رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
التربية بالرفق والعطف والحب والحنان
التأريخ: 3/5/1426هـ
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء:1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70 و71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ص وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
إن كثيرا من الناس يحسن عرض الإسلام من وجه التهديد والترهيب والقليل يحسن عرض الإسلام من وجه الرحمة والترغيب.
والكثير من الناس يحسن الأمر بالقوة والقليل من يحسن الأمر بالرفق
والكثير من الناس يحسن التربية بالزجر والنهر، والقليل من يحسن التربية بالحب
وحديثنا عن التربية بالرفق والعطف والحب والحنان، فالحب طريق العطاء، والحب عنوان الطاعة والوفاء
إننا بحاجة يا عباد الله أن نشيع الحب في تعاملنا مع أبناءنا ومع زوجاتنا بل حتى في تعاملنا فيما بيننا، وإن من مضامين الحب الرحمة والرفق.
وسأذكر جملة من الأدلة والشواهد الشرعية التي تدل على تعامل النبي ص مع أصحابه وزوجاته بالرحمة والرفق والحب.
ونبدأ بهذا الحديث الذي يرسل فيه النبي ع عبارات الحب الصريحة لأحد أصحابه وهو معاذ بن جبل ا، واسمع لمعاذ وهو يحدث بهذا الحديث وكله غبطة وفرحة حيث يقول: أن رسول الله ع أخذ بيده وقال: يا معاذ والله إني لأحبك والله إني لأحبك فقال أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) صححه الألباني()، انظر يا عبد الله كيف يقول النبي ص لأحد أصحابه:إني لأحبك، ثم يكرر هذه العبارة بالقسم بالله جل وعلا: والله إني لأحبك.
ولم يكن هذا الخلق العظيم ألا وهو الرفق واللين والحب في النبي ع بعد البعثة، بل كان متأصل في قلبه الرحيم وقصة زيد بن حارثة أكبر دليل على ذلك واسمع للقصة فقد اشترى حكيم بن حزام زيد بن حارثة لعمته خديجة بنت خويلد فلما تزوج رسول الله بخديجة وهبته له فتبناه رسول الله ع. فخرج أبو زيد وعمه لفدائه فلما وصلا لمكة سألا عن النبي ع وذهبا إليه وخاطباه بلغة راقية جداً، قالا: يا ابن عبد المطلب يا ابن سيد قومه أنتم أهل حرم الله وجيرانه تفكون الأسير و تطعمون الجائع و تغيثون الملهوف وقد جئناك في ابن لنا عندك فامنن علينا بفدائه فإنا سندفع لك في الفداء ما تشاء. قال رسول الله ومن هو؟؟ فقالا: زيد بن حارثة. فقال عليه ص فهلاّ غير ذلك. قالا: وماهو؟؟ قال: أدعوه فأخيره فإن اختاركم فهو لكم وإن اختارني فما أنا بالذي اختار على من يختارني أحداً. فقالا: قد زدتنا على النصف وأحسنت.فدعاه و قال له هل تعرف هؤلاء؟؟ قال: نعم. قال: من هذا؟؟ قال: هذا أبي ومن هذا؟؟ قال: هذا عمي. فقال لزيد: فأنا من قد علمتَ فاخترني أو اخترهما.قال زيد: ما أنا بالذي يختار عليك أحداً، أنت مني مكان الأب والعم!!!. فهل تظنون يا عباد الله لو أن النبي ع كان قاسيا مع زيد أيختاره؟ إن زيد كان يحب رسول الله ع فوق حبه لأهله لأن النبي ص أشعره بدفء الحب والحنان.
وقد تعلم الصحابة يهذا الخلق ألا وهو"الحب"فنشروه بينهم فهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب / صلي بالناس الفجر ثم يقول: أين معاذ؟ فيقول معاذ: ها أنا ذا يا أمير المؤمنين، فقال عمر: لقد تذكرتك البارحة فبقيت أتقلب على فراشي حبا وشوقا إليك. فتعانقا وتباكيا()، وهذا مشهد آخر من مشاهد الحب فعن أبي إدريس الخولاني / قال: دخلت مسجد دمشق فإذا فتى براق الثنايا وإذا الناس معه، فإذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه، وصدروا عن رأيه، فسألت عنه، فقيل: هو معاذ بن جبل ا فلما كان من الغد هجرتُ فوجدته قد سبقني بالتهجير، ووجدته يصلي فانتظرته حتى قضى صلاته، ثم جئته من وجهه، فسلمت عليه، ثم قلت: والله إني لأحبك. فقال: آلله. فقلت: آلله. فقال: آلله. فقلت: آلله فأخذني بحبوة ردائي فجبذني إليه فقال: أبشر فإني سمعت رسول الله ^ يقول: قال الله تعالى: وجبت محبتي للمتحابين في، والمتجالسين في، والمتزاورين في، والمتباذلين فيّ) صححه النووي() فالنظر يا عبد الله كيف تعامل معاذ مع هذا المحب، ودعونا نتعلم من الصحابة ي.
عباد الله: إن الحب حاجة نفسية تحتاج إلى إشباع باستمرار، فإذا لم نشبعها نحن مع أولادنا وبناتنا بشكل خاص فقد يقعون في حبائل آخرين يشبعون لهم هذه الرغبة.
إن الحب كلمة:فكم كلمة حب نقولها لأبنائنا؟، إن الصور التي يرسمها الطفل في ذهنه عن نفسه هي أحد نتائج الكلام الذي يسمعه، وكأن الكلمة هي ريشة رسّام إمّا أن يرسمها بالأسود أو يرسمها بألوان جميلة. فالكلمات التي نريد أن نقولها لأطفالنا إمّا أن تكون خيّرة وإلاّ فلا. (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت) () إن بعض الآباء يكون كلامه لأبنائه سما زعافا فحط من القيمة، وتشنيع، وقد يصل الأمر استهزاء بشكل الولد والذي هو خلقة الله ويتج عن هذا لدى الأبناء [انطواء، وعدوانية، ومخاوف، وعدم ثقة بالنفس].
إن الحب نظرة: اجعل عينيك في عين ولدك مع ابتسامة خفيفة وقل له (أحبك يافلان)، وقد تجد استهجان واستغراب من ابنك لأنه لأول مرة يسمع منك مثل هذه العبارة فلا تعجل عليه ولا تغضب منه.
إن الحب لمسة:أنصح الآباء و الأمهات أن يكثروا من لمس أيدي أبنائهم وليس من الحكمة إذا أتى الأب ليحدث ابنه أن يكون وهو على كرسين متقابلين، يُفضل أن يكون بجانبه وأن تكون يد الأب على كتف ابنه (اليد اليمنى على الكتف الأيمن). ومن ذلك أن النبي ع كان يلصق ركبتيه بركبة محدثه وكان يضع يديه على فخذيْ محدثه ويقبل عليه بكله. وقد ثبت علميا أن مجرد اللمس يجعل الإحساس بالود وبدفء العلاقة يرتفع إلى أعلى الدرجات.
إن الحب ضمة: فلا تبخلوا على أولادكم بهذه الضمة، فالحاجة إلى الضمة كالحاجة إلى الطعام والشراب والهواء كلما أخذتَ منه فستظلُ محتاجاً له، وكم من حديث فيه أن النبي ع كان يضم أصحابه، وكان أصحابه يسعدون بمثل هذه المعانقة.
عن أنس أن رجلا من أهل البادية كان اسمه زاهر بن حرام قال وكان النبي ^ يحبه وكان دميما فأتاه النبي ^ يوما وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره فقال أرسلني من هذا فالتفت فعرف النبي ^ فجعل لا يألو ما ألزق ظهره بصدر النبي ^ حين عرفة وجعل النبي ^ يقول من يشتري العبد فقال يا رسول الله إذا والله تجدني كاسدا فقال النبي ^ لكن عند الله لست بكاسد أو قال لكن عند الله أنت غال ()، فالنظروا لهذه المعانقة وهذا المزاح وهذا الرفق من سيد الناس مع رجل دميم من عامة الناس، ثم يشجعه بقوله: لكن عند الله لست بكاسد إن الحب قبلة: فالقبلة الصافية رحمة وشفقة وحنان، وقد قبّل الرسول ع أحد سبطيه إمّا الحسن أو الحسين فرآه الأقرع بن حابس فقال: أتقبلون صبيانكم؟!! والله إن لي عشرة من الولد ما قبلتُ واحداً منهم!! فقال له رسول الله أوَ أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك.
أيها الآباء إن القبلة للابن هي واحد من تعابير الرحمة، نعم الرحمة التي ركّز عليها القرآن (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ..)) [آل عمران:159] وأنت أيها الأب لو أغضلت على أبناءك سينفضون من حولك.
هذه وسائل الحب من يمارسها يكسب محبة من يتعامل معهم
وهذه الوسائل هي ماء تنمو به نبتة الحب من داخل القلوب، فإذا أردنا أن يبرنا أبناءنا فلنبرهم ولنحين إليهم، مع العلم أن الحب ليس التغاضي عن الأخطاء.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي منّ علينا فجعلنا مسلمين، وبعث لنا خير خلقه أجميعن محمدا ص، والصلاة والسلام على عبده ورسوله أما بعد:
فسأنقل بعض الشواهد والتي يظهر فيها رفلق النبي ع ورحمته وحبه لمن يتعامل معهم:
فهذا رسول الله يمر بطفل قد مات طائره الذي تعلق قلبه به فيقول له: أبا عمير ما فعل النغير؟
و عن النعمان بن بشير ا قال استأذن أبو بكر ا على النبي ع فسمع صوت عائشة عاليا على رسول الله فلما دخل تناولها ليلطمها، وقال: ألا أراك ترفعين صوتك على رسول الله، فجعل النبي يحجزه، وخرج أبو بكر مغضبا، فقال رسول الله حين خرج أبو بكر:كيف رأيتني أنقذتك من الرجل؟، إنه كان يظهر حبه لعائشة لفقد منع أبوها من ضربها ص.
وعن عائشة لأنها كانت مع رسول الله ع في سفر وهي جارية (قالت: لم أحمل اللحم ولم أبدن فقال لأصحابه: تقدموا، ثم قال: تعالي أسابقك، فسابقته فسبقته على رجلي، فلما كان بعد، خرجت معه في سفر فقال لأصحابه: تقدموا، ثم قال: تعالي أسابقك، ونسيت الذي كان، وقد حملت اللحم فقلت: كيف أسابقك يا رسول الله وأنا على هذه الحال؟! قال: تفعلين. فسابقته فسبقني فجعل يضحك وقال: هذه بتلك السبقة.
ومع الأسف أن بعض الرجال صاحب نكته إلا مع عياله وزوجته لظنه أن المزح والرحمة بهم يسقط هيبته، ولم تسقط الرحمة هيبة النبي ع أبدا ولكنه البعد عن الهدي النبوي الكريم.
وفي الختام تامل يا عبدالله هذه الأحاديث:
(الراحمون يرحمهم الله تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) () وأولى الناس بالرحمة هم أهل بيتك.
وفي الحديث الآخر: (أهل الجنة ثلاثة - ذكر منهم -: ورجل رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم) رواه مسلم
التربية بالرفق والعطف والحب والحنان
التأريخ: 3/5/1426هـ
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء:1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70 و71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ص وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
إن كثيرا من الناس يحسن عرض الإسلام من وجه التهديد والترهيب والقليل يحسن عرض الإسلام من وجه الرحمة والترغيب.
والكثير من الناس يحسن الأمر بالقوة والقليل من يحسن الأمر بالرفق
والكثير من الناس يحسن التربية بالزجر والنهر، والقليل من يحسن التربية بالحب
وحديثنا عن التربية بالرفق والعطف والحب والحنان، فالحب طريق العطاء، والحب عنوان الطاعة والوفاء
إننا بحاجة يا عباد الله أن نشيع الحب في تعاملنا مع أبناءنا ومع زوجاتنا بل حتى في تعاملنا فيما بيننا، وإن من مضامين الحب الرحمة والرفق.
وسأذكر جملة من الأدلة والشواهد الشرعية التي تدل على تعامل النبي ص مع أصحابه وزوجاته بالرحمة والرفق والحب.
ونبدأ بهذا الحديث الذي يرسل فيه النبي ع عبارات الحب الصريحة لأحد أصحابه وهو معاذ بن جبل ا، واسمع لمعاذ وهو يحدث بهذا الحديث وكله غبطة وفرحة حيث يقول: أن رسول الله ع أخذ بيده وقال: يا معاذ والله إني لأحبك والله إني لأحبك فقال أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) صححه الألباني()، انظر يا عبد الله كيف يقول النبي ص لأحد أصحابه:إني لأحبك، ثم يكرر هذه العبارة بالقسم بالله جل وعلا: والله إني لأحبك.
ولم يكن هذا الخلق العظيم ألا وهو الرفق واللين والحب في النبي ع بعد البعثة، بل كان متأصل في قلبه الرحيم وقصة زيد بن حارثة أكبر دليل على ذلك واسمع للقصة فقد اشترى حكيم بن حزام زيد بن حارثة لعمته خديجة بنت خويلد فلما تزوج رسول الله بخديجة وهبته له فتبناه رسول الله ع. فخرج أبو زيد وعمه لفدائه فلما وصلا لمكة سألا عن النبي ع وذهبا إليه وخاطباه بلغة راقية جداً، قالا: يا ابن عبد المطلب يا ابن سيد قومه أنتم أهل حرم الله وجيرانه تفكون الأسير و تطعمون الجائع و تغيثون الملهوف وقد جئناك في ابن لنا عندك فامنن علينا بفدائه فإنا سندفع لك في الفداء ما تشاء. قال رسول الله ومن هو؟؟ فقالا: زيد بن حارثة. فقال عليه ص فهلاّ غير ذلك. قالا: وماهو؟؟ قال: أدعوه فأخيره فإن اختاركم فهو لكم وإن اختارني فما أنا بالذي اختار على من يختارني أحداً. فقالا: قد زدتنا على النصف وأحسنت.فدعاه و قال له هل تعرف هؤلاء؟؟ قال: نعم. قال: من هذا؟؟ قال: هذا أبي ومن هذا؟؟ قال: هذا عمي. فقال لزيد: فأنا من قد علمتَ فاخترني أو اخترهما.قال زيد: ما أنا بالذي يختار عليك أحداً، أنت مني مكان الأب والعم!!!. فهل تظنون يا عباد الله لو أن النبي ع كان قاسيا مع زيد أيختاره؟ إن زيد كان يحب رسول الله ع فوق حبه لأهله لأن النبي ص أشعره بدفء الحب والحنان.
وقد تعلم الصحابة يهذا الخلق ألا وهو"الحب"فنشروه بينهم فهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب / صلي بالناس الفجر ثم يقول: أين معاذ؟ فيقول معاذ: ها أنا ذا يا أمير المؤمنين، فقال عمر: لقد تذكرتك البارحة فبقيت أتقلب على فراشي حبا وشوقا إليك. فتعانقا وتباكيا()، وهذا مشهد آخر من مشاهد الحب فعن أبي إدريس الخولاني / قال: دخلت مسجد دمشق فإذا فتى براق الثنايا وإذا الناس معه، فإذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه، وصدروا عن رأيه، فسألت عنه، فقيل: هو معاذ بن جبل ا فلما كان من الغد هجرتُ فوجدته قد سبقني بالتهجير، ووجدته يصلي فانتظرته حتى قضى صلاته، ثم جئته من وجهه، فسلمت عليه، ثم قلت: والله إني لأحبك. فقال: آلله. فقلت: آلله. فقال: آلله. فقلت: آلله فأخذني بحبوة ردائي فجبذني إليه فقال: أبشر فإني سمعت رسول الله ^ يقول: قال الله تعالى: وجبت محبتي للمتحابين في، والمتجالسين في، والمتزاورين في، والمتباذلين فيّ) صححه النووي() فالنظر يا عبد الله كيف تعامل معاذ مع هذا المحب، ودعونا نتعلم من الصحابة ي.
عباد الله: إن الحب حاجة نفسية تحتاج إلى إشباع باستمرار، فإذا لم نشبعها نحن مع أولادنا وبناتنا بشكل خاص فقد يقعون في حبائل آخرين يشبعون لهم هذه الرغبة.
إن الحب كلمة:فكم كلمة حب نقولها لأبنائنا؟، إن الصور التي يرسمها الطفل في ذهنه عن نفسه هي أحد نتائج الكلام الذي يسمعه، وكأن الكلمة هي ريشة رسّام إمّا أن يرسمها بالأسود أو يرسمها بألوان جميلة. فالكلمات التي نريد أن نقولها لأطفالنا إمّا أن تكون خيّرة وإلاّ فلا. (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت) () إن بعض الآباء يكون كلامه لأبنائه سما زعافا فحط من القيمة، وتشنيع، وقد يصل الأمر استهزاء بشكل الولد والذي هو خلقة الله ويتج عن هذا لدى الأبناء [انطواء، وعدوانية، ومخاوف، وعدم ثقة بالنفس].
إن الحب نظرة: اجعل عينيك في عين ولدك مع ابتسامة خفيفة وقل له (أحبك يافلان)، وقد تجد استهجان واستغراب من ابنك لأنه لأول مرة يسمع منك مثل هذه العبارة فلا تعجل عليه ولا تغضب منه.
إن الحب لمسة:أنصح الآباء و الأمهات أن يكثروا من لمس أيدي أبنائهم وليس من الحكمة إذا أتى الأب ليحدث ابنه أن يكون وهو على كرسين متقابلين، يُفضل أن يكون بجانبه وأن تكون يد الأب على كتف ابنه (اليد اليمنى على الكتف الأيمن). ومن ذلك أن النبي ع كان يلصق ركبتيه بركبة محدثه وكان يضع يديه على فخذيْ محدثه ويقبل عليه بكله. وقد ثبت علميا أن مجرد اللمس يجعل الإحساس بالود وبدفء العلاقة يرتفع إلى أعلى الدرجات.
إن الحب ضمة: فلا تبخلوا على أولادكم بهذه الضمة، فالحاجة إلى الضمة كالحاجة إلى الطعام والشراب والهواء كلما أخذتَ منه فستظلُ محتاجاً له، وكم من حديث فيه أن النبي ع كان يضم أصحابه، وكان أصحابه يسعدون بمثل هذه المعانقة.
عن أنس أن رجلا من أهل البادية كان اسمه زاهر بن حرام قال وكان النبي ^ يحبه وكان دميما فأتاه النبي ^ يوما وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره فقال أرسلني من هذا فالتفت فعرف النبي ^ فجعل لا يألو ما ألزق ظهره بصدر النبي ^ حين عرفة وجعل النبي ^ يقول من يشتري العبد فقال يا رسول الله إذا والله تجدني كاسدا فقال النبي ^ لكن عند الله لست بكاسد أو قال لكن عند الله أنت غال ()، فالنظروا لهذه المعانقة وهذا المزاح وهذا الرفق من سيد الناس مع رجل دميم من عامة الناس، ثم يشجعه بقوله: لكن عند الله لست بكاسد إن الحب قبلة: فالقبلة الصافية رحمة وشفقة وحنان، وقد قبّل الرسول ع أحد سبطيه إمّا الحسن أو الحسين فرآه الأقرع بن حابس فقال: أتقبلون صبيانكم؟!! والله إن لي عشرة من الولد ما قبلتُ واحداً منهم!! فقال له رسول الله أوَ أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك.
أيها الآباء إن القبلة للابن هي واحد من تعابير الرحمة، نعم الرحمة التي ركّز عليها القرآن (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ..)) [آل عمران:159] وأنت أيها الأب لو أغضلت على أبناءك سينفضون من حولك.
هذه وسائل الحب من يمارسها يكسب محبة من يتعامل معهم
وهذه الوسائل هي ماء تنمو به نبتة الحب من داخل القلوب، فإذا أردنا أن يبرنا أبناءنا فلنبرهم ولنحين إليهم، مع العلم أن الحب ليس التغاضي عن الأخطاء.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي منّ علينا فجعلنا مسلمين، وبعث لنا خير خلقه أجميعن محمدا ص، والصلاة والسلام على عبده ورسوله أما بعد:
فسأنقل بعض الشواهد والتي يظهر فيها رفلق النبي ع ورحمته وحبه لمن يتعامل معهم:
فهذا رسول الله يمر بطفل قد مات طائره الذي تعلق قلبه به فيقول له: أبا عمير ما فعل النغير؟
و عن النعمان بن بشير ا قال استأذن أبو بكر ا على النبي ع فسمع صوت عائشة عاليا على رسول الله فلما دخل تناولها ليلطمها، وقال: ألا أراك ترفعين صوتك على رسول الله، فجعل النبي يحجزه، وخرج أبو بكر مغضبا، فقال رسول الله حين خرج أبو بكر:كيف رأيتني أنقذتك من الرجل؟، إنه كان يظهر حبه لعائشة لفقد منع أبوها من ضربها ص.
وعن عائشة لأنها كانت مع رسول الله ع في سفر وهي جارية (قالت: لم أحمل اللحم ولم أبدن فقال لأصحابه: تقدموا، ثم قال: تعالي أسابقك، فسابقته فسبقته على رجلي، فلما كان بعد، خرجت معه في سفر فقال لأصحابه: تقدموا، ثم قال: تعالي أسابقك، ونسيت الذي كان، وقد حملت اللحم فقلت: كيف أسابقك يا رسول الله وأنا على هذه الحال؟! قال: تفعلين. فسابقته فسبقني فجعل يضحك وقال: هذه بتلك السبقة.
ومع الأسف أن بعض الرجال صاحب نكته إلا مع عياله وزوجته لظنه أن المزح والرحمة بهم يسقط هيبته، ولم تسقط الرحمة هيبة النبي ع أبدا ولكنه البعد عن الهدي النبوي الكريم.
وفي الختام تامل يا عبدالله هذه الأحاديث:
(الراحمون يرحمهم الله تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) () وأولى الناس بالرحمة هم أهل بيتك.
وفي الحديث الآخر: (أهل الجنة ثلاثة - ذكر منهم -: ورجل رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم) رواه مسلم
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى