رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
خطبة التفاؤل:
التفاؤل وحسن الظن بالله في القرآن:
التفاؤل وحسن الظن بالله عبادة عبادة عظيمة يقول الله جل وعلا { وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ } [يوسف:87] فاليأس صفة للكافرين واليأس قرين الضلال، قال تعالى: { قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ } [الحجر:56].
الأولى قالها يعقوب بعد فقده لولده: "يا بني اذهبوا وتحسسوا من يوسف وأخيه، ولا تيأسوا من روح الله، إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون"
ونلاحظ هنا أن يعقوب قالها: بعد تعرضه لمصيبة ثانية وفقد ولده الثاني، وهو ما زال يرجو عودة يوسف الذي فقده قبل أربعين عاما كما قال بعض المفسرين، أربعين عاما اندرست فيها المعالم وتغيرت فيها الأشكال وصعب معها البحث، لكنه يقول:ر
والأية الثانية قالها إبراهيم بعد أن مسه الكبر وامرأته عاقر ، وبشرته الملائكة بالولد.
التفاؤل هو شأن المصطفى صلى الله عليه وسلم:
التفاؤل في حياة الرسول:
(عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، سمع كلمة فأعجبته فقال «أخذنا فألك من فيك»)*.
(عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يعجبه الفأل الحسن، ويكره الطّيرة)*.
(عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال:سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول «لا طيرة وخيرها الفأل».قيل: يا رسول اللّه. وما الفأل؟ قال: «الكلمة الصّالحة يسمعها أحدكم»).ع
«لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل الصّالح»، وهذا يدلّ على أنّ من الفأل ما يكون صالحا ومنه ما يكون غير صالح، وإنّما أحبّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الفأل؛ لأنّ النّاس إذا أمّلوا في رحمة الله ورجوا خيره عند كلّ سبب ضعيف أو قوي فهم على خير.
من هديه صلى الله عليه وسلم في التفاؤل:
في مكة في شدة الأذى والحصار وصنوف المخاوف قال لأصحابه لما شكوا إليه عظيم ما يلقونه من البلاء: والله ليتمن الله هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون.
وفي الهجرة خرج هو وأبو بكر مطاردا أحاطت به المخاوف من كل صوب، ومع ذلك قال لصاحبه: ?لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا? (التوبة: 40). فصدق الله رسوله: ?فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ? (التوبة: 40)
وفي الأحزاب أحاط به خصومه وأعداؤه إحاطة السوار بالمعصم، فبشر أصحابه بفتح الشام وفارس واليمن.
من هديه صلى الله عليه وسلم قوله : من قال هلك الناس فهو أهلكم
من الآثار وأقوال العلماء الواردة في (التفاؤل)
قال ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- الفرق بين الفأل والطّيرة أنّ الفأل من طريق حسن الظّنّ باللّه، والطّيرة لا تكون إلّا في السّوء فلذلك كرهت)..
(قال الحليميّ: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يعجبه الفأل؛ لأنّ التّشاؤم سوء ظنّ باللّه تعالى بغير سبب محقّق. والتّفاؤل حسن ظنّ به، والمؤمن مأمور بحسن الظّنّ باللّه تعالى على كلّ حال)* «3».
حكى عكرمة فقال: كنا جلوساُ عند ابن عباس رضي الله عنهما فمر طائر يصيح فقال رجل من القوم خير. فقال ابن عباس لا خير ولا شر, وأنشد قول الشاعر لبيد:
لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى * * * ولا زاجرات الطير ما الله صانع
ما المقصود بالتفاؤل؟
التفاؤل هو انشراح قلب الإنسان وإحسانه الظّنّ، وتوقّع الخير بما يسمعه من الكلم الصّالح أو الحسن أو الطّيّب.
التفاؤل ليس مجرد كلمات أو صورة شكلية، بل هو حالة نفسيه وجدانية قوامها الثقة بالله، يقول الله في حديث قدسي:"أنا عند ظن عبدي بي". فما يستجيب لتوقعاتك ليس قوى كونية مجهولة الهوية، ولكنه قانون إلهي وضعه الله في الحياة. فحينما تأمل في الله خيراً، وتثق في كرم عطائه، فلا شك أنه تعالى سوف يعطيك عطاء الكريم وسوف يأتيك بالخير. أما لو يئست وتشاءمت، فلسان حالك يقول لله: أنا لا أثق فيك! فإن "الكريم" من أسماء الله وصفاته، ولو غاب في نفسك الرجاء في هذا الكرم، فلا يعني ذلك في واقع الأمر إلا ضعف ثقتك أنه حقاً "كريم"! هل تدرك خطورة هذه الحالة النفسية؟ والآن فلنتفكر قليلاً في معاني أسماء الله وصفاته، فإن الله هو "الغفور".. "المعطي".. "الرزاق".. "النور".. "الكريم".. "الرحيم".. "الفتاح".. "العدل".. "الصبور".. "الشكور".. "الودود".. "المغني".. "الهادي". تذكر أنك إن خفت الفقر، فأنت في الواقع لا تؤمن أنه جل شأنه هو "المغني" و"الكريم" و"الرزاق". وإن خفت ضياع جهدك دون المرجو من ثمار طيبة، فإيمانك ما زال زائفاً بأنه هو "الفتاح" و"الشكور"، فهو يفتح لك الأبواب والفرص، ويجزيك خيراً عن كل ما تحسن من عمل
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.) لو عملنا بهذا الحديث ودعونا الله أن يغنينا بحلاله عن حرامه فسنمضي واثقين أن كرم الله ورحمته سوف يحققان لنا ما نبغي. تصور قدر ما يملأ نفسك في هذه الحالة من قوة وأمل وحماسة. ربما لن يستجيب لدعائك بين عشية وضحاها، ولكنك ستكون متيقنا قادرا على الاستعلاء على الحرام، يقينا بالله.
"إن الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء، والله يعدكم مغفرة منه وفضلا"
هل عقلنا هذه المعاني! هذه رسالة من الله إلينا: أن الفقر ليس إلا وعد من الشيطان، في حين أن وعد الله هو المغفرة والفضل والسعة. فأي الوعدين نصدق؟؟!! هل نصدق الله، أم نصدق الشيطان! لنتذكر جميعاً أن الفقر في حقيقته لا يعني قلة المال، فنقص المال ما هو إلا مظهر مادي. إن الفقر في جوهره ما هو إلا حالة عقلية ونفسية. وإن فقراء العقل والنفس المقيمون في هذه الحالة الوجدانية إنما يتبعون الشيطان ويضلون عن سبل الرحمن. وعقلية الفقر هي ما تؤدي إلى مرض البخل. فقد ترى رجلاً يملك الملايين، ولكن عالمه الداخلي بائس وفقير.
أهمية التفاؤل:
السبيل للإنجاز والعمل: التشاؤم يقعد عن العمل، والتفاؤل يدعو للعمل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنّ البلاء موكّل بالمنطق» فكلامك يؤثر على حالتك النفسية لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قال هلك الناس فهو أهلكهم )
وروي أنّ يوسف- عليه السّلام- شكا إلى اللّه تعالى طول الحبس، فأوحى اللّه تعالى إليه: يا يوسف، أنت حبست نفسك حيث قلت: «ربّ السّجن أحبّ إليّ» ولو قلت: العافية أحبّ إليّ لعوفيت.
محاذير في التفاؤل:
ليس المقصود بالتفاؤل مجرد الفرح والاطمئنان، وبالتالي الركون ودنو الهمة ووهن العزائم والانشغال في الدنيا والتغني بهذا التفاؤل ليل نهار، والاستفاضة في ذكر البشريات، وأعداء الإسلام يخططون ويعملون ويكيدون وليس التفاؤل هو السرور والاطمئنان المؤدي للثقة المفرطة، والحماس المؤدي بدوره إلى التهور والانفعال اللذان يؤديان إلى عاقبة غير مرضية، ونتائج محرجة ، بل التفاؤل هو النظرة الإيجابية التي تنطلق من الرضا بالقضاء، وتعتمد على الموجود لتحقق المفقود، هو الرؤية التي لا تنكفي على الماضي وتبكي ما ضيعناه، وفي غمرة ذلك تضييع ما بقي، بل نحافظ على ما بقي وننطلق لنقويه وننميه ونثق بنصر الله .
التفاؤل ليس مخدرا للناس يعمل على طمأنتهم بالنصر القادم, دون تذكيرهم بأهمية تصحيح المسار والرجوع إلى الله.
أشعار في التفاؤل:
أيها الشَّاكِي! وَمَا بِكَ دَاءٌ * * * كَيْفَ تَغْدُو إِذَا غَدَوْتَ عَلِيلا!
إِنَّ شَرَّ الْجُنَاةِ فِي الْأَرْضِ نَفْسٌ * * * تَتَوَخَّى قَبْلَ الرَّحِيلِ الرَّحِيلا
وَتَرَى الشَّوْكَ فِي الْوُرُودِ وَتَعْمَى أ* * * َأنْ تَرَى فَوْقَهَا النَّدَى إِكْلِيلا
وَالّذِي نَفْسُهُ بِغَيْرِ جَمَالٍ لَا* * * يَرَى فِي الْحَيَاةِ شَيْئاً جَمِيلا
وقال آخر:
وقال السماء كئيبة وتجهما *** قلت ابتسم يكفي التجهم في السماء
قال الليالي جرعتني علقما *** قلت ابتسم ولئن جرعت العلقما
قال المواسم قد بدت أعلامها *** وتعرضت لي في الملابس والدمي
وعلي للآحباب فرض لازم *** لكن كفي ليس يملك درهما
قلت ابتسم يكفيك أنك لم تزل*** حيا ولست من الأحبة معدما
من فوائد (التفاؤل)
(1) حسن الظّنّ باللّه تعالى.
(2) يجلب السّعادة إلى النّفس والقلب.
(3) ترويح للمؤمن وسرور له.
(4) في الفأل تقوية للعزائم ومعونة على الظّفر وباعث على الجدّ.
(5) في التّفاؤل اقتداء بالسّنّة المطهّرة وأخذ بالأسوة الحسنة حيث كان المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم يتفاءل في حروبه وغزواته.
الخطبة الثانية:
أرض بالقضاء وتفاءل وابتسم
" وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216) سورة البقرة .
"ويدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير، وكان الإنسان عجولا"
نزار محمد عثمان
التفاؤل وحسن الظن بالله في القرآن:
التفاؤل وحسن الظن بالله عبادة عبادة عظيمة يقول الله جل وعلا { وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ } [يوسف:87] فاليأس صفة للكافرين واليأس قرين الضلال، قال تعالى: { قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ } [الحجر:56].
الأولى قالها يعقوب بعد فقده لولده: "يا بني اذهبوا وتحسسوا من يوسف وأخيه، ولا تيأسوا من روح الله، إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون"
ونلاحظ هنا أن يعقوب قالها: بعد تعرضه لمصيبة ثانية وفقد ولده الثاني، وهو ما زال يرجو عودة يوسف الذي فقده قبل أربعين عاما كما قال بعض المفسرين، أربعين عاما اندرست فيها المعالم وتغيرت فيها الأشكال وصعب معها البحث، لكنه يقول:ر
والأية الثانية قالها إبراهيم بعد أن مسه الكبر وامرأته عاقر ، وبشرته الملائكة بالولد.
التفاؤل هو شأن المصطفى صلى الله عليه وسلم:
التفاؤل في حياة الرسول:
(عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، سمع كلمة فأعجبته فقال «أخذنا فألك من فيك»)*.
(عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يعجبه الفأل الحسن، ويكره الطّيرة)*.
(عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال:سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول «لا طيرة وخيرها الفأل».قيل: يا رسول اللّه. وما الفأل؟ قال: «الكلمة الصّالحة يسمعها أحدكم»).ع
«لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل الصّالح»، وهذا يدلّ على أنّ من الفأل ما يكون صالحا ومنه ما يكون غير صالح، وإنّما أحبّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الفأل؛ لأنّ النّاس إذا أمّلوا في رحمة الله ورجوا خيره عند كلّ سبب ضعيف أو قوي فهم على خير.
من هديه صلى الله عليه وسلم في التفاؤل:
في مكة في شدة الأذى والحصار وصنوف المخاوف قال لأصحابه لما شكوا إليه عظيم ما يلقونه من البلاء: والله ليتمن الله هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون.
وفي الهجرة خرج هو وأبو بكر مطاردا أحاطت به المخاوف من كل صوب، ومع ذلك قال لصاحبه: ?لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا? (التوبة: 40). فصدق الله رسوله: ?فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ? (التوبة: 40)
وفي الأحزاب أحاط به خصومه وأعداؤه إحاطة السوار بالمعصم، فبشر أصحابه بفتح الشام وفارس واليمن.
من هديه صلى الله عليه وسلم قوله : من قال هلك الناس فهو أهلكم
من الآثار وأقوال العلماء الواردة في (التفاؤل)
قال ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- الفرق بين الفأل والطّيرة أنّ الفأل من طريق حسن الظّنّ باللّه، والطّيرة لا تكون إلّا في السّوء فلذلك كرهت)..
(قال الحليميّ: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يعجبه الفأل؛ لأنّ التّشاؤم سوء ظنّ باللّه تعالى بغير سبب محقّق. والتّفاؤل حسن ظنّ به، والمؤمن مأمور بحسن الظّنّ باللّه تعالى على كلّ حال)* «3».
حكى عكرمة فقال: كنا جلوساُ عند ابن عباس رضي الله عنهما فمر طائر يصيح فقال رجل من القوم خير. فقال ابن عباس لا خير ولا شر, وأنشد قول الشاعر لبيد:
لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى * * * ولا زاجرات الطير ما الله صانع
ما المقصود بالتفاؤل؟
التفاؤل هو انشراح قلب الإنسان وإحسانه الظّنّ، وتوقّع الخير بما يسمعه من الكلم الصّالح أو الحسن أو الطّيّب.
التفاؤل ليس مجرد كلمات أو صورة شكلية، بل هو حالة نفسيه وجدانية قوامها الثقة بالله، يقول الله في حديث قدسي:"أنا عند ظن عبدي بي". فما يستجيب لتوقعاتك ليس قوى كونية مجهولة الهوية، ولكنه قانون إلهي وضعه الله في الحياة. فحينما تأمل في الله خيراً، وتثق في كرم عطائه، فلا شك أنه تعالى سوف يعطيك عطاء الكريم وسوف يأتيك بالخير. أما لو يئست وتشاءمت، فلسان حالك يقول لله: أنا لا أثق فيك! فإن "الكريم" من أسماء الله وصفاته، ولو غاب في نفسك الرجاء في هذا الكرم، فلا يعني ذلك في واقع الأمر إلا ضعف ثقتك أنه حقاً "كريم"! هل تدرك خطورة هذه الحالة النفسية؟ والآن فلنتفكر قليلاً في معاني أسماء الله وصفاته، فإن الله هو "الغفور".. "المعطي".. "الرزاق".. "النور".. "الكريم".. "الرحيم".. "الفتاح".. "العدل".. "الصبور".. "الشكور".. "الودود".. "المغني".. "الهادي". تذكر أنك إن خفت الفقر، فأنت في الواقع لا تؤمن أنه جل شأنه هو "المغني" و"الكريم" و"الرزاق". وإن خفت ضياع جهدك دون المرجو من ثمار طيبة، فإيمانك ما زال زائفاً بأنه هو "الفتاح" و"الشكور"، فهو يفتح لك الأبواب والفرص، ويجزيك خيراً عن كل ما تحسن من عمل
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.) لو عملنا بهذا الحديث ودعونا الله أن يغنينا بحلاله عن حرامه فسنمضي واثقين أن كرم الله ورحمته سوف يحققان لنا ما نبغي. تصور قدر ما يملأ نفسك في هذه الحالة من قوة وأمل وحماسة. ربما لن يستجيب لدعائك بين عشية وضحاها، ولكنك ستكون متيقنا قادرا على الاستعلاء على الحرام، يقينا بالله.
"إن الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء، والله يعدكم مغفرة منه وفضلا"
هل عقلنا هذه المعاني! هذه رسالة من الله إلينا: أن الفقر ليس إلا وعد من الشيطان، في حين أن وعد الله هو المغفرة والفضل والسعة. فأي الوعدين نصدق؟؟!! هل نصدق الله، أم نصدق الشيطان! لنتذكر جميعاً أن الفقر في حقيقته لا يعني قلة المال، فنقص المال ما هو إلا مظهر مادي. إن الفقر في جوهره ما هو إلا حالة عقلية ونفسية. وإن فقراء العقل والنفس المقيمون في هذه الحالة الوجدانية إنما يتبعون الشيطان ويضلون عن سبل الرحمن. وعقلية الفقر هي ما تؤدي إلى مرض البخل. فقد ترى رجلاً يملك الملايين، ولكن عالمه الداخلي بائس وفقير.
أهمية التفاؤل:
السبيل للإنجاز والعمل: التشاؤم يقعد عن العمل، والتفاؤل يدعو للعمل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنّ البلاء موكّل بالمنطق» فكلامك يؤثر على حالتك النفسية لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قال هلك الناس فهو أهلكهم )
وروي أنّ يوسف- عليه السّلام- شكا إلى اللّه تعالى طول الحبس، فأوحى اللّه تعالى إليه: يا يوسف، أنت حبست نفسك حيث قلت: «ربّ السّجن أحبّ إليّ» ولو قلت: العافية أحبّ إليّ لعوفيت.
محاذير في التفاؤل:
ليس المقصود بالتفاؤل مجرد الفرح والاطمئنان، وبالتالي الركون ودنو الهمة ووهن العزائم والانشغال في الدنيا والتغني بهذا التفاؤل ليل نهار، والاستفاضة في ذكر البشريات، وأعداء الإسلام يخططون ويعملون ويكيدون وليس التفاؤل هو السرور والاطمئنان المؤدي للثقة المفرطة، والحماس المؤدي بدوره إلى التهور والانفعال اللذان يؤديان إلى عاقبة غير مرضية، ونتائج محرجة ، بل التفاؤل هو النظرة الإيجابية التي تنطلق من الرضا بالقضاء، وتعتمد على الموجود لتحقق المفقود، هو الرؤية التي لا تنكفي على الماضي وتبكي ما ضيعناه، وفي غمرة ذلك تضييع ما بقي، بل نحافظ على ما بقي وننطلق لنقويه وننميه ونثق بنصر الله .
التفاؤل ليس مخدرا للناس يعمل على طمأنتهم بالنصر القادم, دون تذكيرهم بأهمية تصحيح المسار والرجوع إلى الله.
أشعار في التفاؤل:
أيها الشَّاكِي! وَمَا بِكَ دَاءٌ * * * كَيْفَ تَغْدُو إِذَا غَدَوْتَ عَلِيلا!
إِنَّ شَرَّ الْجُنَاةِ فِي الْأَرْضِ نَفْسٌ * * * تَتَوَخَّى قَبْلَ الرَّحِيلِ الرَّحِيلا
وَتَرَى الشَّوْكَ فِي الْوُرُودِ وَتَعْمَى أ* * * َأنْ تَرَى فَوْقَهَا النَّدَى إِكْلِيلا
وَالّذِي نَفْسُهُ بِغَيْرِ جَمَالٍ لَا* * * يَرَى فِي الْحَيَاةِ شَيْئاً جَمِيلا
وقال آخر:
وقال السماء كئيبة وتجهما *** قلت ابتسم يكفي التجهم في السماء
قال الليالي جرعتني علقما *** قلت ابتسم ولئن جرعت العلقما
قال المواسم قد بدت أعلامها *** وتعرضت لي في الملابس والدمي
وعلي للآحباب فرض لازم *** لكن كفي ليس يملك درهما
قلت ابتسم يكفيك أنك لم تزل*** حيا ولست من الأحبة معدما
من فوائد (التفاؤل)
(1) حسن الظّنّ باللّه تعالى.
(2) يجلب السّعادة إلى النّفس والقلب.
(3) ترويح للمؤمن وسرور له.
(4) في الفأل تقوية للعزائم ومعونة على الظّفر وباعث على الجدّ.
(5) في التّفاؤل اقتداء بالسّنّة المطهّرة وأخذ بالأسوة الحسنة حيث كان المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم يتفاءل في حروبه وغزواته.
الخطبة الثانية:
أرض بالقضاء وتفاءل وابتسم
" وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216) سورة البقرة .
"ويدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير، وكان الإنسان عجولا"
نزار محمد عثمان
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى