الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - ضرب عضو الهيئة {الخميس 18 أغسطس - 15:41}

بسم الله الرحمن الرحيم
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - ضرب عضو الهيئة
التأريخ: 26/2/1428هـ
المكان: جامع أنس بن مالك ا بالدمام
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء:1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70 و71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ص وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
إن الأمر شعيرة بالمعروف والنهي عن المنكر من أشرف شعائر الإسلام وكبر مباني الإيمان وهي متعلقة بشهادة لا إله إلا الله قال تعالى:(( يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ.. )) [آل عمران:114].
والله جل وعلا مابعث محمد ^ إلا آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر، وأعظم معروف هو التوحيد وأكبر منكر هو الشرك قال تعالى: (( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ..)) [الأعراف:157]، بل إن الميزة الوحيدة لهذه الأمة عن سائر الأمم هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال جل وعلا وتقدس: (( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ..)) [آل عمران:110].
قال شيخ الإسلام /: بل الدين هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا قوام لأحدهما إلا بصاحبه ()
عباد الله:
بعد أن اتضح لنا تعلق هذه الشعيرة بأصل الإسلام فلابد أن نجزم أنه يجب على كل واحد منّا أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حسب استطاعته ولا يعذر مسلم بترك هذه الشعيرة كما لا يعذر في ترك الصلاة والصيام، قال رسول الله ص (والذي نفسي بيده؛لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر؛أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه، ثم تدعونه فلا يستجيب لكم) حديث حسن.
فالأب يجب عليه أن يأمر أولاده بالمعروف وينهاهم عن المنكر، والأم يجب أن تأمر أولادها بالمعروف وتنهاهم عن المنكر، وكذلك الزوج يجب أن يأمر زوجته، والأخ يأمر أخاه، والرئيس في العمل يأمر من تحته، ولا يعذر أحد للبته في ذلك قال رسول الله ص (كلكم راع ومسؤول عن رعيته، والإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسؤولة عن رعيتها..).
بل حتى الجار يجب أن يأمر جاره، والمار في الطريق يأمر من يراه.
لنشيع هذه الشعيرة العظيمة بيننا، ولنتناصح قال ص: (لدين النصيحة) ولا يبخل أحد بها، بالمعروف والنهي عن المنكر يحفظ الله البلاد من العذاب العام.
عباد الله: مع الأسف أن بعض المسلمين أرتبط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في ذهنه بالشدة والغلظة وهذا خطأ كبير، قال شيخ الإسلام: والرفق سبييل الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ولهذا قيل ليكن أمرك بالمعروف بالمعروف ونهيك عن المنكر غير منكر ().
فالرفق هو الشرط الأول في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والشرط الثاني: هو أن تكون مصلحة الأمر بالمعروف راجحة، قال شيخ الإسلام /: واذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من اعظم الواجبات او المستحبات فالواجبات والمستحبات لا بد ان تكون المصلحة فيها راجحة على المفسدة اذ بهذا بعثت الرسل وانزلت الكتب والله لا يحب الفساد بل كل ما امر الله به فهو صلاح وقد اثنى الله على الصلاح والمصلحين والذين امنوا وعملوا الصالحات وذم الفساد والمفسدين في غير موضع فحيث كانت مفسدة الامر والنهي اعظم من مصلحته لم يكن مما امر الله به()
عباد الله:
لما تركت هذه الشعيرة في أكثر بلاد المسملين ظهرت المنكرات وفشت المحرمات وتحول المعروف منكرا والمنكر ومعروف، وهذا أحد العلماء السابقين وهو الشيخ محمد القرشي / يصف زمانه فيقول: فإن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين، وهو المهم الذي ابتعث الله به النبيين أجمعين، ولو طوي بساطه، وأهمل عمله، وعلمه لتعطلت النبوة، واضمحلت الديانة، وعمت الفترة، وفشت الضلالة، وشاعت الجهالة، وانتشر الفساد، واتسع الخرق، وخربت البلاد، وهلك العباد، وإن لم يشعروا بالهلاك إلى يوم التنادي، وقد كان الذي ِخفنا أن يكون فإنا لله وإنا إليه راجعون إذ قد اندرس من هذا القطب عمله، وعلمه فانمحق بالكلية حقيقته، ورسمه، واستولت على القلوب مداهنة الخلق، وانمحقت عنها مراقبة الخالق فاسترسل الناس في اتباع الهوى، والشهوات استرسال البهائم، وعز على بسيط الأرض مؤمن صادق لا تأخذه في الله لومة لائم فمن سعى في تلافي هذه الفترة، وسد هذه الثلمة إما متكلفا بعلمها أو متقلدا لتنفيذها مجردا عزيمته لهذه السنة الداثرة ناهضا باعتنائها، ومشمرا في إحيائها كان مستأثرا من بين الناس باحتسابه، ومستندا بقربة ينال بها درجات القرب دون أجناسه. ()
وقال سماحة الشيخ محمد بن عثيمين /:(اتقوا الله تعالى وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر... وإن المعروف إذا لم يؤمر به ولم يحي بالعمل به والتواصي فيه ضاع واضمحل فانهدم بذلك جانب من دينكم وصار العمل به بعد ذلك منكرا مستغربا بين الناس وإن المنكر إذا لم ينه عنه ويحذّر الناس بعضهم بعضا منه شاع وانتشر بين الناس وأصبح معروفا لا ينكر ولا يستغرب وقيسوا ذلك بما انتشر من منكرات كنتم تنكرونها من قبل وتستغربون وجودها بينكم.)
عباد الله:
يجب على كل دولة تنتمي للإسلام أن تعين من يقوم بهذه الشعيرية العظيمة ولا يحل تركها، ومن تركها أو ألغاها فقد تبرأ من الدين، قال ابن خلدون /:.. وهي وظيفة دينية في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي هو فرض على القائم بأمور المسلمين، يعين لذلك من يراه أهلاً له فيتعين فرضه عليه، ويتخذ الأعوان على ذلك، ويبحث عن المنكرات، ويعزر ويؤدب على قدرها)، وقال شيخ الإسلام /: وجميع الولايات الإسلامية إنما مقصودها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ()
وننبه هنا على أن المحتسب الذي ولاه الحاكم يجوز له ما لا يجوز لغيره من القبض على أهل المنكرات ومعاقبتهم، وفق ما وضع من أنظمة لحفظ دين المسلمين.
ويجب على كل واحد منّا أن يقف معهم ويسدد خطاهم وينصحهم وينصح لهم.

الخطبة الثانية:
الحمد لله:
عباد الله:
لقد تسامع الناس بما حصل للشيخ فلاح الزهراني عضو الهئية في الخبر، حيث اعتدى عليه عدد
من الناس داخل مبني الهيئة، ولنا مع هذا الحدث وقفات سريعة
أن الأمر بالمعروف شعيرة دينية عظيمة ولا تكون الدولة مسلمة إلا بوجوده.
أن الاعتداء على الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر سنة إلهية فقد اعندي على الأنبياء والصالحين، ولنا في رسل الله أسوة حسنة.
أن الاعتداء على رجال الحسبة كثر في الأوانة الأخيرة فقد قتل عدد منهم أثناء تأدية عمله، وسبب ذلك الهجوم الإعلامي في صحفنا وقنواتنا الفضائية المركز على رجالات الحسبة.
أن الإعتداء على رجال الهيئة اعتداء على الفضيلة والشرف اللذاين يحفظانها رجال الهيئة.
أن الإعلام لم يتفاعل من هذا الحدث التفاعل المتوقع ولو كان الإعتداء وقع لقطاع آخر لكان التفاعل أكبر بكثير، ولكن رجال الهيئة كلأ مباح والله المستعان.
أخيرا: أشكر أمير المنطقة الشرقية ونائبه على التفاعل الطيب مع هذا الحدث