ابو اسلام
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
تكون
قصتي درسا للقانطين, وقد تكون عظة للظالمين وقد تكون قدوة للصابرين وقد
تكون.. وقد تكون قد.. ولكنها بكل تأكيد عند نشرها ستكون تفريجا لهمي
وحزني وألمي المبين, لا أعلم من أين أبدأ وكيف سأنتهي ولكن الذي أعلمه
جيدا هو أنني لو تركت نفسي لكي أسرد ما أريد لما كفت صفحات الجريدة كلها
لعدة شهور, ففي قصتي ما يطول ولكني بايجاز شديد سألخص وأقول هي قصة أم
فوق مثالية بمراحل, ليس لأنها أمي ولكن لما عانته ولاقته من صعاب وأهوال
وابتلاءات نحن سبعة أشقاء خمس بنات وولدان, الابتلاء الأول كان في أختنا
الكبري التي مرضت بمرض لا يعلمه إلا الله وأعجز هذا المرض أختي عن الحركة
تماما( شلل رباعي) منذ أن كان عمرها21 سنة وحتي الآن عمرها أصبح40
سنة وأنفق والدي عند الأطباء كل ما ادخره من سنوات غربته بالسعودية,
وهو
ليس بالقليل أملا في الشفاء ولكن الشفاء من عند الله, ولم يأذن به حتي
الآن, وعلي مدي الـ82 سنة السابقة لك أن تتخيل حال أمي حيث ترعاها
رعاية كاملة من الألف إلي الياءو وكذلك ترعانا أنا واخوتي طبعا, ليس هذا
فقط لكن منذ بداية مرضها ساعدتها أمي وشجعتها علي استكمال دراستها التي
كانت قد توقفت فور مرضها لمدة عامين أثناء العلاج, ولكن بلا جدوي ولم
يدخل اليأس إلي نفس أختي ولا أمي وساعدتها أمي بكل طاقتها لاستكمال تعليمها
الاعدادي ثم الثانوي ثم الجامعي,
كانت
تذهب بها كل يوم ذهابا وإيابا إلي المدرسة بكرسيها المتحرك ثم إلي الجامعة
التي كانت في عاصمة المحافظة التي نسكنها والتي ليست بالقريبة من
بلدتنا, ولم توجد وسيلة مواصلات تصلح لأختي بكرسيها المتحرك سوي
القطار, والذي أيضا يحتاج للسير من بيتنا للمحطة, ومن محطة القطار
للكلية فلا سبيل لوسيلة مواصلات داخل العاصمة تصلح للتنقل بالكرسي المتحرك
حيث كانت أمي تسير مسافات ومسافات وهي تدفع الكرسي بأختي ـ شفاها الله ـ في
عز الحر تارة وعز البرد تارة أخري لدرجة أن أحد كعب رجليها ـ كرمها الله ـ
تشقق لدرجة لا توصف فكانت تقول أحيانا ان حرارة الجو النهاردة مخلية
الرصيف ملهلب لدرجة تشوي اللحمة وهكذا فاتت السنون وأكملت أختي تعليمها
الجامعي وكذلك نحن باقي الاخوة كانت تذلل لكل منا الطريق لكي يكمل تعليمه
الجامعي بل وبعضنا أتم ما هو فوق الجامعي, وكانت أختي المريضة تلتحق بما
هو فوق الجامعي, لولا اكتشافنا لمرض أمي بتضخم في عضلة القلب مزمن وهذا
هو الابتلاء الثاني, ولم تكن تعلم عنه شيئا نظرا لانها كالمعتاد كانت
تشعر بالتعب وتتحمله دون شكوي منها, وكل ذلك في وجود أبي الذي كان وجوده
ابتلاء ثالثا فقد كان سامحه الله حاد الطباع( شرس بمعني الكلمة ولكني لا
أريد أن يذكر ذلك في الرسالة قاسي القلب كثير الضرب لها بسبب وبدون) رغم
كل ما تعانيه أمي لم يكن لها بالمعين بل كان علي العكس من ذلك كان عبئا
بكثرة مشاجراته التي كانت بسبب وبدون سبب ثم ما لبثت أمي وأصيبت بالابتلاء
الرابع وهو مرضها بالفيروس الكبدي سي, وما يسببه من مشكلات وتدهور في
الحالة الصحية وهل كانت أمي تشكو أو تعترض؟ لا والله بل كانت شاكرة صابرة
ومتممة لأعمال بيتها دون كلل أو ملل من شراء احتياجات ونظافة وطهي وغسل
و... الخ من أعمال المنزل التي تشكو منها سيدات البيوت الأصحاء.
ولم
يكن هذا هو الابتلاء الأخير بل ابتلاها الله ابتلاء آخر وهو مرضها
بالسرطان, أكاد لا أري الحروف أمامي من انهمار دموعي, فقد كان ابتلاء
عظيما بل وأخيرا نعم سيدي أخيرا فقد عفا الله عنها ومن عليها بالرحمة
وتوفاها الله ـ عظم الله أجرك يا أمي, وتقبلك الرحمن الرحيم مع الشهداء
والصديقين, منذ فترة قرأت رسالة في بريد الجمعة بعنوان مدرسة الصبر وأود
أن أقول له يا صاحب مدرسة الصبر تعال وتعلم معني الصبر, فلا تقف الدنيا
وتنتهي لمجرد أنك فقدت مالك وخسرت مشروعاتك, أنا لا أقلل من مصيبتك لكن
أخبرك بأن أعظم المصائب لم تكن في ضياع المال الذي يمكن أن يأتي غيره ولكن
أعظم المصائب في فقدان العزيز الذي لا يمكن أن يأتي غيره, كما أود أن
أقول لكل عاق لأمه أذهب إليها وقبل يديها قبل أن يأتي عليك يوم تود أن تبيع
كل ما لديك في مقابل نظرة في عينيها, أنا والحمد لله أبدا لم أكن عاقة
لأمي رحمها الله ولكن الآن أود أبيع عمري كله في سبيل حضن من أحضانها, أو
دعواتها الصادقة, أرجوك أن تنشر رسالتني لكي أؤمن علي دعوتي كل قراء
بريدك, فأنا أشعر أن ذلك أقل مايمكن أن أقدمه لأمي رحمها الله, وسيكون
شفاء لما في صدري أنا واخوتي جميعا من حزن لا يعلم قدره إلا الله سبحانه
وتعالي اللهم ارحم أمي.. اللهم تجاوز عن سيئاتها.. اللهم زدها في
حسناتها.. اللهم اجعل قبرها روضة من رياض الجنة.. اللهم أفسح لها في
قبرها مد بصرها.. اللهم بدد وحشتها وآمن روعاتها وآنس وحدتها.. اللهم
تقبلها مع الشهداء والصديقين والصالحين.. آمين آمين آمين.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى