رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
خطبة الاستسقاء يوم الاثنين 14 محرم أثار الذنوب والمعاصي
عبدالعزيز بن علي العسكر
الحمدُ لله الذي خلَق كلَّ شيءٍ فقدَّره تقديرًا، سبحانه له مقاليدُ السّموات والأرض وإليه يُرجع الأمر كلُّه، وكان بعباده سميعاً بصيراً. وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له وهو أحقُ أن يُذكر بكرةً وأصيلاً، وأشهد أنَّ سيّدنا ونبيّنا محمَّدًا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبِه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى. إن تقوى الله سبحانه حمت أولياءَ الله محارمَه، وألزمت قلوبهم مخافتَه، استقربوا الأجل فبادروا العمل.
أيها الناس قال سبحانه {وَمَا أَصَـابَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ} وإلاّ فإنّ فشوَّ المنكراتِ وإعلانَها مؤذنٌ بسيلِ عذابٍ قد انعقَد غَمامُه ومُؤذنٌ بليلِ بلاءٍ قد ادلهمَّ ظلامه، أيّها المؤمِنون، ولأجلِ ذلك فإنَّ الله تعالى يذكِّر عبادَه إذا غفلوا، وينذرهم إذا عصَوا، ويخبرهم سبحانَه أنّ ما يحلُّ بالبشر إنما هو من عند أنفسهم، {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} فاتّقوا الله تعالى حقَّ التقوى، وتوبوا إليه واستغفروه.
ونحن لا نريد أن نتبادل التهم،فيأتي التاجر ويقول .. منعنا القطر بسبب منع المزارع للزكاة؟
أو يأتي المزاعُ فيقول: منعنا الغيثُ بسبب غش التجار في المعاملات، أو بسبب مساهمته في شركات ربوية.
أو يأتي مديرُ إدارة ويقول: معنا المطر بسبب تفريط الموظفين في الدوام. ويأتي الموظف.. ويقول: معنا القطر بسبب ظلم المدير ومحاباته لبعض الموظفين... أو يأتي آخر ويقول منعنا الغيث بسبب ... الشحناء والخصومة بين هذا الجارين، أو أولئك الأقارب... نعم هذه معاصي عظيمة .. هي سبب في منع القطر من السماء، وسبب لعدم إجابة الدعاء... ولكن من لم يقع في شيء منها .. فربما وقع في معصية أخرى.. ومن المعاصي التي ربما لا يسلم منها أحد – إلا من رحم ربي – عدم إنكار تلك المعاصي!! وعدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. وهذه معصية عظيمة أيضاً قال صلى الله عليه وسلم : [والذي نفسي بيده، لتأمرُنَّ بالمعروف ولتنهوُنّ عن المنكر أو ليوشِكَنّ الله أن يبعَث عليكم عذابًا مِنه ثم تدعونَه فلا يستجيب لكم] وقل سبحانه {ولْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} أكد سبحانه الأمر بفعل المضارع المسبوق باللام والواو فقال { ولْتَكُن} وقال صلى الله عليه وسلم [من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن يستطع فبلسان...] الحديث وأكد الحبيب الأمر ب بفعل المضارع المسبوق باللام والفاء [فليغيره] وقد عد بعضُ العلماء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الركن السادس من أركان الإسلام . وأقل ما قيل فيه أنه فرض كفاية؛ إذا قام به من يكفي سقط الأثم عن الباقين.... ويبقى السؤال ... الآن هل قام به من يكفي؟ والجواب : لو كان القائمين به كافين، لمَ رأينا منكرات في وسائل الإعلام، وفي الأسواق، الشوارع ، وفي البيوت. !!!
ألا وإنَّ شؤم المعاصي وبيل، وقد قال الله تعالى في محكم التنزيل: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} قال مجاهد: "إنَّ البهائم لتلعَن عصاةَ بَني آدم إذا اشتدَّت السَّنة وأمسك المطر، وتقول: هذا بشؤمِ معصيةِ ابن آدم" وعَن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنّه قال: (إنَّ الحبارَى لتموت في وكرِها من ظلمِ الظالم) قال تعالى {واتقوا مصيبة لا تُصيبن الذين ظلموا منكم خاصة* واتقوا الله إن الله شديد العقاب}
وقد استعاذ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالله أن يدركَ أصحابُه زمانَ ظهور الفاحشةِ والإعلان بها ونقصِ المكيال والموازين ومنعِ الزكاة، كما في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: أقبَل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا معشرَ المهاجرين، خمسٌ إذا ابتُليتم بهنّ وأعوذ بالله أن تدركوهنّ: لم تظهر الفاحِشة في قومٍ قطّ حتى يعلِنوا بها إلاّ فشا فيهم الطاعون والأوجاعُ التي لم تكن مضَت في أسلافهم الذين مضَوا، ولم ينقُصوا المكيالَ والميزان إلاّ أخِذوا بالسِّنين وشدَّة المؤونةِ وجَور السلطان عليهم، ولم يمنَعوا زكاة أموالهم إلاّ منِعوا القطرَ من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقُضوا عهدَ الله وعهد رسولِه إلاّ سلَّط الله عليهم عدوًّا من غيرهم فأخذَ بعضَ ما في أيديهم، وما لم تحكُم أئمّتهم بكتابِ الله ويتخيَّروا ممّا أنزل الله إلا جعَل بأسَهم بينهم)) رواه ابن ماجه وصححه الحاكم
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً.
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}
إنَّ الله لا يبدِّل أمنَ الأمم قلَقًا ولا رخاءَها شِدّةً ولا عافيتَها سَقامًا لأنه راغبٌ أن يذيقَ الناسَ المتاعبَ ويرميهم بالآلام. كلا، إنّه بَرٌّ بعبادِه، يغدِق عليهم فضلَه وسِتره، ويحيطهم بحفظِه، ويصبِّحهم ويُمَسّيهم برزقه، ولكنّ الناسَ يأخذون ولا يحسِنون الشكرَ، ويمرحون من النِّعَم ولا يقدِّرون ولِيَّها ومُسديها سبحانه. وعندما يبلغ هذا الجحودُ مداه وعندما ينعقِد الإصرارُ عليه فلا ينحلّ بندمٍ، عندئذٍ تدقُّ قوارعُ الغضبِ أبوابَ الأمم، وتسودّ الوجوهُ بمصائبِ الدنيا قبل نكالِ الآخرة، وما المصائب التي أحاطَت بالأمّة إلاّ سياطٌ تسوقها إلى العودةِ لباريها والبراءةِ من الذنوب ومخازيها والتنادي بالرجوعِ إلى الله بالتزامِ أمره واجتناب نهيِه وإقامِ الصلاة وإيتاءِ الزكاةِ وحربِ الربا ونبذِ الظّلم وإيقافِ وسائلِ الرّذيلة ودُعاتها والأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكر؛ لتسلَمَ سفينةُ المجتمَع وتُرَمَّم خروقُها وتسَدَّ ثقوبها، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}
ولذا فنحن جميعاً مطالبون بالتوبة النصوح ، فتوبوا إلى الله جميعا لعلكم ترحمون، قال تعالى {قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم} فبادِروا بتوبةٍ نصوح ما دام في العُمر فسحة والباب مفتوح، وأكثِروا من الاستغفار فبِه تُستَجلَب رحمة الله، فقال سبحانه: {ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوٰلٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـٰتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً} قرأها الفاروق رضي الله عنه من على المنبر يستسقي ثم قال: (لقد طلبتُ الغيثَ بمجاديح السماء التي يُستنزَل بها المطر). وقال تعالى {لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
عبادَ الله، أما وقد خَرجتُم تستغيثونَ وتستَسقون فأظهِروا الحاجةَ والافتقارَ، واعقِدوا العزم والإصرار على اجتنابِ المآثِم والأوزارِ، وقد روَى أهل السنَن وأحمد عن ابن عباسٍ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خرج للاستسقاءِ متذلِّلاً متواضِعًا متخشِّعًا متضرِّعًا ، والله تعالى أمر بالدعاءِ ووعَد بالإجابة وهو غنيٌّ كريم سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} فاستغفِروا وادعوا، وأبشِروا وأمِّلوا، وارفعوا أكفَّ الضّراعة إلى الله مبتهلين.
اللّهمّ أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهمّ أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغثنا، غثيًا هنيئًا مَريئًا غَدَقًا طبَقًا مجلِّلاً سحًّا عامًّا دائمًا نافعًا غيرَ ضار عاجلاً غير آجل، اللّهمّ تحيي به البلادَ وتسقِي به العبادَ وتجعله بلاغًا للحاضِر والباد، اللهم اسقِ عبادك وبهائمَك وأحيِ بلدَك الميت، اللهمّ سقيا رحمة، اللهم سقيا رحمة، اللهمّ سقيا رحمة، لا سقيا عذابٍ ولا بلاء ولا هدم ولا غرق، اللّهمّ إنَّ بالعباد والبلادِ مِنَ اللواء والجَهد والضّنك ما لا نشكوه إلا إليك، اللهم أنبِت لنا الزرع وأدِرَّ لنا الضّرع وأنزِل علينا من بركاتك، اللّهمّ ارفَع عنا الجهدَ والجوعَ والعُري، واكشِف عنا من البلاءِ ما لا يكشفه غيرك.
اللّهمّ إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا، فأرسل السماء علينا مدرارًا. اللّهمّ إنا خلق من خلقك، فلا تمنع عنّا بذنوبِنا فضلك. اللهم أنزل علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلتَه قوّةً لنا على طاعتك وبلاغًا إلى حين. اللّهمّ أسقِنا الغيثَ وآمِنّا من الخوف ولا تجعلنا آيسين ولا تهلِكنا بالسنين واغفِر لنا أجمعين واكشِف ما بالمسلمين من بلايا يا أرحم الراحمين.
ربَّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار.
ألا فاعلموا ـ عباد الله ـ أنه يسنّ في مثل هذا الموطن أن تقلبوا أرديتكم اقتداءً بفعل نبيكم صلى الله عليه وسلم ، فقد حوَّل إلى الناس ظهره، واستقبل القبلة يدعو ثم حول رداءه. تفاؤلاً بتحويل الحال عما هي عليه من الشدة إلى الرخاء ونزول الغيث، وادعوا ربكم وأنتم موقنون بالإجابة.
وصلوا وسلموا على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه والتابعين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
عبدالعزيز بن علي العسكر
الحمدُ لله الذي خلَق كلَّ شيءٍ فقدَّره تقديرًا، سبحانه له مقاليدُ السّموات والأرض وإليه يُرجع الأمر كلُّه، وكان بعباده سميعاً بصيراً. وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له وهو أحقُ أن يُذكر بكرةً وأصيلاً، وأشهد أنَّ سيّدنا ونبيّنا محمَّدًا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبِه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى. إن تقوى الله سبحانه حمت أولياءَ الله محارمَه، وألزمت قلوبهم مخافتَه، استقربوا الأجل فبادروا العمل.
أيها الناس قال سبحانه {وَمَا أَصَـابَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ} وإلاّ فإنّ فشوَّ المنكراتِ وإعلانَها مؤذنٌ بسيلِ عذابٍ قد انعقَد غَمامُه ومُؤذنٌ بليلِ بلاءٍ قد ادلهمَّ ظلامه، أيّها المؤمِنون، ولأجلِ ذلك فإنَّ الله تعالى يذكِّر عبادَه إذا غفلوا، وينذرهم إذا عصَوا، ويخبرهم سبحانَه أنّ ما يحلُّ بالبشر إنما هو من عند أنفسهم، {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} فاتّقوا الله تعالى حقَّ التقوى، وتوبوا إليه واستغفروه.
ونحن لا نريد أن نتبادل التهم،فيأتي التاجر ويقول .. منعنا القطر بسبب منع المزارع للزكاة؟
أو يأتي المزاعُ فيقول: منعنا الغيثُ بسبب غش التجار في المعاملات، أو بسبب مساهمته في شركات ربوية.
أو يأتي مديرُ إدارة ويقول: معنا المطر بسبب تفريط الموظفين في الدوام. ويأتي الموظف.. ويقول: معنا القطر بسبب ظلم المدير ومحاباته لبعض الموظفين... أو يأتي آخر ويقول منعنا الغيث بسبب ... الشحناء والخصومة بين هذا الجارين، أو أولئك الأقارب... نعم هذه معاصي عظيمة .. هي سبب في منع القطر من السماء، وسبب لعدم إجابة الدعاء... ولكن من لم يقع في شيء منها .. فربما وقع في معصية أخرى.. ومن المعاصي التي ربما لا يسلم منها أحد – إلا من رحم ربي – عدم إنكار تلك المعاصي!! وعدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. وهذه معصية عظيمة أيضاً قال صلى الله عليه وسلم : [والذي نفسي بيده، لتأمرُنَّ بالمعروف ولتنهوُنّ عن المنكر أو ليوشِكَنّ الله أن يبعَث عليكم عذابًا مِنه ثم تدعونَه فلا يستجيب لكم] وقل سبحانه {ولْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} أكد سبحانه الأمر بفعل المضارع المسبوق باللام والواو فقال { ولْتَكُن} وقال صلى الله عليه وسلم [من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن يستطع فبلسان...] الحديث وأكد الحبيب الأمر ب بفعل المضارع المسبوق باللام والفاء [فليغيره] وقد عد بعضُ العلماء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الركن السادس من أركان الإسلام . وأقل ما قيل فيه أنه فرض كفاية؛ إذا قام به من يكفي سقط الأثم عن الباقين.... ويبقى السؤال ... الآن هل قام به من يكفي؟ والجواب : لو كان القائمين به كافين، لمَ رأينا منكرات في وسائل الإعلام، وفي الأسواق، الشوارع ، وفي البيوت. !!!
ألا وإنَّ شؤم المعاصي وبيل، وقد قال الله تعالى في محكم التنزيل: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} قال مجاهد: "إنَّ البهائم لتلعَن عصاةَ بَني آدم إذا اشتدَّت السَّنة وأمسك المطر، وتقول: هذا بشؤمِ معصيةِ ابن آدم" وعَن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنّه قال: (إنَّ الحبارَى لتموت في وكرِها من ظلمِ الظالم) قال تعالى {واتقوا مصيبة لا تُصيبن الذين ظلموا منكم خاصة* واتقوا الله إن الله شديد العقاب}
وقد استعاذ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالله أن يدركَ أصحابُه زمانَ ظهور الفاحشةِ والإعلان بها ونقصِ المكيال والموازين ومنعِ الزكاة، كما في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: أقبَل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا معشرَ المهاجرين، خمسٌ إذا ابتُليتم بهنّ وأعوذ بالله أن تدركوهنّ: لم تظهر الفاحِشة في قومٍ قطّ حتى يعلِنوا بها إلاّ فشا فيهم الطاعون والأوجاعُ التي لم تكن مضَت في أسلافهم الذين مضَوا، ولم ينقُصوا المكيالَ والميزان إلاّ أخِذوا بالسِّنين وشدَّة المؤونةِ وجَور السلطان عليهم، ولم يمنَعوا زكاة أموالهم إلاّ منِعوا القطرَ من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقُضوا عهدَ الله وعهد رسولِه إلاّ سلَّط الله عليهم عدوًّا من غيرهم فأخذَ بعضَ ما في أيديهم، وما لم تحكُم أئمّتهم بكتابِ الله ويتخيَّروا ممّا أنزل الله إلا جعَل بأسَهم بينهم)) رواه ابن ماجه وصححه الحاكم
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً.
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}
إنَّ الله لا يبدِّل أمنَ الأمم قلَقًا ولا رخاءَها شِدّةً ولا عافيتَها سَقامًا لأنه راغبٌ أن يذيقَ الناسَ المتاعبَ ويرميهم بالآلام. كلا، إنّه بَرٌّ بعبادِه، يغدِق عليهم فضلَه وسِتره، ويحيطهم بحفظِه، ويصبِّحهم ويُمَسّيهم برزقه، ولكنّ الناسَ يأخذون ولا يحسِنون الشكرَ، ويمرحون من النِّعَم ولا يقدِّرون ولِيَّها ومُسديها سبحانه. وعندما يبلغ هذا الجحودُ مداه وعندما ينعقِد الإصرارُ عليه فلا ينحلّ بندمٍ، عندئذٍ تدقُّ قوارعُ الغضبِ أبوابَ الأمم، وتسودّ الوجوهُ بمصائبِ الدنيا قبل نكالِ الآخرة، وما المصائب التي أحاطَت بالأمّة إلاّ سياطٌ تسوقها إلى العودةِ لباريها والبراءةِ من الذنوب ومخازيها والتنادي بالرجوعِ إلى الله بالتزامِ أمره واجتناب نهيِه وإقامِ الصلاة وإيتاءِ الزكاةِ وحربِ الربا ونبذِ الظّلم وإيقافِ وسائلِ الرّذيلة ودُعاتها والأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكر؛ لتسلَمَ سفينةُ المجتمَع وتُرَمَّم خروقُها وتسَدَّ ثقوبها، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}
ولذا فنحن جميعاً مطالبون بالتوبة النصوح ، فتوبوا إلى الله جميعا لعلكم ترحمون، قال تعالى {قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم} فبادِروا بتوبةٍ نصوح ما دام في العُمر فسحة والباب مفتوح، وأكثِروا من الاستغفار فبِه تُستَجلَب رحمة الله، فقال سبحانه: {ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوٰلٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـٰتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً} قرأها الفاروق رضي الله عنه من على المنبر يستسقي ثم قال: (لقد طلبتُ الغيثَ بمجاديح السماء التي يُستنزَل بها المطر). وقال تعالى {لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
عبادَ الله، أما وقد خَرجتُم تستغيثونَ وتستَسقون فأظهِروا الحاجةَ والافتقارَ، واعقِدوا العزم والإصرار على اجتنابِ المآثِم والأوزارِ، وقد روَى أهل السنَن وأحمد عن ابن عباسٍ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خرج للاستسقاءِ متذلِّلاً متواضِعًا متخشِّعًا متضرِّعًا ، والله تعالى أمر بالدعاءِ ووعَد بالإجابة وهو غنيٌّ كريم سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} فاستغفِروا وادعوا، وأبشِروا وأمِّلوا، وارفعوا أكفَّ الضّراعة إلى الله مبتهلين.
اللّهمّ أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهمّ أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغثنا، غثيًا هنيئًا مَريئًا غَدَقًا طبَقًا مجلِّلاً سحًّا عامًّا دائمًا نافعًا غيرَ ضار عاجلاً غير آجل، اللّهمّ تحيي به البلادَ وتسقِي به العبادَ وتجعله بلاغًا للحاضِر والباد، اللهم اسقِ عبادك وبهائمَك وأحيِ بلدَك الميت، اللهمّ سقيا رحمة، اللهم سقيا رحمة، اللهمّ سقيا رحمة، لا سقيا عذابٍ ولا بلاء ولا هدم ولا غرق، اللّهمّ إنَّ بالعباد والبلادِ مِنَ اللواء والجَهد والضّنك ما لا نشكوه إلا إليك، اللهم أنبِت لنا الزرع وأدِرَّ لنا الضّرع وأنزِل علينا من بركاتك، اللّهمّ ارفَع عنا الجهدَ والجوعَ والعُري، واكشِف عنا من البلاءِ ما لا يكشفه غيرك.
اللّهمّ إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا، فأرسل السماء علينا مدرارًا. اللّهمّ إنا خلق من خلقك، فلا تمنع عنّا بذنوبِنا فضلك. اللهم أنزل علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلتَه قوّةً لنا على طاعتك وبلاغًا إلى حين. اللّهمّ أسقِنا الغيثَ وآمِنّا من الخوف ولا تجعلنا آيسين ولا تهلِكنا بالسنين واغفِر لنا أجمعين واكشِف ما بالمسلمين من بلايا يا أرحم الراحمين.
ربَّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار.
ألا فاعلموا ـ عباد الله ـ أنه يسنّ في مثل هذا الموطن أن تقلبوا أرديتكم اقتداءً بفعل نبيكم صلى الله عليه وسلم ، فقد حوَّل إلى الناس ظهره، واستقبل القبلة يدعو ثم حول رداءه. تفاؤلاً بتحويل الحال عما هي عليه من الشدة إلى الرخاء ونزول الغيث، وادعوا ربكم وأنتم موقنون بالإجابة.
وصلوا وسلموا على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه والتابعين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى