وقد رواه مرة عن
عمرو عن أبيه قال أراه عن جده وروى مالك عن زيد بن أسلم عن رجل من بني
ضمرة عن أبيه أن رسول الله سئل عن العقيقة فقال لا أحب العقوق وكأنه إنما
كره الاسم وقال من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل قال البيهقي وإذا انضم إلى
الأول قويا قلت وحديث عمرو بن شعيب قد جوده عبد
الرزاق فقال أخبرنا داود بن قيس قال سمعت عمرو بن شعيب يحدث عن أبيه عن
جده قال سئل النبي عن العقيقة فذكر الحديث الفصل الثامن - في الوقت الذي
تستحب فيه العقيقة قال أبو داود في كتاب المسائل سمعت أبا عبد الله يقول
العقيقة تذبح يوم
السابع وقال صالح بن أحمد قال أبي في العقيقة تذبح يوم السابع فإن لم يفعل
ففي أربع عشرة فإن لم يفعل ففي إحدى وعشرين وقال الميموني قلت لأبي عبد
الله متى يعق عنه قال أما عائشة فتقول سبعة أيام وأربعة عشرة ولأحد وعشرين
وقال أبو طالب قال أحمد تذبح العقيقة لأحد وعشرين يوما انتهى والحجة على
ذلك حديث سمرة المتقدم الغلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم
السابع ويسمى قال الترمذي حديث صحيح وقال عبد الله ابن وهب أخبرني محمد بن
عمرو عن ابن جريج عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت
عق رسول الله عن حسن وحسين يوم السابع وسماهما وأمر أن يماط عن رؤوسهما
الأذى وقال أبو بكر بن المنذر حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ قال حدثني أبو
جعفر
الرازي حدثنا أبو زهير عبد الرحمن بن مغراء حدثنا محمد بن اسحاق عن عمرو
بن شعيب عن أبيه عن جده قال أمرنا رسول الله حين سابع المولود بتسمية
وعقيقته ووضع الأذى عنه وهذا قول عامة أهل العلم ونحن نحكي ما بلغنا من
أقوالهم وأرفع من روي عنه
ذلك عائشة أم المؤمنين كما حكاه احمد عنها في رواية الميموني وكذلك قال
الحسن البصري وقتادة يعق عنه يوم سابعه وقال أبو عمر وكان الحسن البصري
يذهب إلى أنها واجبة عن الغلام يوم سابعه فإن لم يعق عنه عق عن نفسه وقال
الليث بن سعد يعق عن المولود في أيام سابعه فان لم يتهيأ لهم العقيقة في
سابعه فلا بأس أن يعق عنه بعد ذلك وليس بواجب أن يعق عنه بعد سبعة أيام
قال أبو عمر وكان الليث يذهب إلى أنها واجبة في السبعة الأيام وقال عطاء
إن اخطأ هم أمر العقيقة يوم السابع أحببت أن يؤخره إلى اليوم السابع الآخر
وكذلك قال احمد وإسحاق والشافعي ولم يزد مالك على السابع الثاني وقال ابن
وهب لا بأس أن يعق عنه في السابع الثالث وهو قول عائشة وعطاء واحمد وإسحاق
قال مالك ولا يعد اليوم الذي ولد فيه إلا أن يولد قبل الفجر من ليلة ذلك
اليوم والظاهر أن التقييد بذلك استحباب وإلا فلو ذبح عنه في الرابع أو
الثامن أو العاشر أو ما بعده أجزأت والاعتبار بالذبح لا بيوم الطبخ والأكل
الفصل التاسع في بيان أن العقيقة افضل من التصدق بثمنها ولو زاد
قال الخلال باب ما يستحب من العقيقة وفضلها على الصدقة اخبرنا
سليمان بن الأشعث قال سئل أبو عبد الله وأنا اسمع عن العقيقة
أحب إليك أو يدفع ثمنها للمساكين قال العقيقة وقال في رواية الحارث وقد
سئل عن العقيقة إن استقرض رجوت أن يخلف الله عليه أحيا سنة وقال له صالح
ابنه الرجل يولد له وليس عنده ما يعق أحب إليك أن يستقرض ويعق عنه أم يؤخر
ذلك حتى يوسر قال أشد ما سمعنا في العقيقة حديث الحسن عن سمرة عن النبي كل
غلام رهينة بعقيقته وإني لأرجو إن استقرض أن يعجل الله الخلف لأنه أحيا
سنة من سنن رسول الله واتبع ما جاء عنه انتهى وهذا لأنه سنة ونسيكة مشروعة
بسبب تجدد نعمة الله على الوالدين وفيها سر
بديع موروث عن فداء إسماعيل بالكبش الذي ذبح عنه وفداه الله به فصار سنة
في أولاده بعده أن يفدي أحدهم عند ولادته بذبح ولا يستنكر أن يكون هذا
حرزا له من الشيطان بعد ولادته كما كان ذكر اسم الله عند وضعه في الرحم
حرزا له من ضرر الشيطان ولهذا قل من يترك أبواه العقيقة عنه إلا وهو في
تخبيط من الشيطان وأسرار الشرع أعظم من هذا ولهذا كان الصواب أن الذكر
والأنثى يشتركان في مشروعية
العقيقة وإن تفاضلا في قدرها وأما أهل الكتاب فليست العقيقة عندهم للأنثى
وإنما هي للذكر خاصة وقد ذهب
إلى ذلك بعض السلف قال أبو بكر بن المنذر وفي هذا الباب قول ثالث قاله
الحسن وقتادة كانا لا يريان عن الجارية عقيقة وهذا قول ضعيف لا يلتفت إليه
والسنة تخالفه من وجوه كما سيأتي في الفصل الذي بعد هذا فكان الذبح في
موضعه أفضل من الصدقة بثمنه ولو زاد كالهدايا والأضاحي فإن
نفس الذبح وإراقة الدم مقصود فإنه عبادة مقرونة بالصلاة كما قال تعالى فصل
لربك وانحر وقال قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين الأنعام
162 ففي كل ملة صلاة ونسيكة لا يقوم غيرهما مقامهما ولهذا لو تصدق عن دم
المتعة والقران بأضعاف أضعاف القيمة لم يقم مقامه وكذلك الأضحية والله
أعلمالفصل العاشر في تفاضل الذكر والأنثى فيها واختلاف الناس في ذلك
وفيه مسألتان المسألة الأولى العقيقة سنة عن الجارية كما هي سنة عن الغلام
هذا قول جمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وقد تقدم ما حكاه
ابن المنذر عن الحسن وقتادة أنهما كانا لا يريان عن الجارية
عقيقة ولعلهما تمسكا بقوله مع الغلام عقيقته وهذا الحديث رواه
الحسن وقتادة من حديث سمرة والغلام اسم الذكر دون الأنثى ويرد هذا القول
حديث أم كرز أنها سألت رسول الله عن العقيقة فقال عن الغلام شاتان وعن
الجارية شاة لا يضر كم ذكرانا كن أم إناثا وهو حديث صحيح صححه الترمذي
وغيره وحديث عائشة أمرنا أن نعق عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة رواه ابن
أبي شيبة وقد تقدم إسناده وقال أبو عاصم حدثنا سالم بن تميم عن الأعرج عن
أبي هريرة أن النبي قال إن
اليهود تعق عن الغلام ولا تعق عن الجارية فعقوا عن الغلام شاتين وعن
الجارية شاة رواه البيهقي من هذا الطريق وقال مالك يذبح عن الغلام شاة
واحدة وعن الجارية شاة والذكر والأنثى في ذلك سواء واحتج لهذا القول بما
رواه أبو داود في سننه حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا أيوب عن
عكرمة عن ابن عباس أن رسول عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا كبشا قال أبو
عمر وروى جعفر عن محمد عن أبيه أن فاطمة ذبحت
عن الحسن والحسين كبشا كبشا قال وكان عبد الله بن عمر يعق عن الغلمان
والجواري من ولده شاة شاة وبه
قال أبو جعفر محمد بن علي بن حسين رضي الله عنهم أجمعين كقول مالك سواء
قال أبو عمر وقال ابن عباس وعائشة وجماعة من أهل الحديث عن الغلام شاتان
وعن الجارية شاة ثم ذكر طرف حديث أم كرز وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده يرفعه من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة
و لا تعارض بين أحاديث التفضيل بين الذكر والأنثى وبين حديث ابن عباس في
عقيقة الحسن والحسين فإن حديثه قد روي بلفظين أحدهما أنه عق عنهما كبشا
كبشا والثاني أنه عق عنهما كبشين ولعل الراوي أراد كبشين عن كل واحد منهما
فاقتصر على قوله كبشين ثم روي بالمعنى كبشا كبشا وذبحت أمهما عنهما كبشين
والحديثان كذلك رويا فكان أحد الكبشين من النبي والثاني من فاطمة واتفقت
جميع الأحاديث وهذه قاعدة الشريعة فإن الله سبحانه فاضل بين الذكر والأنثى
وجعل الأنثى على النصف من الذكر في المواريث والديات والشهادات والعتق و
العقيقة كما رواه الترمذي وصححه من حديث أبي أمامة عن النبي قال أيما
امرىء مسلم أعتق مسلما كان فكاكه من النار يجزىء كل عضو منه عضوا منه
وأيما امرىء مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار يجزىء كل عضو
منهما عضوا منه وفي مسند الامام أحمد من حديث مرة بن كعب السلمي عن النبي
أيما رجل أعتق رجلا مسلما كان فكاكه من النار يجزىء بكل عضو من أعضائه
عضوا من أعضائه وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة كانت فكاكها من النار
يجزىء بكل عضو من أعضائها عضوا من أعضائها رواه أبو داود في السنن فجرت
المفاضلة في العقيقة هذا المجرى لو لم يكن فيها سنة كيف والسنن الثابتة
صريحة بالتفضيل
الفصل الحادي عشر في ذكر الغرض من العقيقة وحكمها وفوائدها
قال الخلال في جامعه باب ذكر الغرض في العقيقة وما يؤمل لإحياء السنة من
الخلف ثم ذكر رواية الحارث أنه قال لأبي عبد الله في العقيقة فإن لم يكن
عنده ما يعق قال إن استقرض رجوت أن يخلف الله عليه أحيا سنة ومن رواية
صالح عن أبيه إني لأرجو إن استقرض أن يجعل الله له الخلف أحيا سنة من سنن
رسول الله واتبع ما جاء عنه ومن فوائدها أنها قربان يقرب به عن المولود في
أول أوقات خروجه إلى الدنيا
والمولود ينتفع بذلك غاية الانتفاع كما ينتفع بالدعاء له وإحضاره مواضع
المناسك والإحرام عنه وغير ذلك ومن فوائدها أنها تفك رهان المولود فإنه
مرتهن بعقيقته قال الامام أحمد مرتهن عن الشفاعة لوالديه وقال عطاء بن أبي
رباح مرتهن بعقيقته قال يحرم شفاعة ولده ومن فوائدها أنها فدية يفدى بها
المولود كما فدى الله سبحانه إسماعيل
الذبيح بالكبش وقد كان أهل الجاهلية يفعلونها ويسمونها عقيقة ويلطخون رأس
الصبي بدمها فأقر رسول الله الذبح وأبطل اسم العقوق ولطخ رأس الصبي بدمها
فقال لا أحب العقوق وقال لا يمس رأس
المولود بدم وأخبر أن ما يذبح عن المولود إنما ينبغي أن يكون
على سبيل النسك كالأضحية والهدي فقال من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل
فجعلها على سبيل الأضحية التي جعلها الله نسكا وفداء لإسماعيل عليه السلام
وقربه إلى الله عز و جل وغير مستبعد في حكمة الله في شرعه وقدره أن يكون
سببا لحسن إنبات الولد ودوام سلامته وطول حياته في حفظه من ضرر الشيطان
حتى يكون كل عضو منها فداء كل عضو منه ولهذا يستحب أن يقال عليها ما يقال
على الأضحية قال أبو طالب سألت أبا عبد الله إذا أراد الرجل أن يعق كيف
يقول قال يقول
باسم الله ويذبح على النية كما يضحي بنيته يقول هذه عقيقة فلان بن فلان
ولهذا يقول فيها اللهم منك ولك ويستحب فيها ما يستحب في الأضحية من الصدقة
وتفريق اللحم فالذبيحة عن الولد فيها معنى القربان والشكران والفداء
والصدقة وإطعام الطعام عند حوادث السرور العظام شكرا لله وإظهار لنعمته
التي هي غاية المقصود من النكاح فإذا شرع الإطعام للنكاح الذي هو وسيلة
إلى حصول هذه النعمة فلأن يشرع عند الغاية المطلوبة أولى وأحرى وشرع بوصف
الذبح المتضمن لما ذكرناه من الحكم فلا أحسن ولا أحلى في القلوب
من مثل هذه الشريعة في المولود وعلى نحو هذا جرت سنة الولائم في المناكح
وغيرها فإنها إظهار للفرح والسرور بإقامة شرائع
الإسلام وخروج نسمه مسلمة يكاثر بها رسول الله الأمم يوم القيامة تعبدا
لله ويراغم عدوه ولما أقر رسول الله العقيقة في الإسلام وأكد أمرها وأخبر
أن الغلام مرتهن
بها نهاهم أن يجعلوا على رأس الصبي من الدم شيئا وسن لهم أن يجعلوا عليه
شيئا من الزعفران لأنهم في الجاهلية إنما كانوا يلطخون رأس المولود بدم
العقيقة تبركا به فإن دم الذبيحة كان مباركا عندهم حتى كانوا يلطخون منه
آلهتهم تعظيما لها وإكراما فأمر بترك ذلك لما فيه من التشبه بالمشركين
وعوضوا عنه بما هو أنفع للأبوين وللمولود وللمساكين وهو حلق رأس الطفل
والتصدق بزنة شعره ذهبا أو فضة وسن لهم أن يلطخوا الرأس بالزعفران الطيب
الرائحة الحسن اللون بدلا عن الدم الخبيث الرائحة النجس العين والزعفران
من أطيب الطيب وألطفه وأحسنه لونا وكان حلق رأسه إماطة الأذى عنه وإزالة
الشعر الضعيف ليخلفه شعر أقوى وأمكن منه وأنفع للرأس ومع ما فيه من
التخفيف عن الصبي وفتح مسام الرأس ليخرج البخار منها بيسر وسهولة وفي ذلك
تقوية بصره وشمه وسمعه وشرع في المذبوح عن الذكر أن يكون شاتين إظهار
لشرفه وإباحة لمحله الذي
فضله الله به على الأنثى كما فضله في الميراث والدية
والشهادة وشرع أن تكون الشاتان مكافئتين قال أحمد في رواية أبي داود
مستويتان أو متقاربتان وقال في رواية الميموني مثلان في رواية جعفر بن
الحارث تشبه إحداهما الأخرى لأن كل شاة منهما كانت بدلا وفداء وجعلت
الشاتان مكافئتين في الجنس والسن فجعلتا كالشاة الواحدة والمعنى أن الفداء
لو وقع بالشاة الواحدة لكان ينبغي أن تكون فاضلة كاملة فلما وقع بالشاتين
لم يؤمن أن يتجوز في إحداهما ويهون أمرها إذ كان قد حصل الفداء بالواحدة
والأخرى كأنها تتمه غير مقصود فشرع أن تكونا متكافئتين دفعا لهذا التوهم
وفي هذا تنبيه على تهذيب العقيقة من العيوب التي لا يصح بها القربان من
الأضاحي وغيرها ومنها فك رهان المولود فإنه مرتهن بعقيقته كما قال النبي
اختلف في معنى هذا الحبس والارتهان فقالت طائفة هو محبوس مرتهن عن الشفاعة
لوالديه كما قال عطاء وتبعه عليه الامام أحمد وفيه نظر لا يخفى فإن شفاعة
الولد في الوالد ليست بأولى من العكس وكونه والدا له ليس للشفاعة فيه وكذا
سائر القرابات والارحام وقد قال تعالى يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا
يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا لقمان 33 وقال
تعالى
واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة البقرة 48 وقال
تعالى من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة البقرة 254 فلا
يشفع أحد لأحد يوم القيامة إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى فإذنه
سبحانه في الشفاعة موقوف على عمل المشفوع له من توحيده وإخلاصه ومن الشافع
من قربه عند الله ومنزلته ليست مستحقة بقرابة ولا بنوة ولا أبوة وقد قال
سيد الشفعاء وأوجههم عند الله لعمه ولعمته وابنته لا أغني عنكم من الله
شيئا وفي رواية لا أملك لكم من الله شيئا وقال في شفاعته العظمى لما يسجد
بين يدي ربه ويشفع فيحد لي حدا فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة فشفاعته في
حد محدود يحدهم الله سبحانه له لا يجاوزهم شفاعته فمن أين يقال إن الولد
يشفع لوالده فإذا لم يعق عنه حبس عن الشفاعة له ولا
يقال لمن لم يشفع لغيره إنه مرتهن ولا في اللفظ ما يدل على ذلك والله
سبحانه يخبر عن ارتهان العبد بكسبه كما قال الله تعالى كل
نفس بما كسبت رهينة المدثر 38 وقال تعالى أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا
الأنعام 70 فالمرتهن هو المحبوس إما بفعل منه أو فعل من غيره وأما من لم
يشفع لغيره فلا يقال له مرتهن على الإطلاق بل المرتهن هو المحبوس عن أمر
كان بصدد نيله وحصوله ولا يلزم من ذلك أن يكون بسبب منه بل يحصل ذلك تارة
بفعله وتارة بفعل غيره وقد جعل الله سبحانه النسيكة عن الولد سببا لفك
رهانه من الشيطان الذي يعلق به من حين خروجه إلى الدنيا وطعن في خاصرته
فكانت العقيقة فداء وتخليصا له من حبس الشيطان له وسجنه في أسره ومنعه له
من سعيه في مصالح آخرته التي إليها معاده فكأنه محبوس لذبح الشيطان له
بالسكين التي أعدها لأتباعه وأوليائه وأقسم لربه أنه ليستأصلن ذرية آدم
إلا قليلا منهم فهو بالمرصاد للمولود من حين يخرج إلى الدنيا فحين يخرج
يبتدره عدوه ويضمه إليه ويحرص على أن يجعله في قبضته وتحت أسره ومن جملة
أوليائه وحزبه فهو أحرص شيء على هذا وأكثر المولودين من أقطاعه وجنده كما
قال تعالى وشاركهم في الأموال
والأولاد الإسراء 64 وقال ولقد صدق عليهم إبليس ظنه سبأ 20 فكان المولود
بصدد هذا الارتهان فشرع الله سبحانه
للوالدين أن يفكا رهانه بذبح يكون فداه فإذا لم يذبح عنه بقي مرتهنا به
فلهذا قال النبي الغلام مرتهن بعقيقته فأريقوا عنه الدم وأميطوا عنه الأذى
فأمر بإراقة الدم عنه الذي يخلص به من الارتهان ولو كان الارتهان يتعلق
بالأبوين لقال فأريقوا عنكم الدم لتخلص إليكم شفاعة أولادكم فلما أمر
بإزالة الأذى الظاهر عنه وإراقة الدم الذي يزيل الأذى الباطن بارتهانه علم
أن ذلك تخليص للمولود من الأذى الباطن والظاهر والله أعلم بمراده ورسوله
فأما أهل الحديث قاطبة
وفقهاؤهم وجمهور أهل العلم فقالوا هي من سنة رسول
الله واحتجوا على ذلك بما رواه البخاري في صحيحه عن سلمان بن عمار الضبي
قال قال رسول الله مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى
وعن سمرة قال قال رسول الله كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه
ويسمى فيه ويحلق رأسه رواه أهل السنن كلهم وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح
وعن عائشة قالت قال رسول الله عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة
رواه الإمام أحمد والترمذي وقال حديث صحيح وفي لفظ أمرنا رسول الله أن نعق
عن الجارية شاة وعن
الغلام شاتين رواه الإمام أحمد في مسنده وعن أم كرز الكعبية
أنها سألت الرسول عن العقيقة فقال عن الغلام شاتان وعن الأنثى واحدة ولا
يضركم ذكرانا كن أو إناثا رواه أحمد والترمذي وقال هذا حديث صحيح وقال
الضحاك بن مخلد أنبأ أبو حفص سالم بن تميم عن أبيه عن عبد الرحمن
الأعرج عن أبي هريرة أن النبي قال إن اليهود تعق عن الغلام ولا تعق عن
الجارية فعقوا عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة ذكره البيهقي وعن ابن عباس
أن رسول الله عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا رواه
أبو داود والنسائي ولفظ النسائي بكبشين كبشين وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده أن رسول أمر بتسمية المولود يوم سابعه
ووضع الأذى عنه والعق قال الترمذي هذا حديث حسن غريب وعن بريدة الأسلمي
قال كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ
رأسه بدمها فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه
بزعفران رواه أبو داود وروى ابن المنكدر من حديث يحيى بن يحيى أنبأنا هشيم
عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه أن أبا بكرة ولد له ابنه عبد الرحمن وكان
أول مولود ولد بالبصرة فنحر عنه جزورا فأطعم أهل البصرة وأنكر بعضهم ذلك
وقال أمر رسول الله بشاتين عن الغلام وعن الجارية بشاة وعن الحسن عن سمرة
أن النبي قال في العقيقة كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح
عنه يوم سابعه ويحلق ويدمى قال أبو داود فكان
قتادة إذا سئل عن الدم كيف يصنع به قال إذا ذبحت العقيقة أخذت منها صوفة
واستقبلت بها أوداجها ثم توضع على يافوخ الصبي حتى يسيل على رأسه مثل
الخيط ثم يغسل رأسه ويحلق قال أبو داود وهذا وهم من همام بن يحيى يعني
ويدمى ثم ساقه من طريق أخرى
قال كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى قال أبو داود
ويسمى أصح وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة وقال الترمذي حديث حسن صحيح
وهذا الحديث قد سمعه الحسن من سمرة فذكره البخاري في صحيحه عن حبيب بن
الشهيد قال قال لي ابن سيرين سئل الحسن ممن سمع حديث العقيقة فسألته فقال
من سمرة بن جندب وقد ذكر البيهقي عن سلمان بن شرحبيل حدثنا يحيى بن حمزة
قال قلت لعطاء
الخرساني ما مرتهن بعقيقته قال يحرم شفاعة ولده وقال
اسحق بن هانيء سألت أبا عبد الله عن حديث النبي الغلام مرتهن بعقيقته ما
معناه قال نعم سنة النبي أن يعق عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة فإذا لم
يعق عنه فهو محتبس بعقيقته حتى يعق عنه وقال الأثرم قال أبو عبد الله ما
في هذه الأحاديث أوكد من هذا يعني في العقيقة كل غلام مرتهن بعقيقته وقال
يعقوب بن بختان سئل أبو عبد الله عن العقيقة فقال ما أعلم فيه شيئا أشد من
هذا الحديث الغلام مرتهن بعقيقته وقال حنبل قال أبو عبد الله ولا أحب لمن
أمكنه وقدر أن لا يعق عن ولده ولا يدعه لأن النبي قال الغلام مرتهن
بعقيقته وهو أشد ما روي فيه وإنما كره النبي من ذلك الاسم وأما الذبح
فالنبي قد فعل ذلك وقال أحمد بن القاسم قيل لأبي عبد الله العقيقة واجبة
هي فقال أما واجبة فلا أدري لا أقول واجبة ثم قال أشد شيء فيه أن الرجل
مرتهن بعقيقته وقد قال أحمد في موضع آخر مرتهن عن الشفاعة لوالديه وأما
قوله ويدمى فقد اختلف في هذه اللفظة فرواها همام عن يحيى
عن قتادة فقال ويدمى وفسرها قتادة بما تقدم حكايته وخالفه في ذلك أكثر أهل
العلم وقالوا هذا من فعل أهل الجاهلية وكرهه الزهري ومالك والشافعي وأحمد
وإسحاق قال أحمد أكره أن يدمى رأس الصبي هذا من فعل الجاهلية وقال عبد
الله بن أحمد سألت أبي عن العقيقة أيذبح ويدمى رأس الصبي أو الجارية فقال
أبي ولا يدمى وقال الخلال أخبرني العباس بن أحمد أن أبا عبد الله سئل عن
تلطيخ رأس الصبي بالدم فقال لا أحبه انه من فعل الجاهلية قيل له فان هماما
كان يقول يدميه فذكر أبو عبد الله عن رجل قال كان يقول يسميه ولا أحب قول
همام في هذا وأخبرنا أحمد بن هاشم الأنطاكي قال قال أحمد اختلف همام وسعيد
في العقيقة
قال أحدهما يدمى وقال الآخر يسمى وعن أحمد رواية أخرى أن التدمية سنة قال
الخلال أخبرني عصمة بن عصام قال حدثنا حنبل قال سمعت أبا عبد الله في
الصبي يدمى رأسه قال هذه سنة ومذهبه الذي رواه عنه كافة أصحابه الكراهية
قال الخلال وأخبرني عصمة بن عصام في موضع آخر حدثنا حنبل قال سمعت أبا عبد
الله يقول يحلق رأس الصبي وأخبرني محمد بن علي حدثنا صالح وأنبأ أحمد بن
محمد ابن حازم حدثنا إسحاق كلهم يذكر عن أبي عبد الله قال الدم مكروه
لم يرو إلا في حديث سمرة أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل حدثهم أنه قال
لأبي عبد الله فيحلق رأسه قال نعم قلت فيدمى قال لا هذا من فعل الجاهلية
قلت فحديث قتادة عن الحسن كيف هو ويدمى فقال أما همام فيقول ويدمى وأما
سعيد فيقول ويسمى وقال في رواية الأثرم قال ابن أبي عروبة يسمى وقال همام
ويدمى وما أراه إلا خطأ وقد قال أبو عبد الله ابن ماجة في سننه حدثنا يعقوب
بن حميد بن كاسب حدثنا
عبد الله بن وهب حدثني عمرو بن الحارث عن أيوب بن موسى أنه حدثه عن يزيد
بن عبد المزني أن النبي قال يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم وقد تقدم حديث
بريدة كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها فلما
جاء الإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران وقد روى البيهقي
وغيره من حديث ابن جريج عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت كان أهل
الجاهلية يجعلون قطنة في دم العقيقة ويجعلونه على رأس الصبي فأمر النبي أن
يجعل مكان الدم خلوقا قال ابن المنذر ثبت أن النبي قال أهريقوا عليه دما
وأميطوا عنه الأذى والدم أذى فإذا كان النبي قد أمرنا بإماطة الأذى عنه
والدم أذى وهو من أكبر الأذى فغير جائز أن ينجس رأس الصبي بالدم
الفصل وفقهاؤهم وجمهور أهل العلم فقالوا هي من سنة رسول
الله واحتجوا على ذلك بما رواه البخاري في صحيحه عن سلمان بن عمار الضبي
قال قال رسول الله مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى
وعن سمرة قال قال رسول الله كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه
ويسمى فيه ويحلق رأسه رواه أهل السنن كلهم وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح
وعن عائشة قالت قال رسول الله عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة
رواه الإمام أحمد والترمذي وقال حديث صحيح وفي لفظ أمرنا رسول الله أن نعق
عن الجارية شاة وعن
الغلام شاتين رواه الإمام أحمد في مسنده وعن أم كرز الكعبية
أنها سألت الرسول عن العقيقة فقال عن الغلام شاتان وعن الأنثى واحدة ولا
يضركم ذكرانا كن أو إناثا رواه أحمد والترمذي وقال هذا حديث صحيح وقال
الضحاك بن مخلد أنبأ أبو حفص سالم بن تميم عن أبيه عن عبد الرحمن
الأعرج عن أبي هريرة أن النبي قال إن اليهود تعق عن الغلام ولا تعق عن
الجارية فعقوا عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة ذكره البيهقي وعن ابن عباس
أن رسول الله عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا رواه
أبو داود والنسائي ولفظ النسائي بكبشين كبشين وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده أن رسول أمر بتسمية المولود يوم سابعه
ووضع الأذى عنه والعق قال الترمذي هذا حديث حسن غريب وعن بريدة الأسلمي
قال كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ
رأسه بدمها فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه
بزعفران رواه أبو داود وروى ابن المنكدر من حديث يحيى بن يحيى أنبأنا هشيم
عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه أن أبا بكرة ولد له ابنه عبد الرحمن وكان
أول مولود ولد بالبصرة فنحر عنه جزورا فأطعم أهل البصرة وأنكر بعضهم ذلك
وقال أمر رسول الله بشاتين عن الغلام وعن الجارية بشاة وعن الحسن عن سمرة
أن النبي قال في العقيقة كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح
عنه يوم سابعه ويحلق ويدمى قال أبو داود فكان
قتادة إذا سئل عن الدم كيف يصنع به قال إذا ذبحت العقيقة أخذت منها صوفة
واستقبلت بها أوداجها ثم توضع على يافوخ الصبي حتى يسيل على رأسه مثل
الخيط ثم يغسل رأسه ويحلق قال أبو داود وهذا وهم من همام بن يحيى يعني
ويدمى ثم ساقه من طريق أخرى
قال كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى قال أبو داود
ويسمى أصح وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة وقال الترمذي حديث حسن صحيح
وهذا الحديث قد سمعه الحسن من سمرة فذكره البخاري في صحيحه عن حبيب بن
الشهيد قال قال لي ابن سيرين سئل الحسن ممن سمع حديث العقيقة فسألته فقال
من سمرة بن جندب وقد ذكر البيهقي عن سلمان بن شرحبيل حدثنا يحيى بن حمزة
قال قلت لعطاء
الخرساني ما مرتهن بعقيقته قال يحرم شفاعة ولده وقال
اسحق بن هانيء سألت أبا عبد الله عن حديث النبي الغلام مرتهن بعقيقته ما
معناه قال نعم سنة النبي أن يعق عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة فإذا لم
يعق عنه فهو محتبس بعقيقته حتى يعق عنه وقال الأثرم قال أبو عبد الله ما
في هذه الأحاديث أوكد من هذا يعني في العقيقة كل غلام مرتهن بعقيقته وقال
يعقوب بن بختان سئل أبو عبد الله عن العقيقة فقال ما أعلم فيه شيئا أشد من
هذا الحديث الغلام مرتهن بعقيقته وقال حنبل قال أبو عبد الله ولا أحب لمن
أمكنه وقدر أن لا يعق عن ولده ولا يدعه لأن النبي قال الغلام مرتهن
بعقيقته وهو أشد ما روي فيه وإنما كره النبي من ذلك الاسم وأما الذبح
فالنبي قد فعل ذلك وقال أحمد بن القاسم قيل لأبي عبد الله العقيقة واجبة
هي فقال أما واجبة فلا أدري لا أقول واجبة ثم قال أشد شيء فيه أن الرجل
مرتهن بعقيقته وقد قال أحمد في موضع آخر مرتهن عن الشفاعة لوالديه وأما
قوله ويدمى فقد اختلف في هذه اللفظة فرواها همام عن يحيى
عن قتادة فقال ويدمى وفسرها قتادة بما تقدم حكايته وخالفه في ذلك أكثر أهل
العلم وقالوا هذا من فعل أهل الجاهلية وكرهه الزهري ومالك والشافعي وأحمد
وإسحاق قال أحمد أكره أن يدمى رأس الصبي هذا من فعل الجاهلية وقال عبد
الله بن أحمد سألت أبي عن العقيقة أيذبح ويدمى رأس الصبي أو الجارية فقال
أبي ولا يدمى وقال الخلال أخبرني العباس بن أحمد أن أبا عبد الله سئل عن
تلطيخ رأس الصبي بالدم فقال لا أحبه انه من فعل الجاهلية قيل له فان هماما
كان يقول يدميه فذكر أبو عبد الله عن رجل قال كان يقول يسميه ولا أحب قول
همام في هذا وأخبرنا أحمد بن هاشم الأنطاكي قال قال أحمد اختلف همام وسعيد
في العقيقة
قال أحدهما يدمى وقال الآخر يسمى وعن أحمد رواية أخرى أن التدمية سنة قال
الخلال أخبرني عصمة بن عصام قال حدثنا حنبل قال سمعت أبا عبد الله في
الصبي يدمى رأسه قال هذه سنة ومذهبه الذي رواه عنه كافة أصحابه الكراهية
قال الخلال وأخبرني عصمة بن عصام في موضع آخر حدثنا حنبل قال سمعت أبا عبد
الله يقول يحلق رأس الصبي وأخبرني محمد بن علي حدثنا صالح وأنبأ أحمد بن
محمد ابن حازم حدثنا إسحاق كلهم يذكر عن أبي عبد الله قال الدم مكروه
لم يرو إلا في حديث سمرة أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل حدثهم أنه قال
لأبي عبد الله فيحلق رأسه قال نعم قلت فيدمى قال لا هذا من فعل الجاهلية
قلت فحديث قتادة عن الحسن كيف هو ويدمى فقال أما همام فيقول ويدمى وأما
سعيد فيقول ويسمى وقال في رواية الأثرم قال ابن أبي عروبة يسمى وقال همام
ويدمى وما أراه إلا خطأ وقد قال أبو عبد الله ابن ماجة في سننه حدثنا يعقوب
بن حميد بن كاسب حدثنا
عبد الله بن وهب حدثني عمرو بن الحارث عن أيوب بن موسى أنه حدثه عن يزيد
بن عبد المزني أن النبي قال يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم وقد تقدم حديث
بريدة كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها فلما
جاء الإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران وقد روى البيهقي
وغيره من حديث ابن جريج عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت كان أهل
الجاهلية يجعلون قطنة في دم العقيقة ويجعلونه على رأس الصبي فأمر النبي أن
يجعل مكان الدم خلوقا قال ابن المنذر ثبت أن النبي قال أهريقوا عليه دما
وأميطوا عنه الأذى والدم أذى فإذا كان النبي قد أمرنا بإماطة الأذى عنه
والدم أذى وهو من أكبر الأذى فغير جائز أن ينجس رأس الصبي بالدم
الرابع في الجواب عن حجج من كرهها
قال الإمام أحمد في رواية حنبل وقد حكي عن بعض من كرهها أنها من أمر
الجاهلية قال هذا لقلة علمهم وعدم معرفتهم بالأخبار والنبي قد عق عن الحسن
والحسين وفعله أصحابه وجعلها هؤلاء من أمر الجاهلية والعقيقة سنة عن رسول
الله وقد قال الغلام مرتهن بعقيقته وهو - إسناد جيد - يرويه أبو هريرة عن
النبي وقال في رواية
الأثرم في العقيقة أحاديث عن النبي مسندة وعن أصحابه وعن
التابعين وقال هؤلاء هي من عمل الجاهلية وتبسم كالمعجب وقال الميموني قلت
لأبي عبد الله يثبت عن النبي في العقيقة شيء فقال أي
والله غير حديث عن النبي عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة قلت له فتلك
الأحاديث التي يعترض فيها فقال ليست بشيء لا يعبأ بها وأما أحاديث عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله قال لا أحب العقوق فسياق الحديث من أدلة
الاستحباب فان لفظه هكذا سئل رسول الله عن العقيقة فقال لا أحب العقوق
وكأنه كره الاسم فقالوا يا رسول الله إنما نسألك عن أحدنا يولد له ولد
فقال من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان مكافئتان وعن
الجارية شاة وأما حديث أبي رافع فلا يصح وقد قال الإمام أحمد في هذه
الأحاديث المعارضة لأحاديث العقيقة ليست بشيء لا يعبأ بها وقد استفاضت
الأحاديث بأن النبي عق عن الحسن والحسين فروى أبو أيوب عن عكرمة عن ابن
عباس أن رسول الله عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا ذكره أبو
داود وقد ذكر جرير بن حازم عن قتادة عن أنس أن النبي عق عن الحسن والحسين
كبشين وذكر يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت عق رسول الله عن الحسن
والحسين يوم السابع ولو صح قوله لا تعقي عنه لم يدل ذلك على كراهة العقيقة
لأنه أحب أن يتحمل عنها العقيقة فقال لها لا تعقي عق هو وكفاها المؤنة
وأما قولهم إنها من فعل أهل الكتاب فالذي من فعلهم تخصيص الذكر بالعقيقة
دون الأنثى كما دل عليه لفظ الحديث فانه قال إن اليهود تعق عن الغلام
شاتين وعن الجارية شاة
قال أبو عمرو فأما العقيقة في اللغة فذكر أبو عبيد عن الأصمعي وغيره
أن أصلها الشعر الذي يكون على رأس الصبي حين يولد وإنما سميت
الشاة التي تذبح عنه عقيقة لأنه يحلق عنه ذلك الشعر عند الذبح قال ولهذا
قال أميطوا عنه الأذى يعني بذلك الشعر قال أبو عبيد وهذا مما قلت لك انهم
ربما سموا الشيء باسم غيره إذا كان معه أو من سببه فسميت الشاة عقيقة
لعقيقة الشعر وكذلك كل مولود من البهائم فإن الشعر الذي يكون عليه حين
يولد عقيقة وعقة قال زهير يذكر حمار وحش أذلك أم أقب البطن جأب ... عليه
من عقيقته عفاء قال يعني صغار الوبر وقال ابن الرقاع يصف حمارا تحسرت عقة
عنه فأنسلها ... واجتاب أخرى جديدا بعدما ابتقلا قال يريد أنه لما فطم من
الرضاع وأكل البقل ألقى عقيقته واجتاب أخرى قال
أبو عبيدة العقيقة والعقة في الناس والحمر ولم يسمع في غير ذلك انتهى كلام
أبي عبيد وقد أنكر الامام أحمد تفسير أبي عبيد
هذا للعقيقة وما ذكره عن الأصمعي وغيره في ذلك وقال إنما العقيقة الذبح
نفسه وقال ولا وجه لما قال أبو عبيد قال أبو عمرو واحتج بعض المتأخرين
لأحمد بن حنبل في قوله هذا بأن ما قال أحمد من ذلك فمعروف في اللغة لأنه
يقال عق إذا قطع ومنه عق والدية إذا قطعهما قال أبو عمرو ويشهد لقول أحمد
بن حنبل قول الشاعر بلاد بها عق الشباب تمائمه ... وأول أرض مس جلدي
ترابها يريد أنه لما شب قطعت عنه تمائه ومثل هذا قول ابن ميادة بلاد بها
نيصت علي تمائمي ... وقطعن عني حين أدركني عقلي قال أبو عمرو وقول أحمد في
معنى العقيقة في اللغة أولى من قول أبي عبيد
وأقرب وأصوب والله أعلم انتهى كلام أبي عمرو وقال الجوهري عق عن ولده يعق
عقا إذا ذبح يوم أسبوعه وكذلك إذا حلق عقيقته فجعل العقيقة لأمرين وهذا
أولى والله أعلم وأما قوله في الحديث لا أحب العقوق فهو تنبيه على كراهة
ما تنفر عنه
القلوب من الأسماء وكان رسول الله شديد الكراهة لذلك جدا حتى
كان يغير الاسم القبيح بالحسن ويترك النزول في الأرض القبيحة الاسم
والمرور بين الجبلين القبيح اسمهما وكان يحب الاسم الحسن والفأل الحسن وفي
الموطأ أن رسول الله قال للقحة من يحلب هذه فقام رجل فقال رسول الله
ما اسمك فقال له الرجل مرة فقال له رسول الله اجلس ثم قال من يحلب هذه
فقام رجل آخر فقال له رسول الله ما اسمك فقال حرب فقال له رسول الله اجلس
ثم قال من يحلب هذه فقام رجل فقال له ما اسمك فقال يعيش فقال له النبي
احلب رواه مرسلا في موطئه وأسنده ابن وهب في جامعه فقال حدثني ابن لهيعة
عن الحارث ابن يزيد عن عبد
الرحمن بن جبير عن يعيش الغفاري قال دعا النبي يوما بناقة فقال من يحلبها
فقام رجل فقال ما اسمك قال مرة قال اقعد فقام آخر فقال ما اسمك قال جمرة
قال اقعد ثم قام رجل فقال ما اسمك قال يعيش قال احلبها قال أبو عمر هذا من
باب الفأل الحسن لا من باب الطيرة وعندي فيه
وجه آخر وهو أن بين الاسم والمسمى علاقة ورابطة تناسبه وقلما يتخلف ذلك
فالألفاظ قوالب للمعاني والأسماء أقوال المسميات وقل إن أبصرت عيناك ذا
لقب ... إلا ومعناه إن فكرت في لقبه فقبح الاسم عنوان قبح المسمى كما أن
قبح الوجه عنوان قبح الباطن ومن هاهنا
والله أعلم أخذ عمرو بن الخطاب رضي الله عنه ما ذكره مالك أنه قال لرجل ما
اسمك فقال جمرة فقال ابن من قال ابن شهاب قال ممن قال من الحرقة قال أين
مسكنك قال بحرة النار قال بأيتها قال بذات لظى فقال عمر أدرك أهلك فقد
احترقوا فكان كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد ذكر ابن أبي خيثمة
من حديث بريدة كان رسول الله لا يتطير فركب بريدة
في سبعين راكبا من أهل بيته من بني أسلم فلقي النبي ليلا فقال له النبي من
أنت قال أنا بريدة فالتفت إلى أبي بكر وقال يا أبا بكر برد أمرنا وصلح ثم
قال ممن قلت من أسلم قال
لأبي بكر الآن سلمنا ثم قال ممن قال من سهم قال خرج سهمك ولما رأى سهيل بن
عمرو مقبلا يوم صلح الحديبية قال سهل أمر كم وانتهى في مسيره إلى جبلين
فسأل عن اسمهما فقال مخز وفاضح فعدل عنهما ولم يسلك بينهما وغير اسم عاصية
بجميلة واسم أصرم بزرعة قال أبو داود في السنن وغير النبي اسم العاص وعزيز
وعتلة وشيطان والحكم
وغراب وشهاب فسماه هشاما وسمى حربا أسلم وسمى المضطجع المنبعث وأرض عفرة
سماها خضرة وشعب الضلالة سماه شعب الهدى وبنو الزينة سماهم بني الرشدة
وهذا باب عجيب من أبواب الدين وهو العدول عن الاسم الذي تستقبحه العقول
وتنفر منه النفوس إلى الاسم الذي هو أحسن منه والنفوس
إليه أميل وكان النبي شديد الاعتناء بذلك حتى قال لا يقل أحدكم خبثت نفسي
ولكن ليقل لقست نفسي فلما كان اسم العقيقة بينه وبين العقوق تناسب وتشابه
كرهه وقال إن الله لا يحب العقوق ثم قال من ولد له مولود فأحب إن ينسك عنه
فليفعل الفصل السادس - هل تكره تسميتها عقيقة اختلفت فيه - فكرهت ذلك
طائفة واحتجوا بأن رسول الله كره الاسم فلا ينبغي
أن يطلق على هذه الذبيحة الاسم الذي كرهه قالوا فالواجب بظاهر هذا الحديث
أن يقال لها نسيكة ولا يقال لها عقيقية وقالت طائفة أخرى لا يكره ذلك
ورأوا إباحته واحتجوا بحديث سمرة الغلام مرتهن بعقيقته وبحديث سلمان بن
عامر مع الغلام عقيقته ففي هذين الحديثين لفظ العقيقة فدل على الإباحة لا
على الكراهة قال أبو عمر فدل ذلك على الكراهة في الاسم وعلى هذا كتب
الفقهاء في كل الأمصار ليس فيها إلا العقيقة لا النسيكة قال على أن حديث
مالك هذا ليس فيه التصريح بالكراهة وكذلك حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده إنما فيهما كأنه كره الاسم وقال من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل قلت
ونظير هذا اختلافهم في تسمية العشاء بالعتمة وفيه روايتان عن الامام
أحمد والتحقيق في الموضعين كراهة هجر الاسم المشروع من العشاء والنسيكة
والاستبدال به اسم العقيقة والعتمة فأما إذا كان المستعمل هو الاسم الشرعي
ولم يهجر وأطلق الاسم الآخر أحيانا فلا بأس بذلك وعلى هذا تتفق الأحاديث
وبالله التوفيق الفصل السابع - في ذكر الخلاف في وجوبها واستحبابها وحجج
الطائفتين قال ابن المنذر اختلفوا في وجوب العقيقة فقالت طائفة واجبة لأن
النبي أمر
بذلك وأمره على الفرض روينا عن الحسن البصري أنه قال في رجل لم يعق عنه
قال يعق عن نفسه وكان لا يرى على الجارية عقيقة قال وروي عن بريدة أن
الناس يعرضون على العقيقة يوم القيامة كما يعرضون على الصلوات الخمس قال
اسحاق بن راهويه حدثنا يعلى بن عبيد قال حدثنا صالح بن حبان عن ابن بريدة
عن أبيه أن الناس يعرضون يوم القيامة على العقيقة كما يعرضون على الصلوات
الخمس فقلت لابن بريدة وما العقيقة قال المولود يولد في الاسلام ينبغي أن
يعق عنه وقال أبو الزناد العقيقة من أمر المسلمين الذين كانوا يكرهون
تركه قال وروينا عن الحسن البصري أنه قال العقيقة عن الغلام واجبة يوم
سابعه وقال أبو عمر وأما اختلاف العلماء في وجوبها فذهب أهل الظاهر إلى أن
العقيقة واجبة فرضا منهم داود وغيره قالوا إن رسول الله أمر وعمل بها قال
الغلام مرتهن بعقيقته ومع الغلام عقيقته وقال عن الجارية شاة وعن الغلام
شاتان ونحو هذا من الأحاديث وكان بريدة الأسلمي يوجبها ويشبهها بالصلاة
وكان الحسن البصري يذهب إلى أنها واجبة عن الغلام يوم سابعه فإن لم يعق
عنه عق عن نفسه وقال الليث بن سعد يعق عن المولود أيام سابعه في أيها
شاؤوا فإن لم يتهيأ لهم العقيقة في سابعه فلا بأس أن يعق عنه بعد ذلك وليس
بواجب أن يعق عنه بعد سبعة أيام فكان الليث بن سعد يذهب إلى أنها واجبة في
السبعة الأيام وكان مالك يقول هي سنة واجبة يجب العمل بها وهو قول الشافعي
وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبي ثور والطبري هذا كلام أبي عمر قلت والسنة
والواجبة هند أصحاب مالك ما تأكد استحبابه وكره تركه فيسمونه
واجبا وجوب السنن ولهذا قالوا غسل الجمعة سنة واجبة والأضحية سنة واجبة
والعقيقة سنة واجبة وقد حكى أصحاب أحمد عنه في وجوبها روايتين وليس عنه نص
صريح في الوجوب ونحن نذكر نصوصه قال الخلال
في الجامع ذكر استحباب العقيقة وأنها غير غير واجبة أخبرنا سليمان بن
الأشعث قال سمعت أبا عبد الله سئل عن العقيقة ما هي قال الذبيحة وأنكر قول
الذي يقول هي حلق الرأس أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل حدثهم قال سألت
أبا عبد الله عن العقيقة
واجبة هي قال لا ولكن من أحب أن ينسك فلينسك قال وسألت أبا عبد الله عن
العقيقة أتوجبها قال لا ثم ذكر عن أحمد بن القاسم أن أبا عبد الله قيل له
في العقيقة واجبة هي قال أما واجبة فلا أدري ولا أقول واجبة ثم قال أشد
شيء فيه أن الرجل مرتهن بعقيقته وقال الأثرم قلت لأبي عبد الله العقيقة
واجبة قال لا وأشد شيء روي فيها
حديث الغلام مرتهن بعقيقته هو أشدها وقال حنبل قال أبو عبد الله لا أحب
لمن أمكنه وقدر أن لا يعق عن ولده ولا
يدعه لأن النبي قال الغلام مرتهن بعقيقته فهو أشد ما روي في العقيقة وقال
الحارث سألت أبا عبد الله عن العقيقة واجبة هي عن الغني
والفقير إذا ولد له أن يعق عنه قال أبو عبد الله قال الحسن عن سمرة عن
النبي كل غلام رهينة بعقيقته حتى يذبح عنه يوم سابعه ويحلق رأسه هذه سنة
رسول الله وآني لأحب أن تحيى هذه السنة أرجو أن يخلف الله عليه وقال إسحاق
بن إبراهيم سألت أبا عبد الله عن حديث النبي ما معناه الغلام
مرتهن بعقيقته قال نعم سنة النبي أن يعق عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة
فإذا لم يعق عنه فهو محتبس بعقيقته حتى يعق عنه وقال جعفر بن محمد قيل
لأبي عبد الله في العقيقة فان لم تكن عنده قال ليس
عليه شيء وقال الحارث قيل لأبي عبد الله في العقيقة فان لم يكن عنده يعني
ما يعق قال إن استقرض رجوت أن يخلف الله عليه أحيا سنة وقال صالح قلت لأبي
يولد للرجل وليس عنده ما يعق أحب إليك أن يستقرض ويعق
عنه أم يؤخر ذلك حتى يوسر فقال أشد ما سمعت في العقيقة حديث الحسن عن سمرة
عن النبي كل غلام رهينة بعقيقته
وإني لأرجو إن استقرض أن يعجل الله له الخلف لأنه أحيا سنة من سنن رسول
الله واتبع ما جاء به فهذه نصوصه كما ترى ولكن أصحابه فرعوا على القول
بالوجوب ثلاثة فروع أحدها هل هي واجبة على الصبي في ماله أو على أبيه
الثاني هل تجب الشاة على الذكر أو الشاتان الثالث إذا لم يعق عنه أبوه هل
تسقط أو يجب أن يعق عن نفسه إذا بلغ فأما الفرع الأول فحكموا فيه وجهين
أحدهما يجب على الأب وهو المنصوص عن أحمد قال إسماعيل بن سعيد الشالنجي
سألت أحمد عن الرجل يخبره والده أنه لم يعق عنه هل يعق عن نفسه قال ذلك
على الأب والثاني في مال الصبي وحجة من أوجبها على الأب أنه هو المأمور
بها كما
تقدم واحتج من أوجبها على الصبي بقوله الغلام مرتهن بعقيقته وهذا الحديث
يحتج به الطائفتان فان أوله الإخبار عن ارتهان الغلام بالعقيقة وآخره
الأمر بأن يراق عنه الدم قال الموجبون ويدل على الوجوب قوله عن الغلام
شاتان وعن الجارية شاة وهذا يدل على الوجوب لأن المعنى يجزىء عن الجارية
شاة وعن الغلام شاتان واحتجوا بحديث البخاري عن سلمان بن عامر عن النبي
قال مع الغلام
عقيقته فأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى قالوا وهذا يدل على الوجوب من
وجهين أحدهما قوله مع الغلام عقيقته وهذا ليس إخبارا عن الواقع بل عن
الواجب ثم أمرهم أن يخرجوا عنه هذا الذي معه فقال أهريقوا عنه دما قالوا
ويدل عليه أيضا حديث عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله أمر
بتسمية المولود يوم سابعه ووضع الأذى عنه والعق قالوا وروى الترمذي حدثنا
يحيى ابن خلف حدثنا بشر بن المفضل حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن
يوسف بن ماهك أنهم دخلوا على حفصة بنت عبد الرحمن فسألوها عن العقيقة
فأخبرتهم أن عائشة رضي الله عنها أخبرتها أن رسول الله أمرهم عن الغلام
شاتان وعن الجارية شاة قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وقال أبو بكر بن أبي
شيبة حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة حدثنا
عبد الله ابن عثمان بن خثيم عن يوسف بن ماهك عن حفصة بنت عبد الرحمن عن
عائشة رضي الله عنها قالت أمرنا رسول الله أن نعق عن الغلام شاتين وعن
الجارية شاة قال أبو بكر حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب حدثنا عبد الله بن
وهب قال حدثني
عمرو بن الحارث عن أيوب بن موسى أنه حدثه أن يزيد بن عبد المزني حدثه أن
النبي قال يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم قالوا وهذا خبر بمعنى الأمر قال
أبو بكر وحدثنا ابن فضيل عن يحيى بن سعيد عن محمد بن ابراهيم قال كان
يؤمر بالعقيقة ولو بعصفور
قال القائلون بالاستحباب لو كانت واجبة لكان وجوبها معلوما من الدين
لأن ذلك مما تدعو الحاجة إليه وتعم به البلوى فكان رسول الله
يبين وجوبها للأمة بيانا عاما كافيا تقوم به الحجة وينقطع معه العذر قالوا
وقد علقها بمحبة فاعلها فقال من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فليفعل قالوا
وفعله لها لا يدل على الوجوب وإنما يدل على الاستحباب قالوا وقد روى أبو
داود من حديث عمرو بن شعيب أن النبي سئل عن العقيقة
فقال لا يحب الله العقوق كأنه كره الاسم وقال من ولد له ولد وأحب أن ينسك
عنه فليفعل عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة وهذا مرسل وقد رواه مرة عن
عمرو عن أبيه قال أراه عن جده وروى مالك عن زيد بن أسلم عن رجل من بني
ضمرة عن أبيه أن رسول الله سئل عن العقيقة فقال لا أحب العقوق وكأنه إنما
كره الاسم وقال من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل قال البيهقي وإذا انضم إلى
الأول قويا قلت وحديث عمرو بن شعيب قد جوده عبد
الرزاق فقال أخبرنا داود بن قيس قال سمعت عمرو بن شعيب يحدث عن أبيه عن
جده قال سئل النبي عن العقيقة فذكر الحديث الفصل الثامن - في الوقت الذي
تستحب فيه العقيقة قال أبو داود في كتاب المسائل سمعت أبا عبد الله يقول
العقيقة تذبح يوم
السابع وقال صالح بن أحمد قال أبي في العقيقة تذبح يوم السابع فإن لم يفعل
ففي أربع عشرة فإن لم يفعل ففي إحدى وعشرين وقال الميموني قلت لأبي عبد
الله متى يعق عنه قال أما عائشة فتقول سبعة أيام وأربعة عشرة ولأحد وعشرين
وقال أبو طالب قال أحمد تذبح العقيقة لأحد وعشرين يوما انتهى والحجة على
ذلك حديث سمرة المتقدم الغلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم
السابع ويسمى قال الترمذي حديث صحيح وقال عبد الله ابن وهب أخبرني محمد بن
عمرو عن ابن جريج عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت
عق رسول الله عن حسن وحسين يوم السابع وسماهما وأمر أن يماط عن رؤوسهما
الأذى وقال أبو بكر بن المنذر حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ قال حدثني أبو
جعفر
الرازي حدثنا أبو زهير عبد الرحمن بن مغراء حدثنا محمد بن اسحاق عن عمرو
بن شعيب عن أبيه عن جده قال أمرنا رسول الله حين سابع المولود بتسمية
وعقيقته ووضع الأذى عنه وهذا قول عامة أهل العلم ونحن نحكي ما بلغنا من
أقوالهم وأرفع من روي عنه
ذلك عائشة أم المؤمنين كما حكاه احمد عنها في رواية الميموني وكذلك قال
الحسن البصري وقتادة يعق عنه يوم سابعه وقال أبو عمر وكان الحسن البصري
يذهب إلى أنها واجبة عن الغلام يوم سابعه فإن لم يعق عنه عق عن نفسه وقال
الليث بن سعد يعق عن المولود في أيام سابعه فان لم يتهيأ لهم العقيقة في
سابعه فلا بأس أن يعق عنه بعد ذلك وليس بواجب أن يعق عنه بعد سبعة أيام
قال أبو عمر وكان الليث يذهب إلى أنها واجبة في السبعة الأيام وقال عطاء
إن اخطأ هم أمر العقيقة يوم السابع أحببت أن يؤخره إلى اليوم السابع الآخر
وكذلك قال احمد وإسحاق والشافعي ولم يزد مالك على السابع الثاني وقال ابن
وهب لا بأس أن يعق عنه في السابع الثالث وهو قول عائشة وعطاء واحمد وإسحاق
قال مالك ولا يعد اليوم الذي ولد فيه إلا أن يولد قبل الفجر من ليلة ذلك
اليوم والظاهر أن التقييد بذلك استحباب وإلا فلو ذبح عنه في الرابع أو
الثامن أو العاشر أو ما بعده أجزأت والاعتبار بالذبح لا بيوم الطبخ والأكل
قال الخلال باب ما يستحب من العقيقة وفضلها على الصدقة اخبرنا
سليمان بن الأشعث قال سئل أبو عبد الله وأنا اسمع عن العقيقة
أحب إليك أو يدفع ثمنها للمساكين قال العقيقة وقال في رواية الحارث وقد
سئل عن العقيقة إن استقرض رجوت أن يخلف الله عليه أحيا سنة وقال له صالح
ابنه الرجل يولد له وليس عنده ما يعق أحب إليك أن يستقرض ويعق عنه أم يؤخر
ذلك حتى يوسر قال أشد ما سمعنا في العقيقة حديث الحسن عن سمرة عن النبي كل
غلام رهينة بعقيقته وإني لأرجو إن استقرض أن يعجل الله الخلف لأنه أحيا
سنة من سنن رسول الله واتبع ما جاء عنه انتهى وهذا لأنه سنة ونسيكة مشروعة
بسبب تجدد نعمة الله على الوالدين وفيها سر
بديع موروث عن فداء إسماعيل بالكبش الذي ذبح عنه وفداه الله به فصار سنة
في أولاده بعده أن يفدي أحدهم عند ولادته بذبح ولا يستنكر أن يكون هذا
حرزا له من الشيطان بعد ولادته كما كان ذكر اسم الله عند وضعه في الرحم
حرزا له من ضرر الشيطان ولهذا قل من يترك أبواه العقيقة عنه إلا وهو في
تخبيط من الشيطان وأسرار الشرع أعظم من هذا ولهذا كان الصواب أن الذكر
والأنثى يشتركان في مشروعية
العقيقة وإن تفاضلا في قدرها وأما أهل الكتاب فليست العقيقة عندهم للأنثى
وإنما هي للذكر خاصة وقد ذهب
إلى ذلك بعض السلف قال أبو بكر بن المنذر وفي هذا الباب قول ثالث قاله
الحسن وقتادة كانا لا يريان عن الجارية عقيقة وهذا قول ضعيف لا يلتفت إليه
والسنة تخالفه من وجوه كما سيأتي في الفصل الذي بعد هذا فكان الذبح في
موضعه أفضل من الصدقة بثمنه ولو زاد كالهدايا والأضاحي فإن
نفس الذبح وإراقة الدم مقصود فإنه عبادة مقرونة بالصلاة كما قال تعالى فصل
لربك وانحر وقال قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين الأنعام
162 ففي كل ملة صلاة ونسيكة لا يقوم غيرهما مقامهما ولهذا لو تصدق عن دم
المتعة والقران بأضعاف أضعاف القيمة لم يقم مقامه وكذلك الأضحية والله
أعلم
وفيه مسألتان المسألة الأولى العقيقة سنة عن الجارية كما هي سنة عن الغلام
هذا قول جمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وقد تقدم ما حكاه
ابن المنذر عن الحسن وقتادة أنهما كانا لا يريان عن الجارية
عقيقة ولعلهما تمسكا بقوله مع الغلام عقيقته وهذا الحديث رواه
الحسن وقتادة من حديث سمرة والغلام اسم الذكر دون الأنثى ويرد هذا القول
حديث أم كرز أنها سألت رسول الله عن العقيقة فقال عن الغلام شاتان وعن
الجارية شاة لا يضر كم ذكرانا كن أم إناثا وهو حديث صحيح صححه الترمذي
وغيره وحديث عائشة أمرنا أن نعق عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة رواه ابن
أبي شيبة وقد تقدم إسناده وقال أبو عاصم حدثنا سالم بن تميم عن الأعرج عن
أبي هريرة أن النبي قال إن
اليهود تعق عن الغلام ولا تعق عن الجارية فعقوا عن الغلام شاتين وعن
الجارية شاة رواه البيهقي من هذا الطريق وقال مالك يذبح عن الغلام شاة
واحدة وعن الجارية شاة والذكر والأنثى في ذلك سواء واحتج لهذا القول بما
رواه أبو داود في سننه حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا أيوب عن
عكرمة عن ابن عباس أن رسول عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا كبشا قال أبو
عمر وروى جعفر عن محمد عن أبيه أن فاطمة ذبحت
عن الحسن والحسين كبشا كبشا قال وكان عبد الله بن عمر يعق عن الغلمان
والجواري من ولده شاة شاة وبه
قال أبو جعفر محمد بن علي بن حسين رضي الله عنهم أجمعين كقول مالك سواء
قال أبو عمر وقال ابن عباس وعائشة وجماعة من أهل الحديث عن الغلام شاتان
وعن الجارية شاة ثم ذكر طرف حديث أم كرز وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده يرفعه من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة
و لا تعارض بين أحاديث التفضيل بين الذكر والأنثى وبين حديث ابن عباس في
عقيقة الحسن والحسين فإن حديثه قد روي بلفظين أحدهما أنه عق عنهما كبشا
كبشا والثاني أنه عق عنهما كبشين ولعل الراوي أراد كبشين عن كل واحد منهما
فاقتصر على قوله كبشين ثم روي بالمعنى كبشا كبشا وذبحت أمهما عنهما كبشين
والحديثان كذلك رويا فكان أحد الكبشين من النبي والثاني من فاطمة واتفقت
جميع الأحاديث وهذه قاعدة الشريعة فإن الله سبحانه فاضل بين الذكر والأنثى
وجعل الأنثى على النصف من الذكر في المواريث والديات والشهادات والعتق و
العقيقة كما رواه الترمذي وصححه من حديث أبي أمامة عن النبي قال أيما
امرىء مسلم أعتق مسلما كان فكاكه من النار يجزىء كل عضو منه عضوا منه
وأيما امرىء مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار يجزىء كل عضو
منهما عضوا منه وفي مسند الامام أحمد من حديث مرة بن كعب السلمي عن النبي
أيما رجل أعتق رجلا مسلما كان فكاكه من النار يجزىء بكل عضو من أعضائه
عضوا من أعضائه وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة كانت فكاكها من النار
يجزىء بكل عضو من أعضائها عضوا من أعضائها رواه أبو داود في السنن فجرت
المفاضلة في العقيقة هذا المجرى لو لم يكن فيها سنة كيف والسنن الثابتة
صريحة بالتفضيل
قال الخلال في جامعه باب ذكر الغرض في العقيقة وما يؤمل لإحياء السنة من
الخلف ثم ذكر رواية الحارث أنه قال لأبي عبد الله في العقيقة فإن لم يكن
عنده ما يعق قال إن استقرض رجوت أن يخلف الله عليه أحيا سنة ومن رواية
صالح عن أبيه إني لأرجو إن استقرض أن يجعل الله له الخلف أحيا سنة من سنن
رسول الله واتبع ما جاء عنه ومن فوائدها أنها قربان يقرب به عن المولود في
أول أوقات خروجه إلى الدنيا
والمولود ينتفع بذلك غاية الانتفاع كما ينتفع بالدعاء له وإحضاره مواضع
المناسك والإحرام عنه وغير ذلك ومن فوائدها أنها تفك رهان المولود فإنه
مرتهن بعقيقته قال الامام أحمد مرتهن عن الشفاعة لوالديه وقال عطاء بن أبي
رباح مرتهن بعقيقته قال يحرم شفاعة ولده ومن فوائدها أنها فدية يفدى بها
المولود كما فدى الله سبحانه إسماعيل
الذبيح بالكبش وقد كان أهل الجاهلية يفعلونها ويسمونها عقيقة ويلطخون رأس
الصبي بدمها فأقر رسول الله الذبح وأبطل اسم العقوق ولطخ رأس الصبي بدمها
فقال لا أحب العقوق وقال لا يمس رأس
المولود بدم وأخبر أن ما يذبح عن المولود إنما ينبغي أن يكون
على سبيل النسك كالأضحية والهدي فقال من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل
فجعلها على سبيل الأضحية التي جعلها الله نسكا وفداء لإسماعيل عليه السلام
وقربه إلى الله عز و جل وغير مستبعد في حكمة الله في شرعه وقدره أن يكون
سببا لحسن إنبات الولد ودوام سلامته وطول حياته في حفظه من ضرر الشيطان
حتى يكون كل عضو منها فداء كل عضو منه ولهذا يستحب أن يقال عليها ما يقال
على الأضحية قال أبو طالب سألت أبا عبد الله إذا أراد الرجل أن يعق كيف
يقول قال يقول
باسم الله ويذبح على النية كما يضحي بنيته يقول هذه عقيقة فلان بن فلان
ولهذا يقول فيها اللهم منك ولك ويستحب فيها ما يستحب في الأضحية من الصدقة
وتفريق اللحم فالذبيحة عن الولد فيها معنى القربان والشكران والفداء
والصدقة وإطعام الطعام عند حوادث السرور العظام شكرا لله وإظهار لنعمته
التي هي غاية المقصود من النكاح فإذا شرع الإطعام للنكاح الذي هو وسيلة
إلى حصول هذه النعمة فلأن يشرع عند الغاية المطلوبة أولى وأحرى وشرع بوصف
الذبح المتضمن لما ذكرناه من الحكم فلا أحسن ولا أحلى في القلوب
من مثل هذه الشريعة في المولود وعلى نحو هذا جرت سنة الولائم في المناكح
وغيرها فإنها إظهار للفرح والسرور بإقامة شرائع
الإسلام وخروج نسمه مسلمة يكاثر بها رسول الله الأمم يوم القيامة تعبدا
لله ويراغم عدوه ولما أقر رسول الله العقيقة في الإسلام وأكد أمرها وأخبر
أن الغلام مرتهن
بها نهاهم أن يجعلوا على رأس الصبي من الدم شيئا وسن لهم أن يجعلوا عليه
شيئا من الزعفران لأنهم في الجاهلية إنما كانوا يلطخون رأس المولود بدم
العقيقة تبركا به فإن دم الذبيحة كان مباركا عندهم حتى كانوا يلطخون منه
آلهتهم تعظيما لها وإكراما فأمر بترك ذلك لما فيه من التشبه بالمشركين
وعوضوا عنه بما هو أنفع للأبوين وللمولود وللمساكين وهو حلق رأس الطفل
والتصدق بزنة شعره ذهبا أو فضة وسن لهم أن يلطخوا الرأس بالزعفران الطيب
الرائحة الحسن اللون بدلا عن الدم الخبيث الرائحة النجس العين والزعفران
من أطيب الطيب وألطفه وأحسنه لونا وكان حلق رأسه إماطة الأذى عنه وإزالة
الشعر الضعيف ليخلفه شعر أقوى وأمكن منه وأنفع للرأس ومع ما فيه من
التخفيف عن الصبي وفتح مسام الرأس ليخرج البخار منها بيسر وسهولة وفي ذلك
تقوية بصره وشمه وسمعه وشرع في المذبوح عن الذكر أن يكون شاتين إظهار
لشرفه وإباحة لمحله الذي
فضله الله به على الأنثى كما فضله في الميراث والدية
والشهادة وشرع أن تكون الشاتان مكافئتين قال أحمد في رواية أبي داود
مستويتان أو متقاربتان وقال في رواية الميموني مثلان في رواية جعفر بن
الحارث تشبه إحداهما الأخرى لأن كل شاة منهما كانت بدلا وفداء وجعلت
الشاتان مكافئتين في الجنس والسن فجعلتا كالشاة الواحدة والمعنى أن الفداء
لو وقع بالشاة الواحدة لكان ينبغي أن تكون فاضلة كاملة فلما وقع بالشاتين
لم يؤمن أن يتجوز في إحداهما ويهون أمرها إذ كان قد حصل الفداء بالواحدة
والأخرى كأنها تتمه غير مقصود فشرع أن تكونا متكافئتين دفعا لهذا التوهم
وفي هذا تنبيه على تهذيب العقيقة من العيوب التي لا يصح بها القربان من
الأضاحي وغيرها ومنها فك رهان المولود فإنه مرتهن بعقيقته كما قال النبي
اختلف في معنى هذا الحبس والارتهان فقالت طائفة هو محبوس مرتهن عن الشفاعة
لوالديه كما قال عطاء وتبعه عليه الامام أحمد وفيه نظر لا يخفى فإن شفاعة
الولد في الوالد ليست بأولى من العكس وكونه والدا له ليس للشفاعة فيه وكذا
سائر القرابات والارحام وقد قال تعالى يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا
يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا لقمان 33 وقال
تعالى
واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة البقرة 48 وقال
تعالى من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة البقرة 254 فلا
يشفع أحد لأحد يوم القيامة إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى فإذنه
سبحانه في الشفاعة موقوف على عمل المشفوع له من توحيده وإخلاصه ومن الشافع
من قربه عند الله ومنزلته ليست مستحقة بقرابة ولا بنوة ولا أبوة وقد قال
سيد الشفعاء وأوجههم عند الله لعمه ولعمته وابنته لا أغني عنكم من الله
شيئا وفي رواية لا أملك لكم من الله شيئا وقال في شفاعته العظمى لما يسجد
بين يدي ربه ويشفع فيحد لي حدا فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة فشفاعته في
حد محدود يحدهم الله سبحانه له لا يجاوزهم شفاعته فمن أين يقال إن الولد
يشفع لوالده فإذا لم يعق عنه حبس عن الشفاعة له ولا
يقال لمن لم يشفع لغيره إنه مرتهن ولا في اللفظ ما يدل على ذلك والله
سبحانه يخبر عن ارتهان العبد بكسبه كما قال الله تعالى كل
نفس بما كسبت رهينة المدثر 38 وقال تعالى أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا
الأنعام 70 فالمرتهن هو المحبوس إما بفعل منه أو فعل من غيره وأما من لم
يشفع لغيره فلا يقال له مرتهن على الإطلاق بل المرتهن هو المحبوس عن أمر
كان بصدد نيله وحصوله ولا يلزم من ذلك أن يكون بسبب منه بل يحصل ذلك تارة
بفعله وتارة بفعل غيره وقد جعل الله سبحانه النسيكة عن الولد سببا لفك
رهانه من الشيطان الذي يعلق به من حين خروجه إلى الدنيا وطعن في خاصرته
فكانت العقيقة فداء وتخليصا له من حبس الشيطان له وسجنه في أسره ومنعه له
من سعيه في مصالح آخرته التي إليها معاده فكأنه محبوس لذبح الشيطان له
بالسكين التي أعدها لأتباعه وأوليائه وأقسم لربه أنه ليستأصلن ذرية آدم
إلا قليلا منهم فهو بالمرصاد للمولود من حين يخرج إلى الدنيا فحين يخرج
يبتدره عدوه ويضمه إليه ويحرص على أن يجعله في قبضته وتحت أسره ومن جملة
أوليائه وحزبه فهو أحرص شيء على هذا وأكثر المولودين من أقطاعه وجنده كما
قال تعالى وشاركهم في الأموال
والأولاد الإسراء 64 وقال ولقد صدق عليهم إبليس ظنه سبأ 20 فكان المولود
بصدد هذا الارتهان فشرع الله سبحانه
للوالدين أن يفكا رهانه بذبح يكون فداه فإذا لم يذبح عنه بقي مرتهنا به
فلهذا قال النبي الغلام مرتهن بعقيقته فأريقوا عنه الدم وأميطوا عنه الأذى
فأمر بإراقة الدم عنه الذي يخلص به من الارتهان ولو كان الارتهان يتعلق
بالأبوين لقال فأريقوا عنكم الدم لتخلص إليكم شفاعة أولادكم فلما أمر
بإزالة الأذى الظاهر عنه وإراقة الدم الذي يزيل الأذى الباطن بارتهانه علم
أن ذلك تخليص للمولود من الأذى الباطن والظاهر والله أعلم بمراده ورسوله
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الفصل الثالث - في أدلة الاستحباب
الرابع في الجواب عن حجج من كرهها
قال الإمام أحمد في رواية حنبل وقد حكي عن بعض من كرهها أنها من أمر
الجاهلية قال هذا لقلة علمهم وعدم معرفتهم بالأخبار والنبي قد عق عن الحسن
والحسين وفعله أصحابه وجعلها هؤلاء من أمر الجاهلية والعقيقة سنة عن رسول
الله وقد قال الغلام مرتهن بعقيقته وهو - إسناد جيد - يرويه أبو هريرة عن
النبي وقال في رواية
الأثرم في العقيقة أحاديث عن النبي مسندة وعن أصحابه وعن
التابعين وقال هؤلاء هي من عمل الجاهلية وتبسم كالمعجب وقال الميموني قلت
لأبي عبد الله يثبت عن النبي في العقيقة شيء فقال أي
والله غير حديث عن النبي عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة قلت له فتلك
الأحاديث التي يعترض فيها فقال ليست بشيء لا يعبأ بها وأما أحاديث عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله قال لا أحب العقوق فسياق الحديث من أدلة
الاستحباب فان لفظه هكذا سئل رسول الله عن العقيقة فقال لا أحب العقوق
وكأنه كره الاسم فقالوا يا رسول الله إنما نسألك عن أحدنا يولد له ولد
فقال من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان مكافئتان وعن
الجارية شاة وأما حديث أبي رافع فلا يصح وقد قال الإمام أحمد في هذه
الأحاديث المعارضة لأحاديث العقيقة ليست بشيء لا يعبأ بها وقد استفاضت
الأحاديث بأن النبي عق عن الحسن والحسين فروى أبو أيوب عن عكرمة عن ابن
عباس أن رسول الله عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا ذكره أبو
داود وقد ذكر جرير بن حازم عن قتادة عن أنس أن النبي عق عن الحسن والحسين
كبشين وذكر يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت عق رسول الله عن الحسن
والحسين يوم السابع ولو صح قوله لا تعقي عنه لم يدل ذلك على كراهة العقيقة
لأنه أحب أن يتحمل عنها العقيقة فقال لها لا تعقي عق هو وكفاها المؤنة
وأما قولهم إنها من فعل أهل الكتاب فالذي من فعلهم تخصيص الذكر بالعقيقة
دون الأنثى كما دل عليه لفظ الحديث فانه قال إن اليهود تعق عن الغلام
شاتين وعن الجارية شاةالفصل الخامس في اشتقاقها ومن أي شيء أخذت
قال أبو عمرو فأما العقيقة في اللغة فذكر أبو عبيد عن الأصمعي وغيره
أن أصلها الشعر الذي يكون على رأس الصبي حين يولد وإنما سميت
الشاة التي تذبح عنه عقيقة لأنه يحلق عنه ذلك الشعر عند الذبح قال ولهذا
قال أميطوا عنه الأذى يعني بذلك الشعر قال أبو عبيد وهذا مما قلت لك انهم
ربما سموا الشيء باسم غيره إذا كان معه أو من سببه فسميت الشاة عقيقة
لعقيقة الشعر وكذلك كل مولود من البهائم فإن الشعر الذي يكون عليه حين
يولد عقيقة وعقة قال زهير يذكر حمار وحش أذلك أم أقب البطن جأب ... عليه
من عقيقته عفاء قال يعني صغار الوبر وقال ابن الرقاع يصف حمارا تحسرت عقة
عنه فأنسلها ... واجتاب أخرى جديدا بعدما ابتقلا قال يريد أنه لما فطم من
الرضاع وأكل البقل ألقى عقيقته واجتاب أخرى قال
أبو عبيدة العقيقة والعقة في الناس والحمر ولم يسمع في غير ذلك انتهى كلام
أبي عبيد وقد أنكر الامام أحمد تفسير أبي عبيد
هذا للعقيقة وما ذكره عن الأصمعي وغيره في ذلك وقال إنما العقيقة الذبح
نفسه وقال ولا وجه لما قال أبو عبيد قال أبو عمرو واحتج بعض المتأخرين
لأحمد بن حنبل في قوله هذا بأن ما قال أحمد من ذلك فمعروف في اللغة لأنه
يقال عق إذا قطع ومنه عق والدية إذا قطعهما قال أبو عمرو ويشهد لقول أحمد
بن حنبل قول الشاعر بلاد بها عق الشباب تمائمه ... وأول أرض مس جلدي
ترابها يريد أنه لما شب قطعت عنه تمائه ومثل هذا قول ابن ميادة بلاد بها
نيصت علي تمائمي ... وقطعن عني حين أدركني عقلي قال أبو عمرو وقول أحمد في
معنى العقيقة في اللغة أولى من قول أبي عبيد
وأقرب وأصوب والله أعلم انتهى كلام أبي عمرو وقال الجوهري عق عن ولده يعق
عقا إذا ذبح يوم أسبوعه وكذلك إذا حلق عقيقته فجعل العقيقة لأمرين وهذا
أولى والله أعلم وأما قوله في الحديث لا أحب العقوق فهو تنبيه على كراهة
ما تنفر عنه
القلوب من الأسماء وكان رسول الله شديد الكراهة لذلك جدا حتى
كان يغير الاسم القبيح بالحسن ويترك النزول في الأرض القبيحة الاسم
والمرور بين الجبلين القبيح اسمهما وكان يحب الاسم الحسن والفأل الحسن وفي
الموطأ أن رسول الله قال للقحة من يحلب هذه فقام رجل فقال رسول الله
ما اسمك فقال له الرجل مرة فقال له رسول الله اجلس ثم قال من يحلب هذه
فقام رجل آخر فقال له رسول الله ما اسمك فقال حرب فقال له رسول الله اجلس
ثم قال من يحلب هذه فقام رجل فقال له ما اسمك فقال يعيش فقال له النبي
احلب رواه مرسلا في موطئه وأسنده ابن وهب في جامعه فقال حدثني ابن لهيعة
عن الحارث ابن يزيد عن عبد
الرحمن بن جبير عن يعيش الغفاري قال دعا النبي يوما بناقة فقال من يحلبها
فقام رجل فقال ما اسمك قال مرة قال اقعد فقام آخر فقال ما اسمك قال جمرة
قال اقعد ثم قام رجل فقال ما اسمك قال يعيش قال احلبها قال أبو عمر هذا من
باب الفأل الحسن لا من باب الطيرة وعندي فيه
وجه آخر وهو أن بين الاسم والمسمى علاقة ورابطة تناسبه وقلما يتخلف ذلك
فالألفاظ قوالب للمعاني والأسماء أقوال المسميات وقل إن أبصرت عيناك ذا
لقب ... إلا ومعناه إن فكرت في لقبه فقبح الاسم عنوان قبح المسمى كما أن
قبح الوجه عنوان قبح الباطن ومن هاهنا
والله أعلم أخذ عمرو بن الخطاب رضي الله عنه ما ذكره مالك أنه قال لرجل ما
اسمك فقال جمرة فقال ابن من قال ابن شهاب قال ممن قال من الحرقة قال أين
مسكنك قال بحرة النار قال بأيتها قال بذات لظى فقال عمر أدرك أهلك فقد
احترقوا فكان كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد ذكر ابن أبي خيثمة
من حديث بريدة كان رسول الله لا يتطير فركب بريدة
في سبعين راكبا من أهل بيته من بني أسلم فلقي النبي ليلا فقال له النبي من
أنت قال أنا بريدة فالتفت إلى أبي بكر وقال يا أبا بكر برد أمرنا وصلح ثم
قال ممن قلت من أسلم قال
لأبي بكر الآن سلمنا ثم قال ممن قال من سهم قال خرج سهمك ولما رأى سهيل بن
عمرو مقبلا يوم صلح الحديبية قال سهل أمر كم وانتهى في مسيره إلى جبلين
فسأل عن اسمهما فقال مخز وفاضح فعدل عنهما ولم يسلك بينهما وغير اسم عاصية
بجميلة واسم أصرم بزرعة قال أبو داود في السنن وغير النبي اسم العاص وعزيز
وعتلة وشيطان والحكم
وغراب وشهاب فسماه هشاما وسمى حربا أسلم وسمى المضطجع المنبعث وأرض عفرة
سماها خضرة وشعب الضلالة سماه شعب الهدى وبنو الزينة سماهم بني الرشدة
وهذا باب عجيب من أبواب الدين وهو العدول عن الاسم الذي تستقبحه العقول
وتنفر منه النفوس إلى الاسم الذي هو أحسن منه والنفوس
إليه أميل وكان النبي شديد الاعتناء بذلك حتى قال لا يقل أحدكم خبثت نفسي
ولكن ليقل لقست نفسي فلما كان اسم العقيقة بينه وبين العقوق تناسب وتشابه
كرهه وقال إن الله لا يحب العقوق ثم قال من ولد له مولود فأحب إن ينسك عنه
فليفعل الفصل السادس - هل تكره تسميتها عقيقة اختلفت فيه - فكرهت ذلك
طائفة واحتجوا بأن رسول الله كره الاسم فلا ينبغي
أن يطلق على هذه الذبيحة الاسم الذي كرهه قالوا فالواجب بظاهر هذا الحديث
أن يقال لها نسيكة ولا يقال لها عقيقية وقالت طائفة أخرى لا يكره ذلك
ورأوا إباحته واحتجوا بحديث سمرة الغلام مرتهن بعقيقته وبحديث سلمان بن
عامر مع الغلام عقيقته ففي هذين الحديثين لفظ العقيقة فدل على الإباحة لا
على الكراهة قال أبو عمر فدل ذلك على الكراهة في الاسم وعلى هذا كتب
الفقهاء في كل الأمصار ليس فيها إلا العقيقة لا النسيكة قال على أن حديث
مالك هذا ليس فيه التصريح بالكراهة وكذلك حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده إنما فيهما كأنه كره الاسم وقال من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل قلت
ونظير هذا اختلافهم في تسمية العشاء بالعتمة وفيه روايتان عن الامام
أحمد والتحقيق في الموضعين كراهة هجر الاسم المشروع من العشاء والنسيكة
والاستبدال به اسم العقيقة والعتمة فأما إذا كان المستعمل هو الاسم الشرعي
ولم يهجر وأطلق الاسم الآخر أحيانا فلا بأس بذلك وعلى هذا تتفق الأحاديث
وبالله التوفيق الفصل السابع - في ذكر الخلاف في وجوبها واستحبابها وحجج
الطائفتين قال ابن المنذر اختلفوا في وجوب العقيقة فقالت طائفة واجبة لأن
النبي أمر
بذلك وأمره على الفرض روينا عن الحسن البصري أنه قال في رجل لم يعق عنه
قال يعق عن نفسه وكان لا يرى على الجارية عقيقة قال وروي عن بريدة أن
الناس يعرضون على العقيقة يوم القيامة كما يعرضون على الصلوات الخمس قال
اسحاق بن راهويه حدثنا يعلى بن عبيد قال حدثنا صالح بن حبان عن ابن بريدة
عن أبيه أن الناس يعرضون يوم القيامة على العقيقة كما يعرضون على الصلوات
الخمس فقلت لابن بريدة وما العقيقة قال المولود يولد في الاسلام ينبغي أن
يعق عنه وقال أبو الزناد العقيقة من أمر المسلمين الذين كانوا يكرهون
تركه قال وروينا عن الحسن البصري أنه قال العقيقة عن الغلام واجبة يوم
سابعه وقال أبو عمر وأما اختلاف العلماء في وجوبها فذهب أهل الظاهر إلى أن
العقيقة واجبة فرضا منهم داود وغيره قالوا إن رسول الله أمر وعمل بها قال
الغلام مرتهن بعقيقته ومع الغلام عقيقته وقال عن الجارية شاة وعن الغلام
شاتان ونحو هذا من الأحاديث وكان بريدة الأسلمي يوجبها ويشبهها بالصلاة
وكان الحسن البصري يذهب إلى أنها واجبة عن الغلام يوم سابعه فإن لم يعق
عنه عق عن نفسه وقال الليث بن سعد يعق عن المولود أيام سابعه في أيها
شاؤوا فإن لم يتهيأ لهم العقيقة في سابعه فلا بأس أن يعق عنه بعد ذلك وليس
بواجب أن يعق عنه بعد سبعة أيام فكان الليث بن سعد يذهب إلى أنها واجبة في
السبعة الأيام وكان مالك يقول هي سنة واجبة يجب العمل بها وهو قول الشافعي
وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبي ثور والطبري هذا كلام أبي عمر قلت والسنة
والواجبة هند أصحاب مالك ما تأكد استحبابه وكره تركه فيسمونه
واجبا وجوب السنن ولهذا قالوا غسل الجمعة سنة واجبة والأضحية سنة واجبة
والعقيقة سنة واجبة وقد حكى أصحاب أحمد عنه في وجوبها روايتين وليس عنه نص
صريح في الوجوب ونحن نذكر نصوصه قال الخلال
في الجامع ذكر استحباب العقيقة وأنها غير غير واجبة أخبرنا سليمان بن
الأشعث قال سمعت أبا عبد الله سئل عن العقيقة ما هي قال الذبيحة وأنكر قول
الذي يقول هي حلق الرأس أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل حدثهم قال سألت
أبا عبد الله عن العقيقة
واجبة هي قال لا ولكن من أحب أن ينسك فلينسك قال وسألت أبا عبد الله عن
العقيقة أتوجبها قال لا ثم ذكر عن أحمد بن القاسم أن أبا عبد الله قيل له
في العقيقة واجبة هي قال أما واجبة فلا أدري ولا أقول واجبة ثم قال أشد
شيء فيه أن الرجل مرتهن بعقيقته وقال الأثرم قلت لأبي عبد الله العقيقة
واجبة قال لا وأشد شيء روي فيها
حديث الغلام مرتهن بعقيقته هو أشدها وقال حنبل قال أبو عبد الله لا أحب
لمن أمكنه وقدر أن لا يعق عن ولده ولا
يدعه لأن النبي قال الغلام مرتهن بعقيقته فهو أشد ما روي في العقيقة وقال
الحارث سألت أبا عبد الله عن العقيقة واجبة هي عن الغني
والفقير إذا ولد له أن يعق عنه قال أبو عبد الله قال الحسن عن سمرة عن
النبي كل غلام رهينة بعقيقته حتى يذبح عنه يوم سابعه ويحلق رأسه هذه سنة
رسول الله وآني لأحب أن تحيى هذه السنة أرجو أن يخلف الله عليه وقال إسحاق
بن إبراهيم سألت أبا عبد الله عن حديث النبي ما معناه الغلام
مرتهن بعقيقته قال نعم سنة النبي أن يعق عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة
فإذا لم يعق عنه فهو محتبس بعقيقته حتى يعق عنه وقال جعفر بن محمد قيل
لأبي عبد الله في العقيقة فان لم تكن عنده قال ليس
عليه شيء وقال الحارث قيل لأبي عبد الله في العقيقة فان لم يكن عنده يعني
ما يعق قال إن استقرض رجوت أن يخلف الله عليه أحيا سنة وقال صالح قلت لأبي
يولد للرجل وليس عنده ما يعق أحب إليك أن يستقرض ويعق
عنه أم يؤخر ذلك حتى يوسر فقال أشد ما سمعت في العقيقة حديث الحسن عن سمرة
عن النبي كل غلام رهينة بعقيقته
وإني لأرجو إن استقرض أن يعجل الله له الخلف لأنه أحيا سنة من سنن رسول
الله واتبع ما جاء به فهذه نصوصه كما ترى ولكن أصحابه فرعوا على القول
بالوجوب ثلاثة فروع أحدها هل هي واجبة على الصبي في ماله أو على أبيه
الثاني هل تجب الشاة على الذكر أو الشاتان الثالث إذا لم يعق عنه أبوه هل
تسقط أو يجب أن يعق عن نفسه إذا بلغ فأما الفرع الأول فحكموا فيه وجهين
أحدهما يجب على الأب وهو المنصوص عن أحمد قال إسماعيل بن سعيد الشالنجي
سألت أحمد عن الرجل يخبره والده أنه لم يعق عنه هل يعق عن نفسه قال ذلك
على الأب والثاني في مال الصبي وحجة من أوجبها على الأب أنه هو المأمور
بها كما
تقدم واحتج من أوجبها على الصبي بقوله الغلام مرتهن بعقيقته وهذا الحديث
يحتج به الطائفتان فان أوله الإخبار عن ارتهان الغلام بالعقيقة وآخره
الأمر بأن يراق عنه الدم قال الموجبون ويدل على الوجوب قوله عن الغلام
شاتان وعن الجارية شاة وهذا يدل على الوجوب لأن المعنى يجزىء عن الجارية
شاة وعن الغلام شاتان واحتجوا بحديث البخاري عن سلمان بن عامر عن النبي
قال مع الغلام
عقيقته فأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى قالوا وهذا يدل على الوجوب من
وجهين أحدهما قوله مع الغلام عقيقته وهذا ليس إخبارا عن الواقع بل عن
الواجب ثم أمرهم أن يخرجوا عنه هذا الذي معه فقال أهريقوا عنه دما قالوا
ويدل عليه أيضا حديث عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله أمر
بتسمية المولود يوم سابعه ووضع الأذى عنه والعق قالوا وروى الترمذي حدثنا
يحيى ابن خلف حدثنا بشر بن المفضل حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن
يوسف بن ماهك أنهم دخلوا على حفصة بنت عبد الرحمن فسألوها عن العقيقة
فأخبرتهم أن عائشة رضي الله عنها أخبرتها أن رسول الله أمرهم عن الغلام
شاتان وعن الجارية شاة قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وقال أبو بكر بن أبي
شيبة حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة حدثنا
عبد الله ابن عثمان بن خثيم عن يوسف بن ماهك عن حفصة بنت عبد الرحمن عن
عائشة رضي الله عنها قالت أمرنا رسول الله أن نعق عن الغلام شاتين وعن
الجارية شاة قال أبو بكر حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب حدثنا عبد الله بن
وهب قال حدثني
عمرو بن الحارث عن أيوب بن موسى أنه حدثه أن يزيد بن عبد المزني حدثه أن
النبي قال يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم قالوا وهذا خبر بمعنى الأمر قال
أبو بكر وحدثنا ابن فضيل عن يحيى بن سعيد عن محمد بن ابراهيم قال كان
يؤمر بالعقيقة ولو بعصفورفصل
قال القائلون بالاستحباب لو كانت واجبة لكان وجوبها معلوما من الدين
لأن ذلك مما تدعو الحاجة إليه وتعم به البلوى فكان رسول الله
يبين وجوبها للأمة بيانا عاما كافيا تقوم به الحجة وينقطع معه العذر قالوا
وقد علقها بمحبة فاعلها فقال من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فليفعل قالوا
وفعله لها لا يدل على الوجوب وإنما يدل على الاستحباب قالوا وقد روى أبو
داود من حديث عمرو بن شعيب أن النبي سئل عن العقيقة
فقال لا يحب الله العقوق كأنه كره الاسم وقال من ولد له ولد وأحب أن ينسك
عنه فليفعل عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة وهذا مرسل وقد رواه مرة عن
عمرو عن أبيه قال أراه عن جده وروى مالك عن زيد بن أسلم عن رجل من بني
ضمرة عن أبيه أن رسول الله سئل عن العقيقة فقال لا أحب العقوق وكأنه إنما
كره الاسم وقال من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل قال البيهقي وإذا انضم إلى
الأول قويا قلت وحديث عمرو بن شعيب قد جوده عبد
الرزاق فقال أخبرنا داود بن قيس قال سمعت عمرو بن شعيب يحدث عن أبيه عن
جده قال سئل النبي عن العقيقة فذكر الحديث الفصل الثامن - في الوقت الذي
تستحب فيه العقيقة قال أبو داود في كتاب المسائل سمعت أبا عبد الله يقول
العقيقة تذبح يوم
السابع وقال صالح بن أحمد قال أبي في العقيقة تذبح يوم السابع فإن لم يفعل
ففي أربع عشرة فإن لم يفعل ففي إحدى وعشرين وقال الميموني قلت لأبي عبد
الله متى يعق عنه قال أما عائشة فتقول سبعة أيام وأربعة عشرة ولأحد وعشرين
وقال أبو طالب قال أحمد تذبح العقيقة لأحد وعشرين يوما انتهى والحجة على
ذلك حديث سمرة المتقدم الغلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم
السابع ويسمى قال الترمذي حديث صحيح وقال عبد الله ابن وهب أخبرني محمد بن
عمرو عن ابن جريج عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت
عق رسول الله عن حسن وحسين يوم السابع وسماهما وأمر أن يماط عن رؤوسهما
الأذى وقال أبو بكر بن المنذر حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ قال حدثني أبو
جعفر
الرازي حدثنا أبو زهير عبد الرحمن بن مغراء حدثنا محمد بن اسحاق عن عمرو
بن شعيب عن أبيه عن جده قال أمرنا رسول الله حين سابع المولود بتسمية
وعقيقته ووضع الأذى عنه وهذا قول عامة أهل العلم ونحن نحكي ما بلغنا من
أقوالهم وأرفع من روي عنه
ذلك عائشة أم المؤمنين كما حكاه احمد عنها في رواية الميموني وكذلك قال
الحسن البصري وقتادة يعق عنه يوم سابعه وقال أبو عمر وكان الحسن البصري
يذهب إلى أنها واجبة عن الغلام يوم سابعه فإن لم يعق عنه عق عن نفسه وقال
الليث بن سعد يعق عن المولود في أيام سابعه فان لم يتهيأ لهم العقيقة في
سابعه فلا بأس أن يعق عنه بعد ذلك وليس بواجب أن يعق عنه بعد سبعة أيام
قال أبو عمر وكان الليث يذهب إلى أنها واجبة في السبعة الأيام وقال عطاء
إن اخطأ هم أمر العقيقة يوم السابع أحببت أن يؤخره إلى اليوم السابع الآخر
وكذلك قال احمد وإسحاق والشافعي ولم يزد مالك على السابع الثاني وقال ابن
وهب لا بأس أن يعق عنه في السابع الثالث وهو قول عائشة وعطاء واحمد وإسحاق
قال مالك ولا يعد اليوم الذي ولد فيه إلا أن يولد قبل الفجر من ليلة ذلك
اليوم والظاهر أن التقييد بذلك استحباب وإلا فلو ذبح عنه في الرابع أو
الثامن أو العاشر أو ما بعده أجزأت والاعتبار بالذبح لا بيوم الطبخ والأكل
الفصل التاسع في بيان أن العقيقة افضل من التصدق بثمنها ولو زاد
قال الخلال باب ما يستحب من العقيقة وفضلها على الصدقة اخبرنا
سليمان بن الأشعث قال سئل أبو عبد الله وأنا اسمع عن العقيقة
أحب إليك أو يدفع ثمنها للمساكين قال العقيقة وقال في رواية الحارث وقد
سئل عن العقيقة إن استقرض رجوت أن يخلف الله عليه أحيا سنة وقال له صالح
ابنه الرجل يولد له وليس عنده ما يعق أحب إليك أن يستقرض ويعق عنه أم يؤخر
ذلك حتى يوسر قال أشد ما سمعنا في العقيقة حديث الحسن عن سمرة عن النبي كل
غلام رهينة بعقيقته وإني لأرجو إن استقرض أن يعجل الله الخلف لأنه أحيا
سنة من سنن رسول الله واتبع ما جاء عنه انتهى وهذا لأنه سنة ونسيكة مشروعة
بسبب تجدد نعمة الله على الوالدين وفيها سر
بديع موروث عن فداء إسماعيل بالكبش الذي ذبح عنه وفداه الله به فصار سنة
في أولاده بعده أن يفدي أحدهم عند ولادته بذبح ولا يستنكر أن يكون هذا
حرزا له من الشيطان بعد ولادته كما كان ذكر اسم الله عند وضعه في الرحم
حرزا له من ضرر الشيطان ولهذا قل من يترك أبواه العقيقة عنه إلا وهو في
تخبيط من الشيطان وأسرار الشرع أعظم من هذا ولهذا كان الصواب أن الذكر
والأنثى يشتركان في مشروعية
العقيقة وإن تفاضلا في قدرها وأما أهل الكتاب فليست العقيقة عندهم للأنثى
وإنما هي للذكر خاصة وقد ذهب
إلى ذلك بعض السلف قال أبو بكر بن المنذر وفي هذا الباب قول ثالث قاله
الحسن وقتادة كانا لا يريان عن الجارية عقيقة وهذا قول ضعيف لا يلتفت إليه
والسنة تخالفه من وجوه كما سيأتي في الفصل الذي بعد هذا فكان الذبح في
موضعه أفضل من الصدقة بثمنه ولو زاد كالهدايا والأضاحي فإن
نفس الذبح وإراقة الدم مقصود فإنه عبادة مقرونة بالصلاة كما قال تعالى فصل
لربك وانحر وقال قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين الأنعام
162 ففي كل ملة صلاة ونسيكة لا يقوم غيرهما مقامهما ولهذا لو تصدق عن دم
المتعة والقران بأضعاف أضعاف القيمة لم يقم مقامه وكذلك الأضحية والله
أعلمالفصل العاشر في تفاضل الذكر والأنثى فيها واختلاف الناس في ذلك
وفيه مسألتان المسألة الأولى العقيقة سنة عن الجارية كما هي سنة عن الغلام
هذا قول جمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وقد تقدم ما حكاه
ابن المنذر عن الحسن وقتادة أنهما كانا لا يريان عن الجارية
عقيقة ولعلهما تمسكا بقوله مع الغلام عقيقته وهذا الحديث رواه
الحسن وقتادة من حديث سمرة والغلام اسم الذكر دون الأنثى ويرد هذا القول
حديث أم كرز أنها سألت رسول الله عن العقيقة فقال عن الغلام شاتان وعن
الجارية شاة لا يضر كم ذكرانا كن أم إناثا وهو حديث صحيح صححه الترمذي
وغيره وحديث عائشة أمرنا أن نعق عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة رواه ابن
أبي شيبة وقد تقدم إسناده وقال أبو عاصم حدثنا سالم بن تميم عن الأعرج عن
أبي هريرة أن النبي قال إن
اليهود تعق عن الغلام ولا تعق عن الجارية فعقوا عن الغلام شاتين وعن
الجارية شاة رواه البيهقي من هذا الطريق وقال مالك يذبح عن الغلام شاة
واحدة وعن الجارية شاة والذكر والأنثى في ذلك سواء واحتج لهذا القول بما
رواه أبو داود في سننه حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا أيوب عن
عكرمة عن ابن عباس أن رسول عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا كبشا قال أبو
عمر وروى جعفر عن محمد عن أبيه أن فاطمة ذبحت
عن الحسن والحسين كبشا كبشا قال وكان عبد الله بن عمر يعق عن الغلمان
والجواري من ولده شاة شاة وبه
قال أبو جعفر محمد بن علي بن حسين رضي الله عنهم أجمعين كقول مالك سواء
قال أبو عمر وقال ابن عباس وعائشة وجماعة من أهل الحديث عن الغلام شاتان
وعن الجارية شاة ثم ذكر طرف حديث أم كرز وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده يرفعه من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة
و لا تعارض بين أحاديث التفضيل بين الذكر والأنثى وبين حديث ابن عباس في
عقيقة الحسن والحسين فإن حديثه قد روي بلفظين أحدهما أنه عق عنهما كبشا
كبشا والثاني أنه عق عنهما كبشين ولعل الراوي أراد كبشين عن كل واحد منهما
فاقتصر على قوله كبشين ثم روي بالمعنى كبشا كبشا وذبحت أمهما عنهما كبشين
والحديثان كذلك رويا فكان أحد الكبشين من النبي والثاني من فاطمة واتفقت
جميع الأحاديث وهذه قاعدة الشريعة فإن الله سبحانه فاضل بين الذكر والأنثى
وجعل الأنثى على النصف من الذكر في المواريث والديات والشهادات والعتق و
العقيقة كما رواه الترمذي وصححه من حديث أبي أمامة عن النبي قال أيما
امرىء مسلم أعتق مسلما كان فكاكه من النار يجزىء كل عضو منه عضوا منه
وأيما امرىء مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار يجزىء كل عضو
منهما عضوا منه وفي مسند الامام أحمد من حديث مرة بن كعب السلمي عن النبي
أيما رجل أعتق رجلا مسلما كان فكاكه من النار يجزىء بكل عضو من أعضائه
عضوا من أعضائه وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة كانت فكاكها من النار
يجزىء بكل عضو من أعضائها عضوا من أعضائها رواه أبو داود في السنن فجرت
المفاضلة في العقيقة هذا المجرى لو لم يكن فيها سنة كيف والسنن الثابتة
صريحة بالتفضيل
الفصل الحادي عشر في ذكر الغرض من العقيقة وحكمها وفوائدها
قال الخلال في جامعه باب ذكر الغرض في العقيقة وما يؤمل لإحياء السنة من
الخلف ثم ذكر رواية الحارث أنه قال لأبي عبد الله في العقيقة فإن لم يكن
عنده ما يعق قال إن استقرض رجوت أن يخلف الله عليه أحيا سنة ومن رواية
صالح عن أبيه إني لأرجو إن استقرض أن يجعل الله له الخلف أحيا سنة من سنن
رسول الله واتبع ما جاء عنه ومن فوائدها أنها قربان يقرب به عن المولود في
أول أوقات خروجه إلى الدنيا
والمولود ينتفع بذلك غاية الانتفاع كما ينتفع بالدعاء له وإحضاره مواضع
المناسك والإحرام عنه وغير ذلك ومن فوائدها أنها تفك رهان المولود فإنه
مرتهن بعقيقته قال الامام أحمد مرتهن عن الشفاعة لوالديه وقال عطاء بن أبي
رباح مرتهن بعقيقته قال يحرم شفاعة ولده ومن فوائدها أنها فدية يفدى بها
المولود كما فدى الله سبحانه إسماعيل
الذبيح بالكبش وقد كان أهل الجاهلية يفعلونها ويسمونها عقيقة ويلطخون رأس
الصبي بدمها فأقر رسول الله الذبح وأبطل اسم العقوق ولطخ رأس الصبي بدمها
فقال لا أحب العقوق وقال لا يمس رأس
المولود بدم وأخبر أن ما يذبح عن المولود إنما ينبغي أن يكون
على سبيل النسك كالأضحية والهدي فقال من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل
فجعلها على سبيل الأضحية التي جعلها الله نسكا وفداء لإسماعيل عليه السلام
وقربه إلى الله عز و جل وغير مستبعد في حكمة الله في شرعه وقدره أن يكون
سببا لحسن إنبات الولد ودوام سلامته وطول حياته في حفظه من ضرر الشيطان
حتى يكون كل عضو منها فداء كل عضو منه ولهذا يستحب أن يقال عليها ما يقال
على الأضحية قال أبو طالب سألت أبا عبد الله إذا أراد الرجل أن يعق كيف
يقول قال يقول
باسم الله ويذبح على النية كما يضحي بنيته يقول هذه عقيقة فلان بن فلان
ولهذا يقول فيها اللهم منك ولك ويستحب فيها ما يستحب في الأضحية من الصدقة
وتفريق اللحم فالذبيحة عن الولد فيها معنى القربان والشكران والفداء
والصدقة وإطعام الطعام عند حوادث السرور العظام شكرا لله وإظهار لنعمته
التي هي غاية المقصود من النكاح فإذا شرع الإطعام للنكاح الذي هو وسيلة
إلى حصول هذه النعمة فلأن يشرع عند الغاية المطلوبة أولى وأحرى وشرع بوصف
الذبح المتضمن لما ذكرناه من الحكم فلا أحسن ولا أحلى في القلوب
من مثل هذه الشريعة في المولود وعلى نحو هذا جرت سنة الولائم في المناكح
وغيرها فإنها إظهار للفرح والسرور بإقامة شرائع
الإسلام وخروج نسمه مسلمة يكاثر بها رسول الله الأمم يوم القيامة تعبدا
لله ويراغم عدوه ولما أقر رسول الله العقيقة في الإسلام وأكد أمرها وأخبر
أن الغلام مرتهن
بها نهاهم أن يجعلوا على رأس الصبي من الدم شيئا وسن لهم أن يجعلوا عليه
شيئا من الزعفران لأنهم في الجاهلية إنما كانوا يلطخون رأس المولود بدم
العقيقة تبركا به فإن دم الذبيحة كان مباركا عندهم حتى كانوا يلطخون منه
آلهتهم تعظيما لها وإكراما فأمر بترك ذلك لما فيه من التشبه بالمشركين
وعوضوا عنه بما هو أنفع للأبوين وللمولود وللمساكين وهو حلق رأس الطفل
والتصدق بزنة شعره ذهبا أو فضة وسن لهم أن يلطخوا الرأس بالزعفران الطيب
الرائحة الحسن اللون بدلا عن الدم الخبيث الرائحة النجس العين والزعفران
من أطيب الطيب وألطفه وأحسنه لونا وكان حلق رأسه إماطة الأذى عنه وإزالة
الشعر الضعيف ليخلفه شعر أقوى وأمكن منه وأنفع للرأس ومع ما فيه من
التخفيف عن الصبي وفتح مسام الرأس ليخرج البخار منها بيسر وسهولة وفي ذلك
تقوية بصره وشمه وسمعه وشرع في المذبوح عن الذكر أن يكون شاتين إظهار
لشرفه وإباحة لمحله الذي
فضله الله به على الأنثى كما فضله في الميراث والدية
والشهادة وشرع أن تكون الشاتان مكافئتين قال أحمد في رواية أبي داود
مستويتان أو متقاربتان وقال في رواية الميموني مثلان في رواية جعفر بن
الحارث تشبه إحداهما الأخرى لأن كل شاة منهما كانت بدلا وفداء وجعلت
الشاتان مكافئتين في الجنس والسن فجعلتا كالشاة الواحدة والمعنى أن الفداء
لو وقع بالشاة الواحدة لكان ينبغي أن تكون فاضلة كاملة فلما وقع بالشاتين
لم يؤمن أن يتجوز في إحداهما ويهون أمرها إذ كان قد حصل الفداء بالواحدة
والأخرى كأنها تتمه غير مقصود فشرع أن تكونا متكافئتين دفعا لهذا التوهم
وفي هذا تنبيه على تهذيب العقيقة من العيوب التي لا يصح بها القربان من
الأضاحي وغيرها ومنها فك رهان المولود فإنه مرتهن بعقيقته كما قال النبي
اختلف في معنى هذا الحبس والارتهان فقالت طائفة هو محبوس مرتهن عن الشفاعة
لوالديه كما قال عطاء وتبعه عليه الامام أحمد وفيه نظر لا يخفى فإن شفاعة
الولد في الوالد ليست بأولى من العكس وكونه والدا له ليس للشفاعة فيه وكذا
سائر القرابات والارحام وقد قال تعالى يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا
يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا لقمان 33 وقال
تعالى
واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة البقرة 48 وقال
تعالى من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة البقرة 254 فلا
يشفع أحد لأحد يوم القيامة إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى فإذنه
سبحانه في الشفاعة موقوف على عمل المشفوع له من توحيده وإخلاصه ومن الشافع
من قربه عند الله ومنزلته ليست مستحقة بقرابة ولا بنوة ولا أبوة وقد قال
سيد الشفعاء وأوجههم عند الله لعمه ولعمته وابنته لا أغني عنكم من الله
شيئا وفي رواية لا أملك لكم من الله شيئا وقال في شفاعته العظمى لما يسجد
بين يدي ربه ويشفع فيحد لي حدا فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة فشفاعته في
حد محدود يحدهم الله سبحانه له لا يجاوزهم شفاعته فمن أين يقال إن الولد
يشفع لوالده فإذا لم يعق عنه حبس عن الشفاعة له ولا
يقال لمن لم يشفع لغيره إنه مرتهن ولا في اللفظ ما يدل على ذلك والله
سبحانه يخبر عن ارتهان العبد بكسبه كما قال الله تعالى كل
نفس بما كسبت رهينة المدثر 38 وقال تعالى أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا
الأنعام 70 فالمرتهن هو المحبوس إما بفعل منه أو فعل من غيره وأما من لم
يشفع لغيره فلا يقال له مرتهن على الإطلاق بل المرتهن هو المحبوس عن أمر
كان بصدد نيله وحصوله ولا يلزم من ذلك أن يكون بسبب منه بل يحصل ذلك تارة
بفعله وتارة بفعل غيره وقد جعل الله سبحانه النسيكة عن الولد سببا لفك
رهانه من الشيطان الذي يعلق به من حين خروجه إلى الدنيا وطعن في خاصرته
فكانت العقيقة فداء وتخليصا له من حبس الشيطان له وسجنه في أسره ومنعه له
من سعيه في مصالح آخرته التي إليها معاده فكأنه محبوس لذبح الشيطان له
بالسكين التي أعدها لأتباعه وأوليائه وأقسم لربه أنه ليستأصلن ذرية آدم
إلا قليلا منهم فهو بالمرصاد للمولود من حين يخرج إلى الدنيا فحين يخرج
يبتدره عدوه ويضمه إليه ويحرص على أن يجعله في قبضته وتحت أسره ومن جملة
أوليائه وحزبه فهو أحرص شيء على هذا وأكثر المولودين من أقطاعه وجنده كما
قال تعالى وشاركهم في الأموال
والأولاد الإسراء 64 وقال ولقد صدق عليهم إبليس ظنه سبأ 20 فكان المولود
بصدد هذا الارتهان فشرع الله سبحانه
للوالدين أن يفكا رهانه بذبح يكون فداه فإذا لم يذبح عنه بقي مرتهنا به
فلهذا قال النبي الغلام مرتهن بعقيقته فأريقوا عنه الدم وأميطوا عنه الأذى
فأمر بإراقة الدم عنه الذي يخلص به من الارتهان ولو كان الارتهان يتعلق
بالأبوين لقال فأريقوا عنكم الدم لتخلص إليكم شفاعة أولادكم فلما أمر
بإزالة الأذى الظاهر عنه وإراقة الدم الذي يزيل الأذى الباطن بارتهانه علم
أن ذلك تخليص للمولود من الأذى الباطن والظاهر والله أعلم بمراده ورسوله
فأما أهل الحديث قاطبة
وفقهاؤهم وجمهور أهل العلم فقالوا هي من سنة رسول
الله واحتجوا على ذلك بما رواه البخاري في صحيحه عن سلمان بن عمار الضبي
قال قال رسول الله مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى
وعن سمرة قال قال رسول الله كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه
ويسمى فيه ويحلق رأسه رواه أهل السنن كلهم وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح
وعن عائشة قالت قال رسول الله عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة
رواه الإمام أحمد والترمذي وقال حديث صحيح وفي لفظ أمرنا رسول الله أن نعق
عن الجارية شاة وعن
الغلام شاتين رواه الإمام أحمد في مسنده وعن أم كرز الكعبية
أنها سألت الرسول عن العقيقة فقال عن الغلام شاتان وعن الأنثى واحدة ولا
يضركم ذكرانا كن أو إناثا رواه أحمد والترمذي وقال هذا حديث صحيح وقال
الضحاك بن مخلد أنبأ أبو حفص سالم بن تميم عن أبيه عن عبد الرحمن
الأعرج عن أبي هريرة أن النبي قال إن اليهود تعق عن الغلام ولا تعق عن
الجارية فعقوا عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة ذكره البيهقي وعن ابن عباس
أن رسول الله عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا رواه
أبو داود والنسائي ولفظ النسائي بكبشين كبشين وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده أن رسول أمر بتسمية المولود يوم سابعه
ووضع الأذى عنه والعق قال الترمذي هذا حديث حسن غريب وعن بريدة الأسلمي
قال كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ
رأسه بدمها فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه
بزعفران رواه أبو داود وروى ابن المنكدر من حديث يحيى بن يحيى أنبأنا هشيم
عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه أن أبا بكرة ولد له ابنه عبد الرحمن وكان
أول مولود ولد بالبصرة فنحر عنه جزورا فأطعم أهل البصرة وأنكر بعضهم ذلك
وقال أمر رسول الله بشاتين عن الغلام وعن الجارية بشاة وعن الحسن عن سمرة
أن النبي قال في العقيقة كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح
عنه يوم سابعه ويحلق ويدمى قال أبو داود فكان
قتادة إذا سئل عن الدم كيف يصنع به قال إذا ذبحت العقيقة أخذت منها صوفة
واستقبلت بها أوداجها ثم توضع على يافوخ الصبي حتى يسيل على رأسه مثل
الخيط ثم يغسل رأسه ويحلق قال أبو داود وهذا وهم من همام بن يحيى يعني
ويدمى ثم ساقه من طريق أخرى
قال كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى قال أبو داود
ويسمى أصح وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة وقال الترمذي حديث حسن صحيح
وهذا الحديث قد سمعه الحسن من سمرة فذكره البخاري في صحيحه عن حبيب بن
الشهيد قال قال لي ابن سيرين سئل الحسن ممن سمع حديث العقيقة فسألته فقال
من سمرة بن جندب وقد ذكر البيهقي عن سلمان بن شرحبيل حدثنا يحيى بن حمزة
قال قلت لعطاء
الخرساني ما مرتهن بعقيقته قال يحرم شفاعة ولده وقال
اسحق بن هانيء سألت أبا عبد الله عن حديث النبي الغلام مرتهن بعقيقته ما
معناه قال نعم سنة النبي أن يعق عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة فإذا لم
يعق عنه فهو محتبس بعقيقته حتى يعق عنه وقال الأثرم قال أبو عبد الله ما
في هذه الأحاديث أوكد من هذا يعني في العقيقة كل غلام مرتهن بعقيقته وقال
يعقوب بن بختان سئل أبو عبد الله عن العقيقة فقال ما أعلم فيه شيئا أشد من
هذا الحديث الغلام مرتهن بعقيقته وقال حنبل قال أبو عبد الله ولا أحب لمن
أمكنه وقدر أن لا يعق عن ولده ولا يدعه لأن النبي قال الغلام مرتهن
بعقيقته وهو أشد ما روي فيه وإنما كره النبي من ذلك الاسم وأما الذبح
فالنبي قد فعل ذلك وقال أحمد بن القاسم قيل لأبي عبد الله العقيقة واجبة
هي فقال أما واجبة فلا أدري لا أقول واجبة ثم قال أشد شيء فيه أن الرجل
مرتهن بعقيقته وقد قال أحمد في موضع آخر مرتهن عن الشفاعة لوالديه وأما
قوله ويدمى فقد اختلف في هذه اللفظة فرواها همام عن يحيى
عن قتادة فقال ويدمى وفسرها قتادة بما تقدم حكايته وخالفه في ذلك أكثر أهل
العلم وقالوا هذا من فعل أهل الجاهلية وكرهه الزهري ومالك والشافعي وأحمد
وإسحاق قال أحمد أكره أن يدمى رأس الصبي هذا من فعل الجاهلية وقال عبد
الله بن أحمد سألت أبي عن العقيقة أيذبح ويدمى رأس الصبي أو الجارية فقال
أبي ولا يدمى وقال الخلال أخبرني العباس بن أحمد أن أبا عبد الله سئل عن
تلطيخ رأس الصبي بالدم فقال لا أحبه انه من فعل الجاهلية قيل له فان هماما
كان يقول يدميه فذكر أبو عبد الله عن رجل قال كان يقول يسميه ولا أحب قول
همام في هذا وأخبرنا أحمد بن هاشم الأنطاكي قال قال أحمد اختلف همام وسعيد
في العقيقة
قال أحدهما يدمى وقال الآخر يسمى وعن أحمد رواية أخرى أن التدمية سنة قال
الخلال أخبرني عصمة بن عصام قال حدثنا حنبل قال سمعت أبا عبد الله في
الصبي يدمى رأسه قال هذه سنة ومذهبه الذي رواه عنه كافة أصحابه الكراهية
قال الخلال وأخبرني عصمة بن عصام في موضع آخر حدثنا حنبل قال سمعت أبا عبد
الله يقول يحلق رأس الصبي وأخبرني محمد بن علي حدثنا صالح وأنبأ أحمد بن
محمد ابن حازم حدثنا إسحاق كلهم يذكر عن أبي عبد الله قال الدم مكروه
لم يرو إلا في حديث سمرة أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل حدثهم أنه قال
لأبي عبد الله فيحلق رأسه قال نعم قلت فيدمى قال لا هذا من فعل الجاهلية
قلت فحديث قتادة عن الحسن كيف هو ويدمى فقال أما همام فيقول ويدمى وأما
سعيد فيقول ويسمى وقال في رواية الأثرم قال ابن أبي عروبة يسمى وقال همام
ويدمى وما أراه إلا خطأ وقد قال أبو عبد الله ابن ماجة في سننه حدثنا يعقوب
بن حميد بن كاسب حدثنا
عبد الله بن وهب حدثني عمرو بن الحارث عن أيوب بن موسى أنه حدثه عن يزيد
بن عبد المزني أن النبي قال يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم وقد تقدم حديث
بريدة كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها فلما
جاء الإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران وقد روى البيهقي
وغيره من حديث ابن جريج عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت كان أهل
الجاهلية يجعلون قطنة في دم العقيقة ويجعلونه على رأس الصبي فأمر النبي أن
يجعل مكان الدم خلوقا قال ابن المنذر ثبت أن النبي قال أهريقوا عليه دما
وأميطوا عنه الأذى والدم أذى فإذا كان النبي قد أمرنا بإماطة الأذى عنه
والدم أذى وهو من أكبر الأذى فغير جائز أن ينجس رأس الصبي بالدم
الفصل وفقهاؤهم وجمهور أهل العلم فقالوا هي من سنة رسول
الله واحتجوا على ذلك بما رواه البخاري في صحيحه عن سلمان بن عمار الضبي
قال قال رسول الله مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى
وعن سمرة قال قال رسول الله كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه
ويسمى فيه ويحلق رأسه رواه أهل السنن كلهم وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح
وعن عائشة قالت قال رسول الله عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة
رواه الإمام أحمد والترمذي وقال حديث صحيح وفي لفظ أمرنا رسول الله أن نعق
عن الجارية شاة وعن
الغلام شاتين رواه الإمام أحمد في مسنده وعن أم كرز الكعبية
أنها سألت الرسول عن العقيقة فقال عن الغلام شاتان وعن الأنثى واحدة ولا
يضركم ذكرانا كن أو إناثا رواه أحمد والترمذي وقال هذا حديث صحيح وقال
الضحاك بن مخلد أنبأ أبو حفص سالم بن تميم عن أبيه عن عبد الرحمن
الأعرج عن أبي هريرة أن النبي قال إن اليهود تعق عن الغلام ولا تعق عن
الجارية فعقوا عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة ذكره البيهقي وعن ابن عباس
أن رسول الله عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا رواه
أبو داود والنسائي ولفظ النسائي بكبشين كبشين وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده أن رسول أمر بتسمية المولود يوم سابعه
ووضع الأذى عنه والعق قال الترمذي هذا حديث حسن غريب وعن بريدة الأسلمي
قال كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ
رأسه بدمها فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه
بزعفران رواه أبو داود وروى ابن المنكدر من حديث يحيى بن يحيى أنبأنا هشيم
عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه أن أبا بكرة ولد له ابنه عبد الرحمن وكان
أول مولود ولد بالبصرة فنحر عنه جزورا فأطعم أهل البصرة وأنكر بعضهم ذلك
وقال أمر رسول الله بشاتين عن الغلام وعن الجارية بشاة وعن الحسن عن سمرة
أن النبي قال في العقيقة كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح
عنه يوم سابعه ويحلق ويدمى قال أبو داود فكان
قتادة إذا سئل عن الدم كيف يصنع به قال إذا ذبحت العقيقة أخذت منها صوفة
واستقبلت بها أوداجها ثم توضع على يافوخ الصبي حتى يسيل على رأسه مثل
الخيط ثم يغسل رأسه ويحلق قال أبو داود وهذا وهم من همام بن يحيى يعني
ويدمى ثم ساقه من طريق أخرى
قال كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى قال أبو داود
ويسمى أصح وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة وقال الترمذي حديث حسن صحيح
وهذا الحديث قد سمعه الحسن من سمرة فذكره البخاري في صحيحه عن حبيب بن
الشهيد قال قال لي ابن سيرين سئل الحسن ممن سمع حديث العقيقة فسألته فقال
من سمرة بن جندب وقد ذكر البيهقي عن سلمان بن شرحبيل حدثنا يحيى بن حمزة
قال قلت لعطاء
الخرساني ما مرتهن بعقيقته قال يحرم شفاعة ولده وقال
اسحق بن هانيء سألت أبا عبد الله عن حديث النبي الغلام مرتهن بعقيقته ما
معناه قال نعم سنة النبي أن يعق عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة فإذا لم
يعق عنه فهو محتبس بعقيقته حتى يعق عنه وقال الأثرم قال أبو عبد الله ما
في هذه الأحاديث أوكد من هذا يعني في العقيقة كل غلام مرتهن بعقيقته وقال
يعقوب بن بختان سئل أبو عبد الله عن العقيقة فقال ما أعلم فيه شيئا أشد من
هذا الحديث الغلام مرتهن بعقيقته وقال حنبل قال أبو عبد الله ولا أحب لمن
أمكنه وقدر أن لا يعق عن ولده ولا يدعه لأن النبي قال الغلام مرتهن
بعقيقته وهو أشد ما روي فيه وإنما كره النبي من ذلك الاسم وأما الذبح
فالنبي قد فعل ذلك وقال أحمد بن القاسم قيل لأبي عبد الله العقيقة واجبة
هي فقال أما واجبة فلا أدري لا أقول واجبة ثم قال أشد شيء فيه أن الرجل
مرتهن بعقيقته وقد قال أحمد في موضع آخر مرتهن عن الشفاعة لوالديه وأما
قوله ويدمى فقد اختلف في هذه اللفظة فرواها همام عن يحيى
عن قتادة فقال ويدمى وفسرها قتادة بما تقدم حكايته وخالفه في ذلك أكثر أهل
العلم وقالوا هذا من فعل أهل الجاهلية وكرهه الزهري ومالك والشافعي وأحمد
وإسحاق قال أحمد أكره أن يدمى رأس الصبي هذا من فعل الجاهلية وقال عبد
الله بن أحمد سألت أبي عن العقيقة أيذبح ويدمى رأس الصبي أو الجارية فقال
أبي ولا يدمى وقال الخلال أخبرني العباس بن أحمد أن أبا عبد الله سئل عن
تلطيخ رأس الصبي بالدم فقال لا أحبه انه من فعل الجاهلية قيل له فان هماما
كان يقول يدميه فذكر أبو عبد الله عن رجل قال كان يقول يسميه ولا أحب قول
همام في هذا وأخبرنا أحمد بن هاشم الأنطاكي قال قال أحمد اختلف همام وسعيد
في العقيقة
قال أحدهما يدمى وقال الآخر يسمى وعن أحمد رواية أخرى أن التدمية سنة قال
الخلال أخبرني عصمة بن عصام قال حدثنا حنبل قال سمعت أبا عبد الله في
الصبي يدمى رأسه قال هذه سنة ومذهبه الذي رواه عنه كافة أصحابه الكراهية
قال الخلال وأخبرني عصمة بن عصام في موضع آخر حدثنا حنبل قال سمعت أبا عبد
الله يقول يحلق رأس الصبي وأخبرني محمد بن علي حدثنا صالح وأنبأ أحمد بن
محمد ابن حازم حدثنا إسحاق كلهم يذكر عن أبي عبد الله قال الدم مكروه
لم يرو إلا في حديث سمرة أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل حدثهم أنه قال
لأبي عبد الله فيحلق رأسه قال نعم قلت فيدمى قال لا هذا من فعل الجاهلية
قلت فحديث قتادة عن الحسن كيف هو ويدمى فقال أما همام فيقول ويدمى وأما
سعيد فيقول ويسمى وقال في رواية الأثرم قال ابن أبي عروبة يسمى وقال همام
ويدمى وما أراه إلا خطأ وقد قال أبو عبد الله ابن ماجة في سننه حدثنا يعقوب
بن حميد بن كاسب حدثنا
عبد الله بن وهب حدثني عمرو بن الحارث عن أيوب بن موسى أنه حدثه عن يزيد
بن عبد المزني أن النبي قال يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم وقد تقدم حديث
بريدة كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها فلما
جاء الإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران وقد روى البيهقي
وغيره من حديث ابن جريج عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت كان أهل
الجاهلية يجعلون قطنة في دم العقيقة ويجعلونه على رأس الصبي فأمر النبي أن
يجعل مكان الدم خلوقا قال ابن المنذر ثبت أن النبي قال أهريقوا عليه دما
وأميطوا عنه الأذى والدم أذى فإذا كان النبي قد أمرنا بإماطة الأذى عنه
والدم أذى وهو من أكبر الأذى فغير جائز أن ينجس رأس الصبي بالدم
الرابع في الجواب عن حجج من كرهها
قال الإمام أحمد في رواية حنبل وقد حكي عن بعض من كرهها أنها من أمر
الجاهلية قال هذا لقلة علمهم وعدم معرفتهم بالأخبار والنبي قد عق عن الحسن
والحسين وفعله أصحابه وجعلها هؤلاء من أمر الجاهلية والعقيقة سنة عن رسول
الله وقد قال الغلام مرتهن بعقيقته وهو - إسناد جيد - يرويه أبو هريرة عن
النبي وقال في رواية
الأثرم في العقيقة أحاديث عن النبي مسندة وعن أصحابه وعن
التابعين وقال هؤلاء هي من عمل الجاهلية وتبسم كالمعجب وقال الميموني قلت
لأبي عبد الله يثبت عن النبي في العقيقة شيء فقال أي
والله غير حديث عن النبي عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة قلت له فتلك
الأحاديث التي يعترض فيها فقال ليست بشيء لا يعبأ بها وأما أحاديث عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله قال لا أحب العقوق فسياق الحديث من أدلة
الاستحباب فان لفظه هكذا سئل رسول الله عن العقيقة فقال لا أحب العقوق
وكأنه كره الاسم فقالوا يا رسول الله إنما نسألك عن أحدنا يولد له ولد
فقال من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان مكافئتان وعن
الجارية شاة وأما حديث أبي رافع فلا يصح وقد قال الإمام أحمد في هذه
الأحاديث المعارضة لأحاديث العقيقة ليست بشيء لا يعبأ بها وقد استفاضت
الأحاديث بأن النبي عق عن الحسن والحسين فروى أبو أيوب عن عكرمة عن ابن
عباس أن رسول الله عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا ذكره أبو
داود وقد ذكر جرير بن حازم عن قتادة عن أنس أن النبي عق عن الحسن والحسين
كبشين وذكر يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت عق رسول الله عن الحسن
والحسين يوم السابع ولو صح قوله لا تعقي عنه لم يدل ذلك على كراهة العقيقة
لأنه أحب أن يتحمل عنها العقيقة فقال لها لا تعقي عق هو وكفاها المؤنة
وأما قولهم إنها من فعل أهل الكتاب فالذي من فعلهم تخصيص الذكر بالعقيقة
دون الأنثى كما دل عليه لفظ الحديث فانه قال إن اليهود تعق عن الغلام
شاتين وعن الجارية شاة
قال أبو عمرو فأما العقيقة في اللغة فذكر أبو عبيد عن الأصمعي وغيره
أن أصلها الشعر الذي يكون على رأس الصبي حين يولد وإنما سميت
الشاة التي تذبح عنه عقيقة لأنه يحلق عنه ذلك الشعر عند الذبح قال ولهذا
قال أميطوا عنه الأذى يعني بذلك الشعر قال أبو عبيد وهذا مما قلت لك انهم
ربما سموا الشيء باسم غيره إذا كان معه أو من سببه فسميت الشاة عقيقة
لعقيقة الشعر وكذلك كل مولود من البهائم فإن الشعر الذي يكون عليه حين
يولد عقيقة وعقة قال زهير يذكر حمار وحش أذلك أم أقب البطن جأب ... عليه
من عقيقته عفاء قال يعني صغار الوبر وقال ابن الرقاع يصف حمارا تحسرت عقة
عنه فأنسلها ... واجتاب أخرى جديدا بعدما ابتقلا قال يريد أنه لما فطم من
الرضاع وأكل البقل ألقى عقيقته واجتاب أخرى قال
أبو عبيدة العقيقة والعقة في الناس والحمر ولم يسمع في غير ذلك انتهى كلام
أبي عبيد وقد أنكر الامام أحمد تفسير أبي عبيد
هذا للعقيقة وما ذكره عن الأصمعي وغيره في ذلك وقال إنما العقيقة الذبح
نفسه وقال ولا وجه لما قال أبو عبيد قال أبو عمرو واحتج بعض المتأخرين
لأحمد بن حنبل في قوله هذا بأن ما قال أحمد من ذلك فمعروف في اللغة لأنه
يقال عق إذا قطع ومنه عق والدية إذا قطعهما قال أبو عمرو ويشهد لقول أحمد
بن حنبل قول الشاعر بلاد بها عق الشباب تمائمه ... وأول أرض مس جلدي
ترابها يريد أنه لما شب قطعت عنه تمائه ومثل هذا قول ابن ميادة بلاد بها
نيصت علي تمائمي ... وقطعن عني حين أدركني عقلي قال أبو عمرو وقول أحمد في
معنى العقيقة في اللغة أولى من قول أبي عبيد
وأقرب وأصوب والله أعلم انتهى كلام أبي عمرو وقال الجوهري عق عن ولده يعق
عقا إذا ذبح يوم أسبوعه وكذلك إذا حلق عقيقته فجعل العقيقة لأمرين وهذا
أولى والله أعلم وأما قوله في الحديث لا أحب العقوق فهو تنبيه على كراهة
ما تنفر عنه
القلوب من الأسماء وكان رسول الله شديد الكراهة لذلك جدا حتى
كان يغير الاسم القبيح بالحسن ويترك النزول في الأرض القبيحة الاسم
والمرور بين الجبلين القبيح اسمهما وكان يحب الاسم الحسن والفأل الحسن وفي
الموطأ أن رسول الله قال للقحة من يحلب هذه فقام رجل فقال رسول الله
ما اسمك فقال له الرجل مرة فقال له رسول الله اجلس ثم قال من يحلب هذه
فقام رجل آخر فقال له رسول الله ما اسمك فقال حرب فقال له رسول الله اجلس
ثم قال من يحلب هذه فقام رجل فقال له ما اسمك فقال يعيش فقال له النبي
احلب رواه مرسلا في موطئه وأسنده ابن وهب في جامعه فقال حدثني ابن لهيعة
عن الحارث ابن يزيد عن عبد
الرحمن بن جبير عن يعيش الغفاري قال دعا النبي يوما بناقة فقال من يحلبها
فقام رجل فقال ما اسمك قال مرة قال اقعد فقام آخر فقال ما اسمك قال جمرة
قال اقعد ثم قام رجل فقال ما اسمك قال يعيش قال احلبها قال أبو عمر هذا من
باب الفأل الحسن لا من باب الطيرة وعندي فيه
وجه آخر وهو أن بين الاسم والمسمى علاقة ورابطة تناسبه وقلما يتخلف ذلك
فالألفاظ قوالب للمعاني والأسماء أقوال المسميات وقل إن أبصرت عيناك ذا
لقب ... إلا ومعناه إن فكرت في لقبه فقبح الاسم عنوان قبح المسمى كما أن
قبح الوجه عنوان قبح الباطن ومن هاهنا
والله أعلم أخذ عمرو بن الخطاب رضي الله عنه ما ذكره مالك أنه قال لرجل ما
اسمك فقال جمرة فقال ابن من قال ابن شهاب قال ممن قال من الحرقة قال أين
مسكنك قال بحرة النار قال بأيتها قال بذات لظى فقال عمر أدرك أهلك فقد
احترقوا فكان كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد ذكر ابن أبي خيثمة
من حديث بريدة كان رسول الله لا يتطير فركب بريدة
في سبعين راكبا من أهل بيته من بني أسلم فلقي النبي ليلا فقال له النبي من
أنت قال أنا بريدة فالتفت إلى أبي بكر وقال يا أبا بكر برد أمرنا وصلح ثم
قال ممن قلت من أسلم قال
لأبي بكر الآن سلمنا ثم قال ممن قال من سهم قال خرج سهمك ولما رأى سهيل بن
عمرو مقبلا يوم صلح الحديبية قال سهل أمر كم وانتهى في مسيره إلى جبلين
فسأل عن اسمهما فقال مخز وفاضح فعدل عنهما ولم يسلك بينهما وغير اسم عاصية
بجميلة واسم أصرم بزرعة قال أبو داود في السنن وغير النبي اسم العاص وعزيز
وعتلة وشيطان والحكم
وغراب وشهاب فسماه هشاما وسمى حربا أسلم وسمى المضطجع المنبعث وأرض عفرة
سماها خضرة وشعب الضلالة سماه شعب الهدى وبنو الزينة سماهم بني الرشدة
وهذا باب عجيب من أبواب الدين وهو العدول عن الاسم الذي تستقبحه العقول
وتنفر منه النفوس إلى الاسم الذي هو أحسن منه والنفوس
إليه أميل وكان النبي شديد الاعتناء بذلك حتى قال لا يقل أحدكم خبثت نفسي
ولكن ليقل لقست نفسي فلما كان اسم العقيقة بينه وبين العقوق تناسب وتشابه
كرهه وقال إن الله لا يحب العقوق ثم قال من ولد له مولود فأحب إن ينسك عنه
فليفعل الفصل السادس - هل تكره تسميتها عقيقة اختلفت فيه - فكرهت ذلك
طائفة واحتجوا بأن رسول الله كره الاسم فلا ينبغي
أن يطلق على هذه الذبيحة الاسم الذي كرهه قالوا فالواجب بظاهر هذا الحديث
أن يقال لها نسيكة ولا يقال لها عقيقية وقالت طائفة أخرى لا يكره ذلك
ورأوا إباحته واحتجوا بحديث سمرة الغلام مرتهن بعقيقته وبحديث سلمان بن
عامر مع الغلام عقيقته ففي هذين الحديثين لفظ العقيقة فدل على الإباحة لا
على الكراهة قال أبو عمر فدل ذلك على الكراهة في الاسم وعلى هذا كتب
الفقهاء في كل الأمصار ليس فيها إلا العقيقة لا النسيكة قال على أن حديث
مالك هذا ليس فيه التصريح بالكراهة وكذلك حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده إنما فيهما كأنه كره الاسم وقال من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل قلت
ونظير هذا اختلافهم في تسمية العشاء بالعتمة وفيه روايتان عن الامام
أحمد والتحقيق في الموضعين كراهة هجر الاسم المشروع من العشاء والنسيكة
والاستبدال به اسم العقيقة والعتمة فأما إذا كان المستعمل هو الاسم الشرعي
ولم يهجر وأطلق الاسم الآخر أحيانا فلا بأس بذلك وعلى هذا تتفق الأحاديث
وبالله التوفيق الفصل السابع - في ذكر الخلاف في وجوبها واستحبابها وحجج
الطائفتين قال ابن المنذر اختلفوا في وجوب العقيقة فقالت طائفة واجبة لأن
النبي أمر
بذلك وأمره على الفرض روينا عن الحسن البصري أنه قال في رجل لم يعق عنه
قال يعق عن نفسه وكان لا يرى على الجارية عقيقة قال وروي عن بريدة أن
الناس يعرضون على العقيقة يوم القيامة كما يعرضون على الصلوات الخمس قال
اسحاق بن راهويه حدثنا يعلى بن عبيد قال حدثنا صالح بن حبان عن ابن بريدة
عن أبيه أن الناس يعرضون يوم القيامة على العقيقة كما يعرضون على الصلوات
الخمس فقلت لابن بريدة وما العقيقة قال المولود يولد في الاسلام ينبغي أن
يعق عنه وقال أبو الزناد العقيقة من أمر المسلمين الذين كانوا يكرهون
تركه قال وروينا عن الحسن البصري أنه قال العقيقة عن الغلام واجبة يوم
سابعه وقال أبو عمر وأما اختلاف العلماء في وجوبها فذهب أهل الظاهر إلى أن
العقيقة واجبة فرضا منهم داود وغيره قالوا إن رسول الله أمر وعمل بها قال
الغلام مرتهن بعقيقته ومع الغلام عقيقته وقال عن الجارية شاة وعن الغلام
شاتان ونحو هذا من الأحاديث وكان بريدة الأسلمي يوجبها ويشبهها بالصلاة
وكان الحسن البصري يذهب إلى أنها واجبة عن الغلام يوم سابعه فإن لم يعق
عنه عق عن نفسه وقال الليث بن سعد يعق عن المولود أيام سابعه في أيها
شاؤوا فإن لم يتهيأ لهم العقيقة في سابعه فلا بأس أن يعق عنه بعد ذلك وليس
بواجب أن يعق عنه بعد سبعة أيام فكان الليث بن سعد يذهب إلى أنها واجبة في
السبعة الأيام وكان مالك يقول هي سنة واجبة يجب العمل بها وهو قول الشافعي
وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبي ثور والطبري هذا كلام أبي عمر قلت والسنة
والواجبة هند أصحاب مالك ما تأكد استحبابه وكره تركه فيسمونه
واجبا وجوب السنن ولهذا قالوا غسل الجمعة سنة واجبة والأضحية سنة واجبة
والعقيقة سنة واجبة وقد حكى أصحاب أحمد عنه في وجوبها روايتين وليس عنه نص
صريح في الوجوب ونحن نذكر نصوصه قال الخلال
في الجامع ذكر استحباب العقيقة وأنها غير غير واجبة أخبرنا سليمان بن
الأشعث قال سمعت أبا عبد الله سئل عن العقيقة ما هي قال الذبيحة وأنكر قول
الذي يقول هي حلق الرأس أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل حدثهم قال سألت
أبا عبد الله عن العقيقة
واجبة هي قال لا ولكن من أحب أن ينسك فلينسك قال وسألت أبا عبد الله عن
العقيقة أتوجبها قال لا ثم ذكر عن أحمد بن القاسم أن أبا عبد الله قيل له
في العقيقة واجبة هي قال أما واجبة فلا أدري ولا أقول واجبة ثم قال أشد
شيء فيه أن الرجل مرتهن بعقيقته وقال الأثرم قلت لأبي عبد الله العقيقة
واجبة قال لا وأشد شيء روي فيها
حديث الغلام مرتهن بعقيقته هو أشدها وقال حنبل قال أبو عبد الله لا أحب
لمن أمكنه وقدر أن لا يعق عن ولده ولا
يدعه لأن النبي قال الغلام مرتهن بعقيقته فهو أشد ما روي في العقيقة وقال
الحارث سألت أبا عبد الله عن العقيقة واجبة هي عن الغني
والفقير إذا ولد له أن يعق عنه قال أبو عبد الله قال الحسن عن سمرة عن
النبي كل غلام رهينة بعقيقته حتى يذبح عنه يوم سابعه ويحلق رأسه هذه سنة
رسول الله وآني لأحب أن تحيى هذه السنة أرجو أن يخلف الله عليه وقال إسحاق
بن إبراهيم سألت أبا عبد الله عن حديث النبي ما معناه الغلام
مرتهن بعقيقته قال نعم سنة النبي أن يعق عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة
فإذا لم يعق عنه فهو محتبس بعقيقته حتى يعق عنه وقال جعفر بن محمد قيل
لأبي عبد الله في العقيقة فان لم تكن عنده قال ليس
عليه شيء وقال الحارث قيل لأبي عبد الله في العقيقة فان لم يكن عنده يعني
ما يعق قال إن استقرض رجوت أن يخلف الله عليه أحيا سنة وقال صالح قلت لأبي
يولد للرجل وليس عنده ما يعق أحب إليك أن يستقرض ويعق
عنه أم يؤخر ذلك حتى يوسر فقال أشد ما سمعت في العقيقة حديث الحسن عن سمرة
عن النبي كل غلام رهينة بعقيقته
وإني لأرجو إن استقرض أن يعجل الله له الخلف لأنه أحيا سنة من سنن رسول
الله واتبع ما جاء به فهذه نصوصه كما ترى ولكن أصحابه فرعوا على القول
بالوجوب ثلاثة فروع أحدها هل هي واجبة على الصبي في ماله أو على أبيه
الثاني هل تجب الشاة على الذكر أو الشاتان الثالث إذا لم يعق عنه أبوه هل
تسقط أو يجب أن يعق عن نفسه إذا بلغ فأما الفرع الأول فحكموا فيه وجهين
أحدهما يجب على الأب وهو المنصوص عن أحمد قال إسماعيل بن سعيد الشالنجي
سألت أحمد عن الرجل يخبره والده أنه لم يعق عنه هل يعق عن نفسه قال ذلك
على الأب والثاني في مال الصبي وحجة من أوجبها على الأب أنه هو المأمور
بها كما
تقدم واحتج من أوجبها على الصبي بقوله الغلام مرتهن بعقيقته وهذا الحديث
يحتج به الطائفتان فان أوله الإخبار عن ارتهان الغلام بالعقيقة وآخره
الأمر بأن يراق عنه الدم قال الموجبون ويدل على الوجوب قوله عن الغلام
شاتان وعن الجارية شاة وهذا يدل على الوجوب لأن المعنى يجزىء عن الجارية
شاة وعن الغلام شاتان واحتجوا بحديث البخاري عن سلمان بن عامر عن النبي
قال مع الغلام
عقيقته فأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى قالوا وهذا يدل على الوجوب من
وجهين أحدهما قوله مع الغلام عقيقته وهذا ليس إخبارا عن الواقع بل عن
الواجب ثم أمرهم أن يخرجوا عنه هذا الذي معه فقال أهريقوا عنه دما قالوا
ويدل عليه أيضا حديث عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله أمر
بتسمية المولود يوم سابعه ووضع الأذى عنه والعق قالوا وروى الترمذي حدثنا
يحيى ابن خلف حدثنا بشر بن المفضل حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن
يوسف بن ماهك أنهم دخلوا على حفصة بنت عبد الرحمن فسألوها عن العقيقة
فأخبرتهم أن عائشة رضي الله عنها أخبرتها أن رسول الله أمرهم عن الغلام
شاتان وعن الجارية شاة قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وقال أبو بكر بن أبي
شيبة حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة حدثنا
عبد الله ابن عثمان بن خثيم عن يوسف بن ماهك عن حفصة بنت عبد الرحمن عن
عائشة رضي الله عنها قالت أمرنا رسول الله أن نعق عن الغلام شاتين وعن
الجارية شاة قال أبو بكر حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب حدثنا عبد الله بن
وهب قال حدثني
عمرو بن الحارث عن أيوب بن موسى أنه حدثه أن يزيد بن عبد المزني حدثه أن
النبي قال يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم قالوا وهذا خبر بمعنى الأمر قال
أبو بكر وحدثنا ابن فضيل عن يحيى بن سعيد عن محمد بن ابراهيم قال كان
يؤمر بالعقيقة ولو بعصفور
قال القائلون بالاستحباب لو كانت واجبة لكان وجوبها معلوما من الدين
لأن ذلك مما تدعو الحاجة إليه وتعم به البلوى فكان رسول الله
يبين وجوبها للأمة بيانا عاما كافيا تقوم به الحجة وينقطع معه العذر قالوا
وقد علقها بمحبة فاعلها فقال من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فليفعل قالوا
وفعله لها لا يدل على الوجوب وإنما يدل على الاستحباب قالوا وقد روى أبو
داود من حديث عمرو بن شعيب أن النبي سئل عن العقيقة
فقال لا يحب الله العقوق كأنه كره الاسم وقال من ولد له ولد وأحب أن ينسك
عنه فليفعل عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة وهذا مرسل وقد رواه مرة عن
عمرو عن أبيه قال أراه عن جده وروى مالك عن زيد بن أسلم عن رجل من بني
ضمرة عن أبيه أن رسول الله سئل عن العقيقة فقال لا أحب العقوق وكأنه إنما
كره الاسم وقال من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل قال البيهقي وإذا انضم إلى
الأول قويا قلت وحديث عمرو بن شعيب قد جوده عبد
الرزاق فقال أخبرنا داود بن قيس قال سمعت عمرو بن شعيب يحدث عن أبيه عن
جده قال سئل النبي عن العقيقة فذكر الحديث الفصل الثامن - في الوقت الذي
تستحب فيه العقيقة قال أبو داود في كتاب المسائل سمعت أبا عبد الله يقول
العقيقة تذبح يوم
السابع وقال صالح بن أحمد قال أبي في العقيقة تذبح يوم السابع فإن لم يفعل
ففي أربع عشرة فإن لم يفعل ففي إحدى وعشرين وقال الميموني قلت لأبي عبد
الله متى يعق عنه قال أما عائشة فتقول سبعة أيام وأربعة عشرة ولأحد وعشرين
وقال أبو طالب قال أحمد تذبح العقيقة لأحد وعشرين يوما انتهى والحجة على
ذلك حديث سمرة المتقدم الغلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم
السابع ويسمى قال الترمذي حديث صحيح وقال عبد الله ابن وهب أخبرني محمد بن
عمرو عن ابن جريج عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت
عق رسول الله عن حسن وحسين يوم السابع وسماهما وأمر أن يماط عن رؤوسهما
الأذى وقال أبو بكر بن المنذر حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ قال حدثني أبو
جعفر
الرازي حدثنا أبو زهير عبد الرحمن بن مغراء حدثنا محمد بن اسحاق عن عمرو
بن شعيب عن أبيه عن جده قال أمرنا رسول الله حين سابع المولود بتسمية
وعقيقته ووضع الأذى عنه وهذا قول عامة أهل العلم ونحن نحكي ما بلغنا من
أقوالهم وأرفع من روي عنه
ذلك عائشة أم المؤمنين كما حكاه احمد عنها في رواية الميموني وكذلك قال
الحسن البصري وقتادة يعق عنه يوم سابعه وقال أبو عمر وكان الحسن البصري
يذهب إلى أنها واجبة عن الغلام يوم سابعه فإن لم يعق عنه عق عن نفسه وقال
الليث بن سعد يعق عن المولود في أيام سابعه فان لم يتهيأ لهم العقيقة في
سابعه فلا بأس أن يعق عنه بعد ذلك وليس بواجب أن يعق عنه بعد سبعة أيام
قال أبو عمر وكان الليث يذهب إلى أنها واجبة في السبعة الأيام وقال عطاء
إن اخطأ هم أمر العقيقة يوم السابع أحببت أن يؤخره إلى اليوم السابع الآخر
وكذلك قال احمد وإسحاق والشافعي ولم يزد مالك على السابع الثاني وقال ابن
وهب لا بأس أن يعق عنه في السابع الثالث وهو قول عائشة وعطاء واحمد وإسحاق
قال مالك ولا يعد اليوم الذي ولد فيه إلا أن يولد قبل الفجر من ليلة ذلك
اليوم والظاهر أن التقييد بذلك استحباب وإلا فلو ذبح عنه في الرابع أو
الثامن أو العاشر أو ما بعده أجزأت والاعتبار بالذبح لا بيوم الطبخ والأكل
قال الخلال باب ما يستحب من العقيقة وفضلها على الصدقة اخبرنا
سليمان بن الأشعث قال سئل أبو عبد الله وأنا اسمع عن العقيقة
أحب إليك أو يدفع ثمنها للمساكين قال العقيقة وقال في رواية الحارث وقد
سئل عن العقيقة إن استقرض رجوت أن يخلف الله عليه أحيا سنة وقال له صالح
ابنه الرجل يولد له وليس عنده ما يعق أحب إليك أن يستقرض ويعق عنه أم يؤخر
ذلك حتى يوسر قال أشد ما سمعنا في العقيقة حديث الحسن عن سمرة عن النبي كل
غلام رهينة بعقيقته وإني لأرجو إن استقرض أن يعجل الله الخلف لأنه أحيا
سنة من سنن رسول الله واتبع ما جاء عنه انتهى وهذا لأنه سنة ونسيكة مشروعة
بسبب تجدد نعمة الله على الوالدين وفيها سر
بديع موروث عن فداء إسماعيل بالكبش الذي ذبح عنه وفداه الله به فصار سنة
في أولاده بعده أن يفدي أحدهم عند ولادته بذبح ولا يستنكر أن يكون هذا
حرزا له من الشيطان بعد ولادته كما كان ذكر اسم الله عند وضعه في الرحم
حرزا له من ضرر الشيطان ولهذا قل من يترك أبواه العقيقة عنه إلا وهو في
تخبيط من الشيطان وأسرار الشرع أعظم من هذا ولهذا كان الصواب أن الذكر
والأنثى يشتركان في مشروعية
العقيقة وإن تفاضلا في قدرها وأما أهل الكتاب فليست العقيقة عندهم للأنثى
وإنما هي للذكر خاصة وقد ذهب
إلى ذلك بعض السلف قال أبو بكر بن المنذر وفي هذا الباب قول ثالث قاله
الحسن وقتادة كانا لا يريان عن الجارية عقيقة وهذا قول ضعيف لا يلتفت إليه
والسنة تخالفه من وجوه كما سيأتي في الفصل الذي بعد هذا فكان الذبح في
موضعه أفضل من الصدقة بثمنه ولو زاد كالهدايا والأضاحي فإن
نفس الذبح وإراقة الدم مقصود فإنه عبادة مقرونة بالصلاة كما قال تعالى فصل
لربك وانحر وقال قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين الأنعام
162 ففي كل ملة صلاة ونسيكة لا يقوم غيرهما مقامهما ولهذا لو تصدق عن دم
المتعة والقران بأضعاف أضعاف القيمة لم يقم مقامه وكذلك الأضحية والله
أعلم
وفيه مسألتان المسألة الأولى العقيقة سنة عن الجارية كما هي سنة عن الغلام
هذا قول جمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وقد تقدم ما حكاه
ابن المنذر عن الحسن وقتادة أنهما كانا لا يريان عن الجارية
عقيقة ولعلهما تمسكا بقوله مع الغلام عقيقته وهذا الحديث رواه
الحسن وقتادة من حديث سمرة والغلام اسم الذكر دون الأنثى ويرد هذا القول
حديث أم كرز أنها سألت رسول الله عن العقيقة فقال عن الغلام شاتان وعن
الجارية شاة لا يضر كم ذكرانا كن أم إناثا وهو حديث صحيح صححه الترمذي
وغيره وحديث عائشة أمرنا أن نعق عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة رواه ابن
أبي شيبة وقد تقدم إسناده وقال أبو عاصم حدثنا سالم بن تميم عن الأعرج عن
أبي هريرة أن النبي قال إن
اليهود تعق عن الغلام ولا تعق عن الجارية فعقوا عن الغلام شاتين وعن
الجارية شاة رواه البيهقي من هذا الطريق وقال مالك يذبح عن الغلام شاة
واحدة وعن الجارية شاة والذكر والأنثى في ذلك سواء واحتج لهذا القول بما
رواه أبو داود في سننه حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا أيوب عن
عكرمة عن ابن عباس أن رسول عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا كبشا قال أبو
عمر وروى جعفر عن محمد عن أبيه أن فاطمة ذبحت
عن الحسن والحسين كبشا كبشا قال وكان عبد الله بن عمر يعق عن الغلمان
والجواري من ولده شاة شاة وبه
قال أبو جعفر محمد بن علي بن حسين رضي الله عنهم أجمعين كقول مالك سواء
قال أبو عمر وقال ابن عباس وعائشة وجماعة من أهل الحديث عن الغلام شاتان
وعن الجارية شاة ثم ذكر طرف حديث أم كرز وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده يرفعه من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة
و لا تعارض بين أحاديث التفضيل بين الذكر والأنثى وبين حديث ابن عباس في
عقيقة الحسن والحسين فإن حديثه قد روي بلفظين أحدهما أنه عق عنهما كبشا
كبشا والثاني أنه عق عنهما كبشين ولعل الراوي أراد كبشين عن كل واحد منهما
فاقتصر على قوله كبشين ثم روي بالمعنى كبشا كبشا وذبحت أمهما عنهما كبشين
والحديثان كذلك رويا فكان أحد الكبشين من النبي والثاني من فاطمة واتفقت
جميع الأحاديث وهذه قاعدة الشريعة فإن الله سبحانه فاضل بين الذكر والأنثى
وجعل الأنثى على النصف من الذكر في المواريث والديات والشهادات والعتق و
العقيقة كما رواه الترمذي وصححه من حديث أبي أمامة عن النبي قال أيما
امرىء مسلم أعتق مسلما كان فكاكه من النار يجزىء كل عضو منه عضوا منه
وأيما امرىء مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار يجزىء كل عضو
منهما عضوا منه وفي مسند الامام أحمد من حديث مرة بن كعب السلمي عن النبي
أيما رجل أعتق رجلا مسلما كان فكاكه من النار يجزىء بكل عضو من أعضائه
عضوا من أعضائه وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة كانت فكاكها من النار
يجزىء بكل عضو من أعضائها عضوا من أعضائها رواه أبو داود في السنن فجرت
المفاضلة في العقيقة هذا المجرى لو لم يكن فيها سنة كيف والسنن الثابتة
صريحة بالتفضيل
قال الخلال في جامعه باب ذكر الغرض في العقيقة وما يؤمل لإحياء السنة من
الخلف ثم ذكر رواية الحارث أنه قال لأبي عبد الله في العقيقة فإن لم يكن
عنده ما يعق قال إن استقرض رجوت أن يخلف الله عليه أحيا سنة ومن رواية
صالح عن أبيه إني لأرجو إن استقرض أن يجعل الله له الخلف أحيا سنة من سنن
رسول الله واتبع ما جاء عنه ومن فوائدها أنها قربان يقرب به عن المولود في
أول أوقات خروجه إلى الدنيا
والمولود ينتفع بذلك غاية الانتفاع كما ينتفع بالدعاء له وإحضاره مواضع
المناسك والإحرام عنه وغير ذلك ومن فوائدها أنها تفك رهان المولود فإنه
مرتهن بعقيقته قال الامام أحمد مرتهن عن الشفاعة لوالديه وقال عطاء بن أبي
رباح مرتهن بعقيقته قال يحرم شفاعة ولده ومن فوائدها أنها فدية يفدى بها
المولود كما فدى الله سبحانه إسماعيل
الذبيح بالكبش وقد كان أهل الجاهلية يفعلونها ويسمونها عقيقة ويلطخون رأس
الصبي بدمها فأقر رسول الله الذبح وأبطل اسم العقوق ولطخ رأس الصبي بدمها
فقال لا أحب العقوق وقال لا يمس رأس
المولود بدم وأخبر أن ما يذبح عن المولود إنما ينبغي أن يكون
على سبيل النسك كالأضحية والهدي فقال من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل
فجعلها على سبيل الأضحية التي جعلها الله نسكا وفداء لإسماعيل عليه السلام
وقربه إلى الله عز و جل وغير مستبعد في حكمة الله في شرعه وقدره أن يكون
سببا لحسن إنبات الولد ودوام سلامته وطول حياته في حفظه من ضرر الشيطان
حتى يكون كل عضو منها فداء كل عضو منه ولهذا يستحب أن يقال عليها ما يقال
على الأضحية قال أبو طالب سألت أبا عبد الله إذا أراد الرجل أن يعق كيف
يقول قال يقول
باسم الله ويذبح على النية كما يضحي بنيته يقول هذه عقيقة فلان بن فلان
ولهذا يقول فيها اللهم منك ولك ويستحب فيها ما يستحب في الأضحية من الصدقة
وتفريق اللحم فالذبيحة عن الولد فيها معنى القربان والشكران والفداء
والصدقة وإطعام الطعام عند حوادث السرور العظام شكرا لله وإظهار لنعمته
التي هي غاية المقصود من النكاح فإذا شرع الإطعام للنكاح الذي هو وسيلة
إلى حصول هذه النعمة فلأن يشرع عند الغاية المطلوبة أولى وأحرى وشرع بوصف
الذبح المتضمن لما ذكرناه من الحكم فلا أحسن ولا أحلى في القلوب
من مثل هذه الشريعة في المولود وعلى نحو هذا جرت سنة الولائم في المناكح
وغيرها فإنها إظهار للفرح والسرور بإقامة شرائع
الإسلام وخروج نسمه مسلمة يكاثر بها رسول الله الأمم يوم القيامة تعبدا
لله ويراغم عدوه ولما أقر رسول الله العقيقة في الإسلام وأكد أمرها وأخبر
أن الغلام مرتهن
بها نهاهم أن يجعلوا على رأس الصبي من الدم شيئا وسن لهم أن يجعلوا عليه
شيئا من الزعفران لأنهم في الجاهلية إنما كانوا يلطخون رأس المولود بدم
العقيقة تبركا به فإن دم الذبيحة كان مباركا عندهم حتى كانوا يلطخون منه
آلهتهم تعظيما لها وإكراما فأمر بترك ذلك لما فيه من التشبه بالمشركين
وعوضوا عنه بما هو أنفع للأبوين وللمولود وللمساكين وهو حلق رأس الطفل
والتصدق بزنة شعره ذهبا أو فضة وسن لهم أن يلطخوا الرأس بالزعفران الطيب
الرائحة الحسن اللون بدلا عن الدم الخبيث الرائحة النجس العين والزعفران
من أطيب الطيب وألطفه وأحسنه لونا وكان حلق رأسه إماطة الأذى عنه وإزالة
الشعر الضعيف ليخلفه شعر أقوى وأمكن منه وأنفع للرأس ومع ما فيه من
التخفيف عن الصبي وفتح مسام الرأس ليخرج البخار منها بيسر وسهولة وفي ذلك
تقوية بصره وشمه وسمعه وشرع في المذبوح عن الذكر أن يكون شاتين إظهار
لشرفه وإباحة لمحله الذي
فضله الله به على الأنثى كما فضله في الميراث والدية
والشهادة وشرع أن تكون الشاتان مكافئتين قال أحمد في رواية أبي داود
مستويتان أو متقاربتان وقال في رواية الميموني مثلان في رواية جعفر بن
الحارث تشبه إحداهما الأخرى لأن كل شاة منهما كانت بدلا وفداء وجعلت
الشاتان مكافئتين في الجنس والسن فجعلتا كالشاة الواحدة والمعنى أن الفداء
لو وقع بالشاة الواحدة لكان ينبغي أن تكون فاضلة كاملة فلما وقع بالشاتين
لم يؤمن أن يتجوز في إحداهما ويهون أمرها إذ كان قد حصل الفداء بالواحدة
والأخرى كأنها تتمه غير مقصود فشرع أن تكونا متكافئتين دفعا لهذا التوهم
وفي هذا تنبيه على تهذيب العقيقة من العيوب التي لا يصح بها القربان من
الأضاحي وغيرها ومنها فك رهان المولود فإنه مرتهن بعقيقته كما قال النبي
اختلف في معنى هذا الحبس والارتهان فقالت طائفة هو محبوس مرتهن عن الشفاعة
لوالديه كما قال عطاء وتبعه عليه الامام أحمد وفيه نظر لا يخفى فإن شفاعة
الولد في الوالد ليست بأولى من العكس وكونه والدا له ليس للشفاعة فيه وكذا
سائر القرابات والارحام وقد قال تعالى يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا
يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا لقمان 33 وقال
تعالى
واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة البقرة 48 وقال
تعالى من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة البقرة 254 فلا
يشفع أحد لأحد يوم القيامة إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى فإذنه
سبحانه في الشفاعة موقوف على عمل المشفوع له من توحيده وإخلاصه ومن الشافع
من قربه عند الله ومنزلته ليست مستحقة بقرابة ولا بنوة ولا أبوة وقد قال
سيد الشفعاء وأوجههم عند الله لعمه ولعمته وابنته لا أغني عنكم من الله
شيئا وفي رواية لا أملك لكم من الله شيئا وقال في شفاعته العظمى لما يسجد
بين يدي ربه ويشفع فيحد لي حدا فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة فشفاعته في
حد محدود يحدهم الله سبحانه له لا يجاوزهم شفاعته فمن أين يقال إن الولد
يشفع لوالده فإذا لم يعق عنه حبس عن الشفاعة له ولا
يقال لمن لم يشفع لغيره إنه مرتهن ولا في اللفظ ما يدل على ذلك والله
سبحانه يخبر عن ارتهان العبد بكسبه كما قال الله تعالى كل
نفس بما كسبت رهينة المدثر 38 وقال تعالى أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا
الأنعام 70 فالمرتهن هو المحبوس إما بفعل منه أو فعل من غيره وأما من لم
يشفع لغيره فلا يقال له مرتهن على الإطلاق بل المرتهن هو المحبوس عن أمر
كان بصدد نيله وحصوله ولا يلزم من ذلك أن يكون بسبب منه بل يحصل ذلك تارة
بفعله وتارة بفعل غيره وقد جعل الله سبحانه النسيكة عن الولد سببا لفك
رهانه من الشيطان الذي يعلق به من حين خروجه إلى الدنيا وطعن في خاصرته
فكانت العقيقة فداء وتخليصا له من حبس الشيطان له وسجنه في أسره ومنعه له
من سعيه في مصالح آخرته التي إليها معاده فكأنه محبوس لذبح الشيطان له
بالسكين التي أعدها لأتباعه وأوليائه وأقسم لربه أنه ليستأصلن ذرية آدم
إلا قليلا منهم فهو بالمرصاد للمولود من حين يخرج إلى الدنيا فحين يخرج
يبتدره عدوه ويضمه إليه ويحرص على أن يجعله في قبضته وتحت أسره ومن جملة
أوليائه وحزبه فهو أحرص شيء على هذا وأكثر المولودين من أقطاعه وجنده كما
قال تعالى وشاركهم في الأموال
والأولاد الإسراء 64 وقال ولقد صدق عليهم إبليس ظنه سبأ 20 فكان المولود
بصدد هذا الارتهان فشرع الله سبحانه
للوالدين أن يفكا رهانه بذبح يكون فداه فإذا لم يذبح عنه بقي مرتهنا به
فلهذا قال النبي الغلام مرتهن بعقيقته فأريقوا عنه الدم وأميطوا عنه الأذى
فأمر بإراقة الدم عنه الذي يخلص به من الارتهان ولو كان الارتهان يتعلق
بالأبوين لقال فأريقوا عنكم الدم لتخلص إليكم شفاعة أولادكم فلما أمر
بإزالة الأذى الظاهر عنه وإراقة الدم الذي يزيل الأذى الباطن بارتهانه علم
أن ذلك تخليص للمولود من الأذى الباطن والظاهر والله أعلم بمراده ورسوله
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى