رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
آيات العذاب الكونية
التأريخ: 22/5/1428هـ
المكان: جامع الإمام مالك بن أنس / بالدمام
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء:1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70 و71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ص وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
كثر الكلام في المجالس في الأيام الماضية عن الإعصار الذي ضرب عُمان وكان من المحتمل أن يضرب أجزاء من بلادنا - حرسها الله - وإن الله تعالى جعل لنا آيات نرها في هذه الحياة لعلنا أن نعتبر أو نتوب، ونوعها بين آيات الرحمة كالشمس والقمر وإقبال النهار وإدبار الليل، والنجوم في كبد السماء قال I: ((وَسَخَّرَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)) [النحل:12]? ????? ???? ??? ???? ?????? ﴿.. ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ﴾ [الزمر:16].
وآيات العذاب تأتي بين الفينة والآخرى، ولها أشكال وأنواع، ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ)) [الأنعام:] فالواجب هو التضرع والخوف والوجل إذا جاءت الآيات العظيمة، ولكن حال الناس - إلا من رحم الله - مخالف لذلك فقد قست القلوب ((فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) [الأنعام:43]، وبلغت القسوة ببعض القلوب الظالمة المظلمة الفاجرة أن تجاوزت قسوتها قسوة الحجارة الصلداء () ((ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنْ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)) [البقرة:74]، فتراهم يقولون: هذا الأمور تحدث بأسباب طبيعية فقط()، ونحن نكتشفها قبل حدوثها بكذا وكذا، كالخسوف والكسوف، والزلازل، والأعاصير.
وهذا من الجهل المركب، فإن الأمم السالفة كانت تدهم بهذا العذاب وتؤخذ على حين غِرة، أما في هذه الأزمنة فيأتي العذاب والناس ينتظرونه ولا يستطيعون عمل أي شيء أمام هذا العذاب سوى الانتظار والمراقبة وهذا من كمال تحدي الجبار Y، فإن الناس ينتظرون العذاب وهم أعجز ما يكنون عن مقاومته.
وأهل العلم - والحمد لله - لا ينكرون الأسباب الحسية الطبيعية ولكن يؤمنون أن الله Y هو مسبب الأسباب قال العلامة ابن عثيمين /:"ونحن لا ننكر أن يكون لها أسباب حسية، ولكن من الذي أوجد هذه الأسباب الحسية؟! إن الأسباب الحسية لا تكون إلا بأمر الله U، والله بحكمته جعل لكل شيء سببا؛ إما سببا شرعيا، وإما سببا حسيا، هكذا جرت سنة الله U"
عباد الله:
إن الله U يرسل أنواع العذاب ليخوف بها عباده لعلهم أن يرجعوا إليه فينجوا من العذاب الأكبر يوم الدين، قال Y: ((... وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً)) [الإسراء:59] ولكن القلوب قاسية والأفهام عليلة فلم تزدهم هذه الآيات إلا طغيانا كبيرا قال I: ((.. وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً)) [الإسراء:60]
عباد الله:
إن الله حَكَمَ في كتابه وحُكْمُه نافذ لا مناص منه أنه معذب جميع الأمم فقال: ((وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً)) [الإسراء:58] قال الإمام ابن كثير /: (هذا إخبار من الله Q بأنه قد حتَمَ وقضى بما قد كتبه عنده في اللوح المحفوظ: أنه ما من قرية إلا سيهلكها، بأن يبيد أهلها جميعهم أو يعذبهم {عَذَابًا شَدِيدًا} إما بقتل أو ابتلاء بما يشاء، وإنما يكون ذلك بسبب ذنوبهم وخطاياهم، كما قال عن الأمم الماضين: ((وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ)) [هود: 101] وقال تعالى: ((وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا)) [الطلاق: 7، 8].
عباد الله:
إن هذا العذاب لا يحل بأي أمة إلا بسبب الذنوب ((وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)) [الشورى:30] وفي «سُنن الترمذي»: أن رسول الله ^ قال:"لا تصيب عبداً نَكبة فما فوقها أو دونَها إلا بذنْب وما يعفو الله عنه أكثر"()، وقال I ((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)) [الروم:41] قال الشيخ العلامة المفسر عبدالرحمن السعدي /: (أي: استعلن الفساد في البر والبحر؛فساد معايشهم ونقصها وحلول الآفات بها، وفي أنفسهم من الأمراض والوباء وغير ذلك، وذلك بسبب ما قدمت أيديهم من الأعمال الفاسدة المفسدة بطبعها.
((لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا)) أي: ليعلموا أنه المجازي على الأعمال فعجل لهم نموذجا من جزاء أعمالهم في الدنيا ((لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)) عن أعمالهم التي أثرت لهم من الفساد ما أثرت، فتصلح أحوالهم ويستقيم أمرهم. فسبحان من أنعم ببلائه وتفضل بعقوبته وإلا فلو أذاقهم جميع ما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة.
عباد الله:
إن سأل سال ما هي أسباب العذاب فالجواب:
أمور أولهما: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ((وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)) ما دام فيها المصلحون فإن الله لا يعذبها ولا يهلكها، أما إذا لم يكن هناك مصلحون، فإن الله يعذبها مع وجود الصالحين كما سألت أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها رسول الله ^: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ: {قَالَ نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ} رواه البخاري ومسلم.فالمانع من الهلاك ليس وجود الصالحين اللذين يعمرون المساجد، وإنما وجود المصلحين الذين يجهرون، ويبذلون لتغيير المنكر والأمر بالمعروف.
أما الأمر الثاني: فهو إعلان المعاصي بل الكبائر وهذا من أكبر أسباب غضب الجبار Y، وإن من أكبر الذنوب المعلنة هو الربا فتجد إعلاناته في الصحف والمجلات والشوارع وكأنه مباح والعياذ بالله، وقد تأذن الله بحرب أهل الربا فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279) وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280))
ونحن نرى أن هذه الحرب واقعة وقائمة الآن ومسلطة على البشرية الضالة التي تتخبط كالممسوس في عقابيل النظام الربوي
إن العالم الذي نعيش فيه اليوم - في أنحاء الأرض - هو عالم القلق والاضطراب والخوف؛ والأمراض العصبية والنفسية – [والأعاصير والعواصف المهلكة، والفيضانات المغرقة، والزلازل المدمرة، والبراكين المحرقة، والأمراض الفتاكة، والطواعين العامة، والحروب الطاحنة] باعتراف عقلاء أهله ومفكريه وعلمائه ودارسيه.
إنها الشقوة البائسة المنكودة، التي لا تزيلها الحضارة المادية، ولا الرخاء المادي، ولا يسر الحياة المادية وخفضها ولينها في بقاع كثيرة. ()
أما الأمر الثالث:فهو ترك الواجبات وأعظمها الصلاة وأختها الزكاة ومن اطلع على حال الناس عرف تكاسل الكثيرين عن الصلاة وشخ آخرين بالزكاة.
عباد الله:
إن بلادنا هذه لتنعم بنعم كبيرة وأعظمها إقامة شعائر الدين بحرية تامة، وإقامة كثير من أحكام الشرع المطهر، ثم نعمة الأمن وسهولة الرزق، ولكن تلك النعم لا تدوم إلا بالطاعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإلا فهو العذاب الشديد ((وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)) [النحل:112].
الخطبة الثانية:
الحمد الذي بعمته تتم الصالحات، ولا يحمد إلا هو على ما قدر وكتب، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وآله وسلم، أما بعد:
فنقف ثلاث مواقف سريعة
أولها:الواجب علينا أن نتعض من هذا الإعصار الذي كاد أن يصيبنا، ونعلم أن الله رده بصلاح المصلحين وتوبة التائبين.
الثاني: قد يسأل سائل أو يعترض معترض إن كان ماحصل عقوبة فمال القول في سيل مكة والذي نزل بحجاج بيت الله، وهم وفد الله ()، وفي أشرف بقعه، وأشرف زمان؟
فالجواب: بل ما وقع تلك السنة كان بسبب الذنوب، من دعاء غير الله والاستغاثة بالأموات، وادعاء علم الغيب لغير الله، والسرقة، والغش، والظلم، والرشوة، وغيرها من الموبقات، كل هذا يحدث في حرم الله قال I:((... وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)) [الحج:25]
الثالث: نحن إذ نتعاطف مع إخواننا المسلمين، ونتألم أشد الألم لما حل بهم، ونسأل الله تعالى أن يرحم ضعفهم، ويجبر كسرهم، ويرفع الضر والبأساء عنهم، ونسعى لمواساتهم وإغاثتهم، ونحث إخواننا على ذلك، فإنه يجب علينا وعليهم أن نحاسب أنفسنا، ونصحح أوضاعنا، وأن نسعى جاهدين لإزالة المنكرات والفواحش التي هي سبب حصول البلايا والمحن. قال ^ (إذا ظهر الزنا و الربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله) صححه الألباني ()
آيات العذاب الكونية
التأريخ: 22/5/1428هـ
المكان: جامع الإمام مالك بن أنس / بالدمام
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء:1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70 و71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ص وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
كثر الكلام في المجالس في الأيام الماضية عن الإعصار الذي ضرب عُمان وكان من المحتمل أن يضرب أجزاء من بلادنا - حرسها الله - وإن الله تعالى جعل لنا آيات نرها في هذه الحياة لعلنا أن نعتبر أو نتوب، ونوعها بين آيات الرحمة كالشمس والقمر وإقبال النهار وإدبار الليل، والنجوم في كبد السماء قال I: ((وَسَخَّرَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)) [النحل:12]? ????? ???? ??? ???? ?????? ﴿.. ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ﴾ [الزمر:16].
وآيات العذاب تأتي بين الفينة والآخرى، ولها أشكال وأنواع، ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ)) [الأنعام:] فالواجب هو التضرع والخوف والوجل إذا جاءت الآيات العظيمة، ولكن حال الناس - إلا من رحم الله - مخالف لذلك فقد قست القلوب ((فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) [الأنعام:43]، وبلغت القسوة ببعض القلوب الظالمة المظلمة الفاجرة أن تجاوزت قسوتها قسوة الحجارة الصلداء () ((ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنْ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)) [البقرة:74]، فتراهم يقولون: هذا الأمور تحدث بأسباب طبيعية فقط()، ونحن نكتشفها قبل حدوثها بكذا وكذا، كالخسوف والكسوف، والزلازل، والأعاصير.
وهذا من الجهل المركب، فإن الأمم السالفة كانت تدهم بهذا العذاب وتؤخذ على حين غِرة، أما في هذه الأزمنة فيأتي العذاب والناس ينتظرونه ولا يستطيعون عمل أي شيء أمام هذا العذاب سوى الانتظار والمراقبة وهذا من كمال تحدي الجبار Y، فإن الناس ينتظرون العذاب وهم أعجز ما يكنون عن مقاومته.
وأهل العلم - والحمد لله - لا ينكرون الأسباب الحسية الطبيعية ولكن يؤمنون أن الله Y هو مسبب الأسباب قال العلامة ابن عثيمين /:"ونحن لا ننكر أن يكون لها أسباب حسية، ولكن من الذي أوجد هذه الأسباب الحسية؟! إن الأسباب الحسية لا تكون إلا بأمر الله U، والله بحكمته جعل لكل شيء سببا؛ إما سببا شرعيا، وإما سببا حسيا، هكذا جرت سنة الله U"
عباد الله:
إن الله U يرسل أنواع العذاب ليخوف بها عباده لعلهم أن يرجعوا إليه فينجوا من العذاب الأكبر يوم الدين، قال Y: ((... وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً)) [الإسراء:59] ولكن القلوب قاسية والأفهام عليلة فلم تزدهم هذه الآيات إلا طغيانا كبيرا قال I: ((.. وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً)) [الإسراء:60]
عباد الله:
إن الله حَكَمَ في كتابه وحُكْمُه نافذ لا مناص منه أنه معذب جميع الأمم فقال: ((وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً)) [الإسراء:58] قال الإمام ابن كثير /: (هذا إخبار من الله Q بأنه قد حتَمَ وقضى بما قد كتبه عنده في اللوح المحفوظ: أنه ما من قرية إلا سيهلكها، بأن يبيد أهلها جميعهم أو يعذبهم {عَذَابًا شَدِيدًا} إما بقتل أو ابتلاء بما يشاء، وإنما يكون ذلك بسبب ذنوبهم وخطاياهم، كما قال عن الأمم الماضين: ((وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ)) [هود: 101] وقال تعالى: ((وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا)) [الطلاق: 7، 8].
عباد الله:
إن هذا العذاب لا يحل بأي أمة إلا بسبب الذنوب ((وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)) [الشورى:30] وفي «سُنن الترمذي»: أن رسول الله ^ قال:"لا تصيب عبداً نَكبة فما فوقها أو دونَها إلا بذنْب وما يعفو الله عنه أكثر"()، وقال I ((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)) [الروم:41] قال الشيخ العلامة المفسر عبدالرحمن السعدي /: (أي: استعلن الفساد في البر والبحر؛فساد معايشهم ونقصها وحلول الآفات بها، وفي أنفسهم من الأمراض والوباء وغير ذلك، وذلك بسبب ما قدمت أيديهم من الأعمال الفاسدة المفسدة بطبعها.
((لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا)) أي: ليعلموا أنه المجازي على الأعمال فعجل لهم نموذجا من جزاء أعمالهم في الدنيا ((لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)) عن أعمالهم التي أثرت لهم من الفساد ما أثرت، فتصلح أحوالهم ويستقيم أمرهم. فسبحان من أنعم ببلائه وتفضل بعقوبته وإلا فلو أذاقهم جميع ما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة.
عباد الله:
إن سأل سال ما هي أسباب العذاب فالجواب:
أمور أولهما: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ((وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)) ما دام فيها المصلحون فإن الله لا يعذبها ولا يهلكها، أما إذا لم يكن هناك مصلحون، فإن الله يعذبها مع وجود الصالحين كما سألت أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها رسول الله ^: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ: {قَالَ نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ} رواه البخاري ومسلم.فالمانع من الهلاك ليس وجود الصالحين اللذين يعمرون المساجد، وإنما وجود المصلحين الذين يجهرون، ويبذلون لتغيير المنكر والأمر بالمعروف.
أما الأمر الثاني: فهو إعلان المعاصي بل الكبائر وهذا من أكبر أسباب غضب الجبار Y، وإن من أكبر الذنوب المعلنة هو الربا فتجد إعلاناته في الصحف والمجلات والشوارع وكأنه مباح والعياذ بالله، وقد تأذن الله بحرب أهل الربا فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279) وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280))
ونحن نرى أن هذه الحرب واقعة وقائمة الآن ومسلطة على البشرية الضالة التي تتخبط كالممسوس في عقابيل النظام الربوي
إن العالم الذي نعيش فيه اليوم - في أنحاء الأرض - هو عالم القلق والاضطراب والخوف؛ والأمراض العصبية والنفسية – [والأعاصير والعواصف المهلكة، والفيضانات المغرقة، والزلازل المدمرة، والبراكين المحرقة، والأمراض الفتاكة، والطواعين العامة، والحروب الطاحنة] باعتراف عقلاء أهله ومفكريه وعلمائه ودارسيه.
إنها الشقوة البائسة المنكودة، التي لا تزيلها الحضارة المادية، ولا الرخاء المادي، ولا يسر الحياة المادية وخفضها ولينها في بقاع كثيرة. ()
أما الأمر الثالث:فهو ترك الواجبات وأعظمها الصلاة وأختها الزكاة ومن اطلع على حال الناس عرف تكاسل الكثيرين عن الصلاة وشخ آخرين بالزكاة.
عباد الله:
إن بلادنا هذه لتنعم بنعم كبيرة وأعظمها إقامة شعائر الدين بحرية تامة، وإقامة كثير من أحكام الشرع المطهر، ثم نعمة الأمن وسهولة الرزق، ولكن تلك النعم لا تدوم إلا بالطاعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإلا فهو العذاب الشديد ((وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)) [النحل:112].
الخطبة الثانية:
الحمد الذي بعمته تتم الصالحات، ولا يحمد إلا هو على ما قدر وكتب، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وآله وسلم، أما بعد:
فنقف ثلاث مواقف سريعة
أولها:الواجب علينا أن نتعض من هذا الإعصار الذي كاد أن يصيبنا، ونعلم أن الله رده بصلاح المصلحين وتوبة التائبين.
الثاني: قد يسأل سائل أو يعترض معترض إن كان ماحصل عقوبة فمال القول في سيل مكة والذي نزل بحجاج بيت الله، وهم وفد الله ()، وفي أشرف بقعه، وأشرف زمان؟
فالجواب: بل ما وقع تلك السنة كان بسبب الذنوب، من دعاء غير الله والاستغاثة بالأموات، وادعاء علم الغيب لغير الله، والسرقة، والغش، والظلم، والرشوة، وغيرها من الموبقات، كل هذا يحدث في حرم الله قال I:((... وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)) [الحج:25]
الثالث: نحن إذ نتعاطف مع إخواننا المسلمين، ونتألم أشد الألم لما حل بهم، ونسأل الله تعالى أن يرحم ضعفهم، ويجبر كسرهم، ويرفع الضر والبأساء عنهم، ونسعى لمواساتهم وإغاثتهم، ونحث إخواننا على ذلك، فإنه يجب علينا وعليهم أن نحاسب أنفسنا، ونصحح أوضاعنا، وأن نسعى جاهدين لإزالة المنكرات والفواحش التي هي سبب حصول البلايا والمحن. قال ^ (إذا ظهر الزنا و الربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله) صححه الألباني ()
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى