رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
عقوبة الظلم - أحداث الدمام
التأريخ: 5/8/1426هـ
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء:1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70 و71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ص وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
القوة مغرية دائما بالظلم والتجبر والتكبر وغمط الحق، ويندر من يتواضع وقت قوته، ويذل وقت تفوقه، ويعطي الحق الذي عليه وقت غلبته، لذا ساد محمد صالخلق يوم أن تواضع وذل لله في فتح مكة - حرسها الله - وعفا وصفح عمن قاتله وقتل أصحابه فساد الناس بجميل خلقه وكريم فعاله، وضرب المثل الأعلى للأمم من بعده.
وعلى سنته الجميلة الجليلة مشى أصحابه من بعده فأكرم عمر االنصارى يوم فتح القدس، وأعطى الشيخ اليهودي الفقير من بيت المال رحمة به، واستمر أهل السنة والأثر على تلك الخطى يقتفون أثر المصطفى فهذا صلاح الدين يعفو عن النصارى يوم فتح القدس مع ما فعلوه من قتل وتدمير. حتى قال قائل من النصارى وهو يصف رحمة المسلمين: لم يشهد التأريخ مثل الفاتح العربي، وما درى هذا أن الرب الرحيم هو الذي زرع الرحمة في قلوب هؤلاء الناس ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء:107] فكنا أمة رحمة.
فالواجب على كل عاقل ألا يظلم أحدا، فالظلم مردود إلى صاحبه:
لا تظلِمَنَّ إذا ما كنتَ مُقْتدرًا فالظلمُ آخرُهُ يأْتيكَ بالندمِ
نامتْ عُيُونُكَ والمظلومُ مُنتبِهٌ يدعو عليكَ وعين الله لم تنمِ ()
ومن نظر بعين الله كف نفسه عن الظلم، ومن نسي الله ظلم عباده، فاستحق انتقامه.
عباد الله:
لقد حرم الله تعالى كل أشكال الظلم قال رسول الله ع فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال:"يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما. فلا تظالموا" رواه مسلم، ونفى تعالى الظلم عن ذاته المقدسة فقال: ((وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ)) [آل عمران:182]، ولقد ضرب رسول الله ع أروع الأمثلة في نفي الظلم فوقف قبل موته خطيبا في الناس وقال (أما بعد أيها الناس: فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو. فمن كنتُ جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه! ومن كنتُ شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه!)().
وكان ص بأمي وأمي وقتها سيد الناس وأمير الناس ولكنه العدل والخضوع لله رب الناس.
عباد الله:
لقد اتفقت أمم الأرض من عربها وعجمها، مسلمها وكافرها، أبيضها وأسودها على بغض أمريكا، تلك الدولة التي أذلت العالم كله بقوتها وجبروتها، وكان أشد بطشها وأعظم كيدها علينا معاشر المسلمين المستضعفين، وما نقمت منا أمريكا إلا أننا نؤمن بالله العزيز الحميد الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ، فرأى الله ظلم أمريكا، ورأى الله الناس سجدا وركعا يعفّرون وجوههم في التراب ولسان حالهم:
اللهم هذا حول أمريكا علينا فأرنا حولك
اللهم هذا كيد أمريكا بنا فأرنا كيدك
اللهم هذه قوة أمريكا علينا فأرنا قوتك
﴿ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً *وَأَكِيدُ كَيْداً *فَمَهِّلْ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً ﴾ [الطارق:15، 17]
وإن الله تعالى ليستجيب دعاء الكافر وفي الحديث: (إياكم ودعوة المظلوم، وإن كانت من كافر؛ فإنه ليس لها حجاب دون الله Q) ()، فكيف بدعاء المؤمن التقي، وكيف بدعاء أم مفجوعة وأب مكلوم، وزوجة ملهوفة، بل كيف بدعاء يتيم كسيف أو أسير ضعيف، أو طريد شريد. (وقد تسبق دعوة مظلوم ألف سيف شهير وألف قائد طرير، وحين تتعلق القلوب بمن لا تأخذه سنة ولا نوم، وحين تنحدر الدمعات ثخينة على خد عجوز، وحين تصرخ ألماً أسرة ذاقت مرارة الحرمان من طفل أو عائل، وحين ترتفع أيدي الضعفاء إلى السماء تجأر إلى الواحد الديان؛ فلا تظن أنهم موكلون إلى ذواتهم الضعيفة (( وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ.. )) [إبراهيم:42]) ()
قال ع ثلاثة لا ترد دعوتهم - وذكر منهم - دعوة المظلوم يرفعها فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب تبارك وتعالى: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين) ().
قال شيخ الإسلام ابن تيمية /: (إن الناس لم يتنازعوا في أن عاقبة الظلم وخيمة وعاقبة العدل كريمة، ولهذا يروى:الله ينصر الدولة العادلة وان كانت كافرة ولا ينصر الدولة الظالمة وان كانت مؤمنة) () فكيف إن كانت دولة كافرة ظالمة لجميع شعوب الأرض؟
(( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ )) [الفجر:14]
عباد الله: معاشر الموحدين
أرسل الله تعالى جنديا من جنوده ألا وهو الإعصار فاجتاح ديارهم، فقتل ما يزيد على عشرة آلاف، ودمر مدنهم بإذن الله وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ.
قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ *إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ﴾ [هود:103، 102]
نقول للأمريكان ﴿ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ )) [الأنفال:51]
وظلم الأمريكان تنوع وتعدد فقتل وتدمير واغتصاب للنساء بل والرجال، بل وتدمير للمساجد﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [البقرة:114]()
وتدنيس للمصاحف.
فإن قال قائل بحسن نية وسلامة طوية:كيف نفرح بهذا التدمير وقد يكون في البلاد مسلمين؟ فالجواب أننا نفرح لما أصابهم من تدمير وما لحق ذلك من أضرار مادية () ومعنوية () على الدولة الكافرة، وأما المسلمين فيبعثون على نياتهم كما أخرج البخاري في صحيحه عن النبي ص أنه قال (يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم). قالت عائشة ب: قلتُ: يا رسول الله، كيف يخسف بأولهم وآخرهم، وفيهم أسواقهم، ومن ليس منهم؟. قال: (يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم).
أما والله إن الظلمَ لؤمٌ * وما زالَ المسيءُ هو الظلومُ
إلى الدَيَّانِ يومِ الدينِ نَمْضي *وعندَ اللهِ تجتمعُ الخصومُ
ستعلمُ في الحسابِ إذا التقينا *غدًا عند الإلهِ من الملومُ ()
الخطبة الثانية:
الحمد لله بعث عبده ورسوله محمد ع هاديا وبشيرا، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وسلم، وبعد:
فيا عباد الله:
من أصناف الظلم وأمثلة البغي ما حصل في مدينة الدمام أول هذا الأسبوع من فئة باغية ظالمة وقد سبق الحديث عن أفعالهم وأفكارهم مرات كثيرة، ولكن سنعلّق على هذه الأحداث من خلال ثلاثة محاور:
الأول:
أن فعلهم محرم شرعًا، لما فيه من قتل للمسلمين، وترويع للآمنين، وهدم للضروريات الخمس التي اتفقت الشرائع كلها على رعايتها.
وإن الواجب على هؤلاء سواء من كان خارج السجن أو داخله هو المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى من استحلال قتل المسلمين بأي دعوى باطلة متهالكة، عسى الله أن يغفر لهم قبل موتهم، أما من أصر واستكبر فيصدق فيه قوله تعالى:﴿ مَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الأعراف:186]
المحور الثاني:
سبق أن قلتُ وما زلت أقول: أن وراء هؤلاء القتلة منظمات ودول من مصلحتها إذكاء الفتنة في هذه البلاد لسابقتها في نشر الدين وحمل لواء السنة، لذا نرى أن الكفار في الخارج استغلوا هذه الأحداث للطعن في الدين وأهله، والضغط لتغيير المناهج الإسلامية، بل وطلب إغلاق المدارس والجامعات الشرعية، والإصرار على إغلاق الجمعيات الخيرية، لكن الله تعالى سيخيب آمالهم ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [المائدة:64]
وأعان هؤلاء الكفار على ظلمهم أذنابهم من الضالين من داخل هذه البلاد من صُحُفِيين وإعلاميين وكتّاب فاشرأبت أعناقهم للطعن في الدين، وأظهروا غيظهم من الصالحين (( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ *وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ )) [محمد:29، 30]
المحور الثالث:
أن هذه الأحداث من العقوبات الإلهية لنا جميعا على الظلم الذي اقترفته أيدينا ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران:165] سواء ظلم أنفسنا باقتراف المعاصي والذنوب أو ظلم غيرنا﴿..وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ.. ﴾ [الطلاق:1] وقال عمر ابن عبدالعزيز: إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فاذكر قدرة الله عليك ()
فالواجب على الجميع من أمير ومأمور ورئيس ومرؤوس وصغير وكبير المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى، ولنعلم أن هذه الأعمال الإجرامية بادرة شر على هذه البلاد: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ *فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ ورسوله.. )) [البقرة: 278، 279]
عقوبة الظلم - أحداث الدمام
التأريخ: 5/8/1426هـ
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء:1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70 و71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ص وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
القوة مغرية دائما بالظلم والتجبر والتكبر وغمط الحق، ويندر من يتواضع وقت قوته، ويذل وقت تفوقه، ويعطي الحق الذي عليه وقت غلبته، لذا ساد محمد صالخلق يوم أن تواضع وذل لله في فتح مكة - حرسها الله - وعفا وصفح عمن قاتله وقتل أصحابه فساد الناس بجميل خلقه وكريم فعاله، وضرب المثل الأعلى للأمم من بعده.
وعلى سنته الجميلة الجليلة مشى أصحابه من بعده فأكرم عمر االنصارى يوم فتح القدس، وأعطى الشيخ اليهودي الفقير من بيت المال رحمة به، واستمر أهل السنة والأثر على تلك الخطى يقتفون أثر المصطفى فهذا صلاح الدين يعفو عن النصارى يوم فتح القدس مع ما فعلوه من قتل وتدمير. حتى قال قائل من النصارى وهو يصف رحمة المسلمين: لم يشهد التأريخ مثل الفاتح العربي، وما درى هذا أن الرب الرحيم هو الذي زرع الرحمة في قلوب هؤلاء الناس ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء:107] فكنا أمة رحمة.
فالواجب على كل عاقل ألا يظلم أحدا، فالظلم مردود إلى صاحبه:
لا تظلِمَنَّ إذا ما كنتَ مُقْتدرًا فالظلمُ آخرُهُ يأْتيكَ بالندمِ
نامتْ عُيُونُكَ والمظلومُ مُنتبِهٌ يدعو عليكَ وعين الله لم تنمِ ()
ومن نظر بعين الله كف نفسه عن الظلم، ومن نسي الله ظلم عباده، فاستحق انتقامه.
عباد الله:
لقد حرم الله تعالى كل أشكال الظلم قال رسول الله ع فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال:"يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما. فلا تظالموا" رواه مسلم، ونفى تعالى الظلم عن ذاته المقدسة فقال: ((وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ)) [آل عمران:182]، ولقد ضرب رسول الله ع أروع الأمثلة في نفي الظلم فوقف قبل موته خطيبا في الناس وقال (أما بعد أيها الناس: فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو. فمن كنتُ جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه! ومن كنتُ شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه!)().
وكان ص بأمي وأمي وقتها سيد الناس وأمير الناس ولكنه العدل والخضوع لله رب الناس.
عباد الله:
لقد اتفقت أمم الأرض من عربها وعجمها، مسلمها وكافرها، أبيضها وأسودها على بغض أمريكا، تلك الدولة التي أذلت العالم كله بقوتها وجبروتها، وكان أشد بطشها وأعظم كيدها علينا معاشر المسلمين المستضعفين، وما نقمت منا أمريكا إلا أننا نؤمن بالله العزيز الحميد الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ، فرأى الله ظلم أمريكا، ورأى الله الناس سجدا وركعا يعفّرون وجوههم في التراب ولسان حالهم:
اللهم هذا حول أمريكا علينا فأرنا حولك
اللهم هذا كيد أمريكا بنا فأرنا كيدك
اللهم هذه قوة أمريكا علينا فأرنا قوتك
﴿ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً *وَأَكِيدُ كَيْداً *فَمَهِّلْ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً ﴾ [الطارق:15، 17]
وإن الله تعالى ليستجيب دعاء الكافر وفي الحديث: (إياكم ودعوة المظلوم، وإن كانت من كافر؛ فإنه ليس لها حجاب دون الله Q) ()، فكيف بدعاء المؤمن التقي، وكيف بدعاء أم مفجوعة وأب مكلوم، وزوجة ملهوفة، بل كيف بدعاء يتيم كسيف أو أسير ضعيف، أو طريد شريد. (وقد تسبق دعوة مظلوم ألف سيف شهير وألف قائد طرير، وحين تتعلق القلوب بمن لا تأخذه سنة ولا نوم، وحين تنحدر الدمعات ثخينة على خد عجوز، وحين تصرخ ألماً أسرة ذاقت مرارة الحرمان من طفل أو عائل، وحين ترتفع أيدي الضعفاء إلى السماء تجأر إلى الواحد الديان؛ فلا تظن أنهم موكلون إلى ذواتهم الضعيفة (( وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ.. )) [إبراهيم:42]) ()
قال ع ثلاثة لا ترد دعوتهم - وذكر منهم - دعوة المظلوم يرفعها فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب تبارك وتعالى: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين) ().
قال شيخ الإسلام ابن تيمية /: (إن الناس لم يتنازعوا في أن عاقبة الظلم وخيمة وعاقبة العدل كريمة، ولهذا يروى:الله ينصر الدولة العادلة وان كانت كافرة ولا ينصر الدولة الظالمة وان كانت مؤمنة) () فكيف إن كانت دولة كافرة ظالمة لجميع شعوب الأرض؟
(( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ )) [الفجر:14]
عباد الله: معاشر الموحدين
أرسل الله تعالى جنديا من جنوده ألا وهو الإعصار فاجتاح ديارهم، فقتل ما يزيد على عشرة آلاف، ودمر مدنهم بإذن الله وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ.
قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ *إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ﴾ [هود:103، 102]
نقول للأمريكان ﴿ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ )) [الأنفال:51]
وظلم الأمريكان تنوع وتعدد فقتل وتدمير واغتصاب للنساء بل والرجال، بل وتدمير للمساجد﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [البقرة:114]()
وتدنيس للمصاحف.
فإن قال قائل بحسن نية وسلامة طوية:كيف نفرح بهذا التدمير وقد يكون في البلاد مسلمين؟ فالجواب أننا نفرح لما أصابهم من تدمير وما لحق ذلك من أضرار مادية () ومعنوية () على الدولة الكافرة، وأما المسلمين فيبعثون على نياتهم كما أخرج البخاري في صحيحه عن النبي ص أنه قال (يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم). قالت عائشة ب: قلتُ: يا رسول الله، كيف يخسف بأولهم وآخرهم، وفيهم أسواقهم، ومن ليس منهم؟. قال: (يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم).
أما والله إن الظلمَ لؤمٌ * وما زالَ المسيءُ هو الظلومُ
إلى الدَيَّانِ يومِ الدينِ نَمْضي *وعندَ اللهِ تجتمعُ الخصومُ
ستعلمُ في الحسابِ إذا التقينا *غدًا عند الإلهِ من الملومُ ()
الخطبة الثانية:
الحمد لله بعث عبده ورسوله محمد ع هاديا وبشيرا، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وسلم، وبعد:
فيا عباد الله:
من أصناف الظلم وأمثلة البغي ما حصل في مدينة الدمام أول هذا الأسبوع من فئة باغية ظالمة وقد سبق الحديث عن أفعالهم وأفكارهم مرات كثيرة، ولكن سنعلّق على هذه الأحداث من خلال ثلاثة محاور:
الأول:
أن فعلهم محرم شرعًا، لما فيه من قتل للمسلمين، وترويع للآمنين، وهدم للضروريات الخمس التي اتفقت الشرائع كلها على رعايتها.
وإن الواجب على هؤلاء سواء من كان خارج السجن أو داخله هو المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى من استحلال قتل المسلمين بأي دعوى باطلة متهالكة، عسى الله أن يغفر لهم قبل موتهم، أما من أصر واستكبر فيصدق فيه قوله تعالى:﴿ مَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الأعراف:186]
المحور الثاني:
سبق أن قلتُ وما زلت أقول: أن وراء هؤلاء القتلة منظمات ودول من مصلحتها إذكاء الفتنة في هذه البلاد لسابقتها في نشر الدين وحمل لواء السنة، لذا نرى أن الكفار في الخارج استغلوا هذه الأحداث للطعن في الدين وأهله، والضغط لتغيير المناهج الإسلامية، بل وطلب إغلاق المدارس والجامعات الشرعية، والإصرار على إغلاق الجمعيات الخيرية، لكن الله تعالى سيخيب آمالهم ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [المائدة:64]
وأعان هؤلاء الكفار على ظلمهم أذنابهم من الضالين من داخل هذه البلاد من صُحُفِيين وإعلاميين وكتّاب فاشرأبت أعناقهم للطعن في الدين، وأظهروا غيظهم من الصالحين (( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ *وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ )) [محمد:29، 30]
المحور الثالث:
أن هذه الأحداث من العقوبات الإلهية لنا جميعا على الظلم الذي اقترفته أيدينا ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران:165] سواء ظلم أنفسنا باقتراف المعاصي والذنوب أو ظلم غيرنا﴿..وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ.. ﴾ [الطلاق:1] وقال عمر ابن عبدالعزيز: إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فاذكر قدرة الله عليك ()
فالواجب على الجميع من أمير ومأمور ورئيس ومرؤوس وصغير وكبير المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى، ولنعلم أن هذه الأعمال الإجرامية بادرة شر على هذه البلاد: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ *فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ ورسوله.. )) [البقرة: 278، 279]
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى