رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
السيول في مكة حرسها الله حج عام 1425هـ
التأريخ: 17/12/1425هـ
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء:1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70 و71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ص وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
إن الله تعالى يرسل الآيات الكبار ليخوف عباده ولعلهم يرجعون، يقول تعالى: (وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً)قال ابن كثير، قال قتادة: (إن الله تعالى يخوف الناس بما يشاء من الآيات لعلهم يعتبرون، لعلهم يذكرون، لعلهم يرجعون) أهـ. فبعض العباد لا يصلح معهم النصح والإرشاد بل لابد من أن يرى العذاب فيرجع ويتوب.
عباد الله
إن الله ليس بينه وبين أحد من الناس رحم، فمن آمن به وأطاعه رحمه وأعانه، ومن عصاه عاقبه وقهره، ومن ظن أن مجرد الإسلام سبب مانع للعقوبه فهو واهم جاهل بتقلبات التأريخ وتصاريف الأيام والليالي.
ولكن الذي يجب أن نؤمن به أن العقوبة تأتي بسبب الذنوب والمعاصي قال تعالى ((أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) [آل عمران:165] وهذا الخطاب كان لأصحاب محمد ص لما خالفوه في أمر قد يظنه كثير من الناس أمر هيّن وهو ترك الرماه أماكنهم يوم أحد.
عباد الله:
إننا معاشر المسلمين لا نقول كما قال اليهود والنصارى: ((وَقَالَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ)) ومن قال من المسلمين أن مجرد إسلامه سبب مانع لحول النقمة والعذاب فإنه شابه اليهود والنصارى، والله تعالى أجاب على دعواهم الفاسدة بقوله: ((قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ)) [المائدة:18]
عباد الله:
مما سبق قوله ظهر لنا أن العذاب لا يخص الكفار فقط، بل قد يشمل المسلمين العصاة، وقد تكون العقوبة كفارة لذنوبهم أو تذكير لهم.
وقد تكون العقوبة بما هو رحمة في العادة، ومن ذلك العقوبة بالماء!!
نعم، تكون العقوبة بالماء الذي هو أصل الحياة قال تعالى: ((وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)) [الأنبياء:30]
بل قد تكون العقوبة بما يتمناه الإنسان، وهو ماء المطر!!
ولكن كيف تتحول هذه النعمة إلى عقوبة من الله تعالى؟.
أيعقل أن هذا الماء الذي وصفه الله تعالى بقوله: ((وَأَنزَلْنَا مِنْ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً * لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً *وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً)) [النبأ] يتحول إلى نقمة؟
نعم يتحول هذا المطر إلى عذاب كما في قصة نوح؛ قال تعالى: ((فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ)) [القمر:11] فتحول هذا المطر من رحمة إلى عذاب.
وحصل في زمن النبي ص أن جاء رجل وطلب من رسول الله غ أن يستسقي لهم ثم بعد أسبوع واحد من نزول الأمطار جاء مرة أخرى فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتْ الْأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ غ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالْجِبَالِ وَالْآجَامِ وَالظِّرَابِ وَالْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ) رواه البخاري.
بل إن رسول الله ص كان يدعو أن يكون المطر رحمة ولا يكون عذاب قال ص: اللَّهُمَّ اِسْقِ بَلَدك وَبَهِيمك، وَانْشُرْ بَرَكَتك. اللَّهُمَّ اِسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا مُرِيعًا طَبَقًا وَاسِعًا عَاجِلًا غَيْر آجِل نَافِعًا غَيْر ضَارٍ، اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَة لَا سُقْيَا عَذَاب، اللَّهُمَّ اِسْقِنَا الْغَيْث وَانْصُرْنَا عَلَى الْأَعْدَاء).
الخطبة الثانية:
الحمد لله القهار العظيم المتعال العليّ الأعلى الجبار، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وبعد:
عباد الله:
كنت هذا العام في المشاعر المقدسة، وفي منى على وجه التحديد في اليوم الثاني عشر من ذي الحجة، ورأيت السيل الذي أصاب أهل منى.
لو رأيتم يا عباد الله ما رأيت لنتاب أحدكم الخوف، فهو سيل جارف ضرب السيارات بعضها ببعض، وجرف كبار السيارات فضلا عمن وقف أمامه من البشر.
إنه غضب الله، وقهره، وانتقامه ممن عصاه
عباد الله:
هذا السيل كان رحمة من وجه وعذاب من وجه آخر!!
أما كونه رحمة فقد رحم الله به الأرض الجدباء، والطيور والبهائم وغيرها. وكذلك من مات بهذا السيل وكان حاجا فهذا فضل ورحمة، قال غ فيمن مات حاجا: (فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا).
وكان هذا السيل عذاب أيضا!!.
فإن قيل كيف يكون عذابا على أهل منى؟ وهم وفد الله كما في بعض الأحاديث: (وَفْدُ اللَّهِ Q ثَلَاثَةٌ الْغَازِي وَالْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ) رواه النسائي
كيف يكون عذابا على الحجاج وهم الذين خلصوا من ذنوبهم كما في الحديث: (مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)
فالجواب:
أنني رأيت في منى من المعاصي والتي يستحق عليها العقوبة الشيء الكثير أذكر منها:
الشرك بالله، ومن ذلك دعاء غير الله تعالى، والاستغاثة بالأموات.
ادعاء إن رسول الله غ يعلم الغيب!، فقد سمعت من ينشد بأعلى صوته والناس من خلفه يرددون قول البوصيري:
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
البدع كالطواف على بعض الصخور في عرفة بزعم أن رسول الله غ نزل عندها.
انتشار الغيبة والنميمة بين الحجاج، وحدث عن هذا ولا حرج. مع معرفتهم بأن الغيبة والنميمة من الكبائر.
السرقة أو ما يسمى (بالنشل) خاصة عند الجمرات، وقد يقوم بهذا حاج!
الفتوى بغير علم، فكل صاحب لحية يفتي، ولو كان جاهلا، وكم من فتوى سمعتها هذا العام لا يقول بها عالم معتبر، ولكن بعض الحجاج يجترئ على الفتوى وهو يسمع قول الله تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً)) [الإسراء:36]، وكذلك قول الله ((وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ)) [النحل:116] فكم من رجل حرم على آخرين أمور وأحل لهم أشياء وهو لا يعلم حكم الله تعالى؟
الرشوة، فكم ذُكر لي أن أعمال الناس لا تقض إلا بالرشوة داخل أرض منى والحرم!.
خداع الحجاج، ومن هذا عدم ادخال الحجاج لعرفة، وقد اتصل بي أحد الحجاج وقال لي أن صاحب الحافلة قال لهم: هذه عرفة وكان قد أوقفهم خارجها!!.
ظلم الحجاج، فيتفق الحاج مع صاحب الحملة على أشياء معينة ولكنه يخلف الوعد وظلم الناس، بل قد يحرمهم حتى المبيت في منى فيلقي بهم في الشوارع.
عباد الله:
كان لهذا السيل فوائد منها:
توبة من تاب من الناس.
اللجوء إلى الله تعالى، وقد رأيت تحول حال الناس من الانشغال بالكلام واللعب إلى دعاء الله، والاستغاثة.
عباد الله:
لم تحل عقوبة إلا بذنب العباد، قال العباس بن عبدالمطلب": قَالَ ^"... إِنَّهُ لَمْ يَنْزِل بَلَاء إِلَّا بِذَنْبٍ، وَلَمْ يُكْشَف إِلَّا بِتَوْبَةٍ"، وقد خوفنا الله من حال من لم يتعظ بالعقوبة فقال: (فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) [الأنعام:43]
السيول في مكة حرسها الله حج عام 1425هـ
التأريخ: 17/12/1425هـ
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء:1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70 و71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ص وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
إن الله تعالى يرسل الآيات الكبار ليخوف عباده ولعلهم يرجعون، يقول تعالى: (وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً)قال ابن كثير، قال قتادة: (إن الله تعالى يخوف الناس بما يشاء من الآيات لعلهم يعتبرون، لعلهم يذكرون، لعلهم يرجعون) أهـ. فبعض العباد لا يصلح معهم النصح والإرشاد بل لابد من أن يرى العذاب فيرجع ويتوب.
عباد الله
إن الله ليس بينه وبين أحد من الناس رحم، فمن آمن به وأطاعه رحمه وأعانه، ومن عصاه عاقبه وقهره، ومن ظن أن مجرد الإسلام سبب مانع للعقوبه فهو واهم جاهل بتقلبات التأريخ وتصاريف الأيام والليالي.
ولكن الذي يجب أن نؤمن به أن العقوبة تأتي بسبب الذنوب والمعاصي قال تعالى ((أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) [آل عمران:165] وهذا الخطاب كان لأصحاب محمد ص لما خالفوه في أمر قد يظنه كثير من الناس أمر هيّن وهو ترك الرماه أماكنهم يوم أحد.
عباد الله:
إننا معاشر المسلمين لا نقول كما قال اليهود والنصارى: ((وَقَالَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ)) ومن قال من المسلمين أن مجرد إسلامه سبب مانع لحول النقمة والعذاب فإنه شابه اليهود والنصارى، والله تعالى أجاب على دعواهم الفاسدة بقوله: ((قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ)) [المائدة:18]
عباد الله:
مما سبق قوله ظهر لنا أن العذاب لا يخص الكفار فقط، بل قد يشمل المسلمين العصاة، وقد تكون العقوبة كفارة لذنوبهم أو تذكير لهم.
وقد تكون العقوبة بما هو رحمة في العادة، ومن ذلك العقوبة بالماء!!
نعم، تكون العقوبة بالماء الذي هو أصل الحياة قال تعالى: ((وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)) [الأنبياء:30]
بل قد تكون العقوبة بما يتمناه الإنسان، وهو ماء المطر!!
ولكن كيف تتحول هذه النعمة إلى عقوبة من الله تعالى؟.
أيعقل أن هذا الماء الذي وصفه الله تعالى بقوله: ((وَأَنزَلْنَا مِنْ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً * لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً *وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً)) [النبأ] يتحول إلى نقمة؟
نعم يتحول هذا المطر إلى عذاب كما في قصة نوح؛ قال تعالى: ((فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ)) [القمر:11] فتحول هذا المطر من رحمة إلى عذاب.
وحصل في زمن النبي ص أن جاء رجل وطلب من رسول الله غ أن يستسقي لهم ثم بعد أسبوع واحد من نزول الأمطار جاء مرة أخرى فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتْ الْأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ غ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالْجِبَالِ وَالْآجَامِ وَالظِّرَابِ وَالْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ) رواه البخاري.
بل إن رسول الله ص كان يدعو أن يكون المطر رحمة ولا يكون عذاب قال ص: اللَّهُمَّ اِسْقِ بَلَدك وَبَهِيمك، وَانْشُرْ بَرَكَتك. اللَّهُمَّ اِسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا مُرِيعًا طَبَقًا وَاسِعًا عَاجِلًا غَيْر آجِل نَافِعًا غَيْر ضَارٍ، اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَة لَا سُقْيَا عَذَاب، اللَّهُمَّ اِسْقِنَا الْغَيْث وَانْصُرْنَا عَلَى الْأَعْدَاء).
الخطبة الثانية:
الحمد لله القهار العظيم المتعال العليّ الأعلى الجبار، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وبعد:
عباد الله:
كنت هذا العام في المشاعر المقدسة، وفي منى على وجه التحديد في اليوم الثاني عشر من ذي الحجة، ورأيت السيل الذي أصاب أهل منى.
لو رأيتم يا عباد الله ما رأيت لنتاب أحدكم الخوف، فهو سيل جارف ضرب السيارات بعضها ببعض، وجرف كبار السيارات فضلا عمن وقف أمامه من البشر.
إنه غضب الله، وقهره، وانتقامه ممن عصاه
عباد الله:
هذا السيل كان رحمة من وجه وعذاب من وجه آخر!!
أما كونه رحمة فقد رحم الله به الأرض الجدباء، والطيور والبهائم وغيرها. وكذلك من مات بهذا السيل وكان حاجا فهذا فضل ورحمة، قال غ فيمن مات حاجا: (فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا).
وكان هذا السيل عذاب أيضا!!.
فإن قيل كيف يكون عذابا على أهل منى؟ وهم وفد الله كما في بعض الأحاديث: (وَفْدُ اللَّهِ Q ثَلَاثَةٌ الْغَازِي وَالْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ) رواه النسائي
كيف يكون عذابا على الحجاج وهم الذين خلصوا من ذنوبهم كما في الحديث: (مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)
فالجواب:
أنني رأيت في منى من المعاصي والتي يستحق عليها العقوبة الشيء الكثير أذكر منها:
الشرك بالله، ومن ذلك دعاء غير الله تعالى، والاستغاثة بالأموات.
ادعاء إن رسول الله غ يعلم الغيب!، فقد سمعت من ينشد بأعلى صوته والناس من خلفه يرددون قول البوصيري:
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
البدع كالطواف على بعض الصخور في عرفة بزعم أن رسول الله غ نزل عندها.
انتشار الغيبة والنميمة بين الحجاج، وحدث عن هذا ولا حرج. مع معرفتهم بأن الغيبة والنميمة من الكبائر.
السرقة أو ما يسمى (بالنشل) خاصة عند الجمرات، وقد يقوم بهذا حاج!
الفتوى بغير علم، فكل صاحب لحية يفتي، ولو كان جاهلا، وكم من فتوى سمعتها هذا العام لا يقول بها عالم معتبر، ولكن بعض الحجاج يجترئ على الفتوى وهو يسمع قول الله تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً)) [الإسراء:36]، وكذلك قول الله ((وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ)) [النحل:116] فكم من رجل حرم على آخرين أمور وأحل لهم أشياء وهو لا يعلم حكم الله تعالى؟
الرشوة، فكم ذُكر لي أن أعمال الناس لا تقض إلا بالرشوة داخل أرض منى والحرم!.
خداع الحجاج، ومن هذا عدم ادخال الحجاج لعرفة، وقد اتصل بي أحد الحجاج وقال لي أن صاحب الحافلة قال لهم: هذه عرفة وكان قد أوقفهم خارجها!!.
ظلم الحجاج، فيتفق الحاج مع صاحب الحملة على أشياء معينة ولكنه يخلف الوعد وظلم الناس، بل قد يحرمهم حتى المبيت في منى فيلقي بهم في الشوارع.
عباد الله:
كان لهذا السيل فوائد منها:
توبة من تاب من الناس.
اللجوء إلى الله تعالى، وقد رأيت تحول حال الناس من الانشغال بالكلام واللعب إلى دعاء الله، والاستغاثة.
عباد الله:
لم تحل عقوبة إلا بذنب العباد، قال العباس بن عبدالمطلب": قَالَ ^"... إِنَّهُ لَمْ يَنْزِل بَلَاء إِلَّا بِذَنْبٍ، وَلَمْ يُكْشَف إِلَّا بِتَوْبَةٍ"، وقد خوفنا الله من حال من لم يتعظ بالعقوبة فقال: (فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) [الأنعام:43]
- خطبة عيد الأضحى لعام 1425هـ مصلى العيد بالمكلا
- السيول والأمطار دروس وعبر
- السيول والأمطار دروس وعبر
- من فتاوى الشيخ (الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله ) اسكنه الله فسيح جناته
- الخلود الأبدي لأصحاب الجنة والنار 02/05/2009 عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح، فينادي مناد: يا أهل الجنة فيشرئبون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا ؟..
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى