رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الاعتكاف وتربية النفس
ما أحوج العبد إلى أن يخلو بنفسه في بعض الأوقات ، ويركن إلى زاوية الفكر
والذكر يتأمل حاله فيصلحه ، ويتأمل نعمة الله عليه فيحمده ويشكره ، في عالم
ملأه الضجيج والاضطراب والفتن .
ما أحوجه إلى أن يخلد إلى محراب الإيمان ليعتكف فيه لا هربا من الحياة
ومشكلاتها ، ولكن تجديداً لقوة النفس وثقتها وإيمانها بربها .
وما أجمل أن يكون هذا الاعتكاف في شهر مبارك امتلأ بمعاني الإيمان ، وفاحت
منه أريج الطاعات ، فالناس بين ذاكر وقاريء ومصل ، في هذا الجو الإيماني
الفريد يخلو العبد بربه ذاكراً شاكراً متفكراً في نعم الله عليه ، فيجلس
الأيام والليالي وهو على هذه الحال ، ليشعر بلحظات من السعادة تغمر قلبه
وتملأ جوانحه ، لحظاتٍ لم يشعرها في عالم الصخب والضجيج بكل ما فيه من
زخارف الحياة المادية الجافة .
قدوته في ذلك نبيه - صلى الله عليه وسلم- الذي كان حريصاً على الاعتكاف وما
تركه حتى قبض – كما قال الزهري رحمه الله - ، فكان - صلى الله عليه وسلم-
يعتكف في مسجده في كل رمضان عشرة أيام ، فلما كان العام الذي قُبِضَ فيه
اعكتف عشرين يوماً كما روى ذلك أبو داود ، وترك النبي - صلى الله عليه
وسلم- الاعتكاف مرة فقضاه في شوال ، وكان في ابتداء أمره يعتكف في العشر
الأول من رمضان ثم الوسطى ثم العشر الأخيرة يلتمس ليلة القدر ، فلما تبين
له أنها فيها داوم على اعتكافه فيها حتى لحق بربه عز وجل ، وكان - صلى الله
عليه وسلم- يتخذ لنفسه خباءً في المسجد ، لمزيد من التفرغ للعبادة والخلوة
، وتفريغ القلب من الصوارف والشواغل .
لهذا أصبح الاعتكاف سنة لسائر المسلمين يعيشون فيه حياة ملؤها الإيمان
واليقين ، مما يعينهم على الاستمرار في عمل الصالحات ، والثبات في مسيرة
الحياة ، ويصبح الاعتكاف للمسلم بمثابة بوصلة التصحيح التي تصوب له سيره
تجاه هدفه ، فلا يغيب عنه ولا يضل .
وللاعتكاف فوائد كثيرة أهمها : زيادة الصلة الإيمانية بالله ، وإخلاص العمل
له ، والتفرغ لعبادته وطاعته ، وتربية النفس وجهاد الهوى ، والبعد عن
الصوارف والشواغل ، والإكثار من أنواع العبادات التي تزكي النفس ، وتجعل
المرء أكثر قدرة على مواجهة فتن الحياة ، ولهذا كان مقصود الاعتكاف وروحه
كما يقول ابن القيم رحمه الله : " عكوف القلب على الله تعالى ، وجمعيته
عليه ، والخلوة به ، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده
سبحانه ، بحيث يصير ذكره وحبه ، والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته ،
فيستولي عليه بدلها ، ويصير الهم كله به ، والخطرات كلها بذكره ، والتفكر
في تحصيل مراضيه وما يقرب منه ، فيصير أنسه بالله بدلاً عن أنسه بالخلق ،
فيعده بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له ، ولا ما يُفرح
به سواه ، فهذا هو مقصود الاعتكاف الأعظم " أهـ .
ولذا ينبغي للمعتكف أن يراعي في اعتكافه تحصيل هذه الغايات العظيمة ، وألا
يخرج من معتكفه خالي الوفاض ، كحال من يجعل المساجد مهجعاً للنوم ، وعنوانا
للتزاور وتجاذب أطراف الحديث والضحك وفضول الكلام !!
كما ينبغي له أن يعتني بأمور منها : المحافظة على ذكر الله ، وخاصة المأثور
منها كأذكار الصباح والمساء والنوم والاستيقاظ والأكل والشرب والدخول
والخروج ، ومن أعظم الذكر قراءة القرآن ، فليحرص المعتكف على أن يتفرغ
لقراءته بتدبر وخشوع وفهم ، في الصلاة وفي غيرها ، وأن يجعل له ورد لا يفرط
فيه مع مضاعفة الجهد .
وعليه أن يتجنب فضول الأكل ، فإن قلة الطعام توجب رقة القلب وانكسار النفس ،
كما أنها تطلق المرء من قيود الكسل والدعة والخمول ، قال عمر رضي الله عنه
: "من كثر أكله لم يجد لذكر الله لذة " والاعتكاف فرصة للمرء ليُربي نفسه
على التقلل والتزهد ، ويجاهدها على الاستغناء عن كثير مما اعتادته .
وعليه أن يحرص كذلك على تجنب فضول المخالطة ، فإن كثرة الخلطة تقصر همة
العبد ، وتفقده لذة المناجاة ، وتفوت المقصود من الخلوة والاعتكاف ، و هي
مظنة كثرة المزاح والتقليل من هيبة المكان والزمان ، وقد تجر إلى بعض
الآثام كالغيبة والكذب وغير ذلك .
فاحرص أخي الصائم على إحياء هذه السنة العظيمة ، والاقتداء فيها بسيد الخلق
- صلى الله عليه وسلم- وسلف الأمة الصالحين ، وتوجه بقلبك وجوارحك إلى
الله عز وجل في ذل وخضوع وانكسار ، حتى تخرج منها وقد ازددت إيماناً وتقوى
وقرباً من ربك جل وعلا لتلحق بركب المقبولين الفائزين ، قبل أن تطوى الصحف
وتوضع الموازين
ما أحوج العبد إلى أن يخلو بنفسه في بعض الأوقات ، ويركن إلى زاوية الفكر
والذكر يتأمل حاله فيصلحه ، ويتأمل نعمة الله عليه فيحمده ويشكره ، في عالم
ملأه الضجيج والاضطراب والفتن .
ما أحوجه إلى أن يخلد إلى محراب الإيمان ليعتكف فيه لا هربا من الحياة
ومشكلاتها ، ولكن تجديداً لقوة النفس وثقتها وإيمانها بربها .
وما أجمل أن يكون هذا الاعتكاف في شهر مبارك امتلأ بمعاني الإيمان ، وفاحت
منه أريج الطاعات ، فالناس بين ذاكر وقاريء ومصل ، في هذا الجو الإيماني
الفريد يخلو العبد بربه ذاكراً شاكراً متفكراً في نعم الله عليه ، فيجلس
الأيام والليالي وهو على هذه الحال ، ليشعر بلحظات من السعادة تغمر قلبه
وتملأ جوانحه ، لحظاتٍ لم يشعرها في عالم الصخب والضجيج بكل ما فيه من
زخارف الحياة المادية الجافة .
قدوته في ذلك نبيه - صلى الله عليه وسلم- الذي كان حريصاً على الاعتكاف وما
تركه حتى قبض – كما قال الزهري رحمه الله - ، فكان - صلى الله عليه وسلم-
يعتكف في مسجده في كل رمضان عشرة أيام ، فلما كان العام الذي قُبِضَ فيه
اعكتف عشرين يوماً كما روى ذلك أبو داود ، وترك النبي - صلى الله عليه
وسلم- الاعتكاف مرة فقضاه في شوال ، وكان في ابتداء أمره يعتكف في العشر
الأول من رمضان ثم الوسطى ثم العشر الأخيرة يلتمس ليلة القدر ، فلما تبين
له أنها فيها داوم على اعتكافه فيها حتى لحق بربه عز وجل ، وكان - صلى الله
عليه وسلم- يتخذ لنفسه خباءً في المسجد ، لمزيد من التفرغ للعبادة والخلوة
، وتفريغ القلب من الصوارف والشواغل .
لهذا أصبح الاعتكاف سنة لسائر المسلمين يعيشون فيه حياة ملؤها الإيمان
واليقين ، مما يعينهم على الاستمرار في عمل الصالحات ، والثبات في مسيرة
الحياة ، ويصبح الاعتكاف للمسلم بمثابة بوصلة التصحيح التي تصوب له سيره
تجاه هدفه ، فلا يغيب عنه ولا يضل .
وللاعتكاف فوائد كثيرة أهمها : زيادة الصلة الإيمانية بالله ، وإخلاص العمل
له ، والتفرغ لعبادته وطاعته ، وتربية النفس وجهاد الهوى ، والبعد عن
الصوارف والشواغل ، والإكثار من أنواع العبادات التي تزكي النفس ، وتجعل
المرء أكثر قدرة على مواجهة فتن الحياة ، ولهذا كان مقصود الاعتكاف وروحه
كما يقول ابن القيم رحمه الله : " عكوف القلب على الله تعالى ، وجمعيته
عليه ، والخلوة به ، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده
سبحانه ، بحيث يصير ذكره وحبه ، والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته ،
فيستولي عليه بدلها ، ويصير الهم كله به ، والخطرات كلها بذكره ، والتفكر
في تحصيل مراضيه وما يقرب منه ، فيصير أنسه بالله بدلاً عن أنسه بالخلق ،
فيعده بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له ، ولا ما يُفرح
به سواه ، فهذا هو مقصود الاعتكاف الأعظم " أهـ .
ولذا ينبغي للمعتكف أن يراعي في اعتكافه تحصيل هذه الغايات العظيمة ، وألا
يخرج من معتكفه خالي الوفاض ، كحال من يجعل المساجد مهجعاً للنوم ، وعنوانا
للتزاور وتجاذب أطراف الحديث والضحك وفضول الكلام !!
كما ينبغي له أن يعتني بأمور منها : المحافظة على ذكر الله ، وخاصة المأثور
منها كأذكار الصباح والمساء والنوم والاستيقاظ والأكل والشرب والدخول
والخروج ، ومن أعظم الذكر قراءة القرآن ، فليحرص المعتكف على أن يتفرغ
لقراءته بتدبر وخشوع وفهم ، في الصلاة وفي غيرها ، وأن يجعل له ورد لا يفرط
فيه مع مضاعفة الجهد .
وعليه أن يتجنب فضول الأكل ، فإن قلة الطعام توجب رقة القلب وانكسار النفس ،
كما أنها تطلق المرء من قيود الكسل والدعة والخمول ، قال عمر رضي الله عنه
: "من كثر أكله لم يجد لذكر الله لذة " والاعتكاف فرصة للمرء ليُربي نفسه
على التقلل والتزهد ، ويجاهدها على الاستغناء عن كثير مما اعتادته .
وعليه أن يحرص كذلك على تجنب فضول المخالطة ، فإن كثرة الخلطة تقصر همة
العبد ، وتفقده لذة المناجاة ، وتفوت المقصود من الخلوة والاعتكاف ، و هي
مظنة كثرة المزاح والتقليل من هيبة المكان والزمان ، وقد تجر إلى بعض
الآثام كالغيبة والكذب وغير ذلك .
فاحرص أخي الصائم على إحياء هذه السنة العظيمة ، والاقتداء فيها بسيد الخلق
- صلى الله عليه وسلم- وسلف الأمة الصالحين ، وتوجه بقلبك وجوارحك إلى
الله عز وجل في ذل وخضوع وانكسار ، حتى تخرج منها وقد ازددت إيماناً وتقوى
وقرباً من ربك جل وعلا لتلحق بركب المقبولين الفائزين ، قبل أن تطوى الصحف
وتوضع الموازين
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى