لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

قصة المنـارة Empty قصة المنـارة {الأحد 24 يوليو - 15:45}


كان
الدكتور عبد الفتاح من أبرع الأطباء الشبان .. وكان قد قضى ثلاث سنوات في
الخارج يدرس طب المناطق الحارة .. فلما عاد إلى مصر اشتغل سنتين في مستشفى
الدمرداش بالقاهرة ثم انتقل طبيبا لوحدة مجمعة ب إحدى قرى الصعيد ..




وكان
متزوجا من شابة جميلة ومتعلمة مثله .. ولكنها رفضت أن تذهب معه إلى الريف
.. فسافر وحده وأقام في البيت الذي أعدته له الحكومة ..




وكان يعمل بإخلاص وعن عقيدة متمكنة ، وقد أفادته رحلته في الخارج ، فأصبح أكثر تجربة ودراية بأحوال البشر ..



وكان
هو المحرك في الواقع للمجمع كله .. وعليه يتركز العمل .. لأن باقي
الموظفين كانوا يتركونه بعد أن ينتهي عملهم ويسرعون إلى بيوتهم في البندر
.. أما هو فكان يبقى ويغرى الموظفين على البقاء .. لأنه كان يعتقد أن الريف
المصري لا يمكن أن يتقدم أبدا .. مادام الموظفون يتركونه إلى المدينة ..




وكان
يعتقد اعتقادا راسخا .. أن هذا المجمع نفسه .. سيخيم عليه الظلام وينسج
عليـه العنكبوت خيوطه إذا ترك أمره للتمورجى والخفير .. وفراش المدرسة ..




وفى الشهر الأول من قدومه .. قابله الفلاحـون بالصدود والتوجس .. وكانوا يتركونه ويذهبون إلى أطباء البندر ..



وظل
في حيرة حتى عرف السبب .. فقد كان الطبيب الذي قبله يمتص دماءهم ويفرض
عليهم أن يأتوا إلى عيادته ليتقاضى منهم أتعابه أضعافا مضاعفة .. فكره
المرضى من الفلاحين المجمع .. وأصبح بناية بيضاء من غير روح تسيره ..




وظل
الدكتور عبد الفتاح .. يقاوم هذا الجفاء بإنسانيته وبصيرته حتى أعـاد ثقة
الفلاحين إلى بناية الحكومة .. وتدفق عليه الناس كالسيل .. وكان المرضى
يأتون إليه من كل القرى المجاورة ..




وكان إذا سمع بمريض عاجز عن الحركة يذهب إليه بنفسه .. ويظل يتردد عليه حتى يشفى ولا يتقاضى منه أجرا على الإطلاق ..



وإذا
ذهب إلى البندر يكون كل همه أن يحصل على الأدوية النادرة التي تنفع
الفلاحين .. وتعالج أمراضهم المزمنـة .. ويدفـع ثمنها من جيبه ..




وفى خلال فترة قليلة .. تحول الفلاحون إليه بقلوبهم .. وأصبح محبوبهم وأدركوا أنه المصباح الحقيقي المنير في القرية ..



وكان هو يشعر بسعادة غامرة .. وهو يرى الوجوه المنقبضة تتفتح للحياة وتتطلع إلى المستقبل ..



وكان
الماضي يمزقهم .. خـداع الموظفين لهم .. واستغلالهم جهلهم .. وحيل الصراف
عليهم .. وغشهم في الشونة وسرقتهم في الميزان .. عند توريد المحصول ..
ومشاكل السماد والبذور .. ومياه الرئ .. واضطرارهم .. إلى الاستدانة
بالفائدة الباهظة ..




ثم
الآفات الزراعية التي تنزل بهم .. كل هذه الأشياء حطمتهم .. وجعلتهم ..
يمكرون .. ويسرقون .. ويكذبون .. ويخدعون .. ويقتل بعضهم بعضا ..


وكانوا يتوجسون شرا .. من كل شيء جديد ..



ولما
قام المجمع .. بعيدا عن القرية .. تطلعوا إليه في وجوم .. فلما سرت فيه
الروح الإنسانية .. وأصبح منارة في هذا الظلام .. أقبلوا عليه .. ونسوا
الماضي كله ..




وسُر
الدكتور عبد الفتاح من نجاحه في الريف .. سر لأنه استطاع أن يلمس قلوب
الفلاحين .. وكان يزورهم في القرية ويقضى الليل في مجالسهم في " المندرة "
.. يستمع إلى شكاياتهم .. وأحاديثهم عن الزراعة وأحوال السوق ..




وكان الشيء الذي يحزنه .. أن زوجته بقيت في القاهرة وتركته يجابه الحياة وحده ..



وكان يفكر في أن يجعل حول البيت حديقة ناضرة .. وفي وسط الحديقة تكعيبة عنب ..

ويجعل من البيت جنة صغيرة تغنيه عن الذهاب إلى أي مكان ..



وكتب
لزوجت ه يصف أحلامه وما يعده لها ليحبب إ ليها الريف ويرجوها أن تحضر ولو
في زيارة قصيرة .. وردت عليه بأنها ستحضر في يوم الخميس .. لتقضي معه أياما
قليلة ..




وذهب
ينتظرها على المحطة وعاد بها إلى بيته .. ورأت بعينيها البيت صغيرا ونظيفا
.. ومضاء بالكهرباء .. وحوله الغيطان .. ولكن كيف تعيش وحيدة .. وسط أشجار
النخيل .. ومع من تتحدث ومع من تقض ي النهار .. وإلى أين تذهب ف ي الليل
.. ولمن ترتدي الفساتين الشيك .. ولمن تتزين ..




قضت أربعة أيام ف ي عذاب وكأنها تعيش في واحة .. وفي اليوم الخامس قررت أن تعود إلى القاهرة ..



وطلب الدكتور سيارة من البندر .. لتقلهما إلى المحطة ..

وفي الوقت الذي وصلت فيه السيارة .. جاءه خفير المجمع .. وأخبره أن فلاحا مريضا بالخارج في حالة إعياء شديد يطلب الكشف ..



وأسرع إليه الطبيب فوجده بين الحياة والموت .. وكان قلبه في حالة هبوط شديد فأعطاه حقنة مقوية ..

ولكن
الرجل مات في أثناء الحقنة .. وتألم الطبيب .. وصرخ أهل الميت .. وسرى خبر
في القرية .. أن الدكتور عبد الفتاح قتل الشيخ عبد الجليل بالحقنة التي
أعطاها له ..




وتجمـع
أهـل الميت .. وزحفوا على بيت الطبيب وفي عيونهم الشر .. وخرجت طلقة من أد
الفلاحين .. زادتهم هياجا .. ونسي الفلاحون كل حسنات الطبيب في ساعة واحدة
.. وتحولوا جميعا إلى وحوش ..




وبقي الطبيب في الداخل يقابل هياجهم بالهدوء .. والصمت ..



وكان الخبر قد وصل إلى وكيل العمدة فأسرع إلى المكان .. ونهر الفلاحين وضرب الذي أطلق النار .. وقال لهم في غضب :

ـ هل نسيتم كل ما فعله لكم الرجل .. إنكم أنذال حقا .. ولا تستحقون الخير من إنسان ..



واستمر يعنفهم ويوضـح لهم حقيقة الأمر .. حتى هدءوا وانصرفوا ..



***



وقالت ناهد لزوجها الطبيب .. بعد أن انصرف الفلاحون ..

ـ كيف تعيش وسط هؤلاء الوحوش ..؟

ـ هذا لامناص منه .. لأعيد إليهم إ إنسانيتهم .. التي سلبت منهم على مدى السنين ..

ـ وهل أنت مسئول عن هذا ..؟

ـ إذا لم أكن مسئولا فمن هو المسئول ..؟

ـ ولكنك ستلاقي العذاب .. والأمر سيطول ..

ـ هذا صحيح .. ولكني سأصـل إلى بغيتي حتما .. وأنا على يقين ..

ـ ألا تفكر .. في النقل ..؟

ـ أبدا .. لن أفكر في هذا .. سأبقى هنا .. لتظل هذه المنارة .. مضاءة ..

ـ إذن سأبقى معك .. لا يمكن أن أتركك وحدك بعد اليوم ..



وسر منها وطوقها بذراعيه .. وطبع على فمها قبلة ..



وصرف العربة التي كانت ستقلهما إلى المحطة ..



..............................................



نشرت
فى مجموعة قصص لمحمود البدوى بعنوان " غرفة على السطح " فى مايو
1960ومجموعة " قصص من القرية " من اعداد على عبد اللطيف وليلى محمود البدوى
ـ مكتبة مصر ط 2006


الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى