رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
صلاة الجماعة فضلها ووجوبها
التأريخ: 25/5/1429هـ
المكان: جامع الإمام مالك بن أنس / بالدمام
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) [آل عمران:102]
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)) [النساء:1]
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً *يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)) [الأحزاب: 70 و71]. أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ص وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
لقد شرع الله صلاة الجماعة للرجال رحمة بهم وشفقة عليهم واختبار لهم، فمن أطاع فله الأجر الكبير ومن عصى فقد أثم. وسنذكر جملة من فضائل صلاة الجماعة، ثم نورد الأدلة الصحيحة الصريحة على وجوبها.
أولاً: قال النبي ث: {صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة} [متفق عليه].
ثانياً: قال ث: {صلاة الرجل في جماعة تَضْعفُ على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد، لا يُخْرِجُه إلا الصلاة، لم يخطُ خطوة إلا رُفِعَت له بها درجة، وحُطّ عنه بها خطيئة، فإذا صلَّى لم تزل الملائكة تُصلِّي عليه، ما دام في مُصَلاّه ما لم يُحْدِث: اللهم صلّ عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة} [متفق عليه].
ثالثاً: قال ث: {من توضّأ فأَسْبَغ الوضوء، ثم مشى إلى صلاة مكتوبة فصلاّها مع الإمام، غُفِرَ له ذنبه} [رواه ابن خزيمة وصحَّحه الألباني].
رابعاً: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: {من سرّه أن يلقى الله غداً مسلماً، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث يُنادى بِهِن، فإن الله تعالى شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سُنن الهدى، وإنهن من سُنن الهدى، ولو أنكم صلَّيتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته؛ لتركتم سُنَّة نبيّكم، ولو تركتم سُنّة نبيّكم لضللتم.. ولقد رأيتنا وما يتخلَّف عنها إلا منافق معلوم النِّفاق، ولقد كان الرَّجُل يُؤْتى به يُهَادَى بين الرَّجُلَين حتى يُقام في الصَّف} [رواه مسلم].
خامساً: قال ص: {أتاني الليلة آتٍ من ربي. قال: يا محمد! أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: نعم؛ في الكفّارات والدرجات، ونقل الأقدام للجماعات، وإسباغ الوضوء في السَّبَرات، وانتظار الصلاة، ومَن حافظ عليهن عاش بخير، ومات بخير، وكان من ذنوبه كيوم ولدته أمه} [رواه أحمد والترمذي وصحَّحه الألباني].
سادساً: قال ث: {من صلَّى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومَن صلّى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله} [رواه مسلم].
سابعاً: قال ص: {مَن صلَّى لله أربعين يوماً في جماعة، يدرك التكبيرة الأولى، كُتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق} [رواه الترمذي وحسَّنه الألباني].
ثامناً: أن إقامتها في المساجد من تعظيم شعائر الله والله قال: ((ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)) [الحج:32].
تاسعاً: أن الله تعالى أثنى على من يعمر المساجد ووصفهم بالإيمان فقال تعالى: ((إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ)) [التوبة:18]
عاشراً: أن الله تعالى أثنى على يعمر المساجد ووصفهم بالرجولة فقال تعالى: ((فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ)) [النور: 36،37]
قال ابن كثير رحمه الله: فقوله: {رِجَال} فيه إشعار بهممهم السامية، ونياتهم وعزائمهم العالية، التي بها صاروا عُمَّارا للمساجد، التي هي بيوت الله في أرضه، ومواطن عبادته وشكره، وتوحيده وتنزيهه، كما قال تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}.
وبعد هذا الفضل الكبير والأجر العظيم كيف لمؤمن أن يتخلف عن جماعة المسليمن إلا بعذر؟
عباد الله:
لقد دلت الأدلة الصحيحة على وجوب الجماعة وأنا أذكر بعض تلك الإدلة:
أولاً: وجوب صلاة الجماعة في أثناء الحرب فكيف بحال السلام والطمأنينة قال تعالى: ((وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ..)) [النساء:102].
قال ابن المنذر رحمه الله: ففي أمر الله بإقامة الجماعة في حال الخوف: دليل على أن ذلك في حال الأمن أوجب.
وقال ابن القيم رحمه الله: ووجه الاستدلال بالآية من وجوه:
أحدها: أمره سبحانه لهم بالصلاة في الجماعة ثم أعاد هذا الأمر سبحانه مرة ثانية في حق الطائفة الثانية بقوله: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ}، وفي هذا دليل على أن الجماعة فرض على الأعيان إذ لم يسقطها سبحانه عن الطائفة الثانية بفعل الأولى، ولو كانت الجماعة سنَّة لكان أولى الأعذار بسقوطها عذر الخوف، ولو كانت فرض كفاية: لسقطت بفعل الطائفة الأولى، ففي الآية دليل على وجوبها على الأعيان، فهذه ثلاثة أوجه: أمره بها أولاً، ثم أمره بها ثانياً، وأنه لم يرخص لهم في تركها حال الخوف
وقال سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله: (فلو كان أحد يسامح في ترك الصلاة مع الجماعة لكان المحاربون للعدو أولى بأن يسمح لهم).
ثانياً: أتى النبي ث رجلٌ أعمى فقال: يا رسول الله! ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخَّص له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته، فلمَّا وَلَّى دعاه فقال: {هل تسمع النداء بالصلاة؟} قال: نعم. قال: {فأجب} [رواه مسلم].
قال ابن المنذر: فإذا كان الأعمى لا رخصة له: فالبصير أولى أن لا تكون له رخصة.
وقال الإمام ابن قدامة: وإذا لم يرخص للأعمى الذي لم يجد قائدا فغيره أولى.
ثالثاً: وقد ورد في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً أن يصلي بالناس ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم) متفق عليه
قال ابن المنذر: وفي اهتمامه بأن يحرق على قوم تخلفوا عن الصلاة بيوتهم: أبين البيان على وجوب فرض الجماعة، إذ غير جائز أن يحرِّق الرسول صلى الله عليه وسلم مَن تخلف عن ندب، وعما ليس بفرض.
وقال الصنعاني: والحديث دليل على وجوب الجماعة عيناً لا كفايةً، إذ قد قام بها غيرهم فلا يستحقون العقوبة، ولا عقوبة إلا على ترك واجب أو فعل محرم.
رابعا: قال ث: {إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حَبْواً، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلِّي بالناس، ثم أنطلِق معي برجال معهم حِزَمٌ من حَطَب، إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأُحَرِّق عليهم بيوتهم بالنار} [متفق عليه].
خامساً: إجماع الصحابة على وجوبها:
قال ابن مسعود ت: {..ولقد رأيتنا وما يتخلَّف عنها إلا منافق معلوم النِّفاق، ولقد كان الرَّجُل يُؤْتى به يُهَادَى بين الرَّجُلَين حتى يُقام في الصَّف} [رواه مسلم].
وقال أيضاً: من سمع المنادي فلم يجب من غير عذر فلا صلاة له ()
وقال أبو موسى الاشعري: من سمع المنادي فلم يجب بغير عذر فلا صلاة له ()
وقال علي رضي الله عنه: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد، فقيل ومن جار المسجد؟ فقال: من سمع المنادي ()
وقال الحسن بن علي: من سمع النداء فلم يأته لم تجاوز صلاته رأسه إلا من عذر.
وقال أبو هريرة: أن تمتليء أذنا ابن آدم رصاصا مذابا خير له من ان يسمع المنادي ثم لا يجيبه ()
وقالت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: من سمع المنادي فلم يجب عن غير عذر لم يجد خيرا ولم يرد به ()
وقال ابن عابس: من سمع النداء ثم لم يجب من غير عذر فلا صلاة له ()
قال ابن القيم رحمه الله: (فهذه نصوص الصحابة كما تراها صحة وشهرة وانتشارا ولم يجيء عن صحابي واحد خلاف ذلك وكل من هذه الآثار دليل مستقل في المسألة لو كان وحدة فكيف إذا تعاضدت وتضافرت وبالله التوفيق).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: (فالواجب على كل مسلم أن يحافظ عليها في أوقاتها وأن يقيمها كما شرع الله سبحانه وتعالى وأن يؤديها مع إخوانه في الجماعة في بيوت الله طاعة لله سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم وحذراً من غضب الله وأليم عقابه، وابتعاداً عن مشابهة المشركين. وعليه العناية بذلك والمبادرة إليه وأن يوصي أبناءه وأهل بيته وأقرباءه وجيرانه وسائر إخوانه المسلمين بذلك امتثالاً لأمر الله ورسوله وحذراً مما نهى الله ورسوله عنه).
الحمد....
عباد الله:
ليحرص كل وحد منّا على أداء الصلوات في جماعة المسلمين ولا يتأخر عنها إلا من عذر كطبيب يجري عملية أو حارس يحرس أو
صلاة الجماعة فضلها ووجوبها
التأريخ: 25/5/1429هـ
المكان: جامع الإمام مالك بن أنس / بالدمام
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) [آل عمران:102]
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)) [النساء:1]
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً *يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)) [الأحزاب: 70 و71]. أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ص وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
لقد شرع الله صلاة الجماعة للرجال رحمة بهم وشفقة عليهم واختبار لهم، فمن أطاع فله الأجر الكبير ومن عصى فقد أثم. وسنذكر جملة من فضائل صلاة الجماعة، ثم نورد الأدلة الصحيحة الصريحة على وجوبها.
أولاً: قال النبي ث: {صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة} [متفق عليه].
ثانياً: قال ث: {صلاة الرجل في جماعة تَضْعفُ على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد، لا يُخْرِجُه إلا الصلاة، لم يخطُ خطوة إلا رُفِعَت له بها درجة، وحُطّ عنه بها خطيئة، فإذا صلَّى لم تزل الملائكة تُصلِّي عليه، ما دام في مُصَلاّه ما لم يُحْدِث: اللهم صلّ عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة} [متفق عليه].
ثالثاً: قال ث: {من توضّأ فأَسْبَغ الوضوء، ثم مشى إلى صلاة مكتوبة فصلاّها مع الإمام، غُفِرَ له ذنبه} [رواه ابن خزيمة وصحَّحه الألباني].
رابعاً: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: {من سرّه أن يلقى الله غداً مسلماً، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث يُنادى بِهِن، فإن الله تعالى شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سُنن الهدى، وإنهن من سُنن الهدى، ولو أنكم صلَّيتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته؛ لتركتم سُنَّة نبيّكم، ولو تركتم سُنّة نبيّكم لضللتم.. ولقد رأيتنا وما يتخلَّف عنها إلا منافق معلوم النِّفاق، ولقد كان الرَّجُل يُؤْتى به يُهَادَى بين الرَّجُلَين حتى يُقام في الصَّف} [رواه مسلم].
خامساً: قال ص: {أتاني الليلة آتٍ من ربي. قال: يا محمد! أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: نعم؛ في الكفّارات والدرجات، ونقل الأقدام للجماعات، وإسباغ الوضوء في السَّبَرات، وانتظار الصلاة، ومَن حافظ عليهن عاش بخير، ومات بخير، وكان من ذنوبه كيوم ولدته أمه} [رواه أحمد والترمذي وصحَّحه الألباني].
سادساً: قال ث: {من صلَّى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومَن صلّى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله} [رواه مسلم].
سابعاً: قال ص: {مَن صلَّى لله أربعين يوماً في جماعة، يدرك التكبيرة الأولى، كُتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق} [رواه الترمذي وحسَّنه الألباني].
ثامناً: أن إقامتها في المساجد من تعظيم شعائر الله والله قال: ((ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)) [الحج:32].
تاسعاً: أن الله تعالى أثنى على من يعمر المساجد ووصفهم بالإيمان فقال تعالى: ((إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ)) [التوبة:18]
عاشراً: أن الله تعالى أثنى على يعمر المساجد ووصفهم بالرجولة فقال تعالى: ((فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ)) [النور: 36،37]
قال ابن كثير رحمه الله: فقوله: {رِجَال} فيه إشعار بهممهم السامية، ونياتهم وعزائمهم العالية، التي بها صاروا عُمَّارا للمساجد، التي هي بيوت الله في أرضه، ومواطن عبادته وشكره، وتوحيده وتنزيهه، كما قال تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}.
وبعد هذا الفضل الكبير والأجر العظيم كيف لمؤمن أن يتخلف عن جماعة المسليمن إلا بعذر؟
عباد الله:
لقد دلت الأدلة الصحيحة على وجوب الجماعة وأنا أذكر بعض تلك الإدلة:
أولاً: وجوب صلاة الجماعة في أثناء الحرب فكيف بحال السلام والطمأنينة قال تعالى: ((وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ..)) [النساء:102].
قال ابن المنذر رحمه الله: ففي أمر الله بإقامة الجماعة في حال الخوف: دليل على أن ذلك في حال الأمن أوجب.
وقال ابن القيم رحمه الله: ووجه الاستدلال بالآية من وجوه:
أحدها: أمره سبحانه لهم بالصلاة في الجماعة ثم أعاد هذا الأمر سبحانه مرة ثانية في حق الطائفة الثانية بقوله: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ}، وفي هذا دليل على أن الجماعة فرض على الأعيان إذ لم يسقطها سبحانه عن الطائفة الثانية بفعل الأولى، ولو كانت الجماعة سنَّة لكان أولى الأعذار بسقوطها عذر الخوف، ولو كانت فرض كفاية: لسقطت بفعل الطائفة الأولى، ففي الآية دليل على وجوبها على الأعيان، فهذه ثلاثة أوجه: أمره بها أولاً، ثم أمره بها ثانياً، وأنه لم يرخص لهم في تركها حال الخوف
وقال سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله: (فلو كان أحد يسامح في ترك الصلاة مع الجماعة لكان المحاربون للعدو أولى بأن يسمح لهم).
ثانياً: أتى النبي ث رجلٌ أعمى فقال: يا رسول الله! ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخَّص له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته، فلمَّا وَلَّى دعاه فقال: {هل تسمع النداء بالصلاة؟} قال: نعم. قال: {فأجب} [رواه مسلم].
قال ابن المنذر: فإذا كان الأعمى لا رخصة له: فالبصير أولى أن لا تكون له رخصة.
وقال الإمام ابن قدامة: وإذا لم يرخص للأعمى الذي لم يجد قائدا فغيره أولى.
ثالثاً: وقد ورد في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً أن يصلي بالناس ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم) متفق عليه
قال ابن المنذر: وفي اهتمامه بأن يحرق على قوم تخلفوا عن الصلاة بيوتهم: أبين البيان على وجوب فرض الجماعة، إذ غير جائز أن يحرِّق الرسول صلى الله عليه وسلم مَن تخلف عن ندب، وعما ليس بفرض.
وقال الصنعاني: والحديث دليل على وجوب الجماعة عيناً لا كفايةً، إذ قد قام بها غيرهم فلا يستحقون العقوبة، ولا عقوبة إلا على ترك واجب أو فعل محرم.
رابعا: قال ث: {إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حَبْواً، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلِّي بالناس، ثم أنطلِق معي برجال معهم حِزَمٌ من حَطَب، إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأُحَرِّق عليهم بيوتهم بالنار} [متفق عليه].
خامساً: إجماع الصحابة على وجوبها:
قال ابن مسعود ت: {..ولقد رأيتنا وما يتخلَّف عنها إلا منافق معلوم النِّفاق، ولقد كان الرَّجُل يُؤْتى به يُهَادَى بين الرَّجُلَين حتى يُقام في الصَّف} [رواه مسلم].
وقال أيضاً: من سمع المنادي فلم يجب من غير عذر فلا صلاة له ()
وقال أبو موسى الاشعري: من سمع المنادي فلم يجب بغير عذر فلا صلاة له ()
وقال علي رضي الله عنه: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد، فقيل ومن جار المسجد؟ فقال: من سمع المنادي ()
وقال الحسن بن علي: من سمع النداء فلم يأته لم تجاوز صلاته رأسه إلا من عذر.
وقال أبو هريرة: أن تمتليء أذنا ابن آدم رصاصا مذابا خير له من ان يسمع المنادي ثم لا يجيبه ()
وقالت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: من سمع المنادي فلم يجب عن غير عذر لم يجد خيرا ولم يرد به ()
وقال ابن عابس: من سمع النداء ثم لم يجب من غير عذر فلا صلاة له ()
قال ابن القيم رحمه الله: (فهذه نصوص الصحابة كما تراها صحة وشهرة وانتشارا ولم يجيء عن صحابي واحد خلاف ذلك وكل من هذه الآثار دليل مستقل في المسألة لو كان وحدة فكيف إذا تعاضدت وتضافرت وبالله التوفيق).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: (فالواجب على كل مسلم أن يحافظ عليها في أوقاتها وأن يقيمها كما شرع الله سبحانه وتعالى وأن يؤديها مع إخوانه في الجماعة في بيوت الله طاعة لله سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم وحذراً من غضب الله وأليم عقابه، وابتعاداً عن مشابهة المشركين. وعليه العناية بذلك والمبادرة إليه وأن يوصي أبناءه وأهل بيته وأقرباءه وجيرانه وسائر إخوانه المسلمين بذلك امتثالاً لأمر الله ورسوله وحذراً مما نهى الله ورسوله عنه).
الحمد....
عباد الله:
ليحرص كل وحد منّا على أداء الصلوات في جماعة المسلمين ولا يتأخر عنها إلا من عذر كطبيب يجري عملية أو حارس يحرس أو
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى